tarek waly center journal, issue 04

55

Upload: tarek-waly-center-architecture-and-heritage

Post on 30-Oct-2014

42 views

Category:

Documents


3 download

DESCRIPTION

This is the fourth issue of our journal discussing the endless debate between man and his heritage, that reaches it's epic in architecture and urbansim. These are some attempts to understand the relation between man and space.

TRANSCRIPT

Page 1: Tarek Waly Center Journal, issue 04
Page 2: Tarek Waly Center Journal, issue 04

مركـــز طـارق والــي العمـارة والتـراث

وحدة ١١ ، قریة الفخارین بشارع قصر الشمع

مصر القدیمة ، القاھرة ، مصر.٢٥٣٢٧١٧٨- ٠٠٢٠٢

[email protected]

العدد الرابع :

جدلیة االنسان والتراث

یصدر مركز طارق والى , العمارة والتراث جریدة ثالث مرات سنویا .. موضوعاتھا تــدورحــولــھ عـــام مــحــور الــجــریــدة اعـــداد مــن عــدد لكل

. المركز إھتمامات مــن ــأي ب او بالعمران غالبا الــمــحــاور تلك وتتعلق

الحقوق محفوظة لـ :

١ - ھضبة اھرامات الجیزة

٢ - المجتمع والعمران

٣ - العمران وتغییر المجتمع

موقعنا خالل من السابقة االعداد على االطالع یمكن االلیكتروني على :

ــــــداد: فـــریـــق اإلع

شـــیـــمـــاء شــاھــیــن

ــل ــی ــل ــــة خ ــــی ــــن أم

ــــد عـــــالء ــــم ــــح م

طویلة أبــو عــمــرو

ـــالف : ـــغ صـــــورة ال

الـــــحـــــطـــــابـــــة ,

القاھرة , أغسطس ٢٠١٠

أمــــنــــیــــة خــلــیــل

http://www.walycenter.org/en/research/journal

Page 3: Tarek Waly Center Journal, issue 04

أخبار المركز ٠٢ •

جدلیة االنسان والتراث .. ٠٤ •

بین المجتمع واالثار.. امنیة خلیل ٠٦ •

محمد عابد الجابري وسؤال .. كیف نتعامل مع التراث ؟؟ شیماء شاھین ١٣ •

االنسان ورؤیة المكان . محمد عالء ١٧ •

كوبري امبابة .. البشر وقیمة المكان . عمرو ابو طویلة ٢٢•

التراث الشرقي كتمثیل للشرق .. مي حواس ٢٦ •

مشروع : تطویر منطقة أبیدوس األثریة : ٣٠ •

أبیدوس .. المكان والعمران . ٣٣ •

الرؤیة العمرانیة لتطویر منطقة أبیدوس . ٣٨ •

المرحلة األولى من تطویر منطقة أبیدوس األثریة. ٤٣ •

قراءة : نحو جدلیة العمارة في كتب رفعة الجادرجي : طارق والي ٤٥ •

نظریة جدلیة العمارة. ٤٧ •

كتاب شارع طھ وھامرسمث . ٤٤ •

كتاب : االخیضر والقصر البلوري . ٥٠ •

كتاب : جدلیة وسببیة العمارة . ٥٤ •

١

Page 4: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٢

األبحاث العمرانیة

یوالي قسم االبحاث العمرانیة بالمركز في نشرالدراسات العمرانیة وذلك على صفحة االبحاث بموقع المركز وذلك بعرض الدراسات التالیة :

دراسة تطویر منطقة الفسطاط - القاھرة•

دراسة تطویر منطقة أبیدوس األثریة - سوھاج .•

دراسة تطویر منطقة معبد اسنا•

وسنوالي استكمال نشر المزید من الدراسات وذلك بھدف التواصل وتبادل المعرفة مع المھتمین بالعمران .. ویمكن االطالع على الدراسات عن طریق :

/http://www.walycenter.org/en/research/reports

یشترك المركز مع مكتبة الكتب النادرة بالجامعة االمریكیة بالقاھرة باالحتفال بالذكرى المئویة لمیالد المعماري "رمسیس ویصا واصف ١٩١١ - ٢٠١١ " . بدأت المكتبة االحتفال بالمئویة بتنظیم معرض عن المعماري في مقر الجامعة بالقاھرة الجدیدة تم افتتاحھ في ١٩ فبرایر الحالي ومستمر حتى نھایة یونیو . وتعقد ندوة مصاحبة للمعرض في نھایة فبرایر یشارك فیھا المركز .واتفق المركز مع لجنة العمارة بالمجلس االعلى للثقافة على بالمئویة واقامتھ في المعرض في ختام االحتفال استضافة قصر الفنون - دار االوبرا المصریة في نوفمبر ٢٠١٢

یشارك محمد عالء فى فعالیات برنامج ترحال ، المھتم بتنظیم سلسلة من ورش العمل فى مختلف المدن المصریة بھدف إحیاء ھذا الموروث والتعرف علیھ لدى شباب المعماریین والمھتمین بھذا التراث ، حیث تنظم ورشة العمل القادمة فى الواحات الخارجة تحدیدا بالبجوات خالل شھر أبریل القادم .

منحة من ینایر ٢٠١٢ على فى أمنیة خلیل حصلت المعھد البریطاني بالقاھرة Grant for Artists لتنفذ معرضا فى اوان جالیري فى فعالیاتھ وتقام القادم یولیو شھر فى تطویر مفھوم حول المعرض موضوع یأتي البلد، وسط المناطق المتدھورة فى القاھرة، ودفاعا عن سكانھا فى المناطق واالحیاء المختلفة ضد سیاسة االخالء القسري التي تتبعھا امنیة وتطرح .. االخیرة السنوات فى المصریة الحكومة اسئلة عدة خالل معرضھا تحمل فى طیاتھا مسئولیة المجتمع والحكومة فى تطویر احیاء تدھورت عمرانیا بفعل التجاھل وعدم المسئولیة والمشاركة فى اتخاذ القرارات بین المواطنین تحلیل خالل من المعرض فاعلیات تأتى ... والمسئولین فیلم قصیر توضیحا لجوانب ، ویعرض ودراسة عمرانیة المشكلة المختلفة وعلى جانب المعرض تقام عدة ورش عمل ومناقشات مفتوحة حول السیاسات العمرانیة فى مصر، ونحو .. افضل حیاة یستحقون لمواطنین افضل مجتمع تحقیق

أخبار المركز :

Page 5: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٣

العمران موقف

Page 6: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٤

والبیئة الطبیعیة التي ھي المكان بجغرافیتھ وتاریخھ ھي قلب العمارة والعمران ومنبتھما األبدي ومنتھاھما األزلي .. وإدراك شفرة تلك البیئة التي یعبر عنھا بالشخصیة سواء الطبیعیة أو العمرانیة ھو العمود الفقري للطبیعة أو العمران ذاتھ ..

ھي أكبر من مجرد المحصلة الریاضیة لخصائص وتنویعات وأحداث تاریخیة وإبداعات .. تتعدى كل ھذا المجموع أو محصلتھ ..

تتسع لتراكم وتتابع إبداعات اإلنسان المستوطن لمكان بعینھ تتابعــــــا أو تعاقبا .. أستمرارا أو تقاطعا .. أتصــاال أو أنفصاال ..

ویبقى أن یكتشف المعماري والعمراني ما یعطي للمكان تفرده وتمیزه عن سائر األمكنة ، حتى تتوالد لدینا القدرة على النفاذ إلى روح المكان واإلنسان والكشف عن تلك الشخصیة المتفردة من خالل قراءة موروثھا الحضاري ..

.. وتـــجـــاوبـــا تـــفـــاعـــال .. ـــا ـــع م ـــة ـــی ـــذات ال ــــان واإلنــــس الـــمـــكـــان ــة ــری ــق ــب ع ــكــشــف ــســت ن .. ــا ـــ ـــ ـــ ھــن ، إلیھا ونصبو نفھمھا كما ــان ــس اإلن ــات ــداع إب ھــي الــمــكــان ــران ــم وع عــمــارة تــخــرج العبقریة ــذه ھ ــن وم.. ــھ ــداث وأح التاریخیة والمتغیرات للمكان الجغرافیة الــثــوابــت بین أخـــرى جدلیة ـــا دوم كــانــت وعــنــدھــا

فالعمارة والعمران أسلوب حیاة االنسان والمجتمع ، ظل ھذا االنسان في الزمان على المكان ..

جدلیـــــــة االنســـــانوالتراث ..

Page 7: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٥

ومحتوى ھذه الممارسة المھنیة والحیاتیة وقلبھا دائما ھو ذلك المطلب المجتمعي واإلنساني وھو حصیلة وضع إجتماعي معین ولیس مجرد تجرید خیالي ، وھو یتكون من مكونات متداخلھ أحیانا ..

ومتعارضة أحیانا أخرى .. ولكنھا دائما متالزمة ، سواء كانت تلك ھي الوظائف النفعیة أو تلك الوجدانیة أو ھي التقنیات العلمیة ...

تتشابك جمیع تلك المكونات وتتفاعل لتبلور المطلب المجتمعي العام في لحظة تطوریة معینة ، في اطار محددات ثقافیة تتسع لقبول المتغیرات صعودا أو ھبوطا في السلم الحضاري العمراني والمعماري ، متجسدة في النھایة بالوجود المادي

لمبنى أو مدینة .

وتبقى الجدلیة ما بین ھذا الوجود المادي المتوارث مع تتابع االجیال واألزمان وبین ذلك المطلب المجتمعي األصیل أو بین المستحدث مع متغیرات العصر المتمثل لفكرة غیر جامدة تحمل بداخلھا دینامیكیة التحول من جھة ؛ ومن جھة أخرى تستمر

الجدلیة بین ھذا الوجود نفسھ وبین التقنیة المعاصرة لھ بعناصرھا الفكریة والمادیة والذاتیة الخاصة .وھكذا فالعمارة والعمران في معاصرتھما وفي تشكیلھما لتراث المجتمع وموروثاتھ الحضاریة المتطورة والمتنوعة تخضع لھذه العالقات الجدلیة بما تحملھ من تناقض وتفاعل ، وأیضا من تحول یرتبط بالمتغیرات المجتمعیة لالنسان ذاتھ . فالتراث المعماري والعمراني لمجتمع معین ، ھو عبارة عن تاریخ تطور ھذه العالقات الجدلیة ما بین المطلب المجتمعي المرتبط بالوضع االجتماعي لھذا المجتمع والذي ال یستقر في حالة إستكانة بل ھو في حالة دینامیكیة مستمرة التغییر ؛ وبین المرحلة

التقنیة للمرحلة التاریخیة المعینة التي كانت متعایشة ومتزامنة ومعاصرة ھذا المطلب .فالمطالب المجتمعیة ھي مسألة عامة ، إال أن كل من ترجمتھا وتحویلھا من فكر مجرد إلى وجود مادي ینطویان على عملیة متعاقبة المراحل محورھا االنسان الفرد بكل ما یحملھ من تفاعالت وقدرات ابداعیة ذاتیة ، وھو ما یعطي للوجود المادي المتمثل في التشكیل المعماري أو العمراني خاصیتھ وتمیزه من فردیة مبدعھ ، فالمسألة تصبح إذن في مصبھا مرتبطة

بذاتیة االنسان ..كما أنھا معتمدة على جماعیة المطلب ..ھكذا فإن استقراء التراث والذات االنسانیة معا یعتمد على القدرة على أستقبال الرسالة بعقالنیة تحترم وجدانھا ؛ وإذ كنا نرید أن نقتنص روح ھذا التراث واالنسان ، فالمطلوب دراسة تلك الروح وفك شفرتھا ولكنھ لیس تحلیل یھدر الروح والحیاة أو مجرد فحص لمومیاء محنطة أو جثة فارقتھا الحیاة .. إننا كمعماریین وعمرانیین نتطلع إلى أن نعتصر روح المكان والمجتمع ، نستقطر الجغرافیا والتاریخ معا بكل تنویعاتھما وتشعباتھما ،

حتى نستقطر ھذه الشفرة في أدق مقولة مرسلة مقبولة ومعقولة ، لتستحق أن تكون منقولة ومتوارثة .. تضمن الحیاة ولكنھا ال تتجمد عندھا ..

تحمل دینامیكیة التغییر واألجتھاد واإلستیعاب والفھم والتعقل ..

Page 8: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٦

شیماء شاھین

أمنیـة خلیــلبین المجتمع واألثار ..

ال یغفل المولود منا فى القاھرة منذ والدتھ الكم الھائل من االثار المحیطة بنا ، بغض النظر عن المنطقة الجغرافیة او المحیط العمراني الذي نولد بھ ، وحتي ان اغفل األھل اصطحابنا لزیارة االثار والمناطق التراثیة ، فنجد أنفسنا فى رحالت مدرسیة تزور المواقع األثریة المختلفة مثل أھرامات الجیزة والمتحف المصري ومصر القدیمة ، وال نلبث نسیر في أي من شوارع القاھرة حتي نجد أمامنا سبیل أو جامع أو مدرسة أثریة ، إنھا تلك العاصمة الثریة التي بنیت وعمرت منذ آالف السنین ،

ووطئ بھا البشر وعمروھا منذ اجدادنا الفراعنة وفي تواصل الي یومنا.

وتتنوع مفرادت المباني التاریخیة في القاھرة نتیجة للحقب الزمنیة والثقافیة والحضارات المتتابعة التي اثرت فیھا وتأثرت بھا، تمتليء شوارعھا وحواریھا بذكریات تراثیة وتاریخیة مرت علیھا عقود ، ولكن ھل تكتسب تلك األماكن والمباني قیمتھا من مرور الزمن علیھا؟ ھل بناة المباني صمموھا لتكون أثر جامد صامت وفاقد القدرة علي الحیاة ، بل وخالي من الناس حفاظا علیھ ؟ فما الذي یحدد قیمة االماكن والمباني .. ھل مرور عدة اعوام وعقود علي نشأتھا تكسبھا قیمة؟ .. إنھا

تساؤالت حیرتني ومازالت؟

لقد تعاملت منذ صغري دائما مع االثار بأعتبارھا مباني جمیلة تركھا لنا القدماء ، وانبھر بھا ناظرة الى عظمتھا وتقنیة تفاصیل بنائھا ؛ أقف جانبھا ألجد نفسي صغیرة الحجم والمعرفة واالدراك . ولم أكن حینھا أعلم ما سیربطني باالثار مستقبال ، وخالل دراستي الجامعیة للعمارة وتفاصیل المباني االثریة ومفرادتھا المختلفة ، كنت ومازلت اتأثر واجد كثیر من العظمة والثراء في المباني االثریة ، وبتأملنا ایاھا ترسم لنا مالمح حیاة سابقة وتجعلنا وكأننا موجودین في أوقات لم ولن نعیشھا قط حیث تعبر عن حقبات فائتة من الزمان .. وتعرضت في ممارستي العمرانیة وبحثي للعدید من المناطق االثریة المختلفة ، أعرض ھنا تجربتي مع ثالث منھا أوصلوني لنفس التساؤل ، أحدھم منطقة أثار اسالمیة وحرفیة صناعیة ، وأخري ضاحیة ریفیة تحتوي اثار فرعونیة ، واالخیرة منطقة حضریة سكنیة تحتوي أثار اسالمیة ؛ واعرض ھنا تساؤلي الذي

یعني بعالقة المجتمع القائم باالثار.

Page 9: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٧

بدأت تساؤالتي حول الصروح الشاھقة منذ وعیي البالغ الشاھق لسور مجري العیون ، ھذا الصرح بنائھ تفاصیل لي تسرد أمي ظلت ، االرتفاع القاھرة المیاه من النیل الي شرق وفكرتھ فى نقل وكیف تسبب في تعمیر شرق المدینة بعد ان كانت المنطقة صحراء جرداء ، تحمل المقابر بین طیاتھا وال تحمل الكثیر من مظاھر الحیاة ، ومع التحاقي بجامعة القاھرة ، ظللت لسنوات اعبر أمامھ متسائلة وما المدابغ وصناعة بحرفة المكان ارتباط عن أفرزتھ من تشكیالت عمرانیة ممیزة . وظللت أحلم أن أسیر فوق ھذا السور ألري مجراه والعالقة بینھ خالل باختیاري الفرصة وواتتني ، المدابغ وبین مشروع تخرجي فى الجامعة ، لدراسة وضع مقترح الفرصة لي للتعبیر عن المنطقة ، وكانت لتطویر رغبتي للعمل بتطویر المناطق المتدھورة عمرانیا ، خاصة تلك المناطق التي تمثل كنزا مختبئا داخل الطاقات من ھائل كم وتملك ، العمراني النسیج االیجابیة ، انھا مجتمعات غایة في الثراء ونتھمھا مسئولیتنا وھي ، والتخلف والجھل بالفقر دائما

جمیعا لجعل قاطنیھا تحیا حیاة أفضل.

Page 10: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٨

حین دخلت المنطقة من خالل سور مجري العیون االثري ، وجدت مجتمع حرفي صناعي یملك العدید من المفردات والمنتجات ، حیث ترتبط دباغة الجلود باالصواف والجالتین نوعیة لمجتمعات المنطقة وتنقسم والحلویات. والغراء یتعاملون الصناعة. مراحل من بجزء منھا كل تتخصص مع االثار الموجودة بشكل تلقائي ومنظم ، فتخطیط المنطقة اعتمد بشكل واضح علي الفتحات الرئیسیة في سور مجري العیون ، ومناطق القمامة والفضالت تحددت بجانب االجزاء المصمتة من السور ، ویستخدم الحمام الفاطمي الواقع بقلب المنطقة الصناعیة لفرد االصواف لیحصلون علي قدر كافي افتتاح بحثي شھور نفس في تزامن والشمس. التھویة من مستشفي سرطان االطفال ٥٧٣٥٧ ، وعملت الحكومة علي سور تطویر وقرروا للمستشفي الرؤیة مسار ”تحسین“ الرؤیة من مستوي ”الئق“ لضمان االثري العیون مجري لساكني المستشفي ، بعیدا عن المنظر ”الغیر الئق“ للمدابغ حضاري“ ”غیر منظر المسئولین نظر وجھة من والذي و“یشوه“ المنطقة ، وھي خطة حكومیة ممنھجة لتھجیر ونقل المدابغ والعاملین بھا الي منطقة الروبیكي ، ولم استطع فھم وجھة النظر الحضاریة ! فھي بدون جدل فوقیة وتعبر عن اھتمام الحكومة بمجموعة مواطنین دون أخرین ، علما بأن ، ووجودھا لمصر القومي الدخل أھم مصادر من المدابغ في فاطمیة مدبغة انشاء واعتمد علي المنطقة في تاریخي لسور الدولة معاملة فكرة وقتھا أستوقفني المنطقة. نفس االھالي واتھام ، للمساس قابل العیون كشىء غیر مجري والعاملین بالمنطقة انھم یخربونھ ویدمرونھ وأتھامھم بالجھل

فى إدراك أھمیة األثر وقیمتھ وكیفیة الحفاظ علیھ ، وبعد شھور فوجئت ببناء سور أخر خلف سور مجري العیون بارتفاع ٣ امتار تقریبا ، جاء القرار من استشاري مشروع تطویر سور مجري العیون االثري بدعوي لضمان حمایة األثر من المدابغ ”المشوھة“ الي مباني السور الرؤیة لمن ینظر من خارج الوقت حجب ، وفى نفس المنطقة الحرفیة والمدابغ للمنطقة والمؤذیة (من وجھة نظر الدولة والمسئولین) ، كما قام االستشاري بغلق بعض الفتحات الرئیسیة بالسور االثري

المؤدیة لمحاور الحركة الصناعیة داخل المنطقة ، ولكن ما فعلھ ھو تشویھ رئیسي لألثر وللصناعة.

Page 11: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٩

كان تعاملي مع المناطق الریفیة والضواحي خارج القاھرة محدودا ، وواتتني الفرصة لتجربة ثانیة ولكنھا مختلفة للعمل والبحث فى منطقة میت رھینة بین البدرشین وسقارة حیث عاصمة مصر االولي منف ، تعود ملكیة معظم االراضي للمجلس األعلي لالثار ، وتحتوي كم ھائل من االثار الفرعونیة. تعرضت في بدایة الرحلة للتعرف علي الجانب االثري ومحاولة الستكشاف حقیقة االرض وما تحملھ من اثار وذكریات ، اخذت اقف لساعات علي تالل واكوام الطین متأملة ھذه االرض عاصمة مصر االولي ممفیس والتي وحد بھا مینا القطرین وآلالف السنین توج العدید من ملوك مصر القدیمة فى ھذه البقعة ، وأتخیل اسوار معبد بتاح وعظمتھا ... وتمثالي رمسیس وكیف نقل احدھما ورمم االخر بمیت رھینة لیكون نواة لمنطقة اثریة سیاحیة ، وتمتلىء المنطقة باالثار االخري والمعابد التي تعاني من اھمال وغیر متاحة للزیارة ، وھي

التي بنیت منذ االسرات االولي حتي االسرات الحدیثة.

بالجانب لھذا الزخم التاریخي لفت نظري وجود مجتمع ایجابیة وامكانات كامنة بجوانب یتمتع ، سكني ریفي قائم میت فمنطقة ، والمنتجة المبھرة الحرف تلك في تتمثل ، فیھا النخیل المرتبطة بزراعة بالمنتجات رھینة معروفة فجرید النخیل یستعملونھ فى البناء ویصنعون منھ االقفاص وایضا ، ومقشات ومشایات ، المنزلي للفرش وحشوات والقري الفنادق تزین حوائط لعرائس وغیرھا فنیة اعماال السیاحیة ، فھو مجتمع یستخدم النخلة من ادناھا حتي اعالھا الي بالجانب ھذا ، ومبھرة مفیدة منتجات منھا لیخرج والتنمیة فاعلة لالنتاج قدرة انھا ، ومواسمھ البلح صناعة

المحلیة لمجتمع ریفي صغیر.

