الإنسان بين الجبر والتفويض

49
اﻹﻧﺴﺎن ﺑﲔ اﳉﱪ واﻟﺘﻔﻮﻳﺾ ﻗﺼﻲ ﻓﺎﺧﺮ اﳌﻮﺳﻮي أﺗﻘﺪم أوﻻ ﲜﺰﻳﻞ اﻟﺸﻜﺮ إﱃ ﻛﺎﻓﺔ اﻷﺻﺪﻗﺎء واﻟﺼﺪﻳﻘﺎت اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻔﺎﻋﻠﻮا ﻣﻊ اﳌﻨﺸﻮر وﻛﺸﻔﻮا ﻋﻦ ﻋﻤﻖ ﰲ اﻟﺮؤﻳﺔ وإﻃﻼع واﺳﻊ وﺛﻘﺎﻓﺔ أﺻﻴﻠﺔ .. ﳝﻜﻦ اﻟﻘﻮل ﺑﺄن ﻛﻞ ﻣﺎ ورد ﻣﻦ ﺗﻌﻠﻴﻘﺎت وﳏﺎورات ﺗﺆﻛﺪ ﻋﻤﻖ اﳌﻮﺿﻮع وﺧﻄﻮرﺗﻪ وأﳘ ﻴﺘﻪ وﲡﻌﻠﻨﺎ ﳕﺘﻠﺊ ﺑﺎﳊﻤﺎس ﳌﻮاﺻﻠﺔ اﳌﺴﲑة ﺑﻨﻔﺲ اﻹﲡﺎﻩ ﻟﻌﻠﻨﺎ ﻧﺘﻤﻜﻦ ﻣﻌﺎ ﻣﻦ وﺿﻊ ﻋﻼﻣﺎت ﻫﺎﻣﺔ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﻮﺟﻪ إﱃ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ وﻋﺒﺎدﺗﻪ . وﳝﻜﻦ ﻟﻸﺻﺪﻗﺎء واﻟﺼﺪﻳﻘﺎت اﻟﻜﺮام أن ﻳﻜﺘﺸﻔﻮا ﻣﻦ ﺧﻼل اﶈﺎورات اﻷوﻟﻴﺔ اﻟﱵ ﺗﻮاﻟﺖ ﻋﻠﻰ اﻷﺳﺌﻠﺔ اﻟﱵ ﻃﺮﺣﻨﺎﻫﺎ، ﺑﺄن اﳌﻮﺿﻮع وا ﺳﻊ وﻣﺘﺸﻌﺐ وأﻧﻨﺎ ﺳﻨﻀﻄﺮ إﱃ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﳌﻮﺿﻮﻋﺎت اﳉﻮﻫﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﻌﻠﻢ اﻹﳍﻲ واﻟﻘﻀﺎء واﻟﻘﺪر واﻟﻜﻔﺮ واﻹﳝﺎن واﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ واﻻﻟﻮﻫﻴﺔ واﻟﺜﻮاب واﻟﻌﻘﺎب ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ واﻵﺧﺮة.. اﱃ اﻟﻌﻴﺪد ﻣﻦ اﳌﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﻔﺮﻋﻴﺔ . ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻻ ﺑﺪ أﻧﻪ إﺗﻀﺢ ﻟﻸﺻﺪﻗﺎء واﻟﺼﺪﻳﻘﺎ ﱠﱠﻤﺎ ﻗﺒﻞ اﻹﻧﻄﻼق ﰲo ت أن ﻫﻨﺎك أﻣﺮان ﻫﺎﻣﺎن ﳓﺘﺎج إﱃ وﺿﻊ اﻟﻨﻘﺎط ﻋﻠﻰ اﳊﺮوف ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﳏﺎوﻟﺔ وﺿﻊ ﻓﻬﻢ ﻟﻘﺼﺔ اﻟﻐﻼم ﰲ آﻳﺎت ﺳﻮرة اﻟﻜﻬﻒ وﻛﻤﺎ ﻳﻠﻲ: أوﻻ: ﺗﺜﺒﻴﺖ اﻷﻃﺮ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺒﺤﺚ . ﺛﺎﻧﻴﺎ: اﻹﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﱐ اﳌﺼﻄﻠﺤﺎت اﳌﺴﺘﺨﺪﻣﺔ. ﻓﺘﺜﺒﻴﺖ اﻷﻃﺮ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﺳﻴﺴﺎﻋ ﻛﻴﺰ ﺟﻬﻮدﻧﺎ ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﳏﺪدة واﳌﺸﺎرﻛﺔ ﰲ اﻟﺒﺤﺚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺛﻮاﺑﺖ وﻗﻴﺎﺳﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﺣﱴ ﻻ ﻳﻌﻮم اﻟﻘﺎرئ ﺪﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺮ اﻟﻜﺮﱘ ﰲ ﲝﺮ ﻣﻦ اﻹﺣﺘﻤﺎﻻت واﻟﺸﻜﻮك ﰲ ﻧﻮاﻳﺎ اﻟﺒﺎﺣﺚ وﺳﺎﺋﺮ اﳌﺸﺎرﻛﲔ ﰲ اﻟﺒﺤﺚ، أو اﻟﻐﻠﻂ ﰲ ﻓﻬﻢ اﳌﻨﻄﻠﻘﺎت او اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﱵ ﻳﺴﺘﻨﺪ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﺒﺤﺚ ﻤﻞ ﺑﺎ! وإﳕﺎ ﻳﻜﻮن أﻣﺎم ﻃﺮﻳﻖ واﺿﺤﺔ وﳏﺪدة . وﷲ ﻣﻦ وراء اﻟﻘﺼﺪ. اوﻻ: ﻃﺮ اﻟﺒﺤﺚ ﺗﺜﺒﻴﺖ أ. ﺎل ﻧﺮﻳﺪ ان ﻧﺘﻔﻖ ﻋﻠﻰ أﻣﻮر واﺿﺤﺔ وﳏﺪدة ﻛﻤﺎ ﻳﻠﻲ ﰲ ﻫﺬا ا: - ﷲ ﻟﻴﺲ ﻛﻤﺜﻠﻪ ﺷﻴﺊ: ﲟﻌﲎ أﻧﻨﺎ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻧﺮﻳﺪ أن ﻧﻄﺒﻖ ﻣﻌﲎ ﻣﻦ اﳌﻌﺎﱐ ﻟﻠﻔﻆ أو ﻛﻠﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻓﺈن ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﳕﻴﺰ ان اﻷﻣﺮ ﻟﻴﺲ ﺷﺒﻴﻬﺎ ﲟﺎ ﳛﺼﻞ ﻋﻨﺪ ﺗﻄﺒﻴﻘﻨﺎ ﳍﺬا اﳌﻌﲎ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن أو ﺳﺎﺋﺮ اﳌﻮﺟﻮدات.! ﻓﻤﺜﻼ إذا ﻗﻠﻨﺎ ﺑﺄن) ﻓﻼن ﺣﻜﻴﻢ( وﻗﻠﻨﺎ ﺑﺄن) ﷲ ﺣﻜﻴﻢ( ﻓﻬﻮ ﻗﻴﺎس ﻣﻊ اﻟﻔﺎرق وﻫﺬا ﻻ ﻳﻌﲏﻬﻤﺎ ﰲ اﳊﻜﻤﺔ أو ﰲ ﻃﺮﻳﻘﺔ وآﻟﻴﺎت ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﳊﻜﻤﺔ إﻃﻼﻗﺎo ﺗﺸﺎ . وﻛﺬا إذا ﻗﺮأﻧﺎ ﰲ اﻟﻨﺺ اﻟﻘﺮآﱐ) وﳛﺬرﻛﻢ ﷲ ﻧﻔﺴﻪ( ﻓﻬﺬا ﻻ ﻳﻌﲏ أن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻨﺎ ﺗﺼﻮر أن) ﻧﻔﺴﺎ( ﻛﺎﻟﻨﻔﻮس اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ..! وﻫﻜﺬا.. - ﻻ ﻳﺴﺄل ﻋﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ وﻫﻢ ﻳﺴﺄﻟﻮن : ﻓﻔﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ اﻟﺒﺤﻮث ﻻ أﺣﺪ ﻋﻨﺪﻩ ﻧﻴﺔ ﻟﻠﺘﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺷﺄن اﻟﺴﻤﺎء أو ﻋﺪم ﺗﻘﺪﻳﺮ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺣﻖ ﻗﺪرﻩ .. ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻨﺎك ﻫﻮ أﻧﻨﺎ ﻧﺮﻳﺪ أن ﻧﻔﻬﻢ وﻧﺪرك ﻣﺎ ﳝﻜﻦ- ﳊﺪود ﻋﻘﻮﻟﻨﺎ وﻗﺪرﺗﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻬﻢ واﻹدراك- ﻓﻬﻤﻪ وإدراﻛﻪ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﱐ ﻫﺬا اﻟﻮﺟﻮد ﺣﱴ ﻧﻌﺮف ﻣﻮﻗﻌﻨﺎ وﻧﺘﻌﻠﻢ ﻛﻴﻒ ﻧﻌﺒﺪ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ.. وإﳕﺎ ﻟﻔﻬﻤﻪ ﺗﻌﺎﱃ واﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻴﻪ أﻛﺜﺮ ﺣﱴ ﳓﺒﻪ وﻧ ﻓﻠﺴﻨﺎ ﻫﻨﺎ ﺑﺼﺪد ﻋﻘﺪ ﳏﺎﻛﻤﺔ ﻟﻠﺴﻤﺎء أو ﻌﺒﺪﻩ وﳔﺎﻓﻪ وﳔﺸﺎﻩ وﻧﻄﻤﻊ ﲟﺎ ﻋﻨﺪﻩ وﻧﻄﻤﺌﻦ ﻋﻠﻰ أﻧﻨﺎ إذا وﻗﻔﻨﺎ ﺑﲔ ﻳﺪﻳﻪ ﺳﻨﻌﺮف ﻛﻴﻒ ﳔﺘﺼﻢ ﻋﻦ أﻧﻔﺴﻨﺎ وﻧﺪاﻓﻊ ﻋﻨﻬﺎ. - اﻟﻔﺮﺿﻴﺔ اﻷﳒﺢ ﻫﻲ اﻟﻔﺮﺿﻴﺔ اﻷﺑﺴﻂ: ﻟﺘﻔﺴﲑ أﻳﺔ ﻇﺎﻫﺮة ﲣﻀﻊ ﻟﻠﺪراﺳﺔ ﻳﻌﻤﺪ اﻟﺒﺎﺣﺚ اﳌﺘﺴﻠﺢ ﺑﺂﻟﻴﺎت اﳌﻨﻬﺞ اﻟﻌﻠﻤﻲ إﱃ وﺿﻊ ﻓﺮﺿﻴﺔ ﻟﺘﻔﺴﲑ ﻫﺬﻩ اﻟﻈﺎﻫﺮة، و ﻣﻦ ﻣﺴﲑة اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ أﺻﺒﺢ ﻋﺮﻓﺎ ﻣﺸﻬﻮرا أن اﻟﻔﺮﺿﻴﺔ اﻷﳒﺢ واﻻﻗﺪر ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﱘ ﺗﻔﺴﲑ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺠﺎم ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻣﻊ ﺎل اﻟﻌﻠﻤﻲ اﳌﺒﺤﻮﺛﺔ ﺿﻤﻨﻪ، ﻫﻲ اﻟﻔﺮﺿﻴﺔ اﻷﻛﺜﺮ ﻗﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻘﺎء واﻟﺘﺤﻮل إﱃ ﻧﻈﺮﻳﺔ، ﰒ إﱃ ﻗﺎﻋﺪة ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺠﺎح ﰲ ﻛﻞ ﺛﻮاﺑﺖ ا ﻣﺮة ﻳﺘﻢ إﺧﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻓﻴﻬﺎ. واﳊﺎل ذاﺗﻪ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻫﻨﺎ ﻣﻊ اﻟﻨﺺ اﻟﻘﺮآﱐ ﻓﻜﻞ ﻓﺮﺿﻴﺔ ﺗﻮﺿﻊ ﻟﻔﻬﻢ أو ﺗﻔﺴﲑ ﻋﺒﺎرة أو ﻗﻀﻴﺔ أو ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻗﺮآﻧﻴﺔ ﰒ ﳝﻜﻨﻬﺎ إﻋﻄﺎء ﻓﻬﻢ او ﺗﻔﺴﲑ واﺿﺢ وﺑﺴﻴﻂ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻘﻀﻴﺔ واﻟﻈﺎﻫﺮة أو اﳌﺴﺄﻟﺔ واﻟﻌﺒﻮر ﻣﻦ ﻧﻔﻖ اﻹﺧﺘﻼف اﻟﺬي ﻧﺘﻔﻖ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻏﲑ ﻣﻮﺟﻮد ﰲ اﻟﺎ ﻫﻲ ﻨﺺ اﻟﻘﺮآﱐ ﻣﻦ أﻟﻔﻪ إﱃ ﻳﺎﺋﻪ، ﻻ ﺷﻚ ﺑﺄ اﻟﻔﺮﺿﻴﺔ اﻷﻗﺪر ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻘﺎء واﻟﺘﺤﻮل إﱃ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺜﺒﺎت واﳌﻘﺎوﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ اﻟﺰﻣﺎن ﺳﻴﻤﺎ إذا إﺗﺴﻤﺖ ﺑﺎﳌﺮوﻧﺔ واﻟﻘﺎﺑﻠﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺠﺎم ﻣﻊ اﻟﻘﻮاﻧﲔ واﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ . - ﲝﻮﺛﻨﺎ ﲝﻮث ﻋﻠﻤﻴﺔ وﻟﻴﺴﺖ ﻋ ﻘﺎﺋﺪﻳﺔ: ﻧﻌﻢ ﻓﻤﺠﺎل اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻻ ﻳﺘﻔﻖ إﻃﻼﻗﺎ وإﲣﺎذ ﻋﻘﻴﺪة ﻣﺴﺒﻘﺔ ﻓﺎﻟﻌﻘﻴﺪة أﻣﺮ ﳜﺺ ﺻﺎﺣﺐ اﻹﻋﺘﻘﺎد ﺧﺎرج ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ. وﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻷﺳﺎس ﻓﻠﺴﻨﺎ ﻫﻨﺎ ﰲ وارد اﻹﺳﺎءة إﱃ أي ﺷﺨﺺ أو إﱃ ﻋﻘﺎﺋﺪﻩ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ وإﳕﺎ ﻫﺪﻓﻨﺎ ﻫﻮ ﳏﺾ اﻟﺒﺤﺚ ﻟﻔﻬﻢ ﻗﻀﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ . ﻓﺎﻟﺒﺤﻮث ا ﻟﻌﻘﺎﺋﺪﻳﺔ اﳌﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ إﳝﺎن ﻣﺴﺒﻖ راﺳﺦ وﻗﻮي ﻋﺎدة ﻻ ﳝﻜﻨﻬﺎ ﻗﺒﻮل أﻳﺔ رأي ﻋﻠﻤﻲ أو ﺣﱴ ﻓﺮﺿﻴﺔ ﺗﺘﻌﺎرض ﻣﻊ ﺛﻮاﺑﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻘﻴﺪة، ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﲝﺚ ﻗﺎﺋﻢ ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻚ وﻋﻠﻰ اﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺎﻟﱪﻫﺎن واﻟﺪﻟﻴﻞ وإﺧﺘﺒﺎر ﻛﻞ ﻣﻘﻮﻟﺔ ﺑﻜﻞ ﻗﻮة .

Upload: routi-boukli

Post on 09-Dec-2015

250 views

Category:

Documents


13 download

DESCRIPTION

محاولة لتناول النصوص بالمنهج اللفظي الترتيلي

TRANSCRIPT

Page 1: الإنسان بين الجبر والتفويض

اإلنسان بني اجلرب والتفويض

قصي فاخر املوسويأتقدم أوال جبزيل الشكر إىل كافة األصدقاء والصديقات الذين تفاعلوا مع املنشور وكشفوا عن عمق يف الرؤية وإطالع واسع وثقافة أصيلة ..

ميكن القول بأن كل ما ورد من تعليقات وحماورات تؤكد عمق املوضوع وخطورته وأمه يته وجتعلنا منتلئ باحلماس ملواصلة املسرية بنفس اإلجتاه لعلنا نتمكن .معا من وضع عالمات هامة يف طريق التوجه إىل هللا تعاىل وعبادته

سع ومتشعب وأننا وميكن لألصدقاء والصديقات الكرام أن يكتشفوا من خالل احملاورات األولية اليت توالت على األسئلة اليت طرحناها، بأن املوضوع واسنضطر إىل مناقشة العديد من املوضوعات اجلوهرية من قبيل العلم اإلهلي والقضاء والقدر والكفر واإلميان والربوبية وااللوهية والثواب والعقاب يف الدنيا

.اىل العيدد من املوضوعات الفرعية.. واآلخرة فضال عن ذلك ال بد أنه إتضح لألصدقاء والصديقا ت أن هناك أمران هامان حنتاج إىل وضع النقاط على احلروف فيما يتعلق oما قبل اإلنطالق يف

:حماولة وضع فهم لقصة الغالم يف آيات سورة الكهف وكما يلي .تثبيت األطر العامة للبحث: أوال .اإلتفاق على معاين املصطلحات املستخدمة: ثانيا

دنا على تركيز جهودنا يف منطقة حمددة واملشاركة يف البحث من خالل ثوابت وقياسات خاصة حىت ال يعوم القارئ فتثبيت األطر العامة للبحث سيساعالكرمي يف حبر من اإلحتماالت والشكوك يف نوايا الباحث وسائر املشاركني يف البحث، أو الغلط يف فهم املنطلقات او القواعد اليت يستند إليها البحث

يكون أمام طريق واضحة وحمددةوإمنا! با�مل .وهللا من وراء القصد. .تثبيت أطر البحث: اوال

:يف هذا ا�ال نريد ان نتفق على أمور واضحة وحمددة كما يليمبعىن أننا حينما نريد أن نطبق معىن من املعاين للفظ أو كلمة على هللا تعاىل فإن علينا أن: هللا ليس كمثله شيئ -

منيز ان األمر ليس شبيها مبا حيصل عند فهو قياس مع الفارق وهذا ال يعين ) هللا حكيم(وقلنا بأن ) فالن حكيم(فمثال إذا قلنا بأن !. تطبيقنا هلذا املعىن على اإلنسان أو سائر املوجودات

تشاoهما يف احلكمة أو يف طريقة وآليات تنفيذ عملية احلكمة إطالقا فهذا ال يعين أن بإمكاننا تصور ) وحيذركم هللا نفسه(إذا قرأنا يف النص القرآين وكذا . ..وهكذا!.. كالنفوس البشرية) نفسا(أن �

ال يسأل عما يفعل وهم يسألون - ففي مثل هذه البحوث ال أحد عنده نية للتقليل من شأن السماء أو عدم تقدير هللا تعاىل حق قدره: هناك كل ما .. فهمه وإدراكه من معاين هذا الوجود حىت نعرف موقعنا ونتعلم كيف - حلدود عقولنا وقدرتنا على الفهم واإلدراك -هو أننا نريد أن نفهم وندرك ما ميكن

عبده وخنافه وخنشاه ونطمع مبا عنده فلسنا هنا بصدد عقد حماكمة للسماء أو � وإمنا لفهمه تعاىل والتعرف عليه أكثر حىت حنبه ون.. نعبد هللا تعاىل .ونطمئن على أننا إذا وقفنا بني يديه سنعرف كيف خنتصم عن أنفسنا وندافع عنها

لتفسري أية ظاهرة ختضع للدراسة يعمد الباحث املتسلح بآليات املنهج العلمي إىل وضع فرضية لتفسري هذه : الفرضية األجنح هي الفرضية األبسط - من مسرية العلم والبحث العلمي الطويلة أصبح عرفا مشهورا أن الفرضية األجنح واالقدر على تقدمي تفسري قادر على اإلنسجام ببساطة مع الظاهرة، و

ثوابت ا�ال العلمي املبحوثة ضمنه، هي الفرضية األكثر قدرة على البقاء والتحول إىل نظرية، مث إىل قاعدة قادرة على النجاح يف كل مرة يتم إختبارها واحلال ذاته ينطبق هنا مع النص القرآين فكل فرضية توضع لفهم أو تفسري عبارة أو قضية أو مسألة قرآنية مث ميكنها إعطاء فهم او تفسري واضح . فيها

نص القرآين من ألفه إىل يائه، ال شك بأ ا هي وبسيط لتلك القضية والظاهرة أو املسألة والعبور من نفق اإلختالف الذي نتفق على أنه غري موجود يف ال الفرضية األقدر على البقاء والتحول إىل نظرية قادرة على الثبات واملقاومة على مر الزمان سيما إذا إتسمت باملرونة والقابلية على اإلنسجام مع القوانني

.والقواعد الكونية العامةنعم فمجال البحث العلمي ال يتفق إطالقا وإختاذ عقيدة مسبقة فالعقيدة أمر خيص صاحب اإلعتقاد خارج : قائديةحبوثنا حبوث علمية وليست ع -

وعلى هذا األساس فلسنا هنا يف وارد اإلساءة إىل أي شخص أو إىل عقائده مهما كانت وإمنا هدفنا هو حمض البحث لفهم قضية . منطقة البحث العلمي لعقائدية املبنية على إميان مسبق راسخ وقوي عادة ال ميكنها قبول أية رأي علمي أو حىت فرضية تتعارض مع ثوابت تلك العقيدة، بينما فالبحوث ا. معينة

.البحث العلمي حبث قائم بطبيعته على الشك وعلى املطالبة بالربهان والدليل وإختبار كل مقولة بكل قوة

Page 2: الإنسان بين الجبر والتفويض

أنه ليس ألحد حق إحتكار العلم وربطه بفئة معينة أو جهة معينة، فإي شخص بإمكانه اإلدالء بدلوه يف املوضوع مبعىن : ال وصاية ألحد على العلم - دون احلاجة إىل أخذ إذن من أحد، وحنن نقوم بعملية البحث ألننا حمثوثون على ذلك فطريا وقرآنيا من أجل حتقيق قدر أعلى من املعرفة لفهم حياتنا

ناهيك عن أن القضايا املرتبطة بالغيب وبا� تعاىل وباآلخرة هي قضايا عامة يتعلق oا مصري كل فرد لذا مطلوب من اجلميع . الكون واحلياةوموقعنا من املشاركة فيها فهي ليست فيزياء او كيمياء او طب وحتتاج إىل ختصصات خاصة وإنضما هي امور متعلقة بنا كأشخاص هذا طبعا مع اإلحتفاظ

.لمتخصصني بإحرتامهم ومكانتهم إذ ال شك بان الباحثني مهما كان االمر يظلون حباحة مستمرة لرأي املتخصصني واإلستئناس برؤاهملمبعىن أننا نريد أن نبحث املوضوع من خمتلف جوانبه وحبرية ودون أية قيود والبحث العلمي يقتضي اجلر: يف البحث العلمي ال توجد خطوط محراء - اة

يف البحث العلمي يتم طرح أسئلة وتبذل مساعي من أجل الوصول إىل إجابات عنها، وال .. والقابلية على اإلقتحام فليس هناك ما ينبغي التوقف عنده خوف إطالقا من قوة اإلشكاالت املطروحة فالقوانني اإلهلية أثبتت فاعليتها وانسجامها خالل مليارات السنني اآلن والكون كله يتفاعل وميضي قدما دون

عليه ومهما كانت اإلشكاالت املطروحة فإن هذا النظام اإلهلي املتكامل القوي .. وجود ما يشري إىل أنه سيخرج عن سيطرة هللا تعاىل ولو للحظة واحدة واحملكم، قادر على ردها باحلجة والدليل، ولذلك جند أن القرآن الكرمي يطرح إشكاالت املعرتض ني وجييب عنها بكل هدوء ومن خالل تقدمي أدلة وبراهني

عقلية واضحة تلجم املعرتضني وخترسهم و­ز قناعا­م املبنية يف األساس على أرض رجراجة وقواعد غري ثابتة . تنا البشرية ويف حدود الثوابت حنن نقوم بالبحث ونطرح التساؤالت ونسعى للحصول على إجابات يف حدود معرف: البحث العلمي حبث بشري نسيب -

وال حيق ألي أحد أن يتكلم بإسم هللا تعاىل ويقول أن األمر الفالين من وجهة نظر هللا تعاىل مقصود به كذا أو كذا..املنطقية املزروعة يف عقولنا هناك .. رة ويقوم عليه الدليل تلو الدليل أما فهمنا حنن للظواهر فهو يبقى فهم لن فاحلق هو ما يبينه هللا تعاىل لنا مباش.. فرق جوهري بني احلق يف ذاته وفهمنا له

.. حنن نتحدث ونتحاور يف حدود معارفنا البشرية وما خيرج عنها ليس من اختصاصنا.. اال يوم يكشف لنا ذلك مباشرة .. يتحول إىل حق مطلق أبدا املالك يف ثبيت األصح هو يوم القيامة يوم نعاد إىل رب أما يف هذه احلياة الدنيا فإن األصح هو األقدر على البقاء ألنه كلما .. نا فيقول لنا من هو األصح

وحنن نرى بأم أعيننا كيف تتهاوى األفكار .. كان األمر منسجما مع سائر قوانني هللا تعاىل فهو قادر على البقاء وإال فإنه سيزول كزوال زبد البحر كيف يكشف البحث العلمي زيفها ويلقي oا إىل مزابل التاريخ مهما دافع ونرى.. لقة والقائمة على التخويفق والرعب او اإلغراء والرشى الكاذبة واملخت

.عنها املدافعون وأوغل من أجلها ا�رمون يف دماء اإلبرياءمبعىن أننا نبحث ألننا جمبولون على ذلك والت: البحث العلمي فطرة بشرية - وقف عن البحث ليس علما وال موقفا مشرفا ومن ال يعمل ال خيطأ ولكنه ال

فال نريد أن نسمع دعوات للتوقف عن اخلوض يف هذا املوضوع أو ذاك ألن هذا ليس من إختصاصنا أو ألننا لسنا حباجة إىل ذلك اآلن .. يصيب أيضا حة على مصراعيها لبحث كل ما فيها وبإمكاننا تناول أي موضوع دون حرج، وإعتقاد البعض احلياة مفتو.. أو ألن هناك أمور أهم أو ما شابه ذلك

برتتيب األولويات للموضوعات بطريقة خمتلفة، هو أمر شخصي ونسيب وبإمكان كل إنسان أن يشارك يف هذا البحث أو غريه تبعا ألولوياته هو ولكن دون .ينأن حياول فرض جدول أولوياته على اآلخر

حنن نبحث أي موضوع بناءا على األدوات املعرفية املتعارفة من قبيل املنطق البشري املكون من قواعد متفق : أدوات البحث هي األدوات املعرفية املعروفة - اين اللغوية الشائعة واملفهومة عرفا بنسبة فضال عن املع.. عليها ال خيتلف عليها إثنان ككون الكل أكرب من اجلزء أو عدم إجتماع النقيضني وما إىل ذلك

عالية، وإذا وجد إختالف حول أية أداة معرفية أو لففظة يف اللغة فالرائد يف حتديد الصواب هو البحث العلمي ذاته والدليل العقلي والعلمي ال غري واليت وهكذا يتم حتديد معاين .. املنطقية مما قد يشوoا أو يعلق oا مما ليس منهاهكذا يتم تنقية القواعد. تستند يف العموم على كشف التناقض واإلختالف

األلفاظ مما قد يكون دخيال عليها أو جتاوزا عن معانيها األصلية . من مساحته املصداقية مبعىن أننا جيب أن نفرتض وجود مساحة مفهومية للفظ أوسع بكثري: التأكيد على الفرق بني املعىن املفهومي واملعىن املصداقي -

فمثال حينما نقول بأن التنفس يعين إدخال الشهيق للرئتني وإخراج الزفري منهما فإن هذا ال يكون هو املعىن . الكثرية التكرار يف إستعماالتنا اللغوية املصداقي الوحيد هلذا اللفظ وإمنا علينا أن نفرتض بأن له معاين مصداقية كثرية ينطبق عليها املعىن املفهومي العام واألوسع، فإذا قلنا بإن املدينة تتنفس إذا

وكذا لو قلنا بأن الرتبة حباجة للتنفس وإن على . فإن املعىن مفهوم ولكنه ال ينطبق بنفس الطريقة بالنسبة لإلنسان. كانت فيها غابات وحدائق كثرية ان نعترب ذلك جمازا أو استعارة الن املعىن املفهومي يبقى فعاال وقادرا على استيعاب كل تلك املعاين املصداقيةودون .. الفالح أن حيرثها إستعدادا لزراعتها

. .اإلتفاق على معاين املصطلحات املستخدمة: ثانيا

يف كل موضوع من املواضيع املبحوثة بالطريقة العلمية ترد كلمات وإصطالحات حتتاج إىل حتديد وتعريف وت وضيح ملعانيها على سبيل اإلتفاق منذ البداية، وإال فإننا لن نتمكن من اخلوض يف جممل املوضوع، وعلى هذا األساس نرى بأن املسرية العلمية يف كل امليادين العلمية وصلت إىل ما يسمى بعلم

Page 3: الإنسان بين الجبر والتفويض

وضوعه األول، وإخراج اللفظ من معىن لغوي إىل آخر، ملناسبة االصطالح عبارة عن اتفاق قوم ما على تسمية الشيء باسم ما ينقل عن م(اإلصطالح . وقيل لفظ معني بني قوم معينني. وقيل إخراج الشيء عن معىن لغوي إىل معىن آخر، لبيان املراد. وقيل اتفاق طائفة على وضع اللفظ بإزاء املعىن. بينهما

.عناه املتفق عليهالذي حيدد لكل مصطلح م. ) راجع ويكبيديا–) تعريفات اجلرجاين(أقصد أننا حباجة اىل وضع تعريفات واضحة متفق عليها حىت ال تكون الصورة الذهنية لدى كل واحد منا خمتلفه عنها لدى اآلخر، حينما نتحدث عن

.قضية معينةهلذه الكلمة والذي حنتاجه يف موضوعنا ألن هناك عدة فينبغي علينا أوال أن حندد املفهوم اخلاص ) الساعة(فلو قلت اآلن بأننا نتحدث عن موضوع

:إحتماالت للمعىن وكما يلي .اجلهاز الذي يقيس الوقت وخيرب عنه كالساعة اليدوية وساعة احلائط وساعة احلاسوب وهكذا: الساعة - . 24وحدة قياسية نستفيد منها يف حتديد أقسام اليوم الـ : الساعة - .وهكذا. وقت معني يبدأ فيه العامل اآلخر وهو ال شك ال يقاس بنفس الوحدة القياسية اليت نستخدمها يف حياتنا اليوميةمفهوم حلول: الساعة -

عليه فإن علينا أن نضع تعريفا موحدا لكل املفردات اليت نستخدمها كما حاولنا أن نضع حدودا واضحة مليدان البحث حىت ال تضيع جهودنا وتتشتت يف .وعات خمتلفةموض

وسوف يالحظ األصدقاء والصديقات األثر اجلوهري واحلاسم هلذه القضية يف البحث، ففي بعض األحيان يكفي أن يتم حتديد املعىن ملصطلح واحد لرفع .اإلoام وكشف خفايا املوضوع للجميع حبيث يزول اإلختالف ويتفق اجلميع على فهم معقول واحد للموضوع

:إىل تعريفه ويساعدنا على فهم قصة الغالم هو التايلوأهم ما حنتاج .مفهوم العلم - .حدود العلم وشروطه - .تعاىل) علم هللا(مفهوم - .مفهوم العقاب والثواب على اإلميان با� -األلوهية والربوبية والفرق بينهما - .

العلم وحدوده بالنسبة لنا كبشر وبالنسبة إىل هللا تعاىل كخالق موصوف بالقدرات املطلقة اآلن أدعو األصدقاء األعزاء إىل اإلدالء بدلوهم يف توضيح معىن وسوف نالحظ كيف يقودنا البحث تلقائيا . بإذنه تعاىل) علم هللا(غري املقيدة ومن خالل آرائكم املباركة وحواراتكم ننتقل إىل احللقة الثانية لتوضيح معىن

.وهللا ويل التوفيق.. هية والربوبية والعقاب والثوابإىل ضرورة التفريق بني االلو

بعد التفاعل الرائع مع احللقة األوىل من قبل األصدقاء والصديقات وظهور املفاصل اليت ينبغي بنا التأكيد عليها إلشباع املوضوع حبثا ومتحيصا، دعونا :ألحبة من خالل تعليقا­م على مضمون احللقة األوىل وهي كالتايلأعزائي نبدأ أوال بالتوقف عند بعض النقاط اهلامة اليت أثارها ا

وكما هو املتوقع يف أية قضية مطروحة للنقاش فإن هناك بعض اخللط يف التعاريف وهو ما حيتاج إىل عملية فرز حىت ال نضيع يف احلوار ، وأهم ما : أوال - وهو ما سنتعرض له يف احللقة .. وأمثال ذلك ) املاهية(و) احلقيقة(وبني ) املعرفة(و) العلم(هو الفرق بني - يف رأيي وعلى قدر فهمي -حيتاج اىل التمييز

.اليت بني أيدينا إن شاء هللاهناك نوع من التداخل يف فهم اإللوهية والربوبية، وهذا موضوع دقيق وحساس سيما أن لفظ اجلاللة : ثانيا - يان معربا به عن يرد يف بعض األح) أ�(

التجلي الربويب الرمحاين الرحيمي وتاره معربا عن األلوهية باملطلق، واخللط بني األمرين يؤدي إىل خلل يف النتائج الفرق بني الربوبية واأللوهية جزء من . .موضوعات هذه احللقات وسوف نتطرق إليه بالتفصيل إن شاء هللا

وهو ما سنتعرض له أيضا حسب مقتضيات البحث ألن - الزمان فقط دون املكان - عالقة هللا تعاىل بالزمان هناك غموض واضح يف مسألة: ثالثا -هذه الفكرة متثل ركنا أساسيا يف فهم الوجود بشكل عام، وفهم مسألة علم هللا تعاىل .

رغم أن هناك وضوح يف رؤية أننا عاجزين عن إدراك أو فهم : رابعا - إال أن هناك خلطا يف فهم ) يةالذات اإلهل( على صعيد ) شخصية هللا تعاىل(وسوف . تعاىل) هللا(عن اإلحاطة مبوضوع التصور ) اإلنسان(يف حقيقتها اليت ال ميكن فهمها أو تصورها لعجز فاعل التصور ) ذاته تعاىل(وبني ) التصور(

.يف إطار الفهم النظري ال الواقعي طبعاحناول توضيح هذا االمر بالقدر املمكن وعلى قدر ما نفهمه

Page 4: الإنسان بين الجبر والتفويض

هناك تصور مبسط عن مسألة التوفيق اإلهلي واهلداية اإلهلية وتصور بأن هداية هللا تعاىل تعين أنه ينظر إىل العبد ويرى مقدار وكيفية صالته : خامسا - فهو تصور جيعل هللا تعاىل يف مصاف .. يف احلقيقة جتين على هللا وعلى العلم وهذا .. وصيامه وزهده يف الدنيا وورعه عن احملارم ويفتح له طريق العلم

والظن األرجح ملعىن هداية هللا تعاىل وفتحه على الناس هو أنه كقانون حميط oذا الكون يدعم قوانينه بشكل منطي فكل .. البشر يفرح ومييل ويكره وينحاز بطريقة صحيحة يفتح هللا تعاىل عليه واخلضوع ليس معناه كثرة الصالة والصيام وإمنا تعين االلتزام بقوانني هللا من خضع لقانون هللا تعاىل ووظف القانون

تعاىل وإحرتام تلك القوانني والقبول oا واخلضوع هلا، يف هذه احلالة فقط يصبح اإلنسان متقيا لذا ترى أن الفتوحات العلمية وسائر الفتوحات يف ا�االت وهي تأيت ملن عرف كيف يسري على .. ال تفرق بني من هو مسلم أو مسيحي أو يهودي أو بوذي أو ملحد أو كافر.. اإلقتصادية واإلجتماعية وغريها

يركب مواد ال يكرتث ملن جلس يف املخترب-كقانون حميط oذا الكون وليس كرب-تلك القوانني ويتقيها كقوانني فاعلة بشكل منطي ثابت فا� تعاىل وإمنا - بتعريف بعض اإلسالميني ال مصلي وال صائم -متفجرة مع بعضها البعض هل هو كثري الصلوات صائم النهار مقيم الليل أو هو إنسان علماين

لط وطريقته واإلعتناء يف يعمل بطريقة قانونية صرفة وحبتة فبمجرد أن تصل نسب اخل– كإله خمضوع له ومعبود وكقانون حاكم دون حماباة -هو تعاىل ولكن لو شاء التجلي الربويب أن ال حيدث اإلنفجار فإن الرب سيحول . حميطها املخربي اخلاص إىل ما يؤدي إىل إنفجارها فإن االنفجار سيقع ال حمالة

قل ادعوا اÂ أو ادع(بينه وبني الوقوع من خالل إدخال عنصر آخر إىل املعادلة كما وا الرمحن أيا ما تدعوا فـله األمساء احلسىن وال جتهر بصالتك وال Åختافت oا وابـتغ بـني ذلك سبيال أن خيالف قوانني هللا تعاىل- وهو أمر واجب عقال -فالرب تعاىل كتجلي � تعاىل ال جيوز عليه )) 17اإلسراء110(

لذا فال مفر من التدخل بطريقة ثانية من خالل تغيري الوضع أو إدخال عنصر جديد متسق مع قوانني هللا تعاىل ولكنه سيؤدي إىل إفشال اإلنفجار . الثابتةقـلنا يا نار كوين بـردا وسالما على إبـراهيم (واحليلولة دون وقوعه كما يف قوله تعاىل وأرادوا به كيدا فجعلناهم األخسرين ) 21اءاألنبي69( )) 21األنبياء70(

يا نار(الذي يرينا كيف مت إدخال عنصر جديد يف املعادلة، فالنار بقيت فاعلة ضمن طبيعتها وهو مؤدى اخلطاب ولكن مت إدخال عنصر جديد جعل ) كوين(النار تصبح بردا وسالما على إبراهيم بـردا وسالما على إبـراهيم إنا زيـنا السماء الدنـيا بزينة الكواكب (وكذا يف قوله تعاىل ) وحفظا ) 37الصافات6(

من كل شيطان مارد ال يسمعون إىل المأل األعلى ويـقذفون من كل) 37الصافات7( جانب دحورا وهلم عذاب واصب ) 37الصافات8( اليت ترينا كيف تتم األمور الربوبية، فرغم أن كل شيئ خملوق � تعاىل إال ان األمور ال متضي بطريقة اإللغاء وإمنا بطريقة التعديل )) 37الصافات9(

وعلى . وهكذا.. الله إىل احلد من أثر القانون األول فهناك مادة حافظة يف مقابل الشيطان املارد واملواجهة بأمر آخر ضمن قانون هللا تعاىل ويصار من خإنا كل شيء خلقناه بقدر (هذا األساس كان

وما أمرنا إال واحدة كلمح بالبصر ) 54القمر49( تسمح مبعىن أن التقديرات هي اليت)) 54القمر50(للمتنافرات بان تنسجم مع بعضها البعض فيسيطر هذا على ذاك او يتغلب هذا على تلك ولكن بطريقة حمسوبة بدقة وبشكل منسجم مع كل قوانني هللا

وما أمرنا إال واحدة(تعاىل وهذا مؤدى القول هو يشري إىل الواحدة اليت تلمح كلمح ، ف.ألن األمر مذكر وليس مؤنث) وما أمرنا اال واحد(ومل يـقل ) .بالبصر فيكون كل شيئ موجود أمامها يف صورة واحدة رغم التنافر واإلختالف أو التنوع واإلضطراب

التصور علم واحد يشري إىل تطابق بني الشيئ و- كما سنرى من خالل احللقة املقبلة - هناك تصور بأن العلم له أنواع واحلقيقة أن العلم : سادسا -املأخوذ عنه، كما أن منهجيته واحدة وأدواته املنطقية واملعرفية واحدة ولكن ميادينه خمتلفة لذا تنوعت أساليب التعاطي العلمي ومل خيتلف العلم بذاته،

غيب الظواهر املادية وعلوم االجتماع فامليدان الرئيسي للعلم والبحث العلمي هو الغيب مبختلف صوره فالفيزياء والكيمياء تبحثان يف غيب املادة ويف وهكذا احلال مع علوم الرياضيات والطب والصيدلة والفلك واألقمار الصناعية والزراعة واإلنتاج .. والسياسة تبحثان يف غيب شؤون ا�تمعات وطرق إدار­ا

لبحوث املختلفة لتؤدي دورها يف فهم العالقات املاورائية يف كل فضال عن الفلسفة اليت تدخل يف صلب تلك ا.. اىل ما شاء هللا ... والتجارة والتأمني .. علم من العلوم

فالعلوم املتعلقة باملالئكة وبا� تعاىل هي ليست من إختصاصنا وغري داخله أصال يف أي موضوع ! وال خيصنا- مبعىن العلم الذي نعرفه -ليس هناك علم وال حيق إطالقا إلي إنسان أي كان أن يدعي أنه يعرف شيئا عن علم هللا تعاىل أو يتحدث كما لو كان موجودا . .من املوضوعات اليت نبحثها حنن البشر هذا حمض هراء تكذبه كل األدلة والرباهني.. يف عامل االلوهية وشهد شيئا من ذلك حنن ندرس ما ينعكس علينا من أمور كونية وحناول أن نفهم االمر .

