حقيقة موقف الرازي من السحر والتنجيم،

وإنكار ابن تيمية عليه

(دراسة نقدية يف دفاعات األشاعرة).

: للباحث

سلطان بن عبد الرمحن العمريي

واملرسلني وعلى آله وصحبه احلمد هللا رب العاملني والصالة والسالم على أشرف األنبياء .أمجعني

: أما بعد

السحر مبوضوعيتعلق أيب عمر حممد بن عمر الرازي أنه ألف كتاباعن شتهر فقد ا خماطبة الشمس والقمر والنجوم"السر املكتوم يف"والنجوم، أمساه

منهم من و ،إليه، فمنهم من جزم بأنه له يف نسبة هذا الكتاب وقد اختلف الناس كثريا .تردد يف ذلك، ومنهم من جزم بأنه ليس له

عدد كبري من إليه هتنسبوقد أثبت ، لرازيكتاب ثابت النسبة إىل اوالصحيح أن الومن أقوى األدلة على ذلك أنه ذكر تأليفه هلذا الكتاب يف مواطن ، املؤرخني والباحثني

.)١(، وأحال إليه ونبه على أنه حقق بعض املسائل فيهمتعددة من كتبه

، وصفه بالردة والشرك، بل يةيمابن ت ، وأغلظ يف اإلنكار عليهه للرازيوممن جزم بأنوهو ،من العجب أن يذكر عن أيب معشر ما يذم به عبادة األوثان" :حيث يقول عن الرازي

الذي اختذ أبا معشر أحد األئمة الذين اقتدى م يف األمر بعبادة األوثان ملا ارتد عن دين األوثان يف كتابه اإلسالم وأمر باإلشراك باهللا تعاىل وعبادة الشمس والقمر والكواكب و

.)٢("الذي مساه السر املكتوم يف السحر وخماطبة النجوم

صنف الرازي كتابه يف عبادة الكواكب واألصنام، وأقام األدلة " :ويقول يف موطن آخرعلى حسن ذلك ومنفعته، ورغب فيه، وهذه ردة عن اإلسالم باتفاق املسلمني، وإن كان قد

.)١١٠-١٠٩يف كل ذلك: فخر الدين الرازي، الزركان (انظر )١( .)٣/٥٣بيان تلبيس اجلهمية ( )٢(

.)١("يكون تاب منه وعاد إىل اإلسالم

حول هذا الكتاب ومؤلفه سيأيت ذكره يف أثناء البحث. والبن تيمية كالم كثري

أن يدافع عن الرازي حاول -األستاذ سعيد فودة ك –بعض األشاعرة املعاصرين ولكن، وأنه بالغ يف م ابن تيمية بأنه حتامل على الرازيوا ،من تلك الشناعة تهوسعى يف تربئ

.يه ما مل يقله من الشرك والكفرإلنسب ، واإلنكار عليه

يسأل عن حقيقة فأشكل هذا األمر على عدد من املعاصرين ، وأخذ عدد من الدارسني .هذه القضية حبسب ما أملك من قدرة، فأحببت أن أشارك يف جتلية األمر وكنه املسألة

: ذه الورقة معنية بالبحث يف أمرينوستكون ه

بالكواكب وإثبات رازي من السحر والتنجيم والتعلق فهو يف حتقيق موقف ال :أما األول .أثرها يف األرض

. حتقيق موقف ابن تيمية من الرازي فهو يف :وأما الثاين

. رة البحث وتزيد من ثرائه وفائدتهمث تعقبهما مسائل أخرى تكمل معها صو

رازي لى أن البحث هنا خاص بال، ال بد من التأكيد عويف بداية هذه الورقة البحثية، حىت كم على كل أتباع املذهب األشعري، وال جيوز يف الشرع وال يف العقل تعميم احلفقط

، رى أن الكتاب مل تثبت نسبته إليه؛ الحتمال أن يكونوا ممن يهلم ولو أعلنوا أن الرازي إمام منا قصد إىل إبطاهلا والردوإ ،أو ممن يرى أنه مل يكن يقصد إىل مدح السحر وعبادة النجوم

. عليها

: قف الرازي يف كتابه السر املكتومحقيقة مواألمر األول :

املنهج العلمي يف حتديد موقف الرازي يف كتابه السر املكتوم أن نرجع إىل يقتضي

) .٤/٥٥جمموع الفتاوى ( )١(

، وأال نعتمد على الكتاب ذاته ونقوم باستعراض موضوعه واآلراء اليت قررها الرازي فيه . ب بني أيديناك كله مع وجود الكتاأحد يف حتديد ذل

مع جفهذا كتاب ي ، بالتنبيه على موضوعه ، فقال :" أما بعد فقد افتتح الرازي كتابهات والسحريات ، والعزائم ودعوة الكواكب ، مع التربي مسفيه ما وصل إلينا من علم الطل

.)١(عن كل ما خيالف الدين وسلم اليقني"

، ويسوق ما وصل إليه وضوعات واضح من هذا النص أن الرازي سيتحدث عن تلك امل ، ولكنه ينبه على أنه يتربى من كل ما خيالف اإلسالم .فيها عن األوائل

أما ويف فضل العلم ، جعل الفصل األول، مث ذكر أنه سيفتتح الكتاب بعدة فصول لفصل ا، حيث يقول :" فقد جعله يف بيان فضل علم الطلسمات والسحر! الفصل الثاينا بني لذة أشرف العلوم وبني لذة لعلم مجعوا ن أصحاب هذاإ :ل هذا العلم الثاين يف فضائ

فألن هذا العلم يوقف على أسرار العامل األعلى ؛ وأما لذة العلم شرف أنواع القدرة ،أ تلطابل وخم، خماطبا هلم تللروحانيا علك حبيث تصري مشاهداوجي وأسرار العامل األسفل ،

....م

منها : أن صاحبه يقوى على : فألم يقدرون على مجيع املرادات؛ ة وأما لذة القدر ا األطباء مثل اذومني واملفلوجني والعشق الشديد همعاجلة األمراض الصعبة اليت يعجز عن

ات أقوى من وحانيروحانيات واألطباء باجلسمانيات والرهؤالء يستعينون بال ألنسة اخلصوم من غري ممار هذا العلم يقوى على قهرأن صاحب : ومنها ، اجلسمانيات ال حمالة

.)٢("احلروب وتعريض النفس للقتل

:سني علم السحر وبيان فضله ، فقاليؤيد ا قوله يف حت قصصاو ساق الرازي أخبارامث وحكى أبو معشر البلخي رمحه اهللا أنه كان يف بالد اهلند ملك عاقل عامل بأسرار النجوم "

إليهفراجع املريخ وشكا ،إليه حىت قرب من بلده تله خصم ومل يلتف فظهر، وسخر املريخ

) .٢السر املكتوم ( )١( ) .٣املرجع السابق ( )٢(

رأى شيئا جييء إليهم من اجلو أنه ئبالعشرة مع ندماوكان امللك مشغوال ،فلم يبلغ ساعةوفيه رأس آدمي ، من النحاس على شكل مثلث شيئا افلما نظروا إليه رأو ،وقع السحىت

وامللك ، ؤه ذلك الشيء العجيب هربوا من هيئته وتفرقوا فلما رأى ندما، مقطوع يف احلال ، مث أمر بإحضارهم ، حىت إذا ما مضى ساعة ، ليهم ويضحك وال يتحرك إساكن ينظر

وقام ، إن هذا هو رأس امللك الذي قصدنا ، لكم البشرى : فقال امللك ، خائفني اءوجافوكنتم ، منا الذي كنا به منشغلني به مثرة عل ، وهوفهذا هو رأسه ، لعداوتنا وختريب ملكنا