Page 12: Tarek Waly Center Journal, issue 04

١٠

وثقافة مفھوم السكن عند مجتمع «میت رھینة» ھو امتالك لسیاسة یرضخوا ، وال سكنیة كوحدة مستقل بیت االسرة لھذا ونتیجة ، بعمارات) الرأسي (شقق السكن فى المدینة یوجد نوع من الصراع بین أھالي المنطقة ورجال االثار ، حیث تمتلك االثار معظم مساحات االراضي في المنطقة ، ویعاني االھالي في الحصول علي اراضي لبناء بیوت جدیدة بجانب قریتھم واھلھم ، ولتحقیق ذلك یستخدمون سیاسة البناء ویستطیعون القانون یخالفون بحیث التدریجیة والمخالفات یبدأ الرجال ، ویسیر الحال ان الحصول على بیت مستقل االثار موظفین فیسجل النخل صوب من تعریشة بعمل محضر بالمخالفة ، وعندما یحین موعد االزالة بعد شھور وطبقا ، بطوب النخل تعریشة استبدلوا قد الرجال یكون للقانون ال تثبت الحالة ، ثم تثبت الحالة الحالیة بمحضر جدید وعندما یحین موعد االزالة الجدید یكون الرجال قد اضافوا یبقى ، الحالة وھكذا تثبت الطوب سقف خرساني فال الى الموضوع داخل دائرة مغلقة بین المواطنین واالثار ، لعبة یستفید كل اطرافھا ، بالجانب الى كم الرشاوي والمحسوبیات التي تدفع خالل العملیة ، استعجبت كثیرا لھذا المنطق واللعبة

الخاسرة والمضیعة للوقت والطاقة والمجھود المستمران.

Page 13: Tarek Waly Center Journal, issue 04

١١

ویبقي السؤال في مشكلة مواطني المجتمع المتعایشین مع بیئتھم االن في عالقتھم باالثار وعدم تملكھم لالراضي ، وانھم االحق واالولي ان یستمعتوا بكل شبر من االرض ... لماذا یلعبون لعبة المخالفات والبناء للحصول علي بیوت ومساكن ورقعة ارض من حقھم؟ ھل تحتوي االرض فعال علي اثار ویمتلك االثریین الرد علي ھذا السؤال بخرائطھم واستكشافاتھم؟ التاریخیة بدون وجود فائدة االثار واالماكن ، ما الحالي لماذا نحمي االثار من ناسھا ومجتمعھا داخلي التساؤل ویظل

االنسان والمجتمع بھا وھم الذین یعطوھا القیمة والحیاة واالستدامة!صالح قلعة غرب تقع والتي الحطابة منطقة مع الثالثة تجربتي وكانت مجموعة عن عبارة المنطقة ، المقطم سفح اطراف وعلى االیوبى الدین سفوح بسبب مختلفة مستویات على شوارعھا تقع والتي السكنیة البیوت من مقابر بین لتفصل المدینة أطراف علي تاریخیا ونشأت ... المقطم ھضبة العدید ألجد شوارعھا في أسیر ، االحمر والدرب القلعة وحي الوزیر باب البیوت وخلف بین وھناك ھنا تترامي التي االضرحة وخاصة االثار من السكنیة ، بنیت معظم البیوت ھناك فى الفترة ما بین ٠٠٩١ و ٠٣٩١ وتأخذ حاملة كحوائط والخشب باالحجار البناء بین ما مدمج معمارى نسق البیوت المفردات بعض بھا یوجد والتي العمارة أنماط من التطعیمات بعض وبین العثمانیة ، تتمشي بین البیوت فیأخذك طابعھا الممیز وناسھا الطیبون البسطاء.

یتبقي منھا سوي أطالل تقریبا وال ببیوت منھارة اثناء سیرك تفاجىء ولكنك لالدوار االرضیة ، الول وھلة تتخیل انك بجانب بیت سقط وانھار ولم یعمل

، للحیاة خلفھ مظاھر ثم تذھل بوجود ، ترمیمھ أحد علي بكامل منھ ویخرج المنھار العقار باب یفتح وتجد شخص ثیابھ لیذھب لعملھ صباحا ، اخذت رحالتي تتابع فى المنطقة زلزال من منھارة البیوت ان اكتشفت الناس مع وبحدیثي المجلس یوافق لم ، البیوت انھیار ومع ١٩٩٢ اكتوبر االعلي لالثار باعطاء تصاریح ترمیم او اعادة بناء لقاطني العقارات وذلك بحجة ان البیوت تقع فى حرم منطقة أثریة الحطابة داخل فیھا. حیث تقع معظم منطقة وممنوع البناء الحیز المسمي بالحرم األثري لقلعة صالح الدین االیوبي ، ویرید المسئولون االثریون ازالتھا لحمایة القلعة ، ولكن ال المتوارث العمراني وكیانھ المجتمع ھذا نتجاھل أن یمكن الجیال حتي قبل وجود القانون ومحدداتھ ، فھوالء السكان ومنطقتھم بیوتھم یغادروا أن یمكن ال لمنطقتھم المنتمون معھا وتفاعلوا وثقافیا وجغرافیا تاریخیا بھا ارتبطوا التي وتأثروا بھا ، ویرغبون بالبقاء بھا ومستعدون لتحمل نفقات دون والقوانین الدولة تمنعھم لكن ، البناء واعادة الترمیم

ذلك.

Page 14: Tarek Waly Center Journal, issue 04

١٢

أن تؤكد متواترة تجارب انھا قیمتھا تكتسب واالماكن المباني المكان یعمر الذي االنسان بفعل وما ، بدونھ للمكان قیمة وال ،اماكن وفراغات بدون الفائدة من لكتل تتحول فسوف ، استخدام الي وتنتھي لھا حیاة ال صماء ننظر علي نبني كي ، ھل الفناء ننشأھا أم ، فیھا ونتأمل المباني وفیھا بھا ونعیش نستمتع حتي وتؤثر فینا ونتأثر بھا ، وتبقي لنا تكسبھا التي حیویتھا لھا ومعنا سیاسات تتوجھ لماذا االستمرار. فراغات االثار لجعل حكومتنا ، حیاة بال خاملة كئیبة مغلقة نعیش ال كي اجدادنا بناھا ھل یبنوھا ألم ؟ نستخدمھا أو بھا بغرض االستخدام ولیس للعرض كل تأتي ولما .. ؟ والمشاھدة قوانین وسیاسات حكومات بالدي ضد من یعیشون االن ، وھم األحق مناطقھم. في والحیاة بالعیش التي للسیاسات بالنقد اتوجھ فھنا تتبعھا الدولة في التعامل مع جمیع تجاھل مع المنھجیة بنفس االثار من باختالفاتھ القائم المجتمع منطقة ألخري ، وغیاب دراسات یمكن التي االمكانات لرؤیة االثر صیاغة اعادة في توفیرھا ، وكیف القائم بالمجتمع وعالقتھ القائم المجتمع وجود یضمن من لألثار واالستدامة الحمایة خالل تحویلھا لمباني حیة متفاعلة

مع المجتمع المعاصر.

الصور الفوتوغرافیة لـ : أمنیة خلیل

Page 15: Tarek Waly Center Journal, issue 04

١٣

محمد عابد الجابري ..شیمــاء شـاھیــنوسؤال : كیف نتعامل مع التراث ؟؟

. العربي مجتمعنا على جدلیة بصورة دائما نفسھ یطرح سؤال وقد ترجع جدلیة السؤال واالجابة ألسباب عدة ، أھمھا ھو إختالفنا حول تعریفنا للتراث وفي تقدیرنا لقیمتھ وأھمیة إرتباطھ بواقعنا المعاصر، وكذلك طرح التمسك بھ واإلرتكاز علیھ في موقف المتناقض مع التجدید والتحدیث ، أو النظر الیھ على أنھ رجوع بالزمن الى الوراء وعقبة في طریق التقدم والنھضة ..

والمفكر المغربي : محمد عابد الجابري (١٩٣٦-٢٠١٠ ) واحد , حیاتنا في ودوره التراث مسألة ناقشوا الذین العرب مفكرینا من وعالقتھ بالحداثة والمعاصرة . وأرسى قواعد رؤیة شاملة للتعامل . خاصة بصفة التراثیة النصوص ومع عامة بصورة التراث مع

والجابري ، أستاذ الفلسفة والفكر العربي االسالمي ، دارت مسیرتھ البحثیة والفكریة حول إشكالیات الفكر العربي المعاصر ، ومن أھمھا اإلجابة على سؤال : كیف نتعامل مع التراث ؟ وأسست رؤیتھ لتلك اإلجابة منھجیة في التعامل مع النصوص التراثیة وتحلیلھا وربطھا بالتاریخ وفي الوقت نفسھ وصلھا بالحاضر ، من أجل إحیاء التراث بالصورة التي تحولھ إلى

'' تراث نحتویھ بدال من ان یحتوینا '' .. حد على - التراث إحتواء لممارسة الجابري رؤیة وتنبع تعبیره – من إیمانھ بأھمیة ذلك في بناء قواعد نھضة عالمنا

العربي ، وبأن أي نھضة ینبغي أن ترتكز على تراث ''وبالضبط على : العودة إلى األصول ، ولكن ال بوصفھا كانت أساس نھضة مضت یجب بعثھا كما كانت ، بل من أجل اإلرتكاز علیھا في نقد الحاضر ونقد الماضي القریب ، الملتصق بھ المنتج لھ والمسؤول عنھ ، والقفز الى المستقبل ''.وجاءت تلك الرؤیة في صورتھا النظریة والعملیة من خالل ما قدم من أعمال ، سواء ما قام فیھ بمناقشة مسألة التراث إشكالیات : أعمالھ والنھضة في بالحداثة عموما وعالقتھا الفكر العربي المعاصر ١٩٨٦، التراث والحداثة - دراسات

ومناقشات ١٩٩١ . أو من خالل تطبیقھ العملي لتلك الرؤیة. حیث قام بتقدیم رؤیة جدیدة وإعادة قراءة لبعض من تراثنا العربي، مثل باكورة أعمالھ : العصبیة والدولة - معالم نظریة خلدونیة في التاریخ العربي االسالمي ١٩٧١ ، او ابن رشد- سیرة وفكر دراسة ونصوص

، نحن والتراث- قراءات معاصرة في تراثنا الفلسفي ١٩٨٠ .. وقد توج أعمالھ بسلسلة : نقد العقل العربي ( ١٩٨٢-١٩٩٠) التي كرس فیھا جھوده من أجل تطبیق رؤیتھ التحلیلیة النقدیة للعقل العربي وتتبع بنیتھ التاریخیة وتطورھا ، أمال في أن

تكون تلك خطوة أولى نحو تجاوز عثرات الفكر العربي .والجابري یعرف التراث الذي یعنیھ بأنھ : كل ما ھو حاضر فینا أو معنا من الماضي ، سواء من ماضینا أم ماضي غیرنا

، سواء القریب منھ أم البعید .وھو بذلك یخاطب ما ھو حاضر فینا من التراث ، من أجل أن یكتشف الغائب عنا من الماضي .. ما طوتھ السنین وظل كامنا في أعماق تاریخنا منتظرا إیانا أن نعید إكتشافھ .. أو ما سبق وإكتشفناه ولكننا ال نزال لم نتمكن من فھمھ وإستیعابھ بالصورة التي تجعلھ حاضرا فینا ومتفاعال معنا ..مساھما في

مسیرتنا نحو تحقیق أحالمنا بمستقبلنا .. وبالرغم من أن التراث ینتقل إلینا دون إرادتنا .. بأمجاده وعثراتھ .. بعلومھ وفلسفاتھ .. وأحیانا بقوانینھ وعاداتھ و أن االنسان ال یختار إرثھ كما ال یختار ماضیھ وإنما یجره معھ جرا ، وأكثر من ذلك یتمسك بھ ویحتمي داخلھ عندما یجد نفسھ معرضا ألي تھدید خارجي .. بل و یبحث في ثنایاه عن مخرج من أزمات حاضره ، أو أحیانا أخرى یرفضھ متھما إیاه بأنھ وحده ھو المتسبب في إشكالیاتھ والمعوق األكید لحركتھ نحو المستقبل .. إال أن االنسان مطلق االرادة في أن یتمسك بھذا اإلرث أو یرفضھ ، أن یستفید منھ أو یھدره ، وھو

Page 16: Tarek Waly Center Journal, issue 04

١٤

حر االختیار في أن یسیطر علیھ أو أن یخضعھ لسیطرتھ ..

وتلك اإلرادة ھي التي دفعت الجابري الى مناقشة ھذا اإلختیار ..اإلختیار بین إحیاء التراث والتمسك بھ أو تجاوزه واإلبتعاد عنھ .

ال ألنھ اختیار یطرح دائما بصورة جدلیة على الفكر العربي وخاصة في مرحلتة تلك ، ولكن ایضا ألنھ اختیار متجدد القدیم بین دائما سیظل مطروحا وإختیار ؛ الزمن بمرور والجدید وبین الحدیث وبین االحدث ، ھو اإلختیار الذي نعیشھ

الیوم وسبق وعاشھ من قبلنا .إختیار بین إحساس االنسان باألمان واالنتماء في ظل اإلحتماء بتراثھ وھویتھ وتاریخھ وبین الرغبة في التحرر من اآلخر وخاصة ذلك اآلخر الذي یأتي من الماضي لیفرض قواعده

ویملي شروطھ على الحاضر .. اختیار بین خضوع االنسان لمحددات وقواعد وضعت بواسطة اشخاص اخرین في زمن ماض وبین سیطرة االنسان الكلیة

على حاضره ومستقبلھ بل وعلى رؤیتھ لماضیھ .

وتتمیز رؤیة الجابري برفضھ لطرح االمر في صورة إختیار بین متناقضین ، ووضع التراث ممثال األصالة ومواجھا للمعاصرة ، فھو یرى أن ذلك غیر واقعي بالمرة وغیر عملي .أمة أي تكوین من یتجزأ ال جزء ھو التراث ألن : أوال وسواء إتجھت في مرحلة من مراحل إنتقالھا الحضاري الى اإلنخراط في ذلك التراث والخضوع لھ ، أو نزعت الى إنكاره واإلبتعاد عنھ فإن أي من االتجاھین ال یمكن تطبیقھ بصورة كلیة في كافة المراحل أو في جمیع المجاالت ، وخاصة أنھ '' ال یمكن تبني التراث ككل ألنھ ینتمي الى الماضي وألن العناصر المقومة للماضي ال توجد كلھا في الحاضر ، ولیس من الضروري أن یكون حضورھا في المستقبل ھو نفس

حضورھا في الحاضر . وبالمثل ال یمكن رفض التراث ككل للسبب نفسھ ، فھو إن شئنا أم كرھنا ، مقوم أساسي من مقومات الحاضر ، وتغییر

الحاضر ال یعني البدایة من الصفر . ''وثانیا : ألن العالقة بین الماضي والحاضر - األصالة والمعاصرة ، لیست عالقة تناقض ، بل تالزم وتكامل ، فالجابري یرى أن سؤال : كیف نتعامل مع ماضینا ؟ ھو سؤال متعدد األبعاد ، ألنھ یطرح بصورة متالزمة معھ سؤال أخر مكمل لھ ھو

: كیف نتعامل مع عصرنا ؟؟ فمنھجیتنا في التعامل مع أي من الماضي والحاضر ھي التي مع نتعامل أن نملك ونحن .. النتائج على تحكم سیطرتھا الماضي من خالل عصرنا وعبر أدواتھ المعرفیة وعلومھ

نعیش أن نختار بذلك نحن ، وإحتیاجاتھ متطلباتھ لتحقیق حاضرنا دون أن ننفي ماضینا أوالعكس .

والحقیقة ان قیمة التراث الفعلیة لیست في ذاتھ بقدر ما ھي فیما یمكننا نحن ان نستفید منھ ، واألمر نفسھ بالنسبة للمعاصرة

والحداثة ، ألن الحداثة من أجل الحداثة ال معنى لھا .الحداثة رسالة ونزوع من أجل التغییر ، تحدیث الذھنیة ،

تحدیث المعاییر العقلیة والوجدانیة .وعندما تكون الثقافة السائدة في المجتمع ثقافة تراثیة فإن خطاب الحداثة فیھا یجب أن یتجھ أوال وقبل كل شيء إلى

التراث بھدف إعادة قراءتھ وتقدیم رؤیة عصریة عنھ .أي أن الفعالیة األكیدة ھي في إستخدام منھجیات الحداثة إلعادة قراءة التراث بھدف اإلستفادة منھ وإحیاءه لصالح الحاضر

والمستقبل ..العقالنیة ھي الجابري عند للحداثة الرئیسیة والمنھجیة الفقري العمود '' تعبیره حد بل ھما على ، والدیمقراطیة للحداثة '' وكالھما العصب الرئیسي كذلك للرؤیة الحداثیة للتراث ألنھ مالم نمارس العقالنیة في تراثنا ومالم نفضح أصول اإلستبداد ومظاھره في ھذا التراث فإننا لن ننجح في تأسیس حداثة خاصة بنا ، حداثة ننخرط بھا ومن خاللھا ' كفاعلین ولیس كمجرد الحداثة المعاصرة ' العالمیة في

منفعلین .وھكذا .. فالتراث والحداثة لیسا خصمین متعارضین ، بل ھما الیوم أكثر من أي وقت سبق طرفان متكامالن على مسیرة

نھضة مجتمعاتنا .وقبل ذلك فإن كال منھما لیس إختیارا وال قناع نرتدیھ تبعا

لتغیر الظروف .. فھما یمثالن الماضي والمستقبل بوصفھما '' لیسا واقعین جامدین وال شبحین ملفوفین في كتلة من الضباب ، بل ھما

صیرورة وحركة ونتیجة صیرورة وحركة . '' وكذلك فإن التراث والحداثة ال ینفصالن ، و من ینشد التراث بدون حداثة '' كمن ینشد المعاصرة بدون األصالة ، األول

مقلد والثاني تابع ، بل كالھما تابع ومقلد . ''

إن بحث الجابري عن إجابة لسؤال كیف نتعامل مع التراث أو كیف نمارس الحداثة لیس بحثا من الناحیة العلمیة بصورة إطار تنظیري فقط لحل إشكالیة الى خلق بحتة وال یھدف ھامة من إشكالیات الفكر العربي المعاصر ، بل ھو بحث ینشد الوصول إلجابات تعین االنسان العربي على التمسك بھویتھ األصیلة في ظل التغیرات العالمیة المتالحقة والتي تفرض وجودھا على الواقع العربي بكل قوة ، وإلى جانب وجودھا

Page 17: Tarek Waly Center Journal, issue 04

١٥

فإنھا تفرض على المجتمع العربي حتمیة النھضة والتفاعل مع تلك المتغیرات بصورة إیجابیة فاعلة ..

كفة یمثل آخر طرفا والحداثة التراث لمعادلة یضیف مما النتائج في تلك المعادلة ھو الھدف : النھضة

فإرتباط التخطیط للنھضة بإعادة قراءة التراث عند الجابري وثیق ، ألنھ یرى أنھ:

النھضة آلیات عن یعبر واحد عام قانون ھناك لیس ” في كل العصور واألوطان ، ولكن مع ذلك یمكن للمرء أن یالحظ بسھولة أن جمیع النھضات التي نعرف تفاصیل عنھا إلى بالدعوة بدایة إنطالقھا ، أیدیولوجیا ، عن قد عبرت

االنتظام في تراث . إذا فالسؤال النھضوي وھو السؤال الحالم المتجھ الى المستقبل إذ ینطلق یتنكر للماضي ككل ، بل العكس : بطبیعتھ ، ال من نقد الحاضر والماضي القریب ، یحتمي بالماضي البعید األصیل لیوظفھ لمصلحة النھضة ، أي لمصلحة مشروعھ

المستقبلي . واللحظة الراھنة في تاریخنا العربي الحدیث مازالت لحظة نھضویة ، الزلنا نحلم بالنھضة .. والنھضة ال تنطلق من

فراغ بل البد فیھا من اإلنتظام في تراث . والشعوب ال تحقق نھضتھا باإلنتظام في تراث غیرھا بل باإلنتظام في تراثھا ھي . تراث الغیر صانع الحضارة الحدیثة ، تراث ماضیھ وحاضره ،وذلك ضروري لنا فعال ، ولكن ال كتراث نندمج فیھ ونذوب في دروبھ ومتعرجاتھ ، بل كمكتسبات انسانیة علمیة ومنھجیة ، متجددة ومتطورة ، البد لنا منھا

في عملیة االنتظام الواعي العقالني النقدي في تراثنا .