بساطة شديدة وسطحية مغرقة من خالل النص القرآين ألنه نص مساوي سامي ال شك لدينا بأنه إنطلق من جهة أكثر منا علما كما تشري النصوص ب ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ريب وما أوتيتم من العلم إال قليال(التالية ذلك مبـلغهم من العلم إن ربك هو أعلم مبن ضل (أو )) 17اإلسراء85(

عن سبيله وهو أعلم مبن اهتدى وهللا أعلم)). 53النجم30(عدات خمتلفة وسوف حناول أن نـلم الشتات ونشري إىل أورد األخوة األعزاء تعريفات خمتلفة للعلم أشارت إىل جوهر املوضوع مبقاربات ومبا: سابعا -

وإذ قال اÂ يا عيسى بن مرمي أأنت قـلت (مواطن القوة واملتانة يف بعضها ومواطن اخللل والضعف يف بعضها اآلخر، ومبقدار ما توصلنا إليه ظنونا ال أكثر

Page 5: الإنسان بين الجبر والتفويض

للناس اختذوين وأمي إهل ني من دون اÂ قال سبحانك ما يكون يل أن أقول ما ليس يل حبق إن كنت قـلته فـقد علمته تـعلم ما يف نـفسي وال أعلم ما يف

نـفسك إنك أنت عالم الغيوب .وهللا املستعان)). 5املائدة116(بعيدا عن التصورات املتوارثة حول هذا املوضوع، وهذا ) كن فيكون(هناك حاجة على ما يبدو لفهم ما يطرحه القرآن الكرمي عن طريقة اخللق : ثامنا -

زمن؟ أم هو شيئ آخر؟ هو الظهور العاري عن ال) كن فيكون(موضوع دقيق للغاية أيضا ومرتبط مبوضوع إرتباط هللا تعاىل بالزمان وهل أن اخللق بطريقة هذا ما سنحاول تفصيلة يف احللقات املتتالية من هذه ا�موعة إن شاء هللا، حىت نصل إىل قضية الغالم وحنن على بينة من أمرنا بإذن هللا .

لغة وإصطالحا، هادفني من وراء ذلك بعد اإلشارة إىل املالحظات أعاله دعونا إخواين واخوايت األصدقاء والصديقات األعزاء نبدأ مبحاولة تعريف العلم علم هللا(فهم الرتكيب التايل .مث ننتقل إن شاء هللا اىل فكرة التمييز بني األلوهية والربوبية)

:وأهم ما حنتاج إىل تعريفه ويساعدنا على فهم قصة الغالم هو التايل .مفهوم العلم - .حدود العلم وشروطه - .عاىلت) علم هللا(مفهوم - .مفهوم العقاب والثواب على اإلميان با� -األلوهية والربوبية والفرق بينهما - .

:مفهوم العلمعلم (لنبدأ إذن على بركة هللا تعاىل يف حماولة تصور مفهوم العلم ووضع هذا اللفظ يف إطار مناسب من اإلدراك حىت جنعل من ذلك منطلقا لفهم الرتكيب

اول وكما تعودنا خالل البحوث األخرية ان نلقي ولو ضوءا جزئيا على املعىن التوقفيفي املستند إىل معاين االصوات ولكن دون إيراد وسوف حن). هللا .هورةالطريقة اليت مت فيها تركيم هذا املعىن، وبالنتسيجة فهو �رد التلميح إىل أن املعىن الصويت ينسجم بدرجة كبرية مع املعاين املعجمية املش

:املعىن الصويت التوقيفيتكامل احلركة يف كتلة معينة مدعومة من مؤثر غييب يتناول كتلة أخرى بطريقة معينة خللق التساوي بني الكتلتني بدرجة من الدرجات .

:وبذا ميكن تعريف العلم على أنه . عنهعملية ذهنية عقلية حتاول الكشف عن شيئ خارج الذهن وتكوين صورة مدركة

وهنا ال بد لنا أن نقول بأن هذا التعريف أويل وخام وهو ممكن أن يتطور أكثر مع مسرينا يف البحث إن شاء هللا . وهو تقريبا نفس التعريف املعجمي املتداول الذي يعرف العلم على أنه هجرية502كما يقول مثال الراغب اإلصفهاين املتوىف سنة . إدراك الشيء حبقيقته:

.يف مفردات القرآن : هجرية يف معجم مقاييس اللغة395أو ما قاله إبن فارس املتوىف سنة

العني والالم وامليم أصل صحيح واحد، يدل على أثر بالشيء يتميـز به عن غريه((من أن والعلم .. والعلم الراية، . .. من ذلك العالمة، وهي معروفة. اجلبل، وكل شيء يك ون معلما خالف املجهل:

الشق يف الشفة العليا، : والعلم. .. والعالم فيما يقال... احلناء؛ وذلك أنه إذا خضب به فذلك كالعالمة: . .(إنتهى اإلقتباس..)). (والعلم نقيض اجلهل،

.(حق املعرفة( هجرية يف تعريف العلم أنه 817أو ما قاله الفريوزآبادي املتوىف سنة صفة ينكشف oا املطلوب إنكشافا تاما( هجرية يف كتابة ارشاد الفحول، يف تعريف العلم من أنه 1173أو الذي قاله الشوكاين املتوىف سنة وهو ما )

. تعريف آخر15إختاره حممد متويل شعراوي من بني اكثر من .إدراك الشيئ على ما هو عليهوجاء يف املعجم الفلسفي أن العلم يقصد به املعرفة و

:وخالصة هذه األقوال، أن العلم هوإدراك الشيء املعلوم على ما هو عليه إدراكا حقيقيا مطابقا للواقع .

م الفلسفية وحىت نفهم هذا التعريف دعونا أصدقائي وصديقايت حنلل التعريف الذي يبدو أن عليه شبه إطباق سواء بني دارسي العلوم الطبيعية أو العلو :ولدى حماولة حتليل التعريف جند ان عناصره هي التالية. وسائر ميادين العلوم اإلنسانية

.والشيئية طبعا تشمل حىت املفاهيم والتصورات. موجود يف عامل الوجود من ضمن عامل املشيئة) شيئ) - .جهة مدركة تتعامل مع هذا الشيئ بإحاطة للتحقق منه أو التعرف عليه -

Page 6: الإنسان بين الجبر والتفويض

.متلكها تلك اجلهة من أجل التحقق، من قبيل احلواس وأجهزة القياس) وسيلة إدراك وفهم(أداة أو طريقة أو - .وجود عنصر الزمن لتحقيق عملية اإلدراك -

علم(اجلذر اللغوي ): مركز وقوي ) بروجيكرت( يتحكم مبصباح وميكن فهم هذا اجلذر من خالل إفرتاض وجود منطقة مظلمة بالكامل كأن تكون ساحة كرة قدم، وهناك شخص

.ميكن تسليطه على مرت مربع واحد فقط من مساحة امللعبمث ميكننا أن نفرتض أن يف كل مرت مربع من تلك الساحة يوجد ورقة مكتوب عليها كلمة معينة .

كلمة الوجودة يف كل مربع نكشفه بالضوء فكل مربع نكشفه ونكشف اآلن لو أننا سلطنا الضوء من األعلى وكان هنا شخص يتحرك مع الضوء وخيربنا بالعلما(أو تصبح ) معلومة(والكلمة تصبح ) علم(الكلمة املكتوبة يف الورقة املوجودة فيه سيكون معلوما بالنسبة لنا ونكون قد قمنا بعملية .بالنسبة لنا)

علما(وكأننا نضع . نسبة لناوهكذا هو احلال بالنسبة اىل كل مربع يكشفة الضوء بال يف كل مربع نكشفه ونكشف الكلمة املوجودة فيه) وهذا هو اخليط . .(العلم(بـ ) العلم(الذي يربط

ن العلم املركب كاملة بكل املربعات املكونة للساحة موضوع البحث، وميكن مالحظة أننا إستخدمنا مفردة جديدة للتعبري ع) معرفة(وبالتدريج تصبح لدينا عرف(واملشتقة من اجلذر ) املعرفة(أو الذي مت إختباره أو التأكد منه بطريق خمتلفة وهي مفردة عرف(أو ) والبأس بالتعرف على الفرق بني املفردتني ).

علم( عرف(و) .حلاجة البحث الذي بدأناه هلذا النوع من التمييز) :ما هي املعرفة

هي مثرة التقابل واإلتصال بني ذات مدركة وموضوع مدرك: االصطالح الفلسفياملعرفة يف . وتتميز عن باقي معطيات الشعور من حيث أ ا تقوم يف آن واحد على التقابل واإلحتاد الوثيق بني هذين الطرفني .

.فةواملعرفة oذا الشكل هي اليت حتصل للذات العارفة بعد إتصاهلا مبوضوع املعرعلم(الفرق بني عرف(و) ):

علم(لفهم الفرق بني العلم واملعرفة وبالنتيجة فهم الفرق بني اجلذرين عرف(واجلذر ) عرف الديك(ميكننا أن منعن النظر يف الفرق بني ) العلم(و) أو الراية ) :فتنكشف لنا اإلختالفات التالية

عرف الديك(إن .1 العلم(ايت موجود فيه وهو جزء من كيانه وشخصيته بينما أمر ذ) املــــعلم(أو ) املـــعلم(هو عالمة توضع على ) من خارجه لفهم أو ) إدراك قضية معينة متعلقة بذلك املـــعلم أو املـــعلم، فالديك ميتلك عرفا بينما حنن نعرف البالد من خالل علمها توسع واإلنتقال إىل العلم بدل وميكن ال.

العلم، فالعلم هو صورة عن شيئ له واقع يف العامل اخلارجي بالنسبة للقائم بعملية العلم بينما العرف قضية متصلة بذات الشيئ تنتقل معه ومتيزه عن غريه . . الذي نتحدث عنه يف حبثنا هذا– مبعناه العام – والعلم -إلصطالحي مبعناه ا-ويف احلقيقة فان هذا يشكل األساس اجلوهري يف التمييز بني العرف

:املعرفة قضية كسبية ثابتة يف النفس وهلا طريقني .2 .أن تكون فطرية واإلتفاق عليها يكاد يكون مطبقا كاملعارف املنطقية - .كاملعارف املكتسبة. تكون بدأت بعلم وتكررت وجرى إثبا­ا بدرجة كبرية -

. فاملعرفة أثبت من العلم. هو الذي جيعل املعرفة حتضى بدرجة كبرية من اإلطباق ولو على مستوى بلد أو حملة- أقصد التكرار واإلثبات -ر الثاين واملصدوهو يزداد ما هو إدراك لشيئ موجود يف الواقع اخلارجي وجتري عملية إكتسابه من خالل جتارب ودراسة وتقصي وحبث وحتري وغري ذلك ) العلم(ألن

.دامت هناك رغبة يف اإلستزادة، ويتغري ما دامت املعامل متغريةعليه فإن العلم يستعمل فيما يدرك ذاته وتؤخذ عنه صورة إدراكية بينما املعرفة هي تركيب بني جمموعة من العلوم ملعرفة ما ميكن أن يدرك بآثاره وليس .3 .بذاته .املعلوم بينما املعرفة تتعلق بذات املعروفالعلم يتعلق مبواصفات الشيئ .4عليه فكل معرفة ال بد أ ا مبنية على علم مسبق بينما ليس كل علم مبين على معرفة وبذا فان العلم أخص من املعرفة .5 . املعرفة تشري اىل وجود علم مسبق حتول اىل قضية ذاتية مرتبطة بالنفس وخربا­ا املرتاكمة بينما .6 العلم هو صورة عن قضية واحدة قد يكتسبها اإلنسان

.مرة واحدة عن شيئ واحد حمددالعلم هو حصيلة جهد بشري إلستكشاف ما هو موجود يف اخلارج من خالل التقصي والبحث وكأن املتعلم ميسك مبصباح يدوي ويدخل يف غرفة .7

ما علم بأمر ما حتول ذلك إىل مظلمة ويبدأ بالبحث بني ما فيها من االثاث للتعرف عليه وكل .(معرفة(أي انه يتحول اىل ) علم ثابت يف النفس(

Page 7: الإنسان بين الجبر والتفويض

والعلوم ) أعراف(بذلك الطريق كما ان األمور اليت تتكرر يف ا�تمع بطريقة ثايتة تتحول إىل ) عارفا(عليه فان االنسان اذا سلك طريقا بشكل يومي يصبح oذا الطريق، فقولك ذاك ال يكون إال إذا كنت قد ) علم(oذا الطريق وال نقول عندي ) معرفة(فتقول عندي ) معارف( اليت تثبت لدى االنسان تتحول اىل

.مسعت بالطريق أو تعلم فقط بوجوده دون ان تتعرف عليه من خالل املعاينة املباشرة والشاملةبطريقة عمل ماكنة السيارة إذا كنت مصلحا للسيارات أو ممارسا ) معرفة(ل عندي بطريقة عمل ماكنة السيارة إذا كنت مهندسا وتقو) علم(وتقول عندي

. وحنن نستخدم املصطلحني بطريقة مذهلة يف الواقع اليومي. أو قارئا لكل ما يتعلق بعمل ماكنة السيارةال فال تسمى معرفة ولذلك فإن هللا تعاىل مسى املعروف معروفا وا) علما يقينيا وثابتا(العلم قد يكون يقيين وقد ال يكون بينما املعرفة جيب أن تكون .8

ألنه ذايت بالنسبة إىل تلك ) عرفا(ألنه علم يقيين لدى ا�موعة البشرية بكاملها ومسى ما تتفق عليه الشعوب والقبائل داخليا يف جمتمعا­ا اخلاصة .ا�موعات أكثر منه بشري فطري

وهللا تعاىل ال ينسب اىل نفسه ) العلم البشري(و) العلم االهلي(ىل ينسب إىل نفسه العلم لذا فإن علينا التفريق بني العلمني املالحظ بان هللا تعا .9علم (ولة وسوف نعرف خطورة هذا املعىن ودوره األساسي يف فهم مق. تعاىل ال يرتسخ باخلربة والتجربة وإمنا هو واحد وثابت) علم هللا(بإعتبار أن ) املعرفة(

.إن شاء هللا) هللاوهناك تفاصيل كثرية يف هذا املوضوع وتفريعات وإختالفات بني املذاهب سواء القدمية منها أو احلديثة، ال نريد التعمق فيها أكثر حىت ال نفقد إرتباطنا

.بالبوصلة اليت نتابعها وصوال إىل هدف حمددعلم( القضيتني اللتني وردتا يف القرآن الكرمي مبشتقات متفاوتة بقوة فقد وردت مشتقات يف العموم فإن ما اشرنا إليه يكفي لتمييز موضعا بينما 854يف )

عرف(وردت مشتقات . موضعا فقط71يف ) علم(يف عملية التفريق بني مشتقات : واملالحظة األهم عرف(ومشتقات ) ترد يف النص القرآين وال مرة فيما مل ) املعرفة(يف النصوص القرآنية، هو ان )

يتعلق با� تعاىل، بينما كل ما اريد به وصف هللا تعاىل مت فيه توظيف مشتقات علم( .وسوف نفهم ملاذا حدث ذلك) اىل تفاصيل أكثر يف احللقة املقبلة نكتفي oذا القدر يف هذه احللقة وننتظر املزيد من التفاعل إلغناء املوضوع وتوضيح ما قد يكون خافيا فيه حىت ننتقل

.إلستيضاح علم هللا :توضيحات ضرورية قبل احللقة التالية

شكرا للتفاعل املتواصل من كافة األصدقاء مجيعا، سواء من أدىل منهم مبالحظاته مباشرة يف حقل املالحظات أسفل املوضوع أو من راسلين على اخلاص، .يف حلقته الثالثة) علم هللا( تداوله قبل أن نواصل رحلتنا مع املعىن املناسب للرتكيب وال بأس جبولة قصرية مع ما مت

:اوال لألخ الكرمي األستاذ عبدالرمحن اخلزمي أقول :أوال

إن قارون كان من قـوم موسى فـبـغ( أن األية اليت حتدثت عن قارون يف السياق التايل – وهللا أعلم -يف ظين ى عليهم وآتـيـناه من الكنوز ما إن مفاحته لتـنوء بالعصبة أويل القوة إذ قال له قـومه ال تـفرح إن اÂ ال حيب الفرحني وابـتغ فيما آتاك اÂ الدار اآلخرة وال تـن) 28القصص76( س نصيبك من الدنـيا

وأحسن كما أحسن اÂ إليك وال تـبغ الفساد يف األرض إن اÂ ال حيب المفسدين قال إمنا أوتيته على علم عندي أومل يـعلم أن اÂ قد ) 28القصص77( أهلك من قـبله من القرون من هو أشد منه قـوة وأكثـر مجعا وال يسأل عن ذنوoم المجرمون فخرج على قـومه يف زينته قال الذين يريدون ) 28القصص78(

احلياة الدنـيا يا ليت لنا مثل ما أويت قارون إنه لذو حظ عظيم وقال الذين أوتوا العلم ويـلكم ثـواب اÂ خيـر لمن آمن وعمل صاحلا وال ) 28القصص79( يـلقاها إال الصابرون فخسفنا به وبداره األرض فما ك) 28القصص80( ان له من فئة يـنصرونه من دون اÂ وما كان من المنتصرين ) 28القصص81(

وأصبح الذين متنـوا مكانه باألمس يـقولون ويكأن اÂ يـبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويـقدر لوال أ ن من اÂ عليـنا خلسف بنا ويكأنه ال يـفلح الكافرون تنتقد قارون ألنه بغى على قومه وليس ألنه إدعى تكوين ثروته بعلم خاص به، ألن )) 28القصص82( .. من األسباب الطبيعية لكسب الثروة ) العلم(

.كما نراه اليوم بشكل واضح وجليرزاق يف الدنيا يتم توزيعها من أجل ربط الناس ببعضهم وإختبارهم كال يف بوتقة واحدة واأل فيعطى إنسان املال ويعطى اآلخر القوة وآخر الذكاء وآخر ..

بصفا­م وقدرا­م وظروفهم اليت بني البشر وظهور أناس خمتلفني) الرتاكب اجليين(وهذا العطاء ليس بطريقة إنتقائية وإمنا بطريقة عشوائية نتيجة .. احلكمة وأصبح الذين متنـوا مكانه باألمس يـقولون ويكأن اÂ يـبسط الرزق لمن يشاء (يولدون oا وما يضيفه احمليط الذي يتطورون به وهكذا وعلى هذا األساس

من عباده ويـقدر لوال أن من اÂ عليـنا خلسف بنا ويكأنه ال يـفلح الكافرون ) .

Page 8: الإنسان بين الجبر والتفويض

فإذا مس اإلنسان ضر دعانا مث إذا خولناه نعمة منا قال إمنا (- سيما إذا قرأناها يف سياقها -واآلية اليت أشرمت إليها يف السؤال الثاين أوتيته على علم بل هي فتـنة ولكن أكثـرهم ال يـعلمون

قد قاهلا الذين من قـبلهم فما أغىن عنـهم ما كانوا يكسبون ) 39الزمر49( فأصابـهم سيئات ما كسبوا ) 39الزمر50( والذين ظلموا من هؤالء سيصيبـهم سيئات ما كسبوا وما هم مبعجزين أومل يـعلموا أن اÂ يـبسط الرزق لمن يشاء ويـقدر إن يف ذلك آليات ) 39الزمر51(

لقوم يـؤمنون وع برمته فعملية العطاء والثروة واألرزاق املختلفة إمنا هي جزء من اإلبتالء ملعرفة معادن تلقي مزيدا من الضوء على املوض)) 39الزمر52( .الناس :ثانيا

أما اآلية اليت تتحدث عن اإلحسان إىل الوالدين دون القبول بآرائهما أو إعتقادا­ما إذا ما خالفت املنطق القومي والعقل السليم وجادة احلق فهي لو قرأناها أم حسب الذين يـعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما حيكمون ( سياقها يف من كان يـرجو لقاء اÂ فإن أجل اÂ آلت وهو السميع ) 29العنكبوت4(

العليم ومن جاهد فإمنا جياهد ل) 29العنكبوت5( نـفسه إن اÂ لغين عن العالمني والذين آمنوا وعملوا ٱلصـلحت لنكفرن عنـهم سيئا­م ) 29العنكبوت6( ولنجزيـنـهم أحسن الذي كانوا يـعملون ووصيـنا اإلنسان بوال) 29العنكبوت7( ديه حسنا وإن جاهداك لتشرك يب ما ليس لك به علم فال تطعهما إيل

مرجعكم فأنـبئكم مبا كنتم تـعملون والذين آمنوا وعملوا ٱلصـلحت لندخلنـهم يف الصاحلني ) 29العنكبوت8( تتحدث عن عملية الشرك )) 29العنكبوت9( مشوشة قليال ولكن ال بأس بقليل من التوضيح اآلن ريثما - يف ظين -با� وهو املوضوع الذي حيتاج اىل مزيد من تسليط الضوء ألن الفكرة الشائعة عنه

.تتاح لنا الفرصة للتوسع يف هذا املوضوع احليوي واخلطريفهذا أمر ال أساس له من الصحة وكل ما ) رضا هللا تعاىل من رضا الوالدين(اآلية تنسف الفكرة الشعبية املتداولة فيما بيننا من أن املالحظة األوىل هي أن

حث عليه القرآن خبصوص الوالدين هو اإلحسان وواضح ان هذه القضية ال حتصل إال حينما يشتد عود اإلبن أو الولد مبعىن أ ا وسيلة دفاع مساوية أمام .جترب اإلنسان ال أكثر

. ما يشري إىل ربط رضا هللا تعاىل برضا الوالدين- على األقل فيما تناوله القرآن الكرمي من موضوعات متعلقة بالوالدين -عليه فليس هناك أكثر من هذا فإن احلث القرآين هو على عدم جماراة اآلباء يف عقائدهم سيما إذا متكن األبنا بل وأبعد من .. ء من إكتشاف مواطن اخللل يف تلك العقائد

ذلك حينما ال ميتلكون العلم الكايف حول ما يطرحه اآلباء فإن عليهم التوقف وعدم قبول كل ما يطرحونه واإلنطالق يف رحلة التحقيق والبحث وإن جاهداك ل(إلستكشاف جوانب املوضوع وخفاياه، وهذا مؤدى قوله تعاىل تشرك يب ما ليس لك به علم فال تطعهما مبعىن أن ال تقبل منهما آرالءمها )

.املفروضة هكذا جزافا وبدون علمتشفع لكم عند هللا قادر على ال) القديس الفالين(فمثال قد يقول اآلباء ألبنائهم بأن .. والعلم يف اآلية ليس متعلقا بالشرك وإمنا متعلق مبا يطرحه اآلباء

املطلوب منكم فقط أن تقدموه بني يدي حاجاتكم وسوف ترون .. وحتقيق اإلستجابة ملطالبكم يف الدنيا أو ختليصكم من العذاب فيها أو يف اآلخرة .. العجب العجاب

هنا فإن اإلبن يف الغالب ال يعرف شيئا عن ذلك املقدس الذي يقدمه األب كوسيط موروث فاآلية حتثه على عدم التسرع وقبول وضع ذلك املقدس أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تـنقذ من يف النار (سيما وان هللا تعاىل يقول . كشريك � تعاىل يف بعض قراراته لكن الذين اتـقوا ربـهم ) 39الزمر19(

هلم غرف من فـو قها غرف مبنية جتري من حتتها األنـهار وعد اÂ ال خيلف اÂ الميعاد ليشري أن ال دور إطالقا ألي خملوق يف التأثري على )) 39الزمر20(بل إن كل شيئ جيري طبقا لقوانني هللا تعاىل.. قرارات هللا تعاىل .وهللا اعلم.

احلمد � اخي بأن كل املتفاعلني مع النصوص اليت أقدمها هم علماء أعالم وأفاضل كرام وأناس على مستويات .. ألخي األستاذ لقمان الداماد فإقول أما .أكثر إن شاء هللاومع ذلك سوف أحاول تقليص احللقات .. لذا أتوقع أن حجم احللقة الواحدة مناسب باإلعتبارات العامة .. عالية من الثقافة والفكر

أما أخي وصديق صباي األستاذ الرائع عايت العايت فال أجد ما أعلق به كثريا ألن املوضوعات املطروحة من قبله واسعة ومتشعبة وال أريد الدخول يف حماورات طويلة قد تبعدنا عن صلب املوضوع الذي حاولنا قدر اإلمكان حصره يف إطار حمدد كثري مما أعتقد به وأرجحه يف موضوعنا فرمبا سيتضح ال..

متعلقا باملوضوعات اليت أشار إليها جنابه عندما نتابع إكمال صورة املوضوع، مث يبقى للجميع فرصة املقارنة والرتجيح بناءا على األحسن . طبعا أنا أتفق مع أخي األستاذ عايت العايت يف بعض ما يطرحه من أمور وأختلف معه يف ال بل إن هذا هو ولست أرى يف ذلك ما يشني.. بعض اآلخر

األسلوب العلمي الصحيح للتعلم والتطور، فنحن بشر ينطبق علينا اجلزء األهم من اآلية التالية ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ريب وما أوتيتم من ( العلم إال قليال فنحن حقا مل نؤت من العلم إال قليله وليس أمامنا إال تسليط الضوء على املوضوعات واملفاضلة بني األفكار بناءا على )) 17اإلسراء85 (

قوة إرتباطها باملنطق السليم وقوة إستدالهلا وإستنادا­ا على الثوابت املعرفية اليت زرعت يف الناس وتساملوا عليها ومل حيتاجوا يوما . إىل إثبا­ا

Page 9: الإنسان بين الجبر والتفويض

اإلختالف فيما بيننا ال يقوم على أساس واحد أو عامل واحد، وإمنا على عوامل متعددة منها مثال فتلك تؤدي دوما إىل ! زاوية النظر إىل أي موضوع.. .إختالف الصورة املتكونة يف الذهن

.فاهيم املتداولة يف حبثنا هذا حىت نقف مجيعا يف زاوية واحدة ننظر منها إىل املوضوعوهلذا السبب بالذات حاولت منذ البداية أن أوحد املصطلحات واملوثباته، وهو أمر قد نتفق عليه إذا وقفنا منه ) العلم(وأشكاله علي بعدم ثباته يف مقابل يقينية ) العرف(إشارة األستاذ عايت العايت إىل .. من ذلك مثال

موقفا موحدا ونظرنا إليه من الزاوية املقصودة من قبلي، فإن ذلك قد جيلي وجهة نظري فيه بالتدريج إن شاء هللا . وتأثريها على العمل، فالنية كما تكشف يل من خالل مقارنة العديد من النصوص ) النية(أمـــا املوضوع األهم والذي وددت أن أشري إليه فهو موضوع

.!العمل أو طالحه إطالقاالقرآنية ليس هلا دخالة يف صالح رمبا جند أن هتلر وموسوليين اللذين كانا خملصني لوطنيهما وكانت ) سالمة النية(فاإلشكال الذي سينتج عن هذه الفكرة كبري للغاية، إذ بناءا على مفهوم

نيتهما رفع شأن بلديهما يستحقان اجلنة سيما إذا علمنا بأن البنية التحتية ألملانيا وإي طاليا واليت بنيت يف زما ما ال تزال هي األساس الذي تقوم عليه .. النهضة يف البلدين

لو -وهذا أساس ! فضال عن األخطر يف هذا املوضوع وهو قيام اإلرهابيني بتفجري أنفسهم يف وسط اجلموع أو العبث باحلرث والنسل تقربا اىل هللا تعاىلب متاما توقع دخوهلم اجلنة بإعتبار سالمة نواياهم سيكون من الالئق واملناس-قبلنا به فهم كانوا ينوون دعم هللا تعاىل والتقرب إليه وإقامة دولته على !

. وهذا ما ال يقبله عقل وال منطق- من وجهة نظرهم أيضا - واإلبقاء على املؤمنني األطهار - من وجهة نظرهم -األرض والقضاء على الكفار فهذا ال عالقة له بالثواب والعقاب األخروي وإمنا عالقته مباشرة بنفس اإلنسان يف هذه احلياة الدنيا فإذا ) نية املرء خري من عمله(لة املشهورة أمــا املقو

كانت نية اإلنسان اخلري فإن القوانني اإلهلية ستقوده بإجتاه اخلري والعكس صحيح إن حترص على هداهم فإن( اÂ ال يـهدي من يضل وما هلم من ناصرين فمن يدخل يف طريق الضالل ال ميكن للقوانني اإلهلية أن تؤدي به إىل اهلداية والعكس طبعا صحيح فمن يدخل يف طريق اهلداية فإن )) 16النحل37(

..القوانني اإلهلية ال توصله إىل الضاللوالعمل الفاسد هو . بالعمل فاحلساب سيكون على مقدار إنسجام ذلك العمل مع قوانني هللا تعاىل دون النظر يف نية ذلك اإلنسانولكن إذا قام اإلنسان

.فاسد بذاته فمن يوزع املال رءاء الناس فإن عمله هذا بذاته فاسد وسوف ترتتب عليه نتائج فاسدةيكتسب صالحه ودرجة صالحه من مدى إنطباقة ) ((العمل الصاحل( العمل مع قوانني هللا فقط وفاملالئكة املوكولون باإلنسان ينظرون يف إنطباق

لذا نتوقع أن يكون عمل ما صاحلا يف موقف وطاحلا يف موقف آخر، فمثال بناء مسجد للناس يصلون فيه )) وإنسجامه مع قوانني هللا تعاىل حلظة حدوثه صال­م اليومية ال شك أنه عمل صاحل ولكن بناء مسجد مضاف إىل عشرات ورمبا مئات املساجد الفارغة .. إذا مل يكن عند الناس مسجد جيمعهم

والناس حباجة اىل مستوصف او مدرسة ال شك انه سيعترب عمال طاحلا . فال يوجد عمل يف حياة أي كائن حي! ليست إال الدافع الذي دفع اإلنسان إىل القيام بعمل ما) النية) فحىت ميالن غصن الشجرة يكون بنية ! بدون نية

... وهو ال أمهية له إال لذات النبات، أقصد لذات تلك الشجرة اليت مال غضنها.. احلصول على الشمس أو خضوعا للجاذبية تصبح أعمالنا صاحلة ميكن بضمها اىل اإلميان وبالنسبة لنا حنن البشر املكلفون فاملهم هو إنطباق العمل وإنسجامه مع قوانني هللا تعاىل وقت حدوثة حىت

من عمل سيئة فال جيزى إال مثـلها ومن عمل صاحلا من ذكر أو أنـثى وهو مؤمن فأولئك (أن تؤدي بنا إىل اجلنة .. با� كقانون طبيعي حاكم على الكون يدخلون اجلنة يـرزقون فيها بغري حساب ((40غافر40(

فمن يعمل صاحلا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن بالقانون الطبيعي للحياة وهو هللا تعاىل، مبعىن أنه يؤمن بوجود ! واملالحظ يف النص أعاله أن ال أثر للنية ذلك النظام الكوين العام فهو من املؤكد سيكون يف اجلنة مهما كان دينه أو مكان نسق وقانون طبيعي يف احلياة وبأن عمله هذا ينبغي أن ينسجم مع

والدته ومهما كانت نيته، فقد يكون قام بذلك العمل إكراما للحياة نفسها ال غري وقناعة منه بأن هذا العمل ينبغي أن يكون ال أكثر ورمبا يكون ... طامعا يف اجلنة ألنه يؤمن oا .كل هذا ليس باألمر املهم.. ورمبا.. رمبا و..

فهذه الفكرة مرفوضة قرآنيا بنص قوله تعاىل ) خلقتم للبقاء ال للفناء(الفكرة األخرى اليت أختلف فيها مع أستاذي األخ الرائع والكرمي عايت العايت هي فكرة فأما الذين شقوا ففي النار هلم فيها زفري( وشهيق خالدين فيها ما دامت السموات واألرض إال ما شاء ربك إن ربك فـعال لما يريد ) 11هود106( وأما الذين سعدوا ففي اجلنة خالدين فيها ما دامت السموات واألرض إال) 11هود107( ما شاء ربك عطاء غيـر جمذوذ ((11هود108(

كل من عليـها فان (غري هللا تعاىل و) األبد احلقيقي(فليس من خالد إىل ويـبـقى وجه ربك ذو اجلالل واإلكرام ) 55الرمحن26( بقاء )) 55الرمحن27(واليت ال ميكن القول ببقائها مع هللا تعاىل وإال كانت شريكا له أو ألصبحت إهلا آخراإلنسان رهني ببقاء السموات واألرض .

Page 10: الإنسان بين الجبر والتفويض

نابعة من النظرة األنانية .. وهذه النظرة اليت يتم الرتويج هلا بقوة يف اوساط املسلمني وغري املسلمني .. اخللود نسيب والبقاء نسيب وهللا العامل مبصرينا مجيعا .وهي فكرة قدمية إنتقلت للفكر الفلسفي اإلسالمي الوسيط، من الفلسفات األقدم وهللا اعلم.. ل اإلنسان وإعتباره لنفسه مركزا للكون املبالغ فيها من قب

ني هللا واحدة أمر مبتدع من قبلنا حنن البشر فقوان...) إدراكية وحسية وإجتماعية وشرعية (األمر اآلخر هو أن قوانني هللا تعاىل واحدة وتصنيفها إىل واإلنسجام معها هو اهلدف النهائي لكل خملوق سواء أكان عاقال مريدا أو مسريا ألهداف أخرى كاألرض والشمس والكواكب األخرى والنبات واحليوان

.. فالكل يف مسعى دائم إلثبات قدرته على اإلنسجام مع قوانني الكون وجدارته بالبقاء.. إىل ما شاء هللا من الديانات واإلعتقادات، كلهم يهدفون اىل البقاء على قيد احلياة ألطول .. واليهودي والبوذي والسيخي واهلندوسي واملسلم واملسيحي

فـوسوس هلما الشيطان ليبدي هلما ما ووري عنـه(فرتة ممكنة بل إىل اخللود وهو ما يشري إليه النص القرآين التايل ما من سوءا­ما وقال ما نـهاكما ربكما عن هذه الشجرة إال أن تكونا ملكني أو تكونا من اخلالدين .((7األعراف20(

اس املنهي عن مشاكلتها ومناسبتها وخمالطتها أقوى إىل تضييع هويته املميزة من خالل شعوره بأن األجن) النوع(فالرغبة يف اخللود هي اليت دفعت آدم فوقع يف احملظور ونال اإلنتقاد من املالئكة كونه مل يكن له عزم – باملعايري اليت كانت رائجة لدى البشر آنذاك -وأكثر قابلية على البقاء واألقوى واألقدر

ولقد عهدنا إىل آدم من قـبل فـنسي ومل جند له عزما (الروية ولتفكر العميق على التثبت من املوضوع املوكول إليه والتصرف على اساس احلكمة و .((20طه115(

عنه وال أثق مبا يصلين! فأنا شخصيا ال أعرف عنه شيئا وال أدري ما حقيقته) القوانني الغيبية امللكوتية(أما ما قيل من قبل أخي األستاذ عايت العايت عن يف تصوري أن كل ما ميكن إلدركنا وعقولنا التوصل إليه هو ما نعرفه عن هذا الكون ونتمكن من تكوين صورة .. بناءا على ما يسمونه الكشوفات -

. عنه وعن خالقه والقوى اليت تقف خلفه–بواسطة حواسنا اليت تشمل عقولنا ومنطقنا السليم أما القوانني اليت ال ختصنا وا وكل ما هو متاح لنا للتعرف عليه فهو قانون طبيعي سواء تعلق بالسماء أو باألرض أو . ليت ال تتعلق بنا فال أعرفها إطالقا

.ما دام أننا أعطينا القدرة على التفكري به... با�رات ا�اورة أو باألصل يف خلقنا أنا اآلن أقف يف مركز الكون ومن يرفض القبول oذه الفكرة فليقم : وهو أشبه مين يقول مثال أقرب إىل اخلرافة – يف تصوري -وأما الباقي فاحلديث عنه

.وهللا اعلم.. وليبدأ بالقياسطبعا أنا شخصيا أمتلك ماليني األسئلة وال أمتلك جوابا واحدا شافيا ولذلك فأنا أؤكد دوما على أن ما أقدمه هو ظنوين وفهمي أبنيه على تأمالت يف..

... وأكون سعيدا للغاية أن أجد أجوبة قادرة على نزع الفتيل من التساؤالت اليت تؤرقين.. النص القرآين مبنهجية لفظية لسانية وبأدوات منطقية والذين ( مع قوله تعاىل امليدان مفتوح للجميع للمناقشة والرد وتقدمي البدائل ونبقى كلنا متيقظني ساعني للبحث يف البدائل إلختيار األحسن منها جريا

اجتـنبوا الطاغوت أن يـعبدوها وأنابوا إىل اÂ هلم البشرى فبشر عباد الذين يستمعون القول فـيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم اÂ وأولئك ) 39الزمر17( م أولو األلباب ه .وهللا من وراء القصد)) 39الزمر18(

تالحظون أنين إعتربت املوضوع أعاله هو احللقة الثالثة رغم أنه ال يرتبط مع ما قدمنا بشكل مباشر ولكين قمت بذلك ألنين وجدت أن بعض مادته يوم غد - وهي جاهزة -وسوف أقوم بنشر احللقة الرابعة .. ا من املوضوع وهو احللقة الثالثة لذا فإنين إعتربت هذا جزء.. تساعد يف إنضاج الفكرة العامة

.إن شاء هللايف حماولتنا الوصول إىل القاعدة اليت ستساعدنا يف اإلنطالق حنو فهم قضية الغالم يف قصة موسى والعبد املأيت علما) علم هللا(نواصل رحلتنا مع قضية .

:العلم بالنسبة � تعاىل ولإلنسان بنفس الطريقة؟هل يتحقق وصلنا إىل السؤال األهم يف قضية العلم، ودعنا نوضح األمهية اليت نتحدث عنها من خالل املثال التايل :

ا عنه ومعرفة وصرنا نعلم مبنازله لو إفرتضنا أننا ندرس حركات القمر ومنازله وكل ما يتعلق بعالقته باألرض وبالشمس وأصبح لدينا علم وتراكمت عندن .وحركاته وخسوفه وأثره على املاء يف احمليطات إىل غري ذلك

هنا حنن نعلم بداهة بأن هللا تعاىل كخالق هلذا الكون أو النظام الطبيعي املتحكم حبركات كل شيئ، يعلم بكل ما نعلمه وأكثر عن القمر، فهل معرفتنا اىل؟ وهل ميكننا يف يوم من األيام أن نصل إىل مستوى مطابق يف العلم ملا يعلمه هللا تعاىل عن القمر؟ وهل طريقتنا تشابه طريقة هللا بالقمر مثل معرفة هللا تع

تعاىل يف العلم؟ملعرفتنا بأن هللا تعاىل ليش شخصا كما حنن أشخاص) كال(هذه األسئلة وما ينشأ عنها ميكن اإلجابة عليها فورا بـ ال يقوم بعملية العلم والتعلم وهو !