مث إم قبلوا األرض ، فعفوت عنكم ، تنسبونا بسبب اخللوة واالنشغال ذا العلم إىل اجلنون هل تعرفون ما السبب يف كون : وقال ، مث إن امللك أخذ ذلك اإلناء ، للخدمة شاكرين عليه كان املريخ يف تثليث ذلك ألن الطالع الذي ابتدأت هذا األمر! هذه اآلنية مثلثة ؟

، وعلم سبب قتل أبيه، مث إنه بقي للملك املقتول ابن فتفحص عن ذلك األمر، الشمس تفلما مضى شهر واحد وقع، فكانوا أربعة آالف ، ربامهة واشتغلوا بدعوة املريخ فجمع ال

.)١("على الناس واحترقوا مجيعا صاعقة من السماء

توصيات عديدة لنجاح التعامل مع الروحانيات وذكر عن التعامل طويالمث حتدث .معها

خمالفة لإلسالم ، وال يرى فيه ،ازي ميتدح السحريف أن الر وهذا الفصل صريح جدا بيان فضله وساق األدلة على ذلك ، وكونه يقدم توصيات ونصائح يشري إىلوهلذا توسع يف

إىل ه والتحذير منه ، وإمنا هو قاصدإىل نقد قاصداأنه ليس جمرد ناقل لقول غريه وليس . حكاية ما يراه صحيحا

ومل يكتف الرازي بذلك ، بل إنه قسم كتابه إىل مقاالت عديدة ، وحتدث يف املقالة ، وعرف األوىل عن تقرير األصول الكلية اليت يقوم عليها علم السحر والطلسمات

ضية املنفعلة ألجل لة مع القوى األرأحوال القوى السماوية الفاعالطلسمات بأا العلم ب

) .٣املرجع السابق ( )١(

.)١(من إظهار ما خيالف العادة التمكن

هافي الفاعلة ، وساق األدلة اليت يرى يف إثبات وجود القوى السماوية مث توسع كثريا، رفة تلك القوى والطبائع السماويةداللة على ذلك ، مث أخذ يف إثبات إمكان التوصل إىل مع

.)٢(ا ذلكوذكر الطرق اليت يعرف

من املقالة األوىل فقد جعله يف السحر املبين على تصفية النفس حىت وأما الفصل الرابع ل البلوغ إىل تلك يسهل عليها االتصال بالقوى السماوية ، وقدم فيه توصيات كثرية ألج

كمة "من أراد أن تصري العالقة بني نفسه وبني األرواح العلوية اخلارجية مستح :املرتلة ، وقال .)٣(وجب عليها يف أول األمر النفور عن الشواغل اخلارجية بأقصى الوجوه"

وبني هتغل بعلم الطلسمات أن حيرص على إحكام العالقة بينوذكر أنه جيب على املش دح صنمبد أن مي شية أن صاحب الطلسمات الوحاألرواح الفلكية ، ونقل عن ابن

بقوله :"إن هذه الصنعة مباشرة ازي على نقلهالشمس وعطارد وأن يصلي هلا ، مث عقب الرتم إال بتعلق الفكر والوهم بروح ذلك الكوكب املعني ، حبيث يصري ذلك ملكة ال ت

، ومل ينكر قول ذلك املنجم ، مع أنه تضمن الدعوة إىل اخلضوع للكواكب )٤(مستقرة" والتعلق ا!

باألرواح السماوية ، وعلق يوضح فيه كيفية التعلق مث نقل عن طمطم اهلندي كالما فصالعليه الرازي مباشرة بقوله :"أقول هذا فصل نفيس مل أجد يف هذا اجلنس من الكتب

بد أن يترك شيئا من زاول هذه الصنعة ال ميدل على أن جمموعهأهدى إىل التحقيق منه ، وريد إما على روح الكوكب الذي ي خياله ومهه وعقله ونفسه إال وتعلقهحسه وفكره و

له تعلق بذلك الكوكب ، وكلما كان التعلق أشد كان االستعانة به يف عمله أو على ما

) .٥انظر : املرجع السابق ( )١( ) .٨-٧انظر : املرجع السابق ( )٢( ) .١٥املرجع السابق ( )٣( ) .١٦املرجع السابق ( )٤(

.)١(حصول املقصود أمت"

على أنه متنب واضح أنه متضمن للشرك باهللا دليل مع مدح الرازي لكالم هذا املنجم واكب دعوة صرحية إىل التعلق بالكولرأيه وأنه ليس جمرد ناقل لألقوال فحسب ، وهي

واالستعانة ا .

ومل يكتف الرازي بذلك ، وإمنا أخذ يف توضيح األعمال واآلداب اليت ينبغي أن يقوم ا من الرقى امن يريد التعلق باألرواح الفلكية حىت يكون تعلقه أكثر فاعلية ، وذكر أنواع

. )٢(والعقد والكتابة واالعتقاد يف تأثري الكواكب

ثانية فقال :"املقالة الثانية : فيما ال بد منه يف علم النجوم يف هذه مث انتقل إىل املقالة ال كثرية من التعلق بالنجوم وصنوفا الصنعة" وذكر فيه مثانية عشر فصال شرح فيه أشكاال

منوعة من أفعاهلا يف األحداث األرضية .

رة يف هذا يف الدالئل االعتبارية اليت تدل على أن النجوم مؤثوقال يف الفصل األول : ختم الفصل بقوله :" فمن أراد أن يعمل عمالويف شرح ذلك ، ، وأطال جدا)٣(العامل"

ب يبطبائع هذه الكواكب وأفرادها ومركباا حىت ال خي صفال بد أن يكون حميطا خمصوصا .)٤("!عمله وال يضيع سعيه

تعليق كل احلوادث وتباط ا ، التعلق بالنجوم واالر ة صرحية إىلويعد هذا الفصل دعو لكالم املنجمني فقط ، وإمنا متبنيا األرضية ا ، وهو يدل على أن الرازي ليس جامعا

، فهو ميدح ويذم ويوصي ويوجه وحيذر .لقوهلم

الكواكب على األرض ، وذكر ى من أنكر تأثري لفقد عقده يف الرد ع وأما الفصل الثاين

) .١٧املرجع السابق ( )١( ) .١٧انظر : املرجع السابق ( )٢( ) .٢٠املرجع السابق ( )٣( ) .٢٦املرجع السابق ( )٤(

السادسة : متسكوا بآيات من كتاب اهللا تعاىل شبه على حد قوله ، وقال "الشبهة هلم ست ، مث أجاب عليها جوابا خمتصرا جدا . )١(زعموا أا تدل على فساد هذا العلم "

، ويف )٢(فقال :"الفصل الثالث يف ضبط أبواب علم النجوم" نتقل إىل الفصل الثالثاوا وطبائعها ، يف شرح النجوم واألبراج وذكر خواصه ما بعده توسع جداوهذا الفصل

وكيفية التعامل معها بناء على اختالف تلك اخلواص .

إىل كل واحد من أضيففقد قال فيه :"يف استقصاء القول فيما يف الفصل الثامن وأمامن األساطري اليت يترته عنها العقالء امن اخلرافات وصنوف مجع فيه أنواعا، و)٣(هذه األبراج"

عن املسلمني . فضال

الكواكب اوة يف األرض إمنا هو بسبب تأثريسبب السعادة والشق أنعلى مث أكد السماوية ، وقال :"البحث الثاين : إنه ثبت يف احلكمة استناد مجيع احلوادث األرضية إىل

فإمنا حيدث ،االتصال الكوكيب والتشكالت الفلكية علمنا أن كل إفراط حيدث يف هذا العاملة تأثري كيفي يف شرح سع كثريامث تو، )٤(ا فمن هناك"من هناك ، وكل اعتدال ها هن

الكواكب يف إحداث السعادة والتعاسة وذكر أقسامها وأنواعها .