على الرغم من مرور أكثر من نصف قرن منذ كتابة الجابري لتلك الكلمات التي تحمل في طیاتھا مفاتیح الخروج من أزمة المجتمع العربي الفكریة إال أن مجتمعنا العربي الیزال واقفا عند نفس النقطة وثابتا عند نفس المرحلة ، مرحلة حلم النھضة ، مازلنا

لم نتمكن من تحویل الحلم إلى خطة عملیة فضال عن تحقیقھ . الزلنا نفصل بین مثل ھذا الفكر البناء وبین واقعنا العملي ، والزلنا لم نتجاوز مرحلة تقدیس التراث وتمجیده الى مرحلة دراستھ ونقده بصورة عقالنیة واإلستفادة منھ في دفع مسیرة

نھضتنا الى األمام ..إن بممارسة العقالنیة النقدیة في تراثنا وبالمعطیات المنھجیة لعصرنا یمكن أن نزرع في ثقافتنا الراھنة روحا نقدیة جدیدة

وعقالنیة مطابقة : الشرطین الضروریین لكل نھضة.

عند للتراث العصریة القراءة محور ھي الممارسة وتلك الجابري الذي یختصر بھا إجابة سؤال كیف نتعامل مع التراث

في نقطتین : الموضوعیة ، والمعقولیةوالموضوعیة : ھي جعل التراث معاصرا لنفسھ ، الشيء •

الذي یقتضي فصلھ عنا . ودراستھ داخل بیئتھ التي ولد فیھا وتأثر بظروفھا وفي إطار معطیات زمانھ

و المعقولیة : ھي جعلھ معاصرا لنا ، أي إعادة وصلھ • بنا. وال یكون ذلك إال إذا إستطعنا أن نستخلص منھ ما

یعیننا على أن نعیش حاضرنا .. وتتلخص الخطوات التطبیقیة لتلك الرؤیة للتراث في ثالث

خطوات :

الخطوة االولى : قوامھا المعالجة البنیویة ، ونقصد اإلنطالق في دراسة التراث كما ھو معطى لنا .

إن ھذا یعني ضرورة وضع جمیع أنواع الفھم السابقة لقضایا التراث بین قوسین واإلقتصار على التعامل مع النصوص التي بالتغیرات ویغتني ثوابت فیھ تتحكم ككل ، كمدونة تجري علیھ حول محور واحد . والقاعدة الذھبیة في ھذه الخطوة ھي التحرر من الفھم الذي تؤسسھ المسبقات التراثیة

والرغبات الحاضرة ..

یجب وضع ذلك كلھ بین قوسین واالنصراف الى مھمة واحدة ھي إستخالص معنى التراث من التراث نفسھ .

Page 18: Tarek Waly Center Journal, issue 04

١٦

االمر ویتعلق ، التاریخي التحلیل الثانیة :ھي والخطوة أساسا بربط الفكر التراثي بمجالھ التاریخي بكل أبعاده الثقافیة لفھم ضروري الربط ھذا إن . واإلجتماعیة والسیاسیة

تاریخیة الفكر المدروس . أما الخطوة الثالثة : فھي الطرح االیدیولوجي ، ونقصد الكشف عن الوظیفة االیدیولوجیة ، االجتماعیة السیاسیة ، التي أداھا الفكر المعني أو كان یطمح الى أدائھا داخل

الحقل المعرفي العام الذي ینتمي إلیھ . إن الكشف عن المضمون االیدیولوجي للتراث ھو في نظرنا الوسیلة الوحیدة لجعلھ معاصرا لنفسھ ، إلعادة التاریخیة

الیھ .والخطوات الثالثة قائمة على مبدأ تفكیك بنیة التراث وتحلیلھا ، بمعنى كشف الغطاء عن العالقات القائمة بین عناصرھا بوصفھا منظومة من العالقات الثابتة في إطار بعض التحوالت الى ثوابتھا بتحویل القضاء علیھا إن تحلیل البنیة معناه

تحوالت لیس غیر ، وبالتالي التحرر من سلطتھا وفتح المجال لممارسة سلطتنا

علیھا ،تفكیك للعالقات الثابتة في بنیة التراث ما بھدف تحویلھا

الى ال بنیة ،تحویل الثابت الى متغیر

والمطلق الى نسبي والالتاریخي الى تاریخي

والالزمني الى زمني ، وبالتالي الكشف عن المعقولیة الثاویة وراء الكثیر من األمور التي تقدم نفسھا كسر مغلق ، كمیدان لالمعقول مستغن عن الصلة التراث مقطوع التقادم الذي یجعل بفعل المعقولیة

عن زمانیتھ .

إن رؤیة الجابري للتراث كانت أصال موجھة نحو النصوص النصوص تلك عن القداسة إزالة نحو وموجھة ، التراثیة وتحویلھا إلى كیان قابل للدراسة المتجددة والتحلیل ویكسبھا

بذلك أبعادا عملیة جدیدة متوافقة مع العصر الحالي .وھو بتلك الرؤیة یرسي قواعد ذھبیة للتعامل مع التراث بوجھ العربي بكافة مجاالتھ ، ألن تراثنا النصوص فقط عام ال یحمل من العبر الكثیر والكثیر الذي ینتظر منا إستكشافھ ..

بدال من اإلكتفاء بتقدیسھ و التفاخر بھ أو محاولة تقلید ظاھره بدال من البحث في باطنھ .

إنطالقة تحقق أن یمكن ال الرؤیة لتلك اإلستجابة أن كما

النھضة المنشودة إال إذا تم تطبیقھا في كافة المجاالت ، إال إذا تحولت إلى حوار مفتوح بین المتخصصین یعید كل منھم

في موقعھ إكتشاف تراثھ .

لننطلق بذلك إلى ما أسماه الجابري لحظة الوصل بالتراث و التي وصفھا بأنھا :

« ھي في الحقیقة لحظة اإلنتاج ، لحظة اإلبداع ،إبداع رؤیة أو القدیم محل لیست إحالل للماضي محل الحاضر جدیدة الجدید وال العكس ،بل ھي أوال وأخیرا إعادة بنینة الوعي

بالماضي والحاضر والعالقة بینھما ، المستقبل وإبداع في إعادة تخطیط لثقافة الماضي وثقافة في آن واحد ، التخطیط لثقافة الماضي بمعنى إعادة كتابة تاریخھا وبالتالي إعادة تأسیسھا في وعینا وإعادة بناءھا

كتراث لنا نحتویھ بدل أن یحتوینا .

ان حاجتنا الماسة للتمسك بأصالة ھویتنا والحفاظ على تراثنا ال ینبغي أبدا ان تكون قیودا تحدد حركتنا نحو المستقبل ، بل

البد وأن تنظم فقط تلك المسیرة وتوجھھا .. وفي الوقت نفسھ فإن سعینا نھو النھضة والتحضر ال یعني

إسقاط الماضي والتخلص من الجذور .. إن ما نحتاج الیھ فعال في تلك المرحلة من تاریخنا ھو التوازن بین تقدیرنا لما نملك من تراث ورغبتنا في إحیاء ھذا التراث

والحفاظ علیھ وبین رغبتنا في بدء تاریخ جدید

نصنعھ بأنفسنا ألنفسناونواكب بھ مستجدات حاضرنا

ونحقق فیھ أحالمنا في نھضة مجتمعاتنا العربیة من جدید .

Page 19: Tarek Waly Center Journal, issue 04

١٧

الرؤیة اإلنسانیة للمكـان .. محمد عالء

١٧

Page 20: Tarek Waly Center Journal, issue 04

١٨

إدراك المكـان ..

المكان یحمل ذرات حقیقة ما ھو كان ، وما ھو كائن األن وكل ماسوف یكون مستقبال فى ذلك المحتوى المنظومى , فالزمان یمضى تاركا خلفھ وقائع وأحداث وإن كانت غیر مرئیة األن ولكنھا منحوتھ فى الخریطة العقلیة لقارئ كل زمان , یتحسسھا فى دفء الجدران ومقدار اإلضاءة وإنسجام

العناصر . المكان ھو المحتوى

واإلنسان ھو القارئ .. قد تكون الرسالة بال مضمون وأحیانا أخرى القارئ لیس بملم ,ولكن فى كلتا

الحاالت التفاعالت قائمة بینھما مع نسبیة التأثیر . فى بعض الحاالت التأثیر قد یولد مقطوعات حسیة صامتة تتناغم مع إیقاعات إنسان بعینھ لتشكل لحظة األدراك الوجودى , بحیث یصبح اإلنسان من صمیم المكان ویكون المكان جزء من ذاكرة اإلنسان .یتخذ الــمــكــان , الــمــكــان ــادرة ــغ وم التجربة إنــقــضــاء بعد حتى ــاالت ــح ال لتلك العمیقة الــتــرســبــات وتبقى لإلنسان. الخصوصیة شــدیــدة حواسیة وصـــور عقلیة أبــعــاد فــى جزیئاتھ لتتشكل واقــعــة عــن مغایر بعد 'الوابى الجمالیات , الحسیة , ففى المدرسة الیابانیة للفكر ورؤیة العناصر التركیز على إتجاھات بعینھا فى لقد برعت سابى' , إیقاع الحیاة یرتكز على تعزیز األثار التى تتعرض لھا الحواس ,فھي فلسفة تنص على ھدوء وإنعزال األشیاء المیتافیزیقیة .وھكذا یفقد المكان أبعاده التأمالت الكل , والغایة ھى فى المنفردة ولكن المضمون مكون من فى حالتھا المحدودة لیضم ما ھو أعمق, فى أى مكان فى كل مكان, كل المفردات ذات أھمیة فى تناسب عكسى لحجمھا الفعلى . والتأثیرات المكانیة متفاوتة من مكان لمكان ولكن یبقى البیت المخصب األولى للذاكرة المكانیة لإلنسان , ودون جموع فراغات البیت ینفرد المطبخ عن الحجرات األخرى , فھو حقل تجارب حواسیة منذ نعومة األظافر , بما یحوى من تعددیة المواد القائمة أو المكونات المستخدمة وانخراط اإلنسان فى تجارب متوالیة متضادة أحیانا ولكنھا متنوعة , فى ظل دفء الحرارة واختالط الروائح , ودائما النتیجة ھى إبداعات یومیة , بطبیعة الحال یشكل ذلك العالم جاذبیة تكاد تكون ساحرة ویستشعر الطفل بإتساع ذلك المكان حتى بأن الجدران ال تشكل لھ شیئا وإن شكلت فھى فقط واقع مجرد ولكن الحقیقة الفكریة أن المكان یمتد ویتسرب من خلف الجدران متجاھال ومتحدیا المعوقات لیؤكد وجود عالم أوسع أشمل من تجریدات المكان فى أربع جدران .

'' األنف تجعل العین تتذكر''اتساع مــدى ھو التقبل منھج فى كبشر علینا یؤثر ما , العقلى التقبل على تعتمد المكانیة التجربة فــإن ھكذا . المكان بكینونة الحواس إتصال على تقوم , جدیدة مكانیة تجربة أبعاد بناء على والقدرة الرؤیة فى العقل أعماق

فاإلنسان یحمل ترسبات انطباعات مكانیة سابقة فتكون منحوتھ فى مساحات عقلیة مرتبة یستطیع اإلنسان البناء علیھا أو استخدامھا كمرجع فى تجارب الحقھ , أحیانا قد تزید وعیھ فى محیطھ المؤقت أو قد یعلو بسقف التوقعات لینتج حالة إنتقادیة للمكان .

تفاعل اإلنسان فى المكان ھو ما یؤكد شعور وجود اإلنسان ,و في مدینة مثل كوبنھاجن , یحتل البعد اإلنسانى الدافع األوحد للقائمین على العملیة التخطیطیة فى المدینة .ووسط المدینة ھو حالة من التفاعل المستمر بین اإلنسان والمكان بدون معوقات میكانیكیة أو خرسانیة .وسمة المدینة ھى الطمأنینة والسعادة . ان الحقیقة التاریخیة التى قد نعرفھا عن مكان بعینھ ھى حقیقة مجرده من اإلنطباع الحسى الذى یخلفھ المكان على اإلنسان ,الشعر» من منسیة تعبیرات ھى فأحاسیسنا للشعراء أقرب ولكن , بمؤرخین لسنا «نحن باشیلرد, جاستون یقول اإلنسان.. حواس خالل من المخفیة رسالتھ یوصل والمكان , المكان لفھم التخاطب أدوات ھى اإلنسان ,فحواس

Page 21: Tarek Waly Center Journal, issue 04

١٩

وصف بیتر زومثور تلك التجربة ومدى عمق تأثیرھا على وعیھ المعمارى , وكیف ساعدت تلك االكتشافات األولیة على تكوین ذاكرة مكانیة یستعین بھا لبناء حاالت جدیدة . فالرغبة لیست تحجیم تلك الترسبات فى إعادة محاكاة مكان ما بعینھ ولكن فى اختبار حاالت عمیقة أخرى . ویقول باالزما «إن لرحلة فى أعماق غابة تأثیر شفائى على النفس باإلضافة لتنشیط متواصل للحواس» , ومن ھذا المنطلق، یجب على المرء أن ال یتجاھل حتمیة تأثیر تجربة التجوال فى المدینة ، فالتجربة ھى صورة تعبیریة ذھنیة مستمدة من نشاط حاسة بعینھا أو اكثر تضیف ترسبات ذاكراتیة فى خالل الطریق , بعبارة أخرى التجربة المكانیة ال تبدأ من بدایة الوجود فى المكان المرغوب ، ولكنھا تكتسب آثار ذاكرتیة في عملیة الرحلة إلى ومن المكان ذاتھ ، فمثل التجول ، الرحلة أیضا تحتوي في طیاتھا تلك التفاعالت متعددة األبعاد .استخالصا من ذلك , فكرة السفر الى مكان أخر أضحت بال مضمون لوجود مختصرات زمنیة ومكانیة متمثلة فى الطائرة . المكان الى الرحلة لفكرة الفلسفیة الجزئیة انطمست االختراع ذلك بوجود ولكن الھندسیة العبقریة من الرغم فعلى ,

فكرة المكان

حتمیة عناصر على یرتكز نشاط مركب مغایر . أو السیاق نفس فى متوالیة كمثل خلفیة مسرحیة ألحداث المكان ھو وھى الزمان المكان و اإلنسان . وفي كتابھ» ظواھرتیة الرؤیة» لمرلو بونتي : «فى أعماق جذر تجاربنا وإنعكاسات لیس من منطلق إستدالل أفكار وال عن طریق بذاتھ ومحیطاتھ , أفكارنا نجد كائنا كامل الوعى بوجودیتھ , فھو ملم إستنباطات لمالحظات واقعیة , ولكن باإلتصال المباشر مع وجود ذلك الكائن . فالوعى الذاتى ھو قدرة العقل فى العمل»

أماكن تخیلیة

ھى أماكن تنساب إلیھا العقول , اماكن تكونت وتشكلت شمولیا ولكن فى نسیج من الخیال , الحواس تكون على أوجھا , الى جانب فقدان الوعى فى محیطات المباشرة , فقط لتدخل تجربة وجودیة عمیقة , االحاسیس تداعب فى حالة , الحواس الحیة فى حالة سكون تام فاالعتماد ھنا ینصب فقط على االنعكاسات الذاكرتیة لتلك الحواس , إنعدام الرؤیة الفعلیة واستبدالھا

ببصیرة عقلیة ذو مدى أوسع فى نطاق الرؤیة .قد تكون أماكن من إرھاصات خیالیة او أحالم یقظة ,

قد تكون أماكن كانت ولن تعد , ولكن ما ھو مؤكد حتمیا أن لكل شخص أماكنھ التخیلیة , فھى مالجئنا إذ تغللت أحاسیس الغربة لعقولنا .

Page 22: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٢٠

التجارب المكانیة المنقولة

التجارب المكانیة المنقولة , حكایات السابقین المقرؤة/مكان عن المنقولة المعاصرین وتجارب المسجلة ما , تلك تجسیمات مباشرة لتخیالت مكانیة تنقل من

لسان شخص الى عقل مستقبل .الحواس , فتنشغل تفاعل لعملیة افتراضیة محاكاة الحواس فى نسج خیوط ذاكرتیة تشكل منظومة مساحیة من ولدت الى جدران الكلمات لتتحول مصفوفات انطباعات الحواس . وقد یوضح ذلك مدى عبقریة واتساع المفاھیم المختلفة للكلمة , حتى إذا توحدت كلمات وصف المكان فإن إسقاط المعنى على العقل

یختلف كل االختالف من شخص ألخر .مفاھیم , ولذلك عدة یحتمل قد المكانى فالوصف لیس فیلم الى الروائى الكتاب نقل یفشل ما دائما أولى بشكل یعتمد ولكنھ المخرج لقدرات افتقارا على االماكن التخیلیة فى ذاكرة قارئ الكتاب وحالة الترقب لمشاھدتھا سینمائیا ولكن فى اغلب الحالت

یسود اإلحباط . فتجربة المشاھدة مسبقا ھى تجربة أحادیة البعد , تماما مثل قراءة وصف مكانى و زیارتھ الحقا , فزوار أھرامات الجیزة من األجانب , مشكل مسبقا صورة ذھنیة كاملة وتفاعالت خیالیة مع المكان , ولكن البعض یفاجأ بمدى قرب المدینة من منطقة األھرامات نظرا لوجود صورة ذھنیة بصحراء شاسعة ال یظھر فیھا

إال صروح األھرامات منفردة . األمر أیضا ملحوظ فى حالة البحث عن مسكن جدید , فدائما تشاھد صور

افتراضیة لمساكن یوتوبیة منعزلة تماما عن واقعنا الملموس , وعند الزیارة الفعلیة للمكان تصدم الحواس بحائط الواقع . وعلى الجانب األخر , أحیانا تكون النتیجة عكسیة قد تقرأ الكثیر عن مكان وصف دوما سلبیا كان او إیجابیا , ولكن فى واقع التجربة المكانیة الحقا تجد أن المكان اختزل فى صور بسیطة جدا أضافت ولم تنقص للتجربة , فیزید إحساس تقدیر المكان .

اكتشاف المكانالمكان یحوى حقیقة دفینة ساكنة فى كل عناصره , ینصب على عاتقنا مھمة استمرار البحث , فى خضم عملیات البحث قد تصادف أماكن لم تكشف حقیقتھا لك بعد , فال وجود ألوصاف مسبقة , المكان بكر , خالى من شوائب وصف یفتقر للواقعیة . اإلنسان مسیر ان یبحث لكشف حقیقة ما حولة . فى رحلة البحث , قد یصادف أماكن جدیدة كلیا على خیوط حواسھ , فتخلق تركیبات حسیة لم تكن من قبل .

یظھر ذلك فى اكتشافات علماء التنقیب األثار , مثل بیلزونى اإلیطالى والكشف عن معبد أبوسمبل , أو ھاورد كارتر و مقبرة توت عنخ أمون , دائما كانت تستغرقنى حالة غیرة ال إرادیة عند سماع اكتشافات مكانیة لھؤالء , حالة فضولیة لمعرفة ما كانوا یشعرون بھ .

ولكن بعد تفكیر أعمق , أدركت أن لكل منا اكتشافاتھ المكانیة الخاصة . ففى رحلة تلقائیة فى شوارع المدینة , یأخذك المسار أحیانا الى بقاع لم تكن مرئیة من قبل , بغض النظر عن حجم االكتشاف , فقد تكتشف مشھد جدید فى شارع ما أو قد ینتھى بك مطاف الرحلة الكتشاف مبنى لم تكن تعرفھ من قبل كلیا , تلك االكتشافات تحتل التأثیر األعمق فى تجاربنا المكانیة

Page 23: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٢١

تغیرات المكانعند إقحام مدخالت جدیدة فى المكان تعتمد باألساس على مقدار التقبل العقلى لھا , فبینما یراه البعض فرصة إلعادة االكتشاف ولكن قد یظنھ البعض انھا تؤدى أحیانا باختالل التوازن الحسى وفقدان االنسجام وینتج عنھ تشتت , فالعملیة تعتمد باألخص على مھنیة المصمم وبراعتھ فى الحفاظ على توائم المدخالت مع ثوابت المكان وعلى الجانب األخر , دینامیكیة التقبل العقلى للشخص وإستعدادیة الجھاز الحواسى الخاص بھ . ولكن عامل للمكان مادیة مدخالت دائما تعنى قد ال فالمتغیرات , المكانیة والمتغیرات الثوابت بین یوجد حوار فدائما ذاتھ حد فى فالمكان , لیل الى نھار من أو إلخر فصل من , للمكان الحسیة الظاھرة تدرج الى یؤدى قد الوقت المكان متغیرات مع للتوافق اإلنسان قدرة ولكن حتمیة أمور تلك مادیة الغیر التغیرات احتواء فى بالمرونة یتسم , توصیلھا صراحة المراد الرسالة على للتأكید ثابتة حالة حسیة المكان یفرض قد . جدلیة الحاالت أكثریة فى تكون فزوار معابد مصر القدیمة إن كان حالیا أو فى قدیم الزمان , یوجھوا حسیا للوصول الى حالة نفسیة تواضعیة معینة .

أماكن مفقودةإتالو كالفینو فى كتابة «مدن غیر مرئیة» , یلخص تجارب اماكن مختلفة فى سلسة من الحكایات , محاولة ألسر شخصیة كل مدینة فى سرد إنطباعات مكانیة . فالمكان یتشرب أحداث زمنیة تتشكل تلك األحداث فى ذاكرة جمعیة لرواد المكان . فلكى تحكى قصة مكان مضى یجب أن تذكر قصة كل التفاصیل , المتناھیة الصغر قبل البدیھیات فى مكان . حكایة المكان فى تفاصیلھ الصغیرة , تجتمع وتشكل فسیفساء لصورة المكان . «فوصف المكان یجب ان یشمل حتى الخدوش واإلنبعاجات على الجدران» . بماذا كانت تحوى جدران المكان , بماذا كانت تحدثنا فبعد أن كانت أماكن تشع برسائل حیة إنزوت وتراكمت العتمة على أنقاضھا , وما بقى ھو نظرة الغرباء فى عیون المألوفین . ذلك ھو الحال بعد إنطماس المكان . للمكان روح مثل اإلنسان , ال تنتقل بإنتقال المكان وال تنفصل عنھ إال بعد فناء المكان , وعند الفناء ما یبقى مؤقتا ھو إسقاطات ظاللھ على الذاكرة , وتلك تندثر تدریجیا إلرتباطھا بفناء اإلنسان , وعندھا یكون المكان قد فقد حقا وإنتھى إلى الفناء .