واÂ أخرجكم من بطون أمهاتكم ال تـعلمون شيئا وجعل لكم السمع واألبصار واألفئدة (بنفس طريقتنا البشرية واليت تقتضي أن نكون غري عاملني مث نعلم لعلكم تشكرون فنحن ندخل احلياة الدنيا ال نعلم شيئا ولكننا نأيت مزودين بأدوات معرفية تساعدنا على التعلم واإلستزادة من العلم، )) 16لالنح78(

Page 11: الإنسان بين الجبر والتفويض

وأي خلل يف تلك األدوات يؤدي إىل إنتكاسة يف عملية التعلم أن هللا تعاىل بينما األمر خمتلف متاما فيما يتعلق با� تعاىل، إذ حنن نفرتض أساسا ب.. .!كما أن علمه غري مسبوق جبهل.. ميتلك العلم بنفس القدر ونفس املستوى وبشكل شامل كامل

وإمنا هو متعلق بعلمنا حنن البشر وال بد بأن ما نسميه ) علم هللا(عليه فإن التعريف الذي تداولناه يف احلقيقة ال يشمل لنوع خمتلف يف الكيفية وا) علم هللا( .وطريقة التحقق

:فهم جديد للعلم وتعريف جديد شاملما عرضناه أعاله يبني لنا بأننا حينما نعلم شيئا فإن هذا الشيئ بذاته له وجود وله ماهية الحقة لوجوده، وهذا الوجود طبعا موجود يف الواقع اخلارجي بينما

تقي هلذا الوجود ماهية معينة فنقول إنه كذاحنن نقوم بعملية إستعراض للماهيات اليت نعرفها مث نن . يف احلقيقة حنن ال ننحت له تصورا من فراغ وإمنا نكون تصورا مبنيا على إحتمالية أن تكون ماهية هذا الشيئ هي واحدة من ماليني املاهيات اليت نعرفها .

وعلم آدم األمساء كلها مث عرضهم على المالئكة فـقال أنبئوين بأمساء هؤالء إن كنتم (عاىل فكأننا واحلال هذه نعرف اإلحتماالت مسبقا جريا على قوله ت صادقني أما ما ال نعرف ماهيته فإننا لن نتعرف عليه إال من خالل عملية تركيب بني ماهيات اخرى نعرفها م)) 2البقرة31( .سبقا

وهلذا فإن العلوم اإلنسانية مبنية على عملية تصنيف شجرية ترتبط فيها األجناس واألنواع بطريقة تفرعية تبدأ من نقطة واحدة وتنتهي إىل مليارات األنواع، إذ أننا نبقى نوسع يف جداولنا وتفريعا­ا ونضع كل جديد يف موقعه من جدول اخل! ولكننا ال نضيع إطالقا .لق

صفة ينكشف oا املطلوب انكشافا تاما(ولذلك تراهم يقولون بأن العلم هو فنحن يف احلقيقة نكشف عن ماهيته اليت نعرفها سابقا وبذا سيكون العلم ) الحقا للمعرفة املسبقة ومضيفا عليها ومطورا هلا أيضا .

فالعامل عارف ال شك وال ريب والعارف قادر على التعل م ألنه ميتلك قاعدة معرفية تساعده على ذلك . علم(كذلك فإن اإلطالع على املواضع اليت مت فيها إستخدام مشتقات يف اآليات القرآنية سيكشف لنا عن أن لفظ اجلاللة ) يشري إىل مفهومني ) هللا(خمتلفني تكشف عنهما السياقات يف اآليات اليت مت فيها توظيف لفظ .. اجلاللة

كما يف قوله ) الرب الرمحن الرحيم(وان املشار إليه هو ) هللا مبا هو جتلي ربويب(وتارة أخرى جند أن املقصود هو ) هللا مبا هو إله(فتارة جند أن املـقصود هو بســم اÂ الرمحن الرحيم (تعاىل احلمد Â رب الع) 1الفاحتة1( المني الرمحن الرحيم ) 1 الفاحتة2( مالك يـوم الدين ) 1 الفاحتة3( إياك نـعبد ) 1الفاحتة4(

وإياك نستعني اهدنا الصراط المستقيم ) 1 الفاحتة5( صراط الذين أنـعمت عليهم غري المغضوب ) 1الفاحتة6( عليهم وال الضالني ((1الفاحتة7(كما تبينه بدرجة ما اآلية ) هللا اإلله الواحد القهار(وهو خمتلف عن )! الرمحن الرحيم(املوصوف بأنه ) هللا رب العاملني(فاحلمد يقتضي أن يكون موجها اىل

Åقل ادعوا اÂ أو ادعوا الرمحن أيا(التالية ما تدعوا فـله األمساء احلسىن وال جتهر بصالتك وال ختافت oا وابـتغ بـني ذلك سبيال ((17اإلسراء110( فالرمحن تعاىل وإن كان من ربوبيته فدعاء هللا تعاىل خمتلف عن دعاء الرمحن وإن كانت � األمساء احلسىن اليت تعمل بطريقة واحدة إهلية ال ميكن جتاوزها،

أن يستجيب الدعاء من الناس إال أنه ال ميكن أن يستجيب لإلنسان بطريقة ختالف ما تفرضه القوانني اإلهلية . علم ( فهم الفرق بني علم البشر ووسوف نرى أن هذا التمييز سيساعدنا يف) الرب(اإلله وبني هللا ) هللا(على هذا األساس جند أننا حباجة اىل التفريق بني

حينما نوسع التعريف وننظر لآليات نظرة أوسع وأمشل وأكثر حتررا من القيود اليت ) علم هللا(وسوف جند متعة يف فهم اآليات اليت تتحدث عن ) هللا .وضعناها يف التعريف األول، وهللا املستعان

:تعريف جديد :ايلميكننا اآلن وضع التعريف اجلديد الت

هو حماولة تصنيف وتقليم وتوزيع وجدولة عرب تطبيق الشيئ املوجود يف عامل املشيئة مع واحد من اإلحتماالت املعروفة سلفا عن ماهيات عامل : العلم .املشيئة من بني كل اإلحتماالت احلقيقية

:عليه ميكن القول بأن العلم ثالثة أنواع .اصيله وصوره وهو علم إهلي، أو هو هللا تعاىلعلم ميثل حقيقة الوجود بكل تف - (علم ربويب. (علم مبين على معرفة كافة اإلحتماالت املاهوية املسبقة - .ورمبا علم أحيائي با�مل) علم بشري(و) علم مالئكي. (علم مبين على مجلة من اإلحتماالت املاهوية املسبقة للكشف عن شيئ معني -

.هم العلم األول الذي يرتبط با� تعاىل ولكننا نتمكن من تصور صوره قريبة عنهوحنن ال نقدر على ف .والعلم الثاين كامل خيربنا عنه القرآن الكرمي بتفاصيل كثرية ورمبا قدرنا كبشر على أن نتعلم منه ونقلده

بينما العلم الثالث يتكامل بناءا على كشف ماهيات جديدة مركبة من ماهيات معروفة .سلفا وهو العلم البشري

Page 12: الإنسان بين الجبر والتفويض

:مثال توضيحي :دعونا نوضح األمر عرب مثال أوحى إيل به أخي وصديقي العامل واملفكر عبدالسالم املياحي حينما كنا قرب حوض األمساك يف حديقة منزله هنا يف لندن

ختيل معي عزيزي القارئ أنك تقف أمام حوض مبساحة عشرة أمتار مكعبة مزود مباك نة لتوليد األوكسجني ومليئ بأنواع األمساك السليمة اليت تتمتع بصحة .جيدة وتبدو نشطة ومتحركة ما دامت يف ذلك احلوض

اآلن فكر يف أخذ صورة أو جتميد الوضع على لقطة معينة وكأنه فيلم وأنت تشاهده من اخلارج فسوف يكون الوضع ثابتا على حالة واحدة تقع فيها كل كة يف مكان معني يبعد عن سطح املاء وعن اجلدران اجلانبية كذلك وعن القاع مبسافات معينةمس .. وكذا عن سائر األمساك وبشكل تفصيلي..

كذلك فإن كل واحدة من فقاعات اهلواء ستكون يف موقع معني ..وكذا.. والتموجات كذلك واألشنات الصغرية الساحبة وكذا .. ستكون واحدة فريدة ال ميكن أن تتطابق مع أية صورة الحقة أو سابقة بإعتبار ان عمر األمساك سيختلف حىت لو عاد الوضع إىل تكوين هذه هذه الصورة

تأمل األمر حباجة إىل. (الصورة من جديد، وقد متوت بعض األشنات أو تفقد بعض األمساك أجزاءا من صدفها وما إىل ذلك من االمور املتغرية بطبيعتها .(وختيل وتدقيق يف التفاصيل

.عليه فإن من املستحيل ختيل أن تتكون صورتان متطابقتان يف هذا احلوضاآلن ختيل معي عزيزي القارئ أنك قادر على متابعة هذا احلوض بشكل شامل حلظة بلحظة، مع اإلشارة إىل أننا نقصد باللحظة هو واحد على تريليون

. اليت نعرفها أو حىت واحد على كورديليون من الثانية مبعىن اننا نريد أن نكون مسيطرين متاما على أجزاء احلركةمن الثانيةختيأل انك قادر على اإلحاطة بكل اإلحتماالت املمكنة لتغري الصورة فإنك ستتمكن بالنتيجة من رسم صور متعددة ختتلف كل واحدة منها عن ..

o ذا اجلزء من احلركة الشاملة ويف خمتلف اإلجتاهات وضمن كل اإلحتماالتسابقتها .. ولو أضفنا إىل كل ذلك أنك خالق هذه األمساك وخالق املاء وخالق األشنات وخالق احلركة حينها ستكون كل الصور احملتملة حبقيقتها طوع .. و... وو..

وإىل درجة أنك ستعرف كل اإلحتماالت حصرا .. مال التحرك بذلك اجلزء الصغري من الوقت بنانك وستتمكن من رسم مليارات الصور فقط إلحت .وبدون أية زيادة أو نقصان

وهكذا تكون املعرفة اإلمجالية باإلحتماالت واليت طورها اإلنسان بعد أن مت تزويده بأدوات منطقية للتعلم وتركيم املعرفة وتطويرها، وهي معرفة ميكن بناء .علم عليها من قبل اإلنسان مع توفر اإلمكانيات املناسبة

وعلى هذا األساس قام علماء الفضاء حبساب الوقت املناسب مثال إلطالق السفينة كيوريوسيت حنو املريخ حبيث يكون الطريق أقصر ما ميكن، بناءا على .منطق اإلحتماالت

املهم يف هذا التصور هو أننا اآلن إفرتض وأفرتضنا وجودنا حنن كجهة مباشرة للنظر يف هذا احلوض ويف حركاته ) حوض األمساك(صغري هو ) كون(نا وجود .احملتملة وهو ما ميكن تطبيقه على العلم البشري

ورمبا ميكن تطبيقة بسعة أكرب على علم املالئكة ولكن يبقى أمامنا قضيتني هامتني مها : . نفس علم اإلحتماالت مع قدرة للتدخلالعلم الربويب املبين على - .العلم اإلهلي املطلق وهو غري علم اإلحتماالت -

التجلي اإلهلي والتجلي الربويب : وكل واحد منهما له صالحيات وقدرات خمتلفة؟) رب(و) إله(نتحدث وكأننا نعتقد بوجود

وليس كمثلة شيئ، ولكننا نقول بأن الربوبية هي جتلي � تعاىل، ليكون الرب متخصص واألمر طبعا ليس كذلك فا� تعاىل إله واحد أحد فرد صمد مبباشرة اخللق بينما يبقى هللا تعاىل حميطا بالوجود بأسره تعمل قوانينه يف هذا الوجود بطريقة منطية ال عالقة هلا باي أحد وال بأي شيئ وهذا طبعا حىت

.(الفعل(و) الذات(يستمر، وهو ما يسمونه يف علم الكالم او الفلسفة الفرق بني ميكن للكون أن يقوم ويبقى و يتأثر أو - كإله خمضوع له -وقد توصل العقل البشري إىل هذا التفريق من خالل املتابعة واخلربة وثوابت املنطق اليت تقتضيه، وإال لو حتيلنا بأن هللا تعاىل

تلفة حينها ميكننا تصور أن الكون بأسره سيتعرض اىل الدمار بعد حادثة واحدة من حوادث امليل أو التدخل غري بتفاعل مع األمور بطرق متفاوتة وخم .املنضبط والذي قد يؤدي إىل إضطراب القوانني وتصادمها بعضها ببعض أو تعارضها وعدم إمكان خلق اإلنسجام فيما بينها

وهو ما نقوم به حنن من أجل احملافظة على ما .. عقولة ولن تؤدي اىل نسف حاالت النمطية يف القوانني أما التدخالت الربوبية فهي ممكنة ومقبولة ومنكون مسؤولني عنه، من قبيل انك مثال ال تعطي إبنك املريض ما يفاقم حالته ولو بدا االمر كما لو أنك حتيف عليه، بينما أنت تريد محايته من القانون

.. قم حالته إذا تناول هذا الشيئ بالذاتالطبيعي الذي سيفا

Page 13: الإنسان بين الجبر والتفويض

اآلن لو ختيلنا أن القانون الطبيعي هو اإلله فانت ستكون الرب املمثل هلذا اإلله واملتعاطي بشكل عملي وفعلي مع األحداث مبا ميكنك من تسخري القانون ل أي قانون من قوانني الطبيعة اليت تؤمن أنت وكل من يف األرض بعدم إمكانية واإلستفادة من قوانينه مبا ينفع إبنك املريض ودون أن تعط) اإلله(الطبيعي

.تعطيلها دون أن يؤدي ذلك إىل إضطرابفاإلنسان اليوم قادر مثال على منع املطر أو إنزاله يف حلظة من اللحظات ولكن ذلك دوما له مثن وهذا ما يدفع الناس للقول بالعجز عن مواجهة قوانني

.الطبيعية باملطلق :العلم اإلهلي والعلم الربويب

األهلي والربويب لفهم كل واحد منهما بشكل أفضل، وذلك عرب تصورنا لإلنفجار الكبري(اآلن دعنا عزيزي القارئ حناول التفريق بني نوعي العلم (Big bang) - ا أو رفضنا هلاo اننا كنا جالسني نتأمل يف قارورة صغرية أمامنا وإذا بانفجار حيصل يف داخل ولنتصور-كنظرية رائجة طبعا ال من باب إمياننا

. وإبتدأت أمور عديدة بالتكون واإلنتشار يف حدود تلك القارورة ال أكثر- طبعا التصور يساعدنا على الفهم ال أكثر -القارورة ولنفرتض اآلن باننا نسيطر متاما على ما حيدث يف داخل القارورة ونراه بالتفصيل ونعلم احلدود القصوى لتلك القارورة ونعلم بالضبط أين ستتجه الذرات

املنطلقة من اإلنفجار الكبري طبقا للقوانني اليت وضعناها حنن حلركة أي شيئ يف داخل القارورة مع العلم أننا لن نغري من تلك القوانني أبدأ فهي بالنسبة لنا . على تغيريهاقوانني ثابتة ال قدرة لنا

إذن حنن يف احلقيقة نعلم اآلن علما إهليا كامال خيتلف عن الرب الذي قام بالتفجري والذي يريد أن يستفيد من القانون احلاكم يف القارورة ومن عملية التفجري لتكوين مواد معينة وتكوينات جديدة لذا فإن عليه أن يتدخل أحيانا لكي يغري من مسار بعض األ مور، سيما وهو يعرف القوانني احلاكمة يف تلك

.القارورة ويعرف اهلدف الذي يرمي إليهفاإلله احلاكم على القارورة يعرف كل الصور املمكنة بإعتبار أنه ميلك القارورة وهو خالقها ويعرف ما فيها ويعرف القوانني اليت حتكمها، فهي قوانينه هو

.هذا علم كاملواليت ال ميكنه أن خيالفها و .وهللا أعلم. بينما الرب يربط بني نظرية سابقة وخمطط مسبق وبني قوانني اإلله، باإلضافة إىل احلدث الذي خيلقه من أجل حتقيق هدف حمدد

وهنا طبعا ميكننا ختيل حكومة قوية متغللة يف ا�تمع ومسيطرة على كل شيئ وتسمح ملنظمات ا�تمع املدين ولإلشخاص ب عمل اي شيئ يريدونه ضمن فتكون احلكومة هي اإلله واملمارسات العامة يف البلد هي التجليات الربوبية املخولة من قبل الدولة للقيام . قوانينها ولكنها توقف أي عمل خيالف القوانني

.بتغيريات معينة يف البلدنظمات ا�تمع املدين واالفراد بشكل جممل فبالنسبة للدولة اخليارات حمدودة سلفا ومعروفة وهنا سيبدو لنا فرقا جوهريا بني مفهوم الدولة وبني احلكومة وم

.مبعزل عن املمارسة بينما بالنسبة للحكومة ومؤسسات ا�تمع املدين األمر مبين على موقع احلدث بالنسبة للزمن :الفرق اجلوهري بني اإلله والرب

فاإلله غري مكرتث لتأثري الزمن على حركة املكونات يف القارورة، بينما الرب منتبه لتأثري الزمن على حركة املكونات ) الزمن(الفرق اجلوهري إذن هو يف قضية ألنه يريد حتقيق هدف معني .

وهي املقولة اليت عقدت مسألة النظر يف كل شيئ!! هذا ال يعين أن اإلله خارج الزمن . بدون عنصر الزمن الذي مييز بني الوجود والعدم ولكنه ال يؤخذ يف اإلعتبار بالنسبة - سواء وجوبا أو إمكانا - ال وجود الزمن عنصر أساسي يف الوجود إذ

.لإلله بينما يؤخذ يف اإلعتبار بالنسبة اىل الربنة يف الوجود مكشوفة وحمصية إحصاءا كامال وال وجود ألنه ال يأخذ الزمن يف احلسبان فكل اإلحتماالت املمك) علم كامل(مبعىن أن علم هللا تعاىل هو

.إلي إحتمال خارج تلك اإلحتماالت :وللتبسيط نقول بأن علم هللا تعاىل هو اآليت

.. واىل أن تنتهي كل اإلحتماالت املمكنة وبشكل حصري منتهي حمدود ... كذا = كذا + كذا + وإذا حصل كذ.. كذا = كذا + إذا حصل كذا أال إنـهم يف مرية من لقاء رoم أال إنه بكل شيء حميط (لذلك كان هللا تعاىل بكل شيئ حميط و

وهنا رغم أن اآلية أشارت اىل التجلي )) 41فصلت54(الربويب إال أن اللقاء مع الرب سيكون قياسا إىل قوانني هللا تعاىل كإله وهذا نستنتج .ه من اإلحاطة املشار إليها

وهكذا سنتمكن من فهم اآليات القرآنية املختلفة، فإينما وجدنا إرتباطا للقضية اليت يبحثها النص القرآين بالزمن، عىن ذلك ان احلديث عن الربوبية وليس .ديث عن هللااأللوهية بينما إذا كان احلديث عن قوانني ثابتة ال تتأثر بالزمان، عىن ذلك أن احل

Page 14: الإنسان بين الجبر والتفويض

موضعا والرتكيز على املواضع 2800واليت بلغت حوايل ) هللا(وهذا ما ميكن التأكد منه عرب دراسة النصوص القرآنية املختلفة واليت ورد فيها لفظ اجلاللة .تمييز بناءا على هذا املؤشر الذي ذكرنااليت وردت فيها اإلشارة إىل مسألة العلم مقرتنة مع لفظ اجلاللة واليت تبلغ يضع مئات، مث حماولة ال

.إن احلصول على القدرة يف التمييز بني التجلي اإلهلي والتجلي الربويب سيساعدنا كثريا يف فهم أفضل ملختلف اآليات .نكتفي oذا القدر وحناول يف احللقة املقبلة ان نتأمل يف آية الكرسي اليت توضح العلم اإلهلي وكيفيته، إن شاء هللا

إال ان املوضوعات اجلانبية اليت انفتحت ضمن املناقشات اليت جرت ) اإلنسان بني اجلرب والتفويض(كنت انوي نشر احللقة اخلامسة من موضوعنا األساس

.على املوضوع ارغمتين اىل ختصيص مقدار من املوضوعات املنشورة ملناقشة بعض املوضوعات املتعلقة اساسا باملوضوع اآلن أخصص احللقة اخلامسة هي االخرى ملناقشة بعض ما تفضل به أخي واستاذي عايت العايت لعلها تساهم يف كشف الغموض يف بعض جوانب وهانذا

.. املوضوع هذه احللقة ولكين حينما اكملت الرسالة اجلوابية على املوضوعات اليت تفضل oا أخي عايت وجدت ان املوضوع اصبح طويال للغاية لذا وحىت ال تكون

دمسة وثقيلة على املتابعني األعزاء سوف انشر ثلث املوضوع الذي كتبه على أن انشر الثلث الثاين والثالث الحقا مث نعود اىل إكمال املوضوع بإذن هللا .تعاىل

.نوال وهللا املستعانوحىت يبقى املوضوع مرتابطا فقد جعلت ما انشره اليوم احللقة اخلامسة وسوف نستمر برتقيمها على نفس امل :مناقشة حماورات احللقة الثالثة من موضوع االنسان بني اجلرب والتفويض

األخ الكرمي العزيز عايت العايت جزاكم هللا تعاىل خري جزاء احملسنني على تفاعلكم الرائع واحلمد � ان منطلقاتنا معا هي السعي لبلوغ أقصى درجات .الوضوح يف الرؤية ليس إال

ليس من داع لإلعتذار فنحن نريد ان نشرب صافيها كما يقولون لذا البد من خبطها أوال . :سوف أحاول ان أعلق تعليقات سريعة على ما تفصلتم به من مالحظات قيمة وكما يلي

:حول مقولتكم: اوالاستخدام الوسيله فانتم تنظرون اىل ظاهر القول وتعتمدونه يف توضيح مل يكن هناك خالف من ناحية الغاية والوسيلة والسبيل املعريف بل كان يف اسلوب )

باطنه املعريف وذلك عكس ما بنيت عليه مداخاليت وان القران محال ذو وجوه فاعتماد الظاهر ال ينفع دائما يف توضيح املعىن احلقيقي للقصد كما حدث .(ح كان احلق مع العبد الصاحل،مع العبد الصاحل والنيب موسى ع الذي اعرتض عليه وبعد التوضي

قول (ظاهر يف الواقع مع نص قرآين وهو ) عمل(فأنتم تقيسون ما قام به العبد املأيت علما مع موسى وهو .. هنا حصلت عملية قياس دون مراعاة الفارق .. ن ظاهرها ال يوحي بالثقةفإنا حينما أرى سيارة ظاهرها قدمي وطالؤها متهالك وحديدها صدئ أخاف من ركوoا أل) وكالم مكتوب

هنا أكون .. ولكن حينما يأيت سائقها ويقول يل ان ماكنتها جديدة وممتازة وكل أجهز­ا اليت حنتاجها يف السفر ممتازة وإصالح الظاهر قضية مؤجلة قليال .. انا خمطئ يف بناء فهمي على الظاهر

:ولكن حينما يكتب إنسان ما نصا ويقول فيه مثال .!نا سأقتل امللكا

هنا أنا ال شأن يل بأية معرفة أخرى من خارج النص وينبغي يب أن أخذ هذا النص على حممل اجلد وأضع له املعىن العريف املتبادر إىل الذهن وهو أما أنه ..مثال! يقصد قتل امللك احلاكم يف البلد أو انه يتكلم عن لعبة شطرنج

انا ساشرب احلليب يف : ال أنت أخطأت وكان ينبغي بك أن تفكر ان النص قد يكون صويف ومعناه : ق ألحدهم أن يقول يليف مثل تلك احلالة ال حي .!!الصباح الباكر

مور عملية فهم النص املكتوب هلا طريقة واحدة وهي حماولة فهم املعىن املختفي وراء اللفظ من خالل إستحضار املعىن املعتاد للفظ، مع مراعاة بعض األسيما إذا كان النص . من قبيل أن تكون املعاين املتبادرة عرفيا فيها قليل من االضطراب املطلوب رفعه، بالطرق العلمية وليس باالستحسان العقلي ا�رد

.. جديا ويف مقام توضيح امور حياتية مصريية لإلنسان وليس قصة مثال او موضوع للتندر والتنزهاين للنص موجودة وسابقة لوجود األلفاظ يف النص وضمن ذلك السياق، ملا كان هناك داعي لكل هذه األلفاظ وللغة وللتمييز بني وإال لو كانت هناك مع

.االلفاظ ولإلشتقاقات الكثرية من اللفظ الواحد ولتقسيم الكالم اىل حرف واسم وفعل ولو ضع املعىن يف تلك االلفاظ بذا­ا ورصفها يف سياقات معينة

Page 15: الإنسان بين الجبر والتفويض

واملنسوبة إىل علي بن ايب طالب وعمر بن اخلطاب فهي كالكثري من األحاديث املتداولة لدى أهل السنة واجلماعة ولدى ) القرآن محال أوجه(مقولة أما :الشيعة، أمرها بني إحتمالني

أما أن يكون معناها ظريف مرتبط بظرف معني حيث يكون ممكنا اإلحتكام إىل سنة متواضع عليها وملتزم - . oا؟ وكيف يقول علي بن ايب طالب ذلك )حسبنا كتاب هللا(أو أ ا مفرتاة على الرجلني فكيف يقول عمر بن اخلطاب ذلك وهو القائل يف حديث الدار -

مث أنزل عليه الكتاب نورا ال تطفأ مصابيحه، وسراجا ال خيبو توقده، وحبرا ال يدرك قعره، ومنهاجا ال يضل(("وهو القائل  جه، وشعاعا ال يظلم ضوءه، وفرقانا ال خيمد برهانه، وتبيانا ال ­دم أركانه، وشفاء ال ختشى أسقامه، وعزا ال ­زم أنصاره، وحقا ال ختذل أعوانه، فهو معدن اإلميان وحببوحته، وينابيع

نه، وحبر ال ينزفه املستنزفون، وعيون ال ينضبها املاحتون، ومناهل اليغيضها العلم وحبوره، ورياض العدل وغدرانه، وأثايف اإلسالم وبنيانه، وأودية احلق وغيطاالواردون، ومنازل ال يضل  جها املسافرون، وأعالم اليعمى عنها السائرون، وآكام ال جيوز عنها القاصدون، جعله هللا ريا لعطش العلماء، وربيعا لقلوب

ه داء، ونورا ليس معه ظلمة، وحبال وثيقا عروته، ومعقال منيعا ذروته، وعزا ملن تواله، وسلما ملن دخله، الفقهاء، وحماج لطرق الصلحاء، ودواء ليس بعد وهدى ملن ائتم به، وعذرا ملن انتحله، وبرهانا ملن تكلم به، وشاهدا ملن خاصم به، وفلجا ملن حاج به، وحامال ملن محله، ومطية ملن أعمله، وآية ملن

ة ملن استالم، وعلما ملن وعى، وحديثا ملن روى، وحكما ملن قضىتوسم، وجن (( (198 ج البالغة اخلطبة . (فيؤكد أن القرآن برهانا ملن تكلم به وشاهدا ملن خاصم به وفلجا ملن حاج به وحامال ملن محله ومطية ملن أعمله فهل يعقل بعد ! وحكما ملن قضى به..

:أن القرآن محال أوجه؟ فتبطل بذلك حجته؟ فكيف سيقتص هللا تعاىل ممن قرأ قوله تعاىلهذا الوصف أن يقول بÂ ملك السموات واألرض خيلق ما يشاء يـهب لمن يشاء إناثا ويـهب لمن يشاء الذكور ) أو يـزوجهم ذكرانا وإ) 42الشورى49( ناثا وجيعل من يشاء

عقيما إنه عليم قدير ((42الشورى50(وفهم أ ا تعين حلية زواج الذكور للذكور بالتساوي مع حلية زواج الذكور باإلناث؟ لقوله أو يـزوجهم ذكرانا وإناثا( ؟)

يف مقابل من فهم إ ا تشري إىل إمكانية ان يهب لألباء ذكورا وإناثا من األبناء؟ فهذا وجه وهذا وجه؟مث إذا تركنا املآل يف يوم القيامة ورأينا ان بلدانا إسالمية حتكم بالوجه األول وبلدانا أخرى حتكم بالوجه الثاين فكيف سنحكم بينهما للتفريق بني الوجه

. الصحيح والوجه الغالط؟لذا وإذا آمنا بان القرآن حجة على الناس سيحتج به هللا تعاىل عليهم يوم القيامة فال بد أن . قط احلجية عن القرآن باملرةكون القرآن محال اوجه أمر يس

.يكون للكالم فيه معىن واحد إما مفهومي موسع وإما مصداقي حمددبه وإلستيضاح كيف أن قوانني هللا تعاىل ثابتة وجارية على الناس وعلى هذا األساس جاءت دراساتنا وامثاهلا لتوضيح هذا البعد الذي ال ميكن التالعب

.وهللا اعلم. مهما تقادم الزمان :أما قولكم بعد ضرب مثال املريض والسبيلني املشارين عليه باإلستدواء بالدواء املركب أو بالقرآن

تار الدواء والدعاء معا فالدواء اثره ظاهر وله حدود يف الشفاء وقد يشفي ولكن االمر يعتمد على درجة اميان املريض وثقته بقدرة هللا تع وللمريض ان خي)عضوا وميرض إخر ويف الدعاء عالج للجميع ولذلك نصح االولون بالعالج بالعسل وماء السماء والدعاء والقران للجمع بني الدواء والدعاء ويف قصص

اضحا يف بيان الفرق بني املعرفة العقلية والقلبية وبني القوانني املادية وامللكوتية ويف املثال ايضا االولني ويف حياتنا اليومية لعربة،وعسى ان يكون املثال و (توضيح ملعىن الفعل املباشر الغييب والفعل الغري مباشر املادي

يستفيد منها وهناك دراسات منشورة حول أثر ففيه أمور كثرية حتتاج اىل تفاصيل كثرية حنتاج فيها إىل اإلشارة إىل امور يدرسها العلم اليوم وحياول ان ويف كل احناء العامل على تعزيز الدواء وتزويد املريض بالقدرة املضافة يف مقاومة املرض ورفع مناعة - أي إميان حىت اإلميان باألرباب املتعددين -اإلميان

.. اجلسم وزيادة استعداده للشفاء ... ولكن.. قد تفوق ما لدى املسلمني من القدرة على مساعدة االجسام على الشفاء حىت دون دواء وما اليوغا وامثاهلا إال امثلة كثرية

هذه األساليب ثبت علميا بأ ا هي األصل يف الشفاء فاجلسم اإلنساين بطبيعته مزود بقدرات بدنية رائعة وهو قادر على مشافاة نفسه بنفسه من خمتلف والباقي هو تأثري األدوية، فاالدوية واالطباء واالستشفاء oما هلا % 90اته اخلاصة اليت مت تزويده oا تصل اىل أكثر من األمراض بنسبة إعتماد على طاق

.. دور بسيط جدا يف مقابل اإلحياء النفسي الذايتوعة متت مشافا­ا حببوب تشبه حبوب الدواء وقد أجريت جتارب طويلة مع اناس مت وضعهم يف جمموعتني، جمموعة متت مشافا­ا بالدواء احلقيقي وجمم

.. ولكنها ليست حقيقة وشفي املرضى يف ا�موعتني بنسب متقاربة جدا

Page 16: الإنسان بين الجبر والتفويض

األمر مرتبط بقدرة هذا البدن وهذه النفس البشرية اليت جرى تطويرها عرب ماليني السنني على .. فاألمر غري مرتبط بالقرآن أو بغريه مهما كانت التفسريات اء باإلحياء وبالقوة الذاتية والدليل على ذلك هو ان اي جمموعة مهما كانت قدرا­ا الروحية فإن افرادها ميوتون بالنهاية وال تنفع وسائلهم يف حفظ االستشف

.. احلياة او الروح يف ربط انفسهم بابدا مفاملعرفة واحدة وهي معرفة قلبية أما ما جيري يف .. عقلية وقلبية: املعرفةفهذا الكالم مما ال يعتد به وال يقوم يف مقام االحتجاج على ان هناك نوعان من

األمور باألسس املنطقية للتأكد من صحتها مث زيادة املعرفة عرب ترحيل ما مت التأكد منه إىل القلب - أي لربطها -) لعقل(العقل فهو جزء من آلية العلم . إن شاء هللاوسوف نتوسع يف هذا االمر يف مناسبة اخرى..

:ولكن ملخص اآللية اليت تتم oا املعرفة هي كالتايل .يعاير oا اإلنسان) موازين(العقل لديه معارف أولية بسيطة تشكل األساس املنطقي الذي يولد به االنسان وهذه تعترب

يقوم بعملية عرض املوجودات اجلديدة على القواعد املنطقية - وهو آخر مرحلة من مراحل تلقي البيانات من اخلارج -مث أن اإلنسان وبواسطة السمع مبعىن انه يتثبت من صحتها أو عدم صحتها بناءا على قيامة بقياسها إىل األصول املنطقية فاذا مت تعقلها تتم املرحلة األخرية.. ليقوم العقل بعقلها ..

.النفس وإضافتها اىل سائر املعارف يف القلبوهي مرحلة ربطها باملوضع املناسب من املعرفة املوجودة يف ال يكلف اÂ نـفسا إال (فليس هناك نوعان من املعرفة وامنا املعرفة متر مبراحل قبل أن يتم تأكيدها وترسيخها يف النفس فتكون مما كسبت أو إكتسبت

وسعها هلا ما كسبت وعليـها ما اكتسبت ربـ نا ال تـؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربـنا وال حتمل عليـنا إصرا كما محلته على الذين من قـبلنا ربـنا وال حتملنا ما ال طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارمحنا أنت موال نا فانصرنا على القوم الكافرين وهللا اعلم)). 2البقرة286(

أما التفريق بني القوانني املادية وامللكوتية فهو تفريق ال أفهمه فإذا كانت هناك قوانني متعلقة با� تعاىل وباملالئكة فال أتصور أن من حق أحد أن يتدخل .. oا ولن يتمكن من التعرف عليها

متاما كما منلك حنن بعض القوانني اليت ال تفهمها املاكنة اليت نصنعها مهما بلغ وعيها فنحن نبقي ألنفسنا بعض العناصر اليت ال تتمكن املاكنة من يوتر أن حيصل عليه من احلصول عليها مثال مفتاح التشغيل بالسيارة أو السلك الذي يزود الكومبيوتر بالطاقة الكهربائية فهو بايدينا ولن يتمكن الكومب

...تلقاء نفسه إال إذا كنا قد زودناه بالطاقة الكافية والربنامج الذي يساعده على ذلك .. كذلك اذا تعلق األمر بقوانني ربانية ومالئكية خاصة فهو لن يتاح لنا ونبقى حنن مطالبني بفهم القوانني اليت مت ربطنا oا

ناس فريون أمورا ال يتمكن اآلخرون من رؤيتها فهذه غري متعلقة باملسلمني وحدهم وإمنا هي ظاهرة موجودة لدى اما وضوح الرؤية الذي حيصل لبعض الخمتلف الطوائف والديانات وقد متت دراستها وتوثيقها بشكل واسع وهي ظواهر قابلة للدراسة وللتعلم وللتوسع فيها وهي جزء ال يتجزأ من القوانني اليت

� . وهللا أعلم. مل حتكم حياتنا بافهناك الكثري من الناس من .. وتبقى التفسريات تدور يف نفس حلقة القوانني املنطقية والطريقة العقلية يف فهمها مهما قيل عن أ ا كشوفات او أنوار قلبية

رين أو بإكتشاف قوانني معينة كجزء من قابليات خاصة غري املسلمني يقومون اليوم بامور يقف العقل أمامها حائرا ولكنها قابليات جاء­م باملمارسة والتمكهذا الشخص الذي نزل أمام اجلميع ومشى على املاء يف  ر التاميز قبل عدة أشهر وذهب اليه زورق الشرطة واعتقله ورآه املئات يومها .. موروثة

.. والفيديو موجود يف اليوتيوبفهي كلها معرفة واحدة والعلم يرتقي ويزداد وهناك امور كثرية معقدة يف .. غري املعرفة البشرية املعروفة بيننا ما أريد قوله أنه ال توجد معارف من نوع آخر

.. املعرفة ولكنها قابلة للبحث والدراسة والتطوير واالستفادة منهاس وإمنا يعنيأن هناك خصوصية يف أولئك الناس من حيث وإذا كنا قد رأينا جزء منها متاحا لبعض الناس يف املاضي فهذا ال يعين خصوصية ألولئك النا

..إختالف قدرا­م املوروثة عن قدرات اآلخرينمتاما كما نرى أن بعض العلماء اليوم قادرون على تقدمي مادة علمية معقدة واكتشاف امور يصعب على العامة فهمها فهذا ال يعين ان هللا تعاىل قد

قانون االنتخاب الطبيعي الذي مت خلقه وربط تطور الناس به كواحد من القوانني الفاعلة مجع جمموعة من اجلينات يف اولئك انتخبهم هم بالذات وامنااملتميزين ومت ترسيخها عرب ما نالوه من ثقافة خاصة وفرص علمية معينة اتاحها احمليط هلم . .بينما ضاعت لدى آخرين نتيجة عدم سنوح الفرص املناسبة..

. وهللا اعلم :أما قولكم

نية العمل توضح طبيعة صالح اثر العمل يف الدنيا واالخرة فالعمل الذي يكون اثره صالح ومناء يف الدنيا يكون اثره يقني وصالح ونور يف االخرة واما ) (ن العمل ذاتهالذي اثره يف الدنيا خالف وفساد يكون اثره غفلة وظلمة ورجس يف االخرة ، وجيب فصل نية العمل ع

Page 17: الإنسان بين الجبر والتفويض

ففي تصوري فيه إضطراب واضح إذ ليس للنية وجود مستقل عن العمل، فالنية ميكن النظر فيها بعد وقوع العمل وليس قبل ذلك ببساطة ألنه ال وجود .. !لنية بدون عمل

والنية ستكون مرتبطة بعمل الحق غري العمل الذي مت وكانت مرتبطة به سادها أو صالحها من خالل العمل الثاين وليس من فتأمل وحنن سنعرف ف! .!خالل العمل األول

األول إعطاء الفقري ماال وهو عمل حسن وجيد .. وكانت نيته الرياء فهذا يعين وجود عملني .. فلو إفرتضنا بأن شخصا كان يعطي باستمرار ماال لفقري د وغري صاحل واألثر من العمل األول وهو اعطاء الفقري ماال سيبقى طيبا على النفس وعلى وصاحل بذاته والعمل الثاين هو الرياء للناس وهو عمل فاس

ا�تمع وال ميكن ان نتصور بان هللا تعاىل سيحاسب معطي الفقري ماال بالنار على جمرد إعطاء املال للفقري وإمنا احلساب سيكون على العمل الثاين وهو .. وإذا كانت تلك املراات قد أدت إىل نتيجة ضارة با�تمع او باآلخرين!انون االهليمراءاة الناس دون اميان حقيقي بالق

:مبعىن انه سيحاسب على الشرك الحظ النص التايلوما آتـيتم من ربا ليـربـو يف أموال الناس فال يـربو عند اÂ وما آتـيتم من زكاة تريدون) وجه اÂ فأولئك هم المضعفون ((30الروم39(

تريدون وجه اÂ(الحظ كيف ان القانون االهلي يرفض األول ويقبل الثاين ليس على أساس النية وإمنا على أساس إنسجام العمل الثاين مع قانون هللا تعاىل (بينما املال االول الذي تأخذونه من أموال الناس مرفوض طبقا .. ب بناءا على قوانني هللا يف وجهه الصحيح يعين تعتقدون وتؤمنون بان هذا املال يذه

.لقانون هللا تعاىل، فهو خارج القانوننية طيبة؟ فلماذا يرفضه اآلن فكر معي أخي استاذ عايت العايت لو كان اإلنسان األول يأخذ الربا من الكفار وينفقه على فقراء املسلمني أال تبدو لك هذه

.. هللا تعاىل مجلة وتفصيال؟مث فكر معي لو أن االنسان الثاين الذي كان يؤمن بسلطة القانون ودفع الزكاة لغري املسلمني وكانت نيته مساعدة فقراء فقط دون النظر إىل كون الفقري

أن هذه نية باطلة؟ وكيف سيكون احلساب أعلى هذه اآلية اليت ال تربط األمر بالنية ب- أو بعضهم على األقل -مسلما أو غري مسلم أفال يرى املسلمون إطالقا؟ أم مبا نتصوره من أثر النية على العمل؟ .

