ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ...2017 د 09 د ا 3اا ا ا...

27
معة الجزائرمية لجاعلة المجل ال3 د العد09 ديسمبر2017 ﺍﳊﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻟﻠﻤﻤﺘﻠﻜﺎﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﻧﺰﺍﻉ ﻣﺴﻠﺢ. ﺷﺎﺫﱄ ﻗﻮﻳﺪﺭ ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ، ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ3 ﻣﻠﺨﺺ ﲢﻈﻰ ﺍﳌﻤﺘﻠﻜﺎﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺑﻨﻈﺎﻡ ﻗﺎﻧﻮﱐ ﻣﺘﻜﺎﻣﻞ ﳊﻤﺎﻳﺘﻬﺎ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﻧﺰﺍﻉ ﻣﺴﻠﺢ ﺳﻮﺍﺀ ﺃﻛﺎﻥ ﺩﻭﻟﻴﺎ ﺃﻭ ﻏﲑ ﺩﻭﱄ. ﻓﻘﺪ ﰎ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﺍﺗﻔﺎﻗﻴ ﺔ ﻻﻫﺎﻱ ﳊﻤﺎﻳﺔ ﺍﳌﻤﺘﻠﻜﺎﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺑﺮﻭﺗﻮﻛﻮﳍﺎ ﺍﻷﻭﻝ) 1974 ( ، ﻭﺑﺮﻭﺗﻮﻛﻮﳍﺎ ﺍﻹﺿﺎﰲ ﺍﻟﺜﺎﱐ) 1999 ( ، ﻭﻫﻲ ﻭﺛﺎﺋﻖ ﺗﻌﺎﻗﺪﻳﺔ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﺑﺎﳋﺼﻮﺹ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎ ﺷﺎﻣﻼ ﻟﻠﻤﻤﺘﻠﻜﺎﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﳌﺸﻤﻮﻟﺔ ﺑﺎﳊﻤﺎﻳﺔ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﰲ ﲪﺎﻳﺘﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﻭﺃﺛﻨﺎﺀ ﻧﺸﻮﺏ ﻧﺰﺍﻉ ﻣﺴﻠﺢ. ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺛﻐﺮﺓ ﺃﺳﺎ ﺳﻴﺔ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﻣﺘﻤﺜﻠﺔ ﰲ ﻣﻔﻬﻮﻡ" ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ" ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﲏ ﺃﻥ ﺍﳌﻤﺘﻠﻜﺎﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺗﺘﻮﻗﻒ ﲪﺎﻳﺘﻬﺎ ﺇﺫﺍ ﲢﻮﻟﺖ ﺇﱃ ﺃﻫﺪﺍﻑ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ. ﺇﻻ ﺃﻥ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﺍﻹﻧﺴﺎﱐ ﺧﻔﻒ ﻣﻦ ﺣﺪﺓ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﺍﻟﺘﺪﻣﲑ ﺍﳌﺘﻌﻤﺪ ﻟﻸﻋﻴﺎﻥ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺃﺻﺒﺢ ﲟﺜﺎﺑﺔ ﺟﺮﳝﺔ ﺣﺮﺏ. ﺍﻟ ﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺪﺍﻟﺔ: ﺍﳊﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ، ﺍﳌﻤﺘﻠﻜﺎﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ، ﺍﻟ ﱰﺍﻉ ﺍﳌ ﺴﻠﺢRésumé Les biens culturels jouissent désormais d’une couverture juridique adéquate pour leur protection en cas de conflit armé international et non international, suite à l’adoption de La Convention de La Haye et son premier Protocole (1954) , ainsi que le deuxième Protocole additionnel (1999). Ces deux instruments juridiques sont ratifié par une large majorité d’Etats, et leurs normes ont acquis un caractère coutumier universel. Cependant, le concept de « nécessité militaire », inclus dans la Convention, réduit considérablement la porté de la protection des biens culturels. l’évolution du droit international humanitaire, au vues des destructions massives du patrimoine culturel mondial suite aux conflits armés qui jalonnent le monde, considère désormais, toute atteinte délibérée au patrimoine, comme crime de guerre.

Upload: others

Post on 27-Oct-2020

4 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ...2017 د 09 د ا 3اا ا ا ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ﺕﺎﻜﻠﺘﻤﻤﻠﻟ

2017ديسمبر 09العدد 3المجلة العلمية لجامعة الجزائر

الحماية الدولية للممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح

يشاذلي قويدر. د

3كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة الجزائر

ملخص

تحظى الممتلكات الثقافية اليوم بنظام قانوني متكامل لحمايتها في حالة نزاع مسلح سواء أكان ة لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية وبروتوكولها الأول فقد تم اعتماد اتفاقي. دوليا أو غير دولي

، وهي وثائق تعاقدية تتضمن بالخصوص تعريفا )1999(وبروتوكولها الإضافي الثاني ، )1974(شاملا للممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية وكذلك مسؤولية الدولة في حمايتها قبل وأثناء

الضرورة " سية في هذا النظام متمثلة في مفهوم بيد أن هناك ثغرة أسا. نشوب نزاع مسلحإلا . الذي يعني أن الممتلكات الثقافية تتوقف حمايتها إذا تحولت إلى أهداف عسكرية" العسكرية

أن تطور القانون الدولي الإنساني خفف من حدة هذا المفهوم من حيث إن التدمير المتعمد للأعيان .الثقافية أصبح بمثابة جريمة حرب

سلحالمتراع الممتلكات الثقافية، ال ،الحماية الدولية :كلمات الدالةال

Résumé

Les biens culturels jouissent désormais d’une couverture juridique adéquate pour leur protection en cas de conflit armé international et non international, suite à l’adoption de La Convention de La Haye et son premier Protocole (1954) , ainsi que le deuxième Protocole additionnel (1999). Ces deux instruments juridiques sont ratifié par une large majorité d’Etats, et leurs normes ont acquis un caractère coutumier universel. Cependant, le concept de « nécessité militaire », inclus dans la Convention, réduit considérablement la porté de la protection des biens culturels. l’évolution du droit international humanitaire, au vues des destructions massives du patrimoine culturel mondial suite aux conflits armés qui jalonnent le monde, considère désormais, toute atteinte délibérée au patrimoine, comme crime de guerre.

Page 2: ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ...2017 د 09 د ا 3اا ا ا ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ﺕﺎﻜﻠﺘﻤﻤﻠﻟ

2017ديسمبر 09العدد 3المجلة العلمية لجامعة الجزائر

مقدمة

، الوثيقة القانونية الرئيسية " اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح" تعد 1974مايو 13ماية التراث الثقافي في زمن الحرب والاحتلال، وقد اعتمدت في المكرسة لح

ودخلت حيز التنفيذ بعد أن صادقت عليها أغلبية الدول، فتكون بذلك قد اكتسبت قيمة عرفية .كونية

هذه الاتفاقية تعد نقلة نوعية، من حيث إا أدخلت مفهوم الممتلكات الثقافية بصفته مقاما :نظام الحماية، ونصت على فئات ثلاث مشمولة بالحمايةمشتركا ل

الممتلكات المنقولة والثابتة : الفئة الأولى

البنايات التي تحفظ فيها الممتلكات المنقولة : الفئة الثانية

المراكز التي تحتوي على عدد كبير من الممتلكات الثقافية: الفئة الثالثة

لم تحظ في ، عريفها لأول مرة تعريفا شاملا في هذه الاتفاقيةالتي جرى ت، فالممتلكات الثقافية السابق بأية حماية نظرا إلى أن القانون الدولي الكلاسيكي يبيح للمنتصر أن يستولي على ممتلكات

والقانون الدولي ، إلا أن تطور قواعد قانون التراعات المسلحة. العدو بصفتها غنيمة حربوبروتوكولها 1949واتفاقيات جنيف الأربع ، 1909و 1899اتفاقيات لاهاي (الإنساني

، أدمجت الممتلكات الثقافية في القانون الإنساني باعتبارها ممتلكات )1977الإضافي بتاريخ وهذه الأخيرة يحظر استهدافها أو استخدامها كأهداف عسكرية تحت طائلة ارتكاب . مدنية

الحماية بصفتها أملاكا مدنية بالإضافة إلى فمن المنطقي أن تحظى هي أيضا بنفس. جريمة حربكما أن ، أا أصبحت الآن تراثا يهم الإنسانية كافة وليس الشعب الذي تنتمي إليه فحسب

".الأضرار التي تلحق ا تمس التراث الثقافي الذي تملكه الإنسانية جمعاء "

Page 3: ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ...2017 د 09 د ا 3اا ا ا ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ﺕﺎﻜﻠﺘﻤﻤﻠﻟ

2017ديسمبر 09العدد 3المجلة العلمية لجامعة الجزائر

المطروحة لحماية إلا أن هذه الاتفاقية جاءت في سياق لم تتعرض فيه سوى للحالات متجاهلة التراعات التي تنشب ، الممتلكات الثقافية أثناء التراعات بين الكيانات المشكلة في دول

على تراب الدولة نفسها بين القوات النظامية ومجموعات مسلحة متمردة أو ناتجة عن اضطرابات فعلا فقد . ريا والعراقسياسية أو دينية وتسيطر على أجزاء كبيرة من إقليم الدولة كما في سو

شبح الحرب العالمية الثانية التي ، طغى على المؤتمر الدبلوماسي آنذاك الذي سبق اعتماد الاتفاقيةاندلعت بين وحدات عسكرية منظمة وخاضعة للانضباط العسكري ويفترض أا مدربة على

رغم أن أغلبية ، الصبغةبقيت اتفاقية لاهاي تتسم ذه . أساس احترام قواعد التراعات المسلحةولكن ، لم تعد قائمة بين دولة ودولة بشكل رئيسي، التراعات المسلحة التي اندلعت بعد الحرب