خالصةأقتبس مقطع من كتاب جین جیكوب , فى بدایة الكتاب كتبت مقولة مسبقة تعكس فلسفة الكتاب بإختصار , وھنا عندما أستعیرھا ال أقصد عكس محتوى الكتاب ولكن لتعمیم المفھوم األعمق للمقولة لیشمل جوانب حیاتنا فى المكان وأى مكان والحث على التدبر فى المعانى الظواھرتیة لما حولنا .

« أنظر بعنایة وتأمل لمدننا , وبین لحظات التأمل , یفضل ایضا ان تسمع , تتریث , وتفكر فى ما ترى .»

الصور الفوتوغرافیة لـ : محمد عالء

Page 24: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٢٢

یرتبط اإلنسان بالمكان الذى یتفاعل معھ أو یعیش فیھ.وأتحدث ھنا لیس فقط عن المكان باعتباره شئ ساكن, ولكنى أعنى بالخصوص المكان كجزء من معادلة دینامیكیة متحركة یلعب اإلنسان والزمان أیضا أدوار ال تقل أھمیة عن العناصر المادیة للمكان نفسھ. فرؤیتنا للماكن تتحدد وفقا لتجربتنا

و ذكریاتنا معھ سواءا كانت إیجابیة أم سلبیة.ومن أھم األماكن التراثیة التى ترتبط معى شخصیا كأحد سكان منطقة إمبابة ھو«كوبرى إمبابة» ألنھ لیس مجرد مبنى تراثى قدیم تم بناؤه فى المنطقة ولكنھ جزء من أھم عناصر تشكیل ذاكرة المكان لمعظم سكان المنطقة لیس فقط لقیمة

الكوبرى التاریخیة الذى تم بناؤه عام ١٩٢٤.وال لدوره العمرانى كأول كوبرى یربط شبكة السكة الحدید من الشمال والجنوب والعكس. ولكن إلرتباطھ بذكریات مع معظم الساكنین بالمنطقة بذكریات تمتد من جیل جدتى وحكاویھا عنھ وكیف كانوا یفترشون الكورنیش بعد غروب الشمس

صیفا بجانبھ یستمعون إلى أم كلثوم.

كوبرى إمبابة ...

البشر وقیمة المكان عمرو أبوطویلة

Page 25: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٢٣

وحتى عمتى التى طالما سمعتھا تتحدث عنھ وتتساءل لماذا ال یتم تدشین ”جمعیة محبى كوبرى إمبابة“. وحتى أنا وذكریاتى معھ وكیف كانت صدمتى الحضاریة وأنا طفل صغیر عندما رأیتھ یفتح لمرور المراكب وأنا أمر بالسیارة مع أبى وطلبت منھ أن نقف كى نشاھد المشھد كامال وظللت أسأل عن تفاصیل

لماذا وكیف تتم عملیة فتح الكوبرى.وال یقتصر ذلك التأثیر على أھالى المنطقة فقط, ولكنھ یرتبط أیضا بذاكرة المجتمع كلھ عن طریق السینما فھو یعتبر مكان تصویر معبر للدراما بما یحتوى على تفاصیل ومناخ یصلحا بإمتیاز للتصویر السینمائى وتوظیف المكان للتعبیر عن الحدث.علیھ التعرف على العزم عاقدا إمبابة كوبرى إلى ذھبت والتعریف بھ وتصویره لكتابة مقاال عمرانیا عن تأثیره على أعلى بالمرور أستمتع دائما المكان وكنت وذاكرة المنطقة طریق المشاة ذھابا أو عودة كلما سنحت لى الفرصة ولكن بمجرد صعودى ساللم الكوبرى وفى یدى كامیرا التصویر ولدى نیة فى البحث واستكشاف المكان برمتھ والحدیث مع المارة والقائمین على خدمة الكوبرى كانت ھناك تجربة مختلفة تماما عن ما كنت أتوقع و بدلت رأیى وقررت أن أكتب عن

ھؤالء البشر و لیس المكان.

منذ بدایتى فى تصویر المكان أتجنب ظھور الناس فى الكادر وإن ظھروا فھم یظھرون باعتبارھم جزء من مكمالت الكادر ولكن لیس اإلنسان ذاتھ أو تفاصیل الوجھ ھى التى أبحث عنھا ومرت وجوه أطفال وشیوخ و شباب وأصدقاء وأحباء وكان من ھؤالء من لفت انتباھھ ویدعونى إلى تصویره ومنھم من

ال یھتم بما أفعل ویكمل طریقھ. أثناء تركیزى فى أخذ صور توضح معالم الكوبرى وتفاصیلھ لعلھا تفیدنى فى كتابة المقال قابلت ”أحمد“ شاب فى النصف الثانى من العشرینات ھزیل الجسم یعمل فى قھوة یملكھا أحد

أقاربة قریبة من المكان وھو حسب وصفھ دائم المرور على الكوبرى ویحب الوقوف فوقھ یومیا قبل غروب الشمس. بدأ ھو فى الحدیث معى یسألنى عن سبب قدومى لتصویر الكوبرى تصویر أستكمل أخرى تارة و تارة بتصویره أنشغل وأنا مھندس بأنى لھ عندما صرحت لى إطمأن حتى الكوبرى المجاور بالشارع إمبابة وبالصدفة یسكن ھو ومن قاطنى لى فاستكمل الحدیث بطالقة حتى لفت انتباھى بجملھ ”عایز تعرف قصة حقیقیة بجد .. تعالى أقعد مع ھاجر“ وأشار بیده إلى أعلى نقطة على جسم الكوبرى فوجدت طفلة لم تتجاوز الستة عشر ربیعا فى لباس أسود وكاب سوداء تغطى وجھھا وشعر قصیر مجعد تجلس على دعامات الكوبرى الحدیدیة

التى یمر قضیب القطار من تحتھا.

ذھبت معھ لكى أتواصل معھا وأحاول أن أعرف ما ھى تلك وفور عنھا یتحدث التى ”الغلبانة“ والبنت الحقیقیة القصة وصولى بدأت ھاجر تشد الكاب األسود لتغطیة وجھھا ووضعت وجھھا بین قدمیھا و كأنھا تدارى شیئا أو تتھرب من الحدیث مع أى أحد. فأخذت أنادى علیھا وھى ال ترد و ظللنا نحاول جاھدین أن نتجاوب معھا بال جدوى ولكن صعدنا على جسم

الكوبرى وبعد حدیث طویل قررت أن تنزل للحدیث معى.

تسلقنا جمیعا جسم الكوبرى نزوال إلى ممر المشاه ورفضت ھاجر فى الطریق أى مبادرة منا لمساعدتھا على النزول فقد كانت تحفظ أین تضع قدمیھا بالتحدید وتقفز بسھولة و یسر الكالم, فطلب من أیضا متخوفة بدت ولكنھا حتى وصلت منى أحمد أن أعزم علیھا بسیجارة ولكنھا یبدو وكأنھا كانت

مازالت لم تقتنع بشكل كامل أن تثق بى.كانت صامتة تماما و لم تتفوه بأى كلمة حتى اآلن وبعد حدیث منفرد من أحمد یحاول أن یجعلھا تتفوة بأى كلمة أخیرا مدت یدھا فى إشارة منھا أنھا ترید سیجارة تدخنھا فأعطیتھا واحدة وبدأنا الحدیث.

Page 26: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٢٤

أخیرا تحدثت ھاجر قلیال ومن كالمھا فھمت أنھا بنت لدیھا تسعة عشر سنة – أشك فى ھذا السن- وجدت نفسھا على الكوبرى وھى صغیرة وعلى حسب قولھا وجدت نمرة تلیفون أھلھا مكتوبة على یدھا وفیما یبدو أنھ قد تركھا أھلھا وھى طفلة لم تتعدى الخمس أو ست سنوات وبعد سؤالى لماذا لم تتصل فھمت أنھا فعلت ذلك ولكنھا ال ترید العودة لھم واستنتجت من كالمھا أنھم أیضا ال یریدون عودتھا و فى سؤالى عن عملھا أجابت أنھا عملت بأكثر من مكان وخصوصا مصانع الخیاطة ولكن آخر مصنع تم غلقھ بسبب مشكلة مادیة لصاحبھ لم استطع معرفة تفاصیلھا. بعد مرور فترة كسر الثلج أخذنا نحن الثالثة نتبادل أطراف الحدیث وفى وسط الحدیث قال ”مشوھا البنات من مجموعة على تعرفت ھاجر أن أحمد فالسكة الغلط“ ولم یستكمل الحدیث بعد نظرة حاسمة منھا ... !!

وعندما سألتھما لماذا كوبرى إمبابة بالتحدید فبادر أحمد باإلجابة بأنھ یحب أن یستنشق الھواء من فوقھ خاصة أنھ یوجد بھ مكان مخصص للمشاة بعیدا عن ضجیج السیارات. وردت ھاجر أنھا تحب المكان برمتھ وأنھا أصبحت جزء منھ وال تستطیع تركھ ألنھا تربت فیھ وتعیش علیھ دون مضایقة من أحد ألن الكل ھنا یعرفھا.عرفنى أحمد و ھاجر على أكثر من صدیق لھم على الكوبرى الذى عندما یترددون علیھ بشكل منتظم وآخرھم ”محمود“ رأتھ ھاجر لمعت عیناھا وتسلقت إلى أعلى نقطة بالكوبرى حیث یوجد ممر یقع على بعد أربع أمتار أعلى طریق المشاه

فمن ھذا المكان ترى المنظر كلھ الكوبرى و النیل و المناطق المجاورة. انتفضت ھاجر حینما شاور لھا محمود وتسلقت أن أصعد ا الممر وأصر لذلك الكوبرى حتى وصلت جسم معھم حتى أرى المنظر من على الممر, تسلقت الكوبرى كما فعلت ھاجر اكثر من مرة حتى وصلت لھم ورحب بى محمود و ھو شاب فى النصف األول من العشرینات كان یعمل فى لم یخض فى تفاصیلھا المطابع األمیریة و تركھا لظروف نضیفة ”ناس قبل من یعرف لم أنھ كالمھ ملخص ولكن زى حاالتى“ وأنھ یرید أن أساعده فى أن یجد عمال شریفا ”یاكل منھ عیش بالحالل“ ألنھ یسكن مع أبیھ و زوجتھ والتى تحدث مشاكل مستمرة معھا بسبب أنھ ال یملك قوت یومھ. استمر الحدیث لدقائق ولكننى كنت مضطرا لإلنصراف لتصویر المكان قبل أن تغیب الشمس وبعد اعتراضات من القائمین على الكوبرى وصیانتھ فى اإلستمرار فى التصویر ذھبت لھم فى الكشك المخصص لجلوسھم فقابلونى مقابلة غیر مجدیة یتجاوز ال الكوبرى عرضھ ١٨٫٥م و طولھ أن ملخصھا ٤٠٠ متر بقلیل و تم بناؤه عام ١٩٢٤م و یتكون من حارة للسیارات فى كل اتجاه و قضیبین حدید وممر علوى للمشاه الحدیدیة السكك لھیئة أذھب بأن اتجاه ونصحونى كل فى لكى أسأل على المعلومات والرسومات والتى كنت ذھبت من قبل لھم مرتین دون أى جدوى بأن یستجیب أیا منھم لطلبى

بالحصول على أى معلومات عن الكوبرى.

Page 27: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٢٥

تركت الكوبرى ومنتظرا أحمد أن یمر على وأنا أجلس على المقھى المجاور لمكان سكنى وواعدا محمود أن أبحث لھ عن عمل وواعدا ھاجر بالعودة مرة أخرى كى نتحدث. ولكننى أدركت شیئا لن أنساه, أدركت أن قیمة الكوبرى زادت عندى أكثر من قبل بكثیر ولم یكن فقط بسبب معرفتى تفاصیل ومعلومات أكثر عن قیمتھ التراثیة والعمرانیة ولكن بسبب ھاجر وأصدقائھا, وترسخت عندى أن ھناك عالقة جدلیة بین المكان واإلنسان یكتسب األول قیمتھ من ذاتھ ویرسخھا الثانى

فى وجدان وذاكرة المجتمع لیعطى لھ حیویتھ ودیمومتھ و دینامیكیتھ للبقاء.

الصور الفوتوغرافیة لـ : عمرو أبوطویلة

Page 28: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٢٦

یشیر إدوارد سعید إلي ضخامة حجم الدراسات الشرقیة التي بدأت من وجھة نظره مع غزو نابلیون لمصر عام ١٧٩٨، لإلستیالء واقعیة األكثر النموذج اإلستعمار ذلك كان فقد العلمي الحقیقي لثقافة ما علي أخري (األقوي بالطبع) ،ومازال

التراث الشرقي مصدر إلھام لكثیر من المبدعین في الغرب والشرق علي حد السواء، وبقراءة العدید من أعمال جوتة ، وآن ماري شیمل،جوستاف فلوبیر، ماسینیون، والسیر والتر سكوت وغیرھم الكثیرون ، یمكن تخیل كم الدراسات التي قام بھا الغرب عن الشرق في محاولة لمعرفتھ، وھم یشكلون أساس لفھم التراث الشرقي لدي الغرب والشرق علي حد سواء بل تشكل أعمال بعضھم إعادة انتاج الشرق مرة أخري في صورة جدیدة.

الشرق بالنسبة للغرب ھو أداة اآلخر الذي یؤكد مثال بالفوقیة، ھو للشعور ، ھو وسیلة وجوده للضد الذي یعزز الذات، وھو التراث الذي مكنھ من استیعاب العالم وإعادة انتاجھ كمسرح لألحداث ، والتراث ال ینظر إلیھ في حد ذاتھ كإرث انساني،

مفسر لما سبق من حضارة.

وباعتبار أن وظیفة المستشرق ھو إعادة بناء الشرق ،لذلك فالشرق والتراث الشرقي یعامالن باعتبارھما موضوعات یمكن أن تخضع للتحلیل والدراسة ،

وبالتالي فإن ذلك التراث لیس دینامیكي ،

تلك أجل من فقط موجود وھو متناغم، بل الدراسة،لذلك فھو سلبي بالنسبة لدوره في اسھام یتم ال قد التالیة المرحلة وفي الدراسات، ھذه

الرجوع إلي المصادر الشرقیة.

بل یتم اإلشارة دوما لكتب تم كتابتھا عن الشرق، ھنا متعلقة «بالتمثیل»، وھو فالمعرفة وبالتالي عملیة منح شكل ملموس للمفاھیم األیدیولوجیة، وكما یوضح ادوارد سعید إن قوة تلك التمثیالت

ال یمكن ابعادھا عن عملیات القوة السیاسیة.

التراث الشرقي كتمثیل للشرق مي حواس

قاعة الصالة الرئیسیة بمسجد الشاه-أصفھان.

(المصدر:كنجنامة-فركھنكت آثار معماري اسالمي ایران)

« فقد رسم الشرقي في لغة كرومر وبلفور بأنھ شئ یحكمھ اإلنسان ( كما في المحكمة ) ، شئ یدرسھ اإلنسان ویصوره ( كما في المنھج الدراسي) ، شئ ینظمھ اإلنسان ( كما في المدرسة أو السجن) شئ كل حالة أن في ھنا المالحظة ، الحیوان) كما عن علم ) توضیحي

الشرقي محتوي ومصور من خالل أطر مھیمنة». (أھوالیا، ٢٠٠٢)

Page 29: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٢٧

« التمثیل» ھو قضیة أساسیة لفھم النموذج المعرفي للخطاب بیل ساق وقد الشرقي، التراث فھم وبالتالي اإلستشراقي، أشكروفت وبال أھولوالیا ، مثاال ینقد فیھ الفیلسوف الفرنسي «فولتیر» (١٦٩٤- ١٧٧٨) - في « كاندید»- والروائي األسباني سرفانتس ( ١٥٧٤- ١٦١٦) - في « دون كیشوت» - فرضیة أنھ یمكن فھم الفوضي اإلشكالیة التي یعیشھا البشر یمكن أن تفھم من خالل النصوص، تلك الفرضیة ھي أیضا علي یدل باعتباره اإلستشراقي للنص یشار عندما تحدث اإلستشراقي، الخطاب علي وتطبیقا یصورھا، أو حقیقة، یكشف ویتم یكون صامتا، الشرقي) التراث ) الشرق فإن اللثام عنھ بواسطة المستشرق (أھوالیا، ٢٠٠٢)، وعبر تراكم الدراسات وتعقد تركیبھا، فقد أصبحت أكثر أھمیة من األشیاء التي تعمل علي وصفھا، وھي من وجھة نظر إدوارد سعید '' ھذه النصوص یمكن أن تنتج لیس فقط المعرفة بل أیضا الواقع الحقیقي الذي تبدو أنھا تصوره '' لیس فقط بل أیضا '' المادة نفسھا التي تبدو ، بمرور الزمن وكأنھا تدین حتي لوجودھا نفسھ للمستشرق '' (سعید، ٢٠٠٥) الذي اكتشفھا

ودرسھا وأعاد تقدیمھا علي مسرح اإلستشراق.

ویشرح سعید .. فإذا وقف المستشرق أمام منجزة ثقافیة نائیة ال تكاد تفھم ، قلص اإلیھام عن طریق الترجمة والتصویر المتعاطف واالدراك الداخلي للشيء الذي یصعب الوصول الیھ (سعید، ٢٠٠٥)، وبعد ظھور الحركات اإلستعماریة اعتمد التفسیر علي الوصف والتقسیم لطرز معماریة، وھي تفسیرات تعتمد علي أسباب وعناصر محددة تؤكد وجھة نظره وتفسیره ،وإھمالھ لعناصر أخري ،ال تحمل معني محدد بالنسبة لھ، من یكون وبالتالي العناصر، ھذه فھم محاولة عدم وأیضا السھل إفراغ المضمون والمعني وانطماسھ لتفسیرات المقابلة أو حتي الغیر مقابلة لھ، وبالتالي فإن الزخرفة ھي مجرد دیكور خارجي ال داللة وال عمق روحي یمثلھ ألن الشكل لدیھ ال معني یشیر إلیھ أو حقیقة علیا، ویعتبر اإلتجاه األنثروبولوجي في تفسیر المعمار اإلسالمي مثال علي ذلك اإلختزال ، یعد أولج جرابار أحد رواد ذلك المدخل الوصفي للمعمار اإلسالمي، ویصعب ھنا عرض تفصیلي لكل الدراسات التي تقوم بالتحلیل الوصفي للمعمار اإلسالمي، ویعتمد باألساس علي الوصف وتقسیم المعمار اإلسالمي لطرز، یعتمد ظھور تلك الطرز المعماریة لعدة أسباب أھمھا تقنیة البناء، والمود المستخدمة ، والتأثر بالطرز المواكبة لعصر ما في مكان آخر، أو بالطرز سابقة، اسالمیة حقبات أو سابقة حضارات من المتوارثة باعتبارھا التواریخ، علي المنھج لذلك التوثیق في ویعتمد

برھان مادي قاطع یدل علي مصداقیة نتیجة البحث، ویتجاھل في نفس الوقت المرجعیة الفكریة أو الفلسفیة أو الصوفیة، الفتقاد الدلیل المادي علي وجود ذلك التأثیر ، وذلك الدلیل ھو الوثائق والمخطوطات التي تنص علي وجود مثل ذلك التأثیر غیر انھ یجدر اإلشارة إلي وجود بعض الدراسات التي تتناول ذلك التأثیر ولكن بتحفظ وعلي نطاق ضیق ال یمثل

القاعدة العریضة للتفسیر.

وبینما یتم وصف المنشأة المعماریة ، قد ال یتم اإلشارة إلي المعماري ،تشكل جزء المحاور األساسیة في قراءة النص من تكوین فلسفة المبدع اإلسالمي، سواءا عربیا أم فارسیا أم من الشرق األقصي، فغزارة اإلنتاج المعماري لفترة ازدھار لكن اإلستنتاجات، كل تعمیم من تمنع اإلسالمیة الحضارة قد التي المالمح من لملمح المقال نھایة في اإلشارة یمكن تفسر اشتراك تلك المنتجات الفنیة في التعبیر عن بعض القیم نتیجة اشتراك المرجیعة الدینیة التي كانت منبع اإللھام كما كان اإللھ األوحد والطبیعة، وجدیر بالذكر إلي أن النموذج المعرفي یعبر عن العالقة بین ( اإللھ – العالم – اإلنسان )

وھو الموضوع األساسي للمنتجات الفنیة اإلسالمیة.