بار إذا انطبقت األعمال وإنسجمت معه إستقرت بإعت-كقانون حميط بالسموات واالرض وما فيها ومن فيها -األصل يف املوضوع هو أن هللا تعاىل بطلت وضاعت إذ ال مكان هلا- كقانون حميط بالكون -اإلنسجام وإذا مل تنطبق معه

إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إمنا يأكلون يف بطو م نارا وسيصلون سعريا ) ومنـهم من يـقول ائذن (أو )) 4النساء10( يل وال تـفتين أال يف الفتـنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين .. ((9التوبة49(

بل األمر جيري بناءا على منظومة خلقية قانونية مستقرة وثابتة، وكل عمل يكون أثره مباشرا والتفاع.. هللا تعاىل لن حياسبنا كما حتاسبنا املدارس ل مستمر باملقاييس -يف النفس االنسانية حلني خروجها من هذه الدنيا باحلصيلة الكلية اليت متثل درجة اإلنسجام النهائية مع القانون فاذا كانت الدرجة معقولة

بقيت النفس ومتكنت من االحساس باجلنة اليت متثل القدرة على التفاعل مع قدرات جنية مفتوح-االهلية والربوبية ة وغري مقيدة باملستوى املناسب ملا بلغته النفس وهكذا تتعدد املستويات والقدرات واإلمكانيات على االحساس بنعيم اجلنة

وأن ليس لإلنسان إال ما سعى ) وأن سعيه سوف يـرى ) 53النجم39( مث جيزاه اجلزاء األوىف ) 53النجم40( ((53لنجما41( .وهللا اعلم! .. وهو الذي سينظر فيه لتقييم درجة االنسان اليت بلغها وليس األعمال مبا هي أعمال منفصلة الواحد عن الثاين) السعي(فاملالك هو أما قولكم

(واما الطغاة يف التاريخ وجمرمي العصر احلديث فعندهم الغاية تربر الوسيلة ووسائلهم افسادية)وإال ما رأيك باملقولة ! أمرها كقاعدة عقلية ليس خمتصا بالطغاة! هي قاعدة عقلية صحيحة ال فرق فيها بني مسلم مسامل وطاغية) ة تربر الواسطةالغاي(فـ

اإلصالح بني الناس واخلديعة يف احلرب وعدتك إمرأتك: ثالثة جيوز فيهن الكذب(املنسوبة اىل الرسول صلى هللا عليه وآله الغاية تربر (مؤدى أليس هذا ) ملاذا حنجب أنا وأنت عن أبنائنا املواقع اإلباحية على حواسيبهم؟ أليس ألن الغاية تربر الوسيلة فغايتنا ... بل و أوضح من ذلك و أوسع انتشارا ) الوسيلة؟

.حفظهم من الضياع ووسيلتنا منعهم من مشاهدة تلك املواقع؟ . كل املناسبات، الفرق بني الظامل وغري الظامل يف إستخدمها هو يف اهلدف املستهدف ال أكثرالواقع جيعلنا نستخدم هذه القاعدة يف

.وعلى هذا األساس فال ربط هلذه القاعدة بفساد املفسدين إمنا حنن نكتشف فسادهم من خالل أعماهلم ونسعى ملكافحتهم والتخلص منهمماهلم منسجمة مع قوانني الوجود يف طلب البقاء واهليمنة والسلطة، ألن مجيع األعمال الواقعية أصال هي وان كانت اع(وهذا بعيد عما نظرمت له بالقول

.. فهذا ليس موضوعنا) منسجمة مع القوانني الكونية واال لن حتصل فعال ألن األفعال هي تفاصيل وتطبيقات للقوانني

Page 18: الإنسان بين الجبر والتفويض

وإمكانية خروجها عن القوانني الصحيحة مبعىن أن رجال ) األعمال املقصودة(إمنا حنن نتحدث عن .. نعم االعمال ال ميكن أن خترج عن قوانني هللا تعاىل ينام مع إمرأة سواء أكانت زوجته أم عشيقته فلماذا العمل األول ضمن دائرة الزواج تقره قوانني هللا وتقبله وتعتربه منسجما معها بينما العمل الثاين والذي

متاما ال تقره القوانني االهلية وال تقبله؟هو نفس العملفكل ا�تمعات يف .. حنن نتحدث عن هذا النوع من األعمال واليت تتميز بالصالح والطالح نتيجة اإلنسجام مع قوانني هللا تعاىل اإلجتماعية والتشريعية

ش يف مناطق التبت واليت يتقاسم فيها اإلخوة زوجة واحدة إذا خانتهم هذه كل الكرة االرضية تنظر اىل الزنا نظرة واحدة وحىت الطوائف الصينية اليت تعي .. الزوجة مع شخص آخر من خارج العائلة يعتربونه زنا وحياسبون عليه

ن رجل وامراة يعيشان معا بل حىت ا�تمعات الغربية اليت نعرف عنها عدم اإللتزام والتحرر الزائد يف العالقات اجلنسية تنظر اىل االمر بنفس الطريقة فاذا كاكصديق وصديقة بدون عقد زواج مدين فان احلكومة تنظر لعالقتهم على أ ا عالقة شبيهة بالزواج وتسجل األوالد بامسيهما وهذان الزوجان ينظران اىل

قيام إي واحد منهما باقامة عالقة مع شخص ثالث .. خيانة وزنا... ال مع قوانني هللا تعاىل أو عدم إنسجامها معها فكل خيانة خارجة عن اإلتفاق املربم هو زنا وهو عمل طاحل وغري صاحل هذا ما نقصده من إنسجام األعم

.. وكل التزام oذا امليثاق وإن مل يكن مكتوبا وإن مل يكن موثقا يف احملاكم املدنية فإن االلتزام ببنودة العرفية هو عمل صاحل ومنسجم مع قوانني هللا تعاىل .. كزواج الرسول من خدجية والذي مل يكن يف أي حال من االحوال موثقا يف حمكمة أو يف مكتب مأذون شرعي

:وكذا هو احلال حينما كان النوع آدم تتزاوج فيه الرجال بالنساء دون أية تفاصيل وكان النص القرآين يسميهما زوجني فيقولوقـلنا يا آدم اسكن أنت وز) وجك اجلنة وكال منـها رغدا حيث شئتما وال تـقربا هذه الشجرة فـتكونا من الظالمني ((2البقرة35(

.وهللا اعلم.. فاعتربمها زوجني دون أي اختالف مع سائر الزجيات اليت أقرها للنيب ولكل الناس قوم بنشر القسم الثاين بعد يومني ان شاء هللانكتفي oذا املقدار وسوف ن

...نواصل هذه الرسالة اجلوابية واملناقشة على املوضوعات املختلفة اليت اثارها االستاذ الغايل عايت العايت

وهنا أود اإلشارة إىل أنين لن أعيد املناقشة ألكثر من هذا فكل ما مت طرحه واضح من الطرفني وهو كايف لكشف وجهات نظرنا كطرفني والباقي هو إختيار .. وهللا من وراء القصد.. ما هو أحسن من قبلنا مجيعا

:أما قولكموهناك افعال تصدر وهلا اثر نافع للناس يف الدنيا فقط وجيازى عليها الفاعل باخلري يف الدنيا أو عند املوت وال أثر هلا يف اآلخرة، أما العمل الصاحل فهو )

متطابقا مع أسلوب خلق الوجود املبين على اخلري والصالح واإلتزان والنماء فهذا املعىن أوضح من إنسجام الفعل مع قوانني الكون وان كانا الذي يكون (متشاoان ضمنا

فهو غريب حقا إذ ال ميكن تطبيقه مع أي من اآليات اليت حتدثت عن األعمال بشكل تفصيلي وأوضحت أنه ال ميكن إغفال ش :يئ من قبيل قوله تعاىلوإن جاهداك على أن تشرك يب ما ليس لك به علم فال تطعهما وصاحبـهما يف الدنـيا معروفا واتبع سبيل من أناب إيل مث إيل مرجعكم فأنـبئكم مبا كنتم )

تـع ملون يا بـين إنـها إن تك مثـقال حبة من خردل فـتكن يف صخرة أو يف السموات أو يف األرض يأت oا اÂ إن اÂ لطيف خبري ) 31لقمان15( يا بـين أقم الصالة وأمر بالمع) 31لقمان16( روف وانه عن المنكر واصرب على ما أصابك إن ذلك من عزم األمور وال تصعر خدك ) 31لقمان17(

للناس وال متش يف األرض مرحا إن اÂ ال حيب كل خمتال فخور واقصد يف م) 31لقمان18( شيك واغضض من صوتك إن أنكر األصوات لصوت احلمري أمل تـروا أن اÂ سخر لكم ما يف السموات وما يف األرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من جيا) 31لقمان19( دل يف اÂ بغري علم وال

هدى وال كتاب منري وإذا قيل هلم اتبعوا ما أنـزل اÂ قالوا بل نـتبع ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان الشيطان يدعوهم إىل عذاب السعري ) 31لقمان20(

ومن يسلم وجهه إىل اÂ وهو حمسن فـقد استمسك بالعروة الوثـقى وإىل اÂ عاقبة األمور ) 31لقمان21( ((31لقمان22(آلخرة؟ بينما الواضح من كل اآليات بأن األعمال هلا فكيف ميكن أن نعترب ان النتائج الطبيعية لألعمال هو نوع من ا�ازاة يف الدنيا وينتهي مفعوهلا يف ا

أثر واحد متطور وتراكمي لتكوين السعي بدءا من الدنيا وإنتهاءا باآلخرة لتشكيل الشكل النهائي للنفس والدرجة اليت تستحقها من قبيل : ومن أظلم ممن منع مساجد اÂ أن يذكر فيها امسه) وسعى يف خراoا أولئك ما كان هلم أن يدخلوها إال خائفني هلم يف الدنـيا خزي وهلم يف اآلخرة عذاب

عظيم ومنـهم من يـقول ربـنا آتنا يف الدنـيا حسنة ويف اآلخرة ح(أو )) 2البقرة114( سنة وقنا عذاب النار أولئك هلم نصيب مما كسبوا واÂ ) 2البقرة201( سريع احلساب والذين هاجروا يف اÂ من بـعد ما ظلموا لنبـوئـنـهم يف الدنـيا حسنة وألجر اآلخرة(أو )) 2البقرة202( أكبـر لو كانوا يـعلمون

.. ((16النحل41(

Page 19: الإنسان بين الجبر والتفويض

فالعمل له آثار طبيعية يف الدنيا وله آثار على النفس يبقى لآلخرة ولذلك ترى ان بعض اآليات تشري إىل األعمال وآثارها الدنيوية فتطلق عليها وصف عمل صاحلا كانت هي خريا وان كان العمل طاحلا كانت تلك العاقبة شرا للتعبري عن ان العمل دائما يعقبه أثر وهذه العاقبة ان كان ال) عاقبة( لكن هذا ..

ال يغين عن النتيجة النهائية اليت يبلغها اإلنسان نتيجة طبيعة نفسه النهائية واليت تتشكل نتيجة تلك االعمال واملمارسات لذلك أكدت اآليات القرآنية : اسيتني لدخول اجلنةعلى أن االنسان حيتاج إىل قضيتني أس

.اإلميان با� تعاىل كإله معبود ميثل القانون احمليط بالكون والذي تنبغي طاعته - .والعمل الصاحل املعرب عن األعمال واملمارسات اليت تنسجم مع قوانني هللا تعاىل يف الوقت الذي وقعت فيه -

:أما قولكم وليست فكرة، وال أحسبك تظن ان قدرة هللا تع الواحد اخلالق تنحصر يف خلق دورة مساوات وأرضني واحدة هي حديث نبوي) خلقتم للبقاء ال للفناء))

(فقط وينتهي كل شئ حتما ال ففعل هللا أعظم ولذلك هناك ماشاء هللا من مساوات وأرضني ختلق لتظهر تفاصيل حقيقة فعل هللا لتتكامل :فلي عليه أربعة تعليقات

يف النص القرآين إشارات اىل ا�رات أو السموات واألرض وهي ال شك تشري اىل القدرة العظيمة اليت ال ميكننا ختيلها � تعاىل من قبيل قوله وردت : األول :تعاىل

الذي خلق سبع مسوات طباقا ما تـرى يف خلق الرمحن من تـفاوت فارجع البصر هل ) تـرى من فطور أمل تـروا كيف خلق اÂ سبع مسوات (او )) 67امللك3( طباقا وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا ) 71نوح15(

((71نوح16( .ما بلغت طاقته وقدرته على التصورلذا ال شك عندي يف قدرة هللا تعاىل وسعتها وخروجها عن حدود تصور أي بشر مه

.ال ينفي عنها كو ا جزء من حديث نبوي وال يتعارض مع ذلك) فكرة) (خلقتم للبقاء ال للفناء(القول بأن : الثاينأنا شخصيا أعرف أنه حديث منسوب إىل النيب الكرمي صلى هللا عليه وآله ولكنكم تعلمون بأن األحاديث والروايات: الثالث قطعية الداللة ظنية (

فمعانيها بسيطة وسهلة اإلدراك ولكن أحدا ال ميكنه القطع بصدورها عن النيب الكرمي ) الصدور لذا أنا أطلقت عليها فكرة متجنبا اإلشارة إىل كو ا .. .. حوله البتةأما الباقي فال علم يل.. حديث نبوي ألنين يف الواقع غري مطمئن لصدورها منه عليه الصالة والسالم

:تتعارض بشكل صريح وجلي مع اإلقرارات القرآنية من قبيل قوله تعاىل) خلقتم للبقاء ال للفناء( أقصد فكرة –هو أن الفكرة : الرابعكل من عليـها فان ) ويـبـقى وجه ربك ذو اجلالل واإلكرام ) 55الرمحن26( ي آالء ربكما تكذبان فبأ) 55الرمحن27( ((55الرمحن28(

: أو قوله تعاىلفأما الذين شقوا ففي النار هلم فيها زفري وشهيق ) خالدين فيها ما دامت السموات واألرض إال ما شاء ربك إن ربك فـعال لم) 11هود106( ا يريد وأما الذين سعدوا ففي اجلنة خالدين فيها ما دامت السموات واألرض إال ما شاء ربك عطاء غيـر جمذوذ ) 11هود107( ((11هود108(

: فالبقاء مشروط بأمرين .بقاء السموات واألرض - .فإذا شاء عدم البقاء انتهى كل شيئ. قاءمشيئة هللا تعاىل يف الب - .إرادة هللا تعاىل لبقاء الذين شقوا والذين سعدوا فإذا اراد غري ذلك إنتهى كل شيئ -

ا ما ينفيه القرآن فما هو البقاء الذي خلقوا له؟ إذا كان هذا البقاء النسيب الذي يعرب عنه القرآن الكرمي فال بأس أما اذا كان التصور هو اخللد احلقيقي فهذ .دون أدىن شك

:أخريا قولكماما مقالة ان توزيع االرزاق يتم عشوائيا فذلك يعين ان هللا ظامل غري عادل وليس له القدرة على التوزيع حسب اإلستحقاق واملصلحة وبعدالة وال جيوز )

(.ذلك على هللا تع والعودة اىل تفسري ليلة القدر وتوزيع األرزاق أوضحفهم كيف أن توزيع اإلمكانات على الناس بشكل عشوائي هو ظلم من قبل هللا تعاىل؟ بينما أن خيتص هللا أناسا معينيني بشكل عمدي مع سبق فلم أ

اإلصرار والرتصد هو نوع من العدالة؟ رغم أن اجلميع عبيده وخملوقون له؟ حصصا دراسية إضافية - ألنين إبنه - للمدرسة اإلبتدائية اليت درسنا فيها سويا قد خصص يل ختيل معي أن يكون والدي رمحه هللا تعاىل الذي كان مديرا

وطلب من املعلمني ان يدعموين بشكل خاص واطلعين على األسئلة اإلمتحانية بطريقة مباشرة أو غري مباشرة مث ذهبنا معا أنا وأنت اىل اإلمتحان وجنحت ين العدالة يف ذلك؟ وهل سيقبل أي من أولياء أمور الطلبة باإلبقاء على أبنائهم oكذا مدرسة؟أنا بتفوق رغم أنك اذكى مين، فا

Page 20: الإنسان بين الجبر والتفويض

إن فكرة اختيار أناس معينني وإعطائهم كل اإلمكانيات وكل العلوم وكل الفضل وكل اخلري وعصمتهم من كل زلل هي لعمرك قمة الالعدالة .. من قوانني الوراثة الطبيعية ويأيت كل واحد منا مزود بامكانيات متيزه عن غريه ويتم إختباره بتلك اإلمتيازات ويتم إمتحانه على العدالة أن نايت اىل الدنيا ض

.. مث حياسب بناءا على تلك االمكانيات ال أكثر.. قدر تلك اإلمتيازات ات تلقينا له فالنيب الكرمي له مستقبلالعلم يبث يف أرجاء الكرة األرضية ولكننا حنن كبشر خنتلف يف إمكاني (Receiver) أقوى من غريه ولديه إمكانية

لتحليل اإلشارات اليت تأتيه من السماء وفهمها بينما أنا وأنت ليس لدينا مثل ذلك وإمنا لدينا مستـقبل أضعف وإن كان أقوى من بعض الناس اآلخرين ..املستقبل ولكنه اضعف مما لدى األنبياء لذا تصلهم االشارت ناقصة ومشوشة احيانا فيعرفون بعض األمور وقد يكون هناك بعض الناس ممن ميتلكون

...املتعلقة بالغيب وبالسماء ولكن ليس كما يتعرفها االنبياء.. ينا تلك القدرة على استقبال تلك اإلشارات وأمثاله لديهم القدرة على تلقي اإلشارات الفيزيائية والرياضية والفلكية بينما انا وانت ليس لد) إينشتاين(و

..وهكذاعلى هذا األساس يتم تكليف الناس ويتم إختيارهم فالرسول الكرمي كانت لديه إمكانيات وراثية خاصة تؤهله هلذا االختيار منها قدرته على استقبال

.. وما إىل ذلك من أمور حيتاج اليها حامل الرسالة اإلهلية.. مانته رسائل السماء وإمكانيات نفسية أخرى منها خلقه وتقواه وقوة نفسيته واملهم أوقد يكون هناك أناس آخرين معاصرين للرسول الكرمي وحيملون نقدرة على إستقبال رسائل السماء أقل من قدرته ولكن دون أن يكون الوعاء النفسي

.. م دون ما هو مطلوب ملثل تلك الوظيفةأو ان مستوى أمانته.. الذي حيملونه مؤهال لفهم تلك الرسائل وهكذا عليه ميكننا إفرتاض أن كل اصحابه يف ذلك الوقت وكل من سبقوة من بعد عيسى مل يكن لديهم تلك اإلمكانيات يف شخص واحد ) جمتمعة معا(

..فتم اختياره هو.. وقد تعرتض علي بأن السماء كانت تعرف حممد قبل بعثته وتستشه وإذ قال عيسى بن مرمي يا بين إسرائيل إين رسول اÂ إليكم مصدقا (د باآلية اليت تقول

لما بـني يدي من التـوراة ومبشرا برسول يأيت من بـعدي امسه أمحد فـلما جاءهم بالبـينات قالوا هذا سحر مبني ((61الصف6( .أقول هذا موضوع آخر سنحيله اىل وقته واوضح لكم رأيي فيه وفهمي له إن شاء هللا

عموما فإن الرسول الكرمي مكلف بعد الرسالة باإلميان واإلذعان والتطبيق حاله حال اي مكلف ثاين أنظر يف قوله تعاىل : قل إن صاليت و) نسكي وحمياي وممايت Â رب العالمني ال شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمني ) 6األنعام162( ((6األنعام163(

فإرادته ملك ميينه وعليه أن يكون أول ..االهلية الحظ بأن السماء توصيه صلى هللا عليه وآله بأن يقول بأنه أول املسلمني بعد استالم الرسالة واألوامر . حىت يتم اختباره وحىت يستحق اجلنة ويدخلها بإستحقاق كسائر اخللق- أي أول من يقبل مبا أمرته به السماء ويطبقه على نفسه ويلتزم به -املسلمني

:أنظر يف النص األكثر تفصيال قوله تعاىلقل إين أمرت أن أعب) د اÂ خملصا له الدين وأمرت ألن أكون أول المسلمني ) 39الزمر11( قل إين أخاف إن عصيت ريب عذاب يـوم ) 39الزمر12(

عظيم قل اÂ أعبد خملصا له ديين ) 39الزمر13( فاعبدوا ما) 39الزمر14( شئتم من دونه قل إن اخلاسرين الذين خسروا أنـفسهم وأهليهم يـوم القيامة أال ذلك هو اخلسران المبني هلم من فـوقهم ظلل من النار ومن حتتهم ظلل ذلك خيوف اÂ) 39الزمر15( به عباده يا عباد فاتـقون والذين ) 39الزمر16(

اجتـنبوا الطاغوت أن يـعبدوها وأنابوا إىل اÂ هلم البشرى فبشر عباد الذين يستمعون القول فـيتبعون أحسنه أولئك ا) 39الزمر17( لذين هداهم اÂ وأولئك هم أولو األلباب أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تـنقذ من يف النار ) 39الزمر18( لكن الذين اتـقوا ربـهم هلم غرف من فـوقها غرف ) 39الزمر19(

مبنية جت ري من حتتها األنـهار وعد اÂ ال خيلف اÂ الميعاد ((39الزمر20(وأمرت ألن أكون أول المسلمني(الحظ كيف تامره السماء بان يقول مث الحظ كيف توصيه .. فهو مأمور بان يكون أول من يسلم لألوامر االهلية )

قل إين أخاف إن عصيت ريب عذاب يـوم عظيم(يقة التحذير السماء بطر فاين هو اإلختيار املسبق املنحاز من هذه العدالة املطلقة والقسط البني؟ وهللا ) .اعلم

أما املالحظات اإلضافية اليت وردت منكم الحقا فسوف أعلق عليها مبا أعرف وكما يلي : على االرتباط بالتطبيقات املادية قد جيعل االنسان يعبد القوانني الطييعية بدال من هللا تع خالق الطبيعة وما فيها،ان الرتكيز -1

:التعليقما شابه هي الصالة والصيام واحلج و) العبادة(فإذا تصورمت ان .. تعاىل من جهة أخرى) هللا(من جهة ومعىن لفظ اجلاللة ) العبادة(األمر هنا مرتبط مبعىن

.. ذلك مث تصورمت ان قوانني الطبيعة شيئ وهللا تعاىل شيئ آخر يكون كالمكم صحيح وإشكالكم وارد

Page 21: الإنسان بين الجبر والتفويض

ولكنه سيكون غري معقول من ناحية منطقية فمن يعتقد أن قوانني الطبيعة هي تلك اليت تثمر األشجار وجتعل الشمس تشرق يف الصباح وتغرب يف .! لن يفكر يف عبادة ذلك القانون من خالل الصالة أو الصيام أو احلج..من يعتقد ذلك .. املساء

من ) هللا تعاىل(من جهة و) قوانني الطبيعة(سيكون مفهوم . اخلضوع واإلنطباق أو السعي لإلنطباق مع الشيئ أو القانون: تعين) العبادة(أما اذا كانت !جهة ثانية شيئ واحد

وبذا تكون عبادة قوانني الطبيعة ال تعين سوى .. واحلكيم والقاهر تعاىل بأنه القانون احمليط بالكون كما نصفه بالعليمفقوانني الطبيعة إمنا هي وصف �نينه يف عبادة هللا تعاىل وحماولة اخلضوع لقوانينه وسننه وأوامره ونواهيه، وحماولة االنسجام معه كقانون وحيد للكون من خالل حماولة االنطبقا مع تفاصيل قوا

وهللا اعلم. خمتلف جماالت احلياة .التاكيد على التجلي الربويب املفوض بالتدبري قد جيعله أن يكون شريكا � تع ويدبر امور اخللق بدال عن هللا سبحانه اخلالق املدبر والواحد القهار-2 .وله وحده اخللق االجيادي واالمر التدبريي تبارك هللا رب العاملنيالفصل بني اخللق والتدبري جيرد هللا تع من سلطته وارادته وغلبته على اخللق -3

:التعليقهذا إشكال وارد على مجيع ما يقال حبق هللا تعاىل فهو واحد ال شريك له ولكن له جتليات فال أظن بأنكم حينما تقولون بأن هللا تعاىل تقصدون ) عليم(

أنكم تفهمون اآليات القرآنية اليت تشري إىل هللا تعاىل إاىل الرب على أ ا تقصد ذاتني خمتلفتنيوال أتصور ب! شيئا آخر غري هللا تعاىل :كما يف قوله تعاىل! قل ادعوا اÂ أو ادعوا الرمحن أيا ما تدعوا فـله األمساء احلسىن وال جتهر بصالتك وال ختافت) Å oا وابـتغ بـني ذلك سبيال .((17اإلسراء110(

.الرمحن من جهة وهللا تعاىل من جهة فهل مها إهلان ؟ أم مها إله واحد يتجلى يصفتني ؟: فاآلية صرحية فإن هناك جهتني .. تعاىل حينما يتوىل اخللق وتدبري أمور اخللق فهو ربنقصد بأن هللا) التجلي الربويب(ما نقوله ال يعدو تفصيال هلذه اآليات ال أكثر وحينما نقول

يف شؤون اخللق وإمنا قوانينه تسري بشكل قسري ) كإله(فإمنا نقصد القانون اإلهلي الذي يدير الكون وحييط به والذي ال يتدخل ) هللا املعبود(وحينما نقول .ومنطي على اجلميع

أية معاجز فهي مرتبطة بالشأن الربويب الذي ال خيرج طبعا عن قوانني اإلله ولكنه ينقل األمر من قانون مشيئة إىل قانون وإذا ختيلنا أي تغري أو أية آيات أو .مشيئة آخر

فليس هناك أية بدلية أو أي فصل أو أي ثنائية مقصودة وقد ذكرت عبارات تشري إىل التحذير من مغبة اإلنسياق وراء اإلعتقاد بأننا نتحدث عن إهلني أو إمنا هو هللا ال إله اال هو الشريك له وال ند.. حاشا � .. ربني . وهللا اعلم. .تقييد االنسان باملاديات وجعلها غاية وجوده تنسية أن غايته النهائية هي الرجوع الطاهر الكمايل � تع-4

:التعليقفالقضية بالنسبة لنا كبشر وكخلق مكلف ال ميكن إخراجها عن ) الرجوع الطاهر الكمايل � تعاىل(ليه األمر هنا أيضا يعتمد على فهمنا ملا تطلقون ع

أطرها املادية فنحن نولد باملادة ونعيش باملادة وال نعلم عما بعد موتنا شيئا .. ي هي األخرى ومل جنرب بعد الطريقة اهليولية اليت قد نتمكن فيها من وحنن نتعلم عن هللا بواسطة حواسنا املادية وإدراكاتنا الذهنية اليت تعمل يف حميط ماد

..القيام بنفس العمليات الذهنية والفهم ولكن يف حميط آخرد ألطول فرتة لذا فإن معىن العبارة اليت تفضلتم oا ال يعدو كونه حماولة اإلنسان اإلنطباق مع قوانني الطبيعة اليت هي هللا تعاىل يف مسعى منه للبقاء واخللو

الرجوع الطاهر الكمايل � (اليت ستتاح للفائز فيها خمتلف النعم بالطريقة اجلديدة ودون واسطة البدن املادي، وهذا هو ) اجلنة(ممكنة وهو ما يسميه القرآن فبقدر ما نتمكن من اإلنسجام مع قوانني هللا تعاىل فهذا هو رجوعنا اىل هللا وكلما إتقينا ك) تعاىل لما متكنا من أن نكون .وهللا اعلم. أكثر إىل هللا) مقربني(حصر التوجيه باطاعة القوانني املادية يقوم بتعومي قيم القران الكرمي وجعلها مساوقة للشرايع الوضعية اخلاليه من روح االميان با� تع و يؤدي اىل تطويع -5

.نسان عن نور احلقيقةالقران لقبول قيم ا�تمعات الغربية اليت تبعد اال :التعليق

ليس هناك اي حصر وإمنا هو فهم بأن والعامل الذي مل يتعرف ) هللا(أنا املسلم أمسيها .. تعاىل لفظة تشري إىل القوانني احمليطة بالكون واملتحكمة به) هللا(

وكالنا نسعى إىل أن ننسجم يف سلوكاتنا مع تلك القوى ) الطبيعة( يسميها - وقد يكون رافضا هلا أو راضيا oا -على اإلسالم ونشأ يف املسيحية مثال .اخلارقة احمليطة oذا الكون فكالنا يريد عبادة اإلله ولكن التسميات ختتلف فيما بيننا

مع التأكيد على أن نسبة كبرية من . .واألمر ينطبق على كل الديانات وكل األديان وكل املعتقدات ولكن الصورة حول هذا اإلله أو ذاك تتفاوت قليال .الناس تعتقد بوجود قوة خارقة مسيطرة على هذا الكون وأن اإلنسان مطلوب منه أن حياول اإلنسجام مع تلك القوة وإال أهلكته

Page 22: الإنسان بين الجبر والتفويض

فمن يبين بيتا وخيتار له موقعا بعيدا عن السيول واألمطار والفيضانات إمنا هو يتقي هذا اإلله املخيف با لنسبة له والذي يعتقد بأنه كإنسان عاجز عن فهذا هو اإلميان، وهو كما ترى ال خيتلف شيئا عن إميان املسلم الذي يدعو ذلك اإلله ويطلب منه ان يعينه . مواجهته أو مواجهة قوانينه بالتعسف والعناد

.على تفادى نوازل الطبيعةوهنا ال بد من االشارة إىل ان الدعاء من قب لن يكفي وحده ولن يعصمه من نوازل الطبيعة ولو انه اصر على وضع بيته -كلقلقة لسان-ل املسلم لوحدة

.يف جمرى السيول فإن السيول ستجرفه الن هللا او قانون الطبيعة ال حيايب وال جياملأما الرب فإنه إذا اراد ان ينقذ هذا االنسان او ذلك سواء كان مسلما او غري مس فإنه يلقي يف روعه مثال ان يغادر بيته يف -السباب ختصه هو كرب -لم

وهو امر ينطبق على اجلميع واحلوادث اليت امامنا ترينا الكثري ممن تتحدى حيا­م منطق املوت وهم .. ساعة ميعنة يكون السيل فيها قاب قوسني او ادىن .فلله يف خلقه شؤون.. من اديان خمتلفة

أم أن اإلميان ) آمنت با� تعاىل؟(هو القول ) اإلميان با� تعاىل(فهل .. فهو مفهوم مطاط ألن اإلميان هنا حيتاج إىل تعريف ) من روح األمياناخللو (أما يعين القبول واإلذعان لقانون هللا تعاىل؟

ة من البشر تؤمن به ولكن كما قلت لكم قبل قليل فإن التسميات قد دون أن نفهم معناه وأما الثاين فنسبة غالب- حنن املسلمون -فاألول هو ما حنسنه ختتلف ولكن القرآن يقرر لنا حقيقة أن كل البشر يؤمنون با� بطرق خمتلفة كما يف قوله تعاىل :

ولئن سألتـهم من خلق السموات واألرض وسخر الشمس والقمر ليـقول) ن اÂ فأىن يـؤفكون ((29العنكبوت61(ضمن عملية ) الطبيعة(وإمنا سيقول ) هللا( من خلق السموات واألرض؟ فلن يقول لك - مبفهومنا املتعارف عن امللحد -فأنت اليوم إذا سألت ملحدا

.. (الصدفة(إحتمالية طويلة استغرقت مليارات السنني يسميها تعاىل فإنه يف الواقع يقول بأنه يؤمن بـ ) هللا(ه بأنه ال يقصد وهو رغم إدعائ فقد أذعن بوجود ) عملية إحتمالية(دون أن يشعر ألنه مبجرد أن قال ) هللا(

.النظام واحلساب املنطقي وهو ال شيئ سوى هللا تعاىل .اخلارقة واإلذعان هلاعليه فإن اإلميان ال يعين سوى القبول بوجود هذه السلطة وهذه القدرة

ذلك اإلنسان القابل : املؤمن هو.. أبدا ! كال ) آمنت با�(أو ) أشهد أن ال إله اال هللا(وبذا سيكون املؤمن الذي يقصده النص القرآين ليس من قال والراضي والساعي جبد لإلنطباق مع قوانني هللا تعاىل أو ما يعتقده قانونا طبيعيا يقود احلياة ب ..شكل منسجم يف كل جماالت احلياة

بطريقة توحي بقبوله لوجود قانون ينظم .. هو ذلك اإلنسان الذي يتعامل مع النبات أو مع احليوان أو مع احمليط أو مع اال ار أو مع البشر من أمثاله .. طريقة منسجمة ضمن القانون العام هلذا العاملاحلياة بكل ما فيها من موجودات ويريد أن تنتظم العالقات بينه وبني كل تلك املوجودات ب

وغري .. أنه ذلك اإلنسان الذي ينظر إىل القيم املزروعة يف النفس اإلنسانية كاألمانة والصدق والوفاء وعدم الغدر وعدم السرقة وعدم الظلم وعدم الغصب هذا هو املؤمن مهما كانت قوميته أو دينه املعلن أو وطنه أو .. هة الصحيحة ذلك على أ ا قيم حقيقية وصاحلة وضرورية حلفظ احلياة وتوجيهها الوج

.. إعتقاداته األخرىولو أنكم راجعتم اآليات القرآنية لوجدمت بأن وأمثاهلا تشري إىل ذلك اإلنسان املعلن عن إلتزامه وقبوله ) .. الذين آمنوا(و) املؤمنات(و) املؤمنون(و) املؤمن(

وهللا أعلم. ال أكثر.. أو ..وانني سواء الطبيعية منها أو اإلجتماعية أو العلمية أو اخلضوع للق .نكتفي oذا القدر يف هذا القسم ونوكل الباقي للحلقات املقبلة ان شاء هللا

:مقدمة بسيطة

السادسة وشكرته بدوري وترددت قليال يف نشر املتبقي بعد نشر احللقة- مشكورا -تلقيت رسالة مليئة بالدعاء من أخي وأستاذي االستاذ عايت العايت . من مناقشات ولكنين قررت إكمال ما بدأته إمتاما للفائدة وهللا من وراء القصد

:أخي الكرمي االستاذ عايت العايت أما قولكمن وهي الرسول االكرم ص يكون اجحافا حبق القران اوال وحبق حماولة فهم مقاصد القران الكرمي باتباع الوسائل اللغوية دون استشارة اطهر وسيلة يف الكو)

.(سيد اخللق ثانيا والذي ينادي القران بطاعته واتباعه :فلي عليه التعليقات التالية

Page 23: الإنسان بين الجبر والتفويض

ال يتناسب ومسؤولية وصف يفتقر إىل الدقة سيما أن الوصف بالطهر ) أطهر وسيلة يف الكون(وصفكم للرسول الكرمي صلى هللا عليه وآله على أنه : أوالفاملـــرسل حيتاج إىل .. محل الرسالة أكثر من أي شيئ آخر، لذلك ال جتد يف النص القرآين ما يشري إىل وصف الرسول بـ ) األمانة( ولكنك جتد ) الطاهر(

:كما يف قوله تعاىل يف وصف الروح األمني النازل بالقرآن) األمني(وصفه بـ وإنه لتـن) زيل رب العالمني نـزل به الروح األمني ) 26الشعراء192( على قـلبك لتكون من المنذرين ) 26الشعراء193( بلسان عريب ) 26الشعراء194(

مبني ((26الشعراء195( :أو يف وصف نوح

إذ قال هلم أخوهم نوح أال تـتـق) إين لكم رسول أمني ) 26الشعراء106(ون ((26الشعراء107( :أو يف وصف موسى

ولقد فـتـنا قـبـلهم قـوم فرعون وجاءهم رسول كرمي ) أن أدوا إيل عباد اÂ إين لكم رسول أمني ) 44الدخان17( ((44الدخان18( :يف وصف صاحلأو

إذ قال هلم أخوهم صالح أال تـتـقون ) إين لكم رسول أمني ) 26الشعراء142( فاتـقوا اÂ وأطيعون ) 26الشعراء143( ((26الشعراء144( :أو يف وصف لوط

إذ قال هلم أخوهم لوط أال تـتـقون ) إين لكم رسول أمني ) 26الشعراء161( فاتـقوا اÂ وأطيعون ) 26الشعراء162( ((26الشعراء163(أو يف قوله تعاىل يف وصف املــــلك املـرسل :

إنه لقول رسول كرمي ) ذي قـوة عند ذي العرش مكني ) 81التكوير19( مطاع مث) 81التكوير20( أمني ((81التكوير21( :أو يف وصف هود

وإىل عاد أخاهم هودا قال يا قـوم اعبدوا اÂ ما لكم من إله غيـره أفال تـتـقون ) قال المأل الذين كفروا من قـومه إنا لنـراك يف سفاهة ) 7األعراف65( وإنا لنظنك من الكاذبني قال يا قـوم ليس يب سفاهة ولكين رسول من رب العالمني ) 7األعراف66( أبـلغكم رساالت ريب وأنا لكم ناصح ) 7األعراف67(

أمني .. ((7األعراف68( . الرسل ميتاز بأمانته اليت أوصلته إىل درجة القبول لدى هللا تعاىل حلمل هذه الرسالةوالشك أن رسولنا الكرمي كسائر

وعلى هذا األساس ترى أن القرآن الكرمي مل يشر ولو إشارة بسيطة إىل أن الرسول طاهر ألن اإلنسان املتقي � تعاىل هو طاهر بالضرورة بإعتباره خلقا � .وهللا اعلم.. (دون استشارة أطهر وسيلة يف الكون وهي الرسول االكرم(حول قولكم : ثانيا

أقول ال شك أننا لو كنا يف زمان الرسول وكانت عقولنا كما هي اآلن ستكون إستشارة الرسول صلى هللا عليه وآله بالنسبة لنا من أفضل الوسائل لفهم .. النص القرآين

ألنه على األقل نيب بل خامت األنبياء .. الكثري الكثري .. من مناهل علمه وإحاطته بالكثري من معاين القرآن الكرمي وال شك عندي أن املقربني منه انتهلوا ولكن أىن لنا اآلن أن نستشريه وأنا وانت نعلم انه عند مليك مقتدر؟ قد غادر هذه احلياة إىل غري رجعة؟..