أي تنشب بين كيانات غير ، بين دولة ومجموعات مسلحة أو فيما بين اموعات المسلحة نفسهالأن ، فاقيات الدوليةمشكلة في دول وبالتالي فهي ليست معنية من ناحية قانونية بتطبيق الات

القانون الدولي لا يطبق سوى على الدول التي لها وحدها أهلية إبرام المعاهدات الدولية والالتزام المادة (استدراكا لهذا الوضع الذي لم تتعرض له اتفاقية لاهاي باستثناء مادة واحدة ، وهكذا. ا

هذا الأخير أقام الفرق بين . 1999 أعتمد البروتوكول الإضافي الثاني للاتفاقية بتاريخ، )19، نزاعات مسلحة غير دولية ولكنها تشبه التراعات الدولية لكوا تنشب على إقليم الدولة نفسها

خشيت الدول المتفاوضة أن يحدث ، فعلا. وأحداث شغب واضطرابات داخلية بدون آفاقوص تتمرد على السلطة الانزلاق الخطير نحو اعتبار أي مجموعة تحمل السلاح أو عصابات لص

.الشرعية تصبح محلا لاعتراف دولي ويكون ذلك تمهيدا لتدخل في الشؤون الداخلية للدولة

يبقى مع ذلك أنّ الثغرة الرئيسية في هذه الاتفاقية تكمن فيما اعتبره كثير من المؤلفين كاستثناء من ألا وهو مفهوم ، لكات الثقافيةاللذين يجب أن تشمل ما الممت" الاحترام "و" الحماية"مفهومي

هذا الاستثناء قد يسوغ كل عمل عسكري ضد الممتلكات . "الضرورة العسكرية القاهرة "فإذا التجأت مثلا . حتى ولو كانت تراثا إنسانيا لا يجب استهدافه ولا التعرض إليه، الثقافية

لضرورة العسكرية قد تكون فا، إلى معلم ثقافي للاختفاء فيه، مجموعة عسكرية أثناء نزاع مسلحالتاريخي الذي دمره جيش Monte Cassinoكما حدث لدير مونت كاسينو ، مسوغا لتدميره

إلا أن قيودا مطلقة فرضها القانون الدولي . الحلفاء المتجه إلى روما أثناء الحرب العالمية الثانية

Page 4: ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ...2017 د 09 د ا 3اا ا ا ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ﺕﺎﻜﻠﺘﻤﻤﻠﻟ

2017ديسمبر 09العدد 3المجلة العلمية لجامعة الجزائر

ت جرائم بشعة في حق الطرف الإنساني لحق اللجوء إلى الثأر والمعاملة بالمثل حتى ولو ارتكب . المعتدى عليه

أن كانت على صلة 1999وبروتوكولها الإضافي بتاريخ 1954لم يحدث لاتفاقية لاهاي مثلما هي عليه ، بالتراعات المسلحة الجارية في المنطقة العربية والتدمير الذي يطال تراثها الثقافي

. اليوم

:سنتناول في هذا البحث النقاط التالية

تطور مفهوم الممتلكات الثقافية -

نظام حماية الممتلكات الثقافية في اتفاقية لاهاي -

حدود حماية الممتلكات الثقافية -

تطور مفهوم الممتلكات الثقافية : أولا

لتدمير غير مسبوق نتيجة الحروب الدائرة ، كما في السابق تتعرض الممتلكات الثقافية اليوم . مهددة بذلك التراث الإنساني بالإتلاف والاختفاء من الوجود، ير من مناطق العالمرحاها في كث

بحسب المديرة العامة ، "لم يحدث في التاريخ الحالي"هذا التراث يتعرض لانتهاكات وتدمير في هذين البلدين . خاصة في سوريا والعراق، )Irina Bokova )1لليونسكو السيدة إرينا بوكوفا

بلغ الدمار بالممتلكات الثقافية حداً لم يشهد له مثيل في البلدان ، مهد الحضارة الإنسانيةالمعتبرين أكثر من (هناك ، واستنادا إلى تقرير من الأمم المتحدة معتمداً على صور بالقمر الصناعي. الأخرىلاث موقعا من التراث الثقافي السوري دمر أو أُلحق به العطب أو نهب خلال أكثر من ث 300

فقد ، )Unitar(أما معهد الأمم المتحدة للتكوين والبحث ). 2()خاصة في حلب وتدمر، سنوات 104منها أربعة وعشرون دمر و، موقعا أصيب مباشرة 290رصد فيها ، منطقة 18قام بتحليل

). 3(منها يحتمل أن يكون قد تضرر هو الآخر 77و، تضرر جزئيا 84تعرض لأضرار هامة وبعد الاستيلاء على مدينة الموصل العراقية من ، صور التي تداولتها وسائل الإعلام العالميةأما تلك ال

Page 5: ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ...2017 د 09 د ا 3اا ا ا ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ﺕﺎﻜﻠﺘﻤﻤﻠﻟ

2017ديسمبر 09العدد 3المجلة العلمية لجامعة الجزائر

عن عناصر من هذه ، 2014سنة ) داعش" (الدولة الإسلامية في العراق والشام"طرف منظمة ويلقون ا ، المنظمة وهم ينهالون بالمعاول على الآثار والتحف الفنية التي تعود إلى آلاف السنين

وجعلت المديرة العامة ، فقد أخرجت الرأي العام العالمي من صمته، أرضا في متحف الموصلويجب أن تعاقب ، إن هذه الهجمات هي جرائم حرب: "لليونسكو تقول، معبرة عن روعها

وقد عبرت عن هذا الموقف بمناسبة الحُكم الذي أصدرته المحكمة الجنائية). 4"(بصفتها تلك وهي قضية لها علاقة بتدمير التراث ، 2016في أواخر سنة " المهدي الفقي " الدولية في قضية

يتضح إلى أي مدى حماية التراث هو رهان جسيم (: وقد أضافت ، الإنساني في تومبوكتو بماليلقد أصبحت الهجمات على الثقافة . لأمن الشعوب وغير منفصل عن حماية الأرواح البشرية

). 5( )تيجية تنقية عرقيةأسلحة حرب، في إطار استرا

لما يلحق بالممتلكات الثقافية من دمار وأضرار وتلف ، ليس هناك أبلغ من هذه المعاينة في سوريا والعراق كما في اليمن . وب جراء التراعات المسلحة ذات الطابع الدولي وغير الدولي

وهي دول تعج بالمواقع الأثرية والآثار القديمة .ومالي، تتعرض المعالم الثقافية لدمار ممنهجوقد كان . بل ذاكرة الإنسانية جمعاء، والتحف الفنية التي لا تعتبر ذاكرة الشعوب المعنية فحسب

ما جعل اتمع الدولي يدق ، لهذه الحروب من النتائج الوخيمة على التراث الثقافي الإنسانيالتلف نوني للحفاظ على هذا التراث وحمايته منناقوس الخطر حول ضرورة إيجاد نظام قا

.)6(والتشتيت والنهب والتدمير

التراعات المسلحة إحدى الأسباب الرئيسية لتدمير الممتلكات الثقافية

وقد قدمت الحرب . فعلاً إن التراعات المسلحة هي من إحدى الأسباب الرئيسية لهذا التدمير وما على الاستيلاء والتدمير المتعمد من طرف القوات المتحاربة على العالمية الثانية مثالاً مشؤ

وفي أحسن الأحوال كانت التحف الفنية . الممتلكات الثقافية سواء أثناء المعارك أو أثناء الاحتلاللم تسلم هي الأخرى ، في المنطقة العربية بالذات. والآثار التاريخية تنهب وتنقل إلى جهات أخرى

.على تراثها ومعالمها الأثرية، ات الوخيمة للحروب التي توالت عليها منذ عدة عقودمن التداعي

Page 6: ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ...2017 د 09 د ا 3اا ا ا ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ﺕﺎﻜﻠﺘﻤﻤﻠﻟ

2017ديسمبر 09العدد 3المجلة العلمية لجامعة الجزائر

إن الممتلكات الثقافية لا تعدم وجود أطر قانونية وضعت في فترات متفاوتة لحمايتها أثناء لكن التطور الحاصل اليوم أن الدول لم تعد وحدها هي الفاعل الأساسي في ، التراعات المسلحة

وهي وحدها التي تمثل أشخاص القانون الدولي، بحيث يشملها هذا الأخير ، ت المسلحةالتراعابل أصبح الخطر المحدق اليوم على الممتلكات الثقافية بصورة لا مثيل لها يأتي من ، بقواعده

عندما تتمكن من السيطرة على مناطق شاسعة ، كما في العراق وسوريا، التي، اموعات المسلحةإلى تقويض صروح حضارية تعود إلى آلاف " تبادر متعمدة ، نتيجة تمرد أو ثورة، ليممن الإق

وعلى رأسها ، لم تعد التدابير القانونية الموجودة كافية لردعها. )7(السنين باسم أيديولوجيا رعناءقة التي تعتبر الوثي، 1954 حالة نزاع مسلح بتاريخ اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية في

. الأساسية لهذه الحماية

يقتضي التحليل إذن تعريف الممتلكات الثقافية والتطور القانوني الذي شهدته من حيث الأطر التعاقدية المعتمدة في سياق القانون الدولي للتراعات المسلحة دف حمايتها أثناء التراعات المسلحة

. الدولية والداخلية

نات حربيةالممتلكات الثقافية كرها

سواء في الحروب الدولية أو في ، أن الممتلكات الثقافية غالبا ما تكون رهانات هامة، الحقيقة حربا 14000خلال تاريخها الطويل عرفت البشرية ما لا يقل عن . التراعات المسلحة الداخلية

نسان الفنية لم توفر الحرب منجزات الإ. ، خلفت دمارا كبيرا وضحايا لا تحصى ولا تعد)8(والثقافية وصروحها وبناءاا كما لم توفر المدن الكبرى التي لم تتوقف فيها المعارك إلا بعد أن

عندما دمر الرومان قرطاج . سوا بالأرض أو تركتها أنقاضا بعد أن احتلتها الجيوش المنتصرةكعقاب ، جديدذروا الملح على أطلالها ومن حولها لكي لا تنبت الأعشاب على أرضها من

