ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا...

442
اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳـﺔ اﻟﺠﺰاﺋﺮﻳـﺔ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴـﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴـﺔ وزارة اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻌﺎﻟﻲ واﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺑﻠﺔ ــــ وﻫ ـــ ﺮان1 ﻛﻠﻴﺔ اﻵداب واﻟﻔﻨﻮن ـــــ ﻗﺴﻢ اﻟﻠ ـ ﻐﺔ و اﻷ دب اﻟﻌ ـ ﺮﺑ ـ ﻣﻌﺎﻟﻢ اﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ دﻻﻻت اﻟﻔﻀﺎء اﻟﺮواﺋﻲ ﻓﻲ ﻇﻞ رواﻳﺔ" اﻵن... ﻫﻨﺎ أو ﺷﺮق اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﻣﺮة أﺧﺮى" ﻟﻌﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻣﻨﻴﻒ أﻧﻤﻮذﺟﺎ أﻃﺮوﺣﺔ ﻣﻘﺪ ﻣﺔ ﻟﻨﻴـﻞ ﺷﻬـﺎدة دﻛ ــ ـــ ــ ـ ﻮراﻩ ﻋ ــــــــ ـ ــ ـ ﻮم ﻓـﻲ اﻟﻠﻐـﺔ واﻷ دب اﻟﻌﺮﺑﻲ ــ ـ ــ: اﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺋﻴ ـــ ﺎت و ـــ ﺤﻠﻴ ـــــــ ا ﻟﺨ ــــ ــ ــــ ﺎب إ ــــ ﺪاد اﻟﻄ ــــ ﺎﻟﺐ: إﺷـﺮاف اﻷﺳﺘـ ــ ﺎذ اﻟﺪﻛﺘ ــ ﻮر: ﻋﺒ ــ اﷲ ﺗـــــــــــﻮام ﻫــــﻮاري ﺑﻠﻘـــــﺎﺳﻢ أﻋﻀ ــ ﺎء ﻟﺠﻨﺔ اﻟﻤﻨ ــ ﺎﻗﺸﺔ: أ. د. ـ ـ ﺎﺻﺮ ـ ـ ـ ﻮل.... ..... ... .. . . .. . . .. . . . ـ ﺎﻣﻌﺔ وﻫ ـ ﺮان1 ........... . ......... .. . ... ......... .. ..... رﺋﻴـ ﺴﺎ أ. د. ﻫـ ـ ـﻮاري ﺑﻠﻘـ ـ ـﺎﺳﻢ........... .... . .. . . . .... ـ ﺎﻣﻌﺔ وﻫ ـ ﺮان1 . .............. . ...... . ... . ........ . ﻣﺸ ـ ﺮﻓﺎ وﻣﻘ ـ ﺮرا أ. د. ﻣﺤﻤﺪ ـ ﻦ ﺳﻌﻴ ـ.......... ..... . . . .. . ... ـ ﺎﻣﻌﺔ وﻫ ـ ﺮان1 .. ............... . ........... ..... ....... . ﻣﻨ ـ ﺎﻗﺸﺎ أ. د. ﻋﺒﺪ اﻟﻘ ـ ﺎدر ﻫﻨ ـ.......... ...... .. .. . . .. ـ ﺎﻣﻌﺔ اﻟﺠ ـ ﺰاﺋﺮ........... . ......... . .... . .. .. .... . .. .... ﻣﻨ ـ ﺎﻗﺸﺎ أ. د. ﻋﺒﺪ اﻟﻘ ـ ﺎدر ﻋﺒ ـ ـ..... ... .. ..... ... . . .... ـ ﺎﻣﻌﺔ ﺳ ﻌﻴ ـ ﺪة.................. . ... . ...... . . .. ...... .... ﻣﻨ ـ ﺎﻗﺸﺎ أ. د. ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر زروﻗ ـ......... ...... .. . .. . .. ـ ﺎﻣﻌﺔ ﺗﻴـ ـ ـﺎرت................ . .... ..... .... .. ... . . ...... ﻣﻨ ـ ﺎﻗﺸﺎ اﻟﻤﻮﺳﻢ اﻟﺠﺎﻣﻌﻲ: 1436 / 1437 ـــــ2015 / 2016

Upload: others

Post on 14-Sep-2019

12 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

الجمهوريـة الجزائريـة الديمقراطيـة الشعبيـة

وزارة التعليم العالي والبحث العلمي

1ران ـــوهــــ بلة جامعة أحمد بن

يـربـالع دباألو غة ـقسم الل ـــــ كلية اآلداب والفنون

دالالت الفضاء الروائي في ظل معالم السيميائية

لعبد الرحمن منيف أنموذجا" أخرىهنا أو شرق المتوسط مرة ...اآلن" رواية

العربي دبواألفـي اللغـة وم ــــلــــــــوراه عــــــتــدكلنيـل شهـادة مة مقد أطروحة

ابــــــطــــلخال ـــــــحليـــتو اتـــالسيميائي: صــصـخــت

:ورــالدكت اذــإشـراف األستـ : البــــالط دادــــعإ

بلقـــــاسم هــــواري اهللا تـــــــــــوام دــعب

: اقشةــلجنة المناء ــأعض

رئيــــسا..... ......................................1 رانــامعة وهــج. ........................ولــبـمطـساصر ـــــن.د.أ

رراـرفا ومقـمش. ...................................1 رانــامعة وهــج.... .....................ـاسمـــبلقـ ـواريـهــــ.د.أ

اقشاــمن. .........................................1 رانــامعة وهــج... .....................د ـــن سعيـــبمحمد .د.أ

اقشاــمن.... ......................................زائر ــامعة الجــج.. ......................ي ــادر هنـــالق عبد. د.أ

اقشاــمن.... .......................................دة ــعيامعة ســج.... .................... وـــــادر عبــــالق عبد.د.أ

اقشاــمن...... ..................................... ــارتــامعة تيــــج.. .....................ي ــزروقعبد القادر .د.أ

2016 / 2015 ـــــ 1437/ 1436 :الموسم الجامعي

Page 2: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو
Page 3: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

:قال تعالى

ك ال علم لنا إال ماقالوا سبحان ﴿

﴾ علمتـنا إنك أنت العليم الحكيم

.32اآلية : سورة البقرة

Page 4: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

... تعبيأهدي جني ثماري وقطوف

إلى من حصد األشواك عن ...ة سعادة ظمن كلت أنامله ليقدم لنا لح إلى

.العزيز أبي... من مهد لي طريق العلمإلى ...درب

ى القلب ــإل... اءـــــبلسم الشفإلى ...ان ـــــب والحنـي الحـنـى من أرضعتـإل

.الغالية أمي... الكبير

.الحبيبة يــزوجت... الص ـــاء واإلخــــاني الوفــــمن سقإلى ...رمز الحبإلى

...وأقارب...وأخوات ... إخوة و ... أوالد : كل أفراد العائلة إلى

.حفظه اهللا ورعاهاسم ـــبلقواري ـهور ـــإلى المشرف األستاذ الدكت

. جمع الحب والوفاء لرب السماءأو

Page 5: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

رــــــكلمة شك

الحروف ليجمعها في ر قبل أن يخط يتوقف اليراع ليفك اللحظاتفي مثل هذه

المشرف الدكتور األستاذ ه بالشكر بعد اهللا عز وجل، إلى توج ألك إال أن أمال ف، كلمات

،في كل مراحلهإلى جانبي هفو وقو ، على تفضله بتأطير هذا البحث هواري بلقاسم

، إذ يعود له منذ كان فكرة توجيهاته ونصائحه القيمةو في جميع محطاته بمتابعته ي وإعانت

فكان دعمه لي سندا قويا في مواجهة صورته هذه، علىالفضل الكبير في إبرازه

.والوصول إلى الغاية المنشودة الصعوبات،

اصر ـن.د.أ: اقشةــاء لجنة المنـــأعضادة ـــالسل إلى ـــبالشكر الجزي أيضادم ـــأتقكما

و ــــعب ادرــــعبد الق.د.ي، أـنـهادر ـــــالق عبد.د.، أدــــبن سعيمحمد .د.ول، أــــــبطمس

. تقويمه وتصويبهوا قراءة هذا العمل ومناقشته لــل بـ ن قـــذيل، اليــادر زروقــــعبد الق.د.وأ

، وإلى من يان إلى كل من أشعل شمعة في دروب عملــــأيضا جزيل الشكر والعرفي ومن

.يفكره لينير درب وقف على منابر العلم وأعطى من حصيل

وإن كان تقديري لهم أكبر من كل شكر تحمله شكرهم جميعا، فواجب علي

.خطاهم إلى سبيل العلم والمعرفةكل الجزاء، وسدد ي فجزاهم اهللا عن الكلمات،

Page 6: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دمــــــــــةـــمق

Page 7: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

مـــقـــــدمــــة

أ

وتبوأت ، املكتبات العربية والغربيةلت حضورها يفسج و ،كبرياشأنا الرواية العربية بلغتلقد

ها ؤ ساعدها على ذلك نضجها وثرا ،العريب املعاصر األديبمكانتها جبدارة على خارطة اإلنتاج

مشل كل مكونات ، ال على صعيد الكتابة الروائيةحتو ادثو حيأن العرب نروائيو الفقد استطاع ، وتنوعها

األوضاع الروائية توطرح معطيات جديدة قلب، اخلطاب الروائي وباألخص املكون السردي

باستنساخ الواقع تكتف ملالعربية ية روالقراءة ا فإن وعلى هذا األساس ،الكالسيكية رأسا على عقب

.مميزة يف خطا�ا وصيغتها هابل تطمح إىل جعل ،وتكرار مناذجه

لصورة اإلنسان يف صراعه مع احلياة، دبية جتسيدا أقرب األجناس األالرواية اليوم أصبحت و

عىن باملضمون وحده ويربطه بقضايا وإذا كان الروائي ي ، ضائها وسهولة لغتهافآلمال القارئ لسعة و

، الراوي ،املكان ،الزمان: السردية يف اخلطاب الروائي عاجل القضاياي قداالن فإن ، ا�تمع وأزماته

بوصف، املختلفة من مكونات السرد وعناصره الفنية وتقنيات أسلوبه وغريها...احلوارالشخصيات و

ه اإلبداعية والوعي بالعوامل ؤاس الفين من حيث البناء السردي بر ل تكامال بني اهلاجالروائي ميث العامل

يف ينالسيميائية للسرد معتمدمن الدراسات نا وقد أفد. لية للواقع املتشكل كواقع موضوعيالداخ

نذكرها ،مركزية يف هذا البحث إلشكاالتإلجياد أجوبة على جمموعة من املصادر واملراجع، ذلك

:كاآليت

هنا ؟ وهل ثم صالت داللية له ... في رواية اآلن فيم تمثلت دالالت الفضاء الروائي

؟ السيميائيةضوء المقاربةبالفضاء الوجودي والرمزي العربي عموما في وطبيعته بمستوى الوعي

ظهر نيسمى بسيميائية السرد أن الحداثية أو ما ةهذه المقاربضوءكيف يمكننا في

؟ العربيالروائي الخطابنامع هذا عـاملت فيميزة تالم هاخصوصيـات

ا نه إالقول نايمكن حد ؟ وإلى أي هنا...رواية اآلنتجسيد القضايا السردية في م تكيف

؟ يهاتمثيل المنهج السيميائي علباستطاعت أن تكسب الرواية جمالية وقيمة فنية

Page 8: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

مـــقـــــدمــــة

ب

في ) هنا...اآلن( هل هناك وعي بوظائف ودالالت الفضاء الروائي في الكتابة الروائية العربية

ي من إشكاالت سردية الروائي بما يطرحه الفضاء الروائ وما مقصدية ؟ السيميائية ضوء المقاربة

؟ " هنا...اآلن " في رواية

ـــرق شهنا أو ... اآلن" رواية لحاولنا تسليط الضوء يف دراستنا تالتساؤاله انطالقا من هذو

يتشكل ويتطور من بداية الرواية الذيلفضائها الروائيالداللة جانب على،"المتوسط مـــرة أخـــــرى

: ومنها املفاهيم الثالثة ،الروائي في الفضاءنني بأدوات متكننا من الولوج إىل البحثيإىل �ايتها، مستع

ميتريان يف باشالرو لومتانو تناوهلا ،وهي مصطلحات نقدية وأدوات إجرائية،الرؤيةالتراتبية و ، التقاطب

.الداللية والجماليةأبعاده واستجالء للفضاءحتليلهم

اقتضى البحث الوقوف عند مكونات الفضاء، وعزل كل ف،من هذه الدراسةالتطبيقي الشق أما

مما أوجب، دالالتها وجمالياتهاالستجالء معالم المقاربة السيميائية، وحتليلها وفق ةعنصر على حد

جمال أما الرؤية فلها . تعدده ومالحقته يف انشطاره وتناسله الال �ائينييف الروائي الفضاء علينا متابعة

عرض يف عرض مكونات الفضاء الروائي، فضال عما تقوم به وتوجيهها السردية أوسع يف تأطري

الروائي فضال عما ستقوم به كمعيار حاسم لقياس املدى الذي تطاله قدرة ،مكونات الفضاء الروائي

احلاجة يب على حنو يل ،يف العمل الروائيصرين مهمني تقدميهما كعنالزمان و أجزاء املكان و يف تطويق

.االستداللالتأويل و هاجس و االنسجامإىل االئتالف و

مكونا سرديا، فإ�ا ال تزال ليت تناولت إشكالية الفضاء بوصفهاحملاوالت اجلادة امن غم ر على الو

فالفضاء ،اساتقاصرة على اإلجابة عن كل التساؤالت اليت قد تعرتض الباحث يف مثل هذه الدر

.من أن حتيط به هذه التساؤالتب رحفيما يبدو أوسع وأ

ـــي فـــي ضـــوء معـــالم ونطمـــح مـــن خـــالل دراســـتنا هـــذه إىل الكشـــف عـــن دالالت الفضـــاء الروائ

من خالل التصور النظـري والعمـل التطبيقـي، معتمـدين علـى تشكيــــالت الفضـــــــــــاء الروائـي السيميائية

كالشخصـيات واللغـة واحلـدث يف احلكـي ببناءيـه املكـاين والزمــــــــاين، وكـذا عالقتهمـا بالعنــــاصر األخـرى

Page 9: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

مـــقـــــدمــــة

ج

والسوســـيولوجية والثقافيـــة ة،للكشـــف عـــن دالالت الفضـــاء الروائـــي وأبعـــاده الفكريـــة واإليديولوجيالروائي

.واحلضارية

حقال إبداعيا يرمتي بني أحضانه " شـــرق المتوسط مـــرة أخـــــرىأو هنا ... اآلن" رواية د وتع

اد الذاكرة جالء أبعستاو ،زمانيةو رؤية فنية مكانية على مل توتش ،بإجيابياته وسلبياتهالعريب الواقع

أمناط السرد التقليدي واخرتق ثار علىاداثياحأدبيافقمتثألتبقى هذه الرواية و .اإلنسانية يف الرواية

قت صدى قويا يف األوساط أحد النماذج اليت ال وهي ،والتقنية يف الرواية احلديثةالبنيات الفنية

وبذلك . املنت الروائي إىلالولوج ختطي األسلوب النمطي و واستطاعت بتصويرها الفين ،األدبية

يف عمق مشاهد اجتماعية ضاربة إنسانية و الية و مجعنقيم قد كشف ،ربوايته هذهالرمحن منيف عبديكون

والتحليل شهرة واسعة فتهافتت الدراسات واألحباث عليها بالتنقيب أكسبها هذا كل .التاريخ العريب

. الوطنوالذاكرة تزاوجا بني إذ خلقت،جماال جديدا يف عرض فضاءات الذاكرة هاكشفيف

دالالت الفضاء الروائي يف ظل معامل السيميائية ــ رواية : ــاملوسوم بلعنوان اختيار اافع و دا أم

فرضته طبيعة املنت الروائي الذي ف، هنا أو شرق املتوسط مرة أخرى لعبد الرمحن منيف أمنوذجا...اآلن

دفعنا لقراء�ا متنوعة للفضاء كمكون سردي، إضافة إىل الفضول النقدي الذيو يزخر بصور متعددة

ملا من مكونات خطا�ا السردي، كما تكتسي هذه الدراسة أمهية قراءة معمقة، والوقوف على مكون

يف حتليل الظواهر ةالسيميائيمبادئ القراءة،متبنني القراءة وفق رؤية نقدية حداثية تثريه من مستجدات

إىل والنفاذاخلفيةكشف عن جوانبهيف ال املوضوعيةبنكون ملتزمني ل،الروائي اخلطابهذا البارزة يف

يف مظاهر االشتغال ناحثفب.داخلهاملتوارية حركة العالقات وإدراك ،صدهمقا الستظهارالداخلية عوامله

على اجلوانب اليت ميكنها أن تضيء أسئلتنا مركزين ،تجربة الروائية لعبد الرمحن منيفالفضائي يف ال

.وتستجيب للتأمل وابتكار الداللة

تؤطربوصفه أمكنة وأزمنة ليسفالفضاء يف الرواية العربية املعاصرة، دالالت ا اشتغالنا بسؤال أم

،كشكل ومعىن، أي تكوينيا وأدبيا ومجالياالوقائع، بل الفضاء كوعي عميق بالكتابة األحداث و

Page 10: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

مـــقـــــدمــــة

د

املعريف السيكولوجي و بنسيجنا اجلمايل و و ملتصق بوعينا الثقايف واالجتماعي ووجود ،هويةوكذاكرة و

.واإليديولوجي

التداعي والتأمل علىالفضاء الرحب فيها الذي أضاء أسئلتنا، وحفزنا ، هوشدنا أكثروما

، للكشف عن آليات بالسيميائيات السرديةالكتشاف دالالت الفضاء الروائي، مستأنسني يف ذلك

السيميائية، ضوء املقاربةاتيجيات دراسته يف اشتغال الفضاء الروائي العريب وفقا ملا تيسر لنا من اسرت

اليت توحي امركزين عل صور املكان وألوانه وتسمياته، وخطوط الزمن وحركية الشخصيات وسلوكا�

مبظاهر ا�تمع املتعددة من ألفاظ وتعبريات ووظائف يف هذا العمل السردي، مما يشكل العامل املهم

توارية كبنية حتتية يف اخلطاب الروائي، واألبعاد الداللية والسوسيولوجية والفعال يف إدراك العالقات امل

.والثقافية واحلضارية هلا

سرتاتيجية اقد فرضت علينا هذه الرؤية املنهجية ف، ولكي ينتظم بنا السري يف هذا البحث

.ملحقخامتة و و ولة فصأربعو مدخلتقسيم البحث إىل

جراءات التحليل السيميائي إمفهوم الفضاء الروائي و يفأما املدخل فهو توطئة نظرية و

. ة املوضوع قبل التوغل يف حيثياتهتأخذ بفكره ووجدانه لفهم طبيعتثري رؤية املتلقي و للخطاب

ما يتطلبه و ،ب طبيعة املوضوعيشمل كل منها عدة عناصر مرتبة حسف األربعةالفصول ما أ

:وهي كاآليت ،حقهية إيفاء املوضوع بغ ،تأخريمن تقدمي و

مفهوم :والذي خنصصه لــ، الروائي يف ظل معامل السيميائية دالالت املكانموسوم ب: الفصل األول

بالشخصيات تهعالقو دالالت املكان الروائي،انيةات املكبلتقاطا،تههندساملكان الروائي، أنواعه،

.الروائية

Page 11: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

مـــقـــــدمــــة

ه

مفهوم : والذي خنصصه لــ،دالالت الزمن الروائي يف ظل معامل السيميائيةموسوم ب: الفصل الثاينو

متظهرات البنية الزمنية يف الرواية ،تقنيات زمن السرد، السرداملفارقات الزمنية يف،ه جتليات، الزمن الروائي

.ن الروائيعالقة الزمن باملكاو العربيةودالال�ا من خالل القرائن الدالة عليها

، ي يف ظل معامل السيميائيةدالالت الشخصيات الفاعلة يف الفضاء الروائموسوم ب: الفصل الثالثو

داللة ، فاعلة يف بناء الفضاء الروائيكذاتالشخصية ، الشخصية الروائية مفهوم:على فيه الذي اشتغلناو

وعالقتها بالفضاء الروائي، داللة أفعال الشخصيات وعالقتها بالفضاء الروائي، أمساء الشخصيات

.الروائي كانعالقة الشخصيات باملو وعالقتها بالفضاء الروائيداللة أقوال الشخصيات

يف ظل معامل اللغوي ومستويات اللغة السردية دالالت املنظور الروائي من خالل البناء: الفصل الرابعو

توظيف الشخصية أو املمثل كمنظور ، توظيف املكان كمنظور روائي:والذي خنصصه لـــ، السيميائية

دالالت البناء اللغوي يف متظهر ، املنظور الروائي من خالل دالالت العنوان،الرؤية السردية،روائي

.مستويات اللغة السردية يف حتديد املنظور الروائيو املنظور الروائي

إىل اآلفاق املستقبلية ينمشري النتائج املتوصل إليها من خالل البحث فاقتصرت علىاخلامتة أما

لحات النقدية الواردة يف البحث ثبت املصط ،الرموز املستعملة يف التوثيق: يهنتناول فامللحق فأما و .له

.ترمجة األعالمو

نبيةــأجو ربيةـــع ادر ومراجعــملص راءاتـــقج ا ـــبل كان نت ،وال فردياـــــال وقـــأمــمل يكن ت ثـــالبح هذاو

هنا أو شرق املتوسط ...رواية اآلن ( عبد الرمحن مونيف :نذكر منها، سابقة ودراسات نقديةومرتمجة

.)أخرى مرة

Algirdas Julien Greimas ( Sémantique Structuralx ) ,Dominique

Maingueneau ( Les termes clés de l'analyse du discours ), Joseph Courthes (

Analyse Sémiotique de discours ), Roland Bourneuf ( L’organisation de

L’espace dans le Roman ), Gerard Genette ( Figures III ), Henri Mitran(

Discours du roman ).

Page 12: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

مـــقـــــدمــــة

و

واهلوية يف ـ املتخيل ـشعرية الفضاء السردي ( يــــحسن جنم، ) يــبنية الشكل الروائ(راوي ـن حبـــحس

مدخل إىل ( سعيد بنكراد، )السيميائيات السردية مقدمة يف(رشيد بن مالك ، ) الرواية العربية

الفضـــاء ( احل إبراهيم ص، )مجاليـات املكـان يف الرواية العربية ( كر النابلسيا ، ش) السيميائية السردية

ل ااء الروائي عند مجـــشعرية الفض( علي إمســــاعيل ، عزوز) ولغة السرد يف روايـــات عبد الرمحن منيـــــف

السردي ــ سيميولوجيا النص ( ذوييب خثري الزبري ،)ردي ـشعرية اخلطاب الس( زام عحممد ، ) الغيطاين

)مقاربة سيميائية لرواية الفراشات والغيالن جريار جينيت ،)شعرية الفضاء الروائي( كيسنر.إ.جوزيف

ـــ جدلية الزمن( اشالرـــب استونــــغ ،) اء والتأويلــــالسيمي ( روبرت شولز، ) الروائيالفضاء ( وآخرون

.) ات الروائيةــا الشخصيــسيميولوجي( هامون فليب ،) انـــات املكــمجالي

املشرف الدكتور هواري األستاذ ه بالشكر بعد اهللا عز وجل، إىل توج ألك إال أن أمال و

يف مجيع حمطاته وإعانيت ،يف كل مراحلهإىل جانيب وفهووق، تفضله بتأطري هذا البحث بلقامسعلى

صورته على، إذ يعود له الفضل الكبري يف إبرازه منذ كان فكرة توجيهاته ونصائحه القيمةو مبتابعته

.هذه،فكان دعمه يل سندا قويا يف مواجهة الصعوبات،والوصول إىل الغاية املنشودة

حممد .د.بول، أطماصرسـن.د.أ: أعضاء جلنة املناقشةالسادة بالشكر اجلزيل إىل أيضاأتقدم كما

لوا قراءة هذا ب ذين ق ل، العبد القادر زروقي.د.و وأـعبد القادر عب .د.ي، أـنـعبدالقادر ه.د.بن سعيد، أ

.توجيها�م القيمةب تقوميه وتصويبهومناقشته ل البحث

فجزاهم وإن كان تقديري هلم أكرب من كل شكر حتمله الكلمات،علي شكرهم مجيعا، فواجب

. د خطاهم إىل سبيل العلم واملعرفةكل اجلزاء، وسد اهللا عين

قــــــــــــأل التوفيــــــــواهللا نس

ـوامــــــداهللا تـــــــــــعب: بـــالــــالط

01جامعة أمحد بن بلة ـــــ وهران

Page 13: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

:ـ اإلطار المعرفي للفضاء 1

. ـ مفهوم الفضاء 1ـ 1

.ـ الفضاء كمصطلح نقدي 2ـ 1

ـ أنـــــــــــواع الفضاء 3ـ 1

.ـ الفضاء النصي 1ـ 3ـ 1

. ـ الفضاء كمنظور أو كرؤية 2ـ 3ـ 1

. ـ الفضاء كمعادل للمكان أو الفضاء الجغرافي 3ـ 3ـ 1

. ـ الفضاء الداللي 4ـ 3ـ 1

.ـ الفضاء الروائي 5ـ 3ـ 1

. في ضوء المناهج النقدية الحداثيةـ داللة الفضاء الروائي 2

.تطبيق المنهج السيميائي على السرد ـ 3

.ـ اآلليات اإلجرائية للقراءة السيميائية 4

.ـ سيميائية المكان 1ـ 4

. ـ سيميائية الزمان 2ـ 4

. ـ سيميولوجياالشخصيات 3ـ 4

.ـ سيميائية اللغة السردية 4ـ 4

:لــــــالمدخ

.الفضاء الروائي والقراءة السيميائية

Page 14: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المـــدخـــل الفضاء الروائي والقراءة السیمیائیة

14

: اإلطار المعرفي للفضاءـ 1

:الفضاء لغة ـ 1ـ 1

فضـــى إذا ،وأ فضـــا املكان، وقـــد وا، فـــاض فضـــا ،يفضـــو، فضـــ: )مـــادة فضـــا (ورد يف لســـان العـــرب

: الفضــاء و أنــه صــار يف فرجتــه وفضــائه وحيــزه، أصــلهفضــى فــالن إىل فــالن أي وصــل إليــه، و وأ ســع، ات

، ونقـــول املكـــان الواســـع مـــن األرضوالفضـــاء .واتســـع، ومجعـــه أفضـــيةالســـاحة ومـــا اســـتوى مـــن األرض

.1عس ت املــــى أي ض ف ـــــــامل، ونقول أي واسع ،فض مكان م

:الفضاء اصطالحا ـ 2 ـ 1

مـــن فوقنـــا ومـــن ، وحيـــيط بنـــا مـــن كـــل جانـــب ،فضـــاء الرحـــب الـــذي حيـــددنا وحنـــددهنـــه الأ عـــرفي

دورا ذا أمهيـــة يف عمليـــة الفهـــم والتفســـري باعتبـــاره مكونـــا مـــن يـــؤدي، ،ال �ـــائيامشائلنـــأمياننـــا و ،وعنحتتنا

.2مكونات اخلطاب األديب

، الثقافيــة، وتنظــيم أفعــال الكائنــاتيف ترتيــب العالقــات االجتماعيــة و اء عنصــرا مهمــاضــثــل الفومي

من اخرتاقات الفضاء لنا، ألجسادنا، ألفكارنا، واليت تنبه إىل نوع، اجلماعاتراد و ــــــوك األفـــسلي ــــوعو

األشـــياء تنـــتظم فيـــه الكائنـــات و للعـــامل، احمايثـــعلـــى الـــدوام الفضـــاء ولقـــد شـــكل " ، لوجـــداننا وملعارفنـــا

ة تلـــكالوجوديـــة واالجتماعيـــة والثقافيـــة، ومـــن مثـــ بيـــاتتاق والرت وعي والعالئـــلقيـــاس الـــ اار معيـــ ،واألفعـــال

، 3"اتيف وعي وسلوك األفراد واجلماع يةات األنرتوبولوجهت إليها الدراسبانت اليتائية الفض اتالتقاطب

، دار صادر 2005، 4، ط15، لسان العرب، ا�لد اإلفريقي املصري منظور أبو الفضل مجال الدين حممد بن مكرم بن: ينظر 1

.158 - 157: ص، صللطباعة والنشر، بريوت، لبنان ــ 40: ، دار العني للنشر، القاهرة ،مصر، صص2010، 1ط ،عزوز علي إمساعيل، شعرية الفضاء الروائي عند مجال الغيطاين 2

41.

، املركز الثقايف العريب،الدار البيضاء 2000، 1ـ املتخيل واهلوية يف الرواية العربية،طالسردي حسن جنمي، شعرية الفضاء 3

.05، ص )لبنان(،بريوت )املغرب(

Page 15: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المـــدخـــل الفضاء الروائي والقراءة السیمیائیة

15

،فـإن كـل مـا جيـري فيهـا مـن أحـداث يـتم علـى حنـو والرواية من حيثهي فضاء لفظي قائمة علـى احملاكاة

.1فضائي متزامن آنيا

:مصطلح نقدي كالفضاء ـ 3ـ 1

األثــر األول متثـل يف اجلهـد الــذي : نيالفضــاء يف أثـرين أساسـيفكـرة تنـاول الفكـر النقــدي الغـريب

ـــالفض :دراســته مــن خــالل) U.Eizenzweig( يغ ـزفــــزنـبلــوره يــوري إي ( ولوجياــــــيف الــنص واالدي اءـ

فضــائي يف األدب الالشــكل : مــن خــالل دراســته) J.Frank( ، وجوزيــف فرانــك )قرتحــات نظريــة ا

ممــا اســتلزم ربطــه ،متوضــع الفضــاء املتخيــل للــنص األديب داخــل ســياق إديولــوجياحلــديث، األوألفــاد يف

، أمـا الثـاين الفضـاء املتخيـل للـنص بعمـق داليل،من شأنه أن يسم بإطار سيميائي عام ثقايف وحضاري

،وذلك بتجـــاوز العـــائق النظـــري ن يشـــكل املـــادة اجلوهريـــة للكتابـــةفقـــد أفـــاد أن الفضـــاء الروائـــي ميكنـــه أ

لغريب الذي جيعل النص األديب زمنيا بالضرورة، أي ال ميكن تلقي عالما�إال متسلسلة ومتتابعـة زمنيـا، ا

.2قائمة على منطق التجاور والتزامنمن منطلق أن العالمات التصويرية

إن مصـــطلح : " ح احليـــز علـــى مصـــطلح الفضـــاء بقولـــهفضـــل الناقـــد عبـــد املالـــك مرتـــاض مصـــطلو

ألن الفضــاء مــن الضــرورة أن يكــون معنــاه ،احليــز إىلى األقــل قاصــر بالقيــاس علــمــن منظورنــا الفضــاء

ء والـــــوزن والثقـــــل واحلجـــــم اســـــتعماله إىل النتـــــو لـــــدينا ينصـــــرف ز، بينمـــــا احليـــــيف اخلـــــواء والفـــــراغجاريـــــا

، 3"يف وحـده على حني أن املكان نريد أن نقفه يف العمل الروائي على مفهـوم احليـز اجلغـرا... والشكل

ســافر، خــرج، أحبــر، : فيعــين بــه مرتــاض، املظهــر غــري املباشــر مثــل قولنــا: أو اإلحــائيأمــا املظهــر اخللفــي

، وهـو يقصـد بـذلك املشـهد الـذي فهذه األفعال حتيل على عوامل ال حدود هلا، وهي أحياز يف معانيهـا

حـداث، ومـن للشخصية علـى مسـرح األنراه يف الوصف حنو املدرسة والبيت والطريق واملسجد كخلفية

، بريوت )املغرب ( ، إفريقيا الشرق، الدار البيضاء 2003حلسن امحامة، : تر، الروائي ، شعرية الفضاءنرسيك.إ.جوزيف : ينظر 1

. 11 -10: صص، )لبنان ( . 07س، ص .حسن جنمي، شعرية الفضاء السردي، م: ينظر 2 .141ص، ، دار الغرب للنشر والتوزيع، وهران، اجلزائر2005عبد املالك مرتاض، يف نظرية الرواية ـــ حبث يف تقنيات السرد، 3

Page 16: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المـــدخـــل الفضاء الروائي والقراءة السیمیائیة

16

الــذي خيــرج ال مث : " ، حيــث قــالعنــده ينتقــل مــن حيــز إىل حيــز آخــر،فهــو ينتقــل مــن مكــان إىل آخر

.1"خيلو من أن يكون خروجه من حيز ما ومقصده إىل حيز ما آخر

الروايــة أمكنــة يشــمل أمــا مســر روحــي الفيصــل فــريى أن الفضــاء أكثــر اتســاعا مــن املكــان، فهــو

والحظ أن حتليل املكـان يف الروايـة يقـود ،كلها، إضافة إىل عالقا�ا باحلوادث ومنظورات الشخصيات

ثـه علـى مكـان يالروائـي يقصـر حد وإن كـانحـىت هناك روايـات فإىل حتديد طبيعة الفضاء الروائي فيها،

دل علـى أنـه ميكـن التمييـز ا تطـرح فضـاءات عـدة، ولكـن التـدقيق فيهـا يـيـدل علـى أ�ـظاهرهـا ف، واحد

.2بني فضاء مركزي وفضاءات فرعية تشكل شبكة عالقات متداخلة معقدة

أبعادا جديدة يف النقد املعاصر، حبكم أننا نصادف يف دراساتنا أخذ الفضاء كمصطلح نقدي

والفضاء الروائي، ، الفضاء املكاين، الفضاء الزمينالفضاء النصي: هاالتحليلية عبارات عديدة نذكر من

والشارع ،أو املأوى الذي ولدت وتربت فيه البيتو األرض اليت نشأت عليها الشخصيات،ثل فهو مي

فهو املكـان أما، رت بهتأث ظة وشكلت فيه خياهلا، فأثرت و الذي ألفته ومارست فيه أحالم اليق

يرتبط باإلدراك وهو،3"احلجـوم و أوطبوغرافية حتكمها املقـاييس مساحــــــة ذات أبعـــاد هندسية "

.ندسية من خالل أبعادها اخلارجية،وأسلوب تقدميه هو الوصف هلذه املساحة اهلاحلسي

جهات نظر خمتلفة ترجح استعمال و ) Lieu(المكان إال أنه تصادفنا حيال مصطلح

من حيث ،الف الرؤى حول طبيعة النص األديبتبعا الخت ،) Espace(الفضاء مصطلح

عادال فالتوجهات اليت ترى أن طبيعة النص واقعية متيل إىل اعتبار الفضاء م ،إشكالية الواقع و املتخيل

أي أن طبيعة النص خيـــاليةــــ ترى غري ذلك أمــا التوجهــــات اليت. اجلغرافيةللمكان بأبعاده اهلندسية و

. 145، ص س.، معبد املالك مرتاض، يف نظرية الرواية ـــ حبث يف تقنيات السرد1سلسلة ،عبداهللا أبو هيف، مجاليات املكان يف النقد األديب العريب املعاصر، جملة جامعة تشرين للدراسات والبحوث العلمية: ينظر2

ناء الرواية العربية مسر روحي الفيصل، ب: وينظر ،124، ص 2005: ، س01: ، ع27: ، مجاآلداب والعلوم اإلنسانية

.256ص،، دمشق، سورياإحتاد الكتاب العرب، 1995السورية، .05، دار احلداثة للطباعة والنشر والتوزيع، بريوت، لبنان، ص 1988، 1عتدال عثمان،إضاءة النص، طإ3

Page 17: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المـــدخـــل الفضاء الروائي والقراءة السیمیائیة

17

طار ويف إ ،الرمزية داخل بنية النصو فإ�ا متيل إىل التعــامل مع الفضــاء من حيث وظيفته الداللية ــــ

Espace، جند أن الدارسني الفرنسيني استعملوا مصطلح الفضاءالتداخل بني مفهومي املكان و

غريماسو يركز الباحثان . 1د لوقوع احلدثللتعبري عن املكان احملد Lieuمن مصطلح بدال

مبفاهيم السيميائياتبوصفه مصطلحا يستعمل يف ) Espace(على مفهوم الفضاء كورتيسو

مربرا الستعادة دور املكان يف تشكيل إذ تعد ،2نظرا لدورها الوظيفي يف تشكيل الداللة ،متعددة

تأثري على للفضاء و .لعمق الفلسفي للتشكيالت املكانيةالفضاء الداليل للخطاب األديب من حيث ا

، وهو يندرج على حنو موفق يف اقتصاد املشهد، وال سيما املشهد الذي يعرف فيه الروائي إيقاع الرواية

بني شخصيتني ليجري حوارا بينهما، فتجري حينئذ لعبة توافقات بني الشخصيتني واملنظر الطبيعي

يوائم بني ،ادل بني الشخصيتنيالذي حييط �ما، ميتزج فيها وصف واقع العامل اخلارجي بالكالم املتب

فالروائي ال حيتاج بالضرورة إىل اإلسهاب والتفصيل يف وصف .3أحاسيسها واإلطار الذي حييط �ما

وسائل لتنويع صيغ التشخيص الفضاء لكي يكون له عونا كبريا يف تقنيته السردية، وهو يتيح ال

، فتنقل شخصية من الشخوص يؤدي إىل تبادل رسائل تتيح الفرصة حملكي يقوم به شخص السردي

، 4لطفرة يف الفعل بإدراج واقعة مروية وقعت بالفعل ىء يـ معلومات ال يعرفها اآلخران، ويه ثالث ميتلك

ى فحىت عندما يضرب الروائي عن الوصف، فإن الفضاء يكون عل ،ولكل رواية صلة نسبية بالفضاء

اجلملة من البساطة يف الرواية فإ�ا تتضمن فضاء، وأن كل حال متضمنا يف احملكي، ومهما يلفكل

وظيفة و وللفضاء فعالية روائية، إمنا هي خطاطات فضائية، ،لروايةما يعلق بذهن القارئ أثناء قراءته ل

ائي قد يوحي مبفاهيم ودالالت ومفهوم الفضاء الرو .5الرواية أن تفتح الفضاء املتخيل على مصراعيه

. 66ص سوريا، منشورات إحتاد الكتاب العرب، دمشق، ، 2005 حممد عزام، شعرية اخلطاب السردي،12 A.J.Greimas et Courtes ,Sémiotique, Dictionnaire raisonné de la théorie du langage,

Hachette, France, 1979, p 132. ـــ بريوت ) املغرب ( ، إفريقيا الشرق، الدار البيضاء 2002عبد الرحيم حزل، : تر ،جريار جينيت وآخرون، الفضاء الروائي: ينظر3

.63، ص )لبنان ( . 41- 40: صصاملرجع نفسه،: ينظر 4 . 63،ص س.م،جريار جينيت وآخرون، الفضاء الروائي: ينظر 5

Page 18: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المـــدخـــل الفضاء الروائي والقراءة السیمیائیة

18

الزماين والفضاء الروائي الفضاء املكاين، الفضاء: خمتلفة، منها متعددة، أي ينطوي على أبعاد

ويكشف لنا الفضاء عن درجة وعي . الكتابة أو ما يسمى بالرؤية السردية ـ استلزمتها نسقيةكمنظور

الروائي وقدرته على االستيعاب والتشكيل مكانا وزمانا ملادته وتعبريه عن قضاياه الراهنة واألساسية،

.1ويثري النص الروائي مقمعا لوجوده وحضوره وفعله

:واع الفضاء ـــــــــــأنـ 4ـ 1

:واع ـــــنأإىل مخسة الفضاءينقسم

L’espace textuel: الفضاء النصي ـ 1ـ 4ـ 1

التصورات ناسرديـــا ال يـــوجد إال من خـالل اللغة متضمنـــا املشاعر و ــاء الــروائي مكـو إذا كان الفض

احليز الذي تشغله الكتابة ذا�ا هوالفضاء النصيالكلمات، فإن هاعنالزمنية اليت تعرب و املكانية

، ويشمل ذلك تصميم الغالف ووضع املقدمة وتنظيم على مساحة الورق باعيةها أحرفا طباعتبار

وهلا داللة للنصتشكيل اخلارجي المظاهر وهي ، ات حروف الطباعةالفصول وتشكيل العناوين وتغري

، يشيد فضاءه النصي وفق تصور حمكم أن الروائي مثل الفنان املهاريذلك ،2ةيمجالية وقيم

وحيمله هئميع أجزاالروائي جب شكل كموضوع للفكرالذي خيلقهتيلذلك فهو و " ، 3واسرتاتيجية معينة

، حيث أنه مرسوم باألسطر السوداء يف 4" وملبدإ املكان نفسهطابعا مطابقا لطبيعة الفنون اجلميلة

ملا ،تتحرك فيه عني القارئالذي فضاء الكتابة الطباعية أي أن الفضاء النصي هو ،5الصفحة البيضاء

اليت حداث األليت وقعت فيها فضاءات الدالالت مجالية أو قيمية ل يعينه على اكتشافملا ،القارئ

.احتو�ا الرواية

، س.، معبداهللا أبو هيف، مجاليات املكان يف النقد األديب العريب املعاصر، جملة جامعة تشرين للدراسات والبحوث العلمية: ينظر1

.135ص

. 72س، ص. ، م، شعرية اخلطاب السرديحممد عزام: ينظر2 .10ص س، .م، شعرية الفضاء الروائي، نرسيك.إ. جوزيف3، املركز الثقايف العريب للطباعة والنشر والتوزيع، 2009، 2الفضاء ـ الزمن ـ الشخصية، ط -الروائيحسن حبراوي، بنية الشكل 4

.27، ص )لبنان ( ،بريوت)املغرب ( الدار البضاء . 42س، ص .عزوز علي امساعيل، شعرية الفضاء الروائي، م5

Page 19: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المـــدخـــل الفضاء الروائي والقراءة السیمیائیة

19

L’espacegéographique:الفضاء الجغرافي أوالفضاء كمعادل للمكان ـ 2ـ 4ـ 1

حقيق لت، أو تحريك خيال القارئلاإلشارات اجلغرافية على تقدميدائما وائيونالر يعمل

وهو املكان الذي ،د عن طريق احلكي ذاتهوعليه فالفضاء اجلغرايف يتول ،استكشافات منهجية لألماكن

، فهو احليز م يتحركون فيهااملساحة اليت يتحرك فيها األبطال أو يفرتض أ� أو تدور فيه األحداث

ميكن أن يصل من خالهلما إىل املغزى الفكري ، حيث 1كاين يف الرواية أو احلكي عامةامل

ملا حيتويه من دالالت ،املفهوم ينهي املساحة املكانية ، فالفضاء �ذاوحىت الرمزي للنص يواأليديولوج

،وكذا ضبط نوعية ليت وقعت فيها أحداث الروايةمجالية أو قيمية لفضاءات األمكنة اجلغرافية ا

النص، أي التأثريات اخلفية اليت ميكن أن ميارسها توزيع هذه األمكنة يف التشكيل الداخلي ملضمون

نا أن حىت " ،نفسية واجتماعية وتارخيية وعقائدية ايكتسب داخل النص أبعادأن املكان اجلغرايف

، أي أن الفضاء 2"، أو ما يرتبط به بعاد عند اسرتجاعنا للمكان نفسهنسرتجع هذه السياقات واأل

يف النص وهو ، وصوره بل ينبغي أن يعاش كتجربة ال ينحصر يف استعراض حمتوياته املكايناجلغرافيأو

.بالتحليق يف فضائه الرحب الفسيح مفتاح ميكن القارئ من ولوج عامل النص ويعطيه اإلذن األديب

L’espace sémantique:الفضاء الداللي ـ 3ـ 4ـ 1

ا وإمن ،اهلندسي احملدود األبعاد يطنوعا من االتساع، وال يرتبط فقط باخلمصطلح كفضاء ال ميتلك

املوظفة يف نص من أو األشياء األمكنة ن أتل على، " الفضاء الداليل" عبارة ف،يتعلق باألفق الرحب

، أي أ�ا تعمل على وضع هلا على جسد لغويو مبجرد حتتها تتجاوز دائما واقعي األدبيةالنصوص

والداللة .3"إذ ال مكان خارج املخيلة " ،القارئ أمام توقعات ومتثالت جديدة يف خميلة القارئ

( ، بريوت ،املركز الثقايف العريب للطباعة والنشر2000، 3من منظور النقد األديب، ط محيد حلميداين، بنية النص السردي: نظر ي1

. 53ص ، )املغرب ( ـــ الدار البيضاء، ) لبنان . 24، ص، مؤسسة االنتشار العريب، بريوت، لبنان2008، 1بالغة املكان ــ قراءة يف شعرية املكان، طفتيحة كحلوش، 2 . 25، صاملرجع نفسه 3

Page 20: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المـــدخـــل الفضاء الروائي والقراءة السیمیائیة

20

ليست معطى جاهزا يوجد خارج العالمة وخارج قدر�ا يف التعريف والتمثيل، فاملعىن ال يوجد يف

.1لالشيء، وليس حمايثا له، إنه يتسرب إليه عرب أدوات التمثي

والفضاء الداليل هو رصد املعامل الواردة يف اخلطاب الروائي من معناها الشكلي الظاهري وحماولة

هذا الفضاء ليس أن تجيرار جنيويعترب ،تثمينها بأدوات لغوية وبالغة متيل القارئ للتأويل والتفسري

قت نفسه الشكل الصورة هي يف الو أن :" قول ، في" figure" شيئا آخر سوى ما ندعوه عادة

ضائية اللغة األدبية يف فا رمز � إ، بل ي الشيء الذي �ب اللغة نفسها له، وهالذي يتخذه الفضاء

.2"عالقتها باملعىن

لدور املنوط به يف إنتاج الداللة يف الرواية، وتشارك فالفضاء الداليل يؤدي فيه القارئ أو الناقد ا

البناء اللغوي من خالل شخصياتا العناصر املكونة للبناء الروائيمن أمكنة وأزمنة وأحداثو فيه خمتلف

وىل تعلق األ، وتوالرتكيبيةاملعجمية ، الصوتية: بني بنيا�اترابط وانسجام منالسردية مستويات اللغةو

،3اجلمل والرتاكيب ، بينما تتعلق الثالثة جبانبباجلانب الصويت للنص،وتتعلق الثانية باجلانب اللفظي

وتكمن وظيفتها يف كسر هذه القوالب وتبين من خالهلا ، ليست قوالب جاهزةإال أن هذه األخرية

، وذلك تبعا سها لتصل �ا إىل املعىن البالغيومن مث حترير املفردات من قامو ،أشكال تعبريية خمتلفة

يل، وقد تعرض له حتت مصطلح املعىن اخلفي، وهو ما يعادل الفضاء الدال لتعدد مستويات القراءة

بأنه املظهر غري املباشر الذي نتعرف عليه من خالل األدوات اللغوية غري : ، فعرفهعبداملالك مرتاض

بالتعبري عنها تعبريا غري ...اجلبل، الطريق، البيت، املدينة: ذات الداللة التقليدية على املكان مثل

حتيل فمثل هذه األفعال أو اجلمل...سافر، خرج، أحبر: قول القائل يف أي كتابة روائية: مباشر، مثل

.4على عوامل ال حدود هلا، وهي كلها أحياز يف معانيها

174...171: ، املركز الثقايف العريب، الدار البيضاء، املغرب، صص2005، 1السيميائيات والتأويل، طسعيد بنكراد، : ينظر 1

. 61ص س، .م، من منظور النقد األديب محيد حلميداين، بنية النص السردي2 .25، صس. بالغة املكان ــ قراءة يف شعرية املكان، مفتيحة كحلوش، : ينظر3، عن ا�لس الوطين للثقافة والفنون واألدب، 1998، 1ط، نظرية الرواية ـ حبث يف تقنيات السرد لك مرتاض، يفعبدامل: ينظر 4

. 144ص ،الكويت

Page 21: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المـــدخـــل الفضاء الروائي والقراءة السیمیائیة

21

ا حت ولو كانت الرواية بال الفضاء الداليل موجود على امتداد اخلط السردي، إنه ال يغيب مطلقف

يف اللغة، يف الرتكيب، يف حركية الشخصيات، ويف اإليقاع اجلمايل لبنية النص ، الفضاء حاضرأمكنة

.1األديب

L’espace commeune perspective ou( ورأو كرؤيةنظالفضاء كمـ 4ـ 4ـ 1

vision :(

أن وهي ترى رؤية،كالفضاء كمنظور أو عن ) juliakristiva ( اجوليا كريستيف تثحتد

حبيث يؤلف ،الفضاء مراقب بواسطة وجهة النظر الوحيدة للكاتب واليت �يمن على جمموع اخلطاب

، فالعامل الروائي مبا فيه من املسرحية بالواجهةالرواية كريستيفا ثلومت ،2يف نقطة واحدةكالمه كله

وهذا يشبه ما ، فة يديرها الكاتب وفق خط مرسومأبطال وأشياء يبدو مشدودا إىل حمركات خفي

�يمن على اليت فهي بذلك ترى أن رؤية الكاتب هي . 3ور الروائينظيسمى برواية رؤية الراوي أو امل

فضاء الروايةمبا فيه من أماكن وشخوص وما ينتج بني الشخوص من عالقات، وبني هذه الشخوص

نت هلا قبل أن اليت كا �امبعىن أن الفضاء وحمتوياته ال حيتفظون مبدلوال .واملكان من عالقات أيضا

. ، إمنا تتلون برؤية الكاتبتصبح مكونا سرديا

: ) L’éspacerommaneque (الفضاء الروائي ـ 5ـ 4ـ 1

ف عن خيتل )Espace Verbal( الفضاء الروائي ال يوجد إال من خالل اللغة، فهو فضاء لفظي

إال من خالل ذلك الرتكيب اخلطي الذي ختلقه أي ال يوجد . املسرحالفضاءات اخلاصة بالسينما و

من خالل ربطه بغريه من عناصر اخلطاب الروائي عة، فيتشكل كموضوع للفكر ندركه الكلمات املطبو

جيعله مما شديد االتساق والرتابط، ،والتماسكحمكم التالحم ،نه نسيجا متشابكاربطا جيعل م

وبالشخصيات التخيلية ،وباحلدث الروائي ،الزمنية للحكايةاملشاعر والتصورات املكانية و كل ن يتضم

. 65س، ص .حسن جنمي، شعرية الفضاء السردي ـــ املتخيل و اهلوية يف الرواية العربية، م 1

2Voir:Julia Kristiva, Le Texte du roman -Approche sémiologique d’une structure discursive

transformationnelle, La Haye, Mouton, Paris, 1970, p 186. . 74-73:س، صص. حممد عزام، شعرية اخلطاب السردي، م: ينظر 3

Page 22: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المـــدخـــل الفضاء الروائي والقراءة السیمیائیة

22

ل األمكنة من خالل ا تتشك وإمن ،د مسبقاوليس هناك أي مكان حمد .االيت تستطيع اللغة التعبري عنه

.1وهذا االرتباط هو الذي يعطي الرواية متاسكها ،األحداث اليت يقوم �ا األبطال

في الرواية ؟الزماني أو الحيز المكاني هل الفضاء الروائي هو الحيز :وميكننا طرح السؤال

يتميز بكونه املكان الذي جتري فيه أحـداث الروايـةال الفضاء الروائي أن الدارسون الغربيون وضحلقد

، فاحلدث الروائي ال يقدم سـوى فاعل يف املغامرة احلكائية ذا�ا، ولكن يضاف إليه الزمن كعنصر فقط

إال يســــتحيل علــــى العمليــــة الســــردية أداء رســــالتها و ،إحداثياتــــه املكانيــــة و الزمانيــــة مصــــحوب جبميــــع

ور ــــالديكات بـني األمـاكن والـزمن والوسـط و ـــــــــاء الروائـي جمموعـة مـن العالقــــــــــــــــن الفضإأي .2احلكائية

رغــــم يــــرى الكثــــري مــــن الدارســــني و .الشخصــــيات الــــيت يســــتلزمها احلــــدثو الــــذي جتــــري فيــــه األحــــداث

دراسـة علـىفإن الرتكيز جيـب أن يكـون ،اهلوامشواجلداول و كالبياضات د فضاء نصيتسليمهم بوجو

ــــالفض ــــاملكيقصـــدون و ،هـــو املظهـــر التخيلـــي أو احلكـــائيو اء الروائـــي ــــــــ ري فيهمـــا الزمـــان الـــذين جتـــان و ـ

جيعـالن مـن الـدارس الطبـاعي ذلك بأن دراسة الفضـاء النصـي و حجتهم يفو ،أحداث القصة أو الرواية

، وهذا عمل ينقل اخلطية اللفظية للخطاب النقدي إىل اللغة اجلدوليـة طبوغرافية خرائطواضع جداول و

، وهـــذا األخـــري مـــن حـــدث، وهـــذا البـــد لـــه لروايـــة قائمـــة أساســـا علـــى احملاكـــاة، فاالطبوغرافيـــةللخريطـــة

.3مكانازمانا و رورةيتطلب بالض

أكثـــر مـــن جممـــوع الفضـــاء الروائـــي هـــو " أن :فـــريى ) RolandBourneuf( روالنـــد بورنـــوف أمـــا

الــزمن فالفضــاء الروائــي يتكــون مــن، 5"يتحــدد باملكــان يف زمــان حمــدد " ، وهــو4"األمكنــة املوصــوفة

غاسـتون الفيلسـوف الفرنسـي الظـاهرايتوأحل .مهـا مرتبطـان يف العمـل الروائـيو ،املكـان الروائـيو الروائـي

. 71س، ص.حممد عزام، شعرية اخلطاب السردي،م: ينظر1

2Voir:Charles Grivel, production de l’intertromanisque, La Haye,Mouton,Paris, 1973, pp:

101…104. .29 - 28: س، صص.حبراوي، بنية الشكل الروائي، م حسن: ينظر3

4Roland Bourneuf, L’organisation de L’espasedan le Roman, Etudes

littéraires,québec,Lespresses de l’université laval,Paris, 1970, p 94. . 89ص لبنان، املؤسسة العربية، بريوت، ،1999، 1التقنيات السردية يف روايات عبد الرمحن منيف، طاحملادين، ميدعبد احل 5

Page 23: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المـــدخـــل الفضاء الروائي والقراءة السیمیائیة

23

: ل كتابيه من خال ،على مسألة تالزم الزمان واملكان يف العمل الروائي) 1964 ـــ 1884( باشالر

بني فعل املكان ،افق البطـيء بني األشيــــــاء واألزمان، عندمــــا يرصد التــــــــو مجاليات املكان وجدلية الزمن

.1الزمان على املكان، أي أن املكان عرب حتوالته يدل على وترية الزمانمان، ورد فعل يف الز

:ألنــه يعــاش علــى مســتويات عديــدة منهــا ،الفضــاء الروائــي ينشــأ مــن خــالل وجهــات نظــر متعــددةف

ــــالـــراوي بوصـــفه كائن ــــ، مـــن خـــالل اللغـــة الـــيت يستملها أساســـايـــلختيا مشخصـــا و ــــــ ــــا الروائـــــ لتحديـــد ي ـــــــ

وره وجهـة ديـدرج بـات األخرى اليت حتتويا أحداث الرواية، و القارئ الـذي يان و الزمان، الشخصــــاملك

.2نظره

:في ضوء المناهج النقدية الحداثية الفضاء الروائي داللةـ 2

متاشيا مع الظروف الراهنة اقتضى علينا احلال التعـايش مـع مـا تنتجـه إبداعيـة الغـرب يف جمـاالت

،زاح عـن املـألوف يف العـامل العـريبممـا جعلنـا ننـ ،ثقافيـة وحـىت األدبيـة ،سياسية ية،علمية، اقتصاد :شىت

، بعـض مـا حتتـاج إليـهألمـم مـن بعضـها وال ضـري يف أن تقـرتض ا ،لتايل اخلضوع لديناميـة االسـتهالكوبا

وانطالقــا مـن اقتنــاع مفــاده تكامـل العلــوم اإلنســانية لدرجــة ،ال يتضــارب مــع عصـارة احليــاة فيهــا مـا دام

فكــرة ارتبــاط األدب العــريب بــاألدب ترســختو . ،خاصــة يف جمــال اإلبــداع األديبودتــنطمس فيهــا احلد

، عـــامل املعرفـــة األدبيـــة احلداثيـــةالغـــريب كمســـلك اختذتـــه اجلهـــود التجديديـــة يف العـــامل العـــريب للولـــوج يف

البنيويـة والسـيميائيات، ،منها األسـلوبية،الفكرية حتسسـا للتغـريات احلاصـلة والنقد األديب أكثر ا�االت

ــــادين داخـــل العليـــبـــل وأصـــبحت مـــن أغـــىن امل ،كـــان الصـــدارةاألخـــرية الـــيت احتلـــت مخاصـــة هـــذه وم ــــــ

لت بآليا�ــــا ـة فتوســـــــــــــيويت البنــــــــوأعقب ،انياتــــــــــأدوا�ــــا التحليليــــة مــــن اللس اإلنســــانية كو�ــــا اســــتمدت

لتوضـيح بعـض همما اسرتعى اهتمامنا أن جنوس يف هذا املنهج احلداثي ومنرق خالل منعطفات، اإلجرائية

.كيفية التعامل مع النصوص األدبية خاصة السردية منهاآلياته التحليلية و

املركز الثقايف العريب، بريوت، لبنان، الدار ، 2003، 1براهيم صاحل، الفضاء ولغة السرد يف رواياتعبد الرمحن منيف، طإ: ينظر1

.9- 8: البيضاء، املغرب، صص . 32، ص س. لشكل الروائي، محسن حبراوي، بنية ا2

Page 24: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المـــدخـــل الفضاء الروائي والقراءة السیمیائیة

24

، وذلـــك بفضــل بنيتـــه را متحكمــا يف الوظيفـــة احلكائيــة والرمزيـــة للســرديعتــرب الفضـــاء الروائــي عنصـــو

وال متجــانس، وهــو يعــيش ،غــري مســتمر ،لروايــة مكــان منتــهففضــاء ا.1املرتتبــة عنهــا والعالئــــقاصة ــــاخل

.2الروائحاأللوان و ثغرات وغاص باألصوات و ال، كما أنه فضاء مليء باحلواجز و على حمدوديته

للبحـث يف دالالت هذه الصياغات النظرية ملفهوم الفضاء الروائي ومـن خـالل حماوالتنـا يف ظل و

ــات النظريــة نكيفيــة ، ميكننــا أن نطــرح تســاؤال متثــل يف الفضــاء الروائــي أن و تعامــل مــع هــذه المعطي

؟ اه معانيهنكواستالفضاء الروائي تالتأويل للكشف عن دالالالتحليل و نجعلها في خدمة

مــن يقربنـاهـو الـذي وإجـراءات التحليـل الســيميائي بــادئ البنيويـة وفـق م إن حتليـل الفضـاء الروائـي

الــيت مظــاهره تفســري و أســرار الــنص عــنكشــف ال نار و مبقــد حيــث يصــبح، يتــهلعمــل األديب يف كل اة داللــ

،مع الستينات من القـرن العشـرين تظهر افإ� ،السيميائياتأما إذا حتدثنا عن .بشكل عميقه تنظم

فإنـه مل جيـد سـبيله ،قائم بذاته علم اأ� وباعتبار ،لسانيات العامة يف التحليل النصيضمن معطيات ال

Ferdinand de سوســـــيردو فردينانــــداللغـــــوي : إىل التأســــيس إال علــــى يـــــد العــــاملني

Saussure )1857 1913ـ( شـارلز سـندرس بيـرسو Charl . S .Peirce )1839

الــذي يطمــح إىل أن يكــون علمــا شــارلز ســندرس بــريستصــوره إذ تنبــأ بــه دو سوســري و « ،)1914ـــ

حيــث يـرى أن الســيميائية هـي اإلطــار املرجعــي ،3» لغويــةغري العالمـات لغويــة كانـت أويـع أنســاق جلم

هـذه العلـــوم ال ميكـــن ،إلــخ... علـم الـنفس وعلـم الفلـك ،، الكيميـاءفكرية، فالرياضيـاتألي ممارسة

.4أن تتجـاوز دراستها اإلطار السيميائي

. 33س،ص .بنية الشكل الروائي، محسن حبراوي، 1 .36املرجع نفسه، ص 2ـ 01ـ 31: ، من األنرتنيت،يوم 15أمحد يوسف،حتليل اخلطـاب من اللسانيـات إىل السيميائيـات، جملة نزوى كوم،ص 3

2006 . السيميائية والنص األديب، أعمال ملتقى اللغة العربية وآدا�ا، جامعة باجي رشيد بن مالك، البحث السيميائي املعاصر، جملة 4

.1995ماي 17 -16 - 15: خمتار، عنابة، أيام

Page 25: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المـــدخـــل الفضاء الروائي والقراءة السیمیائیة

25

ا يعتربها حقال أو موضوعا ناشئفبني موضوعات الدراسات العقلية، السيميائية روبرت شولزويضع

فإن السيمياء تضع نفسها يف منطقة احلدود املضطربة بني - بني موضوعات الدراسات العقلية

غالبا ما يعتقد علماء اإلنسانيات أ�ا صارمة جدا، يف حني يرى و اإلنسانيات والعلوم اإلجتماعية،

أو اإلشارات، وتدرس السيميائية العالمات .1ت أ�ا تعوزها الصرامة العلمية الكافيةعلماء االجتماعيا

وهي لعبة التفكيك والرتكيب، وحتديد البنيات العميقة الثانوية وراء البنيات السطحية املتمظهرة

.2فونولوجيا ودالليا، وهي علم حداثي بزغت بذوره بداية القرن العشرين

القــــراءة بالكشــــف عــــن داللــــة الفضــــاء الروائــــي هــــي فــــإن القــــراءة الكفيلــــة هــــذا األســــاسعلــــى و

، يف شـــكل ثنائيـــات جمموعـــة مـــن التقاطبـــات املكانيـــة واملفارقـــات الزمنيـــة املبنيـــة علـــى إقامـــة الســـيميائية

تهســــيميائي ضــــمن اهتماماتنــــا شــــعرية الفضــــاء و ،جاعلنيجتمــــع بــــني قــــوى أو عناصــــر متعارضــــة ضــــدية

السـيميائية ، فالشـعرية و الضرورية هلذا العمـل اإلجرائية بعض األدواتو كمصدر أساسي ميدنا باملفاهيم

لتحقيـــق عمـــل ك الـــذي ال يســـتطيع التحليـــل التقـــدم بدونـــهر ــــــــاز احملـــــســـتكون بالنســـبة للنقـــد مبثابـــة اجله

. لي منتجـــتأوي

الزمــاين مــن علــى البحـث يف املكــونني املكـاين و مقتصـرين سـنقف عنــد حتليـل مكونــات الفضـاء الروائــي و

لتـه ذلـك انطالقـا مـن اقتنـاع مبـدئي مفـاده أن املكـان يتضـمن دالاإلديولوجيـة، و ال�ا الرمزيـة و حيث دال

ن أن التحليـــل الـــدقيق للوظيفـــة البنيويـــة هـــو الـــذي سيكشـــف لنـــا عـــاإلديولـــوجي، و متاســـكهاخلاصـــة و

.موضوعا لنظرية الفضاء الروائي لهجتعاألنساق الداللية اليت تنظمه و

،فـإن مـاة تقـود عملنـا حـول الفضـاء الروائيالـذي أخـذنا بـه كـأداة منهجيـ مبدأ التقاطبيف إطـار و

مصـــائر ســـيكون خمتلفـــا عمـــا ســـيقع يف القطـــب الثـــاين، أي أن حيــدث يف القطـــب األول مـــن أحـــداث و

،زمانيــا يرافقــه دائمــا تغــري داليل ممكانيــا أالــذي حيــدث علــى مســتوى الــنص، ســواء أكــان تغيــريا التغــري

، بريوت، ،املؤسسة العربية للدراسات والنشر1994، 1سعيد الغامني، ط :شولز روبرت، السيمياء والتأويل، تر: ينظر 1

.14،صلبنان

.142، ص1997:س ،25:العنوان يف الدرس الشعري، ا�لة العربية للعلوم اإلنسانية، عبرهومة عيسى عودة، سيمياء 2

Page 26: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المـــدخـــل الفضاء الروائي والقراءة السیمیائیة

26

بالتــايل يف الــدالالت املرتتبــة عــن تلــك تنوعــا يف األزمنــة يف األحــداث، و فــالتنوع يف األمكنــة يســتدعي

كمـا أن الـنص لـيس نظـــاما لغويــا،" :جوليـا كرسـتيفاتقـول .1األحداث من زاويـة رمزيـة أو إديولوجيـة

ــــا يرغـــب ،يـــزعم البنيويـــون ودالالت متغـــايرة عـــانمقعـــرة مل وإمنـــا هـــو عدســـة ،الشـــكالنيون الـــروس أوكمـ

ـــاعية ودينيــة و يف إ معقــدةومتباينــة و ـــار أنظمــة اجتمـ ـــاسية دائمــة طـ ـــه ال ميكــن الفصــل بــني .2"سيـ أي أنـ

علـى ضـرورة التوفيـق كرسـتيفا توقـد أحلـ. مـا هـو اجتمـاعيو لسـاينا هـو أو بـني مـ ،الداللــة والتواصـل

ليصبح الـنص ،ئل وفك شفرا�ا بعد استنطاق النصيتمكن من حتليل الرسا التواصل حىتالداللة و بني

حتليل رزها و وعلى املتلقي أن يقوم بف ،يف نظرها مبثابة املقعـرات اهلوائية اليت تستقبل برامج شىت احملطات

وهـذا ،اإلدراك والتأويـلو كاءسـتعينا بوسـائله املختلفـة كالـذ م ،رسائلها وتفسري ما حتملـه مـن أخبارالعـامل

يتكامـــل مـــع علـــم الـــنص أو النصـــانية يف تأويـــل النصـــوص مـــن حيـــث اســـتثمار وســـائل التوجـــه يـــتالءم و

.3التحليل املختلفة

:طبيق المنهج السيميائي على السردتـ 3

بلغة لة قد يعرب عنهاالسرد دال،و د احلداثي على السرد أصبحت ممكنةللنق املمارسة العملية إن

مرسل مرسل و (كون اتصاال بني متخاطبني الداللة عادة ما تو . قد يعربعنها بنظام دال آخرطبيعية و

ار فيصبح ،وقد يتبـادالن األدو إليهمرسـال ص الذي حيدث نفسه يكون مرسـال و حىت الشخو ،)إليه

،من السيميـــائيــات اه يعد جزءفإنـ ، وإذا كــانالسرد داللـة واتصــاال.إليهاملرسـل إليه مرسـالواملرسلمرسال

1917( غريماس حيث يرى ،وهوأكثر فروع السيميائيات تطورا ،السيميائيات السرديةوبالتحديد

ما جديرا ن امليدان الذيعرف يف السنوات األخرية تقد أ ــــــ هذا العلمالذي يعد أحد منشئي ) 1992ـ

هو بال منازع التحليل ،عرف حبوثا نظرية أكثر من غريهعلى األقل بالذكر أكثر من غريه أو

الدراسات يف فالدمير بروب ل يف ذلك جلهود الباحث السوفيايتويعــــــود الفض. للخطاب السيميائي

. 90س،ص .بنية الشكل الروائي، محسن حبراوي، : ينظر 1 . 122صلبنان، ،بريوت،1982: ،س18: فؤاد منصور،حوار مع جوليا كرستيفا،جملة الفكر العريب،ع2 . 33،ص ، لبنان،بريوت1997لبنان، ناشرون،سعيد حسن حبريي، علم لغة النص،مكتبة 3

Page 27: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المـــدخـــل الفضاء الروائي والقراءة السیمیائیة

27

،إذ ركز اهتمــامه علــى دراسة احلكــاية اخلــرافية مكلال جهده مبؤلفه الشهري الصـــادر عـــام السردية

ل ألو ) احلكايات العجيبة ( فيه أخضع اخلطاب السردي ،"مرفولوجية الحكاية " بعنوان 1928

دف إىل مساءلة النص بل � ،اضيعه أو تصنيف وحداته املضمونيةمرة لدراسة ال تقف عند حدود مو

اليت متيز ائص ومن مث فإنــها حتـــاول الكشفعن اخلص ،اتــه من خــالل بنيته الشكلية واللغويةلذيف ذاتــه و

يف ) اإلجتماعية والتارخيية ،النفسية (ــاد املؤثرات اخلارجيةباستبع ،1ـره مـن اخلطابــاتالنص عن غي

أي حتليل البنية ،بية للجمل ضمن ما يسمى بالعالقاتإنتاجه والرتكيز على ما يسمى بالدراسة الرتكي

ت اليت حتكم تشكل كل نص والكشف ط العالقا، قصد إدراك منلغوية يف مستواها اخلطي الرتكييبال

عن البنيات الداللية وتفرعا�ا، ومن خالل مقارنته لبنية احلكايات اخلرافية اليت تناوهلا بالدراسة

ثالثني وظيفة حيتويها نص أن عدد الوظائف حمدد يف إحدى و إىل فالدمير بروبوالتحليل توصل

عدد الوظـائف إمنـا هـا يف بنية احلكــاية مرة واحدة،وال يشرتط توفرهـا كل ،الواحدة احلكاية اخلرافية

خبالف األمساء والنعوت ،ـوابت الوحيدة يف املســارالسرديوتعترب الوظـائف الثـ. حمصور يف هذا العدد

فبعدما كـان يهتم بالفـاعل بوصفه شخصا انتقل الرتكيز ، لشخصيــات املنفذة هلذه األفعـالاخلـاصة با

و�ذا ،اعل ضمن املسـارالسرديعمل الفاعل املؤدى واملتمثل يف الدور أوالوظيفة اليت يقوم �ا الف إىل

ما ،موص السردية أثنـاء عملية التحليلقد كرس املنهجية العلمية يف تنـاوله للنصفالدمير بروب يكون

ثرت أميا تأثري يف نشأ�ـا بل وأ ،السردية السيميائيات جعل هذه الدراسة تعد معلمة بارزة يف تاريخ

، بـل أننـا لنكـاد جنزم أنـه سيميائيـات سرديةمل يكـن سيميـائيا ومل تكـن يف نيته إنشــاء بروبرغم أن

بروب ، كـون أن السردية التطور الذي نعرفه اآلن ملـا عرفت السيميائيـات هذا بروبلوال تأثري عمل

.2لمبادئ املنظمة للخطابات السردية ميثل أمنوذجا يسمح بفهم أفضل ل

وكذا ، سردينص اغة نظرية علمية حتكم تشكل كل كتمـال يف صيالعمل مل يبلغ حد اال إال أن هذا

فالدمير بروب إذ أنه يفهم من خـالل الدراسة اليت قــام �ـا إدراك منط العالقــــات اليت حتكم تشكله،

.10ص،منشورات االختالف،اجلزائر، 2،2003ط ،سعيد بنكراد،مدخل إىل السبميائية السردية :ينظر1

، 1988 :س،08:عسعيد بنكراد،جملة أفاق، : غرمياس،السيميائيات السردية،املكاسب واملشاريع،ترآجلريدا جوليان : ينظر2

.124صاملغرب،

Page 28: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المـــدخـــل الفضاء الروائي والقراءة السیمیائیة

28

ويف ،أبعد املعىنة أثنــاء التحليل و وباعتبــار أنه من أتبــاع النقد الشكالين أنه ركز على البنية الرتكيبي

ذلك إخالال بطبيعة العمل األديب املبين على شكل ومضمون، وهذا الرأي يتفق عليه بعض النقاد

أعادوا قراءة بعض املفــاهيم اليت أوردها ذينل، الروالن بــارتو غريمــاس ،لفي شتروس: منهم

جمرد من جهة وملموس فليس هناك " :لفــي ستروسنقال عن رادـــــــسعيد بنك يقول.دمري بروبفال

ام ما د ،خيضعــان لنفس التحليــلو ،احدةاملضمون من طبيعة و ذلك أن الشكل و ،من جهة ثانية

وجد ــــحيث ي ،ات احملليةـــــوى بنية للبنيـــــبالشكل ليس س وما يسمى ،ون يستمد واقعه من بنيتهــــاملضم

بروب ينطلق من شكل خاص من اإلبداع األديب هلذا يصعب أن حنصل إجنــاز "كما أن ،1"املضمون

على تلك النتـــائجاليت توصل إليهـا التحـليل املورفولوجـي للحكـاية العجيبة يف اإلبداعــات الفردية

يتناىف مع ،فالثابت ـارصة أن النص األديب ال يبدو أنه يستجيب ملواصفــات النص القخباو األخرى،

إال أنه ورغم االنتقادات.2" إن كانت هناك قواعد فهي ختضع للحركة والتحولو ،اإلبداع الفردي

ولقد ،ليل اخلطابات السردية يف جمملهايبقى عمله منوذجا حيا لفهم وحت ،هة إىل فالدمري بروباملوج

بعدمــا اختذ ،ـوذجــــــــــــــتطويــــر هذا النم كلود بريمونو لفي شتراوسآخـرون منهم و غريمــاس اقــتــرح

ـ الذي يعد حسب غريمـاس فطــرح ،النـمـوذج الوظــــائفي اتـــــــيف دراسته التحليلية للحكـــايـ بروب

، أي بدال من ــأداة ملعــاجلة النصوص السرديةك النموذج العـــاملياعتقــادنـا أهم ممثل لسيميائية السرد ـ

االعتمــاد علــى الوظــائف يف حتليـل النصوص السردية تعطى أمهية أكثر للعوامل وعلى مــا يطـرأ على

تالبنــويةالدالال: ،أما مؤلفهالشهـرياملســارالسرديأدوارها من حتوالت على مستوى

)SémantiqueStructuralx (، وعد ابه، بلـــد الداللـة متنفسـا إال يف رحــالذي مل جت

ـا لتمهيد الطريق للسيميـائيـاتفيمثـل منعطفـا حامس. مطلبـا اسرتاتيجيا يف البحوث السيميائية التأويلية

وحـاول ،اخلطاب العلمي التقليدي مقتضيـاتغريماستبىن فيه « ، وقدوإرساء لدعائمهااحلديثة

:،نقال عن16بنكراد،مدخل إىل السيميائية السردية،صسعيد 1

Claude Levis Strauss ,Anthropologie Structurale deux ,Paris,Plon,1973, P158.

. 43 - 42: ، دار الغرب للنشر والتوزيع، وهران، اجلزائر، صص2000أمحد يوسف، القراءة النسقية ومقوال�ا النقدية، 2

Page 29: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المـــدخـــل الفضاء الروائي والقراءة السیمیائیة

29

تأسيس نظرية داللية ،وبالتايل كان يسعـى إىل 1»ليـل األشكـال املعقدة للداللة إىل عناصر بسيطة ــــــــحت

خالله اد خطـاب علمي حـاول منـبني التحليلني البنيوي والداليل،فكـان لـه الفضل يف إجيط ـايثة تربــحم

إىل ما يسمىوإخضـاع النصوص األدبية ،ـةوع الداللــــــــموضوي و ـــــاين البنيـــــــاللسـج ـــــــاملنهاجلمع بني

أو راءة واحدةــــــــأي عدم إخضاع النصوص لق ،) SystèmeOuvert( بالنسق المفتوح

حيمله النص منملـا وذلك ،إمنــا تكـون القراءة مفتوحـة ومتعددة وال ميكن هلـا أن تنتهيو ،قراءتني فقط

من رويب ينطوي على مضامني مستثمرة ــــإذا كان النموذج الب. خمتلفةمتعددة و تأويـالت ودالالت

فـإن النمـوذج العـــاملي يقدم استثمـارات للمضمون يف ،ائف احملتواة يف النص السرديـــــــالوظ

الذي يقـــوم بالفعل أو يتلقـــاه سواء أكــان ـاء علـى مفهوم العـــامل الذي يعترب ذلك ـــبنـ، 2شكلتأهيل

. عكس الوظيفة اليت تقرتن بالشخصية فقط، 3شخصا طبيعيا أو موضوعا أو مفهوما

:ـ اآلليات اإلجرائية للقراءة السيميائية 4

اعتنت بالبحث يف ،ات إجرائيةياعتمدت املقاربات اليت اختذت املنهج السيميائي منهجا هلا آل

ن إ:وميكن القول.النص السردي وكشف نواميسهثر يف البىن السردية ومتفصال�ا الداللية للولوج أك

،ومن هذه اآلليات ائيةهذه اآلليات املستخدمة قد توحدت نسبيا يف املقاربات السيمي

.سيميائية اللغة السرديةالشخصيات و ائية، سيمياملكان، سيميائية الزمن سيميائية:اإلجرائية

تأطري املادة احلكائية وتنظيم عنصرا فاعال يف الرواية ألنه يتميز بأمهية كبرية يف الروائي الفضاء يعد و

وهـــذا مـــا والقـــارئ، الروائـــي ،ات النظـــر املختلفـــة مـــن قبـــل الـــراويووجهـــ ىالـــرؤ حـــداث والعالقـــات و األ

هنــاعــامل متالفضــاء الروائــي و ." هنــا...اآلن " لروايــة ســنتناوله بالدراســة والتحليــل يف قراءتنــا الســيميائية

املكـــان والزمـــان وكيفيـــة جتليهمـــا : نني بنيـــويني مهـــاميكـــن حصـــره يف مكـــو ،الســـيميائيبالنســـبة للباحـــث

.14، دار الغرب للنشر والتوزيع، وهران، اجلزائر، ص2003رشيد بن مالك، : السيميائية ـ مدرسة باريس، ترجان كلود كوكي، 1

2Algirdas Julien Greimas ,Sémantique Structurale ,La rousse ,1er Ed , Paris, 1966 ,p:185.

3A.J.Greimas / J.Courtes ,Sémiotique ,Dictionnaire raisonné de la théorie dulangage, P 03.