سيما إذا عرفنا بأن تدوين ) قطعية الداللة وظنية الصدور(فهي كما قلت لكم سابقا ) ات واألحاديثالرواي(أما اذا كان قصدكم إستشارته من خالل لذلك جتد أن بعضها ميثل مستوى وفكر كاتبيها وال يعرب إطالقا عن شخصية الرسول . األحاديث بدأ بعد وفاة الرسول الكرمي مبا ينيف على املائة سنة

وإنك لعلى خلق عظيم ( بأنه على خلق عظيم يف قوله تعاىل الذي وصفه القرآن الكرمي .((68القلم4(مبعىن أننا حنتمل ونظن يف بعض األحيان ظنا قويا أن الرسول صلى هللا عليه وآله قد يكون قال كالما ولكننا ال نقطع إطالقا إطالقا بأن هذا املكتوب بني

وعلى هذا األساس تسامل الفقهاء ورواة األحاديث على قاعدة عامة وهي عرض احلديث على القرآن الكرمي . ى هللا عليه وآلهأيدينا هو كالم الرسول صل .فما اتفق معه قبلوه وما خالفه ضربوه عرض احلائط

واحلقيقة أن احلديث املوجود مضمونه يف القرآن الكرمي ال حنتاجه هو ألن تطابقه مع القرآن يعين ان نا فهمنا النص القرآين وفهمنا احلديث وتوصلنا إىل ال حنتاج إىل أي شيئ ) العرض على القرآن(لذا فنحن يف الغالب وطبقا هلذه القاعدة . التطابق لذا ال حاجة لنا به وهو موجود مبضمونه يف القرآن الكرمي

وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه و(من خارج القرآن ال تـتبعوا السبل فـتـفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تـتـقون .((6األنعام153(والدليل على ذلك أنين أحتدى أي فقية شيعي أو سين أن يقسم على القرآن الكرمي ويؤكد لنا بأن حديثا واحدا ولنقل وهي مقالة ال -) انالنظافة من اإلمي(

!! هو مقالة الرسول-عيب فيها ويقبلها العقل والذوق

Page 24: الإنسان بين الجبر والتفويض

أنا مطمئن إىل أن أي أحد من الفقهاء والعاملني يف جمال متحيص األحاديث حيرتم عقله وأمانته العلمية لن يقسم على ذلك ألنه لو أقسم فسيكون أمام :أمرين

أن حيد بشهادة الزور فهو مل - يشهد احلديث فكيف يقسم؟أو رفض القسم بإعتبار عدم احلضور واخلوف من شهادة الزور سيكون ذلك دليل على أن احلديث ظين الصدور وهو غري متأكد من صحة صدوره من -

وهللا اعلم.. الرسول الكرمي :أما قولكم

(رة أطهر وسيلة يف الكون وهي الرسول االكرم ص يكون إجحافا حبق القرانحماولة فهم مقاصد القران الكرمي بإتباع الوسائل اللغوية دون إستشا)فأظنها أيضا عبارة غري دقيقة باملعايري العلمية وخمالفة لصريح القرآن الذي يدعو بالدرجة األوىل اىل التفكر والنظر يف القرآن ذاته وهو يدعو لذلك يف اكثر

:من مناسبة وموضع كما يف قوله تعاىلال يـتدبـرون القرآن أم على قـلوب أقـفاهلا أف) ((47حممد24(

:أو يف قوله تعاىلأفال يـتدبـرون القرآن ولو كان من عند غري اÂ لوجدوا فيه اختالفا كثريا ) ((4النساء82(

ن نصا ومضموناوهي دعوات صرحية للتدبر يف ذات القرآ :وإذا افرتضنا أن الكلمات ال تؤدي إىل مضامني واحدة فإن هذا سيعين أمرين خطريين.. أن القرآن لغو وليس فيه معىن واضح وليست له أية حجية على هذا األساس: األول . أن السنة واألحاديث والروايات حاكمة على القرآن بدليل أنكم تقولون أن: الثاين .. نا ال نتمكن من فهمه دون الرجوع اىل الروايات

وهي دعاوى خطرية، سيما وان القرآن نفسه يؤكد على أنه مبني كما يف قوله تعاىل : يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يـبـني لكم كثريا مما كنتم ختفون من الكتاب ويـعفو ) عن كثري قد جاءكم من اÂ نور وكتاب مبني يـهدي به ) 5املائدة15(

اÂ من اتـبع رضوانه سبل السالم وخيرجهم من الظلمات إىل النور بإذنه ويـهديهم إىل صراط مستقيم ((5املائدة16( :أو يف قوله تعاىل.. فالكتاب من هللا واهلداية به

الر تلك آيات الكتاب المبني ) إنا أنـزلناه قـرآنا عربيا لعلكم تـعقلون ) 12يوسف1( Å ((12يوسف2( :أو قوله تعاىل

الـر تلك آيات الكتاب وقرآن مبني ) ولقد نـعلم أنـهم يـقولون إمنا يـعلمه بشر لسان الذي يـلحدون إليه (قوله يف وصف القرآن بأنه مبني أو )) 15احلجر1( أعجمي وهذا لسان عريب مبني ((16النحل103(

الكرمي جتعله يؤدي رسالة واحدة واضحة حتتاج فقط إىل تدبر وطول حبث وتأكد وعدم النظر اىل العشرات من اآليات اليت تؤكد أن الصياغة اخلاصة للقرآن إىل القرآن الكرمي كأي كتاب آخر وهللا اعلم..

شيطان حيتاج إىل ادوات ووسائل لغوية لفهمه وإال ما هي مرجعيتنا يف فهمه؟ وكيف سنفرق من إستحوذ عليه ال– وهو نص لغوي -كذلك فإن القرآن ممن هو هو على احلق؟ وانتم ترون اليوم كيف ان الشيعة أكثر من مائة فرقة وإن السنة اكثر من مائة فرقة كل واحدة من تلك الفرق تقول أ ا على احلق ..

.فما هو املعيار يف التمييز بينهم؟ :أما قولكم

(وحبق سيد اخللق ثانيا والذي ينادي القران بطاعته واتباعه)أما املناداة القرآنية بطاعته .. فأعتقد أن إشكال اإلجحاف حبق الرسول الكرمي صلى هللا عليه وآله مرفوع كما أسلفنا فهو قد عاش ومات يف عصر آخر

.وإتباعه فهي عبارة غري دقيقة كما سأوضح يف أدناهأظن أنكم تشريون إىل اآليات اليت تتحدث عن طاعة الرسول الكرمي صلى .وسوف نستعرضها مجيعا يف سياقا­ا إن شاء هللا.. هللا عليه وآله وسلم

طوع(ولكن قبل ذلك علينا أن نضع النقاط على احلروف فيما يتعلق مبعىن ) اإلتباع(اليت إختلط معناها يف عرفنا اللغوي مع معىن ) الطاعة(لفهم معىن ) تـبع(الناجم مع معىن اجلذر تبع/ طوع( األول فالفعل). بينما الفعل الثاين ) معنوي/ نفسي/ ذايت(هو فعل الزم ال حيتاج إىل مفعول به ألنه فعل )

تـبع( تبع/ .هو فعل متعدي حيتاج إىل مفعول به حىت يتضح معناه وهذا يعين أنه فعل خارجي) فاملتلقي حيتاج مين إىل حتديد لو قلت تبع الرجل: اذا تبع ؟ هل تبع رجال آخر أو ماذا؟ وهذا ابسط معيار للتفريق بني فعل فهو سيقول م.. وفعل ) الطاعة(

.وهللا اعلم). اإلتباع(

Page 25: الإنسان بين الجبر والتفويض

ودعنا نتعمق قليال يف النص التايل من سورة . وهللا املستعان. ولكننا سنحاول إستيضاح األمر اكثر عرب التأمل بقليل من العمق يف بعض النصوص القرآنية .لنورا

:الطاعة واإلتباعلقد أنـزلنا آيات مبـينات واÂ يـهدي من يشاء إىل صراط مستقيم - ويـقولون آمنا باÂ وبالرسول وأطعنا مث يـتـوىل فريق منـهم من بـعد ذلك ) 24النور46(

وما أول ئك بالمؤمنني وإذا دعوا إىل اÂ ورسوله ليحكم بـيـنـهم إذا فريق منـهم معرضون ) 24النور47( وإن يكن هلم احلق يأتوا إليه مذعنني ) 24النور48( أيف قـلوoم مرض أم ارتابوا) 24النور49( أم خيافون أن حييف اÂ عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون إمنا كان قـول المؤمنني إذا دعوا ) 24النور50(

إىل اÂ ورسوله ليحكم بـيـنـهم أن يـقولوا مسعنا وأطعنا وأولئك ه م المفلحون ومن يطع اÂ ورسوله وخيش اÂ ويـتـقه فأولئك هم الفائزون ) 24النور51( وأقسموا باÂ جهد أميا م لئن أمرتـهم ليخرجن قل ال تـقسموا طاعة معروفة إ) 24النور52( ن اÂ خبري مبا تـعملون قل أطيعوا اÂ وأطيعوا ) 24النور53(

الرسول فإن تـولوا فإمنا عليه ما محل وعليكم ما محلتم وإن تطيعوه تـهتدوا وما على الرسول إال البالغ المبني وعد اÂ الذين آمنوا منكم ) 24النور54( وعملوا ٱلصـلحت ليستخلفنـهم يف األرض كما استخلف الذين من قـبلهم وليمكنن هلم دينـهم الذي ارتضى هلم وليبدلنـهم من بـعد خوف هم أمنا يـعبدونين

ال يشركون يب شيئا ومن كفر بـعد ذلك فأولئك هم الفاسقون وأقيموا الصالة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم تـرمحون ) 24النور55( ال ) 24النور56(حتسنب الذين كفروا معجزين يف األرض ومأواهم النار ولبئس المصري يا أيـها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أميانكم والذين مل يـبـلغوا ) 24النور57(

احللم منكم ثالث مرات من قـ بل صالة الفجر وحني تضعون ثيابكم من الظهرية ومن بـعد صالة العشاء ثالث عورات لكم ليس عليكم وال عليهم جناح Âبـعدهن طوافون عليكم بـعضكم على بـعض كذلك يـبـني ا لكم اآليات واÂ عليم حكيم .(24النور58(

األمر األول الذي ينبغي التأكيد عليه هو ان اآليات تتحدث مع صحابة الرسول وأتباعه الذين آمنوا برسالته فهو أمر خاص بتلك ا�موعة إلستحالة أن .تتحقق هذه املوضوعات بني أقوام ال صلة مباشرة بينهم

أننا نالحظ أن اآليات تتحدث عن موضوعات خاصة وأحداث حمددة نزلت اآليات على إثرها لتحدد طبيعة العالقة بني الرسول من جهة وأتباعه املهم .من جهة ثانيةويـقولون آمنا باÂ وبالرسول وأطعنا مث يـتـوىل فريق منـهم من بـع(الحظ مقول د ذلك وما أولئك بالمؤمنني :والحظ حتديد املراحل واملعاين)

.يقولون آمنا با� وبالرسول - .وأطعنا - .مث يتوىل فريق منهم -

والحظ كيف أن اآلية حتدد زمان التويل الذي هو إتباع غري هللا والرسول فيقول من بـعد ذلك( ول والتعهد ولو أنه قال أي مباشرة بعد الق) ) بعد ذلك(لكان األمر خمتلفا ولفهمنا أنه يتحدث عن فرتة الحقة بعيدة ولكن إستخدام من بعد( .تشري اىل التتابع بدون فاصلة)

مث أنه يصفهم نتيجة ذلك املوقف وما أولئك بالمؤمنني( فهي أمر معادل لإلميان ومكافئ له، يعين أن ) الطاعة (وهذا يسلط قليال من الضوء على معىن) .ولكن ليس على سبيل التساوي فليس هناك يف اللغة لفظ يساوي لفظ آخر إطالقا) اإلميان(تعادل وتكافئ وتعين ) الطاعة(

طوع(ولو تأملنا قليال لوجدنا بأن كال الفعلني أمن(و) :هو فعل الزم إذ ميكننا أن نقول) طوع احلديد وإنثىن - . أمن - أمن الطفل ونام/ .

وهذا يعطينا فكرة أولية على أن الفعلني نفسيني وذاتيني ومعنويني ال حيتاجان إىل مفعول به ومها ال يعربان عن حركة خارجية وإمنا عن تصور وقناعة داخلية لذلك جتد أن القرآن يؤكد يف مناسبات عدة على أن والعمل الصاحل، كحركة يف الواقع تقوم على - كتصور داخلي -اإلميان ( شروط دخول اجلنة هو

.(ذلك اإلميان النفسي :ونفس األمر يتكرر مع الطاعة واإلتباع فهما عملني منفصلني كما يف قوله تعاىل

ولقد قال هلم هارون من قـبل يا قـوم إمنا فتنتم) به وإن ربكم الرمحن فاتبعوين وأطيعوا أمري .((20طه90(ولو كانت الطاعة تعين املتابعة واملشي وراءه ملا إحتاج إىل إستخدام فعلني منفصلني ما يعين أن ) طاعة أمره(و) إتباعه(فهارون طلب منهم أمرين إثنني

الطاعة ال تعين اإلتباع وإمن :ا تعين اإلقتناع الداخلي بأمر معني مبا يقرتب كثريا من معىن اإلميان مع وجود فرق بينهما كما يليفانا أطيع أيب يف تكاليفه يل من اعمال . الطاعة تكون يف أمر معني خاص يقتضي وجود مؤثر خارجي بينما اإلميان ميكن أن يكون بأمر كلي عقلي عام -

.لكين قد أؤمن بغري إميانه حىت يف قضايا العائلةمنزلية ومسؤوليات عائلية و

Page 26: الإنسان بين الجبر والتفويض

.بذا­ا تأيت كرد فعل بينما اإلميان قد يكون فطريا وإستجابة للوجود بشكل عام) الطاعة(الطاعة تستدعي وجود جهة تقوم بفعل و -يف ) قناعة داخلية(وإمنا هي ) اإلتباع(على أ ا نوع من اليت تتحدث عنها اآليات من سورة النور وأمثاهلا، هي ليست كما نتخيلها ) الطاعة(عليه فإن

.النفس واآليات حتثهم عليها بإعتبار إنسجامها مع قوانني الكون والوجود بشكل عامإمنا كان قـول المؤمنني إذا دعوا إىل اÂ ورسوله ليحكم بـيـنـ(واحلال سيان يف قوله تعاىل هم أن يـقولوا مسعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ) 24النور51(

ومن يطع اÂ ورسوله وخيش اÂ ويـتـقه فأولئك هم الفائزون :فهو أمر نفسي أيضا والرتتيب كالتايل)) 24النور52( . معينة ممدوحة من املؤمننياآليات تصف حالة جمموعة -يشري إىل دعوة مت توجيهها إىل تلك ا�موعة املمدوحة مت فيها دعو­م إىل هللا تعاىل كقانون واحد حاكم على الوجود جاء به الرسول فهو أمر واحد -

ألننا نعلم بأن الرسول يقوم بعملية إيصال لرسالة، والرسالة هي من هللا تعاىل مبعىن .ا ا ال ختتلف عنه كقانون إطالقااآليات تصف تلك ا�موعة بأ ا تضم أناس مؤمنني بقانون هللا تعاىل وبالرسول موقنني بوجود ذلك القانون الطبيعي العام املتحكم بالكون وهو هللا -

.تعاىل وموقنني أيضا بأن الرسول ميثل هذا القانون القاهر احلاكم على الوجودمساع ا�موعة املمدوحة تلك لدعوة معينة وهي دعوة لإلحتكام للقانون اإلهلي فالقانون هو الذي يوضح صحة أفكار جمموعة من املؤمنني وخطأ أفكار -

.(فاحلكم يعين التمييز والتفريق بني حالتني أو أكثر لوضع كل واحدة منها يف نصاoا) (احلكم(جمموعة أخرى وهذا مؤدى فكرة مسعنا وأطعنا( تلك ا�موعة قول - أن تلك ا�موعة املمدوحة تتمتع بقابلية إدراك ووعي وتعقل فهي ال تقبل باألمور هكذا : األوىل: وهذا يوضح قضيتني)

فكار نتيجة تلك القاعدة اإلميانية وهو مؤدى أ ا ونتيجة إلميا ا املسبق با� ورسوله تقبل باإل: والثاين. دون وعي وإمنا هي تسمع وتعي األمر قبل أن تقبلهوأطعنا(قوهلم ).

بعد ذلك تؤكد اآليات على ان مدح تلك ا�موعة مل يأت من فراغ وإمنا هو نتيجة تناسق وإنسجام يف قوانني هللا تعاىل ) Âورسوله وخيش ا Âومن يطع ا ويـتـقه فأولئك ه م الفائزون فمن يقبل بالقانون اإلهلي ويقبل بالرسول الذي خيربه عن هذا القانون اإلهلي وحيذر من أثر وفاعليه هذه القوانني اإلهلية وحياول )

.أن ال يضع نفسه يف مقابل تلك القوانني اليت ال ترحم وال حتايب فإنه سيكون مصريه الفوز ال شك وال ريبعليها وهي األمور املتعلقة باجلانب العملي وليس ) التقوى(و) اخلشية(جاءت يف أسفل السلم ومت بناء ) الطاعة( أن نالحظ كيف أن وهنا ال بد لنا

.وهللا أعلم. الطاعةقل أطيعوا اÂ وأطيعوا الرسول فإن تـولوا(أما املستوى الثالث من هذه اآليات وهو قوله تعاىل فإمنا عليه ما محل وعليكم ما محلتم وإن تطيعوه تـهتدوا وما

على الرسول إال البالغ المبني : فهو أوضح يف اإلشارة إىل املطلوب االهلي منهم فهو طلب بسيط ومبدئي للغاية)) 24النور54(أطيعوا اÂ وأط - يعوا الرسول . فإن تـولوا - . فإمنا عليه ما محل وعليكم ما محلتم - . وإن تطيعوه تـهتدوا - . تـهتدوا وما على الرسول إال البالغ المبني - .

والقرار . منه أن يدفعهم بإجتاه معني وإمنا هو مطلوب منه فقط إبالغ الرسالة بشكل واضح ومبنيختام اآلية يؤكد املعىن الذي نقوله فالرسول ليس مطلوبا .مرتوك إليهم فإما أن يقبلوا بالرسالة املرسلة اليهم أو يتولوا مبعىن أن يعرضوا وال يقبلوا تلك الرسالة وهي أمور نفسية ال عالقة هلا بالواقع اخلارجي

.oم فهو مطالب بإتباع رسالته ومسؤوليته عنها هي األصل واألساسوهنا ال شأن للرسول والنصيحة الغالية اليت تقدمها اآليات هي ان اطاعة الرسول تعين اهلداية الن الرسول ال ينقل شيئا متضاربا وإمنا ينقل ما يعصمكم من سطوة القانون إذا

.ول وأتباعهخالفتموه، فهو أمر إجيايب لكم أنتم يا أصحاب الرسمن كل ما تقدم ميكننا فهم أن هي أمر نفسي ال عالقة له بالتصرف اخلارجي وهو مرحلة أوىل من مراحل اهلداية) الطاعة( .وهللا اعلم.

وأقيموا الصالة وآتوا الزكاة وأطيعوا ا(الحظوا كيف ان ا�موعة من اآليات يتم ختامها بقوله تعاىل لرسول لعلكم تـرمحون واليت جتمع )) 24النور56( على اجلانب التنظريي – وهو إقامة نظام إجتماعي عام يقوم على نظام ضرييب عام -اجلانبني العملي والنظري يف سياق واحد مقدمة اجلانب العملي

أساسا وفيما يرد الحقا وهو منسجم مع تلك القواعد األصلية النفسي ومطالبتهم بأن يكون ذلك اجلانب العملي مستند إىل طاعة الرسول إقامة الصالة (وهذا يعين أن إقامة الصالة وإيتاء الزكاة إذا مل تكن مقرتنة بقناعة داخلية فلن يكون له قيمة لذلك ذكرها ووضع االمر اإلحتمايل بني أن ) وإيتاء الزكاة

لعلكم تـرمحون(ون القناعة حقيقية او غري حقيقية فقال تكون مقبولة أو غسري مقبولة بناءا على ك ).

Page 27: الإنسان بين الجبر والتفويض

:النص الثاينيا أيـها الذين آمنوا إمنا اخلمر والميسر واألنصاب واألزالم رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تـفلحون - إمنا يريد الشيطان أن يوقع ) 5املائدة90(

بـيـنكم العداوة والبـغضاء يف اخلمر والميسر ويصدكم عن ذكر اÂ وعن الصالة فـهل أنـتم منتـهون وأطيعوا اÂ وأطيعوا الرسول واحذر) 5املائدة91( وا فإن تـوليتم فاعلموا أمنا على رسولنا البالغ المبني ليس على الذين آمنوا وعملوا ٱلصـلحت جناح فيما طعموا إذا ما اتـقوا وآمنوا وعملوا ) 5املائدة92(

ٱلصـلحت مث اتـقوا وآم نوا مث اتـقوا وأحسنوا واÂ حيب المحسنني .(5املائدة93( بأن احلديث هو مع صحابة الرسول وأتباعه الذين قبلوا دعوته باملقام األول نرى أن هذه ا�موعة أكثر وضوحا من - وللمرة الثانية -بعد التأكيد أوال

ث عن اخلمر وامليسر وأضرارمها وكيف أ ا تؤدي إىل خمالفة أوامر هللا تعاىل مبعىن أ ا تؤدي إىل خمالفة القانون الكوين العام ا�موعة السابقة فاآليات تتحد .(الصد عن الصالة(فهي تؤدي إىل البغضاء والعداوة وخمالفة النظام اإلجتماعي العام

ملسألة مرتبطة بكم فإن قبلتم oذه األفكار فهو حسبكم وإن مل تقبلوا oا فاملسؤولية متوجهة إليكم وبعد ذلك يعيد الكرة إىل ملعب الناس فيقول هلم بإن اوهللا . والرسول ليس عليه هدايتكم وإنقاذكم من النار باكثر من حتذيركم وتنبيهكم اىل ما ينفعكم وما يضركم من خالل إيصال بالغ هللا تعاىل إليكم

أعلم .ل إليهم واملسؤولية ترتتب عليه الحقا نتيجة ما سيكون عليه قرارهم العمليفالطاعة أمر نفسي موكو

: يف القرآن الكرمي من قبيل ا�موعات التالية) الطاعة(وعلى نفس املنوال ميكننا فهم كل اآليات اليت أشارت إىل موضوع - Âفاتبعوين حيببكم ا Âقل إن كنتم حتبون ا ويـغفر لكم ذنوبكم واÂ غفور رحيم قل أطيعوا اÂ والرسول فإن تـولوا فإن اÂ ال حيب ) 3آل عمران31(

الكافرين .(3آل عمران32(يا أيـها الذين آمنوا ال تأكلوا الربا أضعافا م - ضاعفة واتـقوا اÂ لعلكم تـفلحون واتـقوا النار اليت أعدت للكافرين ) 3آل عمران130( ) 3آل عمران131(

وأطيعوا اÂ والرسول لعلكم تـرمحون .(3آل عمران132(- Âيا أيـها الذين آمنوا أطيعوا ا وأطيعوا الرسول وأويل األمر منكم فإن تـنازعتم يف شيء فـردوه إىل اÂ والرسول إن كنتم تـؤمنون باÂ واليـوم اآلخر ذلك

خيـر وأحسن تأويال .(4النساء59(وأطيعوا اÂ وأ - طيعوا الرسول واحذروا فإن تـوليتم فاعلموا أمنا على رسولنا البالغ المبني .(5املائدة92(يسألونك عن األنـفال قل األنـفال Â والرسول فاتـقوا اÂ وأصلحوا ذات بـينكم وأطي - عوا اÂ ورسوله إن كنتم مؤمنني .(8األنفال1(يا أيـها الذين آمنوا أطيعوا اÂ ورسوله وال تـولوا عنه وأنـتم تسمعون - وال تكونوا كالذين قالوا مسعنا وهم ال يسمعون ) 8األنفال20( .(8األنفال21(يا أيـها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثـبتوا واذكروا اÂ كثريا لعلكم تـفلحون - وأطيعوا اÂ ورسوله وال تـنازعوا فـتـفشلوا وتذهب رحيكم واصربوا ) 8األنفال45(

Âإن ا مع الصابرين .(8األنفال46(يا أيـها الذين آمنوا أطيعوا اÂ وأطيعوا الرسول وال تـبطلوا أعمالكم - .(47حممد33(يا أيـها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فـقدموا بـني يدي جنواكم صد - قة ذلك خيـر لكم وأطهر فإن مل جتدوا فإن اÂ غفور رحيم ) 58ا�ادلة12(

أأشفقتم أن تـقدموا بـني يدي جنواكم صدقات فإذ مل تـفعلوا وتاب اÂ عليكم فأقيموا الصالة وآتوا ال زكاة وأطيعوا اÂ ورسوله واÂ خبري مبا تـعملون .(58ا�ادلة13(وأطيعوا اÂ وأطيعوا الرسول فإن تـوليتم فإمنا على رسولنا البالغ المبني - .(64التغابن12(

وهو أ ا قبول نفسي ينشأ يف النفس على فكرة معينة وال ضرورة ) الطاعة(يوضح الفكرة اليت حاولنا إثبا­ا عن معىن والتأمل يف اآليات ضمن سياقا­ا س وال تالزم بينها وبني السلوك املرتبط بتلك الفكرة فإنا قد أطيع والدي دون أن أرتب على ذلك أثرا خارجيا فإذا رتبت أثرا خارجيا أصبح األمر يف عهديت

ومسؤولييت كعمل فإذا كانت الفكرة اليت أطعته فيها صحيحة وحقة فأنا على سبيل النجاة إن شاء هللا وإال فأنا خاسر ال حمالة .وهللا اعلم. على بياض ونعتربه مطالبون بأن نبين طاعاتنا على أسس راسخة وثابتة حىت ال تنهار بنا فال ميكن واحلال هذه أن نقبل بأي سواد - كعقالء -لذا إننا

.موقف رسايل ينبغي بنا إتباعه واملضي عليه على أساس أنه احلق من هللا تعاىلال يأتيه الباطل من ( والذي ال يأتيه الباطل من بني يديه وال من خلفه -بشقيه التكويين والتدويين –لذا فإن األفضل لنا أن نعتمد على ما يف القرآن الكرمي

بـني يديه وال من خلفه تـنزيل من حكيم محيد على أن نتبع أقواال ما أنزل هللا تعاىل oا من سلطان وال حفظها لنا وليس معها تأكيد من )) 41فصلت42( .وهللا اعلم. السماء على صحتها

Page 28: الإنسان بين الجبر والتفويض

فكار الرئيسة فيه والبدء ببحث قصة الغالم الذي قتله العبد املأيت علما حينما إتبعه يف احللقة املقبلة سنحاول العودة إىل السياق العام للموضوع إلكمال األ .وهللا املوفق. موسى لكي يتعلم منه

نعود بعد جولتنا الطويلة يف رحاب معاين العلم واملعرفة وبعض املوضوعات الفرعية إىل قضية قتل الغالم يف قصة موسى والعبد املأيت علما واليت س رد­ا سورة الكهف، كقضية تتمتع بأمهية بالغة بني القصص القرآين ملا ورد فيها من موضوعات فلسفية وعقلية هامة حمورها مسألة اإلختيار اإلنساين وحدوده العامة

.وعلم هللا تعاىل للمستقبل وأثر ذلك على خيار اإلنسانزيزي القارئ نضع النص املقصود oذا البحث أمام أعيننا حىت نتمكن من ختيل اإلطار الواضح وقبل أن نرصف هذه املوضوعات أو نشري إليها دعنا ع

:للموضوع الذي نريد حبثهالنص املراد حبثه ودراسته :

فـوجدا عبدا من عبادنا آتـيـناه رمحة من عندنا وعلمناه من لدنا علما - قال له موسى هل أتبعك على أن تـعلمن مما علمت رشدا ) 18الكهف65( قال إنك لن تستطيع معي صبـرا ) 18الكهف66(

وكيف تصرب على ما مل حتط به خبـرا ) 18الكهف67( قال ستجدين إن شاء ) 18الكهف68( Âاصابرا وال أعصي لك أمرا قال فإن اتـبـعتين فال تسألين عن شيء حىت أحدث لك منه ذكرا ) 18الكهف69(

فانطلقا حىت إذا ركبا يف ) 18الكهف70( السفينة خرقـها قال أخرقـتـها لتـغرق أه لها لقد جئت شيئا إمرا قال أمل أقل إنك لن تستطيع معي صبـرا ) 18الكهف71(

قال ال ) 18الكهف72( تـؤاخذين مبا نسيت وال تـرهقين من أمري عسرا فانطلقا حىت إذا لقيا غالما فـق) 18الكهف73( تـله قال أقـتـلت نـفسا زكية بغري نـفس لقد جئت شيئا نكرا

قال أمل أقل لك إنك لن تستطيع معي صبـرا ) 18الكهف74( قال إن سألتك عن شيء بـعدها فال تصاحبين قد بـلغت م) 18الكهف75(

ن لدين عذرا فانطلقا حىت إذا أتـيا أهل قـرية استطعما أهلها فأبـوا أن يضيفومها فـوجدا فيها جدارا يريد أن يـنـقض فأقامه قال لو شئت الختذت عليه ) 18الكهف76(

أجرا قال هذا فراق بـيين وبـينك سأنـبئك بتأويل ما مل تستطع عليه صبـرا )18الكهف77( أما السفينة فكانت لمساكني يـعملون يف ) 18الكهف78( البحر فأردت أن أعيبـها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سف ينة غصبا وأما الغالم فكان أبـواه مؤمنـني فخشينا أن يـرهقهما طغيانا وكفرا ) 18الكهف79(

فأردنا أن يـبدهلما ربـهما خيـرا منه زكاة وأقـرب رمحا ) 18الكهف80( وأما اجلدار) 18الكهف81( فكان لغالمني يتيمني يف المدينة وكان حتته كنـز هلما وكان أبومها صاحلا فأراد ربك أن يـبـلغا أشدمها ويستخرجا كنـزمها رمحة من ربك وما فـعلته عن أمري ذلك تأويل م ا مل تسطع عليه صبـرا .(18الكهف82(

نقلت لنا كتب التاريخ واملناظرات الفكرية حبوث طويلة جرت واستمرت عشرات السنني بل قرونا، وأدت بالنتيجة إىل تكون جماميع فكرية تبنت مواقف ضوع األهم الذي مت طرحه يف هذا املقطع الصغري وهو قضية اجلرب واإلختيار متقابلة وأصبح يشار إليها بالبنان كان مدار حبثها واخلالف فيها هو املو

.وعالقة ذلك بقضية علم هللا تعاىليف هذا البحث نريد تسليط الضوء على هذا املوضوع بالذات وتقدمي فكرة مستندة إىل حتليل لفظي لساين للنص رمبا تكون مفتاحا حلل اإلشكاالت املرتتبة

.ئلة اليت سنطرحا يف أدناه وهللا املوفقعلى األسعليه دعنا اوال عزيزي القارئ نضع نصب أعيننا األسئلة اليت يهدف البحث إىل اإلجابة عنها وهي كما يلي :

هل كان الغالم املقتول يف هذه القصة سيصبح طاغية أو جمرما لو ترك حيا؟ - . أال يتعارض ذلك وحرية اإلختيار املفروض أن البشر ميلكو ا؟ مبعىن ملاذا تتم معاقبته على خياره ) نعم(اله هو ولو إفرتضنا ان اجلواب على السؤال أع -

.قبل ان يتخذه يف حني انه حر يف إختيار ما يشاءولو إفرتضنا جمددا أن اجلواب على السؤال األول هو - ذا خلقه أساسا وهو يعلم بأنه سيصبح ظاملا وكان هللا تعاىل عاملا مبآل هذا اإلنسان فلما) نعم(

.وطاغية؟مث لو إفرتضنا جمددا أن اجلواب على السؤال األول هو - فما هو مصري هذا الغالم يف اآلخرة بعد أن قتل وهو صغري عقوبة على جرم متوقع منه ) نعم(

وهو ملـا يرتكب جرما أصال؟ هل ميكن مع عدالة هللا تعاىل أ ن تتم معاقبته على أفعال مل يقرتفها؟ أم أنه سيكون من أهل اجلنة باعتبار أنه غالم غري - . مات قبل سن التكليف؟–مكلف يف الغالب

إأل يكون ذلك نوعا من اإلكراه للغالم على مصري حمدد؟ مبعىن أن) نعم(مرة اخرى لو إفرتضنا أن اجلواب على السؤال األول هو - القاعدة العقلية تقول إذا علم هللا تعاىل وجب حتقق أو وقوع األمر املعلوم له سبحانه(بأن فكيف جنمع بني وجوب حتقق علم هللا تعاىل وبني حرية اإلختيار هلذا الغالم أو سواه )

من البشر الذين يفرتض أن هللا تعاىل يعلم مصريهم ومآهلم مجيعا؟ر نقول بأن هللا تعاىل لو علم بأمر ما فإن من املفرتض oذا األمر أن يتحقق بالطريقة اليت تطابق علم هللا تعاىل وال جمال للقول بأن ولتوضيح هذا االمر أكث

هذا االمر قد يتحقق وقد ال يتحقق إذ لو حصل إي إختالف بني ما علمه هللا تعاىل وبني األمر املتحقق لكان علم هللا تعاىل حاشا � - السابق جهال

Page 29: الإنسان بين الجبر والتفويض

عليه فال بد أن يتحقق األمر متاما كما علمه هللا تعاىل وهذا يقتضي أن نقول بأن تنفيذ إرادة هللا تعاىل إذا كانت عرب إنسان من البشر وإعتمادا -تعاىل على ما يقوم به، فإن هذا يعين أن اإلنسان إذا قام مبا هو مطابق لعلم ال� تعا .ىل سيكون مسلوب اإلرادة وليس له خيار أمام علم هللا تعاىل

.علم هللا تعاىل من جهة، واخليار الكامل لالنسان املكلف من جهة أخرى: وهنا يقع التناقض بني األمرينف سيدخل اجلنة بإعتبار انه غري مكلف أوال، وثانيا قبل سن التكلي- مقتوال -اآلن لو قلنا بأن هذا الغالم الذي تشري إليه اآليات املباركة الذي مات -

أنه وإن كان مكلفا فإنه مل يرتكب جرما حيول بني وبني دخول اجلنة، يف هذه احلالة هل نتوقع أن يعرتض الكثري من ا�رمني والطغاة على هذا القرار اإلهلي وهم صغار حىت جينبهم العذاب أو اخللود يف جهنم، كما حصل مع هذا الغالم؟بإعتبار ا م سيسألون هللا تعاىل ملاذا مل يأمر بقتلهم

مث لو إفرتضنا مرة اخرى أن اجلواب على السؤال األول هو - معرفة الغيب املتعلق باملستقبل؟ - فضال عن هللا تعاىل -فهل يتسىن ألحد من اخللق ) نعم( ه أحد من خلقه؟ ليس هذا وحسب إمنا يفوضه التدخل يف تغري مسار األمور؟أقصد هل ميكن � تعاىل أن يطلع على غيب

فهل حيق هلذا املخلوق أن يرتب أثرا على علمه ذاك بالطريقة اليت يراها مناسبة؟ أم هل أن العلم يأيت إىل ) نعم(واذا كان اجلواب على السؤال املسبق - وأما اجلدار فكان لغالمني يتيمني يف المدينة وكان (لقصة يف سورة الكهف ؟ حينما ختمت اآليات بالقول البعض مع القرارات جاهزة، كما ورد يف نفس ا

حتته كنـز هلما وكان أبومها صاحلا فأراد ربك أن يـبـلغا أشدمها ويستخرجا كنـزمها رمح ة من ربك وما فـعلته عن أمري ذلك تأويل ما مل تسطع عليه صبـرا يف إشارة إىل أن األمر كان مساويا يف األصل)) 18الكهف82( . برئيا أو حىت إنسانا راشدا او بالغا؟هل يتاح ملن يعلم الغيب أن ينهي حياة إنسان كأن يقتل طفال ) نعم(وإذا كان اجلواب على ما سلف هو - .!األ يعترب ذلك خلال يف عدالة هللا تعاىل؟ حاشا �) نعم(لو كانت اإلجابة على كل ما سلف هي -

بعد هذه اجلولة مع املعضالت اليت يزخر oا هذا النص القصري نسيبا، وأمهية تلك املعضالت على جممل النظرة اإلسالمية والقرآنية لأل مور، وأثر حتليل النص يف تغري الفهم اخلاص بقضية علم هللا تعاىل وعالقته بقضية اإلختيار واجلرب، يبدو أننا حباجة إىل إعادة قراءة النص بآليات وأدوات املنهج اللفظي

الرتتيلي لعلنا جند يف األلفاظ ذا­ا ما ميكننا من حتقيق فهم أفضل، خيرجنا من املعمعة أعاله ويضع أمامنا حلوال مناسبة وأجوبة معقولة ومنطقية على كل تلك التساوالت، تنسجم مع اإلطارر العام للثوابت القرآنية .