كما یري ادوارد سعید أحد الوسائل التي أسلم بھا االستشراق الشرق للغرب نتیجة لمرحلة ھامة ومبكرة في تكوین علم اإلستشراق، فقد كان المستشرقون لعقود قد درسوا الشرق وترجموا النصوص وفسروا الحضارات واألدیان والسالالت والثقافات والعقلیات كموضوعات ومناھج جامعیة مفارقة عن أوروبا بحكم أجنبیتھا التي ال تقلد،وكذلك قبل بدایة الحركات اإلستعماریة (سعید، ٢٠٠٥)، وكان المستشرق خبیرا مثل ساسي ورینان وظیفتھ في المجتمع أن یفسر الشرق ویترجمھ ألبناء قومھ ، فالمستشرق ھواإلنسان المنوط بھ تفسیر الشرق وتأویلھ، إن الشرق بسبب اإلستشراق لم یكن موضوعا حرا للفكر أو الفعل، وال یعني ھذا أن اإلستشراق ، بمفرده ، یقرر ویحتم ما یمكن أن یقال عن الشرق، بل إنھ یشكل شبكة المصالح الكلیة التي یستحضر تأثیرھا بصورة ال مفر منھا في كل مناسبة. (سعید، ٢٠٠٥)

ویظھر التناقض واضحا بین رؤیة الغرب في تفسیره للشرق وبین تفسیر الشرق لنفسھ، أو لنقل تعبیره عن نفسھ الذي یخضع لتحلیل مفارق عن األسس التي وضع للتعبیر عنھا،وذلك في الدراسات التي ال یمكن حصرھا التي وضعت في تفسیر معمار الشرق عموما، وتحدیدا في ھذا البحث، المعمار المعبر عن روحانیة اإلسالم ، وتمثل المرجعیة لمناھج الفلسفة الغربیة قاعدة أساسیة للتفسیر،و یرى المسیري أن المناھج، والنماذج

ما امكانیة فھم الشرق لنفسھ من خالل رؤیة الغرب لھ؟

Page 30: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٢٨

المعرفیة، ووسائل البحث: «لیست محایدة تماما» ،، بل ھي «تعبر عن مجموعة من القیم التي تحدد مجال الرؤیة ومسار البحث، وتقرر مسبقا كثیرا من النتائج»، وھذا، یقول المسیري،

«ما نطلق علیھ اصطالح «التحیز»».

في حین یري ادوارد سعید إن أعادة اإلنتاج للنصیة في النقد ھي في حد ذاتھا محددة الظرف ب' الدنیویة' بالنسبة للكاتب ما بعد الكولونیالي والناقد ،یشرح الفیلسوف األلماني « فریدیریك نیتشة» (١٨٤٤- ١٩٠٠) : أن النصوص ھي في األساس حقائق قوة ، ولیست ذات تبادل دیمقراطي، وبعیدا عن أن تكون تبادال بین متكافئین ، فإن الموقف اإلستطرادي یشبھ كثیرا العالقة الكلمات والمضغوط، الضاغط والمستعمر، المستعمر بین والنصوص بعیدة عن العالم، حتي أن تأثیرھا واستخداماتھا، بالملكیة والھیمنة وفرض القوة، وبالتحدید ھي أمور تتعلق العالقات اإلستطرادیة، غیر المتكافئة، من ھذا الموقف ذو ظھر اإلستشراق علي أنھ فرع من فروع المعرفة والثقافة».

وبتعقب مدرسة التحلیل الھندسي للمعمار بھدف إعادة بناء رسم أعاد فقد وولز آرشي بھ قام كما األصلي النموذج المساقط األفقیة والواجھات والقطاعات لألجزاء المتھدمة من

المدرسة األشرفیة بالقدس،

وذلك بتتبع وبدراسة العالقات الھندسیة والفراغیة لألجزاء الموجودة بالفعل ،،فالبناء الھندسي األساسي والمعتمد علي مودیول ھندسي تم استنباطھ من التحلیل الثنائي أو الثالثي األبعاد، یمكن استخدامھ بطرق مختلفة منھا تولید متتالیات

منھ، أو إعادة تنسیقھ وتجمیعھ بطرق مختلفة، تحقیقا ألنسب لظروف المعماریة الحلول الموقع وغیرھا من المحددات، للتصمیم المدخل ھذا یعتبر ألرشي، وفقا معقدا مدخال حیث أنھ یصعب ان لم یكن مراحل كل تعقب مستحیال تطور منظومة التصمیم الي أن تصل لذروتھا في المنتج توفرت ســواءا المعماري، الرسومات أو المخطوطات تسجل التي والمالحظات المراحل، وذلك وتوثق ھذه لغیاب العنصر الفكري الموثق لفكر المعماري أو المجموعة من المصممین المساھمین في

علي یؤكد التحلیل ذلك إن قولھ، حد علي التصمیم عملیة الطبیعة « البدائیة» و«الغامضة» و«األصیلة» للمجتمعات الشرقیة أكثر من كونھ تحلیال مفسرا، فثمة بعض القواعدغیر قولھ التي تعرف ما یمكن الواعیة أحیانا) المكتوبة (وغیر وما ال یمكن قولھ ضمن خطاب اإلستشراق، وھذه القواعد تعمل ضمن مساحة القناعة والزعم، وتقرر نوع المعرفة التي یمكن أن تكتسب منھ، فإن التحلیل الھندسي یساعد علي فھم األفكار األساسیة ( الھندسیة ولیست الفكریة) التي شكلت بعض التفاصیل المعماریة، أكثر من كونھا مساعدة علي اكتشاف المفاھیم الفكریة األساسیة التي حكمت التصمیم المعماري ككل.

وبالتالي فإنھ یمكن فھم صعوبة أن یكتب إنسان عن منتجات الشرق الفكري أو الفني، أو یفكر فیھ أو یمارس فعال متعلقا بھ، بدون أن یأخذ بعین اإلعتبار الحدود التي رسمھا وفرضھا اإلستشراق علي الفكر والفعل، والبد من فھم الشرق عبر تقنیات أكادیمیة ومعرفیة تقدمھا الدراسات أوالكتب اإلستشراقیة، بل یخضع الشرق ألحكام عامة مرتكزة علي علم األجناس والطبیعة ، بحیث یكون حكم نھائي، تقرر ما ھي طبیعة عقلیة الشرقي وما یمكن أن یقدمھ فكره من منتجات ، وھذه الدراسات ھي أیضا غربیة ،وبالتالي كما تم شرحھ یتم الرجوع لالستشراق كمصدر للمعرفة عن الشرق بدال من الرجوع للمصادر األصلیة سواء المنتج أو الشرح، وبالتالي یظھر ماسماه ادوارد سعید المسرح اإلستشراقي» ، باعتبار اإلستشراق ھو فرع » :

من فروع الدراسة یمثل المعرفة الغربیة المؤسسة لشرق.

المودیول الھندسي الناتج من تحلیل المسقط األفقي ووراجھات مدرسة األشرفیة بالقدس

Page 31: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٢٩

لیس فقط باعتبار ذلك قصورا وتقاعسا عن القدرة علي تفسیر الذات تفسیرا خاصا بھا، ولیس فقط كون اآلخر یقدم نفسھ باعتباره

الوصي .

فالغربي الذي یدعي اھتمامھ بحقوق اإلنسان، ینتھكھا العتبارات مصلحتھ العلیا، وھو بذلك العلم یعد انتھاكا (في صورتھ القصوي ) الھم مبادئ اإلنسانیة وھو الوجود المركب والمتمیز لجماعة بشریة لھا خطوطھا المتمیزة، وانكار ذلك التمیز قد تم بمنھج علمي بدأ

بفكرة النصوص .

لیشكل وجدانا شامال للغرب والشرق علي حد السواء لما ھو الشرق ولم ھو موجود ،وكیف یمكن انتاجھ سیاسیاواجتماعیا وعسكریا وعقائدیا بوصفھ انشاءا ، ولیس فقط لشرحھ بل الكتساب مزید من الھیمنة عن طریق المعرفة، كما شرح ادوارد فالغرب قدم نفسھ

باعتباره ذاتا بدیال ومادة للغرب.

ولیس بالضرورة أن تكون كل الدراسات اإلستشراقیة قد أنكرت الشرق ، أو تعمدت إساءة فھمھ،

ولكن طبیعة تقنیة الدراسة الوصفیة واإللتزام المطلق للمرحلة األولي من اإلستشراق في دقة التصنیف والفرز والوصف ، والفھرسة، بدون تحلیل أو ربط – المرحلة التفسیریة التي تلت المرحلة األولي من التسجیل – قد كونا منھجیة للفكر فیما یتعلق بالشرق، قائم علي كونھ مادة یتم شرحھا من وجھة نظر

تعتمد علي أسس فكریة و تتضمن نموذج معرفي مغایر لما یتم تفسیره من منتجات فكریة وفنیة وعلمیة وتتضمن أیضا أحكاما تتعلق بمدي مساھمة تلك المنتجات في المسیرة اإلنسانیة.

وسیلة منھجا بوصفھ اإلستشراق استخدم قد الغربي إن كان سواء األساسیة لغایتھ أكادیمي باحث أي إلخضاع الفضل انكار فقط لیست ھنا والغایة شرقي، أو غربي من للشرق اقصاءا یتضمن ولكن مطلق، كھدف العلمي دوره في المسیرة اإلنسانیة علي المستوي السیاسي ، بھدف األمر. استدعي ان أحیانا والعسكریة السیاسیة السیطرة

لكن األكثر خطورة ھو استیعاب الخطاب اإلستشراقي بدون استیعاب لمواطن التمیز لدي المنتج الشرقي الذي یتم تحلیلھ ، وبدون غربلة لعدد من األفكار المتضمنة الغیر معلنة في جزء باعتباره النص رؤیة كون ھنا والمقصود السیاق، تخیلیة الرؤیة تلك كانت سواء للعالم، رؤیتك تشكیل من أحد ھو للعالم التخیلي بناء بالفعل.وأن ھو لما أقرب أم ممیزات النص البنیوي ، الذي ھو خطاب متضمن في معظم وجدان وتشكل الحداثة بعد لما والنقدیة األدبیة النصوص الغرب الحالي، وھو فكرة الفصل بین العالم والنص والكاتب.

جامع السلطان أحمد – اسطنبول – أحد أعمدة قاعة الصالة الرئیسیة –

كاألعمدة الروحیة للكون

ما ھي خطورة اإلعتماد المطلق وفقط علي المصادر اإلستشراقیة المفسرة للشرق ؟

Page 32: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٣٠

العمارة أحد رواسم اإلنسان یخاطب بھا زمانھ ویسجل بھا إبداعیاتھ لما بعد الزمان ؛ ولیس مجال مسئولیتنا ترمیم أثر بعینھ أو حمایة عناصر تراثیة في حد ذاتھا ، فتلك مسئولیة تخصصیة آلخرین لنا فیھا دور مساعد ؛ ولكن جوھر مسئولیتنا إستقراء أنساق عمارة المكان الموجود بھ تلك الموروثات ، إستقراء تحلیلي وأحیانا نقدي للموروث في ذاتھ ، وأكتشاف المنظومات الھندسیة .. تلك الطاقات الكامنة التي تعطي للموجود وجوده وقیمتھ ؛ ثم صیاغة عمارة ذات المكان أو مجالھ العمراني الیوم من خاللھاولسنا ھنا بقصد التقلید وتوظیف مفردات معماریة وتشكیلیة تراثیة ، ولكننا نعرج بالقدرة اإلبداعیة للتواصل مع القیمة المطلقة الماثلة في تلك المنظومات ، نعزف من خاللھا ألحاننا اآلنیة ، في تناغم مع ما كان لنفتح الباب لما ممكن أن یكون .. ومن ھذه الرؤیة ننطلق لتطویر المناطق التراثیة معتمدین على فھم وإدراك لمكنوناتھا ویتأكد ذلك بتفاعل عمارة األحتیاجات المستحدثة وإنسجامھا مع ذات المكان ؛ فتتشكل صورة جدیدة قدیمة لھا دورھا التنموي للمجال العمراني ولإلطار المجتمعي المتفاعل معھ .

المكان مصـر .. ھبة النیل وأبداع االنسان ..

االنسان .. صانع الحضارة أدرك معطيات المكان وتفاعل معها ، فأبدع فلسفته .. فهم وحوار دائم بين االنسان والمكان .. الحياة ، النقيضين بين الحوار في تكمن المكان عبقرية الخلود في كانت االنسان في حضارته ..وفلسفة والموت المصري شخصية تتجسد ..هنا والبعث األخرى والحياة وقدرته على إبداع حضارة لم تقف عند إدراك المعطيات بل خرج منها إلى آفاق ما بعد الوجود ، إلى المطلق يلتمس هناك األبدية التي ال تعرف حدود للزمان أو للمكان .. كما

خرج من قبل من األزلية ..

رحلة من األزل إلى األبد .. من الفناء إلى الخلود ..

حوار بين وادي النهر وبين رمال الصحراء ..

بين الخير والشر ..

بين أوزوريس وست ..

تلك باالنسان ليعبر المصري أسطورة ويأتي حورس في الحدود والحوارات ..

هنا كانت رحلة النهر من الجنوب إلى الشمال منبع الوجود .. تتقاطع معها رحلة الحياة من الشرق إلى الغرب في نقاط

أستقرار وعبور لالنسان ورحلته وحواره ..

حركة حلقية يدور فيها االنسان لينتقل من حالة إلى حالة .. يعبر عندها شريان الحياة والوجود عند تلك النقاط يسجل

صورة األلھ اوزوریس بمعبد سیتي األول ـ ابیدوسفيها وبها تجربته ويبدع من خاللها عمارة المكان بمفهومه

األشمل من األزل إلى األبد ...

في عندها يعبر وأخرى الشرق في عندها يبدأ نقاط هي الغرب ... ال ينتهي عندها ، ولكن تتحول حركته من الحياة

إلى ما بعد الحياة .. من الوجود إلى الخلود ..

من هذه النقاط كانت منف وكانت أون وكانت طيبة .. عاصمة الدولة ومقر السلطة السياسية .

وكانت أبيدوس أو ابجو كما سماها المصري القديم .. العاصمة الدينية والعقائدية عند المصري القديم وقبلته في الرحلة والحوار .

ومن أبيدوس ينتسب ملوك األسرتين األولى والثانية في تاريخ الحضارة المصرية القديمة المسجل ، وباألحرى إلى مدينة ثس أو طينة التي هي نفسها أبيدوس .. وكانوا قد أتخذوا لهم عاصمة دنيوية للسلطة والدولة هي ” هيراكتيوس ” أوال

مشروع ..

تطویر منطقة أبیدوس األثریة

Page 33: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٣١

أبيدوس أو طينة ولكنهم دفنوا في بعد ذلك .. ثم ممفيس عاصمتهم الدينية ، ومحطة أرتحالهم من عالم الوجود إلى عالم الخلود ؛ وظل يدفن فيها الملوك حتى بدأ التحول في العقيدة وعمارتها الجنائزية أبتداء من األسرة الثالثة والتحول إلى الشمال لمنف وجبانتها .. ولكن أستمرت أبيدوس على مر العصور قبلة الحجاج ومزارا دينيا مقدسا للعامة والخاصة من ملوك مصر ، وال يكاد يخلو أثر في مصر من ذكر أسم

المدينة ومعبوداتها ومناظر الحج والزيارة إليها . أبيـدوس ... إذن هي المـزار كعبة المصري القديم وباب األبدية على مستوى المجتمع وقدس أقداس العالم القديم ؛ الوادى وعلى حافة الصحراء حيث وفي النهر كانت عند الخط الفاصل بين اليابس والرطب ، محور يواكب في توازي رحلة النهر من أعالي الجنوب إلى مصبه في الشمال ، فاصل

بين الوجود والخلود .. محور أو خط الخلود . لم تنفرد أبيدوس أو تخرج عن النسق ولكنها واحدة من تلك النقاط أو المحطات التي صاغها المصري على أمتداد هذا

الفاصل .تتحاور وتتجاور مع أهرام الجيزة وسقارة ودهشور ومعهم منف في الشمال .. ومع وادي الملوك ومعھم البحري والدیر والملكات كثيرا تعلو .. الجنوب في طیبة وتنسحب أحيانا ، ولكن تبقى هناك راسخة وقائمة تسجل ألوزوريس أسطورته ومن قبله ـ للمعبود ـ الذي حل مكان اإلله ” أوب واوات ” أو ” أوبرات ” ( على هيئة أبن وكان ، الطرق فاتح أي ( أوى اللبن الطوب من بدائي معبد له

في المكان الذي عرف فيما بعد بأسم ” حرم أوزوريس ” . وقد عرفت المنطقة بأنها مركز رئيسي عقائدي لرحلة الخلود .. وأخذ يحل مكان أوبرات معبود آخر هو المعبود ” خنتي أمنتيو ” أي أول سكان الغرب الذي كان له معبد في أبيدوس ، لم تستمر طويال أنه كان لخوفو ، ولكن عبادته ويعتقد حيث سرعان ما حلت محلها عبادة أوزوريس التي كانت أصال متصلة بدلتا النيل ، وخاصة مدينة ” تت ” أو ” دادو ” ، التي عرفت أيام األغريق بأسم ” بوزيريس ” ( أبو صير ) وأصبح أوزوريس يلقب بأول سكان الغرب ، وأنتشرت عبادته في المنطقة وأستمرت فترات التاريخ القديم ، وتبعا ألسطورة أوزوريس يعتقد أن أبيدوس مكان دفن رأس اآلله .. ونظرا لتلك المكانة الدينية والسياسية التي حظت بها المدينة باإلضافة إلى موقعها وموضعها على الخريطة الجغرافية

والعمرانية لمصر ، حرص جميع ملوك مصر القديمة على إقامة منشآت مدنية ودينية : حصون أو قالع أو منازل أو معابد ... ومقابر ، في مختلف العصور ، بدءا من عصور ما قبل التاريخ وحتى العصر البيزنطي ؛ وتركزت إقامة هذه المباني التاريخية فيما بين الجبل الغربي وحتى حافة الوادي الخصب ( محور أو خط الخلود ) ؛ كما حرص هؤالء على توسعة المعبد الكبير ألوزوريس وإضافة مبان وتحسينات إليه على التتابع ، كما فعل بيبي األول وبيبي الثاني من األسرة من ومنوحتب ، التاسعة األسرة من جيتي ثم ، السادسة األسرة الحادية عشر ، وسنوسرت من األسرة الثانية عشر الذي قام أيضا ببناء مركب مقدس ألوزوريس ، وكذلك بنى سنوسرت الثالث معبدا لنفسه حيث نحت قبرا صخريا هناك وزين معبد أوزوريس بالذهب وبتمثال جديد للمعبود ، وفي األسرة الثامنة عشر قام تحتمس الثالث بأعمال ترميم للمعبد ، كم أوقف تحتمس الرابع أرضا شاسعة على المعبد وخصص .. والطيور الحيوانات أضحيات من ثابتا دخال لمذابحه

أمنيته وكانت المصري وجدان في أبيدوس عاشت هكذا دوما أن يدفن هنا ليحظى بقدسية أوزوريس في رحلته إلى الحساب والخلود والبعث ، أو يتطلع لجسده على األقل حتى ما بعد الموت للحج إلى أبيدوس ثم العودة لمكان دفنه إذا كان في جهة أخرى ؛ وإذا لم يستطع هذا والذاك ، فيقيم له لوحة تذكارية أو أقل القليل إضافة إناء تذكاري في أبيدوس التي وجدت قبلة المصريين القدماء ، ومن تماثيل األفراد بأبيدوس تمثال عاجي الملك خوفو من الدولة القديمة ، ومن عصر الدولة الوسطى تمثال من الحجر الجيري الملون لـ ” سات حاتحور ” وتمثال خيتي من الجرانيت األسود وتمثال الثاني ... أحمس الكاهن ورئيس أطباء ” ” نف دي نت

موقع منطقة أبیدوس ( سنة ٢٠٠٤ )

Page 34: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٣٢

أبیدوس المــكان والعمـــران ..

كانت ثني عاصمة األقليم الثامن من أقاليم مصر العليا أطلق عليه المصريون القدماء ” تاور ” بمعنى األرض العظيمة ـ وقد وجد مانيتون المؤرخ المصري من الروايات مما يسمح له أن ينسب ملوك األسرة األولى والثانية لهذا األقليم فسماهم الملوك الثنيين ، ومنها خرج ملوك األسرة األولى حيث عمل أحدهمـ ميناـ على توحيد القطرين سنة ٣٢٠٠ قبل الميالد ، وكانت ثني أحدى المدن الثالث الكبرى آنذاك

: ” نخن ـ ثنى ـ آبت حج ” ..

وتعتبر أبيدوس ( أبدوـ أبجو ) جبانة ثني هي التوأم الديني لها وقد أحتفظت ببقاياها وشهرتها حتى أكثر مما أحتفظت به ثني نفسها ، وأستمرت من عصور ما قبل األسرات حوالي أربعة آالف قبل الميالد ، حتى العصور اليونانية والرومانية ، وحتى عهد األمبراطورالروماني جسستنيان الذي أمر بتدمير

معابدها وقتل كهنتها .. وعلى أمتداد رحلة الزمان آلالف السنين عرف للمكان حدوده ، نقطة على مسار ممتد من الجنوب إلى الشمال في توازي مع رحلة النهر ..

یرصد حركتھ وال یتقاطع معھ .. یحاوره وال یعترضــھ .. یجاوره وال یطابقـــــھ ..

عرفت أبيدوس هنا في الغرب عند هذا الخط الفاصل ،

الوادي األخضر ومن الغرب الهضبة يحدها من الشرق الصحراوية ومن الشمال و الجنوب كثبان رمال الصحراء الغربية معالم طبيعية فرضها المكان على اإلنسان فأبدع عنها

عمرانه ألبيدوس وعمارتها معابد جنازية ومقابر ومساكن طولها يقدر مساحة في ، وتذكاريات ولوحات ومقاصير بحوالي ٥ كم من الجنوب إلى الشمال وعرض ٢ كم من الشرق إلى الغرب وعلى أمتداد رحلة الزمان شهدت أبيدوس طفرات حضارية وعمرانية ، ونكسات ..... بلغت أبيدوس ذروتها تكرارا في الدولة القديمة والوسطى وحتى الحديثة ، ومن هذه الطفرات كان عهد سيتي األول ورمسيس الثاني

، وكان سنوسرت الثالث وأحمس األول ... وغيرهم .