ب على صاحب الصنعة فعلها بات اليت جيريف آخر الكتاب ذكر فيها الق وعقد فصوال .)٥(ألجل الكواكب ، وتوسع يف شرح ذلك كثريا

ى صاحب هذه الصنعة االلتزام ا وقال :"اعلم أن وذكر التسبيحات اليت ينبغي علبصفات كل كوكب وخواصه وتأثرياته فإنه إذا أراد الثناء عليه مدحه الداعي إذا كان عاملا

) .٢٩املرجع السابق ( )١( ) .٢٩ع السابق (املرج )٢( ) .٣٩املرجع السابق ( )٣( ) .٤٨املرجع السابق ( )٤( ) .١٢٣انظر : املرجع السابق ( )٥(

وذكر كل جنم وما له من ، مث أخذ يف شرح تلك التسبيحات ،)١(بتلك األفعال واخلواص" خشوع وخضوع وهدوء!تسبيح يف حالة تسبيحة ، وذكر أنه ينبغي أن يقال ال

مث توسع يف شرح طرق السحر ونقل فيها عن املؤلفني يف هذه الصنعة ، وذكر الطرق ، والسبل املوصلة إىل ةاليت تصنع ا التعاويذ والعقد والرسومات والطالسم واحلروف املقطع

، تعاويذليت تصنع هلا تلك الهلذه الصنعة ، وذكر األدواء واألمراض واألغراض ا اإلتقاندرجة .)٢(رض وما يناسبهكل غ

اعلم أن " :مع داللة الشرع فيقول ثه ذكر أن ما قرره يف الكتاب يتفقويف أثناء حديوح العقول والشرائع متطابقة على أن املتويل لتدبري كل نوع من أنواع حوادث هذا العامل ر

إن : ا قلنا وإمن، مسماة يف لسان الشرع باملالئكة هيوهذه األرواح ،مساوي على حدةروح ألنه ملا ثبت بالدالئل العقلية أن مدبر العامل األسفل هو؛ األمر كذلك حبسب أمور

وجب إسناد كل ، ثار خمتلفة آل املبادئ الواحدة ال تكون مصدرامث ثبت أن األعلى ،العامل "طريعلمنا منطق ال:"وقوله تعاىل يف حق سليمان ... واحد من هذه اآلثار إىل روح فلكي

وتواترت ، ألن عطارد يتعلق بالطري ؛ املراد اتصال روحه بروح عطارد : قال بعض أصحابنا واملوكل ، املوكل بالسحاب والرعد والربق ملك واملوكل باألرزاق ملك أناألخبار على وإذا ثبت هذا صارت هذه ، إىل غري ذلك من األحوال ، والبحار ملك ، باجلبال ملك

.)٣("فاق بني األنبياء عليهم السالم واحلكماء رضي اهللا عنهممسألة و املسألة

السحر أو علم التنجيم وحنوه ، وإمنا كتابه ال يتحدث عن حكم تعلم علموالرازي يفوارتباط كل احلوادث األرضية يتحدث عن حتسني علم السحر ذاته ، ويقرر تأثري النجوم

تسبيح بامسها ، ويدافع عن ذلك كله . ، ويدعو إىل التعلق ا واخلضوع هلا ، والا

،ن فرقانجمووالقارئ للكتاب ال جيد بينه وبني الكتب اليت كتبها السحرة والكهان وامل

) .١٢٣املرجع السابق ( )١( ) .١٥٠-١٣٥انظر : املرجع السابق ( )٢( ) .١١٠السر املكتوم ( )٣(

إنكار الرازي على الفالسفة واملنجمني قوهلم بقدم تلك الكواكب وغاية ما جيد القارئ فيه، ولكنه ال يكفي حق ال شك فيه هيتها والقول بأا تؤثر بنفسها ، وهذا اإلنكارووالقول بإل

يف اخلروج من املخالفة الشركية ، ألن الرازي مع ذلك يقرر بأن تلك الكواكب تؤثر يف احلوادث األرضية ، وكل حادث له كوكب خاص ، ويدعو إىل التعلق ا ، والذبح هلا

والسجود والتسبيخ بامسها ، وحيسن األعمال السحرية ويدافع عنها .

جيم والطلسمات ب "السر الكتوم " هو يف احلقيقة كتاب من كتب التنفهذا الكتا من الطراز األول .والسحر

من الشرك والكفر بعضها متعلق بإباحة السحر والتنجيم ةوهو متضمن ألنواع كثري، وبعضها متعلق بادعاء تأثري الكواكب وخواصها يف احلوادث األرضية وحتسينه ومدحه ،

التقرب إىل تلك الكواكب والتسبيح بامسها واخلضوع هلا والتعلق ا ةوبعضها متعلق بإباح .والدعوة إىل ذلك

والقارئ للكتاب يقف على أدلة متعددة يدرك من خالهلا أن الرازي مؤيد ملا نقله يف الكتاب ومعتقد صحته ، ومن ذلك :

الل على صحة علم السحر والتنجيم .لالستد فصالفإنه عقد -١

على كالم كثري من املنجمني الذي يتضمن الدعوة إىل اإلشراك بالكواكب ، وأثىن -٢ كالم بعضهم بالتحقيق والفضل.ووصف

اليت اعترضوا ا على علم –كما يقول –للدفاع عن الشبهات وعقد فصال -٣ .والتنجيم السحر

كتابه.فقا على تصحيح ما قرره يف وادعى يف آخر الكتاب بأن العقل والشرع ات-٤

قوهلم بقدم املادة الرد على الفالسفة واملنجمني علىعن ذلك فإنه اقتصر يف وفضال -٥ فقط ، وترك صور الشرك األخرى .

فهذه كلها دالئل قوية تؤكد على أن الرازي يرى صحة ما أورده يف كتابه ، وأنه مل فقط ، وإمنا يقرر قوله ومذهبه . هيكن جمرد ناقل لكالم غري

على الرازي ، فإن موقفه من السحر تقرير هذا األمر ليس غريبايقوي ذلك أن مما ومما ذكره قريبا ، وقد ذكر كالما األخرى يف عدد من كتبهللشريعة ظاهر املخالفة والتنجيم

يف هذا الكتاب يف كتاب املطالب العالية ، وهو من آخر مؤلفاته كما حققه عدد من .)١(الباحثني

القسم الثالث من هذا :" "تاب "املطالبة العاليةيف جزء النبوات من ك يقول الرازي: " مقدمة يف بيان أنواع السحر، النوع مث قال ، تاب يف الكالم عن السحر وأقسامه"الك

وهو أعظمها قوة وأشدها تأثريا على ما يقال: السحر املبين على مقتضيات أحكام ،األولدث يف هذا ه ثبت بالدالئل الفلسفية أن مبادئ حدوث احلواالنجوم، وتقرير الكالم فيه أن

ية واالتصاالت الكوكبية، مث إن التجارب املعتربة يف علم األحكام لكالعامل هو األشكال الف، مث إن التجارب النجومية دلت على انضافت إىل تلك الدالئل فقويت تلك املقدمة جدا

. )٢("ة بأشياء معنية يف هذا العامل السفلياختصاص كل واحد من هذه الكواكب السيار

: "النوع اخلامس من السحر: السحر املبين على من السحر بعد أن ذكر أنواعامث قال االستعانة باألرواح الفلكية، فإنا قد بينا أن أكثر فرق أهل العلم مطبقون على إثبات هذه