حروب ، الزاخرة بالمعالم الأثرية والتحف الفنية، في المنطقة العربية، غير بعيد عنا.لتحديها لرومابحيث من (، نتج عنها ب ممنهج وتدمير متعمد لآثارها وتراثها التاريخي، عدة في الفترة الأخيرة

ذاكرة شعوب المنطقة الصعب ألا نستنتج من كل ذلك أن لا تكون هناك نية مبيتة لتدمير، الدليل على ذلك أن إسرائيل عندما دد إحدى البلدان ااورة). 9()وتاريخها وحضارا

Page 7: ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ...2017 د 09 د ا 3اا ا ا ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ﺕﺎﻜﻠﺘﻤﻤﻠﻟ

2017ديسمبر 09العدد 3المجلة العلمية لجامعة الجزائر

، في السياق اللبناني مثلا، فهي دد. يستعمل قادا العسكريون والمدنيون لغة تنم عن هذه النيةوإلى تدمير البنية التحتية إلى القضاء على الجيش اللبناني"أنه إذا ما اندلعت الحرب، ستؤدى

وقد عمد الجيش الإسرائيلي سواء في سنة .)10"(اللبنانية وإلى إنزال العذاب الشديد بالشعب لبنان فدمر متعمدا البنية التحتية و إلى تطبيق ديداته في غزة 2005أو في سنة ، 2008

كمصافي المياه ومراكز توليد والمنشآت المدنية وتلك الضرورية بإمداد السكان بالحاجات اليومية ولم تسلم بطبيعة . وذلك رغم أن القانون الدولي يمنع استخدام الإكراه أو التهديد به.. .الكهرباء

من :" كما يستنج ذلك أحد المؤلفين أنه . الحال الآثار القديمة ولا المعالم التاريخية من التدميرإنما تبحث الأطراف المتناحرة عن محو هوية ، ةخلال تدمير المعالم وأماكن العبادة أو أعمال فني

.)11"(بغية محو كل أثر لحضوره وأحيانا لمحو حتى وجوده ، الخصم وتاريخه وثقافته وعقيدته

، بيد أن هناك، في المقابل، محاولات للحفاظ وحماية، لا الإنسان فحسب من ويلات الحروب ليس هناك أبلغ من التعليمات التي وجهها . لدينيةولكن أيضا منجزاته الفنية ومعالمه الحضارية وا

فخرج جيش، على سفيان أبي بن يزيد الصديق بكر أبو بعث فقد، أبو بكر الصديق إلى الجيش وإما تركب أن فإما الماشي؛ وأنت الراكب أنا! االله رسول خليفة يا(:فقال يوصيه، وهو يمشي معه أحتسب إني تترل؛ بالذي أنت ولا أركب بالذي ناأ ما: عنه االله رضي بكر أبو فقال .)أنزل أن

: فاحفظهن بعشر موصيك إني: قال ثم. االله سبيل في هذه خطاي

. إنك ستلقى أقواما زعموا أم فرغوا أنفسهم الله في الصوامع فذرهم وما فرغوا لهم أنفسهم - 1

.الشمامسة يعني بالسيف فافلقوها الشعر، من رؤوسهم أوساط حلقوا قد أقواما وستلقى - 2

. ولا تقتلن مولودا، ولا امرأة ولا شيخا كبيرا – 5- 3-4

. ن شجرا بدا ثمره، ولا تحرقن نخلا، ولا تقطفن كرماولا تقطع – 8- 6-7

.)12" (.ولا تذبحن بقرة ولا شاة، ولا ما سوى ذلك من المواشي إلا لأكل – 9-10

Page 8: ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ...2017 د 09 د ا 3اا ا ا ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ﺕﺎﻜﻠﺘﻤﻤﻠﻟ

2017ديسمبر 09العدد 3المجلة العلمية لجامعة الجزائر

التطور التاريخي لحماية الممتلكات الثقافية: ثانيا

لكن هذه الأخيرة ينتج .تتهدد الممتلكات الثقافية إذن مخاطر جمة ليست أقلها الحروب والنهب أعمال أخرى ، لاف الذي تخلفه على المعالم الأثرية والتحف المنقولةإلى جانب الدمار والإت، عنها

ولكوا تشكل ذاكرة الإنسانية كافة وهوية الشعب الذي . كالنهب أو الاستيلاء عليها أو نقلهاوقد لفتت . فقد ارتأى اتمع الدولي حمايتها والحفاظ عليها من الأخطار المحدقة ا، تنتمي إليه

الانتباه إلى الضرورة القصوى التي تقتضيها هذه الحماية نظرا ، يتان الأولى والثانيةالحربان العالمولاسيما إيجاد الإطار القانوني لتنظيم ، للدمار الذي خلفتاه على المعالم الأثرية والممتلكات الثقافية

.وهي المتسبب الأول في هذا الدمار، التراعات فيما بين الدول ثم التراعات الداخلية

والقضاء . إذا ما سألنا التاريخ سنجد فعلا أن التدمير ما هو إلا النتيجة المنطقية لكل حرب أما المعالم التي يستولي . على العدو يتبع أيضا القضاء على كل ما يمثل هويته وثقافته وشخصيته

فليس هناك . بتلكوكثيرا ما ارتبط هذا . عليها المنتصر فهي في حكم الغنيمة التي يخولها له انتصاره .)13(قانون يعيد ملكية عقار بعد الاستيلاء عليه

ليس نتيجة التراعات ، مهددة، أصبحت المعالم الأثرية والصروح التاريخية، أما في الوقت الحاضر كما . بل بسب تصورات الإنسان عن التقدم والبناء والتشييد المنفلت من عقاله، المسلحة وحدها

مهددا بذلك البيئة والتراث الذي ، ذي تبنيه الحكومة التركية من جهة منبعههو الحال للسد الويخشى المختصون أنه سيتعرض للإتلاف والتدمير، ليس من الجانب . يعود إلى آلاف السنين

يقول أحد المختصين . التركي فحسب ولكن ستمتد نتائجه الوخيمة إلى مصبه في الأهوار العراقية. الأهوار العراقية ومدينة حصن كيفا مكانة مركزية في تاريخ الإنسانيةتحتل (:في هذا الأمر

لذا يبدو من المذهل ، للمدينة أهمية خاصة في العالم الإسلامي، ففضلا عن هويتها الثقافية وجمالهاسنة من أجل سد لا تتعدى مدة حياته 11500أن يتم التفكير بالتضحية بإرث قديم يعود إلى

.)14( )سنة 60الى 50

Page 9: ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ...2017 د 09 د ا 3اا ا ا ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ﺕﺎﻜﻠﺘﻤﻤﻠﻟ

2017ديسمبر 09العدد 3المجلة العلمية لجامعة الجزائر

على مر العصور في ، لم يتردد الأهالي أيضا. كما أن الذهنيات البالية لم تسلم الآثار من عبثها متلفين بذلك شهادات لا تعوض على تطور حضاري فريد ، استعمال الآثار وحجارا في البناء

اته هو الآخر والذي ترك بصم، بالإضافة للإهمال الناتج عن الجهل ذه الآثار الثمينة، من نوعهعلى ما خلفه العبث بمخلفات الماضي والسطو عليها أو نقل الحجارة والأعمدة لاستعمالها في

يقول الكاتب المصري حسين فوزي عن المعالم الأثرية التي تزخر ا مصر وكيف أن . مبان أخرىنكرانا على كان من أشد العهود (:فترة حكم محمد علي أدت إلى كارثة لا تعوض في هذا اال

بل جاء نشاط ، وكأنه لم تكف هذه الآثار أن تنال منها القرون والأجيال ما نالته. آثار أجدادناوقضى في أقل من ربع قرن على أكثر من محاه –التي أفلست كلها –محمد علي في بناء المصانع

رنست ويقدر إ. الفرس واليونان والمسيحيون والمسلمون والمغامرون الأجانب مجتمعينأزالت من على وجه البسيطة ما لا يقل ، وبناء القصور، أن تلك المصانع Ernest Renanرينان

. )15( )عن عشرة معابد كبيرة

فلم ، أما المستكشفون وعلماء الآثار الأجانب الذين أتت م الحملات الاستعمارية إلى بلداننا قال . رهم لهوية الشعوب التي استعمروهاتسلم المعالم الأثرية من أيديهم بسبب رعونتهم واحتقا

فقد (: أحد المؤرخين وهو يتكلم عن المنقبين عن الآثار الأجانب في القرن التاسع عشر في العراق فترعوا رؤوس التماثيل التي لم يكن بوسعهم ، قاموا أحيانا بأعمال همجية حقا لتخريب الآثار

ثمة مثل نموذجي عن (: ويضيف المؤرخ ). لاج لهحملها، فبتروا الآثار على هذا النحو بترا لا ع )1852مارس 31تاريخ ، 5رقم (هذه العقلية في تقرير لفرانل أرسله إلى الوزارة المعنية بالأمر

والذي يخال الناس ، والواقع غربي الفرات، نمرود المصنوع من الزجاج –أما بالنسبة لطلل بير : نيل رولنسون بأنه لا يعتقد أن استكشافه سهل إلا عن فقد صرح لي الكولو، عادة أنه برج بابل

فهل تأذنون لي يا معالي الوزير ، (...)ويفتح لنا داخله ، طريق لغم يشق انفجاره البرج إلى شقينباللجوء إلى هذا الإجراء ؟ ثم هل بوسعي أن أطبق الأسلوب نفسه على أراضي الآجر الحي أو

). 16( )من ر الفرات ؟الواقعة على الضفة اليسرى ، المشوي

Page 10: ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ...2017 د 09 د ا 3اا ا ا ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ﺕﺎﻜﻠﺘﻤﻤﻠﻟ