وخالل هذه الطفرات وحتى النكسات كانت أبيدوس المزار موت بذكرى األحتفاليات سنويا عندها تقام .. والقبلة والوالء الحب في المصريون تسابق ، اوزوريس وبعث والبحث عن الخلود ... في يناير من كل عام كانت ذروة األحتفاليات ألبيدوس .. تواتر يتكرر كل عام للمكان والمعبود ، وتفرد قد يحدث مرة واحدة لالنسان في حياته أو حتى بعد .. .. فرصة نغتنمها حتى ال تضيع و نضيع عندها موته

صورة جویة ألبیدوس ( سنة ٢٠٠٤ ) ومازال قائما محور الخلود الفاصل بین الیابسة والصحراء

Page 35: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٣٣

يعتمد تطوير منطقة أبيدوس على الفهم الواعي لها وألنساقها للعمران والتطوير الحضارية ، لنخرج برؤية إستراتيجية معا .. بمنهجية متفاعلة مع تاريخ المكان ومعالمه ودوره

في حركة التاريخ والمجتمع ..

أبيدوس المزار .. نسق عمراني وإجتماعي وحضاري ، تغيرت مظاهره ولم يتغير جوهره تغير أسم المكان من « أبجو « إلى « أبيدوس « ، و لم يتغير المكان نفسه وجوهره ، كانت وأستمرت المزار والكعبة التي يحج إليها المصري

على أمتداد خمسة آالف سنة ...

وإحياء وتطوير المكان والتاريخ ينطلق من هناك حيث النسق والجوهر وإن أختلف المظهر أختلفت طبيعة الزيارة والزائر

، وتبقى معني الزيارة .. قديمـا ـ محطة ندخل إليها ومنها لنعبر الزمان ، يبحث

االنسان فيها عن الخلود وما بعد الحياة ..حديثا ـ أختراق للزمان إلى ما بعد الزمان ..

أكتشاف لعبقرية هذا االنسان وحضارته وفلسفته في الخلود والبقاء ..

أختراق آخر للزمان إلى ما بعد الزمان والتاريخ . ليست مجرد زيارة لمعالم وآثار القدماء ولكنها تجديد لجوهر إحياء من خالل العصر ومنهج بأسلوب المكان وعبقرية

ألحداث وأحتفاليات عرفها المكان واالنسان ..

وتتطلب هذه الرؤية العامة تحديد أهم األنساق لصياغة شاملة للتطوير .وأبیدوس بزخمھا الحضاري والتاریخي وأھمیتھا الغابرة في الزمان یتجلى فھم مورفولوجیة وجودھا من خالل

نسقین أساسیین : یرتبط أولھمــا .. بالمستوى األشمل لمصر ككل وجغرافیة

تكوینھا ... ویرتبط الثاني .. بالمستوى األخص ألبیدوس نفسھا ...

النسق األول .. الوادي ـ الصحراء ..

لنسیج مصر الجغرافي المشكلة الخطوط والخیوط تتوازى والعمراني والحضاري .. فإذا كان النیلـ النھر شریان الحیاة یجري في مساره الخطي من الجنوب إلى الشمال فیتوازى الوادي معھ بحدوده الفاصلة على حواف الصحراء ، و السیما في الغرب محاور متوازیة من الحیاة والبعث والخلود ویكتمل النسیج بحركة

متعامدة من الشرق إلى الغرب .. یشكل األتجاھان منظومة منسجمة تجسد فلسفة ورؤیة المعماري لعمارة القدیم المصري إلى ورسالتھ ، المكان المعماري المعاصر من

القدم وإلى األبد ..

أبیدوس على محور الخلود بین الوادي والصحراء

المدخل لتطویر منطقــــة أبیدوس األثریة ..

Page 36: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٣٤

النسق الثاني .. المـــــــزار ..

لھا نقاط الوجود إلى تخرج النسیج خطوط تتقاطع عندما أھمیتھا في عمران المجتمع وحضارتھ .

وتمثل في تفردھا وتجمعھا مناطق جذب عمراني في حدود موضعھا وموقعھا ودورھا في السیناریو األشمل للحضارة .

وتصبح بالتالي إما بطبیعتھا المدینیة حواضر وعواصم ..أو بطبیعتھا العقائدیة مزارات ...

ومن ھذه النقاط كانت أبیدوس مزارا عقائدیا للمصري القدیم ، وأستمرت مزارا حضاریا للمصري المعاصر ..

تزخر أبیدوس بزخم تراثي ومعماري وأثري یمتد على مدى عصورھا القدیمة عبر حوالي خمسة آالف سنة ..

ولم ینحصر ھذا الدور إال في العصور الرومانیة المتأخرة المعاصر لھا دوما حوارا حضاریا متجددا مع عالمھا كان حینئذ . و الیوم یمكن لھا أن تجدد من حوارھا بشكل مختلف ولكن بذات الفعالیة وھو ھنا أختیار محوري للتطویر یعتمد

على حتمیة التواصل مع الموروث الحضاري ؛وھو أختیار لھ وجھین :

األول في أحتیاج العالم المعاصر للتواصل التاریخي مع الموروث الحضاري ، والثاني أحتیاج مصر نفسھا ألن یكون لھا دور

فعال في تشكیل الحضارة المعاصرة یضمن لھا مستقبل متوازن مع ما كان لھا من مكانة عبر التاریخ القدیم والوسیط .

وأنطالقا من ھذا الدور یمكن إعادة رسم خریطة جدیدة لمنطقة التى خلفھا المعالم أھم أبیدوس األثریة نحدد علیھا مرحلیا لنا القدماء ، لنرسم رؤیة متجددة للبناء المورفولوجي للمكان في أطار النسقین األساسیین سالفي الذكر ، ونكتشف تواتر ذات األنساق العامة على المستوى الخاص ألبیدوس نفسھا : أبیدوس في عمومیتھا وشمولیتھا ھي اذا كانت ؛ بمعنى نقطة تقاطع بین محور متعامد یبدأ من الشرق عند النھر في الممتد الفاصل المحور وبین ، الغرب إتجاه الصحراء في من الجنوب إلى الشمال على حافة خط الوادي ـ الصحراء ألبیدوس المحلي المستوى على یتواتر النسق ھذا فإن ـ الوادي المحور ( نفسھا حیث نجد نقاط محلیة على ذات الغرب أتجاه تتعامد عندھا محاور محلیة تمتد الصحراء ) للمجھول ھناك إلى ما بعد الوادي .. ما بعد الحیاة والزمان . وفي أطار الدراسة الحالیة نحدد أربع محطات على سبیل الشامل العلمي المنھجي ولیس الحصر األثري التخصیص : المكاني التتابع حسب الجنوب إلى الشمال من وھي ..

•.. الزبیب شونة ــ السلطان كوم ـ أم الجعاب ..• معابد سیتي األول واألوزوریون ـ •.. الثالث سنوسرت مجموعة •.. األول أحــمــس مــجــمــوعــة

Page 37: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٣٥

األثریة أبیدوس منطقة لمعالم متنوعة صور سنة ١٩٢٩

Page 38: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٣٦

الدراسات الميدانية ومشاكل الوضع الراهن للمنطقة ..

تعتبر منطقة الدراسة مبدئیا كما أسلفنا المدخل لتطویر أبیدوس من العدید وموضعھا بموقعھا وتضم األولى مرحلتھا في من المحورالطولي المحورین تقاطع على األثریة المعالم الجنوب إلى الشمال و المتعامد معھ من الشرق إلى الغرب عند معبدي سیتي االول واالوزیریون ، حیث یمتد المحور الطولي إلى معابد رمسیس األول والثاني والرابع ، كما یعبر .... الجعاب أم إلى بوابة الصحراء المتعامد من المحور

وتعاني تلك المنطقة من مجموعة من المشاكل والسلبیات أظھرتھا الدراسات المیدانیة وأعمال الرفع المساحي والبصري ، ونحدد من تلك المشاكل عمرانیا وبصریا ، على سبیل المثال ولیس الحصر :

تعدیات المناطق السكنیة داخل الحرم األثري . • أرتفاع منسوب المیاه الجوفیة وتحت السطحیة. • تراكم الردیم والمخلفات حول المعابد لما یزید عن خمسة •

عشر مترا أحیانا .فقدان الصورة التاریخیة األصلیة للمنطقة .• غیاب الصورة المعماریة األصلیة لعالقة المعابد القائمة •

في منظومة متتابعة .تدني الحالة األثریة للمعابد ذاتھا واألحتیاج الحتمي والسریع •

ألعمال الترمیم العلمي .إختفاء معالم معبدي رمسیس االول والرابع وأھمیة الكشف •

عن الغائب منھما .إنعدام رؤیة لحركة الزائرین لمعالم المنطقة وعدم توفیر •

معلومات إسترشادیة بھا .صعویة تأمین المنطقة .•

الوضع • وسوء المحیطة للبیئة العمراني الوضع تدني المعیشي للمجتمع المحلي .

فقدان المنطقة للخدمات األساسیة لخدمة الزائرین .• عدم توافر مناطق مخططة ألنتظار السیارات واألتوبیسات •

السیاحیة وغیرھا .عدم وجود مخطط للمنطقة یجمع كافة األستكشافات وأعمال •

التنقیب والحفریات الجاریة .كانت أن بعد أبیدوس من المشاكل وغیرھا جعل ھذه كل كعبة المصري القدیم وعاصمتھ الدینیة والمزار الذي یتطلع أن یصل إلیھا ، أصبحت الیوم الحاضر الغائب عن حیاتنا الثقافیة والتاریخیة وبالتالي الحضاریة ؛ وھو الدافع األساسي لمشروع التطویر المقترح إستكماال لمجھودات سابقة ، ومقدمة ألعمال تنمیة وتطویر قادمة ضمن رؤیة إستراتیجیة عامة للنھوض بأبیدوس ومجالھا الحضاري والعمراني المجتمعي ..

للمشاكل صور والبیئیة العمرانیة وحول داخل األثریة المواقع في منطقة أبیدوس

Page 39: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٣٧

الرؤية العمرانية لتطوير منطقة أبيدوس األثرية ..

تعتمد الرؤیة العمرانیة على الفھم الدقیق لطبیعة المنطقة وفي إطار نسقي عمارة المكان ، وھنا نستقرأ حدث الزیارة للبحث

عن الخلود أو الخروج إلى ما وراء الزمان والتاریخ .. رحلة من الوادي إلى الصحراء ..

رحلة اإلنسان إلى األبدیة والمجھول ..وھي لیست بالضرورة زیارة عقائدیة كما كانت ولكنھا قد

تكون حضاریة ثقافیة .. ونحدد مالمح ھذه الرؤیة فیما یلي :

أوالـ األنشطة الحضاریة والثقافیة الدائمة .. والمناسبة للمكان المتناغمة معھ وتمثل تلك نقاط ومحاور جذب داخل منطقة الدراسة للتفاعل االیجابي بین الزائرین أو الوافدین إلیھا أو المارین بھا و بین المكان ذاتھ .. ومن ھذه األنشطة الدائمة :المراكز المتحفیة و التراثیة و العلمیة .. وھي قد تشمل متحف عام لتاریخ أبیدوس باإلضافة إلى عدد من المتاحف المتخصصة فیما یسمى متاحف المواقع لكل نقطة في اطارالشبكة العمرانیة

والثقافیة للمنطقة على سبیل المثال : متحف المراكب الملكیة• متحف شونة الزبیب وكوم السلطان • متحف مومیاوات الحیوانات والطیور• متحف اوزوریس• متحف ام الجعاب• متحف مجموعة سنوسرت • متحف مجموعة احمس ....• المراكز البحثیة و الدراسیة .. و ھى •

قد تشمل : ومركز للترمیم معمل ومركز و مدرسة للبعثات األثریة و مكتبة متخصصة وخان لسكنى وخدمة الباحثین و المھتمین .... االستعماالت النوعیة وتشمل االدارة ومركز الحرفیة تجارى لخدمة الزائرین واحیاء والخدمات بالمنطقة التقلیدیة االنتاجیة و دخول نقاط و الكافیتیریا من التكمیلیة أمن و تذاكر وأنتظار لألتوبیسات والسیارات

وخدماتھا....إلخ أعمال الترمیم الدقیق والمعمارى للعناصر والمفردات األثریة والتراثیة وكذلك أعمال الحفریات ألستكمال الكشف عن الغائب أو

المجھول منھا.شبكة مجموعھا فى المراكز ھنا وتمثل

متكاملة ومتتابعة فى سیناریو عام شامل یمتد على أمتداد المتعامد أو الصحراء الوادى .. المحورى الفاصل الخط المكان لعمران الجغرافى التاریخى- المحور ھو و ، منھ وبالتالى لتنمیة و تطویر المنطقة والمناطق األخرى الواقعة علیھ فى المتابعة التاریخیة من سقارة الى الدیر البحرى ..

أو من منف الى طیبة .ثانیا ـ األنشطة الثقافیة الرسمیة واألحتفالیة .. وھي نمط یعتمد على ، لھ السابق ومكمل للنمط مواز لألنشطة آخر المنطقة وعاشتھا تعرفھا التى األحتفالیات أستقراء إعادة وتحدیث وأستحداث أنشطة جدیدة متوائمة معاصرة ، وھنا أن یمكن أو والثقافى األسطورى الطابع االحتفالیات تأخذ

نقول التراثى الفنى أو الفكرى . وتتحقق أھداف التطویر الممكنة من خالل تخصیص محور واستقبال لتوطین المراكزالدائمة او المواقع عند أكثر أو تلك االحتفالیات ، ومن المقترح أن تكون نقطة االرتكاز عند معبد سیتي األول باعتبارھا كذلك المدخل الرئیسى لمجموعة النقاط الشاملة لمنطقة أبیدوس محل الدراسة و محل التجمع

المخطط الھیكلي للرؤیة العمرانیة تطویر منطقة أبیدوس األثریة

Page 40: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٣٨

األساسى لمراكز النمط السابق وھى لذلك عمرانیا وتاریخیا نقطة االتصال بالطریق القادم من الشرق لخدمة المعبد من

النیل ،وقد تتمثل تلك االحتفالیات في ..عایدة • أوبرا نمط على فنیة و ثقافیة سنویة احتفالیة

تخصص أو تصمم خصیصا عن أسـطورة أوزوریس فى الحضارة المصریة .

مھرجانات محلیة واقلیمیة ودولیة متخصصة حول التراث • والفنون والسیما المرتـبطة بالمنطقة األثریة ألبیدوس .

ورش عمل حرفیة وبحثیة عن الترمیم األثري الدقیق • أو المعماري ، أو الحفائر ، أو العمارة الجنائزیة ... أو غیرھا ، على نمط الملتقیات الدوریة ـ السیمبوزیوم

أو البینالي أو ...المؤتمرات المتخصصة والندوات العلمیة .•

وتتطلب تلك األحتفالیات واألنشطة نوعین من الفراغات ، أولھما فراغ مسرحي مفتوح یمكن أعداده وتجھیزه ألستقبال ھذه األنماط األنتفاعیة ، باإلضافة إلى قاعة أخرى متعددة األستعماالت مخصصة لھذه األغراض قد تكون ضمن برنامج مركز إطار في أو المقترح العام أبیدوس متحف أنشطة

الزوار المقترح لخدمة المنطقة .الرؤية المعمارية لتطوير منطقة أبيدوس ...

يحدد المشروع الشامل المحور الرئيسي الفاصل بين الوادي والصحراء ، والمحاور المتعامدة ضمن حدود منطقة الدراسة ، ورسم الصورة العامة لتحقيق وبناء المراكز المشار إليها كنقط جذب ثقافي في إطار األختيار األستراتيجي لتطوير مزارات أبيدوس األثرية ، ونقترح أن يقوم المشروع على

مستويين متوازيين :

التخطیط الشامل للمنطقة ومحاورھا .. ویشمل ھذا المشروع . ١باإلضافة إلى المخططات العامة لألستعماالت للمجال العمراني السكني للمنطقة األثریة ، والمخططات التفصیلیة العمرانیة ، وكذلك للشبكات والخدمات واألشتراطات

المشروعات العمرانیة لتطویر یتفرع عنھ ، المحور وما ھذا وذلك ضمن برامج وخطط زمنیة على التوازي أو على التوالي مع تلك وتنفیذ إعداد آلیات تحدید المراحل وما یترتب علیھا من مشروعات بالتعاون مع المجتمع المحلي .. وحددنا مبدئیا أربع نقاط تنمویة على ھذا المحور أرتبطت تاریخیا ومكانیا باألعصاب أو

المحاور المتعامدة عند : كوم السلطان ـ شونة الزبیب .معبد سیتي األول ـ أم الجعاب .

مجموعة سونسرت الثالث .مجموعة أحمس .

أختیار منطقة عمل نموذجیة یبدأ عندھا المشروع ، وتكتسب . ٢منطقة معبد سیتي األول ـ أم الجعاب ـ كوم السلطان ، ھذا المثلث األثري ، أھمیة وأولویة في تدرج أولویات

الجذب في إطار الرؤیة الشاملة للمنطقة .المرحلة األولى لتطوير منطقة أبيدوس األثرية ..

إن ما تحملھ أى منطقة تراثیة أو أثریة من زخم حضارى یمثل للحضاري المبدع الطاقة الكامنة الملھمة البداعیاتھ التصمیمیة ، وھو ما یمكن أن یقدمھ فى تعبیرات ، وتراكیب معماریة وعمرانیة فاعلة ، وفعالیات دینامیكیة ال تخرج على القائم من علیھ تتعدى وال تحترمھ لھ مقدمة ھى بل والموجود حیث الشكل أو المضمون ، تواصل بین الرؤیة اإلستراتیجیة

والرؤیة المعماریة .. والھدف من ذلك التوازن والتزامن بین الفكر والتصمیم ، یقترب فیھ المعمارى المصمم أن یكون فى خدمة المكان واالنسان ..

ولیس متسلطا علویا أو فوقیا على المكان والزمان .. وھنا تكتمل الدائرة و یصبح االنسان فى حالة من االدراك بین الفاعل و المتفاعل حالة بین الفعل ورد الفعل نحترم فیھا العقل ونستثیر الحواس .. دونما تلقین أو تقلید وإن كانت ھى فى إجمالیاتھا مقننة بحكم المكان والزمان و برؤیة المعمارى

المبدع .

وال تقف الرؤیة المعماریة والعمرانیة عند حدود أو فرضیات مسبقة ، فإنھ ال یحد خیال المصمم في وضع تصوراتھ اإلبداعیة لعمارة المكان إال المكان نفسھ .. وقراءة المبدع لتلك الطاقات الكامنة فیھ ، وفي حدود الرؤیة العامة للدولة والمجتمع في

تعاملھما مع فكرة تطویر وتنمیة المنطقة .

Page 41: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٣٩

والموقع العام المقترح للمرحلة األولى لمنطقة العمل النموذجیة یبدأ عند منطقة معبد سیتي األولـ أم الجعابـ كوم السلطان ، ویعتمد البناء العام لتطویر الموقع العام على اعادة الكشف عن الصورة الحضاریة والتاریخیة بھدف إحیاء نسقي العمران للمكان وأستعادة أبیدوس لمكانتھا كمزار من جدید ثقافیا وحضاریا ، و یبدأ تطویر الموقع العام للمرحلة االولى للمنطقة ما بین

معبد سیتي االول وحتى معبد رمسیس الرابع .

ویشتمل الموقع العام للتطویر على العناصر العمرانیة والمعماریة التالیة ..

نقطة الوصول و المدخل البصري األول للمنطقة حیث • تنتھي حركة اآللیات و تبدأ رحلة الزیارة ، و عندھا تنفتح بانوراما بصریة كأول نقطة مشاھدة لمعبد سیتي االول ینزل عندھا الزائر تدریجیا الى منسوب المنطقة االثریة .

مسار الدخول المحوري و یتمتع بزوایا بصریة تقترب • منھ جزء لتغطیة امكانیة ھناك و المعبد من تدریجیا ببرجوالت خفیفة ال تعیق الرؤیة و توفر بعض الظالل .

مركز استقبال الزائرین ـ النقطة الثانیة للدخول المادي • لمنطقة الزیارة و یضم مكتب التذاكر و االمن و صالة الدخول و الخدمات النوعیة للسیاحة و الحمامات ، باالضافة الى مركز للمعلومات و قاعة العرض و كافیتریا تنفتح

مباشرة على بانوراما المعبد .ساحة المدخل االمامیة و ھي متدرجة لحل اشكالیة فرق المناسیب •

و توظیفھا لخدمة و راحة الزائرین مع امكانیة االستفادة منھا في العروض الثقافیة ، و تتمیز بمحوریة مباشرة مع معبد سیتي االول و عندھا تنفتح البانوراما لتتسع لسائر معالم المنطقة و خاصة معبد رمسیس الثاني في عمق الرؤیة البصریة .

نقطة المشاھدة الرئیسیة الثالثة و عندھا و بھا تبدأ زیارة معبد • سیتي االول اھم المعالم االثریة في المجموعة بمنطقة الدراسة .