عند هذا قال بعضهم: إنه ميكن االستعانة األرواح، وعلى أن هلا آثارا عظيمة يف هذا العامل، وم بطرق خمصوصة، وإذا حصل ذلك االتصال فقد حصلت القدرة على خوارق

.)٣(العادات"

: "واعلم أن شيئا من هذه األقسام ال يتم وال قال ذكر عشرة أنواع من السحروبعد أن حر على أن جيمع أنواعا يكمل إال عند االستعانة بالسحر املبين على النجوم، ولو قدر السا

) .٩٦-٩٤: فخر الدين الرازي ، الرزكان (انظر )١( ) .٨/١٤٣العالية ( املطالب )٢( ) .٨/١٤٥املرجع السابق ( )٣(

.)١(كثرية منها كان أقوى وأكمل فيما يروم"

كر حجج أصحاا وبتفصيل ، مث طفق يف بيانمث توسع يف شرح الطلسمات وذإن تأثريات " :وقال مؤكدا أمهيتهاالشروط الكلية اليت جيب مراعاا يف حتصيل هذه الصنعة ،

إذا قوي االعتقاد يف صحة األعمال صارت أرواح الكواكب أقوى من تأثريات أجسادها، فاألرواح البشرية معاضدة لألرواح العلوية، كما صارت املواد السفلية معاضدة لألجرام العلوية، فال جرم تقوى التأثريات.. وهلذا السبب قال بطليموس: علم النجوم منها

.)٢(ومنك"

نه إذا قرب لألرواح أ":" كر الكواكب لتحصيل النفع منها فذمث قرر إباحة التقرب إىل قطع عن ذلك العمل وأن ال أنواعا من القرابني ومل جيد منها أثرا، فالواجب أن ال ين

.)٣(يتركها"

مقررا يف شرح تأثري الكواكب على األحوال األرضية يقول مؤكدا ل جداوبعد أن أطائح.. فإذا أراد إن أصحاب األحكام أثبتوا لكل كوكب معىن من الطعوم والرواذلك :"

اإلنسان حتصيل أمر من األمور، علم أن ذلك العمل ال يصدر إال من الكوكب الفالين، فحينئذ يسعى يف تقوية ذلك الكوكب من مجيع الوجوه اليت قد بيناها، مث جيمع بني مجيع األمور املناسبة لذلك الكوكب من القوابل السلفية، فإذا اجتمعت هذه القوابل حال كون

.)٤(الكوكب قوي احلال ظهر التأثري ال حمالة" ذلك

"السر هيف هذا اجلزء من كتابه ال خيتلف عما قرره يف كتاب الرازيومجلة ما قرره املكتوم" .

وال يصح أن يقال : إن الرازي أراد جمرد عرض أقوال أهل السحر والتنجيم وال يعتقد

) .٨/١٤٦املرجع السابق ( )١( ) .٨/١٦١املرجع السابق ( )٢( ) .٨/١٦٢املرجع السابق ( )٣( ) .٨/١٧٩املرجع السابق ( )٤(

ألقوال ، وإمنا هو كتاب يقرر فيه صحة ذلك ؛ ألن كتاب املطالب العالية ليس جمرد عرض ل، وألجل هذا فإنه يف جزء النبوات ذاته الذي ويرد على ما يراه باطال الرازي ما يراه حقا

عرض فيه القول يف السحر والتنجيم أورد قول املنكرين للنبوات واستعرض شبهام ورد حر والتنجيم ليس معارضا، وهذا يشري إىل أنه يرى أن ما أورده من الس)١(عليها شبهة شبهة

للشريعة .

موقف ابن تيمية من كتاب السر املكتوم :األمر الثاين :

الذي يتتبع كالم ابن تيمية حول كتاب السر املكتوم يدرك بأنه اطلع على الكتاب وأنه ، على علم مبا فيه ، وقد تعرض لوصف مضمونه وموضوعه يف مواطن عديدة من كتبه

، وذكر عدة معلومات عنه ، وعن كتب خبار اليت نقلها الرازي يف كتابهوأشار إىل بعض األ، وكل ما ل العالئية يف األحكام السماوية"الرازي املشاة له يف املوضوع ككتاب "الرسائ

ذكره ال خيتلف عما سبق نقله عن الكتاب .

ب فإنه وصف مرة موضوع الكتاب فذكر أنه قرر عبادة النجوم والكواكب على مذهوقد صنف من صنف يف خماطبة الكواكب والسحر على مذهبهم ة وغريهم ، فقال :"بئالصا

مثل كتاب السر املكتوم يف السحر وخماطبة النجوم وحنو ذلك مما يذكر فيه مذهب .)٢("الكلدانيني والكشدانيني وكانوا مع بنائهم هياكل النجوم

، وذكر ذلك غري اهللا بالسجود وحنو وأشار إىل أن الرازي قرر يف كتابه إباحة التعبد لوالرازي صنف االختيارات هلذا امللك مقارنة بينه وبني كتاب الرسائل السماوية فقال :"

وذكر فيه االختيار لشرب اخلمر وغري ذلك كما ذكر يف " السر املكتوم " يف عبادة ون رم ؛ بل الكواكب ودعوا مع السجود هلا والشرك ا ودعائها مثل ما يدعو املوحد

) .٦٠-٨/١١انظر : املرجع السابق ( )١( ) .٣٧٠بغية املرتاد ( )٢(

فذكر أنه ،والتقرب إليها مبا يظن أنه مناسب هلا من الكفر والفسوق والعصيان ،أعظم .)١("يتقرب إىل الزهرة بفعل الفواحش وشرب اخلمر والغناء وحنو ذلك مما حرمه اهللا ورسوله

ومما ملا يف الكتاب ، حيث يقول " ويف كالم ابن تيمية ما يدل على أنه كان مستحضراغي أن يعلم أن الرازي وأتباعه مضطربون يف هذه احلجة وأمثاهلا فتارة يكونون مع أهل ينب

الكالم وتارة يكونون مع الفالسفة وهلذا حيتج ذه احلجة يف كتابه الذي صنفه يف السحر هذا ملخص ما وصل إلينا من : ودعوة الكواكب وعبادة األصنام املبنية على ذلك وقال فيه

السحريات والعزائم ودعوة الكواكب مع التربي عن كل ما خيالف الدين علم الطلسمات و .)٢("ويثلم اليقني

تعلم بأنه ال ينكر على الرازي إباحة ومن خالل وصف ابن تيمية لكتاب الرازي ندركعلم السحر أو التنجيم فقط ، بل هو مل يذكر ذلك ، وإمنا الذي ينكره عليه بوضوح هو

، ومشاته ع هلا ، والتسبيح بامسهاوحتسينه لصرف العبادات واخلضو إباحته لعبادة الكواكب يف كل ذلك ملا يفعله املشركون معها .