Page 30: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المـــدخـــل الفضاء الروائي والقراءة السیمیائیة

30

، 1"يتحــدد باملكــان يف زمــان حمــدد " الفضــاء الروائــي، فايــة، وهــو مــا يصــطلح عليــه بالزمكــانداخــل الرو

، ومهـــا )آليـــة الوصـــف ( واملكـــان الروائـــي ،)آليـــة الســـرد( فالفضـــاء الروائـــي يتكـــون مـــن الـــزمن الروائـــي

على ) 1964ـ 1884( وأحل الفيلسوف الفرنسي الظاهراتيغاستونباشالر .مرتبطان يف العمل الروائي

ما د، عنـمجاليات املكان وجدلية الـزمن: من خالل كتابيهمسألة تالزم الزمان واملكان يف العمل الروائي،

فعـل املكـان يف الزمــان ورد فعـل الزمـان علـى املكــان، بـني ،بـني األشــياء واألزمـان يرصـد التوافـق البطـيء

.2أي أن الزمان يرتك عالمـــــاتــــه على املكان، وأن املكان عرب حتوالته يدل على وترية الزمان

:المكانسيميائيةـ 1ـ 4

وال ميكن ،داخل السردالرمزية اليت ينهض �ا صرا حكائيا له داللته الواقعية و املكان عن يعد

،إذ ميثل األرضية لتحرك دالال�ا إال انطالقا منهوقائعها و ملعرفة أحداثها و ،ايةالدخول إىل عامل الرو

الدالالت يف النص عاين و هذا اإلجراء إسهاما كبريا يف استكشاف املقد أسهم و ،الشخصيات

ر حقيقي فرض وجوده يف عامل عنص هوإمنا و ،لتزيني املشهدجمرد ديكور ليس املكان ف، السردي

إذ ،وعالقته بالعناصر البيانية للنصمرهونة بالعمل اإلبـــــداعي فهي فاعلية هذا اإلجـــــــــراء أما،السرد

انية أنه جيب علينا أن نبحث يف متفصل املادة املك :)MitranHenri( ميتران هنرييرى

غرايف للمكان وانتقاالت الشخصياتبو و أي البحث يف الوصف الط ،متظهرا�ا السطحيةأو حكاية لل

بنيوية العميقة اليت توجه أيضا أن حناول الكشف عن العالقات الد هلا، و داخل ا�ال املكاين احملد

أما البناء املكاين فيتجسد ،أيت من دراستنا للمكانيفيما سنكتشفههذا ما و .3ترسم مساره النص و

اليت تتوزع عرب اجلغرافية الفضاءات واألماكن وهو يتمثل يف ،احليز الذي تتحرك فيه الشخصيات يف

4:الداللة منها لة فئات تتنوع من حيث الوظيفة و املسار السردي مشك

.89س، ص .عبد احلميد احملادين، التقنيات السردية يف روايات عبد الرمحن منيف، م 1 . 9- 8: صصس، .مبراهيم صاحل، الفضاء ولغة السرد يف روايات عبد الرمحن منيف،إ:ينظر 2

: نقال عن. 38،صس.محسن حبراوي،بنية الشكل الروائي، :ينظر3

Henri Mitran,Discours du roman,Paris,1980,P 201 . 74 -73: س،صص.حممد عزام، شعرية اخلطاب السردي،م4

Page 31: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المـــدخـــل الفضاء الروائي والقراءة السیمیائیة

31

. األحياء والشوارعالقرى واملدن،اجلبال والسهول و ل يف وتتمث :ـ أماكن االنتقال العامة

.بيوتل يف فضاء الوتتمث :ـ أماكن اإلقامة االختيارية

.الزنزاناتسجون و وتتمثل يف فضاء ال :ـ أماكن اإلقامة اإلجبارية

:ناالزم سيميائيةـ 2ـ 4

هم ما أثارته هذه املقولة من تعددت القراءات لفاثفت اجلهود لفهم مقولة الزمن،و لقد تك

اج مبحث الزمن يف املبىن ،مرورا باإلرث الشكالين الذي كانت له بصمات واضحة يف إدر جدل

وإلعطاء الزمن أبعاده ، مطلع القرن املاضي يف حماولة لوعي مقولة الزمن،واجلهود اللسانية يف احلكائي

حتيد مواقع ،وقد متكنت املقاربات احلداثية فيما بعد خاصة البنيوية والسيميائية منها يفالنصداخل

.ته وعالقته بالبنية السردية ككل،وبالتايل أبعاده ودالالالزمن يف النص

كونات األساسية للشكل الروائي وبعدما كانت البنيوية تنظر إىل عنصر الزمن باعتباره من امل

كي الروائي ،فالزمن يف احملمع السيميائياتصر الزمنتطورت أشكال التعامل مع عنو ،والفاعلة يف تركيبه

وكآلية إجرائية جيب ،ي عنصر من العناصر املكونة للسردشأنه يف ذلك شأن أ ،ال يوجد إال وظيفيا

الزمن احلقيقي فما « ،أماوائي ال يعرف إال الزمن الداليل،فاحملكي الر لتطرق إليها يف النظام السيميائيا

.1»دمري بروبهو إال وهم مرجعي و واقعي، وهذا ما يدل عليه تعليق فال

ـاتب نوع ن الكـإ :ال أن نكتفــي بأن نقول ،التوليد الداللــيو ــــاعلية الزمن تكمن يف التكثيففف

،وجنـد البــاحث الدكتــور الطــاهر أو أنه ركز على زمن واحد،واملستقبلاحلاضر ،املـاضي :بني األزمنة

يكثف حبثه يف مجاليات فاعلية الزمن يف التوليد الداليل يف اخلطاب الروائي اجلديد متبنيا رواينية

التعليقات االنتقادات و من رغم ال علىو .جيرار جيناتية عند ئسرديات الروااملفاهيم اليت رسختها ال

استحسانا جيناتجريار قد لقت جهود ، فالعمل السردي يف حتليل الشبكة الزمنية يفضده اليت أثريت

الدكتور عبد احلميد بورايو :املثالرواجا لدى الكثريمن الباحثني، أخص بالذكر منهم على سبيل و

1 Roland Barthes ,Introductiona l’analyse structurale des récit – in poétique de récit.O.E .C.

Cl.Ed.Seuil, Paris, 1977,P 26 .

Page 32: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المـــدخـــل الفضاء الروائي والقراءة السیمیائیة

32

لواسيين األعرج يف كتابه منطق " اللوز نوار" و" الدراويشاجلازية و ": حني حبث يف الزمــن يف رواييت

.1مه جريار جيناتاملنظور الذي قد نه سيتناول الزمن منإ :أقر يف بداية الفصل األول إذ ،السرد

:الشخصيات سيميولوجياـ 3ـ 4

، وهذا ما فصالت الشخصية داخل النص السردينتناول األمنوذج الوظائفي كإجراء لتتبع مت

: الثة أنـــواعفها إىل ثفصن ،" ار اللوزنو "اية و يائية لشخصيات ر مقاربة رشيد بن مالك السيماختذته

)PhilippeHamon( فليب هامونالسيميائي حسـب تصــنيف ، ريةريتكو لةواص ،عيةمرجـ

هتمام بعمله أو الدور املؤدى ضمن على الفاعل بوصفه شخصا إىل اال إذ انتقل الرتكيز، هلا

خصائصها الذاتية بل باألعمال اليت تقوم د بصفا�ا و فالشخصية مل تعد حتد وهكذا« ،املسارالسردي

.2»ونوعية هذه األعمال �ا

، باعتبار أن ل استقراء مدلول أمساء الشخصياتمن خال أما نظام التسمية للشخصيات فيتم

كون أن اختيـار الروائي ألمساء معينة لروايته ،قد تعني القارئ على إعادة بنائهاللتسمية سيميـــــائيات

كبريا يف حتديد فيسهم إسهاما ،املظهر الصويت لالسمذي حيدثه انطالقا من الوقع ال عادة ما يتم

وهذا هو تصور رشيد ،رمز للشخصية داخل احملكي الروائيباعتبار أن االسم ،مواصفات الشخصية

أنه عنصر مهم يف عد اسم العلم رمزا للشخصية و بن مالك الذي ال خيتلف عن تصور فليب هامون

حمروم من أي اسم العلم هو بالتحديد جد «:فيقول أن ،ييف الداليل داخل احملكي الروائللتضع

.3»معىن

: اجلزائر، صص ،عية،ديوان املطبوعات اجلام1994دراسات يف القصة اجلزائرية احلديثة، ــــ،منطق السرد وعبد احلميد بوراي: ينظر1

116 -117. . 25، ص س.ممحيد حلمداين، بنية النص السردي من منظور النقد األديب، 2 . 51، ص املغرب دارالكالم،الرباط،، ط.ت ،د.كليطو،د: سعيد بنكراد،تق: فليب هامون، سيميولوجيا الشخصيات الروائية،تر3

Page 33: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المـــدخـــل الفضاء الروائي والقراءة السیمیائیة

33

:ـ سيميائية اللغة السردية4ـ 4

،إذ ال يعقل أن يتواصل األديب أو الكاتب أو دبيةالتخيل يف األعمال األالتفكري و هي اللغةتظل

،هي بواسطتهافهوال يفكرإال داخلها أو اللغة، ـ مع أقرانه خارج إطارــحبكم قدراته الفكرية ـــ الروائي

هي مادة ،ما يصبو إليهعواطفه ليبلغ إذ يعربعن أفكاره و ،ليت تتيح له أن يكشف ما يف داخلها

، فهي النبع الذي وال كتابة وال قراءة إال باللغةفال خيال وال مجال ؛هي مرآة خياله ،اإلبداع ومجاله

قد أمجع معظم النقاد أن الكتــابة الروائية من أكثر األجنــاس و . نينه مجيع املتعاملني اللغوييستقي م

ولكن ال ،داثمن املمكن تصور رواية من غري أح« فإنه ،ات اللغةاألدبية قدرة علـى احتواء جتليــ

.1»ميكن تصور رواية خارج اللغة

وحني نتحدث عن اللغة واخلطاب الروائي عمل فين مجيل يقوم على نشاط اللغة الداخلي،

،)Language(ية ة مبعىن اللغـة الوظيفغا نقصد اللوإمن ،)Langue(ان اللغة مبعىن اللس قصدنال

وهي تعد كائنا اجتماعيا وحضاريا يسهم يف تطوره املرسل ،اليت يكتب �ا الكاتب جنسا أدبيا

خلطاب الروائي يف إذ يتمثل ا ،2واملستقبل للخطاب األديب الذي أساسه نسج اللغة ونشاطها داخله

إال أنه يشرتط يف هذه الكتابة الروائية أن ،لفوظ يف شكل كتابة أو بنية خطيةجيسد املو اللغة ذا�ا،

ائي باعتباره واخلطاب الرو . األجناس األخرىيف حىت تتميز عن غريها من الكتاباتتكون فنية

.رط يف صميم هذا النظام السيميائيفإنه ينخ ،حضورا خطيا تركيبيا

اضـيعه أو لدراسة ال تقف عند حدود تعيـني مو « ختضع اخلطاب السردي السيميائي التحليل اتآليف

،3»لذاته مـن خـالل بنيتـه الشـكلية �دف إىل مساءلة النص يف ذاته و بل ،تصنيف وحداته املضمونية

الرتكيــز علــى العالقــات الرتكيبيـــة إنتــاج الــنص و ؤثرات اخلارجيـــة يفوذلــك باتبــاع الوصــف دون رصــد املــ

قـــات الـــيت حتكـــم تشـــكل املنطقيـــة بتحليـــل البنيـــة اللغويـــة يف مســـتواها اخلطـــي الرتكيـــيب قصـــد إدراك العال

.46ص ،املركز الثقـايف العريب،الدار البيضاء،املغرب،2003، 1السردية،طاألنـا واآلخر عرب اللغة ـــ صاحل صالح،سرد اآلخر1

: صص، ، دار الغرب للنشر والتوزيع، وهران، اجلزائر2005حبث يف تقنيات السرد، ـــ عبد امللك مرتاض،يف نظرية الرواية : ينظر2

139 ...175 . . 10س،ص.سعيد بنكراد،مدخل إىل السيميائية السردية،م3

Page 34: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المـــدخـــل الفضاء الروائي والقراءة السیمیائیة

34

ـــــــــــك للباحـــــــــــث الســـــــــــوفيايت . الـــــــــــنص الســـــــــــردي ـــــــــــروبويعـــــــــــود الفضـــــــــــل األول يف ذل ـــــــــــر ب فالدمي

)Vladmirpropp ( مرفولوجيا الحكاية" بعنوان 1928بفضل كتابه الذي أصدره عام "،

تبعــا املــنهج البنيــوي فيــه أخضــع اخلطــاب الســردي لدراســة �ــدف إىل مســاءلة الــنص يف ذاتــه و لذاتــه م

بعـدد كبـري مـن احلكايـات حتلـيال إذ أحدث هـذا الكتـاب تطـورا يف حتليـل السـرد باعتبـاره أمل ،والوصفي

.مقارنةو

فقـد ) Greimas Algirdas Julien( غريمـاس جوليـان آلجيـرداالناقـد السـيميائي أمـا

بـــىن منوذجـــه التحليلـــي يف الســـيميائيات الســـردية علـــى إســـهامات اللســـانيات املعاصـــرة يف تنـــاول البنيـــة

ـــز بكـــم ضـــخم مـــن املصـــطلحات الســـيميائية تتطلـــب إملامـــا اللغويـــة للنصـــوص ـــه تتمي ، ممـــا جعـــل أعمال

م التقابــل بــين نظــا يف حتليــل النصــوص الســردية علــى رهتصــو ،إذ بــىنالــدرس اللســاين املعاصــرجبوانــب

ك علــى مســتواها داللــة الــنص ،هذه األخــرية الــيت نــدر للنصــوصالبنيــات العميقــة البنيــات الســطحية و

فنــــدرك علــــى مســــتواها أو ضــــاع القــــوى الفاعلــــة يف البنــــاء الســــردي البنيــــة الســــطحيةأمــــا .الســــردي

كــــن أي أن الداللـــــة ال مي ،1ســــارات الصــــوتية املقرتنــــة �ــــاواحلــــاالت والتحــــويالت الــــيت تطــــرأ عليهــــا وامل

فــالنص ال ،ؤهـــا أيضــا عــن طريــق توليــد املعــىنوإنـــما جيــب استجال ،استنبـاطهـــا مــن سطـــح الــنص فقــط

. املكونـــة لـــه كـــذلكوإمنـــا بكشـــف البنيـــة ،فحســـب) التعبـــريي ( املســـتوى اخلطـــي حيقـــق حضـــوره علـــى

ن ال تكفـي وحـدها لتجلـي الـنص مـا مل يبـذل جمهـودا موازيـا للكشـف عـ فالدراسة النحوية لبنـاء اجلملـة

هــذا ،الــيت تعــد نــواة تشــكل املعــىن البنيــة العميقــة، وذلــك بدراســة مضــمونه وعــن البنيــات املكونــة لــه

األخـــري الـــذي ال ينتقـــل إىل القـــارئ إال مـــن خـــالل تواصـــله مـــع البنيـــة الســـطحية للـــنص أو مـــا يســـمى

، وهــذا يقتضــي توظيــف افرتاضــات الرتكيبيــة للجمــل ضــمن مــا يســمى بالعالقــاتبالدراســة النحويــة أو

ائيةــــــــاربات السيميــــالمقتفرعا�ـا وهـذا مــا تقتضـيهف عـن البنيــات الدالليـة و اسـتنتاجات قصـد الكشـو

واسيين األعرج : ، إشرافأمنوذجا، أطروحة دكتورةرواية نوار اللوز ـــ التطبيقرشيد بن مالك، السيميائيات بني النظرية و : ينظر1

. 94ــ 93: ، صص، جامعة أبو بكر بلقايد، تلمسان، اجلزائر1995وعبد اهللا بن حلي،

Page 35: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المـــدخـــل الفضاء الروائي والقراءة السیمیائیة

35

أن نقطة االنطالق كورتاس ، يرى جوزافالبنية السطحيةبالتداخل بين البنية العميقة و ما يسمى في

.1يف أي مقاربة سيميائية تكون من خمطط مركب من خليط من البنيات الدالة

عرب المحايثةمن هذا املسار املعقد من نموذج غريماس في السيميائيات السرديةميكن إبراز و

أما، البنية السطحيةو بالبنية العميقة، أو ما يسمى طرح سطحيو طرح عميق: طرحني خمتلفني

وإبراز تقاطعا�ا العميقة حبصر حقوهلا الداللية ات الداللية لأللفاظيتقصي املستو ب تعىنف العميقة

ا يقتضي تفكيك النص إىل مم ،طبيعة النص السردي املراد دراسته،املشكلة لنسيج داليل توفره املعىن

ط يتحدد داخل هذا املستوى من إذ ،من خالهلا اإلمساك باملضمونميكن ،وحدات داللية صغرى

ز هذه ،وتتمي شروط وجود املوضوعات السيميائية كما يتحدد داخله ،الكينونة اخلاص بفرد أو جمتمع

يشكل جذرا مشرتكا تكون السردية داخله منظمة بشكل سابق عن متظهرها ،البنيات بوضع منطقي

ويقابله على مستوى التعبري أي على مستوى التجلي اخلطايب ،2ادة التعبريية أو تلكمن خالل هذه امل

وحدات داللية تشكـلنحواسيميـائيــا يقـوم بتنظيم املضـامني القــابلة بالبنية السطحيةأوما يسمى

ا السرد بكـل متظهراتـه ملقتضيـات املواد اللغوية احلــاملة ــللتمظهر فـي أشكـال خطـابية خاصة خيضع فيه

على الدارس الكشف عن ،للنصوص مبتغاها أو هدفها املنشودتصل الدراسة التحليلية ول .3لـه

ج أكثر مع الولو ،لهجماال) سطح النص ( التعبريي البنيات املكونة للخطاب بداية باختاذ املستوى

إنتاج خالل ار التوليد الداليل ال ينبثق من ، ولذا فإن احلديث عن مسفيعمق النص لتوليد املعىن

.4دية باعتبارها أداة إنتاج اخلطاببل جيب احلديث عن البنيات السر ،امللفوظات يف خطاب تام

Joseph Courtes ,Introduction à la sémiotique narrative et discursive: Méthodologie et

1application,Hachette, France, 1980. ,P:37

. 29س، ص .سعيد بنكراد، مدخل إىل السيميائية السردية، م: ينظر 2 . 31-30:املرجع نفسه، صص: يظر3

Algirdas Julien Greimas, Du Sens ,Essais Sémiotique ,ed Seuil ,Collection Poétique, Paris, 4

1970, P: 159 .

Page 36: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المـــدخـــل الفضاء الروائي والقراءة السیمیائیة

36

ها ـــممكنة يف قراءة النصوص األدبية وتأويلها وفك إشارات ي أصبحتـداثـــاملمارسة العملية للنقد احلف

املظهر اجلمايل شكال هلا وتسربت والرواية أكثر األنساق األدبية اليت اختذت من ،شفرا�ا ودالال�او

،إذ أصبحت نسقا يدعي كي تضمن هلا االستمرار والرتسيخ،لطريقه إىل الوعي العريب املعاصر عن

ألنه يتميز ،عنصرا فاعال يف الرواية الفضاء الروائييعد و . نةالتعبري عن احلداثة العربية يف حلظتها الراه

قبل ،منلعالقات والرؤيات ووجهات النظراو ،وتنظيم األحداث ،احلكائيةكبرية يف تأطري املادة بأمهية

الذي يقدم بدوره وجهة نظر ئالقار و ،الفاعلة يف الروايةالشخصيات و ،الراوي بوصفه كائنا ختييليا

. 1الذي جتري فيه األحداث، تتضامن لتشييد الفضاء الروائي خاصة

، فمنهم من �ا خمتلفة التصورات حول مفهومهوما يالحظ يف املقاربات اليت تناولت الفضاء،أ

الحيز "، ومنهم من جيعل تسمية Espaceكمقابل للمصطلح الفرنسي " الفضاء "يرجح تسمية

بأن احليز عبد الملك مرتاض، معلال ذلك الدكتورألنه األكثر احتواء ملعناه،رجح لههي املقابل األ"

وأن يشمل الفضاء ،األشكال اهلندسيةاحلجوم و الذي يعين اجلغرافيا و قادر على أن يشمل املكان

،وبعدا ،يث يكون اجتاهاح ،ألي بلد وال ألي خملوق فيهاالذي يعين األجواء العليا اليت ال سيادة

من وراء وأنه يرمي ،شكل من أشكاله اهلندسية الكثرية وامتالء يف أي ،فراغاو ،وجوا ،وفضاء ،وجماال

االمتدادات واألحجام احليزية اليت اخلطوط واألبعاد و ر واألشكال و الصو ذلك إىل تتبع الدالالت و

. 2أ�ا حتمل يف طيا�ا لطائف من احليز ا�سد على اخلشبة السردية أو الشعرية ،نرى

Gerard)جيرار جيناتحتدث عنه وقد ،واملدلول ا�ازيملدلول احلقيقي الفضاء بني ايتأسس

Genette) أشكال يف كتابهIIIFigures III ) (، وخيلص إىل ،1972الصادر عام

، هذه األخرية اليت يقول عنهاخذه الفضاء الروائي ومتنحه اللغةشكال يتالفضاء الداللي اعتبار

فهناك املعىن ،إذ ليس للتعبري األديب معىن واحد ،ا ال تؤدي وظيفتها بطريقة بسيطة� إ « :جينات

. 68 – 67:س، صص .حممد عزام، شعرية اخلطاب السردي، م: ينظر1ديوان ، 1992، فةحملمد العيد آل خلي" أين ليالي " سيميائية تفكيكية لقصيدةدراسة ــــ لك مرتاض،أياعبد امل: ينظر2

.102 – 101:املطبوعات اجلامعية، اجلزائر،صص

Page 37: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المـــدخـــل الفضاء الروائي والقراءة السیمیائیة

37

إذ يتأسس ،الوحيد لالمتداد اخلطي للخطاب وهذا من شأنه إلغاء الوجود ،املعىن ا�ازياحلقيقي و

.1» اخلطاب تبعا لذلك من تداخل سلسلة من الدوال احلاضرة مع سلسلة املدلوالت الغائبة

فإننا سنقتصر حديثنا على ما تصطلح عليه ،" هنا...اآلن " رواية وحىت ال نتيه بعيدا يف فضاء

ما يتعلق بالصورة اليت« أي،الروائيالفضاء :اخلطابة يف جمال اصطالحات حتليل الدراسات احلداثي

،خاصة أي على الفضاء املروي ،2»للمرسل إليه من خالل بنية خطابه يبنيها الفاعل املتكلم لنفسه و

ملا حيتويه من دالالت مجالية أو ، على القيم الداللية والرمزية له مركزين ،والزمايناملكاين يهيف بعد

، ،وكذا الوترية الزمنية للسردنة اليت وقعت فيها أحداث الروايةاألزمو قيمية لفضاءات األمكنة اجلغرافية

بالنسبة للباحث هناوهو فضاء أوعامل مت ،تابة األدبية يف تشييده وبنائهتسهم الك"إذ

أي ألن .3"وكيفية جتليهما داخل الرواية ،الزماناملكان و : مكونني مها،ميكن حصره يفالسيميوطيقي

،وال يتأتى هذا إال بوجود هذين رة عن نقل ألحداث وتصوير لشخصياتعمل سردي عبا

،مما يستلزم منا ربط 4"انية الرواية ـأبنية أخرى يف إمك ناركاـبنيتني تشـــل"املشكلني ،املتفاعلينو نـاملكوني

إن كانت يف األصل ويف األساس فتغدو إسرتاتيجيته تأويلية حىت و ،طار سيميائيإالفضاء الروائي ب

هذا األخري الذي سيستجيب لغايتنا يف البحث عن أبعاده ودالالته، ، 5تكوينية وملتحمة ببناء النص

تأويلية توحد رؤيتنا كقراء ومنظور الكاتب لبناء النص ضمن بعد أن يكون منطلقا هلا وفق اسرتاتيجية

.رغم القوى املعارضة اليت تعمل على تفكيك فكرة املعىن الواحدواحد يإدراكإطار

1GerardGenette ,Figures III , paris , Le Seuil ,1972 ,P 46.

2Dominique Maingueneau ,Les termes clés de l'analyse du discours ,Ed.Seuil ,

1ered ,Paris ,1996 ,pp:37– 38.

: ، س01: لعبد احلميد بن هدوقة ـــ دراسة يف املبىن واملعىن، جملة املساءلة، عالطاهر رواينية، الفضاء الروائي يف اجلازية والدراويش 3

.19 -18: ، صص1991 . 116س، ص.عبد احلميد بورايو، منطق السرد،م4 . 33-32: س، صص.الفضاء، م حسن جنمي، شعرية:ينظر 5

Page 38: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المـــدخـــل الفضاء الروائي والقراءة السیمیائیة

38

الزمانو املكان: عنصرينديب من خالل اللبناء أنساق متخيل أ أ�ا منطقوميكن عد الرواية

�مل عمليات كيك، أو أ�ا تفالفاعلة وحىت الرمزية املؤدية للحدث وعالقتهما بالشخصيات

الفضاء الروائي أصبح إذ ،ق منطق القراءة النقدية اجلماليةوفوإعادة تركيبهما عنصرينآليات هذين الو

السرد يصعب القبض على معانيه جراء ما عرفهفللرواية املعاصرة، حمور عمليات القراءة والتأويل

.د يف تقنياته وأساليبهمتجد ي من جتدد مستمر و الروائ

يف لعبد الرحمن منيف" هنا ...اآلن" ت الفضاء الروائي في رواية دالالالبحث ناولتقد و

كل بدراسة، للكشف عن آليات اشتغاله يف اخلطاب الروائي العريب ،السيميائيات السرديةضوء

أحداث مافيهجتري انالذ الزماناملكان و من حيث ه اه دالالتنكلفضاء الرواية الستالعناصر املكونة

اليت والرموز العالمات واإلشارات البحث يف و ،وعالقتهما بالشخصيات الفاعلة يف الرواية ،الرواية

واخلطاب .حضاري أصله الوضع والعرفكون أن العالمة معطى نفسي واجتماعي وثقايف و لها،تتخل

والغرض من ،فإنه ينخرط يف صميم هذا النظام السيميائي ،خطيا تركيبياائي باعتباره حضورا الرو

توظيف احلوار وتفسري استخدام اللغة الفصحى أو العامية فيه، وطبيعة اللغة اليت استخدمت وبيان

املؤشرات نااستقي إذ، الروايةوقد كان السبق ألدباء ونقاد كثريين عاجلوا ، أثرها على القراء وفاعليتها

. اتسيميائيالوفقا ملا تيسر لنا من اسرتاتيجيات يف ظل معامل والدالالت منهم

Page 39: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

مفهوم المكان . 1

لغةالمكان .1.1

المكان اصطالحا. 2.1

)وسمه ( ـ تسمية المكان 2

ـ أنواع المكان 3

ـ المكان المجازي أو التخييلي 1ـ 3

ـ المكان الهندسي 2ـ 3

ـ المكان كتجربة معاشة في الرواية 3ـ 3

ـ المكان المعيش 4ـ 3

)األمومي (ـ المكان الرحمي 5ـ 3

ـ المكان مسقط الرأس 6ـ 3

ـ هندسة الفضاء المكاني 4

ـ التقاطبـــــــــــــــــات المكـــــــــــــــــــــــــــــانية 5

المغلقة واألماكن المفتوحة ـ األماكن 1ـ 5

ـ األماكن المغلقة 1ـ 1ـ 5

ـ األماكن المفتوحة 2ـ 1ـ 5

ـ األماكن المفتوحة 2ـ 1ـ 5

ـ أماكن االنتقال وأماكن اإلقامة 1ـ 2ـ 1ـ 5

.ـ أماكن االنتقال 1ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

ـ أماكن االنتقال العامة 1ـ 1ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

ـ فضاء األحياء والشوارع 1ـ 1ـ 1ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

:ل األولــــالفص .الروائي في ظل معالم السيميائيةدالالت المكان

Page 40: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

ـ فضاء األحياء واألماكن الشعبية 1ـ 1ـ 1ـ 1ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

ـ فضاء األحياء واألماكن الراقية 2ـ 1ـ 1ـ 1

ـ فضاء الطريق أو الممر 2ـ 1ـ 1ـ 1ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

ـ أماكن االنتقال الخاصة 2ـ 1ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

ـ فضاء المستشفى 1ـ 2ـ 1ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

ةـ أماكن اإلقام 2ـ 1ـ 2ـ 1 .5

ـ أماكن اإلقامة االختيارية 1ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

البيتفضاء ـ 1ـ 1ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

السرير فضاء ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

ـ أماكن اإلقامة الجبرية 2ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

ـ فضاء السجن 1ـ 2ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

الدهليز ـ فضاء 2ـ 2ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

ـ فضاء المنفى 3ـ 2ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

ـ فضاء المدينة 4ـ 2ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

األهل / ـ المدينة 1ـ 4ـ 2ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

الغربة / ـ المدينة 2ـ 4ـ 2ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

ـ األماكن المفتوحة 2ـ 1ـ 5

ـ فضاء المزار 1ـ 2ـ 1ـ 5

دالالت المكان الروائي. 6

الغياب ) / عمورية (ـ المكان 1ـ 6

بيبالح/ ـ عمورية 1ـ 1ـ 6

... ) الحي، البيت، : (الفقد / ـ عمورية 2ـ 1ـ 6

) اومة ، السجن ، الكتابالمق ( الذاكرة / ـ عمورية 3ـ 1ـ 6

الحلم / باريس / ـ عمورية 4ـ 1ـ 6

الحضور ) / عمورية ( ـ المكان 2ـ 6

األمومة / ـ عمورية 1ـ 2ـ 6

لقاء الذاكرة والعيان أو البيت/ ـ عمورية 2ـ 2ـ 6

.عالقة المكان بالشخصيات الروائية . 7

Page 41: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

41

مفهوم وحدة أساسية من وحدات العمل األديب والفين يف نظرية األدب، بل صار المكانعرف

وتطور هذا املفهوم أكثر وانتشر يف .ركيزة من ركائز الرؤية ومجاليا�ا يف النظرية األدبية احلديثةاملكان

شعرية « وغاستون باشالر من خالل كتابه ،خريطة النقد األديب مع جان بيري ريشار وجيلبري ديوران

1980عام إىل العربية ، الذي ترمجه غالب هلسا عن اإلجنليزية 1957املؤلف عام »املكان

.1ثيدأكثر يف النقد األديب العريب احلضحا فصار هذا املفهوم وا ،»مجاليات املكان « بعنوان

ن عالقات مع مكونات النص م هلمن أهم مفاتيح قراءة النص الروائي ملا يشك المكان يعد و

ان كالتأثري بشكل خاص يف عالقات امل هذا يربز قدو احلدث، ات،الشخصي ،نالزم :الروائي

واملكان عموما .طبيعتهجتاه النص الروائي و اد املكان ومن هنا ال غرابة أن حيد ،بالشخصية الروائية

ا يتغلغل وإمن ،فاملكان ال يتوقف حضوره على املستوى احلسي ،ليس عامال طارئا يف حياة اإلنسان

عميقا يف الكائن اإلنساين حافرا مسارات وأخاديد غائرة يف مستويات الذات املختلفة ليصبح جزءا

ومن خالله نتكلم وعربه ، مليات التفاعل بني األنا والعاملحيتضن ع نن املكاوذلك أل ،صميميا منها

، لذلك أخذ املكان الصدارة يف الرواية احلديثة، مع استحداث لغة نرى العامل وحنكم على اآلخر

العالقات املكانية، واليت تضم مفاهيم خاصة كالعالقة بني األعلى واألسفل، القريب والبعيد، النص

.هحيث للمكان دالالته من خالل القرائن اليت تشري إلي...غلق،املنفتح واملن

لرؤيةاو االنزياحإىل آفاق جديدة من كما هي يف الواقع والنص الروائي ينقل املادة املكانية اخلام

وهذا ما ينقلنا من الوعي احلدسي املباشر باألمكنة إىل الوعي اجلمايل ، اليت تصنعها اللغة التخييلية

دون أن ينفي ذلك أن املكان ،يكمن يف طبيعة الفن الذي يتجه إىل عمق األشياء ومكنونا�ا الذي

.ءة املكان الروائي وتأويلهيف قرا االنطالقاحلدسي املباشر يبقى نقطة

، عبداهللا أبو هيف، مجاليات املكان يف النقد األديب العريب املعاصر، جملة جامعة تشرين للدراسات والبحوث العلمية: ينظر 1

. 124ص س، .م

Page 42: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

42

: مفهوم المكانـ 1

: المكان لغةـ 1ـ 1

ه ألن ،"مفعل " املكان يف أصل تقدير الفعل " جاء يف كتاب العني للخليل بن أمحد الفراهيدي

وقد متكن وليس ،ه ملا كثر أجروه يف التصريف جمرى الفعال فقالوا مكنا له، غري أن موضع الكينونة

هو من :العرب ال تقول أن " مفعل" املكان والدليل على أن ،من املسكني" متسكن " بأعجب من

أن املكان :" كون" يف مادة يف لسان العرب البن منظور وورد ، 1"بالنصب مكان كذا وكذا إال

فالن مكني عند فالن، بني املكانة واملكانة : املنزلة، يقال: واملكانة ...مجع أمكنة وأماكن ،املوضع"

، 3"وأماكن ، مجع أمكنة املوضع" هو :املكان أن وورد يف القاموس احمليط للفريوز أبادي .2" املوضع

ويف التنزيل العزيز ، 4هو رفيع املكان واملوضع مجع أمكنة: يف املعجم الوسيط هو املنزلة يقال واملكان

،5﴾)67( ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم فما استطاعوا مضي�ا وال يـرجعون ﴿ :قال تعاىل

ووردت أيضا لفظة مكان يف حمكم التنزيل مبعىن . ومكانتهم مجع مكانة، مبعىن منازهلم أو موضعهم

، أي 6﴾)16( واذكر يف الكتاب مرمي إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقي�ا﴿ : املستقر يف قوله تعاىل

فـعناه مكانا علي�ا ر و ﴿ :يف قوله تعاىلوورد . قت هلا مكانا حنو الشر ذاخت، وهنا املكان يدل 7﴾)57(

.على الرفعة واملنزلة العالية

. والكونعامل الوجود واإلقامة و احلدوث والوجود والصريورة : معاين املكان يف املعاجم احلديثةومن

أي موجود فيه، أو يقال : ، يقال مكون فيهاملوضع واملنزلة: واملكانة ،الشيءكون موضع : واملكان

. 790صبريوت، لبنان، ، مكتبة لبنان ناشرون، 2004، 1، كتاب العني، معجم لغوي تراثي، طاخلليل بن أمحد الفراهيدي 1 . 365 ، صس.م، 13، لسان العرب، ا�لد اإلفريقي املصري منظور أبو الفضل مجال الدين حممد بن مكرم بن 2 . 1243صلبنان، لعلمية، بريوت، ، دار الكتب ا2007، 2جمد الدين حممد بن يعقوب الفريوز أبادي، قاموس احمليط، ط 3، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة، مصر، 2004، 4طعجم الوسيط، امل، )جممع اللغة العربية ( وآخرون إبراهيم مصطفى 4

. 806ص . 67سورة يسن، اآلية 5 . 16سورة مرمي، اآلية 6 . 57سورة مرمي، اآلية 7

Page 43: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

43

فهو مكان ملا : مثال ذلك البيتو .1فالن مكني عند فالن: البني، املكانة، أي املنزلة، ويقال: املكني

مث إن البيت الذي هو ... فيه من أثاث كاخلزانة واخلزانة مكانا ملا فيها من أشياء مثل العلية وهكذا

ن لبنات من جدران وهذه اجلدران مركبة م ال يف شكله بل هو مركبمكان ملا فيه ليس مكانا مستق

.2إىل آخر األجزاء الدقيقة وهي الذرة ...واللبنات مركبة من أجزاء، احلصن واإلمسنت وهكذا

بة ه ما من قرين للتجر ولعل ، وجوه حركتها وسلوكها وكل ،جوداتاملو جزء ال يتجزء من كل "املكان ف

، 3"وهو ترمجتها أيضا ، قها ومصبهاوهو منطل ،وهو مغذيها، ادها ومطرحهافهو عم، البشرية مثله

وتدور فيه، احليز اجلغرايف الذي تشغله األحداث يف الروايةالذي يعيش فيه اإلنسان، وهو هو املوضع و

.أي أنه عنصر فين يف الرواية ومكون من املكونات السردية فيها

فاملكان مفهوم ذهين فتعددت األراء الفلسفية يف حتديد مفامهه، ا من الناحية الفكرية الفلسفية أم

، يعين أن املكان يف حقيقته املادية فهو نتيجة هلذا عرضا وليس جوهرا، 4جمرد ناتج من تعالق األشياء

أفالطون أن يرى إذ، 5خرى تدخل يف تكوينهأو مركب من أجزاء ال وجود له كشيء مستقل بل ه

ثالث مخسة أشياء مشتملة املكان وعد آرسطو .املسافة املمتدة واملتناهية بتناهي األجسام: املكان هو

العنصر والصورة واملكان واحلركة والزمان، ويقول أن املكان موجود ما دمنا : على الطبائع كلهاوهي

.6قال من مكان إىل آخرنشغله ونتحيز فيه، وميكن إدراكه عن طريق احلركة عند اإلنت

. 704ص لبنان، ، املطبعة الكاثوليكية، بريوت،2010، 19ط املنجد يف اللغة واألدب والعلوم، لويس معلوف، 1 . 224س، ص.عبد املالك مرتاض، حتليــــــل اخلطـــــاب السردي، م 2 . 07، صس.مالصمد زايد، املكان يف الرواية العربية، عبد 3 . 292دار الكتب العربية، بريوت، ص ،1998 ،4قيق إبراهيم األنباري، طت، حتاـــــــــــــريفـــــعلي بن حامد اجلرجاين، التع 4 - 227: ، ديـوان املطبوعـــات اجلامعية، بن عكنون، اجلزائر، صص1995عبد املالك مرتـاض، حتليـل اخلطـاب السردي، 5

228 . . 28، اهليئة العامة السورية للكتاب، دمشق، سوريا، ص 2011مهدي عبيدي، مجاليات املكان يف ثالثية حنا منا، : ينظر 6

Page 44: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

44

: المكان اصطالحا ـ 2ـ 1

، إذ من غري ل كونه أحد عناصر التشكيل الفيند هدف دراستنا ملصطلح املكان من خاليتحد

ويكون ، هذا املكان الذي هو مسرح األحداث، سرديا دون فضاء مكاين تصور خطاباناملمكن أن

.أو متخيال اا حقيقيإم

نقاد أفاضوا فيها عاجل هذه القضية ، إذ النظرة النقدية له، وباألخص أمهية كبريةاملكان ب وقد حظي

وهو الذي تقع فيه خمتلف املواقف ،الفضاء مرادف للمكانتواضعوا على أن إذ ،وأتوا باجلديد

فيه من أي أن املكان هو املوقع الذي حتدث ، 1ةواألحداث املعروضة واليت تتطلبها العملية السردي

اليت يقوم عليها البناء يف مقدمة العناصر يعد وهو ،خالل املواقف اليت تتماشى مع العملية السردية

.رواية وسواء أكان هذا السرد قصة أ، السردي

فهو ،من خالل اللغةإال يوجد ال " مثل املكونات األخرى، ن سردي واملكان عبارة عن مكو

الفضاءات اخلاصة بالسينما خيتلف عن بامتياز، و ) Espace ) Verbal طيفلفضاء بذلك

إنه فضاء ال يوجد سوى من خالل : السمع أو بالبصر هادركناألماكن اليت واملسرح، أي عن كل

داث املعروضة فاملكان أو األمكنة هي اليت تقع فيها املواقف واألح" ، 2مات املطبوعة يف الكتابلالك

أي أن املكان هو ملعب األحداث اليت تسري يف وقت حمدد وفقا ملتطلبات ، 3" ومقتضيات السرد...

.السرد والسارد

فهي ،ا املعىن العميق للمكان فيكمن يف جمموعة العناصر املركبة لعمارته مهما كان نوعهاأم

أيضا ، وهي املعتمد يف متثلههي حمط ما تودعه فيه من الدالالت، وحنمله من املعاينالوسيط إليه و

أو ذاك إال من خالل عالقتك االنطباعوالدليل أنه ال تستوي لك عنه هذه الصورة أو تلك أو هذا

. 82صمصر، لنشر واملعلومات، القاهرة، ل دار مريبت، 2003السيد إمام، : جريالد برنس، قاموس السرديات، تر: ينظر 1 . 27ص ،س.محسن حبراوي، بنية الشكل الروائي، 2 .182، صس.، مجريالد برنس، قاموس السرديات 3

Page 45: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

45

ملختلف الظواهر واحلوادث الواقعية استيعاباوالرواية هي القالب األكثر .1مبا حيتوي عليه من األشياء

اليت تتيح للروائي ذكر خمتلف األمكنة اليت ختدم موضوعه ، وتبيان الدور الذي يلعبه املكان يف

عرضها له " إذ ينبهنا" توضيح أفكاره وإخراجها يف حلة مجالية راقية فللمكان دور كبري يف الرواية

يرى بعض النقاد و .2"فيها ومسامهته اجلليلة يف بناء عاملهاوحضوره فيها إىل مقامه منها وأثره الفعال

يفرغونه من أية داللة فهو عندهم حمض امتدادبيت اإلنسان يف نظرهم ألن ،للمكان بعدا كبريا ن أ

.3وجود موضوعي لذا ينبغي إسباغ داللة ما عليه

ملتطور خصيات ووصف اللمكان دورا كبريا مؤثرا يف حتريك األحداث ورسم الش لكن الثابت أن

ون متصلة يف أغلب تك ضوابطبل له ،املكان ال يكون عبثاو�ذا ف، الروائي بصفة عامة للكاتب

.4، وهي حلظات تظهر يف الرواية متقطعة بالتناوب بني السرد ومقاطع احلواراألحيان بالوصف

بل ،عن مكان واحد ث، إذ ال ميكن التحد لرواية تبعا لتعدد وتطور األحداثاملكان متعدد يف ا

، وهو مكان منته وغري مستمر وال متجانس، وهي ه يتنوع بتنوع وجهات النظرلك فإن وإن كان كذ

.5ه فضاء مليء باحلواجز والثغراتيعيش على حمدوديته كما أن

، فهو ة الروائي ومرتبط بأحداث الرواية، وهذا راجع إلدار حمدودأي رواية منته و املكان يف إن

وبانتهاء السرد ينتهي املكان وهو مليء باحلواجز والعقبات ، الذي تسبح فيه تلك األحداث فضاءال

تنطق والتساؤل عن املكان يف الواقع تساؤل يس، وتر أحداث الرواية وتغيري مسارهاوهي متثل بؤرة ت

خري فهذا األ هة النظر الظواهرية موضوع املكان،، ومن هذا تدخل وجالنفس اإلنسانية قبل كل شيء

على إدراكنا للدراسة جيب أن مير كموضوع) gaston bachelard ( غاستون باشالرحسب

. 08س، ص .عبد الصمد زايد، املكان يف الرواية العربية، م 1 . 09املرجع نفسه، ص 2 . 65، ص2009، 1أمحد عوين، دراسات يف السرد احلديث واملعاصر، دار الوفاء لدنيا الطباعة، اإلسكندرية، ط 3 . 62ص س،.م، من منظور النقد األديب ديمحيد حلميداين، بنية النص السر : ينظر 4 . 36، صس.م ،حسن حبراوي، بنية الشكل الروائي: ينظر 5

Page 46: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

46

انبه ومعايشتنا املادية وجبو ،هل سه ال يتحدد سوى من خالل وعينار األخرى وكل موضوع ند ىاملرة تلو

أنه ال يوجد موضوع دون ذات، بل أن اخليال بالنسبة للمكان يلغي حيث يرى باشالر، امللموسة

ويزيد باشالر ... موضوعية الظاهرة املكانية ـ أي كو�ا ظاهرة هندسية ــ وحيل مكا�ا ديناميته اخلاصة

اتية وصف األعشاش كما يف ليست الظاهر : موقفه الظاهرايت وضوحا يف حديثه عن العش فيقول

حني حنلم، فنحن ظاهرتيون دون أن نعلم، إننا نعيش غريزة ... هي مهمة عامل الطيور، فتلك الطبيعة

.1األخضر بني أوراق الشجر األخضر العصفور على حنو ساذج بتأكيد املالمح اإلميائية للعش ، ضوابط يف الروايةل هذه األخرية اليت ختضع ،الفضاء حاالت وانطباعات شعورية حول األمكنةو

، تتناوب يف الظهور مع السرد أو املقاطع وهي حلظات متقطعة أيضا ،متمثلة عادة بلحظات الوصف

وهذا ،فضاءاسم واليت نطلق عليها ،األمكنة تعددرها يفرتض تغيري األحداث وتطو احلوارية، مث إن

األمكنة يف ، ومادامت الفضاءمن مكونات ن واملكان هو مكو ،المكانمشل من معىن أو أوسعمعىن

.2فضاء الرواية هو الذي يلفها مجيعا الرواية غالبا ما تكون متعددة ومتفاوتة فإن

تصويره من خالل وجهة نظر وزاوية مكان روائي يتم أنهمن حيث ، فكريةالنظر المن وجهة أما

أحداث دارت دون حيز أو مكان مبثابة رفال ميكننا تصو ،أو يرمز إليهارؤية فهو حيمل قيمه وميثلها

دا املكان يصبح حمد " :يقول فعن أمهية املكان يف البنية السردية بارتث روالن وقد حتد ،مسرح هلا

ن روائي و ــــــــل يف النهاية إىل مكه يتحو أي أن ،داث واحلوافزـــــــــــــائية ولتالحق األحـــــــــــأساسيا للمادة احلك

الوظيفة احلكائية حيدث قطيعة مع مفهومه كديكور بتحوله هذا ليصبح نصا متحكما يف ، جوهري

تأسيسا على ذلك ميكننا النظر و ،3وذلك بفضل بنيته اخلاصة والعالئق املرتتبة عنها ،والرمزية للسرد

، املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 1984، 2غالب هلسا، ط: ترغاستون باشالر، مجاليات املكان، : ينظر 1

. 11 - 10: صص، بريوت، لبنان . 63 - 62: س، صص.محيد احلمداين، بنية النص السردي، م: ينظر 2، منشورات املؤسسة الوطنية لإلتصال والنشر واإلشهار، 2002ط، .د تقنيات البنية السردية يف الرواية املغاربية،إبراهيم عباس، 3

. 34، صاجلزائر

Page 47: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

47

لتشييد ووجهات النظر اليت تتضامن مع بعضها لعالقات والرؤيات شبكة من ا إىل املكان بوصفه

وائي، كما يعرب عن مقاصد له تأثري يف العمل الر ي الذي ستجري فيه األحداث، و ـــــــوائاء الر ــــــــالفض

.املؤلف

طرف ومن هنا يكون كل املكان عنصرا حكائيا، ــــ خاصة منذ بالزاكـــــ الرواية احلديثة قد جعلت و

واحد منهما وسيلة بالنسبة لآلخر وغاية يف كل يكون " حبيث له،سبيال إىل الطرف اآلخر وعونا

االستغناءال سبيل إىل ف ، 1"وهكذا �دينا الرواية إىل املكان بقدر ما يهدينا املكان إليها ،حد ذاته

املكان هو من أهم ف ،إحاطة جيدة الفضاء الروائي بدالالتاإلحاطة ناإن شئ ة املكانعن دراس

وهو فضاء ،شخصياتفيه األحداث وتتحرك خالله التدور لذي ا زفاملكان هو احلي ،عناصر الرواية

ء�ا للمكان يف قرا هذا االجتاه سارت السيميائيات يفو . عناصر الرواية األخرى حيتوي على كل

يللمكان الروائأعادت ف، مستفيدة من املنطق واللسانيات ومناهج القراءة اجلديدة والعلوم اإلنسانية

.حضوره على مستوى التحليل

،اده املتميزةــــــــإنه مكان خيايل له مقوماته اخلاصة وأبع، املكان يف الرواية غري املكان يف الواقع

ات ـــــــــــيف طبيعة الشخصيو وتتمثل أمهية املكان يف الرواية يف كونه عنصرا فاعال يف تطويرها وبنائها

كي وتنهض به يف كل م احل، فهو البؤرة اليت تدع ر فيهالبنية الرواية ويؤث وهو فضاء يتسع ، وعالقا�ا

فإن وظيفته األساسية ،ار ألحداث الروايةـــــــ، وسواء جاء يف صورة مشهد وصفي أو إطعمل ختيلي

أنه ،إليه للداللة، يكفي اإلشارة املكان يف الرواية خدمي الدراما داث، أي أن ــــــــــــالتنظيم الدرامي لألح

ليست بذات ،يف النص الفين وغرافيةبوالطالعالمات اجلغرافية أما .2به احلدث جرى أو سيجري

املكان تعريض هياص إسرتاتيجية الن وتبقى فقط،ألن وظيفتها تنحصر يف حتديد املكان ، يةمهاأل

تونس صفاقس،، دار حممد علي احلامي للنشر، 2003، 1ط والداللة،عبد الصمد زايد، املكان يف الرواية العربية ـــ الصورة 1

.9ص2 Charles Grivel, production de l’inter romanesque, p 107.

Page 48: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

48

الداللية تتفق الوظيفة اجلمالية و يرة حىت وإنتاجه بصورة متغا ،وامتصاصه ،هيف تفتيت االنزياحآلليات

كنتاج مركب لتشابك األبعاد ،ومتميزة النصي بنكهة خاصة املكان يف اخلطاباليت �ا يتمظهر

فضال عن البعد اجلغرايف الذي يعمل على تنظيم خيال ،اإليديولوجية وكذا ،لبنيوية والداللية والرمزيةا

الدراسة و سيميائي يف حتليل للسرد يف هذا التصور، ، ويفيد املنهج الالقارئ وترتيب معطيات تصوره

أهم "الفني بناء العمل" كتابه يف معاجلته للمكان ودالالته من خالل وري لوتمانياليت قام �ا

بفضل إسهامه املعترب يف جمال الدراسة النظرية ،الروائياملكاين قراءة كشفت عن داللة الفضاء

يف حتليله للمكان الفين من مقولة أساسية مؤداها أن اللغة هي النظام وقد انطلق لومتانللمكان،

، ولكنها جمموعة من العالقات واللغة ليست قائمة من التسمياتالعامل إىل أنساق، األويل لتحويل

.1اخلاضعة لقواعد وقوانني

):وسمه ( تسمية المكان ـ 2

يوهم باحلقيقة، فيه، إذ يؤكد ضمنيا صحته، واالسمرد يوحي اسم املكان حبقيقة التخيل الذي ي

تؤكد حقيقة النصية، وهي نفسها اليت ) Representativité( وعنه كذلك تنتج التشخيصية

شريطة أن يكون الوسم يف الرواية مماثال يف شكله اللساين لالسم املستعمل ،الشيء موضوع الوصف

يف الواقع، وأما أن يكون الوسم قريبا يف شكله، من االسم املستعمل يف الواقع فإن ذلك يعيده إىل

فال الئما للنعوت اليت حتف به،وظيفته التخييلية، ويشرتط يف الوسم الذي يرد يف الرواية أن يكون م

ميكنم للصفات اليت جتعل للوسم تناقضا يف حتديده اجلغرايف الواقعي أي تؤكد حقيقته، فالسمات

طابع الصدق على النص، أما إذا كان املكان يف الرواية مكانا املموضعة تلعب دورا حامسا يف إضفاء

اكي اجلغرافيا وال هذا التخيل يبدو كأنه الواقع، وكانت مسة املوضعة ال حت ختييليا وقادرا على جعل

الذي هي داخلة للنص اليلإال بقدر ما تغرتف من احلوض الد ،وال أمساء العلم الواقعيةالطوبوغرافيا

ألشياء اليت تشتمل عليها ية تلك الطريقة اليت تقوم على اختيار حقيقة اعفيه، ولذلك نسمي بالواق

، س.، مالبحوث العلميةجملة جامعة تشرين للدراسات و صر، عبداهللا أبو هيف، مجاليات املكان يف النقد األديب العريب املعا: ینظر 1

.125ص

Page 49: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

49

هنا أو ...رواية اآلن أما احلدث الروائي يف ،1، وال تقتصر على اإليهام حبقيقة تلك األشياءالرواية

، بعيد الهناعن ة كأنه وقع يف املاضي، أي خارج م لنا يف هيئقد فإنه ي ،شرق المتوسط مرة أخرى

ما ، مثل، فتنحفر هوة تفصل احلاضر عن املاضي، أي نقطة القراءة عن زمن القصة ومكا�ااآلنعن

، مزدمحة، ينتهي سريعة: مطار اليت تعقب العاصفةر تتواىل كاألالصو : "تدل عليه امللفوظات اآلتية

ن من يوم العذاب الذي نعيشه اآلن، لكن ما أن جييء الغد حىت خيلف على أمل أن يكون الغد أحس

.2" حسرة كاوية على األيام اليت مضت

الزمان يف املكان غري تأيت احلركة السردية لتؤكد حضور ، ينتهي وصف املكان يف الروايةبعد أن ف

، وهو االمتداد املفرتض له األصحه على إن ،هذا ا�ال األخري ليس هو املكان الذي انتهى وصفه أن

، يهر الفضاء الروائي دون تصور احلركة اليت جتري ف، وهكذا فال ميكن تصو بالتحديد ما نسميه الفضاء

.منية حكائيةه ميكن تصور املكان املوصوف دون سريورة ز يف حني أن

:المكانأنواع ـ 3

ا الدفاع عنه ضد ودراسة املكان تتطلب منا حتديد القيمة اإلنسانية ألنواع املكان، الذي ميكنن

متخيلة اقيمو وهو يرتبط بقيمة احلماية اليت ميتلكها، واليت ميكن أن تكون قيمة إجيابية ،القوى املعادية

، هذا ما سنسعى إليه من خالل قراءتنا السيميائية لألمكنة يف 3سريعا ما تصبح هي القيم املسيطرة

.هنا أو شرق المتوسط مرة أخرى لعبد الرحمن منيف...رواية اآلن

من الرواية من ستشفهن ،)مادي الال ( وهو املكان املعنوي :التخييليأو المكان المجازي ـ 1ـ 3

يس عنصرا مهما يف لو ،جند املكان ساحة لألحداث ومكمال هلا إذفيها، األحداث املتتاليةخالل

وسلوكا�م، فهو ليس رقعة حيث ميثل خالصة جتار�م ، ، خيضع ألفعال الشخصياتالعمل الروائي

.78ـ 77: س، صص.جريارد جنيت وآخرون، الفضاء الروائي، م: ينظر 1، دار التنوير للطباعة والنشر، بريوت، لبنان، 2013، 7هنا أو شرق املتوسط مرة أخرى، ط... عبد الرمحن مونيف، رواية اآلن 2

.101ص .31س، ص . غاستون باشالر، مجاليات املكان ،م: ينظر 3

Page 50: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

50

ذي ليس مكان ينجذب إىل اخليال، و يرى غاستون باشالر أنه .أبعاد هندسيةجغرافية حمدودة املعامل ب

بل يف كل ما يف اخليال من بشر ليس بشكل موضوعي فقط، ، وهو مكان قد عاش فيهأبعاد هندسية

.1 داثـــالتنظيم الدرامي لألحمن خالل ألنه يكشف الوجود يف حدود ، ننجذب حنوهمتييز

أبعاده ، من خالل وحيادبصرية الرواية بدقة هعرضتالذي املكان اجلغرايف :المكان الهندسيـ 2ـ 3

الصحراء، : ، ومن هذه العوامل نذكر على سبيل املثال2ستعمال خيالهاوحيرم فيه القارئ من ، اخلارجية

...املستشفى، السجن، املقهى، الباخرة، الطائرة

كالسجن واملنفى والطبيعة اخلالية اهلزمية واليأس عرب عناملندسي اهلكان امل، المكان المعاديـ 3ـ 3

�رمية السلطة يف داخله وعنفه ، ويتخذ هذا املكان صفة ا�تمع األبوي3البشر ومكان الغربةمن

الفعل ه ذو طابع قدري، ينقصه رد املوجه لكل من خيالف التعليمات وتعسفه الذي يبدو وكأن

.4اإلنساين الذي يقيم مكانا ضدا يف مواجهة هذا املكان املعادي

من خالل وجهة نظر شخصية املكان ال يظهر إال هذا :كتجربة معاشة في الرواية المكانـ 4ـ 3

وعلى مستوى السرد فإن .إزاء الشخص الذي يندرج فيه استقاللوليس لديه ،حترتفه وتعيش فيه أ

د أبعاد الفضاء الروائي وجيعله حيقق داللته اخلاصة الذي تتخذه الشخصية هو الذي حيد نظورامل

.ياأليديولوجومتاسكه

من طرف واملكان يف الرواية ينشأ من خالل وجهات نظر متعددة ألنه يعايش على عدة مستويات

لغة هلا صفات خاصة لتحديد ، فكل الراوي بوصفه كائنا مشخصا، ومن خالل اللغة اليت يستعملها

.31س، ص . غاستون باشالر، مجاليات املكان ،م: ينظر 1عبداهللا أبو هيف، مجاليات املكان يف النقد األديب العريب املعاصر، جملة جامعة تشرين للدراسات والبحوث العلمية، : ينظر 2

.126ص س، .م . 67 - 66: ، صصس.م ان،غاستون باشالر، مجاليات املك: ينظر 3عبداهللا أبو هيف، مجاليات املكان يف النقد األديب العريب املعاصر، جملة جامعة تشرين للدراسات والبحوث العلمية، : ينظر 4

.126ص س، .م

Page 51: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

51

، ويف املقام صيات األخرى اليت حيتويها املكانمن طرف الشخ مث ،...)، منزلحي، غرفة(املكان

.األخري من طرف القارئ الذي يدرج بدوره وجهة نظر غاية يف الدقة

: المكان المعيش ـ 5ـ 3

ا وتعلقنا به حب ونقصد به كل مكان رصدنا فيه بعضا من تصوراتنا ومشاعرنا الذاتية الشخصية

، ومن أحسن ممثليه يقة أو باجلانب احلميم من ذواتناببعض التجارب العم اوارتبط ارتباطا وثيق، فيه

، حيث يصبح للمكان املنزل الذي نشأنا فيه واملدارس اليت ترددنا عليها واحلي والقرية وغري ذلك

ن بدورها وجوده من خالل عناصره اليت تشري إليه، أو تقيم فضاء صاحلا للحياة البشرية، اليت تكو

.1جمتمعا يضع لنفسه أسسا حياتية

: )األمومي ( المكان الرحميـ 6ـ 3

، وغالبا ما يكون مغلقا محيميا أو إحساس أكثر مما هو فضاء فعلياوحيسن االعرتاف بأنه قيمة

هو و ،معروفا يف كل مناحيه ضامنا ألسباب األمن والدعة ممكنا للشعور باحلياة من الكثافة والعمق

على التحديات وانطوائه، ويقابله الفضاء األبوي الذي ميتاز بال حمدوديته الذي يلد احلياة ومينحها

قيامه على معىن الصراع واملغامرة وارتباطه و ،لفعل واحلركة واجلرأة واجلدارةواملخاطر وتعويده على ا

السابق املخاطب للذاكرة خالف الفضاء ف على خماطبته للعقل وطاقات التكي باحلاضر واملستقبل و

.ما يف املستقبل الزاهد إىل حد ،ضياملنشد إىل احلاضر واملا

ائمة بني ــــعن العالقة الق االلتباسرفع الروائــــــي تضت منا الدراسة السيميائية للمكان ــــــــوقد اق

الرمزية واأليديولوجية اليت الواقعية و حتديد الدالالت ومن مث ،ن الواقعياملكاو ائي ـــــــــــان احلكــــاملك

ال يوجد مثل املكونات األخرى للسرد هأن خاصة و ،ا العنصر داخل هذا العمل الروائيينهض �ا هذ

ص ، دار العني للنشر، القاهرة، مصر،2010، 1عزوز علي امساعيل، شعرية الفضاء الروائي عند مجال الغيطاين، ط: ينظر 1

38.

Page 52: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

52

، خيتلف عن األماكن اليت ندركها بامتياز Espace Verbal، فهو فضاء لفظي غةإال من خالل الل

.املسرحالسينما و كفضاءات بالبصر أو السمع

: المكان مسقط الرأسـ 7ـ 3

يأويه أو الذي فتح عينيه عليه،فهو منطلقه إىل احلياة منذ اخلليقة تعلق باملكان الذي اإلنسان

فهو احملرك الفعال لبؤرة ستمد منه وحيه وإهلامه،فيفيه يعيش دد ،حيث يصبح أسريه، وفق زمن حم

.ما حل ثوحيالذي يعيش معه اإلنسان أينما رحل ومن مث يظل مسقط الرأس هو املوضع شعوره،

بـوصفه بالطابع ،هذا التحديد اجلديد الذي جاءت به الدراسات اجلديدة للمكان الروائيو

رموز الرياضيات :متيزه عن تلك الفضاءات اليت تعرب عنها العالمات غري اللغوية مثلاللفظي اخلالص و

ة مباشرة مثل الفنون التشكيلية املدركليت تعرب عنها الصور احملسوسة و الفيزياء احلديثة أو تلك او

. أو النسقيةالتأويل خاصة مع املناهج النقدية احلداثية أخذ نصيبه من الداللة و ،1السينما و املسرحو

فاإلنسان مكان " فإننا حنيط �ا وندركها ونعيها، ،كنة بأبعادها املختلفة واملتعددةوهذه األم

، واألمكنة الكربى املألوفة وانتهاء كلها ،ابتداء من األمكنة الصغرى، خيتزل عرب الوعي األمكنة للوعي

.2" باملكان املطلق

: هندسة الفضاء المكانيـ 4

رايف أو ذهب معظم الباحثني يف دراستهم هلندسة املكان الروائي برتكيزهم على املكان اجلغ لقد

ماكن وقوع احلدث وحترك الشخصيات، فاملكان ، من خالل وصفهم ألما يسمى باملكان اهلندسي

. ..اآلن ، أما هندسة الفضاء الروائي يف رواية شياء اليت تشغل الفراغ أو احليزيظهر من خالل األ

رهون باإلدراك البصري ـ الذي املاملكان املادي أو اهلندسي علىـ كما أشار غالب هلسا ـ ، فيقوم هنا

. 27س، ص .حسن حبراوي، بنية الشكل الروائي، م: ينظر 1 . 12، ص مصردار شرقيات، القاهرة، ، 1997، 1صاحل صالح، قضايا املكان الروائي يف األدب املعاصر، ط 2

Page 53: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

53

هذه تلعب دورا إحيائيا، ألن "يف املكان الروائي فاألشياء يقوم على التقاط العني له ـ لتحديد أبعاده،

األشياء مرتبطة بوجودنا أكثر مما نقر ونعرتف عادة، إن وصف األثاث واالغراض هو نوع من وصف

إذا وضعنا أمام ها، إال ء ال ميكن أن يفهمها القارئ وحيس فهناك أشيا :األشخاص الذي ال غىن عنه

اء السردي الروائي دراسة البنيف عنده وهذا ما سنقف ،1"وتوابع العمل ولواحقه نظرية الديكور

ماهي الهندسة التي بنت المكان وعالقته بالعناصر : حماولني اإلجابة على اإلشكاليات اآلتية

وعن اء المكاني أن يعبر عن كينونته، إلى أي مدى استطاع الفض: األخرى ؟ وبعبارة أخرى

عالقته بشخصياته والزمن الذي تحركت ضمنه ؟

باملكان ىيسم و من املكونات احلكائية اليت تشكل بنية النص الروائي، الهندسيالمكان يعد

إضافة ،يل الذي يتطلبه احلدث الروائي حىت تتحقق مصداقيته، فهو العنصر األو الماديأو الحسي

ا، أم 2والسياسية والدينية وقع الظروف االجتماعية والنفسيةإىل ما يضفيه التخييل من انطباعات حتت

ألن ،سنحاول تقصيها، حمددين أنواعها، واليت فهي مليئة باألماكن املادية" هنا... اآلن " رواية

، فاملكان أبعاده ودالالتهوتوضح معامله و أهم اللبنات اليت توجه البناء السردي حتديد األمكنة يعد من

نصر مجايل يف املبدعات ع يف كل عمل ختييلي، فهوا هو البؤرة الضرورية اليت تدعم احلكي وتنهض �

.3وعنصر تشكيلي يعني على تكوين اهلوية اجلماعية ،األدبية

نا لجتع ،الروائي متماسكة ومتداخلة ببىن أخرى زمانية وسردية املكانعلينا أن بنية ىال خيفو

األمر الذي جيعل أجزاء الفضاء يف ،كشف عن احلاالت الشعورية اليت �يمن على اخلطاب الروائين

يدفع القارئ ملقارنته بفضاء آخر ،ثقايف خاصتكاملة يف داللتها على وضع سوسيو الرواية تبدو م

.الرواية هاتطرح يتال الضدية اتنائيالثأو لمبدأ التقاطبيتحقق يف املستوى الذهين وفقا

. 53ص ــ باريس، منشورات عويدات، بريوت، 1982، 3فريد أنطونيوس، ط: ترتور، حبوث يف الرواية اجلديدة، و ميشال ب 1، 1يوسف بكار،ط: ـــ أمحد عبد املعطي حجازي منوذجا، تح حنان حممد موسى محودة، الزمكانية وبنية الشعر املعاصر: ينظر 2

.25ص األردن، ،، عامل الكتب احلديث، جدارا للكتاب العاملي للنشر والتوزيع، عمان2006 . 287، ص احلوار، الالذقية، سوريا، دار 1994 ،1ط ،والنقد نبيل سليمان، فتنة السرد 3

Page 54: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

54

:انية ـــــات المكــــــقاطبــــالتـ 5

تنبين على إقامة جمموعة من يف الرواية العربية القراءة الكفيلة بالكشف عن داللة الفضاء الروائي

عادة يف ات ، وتأيت تلك التقاطبالتنويعات اليت يتخذهاو بالبحث يف تشكالتهالتقاطبات املكانية

اليت حتدث عن التوترات عن العالقات و اصر متعارضة تعرب شكل ثنائيات ضدية جتمع بني قوى أو عن

.1 اتصال الراوي أو الشخصيات بأماكن األحداث

بدراسة أقام فيها نظرية متكاملة تناول فيها مسألة Youri Lotman يوري لوتمانم وقد تقد

La Structure duببنية النص الفنيالتقطبات أو الثنائيات الضدية من خالل كتابه املوسوم

texte artistique ،أن ، وهي انطلق من فرضية أساسية بىن عليها تفكريه يف هذه املسألة إذ

املتغرية، األشياء املتجانسة، من الظواهر واحلاالت والوظائف والصور والدالالت الفضاء جمموعة من

اليت تقوم بينها عالقات شبيهة بتلك العالقات املكانية املعتادة، بل إن لغة العالقات املكانية تصبح

/ البعيد، املنفتح/ األسفل، القريب/ األعلى: مثللوسائل األساسية للتعرف على الواقع، فمفاهيم من ا

أخالقية يف عمومها تتضمن فية، اجتماعية، دينية، سياسية، و ثقاكألها أدوات لبناء مناذج ... املنغلق

متكامال يكون خاصا بنمط ثقايف م لنا منوذجا إديولوجياتقد بنسب متفاوتة صفات مكانية و

.2معطى

، وسواء نظرنا إليه شتغال على الفضاء الروائياملفهوم املناسب لال التقاطب وقد وجدنا يف مفهوم

كنموذج دراسي أو كمقرتح منهجي لإلجراء والتشريح، فإن استلهام مبدأ التقاطب وحماولة

على املبادئ البنيوية اليت تنظم اقتصاد املكان وفتح فائدة كبرية يف الوقوف بنا استخصابه ستكون هلا

. 33س، ص .صاحل صالح، قضايا املكان الروائي يف األدب املعاصر، م: ينظر 12 Youri Lotman ,La Structure du texte artistique,Trad: Franç, Anne Fournier

Bernard Kreise et autres, Ed, Gallimard, paris, 1973 , p 311.