:مالحظات اوليةدعنا أوال عزيزي القارئ نلفت النظر اىل هذه املالحظات األولية اليت نريد هلا أن تشكل جزءا من القاعدة املعرفية اليت سنقيم .عليها هذا البحث

مسبقا وإمنا تعرف عليه يف تلك الرحلة وأنتبه إىل أنه ميتلك علما خاصا، ) العبد املأيت علما(يبدو من السياق أن موسى عليه السالم مل يكن يعرف -1 فـوجدا عبدا من عبادنا آتـيـناه رمح(لذا سأله ان يرافقه حىت يتعلم منه، ة من عندنا وعلمناه من لدنا علما ويف هذا االمر إشارة اىل )) 18الكهف65(

:قضايا هامةأن موسى كان إنسانا متواضعا ساعيا إىل التعلم: األوىل . أن األنبياء يتعلمون كسائر الناس بل ان سلوك موسى يعكس احلالة املثالية للبحث عن: الثانية . مصادر العلم واإلنتهال منهاالعبد املأيت علما(يبدو أن موسى طلب من -2 أن يعلمه من علمة الذي علمه إياه هللا تعاىل ليبلغ الرشد يف علمه، ما يعين أنه ميتلك علما هو اآلخر )

قال له موسى هل أتبع(ولكنه كان يبحث عن الرشد وهو البلوغ يف احلال ك على أن تـعلمن مما علمت رشدا يعين أن يصل يف علمه )) 18الكهف66( .إىل مرحلة من الرشد أعلى وأكمل

رون دون أن ورمبا كان الثالثة أو موسى والرجل املأيت علما يتنقلون ويساف) خادمه(موسى عليه السالم وفتاه : مها) العبد املأيت علما(إن اللذين رأيا -3وإن مل يكن بشرا فهو ال شك يف صورة . هو حتما رجل بشر يف نظر سائر الناس) العبد املأيت علما(ما يعين أن هذا ! يلفت ذلك نظر أحد من الناس

.بشرالعبد املأيت علما(يبدو أن -4 جلدار وقتل الغالم مببادرة شخصية وقام خبرق السفينة ميارس األعمال بالطريقة اليت ميارسها البشر النه قام بعملية بناء ا)

وأعابتها بوسائل تبدو مألوفة ملوسى سيما مسألة اجلدار اليت إقرتح موسى أن يتم األمر يف بناء اجلدار مع املطالبة بأجر على بنائه، وهذا جيعلنا نقول بأن لو كان ملكا مساويا فهو خمتلف عن) العبد املأيت علما(هذا املالئكة الذين رأهم إبراهيم عليه السالم والذين كانت أيديهم ال تصل اىل الطعام، فهو

يتمكن من ممارسة عمل مادي يؤثر يف احمليط، أقصد بأن املالئكة الذي ضيفهم إبراهيم عليه السالم وأعد هلم طعاما مل يتمكنوا من تناول الطعام كما العبد املأيت علما(ولو كان ) هولكرامية(عن صور يتناوله البشر فهم كانوا عبارة هو ملك من تلك النوعية فإنه لن يتمكن من بناء اجلدار أو قتل الغالم )

وهذا قد يكون مؤشرا قويا على أنه رجل بشري . إستخدمها النص القرآين يف كل املواضع القرآنية للتعبري عن بشر) من عبادنا(عبارة -5 :وهي كالتايل. من األنبياء املقربني

Page 30: الإنسان بين الجبر والتفويض

ولقد مهت به وهم oا لوال أن رأى بـرهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصني - (يوسف24(فـوجدا عبدا من عبادنا آتـيـنا - ه رمحة من عندنا وعلمناه من لدنا علما (الكهف65(Åتلك اجلنة اليت نورث من عبادنا من كان تقيا - (مرمي63(مث أورثـنا الكتاب الذين اصطفيـنا من عبادنا فمنـهم ظامل لنـفسه - ومنـهم مقتصد ومنـهم سابق باخليـرات بإذن اÂ ذلك هو الفضل الكبري .(فاطر32(سالم على نوح يف العالمني - إنا كذلك جنزي المحسنني ) الصافات79( إنه من عبادنا المؤمنني) الصافات80( .(الصافات81( سالم على إبـراهيم - كذلك جنزي المحسنني ) الصافات109( إنه من عبادنا المؤمنني ) الصافات110( .(الصافات111(سالم على موسى وهارون - إنا كذلك جنزي المحسنني ) الصافات120( إنـهما من عبادنا المؤمنني )الصافات121( .(الصافات122(سالم على إل ياسني - إنا كذلك جنزي المحسنني ) الصافات130( إنه من عبادنا المؤمنني ) الصافات131( .(الصافات132(وكذلك أوحيـنا إليك روحا من أم - رنا ما كنت تدري ما الكتاب وال اإلميان ولكن جعلناه نورا نـهدي به من نشـاء من عبادنا وإنك لتـهدي إىل صراط

مستقيم .(الشورى52(ضرب اÂ مثال للذين كفروا امرأة نوح وامر - أة لوط كانـتا حتت عبدين من عبادنا صاحلني فخانـتامها فـلم يـغنيا عنـهما من اÂ شيئا وقيل ادخال النار مع

الداخلني .(التحرمي10(

ولقد سبـقت كلمتـنا لعبادنا المرسلني - .(افاتالص171(واذكر عبادنا إبـراهيم وإسحاق ويـعقوب أويل األيدي واألبصار - .(ص45(

هلذا ولإلسباب اليت أوردناها سابقا ميكننا القول بضرس قاطع بأن الرتكيب . وليس خافيا أ ا مجيعا تعرب عن بشر إنسيني عبدا من عبادنا( إىل يشري ) .شخص من البشر وليس من املالئكة

وما جيعلنا نرتدد قليال هو أن العبد املأيت علما( حتدث بطريقة خمتلفة حينما أراد ان يوضح ملوسى ملاذا إختذ قراراته املختلفة تلك، فأشار يف قضية السفينة ) فأردت(إىل أن القرار كان فرديا وكان هو املسؤول عنه أن أعيبـها بينما قضية الغالم كانت بناءا على قرار مجاعي ومنسقا بينه وبني جمموعة أخرى )

فخشينا( فأردنا/ بينما يف الفقرات األخرية من حديثه أوضح أن االمر يف قضية اجلدار كان مباشرة من هللا تعاىل ( فأراد ربك( ). :اج أمور منهاوهذا يدفعنا إىل إستنت

العبد املأيت علما(أن .1 مل يكن يتصرف وحيدا وإمنا بالتنسيق مع فريق من املالئكة وضمن إشراف وتوجيه مباشر من الرب، سيما وأن السورة نفسها ) تورد تقريرا من املالئكة على أن هذا العبد قد أويت علما من لدن املالئكة يف قوله تعاىل فـوج( دا عبدا من عبادنا آتـيـناه رمحة من عندنا وعلمناه من لدنا

علما .((18الكهف65(كانت له صالحيات حمدودة وقراراته ليست مسندة إىل حتليله وفهمه فقط وإمنا واضح أن هناك أمور ال يتمكن من البت ) العبد املأيت علما(أن .2 فيها

.وهللا أعلم. لوحده وأخرى ال ميكنه أصال إال التنفيذ فيها ودون املشاركة يف إختاذ القرارالعبد املأيت علما(أن دور .3 ال يقتصر على جمرد إختاذ قرارات منوعة يف احمليط الذي يكون موجودا فيه وإمنا هو كان يعلم بأن ما يقوم به فيه دروس )

.السالم ما يعين وجود دور تربوي هام يف تصرفاته، يعترب جزءا من مسؤولياته السماوية املشاoة ملسؤولية الرسل واألنبياءوعرب ملوسى عليه ماذا فعل العبد املأيت علما؟ :

العبد املأيت علما(بعد أن وافق الوفد وقاما يف املرحلة األوىل بعبور عائق على أن يرافقه موسى عليه السالم، بشرط أن ال يسأل عن كل ما يراه، إنطلق ) مائي أو اإلنتقال من ميناء إىل ميناء آخر على البحر مستخدمني سفينة أو قارب كبري لنقل املسافرين مثال، ويبدو أن العبد املأيت علما قام بإحداث خرق

.حبار والتنقل ولو لفرتة من الزمنيف السفينة بعد صعودمها إليها وأحدث oا عيبا حيول بينها وبني مواصلة اإلوالتفاصيل هنا معروفة فقد اعرتض موسى نتيجة كونه إنسانا متحضرا يعرف معىن التصرف الصاحل والعمل الصاحل، فقد إعرتض على األمر، ألنه وجد فيه

إعتداءا صارخا على أصحاب السفينة وعلى الراكبني فيها، وقد يكون شك بأن ملأيت علماالعبد ا( كان يهدف إغراق الركاب أو على األقل إغراق ) فانطلقا حىت إذا ركبا يف السفينة خرقـها قال أخرقـتـها لتـغرق أهلها لقد (السفينة ذا­ا بإعتبار متكن اجلميع من النجاة إىل الشاطئ فطلب توضيحا منه

جئت شيئا إم .((18الكهف71(را ركبا يف السفينة(وهنا ال بد لنا من اإلشارة إىل الرتكيب ركب السفينة(الذي يعين التواجد على ظهر السفينة وهو خمتلف عن الرتكيب ) والذي يشري إىل )

الرحلة كاملة من مبدئها إىل منتهاها، وهو متاما كما لو ان واحدا قال ركبت الطائرة إىل فهذا يعين أن املتحدث يريد القول بأنه إستخدام الطائرة يف . القاهرة .رحلته إىل القاهرة

Page 31: الإنسان بين الجبر والتفويض

.فهذا يعين جمرد الركوب وهي قد تكون ال زالت على االرض حينما قال هذه العبارة) ركبت يف الطائرة املتوجهة إىل القاهرة(ولكنه لو قال العبد املأيت علما(وهذا يعين أن د قام خبرق السفينة يف حال تواجدهم على ظهرها وليس بعد ان وصلوا إىل اجلهة املقصودة وهذا مؤكد إلستخدامه ق)

أخرقـتـها لتـغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا(التعبري فاألهل هم ليسوا بالضرورة املــالك وإمنا هذا املصطلح يشمل من هم على ظهرها يف ح) ال انشاء هذا فاألهل هم املتآهلني مع السفينة والسفينة مأهولة أو آهلة oم وهكذا. احلديث .

.والواضح من القصة أن الرجل حاول تذكري موسى بالشرط املتفق عليه ومل يقبل بتوضيح األمرفانطل(بعدها ترافقا لفرتة يف مسرية تبدو خالية من األحدث إىل أن إلتقيا الغالم قا حىت إذا لقيا غالما فـقتـله قال أقـتـلت نـفسا زكية بغري نـفس لقد جئت

شيئا نكرا والرتكيب يشري إىل ا ما سارا لفرتة وصادفتهما احداث بسيطة خمتلفة بينها حدث التقيا فيه بغالم ويبدو ان هناك ما حدث )) 18الكهف74( .بصورة طبيعية) الرجل املأيت علما(ما وبني الغالم فجاءت عملية قتل الغالم من قبل بينه

وهنا أصبح اإلعتداء أكثر وضوحا بنظر موسى فقد رأى بأم عينيه بأن الرجل قد أزهق نفسا زكية دون مسوغ معقول فتساءل بإعتبار أنه يرى يف ذلك .. العبد املأيت علما(يضا مل يوضح وهنا أ.. جرمية مكتملة األركان العلة يف تصرفه وإمنا قام بالتذكري بالشرط السابق املتفق عليه) .

العبد املأيت علما(بعدها حصلت حادثة القرية اليت إستطعما أهلها ومل يضيفومها مث قيام ببناء جدار كان على وشك السقوط والتهاوي وهنا دفعت الغريزة ) وح مبا كان يدور يف خلده فقط فلفت اىل أنه كان ممكنا هلم أن يتقاضوا أجرا عن تلك العملية سيما وأن هؤالء الناس كانوا يف العموم خبالء ومل موسى للب

.يكرمومها كضيوف وعابري سبيلالعبد املأيت علما(هنا أصبح يف حل من اإلتفاق بإعتبار أن موسى خالفه ثالث مرات) العبد املأيت ( واشرتط يف املرة ما قبل األخرية على نفسه بأن يكون

.يف حل من اإلتفاق إذا ما خالفه موسى للمرة الثالثة) علماالعبد املأيت علما(عليه بدأ يوضح ملوسى ما خفي عليه بعد أن أفضت إعرتاضات موسى إىل أن ينفسخ العقد املربم بينهما تلقائيا)

. :الفهم السائد ملعاين اآليات

السفينة فكانت لمساكني يـعملون يف البحر فأردت أن أعيبـها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا) - واألمر واحلكمة يف األمر واضحة كما يبدو ) .ة هؤالء املساكني من أن يصادرها ملك ذا سطوة كان حيكم آنذاكفهو oذه اإلعابة متكن من إنقاذ سفين

وأما اجلدار فكان لغالمني يتيمني يف المدينة وكان حتته كنـز هلما وكان أبومها صاحلا فأراد ربك أن يـبـلغا أشدمها ويستخرجا) - كنـزمها رمحة من ربك ولو ) أن هذي القضية فيها تفاصيل كثرية وتثري عددا كبريا من األسئلة إال أننا وكما وعدنا سنركز حديثنا على قضية الغالم، إذ ميكن القبول بأن قضية اجلدار

مفهومة نوعا ما حيث أن هللا الرمحن أراد برمحته تعاىل أن يدخر ولن نناقش ماهية الكنز . هذا الكنز للغالمني اليتيمني حىت يبلغا أشدمها ويستخرجا كنزمهاجدارا يريد أن يـنـقض(أو موضوع إرادة اجلدار يف قوله تعاىل وهو ما خيالف فهمنا عن اجلمادات وإنعدام اإلرادة لديها، ما يستدعي إعادة النظر يف )

.مفهوم اإلرادة كله :قضية قتل الغالم: وضوع البحثموأما الغالم فكان أبـواه مؤمنـني فخشينا أن يـرهقهما طغيانا وكفرا - فأردنا أن يـبدهلما ربـهما خيـرا منه زكاة وأقـرب رمحا ) 18الكهف80( .(18الكهف81(

: النصملخص ما ورد يفلقيا غالما(بطل القصة غالم - والغالم على ما يبدو هو الصيب ما بني السادسة والسادسة عشرة مثال فهو بعد سن الطفولة مضافا إليها جزء من سن )

.املراهقةفكان أبـواه مؤمنـني(كان أبوا الغالم مؤمنني - . احلياةويبدو أ ما كانا وقتها على قيد) فخشينا( ولكنه كان يتحدث بلسان جمموعة وليس بلسانه الشخصي -) العبد املأيت علما(كانت هناك خشية لدى - متعلقة باملستقبل، ومل يكن -)

.لديه خوففخشينا أن(أن مبعث اخلشية متعلق بالوالدين - يـرهقهما ). موضوع اخلشية أن يرهق الغ - الم أبويه أن يـرهقهما طغيانا وكفرا( ). العبد املأيت علما(أن - نفذ قرارا مساويا إختذته جمموعة ) فأردنا( خيـرا منه زكاة وأقـرب رمحا(بتوجيهات إهلية ربانية بقتل الغالم إلبدال األبوين ) ).

:فهم املفسرين للنص

Page 32: الإنسان بين الجبر والتفويض

إستعراض مقتبسات من النماذج األقدم واألكثر شهرة يف فهم قضية الغالم املشار إليها يف سورة الكهف للتعرف على الطريقة اليت فهم oا سنحاول هذا النص وكيف حاولوا حل العقد املستعصية فيه، ملفتني إىل أننا وكما ألزمنا أنفسنا يف- باألحرى عينة منهم -املفسرون األكارم بداية البحث سنركز

.على قضية الغالم فقط وهللا املوفق : للهجرة538تفسري الكشاف للزخمشري املتوىف سنة : اوال

:أهم ما أورده الزخمشري هو التايلفـقتـله - ، وهي »زكية«و » زاكية«: وقرىء. ... أضجعه مث ذحبه بالسكني: ضرب برأسه احلائط، وعن سعيد بن جبري: وقيل. كان قتله فتل عنقه: قيل:

بغري نـفس{الطاهرة من الذنوب، إما أل ا ظاهرة عنده ألنه مل يرها قد أذنبت، وإما أل ا صغرية مل تبلغ احلنث وعن . يعين مل تقتل نفسا فيقتص منها} إن علمت من حال : عن قتل الولدان؟ فكتب إليهكيف جاز قتله، وقد  ى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم : أن جندة احلروري كتب إليه: ابن عباس

...الولدان ما علمه عامل موسى فلك أن تقتلفخشينا أن يـرهقهما طغيـنا وكفرا} - فخفنا أن يغشى الوالدين املؤمنني طغيانا عليهما، وكفرا لنعمتهما بعقوقه وسوء صنيعه، ويلحق oما شرا وبالء، أو }

.أو يعديهما بدائه ويضلهما بضالله فريتدا بسببه ويطغيا ويكفرا بعد اإلميان.ا ما طغيانه وكفره، فيجتمع يف بيت واحد مؤمنان وطاغ كافريقرن بإمي ... .وأمره إياه بقتله كاخرتامه ملفسدة عرفها يف حياته. وإمنا خشي اخلضر منه ذلك؛ ألن هللا تعاىل أعلمه حباله وأطلعه على سر أمره -وروي أنه ولدت هلما جارية نزوجها نيب، فولدت نبيا هدى هللا على يديه أمة من األمم - أبدهلما ابنا مؤمنا مثلهما: وقيل. وقيل ولدت سبعني نبيا. .

دة يف النص وترك االمر مفتوحا إنتهى املقتبس من تفسري الزخمشري، وال خيفى على القارئ الكرمي أن الزخمشري حتاشى اخلوض يف املسائل املعقدة املوجو .على كل اإلحتماالت

. للهجرة606تفسري مفاتيح الغيب ، التفسري الكبري للرازي املتوىف سنة : ثانيا :أهم النقاط اليت أوردها الرازي يف تفسريه لآليات موضوع البحث هي التالية

رأى الشيخ خري من مشهد الغالم جعل الشيخ نقيضا للغالم وذلك يدل على أن الغالم إعلم أن لفظ الغالم قد يتناول الشاب البالغ بدليل أنه يقال -هو الشاب وأصله من االغتالم وهو شدة الشبق وذلك إمنا يكون يف الشباب، وأما تناول هذا اللفظ للصيب الصغري فظاهر، وليس يف القرآن كيف لقياه

نفردا؟ وهل كان مسلما أو كان كافرا؟ وهل كان منعزال؟ وهل كان بالغا أو كان صغريا؟ وكان اسم هل كان يلعب مع مجع من الغلمان الصبيان أو كان م بغري نـفس{: الغالم بالصغري أليق وإن احتمل الكبري إال أن قوله أليق بالبالغ منه بالصيب ألن الصيب ال يقتل وإن قتل، وأيضا فهل قتله بأن حز رأسه أو }

أقـتـلت نـفسا زكية {: ب رأسه باجلدار أو بطريق آخر فليس يف لفظ القرآن ما يدل على شيء من هذه األقسام فعند هذا قال موسى عليه السالمبأن ضر بغري نـفس لقد جئت شيئا نكرا ....:وفيه مباحث}

م استبعد أن يقتل النفس إال ألجل القصاص بالنفس وليس األمر كذلك ألنه قد حيل دمه ظاهر اآلية يدل على أن موسى عليه السال: البحث الثاين - .بسبب من األسباب، وجوابه أن السبب األقوى هو ذلك

ان ميكن النكر أعظم من اإلمر يف القبح، وهذا إشارة إىل أن قتل الغالم أقبح من خرق السفينة ألن ذلك ما كان اتالفا للنفس ألنه ك: البحث الثالث -ألن خرق السفينة يؤدي إىل إتالف نفوس كثرية : قال. اإلمر أعظم: ومنهم من قال.. أن ال حيصل الغرق، أما ههنا حصل اإلتالف قطعا فكان أنكر

...وهذ القتل ليس إال إتالف شخص واحد وأيضا اإلمر هو الداهية العظيمة: رتكة يف شيء واحد وهو أن أحكام األنبياء صلوات هللا عليهم مبنية على الظواهر كما قال عليه السالماعلم أن هذه املسائل الثالثة مش: املسألة األوىل -وهذا العامل ما كانت أحكامه مبنية على ظواهر األمور بل كانت مبنية على األسباب احلقيقية الواقعة يف نفس " حنن حنكم بالظاهر وهللا يتوىل السرائر "

..األمرفكذلك ألن بقاء ذلك الغالم حيا كان مفسدة للوالدين يف دينهم ويف دنياهم، ولعله علم بالوحي أن املضار الناشئة من قتل ذلك : لة الثانيةوأما املسأ -

...الغالم أقل من املضار الناشئة بسبب حصول تلك املفاسد لألبوين، فهلذا السبب أقدم على قتلهوأما ٱلغلـم فكان أبـواه مؤمنـني { : قد أجاب العامل عنها بقولهوهي قتل الغالم ف: املسألة الثانية .. - إن ذلك الغالم كان بالغا وكان يقطع الطريق : قيل}

ببا ويقدم على األفعال املنكرة، وكان أبواه حيتاجان إىل دفع شر الناس عنه والتعصب له وتكذيب من يرميه بشيء من املنكرات وكان يصري ذلك سإنه كان صبيا إال أن هللا تعاىل علم منه أنه لو صار بالغا حلصلت منه هذه املفاسد، وقوله: ورمبا أدى ذلك الفسق إىل الكفر، وقيل. لوقوعهما يف الفسق :

فخشينا أن يـرهقهما طغيـنا وكفرا { { : قتل من غلب على ظنه تولد مثل هذا الفساد منه، وقولهاخلشية مبعىن اخلوف وغلبة الظن وهللا تعاىل قد أباح له} أن يـرهقهما طغيـنا وال تـرهقىن من أمرى عسرا: أن يكون املراد أن ذلك الغالم حيمل أبويه على الطغيان والكفر كقوله: األول: فيه قوالن} : الكهف. (

Page 33: الإنسان بين الجبر والتفويض

. أبويه ألجل حب ذلك الولد حيتاجان إىل الذب عنه، ورمبا احتاجا إىل موافقته يف تلك األفعال املنكرةأي ال حتملين على عسر وضيق وذلك ألن) 73إذا تأكد : هل جيوز اإلقدام على قتل اإلنسان ملثل هذا الظن؟ قلنا: أن يكون املعىن أن ذلك الولد كان يعاشرمها معاشرة الطغاة الكفار، فإن قيل: والثاين

فأردنا أن يـبدهلما ربـهما خريا منه زكـوة { : جاز مث قال تعاىلذلك الظن بوحي هللا أي أردنا أن يرزقهما هللا تعاىل ولدا خريا من هذا الغالم زكاة أي دينا } أقـتـلت نـفسا زكية بغ: إن ذكره الزكاة ههنا على مقابلة قول موسى عليه السالم: وصالحا، وقيل ري نـفس أردنا أن يرزق هللا : فقال العامل). 74:الكهف. (

هذين األبوين خريا بدال عن ابنهما هذا ولدا يكون خريا منه كما ذكرته من الزكاة، ويكون املراد من الزكاة الطهارة فكأن موسى عليه السالم قال أقتلت : إن تلك النفس وإن كانت زاكية طاهرة يف احلال إال أنه تعاىل : اهرة من املعاصي فقال العاملنفسا طاهرة أل ا ما وصلت إىل حد البلوغ فكانت زاكية ط

علم منها أ ا إذا بلغت أقدمت على الطغيان والكفر فأردنا أن جيعل هلما ولدا أعظم زكاة وطهارة منه وهو الذي يعلم هللا منه أنه عند البلوغ ال يقدم على ... املراد من صفة نفسه بكو ا زاكية أنه مل يظهر عليه ما يوجب قتله: قال إن ذلك الغالم كان بالغا قالشيء من هذه احملظورات ومن

إنتهى املقتبس من تفسري الرازي، وما أورده الرازي يكاد يكون أهم ما ورد يف كتب التفسري إال أنه مل يتم اإلهتمام به مبا يكفي حلل املشاكل املرتتبة على وإبراز قدرة املعاين اليت اوردها الرازي يف حل تلك اإلشكاالت من جهة وجعل املعىن العام املستخرج من اآليات يتناسب مع ثوابت القرآن الكرمي النص

.كما سيتضح معنا الحقا : هجرية1401تفسري امليزان يف تفسري القرآن للطبطبائي املتوىف سنة : ثالثا

:ائي يف تفسريه لآليات موضوع البحث هي التاليةأهم النقاط اليت أوردها الطباطبالرهق الغثيان بالقهر واإلرهاق التكليف، واملعىن ال تؤاخذين بنسياين الوعد وغفليت } قال ال تؤاخذين مبا نسيت وال ترهقين من أمري عسرا{: قوله تعاىل -

..عنه وال تكلفين عسرا من أمري، . واالستفهام لإلنكار، والقائل موسى} غالما{: ة الطاهرة، واملراد طهار­ا من الذنوب لعدم البلوغ كما يشعر به قولهالزكي} أقتلت نفسا زكية{: وقوله -

أي بغري قتل منها لنفس قتال جموزا لقتلها قصاصا وقودا فإن غري البالغ ال يتحقق منه القتل املوجب للقصاص، ورمبا استفيد من قوله} بغري نفس{: وقوله :أنه كان شابا بالغا، وال داللة يف إطالق الغالم عليه على عدم بلوغه ألن الغالم يطلق على البالغ وغريه فاملعىن أقتلت بغري قصاص نفسا } بغري نفس{

...بريئة من الذنوب املستوجبة للقتل؟ إذ مل يظهر هلما من الغالم شيء يستوجبهنني فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفراوأما الغالم فكان أبواه مؤم{: قوله تعاىل - أن } وما فعلته عن أمري{: األظهر من سياق اآلية وما سيأيت من قوله}

وال خيشون أحدا إال : يكون املراد باخلشية التحذر عن رأفة ورمحة جمازا ال معناه احلقيقي الذي هو التأثر القليب اخلاص املنفى عنه تعاىل وعن أنبيائه كما قالأن يرهقهما طغيانا وكفرا{: وأن يكون املراد بقوله) 39: األحزاب. (هللا أن يغشيهما ذلك أي حيمل والديه على الطغيان والكفر باإلغواء والتأثري الروحي }

طغيانا وكفرا{ال ختلو من تأييد لكون } وأقرب رمحا{: ملكان حبهما الشديد له لكن قوله يف اآلية التالية رهاق أي وصفني للغالم دون متيزين عن اإل} .أبويه

فانطلقا فلقيا غالما فقتله العامل فلم ميلك موسى نفسه دون أن تغري وأنكر عليه ذلك قائال: ... حبث تارخيي يف فصلني - أقتلت نفسا زكية بغري نفس؟ : لقد جئت شيئا نكرا ش ألرهقهما بكفره وطغيانه فشملتهما الرمحة اإلهلية فأمرين أن أقتله وأما الغالم فكان كافرا وكان أبواه مؤمنني، ولو أنه عا. ...

ليبدهلما ولدا خريا منه زكاة وأقرب رمحا فقتلته ... إنتهى املقتبس من تفسري الطباطبائي، وواضح أن ما اورده معتمد على أسالفه من املفسرين إال أنه فهم ما خطه سابقوه بطريقة خمتلفة كما سنوضح يف

:أدناهإن ذلك الغالم كان (وكذا العبارة التالية ) ألن بقاء ذلك الغالم حيا كان مفسدة للوالدين يف دينهم ويف دنياهم،(الحظنا يف تفسري الرازي املقولة التالية

له وتكذيب من يرميه بشيء من املنكرات وكان بالغا وكان يقطع الطريق ويقدم على األفعال املنكرة، وكان أبواه حيتاجان إىل دفع شر الناس عنه والتعصب .(ورمبا أدى ذلك الفسق إىل الكفر،. يصري ذلك سببا لوقوعهما يف الفسق

واملتأمل يف العبارتني جيد إ ما تتحدثان عن أثر وجود الغالم يف حياة والديه عليهما، مبعىن أن جمرد وجوده كصيب ميتلك نشاط أكثر من الالزم او أنه ك ان وهذا مبجمله ليس له أية عالقة مبستقبل الغالم وإحتمال أن يصبح كافرا .. مشاغبا مبا يكفي للوقوع يف مشاكل عديدة مع اجلريان واألتراب وما إىل ذلك

أو طاغية كما يف اإلحتمال اآلخر الذي أورده نفس الرازي وآخرين من املفسرين وهو املعرب عنه بالعبارة التالية ون املعىن أن ذلك الولد كان يعاشرمها أن يك( .فالفرق بني العبارتني شاسع وواسع) معاشرة الطغاة الكفار،

أن يغشيهما ذلك أي حيمل والديه (بعد ذلك بعدة قرون اورد الطباطبائي عبارات قريبة من هذه العبارة ولكنه عرضها بطريقة توحي بإختالف املعىن فقال وأما الغالم فكان (وقال أيضا يف البحث التارخيي الذي يعرب فيه عن فهمه للقصة ) غواء والتأثري الروحي ملكان حبهما الشديد لهعلى الطغيان والكفر باإل

Page 34: الإنسان بين الجبر والتفويض

يف فربط قضية اإلرهاق بكون الولد بذاته كافرا وطاغيا وهو ترجيح لإلحتمال الثاين ) كافرا وكان أبواه مؤمنني، ولو أنه عاش ألرهقهما بكفره وطغيانهتسلسل اإلحتماالت اليت اوردها الرازي، دون أن يعر اإلحتمال األول اي إهتمام رغم أنه إحتمال هام للغاية من الناحية املنهجية والعلمية كونه ال يؤدي

.إىل وقوع تناقض يف فهم اآليات مع الثوابت القرآنية العامة :دراسة النص بآليات املنهج اللفظي الرتتيلي

شك أن العبارة التالية ال وأما الغالم فكان أبـواه مؤمنـني فخشينا أن يـرهقهما طغيانا وكفرا( هي األهم وهي الفيصل يف حتديد اإلجتاه الذي ينبغي بنا السري ) .فيه من أجل الوصول إىل فهم أفضل للنص

:بارات اليت يتضمنها النص واليت ستساعدنا لتكوين فهم أفضل هي التاليةأهم األلفاظ والرتاكيب أو العوأما الغالم: الرتكيب - فكان أبـواه مؤمنـني: العبارة - . فخشينا - . أن يـرهقهما: العبارة - . طغيانا وكفرا: العبارة - .

: ما يتيحه املنهج اللفظي الرتتيلي لفهم معطيات هذه الرتاكيب والعبارات وكما يليوسوف حناول فيما يلي اإلفادة من كلوأما الغالم :

هذا الرتكيب يشري إىل أن أبوي الغالم كانا على قيد احلياة حال وقوع القضية برمتها وذلك بناءا على ما ورد من تعبري خيص قضية اجلدار الذي يريد ان وأما اجلدار فكان لغالمني يتيمني( تلك احلالة يقول ينقض فالنص يف غالمني(فأردف كلمة ) يتيمني(بكلمة ) للتأكيد على عدم وجود الوالدين أو على )

الغالم(بينما األمر اقتصر على كلمة .. األقل األب يف حيا­ما حال وقوع عملية اعادة بناء اجلدار قضية قتل الغالم ما يؤكد أن والديه كانا على قيد يف ) .احلياة

فكان أبـواه مؤمنـني فخشينا(وميكن التأكد من صحة هذا اإلستنتاج إذا تاملنا قليال يف العبارة اليت تربط بني بني قرار قتل الغالم وبني اخلشية اليت تعرب عن ) فري املستقبل القريب ولكن دون ان يكون له وجود حقيقي عيين يف احلال وبني كون األبوان مؤمنني ما يشري إىل مقدمات تشري إىل إحتمال حدوق أمر

.وهللا أعلم. التالزم واملعاصرةفكان أبـواه مؤمنـني :

فكون األبوين مؤمنني يعين أن النص يريد أن يؤكد للمتلقي بأن كل ما سيحدث هو إكراما لألب وين وتقديرا لكو ما مؤمنني وأن القضية غري متعلقة .بالغالم

دعنا اآلن ال خنوض يف معىن اإلميان فهذا مما نود أن نفرد له حبثا مستقال يف املستقبل إن شاء هللا، ولكن اإلشارة إىل إميان األبوين له أمهية مركزية هنا :لألسباب التالية

العبد املأيت علما(م إن كو ما مؤمنني وقيا - بعملية القتل من أجلهما تعين أنه كان يهدف إىل احلفاظ على إميا ما أو على األقل إزالة ما ميكن أن يعكر ) إستقرار ذلك اإلميان يف نفسيهما، وهذا إذا كان أمرا مبنيا على أوامر إهلية كما يوحي بذلك التعبري وما فـعلته عن أمري( فال بد أن يكون سنة كونية) !

فهل األمر كذلك؟ وهل أن كل غالم مقتول يشري قتله إىل أن السماء تدخلت من أجل األبوين؟ أم أن القضية اليت حصلت مع موسى و العبد املأيت ( هي قضية إستثنائية؟) علما

.السماء لوالدي هذا الغالم بالذات؟ وما سبب تلك احملاباة؟وإذا كانت إستثنائية فهل يعين هذا أن هناك حماباة من قبل العبد املأيت علما(إن كون الوالدين مؤمنني وتأكيد - أن هناك خشية على إميا ما يعين أن لذلك اإلميان قيمة وهذا ميكننا أن نرتب عليه أن السماء تتابع )

لعوارض اجلانبية اليت ميكن ان تلحق باألبناء أو األوالد ما دام األمر يساهم يف ترسيخ ذلك اإلميان يف الوالدين وتسعى إىل ترسيخ إميا ما غري مكرتثة لوكيف سيساهم موت الغالم قتال يف ترسيخ إميان األبوين برoما؟ يبدو أن احلاجة ملحة لفهم ) اإلميان با�(نفوس الوالدين، فهل اإلميان املشار إليه هنا هو

.يقة خمتلفة تتناسب وثوابت القرآن الكرمياإلميان بطرطيب إذا سلمنا بأن األمر مرتبط أساسا باألبوين وبإميا ما فلماذا كان هناك ترتيب لتعويض األبوين - فأردنا أن يـبدهلما ربـهما خيـرا منه زكاة وأقـرب (

رمحا وليس -د فقد الغالم؟ وكيف تتم هذه التزكية وما هو الربط بني فقد الغالم وبني أن ينال األبوين ما هو أقرب منه رمحا فما ربط الزكاة أو التزكية بع) .؟ يبدو ان األمر أكثر تعقيدا وتشابكا مما إعتقده املفسرون الكرام رمحة هللا عليهم أمجعني-رمحا

Page 35: الإنسان بين الجبر والتفويض

هل ان النص يريد أن يقول بأن حركة السماء م - ن أجل دعم وترسيخ إميان األبوين هو تشجيع على اإلميان با� تعاىل؟ وملاذا ال يكون هذا سنة كونية عاملة يف الناس أمجعني؟ وكيف سيفهم الناس الفرق بني احلادثة الطبيعية اليت يفقدون فيها إبنا وبني ما هو مقصود لتعزيز اميا م؟ أم أن اإلميان ليس إميانا

.هذا ما سيتبني معنا كلما مشينا مع مفردات النص ومكوناتهبا� تعاىل؟ .أكتفي oذا القدر يف هذا القسم من البحث على أن نتابع البقية يف األقسام الالحقة إن شاء هللا

.يف القسم الالحق سنتحدث قليال عن اإلميان مث خنتم مبحاولة طرح السيناريو االنسب لفهم هذا النص وهللا املستعان .حنتاجها لفهم أفضل وأسهل لآليات نكاد نالمس املوضع احلساس من اآليات موضع البحث، بعد أن دفعنا بإجتاه وضع بعض األسس اليت

وعمره املفرتض وإستبيان هل هو مكلف أم ال؟ ومناقشة فكرة إمكانية معاقبة من مل) الغالم(يف هذه احللقة وما يليها من حلقات سنحاول فهم معىن .يرتكب جرما بعد والتحقق ممن له صالحية القيام بذلك

طغيانا (بشكل تفصيلي، وبعد ذلك حناول فهم معىن املصدرين يف موضع احلال ) الرهق(مث فهم ) اخلوف(وفرقها عن ) اخلشية(مث حناول التعرف على معىن فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا(مث فهم الرتكيب ) وكفرا وسوف منضي مع كل ذلك ما . ة حتديد من يقوم بعملية الرهق وكيف يقع الرهقبعد حماول)

.وسعتنا احللقة الواحدة وإال فوضنا األمر إىل ما بعدها من حلقات حىت ننتهي وهللا املستعان الغالم: أوال

غلم(املعىن التوقيفي للجذر ): غلم أمر متحرك بني الطرواة والسكون الكامن يف ال: غني والنمو والتطور واإلضطراب واإلستقالل والقدرة على التوليد وإعادة الرتتيب واحملو والربط يف الالم،

.والطراوة واحلرارة واإلجنماع يف امليموبذا يكون الغالم هو :

.ب واهليجان والتعلموهي فرتة تتميز بالصعود واهلبوط واإلضطرا. الوليد الذكر، من ساعة والدته حىت بلوغه أعتاب الشبابوالغلمة .نوع من الرتافة والطراوة واللني واإلضطراب واهليجان الذي ينفع يف وصف الصيب والفتاة معا:

واملفسرون قالوا بأن الغالم هو من نـبت شاربه: أي) طار الشارب( وأظن أن يف ذلك جمافاة ملا يعكسه اإلستخدام القرآين كما سن. .رىفهل جيد القارئ الكرمي أن اإلستخدامات التالية ميكن أن تشري إىل الشاب الذي نبت شاربه؟ وهل يعقل أن يتكلم كل من زكريا ومرمي وإبراهيم عن املولود

املوعود من قبل املالئكة، واصفني إياه يف مرحلة حمددة من عمره يف حني أنه مل يولد بعد؟ يبدو يف ذلك نوع :تأملوا معي يف اآليات أدناه. من التعسفقال رب أىن يكون يل غالم وقد بـلغين الكبـر وامرأيت عاقر قال كذلك اÂ يـفعل ما يشاء • .(3آل عمران40(قالوا ال تـوجل إنا نـبشرك بغالم عليم • .(15راحلج53(Åيا زكريا إنا نـبشرك بغالم امسه حيىي مل جنعل له من قـبل مسيا • . (19مرمي7(Åقال رب أىن يكون يل غالم وكانت امرأيت عاقرا وقد بـلغت من الكرب عتيا • . (19مرمي8(قال إمن • Åا أنا رسول ربك ألهب لك غالما زكيا .(19مرمي19(Åقالت أىن يكون يل غالم ومل ميسسين بشر ومل أك بغيا • .(19مرمي20(فـبشرناه بغالم حليم • .(37الصافات101(فأوجس منـهم خيفة قالوا ال • ختف وبشروه بغالم عليم .(51الذاريات28(

أشرنا إىل أن الغالم تطلق على الوليد الذكر من والدته إىل ما قبل بلوغه احللم، مبعىن أننا نشري إليه وهو يف املرحلة اليت ال يزال فيها ترفا غضا ونشطا ( حركا جديد بل ينطبق عليه حىت إن كان متخيال من قبل والديه قبل أن يولد، ألن الغالم او الوليد املرتقب يف الغالب وهذا طبعا ينطبق عليه وهو وليد )

.وهللا أعلم. تأيت صورته بصور األطفال الصغار الذين خيرجون ويلعبون برفقه والديهم او يف حياضهمالغلمة(وعلى هذا االساس يتضح أكثر معىن إذ أنين أعتقد بأن هذا ناجم عن اإلثارة النامجة عن الطراوة واحلسن ) الشهوة والشبق( أ ا اليت يشريون إىل)

.املوجود يف املرأة أو نتيجة هياج شهو­ا هي أو يف نشاطها وإقباهلا على احلياة وحىت شقاو­ا ورغبتها يف كل شيئه طراوة وحركية الغالم وهللا اعلمأن فالن في): يف فالن غلمة(فيكون معىن القول بأن .

ولذلك أعتقد أيضا بأن الراغب األصفهاين حتاشى إيراد اآليات أعاله عند تفسريه ملعىن اجلذر غلم( . وذلك لتحاشي إثارة هذا التساؤل يف أذهان القراء) وكما سنالحظ من خالل إستعراض ما أورده يف معرض توضيحه ملعىن الغلمة .

:عىن املعجميامل

Page 36: الإنسان بين الجبر والتفويض

:يف معجم مقاييس اللغة ما يلي) هجرية395املتوىف سنة (يقول ابن فارس الغني والالم وامليم أصل صحيح يدل على حداثة وهيج شهوة من ذلك الغالم، هو الطار الشارب . (انتهى املقتبس. (

تبس هو بالضبط املعىن الذي أوصلنا اليه الرتكيم من معاين األصوات واحلروف، ولكن من غري وال خيفى على القارئ الكرمي بأن القسم األول من املق ؟)طار الشارب(وبني كون أن من يطلق عليه لفظ الغالم هو ) احلداثة وهيج الشهوة(الواضح ما هي العالقة بني

الغالم املقتول يف القصة هو غالم مكلف ويستحق القتل على جرمية يفرتض كان يفكر يف اآليات من سورة الكهف ويريد إثبات أن) إبن فارس(يبدو أن .أن يقوم oا الحقا

غلم(فقد حتاشى عند توضيحه للجذر ) هجرية502املتوىف سنة (أما الراغب األصفهاين :اخلوض كثريا يف التفاصيل فقال ما يلي بالنص) وأما الغالم {، ]40/آل عمران[} أىن يكون يل غالم{: قال تعاىل. غالم لني الغلومة والغلومية: يقال: بالشار) طلع ونبت: طر الشارب(الغالم الطار

: ، واجلمع]19/يوسف[} هذا غالم{: ، وقال يف قصة يوسف]19/ يوسف[} وأما اجلدار فكان لغالمني{: ، وقال]80/الكهف[} فكان أبواه مؤمنني الغلومة، وملا كان من بلغ هذا احلد كثريا ما يغلب عليه الشبق قيلإذ بلغ حد: غلمة وغلمان، واغتلم الغالم للشبق: إنتهى ما . (غلمة، واغتلم الفحل:

.(أورده الراغب بني -منيا ولو ض-فقد مجع كل ما وقعت عليه يده من معاين ودون أن يغفل التأكيد على ما مت االتفاق عليه ) هجرية711املتوىف سنة (أما ابن منظور

:فقال يف موسوعته ما يلي.أقرب إىل التكليف منه إىل عدم التكليف تشري إىل االنسان يف املرحلة اليت يكون فيها) الغالم(أرباب املعاجم من أن الغلمة، بالضم شهوة الضراب: غلم الرجل وغريه، بالكسر، يـغلم غلما واغتـلم اغتالما إذا ها.