وبناء على ما أدركه ابن تيمية من كالم الرازي يف كتابه حكم عليه بأحكام صرحية يف سياق حديثه عن أخطاء أنه كفر وردة ، حيث يقولوواضحة ، فإنه تارة يصف فعله ب

منهم من يصنف يف دين املشركني والردة عن اإلسالم كما صنف الرازي لمني :"املتككتابه يف عبادة الكواكب واألصنام وأقام األدلة على حسن ذلك ومنفعته ورغب فيه وهذه

.)٣("ردة عن اإلسالم باتفاق املسلمني وإن كان قد يكون تاب منه وعاد إىل اإلسالم

من العجب أن يذكر عن أيب " :سالم ، حيث يقوللك ارتد عن اإلوذكر أنه بصنيعه ذمعشر ما يذم به عبادة األوثان وهو الذي اختذ أبا معشر أحد األئمة الذين اقتدى م يف

) .١٣/١٨١جمموع الفتاوى ( )١( ) .١/٦٦الصفدية ( )٢( ) .٤/٥٥جمموع الفتاوى ( )٣(

وعبادة الشمس ،وأمر باإلشراك باهللا تعاىل ،األمر بعبادة األوثان ملا ارتد عن دين اإلسالم .)١("لسر املكتوم يف السحر وخماطبة النجوموالقمر والكواكب واألوثان يف كتابه الذي مساه ا

فيها كالم ابن تيمية فتارة يذكر ذلك على سبيل قد تنوعوأما رجوع الرازي وتوبته ، فم ، حيث ه على جهة التأكيد واجلزاالحتمال كما يف النص السابق ، وتارة يذكر رجوع

قد صنف يف السحرحىت ،وقد صنف على مذهب الدهرية املشركني والصابئني كتبا يقول:"وإن كان قد أسلم من هذا الشرك وتاب من ، وهو اجلبت والطاغوت ، وعبادة األصنام

ومن كان بتلك األحوال فهو قبل ،لعلها يف تلك األوقات ةفهذه املواالة واملعادا ،ه األمورهذ .)٢("اإلسالم والتوبة

م له هو املوقف الذي واجلزم بتوبة الرازي ورجوعه إىل اإلسالم وثبوت حكم اإلسالما يكرر التأكيد أن الرازي قد تاب وأناب ، وترحم استقر عليه رأي ابن تيمية ، فإنه كثريا

وممن اعترف به أبو عبد اهللا الرازي رمحه اهللا يف غري عليه واستغفر له ، حيث يقول :"لسفية فما لقد تأملت الكتب الكالمية واملناهج الف"ولفظه يف بعضها ، موضع من كتبه

في عليال وال تروي غليال ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن أقرأ يف اإلثبات رأيتها تش] وإليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ٥) [طه ٥الرحمن على العرش استوى (

ولا يحيطون به علما [طه ] ١١] وأقرأ يف النفي ليس كمثله شيء [الشورى ١٠[فاطر قاله يف آخر عمره يف آخر ما وهذا ، ] ومن جرب مثل جتربيت عرف مثل معرفيت ١١٠ويقول يف اآلخر ما يناقضه كما ، يقول القول مث يرجع عنه ، وهو كثري التناقض ، صنفه

ربنا اغفر لنا (، وسائر املؤمنني ، تغمده اهللا برمحته وعفا عنه ، يوجد هذا يف عامة كتبه كا إننبوا رنآم ينلذا للا غي قلوبنل فعجلا تو انا بالإميقونبس ينا الذاننوإخلويمحر ءوفر(

.)٣("] وتوبته معروفة مشهورة١٠) [احلشر ١٠(

) .٣/٥٣بيان تلبيس اجلهمية ( )١( ) .١/٤٠٨املرجع السابق ( )٢( ) .٨/٥٢٩بيان تلبيس اجلهمية ( )٣(

شدته على الرازي يف ذلك وهذا يدل على إنصاف ابن تيمية وعدله ، ويدل على أنأو حنوها ؛ إذ لو كان من الرازي أو عداوة شخصيا الكتاب وغريه ليست ألن له موقفا

كذلك ملا كرر التنبيه على توبته وأكد ذلك بوضوح ، وإمنا غرضه األساسي البحث العلمي والدفاع عن الشريعة .

نه قرر ذلك مع عدد من إبالرازي ، بل يف احلكم ليس خاصاواشتداد ابن تيمية فإن من الناس من يسجد للشمس وغريها من املشتغلني بالسحر والتنجيم ، حيث يقول :"

ويلبس هلا من اللباس واخلوامت ما يظن ،الكواكب ويدعو هلا بأنواع األدعية والتعزمياتأعظم وهذا من ،ويتحرى األوقات واألمكنة واألخبرة املناسبة هلا يف زعمه ،مناسبته هلا

أسباب الشرك الذي ضل به كثري من األولني واآلخرين حىت شاع ذلك يف كثري ممن ينتسب ،مساه السر املكتوم يف السحر وخماطبة النجوم إىل اإلسالم وصنف فيه بعض املشهورين كتابا

على مذهب املشركني من اهلند والصابئني واملشركني من العرب وغريهم مثل طمطم اهلندي لبابلي وابن وحشية وأيب معشر البلخي وثابت بن قرة وأمثاهلم ممن دخل يف وملكوشا ا

.)١("وهم منتسبون إىل أهل اإلسالم ،الشرك وآمن باجلبت والطاغوت

لبينة على وهذا التقرير يدل على أن ابن تيمية مل يقرر األحكام الشديدة الواضحة واالشرك والسحر طع الشريعة وحسنريه ممن خالف قواقرر ذلك يف حق غ ، وإمناالرازي فقط

. والتنجيم

: موقف العلماء من كتاب السر املكتوم: األمر الثالث

ه على ذلك املكتوم إىل الرازي ، وإمنا وافقمل يتفرد ابن تيمية بنسبة مضمون كتاب السر فهم عدد من العلماء أن كتاب الرازي "السر املكتوم " مشتمل علىغريه من العلماء ، فقد

، وأن وعلم التنجيم وتأثري الكواكب ر ومتضمن ملدح عبادة النجوم واألصنام ححتسني الس، والشرك عن السحر وعبادة الكواكبالرازي يف كتابه ذلك يذهب إىل رفع وصف القبح .واشتهر هذا األمر عن الرازي وتناقله كثري من الناس

) .١/٤٠٥اقتضاء الصراط املستقيم ( )١(

الذكاء والعقليات، لكنه عري رأس يف" :يف ترمجة الرازيوممن ذهب إىل ذلك الذهيب عن اآلثار، وله تشكيكات على مسائل دعائم الدين تورث احلرية، نسأل اهللا أن يثبت اإلميان يف قلوبنا، وله كتاب السر املكتوم يف خماطبة النجوم، سحر صريح، فلعله تاب من تأليفه إن

. )١("شاء اهللا تعاىل

الشرك والسحر ابن قاضي شهبة عتقد أهل نسب إىل الرازي أنه ألف كتابه على م وممنكتاب السر املكتوم يف خماطبة الشمس :ومن تصانيفه على ما قيل " :قول عن الرازيحيث ي

، فابن قاضي )٢("ومنهم من أنكر أن يكون من مصنفاته، على طريقة من يعتقده ، والنجوم ته وبوضوح ، ركفوشهبة وإن كان متشككا يف صحة نسبة الكتاب ، إال أنه حدد موضوعه

وهذا هو املقصود . من يعتقد صحة ذلك العلم ، أنه مؤلف على طريقة من كان و

من كالم الرازي أنه يرى إباحة بعض أنواع الكهانة حاجي خليفة ، حيث وممن فهم بل ، إليهم واإلصغاء الكهنة تصديق اآلن جيوزال " :عد ذكره حلقيقة الكهانة والعرافةيقول ب

كاهنا أتى من: ( والسالم الصالة عليه لقوله كافرا يكون واملصدق الكفر تماراأ من هو للفخر املكتوم السر كتاب من املفهوم لكن، )حممد على أنزل مبا كفر فقد يقول مبا فصدقه .)٣("الشرع يف ذلك جواز الرازي

قضاض وقد رد الشيخ زين الدين سرجيا بن حممد امللطي على الرازي يف كتاب أمساه "ان، الرازيي طلن املوضوعات اليت انتقد فيها امل، وال ندري ع )٤(البازي يف انفضاض الرازي"

ا يف الكتاب من خمالفة الشريعة ؛ ألا هي األظهر يف ولكنها يف األغلب راجعة إىل م الكتاب.