Page 55: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

55

،فتزيد يف اتساعه الداليل جمال البحث على احلقول الداللية اليت يتحرك الفضاء الروائي يف نطاقها

خصوبة للمكان يف االجتاه األكثرء لنا األرضية لكي نستثمر التحليل البنيوي هىي هذه التقاطبات ستو

التقاطبات لنبني ،" هنا... اآلن " ة لذلك من خالل النموذج الروائي وسنسوق أمثل .1وإنتاجا

، والذي انية الواردة حلل اإلشكاالت اليت تطرأ عند البحث يف بناء دالالت الفضاء الروائيكامل

كما- ،وتعددها لدى القارئ ةمما يسهم يف تشكل الرؤي ،يتموضع يف تشكيله بني االنفتاح واالنغالق

نتقال وهذا ألن هذه الثنائيات قابلة لالنقسام الاإلشارة إىل أماكن اإلقامة وأماكن اأيضا جيدر بنا

، وهي نتقال إىل أماكن عمومية وخصوصيةقامة االختيارية واإلجبارية وأماكن االإلوالتوالد إىل أماكن ا

.من بني التقاطبات الواقعة يف الرواية

:المفتوحة األماكن األماكن المغلقة و ـ 1ـ 5

تتنوع من حيث الوظيفة ، فوجدناهاة اليت تزخر �ا الرواية العربيةلقد نظرنا إىل الفضاءات املكاني

الروائيني إىل مييل بعض إذ، أمكنة مفتوحةبني أمكنة مغلقة و مبدئيا وأمكننا أن منيز الداللةو

يا وراء تعميق حيا�ا وذلك سع ،ال تربح مكا�اف ،ماملغلقة اليت حيبس فيها شخصيا� الفضاءات

روائيون مييلون إىل ، وعلى العكس من ذلك هناك لدفع �ا إىل املغامرة يف اخلارجعدم االداخلية و

مما يسمح هلا بأداء ،أمكنة تقيم فيها أو خترتقهاشخصيات حىت تتيح للتوظيف الفضاءات املفتوحة

مكنة املفتوحة لغرض األيل إىل توظيف األمكنة املغلقة و وهناك من الروائيني من مي ،مغامرات خارجية

ة للسرد وال يكفي البحث يف متفصل املادة املكاني توظيف ما يسمى بالتقاطبات أو الثنائيات الضدية،

ا�ال يفانتقاالت الشخصيات يف لألمكنة و وارد الوصف الطبوغرايف ت يأ ،أو يف متظهرا�ا السطحية

احملدد، بل جيب علينا أيضا أن حناول الكشف عن العالقات البنيوية العميقة اليت توجه النص وترسم

وأخرى ضمنية من خالل توظيف ،مفعمة بفضاءات مكانية صرحية "هنا ...اآلن" رواية، و 2مساره

...هنا، هناك، اخلارج والداخل: الروائي أللفاظ مبهمة مثل قوله

. 41 -40س، صص .حسن حبراوي، بنية الشكل الروائي، م 1 . 38س ، ص .الروائي، م حسن حبراوي، بنية الشكل 2

Page 56: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

56

يف كيفية متوضع األمكنة خنصها األوىل : أو وفق رؤيتني وتأيت األمكنة يف الرواية على هيأة عاملني

جدلية أساسية " األمكنة املغلقة، مما حيدث أهم ثنائية أو ، والثانية خنصها يف كيفية متوضعاملفتوحة

اإلحداثيات ، وبدون هذه، مصحوبني مبحددات وإحداثيات1"المغلق / المفتوح هي جدلية

خترب قارئها إذفإنه لن يأيت بث الرسالة السردية، اليت تأيت يف صورة إخبار، ،احملددات املقرتنة بغريهاو

، فهما ذكر املدينة، والشارع: مبا هو موعود، فتسجل منذ البداية العناصر اخلاصة �ذا البث، مثل

يعلنان عن احلدث، فال ميكن للقارئ أو املتلقي أن يعلم شيئا عن احلدث دو�ما ، أل�ما مسرح

ال فالرواية ،ث أو فعل ماه األمكنة مسرحا للحدمامل تكن هذ ر لهاحلدث، أما تسميتهما فال مرب

، هذا األخري الذي تعددت الدراسات حوله واختلفت 2ومنها املكان ،تستمد معناها إال من عناصرها

يف تصنيفه، خاصة املكان اجلغرايف أو املادي القائم على اجلدلية أو الثنائية، حيث حاولنا أن نقسم

سلسلة التقاطبات داخل الطرف ، مما أنتج حةمفتو وأخرى مغلقةهذا النوع من األمكنة إىل أماكن

د بعدد معني، وذلك للقابلية الكبرية اليت يتميز �ا ال حتد ال تنتهي و مفتوح/ مغلق الواحد من الثنائية

.حتليل مكونا�او تقابالت ضدية تغري بتصنيفها و الفضاء الروائي يف أن يندمج ويدخل يف ثنائيات أ

دها ومالحقتها يف انشطارها ونظرا لعدم قدرتنا على حصر سلسلة التقاطبات ومتابعة تعد

عض الثنائيات الواردة التقاطب احلاصل بني ب يف متثيلنا لذلك علىفقد اقتصرنا ،�ائيني وتناسلها الال

، حيث سنبحث يف كيفية ارتسام هندسة املغلوق/ املفتوح : خاصة التقاطب يف ثنائية ،يف الرواية

إال أننا .3"للعامل أفكار واستعارات يلصقها بكل شيء بالنسبة " ، وهيالفضاء بني املفتوح واملغلوق

:وفق اآليت نقدمهاارتأينا أن

، 04: ، ع"جملة النقد األديب" احلداثة والتجسيد املكاين للرؤية الروائية، جملة فصول ـــصربي حافظ، قراءة يف رواية مالك احلزين ـ 1

.171ص القاهرة، مصر، اهليئة املصرية العامة للكتاب، ،1989: س .72ـ 71: س، صص.جريارد جنيت وآخرون، الفضاء الروائي، م: ينظر 2 .191س، ص .غاستون باشالر، مجاليات املكان، م 3

Page 57: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

57

: األماكن المغلقة ـ 1 ـ 1ـ 5

االنغالق إذ ،للنفي والعزلة والكبتترمز أماكن حمددة بواسطة أبعاد معلومة، وهي األماكن املغلقة

وحي ت ، وهيمل اخلارجياو التفاعل مع الععجز وعدم القدرة على الفعل أيف مكان واحد تعبري عن ال

.1ةمن العالقات البشري انوعو عددا حمدودا من البشر املكان املغلق حيتضن إذ ،بالعزلة واخلصوصية

على اليت تدل ،أو الغرفةالبيت :مثل األماكن املغلقة فيضي مث ، ان الصدارةوحيتل السجن مك

االحتفاظ بقيمتها ، وتتيح هلا يف الوقت ذاتهغلقة ال تفتأ حتافظ على الذكرياتاألماكن املاألمان، و

وهو وحده الذي يعطي للوجود قيمة ويوحي عند ،األولهو عامل اإلنسان فالبيت ، األساسية كصور

، عكس اخلارج فإنه يدل على الطابع 2والبساطةو اآلمان واالستقرارأكثر من الناس بالدفء

.مما حيدث تعارضا بني الفضاء املغلق والفضاء املفتوح ،العدواين

: األماكن المفتوحة ـ 2ـ 1ـ 5

، أي عكس االنغالق ،املفتوحة أماكن تتجاوز كل حمدد أو مقيد حنو التحرر واالتساع األماكن

، ويف مثل هذه األماكن تزخر باحلركة واحلياةهي و ،من البشر تلتقي فيها أعداد خمتلفةحيث ميكن أن

:لوحدة ويعرفها عبد احلميد بورايوويقضي على الشعور بالعزلة وا ،يتحقق التواصل مع اآلخرين

من األحداث متنوعة احتضانه لنوعيات خمتلفة من البشر وأشكال : قصد هنا بانفتاح احليز املكايننو "

وتتصل هذه األماكن املفتوحة بفضاءات حمدودة وغري حمدودة كالبحر والغابة والصحراء ، الروائية

، وهي أماكن 3" والشوارع واجلسور وهي بدورها توحي باحلرية واالنطالق واالنسجام مع الذات

ملادي، فلم تصل إليها يد مل تتعرض للتشكيل اإلنساين والتحديد األ�ا أماكن اتسمت باالنفتاح

اليت سقلتها يد اإلنسان لسقلها وهندستهتا، إال أننا سنركز يف دراستنا هذه على األمكنة املفتوحة

: ، صص1994عبد احلميد بورايو، منطق السرد ـ دراسة يف القصة اجلزائرية احلديثة، ديوان املطبوعات اجلامعية، اجلزائر، : ينظر 1

146 - 147. 45 -44، ص مجاليات املكان، غاستون باشالر: ينظر 2 . 148س، ص.دراسة يف القصة اجلزائرية احلديثة، م ــعبد احلميد بورايو، منطق السرد ـ 3

Page 58: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

58

هنا، وهي ... ، هذه األمكنة اليت وردت بشكل متكرر على مدار رواية اآلن اإلنسان وهندستها

روائي أمكنة للتجمع واالستقرار وأخرى ، حيث استعمل الموزعة بانتظام ودقة حسب وقفات الرواية

عرب لألبطال حرية الذهاب واإلياب والسفرللحفالت واألمسيات والعشاءات، إذ ترك فيها الروائي

.أماكن االنتقال واإلقامة العامة واخلاصة

: أماكن اإلقامةأماكن االنتقال و ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

نذكر ةإيديولوجيو ة تقاطبات حتمل دالالت رمزية الروائي من عد لفضاء البنية املكانية لل شك تت

: أماكن اإلقامةأماكن االنتقال و : منها

:االنتقالأماكن ـ 1ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

:العامة أماكن االنتقال ـ 1 ـ 1ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

تنقال�ا مثل الشوارع شخصيات و ، تكون مسرحا حلركة الماكن ترمز إىل الفضاءات املفتوحةأ

احلدائق كاملستشفيات و كاألماكن العموميةاحملطات وأماكن لقاء الناس خارج بيو�م و األحياء و

.العمومية

-هنا... رواية اآلنيف - جند :يف الرواية أقصى درجات االنفتاح، مثلما ثل األفضية املتشظيةوقد مت

ن بني املستشفيات للعالج والسجون لتنفيذ ، ينتقالوطالع العريفياخلالدي عادل :نيالشخصيت

:خالل امللفوظ اآليت العقوبات، من

للعالج، وكما حيصل بني اثنني يتعارفان على ظهر وطالع العريفي مريض مثلي جاء، جاء من موران"

.1" حصلت األمور بالصدفة كما حتصل يف احلياة خارج املستشفى وخارج السجن... باخرة

:الشوارع فضاء األحياء و ـ 1ـ 1ـ 1ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

وهي من ،الشخصياتتتحرك من خالهلا ومرور انتقالأماكن حياء والشوارع فضاءات األتعترب

، وهي يف اخلطاب الروائي تتصل بقيم رواحهاو تشكل مسرحا لغدوها إذ ،أماكن االنتقال العامة

.14ص الرواية، 1

Page 59: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

59

الشوارع الراقية فاالنتقال يف األحياء و ، تساعدنا على حتديدها السمات اليت تتصف �ا، ودالالت

وبرنامج ، وذلك الختالف طوبوغرافيته خيتلف نظام قيمه ورموزه ودالالته النفسية واالجتماعية

ناسب أن فهل يكون من المأو الراقية، الشوارع الشعبية ديولوجية عن التنقل يف األحياء و املمارسة اإل

حياة القديمة، ف التي تعيد إنتاج أشكال المن قيم التخل ما يدل عليه و نربط بين الحي الشعبي

المضاربة بين الذي يورث والتطور المباغث التجديدوما يدل عليه من قيم وبين الحي الراقي

؟القيمين

: الشعبية ألماكنافضاء األحياء و ـ 1ـ 1ـ 1ـ 1ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

احلضارية، فهو مكان القيود اهلندسية و يتميز احلي الشعيب بطابعه الطوبوغرايف املتحرر من مجيع

حيمل هويته اخلاصة كفضاء عليها ويعيد إنتاجها، وهو ومرتوك لتناقضاته يعتاشمعزول عن العامل

.انتقايل

نظرا لتكرارها يف و ،"هنا ...اآلن" منت رواية ومن خالل تتبعنا للملفوظات الوصفية الواردة يف

شعبيا اجتازه البطل طريقايصف فيه مقطعا سرديانقرأ يف هذا املنت الروائي شكل أكثر من صيغة و

:سجن القليعة، مثل ماورد يف امللفوظ اآليت يف طريقه إىل وهوعادل الخالدي

، ألماكن ضيقاايف أغلب و ،ق إىل هناك شديد الوعرةيان الطر ك وصلنا القليعة عند أول املساء،"

، مث أول الشتاء لتخرب أجزاء عديدة منه، األمر الذي اضطرهم إلنزالنا بضع وجاءت سيول اخلريف

ضع احلجارة أو ألواح اخلشب حتت عجال�ا لتقوى على اجتياز احلفر مرات لدفع السيارات، لو

.1"الكبرية أو ملنعها من االنزالق

الشعيب كفضاء انتقايل الطريقاملتصل بفإننا نستجلي من خالل ماورد من ألفاظ يف هذا النص

الضيق صفة إىل ريخاصة حينما يش ،ة هذا الفضاء املكاين املشكلة لهيعرب عن طبيعة صف

.الشعيب الطريقاليت تطبع أو احملدودية

.423الرواية، ص 1

Page 60: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

60

قية تنب وأعالف، وكان مظلما كان العنرب مليئا برائحة الدواب والرطوبة، وفيه ب : "أما امللفوظ اآليت

، رتبنا أمر ا مشعة عند طرف أفريز قرب الباب، بصعوبة بالغةعلى ضوء أعواد الثقاب، مث وجدنأيضا

، وقد كانا متالزمني ضوئها، وبعد ذلك بدأنا نفكر ونواجهالعدويني اآلخرين، الربد واجلوع منامتناعلى

وم، حىت بدأت وحيرض أحدمها اآلخر، إذ ما كدنا نرمتي على البطانيات اليت فردناها، يف حماولة للن

لدواب، من خالل يف املكان فقد تأكدنا أن العنرب مربط ل أما وحنن جنيل أبصارنا ،...أمعاؤنا تقرقر

احللقات املثبتة باحلائط، ولوجود بعض السروج يف إحدى الزوايا، إضافة إىل أن رؤية التنب واألعالف

فيدل على القدم أو العتاقة ،1" ! الذي أعد له احلقيقي الغرضيزيد رائحتها، ويعطي املكان قوامه

جتعله أشبه باملكان و ،تالزمه تفقده مؤهالته احلضرية القدم اليتالنوافذ، اليت تظهر على اجلدران و

.األثري منه بالفضاء اآلهل املسكون

توحي لنا بالداللة اليت يقوم عليها الفضاء املكون من ثنائية ترشدنا و وهذه النماذج التمثيلية

جتميع و االنتقايل وهذا ما يقودنا حنو اإلملام الشامل بفضاء املكان ،)القدم / الضيق ( وصفية

.2الصفات املتضمنة فيه لتحديد دالالته

غري كافية إلظهار ـ ـيف سجن القليعة مكان أستقبل فيه عادل والسجناء ـ ـللعنرب الصفات السابقة و

،تقديرالوظيفتها ن طريف الثنائية السابقة مليضيف صفة ثالثة ليست أقل داللة دالالته، فيعود بنا هنا

ل ومالزمة هلذا الفضاء االنتقايل الذي يشك كلها صفات حاضرة ،القذارةالقدم واالكتظاظ و فالضيق و

الراقي السجننعين و ،بله طرف ثانامما يق ،الشعيب لسجنونعين ا، الطرف األول من التقاطب

الالت اليت تكمن يف الد، و )الراقي سجنال/ الشعبي سجنال (: الثنائية الضديةفتتشكل لدينا

املظهر ميكن اكتشاف ذلك من خالل و ،العالقات البنيوية اليت تندرج فيهاو ،تنفتح وتؤشر عليها

د من حد حتيلنا على الوظيفة البنيوية للمكان اليت تتو ،يف النصشبكة الرتكيبات اللغوية الذي تتخذه

القدم الضيق و صفيت أي أن ، ما يتوفر عليه من امتداد داليل أو رمزيل النسق الطوبولوجي و خال

.425الرواية، ص 1 . 82 - 81 :س، صص.حسن حبراوي، بنية الشكل الروائي، م: ينظر 2

Page 61: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

61

أو ترمز إىل الوضع ، ماض متوقف عن النموإىل اإلنشدادحمدودية الفضاء املكاين الشعيب و إىلحتيالن

احلرمان من التجهيزات الصحية و ،دون حتقيق اتساعه الذي حال جتماعي أو املوقف اإلديولوجياال

املقام األول بوظيفة أساسية يف اكتظاظه، وهو ينهض بوصفه مكانا انتقاليا يف وقذارته و الضرورية

.2الذي سيندمج باملنطق احلكائي *1، وعليه يتأسس املسار الطوبوغرايفالروائي السرد

من يف عدة مقاطع نصية ،الشعيب السجنملتجسد يف ا فضاء االنتقايلللأخرى صفات ووردت

عليها من خالل وصف ا�اري القذارة وانعدام الشروط الصحية اليت جتري اإلحالة : نذكر منها الرواية

يف ": ما ورد يف املثال اآليت، مثلبشكل خاص هاليت متيز ورائحة األحذية، قنوات صرف املياه القذرة و

أفضل طريقة لبقاء السجن وأن يظل : الليل، ورائحة األحذية تزكم أنفي، كنت أقول لنفسي حبزن

السجان هو األقوى، أن يكون هناك من هم مستعدون ألن يتعاركو بال سبب وأن يعطي اجلالد

أربعة أسابيع وعدة أيام وحنن كما يقولون خنض املاء ...مث قاضيا مث سجانا ،احلجة لكي يكون حكما

.3"مل نتأكد أنه ماء إال يف اللحظات األخرية .وجنرب

سجن وهذه القذارة بدون شك نتيجة طبيعية لتظافر عدة صفات متعايشة فيما بينها حمققة فضاء

من املنت استخلصناهااليت واأليقونات تهذا الحظناه من خالل اإلشارا ،�ذه الصورة شعيب

.قذارة+ ظاظـــتـاك+ قدم + ضيق : التوزيع الذي أجريناه عليها وفق املعادلة اآلتية و ،الروائي

: الراقية ماكناألفضاء األحياء و ـ 2ـ 1ـ 1ـ 1

ما جيعله مكانا قيميا سلبيا من خالل الدور إذا كان الفضاء الشعيب قد محل لنا من الدالالت

حي / حي شعبي ( الطرف الثاين من معادلة التقاطب ن ، فإيف بنية السرد بكاملها بهأنيط الذي

) من صنع اإلنسان ( رسم موقع على سطح األرض مبا فيه من معامل طبيعية وغري طبيعية : ) Topography (الطوبوغرافيا * 1

هي متثيل دقيق لسطح .املكان طبوغرافياب ومتثيلها على خرائط، أو ما يسمى) البيئة واجليولوجيا ( أي وصف معامل األرض

ر السطح يف كل التحليالت واالستنتاجات املتعلقة به وهي �دف إىل استغالل إمكانات مظه.األرض بعناصره الطبيعية والبشرية

.أو بأحد العناصر ا�سدة والقائمة بشرية كانت أو غري بشرية .88س، ص .، بنية الشكل الروائي، محسن حبراوي: ينظر 2 . 354الرواية، ص 3

Page 62: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

62

، ومن خالل املؤشرات اليت تؤكد املنحى املشهدي الذي تتخذفيه امللفوظات الوصفية مظهرا )راق

فإننا جنده يلبسه مشهدا تزيينيا ،ل فضاء احلي الراقي كمكان روائيرومنطيقيا يكرسه الكاتب حو

هنا نصا ...، ومن قبيل ذلك جند يف رواية اآلن حيجب مظهره وجوهره معاقيقية و يغطي مالحمه احل

،آلن وقد وصلت باريس بالفعلأما ا: " على لسان عادل اخلالدي لشارع باريسيعرض فيه الكاتب

نة اليت ليست ، كنت أهيم لساعات طويلة كل يوم يف هذه املديفقد وجدت نفسي مدفوعا الكتشافها

أقرب إىل فرح ، وكانتد من األماكن، وكم شعرت بالغبطة، كنت أعرف أمساء عدهلا بداية أو �اية

حني اكتشفت شبها وليس تطابقا بني مكان ختيلته أو قرأت عنه، وبني هذا الذي أراه ،األطفال

.1"متجسدا أمامي

يظهر مناقضا متاما اجلهة الطوبوغرافية ر يف متفصالته من النظو شكيل املكان الراقي وكيفية انبنائه، تف

، حيث ينهما تنافر ظاهر من مجيع الوجوهمنطقة التماس يقع بقد اجتزنا �ذا كون ون، للمكان الشعيب

يتصف املكان الراقي باإلتساع واخلضرة ، بينماالشعيب كبؤرة للضيق والقذارة واالكتظاظ يظهر املكان

.اجلمال و

أكثر مما هو ورغم هذا الوصف فإن فضاء احلي الراقي سيكون يف هذه الرواية فضاء استحضاريا

كما أن يتميز بطابعه املشهدي الذي يغري بالتأمل أكثر مما فضاء قائم يف الواقع العياين للنص،

ء أعطت للمكان الشعيب الروائية يف اشتغاهلا على الفضا مما يدل على أن األعمال يوحي بالوظيفة،

.ا أكرب مما أعطته للمكان الراقيحضور

نتاجه إ، و عديدة يف تشكيل هذا احلي الراقيخطوات " هنا...اآلن" رواية ن ننا جند ضمإال أ

ووصف تشييئه و املكانهذا على موضعة ي حريصاجند الروائ إذ، كفضاء معاش من طرف اإلنسان

فإ�ا ال تكفي وحدها يف ،أبعاد احلي الراقيعرضه الروائي من تفصيالت هليئة و ورغم ما ي .تهطوبوغرافي

، فبنية املكان مع يأهله أو يعربه تشكيل بنية املكان، فاملكان الروائي فضاء معاش من طرف اإلنسان

. 154الرواية، ص 1

Page 63: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

63

تنهض به عالقة ثانوي باملقارنة مع الدور الذي غرافية ال تلعب سوى دور أدوايت و ذكر تفاصيله الطوبو

ن أو خارج احلدود اليت قوم مبعزل عن جتربة اإلنسافاملكان ال ميكنه أن ي، ومن مث املكان باإلنسان

قيا منطكريس الرؤية املشهدية بالتايل فإن تشكيل فضاء احلي الراقي ال يعود فقط إىل تيرمسها له، و

.1كانللم رؤية أو تلكلذي يتخذه اإلنسان يف نطاق هذه ال، وإمنا إىل الوضع اموضوعياو

من كل القيود اهلندسية ر فإنه مكان متحر ،كمكان انتقال عامات احلي الشعيب وبعد عرضنا لصف

يتميز بطابعه املشهدي الذي يلغي الرؤية اإلنسانية هاملكان الراقي فإن أما زامات احلضرية،تواالل

والذي ،هذا التوزيع الطوبوغرايف لألحياءإال أن غايتنا هي الكشف عن الداللة الكامنة وراء ،للمكان

عنوانا إليديولوجية استعمارية أو ال وطنية تقضي بإعطاء االمتياز لفئة اجتماعيا و راءه توزيعا و خيفي

.على أخرى

، مظاهرات، لقاءات(كثرية احداثأالذي حيتمل كما يرد على أنه الفضاء املكاين املفتوح،الشارع و

يف معرض االستذكار السريع للماضي ، ميكن أن يرد كذلك...)، سوق يومي أو أسبوعيتسكع

: عادل اخلالديعلى لسان مثل قول الروائي : والذكرى بأشخاص معينني

ألبنية ، كنت أتطلع إىل اشى ذات صباح بالقرب من قوس النصراألهم من ذلك أنين كنت أمت "

التقت نظراتنا بسرعة،مل نصدق، !، واحلياة تتدفق، وفجأة رأيت رضوان واألشجار، كان اجلو منعشا

يأيت داال على صداقة من خالل هذا املقطع السردي فالشارع .2 "...أو باألحرى أنا الذي مل يصدق

.األحبابأحد األصدقاء و قدمية مع

: املثال اآليتكما ورد يف االنضال كأن يدل على جيابيةإحامال داللة الشارع يأيت قد و

مل!ورتب كيف نلتقي، ومىت ،رقم تليفونك وسوف أتصل بكأعطين : قال ،عتذارويف حماولة لال"

حدث والذكريات فقط، وإمنا لنت ، طلبت منه تأجيل السفر، إلغاءه، ليس بدافع الشوقأسلم بسهولة

، خاصة بعد االنقسامات احلادة واخلالفات واال�امات املتبادلة، بدا عما جيري يف الوطن والتنظيم

. 89س، ص .حسن حبراوي، بنية الشكل الروائي، م: ينظر 1 154الرواية، ص 2

Page 64: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

64

... كأنه يعتذر و وأخرىينظر إىل الذين يرافقانه حمرجا، وغري راغبفي مواصلة احلديث، وكان بني حلظة

اليت كنت أنتظرها منذ ، إ�ا الفرصة!فهمت، ولكن كيف يتسىن يل أن أتركه ىيفلت مين هكذا

ادها عالقة طويلة ز شهور، لكي أعرف أية مصائب حلت بالوطن، وأعرفها عن شخص تربطين به

.1" السجن قوة

: أو الممرفضاء الطريق ـ 2ـ 1ـ 1ـ 1ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

فيها الشخصيات املمارسات املشبوهة اليت تنغمسكان انتقال عام بتأطري املارين و تقوم الطريق كم

هامش كلما وجدت نفسها على أساليب العمل يف الظالم كقطاع الطرق الليلية،و ،كالسوق السوداء

إما شخصية عادية ،يافهناك أسباب عديدة تقضي بوجود الشخصية ضمن. احلياة االجتماعية اهلادرة

للرتويح عن النفس، أو ،تتنقل يف الطريق لقصد التنقل إىل مكان آخر لقضاء احلاجات اليومية

أو مبحض اختيارها لرغبة ذاتية ،أو شخصية متشردة ضمن عصابة دفعتها ظروف اجتماعية لذلك

. مما جيعلها حملبا للشبهة ،ملحة حركتها

مبا سنجد أبرز الدالالت اليت تؤشر عليها حتمل طابعا سلبيا يشي هنا...اآلن وبقراءتنا لرواية

،ال برغبة منها ا متر بالطريق املؤدي إىل السجن، وخاصة وأ� تعانيه الشخصيات يف الرواية

ومن خالل تتبعنا للملفوظات الوصفية الواردة يف .الطريق ة اليت يتنقل �ا عامة الناس يفال بالطريقو

:سجن القليعة وهو يف طريقه إىلعادل الخالدي البطل على لسان مثلما ورد ،هذا املنت الروائي

األماكن ضيقا، يف أغلب و ق إىل هناك شديد الوعرة يوصلنا القليعة عند أول املساء،كان الطر "

هم إلنزالنا بضع ، مث أول الشتاء لتخرب أجزاء عديدة منه، األمر الذي اضطر وجاءت سيول اخلريف

مرات لدفع السيارات، لوضع احلجارة أو ألواح اخلشب حتت عجال�ا لتقوى على اجتياز احلفر

.155الرواية، ص 1

Page 65: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

65

بالوحل نتيجة العمل الشاق الذي كانت ثيابنا وأجسادنا ملطخة... الكبرية أو ملنعها من االنزالق

.1" ...يف الطريق أجربنا عليه

، كنا نركض ة، بدأنا تلك الرحليف تلك املمرات اجلبلية القاسية ،ومثل ا�انيني" : ويضيف قائال

وراء األشجار لتلطم على ظهورنا تالحقنا، وكنا جنفل ونرتد، والعصي تربزمن ونتدحرج، الن الضربات

، وإذا كان النقيب وحده يصدر األوامريف السجن، فقد بدا وجوهنا، وكذلك األرجل وهي متتد لتوقعنا

ال ميكن أن حتصى العصى اليت اليت تلقيناها يف !األفراد أكثر تفننا وهم يصدرون األوامرإلينا بأنفسهم

.2"اهلبوط إىل القعر وأثناء العودة

قل خاص أماكن اإلنتقال العامة إىل مكان تنمن و�ذا يكون مكان الطريق قد حتول من وصفه

إكراه ا يعانيه السجني من ضياع نفسي و أنه حيمل طابعا سلبيا يشي مب ىبالسجناء، مما يؤشر عل

، ليست احلالاللة فضاء الطريق يف رواية ود .يسلك طريقه إىل السجن ألغاللوهو مكبل با ،بدين

إمنا طارئة تأيت خللخلة املألوف والسائد عن هذا الفضاء صلة تندمج يف بنية هذا الفضاء، و داللة متأ

. نتقال العموميكمكان لال

ذا الفضاء من وظيفة هتؤثر سلبا دون حتقق ــــ املتأصلة ضمن فضاء الطريق غري ــــ وهذه الداللة

لقضاء احلاجات اليومية ضمن نظام قيمي تفرضه ،والعبور بكل حريةحيث هو مكان عام للتنقل

املمارسة االجتماعية، إىل مكان تنقل خاص ضمن نظام قيمي حتت الرقابة واإلقامة اجلربية تفرضه

.تربجمه ضمن تفضية حمكمة اهليئات احلكومية، و املمارسة النظامية للسلطات العليا

.423الرواية، ص 1 . 473 - 472: الرواية، صص 2

Page 66: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

66

:أماكن االنتقال الخاصةـ 2ـ 1ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

: ـ فضاء المستشفى 1ـ 2ـ 1ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

مس فيها بتأطري حلظات املمارسة الطبية اليت تنغ كمكان انتقال خصوصي يقوم املستشفى

ما، فقد ضمن مستشفى يقضي بوجود الشخصية خصيات الروائية، فهناك دائما سبب ظاهرالش

ن أن العالج يكو و ،، خاصةللمستشفى الذي يريد العالج فيهن حيدث ذلك مبحض اختيار اإلنسا

.، حيدث ذلك يف العادة بعد رغبة ملحة للشفاء من املرض جمانيا يف املستشفيات العمومية

ليها إ ريشتجند أن أبرز الدالالت اليت ،"هنا ... اآلن " رواية لصورة املستشفى يف ةعد قراءوب

ذلك أن فضاء املستشفى ؤكد�ميش، ومما يضياع و حتمل طابعا سلبيا يشي مبا يعانيه الفرد من

، كما جاء على لسان عادل واألطباء واملمرضنيى سيكون مسرحا للعديد من الشخصيات كاملرض

أو تذهب بكم الظنون بعيدا، فتفرتضون مثال يف املستشفى تعرفت، وجيب أن ال تتسرعوا " :اخلالدي

رون قد تتصو !إين تعلقت بامرأة، وهي اليت تسببت مبويت، أو بقتلي، إذ بعد أن مهمت �ا ختلت عين

طبيبة ، قد تفرتضون أ�اكم اخليال إىل تصور تلك املرأةح بن، وكنت أمتناه، وقد جيحتمالمثل هذا اال

أو تكون زائرة ... أو ممرضة، كما حيصل عادة يف األفالم والروايات، وقد تكون مريضة يف فرتة النقاهة

العشق، وهكذا دخلت : ذلك الداء الذي يصيب مجيع البشر إلحدى املريضات، ولسبب ما وقعنا يف

طويال وكثريا، ال مل حيصل شيء من هذا، وإن متنيته! ، ومل أخرج منه لسبب آخربسبباملستشفى

،إن الذي غري حيايت ووضعين على حافة املوت هو أين تعرفت على طالع العريفي: لكنه مل يتح يل

.1"! جاء من موران للعالج ،وطالع العريفي مريض مثلي

تهاصفعن انزاح ف ،لمستشفىل أخرى وظائفالروائي يسعى إىل أبعد من ذلك حني عدد لنا ف

شبيها باإلقامة املعطوبني، ليصبح فضاء إقامة أوانتقال خاص ملعاجلة املرضى و ن الطبيعية كمكا

، فينكشف لنا الطابع السليب املهزوز هلذا ) وء السياسياللج( لبعض الشخصيات املهمةبالنسبة

. 14الرواية، ص 1

Page 67: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

67

وما يلفها من كآبة تصوير الرتابة اليومية ب ،الفضاء الذي يستمد وجوده من الواقع املرتدي من حوله

: ةاآلتي اتمن خالل امللفوظتعاسة و

يها املوت، وأنت أ...:ول وخترج الكلمات من بني أسناينب يف الفراش، وأحس األمل أقوحني أتقل "

جمرد بغل، وال بد أن أركبك لكي أصل إىل اجلنة، ال : ملعون يوناين ، كما يقولماذا لو أتيت؟ إنك

.1"أن ال أخاف منك ، أن أحتداك أمهية األكثرقريبا أو بعيدا، يهم أن يكون املشوار

وأنا كبندول الساعة أتراوح بني األمل وحلظة االنفجار، خاصة بعد أن اكتشفت كم يف هذا العامل "

ينثار سريعة، مزدمحة، والزمن املاض: الصور تتواىل كاألمطار اليت تعقب العاصفة. من القسوة والنذالة

على أمل أن يكون الغد أحسن من يوم الذي ال ينتهي من األمل واألقمار الصغرية، مث ذلك االنتظار

.2" العذاب الذي نعيشه اآلن

من خالل بامتياز اجنده انتقالي ،تشفىفا للمدلوالت السابقة الذكر لفضاء املسخاله و إال أن

" هنا...اآلن" جند يف رواية :مثالعلى أقصى درجات االنفتاح، ، مما يدل األفضية املتشظية يف الرواية

.ومها ينتقالن بني املستشفيات للعالج وطالع العريفيالخالدي عادل :الشخصينت

وما تؤديه من دالالت تلك املراوحة بني طريف ،ما يستوقفنا من خالل هذه امللفوظات أما

على حتقيق الوظيفة ستؤثر سلبا فالدالالت جمتمعة ضمن هذه الثنائية ،)انتقال / إقامة (التقاطب

ل من خالل وجوده املوضوعي املعرب الرئيسي لتفسري الداللة يشك س الذي اء املستشفىـــــــــــاألصلية لفض

ك جمال رئيسي لألحداث ولتحر من حيث هو إطار للحدث احلكائي و ،للمكان *3الطوبولوجية

ته ـــوعالق فال ميكن جتريد فضاء املستشفى من طابعه الطوبوغرايف ،هذا العمل الروائيالشخصيات يف

100الرواية، ص 1 . 101الرواية، ص 2للبىن اهلندسية، وهي علم ) الكيفية ( فرع من علم الرياضيات، يبحث يف املسائل النوعية : ) Topology( الطبولوجيا * 3

مقادير الزوايا واملساحات ( وأمنطتها، وهي تعىن بدراسة املكان دراسة وحتليل خصائص األوضاعحسب معطيا�ا لتحديد أنواعها

ات وتسمى األشياء اليت تدرسها فضاء.يته الدقيقة وبنيته الشاملة، وتبدأ باألخذ يف االعتبار طبيعة الفراغ، وتبحث كال من بن)

.، وهي أشياء رياضية ميكن تصورها حدسيا بأ�ا أشكال هندسية ) Topological Spaces( ة طبولوجي

Page 68: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

68

االمتداد لـــاملة اليت تشك ــــته الشــومن مث دالل ،ونه دون أن يفقد خصوصيتهـــيأهل اص الذينـــباألشخ

ىت مربرا ـــــاملستشفــــــى منـــــاحي ش، ولقد سار الروائي يف تعامله مع فضــــــــاء الطبيعي لكل فضاء انتقايل

الذي احلكــــــــائي واملنطقايل واإلقامي وحمددا مســـاره الطوبوغــــرايف ــــــــــابعه االنتقــــــوال طــيف مجيع األحـ

.1ينظمه و يعطيه مربرات وجوده

وعة من ـــالل عرض جممـــــــاملستشفى من خاء ـــا فضـد قدمت لنـا قــهن...ون رواية اآلنــــــــو�ذا تك

بوصف فضاء املستشفى سعيا وراء إحداث ،والصفات اخلاصة يف تغطية املكان الروائي اتــاعـطبــــاالن

. إيديولوجياخطابا رمزيا و نسقا مرجعيا ذا داللة و هاملقروئية الضرورية اليت جتعل من

:أماكن اإلقامةـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

:أماكن اإلقامة االختياريةـ 1ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

:البيتفضاء ـ 1ـ 1ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

ناستقبل طفولتالذي ن البيت القدمي، بيت الطفولة ،إنه البيت الذي ميثل الرحم األول لإلنسان

حدود متنح مركز الوجود داخلو ، ان االستقرار والسكينة والذكرياتفيه، هو مك نان شخصيتكو نو

دائما وعندما نبتعد عنه نظل .اخليالتكييف هو مكان األلفة ومركز ،كما يصفه باشالر احلماية

ية واألمن اللذين مااحلياة املادية ذلك اإلحساس باحل نستعيد ذكراه، ونسقط على الكثري من مظاهر

حنن ما حيمل من ذكريات ومحيميات جيعلنا ومن هنا االبتعاد عن املكان بكل ،كان يوفرمها لنا البيت

، ال يشكل تعويضا يف الذاكرة والقلب على األقل عن البيت األول الذي والسيما يف حالة الغربة ،إليه

، ولكن تلك األمهية لن هي إال حمطات قد تكون هلا أمهية وبذلك فاألمكنة األخرى ما ،نشأنا به

إننا نعيش حلظات البيت من ، لطفولة والشباب والذكرياتا مهد اتصل إىل األمهية اليت يتمتع �

، فانطالقا من تذكر بيت "بيت األشياء"يت يسميها باشالر خالل األدراج والصناديق واخلزائن ال

.95 - 94: س، صص .حسن حبراوي، بنية الشكل الروائي ـ الفضاء ـ الزمن ـ الشخصية، م: ينظر 1

Page 69: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

69

فالفندق مثال له شعائره ، 1عا ذاتيا، وينتفي بعدها اهلندسيبالطفولة تتخذ صفات ومالمح املكان طا

فرها ال يرتك يف الشخصية تلك الذكريات العميقة اليت حي البيت،عكس مكان مؤقت اخلاصة، وهو

.الذاتضوابط املكان يف الروايات متصلة عادة بلحظات الوصف، وهي أن ، أي البيت

مل عادال أن ، إال ن اإلقامة االختيارية يف الروايةينتمي إىل أماك )اخلالدي عادل(بيت الراوي و

امنغمسكان ذلك ألنه ألنه كان سجني النظام وسجني مرضه، ،قليال ذا البيت إال يكن ميكث يف ه

صبح البيت العائلي بيتا ، ومنه ي، مما مينعه دائما من االلتحاق ببيته العائلييف أمور السياسية والوطنية

، بل اد أو جمموعة من األثاث، فتصوير الرواية البيت من خالل السارد ال جمرد ركام أو مجاضطراريا

.تهذاته وذاكر صف هذا البيت من حيث موقعه يف ي كان

مجالية تنتجه الكتابة وفق رؤية فكرية و ،ميثل فضاء مكانيا هاما "هنا ...اآلن" رواية البيت يف ف

، وحيز مؤطرية كربى للبيت كعنصر مكاين مجايليتبناها املبدع، وقد أولت الرواية العربية أمه

، إال أننا من معينة حدودعند ال يتوقففهو البيت العائلي أما ،للشخصية واحلدث باملفهوم السردي

وهو يف ،حياتهبدأ بالتدقيق يف أخص جزيئات يخالدعادل ال نالحظ أن ، هنا...رواية اآلنخالل

إذ زاره عدة يف البيت، سبوع الذي قضاهاألويظهر ذلك من خالل وصفه ،بعموريةبيت العائلة

األسبوع : " لسانه ورد على مانه كان حتت اإلقامة اجلربية مثلأطباء وأجريت له عدت فحوصات أل

عدة فحوص، ومت فيه التشاور بعض األطباء، وأجريت يل خالله ، وقد زارينتالذي قضيته يف البي

أو نقلي إىل اخلارج، ومدى احتمايل للسفر، هذا والتساؤل عما إذا كان باإلمكان معاجليت يف عمورية

بيت عادل يف عكس لنا احلالة األمنية اليت يعيشها ي ماهذا ،2"احلركة هاألسبوع الذي مل �دأ في

.وره حض

. 09س، ص .باشالر، مجاليات املكان، مغاستون : ينظر 1 .11الرواية، ص 2

Page 70: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

70

:السرير فضاء ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

اليت تساعد على فك جزء من مغاليق النصوص يف الرواية من األمكنة املفتاحية السريريعد

أي أن السرير مل يكن يستعمل للنوم فقط بقدر ما كان طلق عليه أمكنة الليل والنهار،الروائية، ي

يستعمل لتجليات النهار، حيث يدل على النوم والراحة وممارسة اجلنس أو فراش الزوجية، وهي

دورا هنا ... رواية اآلن يفكمكان السرير ىقد أد ول .1ريراحلاالت الطبيعية اليت يستعمل فيها الس

مل إذ أنه ا بطوليا يف مواجهة املرض، دور عادل الخالديمما أضفى على شخصية ، بارزا وفعاال

.2بقدر ما كان يستعمل لتجليات النهار فقطواالسرتخاء يستعمل للنوم

ه الكاتبوظفإذ ، النص الروائيهذا على فك جزء من مغاليق المكان/ السرير ناساعد وقد

نقرأ يف هذه الرواية إذ، ألداء أدوار ووظائف جديدة باإلضافة إىل وظائفه الطبيعية السابقة الذكر

حىت يعود أن يغادرهال يلبث بطل الرواية اخلالدي فعادليف عدة مواقع، السرير جتليات وحتوالت

ورد يف مااسية السائدة يف زمن الرواية مثلمكان محاية من شر املرض والظروف السي، فهو مبثابة إليه

:األمثلة اآلتية

يها املوت، وأنت أ : ...وحني أتقلب يف الفراش، وأحس األمل أقول وخترج الكلمات من بني أسناين"

لكي أصل إىل اجلنة، جمرد بغل، وال بد أن أركبك : ملعون يوناين ، كما يقولماذا لو أتيت ؟ إنك

، ويشتد عصيب. اك، كأن ال أخاف منكأن أحتد أمهية قريبا أو بعيدا، األكثر ال يهم أن يكون املشوار

.3"أصبح حصانا غري مروض، بشارة من تلك البشائر اليت تتجاوز اخلوف، وتقف عند ختوم الربكان

ص لبنان، ، املؤسسة العربية للدراسات والنشر، بريوت، 1994، 1مجاليات املكان يف الرواية العربية، طشاكر النابلسي، : ينظر 1

277 . . 275، ص املرجع نفسه: ينظر 2 .100الرواية، ص 3

Page 71: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

71

من رمبا زالت طبقة مسيكة ،كما أنا اآلن، مل أشعر منذ أسابيع أنين نشيط متددت على السرير"

أغرق يف نوم القذارة عن جسدي، وقد مت ذلك بفعل البخار، تفتحت مسامي وعرقت، وألول مرة

.1" !مل أصح من نومي إال على دقات وجبة العشاء ! عميق خالل النهار

كحل للمأساة يبقى املالذ الوحيد واخليار املتوفر "هنا ...اآلن" يف رواية المكان/ ر السريف

فرغم أن البقاء فيه عذاب فإن االبتعاد عنه ،) ديلالخا عادل( واحملنة اليت يعيشها بطل هذه الرواية

.بالنسبة له عذاب كذلك بعد أن ضاقت األمكنة مبا رحبت

وحتريك األخيلة، للنهوض بالفكر بعيدا عب باألفكاريف الرواية على أنه مكان لل السريركما دل

:مثل ماورد من خالل املقاطع السردية اآلتية

، لكن الربق، دمية، أستعيد وجه طالع ووجه أميالرعود القتعيد الربوق و ، أسأتكمش يف سريري " ...

أميله الذي ميأل الغرفة فجأة ميزق الصور، يبعثرها، أشعر أنين صغري وخائف، أدير رأسي، اجلديد

الغرفة، فوق السرير، وأمد يدي إىل اللرعد اآليت، ال يتأخر لكنه فجأة يتفجر داخل قليال، انتظار

أمسع حبات املطر وهي تتساقط مثل حجارة صغرية لتمأل كل املاء، ومع انزالق اجلرعات األوىل كوب

.2" الفضاء

ومن ، ومن مستشفى إىل مستشفى إىل سريرــــ وهو يتنقل من سرير عادلإن هذه الظاهرة يف حياة

كان يسيطر إذ ، اقع احليايت السائدالو و العريب التاريخ تعبري واضح وداللة قاطعة عن ــــ سجن إىل آخر

على األحداث والشخصيات بسبب سوء األنظمة الذي حال دون جتسيد األفكار، رعب احلاضر

من أرض الواقع مإىل خارج احللبة، وجتريده موالدفع � ،ني واملناضلنياملثقفأفكار وبالتايل �ميش

.ون فيهواحللم، ونفيهم إىل عامل آخر غري الذي يرغب

.188الرواية، ص 1 .53الرواية، ص 2

Page 72: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

72

إىل ومن خالل الصور املتالحقة اليت عمد الكاتب ـــ المكان/ السرير أن : و�ذا ميكننا أن نقول

ري واالجتماعي والفك السياق السياسيـــ قد خدم " هنا... اآلن " رواية ل العامسياق العرضها يف

، صيات يف الرواية، فهو حاوية مكانية لألحداث والشخوالرواية بشكل عام لألحداث والشخصيات

إىل أداة من مل يعرض يف الرواية كديكور، ولكن عرض كفاعل وكمكون روائي، وبالتايل حتول وهو

. أدوات تفسري هذا العمل الروائي

: رية الجب ـ أماكن اإلقامة 2ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

:فضاء السجن ـ 1ـ 2ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

مباذا يتميز السجن ؟: ميكننا أن نطرح التساؤل اآليت

أبعاد ومقاسات متيز انغالقه وحمدوديته، إضافة إىل أنه ب ينفردإن املتأمل يف فضاء السجن جيد أنه

وهو فهو رمز احلجز واملصادرة اليت تنفي عنه كليا صفة االنفتاح، ،زيعجتبقيم اإللزام واليتميز

وهو ،ة خارج األسوار، وهو عامل مفارق لعامل احلريالبيت الذي يتميز بقيم األلفةفضاء يتعارض مع

ينهض بوظيفة داللية خالل فرتة معلومة غري ،معد إلقامة الشخصيات اإلجبارية كفضاء روائي

، وهو يشكل نقطة انتقال من يف شروط عقابية صارمةه إىل قانونه اخلاص ؤ خيضع نزال إذ ،اختيارية

بااللتزامات لكاهله قاالثإالعادات و ال يف القيم و تضمن حتو ، أما انتقال النزيل فياخلارج إىل الداخل

النزيل عتبة السجن خملفا وراءه عامل قدميفما إن تطأ ،وسلسلة من اإلجراءات اإلذاللية، واحملظورات

فهو يتبدى أوال من حيث هو حيز مكاين مغلق، فضاء للموت ،احلرية حىت تبدأ سلسلة العذابات

، 1، وفرض آلراء اآلخروالذل لتسلطالتعسف وا، وهو فضاء التجريد من احلقوقو والضربوالقهر

... " :مثلما ورد يف الرواية على لسان طالع العريفي ،تلكاته اخلاصةمن ممحيث جيري جتريد السجني

أن قة شديدة الرباعة واإلتقان، وجدت ، وبطريالزالزل، أو كما تنفجر الرباكني، وكما تقع وفجأة

كلها انصبت الضرب، اللكمات باأليدي، باألرجل، بالرأس واألكتاف،: أبواب اجلحيم فتحت علي

ص بريوت، لبنان، ، ، املركز الثقايف العريب2003، 1يف روايات عبد الرمحن منيف، ط صاحل ابراهيم، الفضاء ولغة السرد: ينظر 1

37 .

Page 73: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

73

أمتزج �ذه األرض، ، وكانت القفزة فوقي جتعلينكمة، توقعين أرضاكانت القبضة أل�ا قوية وحم، علي

يف حلظات كثرية افرتضت أن الغاية أو النتيجة املؤكدة هلذا الضرب، أن أموت، لقد بلغت أكثر ...

حالة تماال، وإمنا حفخالل فرتة تزيد على الساعة بدا يل أن املوت ليس ا من مرة حدود املوت،

، احلماس الذي ، األماكن اليت يتخريو�ا، الشدة والسرعة يف الضربوأن طريقتهم، خاصة أعيشها

يزيد ويتعاىل مع مرور الوقت، جعلين على يقني أن األمر يتجاوز التعذيب، وأن اهلدف أن أموت بني

.1" ! أيديهم

جيرد من هويته اخلاصة عن طريق انتزاع امسه الشخصي واستبداله إىل السجن عقب دخول النزيل و

: على لسان الراويد ر االيت يأهل �ا السجن مما هو و النكرات يف عداد برقم جيعله

، حىت عرف 17ما كادت أيام قليلة تنقضي على وجودي يف السجن املركزي، ويف املهجع رقم "

.2"! كيف تسرب ، إن ذلك جزء من حياة السجن الداخلية اخلرب، ال أدري من نقلهأو

لي ترميه السماء تتلقاه لا: ، وبعد أن فتح أبو مسري الباب وهو يقول 05ما كدت أصل املهجع رقم "

.3" ... األرض

4" 09واملهجع رقم 17وبدأت احملاوالت لإلتصال باملهاجع األخرى، خاصة املهجع رقم ..."

.5"إىل سجن العفري 09ورقم 05رحل القسم األكرب من نزالء املهجع رقم "

، اهلوية الذاتية قد اختذت مسارها تكون عملية إفناءجمرد رقم عددي فبمجرد اختزال النزيل إىل

إىل ويف ذلك داللة على الرغبة العدوانية والال إنسانية يف نسف الذات الشخصية للنزيل االنتقال به

امسهجتريده من وبعد ،ء، وهذا أشد إيالما من افتقاد السجني حلريته نفسهاىي درك من الدونية والتش

ممتلكاته الشخصية، وبالتايل تنتزعموحدة اللون، و خاصة لة سجنية دمالبسه بب تستبدلالشخصي،

.174 - 173: الرواية، صص 1 .357الرواية، ص 2 .358الرواية، ص 3 .366الرواية، ص 4 .372الرواية، ص 5

Page 74: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

74

لتفرد، ويتحول إىل ااالختالف و يفقد كل عناصر إذ، خصوصيته اليت متيزه عن اآلخرين جتريده من

.كونات الفضاء املغلق لعامل السجنجمرد نسخة مكررة تندمج ضمن م

جدرانه بفعل ،شديد االنغالق أنه ــــ باعتباره مكانا لإلقامة اجلربيةــــ ولعل أبرز رموز السجن

: اآلتية ، مثل ماورد يف امللفوظاتفرقعتهافاتيح و ركة املح، و احلديدية هوأبوابالسميكة

نفصل عن حزمة من املفاتيح خيش يف اهلواء أوال، وقد ا متر إال فرتة قصرية حىت مسعت املفتاح مل"

، مث انفتح الباب إىل الداخل بقوة وضرب كتفي ، طق مرتنياألخرى، مث مسعته يصر داخل القفل

.1"األمين

، إذ مساعد الشيخ وقت الدفن بصوتأما حني دخل املفتاح الكبري بالباب احلديدي، فكان أشبه "

، مع انفتاح الباب هفت رائحة من الداخل ال ميكن أن جتد نبه اجلميع وجعلهم أكثر استعدادا وحتفزا

وصفا أو امسا حيددها أو يقر�ا، فهي مزيج من العفونة والرطوبة ورائحة البول وروث الدواب

.2" ! آخرطائس، وال أعرف أي شيء واملطهرات القاسية والف

، قال أبو مسري، وهو يغلق باب املهجع، ني، نظروا إيل، رأوين ومل يروين، مل حيركوا ساكناظلوا صامت"

.3"ولكي ال يرتك أي شك عمن أكون

العامل :بني عاملني حمايثني االختالفعلى وص السابقة تدل يف النصفهذه املواصفات للسجن

.املهاجعيف املخادع و نفراد الرطوبة واالعامل الظلمة و الشمس واهلواء و عاملالرحب وعامل العزلة،

وسيلة للحماية إىل من ل قيمته كن أن تتحو ميوأبوابه الثقيلة حواجزه كمكان مغلق جبدرانه و السجنو

، حيث تنقلب فيه القيم، ل، عامل آخر بالنسبة للنزي، عامل السجن، هذا العامل الغريبوسيلة للتهديد

تفرضها تنعدم من خالهلا إرادة السجني، ويستجيب اجلسد النفعاالت جديدة أوضاع النفس، وتتغري

بال نزيل جديد أو مع حلول داخل األقفال عند استقاملفاتيح وهي تقرع فعل و عليه أربعة جدران

.184الرواية، ص 1 . 338الرواية، ص 2 . 351 ، صالرواية 3

Page 75: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

75

وظيفتها من ل ، حيث تتحو داللة مفارقة عن قرعها يف املنزلفقرع املفاتيح يف السجن له ،املساء

التسرت على الذات عندما يغلقون منازهلم أو غرفهم للخلود إىل النوم أو يق األمان للناس و قحت

.اخلارجيةبالنفس خلرق القيود االختالء

من طرف السجن فاتيحمقرع السجناء من فعل التفريق بني حتول ،هنا... رواية اآلن يف أما

إىل ممارسة قهرية ، اء السجنـــــعند انتهاء فرتة اختالطهم يف فنهم قطع الصلة بينبالعزل و احلارس

جعله يف نفسية السجني و للتأثري على ،د باجلدران واألسالك الكهربائيةو داحمل سجنيفرضها قانون ال

وهذا عن طريق الضرب و صب املاء البارد عليهم يف الصباح الباكر من فصل الشتاء، ،قنوط وامشئزاز

جاء على لسان مثلما ،إىل كراهية النزالء وامشئزازهم الرهيب الذي يقضي رمز إىل النظام السجيني

الشتائم : شعرنا ببعض الراحة، وحنن ندخل املهجع، إذ تكفينا واحدةمن العقوبتني: " الراوي

، هجموا علينا، هجموا ىءقبل أن يبزغ الضوء، وبشكل مفاج. والتهديدات، أو العذاب اجلسدي

الضجة واألصوات، إضافة إىل كميات كبرية من املياه الباردة تنصب علينا، ال : كالكالب الضارية

، ما والضرب بأعقاب البنادق والصيحات والشتائم ، عدا عن الرفسات والصفعاتنأعرف من أي

إلينا أن جنتمع بسرعة يف كدنا نستوعب احلالة حىت ا�الت علينا الكرابيج مع العصي تطلب

قارسا، خاصة مع هذه الكمية من املياه الباردة احة، استغرق ذلك بضع دقائق، كان برد الصباحالس

.1" ن أجل الوصول إليهة، وبعد دفء الفراش الذي جهدنا مواملفاجئ

باعثا على تغيري القيم والتصورات اخلاصة ء الروائي يف عامل السجن حافزا و ل الفضاوهكذا يشك

حييل إىل مفاهيم وقيم جديدة مل يتمثلها السجني قبل سجنه، ألن هذا النوع من األفضية باملكان،

، وتتغري أوضاع النفس ويستجيب اجلسد قلب فيه القيمعامل السجن عامل آخر تن" حيث إن

الذهاب بعيدا يف تأويل ما ينهض به قرع وميكننا ،2"النفعاالت جديدة تفرضها عليه أربعة جدران

. 472 – 471: الرواية، صص 1 . 60س، ص .حسن حبراوي، بنية الشكل الروائي، م2

Page 76: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

76

ال يف األقفحلامسة اليت توكل إىل املفاتيح و بفضل الوظيفة ااملفاتيح يف فضاء السجن من دالالت

عنوانه ،وكل حركة له من طرف مستعمله هي ، فهو ترعة السجن و احملدودتشييد هذا املكان املغلق و

وشعوره بفقدان لوعيه حبقيقة الوضع اجلديد قنوط يف نفسية النزيل ملا حيدثه من قلق و ، العقاب ذاته

القائمني على طرف من خشونة عنف و األبواب املغلقة من قسوة و أقفال قرع مفاتيح نبئ بهيمما حريته

من خالل أحداث الرواية ره على حنو ما تصو ، ) غلق األبواب(بالفعل ونيقوم هم و السجن

:امللفوظات اآلتية

هز يغلق الباب، من جديد، وقبل أنإليهاظر نلها، كان ال حيتمل الرفض، قب لكن إصرار طالع "

.1"أيضا يغلق الباب رأسه، وضحكت عيناه، وتعثر وهو

فاملتأمل فيما حتمله هذه امللفوظات يف وصف املكان السجين والتعليق عليه، وكذا التأويل الذي

الطوبوغرايف ا�رد هلذا يستند إليه عرب السياق، خيلصنا إىل استبطان الداللة املختفية وراء التصوير

.الغربة أو املنفى هو املكان اهلندسي املعرب عن ا معاديا، ألن املكان املعادي، مما جيعله مكان2الفضاء

من خيالف ويتخذ هذا املكان صفة ا�تمع األبوي �رمية السلطة يف داخله وعنفه املوجه لكل

املكان اهلندسي إىل املكان املعاديكما يشري ،وتعسفه الذي يبدو وكأنه ذو طابع قدري ،التعليمات

.3املعرب عن اهلزمية واليأس

إغالق األبواب وبالتايل حجب فتح أو داللة السجن مرتبطة بوظيفة املفتاح األساسية حبركتها يفف

، مثلما جاء على باألسالك الكهربائية باألسوار ومسيجحمدود عامل احلرية يف إطار فضاء مغلق و

، كانوا كثريين، مث جاؤوا، مسعت أصوات أقدامهم ،متركوين بضعة أيا: " لسان السجني طالع العريفي

أما حني وصلوا وتوقفوا فقد عم الصمت، وما عدا حزمة املفاتيح اليت خشت وحدها، فإن الصمت

. 42ـ 41: الرواية، صص 1 . 61س، ص .حسن حبراوي، بنية الشكل الروائي، م: ينظر 2، تشرين للدراسات والبحوث العلمية جملة جامعة، عبداهللا أبو هيف، مجاليات املكان يف النقد األديب العريب املعاصر: ينظر 3

. 126ص س،.م

Page 77: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

77

ب عيين، أو أن أستعد، فتح الباب، ودخل الشهريي كان قويا ثقيال، مل يطلبوا مين أن أعص

.1" وحده

مزدوجة حسب السياق دي دالالت وكل وضعية تؤ ،ضعيات داخل السرديتخذ الفضاء الروائي و

من خالل إبراز مالحمه الطوبوغرافية املميزة ،، ومن هذه الوضعيات نذكر فضاء السجنالذي تدرج فيه

،للمكان ختربنا عن مظهره اخلارجي فالصورة الطوبوغرافية .ليت يقوم عليهااملكانية اوكشف الداللة ،له

، يف حني حيدث أن يلحق الوصف اليت يقوم عليها ةالداللة املكانيمما يفسح ا�ال للكشف عن

عن طريق التأمل الطوبوغرايف قصور يف تأدية الداللة بسبب النقص احلاصل يف البناء الداليل للمكان

مما يفسح ا�ال لعمل املخيلة ،والوصف الطوبوغرايف وإبداء املالحظات حول هذا الفضاء الغريب

التأمالت اليت يضيفها أيتت إذللفضاء، ل يف البناء الداليل صلتعويض النقص احلاالذهنية للقارئ

وتشحن بدالالت ،ة الطوبوغرافيةملا يديل به الكاتب أو الروائي من استطرادات لتدعم الصور القارئ

ن إ :و�ذا ميكننا أن نقول ،يق املنتج للداللة من طرف القارئإضافية مل تكن متاحة يف غياب التعل

جتاذب تربره احلاجة ملا بينهما من اتصال و حاجة الوصف إىل التعليق يف إنتاج الداللة تظل قائمة

حبسب املواقف التجاور النصي أحدمها إزاء اآلخر أو ما يطلق عليه بــــ املستدمية اليت يشعر �ا

.2والسياقات

ك املعتقلني يف قضايا سياسية ، أي أولئلنزالء السياسينيلوقد يتخذ السجن كمكان مغلق فضاء

:امللفوظات اآلتية ، هذا ما تدل عليهأو وطنية

والسراق، والذين خيطفون األطفال، وأولئك الذين يستعملون أما السجناء غري اخلطرين من القتلة "

خلطرهم باملقارنة مع به يؤ األسلحة يف قطع الطرق، فال بد من ترحيلهم وإبعادهم، ألن هؤالء ال

. 262الرواية، ص 1 . 60س ، ص .حسن حبراوي، بنية الشكل الروائي، م: ينظر 2

Page 78: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

78

كذا مت ترحيل السجناء ، وهف كيف انشقت األرض وأخرجتهم فجأةأولئك السياسني الذين ال يعر

. 1"السجون وبقي سجن العبيد للمخابرات وللسجناء السياسني العاديني، وسلموا إىل إدارة

كيف يتكلم كيف ،كيف يفكر: علم الكثري يف السجنولكن كنا أقل شقاء، كان الواحد يت" ...

. 2"يتعامل مع األمور بعقل عملي

على دوام احلال، فإنه وبالتايل فمكان السجن كما شكل مساحة للعنف والقهر والرعب واملآساة

ميثل أيضا مالذا �رب إليه الشخصيات لتحقق أحالمها يف األمان واالستقرار و اهلروب من أحداث

كما هو متداول يف ء االنغالق والتعذيب واإلمالءات، من فضاته دالل تتحولالواقع املرة، ف

دي إىل يؤ مما ،استكمال التجربة النضاليةتصال واالحتكاك و الاإىل فضاء ،اللغوي السائد االستعمال

. التواشج بني النزيل ومكان إقامتهو التآلف

ذي أدته ميكننا أن نستجلي حتوال يف الداللة من خالل البعد اجلديد ال ،السياقات الواردة يف ظل و

، حيث ا�تمعاتاملتداول يف االصطالحي الشائع و و غري متطابق مع التفسري هة، و امللفوظات السابق

مة السلبية حمدثتني موضوع ثنائية مفارقة جتمع بني القي كان السجن حيمل قيمتني متناقضتنييصبح م

والقيمة اإلجيابية املتولدة ،افتقاد للحريةاإلمالءات و الذل و كان للعزلة و بأنه م املتعارف عليها للسجن

لالتصال واالحتكاك بني النزالء بالتايل أنه فضاء و ،نفسه بأنه مكان حلرية اللقاء لدى السجني

، ء السجن بداللة جديدة غري مألوفةليمتلئ فضا ،النضالية بني النزالء السياسيني استكمال التجربة

البياض، ومن والسواد حنو النور و ومن الظلمة ،االتساع، ومن القيد حنو احلرية تنطلق من الضيق حنو

السجن عن أن يكون مكانا ف حيث يكة حنو السكينة واهلدوء، ، ومن الضج ألمنأمن إىل ا الال

فيه ألنه سيتيح االتصال والتواصل ، بل مرغوبا حمتمال ليصبح مكانا ،النفسياإلكراه البدين و للحبس و

، مما يتيح خارج السجن استنطاقن كانت لقاءا�م موضوع خمابرات و الذي ةشخصيات املناضلالبني

تبادل التجربة ومكانا الئقا لفتح احلوار و ،ووضع اخلطط املستقبلية اآلراءهلم حرية التفكري معا وتبادل

. 214الرواية، ص 1 . 480الرواية، ص 2

Page 79: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

79

يؤهلهم أكثر للتفكري وللعامل و ، مما سيزيد بالنسبة إليهم من توسيع أفق رؤيتهم لألشياء ءبني السجنا

:، هذا ما متثله امللفوظات اآلتية1بصورة صحيحة

املرأة، : أدري عما كانت تدور مناقشاتكم، لكين أجزم أ�ا حول واحد من ثالثةال "

الطريق اآلخر هو الذي يوصل إىل التقدم، فيبقى األمر ، ألن لديكم قناعة أن ...السياسة اهللا،

السياسة، فإذا كنتم تتحدثون يف السياسة، فالشيء األساسي الذي كان ينقصكم، حلسم : األخري

األمور والوصول إىل نتائج، هو السالح، وهذا ما جيب أن حترصوا على توفريه يف مناقشات الحقة،

يرا أكثر مما هو تفسري ـــ هذه الطريقة يف احلوار، عزو�ا إىل الكبت ترب حاولت أن أفسر ـــ وكان كالمي

يف الوطن، وكيف كانت الكلمة تؤدي بقائلها إىل السجن إذا مل تعجب الطويل الذي عشناه

.2"السلطة، ولذلك يلجأ الشباب اآلن إىل االنتقام من هذا املاضي والتعويض عما فا�م

أرى أن نرفع اجللسة اليوم على أن نستأنفها : دة الظاهرية، وبعد قليل هكذا قال جنيب بنوع من احل"

اعرتض ال زلنا قادرين على متابعة االجتماع، ولذلك: يف وقت الحق، قلت يف حماولة الستمرار املرح

على اقرتاح جنيب إال إذا اعتربنا الفرتة الالحقة هي للتداول والتشاور، لعلنا من خالل االتصاالت

وبعد قليل وهو ...ئية نصل إىل بلورة أفكار واقرتاحات تالقي االستجابة واملوافقة من األغلبيةالثنا

إذا رفضت التمثيل، إذا اعتذرت، إذا مل أكون الفريق، فما فائدة هذه املناقشات : ضحك وميثل أيضاي

. 3"كلها

ن يف زمالئهم ملا يبثه النزالء السياسيو ،و�ذا يصبح السجن مدرسة لتخريج املناضليني السياسيني

العمل لى التصحيح بزرع إرادة التنظيم و حتفيزهم عاملعرفة بطرائق النضال ووسائله و من مشاعر الوطنية و

. النضال فيهمو

. 63س، ص .حسن حبراوي، بنية الشكل الروائي، م: ينظر 1 . 124الرواية، ص 2 . 536الرواية، ص 3

Page 80: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

80

الشخصيات باخلربة والوعي الوطين،بوصفه مصدرا لتعبئة دي دورا جديدا يؤ سجن كما أصبح ال

إىل مصدر للراحة من مصدر للتعب والقلق حتول فضائهو النفوس املريضة،ومكانا للتأديب وإصالح

: األمثلة اآلتية، مثلما ورد يف و الطمأنينة بالنسبة لبعض النزالء

، أو هكذا يف البداية أستمع إليهم باهتمام ، كنت، وأتقنته كثرياوألن تعلمت يف السجن الصمت"

، إذ يريد كل واحد منهم من رحلة األوىل ميزة ال تقدر بثمنبالنسبة إليهم يف امل والصمت !يبدو علي

1"يستمع إليه

يوضع يف مكان غري بعيد عن سجن العبيد، متهيدا ملعرفة ما إذا تأدب أم حيتاج إىل ولذك كان"

2".! طريقة إصالح أفضل

دا من أوالده قيل أن السلطان أدخل عد ،فقد أصبح سجن العبيد مكانا للتأديب وإظهار الغضب"

، وقضوا فيه بني ثالثة ومخسة أيام ، ألن هؤالء األوالد قتلوا اثنني من خيوله الكرمية يف إىل السجن

.3" !مراهنات بينهم وهم يتبارون بالنيشان

كنت أفكر أن تطول إقاميت يف سجن العفري ، كي أدرس : وماذا لو صارحتكم بشيء غريب "

ابن القرية، والذي يعيش على ما تنتجه الطبيعة، بالدرجة األوىل، يتحول : هر عديدة تلفت نظريظوا

حنن السجناء ليس لدينا إال الوقت، وكنا حناول أن نتعامل معه ... إىل معاد إىل اخلضرة والطبيعة،

األسابيع، وحننأن نقرأ ، أن نغسل مالبسنا، أن نزرع، كنا نقضي األيام ، تتلوها : بشكل عقالين

كنت أفكر أن أدرس هؤالء ... لكي نزرع، بعض النباتات، ننقل الرتاب، نبعداحلجارة، منهد األرض

إن يف األمر ما يستعصي، كما يقول حامد ... البشر، أن أعرف األسباب والدوافع اليت جتعلهم هكذا

.4"فرتة أطول كنت أمتىن أن أقضي التفسري الواحد أو السريع، ولذا زيدان، على

. 102الرواية، ص 1 . 213ـ 212:الرواية، صص 2 . 213الرواية، ص 3 . 379الرواية، ص 4

Page 81: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

81

عن مدى شعورها باحلرية قد أفصحت الشخصيات النزيلة أن ،لفوظاتامل همن خالل هذنالحظ

، فيه يمقتالفضاء أو احمليط الذي ألفة حقيقية مع هذاو ،وعن مدى عقدها لصالت وشيجة ،املطلقة

يتمىن إطالة البقاء ،ماه مكان السجندإغراء حقيقيا يدعو كل من تطأ ق فيبعث يف نفوس اآلخرين

استطاع أن الروائي علىا يوحي مم ،بسبب انقضاء فرتة العقوبةإىل درجة أنه يتحسر كثريا ملغادرته ،فيه

، القيد على النزالء من خالهلا أن ينفيحاول ،أن يرسم للسجن هندسة ذات دالالت خاصة

، الشخصياتاقف واملفاهيم املصاحبة لوظائف الل املو ــــدل أيضا على اختيو ، حد هلاومينحهم حرية ال

، جن ودالالته يف الروايةمما يعمق أكثر فكرة انعدام التطابق بني مكان الس ،وهي تؤدي احلدث

.اإلنسان وليس خارجه أو يف حميطه فيقودنا إىل القول بوجود احلرية داخل

ا هو فضاء إقامة وثبات، كما أن فضاء السجن يتصف إذن السجن ليس فضاء انتقال وحركة وإمن

بالضيق واحملدودية والعزلة وهي صفات ال تعرفها أماكن اإلقامة االعتيادية كالبيوت واملنازل، لذلك

مارسة حريتهم، كما قد حيسون بالذنب املقرتف هم مليعانون من افتقار واملناضلني جند جل السجناء

، ألن هؤالء يتمتعون عادة بكثري من الوحي منهمالشعور عند فئة د هذاقد يفتق ه، إال أن هميف حق

وصالبة اإلرادة حبيث حيولون فرتة إقامتهم يف السجن إىل فرصة لالتصال واالحتكاك واستكمال

.التجربة النضالية

يف عليهاارف عاملتزاح عن داللته األوىل املألوفة و نقول أن مكان السجن انو�ذا ميكننا أن نقر و

يصادر حرية املقيمني فيهحمدود افضاء مغلقالسجن بوصفه ملا ميثله من خرق لداللة أصل نشأته

بوصفه ذلك العامل املنفتح ىل الطرف الثاين من املعادلة،إ ، ليعانق داللة مفارقة تنتقل بهالعزلةباحلجز و

املطابقة بني خطوط السرد واخلطوط اليت تلتزمها " إال أن ،ما ال �اية فيما وراء األسوار إىل الذي ميتد

أن مجيع السرود تنحو عملية فتح املغلق ليست مطابقة تامة باملعىن امليكانيكي، رغم إمكانية الزعم

Page 82: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

82

القواعد املنظمة أن و�ذا ميكننا القول ،1"، أي تسري من املغلق إىل املفتوح أو تفتح املغلق هذا املنحى

.2القرائن اخلارجية وحدها هي املتحكمة يف داللتهقد اختلت، لتصبح للمكان

اليت تدل على أ�ا فضاء أكثر ميكننا وصفه من خالل زنزانته وإذا أردنا وصف فضاء السجن

، فهي إقامة جربية ال يد للنزيل يف حتديد مد�ا أو مكا�ا، ثبات إذا ما زج السجني فيهاإقامة و

من حركة ، مما يقلصدودية بأسوارها وأسالكها الكهربائيةذلك أنا تتصف بالضيق و احملويضاف إىل

مثلما ورد على ،مثل ماورد يف سياق تأمالت الروائي يف وصفه للزنزانة ،و تنقالت السجني داخلها

:لسان الراوي

تنبعث منها أيضا رائحة الزنزانة يف سجن العبيد قرب، صغرية، باردة، فارغة، أقرب إىل الظلمة، "

كسيدا، فإن الصراخ هنا، بكل أشكاله، من البكاءإىل الرجاء، من املوت، وإذا كان الصمت هنا

األوامر إىل الشتائم، ويف كل وقت، ويف الليل والنهار، هو امللك، وحني ال يكفي صراخ البشر، فإن

.3"تشبه حلظة االحتظار الة من الرهبةحني تغلق، تضفي على اجلو حح أو الزنزانات وهي تفت أبواب

ويصور لنا هذا النص أيضا ما يعاين منه النزالء من انغالء للفضاء السجين ومدى عجز النزيل على

جتاوزه، وبل استحالة اخرتاقه هلذا املكان السجين املغلق، مما يزيد لديهم أكثر مشاعر اإلخفاق

. ور بالذل واملهانة والعزلةوحجب أفق احلرية عنهم، إضافة إىل الشع

التايل فالروائي من خالل هندسته هلذه البنية املعمارية، حاول أن ينقل لنا فلسفة خاصة لألشياء وب

واملفاهيم، فهو ينظر إليها نظرة املتأمل احملقق، فبوعي كبري منه استطاع أن ينقل لنا بناء خاصا لفضاء

حيث يتحد اإلحساس إنه وعي بأمهية التنظيم اخلاص، ذلك الذي يتحدث عنه باختني، " السجن،

.4"يكون من املفيد عقد موازنات بني اهلندسة املعمارية والرسم و بالوعي

.159ص املغرب، ، املركز الثقايف العريب، الدار البيضاء،2003، 1صاحل صالح، سرد اآلخر، ط 1 . 66ـ 64 :س، صص. حسن حبراوي، بنية الشكل الروائي ، م : ينظر 2 . 229الرواية، ص 3 .141س، ص .حسن جنمي، شعرية الفضاء، م 4

Page 83: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

83

ضيق فضاء الزنزانة ، أي ال ميكنه مواجهةاهلندسة املعمارية للسجن السجني ال ميكنه مواجهةو

هذا عند اليقظة سرعان ما يتبدد و ،عن طريق الوهم أو النوم أو احللمإال واخرتاق قانون حمدوديتها

: عادل اخلالديتلمس جدران السجن الصلبة مثلما جاء على لسان و

، ومما جيعل هذا يق والعطش، كنت أتصور نفسي أطرييف حلظات الصحو، واليت كان يفجرها احلر "

التصور طاغيا، أن رجلي ال تالمس األرض إال خطفا، كانت املالمسة خفيفة تشبه النسيم، وكان

جسدي يتأرجح على حمور نصف دائرة متاما مثل بندول الساعة، إذ ما يكاد يبلغ نقطة معينة حىت

.1"ينوس، للحظة أو اثنني، مث يبدأ بالعودة مرة أخرى

مما جيعله فضاء ،يف العقوبةاجلدية يفرض على نزالئه الصرامة و ه ودية فضاء السجن أن وداللة حمد

ويثقلها معد لإلقامة اجلربية، معاديا أو ملزما يقضي بوجود شخصية ما يف مكان حمدد و ثابت

لدى، مما يولد العزل عن املمارسات االجتماعيةو النفسيواإلكراه البدين و احملظوراتو بالواجبات

إشاعة مناخ تراجيدي يعرب عن بؤرة و النفسي اإلحباط و اإلقصاء و بالعجز السجني شعورا مدمرا

أطراف النهار، مما يؤكد الدور احلاسم للحجز طبيعي أناء الليل و الفضاء ال للكثافة والعتامة وفقدان

. إللزام يف تشكيل بنية مكان السجنوا

، ناه...اآلن الذي أحالتنا عليه القرائن الطوبوغرافية املستخلصة من رواية أو الرسم و�ذا التصور

ارنتهــاز عند مقـــــــات املغلقة وبامتياءـــــــــرم تراتب الفضــــاعدة هـــــــــــاء السجن يف قـــــــــــــــــــــميكننا أن نضع فض

كأنه فضاء خيتزل مجيع القيم الداللية اليت ينهض عليها ، و املغلقة األخرى كالبيوت واملنازلبالفضاءات

.االنفتاحتدحض مقولة و املكان املغلق

اث فيها فتحة بواسطة فضاء إحد ، اليت هي أشبه بوعاء مغلق ميكنومثل هذه األفضية املغلقة

ييتفيه الروائي شخص د الذي ميوضع، املكان احملد هنا... اآلن ، فنحن جند حينئذ يف رواية ختيلي

كذلك بآفاق انحتلم تانشخصيا ، بل أ�منيورقي نيكائن اباعتبارمهاخلالدي طالع العريفي وعادل

. 268الرواية، ص 1

Page 84: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

84

،حداثاألمما حيدث فتحة فضائية ترافق إطار ا وسط مالبسات أخرى، مهينفس نو تتخيالأخرى أ

ومها يتأمالن ،املنفيني إىل أوروبا اخلالدي عادلريفي و طالع العإذ جند الروائي يصور لنا شخصييت

الذي أضيفت له لعريبهذا الفضاء الصحرواي ا ،عمورية و موران شساعة الصحراء العربية متمثلة يف

: ما تدل عليه امللفوظات اآلتيةمثل، أفضية أخرى

بدأت الصحراء، والصحراء يف مثل هذه الليايل، ليست إنذارا : أقل من ساعة دخلنا اجلحيم خالل"

وسجن ...باملوت، هي املوت بعينه، فاملدى املفتوح، وتلك السماء البعيد ال ينفثان بردا، بل روح الربد

لفض ،العفري مل يكن سجنا ، كان قلعة وسط الصحراء، كان خمفرا متقدما ملنع �ريب األسلحة

ائب، وقيل إنه كان معبدا للجن يف تاريخ قدمي، لكن عبقرية الساسة يف خصومات العشائر، جليب الضر

، إىل أن أصبح مزارا جيب عمورية جعلته مكانا للتأديب، مث سجنا للخطرين من اخلصوم السياسيني

.1"أن يصله كل من تسول له نفسه معاداة النظام يف عمورية أو تغيريه

ممالك وأهيء جيوشا ابتعدت كثريا، فأنا أسرح، يف هذه الصحراء وحدي، أحفر وأردم، أبين لقد"

الجتياحها، أرقب النجوم وأعد أياما، وأعد ظهري أيضا الستقبال الضربات العمياء وهي تنهال عليه

، حوا لنا �اأثناء ذهايب للحمام، الستقبال األرزاق، للتمشي وأعود ألقرأ بعض الكتب الصفراء اليت مس

.2" بعد الكثري من الرجاءات والتنازالت

وباألخص ،اء املكاين بفضل مقولة الرتاتبيةالروائي استطاع أن يضفي طابع املعقولية على الفضف

. ق واالنفتاح على العامل اخلارجيتقسيمه ملرافق السجن اليت تتفاوت من حيث االنغاليف توزيعه و

، قد احتوى كل األفضية " هنا... اآلن " يف رواية فضاء السجن إن : وبالتايل ميكننا أن نقول

حيث جند الروائي ينطلق منه ،ية، وهو البؤرة اليت تنسج منهااألخرى، فهو مرجع كل أحداث الروا

.ويعود إليه لريسم ويشكل بقية األفضية األخرى

. 373الرواية، ص 1 . 378الرواية، ص 2

Page 85: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

85

ل مادة خصبة ، قد شك األسوارالتأمل يف فضاء السجن بوصفه عاملا مفارقا لعامل احلرية خارج إن

إلقامة ءمهىي ينهض �ا السجن كفضاء روائي للرواية كما ساعدنا على فهم الوظيفة الداللية اليت

.الشخصيات خالل فرتة معلومة إقامة جربية يف شروط رقابية صارمة ، ولذلك نتوقف عند وصف خارجي للمشاعر دون بالذكرى الرواية مرتبطا يفوحيضر السجن

:، مثلما ورد على لسان عادل اخلالدي خول يف عوامله النفسية والدالليةالد

روي قصص السجن، فهي كثرية وموجعة، ؟ ال أريد أن أسليكم بأن أ وماذا أقول لكم أيضا"

، ال ، وأنتم تعرفون أن السجن كجهنمما دام السجن موجودا، وما دام اجلالد وستبقى تتوالد وترتاتب

يشبع، واجلالد ال يعرف التعب، إىل أن ينتهي، إىل أن يصبح هو ذاته ضحية، مث يصبح بعد ذلك

ة إن قليب اآلن متعب ومملوء باجلروح، فبعد ذلك اليوم التموزي، مث ما تاله من أيام قاسي...قصة تروى

و أقسى منه، ال أعرف ماذا حصل يل، أصبحت شديد احلزن، متشائما، وأخذت الوساوس مثله، أ

واهلموم تالحقين، كما أصبحت سؤاال دائما، ملاذا وكيف حتول الناس، معظم الناس إىل جالدين

، بعد أن رضوان ورامزو وإذا ذكرت لكم ما حصل بالنسبة حلامد زيدان...وضحايا يف آن واحد

ادرنا سجن القليعة، فهل هذا سيزيدكم اقتناعا بصحة هذا املوقف أو ذاك، وبضرورة التعاطف مع غ

. 1" ...هذه الضحية أو تلك ؟

، انطوىى من الطلقة، مث احنىن جسد هالل، وكان أقو ثانية ، أتذكر أن شيئا انفجر أتذكر طلقة مث "

مثل هذا وقع، وأتذكر أن شيئا ن ومثل ضوء ميأل الفضاء، أتذكر كما لو أنه يوشك على النهوض،

.2" ، ورمبا كان يركض، ورمبا فعل اآلخرون مثلهبعد أن دوت رصاصاته، غادر بسرعة الشهريي

ووسيلة ، السياسية والنضالية ةيااحل، ومرحلة هامة من مراحل ونضالذاكرة عادلفالسجن بالنسبة ل

خات املعذبني داخله صر عادل لمن خالل تذكر ، وهو مكان للتعذيب واملبادئ للدفاع عن األفكار

مما هالذاكرة داخل يف تشكالم ،يرد السجن يف إطار حتديد املوقف منه إذ ،السياسيني من املناضلني

. 502 -501: الرواية، صص 1 . 316الرواية، ص 2

Page 86: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

86

، فيدفعهم إىل التحدي ساة اليت يرتكبها اجلالدون داخلهدفع املناضلني إىل أن يشعروا بعمق املأي

:ما تدل عليه امللفوظات اآلتيةمثلأكثر،

ذات مساء، أثناء توزيع وجبة العشاء، وعلى غري توقع، انفجرت أصوات بكاء وحنيب، وهذه "

األصوات رغم أ�ا بدأت غري واضحة أول األمر، وكأ�ا آتية من أمكنة بعيدة، لكن استمرارها، مث

يل عليكم، مظلوم واهللا مظلوم، ومن مكان آخر أنا بعرضكم ودخ: ارتفاعهاجعلين أميزها بالتدريج

1" ، بس خلصوينأنا مستعد أقول كل شيء: صوت آخريرتفع

جيب أن أمتلك قدرة استثنائية، ليس لتصوير ما حصل،وإمنا الستعادته، فكلما متثلت يل سلوى "

يتعامل مع امرأة �ذه كيف ميكن إلنسان، حليوان، �رد كائن، أن . أحس أن الدنيا توشك أن تنتهي

كانوا أربعة جالدين، اثنني يتقدمان واثنني وراءمها، لكنهم كالنسور، كنت أرقب أرجل ؟ الطريقة

وسلوى ، حبة العني وروح القلب ، وكل األمل، سوف متر . الذين يف اخللف، حتفزهم انتظارهم للدور

ية كصخرة، كانت صامدة كجبل، وكانتدهور قبل أن تتمخض احلياة عن امرأة مثلها ال، كانت قو

بعد أن سال الكثري من دمها، ومألت .، كانت تصرخ حبزن، بفرح، آخ ميه، آخ ميهأيضا امرأة تبكي

عليها، أمر بأن تفك األرض قيئا، وحني قدر الشهريي احتمال مو�ا، أو حني انتهى من استمنائه

نزلت اليت تقول أي هول أصابين، أية آالم أن أصل إىل بعض الكلمات كيف أستطيع. عن الطاولة

يب ، وأي جنون ؟ وإذا كنت قد حفظت بعض الدروس، ليس من املعلمني الرمسيني، وإمنا من أمي

ن يكون هذا ل.. الناس الذين غابوا ، من احلياة، مث من هالل معتوق، وأخريا الوجريا�ا، وأولئك

، فكيف أستطيع أن أبقى بعد ذلك صامتا كشيطان أخرس، أو أن أبقى الدرس األخري من سلوى

.2"عاقال كما لو أين أقرأ كتابا أصفر أو أستعيد حلما قدميا خابيا ؟

ا ميكن أن يسجل من مالحظات على وصف الروائي للسجن كمكان أنه جاء وصيفا ثقافيا ومم

وهر سجن فقد جاء هذا الوصف له هشا ال ميس جينطلق من املألوف مبا أن الروائية مل تعش جتربة

. 179الرواية، ص 1 . 302الرواية، ص 2

Page 87: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

87

، فلم تتوقف عند وصف ساعات الوحدة القاتلة فيه والشوق املشتعل على احلياة اإلنفعالية يف عثمانه

، إذ أن احلياة سجن غنية املوحشة وحلظات الصمت الصماء فيهاحلياة ورؤية الناس ومكايدات الروح

اطف وتداعي الذكريات إنطالقا من أن جتربة السجن هي جدا من حيث املشاعر واألحاسيس و العو

).الشعور واألحاسيس ( جتربة الداخل

: الدهليـــــزفضاء ـ 2ـ 2ـ 2ـ 1ـ 2 ـ 1ـ 5

وهو يف ، 1"املدخل بني الباب والدار"وهو ،الشارع منيدخل إليه مسلك ضيقأو الدهليز ممر

فهو من ناحية يعزل البيت عن الشارع، ، غالبا ما يكون متعرجا أو منكسراالبيوت التقليدية والقدمية

أي غرفة أخرى يف البيت حىت ولو ظل الباب ا�لسب أو الداخل إىل الشخص الواقف بالبا

،فيه ونعيشالذين ي األشخاصمكانا مغلقا ملا يرافق هذا املكان من انغالق حياة ميثل وهو ،مفتوحا

وملا هلذا املكان من ظالم متكاثف وهيكليـة تـشبه الكهف من العصر احلجري السحيق وشقوق

.2نسجت عليها العناكب خيوطها عرب الـزمن

، عليها فاع شربيندكة بارت خطوتان، إىل اليمني إنه يشبه املمر، طوله ثالث خطوات، وعرضه" ...