إذا غلب شهوة، وكذلك اجلارية: ج، ويف احملكم ويف . ... خيـر النساء الغلمة على زوجها؛ الغلمة: احلديث االغتالم أن يتجاوز اإلنسان حد ما : وقال الكسائي. ... هيجان شهوة النكاح من املرأة والرجل وغريمها:

إذا اغتـلمت عليكم هذه األشربة فاكسروها باملاء: ومنه قول عمر، رضي هللا عنه. .. أمر به من اخلري واملباح، أي الذين جاوزوا احلد : قال أبو العباس. يقول إذا جاوزت حدها الذي ال يسكر إىل حدها الذي يسكر، الغلم احملبوسون، قال: ابن األعرايب... ويقال فالن غالم الناس وإن كان كهال، كقولك :

ن فىت العسكر وإن كان شيخا؛ فال الغالم الطار الشارب، وقيل: ابن سيده.. والغيـلم...هو من حني يولد إىل أن يشيب، : املرأة احلسناء، وقيل: الغيـلم : اجلارية املغتلمة؛

الغيلم والغيـلمي الشاب العظيم املفرق الكثري الشعر: الليث... والغيـلم ... . السلحفاة، وقيل: ذكرها: والغيـلم أيضا. الضفدع: . والغيـلم منبع املاء يف البئر: والغيـلم. يشذب بالسيف أقرانه، كما فـرق اللمة الغيـلم: املدرى؛ قال: ...

:اخلالصةمما تقدم ميكن القول بأن امل عىن املقبول واملشرتك بني الطريقتني التوقيفية القصدية الصوتية من جهة والطريقة املعجمية العرفية من جهة ثانية هو أن الغلمة

وظفت وهو أنسب وأقرب اىل الفىت قبل املراهقة وقبل احللم وسن البلوغ، وهو ما تثبته اآليات القرآنية اليت. ترافة وطراوة وإضطراب وتفاوت: تشري اىلغلم(مشتقات اجلذر :كما سنرى يف أدناه)

نظرة يف اآليات القرآنية اليت بنيت على مشتقات غلم( ): .. سنحاول هنا التأمل يف نصني أحدمها إلستيضاح فكرة الغالم الذي كان زكريا ينتظره او الذي بشرت املالئكة به إبراهيم أو الذي محلت به مرمي العذراء

آخر نستوضح فيه مرحلة الغلومة اليت مت خالهلا التخلص من يوسف بالقائه يف غيابت اجلبونص . :النص األول

قال رب أىن يكون يل غالم وقد بـلغين الكبـر وامرأيت عاقر قال كذلك اÂ يـفعل ما يشاء • .(3آل عمران40(ف هنا بان زكريا إستغرب أن تتحفه السماء بوليد وهو يف سن متاخرة فاملعىن الذي يريد زكريا اإلشارة إليه والتساؤل عنه هو كيفية أن يتسىن له غري خا

تلقيح إمرأته لكي حتمل منه وقد بلغه الكرب؟ ناهيك عن إمكانية بقائه وهو يف هذه السن على قيد احلياة حلني رؤية ذلك الوليد يعيش وبنمو ليخرج من حضن أمه العبا يف مرحلة الغلومة اليت تستمر معه حىت يكون صبيا يافعا .

فإين ميكننا أن نستنتج أنه يتحدث عن ذلك الوليد املتوقع حىت يبلغ احللم أو النكاح أو الرشد حبيث يكون طار الشارب؟ ولو كان احملور يف احلديث هو واÂ جعل (كما يف آيات أخرى حتدثت عن اإلبن كمعني كما يف قوله تعاىل ) إبن(غالم وإمنا كان األقرب أن يقول عنه (يقل عنه عنه بعد التكليف مل

لكم من أنـفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنني وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبال باطل يـؤمنون وبنعمة اÂ هم يكفرون أو كما يف )) 16النحل72(واتـقوا الذي أمدكم مبا تـعلمون (قوله تعاىل أمدكم بأنـعام وبنني ) 26الشعراء132( وجنات وعيون ) 26الشعراء133( .؟))26الشعراء134(

يتساءل عن أصل القضية ومبدئها وهو أن يكون له وليد ذكر ميكنه على األقل ان يربيه اىل - هو املتبادر اىل ذهن أي متلقي يفهم العربية كما-زكريا احلد الذي تثبت املفاهيم والقيم يف نفسه وهو سن الصبا واحلال أنه رجل طاعن يف السن وإمرأته عاقر .

Page 37: الإنسان بين الجبر والتفويض

:النص الثاينوجاءت س • يارة فأرسلوا واردهم فأدىل دلوه قال يا بشرى هذا غالم وأسروه بضاعة واÂ عليم مبا يـعملون .(12يوسف19(

ال شك هنا لو أن الوارد الذي ورد البئر رأى شابا يافعا تعلق يف دلوه سيعترب نفسه منقذا لشاب سقط يف البئر وهو حياول الورود وسوف يرتكه حلاله ما يؤكد أن األمر مرتبط بفىت أو صيب عاجز عن الدفاع ! وملنطقته اليت هو منها ال أن يعتربه بضاعة ويفرح به فرحة من عثر على دراهم من ذهب أو فضة

لتوبيخ ويستسلم له متامامفكرا يف العواقب اليت قد جيرها عليه عناده او وأنه سيسكت حينما يعلو أمامه صوت الوارد بالصراخ أو با- رمبا -عن نفسه وإال فإن يوسف أثبت يف مقبل األيام بأنه شخص فاهم وحاذق وملــــاح فلم مل يدافع عن نفسه ويعرف بأصله وفصله؟. مقاومته أو مناقشة هذا الوارد

وقال الذي ( قاهلا العزيز حينما أتى بيوسف إىل إمرأته وهي الكلمات اليت ينقلها لنا النص القرآين التايل كذلك لو تذكرنا يف قصة يوسف الكلمات اليت اشتـراه من مصر المرأته أكرمي مثـواه عسى أن يـنـفعنا أو نـتخذه ولدا وكذلك مكنا ليوسف يف األرض ولنـعلمه من تأويل األحاديث واÂ غالب على أمره

ولكن أكثـر الناس ال يـعلمون اليت ) غالما(ومل يقل ) ولدا(نالحظ كيف إنه إعترب املرحلة الالحقة من حياة يوسف هي كونه سيصبح )) 12يوسف21( .شرتاه فالقصة أطلقت عليه تلك الصفةكانت صفته آنذاك أقصد حينما إ

ولو تذكرنا قصة يوسف برمتها سنجد أن األمر منسجم متاما مع فكرة كون هو صيب اقرب إىل الطفولة منه إىل البلوغ أو احللم او الرشد، فيعقوب ) الغالم(ا يافعا غري قادر على الدفاع عن نفسه أمام الضواري من الذئاب ال يزال فىت صغري- كما أكد يعقوب نفسه -كان خياف من إرساله مع إخوته ألنه

والسباع أو أنواع املفرتسات اليت كانت املنطقة تزخر oا، وأنه ال يتمكن حىت من املشاركة بالنشاطات اليت ميارسها الشبان البالغني الراشدين من أمثال قال إين لي(إخوته وهذا ما يصفه لنا النص التايل حزنين أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنـتم عنه غافلون حيتاج - كغالم -فهو )) 12يوسف13(

.إىل رعاية ومتابعة قد يعجز إخوته عن توفريها له برأي يعقوبويوسف على هذا ليس شابا طار الشارب كما حياول البعض أن يصور لنا ذل .(الغالم(ك من خالل توضيحه ملعىن

ويف تصوري فإن الشاب الطار الشارب آنذاك، ونتيجة طبيعة احلياة القاسية اليت كانوا يعيشو ا، يعترب رجال أو يف عداد الرجال ويبدأ مبمارسة مسؤولياته ورمبا بعض أخوة يوسف كانوا يف مثل هذه املرحلة . املعارك القبيلية والعائليةاملنزلية واملسامهة يف توفري املعاش مبختلف الصور، بل حىت املشاركة يف احلروب و

.وهللا أعلم. من العمر حينما طلبوا أن يرافقهم يوسف ليلعب ويرتع :الغالم الزكي

بعد أن توضح لنا معىن .(الزكي(قرآين ومنها الوصف بـ با�مل، دعنا عزيزي القارئ حناول فهم األوصاف األخرى اليت إستخدمها النص ال) الغالم(نفسا (بأنه ) الرجل املأيت علما(املقتول من قبل ) الغالم(يف احملاورة اليت جرت بني املالئكة ومرمي العذراء، كما وصف موسى ) الزكي(ورد وصف الغالم بـ

فانطلقا حىت إذا لقي(وهو ما ينقله لنا النص القرآين التايل ) زكية ا غالما فـقتـله قال أقـتـلت نـفسا زكية بغري نـفس لقد جئت شيئا نكرا ما )) 18الكهف74(بطريقة غري مباشرة، بإعتبار أنه وصف نفسه بالزكية ووالداه باملؤمنني) الزكي(ميكن إعتباره وصفا للغالم بـ . الذي قالت املالئكة ملرمي العذراء أن هللا تعاىل سيهبه هلا وبني هذا الغالم الذي وصفت ) الغالم الزكي(ناك فرقا جوهريا بني وهنا جتدر اإلشارة إىل ان ه

Åقال إمنا أنا رسول ربك ألهب لك غالما زكيا (نفسه بالزكية، فالوصف األول يف النص التايل لغالم كناتج من مرمي العذراء فهو هو وصف ل)) 19مرمي19(مل يكن مدنسا بعالقة مشبوهة أو سفاح فانطلقا حىت إذا لقيا غالما فـقتـله قال أقـتـلت نـفسا زكية بغري نـفس لقد ( بينما يف اآلية األخرى – ال مسح هللا -

جئت شيئا نكرا وصف للنفس اليت متثل الغالم وليس للغالم كناتج عن عملية زواج مسبق فنفسه ما تزال زكية باعتبار كو ا نفس وهي ))18الكهف74( .بذا­ا زكية

والفرتة العمرية اليت ينتمي إليها؟) الغالم(فما هو معىن هذا الوصف للغالم؟ وهل سيؤثر هذا يف تسليط املزيد من الضوء على معىن :كيز/ زكو/ زكا

زكو/ زكا(دعنا عزيزي القارئ حناول إستجالء األمر أكثر منطلقني من حكاية أهل الكهف لفهم معىن زكي/ :وذلك من خالل التأمل يف قوله تعاىل) وكذلك بـعثـناهم ليتساءلوا بـيـنـهم قال قائل منـهم كم لبثتم قالوا لبثـنا يـو) ما أو بـعض يـوم قالوا ربكم أعلم مبا لبثتم فابـعثوا أحدكم بورقكم هذه إىل المدينة

فـليـنظر أيـها أزكى طعاما فـليأتكم برزق منه وليتـلطف وال يشعرن بكم أحدا ((18الكهف19( .وحىت نفهم األمر دعنا حناول فهم العبارات واحدة بعد األخرى لتكوين صورة عامة عن املوقف

فابـعثوا أحدكم بورقكم هذه : الورق(أرى أن تعبري عن املسكوكات اليت كانت معهم، وهو تعبري شامل ألية مسكوكات جيري التعامل oا على أ ا نقد أو أمو) ال كالذهب والفضة

.والنحاس واحلديد

Page 38: الإنسان بين الجبر والتفويض

املتوىف سنة (أو الرازي ) هجرية538املتوىف سنة (مبعىن أنين أميل إىل توسيع املعىن يف مقابل التضييق الذي متسك به املفسرون، كما يف قول الزخمشري .فقيداه بالفضة.) الفضة، مضروبة كانت أو غري مضروبة: والورق): ( هجرية606

ورق(م اجلذر وإستخدا ورق(للتعبري عن النقد يف تساوق مع إستخدام كلمة ) أي -لألوراق املستخدمة يف الكتب والدفاتر مفهوم بإعتبار أن املعدن ) جيري حتويله إىل شرائح أشبه بالورق الذي يشرح من اجلريد أو اخلشب أو احلجر أو الربدي أو حىت اجللد، بعد تقطيعه-معدن مثال إىل قطع متساوية يف .وهللا أعلم. احلجم

أيـها أزكى طعاما : اىل أي املناطق يف املدينة هي أزكى طعاما، كما هو املشهور- يف رأيي -هذا التعبري ال يشري وإمنا يشري ! الورق( إىل أي -كما أظن- قادر على أن )

فيه ذهب وفضة وحناس أو فيه فضة وحناس وحديد كما إنه قد يكون عليه - القطع النقدية -الذي كان معهم ) رقالو(يشرتي طعاما أزكى، بإعتبار أن صورة امللك الذي عاش يف زما م، وهم شعروا اآلن بأن األمر قد يكون فيه خطورة إذا إستخدم بعض تلك الدراهم .وهكذا..

ف لذا فإن عليهم احلذر من أن يكون النقد الذي ميتلكونه قد فقد بعضا من قيمته أو أصبح ممنوعا من التداول لتبدل فهم أدركوا أ م أصبحوا يف زمان خمتل .إىل ما شاء هللا من السيناريوهات واإلحتماالت.. الوضع السياسي

نذاك، وإمكانية إستخدامها من عدمه، وأن ينظر من من تلك القطع فهم يطلبون من املبعوث أن ينظر يف قيمة العملة اليت ميلكو ا قياسا مبا هو متداول آ مناسبة للشراء وكافية ألن تاتيهم بطعام مناسب ينفعهم ويرم عظامهم بعد هذا اهلزال الذي أصاoم وما هي قيمة املواد - كقطعة نقد -النقدية ستكون

.وهللا أعلم. الغذائية اليت سيشرتو افـليأتكم ب رزق منه :

يشرتي منه ) أزكى الطعام املقدور عليه بواحدة من القطع النقدية او أكثر من العملة اليت معهم(الزاكي فبعد أن جيد ) الطعام(هذه العبارة تشري إىل ذلك .وهللا أعلم. مقدارا مناسبا ال يثري الريبة من حيث كثرته وال يبذر املال قبل أن يعرفوا ما سيحل oم

..دعونا حناول توضيح املوضوع أكثرحينما مت بعث الفتية من رقد­م الطويلة أحسوا باحلاجة اىل الطعام ملـــا رأوه من اهلزال الذي أصاoم وكيف استطالت حلاهم مثال طبعا موضوع الرقدة -

كما يشري إىل - ميكن رصف إحتماالت عديدة لتفسري املوضوع والغياب عن الواقع قضية أخرى حتتاج إىل دراسة كيفية حدوثها يف مناسبة أخرى، إذوحتسبـهم أيـقاظا وهم رقود ونـقلبـهم ذات اليمني وذات الشمال وكلبـهم باسط ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم لوليت منـ(ذلك النص التايل هم فرارا ولملئت منـهم رعبا .فأشكاهلم أصبحت خميفة)) 18الكهف18(

.عليه فقد حبثوا يف متاعهم واستخرجوا األموال اليت كانوا قد إدخروها سابقا لفرتة إنعزاهلم عن ا�تمعوملا كانوا قد أدركوا أ م غابوا عن الواقع سنني طويلة، شعروا بأ م أمام ت غري يف الزمان قد يلحقه تغيـر يف السياسة والنقد املسكوك، فأرسلوا أحدهم إىل

املدينة وطلبوا منه أن يتحقق أوال من قيمة املال الذي معهم لريى أي القطع النقدية اليت كانت حبوز­م مقبولة يف التداول العام وتكفي لشراء طعام جيد . على الطعام- أو ينفق جمموعة من القطع -ونافع وصحي هلم فينفق من تلك القطعة

وهللا اعلم. وفكروا بتنبيهه إىل أن يشرتي من الطعام أفضله وأزكاه باملقدار الذي يكفيهمفاألزكى هنا تعبري عن الطعام األفضل األنضج األصح األكثر فائدة واألكثر تعبريا عن مفهوم الطعام الذي ترجتى منه الفائدة للبدن ساطة الطعام فهو بب..

الذي ينطبق على مفهوم الطعام الذي يطعم وينفع، وينطبق على ما يرجتى منه من فائدة للبدن .وهكذا.. خلو الشيئ أو األمر من أية عوامل خترجه عن طبيعته األصلية الصاحلة املنسجمة مع سائر القوانني : عليه ميكن القول بان الزكاء هو تعبري ووصف يعين

.ية الطبيعيةاإلهلإىل ما شئت من األوصاف اليت تؤكد على عدم فساد الطعام أو عجزه عن حتقيق املطلوب منه .. فالطعام الزكي هو الطعام الصحي الناضج املفيد النافع

.أساسا ؟)الزكاة(كيف ينطبق هذا على مفهوم

على أساس ما قدمناه فإن معىن مال مزكى(املال الباقي عموما فنقول عنه بأنه ) تزكية(املقدار الذي يؤدي إىل : يالزكاة ه: يكون كما يلي) الزكاة( ، والذي )يصبح كذلك بعد إخراج ذلك املقدار املتعلق بالفقري واحملتاج والذي يؤدي بقاءه مع املال الشخصي إىل نوع من إخراج املال بأسره من كونه زاكيا صحيحا

.لة معابة وغري صحيحة وغري منسجمة مع القوانني االهلية الطبيعة العامةخاليا من اي عيب إىل حا :الغالم الزكي

Page 39: الإنسان بين الجبر والتفويض

:الذي تشري إليه اآليات التالية) الغالم الزكي(ولو بشكل جممل، دعنا عزيزي القارئ نتأمل اآلن يف معىن ) الزكاء(بعد أن أحطنا مبعىن واذكر يف الكتاب مرمي إذ انـ • Åتبذت من أهلها مكانا شرقيا Åفاختذت من دو م حجابا فأرسلنا إليـها روحنا فـتمثل هلا بشرا سويا ) 19مرمي16( Åقالت إين أعوذ بالرمحن منك إن كنت تقيا ) 19مرمي17( قال إمن) 19مرمي18( Åا أنا رسول ربك ألهب لك غالما زكيا قالت أىن يكون يل ) 19مرمي19(

Åغالم ومل ميسسين بشر ومل أك بغيا قال كذلك قال ربك هو علي هني ولنجعله آية للناس ورمحة ) 19مرمي20( Åمنا وكان أمرا مقضيا .(19مرمي21(يف النص أعاله حماورة بني امللك السماوي وبني مرمي العذراء حول قضية محلها بإبنها عيسى ومسألة طهارة ذلك الوليد وصحة احلمل - مفرد مالئكة -

وإنسجامه مع القوانني اإلهلية، والقدرة الالحقة ملرمي العذراء على مواجه .ة قومها بقوة وثبات يستندان إىل طهارة املنشأ وصحة احلملإذ أن من املتوقع بأن مرمي تتساءل عن كيفية حدوث احلمل وهي مل تقرتن بذكر من البشر عرب عملية زواج سابقة هلذا احلوار، أو الحقة له بإشار­ا إىل

عدم وجود نية مبيتة لديها يف اإلقدام على الزواج يف امل .!ستقبل املنظوربغيا(مبعىن أ ا مل تكن باغية أو طالبة للزواج أو راغبة فيه، عليه فإن أية حماولة لتقدمي طفل إىل الناس على أنه ) يعترب نوعا من اإلنتحار ) إبن ملرمي(

اإلجتماعي ألنه سوف يكون مقرتنا يف أذهان العامة بشبهة السفاح . العذراء تسأل عن كيفية حل هذه املعضلة والذي خطر يف باهلا آنذاك هو ليس مواصفات الطفل الذي سيولد ومىت سريشد ويطر شاربه وإمنا يف عليه فمرمي

أصل القضية املتعلقة به وهي حتمله يف حضنها أمام الناس، هي فكرت بعدم ا�ازفة بسمعتها وطهار­ا كإمرأة خملصة � تعاىل، فكرت بسمعتها املقرتنة جمرد كونه وليدا منسوبا إليها ألنه هبة من السماء) الغالم(بطهارة مولد الصيب الذي سيولد، وهي فهمت من لفظة كما أن الواضح أيضا هو أن امللك .

السماوي إمنا أرأد تأكيد مساوية احلمل وإستناده إىل أمور خارقة للعادة أمهها، كون الغالم الذي غالما زكيا( جيري احلديث عنه خايل من أية شبهة فساد ) يف تكونه أو يف طبيعته أو إمكانية وجود شبهة سفاح يف مولده ال خيتلف عن أي غالم يتكون بطريقة صحيحة وطبيعية) غالم زكي(فهو . .

قال ك(ويتضح هذا األمر أكثر عند مالحظة اآلية األخرية يف النص أعاله Åذلك قال ربك هو علي هني ولنجعله آية للناس ورمحة منا وكان أمرا مقضيا (فهذا الغالم الذي جيري احلديث عنه هو أمر رباين وهو آية ال بد أن تكون يف منتهى النظافة والطهر حىت تؤيت أكلها وتؤثر يف الناس .علموهللا أ.

إذن تشري إىل كل تلك األمور اليت جتعل منه طاهرا نظيفا خاليا من أية شبهات تفسد حقيقته وصورته أمام الناس ضمن األعراف اليت ) الزكي(فالغالم .كانت سائدة

تتلوث ومل خترج عن طبيعتها الصاحلة الصحيحة النفس اليت مل: اليت وصف oا الغالم يف قصة موسى هو) النفس الزكية(إىل ذلك ميكننا القول بأن معىن اليت مت فطرها عليها .

يصف حالة صبيانية ومرحلة عمرية سابقة للشعور العايل باملسؤولية أو التكليف أو النضوج ) الغالم(وهذا طبعا عنصر آخر داعم لفكرة كون أن تعبري وإمكانية التلوث بكل ما تؤدي إليه عملية التفاعل احليايت من موبقات أو خطايا أو مشاعر سلبية أو رغبات جاحمة ناشئة عن الصراع املصلحي الطبيعي

.وهللا أعلم. بني الناسستأخذ وقتا أطول، وملـــا كنا ال نريد إفساد متعة القراءة واملت) الغالم العليم(نكتفي oذا القدر يف هذه احللقة ألن البدء يف حماولة فهم معىن ابعة بطول

تشري إىل صيب الهي وليس ) الغالم(إىل احللقة املقبلة إن شاء هللا حىت يكتمل لدينا فهم أن ) الغالم احلليم(و ) الغالم العليم(املقال، نوكل البحث يف معىن .م املوىل ونعم النصريإىل شخص طر شاربه وأصبح أقرب للنضوج والتكليف، نسأل هللا تعاىل أن يوفقنا إىل ذلك فهو ولينا وهو نع

اآلن دعنا عزيزي القارئ ننتقل إىل قضية أخرى وردت يف النصوص القرآنية وصف فيها عليما أو حليما(بإمكانية أن يكون ) الغالم( ويف الغالب جاء ) .الوصف بصيغة املبالغة هذه قبل حىت أن يولد

يف وصف مشابه لوصف هللا) عليما(فكيف يكون الغالم أيضا؟) عليم( تعاىل بأنه :الغالم العليم :يف املوضعني التاليني) العليم(بصفة ) الغالم(ورد وصف ا :املوضع األول

ونـبئـهم عن ضيف إبـراهيم • إذ دخلوا عليه فـقالوا سالما قال إنا منكم وجلون ) 15احلجر51( الوا ال تـوجل إنا نـبشرك بغالم عليم ق) 15احلجر52( قال أبشرمتوين على أن مسين الكبـر فبم تـبشرون ) 15احلجر53( قالوا بشرناك باحلق فال تكن من القانطني ) 15احلجر54( قال ومن ) 15احلجر55(

يـقنط م ن رمحة ربه إال الضالون .(15احلجر56( :املوضع الثاين

Page 40: الإنسان بين الجبر والتفويض

هل أتاك حديث ضيف إبـراهيم المكرمني • إذ دخلوا عليه فـقالوا سالما قال سالم قـوم منكرون ) 51الذاريات24( فـراغ إىل أهله ) 51الذاريات25( جاء بعجل مسني ف فـقربه إليهم قال أال تأكلون ) 51الذاريات26( فأوجس منـهم خيفة قالوا ال ختف وبشروه بغالم عليم ) 51الذاريات27( فأقـبـلت امرأته يف صرة فصكت وجهها وقا) 51الذاريات28( لت عجوز عقيم قالوا كذلك قال ربك إنه هو احلكيم العليم ) 51الذاريات29( .(51الذاريات30(

وال خيفى على القارئ الكرمي بأن املوضعني يتحدثان عن نفس الغالم الذي بشرت به السماء النيب الكرمي إبراهيم اخلليل . الغالم عليما؟ وهل يعين هذا أنه سيكون حامال لعلم خاص للغيب مثال؟ وإن هذا العلم موهوب له تكوينا ومنذ والدته؟ وهل فما هو معىن أن يكون

.خيرجه هذا الوصف عن كونه غالما كسائر الغلمان؟ وما إىل ذلك من األسئلة اليت يثريها هذا الرتكيبموضعا من النصوص القرآنية موزعة ) 160(اليت وردت oذا الشكل يف أكثر من ) العليم( يف معىن لفظة سنحاول إستبيان ما نتمكن منه من خالل التأمل

:بالشكل التايل .موضعا أو أكثر، تصف هللا تعاىل 149 •

مرات يف وصف السحرة الذين أريد منهم مواجهة موسى بأن كل واحد منهم عليم، منها مثال 5 • قالوا أرجه( وأخاه وأرسل يف المدائن حاشرين يأتوك بكل ساحر عليم ) 7األعراف111( يأتوك بكل سحار عليم (وكذا )) 7األعراف112( .((26الشعراء37(

ريب بكيدهن علي(مرة واحدة يقول فيها يوسف عن النسوة الاليت قطعن أيديهن • وقال الملك ائـتوين به فـلما جاءه الرسول قال (وذلك يف قوله تعاىل ) م ارجع إىل ربك فاسأله ما بال النسوة االيت قطعن أيديـهن إن ريب بكيدهن عليم ريب( الرتكيب وقد يكون ضمري الرشخص الثالث يف)) 12يوسف50( (

مشريا إىل العزيز وليس إىل رب العاملني، كون العزيز هو رب يوسف حبكم ملكيته له وكونه األخري كان حينها عبدا مملوكا . إين حفيظ عليم( مرة واحدة وصف يوسف نفسه فيها بالقول • قال اجعلين على خزائ(وذلك يف النص التايل ) ن األرض إين حفيظ عليم

.((12يوسف55(وفـوق كل ذي علم عليم(مرة واحدة وردت املقولة • فـبدأ بأوعيتهم قـبل وعاء أخيه مث استخرجها من وعاء أخيه (يف نفس سورة يوسف يف النص التايل )

كذلك كدنا ل يوسف ما كان ليأخذ أخاه يف دين الملك إال أن يشاء اÂ نـرفع درجات من نشاء وفـوق كل ذي علم عليم وقد يكون )) 12يوسف76( .املقصود هم املالئكة أنفسهم

مرتان جاء وصف الغالم الذي بشرت املالئكة إبراهيم، • قالوا ال تـوجل إنا نـبشرك بغالم عليم (يف اآليات ) عليم(بأنه فأوجس منـهم (و)) 15احلجر53( خيفة قالوا ال ختف وبشروه بغالم عليم .((51الذاريات28(

كرب رمحن رحيم، واصفة -ا فهم معىن العليم من ا�موعة اليت تتحدث عن هللا تعاىل يف أننا حنتاج أساس- على ما أظن -ال خيالفين أحد من األخوة إياه بأنه .ودون مناقشتها آية آية، إمنا من خالل دراسة املفهوم العام للفظ وإحياءاته) عليم(

مع مالحظة أنه ومهما كان املعىن الذي سنحدده فهو سيكون بالطبع خمتلفا عما نصف به ولكننا . الناس عموما أو أناس مميزين كاألنبياء أو السحرة .سنستفيد من هذه ا�موعة الكبرية من اآليات إلستيضاح مطلق املعىن وهللا ويل التوفيق

:يليمؤكدين على أسس هامة ينبغي أخذها يف احلسبان من البداية وهي يف الغالب قواعد عقلية ومنطقية يقبلها املنطق السليم وكما أوال ال بد لنا من التذكري مبا طرحناه يف احللقة الثانية من هذه السلسلة حينما حتدثنا عن .1 وأهم ما نود ) املعرفة(و) العلم(والفروقات بني ) مفهوم العلم(

التذكري به هو أن القرآن الكرمي نسب .ن علم هللا تعاىل واحد وكامل وشامل ال يزيد وال ينقصبإعتبار أ) املعرفة(إىل هللا تعاىل ومل ينسب إليه ) العلم(القضية اهلامة األخرى اليت ينبغي بنا أن نضعها نصب أعيننا هي أن .2 الذي نتحدث عنه هو واحد من خمتصات اخللق ومن نتائج الربوبية وليس ) العلم(

Åاإللوهية مبعىن أن . إطالقا حىت بالنسبة إىل هللا تعاىل) العلم(، ودون وجود هذا الوجود ال معىن لكلمة بطبيعته مرتبط بوجود الكون والوجود) العلم( :لسببني .هو أننا نتحدث عن أمور نسبية وعن فهمنا لقضية العلم: األولهو أن صفات هللا تعاىل هلا حقيقة ال ميكننا إدركها بإعتبار أ ا عني ذاته: الثاين مبفهوم العلم، هو فهمنا ملا تتحمله عقولنا وما وما نتحدث عنه متعلقا .

استنتجناه من هذا الوجود، وما عداه ال نعرف عنه شيئا ألن هللا تعاىل ليس كمثله شيئ .

Page 41: الإنسان بين الجبر والتفويض

:وقفة حتليلية أولية هامة .ال بد لنا من وقفة مع هذي املالحظة حىت نفهمها بشكل جيد وننتقل إىل مالحظة أخرى

:يتكون يف التحليل الصويت القصدي التوقيفي مما يلي) معل(اجلذر اللغوي وهذا الوجود والواقع السابق حلركة . حركة قادمة من الغيب بشكل مركز لتؤثر بالوجود املادي اخلارجي املوجود أصال قبل جميئ تلك احلركة الغيبية) العني) •

هو الذي فـرض ) العني( الفتحة( والذي ميثل بدوره نقطة تقاطع الزمان واملكان أو الوجود يف نقطة زمكانية ) األلف(متثل حرف العلة عليها ألن الفتحة ) .معينةيقوم على عملية ) الذوقي(وجهد الالم . جهدها الغييب حنوه إلستكشافه ومعرفته) العني(جهد ذوقي يريد تلمس الواقع املوجود الذي وجهت ) الالم) •

ق والتعرف عرب عملية متواصلة من النقض والبناء وإعادة ترتيب العناصر للتعرف على الواقع املادي املوجود وتكوين صورة عنه باإلستعانة اإلختبار والتذو علم(يف اجلذر األصلي ) الكسرة(لذا كانت هذه املهمة حباجة إىل زمن وهو ما فرض عليها حركة ) العني(طبعا بتوجيهات ثل حرف العلة ألن الكسرة مت)

واليت متثل بدورها مرور الزمن واحلاجة إليه، فجاءت الالم مكسورة لتشري إىل زمن ممتد يف نقطة مكانية واحدة أو ثابتة، أو قل يف ميدان حمدود من ) الياء( .املوضع واملكان

يف ) امليم(ل كامل ويضعه يف الزمان واملكان، وهذا ما فرض على حييط بالشيئ املستكشف ويرسم له حدوده اخلارجية بدقة وبشك) ملسي(جهد ) امليم) •علم(اجلذر األصلي اليت تشري كما قلنا سابقا إىل نقطة تقاطع الزمان واملكان أو الوجود يف نقطة زمكانية معينة) الفتحة(حركة ) .

كما لو ان ضياءا ) اجلذر(وبذا تكون احلركة العامة يف جاء من جهة معينة ليضيئ شيئا معينا - أو لنقل نورا - مث يقوم بتحريك الضوء - أو لينريه -والدوران حوله ملعرفة خمتلف زواياه وحتديد صورته بشكل  ائي مث اإلنتهاء اىل رسم صورة عن حقيقته أو وجوده العام باملقاييس واملواصفات واآلليات اليت

عىن قد إتضح نوعا ماوهكذا رمبا يكون امل. إعتادها الذهن . إن عملية التفريق بني مفهومي اإللوهية والربوبية أمر مركزي وأساسي يف فهم قضية .3 بكل شيء عليم(وفهم معىن كون هللا تعاىل ) العلم(

اليت تكررت ) . مرة يف اآليات القرآنية16

عامل ال ندري عنه شيئا إطالقا بل إن: فاإللوهية ليس كمثله شيء(نا لن نتمكن ال حنن وال املالئكة العلويون من معرفة حىت مثال له، إذ كما يقول النص ) فاطر السموات واألرض جعل لكم من أنـفسكم أزواجا ومن األنـعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمث(القرآين له شيء وهو السميع البصري

.((42الشورى11(فهو العامل الذي نتمكن من التعرف على جوانب منه ألنه هو املسؤول عن عاملنا وعن خلقنا وتكويننا وهو الذي وضع فينا ما نتمكن به من : أمــا الربوبية

.وال وجود لنا وال حقيقة لنا بدونه هو ودون وجوده هو.. تصالوهو حميط بنا وحنن متصلون به دون إ. فهم العامل اخلارجيهناك فرق جوهري وحاسم بني عامل املشيئة املتعلق بقوانني اإللوهية الثابتة اليت ال تتغري واليت تعرب عن قوانني هللا تعاىل احلقيقية وعن اإلحاطة االهلية oذا .4

يذرؤكم فيه(الوجود أساسها، وبني عامل اإلرادة الربوبية اليت تقوم على تسخري قوانني املشيئة اإلهلية وتوظيفها كما هي أو الربط بني والذي يقوم على ) .أكثر من مشيئة أو نقل املوجود من مشيئة إىل مشيئة لتمشية أمور الكون

فاألشياء إمنا صارت أشياء أل ا خلقت على مشيئة هللا تعاىل والرب وهنا ال بد من التأكيد على كون املشيئة سابقة للشيئية اليت تقوم على تلك املشيئة، خيلق األشياء على مشيئة إهلية ال سبيل لتجاوزها أو اخلروج عنها أو عليها ....) القوانني والسنن والثوابت واإلحاطات والقيود (واملقصود باملشيئة هنا هو .

مؤكدين على قانون مت زرعه فينا وهو إن لكل واقعة يف هذا ) إن شاء هللا(ولذلك جتدنا نقول دوما . قاهريته على الوجوداإلهلية اليت متثل إحاكة هللا تعاىل و أبدا وإمنا حنن نقصد ! تستند إليها، فقولنا ال يعين ان هللا تعاىل سيفكر ويتأمل وقد نستثري عواطفة فيقرر إعطاءنا ما نريد) مشيئة(الكون أو دون بوعي- بأننا نأمل بأن تنطبق قوانني املشيئة اإلهلية فيتحقق الشيئ املطلوب–وعي إن شاء : تقول! .. ال تنسى ان تأيت إىل اإلحتفال: فإذا قال لك صديقك..

قاصدا ان األمور إذا سارت طبقا للقوانني اإلهلية فسوف أمتكن من ا�يئ وإال فال! هللا . فالزمن صفة من صفات الوجود وهللا تعاىل الرب خمتص بعامل الوجود ويرب الوجود حلظة بلحظة فال . لوجود هللا تعاىل خارج الزمنليس هناك معىن .5

ناقشة فهو ما أكدنا يف أكثر من موضع بأننا ال نعرف عنه شيئا ولن نتمكن من م- اقصد التجلي اإللوهي -معىن لكونه خارج الزمن أما هللا تعاىل كإله أي شيئ يتعلق به قبل الوجود واخللق والتكوين بإعتبار أنه من جهة وكون أن حقيقته فوق قدرتنا وقدرة كل ما هو موجود يف عامل ) ليس كمثله شيئ(

.اإلمكان والوجود على اإلدراك من جهة ثانية

Page 42: الإنسان بين الجبر والتفويض

هذا اإلنسان صاحل أو طاحل جيد أو سيئ، فكما أن هذا الوصف جاء متعلقا با� ال عالقة له بكون ) عليم( بأنه - أي إنسان -أن وصف اإلنسان .6 .تعاىل وببعض األنبياء فقد جاء يف وصف السحرة الذي سخرهم فرعون ملواجهة موسى

هذه األسس ستسهل علينا فهم الكثري من العقد املوجودة يف النصوص القرآنية فيما يتعلق بعلم هللا تعاىل وعامل وحدود اإلختيار اإلنساين ) الروح واإلرادة( .وهللا أعلم

:عودة إىل احلركة يف اجلذر اللغويعموما وعلى أساس فلسفة احلركة يف اجلذر اللغوي نرى أن االمر ميثل حركة جوهرية تنطلق من الغيب إىل عامل الوجود املادي مستفيدة من أدوات التعامل

متعديا( عليها، لذا كان الفعل املشتق من هذه احلركة فعال مع القضية اخلارجية للتعرف .وليس فعال الزما) علم الرجل األمر: وحنن نقول

.فنوضح أين وقع الفعل ونذكر املفعول به. يئي الشيئي اخلارجي املمكن أن نتعامل معه مرتبط بالوجود اخلارجي وال حقيقة له وال معىن إال حينما يتعلق بالوجود املش) العلم(وهذا يعين أن وجود

بأدوات التشخيص والتحديد املنطقية واحلسية وسواء أكان فكرة وتصورا يف الذهن أو طاقة أو شيئا ماديا بالتعبري الفيزيائي . أي علم هللا بصفته ربا منشئا وخالقا وفاطرا هلذا ) الربعلم هللا(يدور حول ) العلم(جمرد وهم، فاحلديث يف ميدان ) علم هللا اإلله(وبذا يصبح الكالم عن

.الوجودبناءا على مشيئة مسبقة وحىت ) شيئا(مبعىن أننا نتحدث ونتفاعل مع العلم املرتبط بالتجلي الربويب الذي يباشر الوجود منذ حلظة إجياده وخلقه وتصيريه

.بلوغه الوضع احلايل له اليوم :ي القبول بالشروط التالية واليت أشرنا إىل بعضها أعالههذا يقتض

.أمر من أمور املشيئة وهو ما تثبته النصوص القرآنية بشكل كامل) العلم(إن .1إن من غري املمكن معرفة أي أمر أو أي شيئ أو أية قضية عن اإلله قبل خلق الكون والوجود .2 إرتباط هللا حول قضيةوالكالم حول هذا املوضوع و.

كلها أمور ال حقيقة هلا وال إمكانية للحديث حوهلا وال إمكانية لفهمها، ألننا ! تعاىل بالزمان أو عدم إرتباطه به، وهل أن الزمان صفة أو طبيعة أو ذات دوات اليت تؤهلنا للتفكري فيما هو خارج عن نطاق هذا يف احلقيقة قادرون على اإلحاطة والتفكري بأمور الكون والوجود وال قدرة لنا وليست لدينا األ

.وهللا أعلم. الكون وهذا الوجودال يعين بإي حال من األحوال حديثا عن إهلني أو كيانني وإمنا هو حديث عن جتليات لفهم األثر الربويب لإلله، ) هللا الرب(و) هللا اإلله(أن حديثنا عن .3

فالبالغة جتل من جتليات حديثه، فهي مفصولة عنه ولكن ال ميكن فصلها عنه يف نفس الوقت وإن كانت أمرا ال . بليغ يف حديثهفالن: متاما كما نقول ميكننا ملسه مباشرة وإمنا نلمسه من خالل أمور أخرى تظهر على املتكلم .