ى العلماء الذين نصوا علاملعاين الشركية الباطلة : وممن فهم من كتاب الرازي أنه يقررأنه قرر فيه ما هو فهموا أم إذ مقتضى قوهلم ذلك ؛ذوب عليه كأو أنه مأنه تاب منه

) .٢١/٥٠٠) ، وناظر سري أعالم النبالء (٣/٣٤٠ميزان االعتدال ( )١( ) .٢/٦٧طبقات الشافعية ( )٢( كشف الظنون () . )٣( ) .٢/٩٨٩انظر : كشف الظنون ( )٤(

، حىت ذكر خمالف للشريعة يف موضوعه الذي حتدث فيه وهو أنواع السحر وعبادة الكواكب . )١(لرازيمن تأليف أحد املالحدة ونسب لبعض العلماء أنه

ىل الرازي مل يتفرد به ابن تضمنه الكتاب إأن نسبة ما بق يتبنيومن خالل الكالم الساره الرازي يف كتاب ملا قر موافقعن أنه فضال، وافقه غريه من العلماء على ذلك ، وإمناتيمية

.ية، الذي يعد آخر كتبهاملطالب العال

: ن الرازيدفاعات األشاعرة ع: األمر الرابع

حادة أزمةبه السر املكتوم الذي قرره يف كتا والتنجيمل موقف الرازي من السحر مث اء بعده من علماء األشاعرة ، ألن ما قرره فيه معارض غاية املعارضةعلى عدد ممن ج

يف التعامل الرازيلنصوص الشريعة الغراء ، وقد اختلفت مواقف املدافعني من األشاعرة عن مع تلك اآلراء على ثالثة مواقف ، هي :

إىل الرازي ، ومن أول من قال ذلك السكيب االبن إنكار نسبة الكتاب املوقف األول :إنه : بل قيل ، وأما كتاب السر املكتوم يف خماطبة النجوم فلم يصح أنه له حيث يقول :"

.)٢("خمتلق عليه

: ألمور ولكن هذا املوقف غري صحيح ،

ك مواطن كتبه ، ومن ذلبنسبة الكتاب إىل نفسه وذكره من فألن الرازي أقر أما أوال : . )٣(أنه قال يف شرح اإلشارات :"مث ارجع إىل السر املكتوم إن كنت راغبا يف التحرير"

خر كتبه الذي هو املطالب املعاين املتضمنة يف كتابه يف آ فألن الرازي ذكروأما ثانيا : . تقاربة جدا، وبألفاظ مالعالية

) ، ٩٩٠-٢/٩٨٩انظر مثال : كشف الظنون ، حاجي خليفة ( )١( ) .٨/٨٧طبقات الشافعية ( )٢( ) .١١٠كان (وغريه : فخر الدين الرازي ، الزر انظر يف هذا النص )٣(

، وهذا الوجه تنجيما وال س سحرايأن ما قرره الرازي يف الكتاب ل املوقف الثاين :وقد عرفناك أن هذا على قول الذهيب :" حيث يقول معقبا ي االبن أيضابكذكره الس

.)١("فليتأمله من حيسن السحر، وبتقدير صحة نسبته إليه ليس بسحر ، الكتاب خمتلق عليه

ولكن هذا القول غري صحيح ، ويبدو أن السبكي االبن مل يطلع على الكتاب ، ولو ق ع عليه ملا قال مثل هذا الكالم ، فتقرير السحر والتنجيم فيه وحتسينه والدعوة إليه وتعلياطل

، كما على احلوادث األرضية ظاهر فيه جدا كبريا هلا تأثريا القلوب بالكواكب واالدعاء بأن سبق بيانه .

جيم ، بل ما يف كتابه من سحر وتنمل يكن يتبىن الرازياالدعاء بأن املوقف الثالث : . نه أكد على أنه ال يقول بهإ

يف التشنيع وا، وبالغوغريه األستاذ سعيد فودة ، كوهذا القول قال به بعض املعاصرين : أدلة اعتمد على أربعةوعلى ابن تيمية ،

تصريح الرازي يف أول الكتاب بأنه يتربأ من كل ما خيالف الدين ، حيث : الدليل األولات والسحريات، مسمع فيه ما وصل إلينا من علم الطلهذا كتاب يج:" أما بعد ، فيقول

.)٢(، مع التربي عن كل ما خيالف الدين وسلم اليقني"والعزائم ودعوة الكواكب

ها ريف أنه ينكر كل الصور الشركية اليت قر ولكن هذا التصريح من الرازي ليس صرحيا، ومما يدل على أن الرازي يرى لف الدينيف كتابه ، وإمنا هو قول جممل مل حيدد فيه ما خيا

ات مساء على علم التنجيم والسحر والطليف الثن أن ما قرره ال خيالف الدين أنه عقد فصالوساق األدلة على ذلك ، وكذلك أجاب عن االعتراضات اليت سيقت ضده ، ومنها عدد

ي يقرره يف كتابه ال من النصوص الشرعية كما سبق بيانه ، وقرر يف أثنائها بأن العلم الذعلى حسن علم التنجيم وعلى ن، وذكر أن الشرع والعقل يداليتعارض مع الدين يف شيء

على لزوم التعلق ا ، كما سبق بيانه يف عرض وأن النجوم هلا تأثري يف احلوادث األرضية

) .٨/٨٨طبقات الشافعية ( )١( ) .٢السر املكتوم ( )٢(

ا ، مث إن الرازي قرر يف عدد من كتبه األخرى املضمون نفسه الذي قرره يف هذالكتاب الكتاب ، وأعاد املعىن ذاته .

وكل هذا يدل على أن الرازي يرى أن ما يقرره يف كتابه ال يتعارض مع الدين وال خيالفه يف شيء .

أن الرازي ذكر أن القائلني بعبادة الكواكب هم الفالسفة والصائبة ، الدليل الثاين :، هذه الكواكب بئة ، قالوا بإهليةهم الفالسفة والصاحيث يقول :"مث إن القائلني ذا املذهب

.)١("وصنما خمصوصا واشتغلوا بعبادا واختذوا لكل واحد منها هيكال

ولكن هذا النص من الرازي ال يدل على أنه يرى بطالن علم السحر والتنجيم وال يدل ، وال رتبطة بتلك الكواكبتأثري الكواكب يف األرض وأن حوادثها كلها معلى أنه ينكر

؛ ألن قوله ذلك جاء يف سياق واخلضوع هلا والتسبيح بامسها ل على أنه ينكر التعلق ا يدفإنه بعد أن بني حقيقة علم الطلسمات ذكر أن احلديث حديثه عن التسلسل يف األسباب ،

ادث يف أحدمها : إثبات القوى الفاعلة السماوية ، وتقرير أن احلو، فيها "يستدعي مقامني ، مث طفق يف تفصيل رؤية الفالسفة والصابئة يف )٢(هلا من أسباب" عنصري ال بدهذا العامل ال

طبيعة هذه األسباب ، فقوله "مث إن القائلني ذا القول" ال يرجع إىل حتسني علم النجوم وإثبات تأثري الكواكب يف األرض وحتسني التعلق ا ، وإمنا يرجع إىل البحث يف عالقة

هذا هو من سياق النص ، وقوهلم املؤثر القدمي ، كما هو ظاهر جدا األسباب وانتهائها إىل يف الفصل السادس .الذي أبطله الرازي

للفالسفة والصائبة يف كل أقواهلم ، فهو ال يقول افقإن الرازي مو: مث إنا ال نقول خللل بألوهية الكواكب وال يقول إا تؤثر بنفسها ، وال يقول إا قدمية ، ولكن مظاهر ا