، ومن خالل حيزر لو�ا األصلي، من األعلىأن ، فوقها بطانية ال ميكن ألحد حشية من القش

، ويستطيع اإلنسان على ه، يتسرب نور باهت هو الذي يعلن قدوم النهار أو انتهاءبالطات زجاجية

واليت ال تكف عن نفث ، يف صدر القفص دورة املياه، ن حيدد بأن يوما آخر قد انقضىأساسه أ

يضا أ، و يف الزنزنات األخرى باطها بدورات املياهالرت وتصدر أصواتا كأ�ا التجشؤ ،رائحة قاسية

.3"الرتباطها بالدورات العامة وراء اجلدران، حيث يشكل اجلدران �اية الدهليز

. 300ص س، .معجم الوسيط، امل، )جممع اللغة العربية ( وآخرون إبراهيم مصطفى 1،جامعة 2014: ، س43: نبهان حسون السعدون، املكان يف قصص حكمت صاحل، جملة دراسات موصلية،ع: ينظر 2

.120املوصل، العراق، ص .177الرواية، ص 3

Page 88: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

88

يرتبط ارتباطا وثيقا بالسجن، فما وجده عادل اخلالدي وطالع العريفي يف الدهليز ال الدهليزف

فيه آالف السجناء الذين يعذبون غص ي مليئا بالدماء والعرق،مستنقعا يطاق، فليس هذا املكان إال

عادل اخلالدي والشخصيات األخرى املسجونة الكثري ىقضاملغلق ففي هذا املكان .داجلال طرف من

:عادل مثلما ورد على لسان ،احليوانات ممروهو يشبه من أيامهم،

، وهذه لوأخذت نبضات قليب تدق بصوت عا أصابين الغم إىل درجة أن الدنيا أسودت بعيين، "

الذي جهدت طوال الشهور الدهليزإشارة أعرفها، فلن تلبث حراريت أن ترتفع، وأدخل يف ذلك

.1" املاضية لكي أخرج منه

يقود الكبش الغنم، كان رضوان أولنا الذي يدخل الدهليز، وكان وراءه على مسافات ومثلما"

كل مكان بالعصي بأعقاب متقاربة، ما كدنا نقع بني الصفني حىت بدأت تنهال علينا الضربات من

ضيق سرعتنا قليال يفإذا زدنا ...انت تنهال كاألمطار، كباألرجل ،باألحزمة العسكرية ،البنادق

من إمكانية نبغي، وحد من هذه السرعة، ليمنع تدفق البشر، فإذا ضاق أكثر مما ي الدهليز ليحد

لقد كان دهليزا . قوته، انفرج قليال ومع الضرب، الشتائم، األصوات الغاضبة، التحديالضرب أو

تنبع من ت اآلالم تدوي،أجنتازه حىت بد للموت، أكثر منه طريقا إىل القلعة فالسجن، وما كدنا

.2" ب أننا جنونار اجلروح، من الكدمات، ورمبا حىت اآلن أستغ

على أنه مكان هنا...رواية اآلنيف دل وقد ،جزء من سجون شرق املتوسط الدهليزمكان ف

يه إىل اآلخرحيث خيضع املارة فوحشي لقمع السجناء وتعذيبهم، ، وهو مكان تنتفي فيه احلريات

هلا ميثل هو و ، مما يولد يف نفسها األمل واحلسرة وكراهية املكان أكثر، ، فيحد من حريا�ا)السجان (

،3كالسجن واملنفى والطبيعة اخلالية من البشر ومكان الغربةاهلزمية واليأس عرب عنامل عاديامل كانامل

.142، صالرواية 1 . 376 -375: الرواية، صص 2 . 67-66: ، صصس. غاستون باشالر، مجاليات املكان، م: ينظر 3

Page 89: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

89

كرامتها، ومن ثـم حتولت إىل حيوانات، ينهال عليها ،ما متلك عز أفقدت فيه لشخصيات األن

.بالضرب بالعصي وباألحزمة العسكرية مع الشتائم واألصوات الغاضبة

درجة أنه ميثل مكانا للموت، بامتياز، إىل المكان المعاديميثل وهف ،للدهليز ناوحسب وصف

:ما ورد يف قولهمثل

أما حني فتحوا البوابة، املسقوف، ووصلنا إىل الساحة املكشوفة، الدهليزغادرنا الساحة أوال مث "

بالصعود إىل السيارات، فقد شعرت أين تركت قليب، جزءا منه، يف هذا املكان، الذي كان يبدو وبدأنا

.1" أكثر األماكن كراهية يل طوال الشهور املاضية

: ىــفــاء المنـــفضـ 3ـ 2ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

ختضع فيه إذ، تنتفي فيه احلريات فضاءعلى أنه املنفى يف كثري من الروايات العربية فضاءدل

ا يولد يف فتحد من حريا�ا وتبعثها على التقيد وااللتزام، مم ، شخصية املنفية وتنصاع إىل اآلخرال

فضاء املنفى فيها وفق هندسة ، فقد تشكل " هنا... اآلن " رواية أما يف .احلسرةنفسها األمل و

، العريفي وطالع الخالدي عادل: ، وهذا ما منثل له من خالل شخصيتني رئيسيتني يف الرواية خاصة

من ظلم ، مبا قاسياه النظام احلاكم جتاهريقة اال�زام بط عموريةا حنو املنفى يف سجون مإذ مرت رحلته

تكفيين السنوات العشرة التين قضيتها يف سجون : " ، مثلما ورد على لسان عادل اخلالديوجور

عمورية ، وجمموعة األمراض اليت ستالزمين إىل آخر أيام العمر، مل أترك سجنا يعتب عليا، زر�ا

مجيعا، أو باألحرى زوروين، مع كثريين، تلك السجون الواحد بعد اآلخر، متاما كما يفعلون مع كبار

خر تأديبا أو حني تنتهي فرتة جابة والطاعة، كنا ننقل من سجن إىل آستوكنا شديدي اال...الضيوف،

، عكس رحلة الطيور، وكنا ل يف الصيف إىل اجلنوبرح أديب، كنا ننقل إىل الشمال يف الشتاء، ون الت

. 500الرواية، ص 1

Page 90: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

90

عرتافات، ، بعد أن تظهر أدلة جديدةأو بعد االجنلب أفرادا وجمموعات من أجل حماكمات عاجلة

.1"كتافنا جمموعة من السنوات اإلضافية لكي تلقى على أ

معىن كان حيمل ، إال أن مكان املستشفى ا كانا يف املستشفى ألجل العالجمبالرغم من أ� و

مللفوظات اليت محلت ، مما حييل فيه على كل أجواء السجن واملوت البطيء، ومن اعكسيا وداللة أسوأ

:عادل وطالع ، ما ورد على لسان هذه الدالالت

ميت مثل املونقل عن اثنني من العاملني يف املستشفى، صادف وجودها حلظة الوفاة، أن طالع "

، الثنان أ�ما مسعا صوت االنفجاراآلخرين، وليس نتيجة النزف كما قيل، وإمنا انفجر، وقد أكد ا

ونقل عن أحد هذين وكان قويا ومفاجئا، والبد أن يكون ذلك قد حصل بسبب احلزن أو الغيظ،

أن حالة من اهليجان استبدت بالدكتور ميالن، فظل لفرتة طويلة يدلك الصدر وينفخ يف : الشخصني

الفم، لكن هذه االسعافات مل جتد، وعند ذلك هز الدكتور ميالن قبضته بغضب مث ضرب اجلدار،

ن حتبس دموعها، هذا املريض وأضاف الشخص ذاته، أن الدكتور ميالن قال لرادميال اليت مل تستطع أ

.2"ما على املوت، ألنه يعترب املوت وحده الرد على اإلهانة اليت وجهت إليه كان مصم منفى داخلي ومنفى خارجي، هذا : ولقد انقسم فضاء املنفى عند هاتني الشخصيتني إىل فضاءين

، من ضيق وظلم اليت ترعرعا فيهاوطا�ما واألرض الشعور النفسي ومها خارج أاألخري الذي يشكله

مما تدل عليه ،متثله سجون عمورية وهو الذي ،داخليعندما اقتلعا من أرض أجدادمها، ومنفى

:امللفوظات اآلتية

وألين كنت خالل هذه الفرتة فريسة لعذاب احلرية وانكسار اليقني، وألن شيئا يف داخلي تفتت "

شعرت أن التماسك كاجلسد، فقد يض شفافا يشبه حنان األم وشديد وامنعس، وكان هذا الشيء أب

. 332الرواية، ص 1 . 71 -70: الرواية، صص 2

Page 91: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

91

أحزان ال أعرف أين هالعامل أسود وحتول إىل آالف الشظايا ، فامتألت بالقهر والتعب، وهجمت علي

.1"كانت خمتبئة، ولو ال ذلك العناد الذي يلفين كسياج ، يف أغلب األحيان لوجدت نفيي منتهيا

، وهو أشبه ما يكون مبركب كولومبس ية عامل من الصخب والعجب واجلنونالسجن املركزي يف عمور "

أو سفينة نوح، مناذج لشىت أنواع البشر واملخلوقات، القتلة وكبار اللصوص اللواطيون ومزيفو النقود

ن السياسني، ميثلون ، وفيه أيضا أعداد كبرية مواألوراق الرمسية واآلثار، املتقاعدون والباحثون عن عمل

الذين يعرفون نظريا ما يريدون بدقة متناهية، ولكن مجيع األحزاب واألفكار، فيه الواقعيون الصارمون

.2"يعتربون أن حظهم العاثر هو الذي أوصلهم إىل هنا

، وحنن ندور كالثريان املعصوبة ، مليئة باملرارةبليدة، ثقيلة: وهكذا أصبحت احلياة يف السجن "

، نتسقط أخبار العامل اخلارجي فتأتيينا بطيئة، مشوشة، وكأن إىل أين أو إىل مىتعني، ال نعرف األ

.3"هذا العامل ال يقل ركودا وبالدة عن السجن ذاته

وهضما للحقوق وقيدا ، إذ حيمل تعسفاكن املعاديةفضاء املنفى فضاء حمتوم، وهو من األما ف

وقيد، ه بقدر ما يوحي به من انغالقإال أن .من إكراه بدين، فهو مكان مغلق ، ملا يتميز بهللحريات

، حيث تتولد له قدرة عجيبة من اجلانب الفكري واإلبداعي ما يولد لدى املنفي انعكاسا إجيابيا ربقد

حنو فضاء مفتوح يرفض من خالله االستبداد والطغيان وتتمرد على القيود حتطم قيود املنفى

رمبا تكون ": لسان عادل اخلالدي على ورد مامثل ،خلف، باندفاعه ملواجهة النظام املستبد فكرياوالت

، وقد أكون حباجة إىل معاجلة نفسيةنظريت لألشياء واألشخاص واحلياة اكتسبت هذا اللون القامت،

: مغادريت براغ، ضمن نفس املقولة اليت أكدها يل الدكتور ميالن قبل بعد أن انتهت معاجلة اجلسد

وجيب أن تعرف، الصحة واملرض يتعلقان : جيب أن تتعايش مع املرض، سوف تتحسن، لكن مبقدار

، لكن جيب أن أعرتف، اختلطت علي باجلسد، علي أن أصدق أن أمتثل باإلرادة، مبقدار ما يتعلقان

. 103الرواية، ص 1 . 340الرواية، ص 2 . 529الرواية، ص 3

Page 92: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

92

لكن مل أعد قويا أو مل أيأس، . آلنااألمور، ما كان ثابتا، قويا، واضحا، أكيدا، مل يعد كذلك

أن وسائلي القدمية ملواجهة األيام اآلتية مل تعد كافية أو متأكدا باملقدار الكايف، لن أسلم لكن أشعر

أشعر أن يف جمدية، قد يصعب علي أن أتغري، أن أصبح شخصا جديدا وخمتلفا، ومع ذلك

... أو نقطة ن دون بوصلةصحيح أن هذا يتم ببطء، بسأم، وبعض األحيا. داخليشيئا يتحرك

املهم أن تكون رغبة إرادة، وهذه وحدها ميكن أن تعيد تشكيل العامل مرة أخرى، ال أعرف :فليكن

كيف سيكون عامل الغد، لكن لدى البشر الكثري من اجلنون ورغبة احلياة، وهذا وحده كفيل بإجياد

.1"عامل جديد

، النظامصدمه ، انغلقت عليه األمور و التحررحياة االنطالق و ان يعيش الذي ك العريفي طالعف

، إذ انتهى به احلال إىل السجن مث املنفى الذي قيد حريته اجلسدية إال أنه حرر بسبب فكره املناهض

النموذج اآلخر ... عادل مث جند شخصيةي لديه، مما دفعه للتحرر أكثر، اجلانب الفكري واإلبداع

.خرى تسعى لفك هذا القيد واحلصار، وهي األالنفيللسجن و

:مدينةفضاء الـ 4ـ 2ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

املغلقة، ومن األماكن اليت هلا مجالية خاصة ـــــ أو كما يسميه األفضية من تشكيليا يعترب العمران

الرواية العربية املعاصرة، وقد كان يف البعض أمكنة السكىن الكربى كاملدينة والقرية والبلدة واحلي ــــ

مرات عديدة يف املدينة إذ ورد ذكر ، هنا... اآلنرواية هلذه األمكنة حضور مجايل واضح وبارز يف

:، نذكرها كاآليتمواقعها النصية

اشرتى مل أستطع أن أقدر الدوافع احلقيقية لنزول طالع إىل املدينة، لكن تبني يل يف وقت متأخرأنه"

.2"كمية من األوراق والدفاتر، وأيضا بعض الكتب

. 565الرواية، ص 1 . 17الرواية، ص 2

Page 93: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

93

أمساء كنت أهيم لساعات طويلة كل يوم يف هذه املدينة اليت ليس هلا بداية أو �اية، كنت أعرف "

، وكم شعرت بالغبطة، وكانت أقرب إىل فرح األطفال، حني اكتشفت شبها، وليس نعدد من األماك

.1"قرأت عنه، وبني هذا املكان الذي أراه متجسدا أماميأو تطابقا بني مكان ختيلته

، فإ�ا تبقى بينها وبني الغرباء مسافة، الكن باريس، هذه املدينة اآلكلة، فإ�ا مبقدار ما تعطي نفسه"

ديدة اخليالء، خاصة حني يتأبط الغرباء أحزا�م د بعض األحيان، أن تكون جافة، وشوال ترتد

.2" أتيه يف شوارع املدينة، وينظر إيل الناس وال يرونين أشعر بالتعاسة واحلزنكنت وأنا ...ومهومهم

عالمات دلت على االنغالق، من خالل ماورد من توت معظم هذه املقاطع على مسات و لقد اح

ارتبط مبا ميليه النظام ألفاظ توحي بالسكينة واهليبة والغموض، خاصة وأننا وجدنا فضاء املدينة قد

ساحا�ا أبوا�ا،يعرض أسوارها و إذدينة عمورية، لنجد الروائي يسرتسل يف وصف م. السائد

.3 وهذا ما يسميه بعض النقاد بأماكن االنتقال العامة... وبنايا�ا

املفتوحة ملا ورغم ما يذهب إليه الكثري من النقاد والدارسني إىل اعتبار فضاء املدينة من األفضية

حتتويه من شوارع طرقات وأسواق تنفتح �ا على اآلخر، إال أننا ندرجها ضمن األمكنة املغلقة، وذلك

:من خالل املقاطع السردية اآلتية لبنيتها داخل هذا املنت الروائي

آخر ستالزمين إىلتكفيين السنوات العشر اليت قضيتها يف سجون عمورية، وجمموعة األمراض اليت"

مل أترك سجنا يعتب علي، زر�ا مجيعا، وباألحرى زوروين، مع كثريين، تلك السجون أيام العمر،

. 4"...الواحد بعد اآلخر

يف القسم الغريب من موران، على طريق العوايل، مكان حمظور على الناس االقرتاب منه، إذ حتيط به "

.5"للحراسة متنع الوقوف أو املرور أسالك شائكة، مث أسوار عالية، إضافة إىل نقاط

. 154الرواية، ص 1 . 327الرواية، ص 2 . 79س، ص .حسن حبراوي، بنية الشكل الروائي، م: ينظر 3 . 332الرواية، ص 4 . 211الرواية، ص 5

Page 94: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

94

: األهل/ المدينة ـ 1 ـ 4ـ 2ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

نقطة البداية اليت انطلق منها طالع العريفي ليمد جسرا حنو التحرر واالنفتاح، مورانمدينة كانت

من دالالت هندستها ن حييط �ا، ملا توحي بهمنغلقة يف شكلها لتسمح باالنفتاح مل فهي مدينة

وما ذلك إال لفك القيود، وهذا ما منثل له باملقاطع القيود املسلطة، الثبات واالستقرار والصمود رغم

:السردية اآلتية

أكتب هذه األوراق بعد أن رحلت من موران، وبعد انقضاء فرتة طويلة نسبيا على مغادريت "

، وأحاول قد ما أستطيع أن أرسم صورة حقدا أقل ، ورمبا انفعاال للسجن، ومعىن ذلك أنين اآلن أقل

أو استعراض ، وليس اهلدف من الكتابة إثارة الشفقةحىت إبعادي عن مورانقبض علي، و ملا حصل ال

بتسميتهم بطوالت فردية، كما ليس هدفنا توجيه الشتائم حلكام موران أو االنتقام من اجلالدين

و يل أكرب من ذلك وأخطر، إذ أ�ا تتعلق بطبيعة النظام وتركيبته، مما وفضحهم، ألن املشكلة كما تبد

وإمنا باعتبارها نتيجة خلل ،اجلالد ليس من منظور شخصيطلب أن نتعامل مع ظاهرة السجن و يت

عميق وإفراز لعالقات غري متكافئة، إضافة إىل فهم خاطئ لطبيعة العالقة بني احلاكم واحملكوم،

.1"ت كل منهما وحلقوق وواجبا

ممزوج بالتأثري أو التسلط ، إال أنه مورانعبارة عن وصف مجايل خالص ملدينة السردية هذه املقاطع

.اإليديولوجيا/ عمورية : لثنائية اإليديولوجي، وقد تعمد الروائي توظيف هذه ا

حياول أن يتجه حنو حياة جديدة مييزها االنفتاح العريفي العـــــطعلى أن مجالية داللة ويف هذا كله

، خاصة واليت ميزها االنغالق واالنقيادوكان حيياها هناك يف عمورية والتحرر، بعد احلياة اليت عاشها

.وأنه كان يستعيد منها ذكرياته األليمة

.163رواية، ص ال 1

Page 95: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

95

:الغربة / ةنيالمدـ 2ـ 4ـ 2ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

تدل على االنغالق االغربية يف الرواية فله هندسة خاصة وداللة خاصة، فإ� أما توظيف املدن

لفوظاتاملان األول له، مثل ماورد يف ، خاصة مدينة باريس اليت تعد مبثابة السج خنناقااللضيق و ا

: اآلتية

سيطرت على وبني حماولة نسيان املاضي، والبدءمن جديد، ضعت، صحيح أن املدينة اجلديدة"

وتارخيها، لكن كنت أحس دائماأ�ا مدينة اآلخرين، مدينة الذين ولدوا وسحرتين، و�ت يف معاملها

ة كل شيء فيها، وباملقابل كانت عمورية البعيد أبا عن جد، أل�م هم الذين صنعوا وتوارثوها فيها

أتذكر عمورية باستمرار، وأكتشف باريس أكثر، أتعرف عليها، ولكن ...الغارقة يف أحزا�ا ال تفارقين

آه يا مدينيت، كم قسى عليك البشر، وبشرك بشكل خاص، كانوا ينتقمون من أنفسهم وهم ينتقمون

.1"منك

أن مجاليات املكان تقدم لنا من خالل مشاعر الشخصية الروائية قطعامل انالحظ من خالل هذ

هذا ليات مجيلة يف هذا العمل الروائي، واستعماله من مجاليات قبيحة للمدينة، إال أ�ا حتولت إىل مجا

الوصف ملدينة باريس فيه مجاليات املدينة، خاصة وأنه يرسم كراهيته للمدينة من خالل وصفه

واليت تعد أرقى حاسة لإليصال ، وباألخص حني استعمل حاسة البصرالقبيح هلا الطوبوغرايف

يف عامل املثل، ما يتجلىالذي يرى أن اجلميل هو التقليدي اجلمايل، وهو بذلك خيالف علم اجلمال

.*2هيجلاألملاين الفيلسوف ما يرى مثل الروح أو داللة حيث جندها جتاوزت ال ،األفضية مناحي شىتملها مع خمتلف الرواية العربية سارت يف تعاف

، مربزة طابعه متيحة للقارئ فرصة التعرف على جتربة الفضاء الروائي ،املألوفة لألفضية املذكورة

املنطق احلكائي الذي ينظمه ويعطيه مربرات وجوده، سعيا وراء و ، االنتقايل وحمددة مساره الطوبوغرايف

. 329الرواية، ص 1، فيلسوف أملاين مثايل، يعد من أحد أهم مؤسسي الفلسفة املثالية يف أملانيا يف ) 1830ـ 1770 (فريديريك فلهام هيجل *2

.أوائل القرن االتاسع عشر

Page 96: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

96

خطابا رمزيا و ،الروائي نسقا مرجعيا ذا داللة الضرورية اليت جتعل من الفضاء إحداث املقروئية

.اوإيديولوجي

أن خمتلف احلركات والتفاعالت املوجودة بداخل أفضية الرواية، ال تصنع إال انغالقا، ملا يبدوو

محلته من انكسارات وقيود للشخصيات الرئيسة يف الرواية، مما دفعها للبحث عن التحرر واالنطالق،

أن أحداث وهذا مايشيد بالسمو والرفعة، إال أن األوضاع اليت أحاطت �ا حالت دون ذلك، إال

بعد مقتها للسجن واملنفى، إذالرواية آلت يف األخري إىل انفتاح أبواب املنفى على مصراعيها،

مبا ورد على لسان عادل وهذا ما منثل له ،أصبحت ترى مدينة باريس من منظار اإلعجاب والتطلع

: اخلالدي

ة أغافل احلرس وأنسل دون حلمت كثريا، حلمت طويال أن آيت إىل باريس، كنت يف ليايل كثري "

حقائب وبال جواز سفر، وأتنقل بني مدن العامل اليت قرأت عنها، كنت أحرص على أن تكون باريس

حمطة يل يف الذهاب والعودة، كنت أريد أن أمحل مقدارا كبريا من جنو�ا وجرأ�ا، وأن أتعلم منها

كر مرات أن تروض حكامها، أن تفتح كيف استطاعت، وبوسائل ال حدود هلا، بالقوة مرة، وبامل

كيف يفكرون، كيف : وكنت أيضا أريد أن أن أتعلم من هذه املدينة... ثغرات يف عقوهلم وقلو�م

. 1"... يتصرفون، وملاذا أصبحوا هكذا

ان يف رواية اآلن هنا قد اكتسب قيما ودالالت جديدة ـــن عنصر املكإ :ولــــــــميكننا أن نق ايل ــــوبالت

توحي على االنفتاح والقابلية والتغري والقدرة على القيادة واختاذ املواقف، فكان الفضاء املكاين خالل

االبنيات املكونة هلذا العمل الروائي فضاء واسعا ترتقي فيه األشياء وتنمو حنو األعلى، فنجد خالد

ـــــاحه الل انفتــــــــوح لألحسن واألمجل، من خــــود، وكله طمــــــل القيــاوز كــــــاء قد جتـــــــضمن هذا الفض

:، مما منثل له بالشكل اآليتحنو الال حمدودية

.ـــــــــــ االنفتاح ـــــــــــــــــــــــــــ باريس ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ السجن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــعمورية ــــــــــ

. 326الرواية، ص 1

Page 97: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

97

ياة اجلديدة اليت كان ، حيث وجد احلعادلفكانت نقطة النهاية اليت وصل إليها مدينة باريسأما

باملقاطع ، وهذا ما منثل له نفتاح احلضاري واالنفتاح املادي، هذا الفضاء الذي مييزه االيبحث عنها

:السردية اآلتية

أشواكهم بأيديهم، وعلى أهل عمورية أن ينتزعواهنا، باريسو هناكتبقى فعمورية ، عاملان وأمتان"

من جديد، فإن املاضي ومبقدار ما أحاول نسيان املاضي، والبدء ! ألن ليس من ينتزعها هلم

أحاول أن ! أن نرحتل معا كل يوميطاردين، يتلبسين، يضع يده يف يدي، كعاشقني ، وجيربين على

يف أهرب منه، أن اضيعه يف أزقة احلي الالتيين، لكن ما أكاد أخطو بضع خطوات، إال وأراه كامنا

1" ! واحد من املنعطفات

البدء من جديد، ضعت، صحيح أن املدينة اجلديدة سيطرت علي وبني حماولة نسيان املاضي و "

ولدوا وسحرتين، و�ت يف معاملها وتارخيها، لكن كنت أحس دائما أ�ا مدينة اآلخرين، مدينة الذين

، أل�م هم الذين صنعوا كل شيء فيها، وباملقابل كانت عمورية البعيدة فيها وتوارثوها أبا عن حد

.2"�ا ال تفارقين الغارقة يف أحزا

يف بناء معمارها ، وهو يقدم مجاليا�اية يرسم لنا الروائي مدينة باريسمن خالل هذه املقاطع السرد

جتاه اإلنسان إىل درجة استالب حقه يف الراحة والطمأنينة تدل عليه من سطوة قاسية ، وماالفين

.وثقافيابسبب ما يشعر به، وكأنه ميتص فكريا وعقائديا

، ووجهها الثاين يف ل مغرق يف مجاهلا املادي الطبيعيو�ذا نالحظ أن للمدينة وجهني، فالوجه األو

غزو ثقايفء وعدم راحة البال وسطوة للفكر والعقيدة و اإلنساين ملا تعج به من ضجيج وضوضاقبحها

.الدينية وإخالل للقيم

. 328الرواية، ص 1 .329الرواية، ص 2

Page 98: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

98

وهي تعد ،كان يف الرواية العربية املعاصرةرفيعا يف مجاليات املحتتل مكانا فهي األخرى القرية أما

مسقط رأس الكثري من الشخصيات العربية وخزان ذكريا�ا ومواقفها، وهذا ما سنحاول الكشف عنه

واهر االجتماعية يف الريف ، وإن كانت دراستنا للقرية ستقتصر على بعض الظهنا... رواية اآلن يف

من خـالل الربط بني ،خالهلا سنطل على مجاليات الريف أو القرية العربية، واليت من العريب

من حيث القوانني واألعراف فضاءات خمتلفة وهي ،وتعيش فيها الشخصيــات واألمكنة التـي تتحرك

، مثلما يدل السوسيوثقايفبعديهما التارخيي والواقعي و حيثومن ،والعادات اليت تنظمهما وحتكمهما

:امللفوظ اآليتعليه

وال أعرف ملاذا عنت ببايل أيضا طبيعة ا�تمع الزراعي، وكيف أن الفالحني عموما يلجأون إىل "

.1"الصوت العايل حني يتكلمون

من خالل قدرته العجيبة يف ،لإلنتباه الفتبشكل البيئة الريفية فوظ ي أنلروائي استطاع ا فقد

وكل عادل وطالع،خاصة وأن هذه األوصاف كانت مستمدة من البيئة احمللية اليت عاشها ،وصفها

والسوق الذي يعد القلب النابض للمناطق البيئة الصحراويةالشخصيات الروائية األخرى ،مثل وصفه

لة والصمود ، ومقامات األولياء واجلبال والغابات للداللة على البطو يفية اليت تأتيه من كل فج عميقالر

:مثلما جاء يف امللفوظات التالية

وامتأل سوق احلالل بالذين يريدون بيع أغنامهم ودوا�م بأسرع وقت، وبعد أن تعذر عليهم إطعامها "

أو تأمني العلف هلا، وختوفهم أيضا من الرعايا اليت سوف يتزايد وصوهلا يوما بعد آخر، وكان املشرتون

.2"ويطيلون املساومة، ويرافق ذلك الفوضى واخلالفات يرتددون ويتأخرون

بدأت الصحراء، والصحراء يف مثل هذه الليايل، ليست إنذارا : خالل أقل من ساعة دخلنا اجلحيم"

باملوت، هي املوت بعينه، فاملدى املفتوح، وتلك السماء البعيدة ال ينفثان بردا، بل روح

.1"ن قلعة يف وسط الصحراءوسجن العفري مل يكن سجنا، كا...الربد

. 124الرواية، ص 1 . 166الرواية، ص 2

Page 99: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

99

بأبعاده فضاء المرتفع كونه ميثل ذاكر�م ومن خالل المدينة أحسن من الريففنجد أن

،الطبيعية والتارخيية والدينية، وهي تبدو من خالل قبو الذاكرة وبفعل حتوالت الزمن حلما مجيال

.) باريس( املدينة بعد انتقاهلم إىل ،ومكانا مجيال وأليفا ،وذكرى بديعة

،هنلمس يف الرواية شعورا بالكراهية جتاه فإننا ،فضاء المدينة الذي يمثل فضاء المنخفضأما

، من خالل ما نسميه صية الروائيةأي ما رأته الشخ ،ات الروائية هلامن خالل وصف الشخصي

ال يالمسه الفنان وال يفركه ،ا كما تغلف احللوى بالورق الشفافالذي يكون مغلف ،باملكان املغلف

جمرد ،ليفالتغولكــن يراه من خــالل هذا ،شدقيهوال يعلكه بني ،وال يلعب به بقدميه ،ابعهبني أصــ

وصورته من ،اختربه املرءاحلقيقية فيما لو صورة : للمكان صورتان وهكذا تكون ،فيبدو مجيال ،رؤية

: الرواية ميثالن ذلكن من اواملقطع ،2خالل ورق التغليف الشفاف

إىل أن مألوا املدينة، وكان آخر، ولإلثنني آمر للحرس، فقد زاد احلراس ومثلما للحارس حارس"

هؤالء يتقاضون أجورهم من احملروسني، من الطحانني ودباغي اجللود وبائعي الدجاج والباحثني عن

ا املدينة صمتا وضجيجا ، ومألوها طربا أصبح احلراسهم الذين يفرضون ما يريدون، فمألو...عمل

.3" وأصبحوا وحدهم الذين حيسب هلم ألف حسابوبكاء، والذي ميثل املنخفض ،قد وصف وصفا مجاليا خالصا دون أن ،وبالتايل نالحظ أن فضاء املدينة

لوجه الفن دون مما يدل أن هذه اجلماليات جاءت خالصة ،إليديولوجيا فيه أي أثر أو تأثرييكون ل

.وهو بني أصوار سجو�ايف املدينة ماأتعس أيامه اعاش وعادال اطالعكون أن ،أي تسلط إديولوجي

. 373الرواية، ص 1 . 37ص س،.م شاكر النابلسي، مجاليات املكان يف الرواية العربية،: ينظر 2 . 308 – 307: الرواية، صص 3

Page 100: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

100

ذه الثنائية ال تقف فإن الطاقة الداللية هل ،ريفالجيابية لفضاءي املدينة و إضافة هلذه الدالالت اإل

من خالل الصدام بني احلضارات واألفكار دالالت إديولوجيةبل تتعداه إىل ،عند هذا احلد

.واية أن جتسده عرب امتداد فضائهاوالذي حتاول الر ،لبنية العاملواألجيال والتحوالت املختلفة

،، اخليمةال، الدشرةاجلب( أن فضاء املرتفع بأشكاله املختلفة هنا،... اآلننسشف من رواية و

مستقبل أفضل، أنه فضاء حمافظ يقدس املاضي والثبـات ،ويطمح يف ،)...السوق ومقامات األولياء

. ألمن يعتقدون أن هذا التحول جيتثهم من أصلهم و ماضيهم كما جتتث الشجرة من عروقها

ه يتولد لدينا إحساس،فإن السجاننيو السجناءومن خالل دراستنا للمواقع اليت حيتلها كل من

،جتماعيالا المكان العالي يشغله أشخاص ينتمون إلى أعلى درجات السلمكون أن ،بالتناقض

إلى أدنى درجات أن المكان العالي يشغله أشخاص ينتمون هنا،... اآلن إال أننا نلمس يف رواية

احليز الذي بفعل انقالب املوازين الناتج عن عدم تطابق املكانة االجتماعية مع ،السلم االجتماعي

املعاملة القاسية اليت يعيشها و ،نظرا للظروف االجتماعية السيئةو تشغله هذه الشخصيات،

مبحاوالت إلحداث التحول ،من خالل الثورات والتحديات رغم للقيام همدفعي، مما نو املسجون

،وهذا التحويل مل ) املرتفع ( عدم توازن القوى ،مما قلب املوازين ،وبالتايل اشتغاهلم املكان العايل

:مثلما ورد يف امللفوظ اآليتحيصل عن طريق األماين ،بل جاء عن طريق تقدمي األرواح ،

حلاج مصطفى كانت شديدة الصعوبة، صحيح أننا نتكلم عنه طويال، أو بشكل ملوت ا الليلة األوىل"

متصل، لكنه ظل كامنا وراء كلماتنا، كان ينظر إليناويبتسم، وبعض األحيان يغضب ويشتم، وحني

.1نسمع قهقهاته، أو نسمع بكاءه

. 513الرواية، ص 1

Page 101: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

101

: األماكن المفتوحةـ 2ـ 1ـ 5

:فضاء المزارـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

خمتلفة نتيجة الطقوس احملاط �ا اس نوازعو نفالمكان يثري يف املزارورد يف سياق الداللة أن

تصبح عنهم، إذ على األساطري اليت تنسجها العامة و ، الصاحلنياهللا أولياء واحلكايات اليت تؤلف عن

لتعامل الشعيب مع اوهذا .مزارات يرتادها الناس، ويؤدون عندها طقوسا خاصةقبورهم بعد وفا�م

.العربية أكثر يف البالدهي عادات كانت منتشرة الطقوس والعادات اليت متارس فيه،فكرة املزار و

الذكر، وهو يف حيمل داللة أخرى عن الداللة اآلنفة " هنا... اآلن " رواية يف المزار إال أن

، الرواية يدل على أنه مكان يف دائرة السجن خمصص للقاء النزيل بأهله وذويه وأصدقائه ومن حيبونه

:عادل اخلالدي يف رواية احلال على لسان مثلما ورد

إثنان من موران، وواحد من عمورية، كان أحد : ما، بني العصر غروب، وصل زائرونا يف وقت"

يأيت ألول مرة، قدرت أنه حيمل رسالة طالع اليت طاملا انتظرها، تبادلنا موراناللذين جاءا من

عامة بعد أن ودعنا زوارنا، وكان وداعا حزينا، إذ اقتصر على كلمات جماملة ...أحاديث عامة

.1 ..."وسريعة

فرج، والد رضوان، رمبا نقل إليه أحد هرب رضوان، أو جاء يف اليوم الرابع وصل إىل العفري محدان"

قضى معنا بضع ساعات، من . بزيارة بعد أن منع نفسه فرتة طويلة، أو رمبا أيضا باالتفاق مع السلطة

الضحى إىل ما بعد الظهر، كان العطيوي، مرافقا وأنيسا وناصحا، وبعد أن مسع ورأى، وبعد أن

سوف يصطحب معه يف سيارته ومبرافقة من قوة البادية، : ج بنتيجةاختلى برضوان وقتا طويال، خر

السجناء وعلى مسمع من ،وكما قال أبوه ،هشام، ألن الطبيب حيتاج إىل معاجلة سريعة، أما رضوان

.2" لي يصري، واللي ما يصريلوإىل تأديب، حىت يعرف ا اآلخرين، فإنه حيتاج إىل فركة أذن

. 34 – 33: الرواية، صص 1 . 415الرواية، ص 2

Page 102: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

102

حيتل املركز اهلام يف تراتبية األفضية ، إنه " هنا... اآلن " كفضاء من أفضية روايةفضاء املزار و

ألنه يشهد أهم ،العامل اآلخرملا حيملونه له الزوار و الوفود من أخبار وميدونه به من أنباء املفتوحة،

، ومن مث اإلنساين اآلخرعلى الفضاء ـــــ انفتاح وانشراح نفسي ــــانفتاح بالنسبة لإلنسان السجني

يكتسي أمهية بالغة باعتباره جماال لالتصال وتبادل احلديث، وفيه يستعد السجني بعض صفاته

، إذ يتخذ اإلدراك احلسي صورة االحتكاك به، مما يؤدي اإلنسانية املفقودة وأمهها احلوار مع اآلخر

منفذ تنبعث منه هذا املوضع إىلدة فعل على ذلك، حيث يتحول االستجابة حبركات سريعة كر

.أسرار السعادة واالنشراح واالنفتاح النفسي مما يدل على ،ن انتظاره لفرتات الفسحة اليوميةأقوى مو وهلذا جند تعلق النزيل بفرتة الزيارة أكثر

ما يرتتب فرتة الزيارة و .مدى حاجة اإلنسان للمجال اإلنساين أكثر من حاجته إىل ا�ال الطبيعي

، و�ذا نظامه الصارمني للسجني يف حتمل حميط السجن و خري معخر عنها من اتصال بالعامل اآل

يومي الذي يعتاده السجني الروتني الخلخلة نظام الرتابة و مبثابة وسيلة لزعزعة و اء المزار فضيكون

من لوائح وقوانني تؤهله العامل السجين املطوق، وهو فضاء حمكوم مبا حيكم الفضاء السجين داخل

القيود اليت يتضمنها عامل السجن الداخلي لتطابق ل النموذجي املصغر لإللتزامات و ألن يعترب الشك

.1الشروط الطوبوغرافية اليت تنظمه مع الشروط الطوبوغرافية اليت تنظم مكان السجن

ية احلوار متضمنة إمكاناملزار فضاء لإىل إعطاء داللة تعبريية هنا...اآلنوسنسعى من خالل رواية

ملقدرته الفائقة على املصدر األهم للتنفيس على السجني الزوار، مما يؤهله ليكونوالتواصل بني النزيل و

إىل العامل ذلك االمتالء العاطفي الذي يولد الشعور باأللفة ويشده من خاللإنتاج داللته اخلاصة

عالقاته و يؤهله إىل إعادة إنتاج ذاته و ، مما حيفزهاألسوار حتجبه عنهظلت الذي عامل األحرار ،اآلخر

وتضبط العالقات بني اخلارج اليت تنظم الفضاء السجين ود اليت تسمح �ا جدلية الداخل و ضمن احلد

، بتوضيح مدى حاجة الداخل الالت تفسر ثنائية الداخل و اخلارجنزالئه، وهذا سيضعنا أمام عدة د

. 75س، ص .محسن حبراوي، بنية الشكل الروائي، : ينظر 1

Page 103: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

103

، أي أن عامل السجن يظل دائما فضاء رهينا بلحظة انفتاحه على عامل اخلارج املنفتحاملنغلق إىل

. 1احلرية الرحب

:الروائيالمكان دالالتـ 6

ميكن النظر إىل املكان الروائي من حيث هو مدخل من املداخل املتعددة اليت يتم من خالهلا

وما فيه من مجاليات الوصف ،والوقوف على مراميه ومدلوالته العميقة ورموزه ،النظر يف عامل الرواية

. إىل جانب مجاليات السرد القصصي

يريد الروائي إيصاله حتليل دالالت األمكنة يف السرد الروائي يساعدنا على معرفة ما واملعروف أن

صنع كلمات الروائي منواية عامل خيايل ، عامل خمتلف عن عامله الذي يعيش فيه فعامل الر إىل املتلقي

.2 ويقع هذا العامل يف مناطق مغايرة للواقع املكاين املباشر الذي يتواجد فيه القارئ

، إمنا يدل داخل نظام هذه الرواية ، لذلك فهو ختيل وال يكون نظريا املكان الذي يرد يف الروايةو

، ففضاء الرواية فضاء خاص، فال اليت تأيت يف رسالة لسانية من النوع اإلخباري للمعلومة املموضعة

ميكن أن نقول عن اخلرب الذي متدنا به السمة الفضائية أنه خرب واقعي أو حقيقي إال إذا كان متعلقا

، فإن هذا املسمىى دالالت املكان بتلك الرواية، كما أنه إذا مل يتأت للقارئ أو املتلقي أن يتعرف عل

ال يعين حبال من األحوال أن تلك التعيينات غري متعلقة بتلك الرواية، وال يعين أن مجيع األخبار اليت

فالرواية تقوم على جمموعة من األخبار تدل عليها ،فهي دعامة . يف رواية ما تعود كلها إليها تأيت

مثل وقد .3هي إال لتحيل على تلك الرواية نفسهاللداللة اليت حتملها، وهذه األخبار ال توجد حيث

دراسة بشعرية المكان من خالل كتابه ) gaston bachelard(هذا التوجه غاستون باشالر

. 73، ص املرجع نفسه 1 .64دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، اإلسكندرية، مصر، ص ،2009، 1دراسات يف السرد احلديث واملعاصر، ط ،أمحد عوين 2 .73: س، ص.جريارد جنيت وآخرون، الفضاء الروائي، م: ينظر 3

Page 104: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

104

سواء يف أماكن إقامتهم كالبيت القيم الرمزية املرتبطة باملناظر اليت تتاح لرؤية السارد أو الشخصيات

غريها من التعارضات و ...املركزية أو اهلامشية ،املنفتحة اخلفية أو الظاهرةماكن الغرف املغلقة أو يف األو

جيلبري دوران أما الفرنسيان جورج بويل و .1القارئ معال كمسار يتضح فيه ختيل الكاتب و اليت تعم

.2 مظاهرهاتلفة لبنية املكان يف تشكال�ا و األبعاد املخ يف إدراكجاء حتليلهما للمكان الروائي قاصرا

أن ،بصدد الضرورات الداخلية اليت خيضع هلا التنظيم املكاين يف الروايةروالن بورنوف وقد اقرتح

املكان يف عالقته �تم بوظائفوأن حنلل مظاهر الوصف و ، احلدث نصف بطريقة دقيقة طوبوغرافية

اولني الكشف الروائي حمالفضاء أن نقيس درجة كثافة أو سيولة و ،مع الشخصيات واملواقف والزمن

.3 األيديولوجيةعن القيم الرمزية و

له إىل ، وحتيالنص حقيقي االنطباع للقارئ بأن فريى أن املكان هو الذي يعطي جنيت ردجيراأما

، ، فيقتنع به القارئوالصواب والصدق النص يتسم بالدقة واألمانة ، مما جيعلعالقته باألشياء اخلارجية

أو الواية كأ�ا التاريخ املوضعة جتعل النص يف صورة كأأنه منوذج من الواقع ،أي أن القصةوأن مسة

الذي حتققه واستعمال املوضعة يكون �دف حتديد زاوية إلدراك النص الروائي، فاإلثبات الذي عينه،

يفهم معه ما يف حنوالسمة املموضعة يف اشتغاهلا كأ�ا دليل للتعرف، يسمح بتوجيه فكر القارئ على

.4النص على أنه مقتطع من الواقع

: 5اآليتبواسطة الشكل أبعاد املكان ودالالتهنوضح أن وميكن

. 25س، ص .الشخصية، محسن حبراوي، بنية الشكل الروائي ـ الفضاء ـ الزمن ـ 1 . 26ص ،املرجع نفسه 2 .املرجع نفسه، الصفحة نفسها 3 . 76: س، ص.جريارد جنيت وآخرون، الفضاء الروائي، م: ينظر 4 . 64س، ص .محيد حلميداين، بنية النص السردي من منظور النقد األديب، م 5

Page 105: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

105

أبعاد المكان

خط السرد

العمودياملكان بعد الفضاء الروائي فقي األاملكان بعد قوم تمبا فيها األحداث اليت ،الروايةاألمكنة يف وفق هذا التخطيط يلف جمموع الروائي الفضاء إن

ن من الفضاء مكو وهذا ال يعين أن ،ألن هذه األحداث تفرتض دائما استمرارية املكان ،فيها

إذا حنن حبثنا عن مقدار " أثناء جريان الوقائع،ود بالضرورة ه موجوأن ،رهااألحداث ولكنه فقط يؤط

، فإننا ب التغريات املكانية يف رواية ما، وخاصة عن سبواإليقاع والنظام la fréquenceالرتدد

، ني وحدة احلكي وحركته يف آن واحدسنكشف إىل أي حد تكون هذه األشياء كلها ضرورية لتأم

.1"األخرى املكونة له كما سنكشف أيضا مقدار تآزره مع عناصره

ه جمموع األمكنة اليت تقوم عليها احلركة الروائية ، إن أوسع وأمشل من املكانالفضاء يف الرواية هو ف

بطريقة تلك اليت تدرك و، أتصويرها بشكل مباشر تلك اليت مت املتمثلة يف سريورة احلكي سواء يف

املكانو .ائيالرو ءفضادالالت الالزمين ضروري إلدراك كما أن الفضاء، حركة حكائية ضمنية مع كل

فإذا ذكر اسم املدينة مثال أو املنطقة أو الركن فنحن ندرك تلقائيا ،هو الذي تدور فيه األحداث

وتارخيية وعقائدية نفسية واجتماعية ايكتسب داخل النص أبعاد ، وهواحلدود اجلغرافية هلذه األماكن

. 64س، ص .م محيد حلميداين، بنية النص السردي من منظور النقد األديب، 1

Page 106: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

106

أما .1"، أو ما يرتبط به بعاد عند اسرتجاعنا للمكان نفسهالسياقات واألنا نسرتجع هذه ن أحىت "

وذلك أن األمكنة ليست ،هذه السياقات املختلفة قعلى خل روائيتكمن يف قدرة الفأمهية النص

.2 ال تنتهي بتدمري الشكل الظاهرييتا نواياها اخلفية الوإمن ،البنيان الظاهري

املكان، وهي تقصد املكان اجلغرايف احملدد الذي تدور فيه عن كريستيفاجوليا ثت حتد وقد

تسود ف ،، واليت تكون عادة مرتبطة بعصر من العصورضاريةحت دالال حيمل جتعله األحداث، إذ

) idiologéme ( إديولوجيم كريستيفا ، وهو ما تسميهثقافة معينة أو رؤية خاصة للعامل 3*،

لعصر ، أي يف عالقته مع النصوص املعتمدةالروائي أن يدرس دائما يف تناصيةولذلك ينبغي للفضاء

. 4 ما أو حلقبة تارخيية حمددة

إذا أردنا احلديث عن الدالالت واإلحياءات الفنية اليت حتملها املكانية يف ضوء الدراسة و

فكيف تتجلى هذه الدالالت في الرواية ؟ وما هي أبعاد وحدود القراءة المكانية ، السيميائية

لدى القارئ السيميائي ؟

جلغرافية املكان هو ا:" ومن خالل هذه األسئلة حناول التعرف على بعض التعاريف للمكان

فهو ، على األحداث اخلارجة باحتوائهدة ، وإذا كانت الرؤية السابقة له حمدو اخلالقة يف العمل الفين

املكان هو النقطة " و. 5جزء من احلدث وخاضع خضوعا كليا له ، فهو وسيلة ال غاية تشكيلية

.6"األبعاد اليت جيمع بينها الكاتب األساسية لكل

. 24 س، ص. فتيحة كحلوش، بالغة املكان ـــــ قراءة يف مكانية النص الشعري،م 1 . 25 - 24: س، صص.غاستون باشالر، مجاليات املكان، م: ينظر 2 .الطابع الثقايف العام الغالب يف عصر من العصور: ) idiologéme( اإلديولوجيم* 3 . 54س ، ص. السردي من منظور النقد األديب، ممحيد حلميداين، بنية النص : ينظر 4 . 18صالعراق، الشؤون الثقافية العامة، بغداد، ، دار 1986 سلسلة املوسوعة الصغرية،ياسني النصري، الرواية واملكان، 5 . 43، صس.متور، حبوث يف الرواية اجلديدة، و ميشال ب 6

Page 107: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

107

وعنصر فعال يف حتريك ،إىل أن املكان هو موضوع هام يف العمل الروائي نيالحي انريفالتع انهذ

ة كبرية ليس كخلفية املكان حيتل أمهي، فامللتقى املسري ملصري الشخصيات بإعتباره ،أحداث الرواية

ية األخرى املكونة للسرد ، بل كعنصر حكائي قائم بذاته إىل جانب العناصر الفنلألحداث فحسب

.الروائي

، ميكننا ذلك من خالل ثنائية " هنا ...اآلن" ي أكثر يف رواية ــــــــان الروائـــــــولتقصي دالالت املك

.الغياب ــور و احلض

:الغياب/ )عمورية (المكان ـ 1ـ 6

جاء على الوصف سيما أن ع يف قلب احلدث والقمن شأنه أن ي ،)عمورية (وصف املكان إن

، وهذا أضحى من ...)عمورية( ، حيث قام الروائي بوصف األمكنة شكل نتائج خمتصرة للمكان

، املسائل املهمة يف سريورة األحداث وعالقتها بالعناصر السردية األخرى كالزمن والشخصية

إذن ، فهوفالوصف هو الذي يتكفل بتأطري األحداث، وهو الذي يأخذ على عاتقه رسم أجوائها

.1ء الديكور لألحداثعملية �ىي

، يدل األخرى شيء عن املدن يف كل جيعلها ختتلف بوصف عموريةمدينة الروائي خص ولقد

:اآليت املقطع السرديعليه ا

سيطرت علي ضعت، صحيح أن املدينة اجلديدة، من جديد ءوالبدوبني حماولة نسيان املاضي، "

وسحرتين، و�ت يف معاملها وتارخيها، لكن كنت أحس دائما أ�ا مدينة اآلخرين، مدينة الذين ولدوا

البعيدة فيها وتوارثوها أب عن جد، أل�م هم الذين صنعوا كل شيء فيها، وباملقابل كانت عمورية

البد أن تأيت أيام وتتغري ، تصبح أكثر الغارقة يف أحزا�ا ال تفارقين، وإذا كانت عمورية هكذا اآلن ، ف

. البشر: رمحة بأبنائهان والذين يأتون لزيار�ا أو يلجأون إليها، ألن املدن بالنتيجة، وبالدرجة األساسية

، دار 1999، 1، ط)رواية جهاد احملبني جلرجي زيدان منوذجا ( إبراهيم صحراوي، حتليل اخلطاب األديب ـ دراسة تطبيقية : ینظر 1

. 101األفاق، اجلزائر، ص

Page 108: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

108

أو وما دام بشر عمورية اآلن حيملون هذا املقدار اهلائل من األحزان والقهر واملذلة، فإن الروح غائبة

جنبا�ا كلها، لذلك ال تقوى عمورية على إعطاء ة، واهلواء الثقيل ال يزال ميأل هامدة، واألجساد متعب

أكثر، أتعرف عليها، ولكن أظل أتذكر عمورية باستمرار، آه يا واكتشف باريس ،أنبل ما عندها

، ويوجهون إليك السهام يف بشرك بشكل خاص، كانوا ينتقمومننكمدينيت، كم قسا عليك البشر، و

.1" ذي كان يفرتض أن توجه لصدور بذا�ا، أل�ا هي اليت أذلت املدينة والناسالوقت ال

استخدم مسميات إذ ،املدينةبيف حلظة حضوره العريفي طالعميثل حالة البطل يكادهذا الوصف

املفارقة يف وضعها السياسي والثقايف للشروط طالعترمز إىل حالة ،بصفة جمازية عموريةدينة ملاملكان

اضل من ومبعىن ما دون أن يستطيع أن يكون واحدا منهم وهو الذي ن ،االجتماعية السائدة يف املدينة

ا مثلما عايشه مل يستطع أن يعايشه حر ،) ، السلطةلمدينة، الناسا (: أجل الوطن مبفهومه األوسع

كما اتضح يف الفصل األول حباجة إىل العريفي طالع إن .ستبدادالظلم واالوهو يرزخ حتت عبء

نا أمام الرواية أن بداية يف ، من هنا نشعر من أجله، أو حىت إىل فكرة ساميةيكافح ) هدف(شيء

على احلالة النفسية الدال ،اآليتلذلك نلحظ الوصف ،، وكالمها يلتبسان حبالة املوتحالة املدينة

:مدينة عمورية اطب خي للبطل وهو

كانت الساعات األخرية، قبل السفر، حافلة، إذ إضافة إىل حالةالصحو املفاجئة، وكأن شيئا يف "

استنفر وتيقظ، متاما كما كان حيصل يف جلسات التحقيق بعد كل حفلة من حفالت داخلي

ة، واملليئة باملبالغة، فإن نظرات املودعني يف البيت مث يف املطار، وكلمات التشجيع الكثري ...التعذيب

.2"أكدت يل أين لن أرى عمورية مرة أخرى، ولن أرى أيا من الذين يتزامحون حويل اآلن

حلالة عمورية قد تداخل مع ادينة م ملالوصف العا خالل هذه النصوص السردية جند أن من

( املدينة احلاضرة فهو يتكلم عن ،وب السرد يتخذ طابعا شعريا شفافاا جيعل أسل، مم النفسية للبطل

. 329الرواية، ص 1 .12 – 11: الرواية، صص 2

Page 109: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

109

الرواية جتنح لسرد األحداث اليت أورد�ا ، إذ أن قلنا عرب اخلطف خلفا إىل الذاكرةنيلعود ، ي)باريس

ي املكان كما هو ماثل يف ، أ، ومن هنا حيضر املكان الغائبهروايتالروائي �ا ىل النهاية اليت افتتحإ

تفاصيل املكان الغائب عرب ، أي استحضار )جزئيات املكان الغائب ( زئيات منثل له باجل، الذاكرة

اليت غادرها منذ زمن عموريةيختصر أعمارا تعيده إىل مدينته ف ،يف ذاكرة البطلاستحضار جزئياته

اختزال عاطفي ويف هذا دليل على ، يلته ختتزن صور�ا بكل تفاصيلهاطويل إىل باريس وما تزال خم

يوصله لعاطفي الذيا سراجل ، هذاتهحبضورها القوي يف ذاكر نني ويرتاشقها الشوقلذاكرة يداعبها احل

.الغائبة البعيدة عن نظره العارفة ألحزانه ومهومه إىل تلك املدينة

: حبيبال/ عموريةـ 1ـ 1ـ 6

ثري هذا ي ،وطنه احلبيبب لشخص يذكره تهمقابلل، أو إن تواجد اإلنسان يف بلد يذكره ببلده األو

ل رائحته حتم ،الوطنأو مدينة لل ذلك الشخص ، مما جيعلنا نعادلمشاعر احلنني كل هيف نفس

) الشخص المحبوب /عمورية (ويصبح ،مت ساعته وأيامهمزوجة برائحة املاضي الذي تصر امل

دالالت مل حي إنساناجاته إىل يف منفاه االختياري وترضي ح ) البطل (، حتتضن حالة حنينية رمحية

، إىل ينابيع داخليةعمورية لت وبسبب ذلك نالحظ كيف حتو ،)باريس ( األمومة يف أرض غريبة

طالع العريفي ، مثلما جاء على لسايناألم لتقدم له احلضن والرعايةاملرأة هذهإىل جلس وكيف

: وعادل اخلالدي

بالقرب من قوس النصر، كنت أتطلع إىل األبنية األهم من ذلك أنين كنت أمتشى ذات صباح"

التقت نظراتنا بسرعة، مل نصدق،! نواألشجار، كان اجلو منعشا، واحلياة تتدفق، وفجأة رأيت رضوا

بعد أن سار عدة خطوات التفت، كانت نظراته �دف ...مل يصدق أو باألحرى أنا الذي

ا وجدين واقفا وقف واستدار االكتشاف، حني التقت نظراتنا من جديد مل يستطع أن يتجاهل، مل

تعانقنا، تبادلنا القبل، سألين عن ! رضوان: نزقا بنصف دائرة، صرخت وال أعرف ملاذا كان صويت

ال أصدق أن نلتقي يف باريس، : صحيت وملاذا أنا هنا، كنت أنظر إىل عينيه، كان يهرب، قلت له

ةو عرضت عليه أن جنلس يف مكان وأن نشرب القه، ضحك بعصبية وقال العامل أصبح صغريا

Page 110: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

110

إ�ا الفرصة اليت كنت أنتظرها منذ شهور، لكي أعرف أية مصائب حلت بالوطن وأعرفها من ...معا

.1"شخص تربطين به عالقة طويلة، زادها السجن قوة

طريقة مصطفى، حىت صاح بما كدنا جنتاز املشنقة، ونتقدم إىل بوابة اليسار، وما كاد يرانا احلاج "

وهجم علينا كما �جم اخلراف الصغرية احملجوزة على أممها�ا !، اهللا امان ريباهللا ريب: أقرب إىل العواء

كان .تلك اللحظة ، حنينا، جنونا، يشبهال أتصور أن شوقا، حبا، رغبة. بعد أن تعود من املرعى

كانت جتري بطريقة كل هذه األشياء...ينظريعانقنا، يبكي، يصرخ، حيتج، يضرب على األكتاف،

حاج : أقرب وأقوى من أي تعبريات أخرى، يف حلظة انفعال، وال أعرف من قال ذلك حيوانية، لكن

مرحبا لرجال : وقبل أن يستوعب ما قيل رد بانفعال أشد وأقوى . مرحا، مرحا، مرحا...مصطفى

.2" !اهللا ريب، متام حق : يهز رأسهوبعد قليل، وبطريقة صوفية، وهو !قوة، رجال شرف

فالروائي بوصفه الدقيق لعمورية ولألحداث اليت جرت ولألشياء والشخصيات، كان نتيجة حتمية

قوس ،مثل املشنقة: للعالقة التالزمية اليت تربطه باألحداث اليت وقعت، ومن خالل رؤيته للمشاهد

النصر، األبنية واألشجار، واألشياء اليت كانت جتري بطريقة حيوانية يف حلظات اإلنفعال، أثناء مالقاة

.ن الواقعية وإن كان عمال ختييليابعض الشخيات، فهو يقدم لنا عمال أدبيا يقرتب م

عادل (مادمنا نتحدث عن عالقة بطل الرواية ) : ، البيتالحي: (الفقد / عموريةـ 2ـ 1ـ 6

/المدينة ممثال بصورة تلك يف الغربة فإن ذلك يستدعي صراعا وهو، المكان/ بالوطن ) اخلالدي

وقد فقدت تلك الصورة ،كما هي حمفورة يف الذاكرة وما يبعثه من خوف رؤيتها مستقبال، المكان

، وهذا الصراع ميكن أن نلحظه يف د غربة مضاعفةسيول ا مم ،ديلة عنهاخرى بأالقدمية وحلت صورة

اليت حنبها، عمورية أين ضاعت عمورية : "قائال صديقه عادل اخلالدياملقطع اآليت الذي حياور فيه

أليدي الدافئة واملسافرين العائدين ؟ ااحلمامة، ليايل القمر، أغاين األعياد، عمورية احملبة و

. 154الرواية، ص 1 . 506الرواية، ص 2

Page 111: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

111

وروائح الصيف، ورغم معه نباتات األرض أيضا، كان يهجم الربيع وحيملعندما كنا صغارا، وفقراء

ال ينسى، وكانت هدايا السماء ال تتوقف، حىت إذا دخل ا أنا مل نكن نشبع، فقد كان لألكل مذاق

باحلصاد غاين واألطعمة، وتبدأ الصباحات بالضحكات واأل الكبري متتلئ البيوت، كل البيوت الصيف

هكذا كانت عمورية فرتة . باألعراس واألغاين ونظرات العشق األوىل وتصبح الليايل ومجع احملاصيل،

سم وهلا نفس العمورية هذه انتهت إىل األبد، قامت أخرى مكا�ا، حتمل نفس ا... طويلة من الزمن

. 1"املالمح

بيت اإلنسان يف نظرهم امتداد لنفسه ألن ،ويف الوقت الذي يعطي بعض النقاد املكان بعدا كبريا

فإذا وصفت البيت فقد اإلنسان جند بعض النقاد اآلخرين يفرغونه من أية داللة، فهو عندهم حمض

يف حتريك اللمكان دورا كبريا مؤثر لكن الثابت أن ،لذا ينبغي اصباغ داللة ما عليه ،وجود موضوعي

.بصفة عامة للكاتب األحداث ورسم الشخصيات ووصف املنظور الروائي

، لكن رؤيته وقد أصابه التغيري بفعل الزمن أليفا يف الذاكرة على شكله األولفاملكان املفقود يبقى

، لذلك فإن دها كل شيء داخلنا كواجهة زجاجيةصطدامية مع الواقع يتحطم بعجيعل املواجهة اال

املكان الوحيد الذي خناف عليه من التغيري هو املكان املاثل يف الذاكرة واإلعرتاف عنه خيلق صراعا

، لذلك يكون املهم هنا هو إنقاذ الذاكرة باهلروب غالبا من من خوف العودة واملفاجأة بتغيريه

ىل وسيلة وحيدة السرتجاع لدى البطل إ) اللوحة (املواجهة من مثل هذا النوع وبذلك يتحول الفن

، فتتحول اللوحة بفعل الغربة إىل مكان حيوي إعادة جتسيده يف لوحات فنية الوطن من الذاكرة عرب

ل وهكذا وبلحظة مكثفة تتحول اللوحة إىل وطن وحتم ،) مكان الطفولة (بعضا من مفردات املدينة

حياول الرسام إن يسرتدها ويبثها يف لوحته يف حماولة ملقاومة الزمن ،شيئا من بصمات الطفولة املمحوة

غرتاب لذلك نراه يف املقطع اآليت حياول دائما العودة إىل اللوحة ذا�ا إلضافة أشياء تضفي عليها واال

ورية اجلديدة ختتلف عن اليت لكن عم " :، ومنثل لذلك مبا جاء على لسان عادل اخلالدياحلياة

. 333 – 332: الرواية، صص 1

Page 112: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

112

لقد اتسعت : شر، احليـــــــــــاة، حىت طعم املياه اختلف، املتفائلون، وأنا لست منهم يقولونالب: كانت

عمورية وامتدت، امتألت بالعمارات الكبرية والشوارع الدوارة، وفيها من املطاعم والفنادق ما يكفي

.1"الستقبال اآلالف املؤلفة

، الذي يستعيد عادل اخلالديعرب املرأة وهذا ما فعله بطل الرواية الوطنوقد يستعيد الغريب

ائحة تلك املدينة عن طريق املرأة واليت حتمل شيئا من ر - المدينة المفقودة - عموريةمناخات

وطنا يف امرأة أو امرأة ا،، فتلبس املرأة على األبطال باملدينة إىل أن يصبحا شيئا واحدونكهتها اخلاصة

:اآليت السردي وهذا ما نلمحه يف املقطع ،جتسد الوطن

وحنن يف هذه احلال، هجست أن أحدا أو شيئا ورائي يتحرك ويقرتب، مل أمسع صوتا، ومل تعلن "

قان األشجار، قدرت ذلك ألحيان تتمتعان يف األرض أو تتسل ذلك عينا كوبكا اللتان كانتا أغلب ا

فوقها كانت تلبس تنورة رمادية ترتدي ! ت امرأةرأي شيئا أنبأين، ما كدت ألتفت حىتيف داخلي ألن

سرتة كحلية، مثل تلك األزياء اليت تلبسها ممثالت اخلمسينات أثناء النهار، وكانت تسرح شعرها على

هجمت ! أصدقال ...جوليا : طريقتني أيضا، ما كدت أمتعن �ا، وهي مقبلة حنونا، حىت عرفتها

علي، قبلتين كأم، وضعت رأسي على صدرها، شدت على كتفي وكأ�ا ختترب مدى القدرة والصحة،

مل تقله كلمات الدنيا كلها، حني رفعت رأسي ونظرت إليها كانت دمعة ماقالت يل خالل ثوان

لتفت إىل اجلهة صغرية، بلون البلور الصايف، كحبة الكارستال، تنزلق، لكنها مسحتها بسرعة وا

.2"األخرى

) : ، الكتابالمقاومة ، السجن (الذاكرة / عمورية ـ 3ـ 1ـ 6

م الصورة املاثلة يف من واقع حيط البطل هنا يتشكل املوقف من املدينة قبل أن تبدأ انكسارات

،سجيناها كل عاش حياته الذي طالعل ما يتجلى يف موقف أو فيربز الصراع الذي يتجلى ،الذاكرة

. 333 الرواية، ص 1 . 144الرواية، ص 2

Page 113: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

113

إليها من منظار ا كانت نظرته، وإمن وقف من املدينة قائم على الذاكرةم مل يتشكل لديه وبالتايل

املثالية اليت كان عموريةصورة ، لذلك نرى الصميم ي منظار السائح يف املكان ال ابنأ ،باريسي

لقد ": ل قوله من خالوهذا املوقف نلحظه ،مقد أصا�ا شيء من التحط ،عادل اخلالديهلا يرمسها

! ما على النسيانالذي كنت مصم انزلقت إىل موضوع السجن دون ختطيط ودون قصد، يف الوقت

.1"ولكن ماذا يف عمورية غري السجون واجلوع واملذلة واآلالم ؟

الذي كان ماثال يف ،للحلم فيه شيء من كسرعادل الخالدي ل كان حديث البط ،ومن مثة

املناضلة عرب تذكر املناضلني الذاكرة/ المدينة ىلإ العودةحياول البطل ، ومن هنا ال غرابة أنذاكرته

وماذا إذا تذكرت أو مل أتذكر ؟ وهل " :ىل مجالية املكانإمن أجلها وهذا ما يعيد التوازن الذين ضحوا

أنا أب جلميع البشر، كما يقول شاعر أبله، تكفيين السنوات العشر اليت قضيتها يف سجون

.2"عمورية

ركبــــــون مبــــــا يكـــأشبه م امل من الصخب والعجب واجلنون، وهوـــــــورية عـــــــزي يف عمــــن املركـــــالسج "

زاب ــــــون مجيع األحــــاسيني، ميثلــــــمن السي كبريةوفيـــه أيــــضا أعدادا ... !وحـــــــــــــوس أو سفينة نــــــكولومب

.3"ار ـــــــــواألفك

تذكر يت، وأنا أرغم اهلواء الطري الذي انتشر ومأل شيء حويل، فقد تصلب جسدي وزادت حرار "

ور السوداء املليئة بالدم والعذاب ورائحة املوت، وزادها سجن العبيد، عادت إيل دفعة واحدة الص

من : حدة خدوش الشهور األخرية، ولكي أضع حدا خلوف ال أعرف كيف دمهين فجأة، قلت

احتمل سبعة شهور بأيامها ولياليها يف تلك الزنزانة، وما زال حيا وفيه قوة، ال خيشى عليه، وسوف

.4"يصمد

. 332الرواية، ص 1 . 332 ص الرواية، 2 . 240الرواية، ص 3 . 218الرواية، ص 4

Page 114: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

114

لإلستبداد صورة املدينة املقاومة وا يف سبيل املدينة يعيد إىل الذاكرةالذين ضح حضور األشخاص ف

البطل مع ، تلك الصورة اليت ال يدرك مجاليتها إال من عاشها وهذا ما جيعل من عالقةوالطغيان

التفاصيل واسعة، إذ عايش ظر إليها بعني ين لذيا عادلالبطل ، خبالف املكان هي عالقة ذاكرة

دائما إىل ذاكرته عودته، ورمبا يسوغ عموريةاحلياتية واالنتقالية اليت مرت �ا للتحوالت واجلزئيات

الت، إذ أن هذه األشياء قد علقت بالذاكرة وصارت جزءا من الستحضار صور من تلك التحو

ستحضر صورة يوبطريقة التداعي ذا�ا ، عادليف ذهن الذاكرة/ المدينة ومن صورة ،تارخيها

.ىل السجن إلذاكرة ميثل دخوله يف ا ماثال اتارخييف نفسه ضرإذ حي ،السجن

: الحلم / باريس / عمورية ـ 4ـ 1ـ 6

، ويلجأ الروائيون إىل استعمال ن خالل احللم، وهو رغبة قد تتحققهنا يتشكل رسم املكان م

ل على تفكري للتعبري عن التجربة اليومية اليت تداألحالم يف روايا�م خاصة املعاصرة منها، وذلك

الة النفسية حلة عن امعرب وما األحالم إال اختالجات ،الناس وانفعاال�م، وهي تستمر يف األحالم

، يصورون من خالهلا جتارب وائيون العرب على شكل خلية رمزيةالر ا، وقد استعملهللشخصيات

، وقد لنا الروائي آمال وطموحات هؤالء من خالل احللم ، حيث يصورحياتية للشخصيات البطلة

كثف غالب هلسا استعماله للحلم يف رواياته، خاصة وأنه كان مناضال ومعارضا سياسيا، تعرض

ملعظم أشكال السلطة ، خاصة وأنه أبدى معارضته واملالحقة و املراقبة والتعذيب للسجن عدة مرات،

عابا لفكر املعارضة السياسية ياعته أن الرواية أكثر األجناس الفنية استبسبب قن السياسيةاالجتماعية و

: نذكر منهم ،عربا فضاء رحب خليول األفكار، وقد �ج طريقه الكثري من الروائيني الوالفكرية، وأ�

.غريهم من الروائنيو ...، حنا مينه، يوسف إدريسعبد الرمحن منيف، إميل حبييب

اليت ال الشخصيات وأقوال احللم لنقل أفكار الروائي فقد استعمل ،" هنا... اآلن " رواية أما

ميكنها أن تبديها يف صحو�ا ويقظتها، واليت ميكن أن تعرضها الشخصيات يف شكل كوابيس وأحالم

Page 115: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

115

اليقظة، مما يضفي مجالية أكثر على املكان العريب، ويساهم يف إضافة أبعاد مجالية جديدة إىل جانب

:مثلما تدل عليه األمثلة اآلتية اجلمالية اليت تضفيها األمكنة األخرى يف الرواية

هل لباريس، تلك املدينة اليت طاملا حلمت �ا، ومتنيت أن تتاح يل الفرصة لكي أهيم يف شوارعها "

وحدائقها ومتاحفها، دخل يف هذا اجلنون الذي أصابين ؟ وهل بلغت يب اهلشاشة إىل درجة أن

.1"اعي وأ�ار يف مواجهة أول صدمة ؟ أتد

حلمت كثريا، حلمت طويال أن آيت إىل باريس، كنت يف ليايل كثرية أغافل احلرس وأنسل دون "

وبال جواز سفر، وأتنقل بني مدن العامل اليت قرأت عنها، كنت أحرص على أن تكون باريس حقائب

ا كبريا من جنو�ا وجرأ�ا، وأن أتعلم منها حمطة يل يف الذهاب والعودة، كنت أريد أن أحلممقدار

كيف استطاعت وبوسائل ال حدود هلا، بالقوة مرة، وباملكر مرات أن تروض حكامها، أن تفتح

كيف يفكرون، كيف : وكنت أيضا أريد أن أتعلم من بشر هذه املدينة ... ثغرات يف عقوهلم وقلو�م

نتظار، وناسها احرتفوا الوا واملوت ت عمورية مدينة للصمتيتصرفون، وملاذا أصبحوا هكذا، وملاذا ظل

2" !الصربوهجروااحلياة وامتألوا حنينا إىل جنة السماء

، خمتلف هل معىن ذلك أن أختلى عن السياسة ؟ ال ولكن علي أن أفهم السياسة ضمن منظور "

مة، من وراء دخان السجائر، وهي تعيد رسم الكون، ـــــــالـــــرة احلــــفهذا اهليجان اليومي، وتلك النظ

ب، والسوقية يف كل شيء، يف األلفاظ واألكل والسباب واألوامر الصارمة، وكأن الثورةعلى األبوا

أقرب إىل الشعب، هذه النظرة جعلت عمورية مدينة مسبية يتعاقب والثياب، يف حماولة ألن نكون

ها أنذا أسلي نفسي لكي ... بد أن تتغري، وأن نتغري قبل ذلكعليها األقوياء واملاكرون، ولذلك ال

أيضا عبقرية زكي أثناء زيارته األخرية يل يف لكن يف اللحظة اليت تذكرت ،أنسى املاضي، لكي أهرب

كيف أستطيع أن ألوم اآلخرين ما دام قائد . ةاملستشفى، مث ذلك الفرمان الذي أصدره بعد أيام قليل

هذا املكان البعيد، ويف هذا احليز الضيق، والذي امسه براغ، مل حيتمل بضع كلمات، املعارضة يف

. 148الرواية، ص 1 . 326الرواية، ص 2

Page 116: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

116

الكلمات مل أقلها أنا وإمنا قاهلا رجل قبل ألفني من السنني ؟ مل يقتصر األمر على ذلك، كان وهذه

. 1" !زكي يضحك، ميزح، وطلب أيضا احلصول على كتاب لوقيانوس لكي يقرأه

وأنا أجتول يف ساحة الباستيل، مث الشوارع املتفرعة عنها، حلمت كثريا وتذكرت وتساءلت، وال "

سجون عمورية معظمها،كلها، تنفتح على الغرب : أعرف ملاذا تشبثت بعقلي االفكار الصغرية

والشمال، وكان الباستيل ينفتح على الشرق واجلنوب، فهل هذا يعين شيئا ؟ وسرداب التعذيب يف

، وكذلك املشنقة يف الوقت الذي كانت زنازين التعذيب يف ية املركزي أول ما يطالع الزائرسجن عمور

. 2" !الباستيل، يف القسم اخللفي واملقصلة كانت الباحة الداخلية

ـــ و�ذا استطاع الروائي أن يعمق من مجالية املكان بتوظيفه ألحالم الشخصيات الفاعلة يف الرواية

كان هلا الدور الكبري يف إضافة أبعاد جديدة ــــ يقظةالدالة على حاالت الال وعي والال هذه األحالم

خوف ، ملا حتدثه من األسطورية، بتصوير األمكنة املوحشة و يف الرواية العربية املعاصرةالواقعي للمكان

. قلق ورعب يف نفوس الشخصيات و

:الحضور /) عمورية (المكان ـ 2ـ 6

بدأ داللة امللمح وت ،منه د موقف البطلحتضر هنا داللة املكان بعد العودة إليه ورؤيته ليتحد

ا اآلن فإننا سنلحظ ردات أم ،كما ترمسها الذاكرةعمورية ، إذ أننا سابقا كنا أمام صورة املكاين اجلديد

، نلمح بداية هذا ذاكرة واحلاضرد صراعا بني ال، وهذا ما سيول )عمورية ( املكان حولفعل البطل

:من خالل الثنائيات اآلتيةالصراع والشوق

: األمومة / عمورية ـ 1ـ 2ـ 6

الذي يرى عادل، فزع احلنني وسرائر البكاء القدميةنوا كل عادل ر يف نفسالعودة إىل الوطن تفج

ل مرأى ، لذلك يتحو فراقهال كل أحزانه القدمية بسبب الوطن بعد غياب عشر سنني يرى باملقاب

. 330الرواية، ص 1 . 336الرواية، ص 2

Page 117: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

117

حمل األم عند حتل عموريةف ،هأم د، كطفل فقعارمة باحتضانه والبكاء على صدرهالوطن إىل رغبة

حتضر عند حلظة مواجهة ، هذه األخرية اليت ئما لفتح دفاتر الذاكرة األليمة، وتغدو مكانا مالغيا�ا

، لذلك ال غرابة عند إخل...وأمان حنني ودفء عليه من املكان بعد غياب داللة األمومة بكل ما تدل

بني اجلسدين مع احنياز إىل بصيغة املؤنث يف حالة متاه )عمورية (حلظة الوصول من خماطبة املدينة

:، مثلما يدل عليه املقطع السردي اآليتده ذلك من أمان ودفءأنوثة أمومية ملا يول

وحني استمر الصمت قويا شامال، ويف حلظة قشعريرية، أحسست يدا حانية رطبة متسكين عند "

أنا أنتظرك وستأيت إيل يا " الساعد، مل أشك أبدا أ�ا يد أمي، ومسعت صو�ا، كان بعيدا وله أصداء

ت الرجال تغين ، ال تصدق ما يقولون، إ�م ال يعرفون الصدق أبدا، فابق رجال، واعلم أن مو "طالع

ويتذكره الصغار آلخر أيام العمر، فما أمجل ،، وتبكيه العجائز، ويهز الرجال رؤوسهم لوعةله الصبايا

ذكرى يف قلوب كل الذين سيظلون أحياء أقوى أن تبقى أن ألقاك وسط الزغاريد وغناء الصبايا، وما

.1" يا طالع ،فال تنس ما أقوله لك، يا ابين...بعدك بتعاد ، عرب ثنائية تتمثل يف جعل االحياء والبعد عن السردية املباشرةهنا احنياز اللغة إىل اال نالحظ

مل أشك :العباراتخذ تأ، ومن هنا ةبتعاد عن الدفء والطمأنيناملكان معادال لال عمورية،عن حضن

فاألمومة .إحيائية التدال ،...يا ابين، يا طالع - أنا أنتظرك وستأيت إيل يا طالع -أبدا أ�ا يد أمي

وهذا ما نلحظه ، )عمورية ( إىل الوطن األم احلنني ايبعثه يتال يف الطمأنينة، يتمثل شيء معنويهنا

احلنني احلب،لى للداللة ع ألمومةاليت تأيت أوصافا ل) االنتظار،االبن ، يد حانية(يف مفردات

.والطمأنينة

عرفنالذين أو ، ونشتاق إليهم الذين حنبهمص اشخحتضر دالالت األمومة ممثلة باألأن وميكن

:، مثلما ورد يف املقطع السردي اآليتهم دفء املكانفي

. 275الرواية، ص 1

Page 118: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

118

رمادية ترتدي فوقها سرتة كحلية، مثل تلك كانت تلبس تنورة ! ما كدت ألتفت حىت رأيت امرأة"

األزياء اليت تلبسها ممثالت اخلمسينات أثناء النهار، وكانت تسرح شعرها على طريقتني أيضا، ما

هجمت علي، قبلتين كأم، ! ال أصدق...جوليا: كدت أمتعن �ا، وهي مقبلة حنونا، حىت عرفتها

�ا ختترب مدى القدرة والصحة، قالت يل خالل وضعت رأسي على صدرها، شدت على كتفي وكأ

ثوان ما مل تقله كلمات الدنيا كلها، حني رفعت رأسي ونظرت إليها كانت دمعة صغرية، بلون البلور

.1" الصايف، كحبة الكارستال، تنزلق، لكنها مسحتها بسرعة والتفت إىل اجلهة األخرى

هذا ما جيعل البطل يبحث دائما عن و ، هبحنيف شخص عمورية املكان و�ذا نكون قد اختزلنا

الدميوقراطية،يف سبيل مبرضه ابن فرتة نضالية دفع مثنا عادلف ،معان أمومية يف املكان لكسر غربته عنه

لكن هذه الفئة السياسية اجلديدة اليت اصطدم وعيها بواقع سياسي اجتماعي غري ما كان مألوفا

وسبب ذلك تأسيس عالقة جديدة مع املكان على ،ك والالجدوىسابقا أصا�ا شيء من االرتبا

.س من االنكسار واإلغرتاب الداخليأسا

: أو البيت لقاء الذاكرة والعيان /عمورية ـ 2ـ 2 ـ 6

ىل تاريخ إداال على ذاكرة وحنني عمورية من موقف الغربةحضور األمكنة الدالة على لقد كان

وهنا نتوقف عند دالالت األمكنة بعد ،وقد غلب الطابع الشاعري على تلك الذاكرة ،مضى وانقضى

فه يضفي نوعا من الصراع بني الذاكرة وما حتمله من تاريخ وبني احلاضر وما خل مما ،هلا عادل تذكر

.ا كان سائدا يف حالة الغربة، وبالتايل فاملوقف من املكان يستخلف هنا عم وبقاياآثار من

من لته، وهي اليت حو على حد تعبري البطل �اقسو يف املتطرفة هي تلك األم عموريةإذا كانت و

تهطفول أحىي تذكره هلا إال أن ، إىل إنسان هرم سقيم من شدة ما لقاه يف غيابة السجونشاب

يستحضر إذ ،)البيت األول/ عمورية ( انحواها املكاليت اكرة عرب العودة إىل الذوشبابه من جديد

أريد أن " :بقولهمن مواجهة املكان لذلك نرى البطل يبحث عن سبب قلقه ،كل تلك الذكريات

. 144الرواية، ص 1

Page 119: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

119

إ�ا خليط من الثقافات واحلضارات، مل تستطع، أو رمبا مل يتح هلا أن : أقول أن عمورية منطقة موبوءة

العصر، لكي تدب فيها احلياة، وإذا ظلت بنت املكان، واجلذورو: جتد شخصيتها، أن تكون هي

، لتصبح كتلة من املواد غري املتجانسة، ن املوت ينتظرها، سوف تتآكل وتتداعى مث تسقطإكذلك ف

. 1" !م، مث تعصف �ا رياح املوت ، فالنسيان ضغري القابلة لله

التفاصيل الواردة عن ذلك البيت األول تعيد إىل الذاكرة ذلك احلضور وتلك األلفة من خالل إن

وكأ�م مازالوا يزاولون العيش بأرواحهم يف هذا ،عادلعاشروا الذينتفاصيل هلا رائحة الزمن املاضي و

.البيت أو حبضورهم السري غري املعلن الوطن األم أو

وتتوفر هذه ومناضليه، الروحية بالنسبة للبطل من روحانية سكانه وهكذا يأخذ البيت قيمته

ورهم الدافئ يف الروحانية بغيا�م املادي عنه ليصبح البيت يف النهاية داللة على غيا�م املوجع وحض

.الذاكرة املكانية

عندما ، والسيما تعويضا نفسيا عن املدينة املكان ل البيتن يشك أال غرابة فبناء على ذلك و

، وهذا ما جنده يف املقطع اآليت الذي يصف ب صورته يف الذاكرةيعرتي ذلك املكان التغيري الذي خير

، والذي ىل بيته الكائن يف املدينة ذا�احالة عودته من غربته يف املدينة إ) عادل اخلالدي (فيه البطل

،)البيت(بذاكرة ) عمورية (دينة ض فيه ذاكرة امل، يعو يثري يف نفس البطل بعدا تعويضيا اكتسب مبا

وأنا أجتول يف ساحة الباستيل، مث الشوارع املتفرعة عنها، حلمت كثريا وتذكرت وتساءلت، " :يقول

ءها اتذكرت وردة الكلبة اجلعارية، وقد وضعت جر : ...وال أعرف ملاذا تشبثت بعقلي االفكار الصغرية

يف الصيف وضعت يف اجلهة الشمالية الغربية، وأثناء : ا�اورة لبيتنا خالل فصلني خمتلفني يف اخلرابة

فصل الشتاء وضعت مبواجهة اجلنوب الشرقي، فمن أين اعتمدت عقول اجلالدين العموريني اجتاهات

تتسع إذا ظل ستبقى السجون وسوف: ، وكانت أسناين تصركخمالفة للطبيعة ؟ قلت لنفسي بغيظ

. 379الرواية، ص 1

Page 120: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

120

جيازى يف رون بصربهم واحتماهلم، وأن من يعاين أكثر يف الدنيا، ال بد أن الناس يف بالدنا يفخ

.1"اآلخرة، وإذا استمروا أيضا ينتظرون طيور السماء لكي تنقذهم

والسيما إن ، سياسي والعاطفي واملوقف من اآلخرباملوقف ال البيت/ المكان وقد ميتزج املوقف من

النضايل وهذا ما هااآلن زوجة لرجل آخر وختلت عن تارخيكان هذا األخري حبيبة مفقودة صارت

. عمورية المدينة، وهو يقصد احملبوبة جتاهلبطل نلمحه من موقف ا

، وكأنه أراد من وراء النضالية والثورية لقد التبس البيت حبالة املرأة اليت أصبحت فارغة من ذاكر�ا

، املرأة معربا عن ذلك بتغيري مالمح املكانم استطاعوا تغيري مالمح تلك أ� : القول، ذلك

عادلو طالع العريفي: سلطة كربى على حساب الثوريني واملناضلني أمثالب طاعوا إقناعهاإذ است

من املناضلني ا، وغريمهجور النظاميف سبيل حترير البالد من يهماروح اقدم انذل لا ،الخالدي

، جاء إثنان لزيارة وبعد أسبوعني من الوفاة تقريبا ...: "عادل ، مثلما ورد على لسانالسياسني

انقسم الشباب إىل فريقني، الفريق : طالع، وبعد أن عرف األمر، بدأت خالفات من نوع جديد

األول يصر على دفن الشهيد يف أرض الوطن، وأن تعترب الوفاة مناسبة لفضح النظام أمام الرأي العام

أما الفريق الثاين فقد كان أقل انفعاال وأكثر !ضا لتعبئة اجلماهري يف الداخلالدويل، وهي فرصة أي

، وثانيا من شأن هذا س هلا عالقة بالشهادة، هذا أوالواقعية ألن الوفاة نتيجة أسباب مرضية ولي

استمر النقاش . تسوء وإقامتنا هنا تصبح مهددة التشهري أن يسيء إىل بلد صديق، وجيعل عالقاتنا

شدد، ألن دم طالع جيب تالرباد، إىل أن انتصر الفريق املشيد املؤيدين بضعة أيام، وطالع راقد يف وحت

التغلب على وبعد أن مت جتاوز التأخري و ... أن ال يذهب هدرا، وال بد أن يدفع القتلة الثمن

اإلنسان احلي يعامل بطريقة خمتلفة عن اجلثة، فإذا : طر على بالاخلالفات، ظهرت صعوبات مل خت

ومأ إليه كان يكتفى جبواز السفر بالنسبة لألحياء، فإن للموتى جوازات خاصة �م، وباعتبار أن امل

. 336الرواية، ص 1

Page 121: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

121

، وال يتمتع رمسيا جبنسيتها، لذلك نبلغكم اعتذارنا عن صرف جواز سفر سبق وأن أبعد من موران

.1"متوىف للمذكور

:المكان بالشخصيات الروائية عالقة ـ 7

يعد املكان شرط الوجود اإلنساين الذي ال حيدد ذاته إال به وفيه، وميارس احلضور والغياب يف

، فاملكانفإنه انتقل إىل فضاء ومكان آخر ما يغيبديف فضاء وعن حيل إمنا ،فأينما حل خالله،

، فال يتحقق وجود سوس، مما يسهل قابلية إدراكه، إنه عنصر ثابت حمالنهايةأو الفضاء هو البداية و

اإلنسان إال يف عالقته باملكان أو الفضاء الذي حيل فيه، فاملكان يتسم بالثبات رغم حركية

حيث يشكله الكاتب الشخصيات فيه، لكنه يتجاوز ثباته وهندسته وجغرافيته، حينما حتتضنه اللغة

له ألن الدور اإلحيائي للغة حيم ،املوظفة، إذ يكون للعقل دورا مهما يف هذه العملية حسب اللغة

ال ، كما أنه 2، مما جيعله مكانا هالميا يصعب اإلمساك به دالالت وعوامل أخرى متنحه أبعادا لغوية

ذكرها،كما ، وال تشكيله بإبعاد الشخصيات أو عدم يبين نصا روائيايستطيع الكاتب أو الروائي أن

، فهو احليزتعيش فيه الشخصيات وتتحرك ال ميكنها التحرك خارجا عنه، فاملكان ميثل البيئة اليت

اجلمايل لألمكنة بعيدا عن باقي العناصرللقارئ أن يدرك البعد الداليل و الذي حتىي فيه، كما ال ميكن

لشخصيات اليت تتحرك فيه، ، خاصة الزمن الذي جرت فيه األحداث، وااملكونة للخطاب الروائي

إن اإلنسان غري منفصل عن عن فضائه بل إنه هذا : " ) George matore( جورج ماتوريقول

.3"الفضاء ذاته

ـــــ عموما والرواية على وجه اخلصوص السرديةالدراسات النقدية املختصة يف األشكال وجند معظم

ن للمكان ارتباطا وثيقا إ :تقر أيضا ــــ ت بوجود ترابط وتزامن بني املكان والزمانقد أقر اليت

. 58الرواية، ص 1، عامل الكتب احلديث، أربد، 2010الشريف حبيلة، الرواية والعنف، دراسة سوسيو نصية يف الرواية اجلزائرية املعاصرة، : ينظر 2

. 23 – 22: األردن، صص3 George matore, L’espace humain, ed La Colombe, paris, 1962, p 16.