لسلطات ونقول بضرورة فصل السلطة التنفيذية عن السلطة التشريعية عن كما هو احلال حينما نتحدث عن الدولة ككيان بكاملها مث نتحدث عن فصل اولكننا يف احلقيقة حينما نتكلم ال نتكلم oذه الطريقة التجزيئية وامنا نقول الدولة قضت على ا�رم الفالين بالسجن ونقول الدولة بنت .. السلطة القضائية

وهكذا فنتحدث عن اجلزء بصفة الكل كما قد نتحدث باسم اجلزء تعبريا عن الكل حينما .. صحافة املدارس ونقول الدولة شرعت قانونا جديدا لضبط ال .نقول بان احلكومة االمريكية متتلك ثروة إقتصادية هائلة فنحن نقصد الدولة مبا هي دولة شاملة للنظام وللشعب وللثروة وهكذا

فهذا ال يعين التكفيك والفصل والتثنية، بقدر ما يعين .. جلي اإللوهي املشيئي والتجلي الربويب اإلراديكذلك األمر حينما نقول بأن هللا له جتليات منها التالنظر من زاويا خمتلفة وزاوية معينة يف كل مرة يف حماولة لفهم األمور إلستحالة معرفة هللا تعاىل وإستحالة التفكري يف ذاته، لذا ال سبيل أمامنا إال حماولة

.وهللا أعلم. ف على آثاره يف اخللق والوجود وبعد اخللق واإلجيادالتعر :صيغة فعيل

بعد كل هذه املقدمات دعنا عزيزي القارئ نبدأ مبحاولة التعرف على مفهوم من خالل التأمل قليال يف الصيغة اليت بنيت عليها تلك اللفظة وهي ) عليم( .(فعيل(

فهي صيغة ) الفعل املتعدي(فهي صفة مشبهة، وإذا جرى إشتقاقها من ) الفعل الالزم(إذا جرى إشتقاقها من ) فعيل(صيغة هناك إتفاق على إن هذه المع اإلشارة إىل أن بعض صيغ املبالغة تشتق أيضا من . مبالغة .(الفعل الالزم(

Page 43: الإنسان بين الجبر والتفويض

علم(عليه وملا كان اجلذر وهو الفعل الثالثي ا�رد هو فعل متعد) فهي ستكون بالنتيجة ) عليم(الذي بنيت عليه الصيغة ) عامل(ي ومنه جاء إسم الفاعل .(صيغة مبالغة(

:ومن الشروط اليت ميكن إستنتاجها لصيغة املبالغة ما يلي . صفة الزمة للفاعلأن صيغة املبالغة تشبه إسم الفاعل ولكنها حتاول وصفه بكثرة تكراره هلذا الفعل حىت يتحول الفعل املتكرر إىل •أن الزمن عامل مهم يف كشف إتصاف الفاعل بتلك الصفة نتيجة مالحظة تكرار الفعل منه، وإال لن يناسبها أصال أن تكون صيغة مبالغة • . . ا إليها، سواء يف الفاعل نفسه أو يف غريهأن الصفة املراد إثبا­ا بقوة يف الفاعل هلا قياسات معينة ضمن حدود عامة ميكن الوزن والقياس والتقدير إستناد •

.(عليم(ومىت نصفه بأنه ) عامل(فنحن نعرف باخلربة واملمارسة مىت نصف اإلنسان بأنه أن الصفة قد تكون ثابتا من الثوابت يف نفسية الفاعل فال حنتاج إىل رؤية تكرارها منه كفعل كما يف حالة • اجلمال فنقول بالقياس إىل مواصفات) اجلمال(

عن اجلميل بأنه مجيل لتكرار شعورنا جبماله كلما أطل علينا . ال حتتاج دوما إىل مالحظة تكرار حدوثها من الفاعل وإمنا ميكننا لو علمنا ) عليم( فإن صفة - وهو ما ال خالف عليه على ما أظن -وطبقا هلذا

املواصفات النفسية املميزة لشخص أو جهة �رد أننا عرفنا عنه ..) حليم / حكيم/ عليم(والحظنا أ ا ثابتة يف كيانه، أن نقول عنه أو عن تلك اجلهة .صفاته النفسية اليت تؤهله لتلك الصفات املبالغ فيها

صفحة وهذا جيعل منها مقاال طويال وممال 26كنت أعتزم نشر احللقة بكاملها ولكنها أصبحت أكثر من ذا أكتفي oذا القدر عادا إياه حلقة كاملة ل.. .وحدود إحياءا­ا وهللا املستعان) الغالم(على أن أنشر البقية يف حلقة الحقة بعد يومني، حىت ننتهي من قضية معىن لفظة

:نواصل ما كتبناه يف احللقة السابقة بطرح السؤال التايل حول موضوعنا بالرجوع إىل النص األصلي فنقولما الذي يوحيه النصان يف سوريت احلجر والذاريات حينما ختربان بأن الغالم الذي جاءت به البشرى هو :كما هو واضح يف النصني؟) غالم عليم(

قالوا ال تـوجل إنا نـبشرك بغالم عليم • .(15احلجر53(فأوجس منـهم خيفة قالوا ال خت • ف وبشروه بغالم عليم .(51الذاريات28(

قبل كل شيئ ال بد لنا من القول بأننا نبدو وكأننا نستدرج القارئ الكرمي إىل إفرتاض سيناريو معني لفهم كيف مت إطالق صفة على الغالم يف ) عليم(ولكن احلقيقة هي أن. بعض املواضع القرآنية حىت قبل أن يولد نا نفكر بصوت عال ال أكثر من أجل أن نصل إىل فهم مناسب للنص جينبنا الوقوع يف

.التناقض او اإلختالف الذي نفرتض خلو القرآن منه .عليه فسوف نواصل حماوالتنا لكشف السيناريو األنسب الذي يتمكن بالنتيجة من جعل النص يستجيب إلختبارت املنطق كافة

عليه أجد أن النص : حيتمل حالتني أو فرضيتني لفهمه وكما يلي .معرفة الصفات اجلينية النفسية مسبقا: السيناريو األول

ال شك لدى املطلعني على آخر ما أوصلتنا إليه الدراسات الفسلجية بأن الصفات املوروثة تشكل القاعدة األوسع واألكثر تأثريا يف تكوين شخصية .ها طبعا ما سيضيفه احمليط على اإلنسان يف حنت وتركيب وتكوين شخصيته النهائية اليت سيخرج oا من هذه الدنيااإلنسان الحقا مضافا إلي

وعلى هذا األساس جند أننا نتمكن من توقع شكل وخصائص اإلنسان من معرفة والديه وبتناسب طردي، مبعىن أنه كلما زادت معرفتنا باألصول املكونة .ما زادت درجة صحة توقع الوليد املرتقبلإلنسان كل

وكثري من اجلهود املبذولة يف جمال تربية احليوانات اليوم تعتمد على عملية االنتخاب والفرز للوصول إىل نسل أجود وأفضل من خمتلف احليوانات اليت يقوم .االنسان على تربيتها من أجل حاجاته الغذائية وغري الغذائية

مثال من واقعنا املعاش، فلو أن شخصا مجيال من عائلة معروف عن أفرادها ونسلها اجلمال، تزوج فتاة مجيلة من عائلة معروف عنها ودعنا هنا نضرب بذرية مجيلة، فنقول- يف الغالب - مجال أفرادها أيضا فسوف نتوقع أن يرزقا .سيكون إبنكما مجيال:

وهي تعرف بالضبط أي اجلينات ! سة الوراثية والدراسات اجلينية وكانت قد حلت الشفرة الوراثية لإلنسان بالكاملاآلن لو إفرتضنا وجود مؤسسة للهنديؤدي إىل أي الصفات، حينها سيكون ممكنا أن تبلغنا تلك املؤسسة بصفات الوليد املرتقب مبجرد إنعقاد نطفته وتكونه كجنني يف بطن أمه من جمرد قراءة

Page 44: الإنسان بين الجبر والتفويض

إن إبنكم املتوقع سيكون ذكيا أو نشيطا أو عاملا أو عليما أو حازما أو حكيما أو : وحينها ميكن للمؤسسة أن تقول. اجلينية يف احلمض النوويالشفرة قصريا أو وسيما أو قبيحا أو مجيال أو بوصفه بأكثر من صفة من تلك الصفات أو كلها جمتمعة.. كل ذلك بناءا على صفاته.. . اجلينية

ولو ذهبنا إىل أبعد من ذلك فإن بإمكان تلك املؤسسة أن تقوم بعملية هندسة جينية للجنني لكي يكون حامال للصفات اليت يريدها األبوين وجمردا من .الصفات اليت ال يريدو ا

ما نريد قوله هو أننا نتمكن من وصف بعض الصفات بصيغة املبالغة نتيجة إمكانية تكر .ار ظهورها وثبا­ا يف املوصوفبأن املالئكة املطلعني على صفات البشر بشكل كامل نتيجة لقدر­م على قراءة احلمض النووي وما هو أعمق منه، ميكنهم أن يصفوا : عليه ميكننا القول

غالما ما بأنه عليم حىت قبل أن يولد فهم إمنا يتحدثون عن رؤية ومعاينة وعن بينة! وإطالع كامل على األبوين وعلى الساللة اليت ينحدر كل واحد منهما .منها

سيما إذا كانوا يعرفون الساللة اليت جاء .. و.. املالئكة يعرفون جينات اجلنني املتوقع بالتفصيل ويعلمون علم اليقني أنه سيولد وهو عليم وحليم وحكيم وفـلما وضعتـها قالت رب (البيضة ويف احلومين اللذان ستنعقد النطفة منهما كما يشري إىل ذلك النص القرآين التايل منها الوالدان ونوع الصفات النشطة يف

إين وضعتـها أنـثى واÂ أعلم مبا وضعت وليس الذكر كاألنـثى وإين مسيتـها مرمي وإين أع يذها بك وذريـتـها من الشيطان الرجيم الذي )) 3آل عمران36(إن اÂ اصطفى آدم ونوحا وآل إبـراهيم وآل عمران على العالمني (يشري إىل املعرفة الكاملة املسبقة مبا وضعت أم مرمي، أو يف النص التايل آل 33(

رية بـعضها من بـعض واÂ مسيع عليم ذ) 3عمران الذي يشري إىل عملية اإلصطفاء اليت حتدثنا عنها يف مناسبات أخرى واليت تؤكد )) 3آل عمران34(املعرفة املسبقة بناءا على الصفات اجلينية من جهة وعلى إمكانية ترسيخ الصفات باإلنتخاب والتزاوج من جهة أخرى .

بل وميكننا الذهاب إىل أبعد من ذلك والقول بأن املالئكة كانوا قادرين على التدخل يف عملية بناء الصفات كما حصل يف عملية ختليق عيسى بعملية . أعلموهللا. أو من تنشيط بعض اهلرمونات لدى زكريا أو إبراهيم أو إمرأتيهما. إستنسال مباشرة بتغيري أحدى خاليا األم إىل خلية ذكرية

.اإلخبار يف زمن آخر عن حوادث ماضية: السيناريو الثاينهو إفرتاضنا بأن املالئكة الذين يروون ) عليم أو حليم(السيناريو اآلخر الذي حيتمله النص القرآين حينما يتحدث عن كون الغالم الذي سيولد الحقا هو

الفالش ( مقاطع القصة إنتقاالت غري متسلسلة من أجل التأكيد على فكرة معينة بطريقة القصة ويتحدثون عن الغالم الذي سيولد الحقا، ينتقلون بنياليت يستخدمها بعض املخرجني السينمائيني يف طرح القصص من أجل إبراز فكرة معينة فرتاهم ينتقلون بني طفولة شخص وأواخر عمره ومرحلة شبابه ) باك

ا إىل النتيجة اليت وقعت الحقا ومت هلم من خالهلا تشخيص شخصية ذلك الغالم بعد والدته والتعرف على كونه فاملالئكة ينتقلون أحيان. ورجولته وهكذا واإلخبار عن تلك النتيجة ضمن سياق رواية القصة الكاملة يف القرآن الكرمي الذي جاء بعد مئات السنني من وقوع القصة بكاملها ويف زمن ) عليما(

.شخوصها مجيعا يف عامل آخر بعد أن غيبهم املوتاصبح ابطال القصة و :مبعىن أن هناك ترتيب لإلحداث بالشكل التايل

.زيارة املالئكة للوالدين إبراهيم وإمرأته .1إخبارهم بأن غالما سيولد هلما .2 . .املالئكة أنفسهم أو مالئكة آخرين خيربون الرسول حممد بآيات قرآنية عن احلادثة .3املالئكة املتحدثون يعلمون أن الغالم أصبح الحقا غالما عليما .4 . .هم يعلنون هذه النتيجة جنبا إىل جنب إخبارهم عن حادثة زيارة املالئكة لألبوين واإلعالن عن بشرى والدة غالم الحقا .5

ولكن املالئكة الذي نقلوا لنا هذه احلادثة يف النص القرآين نقلوا معها معرفتهم وهذا يعين أن املالئكة الذين زاروا إبراهيم وزكريا بشروا فقط بوالدة الغالم، - بكون الغالم قد أصبح حليما أو عليما بعد والدته-الالحقة .

:وحىت تتضح هذه الفكرة دعونا أعزيت الكرام نضرب املثال التايلر من أربعني عاما يف فرتة من عمري كنت مسؤوال فيها عن شراء اخلبز بلبيت أهلي من خمبز لو إفرتضنا أنين أحدثكم اآلن عن قصة حصلت يل قبل أكث .يقع على مبعدة عن بيتنا يف حملة من حمالت البصرة يف العراق

Page 45: الإنسان بين الجبر والتفويض

والذهاب إىل ذلك املخبز كان يأخذ مين وقتا ال بأس به لكنه وقت ممتع بالنسبة يل آنذاك، فهو يقودين عرب سوق ضيقة تق ع على الضفة األخرى من النهر .الذي كان يفصل حملتنا عن حملة أخرى

.وخالل تلك الرحلة القصرية كانت عيناي تقع على ما لذ وطاب من أصناف احللويات واملكسرات واملعجنات اليت تباع يف ذلك السوق الصغريواملكونة يف غالبها من مربوش ) اللوزينة(ع من احللوى مل اعرفها قبل ذلك وهي وذات يوم وكالعادة مررت يف ذلك السوق وتعرفت وللمرة األوىل على نو

.جوز اهلند املطعم باللوز أو الفستق أو اجلوزيف احلقيقة انين تذوقتها ألول مرة يف ذات يوم وأصبحت مدمنا عليها فيما بعد وكنت كلما حل وقت شراء اخلبز سارعت لتنفيذ املهمة شوق ا إىل تلك

الرائعة اليت كنت أدخر هلا بعضا من مصرويف اليومي) اللوزينة( . كنت أشرتيها كل يوم وأنا ال أعرف إمسها وأستمر الوضع أسابيع حىت مررت ذات يوم يف طريقي املعتاد وتوقفت يف باب احملل دون أن أجد ذلك النوع من

.!عمو واحدة من هذه: لاملعجنات الذي كنت اشرتيه باإلشارة ومبجرد القوحىت أنقذين صاحب احملل حينما رآين أنظر بتفحص يف أرجاء املعرض الزجاجي دون جدوى ! واحرتت يومها كيف سأسأل عنها وأنا ال أعرف إمسها

.ها عمو تريد لوزينة؟: فبادرين بالقولألنين أدركت أنه يتحدث عن تلك احللوى اليت كنت اشرتي من! نعم: فقلت .ها كل يوم ومنه هو بالذات

.إىل الغد إن شاء هللا.. اليوم حدثت عندنا مشكلة ومل نتمكن من إعدادها : قالإنتهت القصة وعربتنا منها هو أنين ذكرت لكم يف معرض سرد هذه القصة إسم ذلك النوع من احللوى قبل حىت أن أعرف إمسها ألننا اآلن نعيش بعد

من تاريخ تلك احلادثة البسيطة وأنا عرفت الحقا إسم ذلك النوع من احللوى فذكرته مقدما وقبل أن أعرف إمسها يف السياق املرتب أربعني سنة أو أكثر .للقصة

بنفس الطريقة فإن القرآن فيه مواضع كثرية من هذا القبيل ألن املالئكة الذين يروون القصة قد شهدوا بعد فرتة والدة الغالم ومنوه و ظهور عالمات العلم أل م شهدوه الحقا وعرفوا عنه كل صفاته) عليم(املتواصلة عليه فذكروه يف القصة اليت رووها بعد مئات السنني وأعطوا حكمهم عليه بأنه .

وقال إين ذاهب إىل ريب(وميكن مالحظة مثل هذا اإلنتقال يف قصة ذبح إبراهيم إبنه يف النص التايل سيـهدين رب هب يل من ) 37الصافات99( الصاحلني فـبشرناه بغالم حليم ) 37الصافات100( فـلما بـلغ معه السعي قال يا بـين إين أرى يف المنام أين أذحبك فانظر ماذا تـرى ) 37الصافات101(

قال يا أ بت افـعل ما تـؤمر ستجدين إن شاء اÂ من الصابرين إذ نرى ان املالئكة يتحدثون أوال عن إستجابة دعاء إبراهيم والبشرى )) 37الصافات102(اليت زفت إليه بغالم حليم مث االنتقال إىل ما بعد ذلك بسنني طويلة وبعد ان بلغ ذلك الغالم مرحلة من العمر تؤهله إختاذ القرار عن نفسه، فتحدثوا عن

.وهللا أعلم. املوضوعني يف سياق مجلتني إثنتني ال أكثر :لنعيد التأمل يف النصوص مرة أخرى

ونـبئـهم عن ضيف إبـراهيم • إذ دخلوا عليه فـقالوا سالما قال إنا منكم وج) 15احلجر51( لون قالوا ال تـوجل إنا نـبشرك بغالم عليم ) 15احلجر52( قال أبشرمتوين على أن مسين الكبـر فبم تـبشرون ) 15احلجر53( قالوا بشرناك باحلق فال تكن من القانطني ) 15احلجر54( قال) 15احلجر55( ومن

يـقنط من رمحة ربه إال الضالون .(15احلجر56(هل أتاك حديث ضيف إبـراهيم المكرمني • إذ دخلوا عليه فـقالوا سالما قال سالم قـوم منكرون ) 51الذاريات24( فـراغ إىل أهل) 51الذاريات25( ه

فجاء بعجل مسني فـقربه إليهم قال أال تأكلون ) 51الذاريات26( فأوجس منـهم خيفة قالوا ال ختف وبشروه بغالم عليم ) 51الذاريات27( فأقـبـلت امرأته يف صرة فصكت وجهها و) 51الذاريات28( قالت عجوز عقيم قالوا كذلك قال ربك إنه هو احلكيم العليم ) 51الذاريات29( .(51الذاريات30(

ولو أضفنا إليها وصف الغالم باحلليم يف اآلية األخرى من سورة الصافات سنجد أن السيناريو قابل لإلنطباق أيضا . وقال إين ذاهب • إىل ريب سيـهدين رب هب يل من الصاحلني ) 37الصافات99( فـبشرناه بغالم حليم ) 37الصافات100( فـلما ) 37الصافات101(

بـلغ معه السعي قال يا بـين إين أرى يف المنام أين أذحبك فانظر ماذا تـرى قال يا أبت افـعل ما تـؤمر ستجدين إن شاء اÂ من الصابرين .(37الصافات102(

Page 46: الإنسان بين الجبر والتفويض

يف اآليتني األوىل والثانية نالحظ أنه مل يظهر من ردة فعل إبراهيم وأمرأته أي إهتمام بطبيعة أو غري عليم بقدر ما انصب جل ) عليما(وكونه ) الغالم( تمامهما على قضية احلمل ذا­ا وإمكانية حتققها يف ظل مواصفا­ما البدنية وعمرمها آنذاكإه وهو ما يؤيد ويعزز اإلحتمال بأن احلديث مل يكن على !.

.قضية علم الغالم أو حلمه حينما يكرب وإمنا على قضية قرار السماء يف أن حيصل إبراهيم وأمرأته على غالم ومها عجوزينن إذن القول بأن املالئكة أرفقوا وصف الغالم بأنه عليم ملعرفتهم به الحقا وبعد والدته فكأ م كانوا يقولونميك مث يقولون يف -لقد بشرنا ابراهيم بغالم :

.وهللا أعلم). وهذا الغالم كان عليما أو حليما(مجلة شبه إعرتاضية أو يف استدراك موجه إىل املتلقي :ملختلطالسيناريو ا

يف العموم ميكننا أن نتصور أن النص القرآين يشري إىل مزيج بني القضيتني فاملالئكة يعرفون الصفات احملتملة يف الوليد اجلديد أل م حتما يعرفون صفاته اجلينية احملتملة بدقة أو أ م سيتدخلون بشكل أو بآخر يف تعديل إستعداد الزوجني هلذا احلمل الذي ال يعترب مشجعا يف السياقات العادية ألن الغالم

.سيكون ضعيفا لو جاء بالسياقات العادية من والدين عجوزينوهناك إشارة يف قصة الغالم الذي رزق به زكريا، تعزز هذا اإلحتمال يشري إليها النص التايل فاستجبـنا له ووهبـنا له حيىي وأصلحنا ل( ه زوجه إنـهم كانوا

يسارعون يف اخليـرات ويدعونـنا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعني فإصالح زوج زكريا هو أمر جاء مباشرة حني احلمل أو قبيل الوضع لتعديل )) 21األنبياء90( .وهللا أعلم. بعد الوالدةبعض الصفات البدنية اليت تساعدها على ممارسة دور األم

وكذلك يف قصة مرمي وتدخل املالئكة يف تكوين عيسى يف رمحها، كما يف النص التايل ومرمي ابـنة عمران اليت أحصنت فـرجها فـنـفخنا فيه من روحنا ( وصدقت بكلمات رoا وكتبه وكانت من القانتني فـنـفخنا فيه من روحنا(فهم صنعوا عيسى بإراد­م املوجهة من هللا تعاىل لذلك قالوا )) 66التحرمي12( .(

ن وهو يعين نوعا من العمل الفسلجي املباشر يف داخل رحم مرمي إلعداده للحمل او لتلقيح واحدة من بويضا­ا خباليا ذكرية معدلة من خالياها لتكو .وهللا أعلم). عيسى بن مرمي(بالتايل هي االم وهي األب بالنسبة إىل عيسى وهو ما حترص النصوص القرآنية على تأكيده بوصف عيسى دوما بأنه

:اخلالصةبالعليم واحلليم ال يقتضي كون الغالم املشار إليه مكلفا أو راشدا) الغالم(وصف :

فهذا الوصف ال يشري إىل علم • باملستقبل وإمنا يشري إىل علم فعلي واقعي من قبل املالئكة املتحدثني يف النص وقت ترتيب احلمل بالغالم . وهو ال يشري أيضا إىل أن لفظة • بالغا مكلفا راشدا وإمنا قد يكون األمر ) غالم(تشري إىل مرحلة عمرية يكون فيها الشخص املوصوف بكونه ) الغالم(

ت جينية ونفسية ثابته فيه أو أن احلديث عنه جاء وصفا له وهو يف مرحلة الحقة من مراحل عمره وحينما أصبح راشدا فيما بعدعن صفا . ري إىل لفظة تش) الغالم(وهذا سيعزز فرضيتنا حول أن النص القرآين مل يشر إىل ما ميكن اإلعتماد عليه للقبول بفرضية املفسرين وأرباب املعاجم من كون

كون املوصوف oا مكلفا راشدا .وهللا أعلم. كيف يصف املالئكة هللا تعاىل بأنه عليم أو بكونه عليم؟

؟ فإذا إفرتضنا )عليم( بإنه - أي إنسان -وبني وصف اإلنسان ) عليم(بعد املناقشة أعاله أصبحنا أمام سؤال جوهري للتمييز بني وصف هللا تعاىل بأنه إفرتضناه أعاله من أن املالئكة كانوا يعرفون صفات االنسان قبل والدته ويصفونه بأنضه عليم أو أ م يعرفونه الحقا يف مرحلة اخرى ويكتشفون صحة ما

علميته ويصفونه بإنه عليم ، فكيف نفهم طريقتهم يف وصف هللا تعاىل بالعليم؟ :ون على كون هللا تعاىل عليما بطريقتنيبالنسبة إىل هللا تعاىل فإن املالئكة حيكم

من خالل معرفتهم بصفاته الثابتة اليت مت تزويدهم بثوابت عنها يف أجهز­م املنطقية وتراكيبهم اإلدراكية: األوىل . وإذا أردنا أن نذكر هذه املعادلة فإننا ) جلزءالكل أكرب من ا(متاما كما جرى تزويد منظومة املنطق لدينا بقواعد منطقية ال حنتاج إىل إثبا­ا من قبيل أن

إن الكل أكرب من اجلزء(سنقول .دون أدىن تردد) مثل الذين يـنفقون أمواهلم يف سبيل اÂ كمثل حبة أنـبتت سبع سنابل يف ك(وهذا ما تقوم به املالئكة كما يف النص التايل ل سنبـلة مائة حبة واÂ يضاعف

لمن يشاء واÂ واسع عليم ((2البقرة261(وÂ المشرق والمغرب فأيـنما تـولوا فـثم وجه اÂ إن اÂ واسع عليم (أو يف النص التايل ((2البقرة115(

واسع عليم( هللا تعاىل فكون هي بالنسبة هلم واحدة من القوانني والسنن املؤكدة اليت تعمل بصورة منطية وبشكل متكرر دون ختلف وبنفس الطريقة متاما) .

Page 47: الإنسان بين الجبر والتفويض

.من عملية قياس على ما مت التأكد منه نتيجة التكرار املفضي لليقني: الثانية األمور اليت ترتبط بأحداث وعالقات بشرية وسنن إجتماعية أو كونية على ما سبق هلم وعاينوه، حينها يقولون واملالئكة يف هذه احلالة يقيسون بعض كان (

ومن (وهكذا كما يف النص .. حكيم / حليم/ عليم/ تعاىل هلم فيها بأنه مسيع) الرب(فهم يعاينون كل األحداث اليت وقعت هلم وأثبت هللا ) هللا كذا وكذا يكسب إمثا فإمنا يكسبه على نـفسه وكان اÂ عليما حكيما ((4النساء111(

إمنا التـوبة على اÂ للذين يـعملون السوء جبهالة مث يـتوبون من قريب فأولئك يـتوب اÂ(أو النص التايل عليهم وكان اÂ عليما حكيما ففي )) 4النساء17(مثل هذه األمور هم جيدون هللا تعاىل دوما واسعا وعليما .

لثوابت من جهة ثانية يف النصوص اليت تتحدث عن هللا تعاىل موضوع واسع وكبري وفيه من الفوائد وا) كان(من جهة و ) أن/ إن(واحلقيقة فإن إستخدام ما ال يعد وال حيصى، بل إن فيه حلول للكثري من العقد اليت وقفت عصية على الفهم املنسجم مع سائر ثوابت القرآن الكرمي ملئات السنني، ودفعت

البعض إىل فرضيات وحتليالت من خارج النص القرآين مل يكن هناك أدىن حاجة إليها .وهللا أعلم. من كل ما تقدم مي :تطلق يف حالتني) عليم(كننا القول بوضوح بأن صيغة املبالغة

.تكرر حالة العلم من اجلهة املوصوفة بصيغة املبالغة هذه • .أن يكون العلم ممكنا كصفة ثابتة يف اجلهة املوصوفة •

يجة معرفة صفاته اجلينية ودون أن يؤثر ذلك يف تعاطينا مع هذا حىت قبل أن يولد نت) عليم(بأنه ) الغالم(وعلى أساس هذه اإلمكانية يكون ممكنا وصف اليت من أبرز صفا­ا اللهو والبساطة وعدم إكتمال القدرات العقلية أو العلمية أو اإلدراكية ) الغالمية(ودون احلاجة إىل إخراجه من صفات املرحلة ) الغالم(

.خيرجه عن مرحلة الصبا وعدم الرشد وعدم التكليف وعدم البلوغأو السلوكية أو اإلشتمال على التمييز والرشد الذي طبعا مع التأكيد على إمكانية ظهور مسات وسجايا على الصيب أو الغالم تنبئ عن كونه عليما وحكيما وقادرا على التفكري بطريقة سامية وراقية تسبق

.وهللا أعلم. عمرهاآلن رمبا يطرح أحدهم علينا السؤال التا :يل

يف املستقبل نتيجة علم إهلي خاص؟ وهو تعاىل أخرب املالئكة بذلك؟) عليما(ملاذا ال تقول بان هللا تعاىل يعلم الغيب؟ وهو تعاىل يعلم بأن الغالم سيصبح .

:ويف اجلواب نقولأوال ال حاجة بنا هنا إلفرتاض العلم املسبق مبا سيقع يف ااملستقبل حىت نتاكد من أن .1 غالما ما سيكون عليما أو حكيما أو حليما إذ يكفي أن نعلم .

ثبات بعض الصفات يف األبوين حىت نتوقع ذلك، أو أن تكون لدينا القدرة على اإلطالع على الصفات اجلينية فنتأكد من ذلك . ثانيا مشهور أن العلم الربويب .2 :علمان:

بين على املشيئة اإلهلية وقوانينها الثابتة وهو علم كامل ناتج عن اإلحاطة بالكون بشكل مطلق وكامل، بإعتبار أن وهو العلم امل: علم كامل وتام وثابت .الكون برمته مبين بكل ذراته ومكوناته مهما كانت على إحاطة رب العاملني oا

وهو العلم املتكون من قسم مبين على العلم الكامل وقسم آخر : علم متحرك مرتبط بالزمن وحبركة اإلرادات املفوضة من قبل هللا تعاىل ألغراض التكليف .واإلختبار

الرب لو شاء أن يعلم أي شيئ يعلمه بناءا على العلم الكامل وبناءا على سلب .3 من املوجود أو املخلوق، ) اإلرادة أو الروح أو مقدار معني منهما(خيترب أحدا فإنه يفوضه بعض اإلرادة ويزوده بالروح ويرتك له خيارا معينا فيمنع عن نفسه العلم بقرار صادر منه هو سبحانه وتعاىلولكنه تعاىل إذا أراد أن .

أو لنصغ العبارة بطريقة أخرى فنقول العبد املـختربإذا أراد هللا تعاىل أن يفوض القرار ألحد خلقه فال جيوز عليه أن يتخذ القرار بنفسه نيابة عن ( من باب ) قل لمن ما يف السموات واألرض قل Â كتب على نـفسه الرمحة ليجمعنكم إىل يـوم القيامة ال (كما يف النص القرآين التايل ) كتب على نفسه الرمحة(أنه

ريب فيه الذين خسروا أ نـفسهم فـهم ال يـؤمنون بناءا على مبدأ % 99 قرار هذا املكلف بدرجة تصل إىل - مسبقا -وهللا تعاىل قد يعلم )) 6األنعام12(االحتماالت، ولكنه يرتك اجلزء األخري من القرار مفوضا لذلك املخلوق املـكلف .

. حال إىل حال ومن مشيئة إىل مشيئةوكأن األمر هو يف تلك املرحلة اإلنتقالية من

Page 48: الإنسان بين الجبر والتفويض

لذا وكما أن هللا تعاىل يؤجل غضبه وسخطه عن معانديه والكافرين به وجاحديه ومرتكيب الكبائر من عباده، ويسمح هلم مبعاندته والكفر به كما يشري إىل ولو يـؤاخذ اÂ الناس بظلمهم ما تـرك عليـ(ذلك هذا النص ها من دابة ولكن يـؤخرهم إىل أجل مسمى فإذا جاء أجلهم ال يستأخرون ساعة وال يستـقدمون Å

فهو بنفس الطريقة مينع عن الناس املخريين، علمه بقرارا­م مؤقتا وكل ذلك ألغراض اإلختبار وكشف اخلبيث من )) 16النحل61( الطيب كما يشري إىل ما كان اÂ ليذر المؤمنني على ما أنـتم عليه حىت مييز اخلبيث من الطيب وما كان اÂ ليطلعكم على الغيب ولكن اÂ جيتيب من (ذلك النص القرآين التايل

رسله من ي شاء فآمنوا باÂ ورسله وإن تـؤمنوا وتـتـقوا فـلكم أجر عظيم .وهللا أعلم)). 3آل عمران179(عليه فإذا قلنا بأن الرب تعاىل ال يعلم بالقرارات اإلرادية واإلختيارية اليت يقوم oا اإلنسان وإمنا ! إىل عجز فهذا ال يشري- ونقصد اآلن وقبل وقوعها - .احلكمة اإلهلية تقتضي أن ميتلك اإلنسان املختار املكلف قراره بيده حىت يكون مسؤوال عنه

متاما كما نقول بأن اإلنسان ال بد أن يكون قد جاء عرب سلسلة طويلة من التطور الذي إستغرق ماليني السنني وحنن موقنني بإن هذا األمر ال يشري إىل الرب وإمنا يشري إىل عجز املادة يف اإلستجابة لألوامر اإلهلية الربوبية، أو كما يقال يف لغة الفلسفة عجز يف عجز يف القابل ال عجز يف الفاعل( وهللا ).

.أعلمفإذا سويـته ونـفخت فيه (انه وتعاىل وعلى هذا األساس فوض هللا تعاىل بعض القرارات إىل اإلنسان حىت يكون مسؤوال عنها وعن نتائجها وهو القائل سبح

من روحي فـقعوا له ساجدين فالنفخ من روح الرب يف اإلنسان، هو تفويضة بعض اإلرادة الربانية لإلختيار بني عدد من اخليارات يف مواقف )) 38ص72(احلياة املختلفة، وقد أطلق علي هذه العملية نتمىن ان نوفق يف مناسبة أخرى من -  ا عملية معقدة ومركبة وال تشمل فقط القرار اإلرادي أل) نفخة الروح( واألمر املشار إليه يف اآلية هو أمر ربويب صادر إىل املالئكة بأن حيرتموا تلك اإلرادة وما ينجم عنها -) الروح(حبث هذا املوضوع والتأمل يف ما تعنيه عبارة

وأن يواصلوا عملهم بطريقة خمتلفة عما لو كانوا يتعاملون مع خملوقات غري خمرية كاحليوانات أو - اإلنسجام التام مع القوانني اإلهلية وإن خرج عن سياق - .النباتات أو اجلمادات

وهنا يتجلى لنا معىن ما حتدثنا عنه يف احملاضرات املتعلقة مبفهوم إبليس واجلن والشيطان، إذ أن بعض الصفا ت املـــبلسة واليت أريد تقليل أثرها على االنسان املطور أفلتت من عقال القوانني القاضية ببلسها نتيجة قوة القوانني األخرى او ضعف األطر اليت أريد oا بلس تلك الصفات، ما جعلها بالتايل ونتيجة

- وكاته غري منضبطة بإرادته أو بالروح اإلهلية الربوبية متاما، نتيجة عجز يف التكوين الظهور غري املرغوب فيه مؤثرة يف قرارات هذا اإلنسان، جاعلة بعض سل . أو عجز الحق ناجم عن الرتبية واحمليط يف القياسات اإلدراكية والعقلية ويف طريقة التفكري-وهو ما تسمح به القوانني اإلهلية العاملة

وإال فلو جاء كل شيئ ضمن مقاسات التطوير ا لربويب ودون جنوح الرعيل األول من آدم النوع إىل األكل مما جعله ظاملا ، ألمكن نشوء أجيال عاقلة عالية . بني احلني واآلخر- كساللة -وهو ما ­دف إليه املخططات الربوبية من خالل التطور املذهل يف النوع البشري رغم اإلنتكاسات احلاصلة فيه .. النوعية

.وهللا أعلم : تتضح لنا الصورة أكثر، دعنا نأخذ اآلية التالية كمثال خنتم به هذه احللقة لتوضيح ما نقولوحىت

يـعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم قل ال تـعتذروا لن نـؤمن لكم قد نـبأنا اÂ من أخباركم وسيـرى اÂ عملكم • ورسوله مث تـردون إىل عامل الغيب والشهادة فـيـنبئكم مبا كنتم تـعملون .(9التوبة94(

يـرى اÂ عملكم ورسوله(كيف تـردون إىل عامل الغيب مث(أقصد كيف يرى هللا تعاىل أعمال الناس؟ مث كيف يرى الرسول ذلك؟ مث كيف بعد ذلك يقول ) والشهادة فـيـنبئكم مبا كنتم تـعملون يـرى اÂ عملكم(؟ أقصد كيف تتم عملية الرد إىل عامل الغيب والشهادة؟ وما الفرق بني هذه العملية وعملية أن ) ؟ )

والحظوا أننا يف املرحلة األوىل كنا نتعامل م يـرى اÂ عملكم ورسوله(ع اإلصطالح التايل فـيـنبئكم مبا (بينما يف املرحلة الثانية صرنا نتعامل بطريقة خمتلفة ) كنتم تـعملون ).

نيا؟ أم أن واحدة منهما يف الدنيا واألخرى ؟ وهل هاتان املرحلتان يف الد)التنبيئ أو اإلنباء بالعمل(وبني ) رؤية العمل(فهل هناك فرق جوهري حقيقي بني يف اآلخرة؟

.تعاىل) علم هللا(إن توضيح هذه املسألة ستحسم األمر بالنسبة إىل مفهوم :مثال عملي لتوضيح املوضوع

لو أننا قمنا مبحاولة تشغيل مصباح يدوي يعمل على البطاريات اجلافة، وحينما ضغطنا على زر التشغيل فوجئنا بأن املصباح ال يعمل، حينها سنقوم .بعملية تدقيق للوقوف على اخللل الذي أدى إىل عدم إشتغال املصباح

Page 49: الإنسان بين الجبر والتفويض

وأول ما سيخطر على بالنا هو أن تكون البطاريات املوجودة يف داخله فارغة خالية من الطاقة فنقوم بإخراجها من املصباح وحماولة فحصها بطريقة من . ا مليئة ومشحونة بالطاقة، نقوم بفحص الدائرة الكهربائية اليت توصل الطاقة الكهربائية من داخل البطاريات اىل املصباح الصغريالطرق، فإذا وجدنا أ

ظيف وإعادة فإذا كانت ساملة حنتمل وجود بعض الوسخ هنا أو هناك هو الذي حيول بني الدائرة الكهربائية وبني إكتماهلا لتشغيل املصباح، فنقوم بعملية تن .البطاريات إىل موضعها املخصص وأعادة جتربة التشغيل

.وهنا نفرتض أن املصباح سيشتغليـرى اÂ عملكم :

وهي قوانني هللا -فعملية التدقيق على الثوابت اليت يعمل املصباح على أساسها ) رؤية هللا تعاىل لعمل املصباح(ما حدث يف مثالنا أعاله هو بالضبط . هي يف احلقيقة رؤية من قبل القوانني االهلية لدقة تطبيقها من قبل اجلهاز-الطبيعية اليت نكتشفها ونتعرف عليها ونبين اإلخرتاعات على أساسها

ورسوله(وهنا مالحظة عابرة حنيل توضيحها إىل مناسبة أخرى وهي عبارة يـرى اÂ عملكم و(املوجودة يف العبارة ) رسوله فكيف سريى الرسول العمل؟ نود ) يف ظين وفهمي طبعا -اإلشارة فقط بأن املقصود سواء املعاصرين له - ! هو ليس إطالع الرسول حممد صلى هللا عليه وآله كشخص على أعمال العباد-

ملا يف رسالته من اخلصوصية -كام الرسالة اليت جاء oا الرسول وإمنا هو تطبيق عمل الشخص العامل على مواد وثوابت وقواعد وأح-أو غري املعاصرين .وهللا أعلم. فهي عملية تطبيق أيضا للعمل على مواد الرسالة اليت جاء oا الرسول ال غري- اخلاصة بقومه

فـيـنبئكم مبا كنتم تـعملون : آليات أعاله فهي مرحلة توضيح ملاذا مل يعمل املصباح اليدوي يف املرحلة األوىل؟ وما هي حقيقة عمله واليت أمـا املرحلة الثانية اليت أشرنا إليها يف املثال من ا

ستتضح يف املرحلة الثانية بعد التدقيق فشرحنا للعملية هو الذي ميثل اإلنباء حبقيقة العمل . بأن املصباح مل يعمل ألن نوعا من املواد : واملقصود هو حينما نقول وهللا . املتأكسدة كانت حتول دون إكتمال الدائرة الكهربائية ما أدى إىل عدم إشتغاله

. اعلممن كل ما تقدم ميكننا القول بأن صفة : ميكن أن تكون ناجتة-اليت لن حنتاج إىل التفصيل فيها أكثر ) احلليم( وصفة -) العليم(

.فة العلم واحللم واإلخبار عنها الحقاإمـا عن رؤية يف املمارسة العملية وتأكد ص • .أو عن علم بكو ا صفة نفسية أو ذاتية ثابتة •أو بناءا على اإلحتمالني السابقني معا • .وهللا أعلم.

أية ميزة خترجه عن كونه غالما صغريا غضا طريا غري مستقر السلوكي) العليم(بـ ) الغالم(وعلى هذا األساس ال يضيف وصف رمبا يكون يف .. ات واملشاعر مرحلة ال حيسن فيها التفكري بأكثر من متعه ولعبه وعبثه وهلوه .وهللا أعلم.

.نكتفي oذا القدر يف هذه احللقة ونتابع يف احللقات املقبلة تفكيك األلغام املوجودة يف هذا النص لفهم ما ينطوي عليه من أسرار وهللا املوفق