یتحرك مسار الزیارة لیھبط الى زیارة معبد االوزیریون و منھ یخرج في مساره القدیم في اتجاه الشمال نحو معبد رمسیس المعبد لبانوراما الرابعة المشاھدة الثاني و ھنا تكون نقطة مع امكانیة مشاھدة معبد رمسیس االول بعد الكشف عنھ .

یتجھ مسار الحركة لزیارة معبد رمسیس الثاني وعنده تكون الرابع لمعبد رمسیس تنفتح شماال الخامسة المشاھدة نقطة سیتي لمعبد جنوبا تنفتح كما ، الزبیب شونة حتى وتمتد

واالوزیریون وأم الجعاب .الرابع رمسیس معبد عند مرحلیا لیتوقف المسار یستمر . للمجموعة الشاملة للبانوراما السادسة المشاھدة نقطة و

تبدأ رحلة العودة في مسار محوري عكسي من الشمال إلى الجنوب یمر بمعبد رمسیس األول لتكتمل بھ زیارة المنطقة و معالمھا االثریة .یكمل المسار والزائر حركتھ خروجا في اتجاه مناطق انتظار السیارات والحافالت خارج المنطقة ومن المقترح تطویر وتنمیة مجموعة من البازارات في اطار المباني القائمة لخدمة الزائرین دونما أیة تداخل مع الحرم األثري أحتراما للبعد الحضاري للمنطقة واألرتقاء بالبیئة المحیطة والمجتمع المحلي المباشر .

Page 42: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٤٠ الصورة والرؤیة العامة لتطویر ساحة ومدخل معبد سیتي األول

Page 43: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٤١

المنظومة الھندسیة .. لعمارة المكان ..

المنظومة الھندسیة لعمارة المكان تتخطى المبنى المفرد لتجمع الكل في واحد یحكمھ قانون فراغي معماري حددتھ إباعیة المصمم األول وتتوارثھ أجیال من المعماریین تفاعلت معھ وأبدعت من خاللھ عمارتھا ھم ونحن لیشھد التاریخ ویدور الزمان .. ویبقى المكان والعمارة واالنسان .. وحضارة المصري .

المنظومة الھندسیة لعمارة المكان

Page 44: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٤٢

المرحلة األولى لتطوير منطقة أبيدوس

إن تطویر المنطقة في األطار المقترح یتطلب مجموعة من الخطوات واالجراءات التنفیذیة نعتمد علیھا في تحقیق الرؤیة

الحضاریة ألبیدوس ونحدد من تلك المتطلبات ما یلي ..فتح المجال البصري و العمراني و الكشف عن المنظومة •

بین معابد المنطقة من خالل ..استمالك المساكن غیر المأھولة داخل الحرم االثري و •

مربعا آالف مترا تسعة حوالي إجمالي مساحتھا یبلغ تضم حوالي خمس و ثمانون مسكنا .

إزالة الردیم والمخلفات حول المعابد وما بینھا للوصول • والكشف عن الصورة االصلیة لتلك المنظومة األثریة .

الكشف عن المجھول من معالم معبدي رمسیس األول و • الرابع و غیرھما ..

المواجھة لمدخل معبد سیتي • الفضاء االرض استمالك یبلغ اجمالي مساحتھا حوالي ثالثة آالف و االول و

خمسمائة مترا مربعا .

عند • األثریة المجموعة لمدخل األمامیة الساحة تطویر بدایة لرحلة الزیارة وتتضمن معبد سیتي األول كنقطة مركز أستقبال الزوار والساحة المفتوحة لبانوراما المنطقة باإلضافة إلى تطویر مداخل المنطقة و توفیر خدمات

الزائرین واماكن انتظار السیارات السیاحیة .المیاه • منسوب لخفض متكامل مشروع تنفیذ و اعداد

الجوفیة و تحت السطحیة .تنظیم موقع الزیارة و مسارات الحركة بین المعالم االثریة •

في ضوء ما یتم الكشف عنھ .االثریة • المعالم لكافة الشامل الترمیم اعمال في البدء

بالمنطقة حل الدراسة .تحدید و تأمین المنطقة و عمل االسوار الالزمة للحمایة •

و منع التعدیات .و • كافة االستكشافات یجمع للمنطقة وضع مخطط عام

االعمال الجاریة و تحدیثھ دوریا .

Page 45: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٤٣

الخـــــــــــاتمة ..

المناطق تطوير في فلسفتنا أن أشرنا كما التراثية واألثرية والتاريخية عموما تعتمد على إستقراء أنساق عمارة ذات المكان الموجود به تلك الموروثات ، وأكتشاف الطاقات الكامنة المتمثلة في المنظومات الهندسية التي تعطي للموجود وجوده وقيمته ؛ ثم صياغة عمارة ذات المكان أو مجاله العمراني اليوم من خاللها ، لنتواصل مع القيمة المطلقة الماثلة في تلك المنظومات .. ومن هذه الرؤية كان مشروع تطوير منطقة أبيدوس األثرية . وجاري تنفيذ المشروع وعلى وشك المرحلة األولى من نهوها لتكون النواة والبداية ألستكمال تطوير العمراني مجالها في التنمية ودفع المنطقة المجتمعية الموائمة يحقق بما والمجتمعي والتقدم بالمجتمع المحلي ليكتسب من هويته وتراثه قيمة وطاقة فاعلة لألرتقاء الذاتي .. الموروثات لتلك نضمن أخرى جهة ومن األستمرارية أن تلعب ذات الدور الحضاري لألجيال القادمة ، وهنا تكتمل أحدى حلقات

التنمية واألستمرارية .

صور لتنفیذ تطویر منطقة أبیدوس األثریة - المرحلة األولى

Page 46: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٤٤

رفعة الجادرجي فیلسوف العمارة ..

معماري وفنان تشكيلي عراقي ولد سنة ١٩٢٦ في بغداد وحصل على دبلوم البريطانية سنة والفنون» المعمارية من مدرسة «همرسمث للحرف الهندسة ١٩٥٠ ؛ والمقدس عنده هو حرية الفرد وأنه ال إمام سوى العقل ، وهو معاصر ينظر إلى الماضي في سبيل التطلع للمستقبل ، ومتذوق للموسيقى وللمسرح يدرس ، والوجداني الفلسفي الهم في منهمك .. مبدع فوتوغرافي ومصور العناصر الفلسفية الوجدانية في كتبه ليوثق افكار العمارة وتداعياتها ، مصطدما التي الفكرة أفق األجتماعي وبضيق وبالتحرز مرة للمجتمع الديني بالمعتقد تسود المجتمع مرة أخرى ، إنه يرى العمارة محتوى الذات وأفق المجتمع

ومنجزاته الحضارية ..

حصل على جائزة أغاخان للعمارة في سنة ١٩٨٦ ..

وحصد جائزة الشيخ زايد للكتاب عن فئة الفنون عن كتابه “ في سببية وجدلية العمارة “ في سنة ٢٠٠٨ .

طارق والي

قراءة نحو نظریة

'' جدلیــــــة العمـارة '' في كتب رفعة الجــادرجـــي ..

Page 47: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٤٥

'' كان أھتمامي منصبا على إیجاد أسلوب مالئم لمعمار اعتماد ھي االنطالق نقطة وكانت ، معاصر عربي الحوار المستمر بین المعماریین والرسامین والنحاتین

والمفكرین العرب .

وكان السؤال عما إذا كان من الضرورة أن یظل الفن المعماري عندنا عرضة لألفكار الغربیة األوروبیة أم الطبیعیة والتقالید المحلیة بالبیئة یتأثر أن علیھ أن

والمواد المتوافرة .

التقلیدي المعمار من أتعلم بدأت فقد لي وبالنسبة وأحاول أن أتوصل إلى المواءمة ما بین األشكال التقلیدیة

والحضور الحتمي للتكنولوجیا الحدیثة .

كان ھدفي ینحصر في خلق معمار ینسجم مع الواقع المكاني الذي یشید فیھ ، وأن ال یسمح بالتضحیة بشيء جوھري لصالح اإلمكانیات التكنولوجیة الحدیثة . وفي الوقت نفسھ كنت مھتما بفھم وتحلیل التفكیر القائم

في الطرق التقلیدیة للسیطرة الطبیعیة ''

ویقول : '' إن أھتمامي الحالي ینصب على الرغبة في تطویر أكثر للنزعة التجریدیة في األشكال التقلیدیة المحلیة والقومیة وقیمھا الجمالیة بمعزل عن المفھوم

اإلنشائي ''

الجادرجي عمل منذ تخرجه في مكتب ”االستشاري العراقي“ الذي أسسه عام ١٩٥٢ وتابع نشاطه فيه حتى سنة ١٩٧٨ ، حين تفرغ للنشاط األكاديمي ؛ درس كأستاذ زائر بجامعة هارفارد ١٩٨٤ـ١٩٩٢، وأستاذا زائرا بجامعة لندن١٩٨٢ ـ ١٩٩٢. وفي غضون ذلك كان محاضرا في فلسفة الفن والعمارة واألنثروبولوجيا وعلم االجتماع ، سنة ١٩٩٣ أسس ”مركز أبحاث الجادرجي“ وتفرغ للبحث في فلسفة ونظرية العمارة ، سنة ١٩٩٩ أسس ”مؤسسة الجادرجي“ باالشتراك

مع نقابة المهندسين في بيروت ورابطة المعماريين .

ألف الجادرجي العديد من الكتب حول العمارة ، ومعظم كتاباته تحاول الجمع بين التنظير الفلسفي المعماري وبين الحاجات والشروط البيئية والمحلية التي تحتضن تلك األطروحات ، فضال عن إيالء التركيبة االجتماعية العمرانية للعالم العربي أهمية خاصة ؛ منها : ''شارع طه وهامرسمث'' ١٩٨٥ ، و''األخيضر والقصر البلوري'' ١٩٩١، و''صورة أب'' ١٩٩١ ، و''حوار في بنيوية الفن والعمارة'' ١٩٩٥ ، و''المسؤولية االجتماعية لدور المعمار أو المعمار المسؤول'' ١٩٩٩ ، و''مقام الجلوس في بيت عارف آغا'' ٢٠٠١ ، و''في سببية وجدلية العمارة'' ٢٠٠٦ ، إضافة إلى ''جدار بين ظلمتين''

. ٢٠٠٨وتتحدد الرؤیة الفلسفیة للجادرجي من خالل ممارستھ المھنیة وكتاباتھ التنظیریة في العمارة فیقول :

. ویرى الجادرجي أن ھناك عالقة بین التنظیر والممارسة ، وعلى المعماري أن یسخر التنظیر في التصمیم ، ألن رؤیتنا ألي شيء تحصل عن طریق المعرفة السابقة ولیس مجردا منھا .. فدون تنظیرالعالقة تفاعلیة بین المتلقي والمعماري

تصبح العمارة رتیبة وسقیمة إذا لم تعتمد على فھم المكان والزمان واإلطار البیئي والجغرافي .

والممارسة عنده تفاعل بین الفكر والمطلب االجتماعي منذ بدایتھ سنة ١٩٥٢ وتأسیسھ نظریة '' جدلیة العمارة '' التي شكلت القاعدة إلى التنظیر في العمارة .

Page 48: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٤٦

المطلب األجتماعي في العمارة ..

قد تكون المطالب األجتماعیة ھي أفكار البنیة الفوقیة التي تحتاج إلى نشر بواسطة العمارة ؛ وأن تكون ھي المتطلبات المادیة ، أي التحقیق المادي للعالقات األجتماعیة بصیغة العمارة .

بمعنى العالقة بین انسان وانسان ؛ إن الملوك ما عاشوا قط في ظل ظروف معماریة مشابھة لظروف عبیدھم ، وال عاش الفالح في ظل ظروف معماریة مشابھة لظروف الصانع في

المدینة ..

كذلك العالقة بین األنسان والطبیعة ، فعمارة ساحل البحر لیست متماثلة مع عمارة الریف ، وال عمارة القریة متماثلة مع عمارة المدینة ، ومناطق الغابات تنتج عمارة مختلفة عما

تنتجھ المناطق الحجریة أو البركانیة ..

كل واحدة من ھذه تتطلب من االنسان ظرفا معماریا مختلفا ؛ بعبارة أخرى فإن للمطلب األجتماعي في العمارة جانبین : الجانب العقائدي والجانب المادي ، واألول یتكیف من قبل البنیة الفوقیة لمرحلتھا ، والتي تشتمل على أفكار ومخیلة تلك الحقبة ، والثاني یتكیف بقاعدة المرحلة ومتطلبات األنتاج فیھا

التقنیــة في العمارة ..ال یكفي أن نسأل لماذا أنتجت عمارة ما ، بل المھم كیف أنتجت ؟ ، ذلك أنھ بالنتیجة ال یتحدد المطلب األجتماعي في العمارة لوحده بمرحلة تطور األنتاج عموما ، بل تتحدد كذلك ، وعلى األخص ، الوسیلة التي بھا أمكن تحقیق المتطلبات للمطلب األجتماعي لیبلغ أقصى غایتھ في تلك المرحلة المعینة . فإننا إذا أخذنا بنظر األعتبار المطلب األجتماعي ، أي متطلباتھ العقائدیة والمادیة معا ، وتجاھلنا التقنیة المطلوبة التي تحققھ دراستنا فإن ، العمل ودقة والسرعة والموضع البعد في ستكون أحادیة الجانب . إن المطلب األجتماعي في العمارة ھو أحد القطبین ، والقطب المواجھ لھ ھو القوى األنتاجیة لتلك المرحلة ـ الناس ، مھارتھم ، ووسائل األنتاج ـ كلما

حدث تناقض بین قطب وآخر .

أطروحة الجادرجي التي كتبھا سنة ١٩٥١ ،ونقحھا سنة ١٩٥٨ ،ونشرھا في كتابھ '' شارع طھ وھامرسمث '' سنة ١٩٨٥ ،وكانت المانفستو المھني والفلسفي ، التظیري والتطبیقي للمعماري على مدى حیاتھ وممارستھ وإنتاجھ المعماري وكتبھ ..

نظریــــــــــة جدلیـــة العمـــــــارة ..

مقدمة ..

إن تاریخ العمارة في جوھرة ھو تاریخ التناقض بین المطلب األجتماعي والمرحلة التقنیة لتلك المرحلة . فالعمارة ھي العلم الذي یتناول حاجة إنسانیة معینة ، إنھ العلم الذي یتناول األیواء والتحویط بشكل أو بآخر ، لحاجات یكیفھا المجتمع ، بعبارة أخرى العمارة كقیمة

مادیة ھي جزء من القاعدة ، جزء من األنتاج .

إضافة إلى ذلك ، فإنھا العلم الذي یتناول أفكار البنیة الفوقیة بصیاغتھا في شكل مخصوص ؛ وھذا الشكل یعكس ویتخذ دورا فعاال في صیاغة أفكار القاعدة االجتماعیة ؛ أي أن العمارة كفكرة ھي أحد عوامل البنیة الفوقیة . لھذا فمن الواضح أن للعمارة جانبین : األول أنھا قیمة مادیة ولذا فإن أنتاجھا ، أي البناء ، یجب أعتباره كجزء من األنتاج العام ، واآلخر أنھا فكرة ولذا فإن إنتاجھا یجب أعتباره كجزء من البنیة الفوقیة . فإذا حصل تجاھل ألي من ھذین األتجاھین أو لم نوف قیمتھا األجتماعیة كامال ، فإن نظریة العمارة تضحى آحادیة الجانب ومغالیة ، وھذان الجانبان ھما وجھان لنفس الظاھرة األجتماعیة ، العمــــــارة .

Page 49: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٤٧

التنـاقض الجدلــــي في العمـــــارة ..ثمة مفھومان أساسیان للتطور ، األول المفھوم المیكانیكي الذي یعتبر التطور بمثابة زیادة بسیطة ، تكرار بسیط ، وتراكم ومزج لألشیاء الموجودة سلفا ، لذا فإن ھذا المفھوم غیر قادر على تفسیر نشوء الجدید من القدیم ، كیفیة وسبب مجئ عملیة ما لحیز الوجود ، كیفیة تطور التغییر الكمي إلى تغییر نوعي وبالنھایة فإنھ سیطلب العون من شئ خارجي ، عن العملیات المادیة الفعلیة ، ولذا فإنھ بشكل أو بآخر یدخل الظاھرة غیر المرئیة في عملیات تطور المادة .. والثاني المفھوم المادي الجدلي ، المفھوم الذي ینطلق من وجھة نظر تفید بأن كل شئ یتطور بواسطة نزاع بین أضداده بواسطة فصل ، أنقسام ، لكل وحدة إلى أضداد قائمة بذاتھا بشكل متبادل ... إنھ یقتضي التغلغل في أعماق عملیة مخصوصة ، والكشف عن القوانین الداخلیة التي ھي مسئولة عن تطور تلك العملیة ، ھذا المفھوم یبتغي اسباب التطور لیس خارج العملیة ، بل بباطنھا ذاتھا ، إنھ ینبغي أساسا الكشف عن مصدر الحركة الذاتیة للعملیة .. لذا فال یكفي أكتشاف التناقض األساسي في العمارة ، بین المطلب األجتماعي والمرحلة التقنیة ، كما أن من المھم على السواء أكتشاف التناقض الباطني للتناقضات الخاصة والعامة ال بل أكثر ، فمن بین مئات التناقضات الخاصة یجب تشخیص التناقض الرئیسي األساسي والجوھري ، وكل تناقض خاص یجب تصنیفھ حسب الدور الذي یتخذه في الظاھرة موضوع الفحص . ولیس كل وحدة تحوي لذاتھا أضداد قطبیة ، بل أن ھذه األضداد مترابطة بصورة متبادلة بعضھا ببعض ، إن جانبا واحدا من تناقض ال یمكنھ البقاء بدون اآلخر ... ، إن األنحالل المقابل فعلھ ثمة عمل میكانیكي بدون لیس الكیمیاوي للذرات مرتبط بشكل ال ینفصم مع أتحادھا ، والطاقة ـ كتقابلة كھربائیة شكل على نفسھا عن تفصح الكھربائیة إیجابیة وسلبیة . وإن التجوال األجتماعي ، تجوال االنسان داخل التحویط لبنایة ما ال یمكن أن یتحقق في العمارة بدون سبق وجود التحویط أو المنشأ ، والعكس بالعكس ، فإن المنشأ ، الجانب اآلخر من التناقض ال یمكن أن یوجد بدون المطلب األجتماعي ؛ إن المنشأ والتجوال األجتماعي ھما ضدان وفي توحدھما ونزاعھما تعثر على مصدر وجودھما وفنائھما ..

: التالي النحو على نفسھا تظھر العمارة جدلیة إن األجتماعي • المطلب یقرره ما لبنایة الطبیعي الموضع

.. جانبان لھ التناقض وھذا . التقنیة مع بتناقضھ ،

إن المطلب األجتماعي لبنایة ما یقرره موضعھا األجتماعي • على وقوعھا قرب أو نھر من كقربھا ، الجغرافي ـ قریة من جھة أو مدینة أو في ، ...الخ من جھة جبل

كالطین البناء مواد توفر یقرر الجانب ھذا ، أخرى والحجر والخشب ... الخ ویقرر العالقة األجتماعیة بین ھذه من تنتفع مضادا قطبا بأعتبارھا ، وأخرى بنایة المواد الموجودة ، فتتقدم البنایة المعینة وفق موضعھا.

الطبیعة الخاصة لموقع البنایة : الطین الرمل الحجر ... الخ ، والتقنیة • تحل مسألة الموقع لتلك البنایة في موضعھا ذاك المخصوص .

التجوال األجتماعي ، أي حركة الناس المشروطة أجتماعیا • ، وذلك من ناحیة عالقة االنسان بالطبیعة وعالقة االنسان باالنسان معا ، ھو في بنایة ما ، القطب المضاد للتقنیة في حل متطلبات ھذا التجوال : نمط مختلف من التحویط مثال یكون مطلوبا لمعمل دون البیت ؛ في البیت االنسان مشروط بعالقة االنسان باالنسان وعالقة االنسان بالطبیعة التناقض ھذا ، تقنیا الممكن للتحویط مضاد كقطب ،ھو ھذا ، البیت في الخ ... الغرف وعدد یقرر حجم تناقض التجوال األنساني ، كضد ، للمنشأ الممكن تقنیا .

عالقة النوافذ الضروریة أجتماعیا ، الناحیة الصحیة ، الناحیة • العقائدیة والمادیة في تناقض مع التقنیة المطلوبة ألشباع ھذه الحاجات . إن التطور التقني للنافذة القوطیة ، مثال ، قد حتمتھ أجتماعیا مفاھیم صحیة أفضل وأمن أجتماعي أكبر ، وأستعمال النافذة ألغراض عقائدیة ( أي الزجاج الملون ) .

إن الحاجة العقائدیة الضروریة إجتماعیا في تناقض مع • التقنیة ـ ھذا التناقض ال یشترط فقط التجوال الفعلي العام ... بل ینطوي كذلك الزمنیة للحقبة الحیز أو مفھوم ،على النشر المباشر ألفكار الحقبة ، مثل النحت والزجاج الملون واألعمدة المذھبة والتیجان والزخارف عامة ...