Page 122: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

122

كل فهو يتش ،بالشخصيات الروائية، إذ أن الفضاء الروائي ال ميكن أن ينشأ مبنأى عن األشخاص

وبني األشخاص بينهباخرتاق األبطال له، حيث ينتفي املفهوم اهلندسي للمكان وتنأى عالقة محيمية

بائع الشخصيات طيربز تأثريا متبادال بني املكان و منسجما روائيا ءبنا مما يعكس الذين يعيشون فيه،

ة الرومنطيقية اليت تتشكل من كما أننا حنيل على النزعوحركا�م ومواقفهم، ونفسيا�م تعيش فيه اليت

أعماقه بصورة جتعلهما، املكان خالل انعكاس الطبيعة الداخلية على روح الفردو توحيد املكان يف

.1وال ميكن ألحدمها الفكاك عن اآلخر الفرد معا متطابقني،و

ال أطالل، ف هندسية أم بقايا ،لعمل الروائي، ختييلية أم حقيقيةواألمكنة على تعدد صفا�ا يف ا

،، فاملكان نفسه يدل على الشخصية، وهو مرتبط باإلدراك احلسيميكن فصلها عن العناصر األخرى

، ، فاملكان معطى سيميائي له دالالته وأبعاده وقيمتهألنه يعرض عن طريق السرد من خالل الوصف

وبوجوده، وعدم النظر إىل تفاعل املكان مع هذه املكونات جيعل التأويل فالشخصية تذوب يف اعماقه

النصي وفق ، ذلك أن الروائي مثل املهندس املعماري، يشيد فضاءهقاصرا عن إدراك األبعاد الداللية

ال يتشكل موضوعه إال وفق الفكر الذي خيلقه، فاخلطاب الروائي، 2تصور حمكم، وإسرتاتيجية معينة

، مع باقي املكونات احلكائية يف الروايةم النظر إليه ضمن هذه العالقات والصالت اليت يقيمها وعد

فاألمكنة يف ،ينهض به الفضاء داخل احملكي الروائيالذي الداليلفإنه يصبح من العسري فهم الدور

اليت األحداث من خالل اإمنا تتشكل باخرتاق األبطال هلو ،رواية ال تتشكل وال حتدد مسبقاال

الذي و ،وهو بدوره يرتك أثرا فيها ويدفعها إىل احلركة والتغيري، ، ومن امليزات اليت ختصهمون �ايقوم

، فالبيئة املوصوفة تؤثر على الشخصية وحتفزها على القيام باألحداث ثاره جلية على املكانآتظهر

. 3البيئة هو وصف الشخصية ه ميكن القول بأن وصفن إوتدفع �ا إىل الفعل واحلركة حىت

الذي سيعطي للرواية متاسكها ، هووهذا االرتباط اإللزامي بني الفضاء الروائي واحلدث

األماكن اليت تذكر، ميكن استنباط داللة ، وكذلك الروابط بني روايةيف المالمح املكان ف .وانسجامها

. 87س، ص .حبراوي، بنية الشكل الروائي، محسن : ينظر 1 . 39س، ص .عزوز علي إمساعيل، شعرية الفضاء الروائي، م :ينظر 2 . 31...29: س، صص.حسن حبراوي، بنية الشكل الروائي، م: ينظر 3

Page 123: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

123

ا دفع مم ، 1كأداة من أدوات بناء الشخصيةهلا، كما تعمل بنائيا كموضوع سردي قابل للتحليل، أو

ال ميكن أن نتصور البناء الروائي دون شخصيات و .ابعض النقاد إىل القول بأن الشخصية وحده

الواحد يفقد ، حيث املكان بدون شخصية وال، شخصية بدون مكانودون مكان، أي ال وجود ل

، تعيش فيه وخترتقهمن خالهلا، وهي ه ينشأ فإن ،بل يفقد سبب وجوده دون اآلخر، قيمته منهما

له ، وبالتايل حتم تعطي له أبعاده وترسم طبوغرافيتهده و ، فهي اليت حتد هايظل الفضاء الروائي أسري ف

.دالالت خاصة

بشخصيا�ا الرئيسية ات الالوعي يف فضائها مرتبطة دائمالاتظهر ح هنا...رواية اآلنيف : فمثال

، وهي ني هلما وجهات نظر يف صورة أحالماللت الخالديالعريفي وعادل طالع خاصة شخصييت

ليعيد تركيب ثنائية ،إنساين جبدلية الواقع واملتخيل بذلك متهد لظهور فضاء طبيعي يتشكل عن وعي

من خالل ،وفق ما حيدث من تآلف بني الدور أو الوظيفة اليت تؤديها الشخصية المكان/ الزمان

عادل اليت رواها االرؤي ،هنا... رواية اآلن ووجهة النظر، وميكننا أن نستحضر من االرؤي أو احللم

: ةاآلتي األمثلة، من خالل الخالدي

تتكاثف الصور وتتداخل، أشعر أين مقسوم إىل درجة التالشي، لكن يف مكان ما، ال أعرف أين، "

هناك شيئا ال يزال يتحرك، وهذا الشيء هو الذي سينقذين، إنه جزيرة خضراء قريبة، وهو أشعر أن

قصية، وليست لديهم فرصة قدمية تنتظر مسافرين سيأتون من أمكنة املركب الوثيق، وكأنه فنار آهلة

.2"طويلة لالنتظار أو التوقف

ن ذلك مزيج من اخلوف واحلنني والتحدي أما كيف كنا نتصور سجن العبيد، وما هي نظرتنا، فإ"

كاحلب أو مثل العالقة اجلنسية، إذ مبقدار التهيب، والذي يصل إىل : معا، وأريد أن أغامر وأقول

ويقرتب منها تتولد االرتباك، فإن رغبة جاحمة وخفيفة تدفع اإلنسان إىل املغامرة، وعندما يصلهادرجة

هذه الشجاعة املمزوجة بالعناد ورغبة ــــــ �ذا القدر أو أ�اصور وجودها، مل يكن يتداخله شجاعة

اهليئة ، 2005 - 2004: س، 65 :ع ،جملة النقد األديب، فصولأرض الناس، جملة ...أرض السوادحامت عبد العظيم، : ينظر 1

. 268ص مصر،املصرية العامة للكتاب، القاهرة، . 100الرواية، ص 2

Page 124: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

124

إنين . ستمرارالوإمنا أيضا على التجاوز وا ،االحتمال البقاء ـــــــ جتعله ليس فقط قادرا علىالتحدي و

قرتاب من هذا اجلو، استعادته، أشعر أن كل شيء داخلي، يتوفر جسدي وأصاب حبالة من المبجرد ا

.1"، قد أرتكب معها احلماقات كلها، بل وأصبح مستعدا للحرب حىت لو كنت وحديالشراسة

إعادة مجع الشظايا ختتلط الصور واألزمان يف ذاكريت إىل درجة مل أعد أميز، كما فقدت القدرة على"

تستغربون طبعي النزق، وأيضا املتقلب، ورمبا تبدو احلدة يف قد. أو إعطائها نسقا ميكن أن يفهم

مواقفي وتصرفايت جتاه األشخاص واألشياء غري مفهومة بنظركم، أو على األقل بنظر بعضكم، والبد

.2"! أن حتاروا يف تفسري هذا الغضب الذي صار جزءا من تكويين، وحىت مالحمي

عن األنا الداخلية ومكبوتات تعبريا مدينة مورانعن طالع ـــ اليت شاهد فيها اكانت هذه الرؤي وقد

تنفذ ، واليت ال ميكن أنالشفاء �ا�ة رجاالت النظام اجلائرة لطالع يف والرغبة امللح ،يف نفسه تلج

نفسية يشعر يعيشها طالع واحللم والرؤية يف هذا املشهد جتسيد حلالة .إال عن طريق نفيه أو موته

، ليمدنا بدالالت لتداعي عن طريق الالوعي أو احللم، فلم يستطع التعبري عنها إال بواسطة االعريفي

ومتاهيهما نوع من احلقيقة أو التجسيد الواقعي ،تضفي على الفضاء الروائي ببناءيه الزماين واملكاين

. بيعي يتشكل عن وعي إنساينلألحداث، واليت حنسبها متهد حتما لظهور فضاء ط

قدرة على التأثري يف تصوير األشخاص وحبك احلوادث مثلما للشخصيات أثر يف له ملكان اف

مثلما التفاعل بني األمكنة والشخوص شيء دائم ومستمر يف الروايةو ،صياغة املبىن احلكائي للرواية

يعريوه من تغري يف بعض األحيان، يؤثر تأثريا فتكوين املكان وما ، ولذا هو دائم ومستمر يف احلياة

وقد يكون وصف األمكنة من الواقع الذي جيعلنا نفهم األسرار العميقة ،لشخوصكبريا يف تكوين ا

.3للشخصية الروائية

. 217الرواية، ص 1 . 503الرواية، ص 2 . 18س، ص. حسن حبراوي، بنية الشكل الروائي، م: ينظر 3

Page 125: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

125

، فهو من يرسم هلا أن تنتقل من قبضة املكانة حال من األحوال ال ميكن للشخصية بأي وعلى كل

عبد فهو كما يرى ،د ذا�ا لتنظر إىل صور�ا من خالل صورة املكانوجيس ،منهاصورة مستعارة

وهواجسها وتوازعها تعرض الشخصيات من خالهلا أهواءهاسرح واسعة مخشبة ":أنه املالك مرتاض

فال تستطيع ،ن كرهت من خاللهأ هكر وت، عليه حتب إن أحبت(...) المهااطفها وآوعو

. 1"لت من قبضة احليز فالشخصيات يف تعاملها مع األحداث فعال أو تفاعال أن ن

حني : " إذ يقول بعض النقاد يف هذه القضية أنه ،اختذ صورة احللم والرؤيا هناالفضاء الروائي ف

، هذا األخري الذي تلتقي فيه الشخصية 2"تقسو احلياة على أبنائها، يهرب اإلنسان إىل احللم

بشخصيات أخرى ، فيتقاطع الفضاء من خالل عملية الالوعي، فتعرب عن نفسها يف غريها من

فإسقاط احلالة . عن فضاءات متداخلة فيما بينهافتعرب الشخصيات اليت تقرتب منها يف الفكر والرؤية

دون فيه جيعل للمكان داللة تفوق دوره املألوف الفكرية أو النفسية لألبطال على احمليط الذي يوج

.3ل يف هذه احلالة إىل حمور حقيقيه يتحو ، إن األحداث ركديكور أو كوسط يؤط ، فاملكان يف الرواية ليس جمرد إطار ليس بإمكانه االستغناء عن اآلخر من املكان والشخصية فكل

احلدث الروائي، إىل ال يف فع جوهري و ا هو عنصر وإمن ،أو احلكي أو ديكور تتزين به الرواية لألحداث

متاما كما كادت درجة أن بعض األمكنة تكاد تتحول إىل شخصيات رئيسية أو بطلة يف الرواية،

املكان بدوره حيمل الكثري من ، و " هنا... اآلن " ل إىل بطل رئيسي يف رواية أن تتحو عمورية

إن مدلول املكان يف الروايات احلديثة أصبح حيمل ، حيثلشحناتحات واإلحياءات والبىن وااالنزيا

.ية يف عالقته بالشخصيات الروائيةشخصيات شعر

للثقافة والفنون واألدب، عن ا�لس الوطين ،1998، 1عبد املالك مرتاض، يف نظرية الرواية ـــ حبث يف تقنيات السرد،ط 1

.158ص، الكويت . 276، املؤسسة العربية للدراسات والنشر، ص 2006، 1نزيه أبو نضال، التحوالت يف الرواية العربية، ط 2 . 71س ، ص.محيد حلميداين، بنية النص السردي من منظور النقد األديب، م 3

Page 126: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

126

األمكنة فإن أول ما ميكن رمسه كمعادلة تكشف عن أهم ،هنا... رواية اآلن فإذا نظرنا يف

: نذكر وعالقتها بالشخصيات الفاعلة يف النص،

.1 الغربة /باريس األهل/ عمورية

وها وهوالذكرى اليت ترك ،املاضي) عادل اخلالدي (ل الطرف األول من املعادلة بالنسبة للبطل ميث

ا الطرف الثاين فيمثل الواقع واحلاضر الذي يعيشه ، أم مرضهتركها بعد اليت عمورية، يف ريعان شبابه

. )مدينة باريس ( يف الغربة عادل وفق، آماهلا نكسا�ا ر الشخصية يف أحالمهاالثنائية سنتابع عالقة املكان بتطو يف ضوء هذهو

: اآليت اإليقاع

باريس/ المنفى عمورية/ الوطن

ذاكرة،ال، حبيث حتي فيها ، هلا أمهية يف حتريك األحداثعادل الخالديشخصية د ولذلك جن

فتعترب أمانة معنوية متاما كما هو ،واألحالم اليت ذكرها عن مدينة عمورية ،تركه الذي للماضي بذكره

ما متثله من حضارة الغرب ا إعجاب بباريس وبكل عجب أمي ي عادل كما جند لوطن أمانة الشهداء،ا

.ضجرمن قهر وردع و عمورية يعاين فيه أهلالوقت الذي يف وثقافته كثر من جلوئه إىل ، يسمو إىل التجريد والذهنية أالحيزا مذههنا ...يف رواية اآلنويأخذ املكان هنا

، وجيدها للمرة صورة حللم خيايل يهيم بأم فقدها عمورية/المكان إذن يأخذ ... اإليهام بالواقع

. 2 مالحمها النفسية والثقافية واالجتماعية والعقائدية والسياسية ،بكل الوطن/ الثانية

مديرية ،2001، جوان 08: نسانية، دراسات يف اللغة واألدب العريب، عالتواصل، جملة العلوم االجتماعية واإلجملة : ينظر 1

. 227صاجلزائر، النشر، جامعة باجي خمتار، عنابة، . 288صس، .، مالتواصل، جملة العلوم االجتماعية واإلنسانية، دراسات يف اللغة واألدب العريبجملة 2

Page 127: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

127

ال يف تكوين املكان وخلقه من جديد يف الرواية إذ كانت شخصية الشخصية الدور الفع أدتلقد

، هي املكان الغالب على الروايةعمورية ، كما جند املهيمنة على أكرب مساحات املكانالبطل هي

وهي مكان غري جمرى عموريةمدينة يف الرواية هي طالعمنها البطل ل حمطة مير فأو ، وعلى األحداث

املكان إال أن ،، عن احلياةكان يبحث عن العالج باريسمدينة حياته فالبطل عندما هاجر إىل

.احيرر الشخصية من املوت الذي كان يالحقه ،باريس/ الجديد

نجد معظم الشخصيات ، فوحيمل آالم الشخصية نفسيةشحنات إىل لذلك قد حييل املكان

:، مثلما ورد على لسان عادل اخلالديكنة اليت تقطن �اوطيدة مع األمكانت يف عالقة ولكن أظل أتذكر عمورية باستمرار، آه يـــــــا مدينيت، كم قسى عليك البشر، وبشرك بشكل ... "

خاص، كانوا ينتقمون من أنفسهم وهم ينتقمون منك، وكانوا يوجهون إليك السهام يف الوقت الذي

.1" أن توجه لصدور بذا�اكان يفرتض

السجن املركزي يف عمورية، عامل من الصخب والعجب واجلنون، وهو أشبه ما يكون مبركب "

القتلة وكبار اللصوص، اللواطيون : مناذج لشىت أنواع البشر واملخلوقات !كولومبسأو سفينة نوح

وفيه أيضا أعداد كبرية من !الرمسية واآلثار، املتقاعدون الباحثون عن عمل ومزيفوا النقادواألوراق

السياسيني، ميثلون مجيع األحزاب واألفكار، فيه الواقعيون الصارمون الذين يعرفون نظريا ما يريدون

.2"بدقة متناهية، ولكن يعتربون أن حظهم العاثر هو الذي أوصلهم إىل هنا وقد ،"هنا ...اآلن " رواية عالقة الشخصيات باملكان الروائي يف نربز الدراسةومن خالل هذه

لذلك التوافق بني فضاء ومن ذلك إبداعه ،من نسج وبناء عناصر الفضاء الحظنا متكن الروائي

يف وسجو�ا عموريةضاء فإذ جنده يركز كثريا على وصفه ل، الرواية والشخصيات اليت اخرتقتهأمكنة

. 329الرواية، ص 1 . 340الرواية، ص 2

Page 128: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

128

، إذ هي م للبطل، باعتبارها الوطن األشعبيا وسياسيا وثقافيابعدا اهعطأ، بل داث الروايةسري أح

.مصدر حنانه وإهلامه

كانت أكثر هنا... رواية اآلن ونظرا ألن احلدث التارخيي تتخلق فيه األحداث وتتطور إفإن

الزماين و املكاين، مما شكل عالقة روحية عابا لألحداث التارخيية وامتدادا للفضاء الروائي ببناءيه ياست

.باريس إىل عموريةترتتبط فيها األحداث مع الشخصيات عرب مدار الفضاء الكبري املمتد من

احلالة النفسية ، أن األفضية سواء أكانت مغلقة أو مفتوحة تعكسهنا... ن اآلكما جند يف رواية

بعض ومكبوتا�ا، وتنقل حاجا�ا النفسية، مثل ما ورد على لسان، فتعرب عن مكنونا�ا للشخصيات

ه وهو يعرب عن كرر على لسانيحيث جنده مثل عادل اخلالدي، الشخصيات املهمة يف الرواية

:مكنوناته ومكبوتاته

اآلن واملرض يشتد، ويف حماولة لتحريك لساين، فقد حولت آهات األمل إىل شتائم، كنت أشتم أما"

ما كدت أصل إىل هذا املستوى حىت افرتضت أنين جننت أو يف طريقي ! بطريقة ال يفهمها سواي

أكره الوعاظ، وحاملي املسابح، واحلكماء الصغار، والعيب الورق « :إىل اجلنون، قلت لنفسي

الذين فا�م قطار السفر، وغريهم الذين ينتقمون من شيء ما ال املشعوذين، وأولئك النادمنيو

.1" » ! يعرفونه، لكي يشعروا برغبة االنتقام هل بلغ اخلراب يف روحي إىل درجة أن أصبح كاملتسول أعرض أمام : لنفسي بعض األحيان أقول "

هذا ما أصابنا اليوم وغدا سيأيت : اآلخرين جروحي وقروحي ألدلل على مدى ما عانيناه، وألقول هلم

ا دوركم ؟ وما الفرق بني السجن املركزي والعفري والقليعة وعشرات السجون األخرى إذا ظلت روحن

تدركون وأنا أروي لكم اآلن، ورمبا ذكرت هذا من قبل، أنين حر طليق وأنين أقيم يف ... هي السجن

باريس، ومل يعد السجن إال ذكرى، والذكرى ذا�ا تبتعد يوما بعد آخر وقد تنسى، وسوف أحاول

. 205الرواية، ص 1

Page 129: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

السیمیائیةدالالت الفضاء المكاني في ظل معالم : الفصل األول

129

تكون لدي مشاريع أن ، وماذا مينعقد أعود إىل احلياة الطبيعية مرة أخرى، و التكيف مع احمليط اجلديد

.1"جديدة أو طموحات ؟ وبالتايل ميكننا أن نقول أن الفضاء يتشكل وفق الشخصية العاملة فيه، فرغم انغالقه املادي أو

واالنفتاح أو يدل على القيد انفتاحه، إال أنه ميكنه أن يدل على كل معاين االنطالق والتحرر

النفسية اليت تكون عليها الشخصية احلاملة لالنفتاح على املكان املنغلق ماديا وفق احلالة ،االنغالقو

واالنفصام بني الشخصية واملكان، فكل منهما يؤثر يف اآلخر أو العكس، و�ذا حيدث التداخل

تأثريات سطحية أو عميقة، ومن خالل ذلك ندرك عمق املكان يف حياة الشخصية، مما حيدث أبعادا

ية للشخصية لتحديد ، ويدفعنا للقول مبدى تأثري املرجعية املكانية واحلالة النفس2لفضاءمتعددة ل

.دالالت الفضاء

. 502الرواية، ص 1 . 183، املؤسسة العربية للدراسات والنشر، بريوت، لبنان، ص 2008، 1حممد صابر عبيد، سحر النص، ط: ينظر 2

Page 130: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

ـ مفهوم الزمن الروائي1 ـ جتليات الزمن الروائي 2 ـ زمن القصة 1ـ 2 ـ زمن السرد 2ـ 2 ـ املفارقات الزمنية يف السرد 3 أو االستذكار االسرتجاعـ 1ـ 3 أو االستشراف ـ االستباق 2ـ 3 ـ تقنيات زمن السرد 4 ـ تسريع السرد 1ـ 4 ـ اخلالصة 1ـ 1ـ 4 ـ احلذف أو اإلسقاط 2ـ 1ـ 4 ـ إبــــــطاء الســـــــــرد 2ـ 4 ـ املشهد الدرامي 1ـ 2ـ 4 ـ املونولوج 2ـ 2ـ 4 ـ الوقفة الوصفية 3ـ 2ـ 4ودالالهتا من خالل القرائن الدالة عليها " اآلن...هنا "رواية متظهرات البنية الزمنية يف ـ 5 ـ داللة الزمن الداخلي 1 ـ 5 ـ داللة الزمــــــــن اخلــــــارجي أو احلسي 2ـ 5 الزمن احلسي املباشرـ 1ـ 2ـ 5 ـ الزمن احلسي غري املباشر/ الفصول األربعة 2ـ 2ـ 5 ن الروائيعالقة الزمن ابملكا ـ 6

اين:ــــــالفصل الث دالالت الزمن الروائي يف ظل معامل السيميائية.

Page 131: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

131

،له ميكن النظر إىل زوايا خمتلفةمن خال تطور،حركة و و وجمال كل تغري ،فعل حيز كل ن ـــــالزم يعد

ملادي واملعنوي واحلضاري بسبب ارتباطه باإلنسان والواقع يف تطوره ا ،ومعرفة رؤى وأبعاد معينة

كونه يومئ بالتتابع ، خاصة القصصي منه،بالنسبة لإلبداع األديب وهو الشريان النابض ،والفكري

ارخيي ــــــــــــــــالتاعي و ـــــــــــــــــاالجتماهم يف حتضري اجلو النفسي و ـــائية للقص، ويســــــي للوحدات احلكــــالزمن

لميث إذ ،لتصاقا بالزمنالرواية أكثر الفنون األدبية او فيعطي للسرد صفته القصصية، ،اإليديولوجيو

رواية هي فن شكل أن ال" وأكد الكثري من الدارسني ،عمودها الفقري الذي يشد أجزاءهاحمورها و

ارتبط الزمن بالرواية يف "وقد . 1"ختصه يف جتلياته املختلفة أل�ا تستطيع أن تلتقطه و ،الزمن بامتياز

فالرواية تصاغ ،يف اجتاهات عدةبؤرة زمنية تنطلق النص الروائي يشكل يف جوهره ألن ،عالقة مزدوجة

م نفسها من خالله مرحلة وراء والزمن يصاغ داخل الرواية اليت حتتاج لزمن كي تقد ،داخل الزمن

.2"أخرى

:ـ مفهوم الزمن الروائي 1

إذا كنا قد تفاعلنا مع املكان يف الرواية كعنصر من عناصر اخلطاب الروائي، وكبناء من أبنيته،

فإنه ،وحتديد بنيته املكانية بالرغم من أمهيته ،ورسم مساره السردي ،باستعراض تفاصيله الطوبوغرافية

ليت خترتقه وترسم مساره وحده قليل الفائدة لتحديد دالالت الفضاء الروائي والعالقات البنيوية ا

ب منا أيضا أن نتفاعل مع يتطل يتطللب منا تناول إىل جانبه الفضاء الزماين، أي أنه فهذاالسردي،

،3"كانت وال تزال للزمن مكانة الصدارة يف الوعي العريب " وقد الزمن كبناء متمم للبناء املكاين،

فهو يؤثر ،اسيا يف تشكيل البنية الروائية وجتسيد رؤيتهاوللزمن يف الرواية أمهية فنية باعتباره عنصرا أس

. 22ص ،1993 :س ،04 :ع ،11: ا�لد جملة فصول، الرواية أفقا للشكل واخلطاب املتعددين، حممد برادة، 1

، املؤسسة العربية للدراسات وللنشر الصنايع، بريوت، لبنان، 2004 ،1ط العربية، الزمن يف الرواية مها حسن القصراوي، 2

. 47ص . 36س، ص .حسن جنمي، شعرية الفضاءالسردي، م 3

Page 132: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

132

فعدم النظر إليه يف تفاعله مع هذه "واألحداث، املكان، الشخصيات : يف العناصر األخرى

.وينعكس عليها ،1"بعيدا عن إدراك األبعاد الداللية املكونات جيعل التأويل

على العناصر األخرى، فالشخصيات الزمن حقيقة جمردة سائلة ال تظهر إال من خالل مفعوهلا و

لسرد ، فإذا فقد الزمن احلركة جتمد اسيولة الزمنوال يتم السرد دون ،األحداث تتحرك يف فضاء زمينو

حيركه الكــاتب ،روائــي مرنــا يتحرك إىل األماملذلك ينساب الزمن ال ،عند نقطة ال ميكن أن تستمر

عد الزمــن حبركته وانسيــابه لذلك ي ،ــيلتغطية حياة الشخصيات واحلدث حسب مــا يتطلبه العمل الروائ

، أي جواهر مستقلة الزمن السردي ال يكون مركبا منو ،2 اإليقاع النابض يف الروايةسرعته وبطئه هو و

منا تتواىل فاألحداث اليت تقع يف القصة ليس بينها أدىن رابط، وإ .أنه ليس زمن التتابع الدائم الصرف

ألخرى، ا ىتلو ةحظات اليت تتابع الواحدأي أن زمنية السرد ال تكمن يف تواتر الل ،يف حركة ال �ائية

.3ه إىل أعداد من اللحظاتتئجتز يف بل

:ـ تجليات الزمن الروائي 2

زمن : زمنيته اليت تتحدد وفق تالزم مستويني من خالل استحضار الزمن يف النص الروائييتجلى

Jean ( جان ريكاردوهذا ما أكده الناقد ، )احملكي (زمن القصة و) اخلطاب ـــاحلكي ـ( السرد

Ricardou (، ي غري مستقل عن السرد الذي إذا كان كل عمل أديب روائ« الذي يرى أنه

زمن ال من زمــن الســـرد الروائي و دان كفينبغي أن نالحظ زمنيته حينئذ على املستويني الذيـــن حيد ،يبنيه

.4 »القصة املتخيلة

10س، ص.، شعرية الفضاء الروائي، منرسيك. إ. جوزيف 1 . 43 - 42: صصس، .، مالزمن يف الرواية العربية مها حسن القصراوي،: ينظر 2 . 111 -110: س ، صص.بنية الشكل الروائي، م حسن حبراوي، 3، سوريامنشورات وزارة الثقافة واإلرشاد القومي، دمشق، ، 1977، صباح اجلهيم: تر قضايا الرواية احلديثة، جان ريكاردو، 4

. 249ص

Page 133: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

133

: ـ زمن القصة 1ـ 2

نطقي لألحداث أو املادة الرتتيب املأي الزمن اخلاص بالعامل التخييلي، زمن القصةيقصد ب

،أو سنوات اأو أشهر اساعات أو أيام قد تكون ،تظامها وفق حدوثها عرب حقب زمنيةوان ،احلكائية

له طول حمدد ،حيدد بنقطة وينتهي بنقطة ،وقعت فيه األحداث حقيقة أو ختيالهو الزمن الذي «

من يف املادة احلكائية ذات ويظهر هذا الز ،رتبط بالواقع وقد يرتبط بالتخييلوقد ي ،اعتبارياأو فعليا

» مسجل كرونولوجيا أو تارخييا غري سواء كان هذا الزمن مسجال أو ، إ�ا جتري يف زمن،�ايةو بداية

ستحضر عاملها أو حتاول أن ت ،عيان وبعث احلياة يف وجوه أبطالهإما على إعادة ماض بعيد لل ،1

جتاه مستقبل خيايل ومهي أو تشرئب يف ا ،مآسيزخر به من أحداث وصراعات و احلايل بكل ما

2 :يف زمنية املادة احلكائية أربعة أشكال أي ميكن أن منيز ،أو متوقع

.ـ احلاضر املستمر

.ـ املاضي البعيد

.ـ املاضي القريب

.ـ املستقبل املتوقع

:زمن السرد ـ 2ـ 2

، وهو مرتبط بعملية التلفظ، زمن الكتابة أو السردهو ف ،من صنع السارد أو الراويزمن السرد

دون التقيد ،يتصرف فيه كيف ما شاء إذ ،سرده أحداث الرواية الزمان الذي يسلكه أثناءفهو

فيجعله زمنا متجزئا ،السرد عندهغري ويبدل حسب تقنية في ،بالتسلسل املنطقي ألحداث الرواية

ألنه هو الذي ،ائي أن يقدم رؤيته يف سياق جديدمن خالله يستطيع الرو و ،متوجها حيث أراد

.ارتباطهري يف خطية زمن السرد و يستطيع التأث

املؤسسة العربية للدراسات والنشر، ،1999 ،1ط التقنيات السردية يف روايات عبد الرمحن منيف، عبد احلميد احملادين، 1

. 61ص بريوت، لبنان، . 25ص س، .م ،لعبد احلميد بن هدوقة، جملة املساءلة الفضاء الروائي يف اجلازية والدراويش الطاهر رواينية،: ينظر 2

Page 134: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

134

جيب تأمينه على أنه ليس مثة شيء أكثر صعوبة موير إدوينيف السرد، فيؤكد أما عن أمهية الزمن

الرجوع �ا إىل ه وحتديد الوترية اليت يقتضيها و عيني مداعرض الزمن يف صيغة تسمح بتيف الرواية من

املوضوع الروائي، أما الزمن بيف عالقا�ا ثابتة غري أن عجلة الزمن متغرية و ويرى، موضوع القصةصلب

، وباحنالل احلدث تأيت واألحداث الشخصياتيف الرواية الدرامية فهو زمن داخلي، حركته هي حركة

.1، ويرتك مسرح األحداث خالياكأنه توقفة يبدو فيها الزمن و فرت ع الزمن، وضرورة التفاعل مهرية للعمل الروائي هي التعايش و أما ميخائيل باختني فريى أن امليزة اجلو

.واملمارسة يف الزمن بة واملعرفةإمنا هو التجر الرواية عندهوأن ماحيدد ،رؤية العامل من زاوية زمنية واحدة

ألنه فإن الزمن الروائي يظل عدمي االكتمال ،مكتمال ومنغلقا على نفسه فإذا كان الزمن امللحمي

.2يف أية حلظة ميتلك إمكانية االنفتاح على املستقبل

ويؤكد روالن بارت أن املنطق السردي هو الذي يوضح الزمن السردي، وأن الزمنية ليست سوى

ن يف اللغة، حيث ال يوجد الزمن إال يف شكل نسق أو نظامأقسم بنيوي يف اخلطاب مثلما هو الش

،قعيزمن احلقيقي فهو وهم مرجعي وا، فالزمن السردي يف رأيه ليس سوى زمن داليل، أما الداليل

.3وتبقى مهمة الباحث يف الزمن الروائي التوصل إىل وصف بنيوي لإليهام الزمين

يف أنه يصعب تقدمي األحداث ،يف مسألة اإليهام )Michel Butor ( ميشال بوتورويرى

،والذي يعد األكثر التزاما بالتسلسل الزمين ،وحىت يف السرد نفسه ،الرواية وفق ترتيب خطي مسرتسل

، القاهرة، لرتمجةوالتأليف لالدار املصرية ،1965 ،عبدالقادر القط :، مرابراهيم الصرييف: تر إدوين موير، بناء الرواية،: ينظر 1

. 102... 97: صص مصر، : ،نقال عن 109س، ص .حسن حبراوي، بنية الشكل الروائي ـ الفضاء ـ الزمن ـ الشخصية، م: ينظر 2

M. Bakhtine, La poétique de Dostoviski, ed, seuil ,Paris, 1970, pp : 60- 61 3

Roland Barthes, Poétique du récit- Introduction à l’analyse structurale des récits, Le seuil,

Paris, 1977, p27.

Page 135: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

135

وأحيانا القفزات بسبب التقطعات والوقفات ،إال يف بعض األحيان فإنه ال نعيش الزمن فيه استمرارا

.1رد، وذلك لطبيعة احلياة املعاصرة اليت تتناوب على الس فإما أن خيضع السرد ملبدأ : وبالتايل فإن عرض األحداث يف العمل األديب ميكنه أن يقوم بطريقتني

فتأيت الوقائع مسلسلة وفق منطق خاص ،وإما أن يتخلى عن االعتبارات الزمنية حبيث تتابع السببية

ثاين فال فمبدأ السببية البد له من منطق وزمن ينظم األحداث، أما ال ،دون منطق داخلي األحداث

قق كينونتها إال كائية ال تستطيع أن حتاحلادة فامل .2املنطقية اليت تنظم األحداثيأبه للقرائن الزمنية و

وحة بني عرب جريا�ا داخل الزمن يف شكل سلسلة متوالية من اآلنات املتسارعة أو املتباطئة، أو املرتا

يسقط شكال هندسيا ،الرتتيب الواعي للمادة احلكائية وكأن اخلطاب �ذا ،وترييت التسارع والتباطؤ

.3معقدا على خط مستقيم ، وزمن د أبعاد زمن القصةوتعد ،إن الفرق بني زمن االسرد وزمن القصة يكمن يف خطية زمن السرد

بينما ال يتقيد زمن السرد �ذا التتابع املنطقي، ،نطقي لألحداثالقصة خيضع بالضرورة للتتابع امل

:4وميكن التمييز هنا بني الزمنني على الشكل اآليت : لو افرتضنا أن قصة ما حتتوي على مراحل حدثية متتابعة منطقيا على الشكل اآليت

دج أ ب

:ميكن أن يتخذ مثال الشكل اآليت ،إن سرد هذه األحداث يف رواية ماف

د ب أ ج

Voir: Michel Butor, Essais sur le roman ,Ed Gallimard, Paris, 1964, pp:116 –117. 1

Voir: Tzvetan Todorov, Théorie de la Littérature - Textes des Fomalistes Russes, Le Seuil, 2

paris, 1965, pp : 267 – 268. س، .اءلة، مــــجملة املس لعبد احلميد بن هدوقة ـــ دراسة يف املبىن واملعىن،ش ــازية والدراويــــاء الروائي يف اجلــــاهر رواينية، الفضـــالط 3

.27ص .72ص س ،.محيد احلمداين، بنية النص السردي، م: ينظر 4

Page 136: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

136

اول ــــــ، وكان أول من تنأو المحكيبمفارقة زمن السرد مع زمن القصة وهكذا حيدث ما يسمى

خــــنريــد فيــارالــــــهاين ــــــاقد األملــــــــة النـــــــن يف الروايـــــايا الزمـــاجلة قضـــد يف معـــى اجلديـــهذا املنح

)Harald Weinrich( الزمن احملكي، حيث صاغ ثنائيته ، الذي ميز بني زمن السرد و

املورفيمات الدالة تعرف عليه من خالل العالمات و ي األول : زمن الحدث/ صزمن الن: ملعروفةا

مبضمون التواصل، وكل على النسق الزمين الذي ينتظم النص، أما الثاين فهو املقطع الذي يرتبط

.1منهما يتوفر على قرائن مسكوتة يف النص وخاضعة خلطية السلسلة الكالمية

/ قصة زمن ال: ) Todorov Tzvetan ( تودوروفعلى يد التظهر ثنائية أكثر وضوح

بينما زمن القصة متعدد زمن اخلطاب زمن خطي،أن :يرى من خالهلاوالذي ، زمن الخطاب

ىحدثا تلو تقعا يف اخلطاب ، بينمتقع عدة أحداث يف وقت واحدأن ميكن ويف القصة ،األبعاد

ى فيه املؤلف عن التتابع قيم، ختل تشكل خط مس يفمما يعكس زمن القصة على خطية النص ،اآلخر

.2ألغراض مجالية املنطقي لألحداث مما يؤدي إىل حتريف األحداث عن زمنها احلقيقي

أن هذه الثنائية هي أهم ما مييز السرد األديب من ) G.Genette( جيرار جنيت يعترب و

وأن السرد ال ميكن إنتاجه إال داخل الزمن، إنه موجود كفضاء و يف الفضاء، ،تعداده اجلمايلحيث

وهذا ما جيعل الزمن سابقا منطقيا على السرد، أي صورة قبلية تربط املقاطع احلكائية فيما بينها يف

لنا فالبد ،لسردأنه يستحيل إمهال العنصر الزمين الذي ينتظم عملية ا جنيت، كما يرى نسيج زمين

وقد .3ومن هنا تأيت التحديدات الزمنية بالنسبة ملقتضيات السرد ،أن حنكي القصة يف زمن معني

يتطلب منا األمر يف هذه الدراسة أن نقف على اهليكلة الكاملة لتكوين هذا العنصر يف الرواية،

: نقال عن ،114س ،ص.م، بنية الشكل الروائي حسن حبراوي، 1

Harlad weinrich, Le Temps, Ed seuil, Paris, 1973, pp: 67 - 68 . 2 , Les categories du récit Litteraire, revue communication, Tzvetan Todorov 08,

Paris, 1966, p 139. 3 Figures III, p 228 . Gerard Genette,

Page 137: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

137

ي تتواءم مع هدفه زمن فين وآلية يف يد السارد، حيوهلا وحيورها لك" وأقصد الزمن السردي وهو

.1"االسرتاتيجي يف نصه

وما ماهي مواقعه ، القرائن الزمنية الدالة في النص فبما يتميز الزمن السردي عن مختلف

ظائف التي ينهض بها في البناء الروائي ؟ و هي ال

الواحد واختالف يصادفنا تعدد األزمنة اليت تتداخل يف النص يف الرواية الزمنيةكشف عن البنية للو

اخلالف دي إىل اجلدل و ذا التعدد الذي يؤ ولتجاوز ه ،مما يتعذر حصرها، العالمات الدالة عليها

ثنائية اهتدى النقاد إىل الوقوف على ثنائية حمددة لتطويق مبحث الزمن السردي يف الرواية، متثلت يف

مفارقات سرديةاليت حتيلنا للحديث عن أمناط السرد اليت ترتبط بالزمن ،وتشكل :الزمن/ السرد

ت هلا أبعاد ودالال ،ألغراض فنية يقتضيها العمل الروائي الراوي بإيرادها خالل مسار احلكييقوم

.من تقنية إىل أخرىو ،من حدث إىل حدثو ،منية ختتلف من حلظة إىل حلظةز املظهر الزمين يف العمل الروائي،كل من زاوية منهجية حياولون مقاربة النقاداملالحظ أن مجيع و

وفق إجراءات حتليلية للكشف عن العالمات الزمنية حمددة تتناسب مع منطلقاته النقدية النظرية و

.اليت تضطلع �ا يف السرد الوقوف على طبيعة الوظيفة الدالليةو الدالة يف النص

:في السرد ـ المفارقات الزمنية 3

مشكلة بذلك ،حلكائيةبعدما كانت أحداث احلكاية ختضع للتتابع والتسلسل املنطقي لوقائعها ا

حيث جند ،باجتاه أفقياية وزمن اخلطاب بصورة تصاعدية و ما زمن احلك يتوازى إىل حد تتابعا زمنيا،

متسلسال يبدأ من نقطة معينة، " زمنا تارخييا الرواية شكلتأن أحداث ، " هنا... اآلن " روايةيف

مث يسري إىل األمام حىت تنتهي القصة، واألحداث تكون مرتبة حبسب الزمان، حدث بعد آخر دومنا

.203ص لبنان، االنتشار العريب، بريوت، مؤسسة، 2008، 1ط، إشكالية النوع السرديو هيثم احلاج علي، الزمن النوعي 1

Page 138: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

138

، تعتمد ومتداخلة فيما بينها يف أشكال زمنية خمتلفةى جتل قد الزمين هابناء إال أن ، 1"ارتداد يف الزمان

إذ يلجأ الراوي إىل ،من اخلطاباحلركة النسيجية بني زمن احلكاية وز بنائها على تشكيلها و يف

،، لتجسيد رؤية فكرية ومجاليةفات يقوم �ا حني يقطع زمن السرداملفارقات الزمنية باعتبارها احنرا

أو األمام على اخللف حيث يتوقف اسرتسال الراوي يف سرده املتنامي ليفسح ا�ال أمام القفز باجتاه

ومثة بالضرورة تدخالت يف« ،2حمدثا بذلك مفارقة بني زمن احلكاية وزمن السرد ،حمور السرد

فزمنية من حيث طبيعتهما،ذه التدخالت االختالف بني الزمنني مرد هو ،"البعد " و "القبل"

فيه واستحالة التوازي تؤدي إىل اخللط الزمين الذي منيز ،دية البعد وزمنية التخيل متعددةاخلطاب أحا

ويوجد ،ستباقاتاالأو واالستقباالتسرتجاعات أو العود إىل الوراء اال :بداهة بني نوعني رئيسيني

قد كرس مبدأ التعارض بني زمن فو تودور أي أن ،3»استقبال عندما يعلن مسبقا عما سيحدث

تحديد العالقات بني زمين حاول أن يعاجل الزمن كمظهر من مظاهر السرد ب إذ احلكاية وزمن السرد،

الثايند و ول متعد األ: حيث يستحيل التوازي بني الزمنني الختالف طبيعتهما ،السردالقصة و

هنا، حيث ... اآلن ملستغرقة لسرد األحداث يف رواية الزمنية اتقلص املدة اتساع و ظاهرة أما أحادي،

.ةنتج مفارقات زمنيفيها الروائي بني التقدمي والتأخري، مما أتالعب

: أو االستذكارسترجاع ـ اال 1ـ 3

يعد من أكثر التقنيات ميثل االسرتجاع أو االستذكار أحد املصادر األساسية يف الكتابة الروائية، و

خالله يتحايل الراوي على تسلسل ومن ،السردية حضورا يف النص الروائي، فهو ذاكرة النص الزمنية

ار ــ املاضي الستحضوع إىلاضر، بالرجـــا زمن السرد احلـفهو تقنية ينقطع من خالهل ،4الزمن السردي

، دار جمدالوي للنشر والتوزيع، عمان، 2006، 1غسان كنفاين، مجاليات السرد يف اخلطاب الروائي،ط صبيحة عودة زعرب، 1

.64ص . 190 – 189س ،صص، . م، الزمن يف الرواية العربية القصراوي،مها حسن : ينظر 2، 1،1987املغرب، ط ،شكري املبخوت و رجاء بن سالمة ،دار توبقال للنشر ،الدار البيضاء:تزيفيتان تودوروف، الشعرية، تر 3

. 47ص . 192ص س،.م الزمن يف الرواية العربية، مها حسن البحراوي، 4

Page 139: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

139

ال ميكن فهمه إال يف سياق الزمن "، ابقة وفق ما يستدعيه انفعال اللحظة احلاضرةـداث ســـــأح

، مما جيعله 1" املــــاثلة فيهالعــالمــــات والدالئل املؤشرة عليه و لنص، أي من خالل السردي املتجسد يف ا

وختلق رؤية ،ومجالية فنية تثري متعةة ـــداللويف هذا ،انتقال املعىن داخل العمل الروائي من أهم وسائل

.جديدة يف نفسية القارئ ،تساعده على فهم مسار األحداث وتفسري دالال�ا ولتحقيق مقاصد حكائية ،يف النص الروائيفنية خالصة الستذكارات لتلبية بواعث مجالية و وتأيت ا

بإعطائنا معلومات حول سوابق شخصية جديدة دخلت ،مأل الفجوات اليت خيلفها السرد وراءه: مثل

العنا على حاضر شخصية اختفت من مسرح األحداث مث عادت للظهور من ط اأو ب ،قصةعامل ال

فهاتان الوظيفتان تعتربان من أهم الوظائف التقليدية .جينيت يرارججديد، وعلى حسب رأي

بالنماذج التمثيلية الواردة يف املنت ونستدل ، ستذكاراال أو املتمثلة يف االسرتجاع للمفارقة الزمنية

:الروائي

الذي حني أتذكر األيام األخرية وأيضا أيام املهرجان الساخر كانت حراريت ترتفع وصحيت ترتاجع"

، فما أكاد أمسع تلك التفاصيل جراءات نقل جثمان طالع إىل مورانتبعها، خاصة حني بدأت ىإ

.2" رى أحدا من أصدقاء طالع وهو يتابع اإلجراءات حىت أمتلئ حزناأاملتعلقة باملوضوع، أو

اإلثارة، للتفكري والتذكر واستعادة املرحلة املاضية، كان اجلو منعشا، أقرب إىل كانت الوقفة فرصة "

بنفسي، مل أكن وحيدا، واإلنسان مع اآلخرين، وبشكل دائم مل أختل فقد انقضت شهور طويلة

. يصبح له سلوك وطريقة يف التعامل تفتقر إىل العفوية، وجتعل ردود فعله آلية، وال ختلو من خشونة

فكرت يف أشياء كثرية، رفاق اللعب الذين يف املهجع، ووصلت إىل السجن املركزي، تذكرت احلاج

.3"، وتذكرت األهل واألصدقاء يف عمورية ...مصطفى

. 121ص س،.م بنية الشكل الروائي، حسن حبراوي، 1 . 63ص الرواية، 2 . 389 - 388: الرواية، صص 3

Page 140: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

140

اإلشارة إىل أحداث سبق للسرد أن : منها جيرار جنيت يضيفهاوهناك وظائف أخرى لالستذكار

وسد الفراغ الذي حيصل يف القصة، أو العودة إىل اذ االستذكار وسيلة لتدارك املوقفختتركها جانبا وا

باستذكاره، فإن املدة ويف عودتنا إىل املاضي .1الذي يفيد التذكري أحداث سبقت إثار�ا برسم التكرار

ل القراءة حيث يتضح ذلك من خال ،الزمنية اليت نستغرقها لذلك قد تطول وقد تقصر) املسافة (

ر دمن خالل اإلشارة إىل الفرتة الزمنية اليت قد تكون واضحة ومعلومة بق ،بالقياس إىل زمن القصة

سرتجاع المن األفضية اليت صنعها ا، اليت قامت على كثري هنا...ونقرأ ذلك يف رواية اآلن ،معني

:للوقوف على كثري من احلقائق، نذكرها من خالل األمثلة اآليت

تذكرت أنين رأيت احلاج مصطفى، بعد وصويل بشهرين أو ثالثة، أي قبل أربع عشرة سنة، جاؤوا "

تلك املرة قلب ، يفبه إىل السجن املركزي لكي يسفر، وأعتقد أ�ا كانت احملاولة األوىل لتسفريه

السجن بصياحه وشتائمه وحتديه، كان قويا وجنونا، ولكم أن تتصوروا كيف كان يتعامل مع احلرس،

... قرتابأتذكر أن احلرس هربوا، أغلقوا األبواب ومل يتجرأوا على اال...وكيف يتعامل معه احلرس،

ستعمال بعض املخذرات أن وضع يف السرداب مدة شهر، وبا كانت اياما مشهودة يف السجن، وبعد

وبعد سنة يف الطعامأوال ، مث باحلقن أمكن �دئته، واعيد من جديد إىل مستشفى األمراض العقلية، ة

أو أو أكثر قليال جاؤوا به للتسفري من جديد، وسفر فعال، لكن نقطة احلدود الرتكية رفضت استقباله

وإىل السجن املركزي، وهكذا أعيد مرة أخرى إىل عمورية،تعرتف به، وال تريده، استالمه، أل�ا ال

. 2" إال أياما، إذ استعاده مستشفى األمراض العقلية للمعاجلة لكن مل يبق

والتعذيب واملنع من النوم ما عدا فرتات التعليق بأيامها ولياليها، طيلة سنوات السجن: وتذكرت"

ام كالقتيل، كما كانت كنت أغفو، ويف حاالت عديدة أننوم يتخلى عين مل يكن ال ،تعمدبشكل م

هذه الليلة ختتلف، فاحلاج مصطفى يقف ! موعد املدرسة لئال يفوتين، وهي حتاول إيقاظي تقول أمي

فوق رأسي بإصرار عجيب، وحني ألوم نفسي وأحاول أن أنام ال أستطيع، أما إذا استحضرت

1 Figures III, pp: 93…99. Voir: Gerard Genette, . 359الرواية، ص 2

Page 141: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

141

وصلت السجن، لكي أقنع نفسي أن األمر ال يستحق كل حلاج، وتذكرت لقاءنا األول ملا ت امحاقا

.1" ألصدقاء الراحلني ؟اأهكذا تعاملون املوتى و : هذا العناء، فأجد أن شيئا يف داخلي يصرخ

ا ه له يف الصغر معاملة أم ليحدثنا عن ذكريات طفولتهفالروائي يرجع بنا إىل زمن ماض يعود إىل مل

، كما يرجع بنا إىل زمن طفولته ، وهيك قد أعلن بدقة عن املدة الزمنية،وهو بذليدرس اتلميذكان

، ليعلن بدقة عن أول لقائه مع السجني بعموريةزمن ماض أيضا يعود إىل ذكريات السجن املركزي

جند الروائي قد جتاوز و�ذا .هاحلاج مصطفى، وتذكره محقاته داخل السجن وكيفية معاملة احلرس ل

: بني وضعني خمتلفني رنةاقميف وضع نقطة انطالق السرد األصلي، ويف ذلك داللة يقصدها متثلت

.زمن السرد وزمن القصة االستعانة بالقرائن مما يستوجبهناك استذكارات أخرى ال حتدد مبدة زمنية معينة يف النص، و

مثل ماورد يف النص املصاحبة للنص حىت ميكننا أن نتعرف على طول املدة اليت يغطيها االستذكار

يه بعد مخسة أيام من حماولة النوم وعدم القدرة على الوصول إل : " أيام التحقيق مع السجناءعن

أيا كانت فقد أصبحت على يقني لبداية املرحلة التالية ، كنت متلهفاواستعد عصب عينيك: جاؤوا

أن و ولذلك من األفضل أن تتواىل ،تليها، وتدفعين إىل أخرى ما قبلهارحلة اجلديدة تلغي أنذ امل

! تبدأ اآلن إشارة إىل أن الرحلةون كلمات و ، دانتظرت، وخزين بالعصاعصبت عيين و ! تتسارع

عرفت ذلك من صوته، قال يل برخاوة، ورمبا كان يلوك شيئا يف أخذوين إىل الشهريي مرة أخرى،

مع مراعاة السياق الذي حييط ،التحقيقبالعودة إىل تاريخ تأويل الميكننا ومع هذا املثال ، 2"فمه

.حىت نعرف الفرتة اليت تعود إليها القصة بالكالم مل يكونوا راغبني أن أموت حني بدا مويت وشيكا، أطلقو سراحي،: " عادل اخلالديأما قول

، رغم أ�م مل يكفوا عن التأكيد خاصة خالل الفرتة تاألـوىل من اإلعتقال، إين لن أخرج من عندهم

. 513الرواية، ص 1 . 230ص ،الرواية 2

Page 142: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

142

فإنه يدل ،1" أفرجوا عين و عن اثتني آخرين...واآلن وقد حتقق هلم احتمال مويت هنا إال إىل القرب،

النفي عان خالهلا من االعتقال و ، مرور فرتة زمنيةبعد عادل التغيري الذي طرأ على شخصية على

، فهو يصور حاضره مقارنة مباضيه ويف هذا التعارض جتسيد لصورتني خمتلفتني لشخصية واملرض

.واحدة

ائن النصية، فإنه ر إىل االستذكارات باإلستعانة بالق هنا...اآلن رواية لحتليلنا تعرضنا يفا وإذا كن

اليت يتضمنها زمن السرد على حمور اخلطاب من كارات حتيلنا إليها املساحة ذ استميكنا استحضار

:ي، مثلما ورد يف قول الروائأو ما يسمى باخلطاب اخلطي للرواية فقراته وصفحاتهملفوظاته و خالل

الذي قضيته يف البيت، وقد زارين خالله بعض األسبوع...! أطلقوا سراحي...حني بدا مويت وشيكا"

التعهد ويف �اية األسبوع، وبعد إجراءات عديدة، من ضمنها...األطباء وأجريت يل عدة فحوص

كانت الساعات األخرية، قبل . بالعودة حاملا ينتهي العالج، سافرت أو باألحرى سفرت إىل براغ

وطالع ...، أجريت يل خالهلا عدة عملياتقضيت شهورا طويلة يف مستشفى كارلوف...السفر

العريفي مريض مثلي، جاء من موران للعالج، وكما حيصل بني اثنني يتعارفان على ظهر باخرة، أو يف

سجن تعارفنا، حصلت األمور بالصدفة، كما حتصل يف احلياة خارج املستشفى وخارج السجن، إذ ما

جاء بني العصر والغروب، ــ جاء لزياريت ـكادت تنقضي أيام على وجودي يف املستشفى حىت

يستطيعون التفاهم ملرضىصدقاء، ومثلما للسجن لغته، فإن اهكذا تعارفنا، وخالل أيام أصبحنا أ....

أي منا يعرف اآلخر وعن اآلخر ما ال ما كادت أسابيع متضي حىت أصبح...فيما بينهم بيسر وسرعة

واحد منا أن اآلخر ، خاصة بعد أن اكتشف كل شرتكةأن ختلقهتستطيع سنوات من احلياة العادية امل

، وحنن نكتشف هذه احلقيقة، بفرح ، لقد أحسسناب واحدة أو متقاربة، ورمبا ألسباكان سجينا

.2"أقرب إىل النشوة

.11الرواية، ص 1 . 16...11: الرواية، صص : ينظر 2

Page 143: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

143

الوقت حوايل الظهرـ يف يوم من ، كان! قبضوا علي، وكنت خارجا لتوي من سوق احلالل...أتذكر "

وإذا كانت العادة أن يبلغ ... أيام أيار املتأخرة، ويف مثل هذا الفصل قبل دخول الصيف الكبري

.1"السوق ذروته يوم اخلميس، فقد كانت أيام ذلك الشهر مخيسا متصال

اذا أقول أو كيف ف مال أعر ...يف اليوم التايل، وأتذكر أنه كان اخلميس، ساقونا مع شروق الشمس"

اآلن ...، ليست بروجا للمراقبة، إذ مل تكن تتعدى اإلنسان، ليست مراحيض،أصف تلك األشياء

كانت ...وحنن نساق اجتاهها، بدت يل يف شكل خمتلف، إ�ا من الزنك القوي، مسقوفة هلا أبواب

ء كثرية، رفاق اللعب الذين يف فكرت يف أشيا...للتفكريوالتذكر واستعادةاملرحلة املاضيةالوقفة فرصة

أو ما كادت الشمس ترتفع ذراعني ...املهجع، ووصلت إىل السجن املركزي، تذكرت احلاج مصطفى

ح الدفء ثقيال، ثالثة يف السماءحىت بدأت احلرارة تدفئ اللعبة، أما بعد أن مرت ساعة فقد أصب

، مث ومبرور الوقت، دقيقة القسوة، وحني حل الضحى وصل الدفء إىل درجة وحتول إىل لزوجة

إن الزمن يف مثل ...، فقد أصبحت احلرارة أنصاال تتهاوى من كل اجلهات وتنبع من كل مكانفأخرى

بعد ، بل بأجزائها، ألن اللهيب الذي يزداد ويتكاثف ثانيةاالت ال يعد بالدقائق والثواينهذه احل

عة، ويفقد اإلنسانقدرته على التحكم وتصبح لألشياء املخدر، إذ ترتاجع القوى بسر أخرى له مفعول

ومثلما يتفتت الزمن إىل ذرات ال �اية هلا، فقد بدت املسافة بينها وتلك ...أشكال وألوان خمتلفة

جتياز ضمن أي مقياس، فاللهب الذي ينبع من الرمليجعل السري شاقا إىل درجة الا العلب غري قابلة

ا بال انتهاء، أسياخ نار تندفع بسرعة الطلقة بدءا من باطن القدم حىت ستحالة، كان اللهب فيضانالا

يف حماولة لإلسرتاحة قمة الرأس، كنا نصرخ كالقطط املخنوقة، نقفز كاجلراد، وكنا نرمتي على األرض

أو لتوزيع األمل على مساحة أوسع لعله يكون حمموال أكثر، لكن ما تكاد األيدي أو األجساد

تلقينا ضربات العصي، يف حماولة ! حىت تتبعها الشهقات، وكأن مسامري دقت فيها الرمل تالمس

، ولسنوات الحقة، ورمبا إىل �اية العمر، سوف منذ ذلك اليوم ... ! إل�اضنا، أكثر من وقعاتنا

تبقى تلك الصورة حمفورة يف ذاكريت، العلبة مثل موقد ينفث نارا، إ�ا أكثر من فرن، وأصعب من

.166الرواية، ص 1

Page 144: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

144

هؤالء : عندما بدأت الشمس تنحدر مث تنطوي قلت لنفسي... ! حالة االختناق، إ�ا حالة املوت

الذين عبدوا الشمس، يف يوم من األيام، ال بد أن ياتوا إىل هنا ، ال يعيدوا النظر، وإمنا لكي يكتشفوا

.1"كم كانوا أغبياء

حيزا من خالل سعة االستذكار اليت تشغل األمثلة تدل على نسبة تواتر العودة إىل املاضي وهذه

رواية األحداث املطروقة يف لالنتباه، على حسب القضايا و الفتةاالستذكار ظاهرة ف. كبريا من السرد

، وخاصة األيام اليت رافقت ضي الشخصيات وهي تستعيد ذكريا�الع على ماوحنن نط هنا، ... اآلن

أما املثال األخري استغرق فيه .ألرضه وأهله بسبب النفي والسجن واملرضعادل اخلالدي مغادرة

يصف فيه الروائي حمطات تعذيب عادل اخلالدي ،اتصفحمن عشر السرد سعة كبرية بلغت أكثر

يستحضر أن إال أن الروائي استطاع مبهارة عالية ،وبقية السجناء يف سجن العفري وصحراء عمورية

دمي تقهو مجاليةوما زادها . ن التشويش على مقروئية الروايةيف سرده لألحداث دو اتالستذكار ا

لء مو ،رات احلكاية اليت خيلفها اخلطابثغ ملءمما ساهم يف ، املعلومات حول ماضي الشخصيات

معطيات حكائية اطالعنا علىبوفهم الرواية تبلغنا بزمن اخلطاب ا، كما أ� سردالفجوات الكبرية يف ال

.متاسك النص الروائيتزيد من

:أو االستشراف االستباق ـ 2ـ 3

اث عن أحدأو اإلعالن ،حداثلأل إذ يقوم الراوي بالتمهيد ،قة زمنية سردية تتجه إىل األماممفار

،ر وتنبؤ مبستقبل احلدث والشخصيةوانتظا لدى القارئ حالة توقعا خيلق مم ،ستقع الحقــا يف السرد

ماض ، من خالله يفلت الراوي من تتبع سري الزمن مناجلديدةجديد متيزت به الرواية وهو أسلوب

مبا يتوفر له ،يعايشها القارئ أثناء قراءة النص، وهوحالة توقع وانتظار حاضر وتسلسله عرب األحداثو

القفز على وهو ، 2" سيأيت سرده بصورة تفصيلية يف وقت الحق مبامن أحداث وإشارات أولية توحي

. 398... 388: الرواية، صص :ينظر 1 . 212 – 211س، صص .مها حسن القصراوي، الزمن يف الرواية العربية، م: ينظر 2

Page 145: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

145

التطلع و ،اخلطاب الستشراف مستقبل األحداث النقطة اليت وصلها فرتة معينة من زمن القصة وجتاوز

.1"إىل ما سيحصل من مستجدات الرواية

أو يثري أحداثا سابقة عن أوا�ا أو ى للداللة على كل مقطع حكائي يرو االستباق الزمين يستعمل

فهو مبثابة متهيد ألحداث الحقة جيري اإلعداد لسردها من طرف الراوي وذلك لتأدية .يتوقع حدوثها

اإلشارة إىل :ئر أو مستقبل شخصيات الرواية مثل،كالتكهن مبصاوظيفة يف النسق الزمين للرواية

القفز إىل ( إال أن تقنية االستباق .أو زواج بعض الشخصياتأو سجن مرض، نفي احتمال موت،

ــ خاصة يف الرواية الواقعية ــ )الوراء العودة ىل ( رتجاعأقل تواترا يف النصوص السردية من االس )ماألما

بينما تزداد ،لى االستباقاالسرتجاع يغلب يف النص ع، إذ أن هنا...رواية اآلنوهذا ما نستشفه يف

.2، فلقد أصبح الراوي ينتقل بني أمس وغدا دون متييز الرواية اجلديدةأمهية االستباق يف ،خلخلة نظام الزمن السردي لألحداثرقتان الزمنيتان تشرتكان يف كو�ما تسعيان إىل ااملف ذانوه

وختتلفان من حيث البنية حيث يتجاوز الراوي التسلسل املنطقي الزمين للمتواليات احلكائية،

،تشغل حيزا لغويا قصريا يف السرد فاالستباق يظهر يف النص الروائي بصورة إشارات سريعة ،والوظيفة

.3يف حني يشغل االسرتجاع حيزا أكرب قد ميتد إىل فصول باعتباره مينح للماضي استمرارية احلضور

استباق األحداث سعيا إىل ، و االستشرافمال والرواية العربية هي األخرى األكثر ميال إىل استع

: مثل، بعض النصوص الدالة على ذلكا ــهن...اآلن ةــاضر النص، وقد ورد يف روايـــالقفز على حو

ن جتعل كل من يقرأها أأن تكون شهادة صادقة وحمايدة قدر اإلمكان، و لقد أردت هلذه األوراق"

يزداد قوة ورغبة يف تدمري القمع وهدم السجون، واملسامهة يف خلق وضع إنساين ميكن أن يعيش فيه

استعمل الروائي ف .4"الناس دون أن يقتل بعضهم بعضا، ودون أن يصبح الدم لغة احلوار الوحيدة

. 132ص س،.م حسن حبراوي، بنية الشكل الروائي، 1 . 58ص ،مصر القاهرة، ب،ااهليئة املصرية العامة للكتمطابع ، 2004 ط،.د بناء الرواية، سيزا قاسم،: ينظر 2 . 220ص س،.مها حسن القصراوي، الزمن يف الرواية العربية، م: ينظر 3 . 164الرواية، ص 4

Page 146: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

146

و حمتمل احلدوث يف العامل متوقع أللتطلع إىل ما هو ،) amorce( هذا االستباق الزمين كتمهيد

وهي تطلعات تقوم �ا الشخصيات ملستقبلها اخلاص بإطالق العنان للخيال وتوقع ما سيأيت ،احملكي

. دون أن يصرح �ا للقارئ ،بطريقة ضمنية الحقا عندما كان يف مستشفى ،عادل اخلالديومن التطلعات املستقبلية يف الرواية ما قام به البطل

واملثال اآليت يدل على االستباق الذي مورس يف .سفر عنه األيام املقبلة يف حياتهالسجن ينتظر ما ست

يف عادل اخلالديالبطل بات اليت واجهها هذه امللفوظات السردية، اليت نالحظ من خالهلا الصعو

:، نذكر منهاالتساؤالتمن خالل طرحه �موعة من عبوره إىل املستقبل املنتظر

أنين أصبحت خارج السجن، وأنت تعرف أن بداية شعور أما هنا فأفعله لكي أقنع نفسي…"

اإلنسان باحلرية أن يكون قادرا على الشعور باحلرية والكالم دون خوف، وأن يرفع صوته إذا اقتضى

.1" ! األمر

هذه الطريقة يف احلوار، عزو�ا إىل –وكان كالمي تربيرا أكثر مما هو تفسري -حاولت أن أفسر "

مل تعجب الكبت الطويل الذي عشناه يف الوطن، وكيف كانت الكلمة تؤدي بقائلها إىل السجن، إذا

.2" ! السلطة، ولذلك يلجأ الشباب اليوم إىل اإلنتقام من هذا املاضي، والتعويض عما فا�م

هل ميكن أن يأكلوا باأليدي ذا�ا اليت كانوا أي بشرهم ؟: كما أصبحت مشغوال �ؤالء اجلالدين"

.3"؟ وكيف خترج الضحكات من نفس األفواه اليت قذفت هذا الكم اهلائل من الشتائم يضربون �ا : اآلتية امللفوظاتكما ميكن أن تتحقق التطلعات املستقبلية للشخصيات مثل ماورد يف

ال أريد أن أن أمنح نفسي، وبالضرورة أن أمنحكم ، فرصة العزاء أو مصاحلة النفس، كنت أنوي أن "

أن اجلروح اليت متأل أجسادنا أصمت، كنت أريد أن أنسى وأن أبدأ حيايت من جديد، صحيح

ة رواحنا تزاحم بعضها ببعض، وترتاكم فوقنا كالرتاب، لكن الرغبة بتجاوزها كانت موجودة، خاصوأ

. 24الرواية، ص 1 . 124الرواية، ص 2 . 306الرواية، ص 3

Page 147: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

147

يف يوم من األيام جالدا ولن أكون، وأنتم الذين مل تكفوا يوما واحدا عن أن تكونوا وأنين مل أكن

الضحايا، كان هذا يكفينا، كنا نعض على اجلروح بانتظار أن تأيت أوقات أفضل، وأن جتد املشاكل

اجلهد آه كم حلمت أن أنسى وأن أبدأ من جديد، وكم بذلت من ...حلوال بشكل ما، لكن

حنن أبناء اليوم ولسنا عبيد األمس، : واإلصرار لكي أجتاوز كل ما حصل، كنت أصرخ يف الظلمة

احلقد يهدم وال يبىن، ولذلك نكون أقوى إذا نسينا بسرعة، وأنسى وال أنسى، أهرب : وكنت أقول

.1" من نفسي، من خيااليت، أفكر مبشاريع الغد، وأدفع بوقائع األمس بعيدا

، أن أصبح مرة أخرى، فسوف أقول جلميع الناس بصوت عال، ورمبا ببعض قدر يل أن أعيشفإذا "

اجلالد مل يولد من اجلدار، ومل يهبط من الفضاء، حنن الذين خلقناه، نعم حنن الذين : القسوة واللوم

يف النظـــــــام يف البداية، رغبة ، وبإصار أبله، متاما كما خلق اإلنسان القدمي آهلته ؟ خلقناهفعلنا ذلك

والغرباء والعداء، إىل أن أصبحنا نتساءل عن مدى قدرته، صغارالالسهل، مث تواطأنا معه إلخافة

ومدى احلاجة إليه، وعند ذاك بدأنا ننظر إليه حبذر ونصمت، مث بدأنا خناف منه ونعلن، إىل أن

اإلله، بعد أن خلق استقل وابتعد، مث ومثل ! متثال والطاعة والرضا، وأخريا إىل التسليموصلنا إىل اال

أخذ خيلق لنفسه رموزه وشخوصه وطريقته يف التعامل مع اآلخرين، أصبح وحده الذي مينح الربكة،

، وهكذا توالت ووحده الذي ينزل العقاب، وكل من يتساءل أو يعرتض فهو اآلبق املارق اهلرطوق

ب املغفرة مث الرضا فالربكة، ومن ال ميتثل أو من خيتلف ، مث األضاحي والنذور، ومنه تطلالتقدميات له

.2" ! فالبد أن يقاطع، مث يرجم، مثذ حيجر عليه، وهكذا ولد السجن

الذي حتحق تطلعه أو استباقه عادل اخلالديهذه املقتطفات السردية تدل على فراسة البطل

، لألحداث إىل حقيقة أو واقع عياين ملموس يف وقت وجيز، وبالتايل االنتقال من احملتمل إىل املمكن

بعد أن دخل يف نضال ،من متاعب قد تعرضت هلا الرواية عادل اخلالديوبالفعل حصل ما تنبأ به

. 147 - 146: الرواية، صص 1 . 307 - 306: الرواية، صص 2

Page 148: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

148

اعتقاله، وبالتايل مما أدى إىل حماكمته و حقيقي لتلبية مطالبه ،مما أدى إىل تطويقه واملؤامرة ضده

.مما أعلنت عنه الرواية يف آخر صفحا�ا.تضييق اخلناق على أفكاره النضالية

أخطو أحاول أن أهرب منه، أن أضيعه يف أزقة احلي الالتيين، لكن ما أكاد : "أما قول الروائي

كان ميد يل لسانه بسخرية وتشف ! بضع خطوات، إال واراه كامنا يل يف واحدة من املنعطفات

كأي صيب قليل التهذيب، ونرتافق من جديد يف شارع أو اثنني، وفجأة ألتفت إليه، وأقول له بنزق

، ةوما نكاد نفرتق متخاصمني، وقد شعرت ببعض كين يا أخي حل عين أتر : أقرب إىل الشتيمة

كرسي يف احلديقة العامة اليت قررت أن هذا العبء، حىت أجده ينتظرين علىاحلرية، ألين ختلصت من

، بشوق ال يوصف، وخالل ساعة أو ظراتنا نبتسم لبعضنا، نشعر بضعفأسرتيح فيها، وحني تلتقي ن

إال وجنره من شعره ليكون نرتك يوما من األيام القدميةيزيد نستعيد األحزان والذكريات، وال

وهو ميوه لكنه مبقدار الوداعة اليت متيزه وهو يوافق على كل ما أطلبوأقول، فإنه شديد الرباعة...ضيفنا

نفسه بأشكال وصور ال حصر هلا، فقط لكي يبقى معي، إنه مثل اهلواء أو مثل مالمح الوجه ال

رمبا ال أراه يف بعض اللحظات، وقد يسهو أو يغيب، لكن البد أن يعود، وإن ميكن أن ينتهي،

واألمكنة الغريبة، ال استطعن طرده أو نسيانه خالل النهار، فإنه يف الليل، وحبجة أنه خياف الظلمة

إنه يشري إىل أن الراوي ، 1" ! يتلركين، يتشبث يب كطفل طالبا مين أن أهدهده وأن أمحيه، فأوافق

عن قدوم شخصية جديدة ستلتحق صريح ) annonce( استعمل االستباق الزمين كإعالن

، فهو يعلن ضمنيا عن شخصية مهمة يف الرواية، مما يؤدي إىل بشخصيات الرواية دون حتديد هويتها

وتلك اليت اية لحدث يف الرو الشخصيات الفاعلة لعن الصريح اإلعالن نوع من اجلمالية بني

وهذا النوع من االستباقات قد يساهم بوظيفة أساسية يف . نستخلصها ضمنيا من سياق احلديث

.الغموضارئ من الوقوع يف اللبس و تنظيم السرد، مما جينب الق

. 328الرواية، ص 1

Page 149: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

149

الذي طالع العريفيذات الشكل احلواري فإ�ا حتيلنا مسبقا على مصري البطل أما املقاطع السردية

يف حديثه حىت قبل أن تبدأ القصة لتعلن عن سجنه، ليفصح البطل عن أسباب اعتقاله ،إليه سيؤول

من خالل أحداث الرواية مما تشري إليه ،ملقى على سرير املستشفىوهو عادل اخلالديمع

: امللفوظات اآلتية

...يبدو أنين لن اشفى: يف إحدى األمسيات، وبدون متهيد قال يل بانفعال "

! وال أشعر إطالقا أنين أصبحت حرا: راب، تابع وهو يهز رأسه حبزن وحني فتحت عيين باستغ

عاين، مل أشأ أن أفرض عليه تفاؤيل اتلهش باستعمال الكلمات اليت يتداوهلا الناس عادة قدرت أنه ي

:طويلةيف مثل هذه احلاالت، صمت، نظر إيل، لكن بدا يل أنه ال يراين، وبعد فرتة صمت

! ـ أمحل السجن معي أينما ذهبت، ويبدو انين لن أستطيع التخلي عنه أبدا

. ـ حتمل السجن معك

!ـ نعم، وهذا أخطر ما يف املشكلة، لقد أصبح السجن يل، حالة ال تغادرين، متاما كالعالمة الفارقة

! األحزان، مث يف اإلستسالم هلاحنن العرب عباقرة يف توهم :قلت أستفزه، لعلي أخرجه من هذا اجلو

ي شيء، ولكن أؤكد لك أن السجن ليس فقط اجلدران األربعة، وليس اجلالد فقط ـ ميكن أن تقول أ

...أو التعذيب، إنه بالدرجة األوىل خوف اإلنسان ورعبه، حىت قبل أن يدخل السجن

. ظلم واستغاللسيبقى السجن، ياطالع، وسيبقى السجان مادام هناك : قلت بيأسك

يف هذا الناس بالبقاءما أفكر فيه السجن الداخلي، وهو أن يرضى مجيع لكن ذلك،ـ أعرف

لو كان شعور الناس باحلرية حقيقيا لتقلص السجن إىل حدوده اجلغرافية، ورمبا انتهى، ...السجن

! ولكن ما دام هكذا فإن السجن لن يبقي أحدا خارجه

إال بالفضح، ال ميكن أن �دم السجون: بالضبط، ولكن متأكد من أمر أساسيـ ال أعرف ماذا تعين

بالتحدي، وأيضا بالشجاعة، وأن يكون اإلنسان مثال، واخلطوةاألوىل، يف هذا السبيل، أن نقول

. احلقيقة، وأن نؤمن باحلرية ألنفسنا ولآلخرين

Page 150: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

150

بعد فرتة من النافذة، تلك اللحظة كان جالسا على طرف السرير وحنن نتحدث، �ض واجته إىل حىت

وهل تعتقد أن الكلمة ميكن أن تواجه الرصاصة ؟ وهل تسنطيع األوراق : التأمل والصمت، سأل

اهلشةأن حترر سجينا واحدا أو أن تفتح كوة يف أصغر سجن من هذه السجون العربية ؟

وهذه اآلثار كيف تزول، ومن سيدفع :يب التفت إيل وكشف عن صدره، وتابع بانفعالوقبل أن أج

.1" وملن؟ أو فائدة ؟ مثنها ؟ وحياتنا، بعد هذه السنني، هل هلا معىن

الذين ميثال احلركة ــــ االستباق أو االستشراف االسرتجاع و االستذكار أو ــين ـــو�ذين املظهر

ميكننا أن نعترب أن حاضر القصة السردي وعصب املفارقة الزمنية يف اخلطاب الروائي،األساسية للزمن

باسرتجاع بعض تقضي باستعراض مراحل ماضية إىل الوراءفحركة هو درجة الصفر للزمن السردي،

، وحركة إىل األمام تقضي باستعراض مراحل مقبلة من القصة األحداث اليت جرت يف فرتات سابقة

بإيقاف التسلسل اخلطي لللمتواليات احلكائية المها يقضي فك، أحداثا قد تقع الحقا باستشراف

،خيتلفان من حيث البنية والوظيفة ، ومهالألحداث ويناهض كل ماله صلة بالتتابع والرتابة يف السرد

ينما ، بالية على ماضي األحداث يف القصةيأيت بنظرة إمجو ،فاالستذكار يشغل حيزا أكرب يف السرد

.2االستشراف فيأيت على شكل إشارة سريعة يعلن من خالهلا عما سيقع الحقا من أحداث

قد قدمت لنا فضاء روائيا متاهت فيه كل العناصر املكونة للعمل ،هنا... اآلن و�ذا تكون رواية

على معان عديدة من خالل عملييت الروائي، مبا فيها جدلية الزمن اليت استطاعت أن تدل بوضوح

حيث جند أن ،وحدة جدلية يف دائرة زمنية مغلقة، هذه الثنائية اليت شكلت االسترجاع واإلستشراف

، أو أن ينتهي طة اليت كان البد أن ينتهي إليهاالنقدأ من الروائي بدأ بأحداث متثل �ايتها ، أي أن يب

.السرد بالنقطة اليت بدأ منها

. 18 – 17: الرواية، صص 1 .144ـ 143 :صص ،س.م بنية الشكل الروائي، حسن حبراوي،: ينظر 2

Page 151: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

151

:ـ تقنيات زمن السرد 4

،هو ليس جمربا على ترتيب األزمنةوبالتايل ف ،ربا على الرتتيب املنطقي لألحداثالراوي ليس جم

عرب مظهرين تقنيات زمن السرد مستعمال ،االسرتجاع حينا يلجأ إىل االستباق وحينا يلجأ إىل

: 1أساسيني

من اصغري امقطعإن اخلالصة واحلذف ،حيثيشمل تقنييت و :تسريع السرد: المظهر األول

.غطي فرتة زمنية طويلة من احلكايةاخلطاب ي

ويشمل تقنيات املشهد واملونولوج والوقفة الوصفية، حيث مقطع :إبطاء السرد: المظهر الثاني

.طويل من اخلطاب يقابله فرتة زمنية قصرية من احلكاية

اسمجنيت هذان املظهران يتم من خالهلما معاجلة النسق الزمين للسرد، ويطلق عليهما جريار

يوزعها إىل طرفني متناقضني ،حيث يوزعها إىل أربع تقنيات ،األشكال األساسية للحركة السردية

: ا الطرفان الوسيطان فهمااحلذف والوقفة الوصفية، أم : مهاالطرفان املتناقضان فوسيطني، طرفني و

.2اخلالصة و املشهد

:ـ تسريع السرد 1ـ 4

:) Sommaire( الخالصةـ 1ـ 1ـ 4

فهي تقنية زمنية يلجأ إليها ،وقائع جرت دون اخلوض يف تفاصيلهاسرد موجز ألحداث و اخلالصة

، ضمن حيز خطي سنواتو اشهور و ايلة تعدت أيامالراوي لتلخيص أحداث ممتدة يف فرتة زمنية طو

أي السرد املوجز الذي يكون فيه زمن اخلطاب أصغر بكثري " ،موجز يف عدد قليل من الصفحات

ال وأقوال ــاصيل أعمــداث معينة دون ذكر تفــدوث أحــارئ حبــــح للقـــقصد التلمي، 3"من زمن القصة

. 4لزمنية للربط بني املشاهد الروائية وكذلك لغرض بنائي يتمثل يف حماولة سد الثغرات ا ،الشخصيات

. 223ص ،س.م الزمن يف الرواية العربية، مها حسن القصراوي،: ينظر 12 Figures III , p:128 . Gerard Genette, .144ص س،.م بنية الشكل الروائي، حسن حبراوي، 3 . 225 - 224:س ،صص.مها حسن القصراوي، الزمن يف الرواية العربية، م: ينظر 4

Page 152: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

152

خالل مدة زمنية بضغط حوادث جرت ،لتسريع وترية السرد تستعمل هذه التقنية يف عدة مواقفو

شعر يف حركة طبيعية ت ـــ ماضي الشخصية وحاضرها ـــ الزمان جتعل القارئ ينتقل بني عناصرو ،طويلة

إال بتقييده مبوضوعة شعورية حاضرة ،ميكن إحياء املاضي فال« ،كاملةبتالحم الزمانني يف وحدة مت

بكالم آخر، حىت نشعر أننا عشنا زمنا ـــ وهو شعور غامض دائما بشكل خاص ـــ البد من . بالضرورة

فال . ، يف متاوج جديل، شيمة األحداث الفعلية، يف وسط من األمل أو القلقمعاودة وضع ذكرياتنا

.1»الزمين، بدون هذا الشعور احليوي ذكريات بدون هذا الزلزال

تتعلق فهذا ال ينفي وجود خالصات ،ترتبط بأحداث ماضية أو وقعت فعالوإذا كانت اخلالصة

أما ،2أفعاللخص ما سيقع فيه من أحداث و وت ،ستشرف املستقبلمستجداته، أو ت صورت باحلاضر و

ما تلخصه امللفوظات ومنثل لذلك من خالل ، هنا...اآلنرواية هو األكثر تواترا يف فتلخيص املاضي

: اآلتية

كان الوقت حوايل الظهر، يف يوم من ! وكنت خارجا لتوي من سوق احلالل قبضوا علي ...أتذكر "

.3" أيام أيار املتأخرة، ويف هذا الفصل قبل دخول الصيف الكبري

وأنا أرى عيو�م احملتقنة تطل علي مثل فوهات كنت أحشد إراديت : وأتذكر تلك الليايل الطويلة"...