2017ديسمبر 09العدد 3المجلة العلمية لجامعة الجزائر

لكن تبقى مع ذلك التراعات المسلحة هي المتسبب الرئيسي في الدمار الذي يطال المعالم الأثرية لذلك بدأ التفكير في ضرورة حماية التراث الثقافي الذي تعتبره منظمة . والبناءات التاريخية القديمة

".حمايته"و" صونه"مها أن من مها) اليونسكو(الأمم المتحدة للثقافة والفنون

التشريعات الأولى لحماية الممتلكات الثقافية

يمكن اعتبار القرن الثامن عشر، الفترة التي بدأت فيها المحاولات الأولى لسن القوانين والتنظيمات لإدارة الحروب والتقليل من ويلاا على المتحاربين أنفسهم وعلى المدنيين والصروح

إن (: يقول أحد المتخصصين في هذا الصدد. وبالتالي على الممتلكات الثقافية المدنية بالخصوصوهكذا فإن الممتلكات الثقافية . حروب القرن الثامن عشر أديرت بصفة أكثر اعتدالاً من السابق

إلا أن بدايات القرن التاسع عشر هي من جهة أخرى ). 17( )كانت تحظى على العموم بالاحترامها الحروب الفتاكة بين قوى صاعدة تريد استملاك العالم لتدعيم قوا وزعزعة فترة انتشرت في

:يقول أحد المؤرخين عن هذه الحروب . الخصم

استمرت الحرب موصولة غير منقطعة في أوروبا، وصاحبتها أو تزامنت مع حروب أخرى في ( رن الثامن عشر وأوائل القرن والهند في التسعينات من الق، في جزر الهند الغربية والشرق: الخارج

وفي العمليات البحرية التي كانت تجري من حين وآخر في الخارج بعد ذلك وفي ، التاسع عشروكان للانتصارات أو الهزائم في هذه . 1814-1812الولايات المتحدة الأمريكية بين العامين

.)18( )لأا غيرت خريطة العالم، الحروب نتائج مهمة

ولم تسلم الأراضي التي . ذه الحروب أقل دمارا من سابقتها على الممتلكات الثقافيةولم تكن ه غزا القوى الغربية من النهب والاستيلاء على الغنيمة، سواء في الشرق أو في أوروبا نفسها، في

يقول نفس المؤرخ حول الصراع . نية صريحة للقضاء على الخصم وإفقاره وتدمير معالمه التاريخيةالقرطاجي الذي يجب، - قائم آنئذ بين فرنسا وبريطانيا العظمى، أنه شبيه بالصراع الرومانيال

والحال هذه، لم تكن الأعراف التي . القضاء عليه قضاء مبرما، لتحقيق النصر النهائي على العدوما في واقع الأمر، إلى ، لم يكن الخصم يطمح(لتجدي نفعا في غمرة المعارك التي ، تحكم الحروب

Page 11: ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ...2017 د 09 د ا 3اا ا ا ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ﺕﺎﻜﻠﺘﻤﻤﻠﻟ

2017ديسمبر 09العدد 3المجلة العلمية لجامعة الجزائر

، مذكرة بذلك الأعمال الوحشية التي كانت دائما مرافقة )19( )هو أقل من النصر الكلي الشاملولم تكن الممتلكات الثقافية . إبادة العدو وكل ما يرمز له باستهداف ثقافته وهويته: للحروب

).20(مستهدفة بصفتها تلك ولكن لما كانت توحيه من كراهية للخصم

في القرن الثامن عشر، . بدأ ينتشر، رورة استثناء التراث الثقافي من الحروبإلا أن الوعي بض وهو يعتبر أحد ، Emer de Vattelكتب إيمر ده فاتيل ، وهو عصر الأنوار ومبادئ الثورة الفرنسية

:معبرا عن هذا التطور ، آباء القانون الدولي في القرن الثامن عشر

يجب أن لا ندخر وسعا في الحفاظ على البنايات التي مهما كان السبب في تدمير بلد ما، " المعابد، المقابر، البنايات : تشرف الإنسانية، ولا تساهم على الإطلاق، في جعل العدو أكثر قوة

ما الفائدة التي نجنيها من تدميرها ؟ أن يحرم . العامة وكل الأعمال الجديرة بالاحترام لجمالهاالفنية ومن هذه الأنماط للذوق الرفيع، يعني أن نعلن عن أنفسنا النوع البشري من هذه المعالم

. )21"(كأعداء لهذا النوع البشري

كما جرى التمييز في نفس هذا القرن بين المحاربين والمدنيين، بين ممتلكات مدنية وأهداف ة، وقد عبر باكرا عن هذه القاعد. الأهداف العسكرية وحدها يجب أن تكون مستهدفة. عسكرية

Jean-Jacques Rousseauالتي ستصبح منارة لقواعد الحرب، الفيلسوف جان جاك روسو : بقوله

ليست الحرب قطعا، علاقة إنسان بإنسان، وإنما علاقة دولة بدولة، تلك التي لا يكون الأشخاص (البتة بوصفهم بشرا، ولا حتى بوصفهم مواطنين، ولكن فيها أعداء بعضهم لبعض، فلا يأتون ذلك

)22() في الوطن بل بوصفهم مدافعين عنه بوصفهم جنودا، ولا يأتون ذلك البتة بوصفهم أعضاء

كثير من المحللين، يرون أن القرن الثامن عشر، كان أكثر احتراما لقوانين الحرب من العصور وكان من الطبيعي أن يستولي المنتصر على . ي حدودالقديمة التي كانت الحروب فيها لا تخضع لأولم يسلم منها سوى تلك المرتبطة ، وعلى كنوزها، ممتلكات العدو بعد أن يكون قد قضى عليه

. لأن احترامها كان ناتجا عن خاصيتها الدينية وليس لقيمتها الفنية، بالطقوس الدينية

Page 12: ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ...2017 د 09 د ا 3اا ا ا ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ﺕﺎﻜﻠﺘﻤﻤﻠﻟ

2017ديسمبر 09العدد 3المجلة العلمية لجامعة الجزائر

تقنين قواعد التراعات المسلحة

تطور أعراف وقوانين الحرب وخاصة التمييز بين المتحاربين وغير المتحاربين، في بالتوازي مع التراعات المسلحة، استقر العرف على اعتبار الممتلكات الثقافية والمباني والصروح ذات الطابع الثقافي أو تلك المخصصة للعبادة، أشياء مدنية يحظر المساس ا لكوا غير ضرورية للمجهود

التي نصت أن ، 8، المادة 1874وقد تكرس ذلك لأول مرة في إعلان مؤتمر بروكسل . الحربيحتى وإن ، للفنون والعلوم، ممتلكات المؤسسات المكرسة للعبادة وللأعمال الخيرية والتعليم(:

كل استيلاء أو تدمير أو إتلاف لمثل هذه المؤسسات . كانت ملكا للدولة، تعامل كملكية خاصةاريخية والأعمال الفنية أو العلمية، يجب أن يكون ملاحقا من طرف السلطات وللمعالم الت

لقد كان هذا الإعلان حاسما في استبعاد الممتلكات الثقافية من دائرة الاستهداف في . )المختصةحيث أصبح من الآن فصاعدا يحظر . التراعات المسلحة بين الدول وذلك بتصنيفها أهدافا مدنية

طائلة ارتكاب مخالفة لقوانين الحرب العرفية لأا محمية بصفتها ممتلكات مدنية التعرض لها تحتإلى جانب ذلك ). 23(وكل الأحكام الخاصة بحماية الممتلكات والأشياء المدنية تنطبق عليها

بدأت القوى العظمى في القرن التاسع عشر تفكر هي الأخرى في تنظيم حالة الحرب وإخضاعها م لقوانين لكي يوقد ). 24(منح المدنيون نوعا من الحصانة في جسدهم الطبيعي وفي ممتلكا

التي 1907وفي اتفاقية لاهاي الرابعة بتاريخ ، 1899تكرس كل ذلك في قواعد لاهاي بتاريخ :على أنه 27تنص في مادا

قدر ،يجب اتخاذ كل الإجراءات الضرورية لكي توفر، في حالات الحصار والقصف" شرط أن .. .للعلوم وللأعمال الخيرية والمعالم التاريخية، للفنون، البنايات المكرسة للعبادة، الإمكان

".لا تستخدم في نفس الوقت لغرض عسكري

وفيما يتعلق ) 1907(في الاتفاقية الأخيرة . هذه الأطر تعتبر بداية تقنين لقوانين الحرب تستعمل للعمليات " للمحتل أن يستولي سوى على تلك التي قد بالملكية المنقولة، لم يعد يسمح

، في حين كانت تقاليد الحرب تسمح له بالاستيلاء عليها )55، المادة 1907اتفاق (" الحربية

Page 13: ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ...2017 د 09 د ا 3اا ا ا ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ﺕﺎﻜﻠﺘﻤﻤﻠﻟ

2017ديسمبر 09العدد 3المجلة العلمية لجامعة الجزائر

وبذلك تمّ تجنب هذه الممارسة الهمجية القديمة في استباحة المدينة التي يتم . بصفة غير محدودة .غزوها وبها وتدميرها

كانت توجد قوانين كاملة لكي تطبق ، )1918- 1914(عندما اندلعت الحرب العظمى رغم ذلك لم تسلم الممتلكات الثقافية من التدمير إذا كانت على خط . أثناء التراعات المسلحة

كانت الدول . ناهيك عن الخسائر في الأرواح التي تجاوزت كل الحدود، نيران المتحاربينالتي تقتضي من الناحية العسكرية الهجوم على الطرف " الضرورات الحربية ب"المتحاربة تتذرع

المعادي أينما وجد حتى ولو التجأ إلى معلم أثري من قيمة تاريخية عظمى يجب توفيره والحفاظ . عليه طبقا للأعراف الدولية

عول سوى أحكام لم يكن في أوروبا من نص سار المف، وعندما اندلعت الحرب العالمية الثانية ) 1939- 1936(فالحرب الأهلية الإسبانية . 1907اتفاقية لاهاي المحدودة التي تعود إلى سنة