والشرك عندهم ليست منحصرة يف هذه األمور ، بل التعلق بالكواكب والذبح هلا والسجود

) .٨سر املكتوم (ال )١( ) .٧السر املكتوم ( )٢(

، واملدافعة عنه واجلواب وحتسني السحر والدعوة إليه، ها وتعليق األمور اهلا والتسبيح بامس أدلة الناقدين هلا ، كل ذلك مناقض حلقيقة اإلسالم . على

نة على ضعف يف أثناء الكتاب :"الفصل السادس : يف البي أن الرازي قال: الدليل الثالث .)١(ما حكيناه عن هؤالء الفالسفة والصابئة والبينة على صحة اإلسالم"

، وإمنا هو معقود إلبطال السحر والتنجيم والطلسمات ولكن هذا الفصل ليس معقودافإنه مل يناقش ؛ الفصلا هذيف جدا ، وهذا ظاهروالكواكب إلبطال قوهلم يف قدم مادة العامل

عن مطوال الفصل ذكر حديثاهذا ، مع أنه قبل وأثبت حدوثه ،إال قضية قدم العامل فقط فيهبعد هذا الفصل عنها أيضا ، بل إنه عقد فصوال مطوال التنجيم والسحر ، وذكر بعده حديثا

رضه .يقرر فيها صحة علم التنجيم وتأثري الكواكب والتقرب إليها كما سبق ع

ادر إىل إبطاهلا كما فعل مع قول فلو كان الرازي يرى بطالا وأا خمالفة للشريعة لببقدم العامل ، فلما اقتصر على إبطال ذلك األمر فقط ، دل هذا على أنه يرى أن ما الفالسفة

للشريعة ! عداه مما نقله عنهم ليس خمالفا

م فيه السحر إىل أقسام متعددة ، وحيكم أن الرازي له كالم آخر يقس الدليل الرابع :بالكفر على بعضها ، بل وحيكم فيه بالقتل على السحرة ، حيث يقول يف تفسريه بعد أن

هل جيب قتلهم أم ال؟ ذكر أقسام السحر :"

يعتقد يف الكواكب كوا آهلة مدبرة ، والنوع الثاين وهو أن أن أما النوع األول : وهو صري موصوفا بالقدرة على خلق األجسام وخلق احلياة والقدرة والعقل يعتقد أن الساحر قد ي

وتركيب األشكال ، فال شك يف كفرمها ، فاملسلم إذا أتى ذا االعتقاد كان كاملرتد .)٢("تلق ، أصريستتاب ، فإن

) .١٩السر املكتوم ( )١( ) .٣/١٩٥التفسري الكبري ( )٢(

ولكن هذا الدليل غري صحيح ؛ ألننا ال نقول إن الرازي موافق للفالسفة والصابئة يف الكواكب بذاا يف كتابه تأثري قولون ، فقد رد عليهم قوهلم يف قدم املادة وادعاء كل ما ي

السر املكتوم ، فهذا ليس حمل البحث إذن ، وإمنا حمله حتسني الرازي للسحر نفسه ، مدحه لكالم وإياه ، وادعاء أنه ما من حدث يف األرض إال وله تعلق بالنجوم ، واستباحته

، وتقدمي الوصايا ناء عليه مبا يدل على أنه مقر لهوالثكواكب من يقرر اإلشراك بالوالتوجيهات اليت تساعد على التعلق بالنجوم ، والدعوة إىل الذبح هلا والصالة هلا ، والتسبيح

، وغري بامسها ، وحتديد صفة التسبيح لكل كوكب ، وتعليق الناس بالكواكب يف باجلملة ذلك مما سبق ذكره .

يم بأن الرازي له أقوال أخرى صرحية يقرر فيها ما يوافق حكم اإلسالم يف مث على التسلالسحر والتنجيم ، فإن هذا ال ينفي عنه ما قرره يف كتابه السر املكتوم ، وذلك أن حديثه يف

خمتلفة يف هذه قفيف الداللة ، وغاية ما يف األمر أن الرازي له موا السرك املكتوم ظاهر جداعلى الرازي فما أكثر تناقضاته يف أصول الدين الكربى ، وهذا ليس غريباالقضية ، وهذا

األمر ال ينفي عنه اللوم واإلنكار .

، فإنه يف العادة يقيد كالمه عن الرازي يف تلك وألجل هذا كان ابن تيمية دقيقا جدا" ، ولعل ذلك ذكر كتابه "الرسائل العالئية املسائل بكتابه "السر املكتوم " ويضيف أحيانا لعلمه بأن الرازي كثري االضطراب يف كالمه .

، ني جواب ابن تيمية عن فعل الرازيوحنن لو قمنا باملقارنة بني دفاعات األشاعرة وبيتنكر للحقيقة الواقعية ، حيث إنه ملجواب ابن تيمية أتقن وأصدق وأنفعلوجدنا ، فجمع بني وعه عما يف الكتابالرازي وأكد رج، ويف الوقت نفسه أثبت توبة الظاهرة

االعتراف بالواقع اخلاطئ وبني إثبات الرجوع عنه .

؟! ، قبل أن يؤكد توبتهملاذا حكم ابن تيمية على الرازي بالردةاألمر اخلامس :

وذلك ألنه أخطأ يف التعامل معهاحترير هذه القضية له أمهية بالغة يف مثل هذه القضايا ؛ ول : من يعارض ابن تيمية يف احلكم على الرازي ، والثاين : بعض صنفان من الناس : األ

. هأتباع ابن تيمية ممن أخطأ يف حترير مسائل التكفري وشروطه وموانع

يف اإلعذار باجلهل ابتداء على أن ابن تيمية من أشد العلماء توسعاالبد من التأكيد ويف وقعوا الذين ك تعامالته مع املسلمني، وكذل املقررة لذلك كثرية جدا هوالتأويل ، ونصوص

وهكذا موقفه يقول :" بوضوح ، ويف بيان الشرك والكفر بالتأويل واجلهل دالة على ذلك تكون وقد، احلق ملعرفة املوجبة النصوص تبلغه مل الرجل يكون قد قائلها يكفر اليت األقوال

اهللا يعذره شبهات له عرضت قد يكون وقد، فهمها من يتمكن مل أو عنده تثبت ومل عنده، كان ما كائنا خطأه له يغفر اهللا نفإ وأخطأ احلق طلب يف جمتهدا املؤمنني من كان فمن، ا

أصحاب عليه الذي العملية" ، وذكر أن هذا التأصيل هو" أو النظرية املسائل يف كان سواء .)١(" اإلسالم أئمة ومجاهري e النيب

الباب واضحة غاية الوضوح ، وقد فصلت القول فيها وكشفت وله أقوال كثرية يف هذا .)٢(عن مدلوالا يف كتاب" إشكالية اإلعذار باجلهل يف البحث العقدي"

ر تقي الدين السبكي ، الذي اجتهد يف بيان كون االستغاثة بالنيب يكفابن تيمية ومل يكن e يف التوسل واالستغاثة به قال فيه :" الباب الثامن جائزة ، وعقد لبيان ذلك باباe "

بل قال عن نفسه :" إن اهللا يعلم ،)٣(بعد موته بتفصيل مطول eوقرر فيه جواز االستغاثة به والتجائي إليه ، واعتمادي يف توسلي eأن كل خري أنا فيه ، ومن علي به ، فهو بسبب النيب

. ) ٢٣/٣٤٦فتاوى ، ابن تيمية (ال)١(

طبوعات مركز مناء للدراسات والبحوث . موهو من )٢(بن تيمية ، ويدل على هذا ) ، والظاهر أن السبكي ألف هذا الكتاب يف حياة ا١٦٨-١٥٣شفاء السقام ، السبكي () ٣(

حىت يرد عليه ما ذكره يف قصيدته اليت أبدى فيها مالحظات على منهاج السنة ، فقد متىن أن يكون ابن تيمية حياالقبور بكتاب شفاء السقام ، وذكر ابن عبداهلادي أن السبكي ألف شفاء السقام قبل ةكما رد على فتواه يف زيار

بل ذكر ابنه أنه ألف كتابه بعد حجه سنة ست عشرة وسبع مائة ، أي : قبل وفاة أن يلي القضاء بوقت طويل ، ابن تيمية بعشر سنني .