تلك اللحظة الطويلة اليت تصور�ا ، ومتر ...جيب أن تعرتف: النار، وأمسع أصوا�م �در من كل مكان

هنا ستموت، : بال انتهاء، أعيشها كلها، واجتاوزها أيضا، وأبقى حيا وصامتا، إىل أن تعبوا مين، فقالوا

.4"ومل أمت

، بريوت، للدراسات والنشر والتوزيع اجلامعية ، املؤسسة1992، 3طخليل أمحد خليل، :تر، غاستون باشالر، جدلية الزمن 1

.47، ص لبنان . 146س، ص .م بنية الشكل الروائي، حسن حبراوي، 2 . 166الرواية، ص 3 .97الرواية، ص 4

Page 153: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

153

رغم اهلواء الطري الذي انتشر ومأل كل شيء حويل، فقد تصلب جسدي وزادت حراريت وأنا أتذكر "

سجن العبيد، عادت إيل دفعة واحدة الصورة السوداء املليئة بالدم واملوت ورائحة املوت، وزاد�ا حدة

مل سبعة من احت:وف ال أعرف كيف دمهين فجأة، قلتخدوش الشهور األخرية، ولكي أضع حدا خل

.1" !يه قوة، ال خيشى عليه، وسوف يصمدشهور بأيامها ولياليها يف تلك الزنزانة، ومازال حيا وف

أكثر رغبة يف املوت، أو بكلمات أدق، مل تعد احلياة تعين يل شيئا مهما كنت خالل هذه الفرتة"

.2" عانيت منه، وبعد الذل الذي سحقين وخطريا، خاصة بعد العذاب الذي وذلك بإمداد ،ائية اليت ميكن أن خيلفها السردلسد الثغرات احلك ،وقد عمد الروائي إىل ذلك

، ة يف الروايةهم مأحداث إلعداده ملا يستقبل من القارئ مبعلومات حول ماضي الشخصيات الرئيسية

أو االستذكار يةمدى قرابة تقنية اخلالصة كتقنية لتسريع السرد مع خاص يدل علىوهذا

أن هذه امللفوظات السردية ال تقف فقط عند زمنية يف السرد الروائي، خاصة و االسرتجاع كمفارقة

،ا نظرة إمجالية عن وضعه املتدهورنه، وإمنا تقدم لنأرضه ووط منير كيفية خروج البطل تلخيص وتصو

.وهو سجني يف املستشفى الذي سيحاول على طول الرواية أن يتجاوزه

ال نقتصر على تلخيص إذ ،اخلالصة حتيلنا إىل أوسع من ذلك أما من الناحية الوظيفية فإن

ر وباآلمال اليت لكن نسعى كذلك إىل تذكري القارئ بواقع البطل يف الوقت احلاض ،األحداث فقط

: ةاآلتي امللفوظاتعليه دللتمثلما إىل قريتهبالتايل العودة إىل وطنه و و ،يتهع حر تراوده يف اسرتجا

األوراق التالية شهاديت، أنا طالع العريفي، أحد الذين عاشوا يف سجون موران، ملدة عشر سنني "

متوالية، قد ال حيتاج األمر إىل التنبيه أنين سجني سياسي، وأنين قضيت هذه املدة كلها دون حماكمة

مجيع السجناء، وقد مر على بعضهم زمن ، إذ إن حكم، وهذه احلالة ال تقتصر علي قانونية ودون

. 218الرواية، ص 1 . 306اية، ص الرو 2

Page 154: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

154

يزيد عما قضيته، ورمبا ضعفه، موجودون دون أن يعرفوا املدة اليت سيقضو�ا يف السجن، وال يعرفون

.1"ما خيبئ هلم الغد

فإذا قدر يل أن أعيش، أن أصبح حرا مرة أخرى، فسوف أقول جلميع الناس بصوت عال، ورمبا "

اجلالد مل يولد من اجلدار، ومل يهبط من الفضاء، حنن الذين خلقناه، نعم حنن : ببعض القسوة واللوم

.2"الذين فعلنا ذلك، وبإصرار أبله، متاما كما خلق اإلنسان القدمي آهلته ؟ تقنيت اخلالصة واالسرتجاع، غرض من تقدمي هذا املثال، االستدالل على وجود عالقة وثيقة بني وال

إذ تضع ،فاخلالصة ال تتحرر من ظل املاضي ،دراج املاضي موضوعا لتسريع السردوذلك باست

معطيات املاضي يف خدمة حاضر القصة، حىت تفسح ا�ال للقارئ الستجماع أحداث الرواية

.اها وفق متطلبات العملية السرديةجمر وتطوير

هل يكون بارزا و مصرحا به :الذي تغطيه اخلالصةالزمني المدى إال أنه ميكننا أن نتساءل عن

؟من طرف القارئ تأويل أم أنه يحتاج إلى في النص

الذي تغطيه املدى الزمين عن بوضوح تام للقارئبارز و ميكن للروائي أن يصرح بشكل مباشر

دون اختبار ذكائه ودون إعمال فكره وتأويله يف تقدير الوحدة حتديده عليهمما يسهل اخلالصة،

يصعب على القارئ حتديد املدى الزمين الذي و .مثل ما ورد آنفا من أمثلة يف هذا ا�ال، الزمنية

أو الفرتة الزمنيةعلى طول كلي للقرينة الزمنية املباشرة الدالةالتستغرقه اخلالصة بسبب الغياب

كما ميكن للروائي أن يضع ،إعمال الفكرأويل و ـــــــمما يفسح ا�ال واسعا أمام القارئ للت ،قصرها

ل على القارئ تقدير املدى الزمين عن طريق إيراد عبارة زمنية ه خالصة تشتمل على عنصر مساعد يس

. 163الرواية، ص 1 . 306الرواية، ص 2

Page 155: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

155

على الوحدة الزمنية ولو بالتقريب ، هذه األلفاظ تدل "...أشهر قليلة "أو " بضع سنوات "من قبيل

:، مثلما دللت عليه امللفوظات اآلتية1املقصودة من طرف الروائي

كنت خالل هذه الفرتة أكثر رغبة يف املوت، أو بكلمات أدق، مل تعد احلياة تعين يل شيئا مهما "

2"ذي سحقينوخخطريا، خاصة بعد العذاب الذي عانيت منه، وبعد الذل ال

.3"وصلنا القليعة عند أول املساء "

.4"وهذا ما جعلنا خنطئ أيضا خالل األسابيع األوىل لوصولنا إىل سجن القليعة "

.5"ومنضي، كل إىل سبيل...مل يبق من الوقت إال القليل"

، أي تلخيص )خطاب الشخصيات ( كما نستشف من رواية احلال خالصة ألفاظ الشخصيات

الراوي ملا تلفظت به الشخصيات أو عربت به لفظيا خالل األحداث اليت جرت بإجياز واقتضاب

ي أن ينقل كالم وائكما ميكن للر ، 6، مع اإلبقاء على ضمري املتكلمبأسلوب مباشر ودون تعديل عليه

.الشخصيات بواسطة ضمري الغائب مستعمال األسلوب غري املباشر حيث ،ن كعنصر فعال يف الفضاء الروائيو�ذا نكون قد تناولنا تقنية اخلالصة يف عالقتها بالزم

،املستجدات الدالة على حاضر القصةميزنا بني اخلالصة االستذكارية ألحداث مضت، وخالصة

.أن تبلغه اخلالصة يف الرواية كنواملدى الزمين الذي مي

.150، ص س.بنية الشكل الروائي، م حبراوي،حسن 1 . 306الرواية، ص 2 . 423الرواية، ص 3 . 432الرواية، ص 4 . 564الرواية، ص 5 .154س، ص.بنية الشكل الروائي، م حسن حبراوي،: ينظر 6

Page 156: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

156

:)L’ellipse ( أو اإلسقاط الحذفـ 2ـ 1ـ 4

،1"يكون فيه زمن السرد منعدما أو أصغر مبا اليقاس من زمن القصة " احلذف تقنية زمنية

،الكرونولوجيلصعوبة سرد الزمن ،ات زمنية من حساب الزمن الروائيفرت الراوي أو يلغيتجاوز إذ ي

باختيار ما يستحق أن يروى حبذف زمن مل يقع فيه حدث يؤثر ،وترية السرد الروائيولغرض تسريع

.2على سري وتطور األحداث يف النص الروائي

الراوي عن من خالل سكوتألحداث إىل األمام ف وسيلة لتسريع السرد، بالقفز باويعترب احلذ

إذا كانت املدة الزمنية احملذوفة مذكورة ف ،القفز على بعض الفرتات الزمنيةي أ ،بعض الوقائع يف القصة

اهما ير وهذااحملدد، نكون أمام احلذف احملدد، أما إذا كانت غري مذكورة نكون أمام احلذف غري

التلخيص ودة باحلذف أو ــــنه دون معرفة مقدار املدة الزمنية املقصإذ إ ،يف منحاه البنيويجريار جنيت

ل من حظوظ ل يق كما ،أو االسرتجاع ال ميكن فهم التحوالت الزمنية اليت تطرأ على جمرى القصة

أي ،هو اإلسقاط الزمين الصريح فاحلذف املعلن يف النص. قارئ يف تكوين فكرة عن مدة احلذفال

.أو غري حمددة للفرتة اليت يقفز عليهااملصحوب بإشارة حمددة

أو تأجلت إىل الفرتة الزمنية احملذوفة على حنو صريح سواء جاء ذلك يف بداية احلذفعالن وميكن إ

:ذلكمن أمثلة تدل على يف رواية احلال وردمثلما ،استئناف السرد ملسارهحني

.3"�اية الدنيا والطامة الكربى : مث عرفت، أن األمر يتعلق بطالع قلت ملا مسعت،"

املتعلقة بليلة اخلميس أو بيوم اجلمعة مل تعد مهمة، ألن ما تالها من أحداث غري بقية التفاصيل "

الكثري، وأن قوة غامضةترتصد البشر وحتدد هلم مصائرهم واملسارات اليت اليت جيب أن يسريوا

.4" ! وهذا ما حدث يل، مرة أخرى، بعد أن وصلت إىل باريس! فيها

.144ص ،س.بنية الشكل الروائي، م حسن حبراوي، 1 . 233 - 232: صص ،س.العربية، مالزمن يف الرواية مها حسن القصراوي،: ينظر 2 .44الرواية، ص 3 .146الرواية، ص 4

Page 157: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

157

وستبقى تتوالد وترتاكم ما دام ، قصص السجن، فهي كثرية وموجعةال أريد أن أسليكم بأن أروي "

السجن موجودا وما دام اجلالد، وأنتم تعرفون أن السجن كجهنم ال يشبع، واجلالد ال يعرف التعب،

.1"! إىل أن ينتهي، إىل أن يصبح هو ذاته ضحية، مث يصبح بعد ذلك قصة تروى

المات تصبح لدينا فكرة عن احملور أو الغرض احلكائي الذي يدور العوبفضل هذه اإلشارات و

إىل تلك اإلشارات استنادااملقطع احملذوف يف فلكه، ويسهل علينا من مث التعرف على مضمونه

اليت تأيت على شكل أوصاف ونعوت تتصل بالفرتة احملذوفة وتؤشر على حمتواها احلكائياملضمونية

وهو رهن االعتقال ،عادل الخالديوضعية فاملثال حييلنا على ، 2أي احلذف املقرون بإشارة مضمونية

.الل السنوات اليت قضاها يف السجنخ

ابع ، كون أن السرد يعجز عن التزام التتحذف ضمنيوكمقابل للحذف الصريح أو املعلن يوجد

، فهو اآلخر على الفرتات الزمنية للقصةيقفز بني احلني و الزمين الطبيعي لألحداث مما جيعل الروائي

بالرغم من الزمنية بسهولة وبالدقة املطلوبة، ومقاديرهوال ميكنه حتديد مواضعه غري واضح للقارئ

جمرى بل يهتدي إىل معرفة موضعه باقتفاء أثر الثغرات واالنقطاعات احلاصلة يف ،حدوثه يف النص

حيث نستشف من ،3بعد متحيص ومراجعة كبريينالتسلسل الزمين الذي ينتظم القصة السرد أو

مع طالع العريفي السجن يف حدث فيه عادل اخلالدي عن جتربتهالقسم األول يتهنا، أن ...رواية اآلن

والقسم الثاين يعاود عادل استئناف الكالم بعد موت طالع، عن حياة ـ سجني من مدينة موران ـ

ون وعذابا�ا، والسيما صور العذاب يف الصحراء، وأخريا يعود عادل إىل باريس لريوي من السج

.جديد

:اآلتية بامللفوظاتمن احلذف ميكن أن منثل هلذا النوع و

، وجيب أن ال تعرفت ى، يف املستشف! ، حيث توقف املوت، أو تأجل، بدا مويت اآلخرففي براغ "

. 501الرواية، ص 1 .160ص س،.م حسن حبراوي، بنية الشكل الروائي،: ينظر 2 .163 -162، صاملرجع نفسه: ينظر 3

Page 158: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

158

مثال أين تعلقت بامرأة، وهي اليت تسببت مبويت أو ذهب بكم الظنون بعيدا، فتفرتضون تتسرعوا أو ت

قد تتصورون مثل هذا االحتمال، وكنت أمتناه، وقد جينح ! ت عين ، إذ بعد أن مهت �ا ختل بقتلي

الم ـــــــــــألفبكم اخليال إىل تصور تلك املرأة، قد تفرتضون أ�ا طبيبة، أو ممرضة، كما حيصل عادة يف ا

.1"وقد تكون مريضة يف فرتة النقاهة ! والروايات

ليس األمر على هذه الصورة متاما، فإن املشهد بالنسبة يل شديد االضطراب، غائم، وأقرب ...ال"

حبيث ال أعرف كيف وقعت واألصوات واألماكن والوجوه إىل عدم التصديق، إذ تتداخل الصور

تتابعت، أكثر من ذلك ال أستطيع أن أجزم ما إذا وقعت فعال أم أين أختيلها أو أو كيف األحداث

.2"! حلمت �ا

ومنضي، كل إىل سبيل، أعرف أين أثقلت عليكم، مل أشأ ذلك، ...إال القليل مل يبق من الوقت "

بدأت الكتابة لكي أقول لكم بعض ماحصل، لكن رمبا �ت ! ومل أتوقع أن مشوارنا هكذا سيطول

.3"...قد تغفرون يل ووصلت إىل ختوم الفضيحة، مل أقصد ومل أخطط، فإذا أخذنا األمور بالنوايا

: ردـــــــــطاء الســــــإبـ 2ـ 4

املشهد :هي اتينتقثالث ميكن معاجلة احلركة املعارضة لتسريع السرد بإبطائه وتعطيل وتريته، عرب

.وصفية أو التأمليةوالوقفة الالدرامي، املونولوج

: الدرامي المشهدـ 1ـ 2ـ 4

من خالل تقنية احلوار، التـي تبث ،كسر رتابة السردبوظيفته الدرامية، إذ يعمل على يتميز املشهد

رؤيتها من خالل لغتها املباشرة،و للتعبري عن أفكـــارها ـاال جمـومتنح للشخصية ،احليوية فيهاحلركة و

،)الشخصيــات غريها من ( مع اآلخر العالقات اليت تقيمهــاالكشف عن ذا�ا من خالل احلوار و و

الفعل من خـــــــالل يعطي للقارئ إحساسا باملشاركة يفو ،تطورهعلى كشف احلدث ومنوه و والعمل

. 14الرواية، ص 1 . 146الرواية، ص 2 . 564الرواية، ص 3

Page 159: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

159

،صر الرمــزي والتأويلي يف الروايةبواسطة ذلك زاد العنو « ،1تشاهد مسرحا ،كأنكاألثـر الذي ينتجه

، مما جعل املشهد حيظى مبوقع 2»التأويل لقارئ إىل املشاركة يف التفسري و فغدت قادرة على دفع ا

.خاص يف احلركة الزمنية للنص الروائي

ميكن هلذه ، والالتوافق التام بني الزمننيــالة ح «د يف أن املشهد يتجس تودوروفتزفيطان ويرى

احلالة أن تتحقق إال عرب األسلوب املباشر وإقحام الواقع التخيلي يف صلب اخلطـاب خـالقة بذلك

خـاصة ،، زمن السرد وزمن القصةاملشهد أقـرب إىل تطــابق زمنني أي نكــون من خالل ،3»مشهدا

مما ،د اخلطابيتمد وبذلك بتمدده واتساعه،رتجـاعـي الذي مييل إىل التفصيل املشهد احلواري االس

.حركتهيؤدي إىل إبطاء زمن السرد و :وميكن أن ينهض املشهد يف السرد الروائي العريب مبجموعة من الوظائف نذكر منها

، مثل بداية فصول الرواية تجلى من خالل التقدميات املشهدية اليت جندها يفت : ـ الوظيفة اإلفتتاحية

حافلة، إذ إضافة إىل كانت الساعات األخرية قبل السفر: " عادل الخالديما ورد على لسان

وكان شيئا يف داخلي استنفر وتيقظ متاماكما كان حيصل يل يف جلسات حالة الصحو املفاجئة

البيت مث يف املطار وكلمات فإن نظرات املودعني يف ...التحقيق بعد كل حفلة من حفالت التعذيب

جنحت، وكنت ، كنت أحاول اإلبتسام، وال أعرف إىل أي حد ...بالغةالتشجيع الكثرية واملليئة بامل

، أما وأنا أعتدل يف الفراش، مث وانا أحاوملوازنة جلستيعلى الكرسي ...الوجوه حويل واألماكنأمتلى

عد أن رفضت أن حيملين بعض األهل، وكانوا املتحرك يف املطار، بعد أن عجزت عن السري، وب

، يف ...رئيت إىل احلد أألقصى باهلواء وروائحاألشياء واألجسادشديدي اإلنفعال واحلزن فكنت أمأل

اللحظات األخرية بذلت جزء استثنائيالكي أبقى قويا ومتماسكا رغم التوتر وتزايد ضربات

استبد يب اليأس وقهرين ...مصافحيت بقوة وشددت على األيدي اليت كانت متتد إىل...القلب

. 240 -239، س.الروائي ،محسن حبراوي، بنية الشكل : ينظر 1 . 346، ص 1986مسر روحي الفيصل، االجتاه الواقعي يف الرواية العربية السورية، منشورات احتاد كتاب العرب، دمشق، 2 . 49ص س،.م الشعرية، تزفيطان تودوروف، 3

Page 160: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

160

، أما حني اقرتب ...طع حبس دموعي، بكيت، وفعل ذلك عدد من اتلمودعني، فلم أستالتخاذل

، ولقد تأكد األمر أكثر وأنا أتبادل النظرات ...ودفع الكرسي شاقا طريقه يف املمر اخلاص باملعوقني

بطانيات ومسنودا بالوسائدنوا وهم يرونين ملفوفا بالالذين أخذوا يتدفقون بسرعة، كا مع املسافرين

، وبعد أن يتملوا من منظري تسرع حبون نظرا�م بعيدا، وكان آخرون، وكانوا بسرعة يسيرتبكون

، سرعةيتدافعون بصخب و ، كان املسافرون وهم خطوا�م وتضطرب، مندفعني إىل آخر الطائرة

يف ... ، كانوا يفعلون ذلك ليتأكدوا أنين ال زلت حياأنا فيهاينظرون إىل اجلهة اليت ،يريدون املغادرة

كل جهدهم، وبكثري من الدأب واجلهد وبأعمال ا، أوقفو زحفه فقط، بذلو تبراغ مل يردوا عين املو

اخليال أيضا توصلوا وبعد فرتة من من االنتظار، إىل ترميم جسدي املتداعي، بعد أن عرفوا ملاذا

.1" ! وكان بعض األطباء ال يكف عن احلديث عن املستقبل ! أصبحت هكذا

اسجين الذي يتظاهر بكونه طالع العريفيجانب من شخصية يف البداية عن الراوي حتدثقد ف

لكنه يف ،كارلوف ستشفىأثناء فرتة إقامته مبعن هويته احلقيقية دون الكشفأضعفه املرض اسياسي

يت ، مما يدل على درامية هذه الشخصية المطلوبا من طرف حكومة مورانكان سياسيا حقيقة أمره

.احلقائق العربية املسكوت عنها تسعى إىل الكشف عن الكثري من

لتوقيف وترية وذلك ،�اية الفصل أو يف �اية الروايةميكن للمشهد أن يأيت يف :ـ الوظيفة االختتامية

أو لتحديد طبائها إبداء ملواقف �ائية لشخصيات يف الرواية،وغالبا ما يكون ،السرد وقطع جمراها

يه املقطع ، وهذا ما يدل علالنفسية واالجتماعية، أو اإلعالن عن حصول اتفاق أو افرتاق بينها

أعرف أين .ومنضي، كل إىل سبيل...مل يبق من الوقت إال القليل" :هنا...اخلتامي من رواية اآلن

بدأت الكتابة لكي أقول لكم ! ذلك، ومل أتوقع أن مشوارنا هكذا سيطولأثقلت عليكم، ومل أشأ

بعض ما حصل، لكن رمبا �ت ووصلت إىل ختوم الفضيحة، مل أقصد ومل أخطط، فإذا أخذنا األمور

بالنوايا قد تغفرون يل، ورمبا جتدون تفسريا ملا أردته، وملا وصلت إليه، وتدركون بعد ذلك، األسباب

. 13 -12: الرواية، صص: ينظر 1

Page 161: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

161

إن طريق جهنم مرصوف بذوي : لقول ما قلت أما إذا برز يل واحد من بينكم، وقالاليت دفعتين

.1"! النوايا الطيبة، فال أملك ردا على ما يقول

من لعرض جانب حيزا كبريا " هنا...اآلن " ةيف رواي خص ي قد او وبقدر من الدراما جند الر

مما يدل على موزعا على أطراف الرواية، ، ريفيالعطالع و عادل الخالدي شخصييتلاحلياة العامة

درامية الشخصيتني اللتني يسعى من خالهلما إىل الكشف عن الكثري من ااحلقائق العربية املسكوت

.عنها

أوال مث أن املشهد يف األعمال السردية خاصة الروائية منها، يركز على اجلانب الدرامي و�ذا جند

، كما هو احلال مع الوظيفة االختتامية مثلما ورد يف امللفوظات الوقوف على التفاصيل واجلزئيات

:اآلتية

شهاديت، أنا طالع العريفي، أحد الذين عاشوا يف سجون موران، ملدة عشر سنني األوراق التالية "

ين قضيت هذه املدةكلها دون حماكمة متوالية، قد ال حيتاج األمر إىل التنبيه أنين سجني سياسي، وإن

قانونية ودون حكم، وهذه احلالة األخرية ال تقتصر علي ، إذ إن مجيع السجناء، وقد مر على

ورمبا ضعفه، موجودون دون أن يعرفوا املدة اليت سيقضو�ا يف السجن، بعضهم زمن يزيد عما قضيته،

األوراق بعد أن رحلت من موران، وبعد انقضاء فرتة طويلة أكتب هذه . وال يعرفون ما خيبئ هلم الغد

، وأحاول قدر ما ن أقل انفعاال، ورمبا أقل حقدانسبيا على مغادريت للسجن، ومعىن ذلك أنين اآل

.2"أستطيع أن أرسم صورة ملا حصل منذ حلظة القبض علي، وحىت إبعادي عن موران

ن واهلم حىت حواف الروح، آن يل أن أقول، أن أتكلم، قد ، وأنا املثقل باحلز لقد آن أوان القول"

، إذ مل يعد هناك يهمال ساء فهمي، وقد تدور حويل الظنون،، ورمبا ال أكون واضحا، قد ي ئخطأ

لست متشائما، رغم احلزن شيء أحرص عليه، ومل يبق يل شيء، ومل يتبق مين، فلماذا أظل صامتا ؟،

الذي حياصرين، أحاول أن أجد قمرا أو جنمة، أحبث عن أمل وعن بشر، والبد أن أجد وأن أصل،

. 564الرواية، ص 1 . 163الرواية، ص 2

Page 162: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

162

وقبل أن أمضي البد أن أعض، كما يقول رامبو، على بنادق اجلالدين القتلة، أعرف أ�م أقوى مين،

إذا تلقوا األوامر، وقد يفعل واحد أكثر شراسة، وسوف ال ال يرتددون يف أن يطلقوا علي الرصاص،

منهم ذلك متربعا، حبجة أين شتمت الدولة، أو بدون حجة، لكن البد أن يأيت من يأخذ بثأري، من

.1" ! ينتقم، وإىل أن يصل اآلخذون بالثأر، املنتقمون، جيب أن أقول، أن أتكلم فليس يف ،ميثل معىن ماديا حقيقيا الاملشهد الدرامي من هذين املقطعني السرديني أن ونستشف

من هذا العنوان املعاناة القسم الثاين من الرواية ما يدل على وجود حرائق باملعىن احلقيقي، واملقصود

خاصة سجن العبيد شرق املتوسط وغريه يف سجونوعادل اخلالدي اليت عايشها طالع العريفي

سجون، واملمارسات الوحشية اليت مورست هذه متذكرا ما حدث معه يف والسجن املركزي، وموران

. هالل الذي اغتيل يف السجنالسجني عليه وعلى غريه خاصة

ذكريات تعصف يف هي هنا ــــــ ...وان للقسم الثاين يف رواية اآلننــــــ كع حرائق احلضور والغياب إن

أشبه باحلرائق اليت حترق فكر طالع، وسواء كان طالع وهذه الذكريات األليمة، رأس طالع العريفي

حاضرا أو غائبا فإن مثل هذه اهلواجس واألفكار اليت تطارده تبقى معه جنبا إىل جنب يف حله

وترحاله، ويف هذا العنوان جيسد مفهوم اخليبة الذي يطارد السجني الذي قضى أغلب حياته يف عامل

، الذي يرويه عادل اخلالدي، فقد حتدث "هوامش أيامنا احلزينة"الثالث أما القسم . مظلم ال حرية فيه

فيه عن معاناته يف السجون، والسنني العشر اليت قضاها يف سجون عمورية، وجاء هذا العنوان

مأساة يف نفسية عادل والناس املظلومني إال وما هي، أليام اليت قضاها عادل يف حياتهمتحسرا على ا

.على هذه األرض يف بلدان الشرق املتوسط

نشري إىل أنه ميكن إال لكي ،يف الروايةالدرامية وما تقدمي هذه القرائن اإلحصائية للمشاهد

.استقالل املشهد الدرامي عن السرد وما تضمنه من قصص يف بناء روائي

. 325الرواية، ص 1

Page 163: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

163

: المونولوجـ 2ـ 2ـ 4

يعرب عن مشاعرها وتأمال�ا ظة زمنية معينة،ذا�ا يف حلحوار داخلي حيدث بني الشخصية و

ية تقدمي هو ذلك التكنيك املستخدم يف القصص بغ« :ويعرف روبرت مهفري املونولوج ،النفسية

خالل حوار حتليل الذات من «فهو ،1»...والعمليات النفسية لديها ،احملتوى النفسي للشخصية

يف اجتاهات خمتـلفـة 2*الزمن النفسيلتنطلق حركة ،ا، فتتوقف حركة زمن السرد احلاضرالشخصية معه

:منثل لذلك بامللفوظات اآلتيةو ، مما يؤدي إىل إبطاء زمن السرد ،، فيتسع بذلك زمن اخلطاب3»

أن : وبعد قليل ، وكأنه حيدث نفسه. ! دساس، والدم أبدا ما يصري ماي العرق: قلت لنفسي"

.4"نالغريب للغريب نسيب، وأنت تدري أن النسيب أحسن من ابن العم يف بعض األحيا

لكن منذ أن مات طالع، مل أجد لدي الرغبة أو القدرة على أن أقرأها كلها، كنت أقول لنفسي "

، » أن ال أكون أكثر وفاء منه ما دام مل يف بوعده، فيجب« : بتشف ألشعر مبزيد من العذاب

يف تلك األوراق، كنت وأنا أتوغل يف ذلك العامل ا�نون لكين يف هذه الليلة وجدت نفسي أغرق

أزداد مرارة، وحقدا، وأزداد اقتناعا أيضا أن هذا العار الذي محلناه معنا فرتة طويلة، السجن، جيب

.5" أن ينتهي، أن يزول

، إىل مىت، أستطيع االحتمال ؟ وملاذا أختصر العذاب ما دمت سأعرتف يف النهاية ؟ وهذا وأنا"

.6"الذي صرخ اآلن، كم مضى عليه وهو يف الزنزانة، وملاذا مل يصمد أكثر ؟

) . 59نقال عن روبرت مهفري، تيار الوعي يف الرواية احلديثة، ص( ، 244ص س،.مها حسن القصراوي، م 1نتاج حركات و جتارب األفراد ، خيتلف من فرد إىل آخر،ال خيضع لقياس الساعة مثلما خيضع الزمن املوضوعي : الزمن النفسي* 2

عني به بوساطة الساعات والتقاومي ،ويتجلى يف تعاقب الفصول والليل والنهار الزمن الطبيعي أو ما يسمى بالوقت الذي نست(

فهو زمن ذايت يقيسه صاحبه حبالته الشعورية ،حىت إننا ميكن أن نقول إن لكل منا زمانا ،)اإلنسان من امليالد إىل املوت وحياة

سام الدين، الزمن الداليل، مكتبة األجنلو املصرية، القاهرة، كرمي زكي ح:للمزيد ينظر... خاصا يتوقف على حركته و خربته الذاتية

. 48، ص 1991، 1ط . 244: س، صص.م مها حسن القصراوي، 3 .16الرواية، ص 4 .67الرواية، ص 5 .180الرواية، ص 6

Page 164: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

164

تفرخ األفكار مبا يف كل زنزانة، ومن احلزن بدأتفانتصب احلزن كشبح من يف زنزانيت، ور " ...

ملاذا حنن هنا ؟ وهؤالء املوجودون : وبدأت األسئلة... ! ات، ومعها األسئلة أيضاواملخاوف والذكري

يف الزنزانات األخرى، ماهي التهم املوجهة إليهم، وكم مضى على وجودهم ؟ وهل سيسرخ أحد

.1"والناس يف املقاهي والشوارع ؟ .. األهل والرفاق واألصدقاء .. أو يأيت آخرون ؟ والعامل اخلارجي

« : ين إنسان آخر، قلت لنفسيأحني رأيت شعري وقد أصبح كومة أمامي، شعرت بالربد، وب"

وماذا اآلن ؟ وأية فائدة هلم : ، وبدأت تثور األسئلة من جديد» يف غىن عن هذا العذابكالنا كان

كن يف أن أظل كما كنت أو أصبح حليقا ؟ وهذا احلالق الذي أتعبته هكذا، وأصبح يل عدوا، أمل ي

.2"األفضل لنا، لو جتنبنا هذه اللعبة السمجة ؟

تقدمي احملتوى النفسي للشخصية،لتكنيك ك" هنا... ن اآل" رواية يف املونولوج وقد استخدم

، فتعرب احلالة النفسية للشخصيات عكسي ـــ إذ روبرت مهفري هفعر ـــــ كما والعمليات النفسية لديها

بعض الشخصيات املهمة ومكبوتا�ا، وتنقل حاجا�ا النفسية، مثل ما ورد على لسانعن مكنونا�ا

:وهو يعرب عن مكنوناته ومكبوتاتهه كرر على لسانيحيث جنده مثل عادل اخلالدي، يف الرواية

اآلن واملرض يشتد، ويف حماولة لتحريك لساين، فقد حولت آهات األمل إىل شتائم، كنت أشتم أما"

ما كدت أصل إىل هذا املستوى حىت افرتضت أنين جننت أو يف طريقي ! بطريقة ال يفهمها سواي

أكره الوعاظ، وحاملي املسابح، واحلكماء الصغار، والعيب الورق :إىل اجلنون، قلت لنفسي

الذين فا�م قطار السفر، وغريهم الذين ينتقمون من شيء ما ال واملشعوذين، وأولئك النادمني

.3" ! يعرفونه، لكي يشعروا برغبة االنتقام

آه، ليت هذا اجلسد « : أجاب مهلت جيب كماأأسأل نفسي السؤال الذي طرحه علي طالع، و "

.يضع شريعته ضد قتل الذات، رباه، رباه مل الصلد يذوب وينحل إىل قطرات من ندى، ياليت األزيل

.181الرواية، ص 1 .200الرواية، ص 2 .205الرواية، ص 3

Page 165: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

165

.1»ما أشد أن تبدو يل عادات الدنيا هذه، مضنية، عنيفة، فاهية، ال نفع فيها، أال تبا هلا

هل بلغ اخلراب يف روحي إىل درجة أن أصبح كاملتسول أعرض أمام : أقول لنفسي بعض األحيان "

هذا ما أصابنا اليوم وغدا سيأيت : عانيناه، وألقول هلمل على مدى ما اآلخرين جروحي وقروحي ألدل

دوركم ؟ وما الفرق بني السجن املركزي والعفري والقليعة وعشرات السجون األخرى إذا ظلت روحنا

وأنين أقيم ،تدركون وأنا أروي لكم اآلن، ورمبا ذكرت هذا من قبل، أنين حر طليق... هي السجن

إال ذكرى، والذكرى ذا�ا تبتعد يوما بعد آخر وقد تنسى، وسوف أحاول يف باريس، ومل يعد السجن

تكون لدي اذا مينع أنالتكيف مع احمليط اجلديد وأقد أعود إىل احلياة الطبيعية من مرة أخرى، وم

.2"مشاريع جديدة أو طموحات ؟

:الوقفة الوصفيةـ 3ـ 2ـ 4

فيكون زمن " ،يتوقف السارد مفسحا ا�ال للوصفحيث ،تقنية قدمية ترتبط بالسردالوصف

،يةويتكون ما يسمى باالسرتاحة الزمن، 3"القصة منعدما أو يكاد، بينما زمن السرد ذو اتساع كبري

ئية تتناول ، وهو تقنية إنشاتعطيلها يؤدي إىل إبطاء زمن السرد و مم ،ليتسع بذلك زمن اخلطاب وميتد

ذكر الفضاء الذي يإذا أراد الروائي أن و ، 4وكأنه تصور فوتوغرايف ملا تراه العني ،وصف األشياء الواقعية

ولو لوقت ،لوصف، وبالتايل يتوقف جمرى احلكييتحرك فيه أبطاله، لزمه أن يلجأ بالضرورة إىل ا

.5وجيز

حيث ،ول يرتبط بلحظة معينة من القصةاأل: وميكن التمييز بني نوعني من الوقفات الوصفية

يتوافق مع الوقفة التأملية للبطل نفسه، وبني ) Spectacle (يتوقف الوصف أمام شيء أو عرض

.326 الرواية، ص 1 . 502الرواية ، ص 2 .144ص س،.م بنية الشكل الروائي، حسن حبراوي، 3 . 37س، ص .عزوز علي إمساعيل، شعرية الفضاء الروائي عند مجال الغيطاين ، م: ينظر 4 . 25س، ص .جريار جنيت وآخرون، الفضاء الروائي، م: ينظر 5

Page 166: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

166

ما حمطات اسرتاحة يستعيد فيها السرد حد واليت تشبه إىل ،الوقفة الوصفية اخلارجة عن زمن القصة

.2ذلك بورنوفوقد يوافقه يف ،امتازت به الرواية البلزاكية أما النوع الثاين فقد ،1أنفاسه

أبدى لنا الذي يرى أنه من الصعوبة وجود حكي بدون وصف، فقد جنيتجيرار إال أن

اليت كانت تصنف الوصف ،موروثة عن البالغة التقليدية تزيينيةاألوىل :لوصفخمتلفتني ل وظيفتني

سوى دور مجايل خالص، أما الوظيفة اوليس هل وجمرد وقفة أو اسرتاحة للسردضمن زخرف اخلطاب

اليت تقضي بأن يكون املقطع الوصفي يف خدمة القصة ،التفسيرية الرمزيةالثانية فهي الوظيفة

ر حني يفس ،ذات طبيعة تفسريية رمزية أن الوظيفة الكربى للوصف ويرى، 3وعنصرا أساسيا يف العرض

ا ا�ـــن حيــشف عــــإذ يك ،بصــــورة عميقــة وصالشخكنة أو حيـــــاة حدث أو األماملقطع الوصفــي لل

ة اليت تعمل على بلورة يعد الوصف أكثر التقنيات الروائيو�ذا ، ومالحمها الداخلية واخلارجية

بناء ؤدي دورا يف بنائها و في ،تشخيصها أمام القارئ من خالل رسم التفاصيل الصغريةالشخصية و

تومئ غــاية خالقة مبدعة للمعىنفأصبح الوصف ،لسردي بصفة عامةبنية السيـاق او احلدث الروائي

بعمق العالقة بني املكـــان واألشياء،كما يلعب املقطع الوصفي دورا يف إيهــام القــارئ بالواقع اخلـارجي

ــارئ فيزيد من إحســاس الق ،بتفاصيله الصغرية، إذ يدخـل العــامل الواقعي إىل عــامل الـرواية التخييلي

.دور املنظم للسرد يؤدي، وبالتايل ميكننا القول أن الوصف الروايةبواقعية

تكمن يف البحث عن العالئق اليت تقيمها فللوصف داخل الرتكيب الروائي الوظيفة البنيويةأما

املتكون من ملفوظات تؤدي ،الروائي وباألخص السرد وصفية مع خمتلف البنيات احلكائيةالوقفة ال

أكثر حنو ، والدراسات احلديثة اليوم أصبحت تتجهوظيفة نصية من خالل التتابع الزمين لألحداث

.175ص س،.حسن حبراوي، بنية الشكل الروائي، م 1

2 Figures III, p 112 . Gerard Genette, 3 Gerard Genette, Frontières du récit, Communication, 08, Paris, 1966, p157. .

Page 167: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

167

، أي على أساس مقاييس شكلية ) Unité Spécifique (حتديد الوصف كوحدة نوعية

.1أبعاده الدالليةالنص وإعطائه تتعامل مع الوصف كعنصر بنيوي يساهم يف تشييد ووظيفية دقيقة

ـ واضع النظام ـ فليب هامونفقد تعرض إليها ،ية بالزمن السرديوصفأما عن عالقة الوقفة ال

،حيث نوه بفائدة قيام دراسة ختصص لتحليل تقنية الوصف من خالل مفهوم الزمن ـالسيميولوجي ـ

الوظيفية البنيةعن البحث سنعمل علىو .2الوصف تقنية زمنية يف املقام األولفيميل إىل اعتبار

،من خالل إدراك العالقات املتوارية مع خمتلف البنايات احلكائية قفة الوصفية يف هذا النص الروائيلو ل

فليب ويتم الوصف يف الرواية حسب ،األدوار التنظيمية املسندة إليها داخل السردالعمل و وتقصي

، احلديث عنه أو العمل عليهأو بالنظر إىل الشيء املوصوف :وفق ثالث طرائق أساسية هامون

حيث جند الروائي يفتتح مقاطعه الوصفية بعبارات وصيغ جاهزة تتضمن أفعاال تفيد داللة مقصودة،

.3ميكن للقارئ أن يستقيها من منت الرواية

للنص ا وفق عناصر الرؤية البصرية فقد منثل هل ،هنا...رواية اآلنيف عن طريقة النظر إىل الشيء أما

:كاآليت

كانت الساعات األخرية قبل السفر حافلة، إذ إضافة إىل حالة الصحو املفاجئة، وكأن شيئا يف "

داخلي استنفر وتيقظ، متاما كما كان حيصل يف جلسات التحقيق بعد كل حفلة من حفالت

مث يف املطار، وكلمات التشجيع الكثرية واملليئة باملبالغة،، نظرات املودعني يف البيتفإن ...التعذيب

ن حويل اآلن، كنت أحاول مرة أخرى، ولن أرى أيا من الذين يتزامحو أكدت يل أين لن أرى عمورية

ذاكريت حد جنحت، وكنت أمتلى الوجوه حويل واألماكن، لعلها تثبت يف، وال أعرف إىل أي االبتسام

جلسيت على الكرسي وترافقين حىت اللحظة األخرية، أما وأنا أعتدل يف الفراش، مث وأنا أحاول موازنة

املتحرك يف املطار، بعد أن عجزت عن السري، وبعد رفضت أن حيملين بعض األهل، وكانوا شديدي

.178ص س،.م حبراوي، بنية الشكل الروائي،حسن : ينظر 1

Philippe Hamon, Introduction à l'analyse du descriptif, Hachette, Paris 1981, p 96. 2 .178س، ص .حسن حبراوي، بنية الشكل الروائي، م: ينظر 3

Page 168: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

168

واألجساد، ألن على األشياء اإلنفعال واحلزن، فقد كنت أمأل رئيت إىل احلد األقصى باهلواء وروائح

اليت يقدر يل أن أرى وأمسع وأشم ما تبقى من يقني أن هذه هي الفرصة األخرية، املرة األخرية

بذلت جهدا استثنائيا لكي أبقى قويا ومتماسكا، يف اللحظات األخرية. األصدقاء واألهل والوطن

وشددت على األيدي ...املتسائلة املكسورة على النظراترغم التوتر وتزايد ضربات القلب، كنت أرد

جاءت تلك اللحظة، أو كيف اليت كانت متتد ملصافحيت بقوة، لكن يف حلظة ما، وال أعرف مىت

وقهرين التخاذل، فلم أستطع حبس دموعي، بكيت، وفعل ذلك عدد من املودعني، استبد يب اليأس

الصمت واحلزن، أما حني اقرتب الفراق، ودفع االبتعاد، ابتعدوا وغرقوا يف فقد فضلوا أما آخرون

الكرسيشاقا طريقهفي املمر اخلاص باملعوقني، فكدت أصرخ وأتوقف طالبا العودة واملوت هنا، كنت

حزينا إىل احلد الذي تساوت لدي مجيع األشياء، أن أموت هنا أو يف أي مكان آخر، أن أبقى

.1" !تسارعت باجتاه الطائرة عات اليتأو أن أغادر، فاستسلمت للدف

كان الوقت حوايل الظهر، يف يوم من أيام أيار !قبضوا علي وكنت خارجا لتوي من سوق احلالل "

ويف مثل هذا الفصل قبل دخول الصيف الكبري، يكون اجلو عادة رضيا مقبوال، ويكونالسوق . املتأخرة

هادئا أقرب إىل الركود، إال أنذ شتاء تلك السنة انقضى دون أمطار، وتبعه ربيع قصري مغرب، وبدءا

، الرعايا من البادية ، احلرارة وثقل اجلو، وتدفقت على غري انتظارأليار اشتدت من األيام األوىل

املتجهمة والغضب، وامتأل سوق احلالل بالذين يريدون بيع أغنامهم ودوا�م باسرع ومعها الوجوه

وقت، وبعد أن تعذر عليهم إطعامها أو تأمني العلف هلا، وختوفهم أيضا من الرعايا اليت سوف يتزايد

بعد آخر، وكان املشرتون يرتددون ويتأخرون ويطيلون املساومة، ويرافق ذلك الفوضى وصوهلا يوما

السوق ذروته يوم اخلميس، فقد كانت أيام ذلك الشهر مخيسا ت العادة أن يبلغوإذا كان. واخلالفات

ركة متصال، وهذا ما جعل املخربين يقيمون يف السوق ال يغادرونه، ورغم الزحام واألصوات العالية وح

الناس الثقيلة، مما جيعل السوق كله كتلة يصعب اخرتاقها أو حتديها، إال أن املخربين الذين ظلوا على

أطراف السوق يراقبون ويتابعون، ويتنصتون إىل ما يدور، بدأوا خيافون مما يرتدد على ألسنة الناس

. 12 -11: الرواية، صص 1

Page 169: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

169

ؤساء مث إىل القصر، فإن اخلوف زاد أكثر من الشتائم والتحديات، وحني انتقلنت تلك الشتائم إىل الر

، مشلت الكثريين، وهكذا كنت أحد الذين قبض قاالتمن قبل، مما أدى إىل محلة واسعة من اإلعت

و�دوء، لكن حبزم طلبوا إذ ما كدت أصل إىل أسوار السوق حىت اعرتضين ثالثة أشخاص...! عليهم

إيل مرافقتهم، رفضت حاولت أن أقاوم، طلبت منهم أن يربزوا إيل ما يثبت صفتهم واألسباب اليت

امش معنا برضاك أحسن : تستدعي القبض علي، قال يل املسؤول، وخرجت الكلمات من بني أسنانه

يعرفين، أو ميكن أن يقف إىل بعد أن تلفت هنا وهناك، ومل أجد أحدا ! ما تتبهدل وينكسر رأسك

كانت تنتظرنا سيارتان، وخبفة على مسافة غري بعيدةمن السوق! جانيب، اضطررت إىل مرافقتهم

وبراعة دفعوين يف السيارة األوىل، وجلس إىل جانيب اثنان ، واحد من كل جهة، وانتقلت السيارتان

ات، وأصبحنا خارج املدينة، استخرج بعد أن قضينا بضعة كيلومرت ...بسرعة، وأخذنا طريق العوايل

الذي كان جيلس إىل مييين قطعة من القماش وعصب عيين، فعل ذلك دون كلمة، وبطريقة آلية

عد نصف ساعة تقريبا توقفت، وب أكثر من مرة، انعطفت يف طرق جانبية، استدارت السيارة .متقنة

صعدنا درجا، فتح باب غرفة، دفعت إىل ، أمسكوا بيدي وأنزلوين، قادوين بضع خطوات مث توقفت

.1"! داخلها وغابو

أخذوين، سرنا يف طريق طويل، مث نزلنا درجا، كانت خطواتنا تدوي، وكأننا ننزل إىل بئر أو إىل "

باطن األرض، يف حلظات كثرية توقعت يدا تدفعين فأهوى إىل مكان سحيق، وهناك تكون

لكن الدرج انتهى، وسرنا بضع خطوات ! قلت لنفسي هذا هو السرداب إذن، هكذا...النهاية

جلست ، غادروا املكان �ائيا، ! اجلس :فتح الباب، دفعت إىل الداخل، وقال يل صوت أخرى، مث

ولقد تألكدت من خالل الصمت الذي امتد واستطال، وترافق مع دوي مكتوم، وكأنه أصوات مياه

، مل يعرتض إىل أكثر من احتجاه وأنا معصوب العينني بعيدة جتري يف مكان عميق باطن األرضتلفت

غرفة واسعة، : تأكدت أين وحيد جترأت على أن أرخي العصابة، رأيت كما يرى احلامل ا مل. أحد

شديدة اإلنارة، يف جانب دكة عالية، يتوسطها كرسي بلون نبيذي له مساند، الدكة كأ�ا خشبة

. 167 -166: الرواية، صص 1

Page 170: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

170

وسط الغرفة طاولةبأرجل امسنتية مثبة باألرض، وسطحها مسرح ديكورها الوحيد هذا الكرسي، يف

ألواح خشبية غري منتظمة وغري مصقولة، وتتدىل منها أحبال وسيور جلدية، يف أرضية الغرفة جمموعة

من األحذية والقمصان والعصى والكابالت، جمموعة غري منتظمة، أقرب إىل الفوضى، أما اجلدران

.1" ! هذا هو السرداب إذن! ماء قدمية وأخرى مل جتف فقد كانت ملطخة بالدماء، د

بيهة مبا تلتقطه عدسة الكامريا على أبرز مستلزمات الرؤية البصرية الشقوم ت ةالوصفي وصالنص ذهفه

يقربه من التصوير السينمائي الذي يؤهله إىل حرية ،وهي تشكل منظرا بانوراميا ،وحركة العني الواصفة

بلغة الروائي يدل على أنه كان يكتب به يتأ، والوصف الذي يصف األشياءحمدودة يف و االنتقال الال

ومن خالل أسلوب سرده املفعم باإليقاع التخييلي ،من خالل وصفه الدقيقوخيتار يف الوقت شعرية

مؤقت يف ق بالغة يف الوصف، أدت إىل توقف مما حق ، و ا�سد للصورة املكانية يف إعطائها دالالت

.جمرى السرد

بصرية املعينة على الشيء هلا مستلزما�ا اليت تساعد القارئ على حتقيق الرؤية الالوقفة الوصفية و

.ستعانة مبجموعة من الوسائط اليت تساعد الرؤية على التحققخاصة وأن الوصف يتم باال ،املوصوف

والوقفة الوصفية تعمل على تعطيل حركة السرد ويوقف سري األحداث املتنامية لتصوير شخص

.أو مكان

توسعا يف زمن اخلطاب ملشهد يشكالن أن كال من الوقفة الوصفية وا قد اتضح من خالل ما سبقو

.تتباطأ يف سريها ضد حركة السرد ، وجيعلهامرارستعلى اال امما يعيقه ،على حساب زمن القصة

. 232 -231: الرواية، صص 1

Page 171: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

171

من خالل القرائن الدالةودالالتها " هنا...اآلن "رواية تمظهرات البنية الزمنية في ـ 5

:عليها

لماذا هذه : يدفعنا إىل أن نتساءل "هنا ...اآلن" رواية املفارقات والتقنيات الزمنية يف شيوع إن

ا دالالت معينة ؟أم له ؟ فنيةوهل تعد ضرورة جمــالية و ات الزمنية ؟التقنيـات و المفارق

تتضمن، " هنا...اآلن " رواية ف ،الروائي خطابلاألساسية لكونات املعترب العنصر الزمين من ي

،"الال فعل"و" الفعل"حالتي، تتجسد يف الزمان الساكنو المتحرك الزمان بني ثنائية زمانية ضدية

عليها املقاطع الزمانية بسبب الوحدات السردية اليت غلبت الال فعلسادت حالة البدايةإذ يف

، فتحولت حركة مما شكل مشهدا إخباريا ساكنا ،إذ كان إيقاع الزمان فيها بطيئا مرتاخيا ،الساكنة

ويؤدي ي السرد القصصالصراع الذي يقوم عليه مما يفقد ،ينتفي فيه الفعل الزمان فيه إىل إيقاع هادئ

العناوين الداخلية من هو ، و »الدهليز « :العنوان الداخلي األولمما يدل عليه ،إىل تراخي السرد فيها

، وهذا الدهليز يرتبط ارتباطا وثيقا بالسجن، فما "املدخل بني الباب والدار " ويعينالثالثة يف الرواية،

مستنقعا مليئا بالدماء وجده عادل اخلالدي وطالع العريفي يف الدهليز ال يطاق، فليس هذا املكان إال

:امللفوظات اآلتية ، مما تدل عليهفيه آالف السجناء غص ي والعرق،

أصابين الغم إىل درجة أن الدنيا أسودت بعيين، وأخذت نبضات قليب تدق " :يقول عادل اخلالدي

الذي الدهليز بصوت عال، وهذه إشارة أعرفها، فلن تلبث حراريت أن ترتفع، وأدخل يف ذلك

.1" جهدت طوال الشهور املاضية لكي أخرج منه

: ومن امللفوظات اليت تدل على تراخي السرد أيضا

ذكرت لك اليوم، أو يف أيام سابقة، بعض املسائل املتعلقة باألساليب البريوقراطية إذا كنت قد "

البشر ميلون إىل الكسل، وخيضعون للعادات السهلة، السائدة، فال يعين ذلك حذف اإلنسان، أن

.142، صالرواية 1

Page 172: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

172

لكن الضمري ال ميوت، وأبالغ فأقول إنه ال ميوت أيضا، وهذا معناه أن نثق باآلخرين، وان نثق

.1"ستقبل بامل

لكن قلة املفردات اليت نتبادهلا كانت حتول أغلب االحيان دون مواصلة احلديث، أو حتوله إىل "

حديث شديد البؤس، إذ تتخلله اإلشارات الكثرية، وترديد الكلمات كاألطفال، وأيضا اإلستعانة

وإذا / ،...فضوهلم، النقاش أو احلديث، أخذت تثري اهتمام املرضى و وهذه الطريقة من ! بالقاموس

قليلة األمهية، رغم ما كانت هذه األحاديث تسر املرضى، ورمبا تشغلهم أيضا، فقد كانت تبدو يل

هتمام، ورمبا كنت أنظر هلا كذلك، ألن اهلموم اليت سيطرت علي خمتلفة المن مظاهر اجلد وا مييزها

"2.

،فتحركت الوترية السردية بتوفر الفعلمما أدى إىل وجود ،فقد احتدم الصراع الوسطإال أنه يف

يع يتنــاسب مع تطورات مما أدى إىل إيقــاع زمين سر ،ملنشطة لتأزم األوضــاع وتعقدهااحلوافز ا

الوحدات السردية اليت تغلب إذ اتبعت فاختلفت وترية السرد عما متيزت به يف البداية، ،األحــداث

،أيقظت الزمان من سباته ،ة بوحدات سردية ذات حوافز متحركةالزمــانية الســاكنعليها املقــاطع

يف هذا النص الروائي حسب السرعة اليت ليستمر تدفق الزمان ،غمرت فضاء النص باحلركة الزاخرةو

بسبب إيقاع ،ركة، فاختلفت الوترية السردية اليت حتولت من حالة سكون إىل حالة حمتوجاته تالئم

.نان الداخليان الثاين والثالثا، مما دل عليه العنو الزمان املتحرك

نتيجة النفعاالت النفسيةفقد جاء مفعما با ،"حرائق الحضور والغياب"املوسوم بالثاين اأم

متذكرا ما ــــــ خاصة سجن العبيد ومورانــــــ املعاناة اليت عايشها طالع العريفي وغريه يف السجون

خاصة هالل الذي ،معه يف السجون، واملمارسات الوحشية اليت مورست عليه وعلى غريه حدث

وهواجس وأفكار هي ذكريات ليست حقيقية مادية يف الرواية، بل حرائقالوهذه . اغتيل يف السجن

. 65الرواية، ص 1 . 85 - 84: الرواية، صص 2

Page 173: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

173

سد جت وهي، به باحلرائق اليت حترق فكر طالعأش، وهي وتطاردهطالع العريفي بذهنتعصف أليمة

تدل عليه ، وهذا ما الذي قضى أغلب حياته يف عامل مظلم ال حرية فيه طالعطارد ت يتال األملخيبة

:امللفوظات اآلتية

، أنا طالع العريفي، أحد الذين عاشو يف سجون موران ملدة عشر سنيت األوراق التالية شهاديت"

قضيت هذه املدة كلها دون حماكمة وإنين ،، قد ال حيتاج األمر إىل التنبيه، أنين سجني سياسيمتوالية

مجيع السجناء، وقد مر على بعضهم ، إذ إن هذه احلالة األخريةال تقتصر علي و . قانونية ودون حكم

زمن يزيد عما قضيته، ورمبا ضعفه، موجودون دون أن يعرفوا املدة اليت سيقضو�ا يف السجن،

.1"وال يعرفونه ما خيبئ هلم الغد

كل شيء حويل، فقد تصلب جسدي وزادت حراريت وأنا اهلواء الطري الذي انتشر ومألغم ر "

والعذاب ورائحة املوت، معادت إيل دفعة واحدة الصور السوداء املليئة بالد : أتذكر سجن العبيد

كم من مرة وقعت وانتزعوين من االرض، كم مرة اصطدم ...وزادها حدة خدوش الشهور األخرية،

جلدار و�ضت ؟ وإىل مىت سوف تستمر هذه احلفلة ؟ مل أمنت وسوف أعرف يف وقت راسي با

وهذه اجلوقة، أو جوقة !الحق، أن هذه احلفلة هكذا يسمو�ا، عربون الوصول إىل سجن العبيد

مثلها، تستقبل كل من يصل إىل هذا السجن بنفس الطريقة إيذانا بالتدشني هلذا الوصول

ه طويل، ورمبا طويل جدا، بداية اجلحيم، ففي جانب، وعلى الذي اكتشفت أن هذا املمر،...العظيم

طول مئات األمتار، غرف احملققني، ويف اجلانب اآلخر كانت هناك ممرات فرعية تقود إىل

كان باب الزنزانة يصر صريرا قاسيا موجعا إعالنا عن استقبال وافد جديد، أو لسحب ...الزنزنات

وتستمر احلركة يف هذا املمر، وبعض األحيان تتواصل ليل �ار، كانوا ! ظارواحد طال عليه االنت

فقد كانت األصوات، ...الدرس جيدا قبل أن يدخل االمتحا، يريدون من كل واحد أن يستوعب

اب وهي حني تفتح أو حني تغلق،ومن اجلانبني تثري الفزع أصوات الشتائم والضرب، واألبو

. 163الرواية، ص 1

Page 174: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

174

، ورمبا املصنوعة، اليت تتعاىل يف كلوقتطالبة باستغاثة املاء، أصوات ا�لودين اليائسة أغلب األحيان مث

.1" أو أن يسمح هلا باملثول جمددا أمام احملقق

تلك املرأة املكسورة املليئة باألمل والشديدة احلزن والسواد، حركت يف داخلي شعورا جاحما ال ميكن "

ستعداد ألي شيء يف الوقت واحلقد والتحدي، وأيضا اال أية قوة، شعور الغضبأن تقف يف وجهه

وذاك املخلوق الصغري الذي ال يعرف غري الصراخ، وكان صراخه معربا وقويا، كيف ميكن . الضروري

.2"؟ ويدافع عنه أن يؤتى إىل هنا وال جيد أحدا حيميه

للحظات، ورمبا طويلة، مل أستوعب ماذا يريدون !انزل : أن فكوا القيود واحلبال صرخوا يب بعد"

مين، فقد كنت بعيدا ومملوءا باألمل واخلدر، أما بعد أن لسعين الصوط بني الكتفني، مع صرخة أقوى

نفجر األمل من األوىل، فقد أدركت، مجعت بقايا قويت وإراديت وحاولت النزول، لكن مل أستطع، إذ ا

بني أضالعي وعند الكتفني ووسط الصدر، فارختيت، حاولت أن أرفع يدي وأن أستعني �ما لكنهما

مل أكن قادرا على أن أميزشيئا أو أحدا، الدوري ميألين، واألمل ينتشر ويقيض كاحلرائق، ...مل تطاوعان

ات لألصوات، وغن تكن ال احليوالن ا�ض، ومثلما تستجيب: أما حني انفجر الصوت من جديد...

. 3..."متيز دالال�ا، فقد متلملت يف حماولة للنهوض

املشاركة، احلفلة، وأخريا السبابة، احلفلة يل أم لغريي ؟ : كان األمر شديد اإللتباس بالنسبة يل"

وبدأت الكابالت، لكن على !توكلوا على اهللا: وكيف ستكون هذه املرة ؟ وجاء صوته من جديد

على رجليه، أو ساقيه فقط، كانت �وي يف باطن رجل واحد آخر مربوط إىل الطاولة، مل تكن �وي

كانت الضربات تتواىل ...عيين، فكل ضربة أحسها مثل سيخ النار داخل العني وسط القلب متاما،

ما يدبر يل، ولذلك جيب أن ئاكنت متأكداأن شي... كمطر غزير، وكانت الصرخات تزيد عليها

.4" أصمد، أن أقاوم، وجيب أن أشكذ بكل شيء

. 223 – 222: الرواية، صص 1 . 225الرواية، ص 2 . 241الرواية، ص 3 . 247الرواية، ص 4

Page 175: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

175

جاء مفعما ، الذي يرويه عادل اخلالدي، فقد " الحزينة هوامش أيامنا " القسم الثالثا أم

عن معاناته يف السجون، والسنني العشر اليت قضاها يف عادل اخلالدي فيه باحليوية أيضا، إذ حتدث

مليئة إذ كانت.عمورية، وجاء هذا العنوان متحسرا على األيام اليت قضاها عادل يف حياتهسجون

والشغب، بالثورات ـــــــ ـــــ من أيام عادل اخلالدي يف السجن بأحداث عديدة جسدت مرحلة حامسة

سجن النقيب مدحت عثمان يف مع وباقي السجناء عادل وكذا املعاهدات واملفاوضات اليت عقدها

: اخلالدي ، مثلما ورد على لسان عادلحبق النظاممما يدل على أنه كان ميثل ،القليعة

يف املساء، وحني استلمت دورية الليل من دورية النهار، اكتشفت أول األمر وجود النقص، "

واكتشاف من هذا النوع مثري للخوف والقلق، حىت قبل أن يعرف من الذي هرب، وكم عدد الذين

شديدة القسوة، إذ مبجرد اكتشــــــاف النقص حتــــــول السجن إىل خـــلية كانت أمسية، مث ليلة ! ربواه

.1"حنـــل، الركض، اإلنذار، التحفز، تعمرياألسلحة، والرتدد آلخر حلظة واخلوف من إبالغ اإلدارة

كما وصولنا إىل سجن القليعة حىت أمرنا أن جنتمع يف الباحة، أو باألحرى مجعنا مل متض أيام على "

، وكان إىل جانبه على مسافة قصرية منه أنور نور "مدحت عثمان" جتمع الغنم، وجاء آمر السجن

ـــــ إىل ــــــ رمبا من السهر والسكر ـ محرةحدق بعينني فيهما . ا اجلنود فكانوا على مسافة أبعدالدين، أم

أنا : ثنتني، وقالا من طرفيها بيديه االتقر على الطاولة مرة وثانية، وأمسك بالعص...كل واحد منا

توقف قليال، هز رأسه عدة مرات، وهو ... درست سجالتكم وعرفت من أنتم...رجل عسكري

كالم يقال لغريي، دميوقراطية وكالم فاضي ما عندي، أغلبية ورأي مجاعي: يتطلع إىل وجوهنا وانفجر

2"النظام، نعم النظام، والنظام ال يكون إال بتنفيذ األوامر، أتسمعون؟: ألن الشيء الوحيد اللي أفهمه

حمي الدين األحدب من السجن ــــ أفاق السجن قبل أن ينقض أسبوع على تلك الليلة ــــ ليلة هروب "

التعداد جيري مرة بعد أخرى، صيحات النقيب الشرطة يف حالة استنفار، : على شيء غري عادي

عدد كبري من : وهرولة املساعد تدالن على ارتباك وحرية ال خيفيان، وبدأت بعد ذلك اإلشاعات

. 386 – 385: الرواية، صص 1 . 430 – 429: الرواية، صص 2

Page 176: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

176

السجناء العاديني اختفى، وال يعرف ما إذا هرب هؤالء أو ضلوا طريقهم يف الغابة، فقد استغلوا مد

عند ظهرية اليوم التايل تأكد .مل معظم السجناء، وهربواأنابيب املياه إىل السجن، شارك يف الع

.1" ! هروب حمي الدين األحدب

كان النقيب ــــ مدحت عثمان ـــــ هذه املرة، قائد احلملة، ما كدنا جنتمع حىت طلب إلينا أن نصطف "

يزيد من الشرطة، طلب إلينا أن نرفع أيدينا إىل فوق، أو عدد مماثل خلفنا رتل أحادي، واصطفيف

وأن يقف كل منا على رجل واحدة، فعلنا كما طلب منا، لكن العصي اليت أمطرتنا، الصفعات اليت

جانبه الكاتب يف كانت تنهال علينا فجأة، جعلتنا ال نعرف ماذا نفعل، كان النقيب، وزإىل

يصرخ، كان يطلب من الشرطة أن يزيدوا من ضر�م، أن يكسروا كان مواجهتنا، وكما يفعل القراد،

.2" ! أضالعنا وأسناننا بني إبداعه الفين التخييلي و ،مانة يف نقل األحداث التارخييةأن الروائي ربط بني األعلى يدل هذا و

فكانت متوقعة ،النهايةأما .وهي قيم معنوية من أجل اكتساب رهان املستقبل يف تصوير األحداث،

بفضل الطرق واألساليب اليت جلأ إليها الروائي لتوضيح املعاين والدالالت املوجودة يف ،من القارئ

.يها إيقاع الزمان حنو االرختاء والركودسار ف ،إذ بعد انفراج العقدة ،" هنا...اآلن" رواية

قمة ( جتسدت يف البداية، الوسط ،)بنـاء هرمـي ( بنية مثلثة وبالتايل جند أن الروائي قد تبىن

،التارخييةحلقا�ا بالواقعية و بطة ،اتسمتمما جعل الرواية ذات سريورة زمانية منض ،والنهاية) الصراع

: 3وميكن جتسيدها يف الشكل اآليت

. 465الرواية، ص 1 . 472الرواية، ص 2. 40ص ،س.م ،لزمان وداللته يف الفلسفة واألدبمفهوم ا أمحد طالب، 3

Page 177: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

177

رــوتــراع والتـــة الصـقم

حنو االنفراج حنو التأزم

ايةــــنه ةــبداي

ولعل أهم ،"هنا ...مع رواية اآلنبشكل يتناسب قد امتثلت ،ثةإن هذه البنية السردية املثل

:ناضمنها زمان ، مما تولداشتد فيها توتر الوحدات السرديةحيث ،البناء، املرحلة الوسطىراحل هذا م

، دلت عليه )فقي املوضوعي أو األ( ن اخلارجي والزم ،)النفسي أو الذايت العمودي( ن الداخليالزم

، وأخرى حمددة بزمن خارجي تؤرخ لوقوع األحداث قرائن عددية :احتو�ا الرواية، ومنهاقرائن زمنية

.)الزمن الداخلي ( وإمنا حتدد داخل القصة ،وحدثية غري حمددة بزمن خارجيحرفية

: الزمن الداخليـ داللة 1ـ 5

د الواقعة يؤدي الزمن الداخلي إىل خلق حاالت نفسية متنوعة ،جتعل القارئ ال يستطيع أن حيد

،يف مستوى احلياة النفسية« أنه إذ ،يكون الزمان يف حالة الصفر إذ ،موضوعية أو احلدث بصفة

ساكن وخيبء ، ألن الزمان الذايت هو زمان إنساين 1»...ميكن للصمت أن خيتصر أو ميتد ال فرق

.أحالمهخاضع لوجدانه و ،يف كيان األبطال

النفسية اليت الدال بصفة خـاصة على املعـانـاةالزمن النفسي هنا... اآلن وقد صادفنا يف رواية

فتجسدت يف االرتداد ،طالع العريفيمن خالل مناجاته لنفسه حني تذكر عادل الخالديعاشها

:تية، هذا ما نستشفه من خالل امللفوظات اآلالذي جاء على شكل اسرتجاع مباشر

لكن منذ أن مات طالع، مل أجد لدي الرغبة أو القدرة على أن أقرأها كلها، كنت أقول لنفسي "

، لكين "ما دام مل يف بوعده، فيجب أن ال أكون أكثر وفاء منه ": بتشف ألشعر مبزيد من العذاب

.147س ،ص .م جدلية الزمن، غاستون باشالر، 1

Page 178: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

178

ن أزداد نو يف هذه الليلة وجدت نفسي أغرق يف تلك األوراق، كنت وأنا أتوغل يف ذلك العامل ا�

اقتناعا أيضا أن هذا العار الذي محلناه معنا فرتة طويلة، السجن، جيب أن مرارة، وحقدا، وازداد

.1" ينتهي، أن يزول

آه، ليت هذا اجلسد « : جيب كما أجاب مهلتأأسأل نفسي السؤال الذي طرحه علي طالع، و "

شريعته ضد قتل الذات، رباه، مل يضع إىل قطرات من ندى، ياليت األزيل الصلد يذوب وينحل

.2" أال تبا هلا ما أشد أن تبدو يل عادات الدنيا هذه، مضنية، عنيفة، فاهية، ال نفع فيها،.رباه

ر بنية اإلحساس بالزمن جعل الرواية تتميز باحلركة يف الوصف الذي يساعد على تطو هذا ما

يشعر القارئ مبدى ، و يصارع مبرارة الزمن داخل السجن وهو عادل الخالديالداخلي لدى شخصية

ية إذ ظهرت الشخصية منطو ،للدفاع عن أفكارهيف حياته النضالية عادل اخلالديجسامة ما عاناه

إذ سيطر ،حيث اختذت الوترية السردية فيها االجتاه العمودي ،على نفسها يف كثري من احلاالت

ة للزمان مستغورا البواطن الذاتية للشخصية ،لتجيش السيولة النفسيالزمان الذايت على الزمان الواقعي

مما يدل على ،مما ساهم يف انتقال مستوى السرد من التجسيد إىل التجريد ،بدال من السيولة احلسية

.يات اليت حتركهاالشخصمان وأثره املباشر وغري املباشر على األحداث و مدى اإلحساس بوطأة الز

طالع العريفي :مثليف الرواية، الرئيسيةلشخصيات ا عندولوج ـــفي المونن الداخلي الزمد جتس وقد

يتطور من خالل اخلصـائص اإلنسانية وهو ،ب عنصر الزمــن قيمته اجلمـاليةممـا يكس اخلالدي، وعادل

وتغري األحوال ،الفكريبفعاليــات التطور االجتماعي و اليت امتزجت مسـا�ا الذاتية ،للشخصيـات

:تية امللفوظات اآل دل عليهمما تومن مكان إىل مكان، ،والعادات من وقت إىل وقت

العرق دساس، والدم أبدا ما يصري : سيقلت لنف: ، فقال بانفعال،وكأنه مل يتوقعانتعش طالع " ...

أن النسيب أحسن أن الغريب للغريب نسيب، وأنت تدري: ، وكأنه حيدث نفسهوبعد قليل !ماي

.1" من ابن العم يف بعض األحيان

. 67الرواية، ص 1 . 326الرواية، ص 2

Page 179: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

179

أن الغريب : ، وكأنه حيدث نفسهوبعد قليل ! العرق دساس، والدم أبدا ما يصري ماي: قلت لنفسي"

.2"للغريب نسيب، وأنت تدري أن النسيب أحسن من ابن العم يف بعض األحيان

احلزن كشبح يف زنزانيت، ورمبا يف كل زنزانة، ومن احلزن بدأت تفرخ األفكار واملخاوف فانتصب" ...