ثم الحرب العالمية الثانية التي أودت بحياة ، وما نتج عنها من دمار على التراث الثقافي الإسبانيالتحف الفنية الذي جعل تراثا الملايين من الأرواح والخراب الذي أُلحق بالمباني والصروح الثقافية و

كل ذلك بين ، هائلا من الممتلكات الثقافية والتحف الفنية من كل نوع يتلف أو ينقل أو يدمرتكفي ، إلى أي مدى لم يعد القانون العرفي أو الأحكام القليلة التي تعود إلى بداية القرن العشرين

التراعات المسلحة، إذ رغم أن الدول لحماية التراث الثقافي وتفرض على الدول احترامه فيمعالم " قامتا بإعلان مبادئ وأكدتا رغبتهما في الحفاظ على ، خاصة فرنسا وبريطانيا، المتحاربة

فإن المتحاربين تمادوا في قصف المدن التاريخية التي تعتبر تراثا وطنيا ، )25"(الحضارة الإنسانية .وإنسانيا لا يعوض

دمرت الأطراف المتنازعة كل ما يرمز إليه الآخر، أماكن عبادته ، ية الإسبانية في الحرب الأهل وقد جلبت هذه الحرب الانتباه إلى أنّ الدمار لا يأتي فحسب من أعمال حربية بين . وتراثه الثقافي

كما كشفت عن مدى الأضرار التي . )26(ولكن من الاضطرابات السياسية الداخلية ، الدولالثقافي جراء القصف بالطائرات المتطورة والمدفعية الفتاكة التي زودت ألمانيا ا تلحق بالتراث

كما بينت الحرب العالمية ). 27(الجنرال فرانكو، وكان يستعملها بدون تردد ضد الطرف المعادي

Page 14: ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ...2017 د 09 د ا 3اا ا ا ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ﺕﺎﻜﻠﺘﻤﻤﻠﻟ

2017ديسمبر 09العدد 3المجلة العلمية لجامعة الجزائر

حيث أن الأطراف المتعادية لم تتردد في تدمير ، الثانية مدى انتهاكات قانون الحرب العرفي . كات الثقافية متذرعة بالضرورات الحربية مما يبيح لها تدميرها بدون حدودالممتل

التدابير الحديثة لحماية الممتلكات الثقافية

لذلك، عندما وضعت الحرب أوزارها، وجب التفكير بصفة عاجلة في التدابير العملية وبمبادرة من اللجنة ، 1949في . لحةوالقانونية لحماية الممتلكات الثقافية أثناء التراعات المس

اعتمدت اتفاقيات جنيف الأربع التي تدخل في كثير من وجوهها ضمن ، الدولية للصليب الأحمر .)28( 1907و 1899التقليد الطويل للقانون الدولي للحرب، وخاصة لاتفاقيتي لاهاي بتاريخ

ات الثقافية في حالة نزاع اتفاقية لاهاي لحماية الممتلك" اعتمدت 1954وفي سنة

المكرس 1999، وبروتوكولها الإضافي الأول، ثم البروتوكول الثاني لاتفاقية لاهاي سنة "مسلح .لحماية الممتلكات الثقافية أثناء نزاع مسلح لا يتسم بطابع دولي

1974نظام حماية الممتلكات الثقافية في اتفاقية لاهاي : ثالثا

نعبر " (1954 اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح بتاريخ" تعتبر

، كتتويج لهذه العملية التي انتهت إلى وعي اتمع الدولي )1974اتفاقية لاهاي عنها باسم اعتمدت ، )1945(فابتداء من إنشاء اليونسكو . بضرورة حماية تراثه الثقافي من ويلات الحروب

وبعض ". التراث الثقافي "قيات متعددة الأطراف وساهمت في صياغة تعريف دقيق لمفهوم عدة اتفاكما هو الحال ، من حيث أن أغلب الدول انضمت إليها، هذه المعاهدات اكتسبت طابعا كونيا

" واتفاقية باريس بشأن 1972بتاريخ " التراث العالمي الثقافي والطبيعي حماية"بالنسبة لاتفاقية

مشروعة ئل التي تستخدم لحظر ومنع استيراد ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بطرق غيرالوساوبروتوكولها 1974واتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية بتاريخ ، 1970بتاريخ "

باعتماد هذه الوثائق التعاقدية، تم التغلب على النقص الذي كان و. 1999الإضافي الثاني بتاريخ والذي كان محلا لأحكام مبتسرة في اتفاقيتي ، ه التراث الثقافي على المستوى المعيارييعاني منحيث أن الحماية لم تمنح لفئة موحدة من الممتلكات الثقافية ولكن منحت 1907و 1898

Page 15: ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ...2017 د 09 د ا 3اا ا ا ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ﺕﺎﻜﻠﺘﻤﻤﻠﻟ

2017ديسمبر 09العدد 3المجلة العلمية لجامعة الجزائر

من ، بصفة مجزأة إلى أشياء يجب أن تكون محل حماية بصفتها تلك، وبالنظر لخصائصها الضمنيةثم يتم تعيين الأشياء محل الحماية من خلال ، "الأعمال الفنية والعلمية "و" التاريخية المعالم" بينها

.)29(الغرض المكرس لها كالبنايات المخصصة للعبادة أو للفنون والعلوم

الوثيقة الرئيسية (فهي . فهي تعتبر تحولا أكيدا في هذه المسألة، 1974أما اتفاقية لاهاي حماية (موضوعها هو . )30()ماية الممتلكات الثقافية أثناء التراعات المسلحةالدولية الخاصة بح

الممتلكات الثقافية وليس حماية الإنسان ولكن عمله، ثمرة عبقريته الإبداعية ومن وراء ذلك حماية . )31()التراث الثقافي للشعوب كمساهمته في الثقافة العالمية

)1974(لاهاي تعريف الممتلكات الثقافية في اتفاقية

هذا الأخير يمكن تعريفه بأنه . تعتبر الاتفاقيةُ الممتلكات الثقافيةَ كجزء من التراث الثقافي كل أنواع الأشياء والأماكن والأعيان ). مجموعة من القيم يجب تأمين نقلها إلى الأجيال القادمة(

، راف والتقاليد والمعارف العلميةأما كل ما هو غير عيني كالأع. )32(التي تحمل هذه القيمة ما يهمنا هنا هي المظاهر . )33(فإا ليست دائما بحاجة إلى تأطير قانوني لكي تتطور، الخ...اللغة

.الملموسة لهذا التراث التي تكون محل حماية في حالة نزاع مسلح وهي مشمولة بأحكام الاتفاقية

: الممتلكات الثقافية بأا ) 1974(تعرف المادة الأولى من اتفاقية لاهاي

الممتلكات المنقولة أو الثابتة ذات الأهمية الكبرى لتراث الشعوب الثقافي كالمباني المعمارية أو ) أ((ومجموعات المباني التي تكتسب ، والأماكن الأثرية، الديني منها أو الدنيوي، الفنية منها أو التاريخية

ف الفنية والمخطوطات والكتب والأشياء الأخرى ذات والتح، بتجمعها قيمة تاريخية أو فنيةوكذلك اموعات العلمية ومجموعات الكتب الهامة والمحفوظات ، القيمة الفنية التاريخية والأثرية

.ومنسوجات الممتلكات السالفة الذكر

Page 16: ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ...2017 د 09 د ا 3اا ا ا ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ﺕﺎﻜﻠﺘﻤﻤﻠﻟ

2017ديسمبر 09العدد 3المجلة العلمية لجامعة الجزائر

نة في المباني المخصصة بصفة رئيسية وفعلية لحماية وعرض الممتلكات الثقافية المنقولة المبي) ب(كالمتاحف ودور الكتب الكبرى ومخازن المحفوظات وكذلك المخابئ المعدة لوقاية ، "أ"الفقرة

.في حالة نزاع مسلح" أ"الممتلكات الثقافية المنقولة المبينة في الفقرة

والتي ) ب(و )أ(المراكز التي تحتوي مجموعة كبيرة من الممتلكات الثقافية المبينة في الفقرتين ) ج( . )"مركز الأبنية التذكارية "عليها اسم يطلق

:إلى جانب المظهر القانوني تتبنى الاتفاقية معايير ثلاثة هي

. الأهمية التاريخية أو الفنية لهذا التراث الثقافي/ 1

تراث إنساني " مع الإقرار بأن مفهوم ، أن هذه الممتلكات هي تراث مشترك للإنسانية جمعاء/ 2 المفهوم القانوني المعروف الذي ينطبق على بعض االات التي لا تخضع قد يحيل إلى" مشترك

أما في . لسيادة أي دولة كالأعماق البحرية الكبرى، التي تستغل ثرواا لصالح الإنسانية جمعاءتبقى الممتلكات الثقافية خاضعة لسيادة الدولة وتكون كذلك قابلة ، اال الذي نحن بصدده

فالممتلكات الثقافية إذن هي أقرب إلى . )34(ف الخواص أو المؤسسات العمومية للامتلاك من طر ".تراث إنساني مشترك " منها إلى " اهتمام مشترك للإنسانية "

هذا المعيار يظهر بوضوح سواء في الاتفاقية محل . أن التراث مرتبط بالهوية الثقافية لشعب ما/ 3الوسائل التي تستخدم لحظر ومنع واستيراد وتصدير الاتفاقية بشأن (أو ) 1974(الدراسة

يشير إلى وجود مصلحة ، و)35()1970ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة .عامة للمجتمع الدولي في الحفاظ على التراث والانتفاع به

، "لكافة الشعوب " وهو ليس محميا لقيمته الجمالية والفنية ولكن لأهميته الاستثنائية التي يمثلها اندثار أو زوال أي بند من التراث الثقافي " فإن ، وبالتالي. "لا يعوض"ومن حيث إنه تراث

ديباجة اتفاقية لحماية التراث الثقافي (" والطبيعي يؤلفان إفقارا ضارا لتراث جميع شعوب العالم ) 1972، والطبيعي

Page 17: ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ...2017 د 09 د ا 3اا ا ا ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ﺕﺎﻜﻠﺘﻤﻤﻠﻟ