األشكال القائمة سلفا بالتناقض مع أنتاج شكل جدید ، أي • الشكل القائم سلفا ، أستیعاب وأستعارة األشكال بالتناقض القائمة القدیمة التقنیة ، بالعكس والعكس ، التقنیة مع مع أنتاج أشكال جدیدة ، وأشكال مستوعبة أو مستعارة األشكال أستمراریة إن . المحتوى عامل یقتضیھ كما أو أستعارة األشكال القدیمة المطلوبة من قبل المحتوى ، المطالب المادیة والعقائدیة معا للقاعدة والبنیة الفوقیة للمجتمع ـ كنتیجة إما لتخلف أفكار قدیمة أو التزامل مع أفكار قدیمة أو مؤسسات وعادات أجتماعیة قدیمةـ تناقض مع الظروف التي تتطلبھا التقنیة الجدیدة في إنتاج شكل جدید . إن الطرائق القدیمة للتقنیة ، بمعنى كونھا عامال في أنتاج الشكل ، تتناقض مع المتطلبات الجدیدة للمحتوى المتولد حدیثا والبنیة الفوقیة أیضا في انتاج شكل جدید .

Page 50: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٤٨

كتــــــاب .. شارع طھ وھامرسمثبحث في جدلیة العمارة

١٩٨٥

یستھل رفعة الجادرجي كتابھ بأنھ نواة فكریة وروایة لتطلعات تجمعت بمرور الزمن ـ ممارسة وتجربة وخبرة ـ حتى باتت أشبھ شئ بمدرسة لھا قواعدھا وتأثیراتھا داخل العراق وخارجھ . غیر أن الكتاب لیس تاریخا لھذه الحركة أو المدرسة ، بل ھو محاولة لتدوین سیرة معماریة كما أدركھا الكاتب نفسھ

مع خلفیتھا التي عایشھا .لم تكن العمارة بالنسبة لھ مھمة فحسب .

بل كانت أسلوب معیشة ، لذا كان الكتاب عرض ذكریات عن فكره ، وذكریات عن خلق الفكرة أو النظریة ونموھا وتطورھا ، حتي بدت فلسفة مھیمنة على ممارستھ ، یقتبس منھا ویستشھد بھا ؛ حاول الجادرجي ھنا تحلیل الظواھر المعماریة بموجب نظریة المادیة الجدلیة ، فقال أن المحتوى المعماري ما ھو إال الوظیفة المعماریة سواء الوظیفة النفعیة بشتى فروعھا أو الوظیفة العاطفیة بما في ذلك النواحي األستاتیكیة والتعبدیة والسیاسیة ، بل وحتى المزاج القومي والوطني والدور التاریخي

الذي یمر بھ المجتمع ..أما الشكل فھو ذلك التكوین الھندسي الذي یظھرلنا ھذا المحتوى

ویعتمد علیھ ویكمن فیھ . نأتي بمحتوى جید ، وبما فإذا أردنا عمارة جیدة فعلینا أن أن الشكل ھو تحصیل حاصل للمحتوى فإنھ یصبح بالتبعیة

وبصورة تلقائیة جیدا .

ويخلص الجادرجي في تنظيره أن المحتوى هو ذلك المطلب األجتماعي الذي يتكون من مكونات عديدة بما في ذلك الوظيفة

والتقنية ، وهذه تتشابك وتتفاعل إلى أن تصبح مطلبا .

لفهمها أداة العمارة عبارة عن المفهوم يصبح تقييم وبهذا وليس مجرد أداة سياسية بعد إستيعاب العالقة بين المحتوى

والشكل بنظرة موضوعية .

والمسألة إذن هي مطلب يتفاعل مع أسلوب أنتاجي فتكون الحصيلة ظهور شكل ، أو بعبارة أخرى عند تبلور متطلبات ثانوية وظيفية متعددة النفعية منها والعاطفية في كيان موحد ودخول هذا المطلب الموجد في تفاعل مع األسلوب اإلنتاجي يتولد في نهاية هذه العملية التحويلية شئ جديد هو الشكل ؛ جديد ألنه غير مطابق مع مكونات المطلب وغير متطابق

مع أسلوب األنتاج .. وبتولد شئ جديد نكون قد حصلنا على تحويل نوعي .

وال تحويل نوعي دون أن يتم تفاعل متبادل جدلي .

ويعرف الجادرجي نظريته في جدلية الشكل : '' الشكل هو الحصيلة المادية لتفاعل جدلي متبادل بين مطلب أجتماعي متمثل بفكرة من جهة ، ومن جهة أخرى التقنية المعاصرة له متمثلة بعناصرها الفكرية والمادية والذاتية الخاصة .. ''

وتطورها وجودها أن نجد العمارة إلى نظرنا إذا وهكذا ثم ، والتفاعل التناقض في السنة لهذه يخضع وتنوعها التحول النوعي ، وذلك بين القطب األول المتمثل في المطلب األجتماعي وبين القطب الثاني المتمثل باألساليب التقنية ، وحصيلة هذه العملية تظهر لنا ، ألحساسنا في مضمار الشكل

على صورة عمارة . ویشمل الكتاب ممارسة رؤیة الكاتب ونظریتھ حول جدلیة العمارة ، ویحتوى الكتاب على خمسة فصول تبدأ بعرض لبدایات الرحلة والبحث ما بین الشرق والغرب ، ثم طرح للمانفستو وتوطئة أطروحة النظریة ، وتفصیل البحث نحو

جدلیة العمارة كما طرحھا حینھا سنة ١٩٥٠ ..

Page 51: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٤٩

كان السجن الفرصه المتاحة لرفعة الجادرجي ليكتب كتابه األخيضر والقصر البلوري .هذا ما نوه عنه في المقدمة ، والكتاب يفصح عن بنية عقلية جدلية تجعل من مجال العمارة مدخال لدراسة المجتمع وتركيبته األجتماعية والنفسية وكأنه جعل من السجن مكانا الستعادة وتجميع الذاكرة وإنهاضا لما هو يومي في عمله وتحويله إلى لغة حسية ثقافية فكانت الكتابة تحررا للذاكرة وللجسد معا . وهنا كان األشتغال بالعمارة مدخال لرؤية التحوالت السيكولوجية للسلطات وللناس معا ،أن والفالحين والنجارين البنائين خبرات عبر وحاول مع لهؤالء اآلنية الخبرة فيها تجتمع فنية طريقة يولف خبرة الماضي في بنية الشكل المكاني للعمارة أو ألجزاء

من تراكبيها المعقدة . والكتاب نفسه أحد أهم الشواهد المعمارية في فن التجربة الحقيقي التاريخ إن ضمنا يقول وكأنه ، العملية المهنية لمكونات المجتمع ال يكتب إال من خالل الخبرة الميدانية في أنشطته العملية ، وقاريء الكتاب يشعر أن ما يعنيه بالنظرية الجدلية للعمارة ليست إال الرؤية الميدانية المشغولة بالتطبيق . مع األنتباه العميق لحركة المجتمع وهو ينمو في أتجاهات

مختلفة دون أن يلغي كلية فعل التأثر بالتيارات الحديثة في العمارة األوروبية مع محاولة نقد منهجي للموروث في أشكال العمارة التراثية وأخذ الجانب العلمي والمتقدم منه وأخضاعه تقنيا إلى السياق المعماري الحديث .

إن نظرية جدلية العمارة التي تحولت للمجال التطبيقي كما ظهرت بالكتاب تفصح عن رؤية فكرية أشمل ، تلك التي تتعلق بالجانب اإلقتصادي ، فالمعماري الحديث إذ يستفيد من بنية البيئة مناخيا وجغرافيا وأداتيا ، إنما يحاول أن يجعل

من هذه المواد الخام أرضية يشيد من خاللها وفوقها تكوينات معمارية جمالية ونفعية معا .

ومستطلع إنجازات الجادرجي يجدها قد أستنطقت المكونات المحلية إلى الحد الذي بدت خصوصيته في هذا اإلنجاز أو ذاك هي الهوية الفنية والفكرية له . وهذه الميزة الثقافية الكبيرة واحدة من تحويل فعل العمارة إلى رافد ثقافي كبير ، ليس على مستوى الشكل وجماليات البناء ، وإنما في استخدام المادة الخام وفي وضع المفهومات واآلراء الشخصية موضع

تطبيق يوازن به بين الدراسة والخبرة المعملية المحلية .

اسكتش ألحد أعمال رفعة الجادرجي .. عن كتابھ األخیضر والقصر البلوري

كتــــاب .. األخیضر والقصر البلوري١٩٩١

Page 52: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٥٠

في الكتاب الكثير من الموضوعات التي تستحق وقفات تأمل ، منها مفهومه للبيت البغدادي وعالقة هذا المفهوم بالموروث ، ومن ثم نقل أهم مكوناته الى البيت المعاصر ، وهذا ما دفعه ألن يعمل توازنا هندسيا وجماليا بين باطن الدار بوصفه موروثا للباحة القديمة ، كجزء من بناء ديني يرتبط بالجنة والنار ، وبين خارج الدار ، بوصفه تكوينا جماليا ، وجعل المنهجي مفهوم أجتماعي ينمو في من خالل هذا التوازن باطن الدار كما ينمو في خارجها ، ولعل هذه الظاهرة الجدلية السياسية المحاورة من إليه آتية موقعين بين التوازن في والفكرية التي كانت تضع مجمل أفكارها حيز التطبيق ، ثم إضفاء الطابع الذاتي على كل ذلك من خالل خطوط جديدة

التي يتطلبها تصميم جديد . ويستمر البيت حضورا وفاعلية مع الجادرجي فالبيت البغدادي كوحدة معمارية كان أشبه بالقيمة المركزية والبؤرة المعمارية التي أدخلها كلها أو أجزاء منها في أي تشكيل أو تصميم في به الخاصة الجديدة الرؤية اكتشف فعندما ، معماري بناء الجامع ، توصل الى موقف يوحد بين العملي الواقعي والفني الجمالي ؛ وهنا بدأت خطواته في االبتعاد عن المؤثر األجنبي والدخول للتراث من خالل فن التجريد أي الدمج بين ما هو محلي وعالمي ، وجمعهما في إطار تراكمي غير محسوس ينم عن معرفة جمالية بالتشكيل عبر مفردات متنافرة تاريخيا ، منسجمة جماليا ، ومن هنا نراه عندما يعود لتصميم العمارة الحقا يعتمد الجوامع واألزقة كخلفية بغدادية ألعماله

.. الجوامع واألزقة ـ الدين والحياة الشعبية .

بعض النماذج للبیت من اعمال رفعة الجادرجي .. عن كتابھ األخیضر والقصر البلوري

Page 53: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٥١

الجامع كمكان للعبادة والبيت كمكان لأللفة والهناءة والسكن ، ومعهما بنية الزقاق الذي تتجاور في أعاله البيوت ، بمثل هذا التكوين الجمالي الفائز بالشعبية والتجريدية معا ، يستخلص تكوينا جماليا لبيت عراقي عام وليس لبيت عراقي خاص . لم يقف تصور الجادرجي عند بناء جزئيات بيت ، محل ، عمارة ، سوق ، فالتعامل مع تلك يجعل المعماري مشتغل جزئيا وخاصا ، وقد يكون متميزا ، وإنما هو مدخل للتعامل مع بنية أجتماعية أشمل ، هو هدف أي معماري يمتلك نظرة تقدمية ، وهذا ما فعله الجادرجي عندما زاوج بين مفهومي تتطور ؛ : العراق البد وأن يتطور ، والعمارة البد وأن أيضا ال تكون بنية العمارة الجديدة إال من خالل بنية المجتمع الجديد لكن هذا المفهوم الكلي والشامل نراه يصطدم بتقلبات سياسية ومعمارية متخلفة ، تؤدي بالتالي إلى التهديم ؛ إنه يعيد تركيب المفاهيم ومن خالل هذه المصاهرة المعمارية الفنية ينهض المعماري ليس برؤيته لمفهوم التطور ، وإنما ليجعل من المشاريع الشخصية والمحددة كيانا معماريا ، رؤية نقدية أكثر دقة من تلك التي تعتمد مقوالت نقدية تشكيلية بحتة . من هنا جاء أهتمامه المتزايد بالحاجة النفعية ، أي تلك الحاجة التي تتوالد من العالقة بين االنسان والطبيعة ، وبما أن الفن بوجه عام والفن المعماري خاصة ال يتطور خارج الموقف وهو ، الالنفعي الموقف يمثل فإنه االطارالنفعي

الجمالي الخالص حسب تعبير هيجل .

ويتطلع الجادرجي إلى البيت العراقي تطلعه إلى الوطن ، ويريد من هذا البيت أن يحمل هويته وأن يصبح الساكنون فيه قوما لهم وجود فاعل ليس من خالل تراثهم فقط ، وإنما من خالل حاضرهم ، ويجعل من البيت وطنا معاصرا . وبالطبع فالجادرجي ليس فيلسوفا يريد تجريد المكان - البيت – من ماضيه ومن صوره المترائية يوميا والمتجددة ، وإنما هو معماري بحس وطني وتراث قومي يمتد عبر العصور

وبأفق معاصر، لذلك كان البيت عنده نقطة تحول كبرى في نفسه الوقت الحديثة ، وفي المعمارية للمفهومات توظيفه نجده وهو يجوب بآفاق لذلك ، أفقا غير مقلد ليجعل منه المعرفة المعمارية يقتنص كل مفردة ذات معنى في سياحة

منهجية واطاللة على العالقة بين المكان والعمارة .

وثمة تصاهر جدلي في عمل الجادرجي بين ما هو حضري وما هو ال حضري ، فكانت النظرة الجدلية التي وظفها في

مفهوم البيت البغدادي .كما أمتلك الزقاق البغدادي ذو التاريخ الطويل عناصر مليئة بالقوة الدافعة ذات بنية حركية سواء ضمن الوحدة الصغيرة البيت أو ضمن الوحدة الكبيرة الزقاق ، وقد عالج الجادرجي نموذجين بين األختالط وهذا العمارة في الديناميكية هذه أحدهما وظيفي واآلخر نفعي ، أمكنه أن يولد لنا بنية عراقية معاصرة لنمط البيت ، إال أن هذه البنية كانت غير شعبية

وذات تكلفة عالية .إن نماذج البيوت التي بناها الجادرجي هي ألثرياء بغداد ، بمعنى أنه لم يستطع تطوير مفهوم سكنى شعبي ، وإنما أنصب هدفه على تكوين عمارة حضرية متقدمة تعتمد الموروث

الشعبي . فاألزقة وإن أمتلكت خصوصية حركية وفعالية ديناميكية ، إنما كانت تنقل إليها ثالث خصائص : األولى أن سكنة هذه األزقة هم الناس المنحدرون من الريف ولذلك كانت أشياؤهم الخاصة معلنة الى الخارج ، الخصيصة الثانية إن االنسان الشعبي ال يفصل كثيرا وبدون وعي بين المكان المقدس وبين البيت ، فكالهما بؤرة مكانية للعبادة األول متجه الى اهللا والثاني متجه الى األسرة والذات ، والخصيصة الثالثة للزقاق احتواؤه على نغمة تطورية تتجه إلى المدينة لذلك كانت مفردات البناء من الحجر والطابوق والخشب والحديد

، لكنها تحتوي على بنية داخلية ريفية ..

Page 54: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٥٢

والجادرجي كان يستطلع األفق المستقبلي من

المكونات الشعبية للعمارة ولم يغب عنه كذلك

االرث الحضاري واالنساني المعاصر ، كل هذه

الروافد تداخلت بعضها البعض لتسوغ نظرية

جدلية خاصة بتركيبة البيت داخليا وخارجيا ؛ وهو

إن ركز جهده البيتي على بغداد لم نجده يعمق

هذا الجهد بطرز خاصة في البيوت التي تبنى

من الحجر ـ بيوت المنطقة الكردية والموصل

، وال البيوت التي تبنى من الطين والقصب كما

في بيوت المنطقة الجنوبية .

والكتاب ال يسرد تاريخ العمارة

بالعراق وإنما يشمل ممارسة

الكاتب للعمارة وتطبيقاته للتنظير

السابق وفي القسم األول منه

فيه ويقدم الجادرجي يعالج

النظرية والمواقف األحداث

بالتصميمات أتصلت التي

بين ١٩٥٢ التي أنجزها ما

ـ ١٩٧٨ ،

ثمانية عشر ويحتوى على

فصال .. أما في القسم الثاني

يوضح الجادرجي مسائل أخرى

ذات صلة بالعمارة وبالتركيبة

االجتماعية والنفسية ، ويحتوى

على تسعة فصول ..

اسكتشات ألحد أعمال رفعة الجادرجي .. عن كتابھ األخیضر والقصر البلوري

Page 55: Tarek Waly Center Journal, issue 04

٥٣

كتــــــاب .. جدلیة وسببیة العمارة٢٠٠٦

الفائز بجائزة الشیخ زاید ـ مارس ٢٠٠٨

المكان ثقافة عن تنفصل ال الكتاب يناقشها كما العمارة والحضارة التي تمثلها ، بل أنها تتجاوب مع المحيط االجتماعي بشكل كبير ، ويقدم الجادرجي منظور جديد من خالل الكتاب لمحددات العمارة بين الحاجات النفعية والرمزية والجمالية على المستويات الجماعية والفردية ، وأن الرؤية المعاصرة العمارة الحديثة وإن كانت مشبعة بالقيم التي يطرحها في الجمالية المطعمة بالعناصر التراثية ، إال أنها تقوم بدورها

الوظيفي البحت الذي يقوم على حسابات هندسية دقيقة.

والبد من قراءة مزدوجة لكتاب رفعة الجادرجي ، قراءة الكتاب ألدبيات معمقه وقراءة المعماري لمنجزه فاحصة العمارة ، لبنيوية الكتاب على مفهوم انبنت مقاالت ؛ فقد وهو مفهوم وضع مبادئه األولية سنة ١٩٥٠ ، وطورها في مجاالته التنظيرية والتطبيقية وممارستة العمارة ؛ وأصبحت لديه مفهوماته للهيكلية البنيوية وحركتها الجدلية ، كما يصفها هو ، حيث يجد أن لكل ظاهرة سواء أكانت جامدة أم حياتية متحركة ، فكرية أم مادية ، مقومات حاضرة في الوجود وإال ما وجدت .وكل ظاهرة ال بد من أن تكون في حالة حركة وتغير مستمر ، سواء كان التغير ملموسا أم محسوسا ، و لذا فهناك عالقات تفاعل وتفعيل بين مقوماتها من خالل

مقررات متضادة في سيرورات من التفعيل الجدلي .وهو كذلك في مجمل مباحث الكتاب يرى كيف تتجمع في فتؤلف العمارة مقومات تستقطب عناصرها مجال ظاهرة الحاجة تتضمن التي االجتماعية الحاجة : مقررات ثالثة النفعية ، والحاجة الرمزية ، والحاجة االستطيقية ، وكلها متأصلة في وجود اإلنسان ومعيشته ، كما إنها متأصلة في سيكولوجيته القائمة ؛ وفي المقابل هناك مقررات التكنولوجية االجتماعية التي تتضمن المادة الخام والطاقة المسخرة في تحريك الدورة اإلنتاجية . واالنسان هو محرك سيرورة هذه الثالث ، وتحقق هذه المستقطبات الجدلية وهو المستقطب

تحريك الدورة اإلنتاجية .

إن رفعة الجادرجي ينظر دوما بمنهجية التجريب وحلم المتغير الذي سيتحقق على األرض يقول: إن الجدلية حركة تتضمن مجازفة تصميمية ، ألنها ال تتمتع بمرجعية قائمة ، أو تستند الى تجربة سابقة تقوم عليها مخيلة المعماري ، فيسخرها في سيرورات التجريد والتحديث واالبتكار وإنجاب الشكل الجديد

وهو يرى أن العمارة تشكل مقوما متأصال الفرد سلوكيات في إزاء البيئة األجتماعية ، واألساس في تفعيل القدرات الحسية البصرية والوجدانية للفرد في عيشته اليومية ، إضافة إلى وظيفتها كأداة ترضي الحاجة النفعية ؛ إنها أداة فعالة في الحوار العاطفي والوئامي في تكوين العاطفة الجمعية

للمجتمع ، و في صياغة همومه عامة .

وهو يرى أن المعماري الحديث من خالل الفصل التجريدي والوصل التكويني المتداخل معه في عمارة محلية محتملة ، يكون قد استحدث رؤية لوظيفة جديدة للعمارة من خالل وذلك ، المجتمع لدى وجدانية حاجات متطلبات إرضاء محددة جغرافية في متطلبات محددة إرضاء لديه يتخطى او خصوصية مكانية مغلقة مثال ، فهو يرى تكريس نهج الحداثة على صعيد عالمي يتفاعل مع الخصوصيات المحلية ؛ وبهذا يتحقق إغناء التجربة المحلية بمعطيات أفردتها حركة لديه تتحقق الطريقة ، وبهذه العالمية العمارة في الحداثة محلية متوازية في خصوصيتها مع كل ملمح دولي آخر ..

لقد ظهرت العمارة المعاصرة والحديثة في اوروبا محصلة إلى تطور متدرج ، ولذا ال يجد المعمار االوربي ضرورة القائمة في لنظرية تقوده ، فقيادته حدسية متأثرة بالعمارة البيئة المعمرة ، ولكن ال وجود لهذه البيئة في العالم العربي ، ولذا يجد المعماري العربي نفسه في فراغ معرفي وحسي ، فالبيئة المعمرة في أحسن حاالتها هي عمارة تقليدية فاتها

الزمن وتجمد تطورها منذ نشوئها .

فالفكر المعماري العربي يحتاج إلى نظرية علمية فنية تقوده في تعامله مع العمارة ؛ فالتعامل مع الحداثة سواء في مجال العمارة أم الفنون أم العلوم يفترض مسبقا حرية التفرد والتفكير

، هذا ما لم يمتلكه الفكر العربي عامة .