، ومع هذا كله مل يكن ابن )١(إىل اهللا يف كل أموري عليه ، فهو وسيليت يف الدنيا واآلخرة" ،تيمية حيكم عليه بالكفر ، بل كان يعامله معاملة املسلم ، وكان جيله ويقدمه ويثين عليه كثريا

، )٢(من أهل عصره كتعظيمه للسبكي ويعده من كبار علماء اإلسالم ، ومل يكن يعظم أحدام العلماء يف ذلك العصر ممن تقي الدين السبكي أو غريه من أعال بن تيمية كان يكفرا ولو أن

ل أتباع بحىت ولو للرد عليه من قوانتشر ع هذا القول عنهم ز االستغاثة بغري اهللا لشايقول جبوا سبكي وهو اإلمام املبجل املتبع يف عصره .ال

فقد اجتمع تأصيل ابن تيمية النظري وتطبيقه العملي على اإلعذار بالشبهة يف املخالفة احملققني كانوا يعدون الشبهة أن ابن تيمية وغريه منعلى ، وهذا كله يؤكد ةوالكفري الشركية

.، يف الشرك وغريهالدين أصوهلا وفروعهامن التكفري يف مسائل مانعا ارعذ

قبل فإذا كان األمر كذلك عند ابن تيمية فلماذا كفر الرازي إذن وحكم عليه بالردة ؟! أن حيكم بتوبته منها

ون كتاب السر تقريرات ابن تيمية يف باب التكفري مع الكشف عن مضمخالل جمموع منيرى أن الرازي قد قامت عليه احلجة ، إمنا كفر الرازي ألنه أن ابن تيمية املكتوم يظهر جبالء

وأنه ليس ممن يعذر بالتأويل واجلهل يف مثل تلك األبواب اليت قرر فيها الشرك .

ليس –غريه من العلماء كما هو احلال عند –ن تيمية فاإلعذار باجلهل والتأويل عند اب ، وإمنا ال بد فيه من مراعاة حال املكلف وحال الزمن لكل من ادعاه ات، حبيث يكون ثابمطلقا

الذي هو فيه وطبيعة املسألة ذاا .

بل قد نص علماء بابن تيمية ، الرازي ليس خاصا واحلكم بكفر مبثل الفعل الذي وقع فيهأا عبادة الكواكب وادعى، أو حسن أو اعتقد إباحتهن السحر أن من حساهب على املذ

ي يف الرازعلى النحو الذي قرره أباح التقرب هلا والتسبيخ بامسها و ؤثر يف األحداث األرضيةت .مشركا = يعد كافراكتابه

) .٣٦٥-١/٢٦٤فتاوى السبكي () ١( ) .٤٥١، ٣/٤٢٩) ، وأعيان العصر ، الصفدي (٦/١٦٨انظر : طبقات الشافعية ، تاج الدين السبكي () ٢(

نقل اإلمجاع ، بل بعضهم ن من اعتقد إباحة السحر فهو كافروقد كرر كثري من الفقهاء أ ومن اعتقد إباحته فهو ، وحيرم فعل السحر باإلمجاع ويف هذا يقول النووي :"على ذلك ،

، فإن وصفه مبا هو كفر ، ف استوص، إنسان تعلمت السحر أو أحسنه : وإذا قال ، كافر .)١("فهو كافر بأن يعتقد التقرب إىل الكواكب السبعة

ا كان منه يعظم به غري اهللا من الكواكب أبو حيان: "وأما حكم السحر فم يقولو .)٢("كفر إمجاعا فهو، والشياطني وإضافة ما حيدثه اهللا إليها

والعلماء يف هذه النصوص ال يتحدثون عن حكم تعلم السحر ، فتلك مسألة أخرى ، وإمنا يتحدثون عن السحر ذاته وعن حكم من اعتقد إباحته وحسنه .

دعى تأثري الكواكب والنجوم يف احلوادث األرضية وطلب أن من اذكر الفقهاء كذلك و يعد كافرا –كما ذكر الرازي -سبيح بأمساها تالتعلق ا والتقرب إليها والصالة هلا وال

.)٣(عن ملة اإلسالم خارجا وامن غلط تيمية من الرازي ، وهموأما الصنف اآلخر الذي أخطأ يف فهم موقف ابن

وا أن موقف ابن تيمية ذلك يدل على أنه ال يعذر عدفإم ا لتكفري وشروطه ،يف باب اباجلهل وال بالتأويل يف مسائل الشرك واملسائل الظاهرة ، إذ لو كان يعذر بذلك ملا حكم

على الرازي بالردة والشرك .إىل أنه ال وقوهلم هذا غلط ظاهر ؛ وذلك أن عدم إعذار ابن تيمية للرازي ليس راجعا

يرى أن الرازي ليس ممن وإمنا ألنهيف باب الشرك وغريه ، من حيث األصل ايعد اجلهل عذر ، وهناك فرق كبري بني املقامني .يعذر فقط

ني لكونه يرى أنه ممن ال يعذر باجلهل ، ال نين العلماء قد حيكم بكفر بعض املعفكثري مالتفريق على ضرورة قد نبه ابن تيمية نفسهو، نع من اإلعذار به من حيث األصلألنه يرى امل

جيعله كافرا قد ينكر أحد القائلني على القائل اآلخر قوله إنكارا :"بني هذه املقامات فقال وقد يكون ذلك ،أيضا اجتهادوهو ، يستحق اهلجر وإن مل يستحق ذلك فاسقا أو مبتدعا

) .٩/٣٤٥روضة الطالبني ( )١( ) .١/٤٩٧احمليط (البحر )٢( ) .٢٥٥، عبدايد املشعيب ( التنجيم واملنجمون )٣(

خالفها ؛ يف بعض األشخاص أو بعض األحوال لظهور السنة اليت يكفر من التغليظ صحيحا... وملا يف القول اآلخر من املفسدة الذي يبدع قائله ؛ فهذه أمور ينبغي أن يعرفها العاقل

يف كل من عاما قد غلظ على قائل مقالته أو كفره فيها فال يعترب هذا حكما إذا رأيت إماماف .)١("قاهلا إال إذا حصل فيه الشرط الذي يستحق به التغليظ عليه والتكفري له

ملوقف ابن تيمية غري صحيح ، فضال عن أنه خمالف همهذا التقرير يدل على أن فهمو ألقواله األخرى الظاهرة البينة يف الداللة على اإلعذار .

ها تأسيس مشروعية أغراضبد من التأكيد على أنه ليس من ويف اية هذه الورقة ال، وال الغلو ة يف املعاندة واملخاصمة املبالغملسلم بوقوع أخيه املسلم يف اخلطأ ، والفرح ا

إليها وإمنا الداعي األساسومل يكن مبعثها التشنيع والتشهري ، اجلدل ، يف اإلكثار من والكشف عن احلقيقة على حاهلا . احتقيق األمور على وجهه

ليس من سلم باحنراف أخيه املسلم ، فإنه يفرح امل ليس من الشريعة أنكما أنه ف املنحرف ويتهم من أثبت التهمة عليه باحلق . ربئالحنراف ويانكر أن ي أيضا ةعيالشر

) .٦/٦١الفتاوى ، ابن تيمية () ١(