2017ديسمبر 09العدد 3المجلة العلمية لجامعة الجزائر

وكذلك إلى 1907و 1899لاتفاقيتي إحالة صريحة) 1974(في ديباجة اتفاقية لاهاي باعتبار أن هذه الوثائق التعاقدية تشكل مدونة كاملة ، 1935أبريل 15ميثاق واشنطن بتاريخ

كما تجدر الإشارة إلى وجود معايير . لما يعرف بالقانون الدولي الإنساني المطبق في حالة الحربوبرتوكولاا 1949قيات جنيف الأربع بتاريخ القانون الدولي الإنساني بأتم معنى الكلمة في اتفا

وقد ساهمت العدالة الجنائية الدولية أيضا في تكريس حماية الممتلكات الثقافية في حالة . على التوالي، أو نظام المحكمة الجنائية 1993مايو 25سواء المحكمة الجنائية الخاصة بيوغسلافيا ، نزاع مسلح

وقد نظرت . 2002، ودخل حيز التطبيق في 1998جوان 15الدولية الذي أعتمد بتاريخ –هذه المحكمة في قضية المهدي الفقي المتهم بالتدمير المتعمد للممتلكات الثقافية في تومبوكتو

مما يدل أن حماية الممتلكات الثقافية . 2016مالي وحكمت عليه بسبع سنوات سجنا في لا تخلو مع ذلك من ، 1974اتفاقية لاهاي غير أنّ . أصبحت الشغل الشاغل للمجتمع الدولي

.ثغرات

نزاع مسلح حالةحدود حماية الممتلكات الثقافية في

:في مادا الرابعة المتعلقة باحترام الممتلكات الثقافي أن ، )1974(تنص اتفاقية لاهاي

أو أراضي الأطراف السامية المتعاقدة تتعهد باحترام الممتلكات الثقافية الكائنة في أراضيها (وذلك بامتناعها عن استعمال هذه الممتلكات أو الوسائل ، الأطراف السامية المتعاقدة الأخرى

المخصصة لحمايتها أو الأماكن ااورة لها مباشرة لأغراض قد تعرضها للتدمير أم التلف في حالة .وبامتناعها عن أي عمل عدائي إزاءها، نزاع مسلح

تزامات الواردة في الفقرة الأولى من هذه المادة إلا في الحالات التي لا يجوز التخلي عن الال -2( ).تستلزمها الضرورات الحربية القاهرة

الضرورة "و" الاحترام: "هذه المادة تطرح قضيتين تبدوان للوهلة الأولى غير قابلتين للتوفيق التي يجب أن تحظى " الاحترام"إذ يبدو هذا المفهوم الأخير كاستثناء من قاعدة ". الحربية القاهرة

. ا الممتلكات الثقافية

Page 18: ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ...2017 د 09 د ا 3اا ا ا ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ﺕﺎﻜﻠﺘﻤﻤﻠﻟ

2017ديسمبر 09العدد 3المجلة العلمية لجامعة الجزائر

لم تثر مادة في هذه الاتفاقية من سجال ونقاش مثلما أثارته هذه المادة وبالأخص ما ورد في الضرورات " عندما تقتضي ، "الاحترام"فقرا الثانية التي تستثني الممتلكات الثقافية من الحماية و

.والقيود التي يأتي ا القانون الدولي على هذه الضرورة ،ذلك" الحربية القاهرة

"الضرورة الحربية " مفهوم

معروف جدا منذ زمن طويل في القانون الدولي الإنساني " الضرورة الحربية"إنّ مفهوم ) code Lieber 1836مدونة ليبر(والمستوحى هو نفسه من ) 1907إتفاقيات لاهاي (

التدابير الضرورية لبلوغ أهداف الحرب هي تدابير (: و معرف كالآتي للولايات المتحدة، وه . )المادة الرابعة من مدونة ليبر( )شرعية بالنظر للقانون الحديث وأعراف الحرب

وقد طرحت عدة ، لقد كان النقاش حادا في مؤتمر لاهاي الدبلوماسي حول هذا المفهوم، فعلا

فقد رأت فيه تقييدا لنطاق . " رورة الحربية القاهرةالض" وفود التساؤل حول غموض مفهوم للتفكير ، لا تتاح لها الفرصة، من حيث أن الوحدات العسكرية، الحماية الذي جاءت به الاتفاقية

اعترفوا أنه ، فحتى المستشارون العسكريون في المؤتمر. وهي منخرطة في المعارك، في هذه المسألة. )36(كرية طريقة تفسير هذا المفهوم وكيفية التعامل معه من الصعب أن تلقن الوحدات العس

أثناء ، وقد قُدمت تجارب من الحرب العالمية الثانية التي ما زال شبحها يخيم على المؤتمر الدبلوماسيفهذه الحرب التي كان من المفترض أن تبقى محصورة في المواجهات بين القوات . المفاوضات

وجد السكان المدنيون أنفسهم في موقف أكثر . ذه الأطروحةاتضح خطأ ه، العسكرية وحدهاأما الممتلكات الثقافية فقد دمرت بصفة منهجية من . بل أكثر مأساوية من العسكريين، تعرضا

في هذا الصدد يلاحظ الأستاذ باتريك . طرف المتحاربين وكانت حتى محلا لتجارب حربيةبريطانيا، ، فرنسا –الأساسيين في الحرب العالمية الثانية أن المتحاربين ، Patrick J. Boylan بويلان

تعهدوا باحترام البنايات والصروح غير المحصنة وعدم القيام بغارات جوية ضد –ألمانيا وبولندا ناتجة عن ، وهي كثيرة، فكانت الخسائر في الممتلكات الثقافية. المدنيين والأهداف غير العسكرية

وجود مجمعات ذات طابع عسكري قريبة من التجمعات السكانية الكثيفة وعن ، الأضرار الجانبية، عندما باشرت بريطانيا العظمى، تغيرت الإستراتيجية، 1942ابتداء من سنة ، إلا أنه. )37(

Page 19: ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ...2017 د 09 د ا 3اا ا ا ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ﺕﺎﻜﻠﺘﻤﻤﻠﻟ

2017ديسمبر 09العدد 3المجلة العلمية لجامعة الجزائر

وهي مدينة ، الألمانية Lubeckبالقصف الجوي التجريبي الذي قامت به طائراا على مدينة لوبيكهذا الهجوم أدى في الحال . ة تدمير مدينة متوسطة بأقل الإمكانيات الممكنةلمعرفة إمكاني، تاريخية

الذي اتخذ شكل هجوم مكثف ، إلى رد فعل القيادة الألمانية التي لم تتردد في ممارسة حقها في الرد . )38(يورك وكونتربري، على المدن البريطانية التاريخية وعلى القلب التاريخي لأبرشيات نورويتش

الضرورة العسكرية "احتدم النقاش بين وفود تريد أن تلغي ، في هذا المؤتمر الدبلوماسي إذن

وأخرى ، كالإتحاد السوفييتي ودول الكتلة الاشتراكية وكذلك فرنسا وإسبانيا واليونان" أن يضاف حكم ، لقبول الاتفاقية من قبلهما، كالولايات المتحدة والمملكة المتحدة اللتين اشترطتا

.)39(استثنائي يتعلق ذا المصطلح

القانون الدولي يؤكد على أن المقاتلين لا يتمتعون بحرية مطلقة في استعمال وسائل على ذلك حيث منعت 1907من نظام لاهاي بتاريخ 22وقد نصت المادة . )40(الضرر

القانون الدولي إذن ف. ))وسائل الحرب التي تلحق أضرارا دون أن تسفر عن أية فائدة(استعمال Ultimaبحيث أن اللجوء إليها لا يكون إلاّ كإجراء أخير ، يضع شروطا للضرورة العسكرية

ratio . يجب أن تكون المبادئ العامة لقانون الحرب مطبقة(:وكما أشار إلى ذلك أحد المؤلفين .سبا تاما مع الهدف أي أن الوسائل المستعملة في حالة ضرورة عسكرية يجب أن تكون متناسبة تنا

، بحيث يجب أن تتحقق ميزة عسكرية )للطرف المعادي(المنشود ولا تتسبب في خسائر تافهة .)41( )بوضوح وإلا فإن الضرورة الحربية غير مسموح ا

الهدف "، 1999بتاريخ 1974وقد عرف البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقية لاهاي

متلكات الثقافية بأن هذه الأخيرة تصبح هدفا عسكريا إذا أسهمت في سياق حماية الم" العسكري، إسهاما فعالا في العمل العسكري، بحكم طبيعتها أو موقعها أو الغرض منها أو استخدامها(

والتي يحقق تدميرها التام أو الجزئي أو الاستيلاء عليها أو تعطيلها في الظروف السائدة في ذلك .)الوقت ميزة عسكرية أكيدة

Page 20: ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ...2017 د 09 د ا 3اا ا ا ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ﺕﺎﻜﻠﺘﻤﻤﻠﻟ

2017ديسمبر 09العدد 3المجلة العلمية لجامعة الجزائر

التي جاءت على خلفية الحرب العالمية الثانية وما خلفته من ) 1954(لا شك أن اتفاقية لاهاي وقد صيغت في عصر ، كانت تريد تقليص الأضرار غير الضرورية، دمار على الممتلكات الثقافية

لثقافية وبالتالي كانت تريد حماية الممتلكات ا، ما يزال فيه الإقرار بالهجوم على مدن كاملة قائماوقد تموقعت في سياق ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص في بابه السابع . من كوارث حروب كهذه

الحق الطبيعي في " المتعلق بالعقوبات التي قد تسلط على الدولة التي لا تحترم القانون الدولي على دولي تستوجب وشروط الدفاع الشرعي في القانون ل. لأية دولة )51المادة (" الدفاع الشرعي

ألا يكون مفعول الوسائل وأساليب الحرب المستعملة غير (أي ، النسبية في الرد على الهجوموالنسبية، مثل الضرورة الحربية، هي إحدى . )41()متناسبة بالنسبة للمزايا العسكرية المطلوبة