ملاذا حنن هنا ؟ وهؤالء املوجودون يف الزنزانات : وبدأت األسئلة... ! والذكريات، ومعها األسئلة أيضا

آخرون ؟ األخرى، ماهي التهم املوجهة إليهم، وكم مضى على وجودهم ؟ وهل سيسرخ أحد أو يأيت

.3"والناس يف املقاهي والشوارع ؟ .. األهل والرفاق واألصدقاء …والعامل اخلارجي

« : حني رأيت شعري وقد أصبح كومة أمامي، شعرت بالربد، وبأين إنسان آخر، قلت لنفسي"

وماذا اآلن ؟ وأية فائدة هلم: ، وبدأت تثور األسئلة من جديد» كالنا كان يف غىن عن هذا العذاب

يف أن أظل كما كنت أو أصبح حليقا ؟ وهذا احلالق الذي أتعبته هكذا، وأصبح يل عدوا، أمل يكن

.4"األفضل لنا، لو جتنبنا هذه اللعبة السمجة ؟

حيث يناجي البطل نفسه القليعة يف سجن عادل اخلالديوتظهر أيضا املعاناة النفسية اليت عاشها

السجناء يف حاالت العزلة اليت يعيشها مع ضمريه وهو يف حرية شديدة ملا حدث له وإلخوانه من

: النظام، حينما قال قوات من طرف ابعد اعتقاهلمالسياسيني

أما اآلن واملرض يشتد، ويف حماولة لتحريك لساين، فقد حولت آهات األمل إىل شتائم، كنت أشتم "

ما كدت أصل إىل هذا املستوى حىت افرتضت أنين جننت أو يف طريقي ! بطريقة ال يفهمها سواي

أكره الوعاظ، وحاملي املسابح، واحلكماء الصغار، والعيب الورق « :إىل اجلنون، قلت لنفسي

واملشعوذين، وأولئك النادمينالذين فا�م قطار السفر، وغريهم الذين ينتقمون من شيء ما ال يعرفونه،

.5» ! برغبة االنتقاملكي يشعروا

.15الرواية، ص 1 .16الرواية، ص 2 .181الرواية، ص 3 .200الرواية، ص 4 . 205الرواية، ص 5

Page 180: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

180

هل بلغ اخلراب يف روحي إىل درجة أن أصبح كاملتسول أعرض أمام : أقول لنفسي بعض األحيان "

هذا ما أصابنا اليوم وغدا سيأيت : اآلخرين جروحي وقروحي ألدلل على مدى ما عانيناه، وألقول هلم

السجون األخرى إذا ظلت روحنا دوركم ؟ وما الفرق بني السجن املركزي والعفري والقليعة وعشرات

تدركون وأنا أروي لكم اآلن، ورمبا ذكرت هذا من قبل، أنين حر طليق وأنين أقيم يف ... هي السجن

باريس، ومل يعد السجن إال ذكرى، والذكرى ذا�ا تبتعد يوما بعد آخر وقد تنسى، وسوف أحاول

لطبيعية من مرة أخرى، وماذا مينع أن تكون لدي التكيف مع احمليط اجلديد وأقد أعود إىل احلياة ا

.1"مشاريع جديدة أو طموحات ؟

:الحسيأو ارجيــــــن الخــــــــالزمداللة ـ 2ـ 5

عن ذاكرة وهو عبارة صرح �ا الروائي،يأزمنة تارخيية العمل الروائي يف الزمن اخلارجي يف يتجسد

بول ريكور وهذا ما صرح به أثناء عملية احلكي، بنية الروايةيعاد إنتاجها عرب وسائط السرد، أو

حنن نتابع مصري زمن مصور سابقا، يتحول إىل زمن يعاد تصويره من خالل وساطة زمن : " قائال

.2"متصورة

:ـ الزمن الحسي المباشر 1ـ 2ـ 5

التصريح املباشر بأزمنة تارخييةإىل حد )األفقي ( ن الحسي الزمعلى حتديد الروائيلقد حرص

بالسنني والشهوره حدده إن حيث ،لرتكيز فجرت احلدث تفجريا رأسيايف حلظات زمانية شديدة ا

: يتاآل امللفوظ على لسان طالع العريفي من خالل وردمثلما ،يام والساعات والدقائقاألاألسابيع و و

خالله بعض األطباء، وأجريت يل عدة فحوص، ومت األسبوع الذي قضيته يف البيت، وقد زارين "

ايل التشاور والسؤال عما إذا كان باإلمكان معاجليت يف عمورية أو نقلي إىل اخلارج، ومدى احتم

مل �دأ فيه هذا األسبوع الذي ...وقد بلغت تلك احلالة من اإل�يار، للسفر، مث النتائج املتوخاة

. 502الرواية ، ص 1، دار الكتاب اجلديد، 2006، 1سعيد الغامني وفالح رحيم، ط: ، تر1احلبكة والسرد التارخيي، ج ـــبول ريكور، الزمان والسرد ـ 2

. 08ص لبنان، بريوت،

Page 181: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

181

وما أقرب ما يكون إىل سقوط أجسام ثقيلة على أرض رخوة يعقبه مكتاحلركة، ال أتذكره إال دويا

.1" صمت هش خمنوق، متاما مثل حالة الغرق

كانت الساعات األخرية، قبل السفر، حافلة إذ إضافة إىل حالة الصحوة املفاجئة، وكأن شيئا يف "

حفلة من حفالت قيق بعد كل ا كما كان حيصل يل يف جلسات التحداخلي استنفر وتيقظ، متام

.2..."التعذيب

في مثلها أن تبدأ عالقة أو جاء بني العصر والغروب، يف تلك الساعة الشجية، واليت غالبا ما حيصل"

3"أن تنتهي

يف مستشفى كارلوف، أجريت يل خالهلا عدة عمليات، بدأت أحتسن، مث قضيت شهورا طويلة "

.4"بدأت أميل إىل الشفاء

وحني فتح ...التايل، وكان من عادة طالع أن خيرج بعد اإلفطار مباشرة إىل احلديقة، ففي اليوم "

.5"الباب

ويف وقت الحق، يوم الزيارة ...! أياما طويلة، امتدت إىل أسابيع بقي جسد طالع يف براد املستشفى"

األمر بدأت األسبوعية، وبعد أسبوعني من الوفاة تقريبا، جاء اثنان لزيارة طالع، وبعد أن عرف

.6"جديد خالفات من نوع

األوراق التالية شهاديت، أنا طالع العريفي، أحد الذين عاشوا يف سجون موران، ملدة عشر سنني "

، وغنين قضيت هذه املدة كلها دون حماكمة سجني سياسي ينمر إىل التنبيه أن متوالية، قد ال حيتاج األ

.7"قانونية ودون حكم

.11الرواية، ص 1 . 12 - 11: الرواية، صص 2 .14الرواية، ص 3 .13الرواية، ص 4 .16الرواية، ص 5 .58 - 57: الرواية، صص 6 . 163لرواية، ص 7

Page 182: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

182

السيارة أكثر من مرة، انعطفت يف طرق جانبية، وبعد نصف ساعة تقريبا، توقفت، استدارت"

مث صعدنا درجا، فتح باب غرفة، دفعت إىل داخلها، خطوات،أمسكوا بيدي وأنزلوين، قادوين بضع

1"وغابوا

، ضافة إىل اآلالم، ال أقدر وجود اآلخرينفاألسبوع األول الذي امتأل بالصمت، وجعلين باإل"

لقد .املساء وغري الكثري وبالتايل ال أحس �م، لكن حنيبا أقرب إىل العواء انفجر فجاة عند أوذل

، وأوضاع هذه بعد أسبوع من وجودي يف الزنزانة، فتأكدت أنين واحد من جمموعة حص ذلك

.2"ا�موعة ال ختتلف عن وضعي

وتعلمت الكثري، عرفت أن الشهريي قتل قضيت يف املهاجع مخس سنني، عرفت خالهلا الكثري، "

.3"وعرفت أشياء أخرى كثرية جعلتين أنسى غريها وأتيه بعيد ! حادث سيارة، وقيل أنه انتحر

، عش للدبابري العمياء، للحقد، وال خيلو من كوى صغرية لألمل بعض األحيان 17املهجع رقم "

احملاكمة ملركزي، فبعد التحقيق والتعذيب، مث ية لعالقيت بالسجن االقد اختاروا يل هذا العش كبد

.4" الصورية، محلت سنوايت السبع اليت حكمت �ا، وتوجهت إىل السجن املركزي

، حىت عرف 17ما كادت أيام قليلة تنقضي عن وجودي يف السجن املركزي، ويف املهجع رقم "

.5" ! السجن الداخليةاخلرب، ال أدري من نقله أو كيف تسرب، إن ذلك جزء من حياة

هنا، أنه ميثل يوم الشؤم ...إال أن يوم األربعاء عده الروائي ضمن جمريات وأحداث رواية اآلن

:امللفوظات اآلتية ورد على لسان عادل اخلالدي، من خاللوالنحس، مثلما

األربعاء، ذاك األربعاء الكامد، األربعاء امللعون بكل اللغات، وأيضا أربعاء الرماد، كما يقول يف يوم"

أحد الشعراء، بدأ النهار عاصفا جمنونا، كانت السماء تسود، وتزداد سوادا حلظة بعد أخرى، وكانت

. 168االرواية، ص 1 . 181الرواية، ص 2 . 318الرواية، ص 3 . 350الرواية، ص 4 . 357الرواية، ص 5

Page 183: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

183

وسقط املطر، مطر ، وبعد الربق والرعد انفتحت أبواب السماء الرياح تسوق الغيوم من أماكن بعيدة

. 1مل أر مثله من قبل

.2"! ي كالم بعد هذا زائدأ، ويبدو يل أن مات طالع يوم األربعاء مات"

، ختتلف من ملفوظ إىل آخر، حسب األحداث وخمتلفةواضحة تدلت دالال هذه امللفوظات

ومدى ــــــ ــــــــ خاصة فرتات السجنالفرتة الزمنية طول مدة على ثقل و والوقائع، إذ جندها تارة تدل

حني مرافقة نزالء خاصة ،خالهلا على مدى حيوية السجن تدل ، وتارة�اوعادل إحساس طالع

.وعادل طالععلى الفرتة الزمنية مدة خفة وقصرلت على د، فماسجن هلال

وتعاقبها عرب وحدات داللية جسد�ا حمطات حياة السيولة الزمانيةمما جيعل القارئ حيس بانتظام

، ون عمورية، السجن املركزي، سجن العبيد وسجن القليعةوهم يف سج وبقية السجناء عادل اخلالدي

.آمال عاشها هؤالء آالم و تنطوي على

صريح مما يدل علىسار السردي للرواية بشكل مباشر و رت هذه الظاهرة على مستوى امللقد تكر

عادل يحدوه األمل يف جتسيد شعوره حنو مقاومة ف ،وأمانته يف التعبري عنهمدى ارتباط الروائي بالواقع

، إذ البعضغائبة عند ائقتوضيح حقلإخالص، بكل صدق و مبادئه وأفكاره يف سبيلاخلالدي

الفنية هذا لتجربتهو ،اهتمامو دقة بحقبة زمنية معينة وقعت يف على تسجيل أحداث حرص الروائي

.العالية

، وكذا الصفة اخليالية على السرد لصفة التارخيية على السرد القصصيأن إضفاء ا بول ريكورويرى

، هذا الزمن الذي 3"التارخيي يولد ما نسميه بالزمان اإلنساين الذي هو ليس سوى الزمان املروي

، حمدثا الروائي برتتيب زمن األحداث ترتيبا تسلسليا اتتحكم فيه ثنائية املاضي واحلاضر، إذ يلتزم فيه

. 32الرواية، ص 1 . 57الرواية، ص 2دار الكتاب اجلديد جورج زينايت، : مرسعيد الغامني، : ، تر2006، 1، ط3الزمان املروي ، ج ـــالزمان والسرد ـ ،بول ريكور 3

. 149، ص ، لبناناملتحدة، بريوت

Page 184: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

184

ما يسمى بالتسلسل التارخيي لألحداث، أي يكفي أن نضع األحداث يف تسلسل زمين حىت حنصل

: ، وهذا ما منثل له بالشكل اآليتيعلى سرد تارخي

. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ نهايةبداية ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وسط ــــــــــــــــــ

، إذ طغى هتم باجلانب اإلنساينابقدر ما ،هيف حد ذات الواقعي يهتم باجلانب ملإال أن الروائي

الطابع احلسي له الواقع التارخيي املوضوعي الذي يغلب عليهخلـارجي الذي مث ن االزمـ ى الروايةعل

وأن هذا البناء ميثل بالفعل انتصارا على " ،العربيةهو زمن ميثل الذاكرة ال و مل ،نتيجة اإلحساس به

ا أدى إىل ، مم cronicle "1التعاقب الزمين البسيط، وجيعل من املمكن التمييز بني التاريخ واألخبار

إذ أسقط عليه عامله التخييلي ،النفسي ،فأوىل اهتماما كبريا به نوفتور الزم ،ن احلسي الواقعيعلو الزم

بعناية فائقة لتكون الوعاء تنم عن أحداث واقعية تارخيية اختارها الروائيفجسده يف صور خمتلفة

، وبالتايل حبكمها أداة تعكس الواقع اخلارجييستطيع القارئ أن يتعرف عليها عالمةين لروايته أو الزم

.احلقيقة التارخيية

وات ـــ، حمدثا فجفيها لعبة الزمن، إذ جنده يقدم ويؤخر مستعمالقد استطاع الروائي أن يبين روايته ف

يظهر لنا " ،ابــــأو الخط ردـــوزمن الس بزمن القصةراغات شكلت ما يسمى ــــارات وفــــــوانكس

، إ�ا جتري يف زمن سواء أكان هذا ة و�اية، وكل مادة حكائية ذات بداياملادة احلكائيةل يف زمن األو

أو غري مسجل، كرونولوجا أو تارخييا، ونقصد بزمن اخلطاب جتليات تزمني القصة الزمن مسجال

، ساحنا 2"خطايب متميز يفرضه النوع ودور الكاتب يف عملية ختطيب الزمن ومتفصالته وفق منظور

. 280ص ، س.م، 1، جـــ احلبكة والسرد التارخيي بول ريكور، الزمان والسرد 1الدار ، )لبنان ( روتـــــ، املركز الثقايف العريب، بي1997، 3، ط )التبئري ـــــالسرد ــــ الزمن (سعيد يقطني، حتليل اخلطاب الروائي 2

. 89 ، ص) اململكة املغربية( البيضاء،

Page 185: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

185

منثل له هذا ما ي،الفجوات اليت تركها الروائقي جللب انتباهه وملء الفراغات و الفرصة للقارئ احلقي

: 1أو اخلطاب باخلطاطة اليت وضعها محيد احلمداين للتمييز بني زمن القصة وزمن السرد

. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ دـــ ج ــــــــــــــــــــــــأ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

. ـــــ ب ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أج ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

منطق الزمين، حيث تتداخل األزمنة، مما يؤدي إىل تكسري زمنية الال العربية الرواية حيكم فقدو�ذا

" روايةوقد متظهر الزمن السردي يف ، 2"الزمن مقطوعا عن زمنيته، إنه ال جيري " يتواجد ف، احلكي

فذهب الروائي من خالل وقفاته الوصفية إىل تصوير حياة طالع، ،وعلى هذا النح" هنا... اآلن

وذلك ، ونفيه وخروجه من السجن عادلوتصوير نضاله ضد النظام السائد، وكذا تصوير سجن

.حبصر املادة احلكائية

إذ حاول الروائي تقريب هذه ،الرواية املعاصرةمن خصائص هو الواقعيةاألحداث استخدام أما

االيت متيز � دلت على القدرة النضاليةف ،بشكل مباشر وبصورة جتسيدية عميقةاألحداث من القارئ

.وعادل اخلالدي طالع العريفي

الذي ميز تلك احلقبة بغية استنتاج املغزى السامي والعميق الروائي تصوير األحداثوقد استطاع

: بني الزمنني فصل حيثمثل حياة أحداث الرواية بامتياز الزمنية اخلالدة، مما جيعلنا نعيش زمنا روائيا

إمنا يتوفر على وترية زمنيةالسرد ال ميلك زمنا و " قارئ أن إىل ال يوحياملتخيل، مما الواقعي و

Tempo وختضع لشروط يف خدمة السرد الروائي لزمن تكونحكائية ل، أي على استعماالت

.3"اخلطابية واجلمالية

.73س، ص .، ممن منظور النقد األديب محيد احلمداين، بنية النص السردي :ينظر 1 .68ص س،.، محتليل اخلطاب الروائي سعيد يقطني، 2 .118راوي، بنية الشكل الروائي، ص حسن حب 3

Page 186: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

186

، لت وفق بنية خاصة للسرد الروائيتشك " هنا... اآلن " روايةوبالتايل عملية بناء الفضاء يف

الزمن يف هذه الرواية تشري إىل ، كما أن بنية متميزا منحها صفة االعرتاف �ا حيث صنعت عاملا

بناء عناصر الرواية، وبالتايل الدقة يف رسم فضاء خطة حمكمة يف عرض األحداث و وائياعتماد الر

.الرواية الذي يرتاوح بني االتساع تارة والضيق تارة أخرى

اعتمد إذمستعينا بفضائه املكاين والزمين، ،باحلدث من كل جوانبه أن حييطالروائي استطاعفقد

من ،إىل مستشفى براغ للعالجوكيفية نقله سجنه بعد يالداخلعادل وصف حالة الواقعيالزمن

: ةاآلتيات خالل امللفوظ

ئة، وكأن شيئا يف قبل السفر حافلة، إذ إضافة إىل حالة الصحو املفاج كانت الساعات األخرية"

وتيقظ، متاما كما كان حيصل يف جلسات التحقيق بعد كل حفلة من حفالت داخلي استنفر

فإن نظرات املودعني يف البيت، مث يف املطار، وكلمات التشجيع الكثرية واملليئة باملبالغة، ...التعذيب

ن حويل اآلن، كنت أحاول أكدت يل أين لن أرى عمورية مرة أخرى، ولن أرى أيا من الذين يتزامحو

، لعلها تثبت يف ذاكريت ، وال أعرف إىل أي حد جنحت، وكنت أمتلى الوجوه حويل واألماكناالبتسام

وترافقين حىت اللحظة األخرية، أما وأنا أعتدل يف الفراش، مث وأنا أحاول موازنة جلسيت على الكرسي

املتحرك يف املطار، بعد أن عجزت عن السري، وبعد رفضت أن حيملين بعض األهل، وكانوا شديدي

باهلواء وروائح األشياء واألجساد، ألن على اإلنفعال واحلزن، فقد كنت أمأل رئيت إىل احلد األقصى

اليت يقدر يل أن أرى وأمسع وأشم ما تبقى من يقني أن هذه هي الفرصة األخرية، املرة األخرية

يف اللحظات األخريةبذلت جهدا استثنائيا لكي أبقى قويا ومتماسكا، . األصدقاء واألهل والوطن

دت على األيدي وشد ...أرد على النظرات املتسائلة املكسورةرغم التوتر وتزايد ضربات القلب، كنت

اليت كانت متتد ملصافحيت بقوة، لكن يف حلظة ما، وال أعرف مىت أو كيف جاءت تلك اللحظة،

استبد يب اليأس وقهرين التخاذل، فلم أستطع حبس دموعي، بكيت، وفعل ذلك عدد من املودعني،

ابتعدوا وغرقوا يف الصمت واحلزن، أما حني اقرتب الفراق، ودفع أما آخرون فقد فضلوا االبتعاد،

يف املمر اخلاص باملعوقني، فكدت أصرخ وأتوقف طالبا العودة واملوت هنا، كنت الكرسيشاقا طريقه

Page 187: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

187

حزينا إىل احلد الذي تساوت لدي مجيع األشياء، أن أموت هنا أو يف أي مكان آخر، أن أبقى أو

.1"! للدفعات اليت تسارعت باجتاه الطائرة أن أغادر، فاستسلمت

كان الوقت حوايل الظهر، يف يوم من أيام أيار !قبضوا علي وكنت خارجا لتوي من سوق احلالل "

ويف مثل هذا الفصل قبل دخول الصيف الكبري، يكون اجلو عادة رضيا مقبوال، ويكونالسوق ،املتأخرة

تلك السنة انقضى دون أمطار، وتبعه ربيع قصري مغرب، وبدءا شتاء هادئا أقرب إىل الركود، إال أن

، غري انتظار، الرعايا من البادية أليار اشتدت احلرارة وثقل اجلو، وتدفقت على من األيام األوىل

بالذين يريدون بيع أغنامهم ودوا�م باسرع تجهمة والغضب، وامتأل سوق احلاللامل ومعها الوجوه

وقت، وبعد أن تعذر عليهم إطعامها أو تأمني العلف هلا، وختوفهم أيضا من الرعايا اليت سوف يتزايد

وصوهلا يوما بعد آخر، وكان املشرتون يرتددون ويتأخرون ويطيلون املساومة، ويرافق ذلك الفوضى

لغ السوق ذروته يوم اخلميس، فقد كانت أيام ذلك الشهر مخيسا وإذا كانت العادة أن يب. واخلالفات

متصال، وهذا ما جعل املخربين يقيمون يف السوق ال يغادرونه، ورغم الزحام واألصوات العالية وحركة

الناس الثقيلة، مما جيعل السوق كله كتلة يصعب اخرتاقها أو حتديها، إال أن املخربين الذين ظلوا على

مما يرتدد على ألسنة الناس ،السوق يراقبون ويتابعون، ويتنصتون إىل ما يدور، بدأوا خيافون أطراف

من الشتائم والتحديات، وحني انتقلت تلك الشتائم إىل الرؤساء مث إىل القصر، فإن اخلوف زاد أكثر

أحد الذين قبض ، مشلت الكثريين، وهكذا كنتعتقاالتدى إىل محلة واسعة من االمن قبل، مما أ

إذ ما كدت أصل إىل أسوار السوق حىت اعرتضين ثالثة أشخاص و�دوء، لكن حبزم طلبوا ...! عليهم

إيل مرافقتهم، رفضت حاولت أن أقاوم، طلبت منهم أن يربزوا إيل ما يثبت صفتهم واألسباب اليت

ش معنا برضاك أحسن ام: تستدعي القبض علي، قال يل املسؤول، وخرجت الكلمات من بني أسنانه

بعد أن تلفت هنا وهناك، ومل أجد أحدا يعرفين، أو ميكن أن يقف إىل ! ما تتبهدل وينكسر رأسك

على مسافة غري بعيدةمن السوق كانت تنتظرنا سيارتان، وخبفة ! جانيب، اضطررت إىل مرافقتهم

جهة، وانتقلت السيارتان ، واحد من كل رة األوىل، وجلس إىل جانيب اثنانوبراعة دفعوين يف السيا

. 12 -11: الرواية، صص 1

Page 188: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

188

بعد أن قضينا بضعة كيلومرتات، وأصبحنا خارج املدينة، استخرج ...بسرعة، وأخذنا طريق العوايل

الذي كان جيلس إىل مييين قطعة من القماش وعصب عيين، فعل ذلك دون كلمة، وبطريقة آلية

صف ساعة تقريبا توقفت، استدارت السيارةأكثر من مرة، انعطفت يف طرق جانبية، وبعد ن. متقنة

توقفت ، أمسكوا بيدي وأنزلوين، قادوين بضع خطوات مث صعدنا درجا، فتح باب غرفة، دفعت إىل

.1" ! داخلها وغابو

بيهة مبا تلتقطه عدسة الكامريا على أبرز مستلزمات الرؤية البصرية الشفهذه النصوص الوصفية تقوم

يكتب بلغة كان الكاتب يدل على أن مما، صف األشياءيف و الال حمدودة و وحركة العني الواصفة

سد للصورة املكانية يف إعطائها دالالت، مما حقق بالغة جممفعم باإليقاع التخييلي و أسلوب و شعرية

.دت إىل توقف مؤقت يف جمرى السرديف الوصف، أ

اقضات من خالل شخصيتني املليئة بالتن فرتات السجنو�ذا التصوير الدقيق لألحداث ممثلة يف

،الته الدنيئة هلماالنظام مبعاملة رجـــــ مظلومتني من طرف اطالع العريفي لدي و عادل اخلا متميزتني ـــــ

، كما خالهلا مامل يستطيع التاريخ قولهمبادة تارخيية استطاع أن يقول من الروائي استعان حيث

ابع بنيت على نظام دقيق يومئ بالتتــ قد " هنا... اآلن " نالحظ أن العالقات اجلوهرية يف رواية

أبعاد ظروف الرواية و عــاب يمما ساعد على حتضري اجلو النفسي العام الست ،الزمــاين للوحدات احلكـائية

رته اإلبداعية تكوين بنية إذ استطاع بفضل قد ،تشاهد فلما سينمائيا يف اخليال كأنك ،شخصيا�ا

.مجالية

أن إذ استطاع من خالله ، بفضل أسلوبه االختزايل للزمـنينــاع الروائي متديد فضائه الزمــقد استطو

سنوات على وحدات زمانية كربى جتسدت يف اشتملت روايته إذ ،يستوعب وحدات زمانية كربى

فجعل زمن الرواية أطول من زمن ، فجرت احلدث تفجريا رأسياممــا وفر مــادة حكـائية غزيرة ،عديدة

.2القول

. 167 -166: الرواية، صص 1 . 29 - 28: س، صص .مفهوم الزمان وداللته يف الفلسفة واألدب ،م أمحد طالب،: ينظر 2

Page 189: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

189

، والذي ميكن أن هندسة الفضاء الروائيفهو اآلخر حتققت به البعد الزمني التاريخيأما

يتبلور من خالل ، والثاين يتبلور من خالل التاريخ الواقعي األول: يتمظهر يف الرواية وفق مسارين

يف ،1"الزمن التارخيي أو الذاكرة يظهر من خالل عالقة التخيل بالواقع " ، إذ أن الروائياملتخيل

، حيث اعتربوا أن الروايات العربية ، وهذا ما ذهب إليه العديد من الدارسنيشكل بناء زمين موحد

الذي تعين به املعاصرة اهتمت بالتاريخ الواقعي مع مزجه باجلانب التخييلي يف بناء الزمن الروائي،

البعد كمــا نستشف .2املتحكمة يف بناء اخلطاب والقصةلواعية والال واعية يف آن واحد و احلوافز ا

ميثل ذاكرة " نهإحيث ،ي على أرضية الروايةــــرهــا الروائالتـي ينث وزــــالرمالل ــــأيضـا من خي ــــنالزمـ

، 3"، ويستطيع الروائي أن يغرتف منهاستقالله عن عامل الرواية مدونة يف نص له البشرية، خيتزن خربا�ا

ز به البلدان العربية املمتدة من الشاطئ الشرقي للبحر الواقع السياسي القاسي الذي تتمي واملتمثلة يف

املتوسط حىت أعماق الصحراء، مازال مستمرا رغم تقدم الزمان وتطور الوعي اإلنساين، فاألمم

بدأب إىل تأمني حياة كرمية لشعو�ا تقوم على أسس العدالة واحلرية واملساواة، يف حني األخرى تسعى

أن حكام البلدان العربية املعنية يف هذا النص ما زالوا يكدون أنفسهم ببناء السجون، وميلؤو�ا بآالف

ال أعتقد أن " :روائي قائالن الروائي يصرح يف هذا النص الخاصة وأ ،4 مؤلفة من األحرار والتقدميني

يف العامل مكانا حيوي عددا من السجون كما هو احلال يف ضفيت املتوسط الشرقية واجلنوبية، وال

اوزت فرنسا ــاليت جت *5لــــــاستيــــأعتقد أن يف العامل عددا من السجناء كما يف هاتني الضفتني، وثورة الب

أصداؤها وأخبارها أيضا إىل هذه البقعة من األرض، وإال العامل كله، يبدو أ�ا مل تصل بعد، ومل تصل

، جدارا للكتاب العاملي، 2006، 1الشمايل، الرواية والتاريخ ــــ حبث يف مستويات اخلطاب يف الرواية التارخيية العربية، ط النض 1

.154عامل الكتاب احلديث، عمان، ص ع ــ املدارس، ، املكتبة األدبية، شركة النشر والتوزي2004، 1طالصيغ واملقومات، العريب ـــحممد معتصم، النص السردي : ينظر 2

.185 - 184: صصالدار البيضاء، املغرب، .46س، ص .سيزا قاسم، بناء الرواية، م 3، دار القلم العريب للنشر، حلب، سوريا، 1998، 1أمحد مرشد، املكان واملنظور الفين يف روايات عبد الرمحن منيف، ط: ينظر 4

. 39ص .1789للدولة يف عهد شارل اخلامس، قبل أن يتم هدمها يف ثورة قلعة ضخمة كانت تستخدم سجنا : الباستيل* 5

Page 190: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

190

هذا اجلانب من حياة السجن مل " :ويروي أيضا ،1" كيف نفسر السجون اليت تشاد يوما بعد يوم

حين الوقت ألن خياض فيه أو ألن تكشف أسراره، فما دامت سجون املتوسط تزخر �ذه األعداد

نفسه الخالدي عادل وجد إذ ،2" ؤالء الفرصة والقدرة للدفاعاهلائلة من البشر، فيجب أن تكون هل

وقرن جديد أصبحت ،سيدها عمورية تعلى حـافة قرن ينسحب بكل أشواقه وهزائمه ومفاخر كــان

العامل زمان مما أنتج، قادرا على إتقا�ا عادللغة أخرى مل يعد مصائر البشر واألحداثفيه

كرمز ،عم أغلب األشياءمن دمار وخراب وما جنم عنه اجلائر نظامهاملتجسد يف العارض السياسي

قرأ ، مومها نفسه أنه ال يزال هناك من يمعني زمن تارخييللداللة على و ،السالفة لسياسيةللحقبة ا

إذ فرضت طبيعة هذه ،كان طاغيا يف منحاه العام الزمن اخلارجيف .يفعل شيئا ذات يوموميكن أن

السجناء احلامسة رجحان الوظيفة اإلخبارية عن مسرح الصراع الذي كان قائما بني السياسيةاملرحلة

.رجاالت النظام السائدو السياسيني

من خالل ما ورد فيها من اإليقاع البنائي الفنييف هذه الرواية ،يف اجتاهه العام نالزموقد شكل

.الليل، الفجر والفصول األربعة :أزمنة

ألوان ء الروائي ،و أ�ما يرمزان إلـىبوصفهما زمنني حسيني يف هذا الفضـا الفجرو الليل: مثال

العالمة للحقل الداللي فإ�ما يرقيان إىل مستوى ،ن الدالالت حسب توظيفهما يف النصخمتلفة م

.يتضح من خالل أحداث الرواية،وهذا ما للنص

وجعلنا نـومكم ﴿ : تعاىلفالليل رغم أنه يدل على الراحة والنوم والسكون يف مدلوله العام لقوله

د شدة التأزم لدى فإنه جيس ،3﴾ ) 11( وجعلنا النـهار معاشا ) 10( وجعلنا الليل لباسا ) 9( سباتا

:تيةمثلما دلت عليه امللفوظات اآل ،ئييف هذا الفضاء الروا بعض الشخصيات

.310الرواية، ص 1 .332الرواية، ص 2 .11 -10 – 9 :سورة النبأ، اآليات 3

Page 191: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

191

مل يبق جرف حاد إال . احلمى، تلك الليلة، تطوف يب من مكان إىل آخر، والرعود هي اليت تعيدين "

ووقفت على حافته، مث وجدت يدا تشبه يد العطيوي تدفعين إىل قاعه، ومل تبق حية صفراء أو سوداء

كان الظالم يتكاثف إىل درجة أنه وحده خينقين، أما .ت يف كل حلظة، أسقطوطاردتين، كنإال

ليلة ال تشبه أية ليلة غريها، ...العطش فكان مثل حبل يلتف حول عنقي ومينعين حىت من الصراخ

وتأخذين احلمى مرة أخرىأ اسافر ، أغيب، وحني أعود ثانية ...واسعة كالسماء، وخميفة كصحراء التائه

السفر أشعر بالتعب، بالعطش، برغبة البكاء، وعرب النافذة أرى وأمسع املطر، ال أعرف كم من ذلك

مرة سافرت وكم مرة عدت تلك الليلة، ولكن عندما كنت أعود، ويف تلك املساحة اهلشة من اليقظة

أحس يدا كاللجام تطبق على رقبيت، أحس باإلنقباض، ويف مرة كدت أختنق، كنت أرفرف مثل

ويف مرة تأكدت أن قوة تشدين . ر ال يريد أن يبقى قبضة حاقد، كنت أشتهي الصراخ والبكاءعصفو

.1 "إللى أسفل، تشبثت بالسرير، قبضت على الطرفني بقوة، حىت بدأ النهار

حىت تلك الليلة، مل أكن أتصور أن هناك هذا الكم من الشتائم اليت ميكن أن تستعمل، أن يقوهلا "

. 2"أحدا يكركرهم ، كانت شتائم تتواىل وهم يضحكون، وكأن مواجهة إنسان آخرأحد يف

يف مثل هذه الليايل، واليت بدأت تتقارب وتتكرر، رمبانتيجة احلرارة الشديدة، واليت جعلت الزنازين "

وقد ...أقرب إىل األفران، ال يتغري ميزاج اإلنسان فقط، وإمنا يصبح إنسانا آخر، أقرب إىل اجلنون

3"ينهض فزعا مرعوبا إذا دبت فوق وجهه حشرة من حشرات الليل، ويتعذر عليه النوم بعد ذلك

بعد هذيان الليل، والذي ولد أحزانا كثيفة ربضت على الصدر بثقل، وكأنه حالة اختناق، ..."

.4"لساعات مستمرة، يف اليقظة واملنام

: مما تدل عليه امللفوظات اآلتية، التفتيشالت إلدارة السجن لتنفيذ محوميثل الفجر فرصة

. 54 – 53: الرواية، صص 1 . 175الرواية، ص 2 .182الرواية، ص 3 .183الرواية، ص 4

Page 192: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

192

:مل يكد ميرذ أسبوع على وصويل إىل املهجع رقماحلال، وهذا ما كان متوقعا، لكن هكذا كانت"

.1"، حىت بدأت يف الليل املتأخر ، قبل الفجر بقليل واحدة من محالت التفتيش املفاجئة 05

التفتيش، واليت جتري عادة عند الفجر، ومحلة مثل هذا تعرضت مهاجعنا لواحدة من محالت ..."

النوع ال تعين مصادرة املواد املمنوعة، وإمنا ملعرفة الوضع املعنوي للسجناء، وما طرأ عليهم خالل الفرتة

اضية، األمر الذي يقتضي إعادة التوزيع، واللجوء إىل التهديد أو اإلغراء يف حماولة إلسقاط عدد امل

جاؤوا عند الفجر، طلبوا منا أن نغادر املهجع، قلبوا فراشنا : م مثل كل مرة�كعاد...من السجناء

.2"وأشياءنا البائسة، نقبوا يف اجلدران واألرض، مجعوا ما اعتربوه ممنوعا

للقاء السجناء لإلسرتجاء واستذكار املاضي وعرض القصص والنكت كان فرصة ف الليل أما

:مثلما يدل عليه امللفوظ اآليت ،لنسيان آالم النهارللرتويح عن النفس

مل نرتك قصة، أو نكتة يف ل بوصوهلم، واستعدادا للقاء �م،يف الليلة األوىل، وكمحاولة لالحتفا"

.3"سجين العفري والقليعة، حوهلم ، أو هلم �ا عالقة إال وتذكرناها

ثقل الروح واألجساد ا�هدة، فقد جفا النوم عيون الكثريين منا تلك الليلة، كنت أغمض عيين ورغم"

قلت لنفسي، . لكي أنام فأجد أن النوم يهجرين، يبتعد عين، وكلما توغل الليل أكثر يبتعد النوم أكثر

! املوتاحلب أو : يف إحدى حالتني النوم يتخلى عن اإلنسان: وقد اكتشفت هذه املفارقة

هذه الليلة ختتلف، فاحلاج مصطفى يقف فوق رأسي بإصرار عجيب، وحني ألوم نفسي وأحاول ...

ا وصلت السجن، أن أنام ال أستطيع، أما إذا استحضرت محاقات احلاج ، وتذكرت لقاءنا األول مل

أهكذا : لكي أقنع نفسي أن األمر ال يستحق كل هذا العناء، فأجد أن شيئا يف داخلي يصرخ

.4"ملون املوتى واألصدقاء الراحلني تعا

.360ص الرواية، 1 .547الرواية، ص 2 .530ص الرواية، 3 .513الرواية، ص 4

Page 193: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

193

: اآلتيتنين النفسي الداخلي باملخططتني والزم ،الزمن احلسي اخلرجي: ننيوميكن أن منثل للزم

:ن الحسي الخارجي بناء الزم ـ

الليل الفجر

: ن النفسي الداخليـ بناء الزم

انفراج األزمة والسجناء عادل الخالديتأزم نفسية

،من السجن بعض السجناءهروب حماوالت مع " هنا... اآلن " يف رواية الليل تزامن قدلو

:تدل عليه امللفوظات اآلتية مثلما

بعدة بدأت املسرية بعد أن انتصف الليل، يف واحدة من ليايل شباط الباردة والصاحية، كنا حمروسني"

سيارات مسلحة وكانت حركات احلرس حماذرة وخائفة يف آن واحد، وبدأت األجواء مشحونة إىل

قال يل رضوان، وهو حياول أن يتقي الريح . ر الوضع كلهدرجة أن أي خطأ أو حتد، ميكن أن يفج

رة يف أول سأهرب، لقد قررت، وسوف أقفز من السيا:...الباردة، بان خيفض رأسه أقصى ما يستطيع

.1" فرصة، ومهما كانت النتائج

وحني استلمت دورية الليل من دورية النهار، اكتشفت أول األمر وجود النقص، ،يف املساء"

واكتشاف من هذا النوع مثري للخوف والقلق، حىت قبل أن يعرف من الذي هرب، وكم عدد الذين

.373الواية، ص 1

Page 194: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

194

كانت أمسية، مث ليلة، شديدة القسوة، إذ مبجرد اكتشــــــاف النقص حتــــــول السجن إىل خـــلية ! هربوا

.1" األسلحة، والرتدد آلخر حلظة واخلوف من إبالغ اإلدارة ل، الركض، اإلنذار، التحفز، تعمريـــحن

:على لسان عادل اخلالديمثلما جاء ،عقد االجتماعات المهمةو التخطيطالليل يساير كما أن

ايل ـــــهكذا كانت جتري املناقشات بيننا يف أحيان كثرية، رمبا نتيجة اهلواجس والذكريات اليت متأل لي"

والصمت، ويضاف هنا األمل، مث ذلك احلنني إىل لــــفاللياملرض، متاما كما كان احلال يف السجن،

يدفع جمموعة كبرية من األسئلة واألفكار، حببث ال غائما أو خمتلطا، شيء ما، وغالبا ما يكون

راتنا تطول كانت حوا...يستطيع اإلنسان أن يقطع برأي أو يكون متأكدا ما مل يناقشها مع صديق،

يف بعض األحيان، واألخت جوليا مسؤولة ممرضات الليل، احلازمة، املسنة، وتتشعب، وكانت حتتد

.2"شيء يسري بشكل طبيعي كل ل مريض يف سريره، وك لتتأكد أن ،وهي متر على الغرف

، 17ة املهجع رقممتت املوافقة على االقرتاح وبدأت احملاوالت لإلتصال باملهاجع األخرىن خاص"

الداخلية بتقصي أخبار الكدارة وأخبار الذين أخذوا إىل ، وبدأت أيضا الشبكة09واملهجع رقم

رنا خالفا للعادة قبألن أنام وقد اضطر الليل يف...السرداب، ومل ننسى بطبيعة احلال احلاج مصطفى،

من أن يبدو ، رمبا لتجنب املناقشات، أو ألن احلزن كان ثقيال كثيفا ومل يشأ أي أن ننام مبكرين

.3"حزينا أمام اآلخرين

:مثلما جاء يف األمثلة اآلتية المطالعةالكتابة و زمن الليل كما ساير

بعد مناقشاتنا حول السجن، ولكي خنلق ذاكرة : ، وبنوع من الزهو، اعرتفيف هذا املساء الربيعي "

ال أزعم : مث أضاف رأسه ابتسم وهز ! عن هذه التجربة، وكتبتإضافية لدى الناس، قررت أن أكتب

أ�ا جتربة خارقة، ولكنها قد تكون مفيدة الستعادة وقائع الفرتة املاضية كلها، وإذا كان من حقي أو

.386 – 385: الرواية، صص 1 .22 – 21: الرواية، صص 2 .366الرواية، ص 3

Page 195: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

195

إن كانت تستحق النشر، ،مسالة نشرها هذه التجربة بكل صدق وجرأة، فإن من واجيب أسجل

.1"مرهونة بالظروف املناسبة

، وقد فعلت ذلك �دوء، ، كي تطمئن جوليا البابيف الليل املتأخر، وحني فتحت األخت "

ووجدتين ال أزال غارقا يف تلك األوراق، تغريت فجأة، غادر�ا الوداعة وختلت عن اهلدوء، سحبت

مين األوراق خبشونة أقرب إىل القسوة، وتدفق سيل من الكلمات، ومع الكلمات حركات اليد تدل

د بني مجلة وأخرى، رمبا ميزت األوراق، أو اعتربت الوقت على الكتابة، وكان اسم العريفي يرتد

قالت إن اإلرهاق الذي أصابه، والذي أودى به، هو نتيجة القراءة أو الكتابة امللعونة، متأخرا، ورمبا

.2"هكذا قدرت، وكنت أقرأ انفعاال�ا وأرى غضبها

:الفصول األربعة / ـ الزمن الحسي غير المباشر 2ـ 2ـ 5

الفصل الذي وقعت فيه فهي أوال حتدد ،وظيفة مزدوجة "هلا الفصول أن إىل يشري الدارسون

عطي القصة إحساسا أي أنه ي ،عملية اإليهام بالواقعمما يساهم فيما يعرف باسم ،أحداث القصة

اليت ترمز إىل اهلندسة ، هذه اإلحاءات3"أما الوظيفة األخرى فهي رمزية إحيائية ،أكثر بالواقعية

فالفنان كما " شكل الطبيعة املعروضة يف البناء الروائي، معالفضائية عند فصول حمددة مبا يتجانس

اإلحياء يأيت ه يوحي �ا، وهذا ما حياكي الطبيعة يف واقع األمر ال ينسخها، ولكن دعن :قال آريسطو

تلعب الفصول األربعة دورا حيويا يف تشكيل مجاليات "كما ،4"وتتعدد على عدة صور ختتلف

كأ�ا تقدم لألمكنةفصول الروايات لكي تفتح املكان، و إذ أ�ا غالبا ما تأيت يف بدايات ،5"املكان

.29الرواية، ص 1 .68الرواية، ص 2 . 306صمصر، ، القاهرة ،جنولو مصريةمكتبة اال 1967 ،راسات يف الرواية والقصة القصريةيوسف الشاروين، د 3 .252س، ص .ات املكان يف الرواية العربية، مشاكر النابلسي، مجالي 4 .327املرجع نفسه، ص 5

Page 196: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

196

هنا، قد ارتبط بالفصول ... ، فنجد أن استفتاح معظم وقفات ومقاطع رواية اآلنأو تعلن عنها

.الفصول وهندستها الستنكاه مدلوال�ا يف الروايةالطبيعية، وسنقف عند هذه

األب أنه: يقال عنهفهو كما ،معظم الروايات العربيةالفصل املتسيد يف فصل الشتاء كان لقد

إذ ،من خالل حتوالته املختلفة ،"هنا ... اآلن " ، وهو يتجلى يف رواية األكرب للفصول األخرى

املواقف اليت خاضها من خالل تزامنه مع بأمطاره وثلوجه إىل صورة متجهمة،حتول من صورة مجيلة

إذ جتاه النظام السائد، وكثريا ما حيدث كشفا وتعرية لقضايا صعبة، عادل اخلالدي وطالع العريفي

: رد يف األمثلة اآلتية و ما، مثلوهو يف سجنه عادل اخلالديجنده يقسو ويشتد كلما اشتدت حمن

أخذت األمور تزداد تعقيدا وصعوبة،، بدأ املرض أو باألحرى أخذ يشتد : بدخول فصل الشتاء "

ال أعرف من أين كان ينبع كل هذا ...الربد واجلوع: ويقوى قياسا لفرتة سابقة، وما جعله ىأكثر حدة

.1"يتدفق والربد أ

السجن، تقلصت احلركة، وأخذت يف هذا الشتاء الذي دخل فجأة، ويف ظل الذبول املخيم على "

املساحات تذيق أكثر مما كانت ضيقة، أكثر من ذلك مل نعد نرى املساعد، إال نادرا، فقد كان

وبسرعة ...يفضل أن يبقى قرب املدفئة، وإذا اضطر إىل جولة ، فكان يغرق نفسه يف معطف ثقيل

كما أن بوابات املهاجع تغلق مبكرا .مير على املهاجع، كواجب ثقيل، وميضي، فقط ليؤكد وجوده

.2"خالل هذا الفصل، وال تفتح إال يف ساعة متأخرة من اليوم التايل

والذي هنا،... الزمن يف رواية اآلن فضاء دورا كبريا يف تشكيل أدت لشتاءفصل الهذه الصور

مل يكن خاليا من االنسان وحركاته وأفعاله، وبالتايل كان هذا الفصل حيمل هندسة خاصة تتأثر

بتحركات ومواقف الشخصيات وردود أفعاهلا، فينفتح وينغلق هذا الفضاء الزمين من خالهلا، خاصة

.203الرواية، ص 1 .509الرواية، ص 2

Page 197: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

197

ه قضايا عديدة، وما حتمله من ردود أفعال جتا عادل اخلالديوأنه اجتمعت فيه كل حتركات ومواقف

. و عواصفه تشق معه الزمن حنو فضاء احلرية حيث كانت برودة الشتاء وأمطاره

جللب املاء يف صباح شتوي باكر، يف يوادال نزول سجناء القليعة إىلسقوط األمطار مع وتزامن

، مثل ما ورد على لسان عادل السجانني عليهموهجوم ،رحلة عرب ممرات جبلية قاسية ووعرة

مثل ا�انني، يف تلك املمرات اجلبلية . هرولة إىل العني، روحة ورجعة بدون توقف: " اخلالدي

ى ظهورنا تالحقنا، وكنا جنفل القاسية، بدأنا تلك الرحلة، كنا نركض ونتدحرج، ألن الضربات عل

ظللنا ذلك ... ! لك األرجل متتد لتوقعناوالعصى تربز من وراء األشجار لتلطم وجوهنا، وكذ رتد ون

إذ ما نكاد نصل إىل السجن، وكان النقيب ! اليوم �بط ونصعد، وكأننا يف سباق تتابع ال �اية له

نا وإعادتنا ! هناك، حىت يأمر بأن نعود مرة أخرىوبدأنا نتساقط الواحد بعد اآلخر، ومل يستطع مل

.1"ورمبا ال يذكر أي منا كيف انقضت تلك الليلة . إىل املهاجع إال بصعوبة

:مثلما دلت عليه امللففوظات اآلتيةكما تزامن سقوط األمطار مع موت السجني احلاج مصطفى

تاء األجرد الفاصل، بدأت قطرات املطر تتساقط من ، وألول مرة يف هذا الشوقبل أن يغيب"

اخلارج، وبني فرتة وزاخرى �ب، ، وكانت الريح يفوظللنا ذلك اليوم يف مهاجعنا، مل نغادرها. السماء

، فأخذت تولول، وكانت السماء وهي تنزل القطرات القليلة، وكأ�ا وكأ�ا تذكرت احلاج مصطفى

.2" تذرف الدموع ، وتتذكر أيضا

، أنه كان فضاء مفتوحا على هنا... رواية اآلنيف لفصل الشتاء ة الفضاء الزمينومما ميز هندس

فصل التشكيل، ففيه تتغري صور الطبيعة، وأنه يتميز " كل أحداث الرواية وحتركات الشخصيات، فهو

وقد كان أكثر تواترا يف ،3"واحلرية على فصول السنة بكافة حواسه اليت ميلكها، وأنه فصل التغري

متوقعة، فكان فصال مسيجا باحلركة، إذ تزامن حلول هذا ، ملا يتميز به من مآس ومغامرات غريالرواية

.473 – 472 :صالرواية، ص 1 . 512الرواية، ص 2 . 336ص س، .مشاكر النابلسي، مجاليات املكان، 3

Page 198: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

198

أنه استقر إذ، العفرييف سجن وكثرة األمراض خاصة ،الكثري من املواقف واألحداثمع الفصل

، فقد احتوى كل التغريات اليت وباعتباره فضاء مفتوحا .األنفساحتل الساحات والبيوتات واحلدائق و و

طرأت على حياة الشخصيات، خاصة طالع الذي طالته تغريات عديدة يف أغلب األحيان للدفاع

ورد مامثل انقالبات حقيقية،و تغريات تعن مواقفه جتاه وطنه، إضافة إىل حاالت الطوارئ اليت أحدث

: يف املثال اآليت

وكأن قوة مهمة ألن ما تالها غري الكثري م اجلمعة، تعد و تفاصيل املتعلقة بليلة اخلميس أو بيبقية ال"

وهذا ما حدث يل ! املسارات اليت جيب أن يسريوا فيهاصد البشر وحتدد هلم مصائرهم و غامضة ترت

سبة يل شديد املشهد بالن ، فإن ليس األمر على هذه الصورة متاما...بعد أن وصلت إىل باريس، ال

حبيث ،األصوات واألماكن والوجوهذ تتداخل الصور و االضطراب، غائم وأقرب إىل عدم التصديق، إ

ما إذا وقعت أعرف كيف وقعت األحداث أو كيف تتابعت، أكثر من ذلك ال أستطيع أن أجزم ال

.1"لها أو حلمت �ا فعال أم أين أختي

تحول سكونه الطبيعي إىل فضاء مليء باخلوف فكغريه من الفصول األخرى فصل الصيفأما

اء يف ــا جــمثلمر من اآلالم، ــالكثيو وباتـــوالعق راضــواألم وضــاك والغمـــالة من االرتبـــالضامر وح

:ةاآلتي اتــامللفوظ

دخل الصيف، النسمات الدافئة، والنهارات تطول، واجلو يتغري يوما بعد يوم، ويفرتض أن يتغري "

لكن كمدا أقرب إىل احلزن خيم على القلوب، وسيطر ...من جديد جسدا وروحا ، مث خيلقالرجال

.2 "، إنه كمد غري مفهوم وميتزج باحلرية العالقة بني السجناء و السجاننيعلى

ل هذه احلرارة يف مثل هذا الفصل من السنة ؟ وهل يقوى أحد من السجناءعلى تماكيف ميكنم اح"

.3"يعترب احلمام طريقة إضافية للتعذيب ؟ ؟ وأال ىاالستحمام �ذا املاء املغل

. 146الرواية، ص 1 .477الرواية، ص 2 .186الرواية، ص 3

Page 199: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

199

الرياضة اليت تزداد يوما بعد آخر، ومع احلرارة والتعرق، يضعف اجلسد وخيبو، و وألن حرارة الصيف "

مل تعد فيها تلك املتعة، وال ميكن ممارستها، ألن ! يضا ملواجهة املرحلة القادمةكانت متعة ونزقا، وأ

قدم أيام أما الزمن الذي دائم اجلريان، فقد حتول بت...اجلسد ومنذ ساعات الصباح األوىل يبدو متعبا

. 1" إال بتثاقل ميتقد به املياه اآلسنة، ال يتحرك وال الصيف، إىل ما يش

ما كادت الشمس ترتفع ذراعني أو ثالثة يف السماء حىت بدأت احلرارة تدفئ العلبة، أما بعد أن "

وحتول إىل لزوجة، وحني حل الضحى وصل الدفء إىل درجة مرت ساعة فقد أصبح الدفء ثقيال،

القسوة، مث ومبرور الوقت، دقيقة فأخرى، فقد أصبحت احلرارة أنصاال تتهاوى من كل اجلهات وتنبع

أما اآلن واحلرارة تنفجر وتتدفق ال أعرف من أين، فقد شعرت أنين أختاذل، أذوب، ...من كل مكان

، يف حماولة التقاء هذا اجلحيم، أحس أن اجلهة السابقة، اليت جهة إىل أخرى أتالشى، وحني أدور من

ونظرا للعرق الذي ...ئي يتحول يف هذه اجلهة إىل مجر ألن الوهج الذي كان وراتركتها، أكثر رمحة،

يزخين والذي كان يفيض من كل املسامات، فما أن اتكأت على اجلدار حىت شعرت أن يدي

ال : قلت لنفسي .شعرت أنين امتلئ تعبا وأ�اوى...صفيح، وأشم رائحة إحرتاق اللحمتلتصق بال

.2"ميكن أن أحتمل وأصل إىل الظهر، حني تصبح الشمس عمودية، وتنصب منها شالالت اجلحيم

ؤس والعجز، وقد بلقد اتسم فضاء فصل الصيف من خالل أحداث الرواية بانتشار األمراض وال

السمات مجيعها على معاين الضيق واالختناق، خاصة أيام السجن اليت استطاع من دلت هذه

. أن يستوعبا كل معاين البؤس والشقاء اخلالدي خالهلا طالع العريفي وعادل

هنا،...اآلن استحوذا على أكرب املساحات النصية يف رواية الشتاءوالصيف نالحظ أن فصلي

اليت متيزت يف معظمها بالتجهم والكآبة واخلوف ،يف تشكيل أحداث الرواية إذ لعبت الدور الكبري

.التجديدشكال معا فضاء للحركة والتحدي و وعدم االستقرار، وخلق جماالت جديدة للحياة، ف

.191الرواية، ص 1 .390 – 389: الرواية، صص 2

Page 200: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

200

مقابل الفصلني السابقني، كان حضورمها حمدودا، إذ ال متثيال عابراث فم الخريفوالربيع أما فصال

وذلك نظرا لنوع املوضوع الذي اهتمت به �جة ،أ�ما من أكثر الفصول تلوينا ورومنسية و رغم

ل على مدى ا يدمم ، إذ يغلب على أحداثها تصوير تسلط النظام واستبداده يف الدول العربية،الرواية

.هنا... عدم االستقرار الذي اكتنف رواية اآلن اخلوف والكآبة و

يف مواقف عديدة من قد حتول فصل الربيعأن ، للروايةشف من خالل قراءتنا املتكررة إال أننا نست

ضاء حصار مجال وتألق وانفتاح إىل ففضاء من إذ حتول ،، واتصف بغري معانيهأحداث الرواية

: من خالل امللفوظات اآلتية، احلزن واألملوانغالق، ليحمل دالالت الكآبة و مرذواحتجاز وت

كان ضيق الصدرأقرب إىل: أتذكر تلك الساعة عند الغروب، يف أحد األيام املبكرة من أيام الربيع"

.1"شيئا يف داخله مينعه النزق، كان لديه ما يقوله، لكن

، جاء وقد أحسسنا بذلك سنة إال أن الربيع مثل كل ،يحةورغم أن أمطار هذه السنة كانت شح"

، ، اليت يرددها سجناء القسم العامالنهار، وأيضا من تلك األغاين الشجيةمن دفء اهلواء وطول

، ورمبا الحظ هؤالء السجناء ، وتقول األشياء بلوعةالشجن، مليئة باحلنني و كانت األغاين حزينة

يرفعوا ، أن، ولذلك مل يرددوا، وهم يغنون يف هذه الليايلتلك الزيارة انفعالنا وتأثرنا بغنائهم أثناء

يرثون أصحا�م م يبلغوننا رسائل شوق، ورمبا عتاب، وكانوا أيضا � أ، وكأصوا�م أقصى ما يستطعون

، وكانوا يف الوقت نفسه يندبون حيا�م وحظهم يعرفون، الذين أخذوا إىل حيث ال الذين ذهبوا بعيدا

.2" ! يف هذه احلياة

من واليت ختلقت وفق ظروف الرواية ووقائع أحداثها،ربيع لفصل ال السمات املصاحبةوبالتايل هذه

معاديا للطبيعة، مما جعله يكاد ينعدم يف هذا التشكيل الزمين لفضاء الرواية، ألن أصبح الربيع خالهلا

.28الرواية، ص 1 .528الرواية، ص 2

Page 201: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

201

ألن من مسات الربيع أنه فصل طبيعتها أرغمته أن يتغيب وألزمته أن يتصف بغري معانيه اجلمالية،

.1 البهجة واحلرية

،موسيقا تعزف على األغصان العاريةفتميز حضوره بصوت الريح الذي حيدث فصل الخريفأما

:وهو يفرش األرض بأوراق األشجار، مثلما جاء يف األمثلة اآلتية ،مما جيمل الطبيعة

، ال شيء عن سجن القليعة وأخبار العامل اخلارجي ذابلة بطيئة انتهى الصيف وأعقبه اخلريف "

رد عمورية، وهو الليل خادع غرار، إذ ، بوبدأ الربد...دوكان العامل أو احلياة يف حالة أقرب إىل الركو

، وألن األمطار ، فبعد أيام متواصلة من الدفءويكون أقسى إذا جاء متسلالفجأة يايت شديدا،

، وإذا هجم الربد، وهجم فجأة بشكل ثقيل تأخرت كثريا وبدا أ�ا سنة أخرى من سنوات القحط،

عها إىل الظهور، مث الربد يفجرها ، يدف ، فإن األمراضرت على العلل القدمية و كانت األيام الدافئة تتس

، فإن ورغم وجود األطباء ل السجن كله تقريبا إىل جمموعة من األمراض،، حيث يتحو إىل التفاعل

.2" حد املعاجلة لعدم توفر األدوية إىلصل وال ت مهمتهم تقتصر على التشخيص،

هنا تتخلق وفق ظروف الرواية ومواقف ... يف رواية اآلن الفضاء الزمنيلقد كانت مسات

هذه ، فتنعكس 3"ال ميكن تصور فضاء روائي دون تصور احلركة اليت جتري فيه " ألنه الشخصيات

ختتلف عما عهدناه عنها من صفات ترتبط �ا، لتنتج رواية مولدة صورا ومعاين احلركة على فضاء ال

موجودة يف الطبيعة" ألن ،الروايةووقائع حداث أحسب سم بسمات معادية للطبيعة ت يفضاء خاصا

مل تكن مستور، ولو ذا�ا ولذا�ا، وليست إجيابية أو سلبية، وال هي حمملة مبعىن كامل أو معىن ناقص

ال فصل "ه ـــإن : ولـــا القـــ ميكننيلاــــوبالت ،4"دالالت خمتلفة اريخــكذلك ملا رأت فيها البشرية عرب الت

. 347س، ص .مجاليات املكان، م ،شاكر النابلسي: ينظر 1 . 509الرواية، ص 2 .63س، ص .، ممن منظور النقد األديب محيد حلميداين، بنية النص السردي 3 . 361ص ،س.، مـــ الصورة والداللة املكان يف الرواية العربيةعبد الصمد زايد، 4

Page 202: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

202

إال أن ظهور هذه األفضية الزمنية مل يكن ظهورا عشوائيا، وإمنا حسب .1" مطلق يف مجاله أو قبحه

فكانت الفصول مبثابة زاوية إسقاطات ما،احلاجة ونوع الظروف لرسم إطار معني وللتعبري عن شعور

مما أنتج إحياءات ورؤيات لفعل الشخصيات، لتعكس مظاهر الفضاء الذي يشمله البناء الروائي،

.من موقف إىل آخرخمتلفة تتشاكل وتتضاد

، لتكون فضاء منغلقا انغالقا المتناهياهنا... رواية اآلن كل هذه األفضية الفصلية اجتمعت يف ف

يفتحان من خالله انغالق ،ذين يبحثان عن متنفس هلمالالاخلالدي وعادل يداخل حياة طالع العريف

: املنفى، وميكن أن منثل هلذا بالشكل اآليتالسجن و فضاء

.اح ــــاالنفت ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ف ـــــــــــــــــــــ الخريـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ) المنفى + السجن ( االنغالق

. احـــاالنفت ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ اء ـــــــــــــــــــ الشتـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

. احـــاالنفت ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ع ـــــــــــــــــــــــــ الربيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.اح ـــاالنفت ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فــالصي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الروائي ميكنه أن حيتوي على ن النصإ: من خالل هذه القرائن الزمنية الدالة ميكننا أن نقولو

ن قد خضع الزمو .مؤشرات وعالمات زمنية توحي بأن عنصر الزمن هو علة وجود أي عمل روائي

له من حيث تناو االسترجاعمن خالل استعمال الروائي لتقنية لإلبطاء هنا،...اآلن يف رواية

.2واقعية زمن وقائع الروايةألحداث تارخيية ماضية فسرها يف مواقف متغرية ،مما يدل على

عادل يف نطاق رؤية الشخصية يتميز بطابعه العاطفي، ففي أحلك ظروف االسترجاعإال أن

يف ،عادلاستعان الكاتب بتقنية االسرتجاع ،للتخفيف من حدة التوتر الذي يعانيه ،النفسية اخلالدي

.332، ص س.ممجاليات املكان يف الرواية العربية، شاكر النابلسي، 1 . 227بريوت ،لبنان، ص منشورات دار اآلفاق اجلديدة، ،1985 ،3ط يف معرفة النص، ميىن العيد، 2

Page 203: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

203

اخلالية من ،الطبيعة الصافيةوقت تذكر فيه ماضي طفولته وشبابه ،إضافة إىل حنينه اجلارف إىل

:مثلما دلت عليه امللفوظات اآلتية ،1التكلف

كان ضيق الصدر أقرب إىل : يف أحد األيام املبكرة من أيام الربيع. أتذكر تلك الساعة عند الغروب"

النزق، كان لديه ما يقوله، لكن شيئا يف داخله مينعه، وألن السجن قد علمنا أال نستعجل األشياء،

للموت، أثناء االستعداد اضطجعت استعدادا وقبل األوان ،ألننا لو فعلنا فالبد أن ندفع مثنا غاليا

تذكرت أشياء كثرية، وال أبالغ إذا قلت إنين تذكرت كل شيء، منذ ان كنت طفال صغريا وحىت

. 2"ابتسمت عدة مرات وأنا أتذكر، وحزنت عدة مرات أيضا . اللحظة اليت غادرت فيها املستشفى

والتعذيب واملنع من النوم ولياليها ما عدا فرتات التعليق ، بأيامهاطيلة سنوات السجن: وتذكرت"

ام كالقتيل، كما كانت كنت أغفو، ويف حاالت عديدة أننوم يتخلى عين تعمد مل يكن البشكل م

، هذه الليلة ختتلف، فاحلاج مصطفى ! يفوتين موعد املدرسةتقول أمي، وهي حتاول إيقاظي لئال

حني ألوم نفسي وأحاول أن أنام ال أستطيع، أما إذا استحضرت يقف فوق رأسي بإصرار عجيب، و

ا وصلت السجن، لكي أقنع نفسي أن األمر ال يستحق كل محاقات احلاج، وتذكرت لقاءنا األول مل

.3"أهكذا تعاملون املوتى واألصدقاء الراحلني ؟ : هذا العناء، فأجد أن شيئا يف داخلي يصرخ

فإنه متثل لدينا أن زمن ،ت جزءا كبريا على امتداد الروايةقد احتل الخالدي عادلوباعتبار شخصية

،معاركه ضد الغزاة ضوهو خيو ،ادتهالذي ميثل زمن سع زمن الماضي ،قد متوقع بني زمنني عادل

ملضطربة وتؤدي هذه الوضعية ا ،وهو سجني يف أمبواز، ل زمن تعاستهالذي ميث زمن الحاضرمقابل

إذ أنه يسعى جاهدا إىل ،الثورية بعد سجنه الذي اختفى من الساحة ،اختالل توازن األمريإىل

احلاضر ميثل بالنسبة له ومضة عابرة يف ضوء منه باسرتجاع األيام املاضية، و�ذا فإن املاضيالتهرب

. البؤرة الزمنية للسرد مما يشكل ،املشحون بشىت أنواع األمل

. 29ص مصر، جامعة عني مشس، القاهرة، ،1991رسالة دكتوراه، اجلزائرية،بشري بوجيرة حممد، الزمن يف الرواية 1 . 294الرواية، ص 2 . 513الرواية، ص 3

Page 204: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

204

: منها مجالية خدمت الرواية أكثر،فكان ألغراض فنية و ،االسترجاعأما توظيف الكاتب لتقنية

كما أنه استطاع من خالل ذلك ،مكني القارئ من فهم مسار األحداثملء الفراغات الزمنية لت

وكذا هار حقيقة كانت غائبةقصد إظوطالع العريفي عادل اخلالدي يتتسليط الضوء على شخصي

،هااوشىت أنواع األمل اليت عاش ،مااملأساوية من خالل عرض اخللفيات املتعلقة حبدث سجنه ماحيا�

وظيفة ،ةالداللي ــــاالرتداد إىل املاضي ـــوبالتايل تبقى وظيفة االسرتجاع ـ ،من أجل رفع راية احلق

.1بؤرة سرد زمنية حاضرةمن خالل فتح إطالالت على املاضي داخل ،إخبارية بالدرجة األوىل

النفسية من جراء معاملة اخلالديعادل جتسدت هذه التقنية أكثر عندما تناول الكاتب أحوال و

دوما اإلفصاح النقيب مدحت خاصة يف قضية إرجاء ،ت والقادة الفرنسيني له وهو سجنيالسلطا

: تيةخالل املقاطع السردية اآللمسه من ، وهذا ما نتلقاهاكان ياليت املعلوماتعن حمتوى لعادل

:هز النقيب رأسه، وكان ال خيفي استغرابه وسخريته "

طلبات أخرى؟...

.ما نتمناه أن تعود ونعود إىل عمورية، وأن تقفل السجون إىل األبد

كيف ميكن للسجون أن تقفل وأمثالكم أكثر :غري النقيب جلسته، وقال مبزيج من السخرية والرغبة

؟ على القلبنت اهلم

يا سيادة النقيب، ال منلك إال كم فكرة وكم كلمة، وليس لدينا أسلحة، : حنن: رد عليه عادل قائال

الكلمة، ألن ال أحد يستطيع أن يسجنها ، وأعتقد أنه ال جيب أن خناف منوال �دد حىت عصفور

أو مينعها، وأنتم اآلن ال تسجنون الكلمة، تسجنون من يسمعها، من يقوهلا، وهذا ما يولد الثورة،

! ويغري كل شيء

هذا الكالم خطري، وأقوى من : وقال قام مدحت عثمان وهو يهز رأسه، نظر إلينا بإمعان،…

! ب بيوت ويهدم دوالالدبابات واملدافع، ألنه خير

.62س، ص .م أمحد طالب، مفهوم الزمان وداللته يف الفلسفة واألدب بني النظرية والتطبيق،: ينظر 1

Page 205: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

205

. 1 "...»إن يف البيان لسحرا «: وقال واحد من الذين كانوا قرب الباب أنه مسعه يردد

شد و قصد تشويق القارئ ،املعلومةتأجيله اإلعالن عن حمتوى بوقد استعمل الكاتب هذه التقنية

إعداده لتقبلها يف و ،اإلعالن عن النتيجةدون جيعله يرتقب ما سيحدث يف كل حلظة إذ ،انتباهه

وليس على ،حدوث شيء يستويل على العقلإن ترقب « : وهذا ما يؤكده روالن بارت بقوله ،النهاية

.3»الزمين من التقنيات الشبيهة بأسلوب التشويق اإلبطاء« مما جيعل ،2»أعمـاق الذات

لقارئ و النص من خالل أن يقوي الصلة بني ا أسلوب اإلبطاءمن خالل وقد استطاع الكاتب

من ،وهو يرتقب من فقرة إىل فقرة، ومن حدث إىل حدث ،االضطراب واخلوف الذي يشعر به

النضايل، واليت متثل طالع العريفيملشوار خالل وقفاته الوصفية خاصة أثناء وصفه للنهاية املؤملة

، مثلما هو موضح يف األمثلة لألمر الواقع طالع حني استسلم ،انية الدرامية احلامسةـــــــــللحظة الزما

: اآلتية

كان الوقت حوايل الظهر، يف يوم !قبضوا علي وكنت خارجا لتوي من سوق احلالل... أتذكر "

، يكون اجلو عادة رضيا مقبوال هذا الفصل قبل دخول الصيف الكبريمن أيام أيار املتأخرة ، ويف مثل

.4"قرب إىل الركود أويكون السوق هادئا،

هيء نفسية القارئ كما ي ،سردية متوترة نية حلظةلحظة الزميف إعالن النتائج جعل ال اإلبطاءو

ى الكاتب من السرد اململ أسلوبا مشوقا أعف "هنا...اآلن" مما أضفى على رواية ،لتقبل النتائج

مما ، ثقافيةعليها أبعادا اجتماعية و أضفى و الفنية،كما رفع من مستوى الرواية من الناحية ،لألحداث

الذي ،خالل اجتاه الشخصيات حنو املاضي النص الروائي تتأسس منيف نيةالبنية الزمعلى أن يدل

اضي واحلاضر يف املمن خالله يستطيع الكاتب أن يفسر احلاضر وينوه باملستقبل الذي يتحرك حنوه

. 451 – 450: صص الرواية، 12 Seuil, paris, 1981, P 30 . Roland barthes ,L’analyse structurale du récit, . 62ص س،.م ،أمحد طالب، مفهوم الزمان وداللته يف الفلسفة واألدب بني النظرية والتطبيق 3 . 166ص الرواية، 4

Page 206: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

206

اخل السرد الزمين يف هيكل وعي على عامل الوعي، وهكذا يتديسيطر عامل الال إذ، إطار داليل فكري

إذ حيرك ،ستباق إىل األمام بأشكال خمتلفةواال ،م احلاضر مع االرتداد إىل الوراءيصطدو ،متكامل

.1إىل املستقبل من اللحظة نفسهاكه مث حير ،الكاتب إحساسنا بالزمن حنو املاضي من حلظة حاضرة

، إذ جيعله ة متعددة ختتلف من قارئ إىل قارئقد خلق هذا التداخل بني األزمنة مستويات شعوريو

يتطلع إىل املستقبل القريب من خالل الصراع الذي يظهر جليا على مالمح الشخصيات ومن خالل

.ما تنطق به من ألفاظ أثناء احلوار

ليه يف من خالل جت ،من أبرز النماذج سيطرة على الزمن " هنا... اآلن " رواية تعد و�ذا

باطنيا أما من حيث املنحى العام للزمن فإنه يبدو ، )، احلاضر واملستقبل املاضي( مستويات خمتلفة

األفكارو الباطنية النفسيةالتغريات ولعل ذلك راجع إىل احملطات و ،تارخيياهو اأكثر مم ونفسيا

. نظام عمورية اجلائرضد عادل وطالع وكل السجناء السياسينيالنضالية اليت قادها

إن كنا ال حنن و « و ،كونه ضابطا للفعلالروائي اخلطاب ن مسألة حساسة يف بالتايل يعترب الزمو

يف كثري من القصص ،فعاالا نتبني أثر الزمن عامال نستطيع أن نفصل بني احلدث والزمن إال أنن

.2»الطويلة و الروايات

: الروائي عالقة الزمن بالمكانـ 6

بكامله، واملكان ميكن أن "المسرح الروائي" إن الفضاء وفق هذا التحديد مشويل إنه يشري إىل

وهناك مسألة أساسية ينبغي إضافتها، ،يكون فقط متعلقا مبجال جزئي من جماالت الفضاء الروائي

ي وهي أن احلديث عن مكان حمدد يف الرواية يفرتض دائما توقفا زمنيا لسريورة احلدث، هلذا يلتق

كي ينمو ويتطور إىل لاج حيت يةلسردللعملية ااملكان بالنسبة ف .وصف املكان مع االنقطاع الزمين

. 70س ،ص .م مفهوم الزمان وداللته يف الفلسفة واألدب، أمحد طالب،: ينظر 1 . 14ـ 13 :صص ،مصراالسكندرية، دار املعارف، ،ت.د دراسات يف القصة العربية احلديثة، حممد زغلول سالم، 2

Page 207: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

207

من دون و ،مصحوب جبميع إحداثياته الزمانية واملكانيةسوى م دث الروائي ال يقد ـــــ، فاحلعنصر الزمن

. 1وجود هذه املعطيات يستحيل على السرد أن يؤدي رسالته احلكائية

، ونقطة اندماج يف الفضاء، وكل روائي ملزم أن تفرتض نقطة انطالق زمنيةأو رواية حكاية كل و

اج له، كأن يكتب ــــالرواية، فالسرد يف حاجة ماسة هلما، ومها نت انـــن ومكــداية زمحيدد منذ الب

، ويظيف إىل ذلك تعيينا مكانيا "اآلن " أو " ذات مساء " أو " ذات يوم " الكاتب أو الروائي

، فإنه جعل للسرد مرتكزه الالزم "هنا أو هذه املدينة أو ذلك الشارع، أو يف تلك الغرفة : " كقوله

، وهو بذلك حياول 2للحدث، مما جيعله كأنه حقيقي، وبالتايل يزيد يف مصداقية النص بتعيينه موضعا

إعادة تشكيــــــل الفضاءات اليت وقعت أو تقع فيها األحداث ويكــــون ذلك حسب صور�ا املفرتضة

قيقة على يف الواقع، أي نقل أجزائها ودقائقها إىل العامل املتخيل، فيتسىن بذلك للراوي إحداث أثر احل

، يف حني أن الفضاء يفرتض دائما تصور احلركة داخله أي يفرتض االستمرارية 3حد تعبري روالن بارت

.4" أن الفضاء ا�زأ يستدعي زمنا متقطعا : " الزمنية وقد الحظ أحد نقاد البنائية قائال

الزمن ال جيوز أن يفصل عن املكان أن : " ويقول الناقد اجلزائري عبد امللك مرتاض يف هذا املوضع

، وأنه عند 6إىل اعتبار املكان املستقل عن الزمن أنه مكان ميت آخرون، ويذهب 5"إال إجرائيا

، وهذا ما أوعزنا النظر إليه من 7وصف املكان تأيت احلركة السردية لتؤيد حضور الزمان يف املكان

نبحث عن شكل الفضاء املكاين يف امتداده الزمين إذ ،" هنا... اآلن " لروايةخالل هذه القراءة

.دون الفصل بينهما

1 Charles Grivel, production de l’intert romanisque, La Haye, Mouton, Paris, 1973, p 101. . 74س، ص .جريار جنيت وآخرون، الفضاء الروائي، م: ينظر 2 .64صس، .م ،)رواية جهاد احملبني جلرجي زيدان منوذجا ( إبراهيم صحراوي، حتليل اخلطاب األديب ـ دراسة تطبيقية : ينظر3 .63، صس.، ممن منظور النقد األديب بنية النص السرديمحيد حلميداين، 4 . 228س، ص .عبد امللك مرتاض، حتليل اخلطاب السردي، م 5 20، عامل الكتب احلديث، دار أربد، األردن، ص 2006، 1حنان حممد موسى محودة، الزمكانية وبنية الثعر املعاصر، ط:ينظر6 .63س ص .م ،من منظور النقد األديب محيد حلمداين، بنية النص السردي 7

Page 208: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

208

حيث يشكالن ما هنا، ... اآلن أما جتليات التحام املكان مع الزمن والتماهي بينهما يف رواية

يوجد مكان بدون زمان، وال زمان بدون مكان، فال" ضمن بنية كلية للرواية، نالزمكابيسمى

فنجد املكان يف هذه الرواية يتجلى من خالل البناء ،1"طبيعته زماين والزمن بطبيعته مكاين فاملكان ب

: واحدة، أما السؤال املطروح هنا ، فأصبحا مبثابة وجهني لصورةارتباطا كبرياارتبط به إذالزماين هلا،

اإلحداثيات التي يقف الزمان، فضاء زمكانيا ؟ وما / المكان : إلى أي مدى تشكل ثنائية

هنا ؟... عليها كالهما في رواية اآلن

وملا حتتويه من ، " هنا... اآلن " رواية والبحث يف العالقة بني هذين العنصرين، إمنا نرجعه لطبيعة

ناجتة عن صراع حيكم املكان يف " أفضية زمانية ومكانية، مما جعل ففضاءها يتميز خبصوصية فريدة

القدمي املقدس واحلاضر بني و ،إ�ا خصوصية االختالف القائم على صراع بني الثبات والتحولزمنيته،

عمورية القدمي املقدس، وباريس احلاضر املتغري موران و ، وأخص بالذكر ماورد يف الرواية عن 2" املتغري

:من خالل األمثلة اآلتية

، غذ ن حمظور على الناس االقرتاب منه، مكاالعوايلغريب من موران، على طريق القسم الشمايل ال"

كان هذا .، إضافة إىل نقاط للحراسة متنع الوقوف أو املروربه أسالك شائكة مث أسوار عالية حتيط

من مزوري التاريخ أن أوالد يعقوب اختاروه بعض احملذلقني ويؤكد، ابا، أو بئراداملكان ذات يوم سر

كرب ، وبعد أن أنقذ الصغري و مبرور األيام، و صوا منه �ائيا، لكي يتخل يوسف ليلقوا فيه أخاهم الصغري

فيه العصاة والذين يقطعون وأصبح نبيا مشهورا، وحتول اجلب إىل سجن ال �اية له، كان يسجن

كان ذلك .يضا كل من له رأي خيالف السلطانالعهد، وأ، مث بدأ يسجن فيه الذين خانوا الطريق

د الذين يعرفو�ا كيف كانت وكيف هي يؤك فجيري وموران بلدة صغرية، أما حني اتسعت وامتدت

قصور االتساع مشال اجلهات كلها عدا اجلهة الشمالية الغربية ألن هناك تقع اآلن، أن االمتداد و

ألن فيها حرس ، يشمل تلك اجلهةرفون أكثر من غريهم أن االمتداد مل، ويكد من يعالسلطان

.93س، ص .، م يف اخلطاب الروائي الواقعي عند جنيب حمفوظ عثمان بدري، وظيفة اللغة 1 . 229، أمانة عمان الكربى، عمان، ص 2004لينة عوض، جتربة الطاهر وطار الروائية بني اإليديولوجية ومجاليات الرواية، 2

Page 209: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

دالالت الفضاء الزمني في ظل معالم السیمیائیة : الفصل الثاني

209

، فإ�م على يقني أن ثر من اجلميع، ونادرا ما يتكلمونالسلطان ومعسكراته، أما الذين يعرفون أك

.1" ! امتداد املدينة يف تلك اجلهة مستحيل لوجود سجن العبيد

أما اآلن وقد وصلت باريس بالفعل، فقد وجدت نفسي مدفوعا الكتشافها، كنت أهيم لساعات "

، كنت أعرف أمساء عدد من األماكن وكم نة اليت ليس هلا بداية أو �ايةيف هذه املديطويلة كل يوم

حني أكتشفت شبها وليس تطابقا بني مكان بطة وكانت أقرب إىل فرح األطفالشعرت بالغ

. 2"ختيلته أو قرأت عنه، وبني هذا الذي أراه متجسدا أمامي وهذا يلهمنا أن املكان الذي عايشناه ماض، والذاكرة ال انفصام عنها، واملكان الذي نعيشه

ونتحرك فيه حاضر وواقع ال ميكن اهلروب منه أو جتاوزه، مما يشكل هندسة خاصة للمكان متماهية

وبذلك فإن مقوالت الزمن وأفعال الشخصيات ال تتحرك وال تؤدي وظيفتها إال يف املكان ،يف الزمان