.)43(المكونات الأساسية لقانون التراعات المسلحة

حيث جرى التأكيد ، 1949ول الأول لاتفاقيات جنيف بتاريخ تم اعتماد البروتوك 1977في أما الأهداف المدنية والممتلكات . على أن الأهداف الحربية هي وحدها التي تكون محلا للهجوم

. ومن بينها الممتلكات الثقافية فلا تكون محل هجوم إلا إذا تحولت إلى أهداف عسكرية، المدنيةذلك الذي يسهم مساهمة (:بأنه العسكري الهدف، 52/2دته وقد عرف هذا البروتوكول في ما

والتي ، فعالة في العمل العسكري سواء كان ذلك بطبيعتها أو بموقعها أو بغايتها أو باستخدامهايحقق تدميرها التام أو الجزئي أو الاستيلاء عليها أو تعطيلها في الظروف السائدة حينذاك ميزة

). عسكرية أكيدة

. الة كانت أيضا محل نقاش كبير من طرف الخبراء العسكريين في المؤتمر الدبلوماسيهذه الح والحدث الكلاسيكي الذي . وقد كانت تجارب الحرب العالمية الثانية ماثلة أمام أعين الوفود

أثناء الحرب العالمية Monte Cassinoهو ما وقع لدير مونت كاسينو، يضرب به المثل عادةكان الشك يحوم حول وجود قوات ألمانية متحصنة ، ناء توجه قوات التحالف نحو رومافأث. الثانية

في الدير، فاتخذت قيادة قوات الحلفاء البرية القرار بمهاجمة الدير، رغم الدمار الذي قد يلحق ذا ئ إليه وقد اتضح فيما بعد أن القوات الألمانية لم تكن متحصنة في الدير ولم تلتج. المعلم التاريخي

.)44(إلا بعد هجوم القوات المتحالفة

Page 21: ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ...2017 د 09 د ا 3اا ا ا ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ﺕﺎﻜﻠﺘﻤﻤﻠﻟ

2017ديسمبر 09العدد 3المجلة العلمية لجامعة الجزائر

في حالة شك (أنه : الفقرة الثالثة 25لذلك تجنبا لتكرار مثل هذا الحادث فقد نصت المادة حول ما إذا كانت عين ما تكرس عادة لأغراض مدنية مثل مكان العبادة أو مترل أو أي سكن

فإنه يفترض أا لا ، الة للعمل العسكريإنما تستخدم في تقديم مساهمة فع، آخر أو مدرسة ).تستخدم لذلك

. "قاهرة "يجب أن تكون " الضرورة الحربية "أن 1954قد نصت اتفاقية لاهاي بتاريخ و وكان هذا أقصى ما تم الحصول عليه في المفاوضات وتنازلا لتحفظات الولايات المتحدة والمملكة

، كما هي" الضرورة العسكرية "الإبقاء على صياغة ، يةاللتين اشترطتا لقبول الاتفاق، المتحدةباعتبار أن مصداقية ، لكي يوافق البلَدان المذكوران على الاتفاقية" القاهرة"مضافا إليها وصف

رغم ذلك فإما لم تصادقا عليها مما خذل . الاتفاقية تقتضي وجود هذه القوى العظمى ضمنهاأنه إذا كان لدينا الخيار بين عدة " بالقاهرة " ويقصد . قيةالدول التي أصرت على توقيع الاتفا 75والمادة . )45(هذه الأخيرة لا يجب أن تكون محل هجوم ، أهداف عسكرية أحدها عين ثقافية

عندما يكون هناك (تنص أنه ، 1949من البروتوكول الأول لاتفاقيات جنيف بتاريخ 3الفقرة هذا الاختيار يجب ، للحصول على ميزة عسكرية مساوية اختيار ممكن بين عدة أهداف عسكرية

أن يكون منصبا على الهدف الذي يمكن أن نتوقع أنه يمثل أقل خطرا للأشخاص المدنيين أو ). للممتلكات من خاصية مدنية

هي من ، 1999من البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقية لاهاي 6فالقيود التي وضعتها المادة غير ممكنة التطبيق إزاء عين ثقافية إلا بشروط " الضرورة العسكرية " بحيث تصبح الصرامة

وصفت المادة السادسة ، 1999بتاريخ ) 1974(في البروتوكول الثاني لاتفاقية لاهاي . صارمة :شروطا من أجل العمل العسكري

:من الاتفاقية 4دف كفالة احترام الممتلكات الثقافية وفقا للمادة

Page 22: ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ...2017 د 09 د ا 3اا ا ا ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ﺕﺎﻜﻠﺘﻤﻤﻠﻟ

2017ديسمبر 09العدد 3المجلة العلمية لجامعة الجزائر

2 يجوز التذرع بالضرورات العسكرية القهرية للتخلي عن الالتزامات عملا بالفقرة لا ) أ(وما ، من المادة الرابعة من الاتفاقية من أجل توجيه عمل عدائي ضد ممتلكات ثقافية إلا إذا كانت

: دامت

إلى هدف عسكري ، من حيث وظيفتها، تلك الممتلكات الثقافية قد حولت) 1(

ولم يوجد بديل عملي لتحقيق ميزة عسكرية مماثلة للميزة التي يتيحها توجيه عمل ) 2( . عدائي ضد ذلك الهدف

من 2لا يجوز التذرع بالضرورات العسكرية القهرية للتخلي عن الالتزامات عملا بالفقرة ) ب(لتدمير أو من الاتفاقية من أجل استخدام ممتلكات ثقافية لأغراض يرجح أن تعرضها 4المادة

خيار ممكن بين ذلك الاستخدام للممتلكات الثقافية ، وما دام لم يوجد، ضرر إلا إذا لم يوجد .وبين أسلوب آخر يمكن اتباعه لتحقيق ميزة عسكرية مماثلة

لا يتخذ قرار التذرع بالضرورات العسكرية القهرية إلا قائد قوات عسكرية تعادل في ) ج( .أو قوة أصغر إذا لم تسمح الظروف بغير ذلك، حجمها أو تفوق حجم كتيبة

ينبغي إعطاء إنذار مسبق ، )أ(في حالة هجوم يتم بناء على قرار يتخذ وفقا للفقرة الفرعية ) د( .)فعلي حيثما سمحت الظروف بذلك

فلا يمكن الهجوم على الممتلكات الثقافية إلا إذا تحولت إلى هدف عسكري، عند ذاك تتوقف :بأنه ، "الهدف العسكري"من البروتوكول، ) و(1وقد عرفت المادة . ن محميةعن أن تكو

إسهاما فعالا ، إحدى الأعيان التي تسهم، بحكم طبيعتها أو موقعها أو الغرض منها أو استخدامها(والتي يحقق تدميرها التام أو الجزئي أو الاستيلاء عليها أو تعطيلها في ، في العمل العسكري

.)ميزة عسكرية أكيدة، دة في ذلك الوقتالظروف السائ

Page 23: ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ...2017 د 09 د ا 3اا ا ا ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ﺕﺎﻜﻠﺘﻤﻤﻠﻟ

2017ديسمبر 09العدد 3المجلة العلمية لجامعة الجزائر

إلا أن التطور الذي حصل في القانون الدولي الإنساني أنّ قيودا مطلقة فُرضت على استعمال الأهداف العسكرية . )46(حق اللجوء إلى الثأر أو المعاملة بالمثل حتى ولو ارتكبت جرائم بشعة

الثقافية تتوقف حمايتها عندما تصبح هدفا عسكريا مما يعني أن الممتلكات، وحدها هي المستهدفةوقد أصبحت قاعدة . ويصبح للطرف المعادي حق تدميرها لأن الضرورة العسكرية تقتضي ذلك

معترف ا من طرف القانون الدولي العرفي وهي الآن جزء لا يتجزأ من الدليل العسكري في .)47(العالم أجمع

، قد تعرضت هي ) ]1999(من البروتوكول الثاني ) و(1لمادة ا[ فالمادة المشار إليها أعلاه مثلما حدث . "موقعها " الممتلكات أو " بطبيعة" خاصة فيما يتعلق ، الأخرى إلى تفسيرات عدة

فقد أثر الهجوم على معبدي . 2006للمواقع الأثرية في لبنان أثناء العدوان الإسرائيلي سنة رغم أما يقعان خارج مسرح ، على لائحة التراث العالميالمسجلين ) جبيل( Byblosبعلبك وأجزاء من جدران معابد بعلبك دمرت وأخرى تشققت ، من بين هذه الآثار المتضررة. العمليات

. )48(بفعل ارتجاج القنابل الملقاة بمحاذاا

إن طبيعة الوسائل (: )موقع العين(فقد جاء تعليق اللجنة الدولية للصليب الأحمر على هذا المعيار لو ، إن قوة الأسلحة المستعملة يمكن أن يكون لها نفس النتائج. المستعملة ليست وحدها المعنية

إنه من المحتم أن يكون مفعوله مساحة . استعملنا مثلا قنبلة من عشرة أطنان لتدمير بناية واحدة ).49()مير البنايةواسعة وتقضي على البنايات ااورة بينما تكفي قذيفة أقل قوة لتد

الحقيقة هي أنه ليس للأطراف المتحاربة حق غير محدود فيما يتعلق باختيار الإضرار بالعدو فإذا كان يجب احترام الأعيان الثقافية والمحافظة . )1907من نظام لاهاي بتاريخ 22المادة (

ة العسكرية ذريعة فيجب من جهة أخرى مراعاة الجانب الإنساني الذي قد تكون الضرور، عليهامبدأ الضرورة ، ومن التوازن الواجب مراعاته بين المبدأين. لإنقاذ حياة البشر في نزاع مسلح

: كما عبر عن ذلك أحد المؤلفين في هذا الشأن . وهو ما يحكم قوانين الحرب. ومبدأ الإنسانية. المتحاربين إذا كان يجب أن تغلب الضرورة العسكرية فلا حدود مهما كانت تفرض على(

إذن فلا مجال للحديث عن ، إذا كانت الاعتبارات الإنسانية هي الدليل لإدارة الحرب، وبالعكس

Page 24: ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ...2017 د 09 د ا 3اا ا ا ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ﺕﺎﻜﻠﺘﻤﻤﻠﻟ

2017ديسمبر 09العدد 3المجلة العلمية لجامعة الجزائر

وهنا بالضبط تكمن فلسفة القانون الدولي الإنساني الذي ينتج عن توافق بين . )50()حربزن بين ينتج عن توا(: أو هو بحسب أحد الفقهاء ، )51(الضرورة الحربية ومبادئ الإنسانية

التي هي معطيات –ومتطلبات حماية الفرد البشري –التي هي فعلية –المتطلبات العسكرية . )52( )الضمير

الخاتمة

يمكن أن نستنتج أن الممتلكات الثقافية المهددة بالتلف والدمار جراء الحروب ، في خاتمة هذا المقالفاتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات . عليهالم تعد بدون إطار قانوني لحمايتها والحفاظ ، المدمرة

هما الوثيقتان الرئيسيتان اللتان تضعان أحكاما ، )1999(وبروتوكولها الثاني ) 1974(الثقافية وقد اكتسبتا اليوم قيمة عرفية . سواء في حالة نزاع مسلح دولي أو غير دولي، ملائمة لهذه الحماية

فقد انتبه اتمع الدولي في . م للاتفاقيتين المذكورتينكونية تلتزم ا حتى الدول التي لم تنضلأن التراعات المسلحة هي السبب ، الأخير إلى إحاطة الممتلكات الثقافية بجهاز قانوني صارم

. أقلها النهب والتهريب، الرئيسي في إلحاق الأضرار ا رغم وجود أسباب أخرى لا تقل خطورةفإذا . ليست ممكنة إلا في ظل الفوضى التي تخلفها الحروب لكن حتى هذه النشاطات غير الشرعية

لم يتمكن اتمع الدولي من منع التراعات المسلحة فعلى الأقل جعلها غير فعالة إزاء الممتلكات باعتبار أن هذه الأخيرة هي تراث إنساني وليست تراث الدولة التي تجري على إقليمها ، الثقافية

لأول مرة . تمع الدولي اليوم بأن تراثه الذي لا يعوض مهدد بالزوالفقد أقر ا. الحرب فحسبلائحة مخصصة حصريا لحماية التراث 2017مارس 24أعتمد مجلس الأمن بالإجماع بتاريخ

وهو تعبير عن الأهمية القصوى التي يوليها اتمع الدولي لحماية تراثه من أجل السلم . الثقافي والأمن

Page 25: ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ...2017 د 09 د ا 3اا ا ا ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ﺕﺎﻜﻠﺘﻤﻤﻠﻟ

2017ديسمبر 09العدد 3المجلة العلمية لجامعة الجزائر

:الهوامش

1. Le Monde , 25/05/2016 2. Le Monde , 23/12/2014

: نفس المصدر .3

4. Le Monde, 03/03/2015 5. Le Monde ,03/03/2016 6. Gauthier Lemelle , (La protection du patrimoine 7. culturel en temps de conflit armé non internationaux) 2014 ,(dumas -

01151658). 8. Jiri TOMAN , Les biens culturels en cas de conflit armé , Paris , Unesco. 1994

, p.20. .20ص.نفس المصدر .9

.نفس المصدر .10

.05/12/2008الحياة، لندن، )مخاطر العجز العربي أمام ديدات إسرائيل(باتريك سيل .11

12. François BUGNION , (La genèse de la protection juridique des biens culturels en cas de conflit armé dans le cadre du droit international humanitaire conventionnel et coutumier) , 14/02/2004.Revue internationale de la croix rouge , vol.86, n°854,2004.

262،ص 1982، 2صبحي محمصاني، القانون والعلاقات الدولية في الإسلام، بيروت، دار العلم للملايين، ط .13

14. Stanislas E.NAHLIK , (La protection internationale des biens culturels en cas de conflit armé) , Recueil de cours de l’ Académie de droit international de la Haye , 1967/2, p.70.

.2016، نوفمبر ORIENT 21، الة الالكترونية، )حين يهدد بناء سد تراث البشرية: تركيا (بيلين جنكيز، .15

.234-233، ص 1990، 3حسين فوزي، سندباد مصري، القاهرة، دار المعارف، ط .16

24، ص1984، 2زينة عازار وميشال أبي فاضل، بيروت، طمارغريت روتن، تاريخ بابل، ترجمة .17

18. .Stanilas E.Nahlik .78ص . مرجع مذكور.

، 2007فايز الصياغ، بيروت، المنظمة العربية للترجمة، : ،ترجمة)1848-1789(أوروبا ‘ إريك هوبزباوم، عصر الثورة .19 166ص

.176نفس المرجع، ص .20

فرنسية، –، استولت الوحدات الأنجلو 1860التي نشبت في الصين سنة " رب الأفيونح"أثناء الحرب الثالثة المعروفة باسم .21لإجبار إمبراطورية السماء على الاستسلام، على المقر الصيفي للإمبراطور الذي كان يتكون من مجموعة كاملة من القصور

هذه اموعة اختفت من . د لمثلها قطوالأجنحة تحتوي على مجموعة طائلة من أعمال فنية شرقية، الأغنى ربما، لا وجوالوجود في بضعة أيام، أحرقت ودمرت عمدا، لا من طرف قطاع طرق غير منضبطين ولكن بأمر صريح من السفير

.Stanislas E. Nahlik , op.cit.p.89. البريطاني، جيمس بروس لورد إلجين الذي كان يراقب التنفيذ شخصيا :وردت في .22

23. Jiri Toman , Les biens culturels en cas de conflit armé , op.cit. , p.20.

Page 26: ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ...2017 د 09 د ا 3اا ا ا ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ﺕﺎﻜﻠﺘﻤﻤﻠﻟ

2017ديسمبر 09العدد 3المجلة العلمية لجامعة الجزائر

بيروت، المنظمة العربية جان جاك روسو، في العقد الاجتماعي أو مبادئ القانون السياسي، ترجمة عبد العزيز لبيب، .24 .88-87، ص2011للترجمة،

25. François Bugnion , op.cit. pp.313-314. 26. Jean De Breucker , (Pour les vingt ans de la Convention de la Haye du 14 mai

1945 pour la protection des biens culturels) , Revue belge de droit international, 1975/2,p.528.

27. Etienne Clément, (Le concept de responsabilité collective de la communauté internationale pour la protection des biens cultures dans les conventions et recommandations de l’Unesco) , Revue belge de droit international , 1993/2,p.528.

28. Patrick J. Boylan , (Réexamen de la convention pour la protection des biens culturels en cas de conflit armé (convention de La Haye de 1954)) , Paris , Unesco 1993, p.25.

.33نفس المرجع ،ص .29 .40نفس المرجع، ص .30

31. Stanislas E.Nahlik , op.cit., p94 32. Jean De Breucker , op.cit., p. 526. 33. Jean-Marie Henckaerts , (Nouvelles règles pour la protection des biens

culturels en cas de conflit armé) , in : Protection des biens culturels en cas de conflit armé , Rapport d’ une réunion d’ experts , (Genève , 5-6 octobre 2000),C.i.C.R ,Novembre 2001, p.27.

34. Marie Cornu ,(Droit des biens culturels et des archives) , Novembre 2003. .نفس المرجع .35

36. Fancesco Francione ,(Au-delà des traités : l’émergence d’un nouveau droit coutumier pour la protection du patrimoine culturel) , EUI Working paper LAW , n°2008/05.

.14/11/1970اعتمدت في الجلسة الثانية والثلاثين لليونسكو بتاريخ .3738. Jiri Toman , Les biens culturels en cas de conflit armé , op.cit., p.93. 39. Allain Pellet , (La destruction de Troie n’ aura pas lieu) The Palestine

Yearbook of international law (1987/88)4 , p.45. 40. Jean-Marie Henckaerts , op.cit. p.34. 41. Patrick Boylan op.cit.p35.

.36نفس المرجع، ص .42 57نفس المرجع، ص .43 . 351،ص1982شارل روسو، القانون الدولي العام، ترجمة شكر االله خليفة وعبد المحسن سعد، بيروت، الأهلية .44

45. Frédéric de Mulinen , (Nécessité militaire et lieux protégés par le droit de la guerre) , Revue militaire suisse , 111, (1966).

46. Pietro Verri , Dictionnaire du droit international des conflits armés, C.I.C.R ,Genève 1988,p.101.

.نفس المرجع .47

Page 27: ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ...2017 د 09 د ا 3اا ا ا ﺢﻠﺴﻣ ﻉﺍﺰﻧ ﺔﻟﺎﺣ ﰲ ﺔﻴﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ﺕﺎﻜﻠﺘﻤﻤﻠﻟ

2017ديسمبر 09العدد 3المجلة العلمية لجامعة الجزائر

48. Christiane Johannot Gradis , Le patrimoine matériel et immatériel : quelle protection en cas de conflit armé ? Genève , Schuthess , 2013 , p. 271.

49. Jean-Marie Henckaerts , op.cit. , p.35. 50. Patrick J. Boylan , op.cit., p.56. 51. Jean-Marie Henckaerts , op.cit. , p.35. 52. Cristiane johannot Gradis , op.cit. p.310. 53. Comité international de la Croix rouge , Commentaire , 1962 , 1964 et 1966 ,

p.638-639 .313ص. نفس المرجع: وردت في .54

55. Jiri Toman , Les biens culturels en temps de guerre : quel progrès en faveur de leur protection ? , Paris , Unesco , 2015 , p.112.

56. Jiri Toman ,Les biens culturels en cas de conflit armé , op.cit., p.93. Allain Pellet, « La destruction de Troie n’aura pas lieu » , The Palestine Yearbook of international Law , (1987/88)4, p.45.