، مما حقق وحدة بنائية هنا... ن اآليف رواية شكال الزمانو المكانف .3الذي يستوعبها ويؤطرها

ما باملكان ، خيتلط الزمان بشكل فهما شريكان ال ينفصالن" داخلية انسجاما ومتاسكا يف عالقا�ا ال

، ومن هنا يصبح املكان ذاكرة الزمن، ألنه ال ميكن أن نرى زمنا منفصال 4"لسبب بسيط هو احلركة

.، وتنتعش باحلركة يف أجوائهه، فجدليات الزمن حتيا يف املكانعن تصور مكان ل

. 211، ص الرواية 1 . 154الرواية ص 2الدار ، )لبنان ( الثقايف بريوت املركز، 1997، 1ط البنيات احلكائية يف السرية الشعبية، ـــــ سعيد يقطني، قال الراوي: ينظر 3

.300، ص )املغرب ( البيضاء .233س، ص .م أمحد مرشد، البنية والداللة، 4

Page 210: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

الشخصية الروائيةمفهوم ـ 1 ـ الشخصية /الذات الفاعلة يف بناء الفضاء الروائي 2 ـ املستوى العاملي 1ـ 2 مثلى املمستو ـ 2ـ 2 ـ الشخصيات املرجعية 1ـ 2ـ 2 ــ الشخصيات الواصلة 2ـ 2ـ 2 ـ الشخصيات التكريرية 3ـ 2ـ 2 وعالقتها ابلفضاء الروائي ـ داللة أمساء الشخصيات 3 ـ عادل اخلالدي 1ـ 3 ـ طالع العريفي 2ـ 3 ـ املساعد خليل 3ـ 3 ـ مااي املمرضة 4ـ 3 ـ الدكتور ميالن 5ـ 3 جولياـ 6ـ 3 ـ رادي 7ـ 3 ـ الشهريي 8ـ 3 ـ الشاليل 9ـ 3

الث: ــــــل الثــــالفص دالالت الشخصيات الفاعلة يف الفضاء الروائي يف ظل

السيميائية.معامل

Page 211: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

ـ النقيب مدحت عثمان 10ـ 3 ـ الشماس 11ـ 3وعالقتها ابلفضاء الروائيـ داللة أفعال الشخصيات 4 وعالقتها ابلفضاء الروائيداللة أقوال الشخصيات ـ 5 احلبـ 1ـ 5 الكرهـ 2ـ 5 املوتـ 3ـ 5 احلياةـ 4ـ 5 الروائي كانعالقة الشخصيات ابملـ 6 أو املمثل كمنظور روائيـ توظيف الشخصية 7

Page 212: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

212

إذ تعد أهم املشكالت ،ل السردية خــاصة الروائية منهـاعنصرا مركزيـا يف األعمـاالشخصية تعترب

وهي الشيء الذي لنصوص الروائية االستغنــاء عنها،فال ميكن ل ،ردية الىت تكــون املنت الروائيالس

القصرية لصنفت يف فمثال لو ذهبت الشخصية عن القصة ،به عن أجناس األدب األخرىتتميز

،سلوكـها وأهوائــها وعواطفهاتنشطه من خــالل تبث احلــوار و يت تصطنع اللغة،فهي ال ،جنس املقــالة

،يف املــاضي واحلــاضر واملستقبلوتتكيف يف التعــامل معه ،جديدا تتفاعل مع الزمن فتمنحه معىنو

ث فيهــا احلركة تب ،ر احملرك للحدث داخــل الروايـةفهي العنص ،ألحــداث وتتطوربفضلها تتحرك او

.1اقــــــهي الكائن اإلنساين الذي يتحرك يف سي ،ومتنحها احلياة

:الشخصية الروائيةمفهوم ـ 1

بعدما كان التصور التقليدي للشخصية يعتمد الشخصية الروائية عنصر مهم يف البناء الروائي، ف

اإلعتماد أي ، ) Personne (على رسم املالمح العامة والصفات الشخصية يف الواقع العياين

، بدراسة األحوال ) مظهرها اخلارجي( ئهاجتماعية والنفسية اليت سامهت يف بناعلى العوامل اال

الداخلية للكــائن الذي حتيل إليه، ووضعه ضمن اإلطــار العــام لألحداث، مؤثرا فيهــا ومتأثــرا �ا

نظر إليها من خالل الوظائف اليت تؤديها يف النص كشخصية أصبح ي .انطالقـا من وضعيته النفسية

اليت الوظائفو جمموع أفعاهلا من خالل، إذ تقدم حبيوية وفاعلية ،) Personnage (حكائية

، الشخص في الواقـع العيـانيوالشخصية الحكـائية تقوم �ا داخل احلكي، ممــا أدى إىل اخللط بني

مييز بني اإلثنني عندما اعترب الشخصية ) (Michel Zarafaميشال زرافا وهذا ما جعل

أي أن الشخص احلقيقي غائب عن املشهد وتنوب ،2الشخصية احلقيقيةاحلكائية عالمة فقط علــى

عنه عالمة دالة، وهلذا ال جيب اخللط بني الشخص احلقيقي املعرب عن ذات، وبني الشخصية الروائية

.25ص اجلزائر، ديوان املطبوعات اجلامعية،، 1971 عزيزة مريدن، القصة والرواية،: ينظر 1 .35ت، دار املعارف، القاهرة، مصر، ص .ط، د.مصطفى إبراهيم، د: ، حنو رواية جديدة، ترروب جرييه آالن: ينظر 2

Page 213: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

213

أن الشخصيـــات بوصفها وحــدات املستوى «اليت تأخذ أبعــادها فقط داخل النص الروائي، باعتبـــار

.1»إذا أدرجت يف مستوى السرد يف مقابل الوظائف واألفعال الفعلـي لن جتد معنـاهـا إال

،داخل احلكي أو الرواية يف حتديد هوية الشخصية الروائيةوقد تأثرت الدراسـات العربية احلداثية

الذي ميثل آلجيردا جوليان غريماسوأحباث الشكالين، الذي ميثل النقد فالدمير بروببأحباث

بأحباثه يف علم الداللة املعاصر حتديد هوية الشخصية يف احلكي غريماسإذ حاول ،النقد البنيوي

بشكل عام من خالل جمموع أفعاهلا دون صرف النظر عن العالقة بينها وبني الشخصيات األخرى

وإن كانت قابلة للتحديد من خالل مسا�ا ومظهرها فالشخصية .الفاعلة هي األخرى يف النص

األحباث الداللية مل تغفل اجلانب الوظيفي هلا، أي الوظائف اليت تقوم �ا الشخصيات يف فاخلارجي،

. 2احلكي

، فال ميكن 3فريى أن جوهر العمل الروائي يقوم على خلق الشخصيات املتخيلة ديان فايرأما

أذهاننا منعزلة، بل هي فصل الشخصية الروائية عن العامل اخليايل الذي تنتمي إليه، فهي ال توجد يف

فالروائي يدفع شخصياته إىل احلركة . 4اصر اليت تعيش فينا بكل أبعادهانمرتبطة مبجموعة من الع

أن أســاس " آرلوند فورستر فريىالدائمة أكثر من دفعها إىل صنع األحداث، إال أنه يبقيها مقنعة،

ك، إن لألسلوب وزنه، وللحبكة وز�ا، الرواية اجلديدة هو خلق الشخصيــات، وال شيء سوى ذل

.5»ولكن ليس لشيء من هذا وزن جبانب كون الشخصيات مقنعة

الدار البيضاء، ، إفريقيا الشرق،1991ط، .حممد سويريت، النقد البنيوي والنص الروائي ـــ مناذج حتليلية من النقد األديب، د 1

.114املغرب، ص .50س، ص .منظور النقد األديب، م محيد احلمداين، بنية النص السردي من: ينظر 2

.45، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، العراق، ص 1987، 1عبد الستار جواد، ط: ديان فاير، فن كتابة الرواية، تر: ينظر 3الشؤون الثقافية ، دار1991فؤاد التكريل وحمسن املوسي، : �اد التكريل، مر: بورنوف ــ ريـــال أوئيلية، عامل الرواية، ترروالن 4

.136العامة، بغداد، العراق، ص

.103، ص1960كمال عياد، دار الكرنك للنشر والطبع والتوزيع، القاهرة، :آرنولد فورسسرت، أركان القصة، تر 5

Page 214: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

214

أ�ــا كائن حي ينهض يف العمـل السردي «الشخصية الروائية اضـــلك مرتاعبد الم فيعر و

إ�ــا متثل العنصر الذي يضطلع «: سعيد يقطينيقـــول و .1»نه بوظيفة الشخص دون أن يكو

يف شبكة العالقة مع العناصر األخرى ، 2»مبختلف األفعال اليت ترتابط واليت تتكامل يف جمرى احلكي

فبقي متمسكا مبفهوم لك مرتاضاعبد المأما . )املكان، الزمن، احلدث ( لسرد لبناء ااملكونة

،حيث تضطلع بالوظيفة الكلية ،رديويرى أن الشخصية هي كل شيء يف أي عمل ســ ،الشخصية

فال الزمن زمن ،أو دائرة يف فلكها ضة يف سبيلها،أو راك ،إال مظاهر لــها ىــاصر األخر فال تكــون العن

ى حني أن اللغة عل ،تقدره لغايــا�التـي حتتويه و حيث هـي ا ،وال احليز حيز إال �ـا ،إال �ـا ومعها

ع من ودافــــا، حقيقة األمر يكـــــــــون إآل بتأثيــــــــر منهـأمــا احلدث فليس يف . طوع أمرهاتكون خدما هلا و

.3توادهاتضافرها و أو ،اومثـــــرة من مثــــــــرات تصــــارعها وتطاحــنه ،لطا�اــــس

لكو�ا ال ،د خبصائصها املالزمة لذا�اتتحد أن هوية الشخصية الروائية ال الحمدانيحميد يرى و

لقارئ أن يتدخل ن امتك بل حتيل على ضمائر أخرى ،استقالل كامل داخل النص احلكائيتتمتع ب

،اآلخروندها القراء صورة اليت حيد لل قد ال تكون مشا�ة د صورةتصوراته القبلية ليحد برصيده الثقايف و

أن الشخصية يف احلكي ) (Philippe Hamon هامون فليب السيميائيالباحث فريى

إن مقروئية الشخصيات : " وبعبارة أخرى .4تركيب جديد يقوم به القارىء أكثر مما يقوم به النص

، ألن القارئ نفسه يستطيع أن يتدخل برصيده الثقايف 5"مرتبط مباشرة بدرجة مشاركة القارئ

، وهذا ما عرب عنه 6وتصوراته القبلية، ليقدم صورة مغايرة عما يراه اآلخرون عن الشخصية احلكائية

املطبوعات ، ديوان »زقاق املدق «معاجلة تفكيكية سيمائية مركبة لرواية ـــــ حتليل اخلطاب السردي ،لك مرتاضاعبد امل 1

. 126ص ،1995 جلزائر، بن عكنون،، اجلامعية، الساحة املركزية . 87، صس.مالبنيات احلكائية يف السرية الشعبية ، -سعيد يقطني، قال الراوي 2 . 126ص س،.م حتليل اخلطاب السردي، لك مرتاض،اعبد امل 3 . 50ص م س، األديب،بنية النص السردي من منظور النقد محيد احلمداين،: ينظر 4 .157، دار اآلفاق، اجلزائر، ص 1999، 1ابراهيم صحراوي، حتليل اخلطاب األديب، ط 5 .51س، ص .محيد احلمداين، بنية النص السردي من منظور النقد األديب، م: ينظر 6

Page 215: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

215

، 1بقوله أن الشخصية يف احلكي تركيب جديد يقوم به القارئ أكثر مما يقوم به النص فليب هامون

عرفها أ�ا ، إذ يمن زاوية أ�ا إنتاج عمل فين وإمنا ليس من باب مرجعيتها ا ليهنظر إفي روالن بارتأما

.فال ينبغي اللجوء إىل عوامل خارج النص لتفسريه .2نتاج عمل تأليفي، أي أ�ا كائن من ورق

:الذات الفاعلة في بناء الفضاء الروائي/ ـ الشخصية 2

ن األساسي الذي الشخصية إحدى العناصر الفاعلة واملؤثرة يف بناء النص الروائي، أل�ا املكو تعد

يضفي طابع احلركة الفعلية، واملعروف أن احلركة هي عماد األثر السردي، فالشخصية جبميع مظاهرها

،ب فين مجايلإلنسان العادي بأسلو عن متطلبات واحتياجات ااستطاعت أن تعرب ،التخيليةو الواقعية

يف عالقا�ا وهي متثل .3املتفاعل معهاو املتحرك بالشخصيات إذ متثل البعد الداليل للفضاء املكاين

، تقوم باألحداث الفنية ضمن إطار مكاين يف زمن معنيو ، العامل املفعم باحلركة واحليوية باملكان ذلك

، وعليه فإن خصياتبتواجد احلركة فيه من طرف الش وال يكتسب املكان قيمته الفنية والداللية إال

النص الروائي يقوم على ألن ،مبتغاهوال يصل الباحث ،قاصرة دراسة املكان من دون شخصية تعد

فال ميكننا تصور مكان روائي خال من ،األحداث، وهذه األحداث تقوم �ا شخصيات فنية

باحلياة واحلركة، فتتجسد من خالهلا جتليات ا�تمع، ، فهي اليت جتعل العمل الروائي مفعما األحداث

أن تكون مؤشرا داال على املرحلة االجتماعية التارخيية اليت تعيشها وتعرب عنها، حيث " حيث ميكنها

الدور الذي أدته الشخصية يف األعمال األدبية خاصة الروائيةو .4" تكشف عن نظر�ا الواعية للعامل

. 09س، ص . حممد عزام، شعرية اخلطاب السردي، م: ينظر 1، مركز اإلمناء احلضاري، دمشق، سوريا، 1993، 1منذر عياشي، ط: روالن بارت، مدخل إىل التحليل البنيوي للقصص، تر 2

.72ص ، جملس الثقافة العام، سرت، ليبيا، ص 2006ط، .حسن األشلم، الشخصية الروائية عند خليفة حسن مصطفى، د: ينظر 3

458. ص ، املؤسسة العربية للدراسات والنشر، بريوت، لبنان، 2005، 1طيات ابراهيم نصر اهللا، أمحد مرشد، البنية والداللة يف روا 4

33 .

Page 216: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

216

، حبثا عن بنيتها وعالقتها بالعناصر األخرى " هنا... اآلن " منها، جعلنا �تم مبعاملها يف رواية

.العريب املعاصر املكونة هلذا النص الروائي

وهل يمكنها أن تسهم في ، "هنا ...اآلن" رواية ن نعدها عنصرا فاعال في هل يمكننا أف

الروائي ؟ ئهادالالت فضا الكشف عن

اإلنسان ابن ألن ،اوديني اسياسيو ، ا، واجتماعياثقافي باملكان الذي تنتمي إليه الشخصيةتتأثر

فالعيش يف ا�تمع الشرقي ليس كالعيش يف .يف مجيع نواحي احلياة فيهابيئته اليت ينشأ فيها ويرتعرع

وغريمها من السجناء عادل الخالدي وطالع العريفي: وتواجد الشخصيات مثلا�تمع الغريب،

تتناىف مع أمكنة األحداث، وهي حسبها ، وهي شخصيات عربية" هنا...اآلن" روايةالسياسيني يف

أصبح املكان يشكل اغرتابا هلا، فهي حتس بالبعد إذيف صراع دائم مع الوضع االستبدادي السائد،

الثباتكثر، فأخرج املكان من دائرة والغرابة إزاءه، مما دفع بأحداث الرواية إىل احلركية والفعل أ

.الفعلو الحركةإىل الجمودو

يف إطار مكاين معاد للبيئة الشرقية اليت متثل ،" هنا... اآلن " روايةجزء من أحداث جرىوقد

لشخصيات تنحدر من ا�تمع معظم ا خاصة أن ،الروائييف هذا العمل والبطلة الشخصيات الرئيسية

الفاعلة يف النص، وميكن أن بني املكان والشخصيات عاصرا، مما أنشأ )ـ موران ــعمورية ( الشرقي

: يف الشكل اآليته منثل

Page 217: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

217

انـــــــــالمك الــــــــــــــــــذات

)عمورية ( البيئة الشرقية

المكــــــــان اآلخر الفاعلةشخصيات ال

)باريس ( البيئة الغربية العريفي طالعـ

الخالدي عادلـ

أن وجهات نظرها ختتلف إال ،الشخصيات تنتمي إىل البيئة املنافية للغرب جل الرغم من أن فب

.باختالف الذهنيات ومدى توافقها واألمكنة املؤطرة لألحداث

اختزال عدد ب، " العوامل "فيعود له الفضل يف اكتشاف مصطلح )Greimas(غريماس أما

يق يف جمال حتليل النصوص قابليتها للتطبو هذه النظرية اليت أثبتت وجودها ،إىل ستة عواملاملمثلني

.1كشف البنية األساسية لعامل املعىن مهما تعددت وتنوعت عرب النصوصتساعد على إذ ،السردية

، حينما )acteur( "الممثل "و ) actant( "العامل " مصطلحي بني غريمــاسقد ميز و

يقوم "شخص "أشار إليه أنه "الممثل "أما مصطلح ."المفهوم" ــــــــب "العامل "أشار إىل مصطلح

جديدا للشخصية يف احلكي �ذا يكون قد قدم فهماو ها الوظائف،أو أدوار متعددة جتسد بدور

،لول الشخصية املعنوية يف القانونهي قريبة من مدو ،ميكن تسميته بالشخصية ا�ردة هو ما ،الروائي

2:على مستويني غريماس�ذا يتأطر مفهوم الشخصية عند و

1 Julien Greimas et Joseph Courtés ,Sémiotique : Dictionnaire raisonné de la théorie du

language ,Hachette, France, 1979, p 173. . ­52 51 :صص س،.م ،بنية النص السردي من منظور النقد األديب محيد احلمداين،: ينظر 2

Page 218: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

218

) : actantiel niveau(المستوى العاملي ـ 1ـ 2

ملنجزة هلا، فقد يكون تتخذ فيه الشخصية مفهوما مشوليا جمردا يهتم باألدوار وال يهتهم بالذوات ا

بالتايل تصبح الشخصية جمرد إخل، و ... كفكرة الدهر أوالتاريخ، وقد يكون مجادا أو حيوانا ،جمرد فكرة

هي التــي ،ستة عواملد يف وعدد العـوامل حمد ،يؤديه ن الذيع دور يؤدى يف احلكي بغض النظر

املرسل املرسل ،: ، بل يف كل خطــاب على اإلطالق وهيتشكل البنية ا�ردة األســاسية يف كل حكي

وهذا مـا يسمى ،عدداملمثلني فال حدود له أمـا ،املعـارضاملوضوع، املســاعد و الذات، ،إليه

:آلتيةالرتسيمة ايف كما هو موضح وذج العـاملي عند غريماســــــبالنم

مرسل إليه Sujet موضوع Distinateur مرسل

Distinataire

معارض Acteur فاعل Adjuvant مساعد

Opposant

يتأسس من غريماس؛ عند) Programme Narratif(البرنامج السردي أما

تأتلف يف هي و ،ل البنية األساسية يف كل خطابتشك هيو ،الستة اليت تقوم بالفعلهذه العوامل

1:عالقات ثالث

"الفاعل" وجتمع هذه العالقة بني من يرغب ): Relation de désir (بة ـــــ عالقة الرغ

.الذي يرتكز عليه النموذج العاملي المحورمتثل ، و "الموضوع " وما هو مرغوب فيه

ذات " كل رغبة من لدن ): Relation de communication(واصل ــــــ عالقة الت

،كما أن ( Distinateur )مرسال البد أن يكون وراءها حمرك أو دافع يسميه غرمياس " احلالة

. 36 ــــ 33 :صصاملرجع نفسه، : ينظر 1

Page 219: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

219

، وعالقة ) Distinataire( مرسال إليهحتقيق الرغبة يكون موجها أيضا إىل عامل آخر يسمى

.)عالقة الرغبة ( لفاعل باملوضوع التواصل هذه متر حتما عرب عالقة ا

: وضمن هذه العالقة يتعارض عامالن :)Relation de lutte ( راع ــــــــــــالقة الصــــ ع

والثاين ،، األول يقف إىل جانب الفاعل) L’opposant(واملعارض ) Adjuvant ( املساعد

.1كما هو موضح يف الرتسيمة أعاله ؛احلصول على املوضوع يفعرقلة جهوده يعمل دائما على

:) niveau acteur(مستوى الممثل ـ 2ـ 2

يقوم بدور ما يف احلكي الروائي ،وبالتايل ميكن القبض )ممثل ( تتخذ فيه الشخصية صورة فرد

ة أدوار عاملية يف يقوم بدور عاملي واحد أو عد فاعل على هذا املستوى من خالل شخصية

هتمام بالشخصية الروائية من حيث البنائيون معا إىل االشكالنيون و وقد حتول ال. العمل الروائي

.مظاهرها اخلارجيةهتمام بصفا�ا و حلكي أكثر من االاألعمال اليت تقوم �ا داخل ا

الفضل يف إجياد إليهفيعود ،) Philippe Hamon (فليب هامون أما الناقد السيميائي

نشرت ية اليت قام �ا يف هذا ا�ال، بفضل الدراسة السيميائ ،نظام سيميولوجي للشخصية الروائية

إذ تعترب هذه الدراسة مرجعا يعمد ،) poétique du récit(شعرية القص ضمن كتاب

محمد فنجد مثال الدكتـور ،إىل الرجوع إليهال حتليل اخلطاب كثري من الباحثني املشتغلني يف حق

النص البنيوي و النقد( تنـــاول جـــانبا مـن هذه الدراسة يف الفصــل الثــالث مـن كتـــابه سويرتي

أن فليب هامون ريىف ،2" سيميــــائية فلــيب هــامون حـول الشخصية الروائية "، بعنوان ) الروائي

لية ز على األبعاد الدالأي أنه يرك ،به القارئ أكثر ما يقوم به النص تركيب يقومالشخصية الروائية هي

وظيفتها الرمزية اليت تعتمد استعارات ختييلية تقتضي أفقا خصبا املنتجة من قبل هذه الشخصيات، و

يستطيع القارئ من خالهلا موقعة وظيفة كل شخصية ،ليس من خالل العوالــم اخلارجية ،للقراءة

إلنبناء اللغوي بل بإجياد آليات التحليل اللساين الذي يتأسس عليه ا ،احمليطة بإنتــاج العمل الروائي

. 24ص وهران، اجلزائر، دار الغرب للنشر والتوزيع،، 2005 من النظرية إىل التطبيق،ــ املنهج السيميائي أمحد طالب، :ينظر 1 .109، صس.م، مناذج حتليلية من النقد األديب ـــــ حممد سويريت، النقد البنيوي والنص الروائي :ينظر 2

Page 220: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

220

حسب التحليل البنـــــائي signe ) (بعالمة أو دليــل باعتبــار وصف الشخصية ،للرتكيبة السردية

ا مدلولــها فهو جمموع ما داهلا يظهر من خالل األمساء أو الصفات اليت تلخص هويتها ،أم املعاصر،

وأ�ــا عالقة لغوية ملتحمة بباقي العالقــات يف الرتكيب ،نها بـواسطة مجل متفرقة يف النـصيقــال ع

.1الروائــي احملكم أو املنتج ملرسلة جتد حقيقتهــا يف التــواصل

ات ــــــــالشخصي 2: ات الروائيةـــــــــــــــــاط من الشخصيــــــــــــبني ثالثة أمن امون ــــــــــــــــــــــــــفليب هز ــــــــــــــــــوميي

personnages(الشخصيات الواصلة ، ) (personnages référentiellesاملرجعية

embrayeures ( الشخصيات التكريرية و )personnages anaphores .(

) :personnages référentielles (الشخصيات المرجعية ـ 1ـ 2ـ 2

الشخصيات األسطورية، الشخصيات ،الشخصيات التارخيية ؛تنقسم بدورها إىل أربعة أنواعو

الشخصيات االجتماعية املرتبطة بطة باجلوانب النفسية كاحليـاة واملوت واحلب والكره، و الرمزية املرت

صنفت هذه وقد. اخل...لعامل واملناضل واملتشردبوظائف أو تصرفات تقوم �ا داخل النص الروائي كا

ها إىل فرتة تارخيية معينة أو لقيم ؤ سواء من حيث انتما ،الشخصيات باملرجعية لوجود مرجع تؤول إليه

ت ترتبط هذه الشخصيا. أو لطبقة اجتماعية أو إيديولوجيةدينية أو أخالقية أو لرمز من الرموز

بالتايل هذا النمط من الشخصيات حافل بدالالت ثقافية معينة يعتمد باجلوانب الثقافية لألمم، و

.حتديدها على فاعلية فعل القراءة أي مبستوى مشاركة القارئ يف تلك الثقافة

): personnages embrayeures(الشخصيات الواصلة ـ 2ـ 2ـ 2

ينوب عنهما، ور الكاتب يف النص أو القارئ أو من أو اإلشارات الدالة على حض الماتوهي الع

ون حتديد هذا ما يتعذر العثور على هذه العالمات يف النص ملا يكتنفه من غموض حيــول د وغالبا

.ها األدبـاء و الرواة و الفناننيويدخل ضمن ،النمط من الشخصيـات

. 51ص س،.م بنية النص السردي من منظور النقد األديب، محيد احلمداين، :ينظر 12 Philippe Hamon ,Poétique du récit ,Ed .Seuil ,paris, 1977, PP: 122 - 123.

Page 221: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

221

): personnages anaphores( الشخصيات التكريرية ـ 3ـ 2ـ 2

؛يفة تنظيمية، وجند من خصائصها وصورها املفضلةهذا النمط من الشخصيات فهو ذات وظ

، وعموما فإن الرواية أو بشر والذكرى الكشف عن السر،التبشري خبري ،االعرتافمشهد ،احللم

ل امللفوظ الذي جند له يف النص عالمات دالة عليه من خالل نسج داخ تتشكل من هذا األخري،

عبارة،( ذات طول متغري و ،سرتجاعات ذات مقاطع ملفوظ منفصلةاالمن االستدعاءات و شبكة

تساعد القارئ على التذكر بتقوية ،كو�ا عناصر ذات وظيفة إعدادية واحلامية ،... )شرح ،كلمة

. ذاكرته

الفعل الذي من خالل على أمناط خمتلفة تتحدد "هنا ...اآلن" ظهرت الشخصيات يف رواية وقد

، إذ جندها يف الرواية قد اختذت أشكاال كاليت البيئة اليت تعيش فيها وأاليت تتميز �ا تؤديه أو الصفة

فقد ـــ خصيات التارخيية فيهاوباألخص الشـــ املرجعية يف الرواية الشخصيات. ميزها فليب هامون

ري الواقعي وردت بكثرة لتفصح عن مكنونا�ا وتلقي إلينا أخبارها، مما خيلق أفقا متوازيا بني منط التفك

: ثالثة أشكال بنيميز النقاد والدارسون ،ايةلتحديد دالالت الشخصية يف الرو و .بني اإلبداع الروائي

.، القول والفعلاإلسم

:بالفضاء الروائيوعالقتها ـ داللة أسماء الشخصيات 3

ليس رواية االسم يف الف ،اية على شخصيات دون أمساء وألقابليس من البديهي أن حتتوي الرو

أن يضع يف روايته أمساء ولذلك على الراوي ،نه وله قيمته وداللته السيميائيةله وز ،بالشيء التافه

مقروئيته وللشخصية حتقق للنص إذ ،منسجمةى أن تكون هذه األمساء متناسبة و يتوخو ،للشخصيات

، ومن هنا كان إيراد األشياء مبسميا�ا يف الرواية لتوطيد العالقات وبعث ودورها ومصريها وجودها

مل أممقصودا الشخصية اسمسواء أكان اختيار ،احلركات فيها، لتتواشج أبنية الرواية ويتسع فضاؤها

.1الشخصية واسم العلم الذي يدل عليهيكن مقصودا، ذلك ألن هناك رابطا منطقيا بني

. 132س، ص .مسر روحي الفيصل، الرواية العربية البناء والرؤيا، م: ينظر 1

Page 222: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

222

وهي ،لشخصيات اختريت بدقةوألقاب أمساء ،" هنا... اآلن " روايةيف قد اسرتعى اهتمامنا و

قيقية سواء كانت عربية إذ معظم الشخصيات جندها قد وردت بأمسائها احل ،تؤشر على دالالت معينة

دلوالت أمساء الشخصيات تبني مومن خالل استقرائنا ، مث تأيت األلقاب يف الدرجة الثانية، أو غربية

السم من انطالقا من الوقع الذي حيدثه هذا ا اسم معني لشخصية ما عادة ما يتم لنا أن اختيار

، آمر النقيبالدكتور، ، اخلالدي، العريفي ،عادل ،طالع: تسمية :مثال خالل مظهره الصويت الدال،

سلطة أو ينتمي إىل يجاه وذ يها تسميات حتيل إىل شخص ذفكل ،اجلنريال والكوميندانالسجن،

الرواية متقيد بالسنن وبالتايل فنظام التسمية داخل هذه ،طبقة عسكرية أو اجتماعية راقية

وغريمها ،عادل اخلالدي، طالع العريفي :ن اسم العلم مقرونا باسم موضوع مثلإحيث ،االجتماعي

. من األمساء

يف اعتبار أن اللقب أو اسم العلم من ، فليب هامونعن تصور ال خيتلف رشيد بن مالك روتصو

هو يعرف العناصر املهمة يف داللة الشخصية، و وأنه من ،رموز الشخصية داخل احملكي الروائي

هو اص و أي أن الن ،1»مقروئية النص أ�ا نسق من املعادالت املربجمة يف أفق ضمان «الشخصية

معادالت مربجمة من طرفه يف مضمون مقروئية النص و ،اته داخل النص خيضعها لتأويالتيبين شخصي

. حىت يتمكن القارئ فيما بعد من إعادة بنائها تدرجييا كما بناها الناص ،ودالالته

أمساء هذه الرواية نتوقف عند أهم الشخصيات لنحاول حتليل حول سيميائيات ولو تعمقنا أكثر

خاصة وأن هذه التسميات مل تكن بريئة بل خضعت بدقة متناهية إىل الوظيفة اليت داللة أمسائها،

،ها الشخصية املقصودة �ا، وهذا ليعلن منذ البداية عن نوع الفضاء الذي سنقتحمه كقراءوكلت إلي

كذا اإلطار الذي تتحرك فيه عرب هذا من خالل البناء العام للشخصيات و هذا الصنيع الذي يتبني

وىل محلت األ: اتسم بصورتني فضاءالواردة يف الرواية قد شكلت األسماءإال أن .النص السردي

. 51ص س،.م فليب هامون، سيميولوجيا الشخصيات الروائية، 1

Page 223: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

223

ثانية فحملت أمساء وألقابا ن والشأن العايل، أما الصورة ال، وهي توحي بالسلطاأمساء وألقابا ذات رفعة

. واملكانة الدنيئة اليت هي عليها يف ا�تمعذات ضعة، وهي توحي بسوء حال الشخصية

مما ،حتيل على كثرة الشخصيات الفاعلة ، وهيأمساء كثرية بذكر" هنا...اآلن" وقد متيزت رواية

روائيا متميزا بعالقاته املتشابكة ، تالمحت فيما بينها لتصنع فضاءينم عن بنية روائية معقدة

ضمن البنية احلكائية الشاملة للعمل، ومتدها بكل ما هي تنجح دائما يف االندماج" ، وهي واملتداخلة

.لإليهام بالواقع وحقيقة األحداث 1"يف حاجة إليه من الوضوح والشفافية

:عادل الخالديـ 1 ـ 3

إن هذه الشخصية هي صاحبة املقام األول يف احلضور السردي بالقياس إىل الشخصيات

شخصية سياسية، سجني سياسي، أحد الذين عاشوا يف تواتر ذكرها على امتداد الرواية، إذاألخرى،

"شعبية أيضا، امسها يرتكب من لفظتني، لفظ خصية عربية و ش عادل اخلالديو .سجون عمورية

.على اختاذ املواقفالقدرة العدل و على ، وهو لقب يدل )عدل ( املشتق من الفعل الثالثي" عادل

، وهو يدل على طول العمر أو التعمري "خلد" مشتقة من الفعل الثالثيفإ�ا اخلالديأما لفظة

طويال يف األرض، مما ساعده على حتقيق رغبته ومواقفه اليت كان يسعى إليها يف مواجهة النظام

.ضمن جمال داليل موسوم باإلجيابيةقيم نضالية اجلائر، وهي

السجني بتارة أخرى و تتغري مع املسار السردي، فكان يلقب تارة بعادل عادلإال أن صفة

يرجع إىل كون هذه الشخصية من ألد املعارضني هو الطاغي يف الرواية، وهذا السياسي، وهذا اإلسم

و اجلذر الذي فاللقب العائلي ه« ويغين عن داللة إمسه يكفي هذاالسياسيني للنظام يف عمورية،

للقب العائلي فداللة ا ،2»تغريا و و الكنية فإ�ما يقدمان ليونة، أما االسم أيضمن دميومة داللية

مؤشرا على انتماء هذه الشخصية عريبهو ابن اخلالدييصبح جمرد ذكر أن إذ ،تضمن دميومة داللية

. 257 – 256: س، صص.حسن حبراوي، بنية الشكل الروائي، م 12 ,P145 . ,1977 Philipe Hamon ,Poétique du récit ,Ed .Seuil ,France

Page 224: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

224

ورد على لسان ، مثلما كيا�ا يف الوجودهلا انتماؤها و و ،تاريخ عريقنيو هلا ماض عربية إىل عائلة

السجني املاثل أمامكم اآلن كان يعاقب يف فرتات " :النقيب مدحت عثمان أمام جلنة التحقيق

سابقة بأن يكتب ألف سطر يوميا، ألنه الوحيد من آل اخلالدي الذي شذ عن سنن العائلة، وأنتم

" :اخلالدي عادلل قائالوقد رد رئيس جلنة التحقيق .1"تعرفون منزلة هذه العائلة يف اآلداب الرفيعة

.2"يف السجن، ومن صفاتك أيضا الوثوقمن صفاتك الفصاحة، وقد عرفنا أ�ا إرث عائلي وتدريب

ر لديه واالحرتام من تضفي تأسيسا لقيمة االفتخاإىل هذه العائلة عالمة عادلوبالتايل انتماء

كل من تسول ضد بار لوطنهأنه ابن عادل العريفيمن جهة أخرى يقدم الكاتب طرف اآلخرين، و

وبذلك شخصية ،يل ولتنظيم سابقمما يشكل امتدادا نضاليا جل ،املساس مبقوماته وثوابته هله نفس

.من حاضرها من ماضيها و النضاليةتستمد شرعيتها عادل

:طالع العريفي ـ 2ـ 3

الشخصيات ردي بالقياس إىل يف احلضور الس الثاينإن هذه الشخصية هي صاحبة املقام

، ، خاصة يف القسمني األول والثاينعلى امتداد الروايةهي األخرى كثريا تواتر ذكرها إذ ،األخرى

.3، أحد الذين عاشوا يف سجون موران، ملدة عشر سننيشخصية سياسية، سجني سياسي

املشتق من " طالع " ، لفظ لفظتنيامسها يرتكب من شعبية أيضا،طالع العريفي شخصية عربية و

ولفظة طالع تدل على السمو والصعود إىل ،القدرةعلى وهو لقب يدل ، " طلع " الفعل الثالثي

لفظة العريفيأما . ، إىل درجة أنه وصف بالرجل الصعب الذي ال يقتنع بسرعة أو بسهولةاألعلى

، منها أنه دوما يسعى إىل أيضاضمن جمال داليل موسوم باإلجيابية قيم نضالية على تدل افإ�

طالع من النوع :" ، مثلما تدل عليه امللفوظات اآلتيةإىل احلقيقة ولو كلفه ذلك حياتهالوصول

. 467الرواية، ص 1 . 469الرواية، ص 2 . 163الرواية، ص : ينظر 3

Page 225: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

225

تأثريها ليلة، يوما الصعب، ال ميكن أن يقتنع بسرعة أو بسهولة، فإذا أحلت عليه فكرة يظل حتت

.1" !ىل جوابإبكامله، إىل أن يصل

حيمل دالالت حول إجياد « مسهاا، "عادل الخالدي"و "طالع العريفي" الشخصيتان نهاتا

، 2»املعــادل املوضوعي بني هذا االسم وبني موضوع الصراع االجتماعي، بل الوجودي يف هذا الوطن

أرض املستبدين يفوهذا املعادل يتجلى يف القدرة على حتمل املسؤولية امللتقــاة علــى عاتقه مبحــاربة

ا ـــومه بتني لشخصيتني مهمتني يف الرواية،املناس" عادل "و " طالع" فاختريت لفظيت ،املشرق العريب

،تركيبياو ا ـيــان صوتتلـــان متماثـتفظومها ل، واقف املناسبةـــاذ املـــوالعدل يف اختان على الرفعة ــــلفظتان دالت

.مما ينعكس على مستوى داللة كل منهما

:د خليل عالمساـ 3ـ 3

تكون شخصية حمرتمة وحمبوبة من طرف اجلميع كو�ا " المساعد "الشخصية اليت حتمل لقب

حتضى �ذه خليل وشخصية ،، وهي صفة محيدة يف الثقافة العربيةحتمل صفة املساعدةشخصية

، شخصية حمبوبة من سجن القليعة يف آمر السجن وحارسهشغل عسكريةاملكانة كونه شخصية

ومساعداته هلم وهم حيفظون له أعماله اخلريية ،بالمساعد خليل فيسمونه ،سجناء القليعةطرف

ارختت قبضة املساعد : " مكرمالسجني أيب ورد على لسان ماالسجناء، مثل خريه كل عم ف ،قدمها هلم

لجأ بعض األحيان إىل ي ، أكثر من ذلك كانيستطيع أن يغض النظر بصورة كاملة، ولكن ال خليل

.3"ر اجلميع بوجوده، وقوته القسوة ليشع

. 21الرواية، ص 1 .102ص اجلزائر، اجلامعية،ديوان املطبوعات ،) 1983 -1970 (الشخصية يف الرواية اجلزائرية بشري بوجيرة، 2 . 456ص الرواية، 3

Page 226: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

226

:الممرضة ا ــايـــمـ 4ـ 3

، أنشودة البحار الذي أمضه الشوق، و احلزن، مايا احلمامة، الغزالة ، بني الفرحالشخصية املزاجية

الفرح، يتعانقان، يتداخالن، مايا العينان ، مايا احلزن و يعودإىل الوطن بعد الغياب الطويلوها هو

ع اخلالدي وهو يعاجل ، الشخصية احملبوبة اليت أحبها طاللعسلاللتان متتألن دوما بالدموع وا الواسعتان

جند معظم إذ، ، إىل درجة أنه ال يطيق فراقها، وال حيتمل عدم رؤيتها ولو ليوم واحديف املستشفى

حبيث أبرزوه يف املقام األول من خالل ،تقدميهم لنموذج املرأة اجلاذبة الروائيني يلحون عل املظهر يف

لباطنية فقلما االعربية ،أما الصفات املزاجية و تركيزهم على مالمح اجلمال و التناسق يف جسد املرأة

در ما يكون حظهاال تثري اإلعجاب إال بقرأة يف نظرهم ال تلفت االنتباه و ، فاملجيري احلديث عنها

والوردةمحد زياد واملرأة بابو ألروايات زقاق املدق لنجيب حمفوظ و لو حتدثنا عن : فمثال ،من اجلمال

،يديها ،الفيزيولوجي حلميدة، لون بشر�اجند أنه يف األوىل كان كل احلديث عن املظهر ،حملمد زفزاف

، انشغاال يف عقوهلمناس و صف بأ�ا كلما مرت حتدث هزات يف أجسام الوو ،اخل...عينيها وشفتيها

وميارس إغراء ال ميكن مقاومته لدى األشخاص، نظرا جلماهلا ،يشكل نقطة جاذبة أزلية اوأن مجاهل

ال بقدر ما يكون ال تلفت اإلنتباه ال تثري اإلعجاب إاليت فاملرأة ،وطيبة أخالقها ومعامال�ااجلذاب

بل تكمن جاذبيتها يف ،عليست يف هذا النو املمرضة مايايف حني جند أن جاذبية ،حظها من اجلمال

. طيبتها وحسن معاملتها للسجني املريض طالع العريفي

:الدكتور ميالنـ 5ـ 3

آالم لك حبكمتها يف التخفيف عن شخصية حمبوبة هي كذطبيب ورئيس قسم باملستشفى،

؟ وهذا عادل، جاء على لسان املرضىإىل درجة أنه أصبح صديقا لكل ، صاحب التقديرات املرضى

هذه األلفة، اليت التصميم على الشفاء، أمل يكن يهدف أن أثبت له صحة نظريته وتقديراته؟ وبعد

أصبحت صداقة، كيف أمسح لنفسي أن أقول له يف أمان اهللا وأمشي، وكأن شيئا مل يكن؟ من

الثقة واحلب، من أجل : أعطاين احلق يف أن أكون قاسيا، أو أن أسيء للذين أعطوين أنبل ما ميلكون

Page 227: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

227

ر ميالن، هل ميكن أن والدكتو " :وهو يصرح بكيفية معاملة الدكتور ميالن ملرضاه 1"أن أشفى؟

، حاول أن ن أخربته مبا حصل جر نفسا عميقاحني جاء الدكتور ميال" أحب طبيبا كما أحببته

ء يل ىي ، لكن فكيه مل يساعداه، بعد أن فحصين قال، إنه سيتابع املوضوع بنفسه، وسوف يهيبتسم

، لكي يساعد التقرير يل واألدوية اليت وصفتل العالج تقريرا طبيا يوضح حاليت بالتفصيل ومراح

.2"الطبيب الذي سيعاجلين الحقا

: وليا ـــــجـ 6ـ 3

القلب النابض لطالع ، مسؤولة ممرضات الليل، احلازمة، العني و املمرضة النشطة رغم كرب سنها

تلك الليلة ال تشبه غريها من الليايل أبدا، ففي وقت : " مثلما ورد على لسان عادلالعريفي املريض،

. ما، رمبا بعد العشاء بساعة، جاءتين األخت جوليا، قاست حراريت، وتأكدت أين تناولت الدواء

جرى كل . ابتسمت وهزت رأسها. نظرت إيل مليا وكأ�ا تدرس صحيت وقويت من خالل العينني

طلبت مين أن . غادرت الغرفة،مل متض دقائق حىت عادت. انتظر: قالت بيدها اليسرى. ذلك بصمت

.3"اجتهنا باجتاه غرفة طالع .امتثلت .أضع املعطف على كتفي

، مثلما ورد نسيا�ا حىت يف اخليال نه ال ميكأن شخصية حمبوبة هي األخرى، يصرح عادلفجوليا

حني أفكر لثانية واحدة، أنين قادر على ترك جوليا، كيف والوجع وميتلئ قليب بالبكاء" :على لسانه

سىن يل ولو باخليال، أن ، كيف يتيه، أو عن نبض قلبهنيستطيع اإلنسان أن يتخلى بإراتده عن عي

، والليايل القادمة، كيف سأواجه ظلمتها وآالمها دون أن تكون جوليا فوق رأسي؟ ال أمضيأتركها و

.4" أقوى على االحتمال أطيق أن أفكر، وال

. 140الرواية، ص 1 .141الرواية، ص 2 . 50الرواية، ص 3 . 140الرواية، ص 4

Page 228: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

228

: راديـ 7ـ 3

ا وجدته " : ما جاء على لسان عادل مرتجم، وطالب صيدلية مثل ترجم رادي حبماسة وقناعة، مل

ترجم رادي حرفيا، ...، بدا االستغراب، األقرب إىل التساؤلبعد أن ترجم رادي...هكذا تابعت

وحبذر، وكنت متأكدا أ�ما لن يستطيعا استيعاب ما قلت، ألن اختالف نظرتنا إىل املوضوع جتعلنا

عرفت أن رادي سيكون ثالثنا، خاصة وأنه يف هذه الفرتة حيضر "، 1"يف حالة من االفرتاق الكامل

المتحاناته النهائية، وسوف ينتقل من صيدلية املستشفى إىل صيدلية اجلامعة، ولذلك فإن االملخترب

.2"املوجود هنا يتيح له العمل، وهذا ما جعله يقيم بصورة شبه دائمة يف املستشفى

جاء رادي كان : " الراوي جاء على لسان مامثل، يقلق ألتفه األشياء عصبية ةشخصيفرادي

األمر متعلق بأندريه، وجواز السفر، تطلع إيل وهز رأسه ، وبعد فرتة قال مرتبكا، قدرت أن غاضبا و

العمياء، وأقرب ما ال حاجة ألن أقول لك أي نوع من البشر هؤالء احملاسبني، إ�م كالثريان :مبرارة

هل ميكن أن تتصل ببمسؤول التنظيم : وزفر حبزن مثذ أضاف بلهجة خمتلفة، ...نون إىل اآلالت يكو

.3"فلن أتصل بأي إنسان وليفعل ما يشاء : لكي يتصرف بطريقة متحضرة

: الشهيري ـ 8 ـ 3

احملقق أمنية منبوذة من طرف السجناء، هو تواتر ذكرها كثريا يف الرواية، وهي شخصية شخصية

بصعوبة �ضت، أمسكت : " ةاآلتي اتدل عليه امللفوظت، مما الذي أذاق طالع املوت أثناء التحقيق

كنت كمن يدوس مجرا أو زجاجا مكسورا، كمن ميشي على ...بالعصا مرة أخرى، حاولت أن أمشي

مث ماذا تعين هذه اآلالم قياسا ملا ينتظرين بعد حلظات ؟ طلب مين ...شفرات حادة وغري منظمة،

: وتغريت نربة الصوت. اجللوس، فجلست، مسعت صوت الشهريي، قال خياطبين دون أن يذكر امسي

وبدأت الكابالت، لكن … ! إذا أردت أن تعرتف وتقول كل شيء ترفع السبابة: ومثل ما قلت لك

. 93... 91: ينظر الرواية، صص 1 . 64الرواية، ص 2 . 142الرواية، ص 3

Page 229: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

229

�وي يف كانت على رجلي، واحد آخر مربوط إىل الطاولة، مل تكن �وي على رجليه وساقيه فقط،

حني بدأت ا، أم اماباطن عيين، فكل ضربة أحسها مثل سيخ النار داخل العني، وسط القلب مت

ما جيده أمامه، وكنت جمنونا أعمى وبيده زجاجة مكسورة يطعن كل تتواىل صرخاته فقد شعرت أن

.1 "الوحيد الذي ظفر به وأخذ يوجه إيل كل الطعنات

أمسك بالبطانية اليت كانت عادة توضع فوق الطاولة، وكعم !يف حلظة ما نزل الشهريي عن عرشه"

كان يف حلظات . كنت أحس غيظه مثل طوفان. رأسي، مث استعان بطرف منها وحاول أن خينقين �ا

ابن احلرام، على يدي، راح متوت فطيس مثل كلب، ال من مسع، وإذا ما كان �ايتك يا: معينة يصرخ

.2" !اليوم غري يوم، لكن أبدا ما راح ختلص

عالم ، وهو لقب يدل على الشهرة واإل)شهر ( الثالثياملشتق من الفعل " الشهيري "لفظ و

السجناء تعذيبو وحتقيق رغبته اليت كان يسعى إليها يف مواجهة الضعفاء ،والقدرة على اختاذ املواقف

ثقة كسب، مثلما فعل مع طالع العريفي، وذلك جللب احلقائق واملعلومات منهم ألجل السياسيني

، وهي قيم ضمن جمال داليل موسوم وبالتايل ترقيته إىل أعلى املناصب ،املسؤولني ورجاالت السلطة

.بالسلبية

:ي ــــالشاللـ 9ـ 3

غامض املعىن دخيل على اللفظ ، هذا" الشاللــــي" مل لقب يكفي أ�ا حت ،عسكريةشخصية

أهم إىل ينتمييف الرواية ألنه ،الثقافة العسكريةلغتنا وعلى مسمياتنا العربية، فهو لقب له صلة ب

كما أن جهاز يف األمن العسكري، هو احملقق املكلف بالتحقيق مع عادل وباقي السجناء السياسيني،

فكان هلذه الشخصية األوامر، خيول له إصداركمخرب يف األمن العسكري وجوده يف مرتبة عليا

من ، مما يتضحتعذيب السجناءتدخالت مؤثرة على مسار األحداث مبواقفه وأعماله الساعية إىل

ملرات عديدة كمحقق أمين مع السجناء السياسسني خالل السياسة ا�حفة اليت اتبعها بعدما عني

. 247الرواية، ص : ينظر 1 . 267الرواية، ص 2

Page 230: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

230

يته من شخصية حوار وتعقل إىل إذ تغريت كل املوازين بتغري عقل ،حملققني آخرين مثل العطيويخلفا

تعذيب املساجني مما يدل شخصية عنيفة مبواقفه الصارمة من خالل خطته اجلديدة اليت أعلنها يف

.1على أن هلذه الشخصية دورها يف مسار األحداث

باعتباره ضابطا ،ه يف السلطةبوصفه رمزا للمسؤولية من خالل منصبهر هيمنة هذه الشخصية وتظ

سجن القليعة و نزالء سجن العبيد من خالل تعذيبه لطالع وكل حمقق رئيس تقمص رتبةعسكري

.السجن املركزي يف عمورية و

: النقيب مدحت عثمان ـ 10ـ 3

ووجود شخصيات من هذا النوع ،لة يف الرواية على مستوى األحداثشخصية هي األخرى فاع

.أن هذه الشخصية تنتمي إىل السلك احلكوميخاصة و ،يظهر نوع من حقيقتهايف مسار األحداث

على مما يدل ،املكانة العالية، املسؤولية و على السلطة تدل ، لفظة عسكرية "النقيب " ةأما لفظ

،يبة اليت متيزت �ا هذه الشخصيةإضافة إىل النوايا الط ،شخصية قيمتها يف ا�تمع الفرنسيأن هلذه ال

.يب الذي مثلته على مستوى األحداثاإلجياوكذا الدور فمن غري املعقول ،عادلوقد استعان الكاتب �ذه الشخصية إلضفاء الطابع املنطقي على حرية

:دون تدخل شخصية حاكمة هلا كلمتها يف هذه املسألة مثل باريسحبريته وتنقله عادلأن يتمتع

فكانت شخصية متميزة ،وقتها للسجن املركزي الذي كان رئيسا النقيب مدحت عثمان شخصية

ويظهر الدور .حسن معاملتهااألخرى بطيبتها و العسكريةعن غريها منت الشخصيات احلاكمة

بعض لحو زياراته املتكررة إىل مهاجع السجناء للتكلم معهماإلجيايب هلذه الشخصية من خالل

:على لسان الراوي ما ورد األمور اليت ختصهم مثل شايف أنكم و املساعد مسن وعسل، فإما أنكم تأدبتم بعد بعد : يف إحدى الليايل جاءنا النقيب"

تعرف يا سيادة النقيب، حنن مجاعة مسجونني، : رد حامد زيدان !مشاوير العني أو خربتم الزملة

. 243 ــــــ 242 :صص الرواية،: ينظر 1

Page 231: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

231

ب، ولكن ما ضيوف عليكم، والزم الضيف يكون مؤدب، وأنتم املعزبني، والعادة أن الضيف قبل املعز

.1" !حصل يف البداية أنكم جتاوزمت هذه العادة أو مل تعرتفوا �ا

:ـ الشماس 11ـ 3

شخصية دينية مقدسة، دوره املشي يف مقدمة ا�موعة احملتفلة بقدوم أسبوع جديد أو قدوم

ورد على لسان مامثل، اإلحتفال ءإعالنا عن بد شخصية مهمة، وهو حيمل ا�مرة واملاء املقدس

زكي، صادق وأمحد، : يأيت عماد األشهب يوم الزيارة األسبوعية، جاء ثالثة غريه" :عادل اخلالدي

الذي يفرتض أن ميشي يف املقدمة الشماسكردينــــــال واثنـــان من األســــاقفة، كان ينقصهم فقط

.2"حامال ا�مرة واملــــــاء املقدس، إعالنا عن بدء االحتفال

تبني لنا أن هذه الشخصيات اليت مت ذكرها ،لعامل شخصيات هذه الرواية دراستنامن خالل و

سار عت على امتداد الرواية مما أضفى على املتوز ،عينات من شخصيات تارخيية واقعية سابقا تعد

قيم للدليل على رموز التضحية يف سبيل توظيفها بطريقة تناصية ، ومت العام للشخصيات طابعا واقعيا

ونظرا للكم اهلائل ،إحقاق احلق مقابل رموز الشر والعدوانيةو إنسانية نبيلة يف سبيل اخلريوطنية و

اعلية على مستوى املسار السردي للشخصيات املذكورة يف الرواية اقتصرنا على الشخصيات األكثر ف

إىل تغيري جمرى هذا العتقادنا إن الشخصيات األخرى مل يكن لوظائفها السردية آثار حدثية تفضي و

.العمل السردي

. 450ص ،الرواية 1 . 111الرواية، ص 2

Page 232: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

232

:وعالقتها بالفضاء الروائي الشخصيات داللة أفعال ـ 4

عنها على حتدث عربية الحظنا يف تطور أحداث هذه الرواية أن الكاتب اجته إىل اختيار بيئات

ا أما في ،عربيةومن الطبيعي أنه قدم يف حديثه عن هذه البيئات شخصيات ،مستوى املسار السردي

طالع وعادل الخالدي :تني عربيتنيالرئيسية فاختار شخصيخيص اختياره للشخصيات البطلة و

هي الطاغية على هذه العربيةكانت البيئة ا ومل ،قاما بأدوار املقاومة واحلنكة والسياسةوالذين ، العريفي

من أن يكون شديد احلذر يف اختيار أبطاله ــالذي حاول أن يرضي قراءه ـ ـــ الروائيالرواية كان على

حبكم وقوع أحداث الرواية العربيةضمن حدود البيئة روايته أن تبقى روائيوقد أراد ال ،البيئتني هذين

الشرسة للحكومة تقوم بدور املقاومة األولى: شخصيتني بطلتني الروائيإذ حدث أن اختار ،هافي

املقاومة أيضا تقوم بدور الثانيةو ،عادل العريفيمتثلت يف شخصية ،العربية اجلائرة يف عمورية

خاصة وأنه وجد يف هذه الشخصية األخرية ،طالع العريفيمتثلت يف شخصية ،حلكومة موران

وقد خيتار املؤلف شخصياته حبيث يدع له جماال الستعراض « ،النظامالشجاعة يف مواجهة ا�تمع

. 1 » معلوماته يف موضوع معني

ار شخصياته اليت قامت بدور كاف يف اختي " هنا... اآلن " :وجند الكاتب قد برع يف روايته

إال أنه جيعل الشخصية الرئيسية يف الرواية هي ،إىل القارئومناسب يف نقلها ألفكار إديولوجية

، إال أن نظام سياسي عريبضد لنضال إديولوجي الكبري ل الدوركو�ا متث عادل اخلالديشخصية

وهي ،معينة مغلق تشرتك فيه الشخصيات من خالل مظاهر رمسه هلذه الشخصيات يدور يف إطار

ومن أبرز ،من ناحية أخرى، وبني الرواية الواقعية ن ناحيةبني السرية الذاتية ممظاهر مشرتكة بينها و

.مثاليةو يف تصوير الكاتب إنسانية هنا...رواية اآلن هذه املظاهر أن شخصيات

، ص مصر القاهرة، دار املعارف،، 1994 ،4ط ،) 1938 -1870 (تطور الرواية احلديثة يف مصر عبد احملسن طه بدر، 1

163 .

Page 233: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

233

ث �ا تصور الشخصية اإلنسانية على هذه الصورة يذكرنا بالصورة اليت كان الشاعر العريب يتحد و

ة خلصها إذ يضفي عليها جمموعة من الصفات املثالي ،الفخرعن شخصياته خاصة يف غرضي املدح و

أما إذا أراد أن ميثل �ا ،قمة النضالعقل فيجعلها متثل لذلك البعض النقاد يف الشجاعة والعفة و

ية اليت تصل �ا إىل قمة السوء العكس فإنه يهجو �ا ليصفها مبجموعة من الصفات املثالية التجريد

من خالل هنا...اآلن وهذا ما متثل يف رواية ،1وتلخص يف النقيض املباشر لصفات املمدوح ،الشرو

.الشخصيات الروائي �ا الروائي الصفات اليت وصف

فنجده ،صفا�ا من خالل أقواهلا ووظائفهارتك للقارئ احلكم على أما الشخصيات األخرى، ف

جتسد األول فـي الشخصية الثــائرة فـي وجـه : رئيسينيحبسب وظائفها إىل عاملني اختزل الشخصيات

أما الثاين فتجسد يف شخصية ،وعن احلق مبادئهاو املدافعة عن هويتهــا وثوابتهــا الشر؛و العدو

أفكار عادل الذي حاول اكتساح املعارضهذا ،العربأعوانه من العمالء السياسي و املعارض

.والدنو �ا إىل األسفل خلخلتهااخلالدي وطالع العريفي، بل

ومن خالل تتبعنا لتمفصالت السرد يف فضاء هذه الرواية نالحظ هيمنة شخصيتني رئيسيتني

نا أن الكاتب أبدى ل خــاصة ،من خالهلما *2ملشاهد كلها مبأرةعلى املسار السردي على اعتبــار أن ا

طالع العريفي وعادل اخلالدي، وهاتان الشخصيتان :شخصييتومها ،من خالهلما أهم أحداث الرواية

ت اليت اجتهت إليها هذه الرواية، إذ جند أن تتشابان يف املالمح النفسية إىل حد كبري يف شىت ا�اال

كما قدم لنا ، عليهما حكما �ائيا مطلقا بصفة اخلري من أول الرواية إىل آخرها الروائي قد حكم

مقارنة الشخصيتني ضمن املخططة ومن خالل تداعيات السرد ميكننا ،قتهمااجلوانب اإلجيابية يف عال

:آلتيةا

. 165ص ،س.م ،) 1938 -1870(ديثة يف يف مصر ر الرواية احلتطو ،عبد احملسن طه بدر: ينظر 1حيث يتم ذا عملية السرد من خالل شخصيات معينة يتم اختبارها هلذا الغرض،ويعين وصف األحداث وك، من التبئري: مبأرة * 2

.من خالهلا نقل ما جرى أو جيري

Page 234: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

234

عادل الخالدي طالع العريفي

،يف حني تظهر مواقع مشرتكة بينهما ،تظهر املواقع املتضادة للشخصيتنيمن خالل هذا املخطط

إال ، ىل من موران والثانية من عموريةو األ ،من حيث اإلنتماء اجلغرايفلشخصيتني اختالف افرغم

اإلصرار، ، اإلخالص، التضحيةاخلري، الوفاء، ،ات إجيابية عديدة منها اإلنسانيةأ�ما يشرتكان يف صف

: ، مثلما ورد على لسان عادل اخلالديالعروبة، املرض وغنب الوطن ،الذكاء وطالع العريفي !إن الذي غري حيايت ووضعين على حافة املوت هو أين تعرفت على طالع العريفي"

على ظهر باخرة أو يف سجن ثنني يتعارفان امريض مثلي، جاء من موران للعالج، وكما حيصل بني

كادت حصلت األمور بالصدفة، كما حتصل يف احلياة خارج املستشفى وخارج السجن، إذ ما. تعارفنا

.1"تنقضي أيام على وجودي يف املستشفى حىت جاء لزياريت

!مث يف االستالم هلا حنن العرب عباقرة يف توهم األحزانـــ "

السجن ليس فقط اجلدران األربعة، وليس اجلالد د لك أن ـ ميكن أن تقول أي شيء، ولكين أؤك ــ

حىت قبل أن يدخل السجن، وهذا خوف اإلنسان ورعبه، : فقط أو التعذيب، إنه بالدرجة األوىل

.2"بالضبط ما يريده اجلالد، وما جيعل اإلنسان سجينا دائما

. 14الرواية، ص 1 . 18الرواية، ص 2

اإلنسانیة الوفاء

التضحیة عمــــوریة

اإلخالص اإلصرار ورانــم

الذكـــاء العروبة

المرض غبن الوطن

Page 235: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

235

، من أجل قناعتنا، وكنا نعرف أن هذا الطريق ليس طويال لقد فعلنا كل ما فعلناه: طالع امسع ياـــ "

وشاقا فقط، كنا نعرف أننا قد ندفع حياتنا من أجله، واعتقد أننا لسنا آسفني أو نادمني على ذلك،

ين يف ـــــاآلن أن قلت لك، أشعر وكما ،نــــاق، ولكــــــولنفرض أننا على اتف. الرأي اركينــــــــك تشــــــوالبد أن

ولكن ـــ السجن أكثر مما كنت هناك، وهذا الشعور نتيجة العجز عن تغيري شيء، عن حترير إنسان

.السجناء سيتحررون ذات يوم يا طالع

أخشى، يا عادل، أن حيصل العكس، ألن األمور كما أراها : وهو يقرتب وينظر إيل بتحديد قالــــ

.1"...اآلن، تأخذ مسارا خمتلفا عن السابق

:وميكن اختصار هذه املخططة يف اجلدول اآليت

. 19الرواية، ص 1

الشخصيـــــــــــــات

الصفــــــــــــــــــــــات

عادل اخلالدي طالع العريفي

اإلنســــــــــــــــــانيــــــــــــــــة -

الوفـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاء -

التضحيـــــــــــــــــــــــــــــــــــة -

اإلخــــــــــــــــــــــــــــــــالص -

اإلصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرار -

الذكـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاء -

العروبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة -

املـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرض -

غبــــــــــــن الوطـــــــــن -

+

+

+

+

+

+

+

+

+

+

+

+

+

+

+

+

+

+

Page 236: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

236

هذا ما صفات واحدة يف طالع وعادل: شخصييتمن خالل هذه املخططة نالحظ اشرتاك

إنقاذ سمعة الوطن،، إسقاط النظام الجائر والمستبد و الحرية: أهداف واحدةيدفعهما خللق

ل ،فلم يضحيا من أ�ما ضحيا بطريقة جتعلهما متداولني يف تاريخ األمم من جيل إىل جيخاصة و

خدمة اإلنسانيةبيلة يف سبيل إنقاذ مسعة الوطن و ، بل كانت تضحيا�ما نأجل مصاحل شخصية

.حتديات هذه احلياة الصعبةمها يف اخللق ومسايرة األحداث و فكانا مشعتني منريتني لغري ،مجعاء

، هي اليت جعلتهما يقفان أمام سلطة عادلو طالعإن هذه الصفات اليت متيزت �ا شخصييت

، ومستقبالحضارية قائمة، مدافعان عن أرضهما ووطنهما وجذورمها يف املاضي، وعن حيا�ما حاضرا

مما أسهم يف التأثري يف الشخصيات الروائية األخرى، العربية منها والغربية، وهي كلها صفات تعرفنا

وترمسهما، وكذا اإلطالع على الظروف اليت كونت شخصيتيهما، وهذا ما بشخصييت طالع وعادل

:عادل اخلالدي ورد على لسان

، وهكذا بدأت ...أجريت يل خالهلا عدة عملياتقضيت شهورا طويلة يف مستشفى كارلوف، "

، وبعض تقوى وتشتد اليت أدخل مرحلة جديدة أقرب ما تكون إىل الكهولة مع جمموعة من األمراض

، كنت أعد نفسي احلياة اجلديدةضمن هذه املواصفات، وبدات أستعد الستقبال األحيان تغفو

، وهذا التغري كن حصل شيء غيذر املسار من جديد، لتقبله، وأيضا لنسيات املاضي، لحلتمال ذلك

ففي !لسبب مل خيطر يل ببال ، لقد كان شكل مباشر، ومل يكن نتيجة الرغبةمل يكن نتيجة املرض ب

!براغ حيث توقفت املوت، أو تأجل ، بدأ مويت اآلخر

غري حيايت ووضعين ذي إن ال: ته طويال وكثريا، لكنه مل يتح يل، وإن متنيال مل حيصل شيء من هذا

وطالع العريفي مريض مثلي، جاء من موران للعالج، !طالع العريفيتعرفت على حافة املوت هو أين

.1"، أو يف سجن تعارفنا ني إثنني يتعارفان على ظهر باخرةوكما حيصل ب

. 14ـ ـــ 13: صص: الرواية 1

Page 237: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

237

، أما اليوم كنت أمسع أصوات ا�لودين عن بعد، كانت تفصلين عنهم مسافاتإىل ما قبل هذا "

تنهال على القدمني، على ت الكابالت أاليوم فإن الشهريي يريد أن يلقنين درسا جديدا، حني بد

أو أن الساقني، واشتعلت معها الصرخات، قبضت على نفسي يف حالة من اخلوف ال ميكن أن ختفى

.1"، انكمش جسدي كله، وأخذت ساقاي باإلرجتاف، وزادت دقات قليب أيضا أسيطر عليها

أخذوين ال أعرف إىل أين، كنت خالل هذه املسافة ال أمشي على قدمي، وإمنا على عيين "

حىت فرصة السقوط، كانت تنهال انت تتواىل وتتسارع مل ترتك يلبالذات، لتأن الضربات اليت ك

أدري كيف ، ألين العت على األرض، وكثريا ما كنت أقعأما إذا وق...كاألمطار الغزيرة، كالصواعق،

2" ، فإن الصرخات والضربات تتسارع إىل درجة توقعت أن أموت بني أيديهمأحترك أو إىل أين

هناك حلظات يصبح معها املوت شغفا ! ولذلك جيب أن أثبت هلم من يكون طالع العريفي... "

وأنا أشد ورغب، يفقد اإلنسان اخلوف ويتحول إىل حالة من العناد أقسى من الصخر، قلت لنفسي

املوت سيطال كل إنسان وال ميكن ألحد أن ينجو منه، لكن أمجل موت، : العصابة إىل أقصى حد

.3" إذا كان

قيمتين أخالقيتين تبينت لنا ،" هنا... اآلن " لروايةومن خالل تتبعنا للمسار السردي

.الخيانة /اإلخالص : مهامتضادتين

، عادل الخاديطالع العريفي و : الشخصيتنيبوصفه قيمة أخالقية إجيابية ثابتة يف اإلخــالص

السجناء السياسيني له من خالل ملبايعة إخوانه و عموريةجتلى يف إخالصه لوطنه عادلفإخالص

، ية مهمة يف النظامنات عسكرية وأمشخصياليت خاضها ضد مواقفه اإلجيابية الصارمةمواجهاته و

النظام واحلكومة يف عمورية املساومات املتكررة بتحريره من قيده مقابل التنازل عن موقفه ضد رغم

. 244ص الرواية، 1 . 250 الرواية، ص 2 . 285الرواية، ص 3

Page 238: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

238

هذا استنادا إىل مرجعية ثورية و النقيب مدحت عثمان يف سجن القليعة،املعاهدات اليت عقدها مع و

من مستشفى إىل يركض هوفيتجلــى يف وقــع خطــاه و طالع العريفيأما إخالص ،يف عموريةلعائلته

بعد يرتاح إال وال ،آخر للعالج بسب األمراض اليت حلقته نتيجة العذاب الذي تلقاه يف سجون موران

.1موته

واخلائنة لعادل اخلالدييف الشخصيات املعارضة بوصفها قيمة أخالقية سلبية ثابتة الخيــانةأما

، العريف ، النقيب مدحت عثمان، العطيويالشاللي: النتمائها العريب ومنهالوطنها ولدينها و

عادل ه للهدنة اليت عقدها معبنقض العريف إدريسوكذا خيانة ،2، الرائد جودت يعقوبإدريس

عقائديا بوصفها ملعىن املرفوض اجتماعيا ودينيا و وهذه اخليانات هي با ؛3السجناء يف سجن القليعة و

، إهانة عادل والسجناءيف استمرار الرغبة وبالتايل ،واملبدأالدين الرغبة يف خيانة الوطن و تعبريا عن

. وال احلب للغري، وحيبون الشر وإهانة اآلخروهي يف احلقيقة رد فعل عن أشخاص ال يريدون اخلري

:الداللية يف املربع السيميائي اآلتـــــــيوميكن أن منثل هذه القيم

خيانة إخالص

الخيانة الإخالص

" الخيانة "وقد عمل الكاتب على إثارة القارئ لكي يرفض اخليانة من خالل االنتقال من موقع

نفي دائم لواحد من احلدين و وعلى اعتبار أن هذه العالقة عبارة عن رفض ،" اإلخالص "إىل موقع

. 560 ــــ 559ص الرواية، ص: ينظر 1 . 460الرواية، ص 2 . 493الرواية، ص 3

Page 239: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

239

اليت تأخذ مفهومها يف النظام الخيانةيف هذه احلالة رفض ونفي مفهوم ويتم بغية تأكيد اآلخر،

ا األخري الذي يدل على هذ ،اإلخالصالقيمي على أساس التوتر الناجم عن مقابلتها ملفهوم

كراهية الشر، الالإنسانية و ،ةفتدل على العدواني الخيانةأما . اإلنسانية وحب الوطن، اخلري ،املساملة

ذلك اخلاص بالشخصيات بطريقة التضمن و وميكن متثيل هذه املعطيات ضمن دوائر الفعل .الوطن

: 1اآلتية يف إطار تقابلي كما هو مبني يف الرتسيمة

( Joseph courtes ) جوزيف كورتيسولقد عمدنا إىل هذا الرسم الذي اقرتحه الباحث

وهذا معناه أن االستقطاب الثنائي يسري " ، نظرا لعدم إمكانية متثيل هذه املعطيات يف شكل متداخل

يف اجتاه التقليص من حجم الدائرة احلياتية اليت تتحرك داخلها قيم الشخصيات، فمن جهة هناك

العدل، وهناك من امل تنتمي شخصيات اخلري والنبل و إيديولوجيا وقيميا، وإىل هذا الع العامل املثمن

1 Voir: Joseph Courthes ,Analyse Sémiotique de discours ,( de l’émoncé à l’émanciation )

Hachette universsité France, 1991, P 2.

ةالالإنسانی

القبــــــــح

الشــــــر

الخیانة

العدوانیة

اإلنسانیة

النبـــل

الخیـــر

اإلخالص

المسالمة

Page 240: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

240

1"تنتمي شخصيات الشر والفعل املناهض لإلنسان وإليه رداءة،جهة ثانية العامل املوصوف بالقبح وال

كما ا أن نقول إن صراع القيم داخل النص يتوزع بشكل ثنائي معرب وحامل هلذه القيمنو�ذا ميكن

اآلن " تطويق وضعني متمايزين يف روايةمن خالله ، والذي ميكن2اآليت هو ممثل يف املربع السيميائي

:"هنا ...

القدرة على الال فعل القدرة على الفعل

) اإلصرار ( )القــوة (

الال قدرة على الال فعل قدرة على الفعل الال

) العجــــــز( ) الخضوع(

طالع إصرار سم بقوة و اتضح لنا أن الوضع األول ات السيميائي، وبتعمقنا يف دالالت هذا املربع

وراثية يف الثابت الذي يقرتن مبجموعة من املبادئ القدرة على الفعلذلك أن ،املطلقني وعادل

فق على السري و اوجتربمه ماتقوي قدر�هما و تتلغي حري ،وعن مدرسة السجن ماهيعائلتها عن اورث

ما األثر البليغ يف من رمز سلطوي عليه متثالنهملا لعائلتيهما فكان ،سابقاالطريق املرسوم واحملدد

رامة يف ــــوالص احلقو اد، ـــــالعبيف خدمة البالد و وإخالص من تفان ،إىل اإلجيابية توجيه سلوكهما

عن ، خاصةكذا مواجهة الزنزانة والسجانني واجلالدينو ،)اخلونة الظلم و ( مواجهة املواقف الصعبة

وهذا ما يظهر طرق املخيلة واسرتجاع الذكريات والدروس املاضية املليئة باحلكم والعرب حنو اإلجيابية،

:من خالل امللفوظات اآلتية

.100 - 99:، صصاملغرب، دار األمان، الرباط، 1996، 1حنو مسيائيات لإليديولوجيا، طــــ النص السردي سعيد بنكراد، 1

. 89ص ،2000اجلزائر، للنشر، دار القصبة مقدمة يف السيميائيات السردية، رشيد بن مالك،: ينظر 2

Page 241: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

241

ولذلك كنت مصمما أن اواجه املواقف وحدي يف أقرب فرصة ممكنة، إعتمادا على لغيت الفرنسية، "

ورغم احلذر الغريزي املوروث من السجن، فقد اعتربت أو مبساعدة أحد من العرب املقيمني، ولذلك

وغري متوقع، مما جعل رد فعلي موازيا هلذا السخاء إذ رحبت سخيا العرض الذي يقدم إيل اآلن

قلت :مل يتوقع، فقال بانفعال ما يشي مبوقف ودي مبالغ فيه، اتعش طالع، وكأنذهبالزيارة، وبدر مين

.1" !العرق دساس والدم أبدا ما يصري مية: لنفسي مل تبق صورة أو ذكرى، مل تبق ! ال يقوى على مقاومة الزنزانةن اإلنسان دون خيال ودون ذاكرة إ"

كلمات أو وجوه إال واستطعت استحضارها إىل هنا، ليست مرة واحدة وإمنا مرات ومرات، كــــــــــانت

.2"حيايت املاضية تنداح أمام ناظري، وكا�ا ال تستعاد فقط وإمنا تتكون من جديد مراجعة : الوصف، وهذه امليزة تتلخص بالتايل لقد أتاحت يل الزنزانة ميزة واحدة، إذا صح مثل هذا"

.3"كل شيء، واستعادة وتقييم املواقف اليت ترفع رأس اإلنسان أو تذله فقد صممت منذ البداية أن أتصـــرف داخل الزنــــزانة كما لو أنين حتت األضــــواء، كنت يف أحيــــان "

املساحة اليت ال تزيد عن ثالث خطوات كنت كثرية آخذ مسات رجل صارم أو ال مبال، ويف تلك

.4" !أمتشى عادت إيل دفعة واحدة الصور السوداء املليئة بالدم والعذاب ورائحة املوت، وزاد�ا حدة خدوش"

من احتمل سبعة شهور : وف ال أعرف كيف دمهين فجأة، قلتخلالشهور األخرية، ولكي أضع حدا

.5" !بأيامها ولياليها يف تلك الزنزانة، وما زال حيا وفيه قوة، ال خيشى عليه، وسوف يصمد

. 15ص الرواية، 1 . 182الرواية، ص 2 . 195الرواية، ص 3 . 205الرواية، ص 4 . 218الرواية، ص 5

Page 242: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

242

هذا يومك يا طالع : ذاكريت تستيقظ، تصاب، برعاف جمنون، متتلئ بالتحريض واخلوف والتحدي"

كل ما مضى بكفة وما تواجهه اآلن بكفة ثانية، إما أن تكون رجال أو تنتهي إىل األبد، ال يكفي

أنك صمدت طوال الشهور املاضية، كما ال يشفع لك تارخيك أو نضالك ، كل ما كان مضى

. أنت اآلن يف مواجهة التحدي الكبري، إما أن تصمد أو أن تسقط : انقضى، وعليك أن تعرتفو

.1" !اإلنسان حلظة قوة، وقفة عز ، فاحذر : ويشمخ يف داخلي نداء عات، صوت كأنه الطوفان ا ال ميكن تلك املرأة املكسورة، املليئة باألمل والشديدة احلزن والسواد حركت يف داخلي شعورا جاحم"

أن تقف يف وجهه أية قوة، شعور الغضب واحلقد والتحدي، وأيضا اإلستعداد ألي شيء ويف الوقت

.2"الضروري يف أعماقهم، لو أتكلم، لو أكف عن العناد، ألين بذلك سأرحيهم، لكن القاعدة اليت كانوا يتمنون "

تعلمتها من أمي، يف ذلك اليوم البعيد، وهي تقول بطريقتها اخلاصة، حياة تسر الصديق أو موت

ك يفري أكباد العدوين، ولذلك كنت متعجال لكي أغيظ هؤالء املنهمكني بالتقييد والرتبيط، وأولئ

.3"الشهريي : الذين يستعدون للضرب، وذاك الذي ينتظر على عرشه حىت حالة الضعف اليت ميكن أن تدمر اإلنسان يف عامل الناس العاديني، فإ�ا يف السجن تتحول إىل "

قوة خارقة، فأنا الذي اضطجعت منتظرا املوت، مل ألبث أن أكتشف يف داخلي قوة ال أعرف أين

وهي اليت ساعدتين على تضميد جراح هالل أوال، وساعدتين أيضا لكي أمتاسك كانت ثاوية،

وأن يكون جانبك أحد يف السجن تزداد قوة وذكاء مئات املرات، ...! أقوى من قبل وأصبح إنسانا

كما أن خربة اإلنسان تزداد خاصة إذا كان ذلك الشريك من نفس القناعة وبنفس التماسك،

.4"بوجوده مع اآلخرين

.219 – 218: الرواية، صص 1 .225الرواية، ص 2 .277 – 276: الرواية، صص 3 .295 – 294الرواية، ص 4

Page 243: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

243

أن حىت اآلن مل يستطيعوا أن يأخذوا مين شيئا، لكين أبقى إنسانا، وال أعرف إىل أي حد ميكن "

، هل فهمت سبب غضيب ما تعرف، لكي ال أمحل عبئا جديدايل أحتمل، ولذلك ال أريد أن تقول

.1"أمس ؟ وهكذا تعلمت درس الصمت مرة أخرى، وكان بالنسبة يل أهم الدروس على اإلطالق فيه أو ألن تكشف أسراره، فما دامت ألن خياضهذا اجلانب من حياة السجن مل حين الوقت "

اهلائلة من البشر، فيجب أن تكون هلؤالء الفرصة والقدرة سجون املتوسط تزخر �ذه األععداد

للدفاع، وأن ميتلكوا وسائل ال تستطيع اإلدارة أن تكتشفها بسهولة، خاصة أن تلك الوسائل يتم

.2"تعلمها داخل السجن، وبشكل عملي، متاما كما يتعلم الطفل لغة آبائه يؤمن اإلنسان بشيء ما، ألن اإلميان جذر القوى جيب أن : وبدا يل وجه شفيق مضيئا، قلت له "

. 3"كلها، وبدو�ال يستطيع اإلنسان أن يفعل شيئا وأن يستمرذ إىل النهاية

النظام على مواجهة طالع وعادلبإصرار ،بالقدرة على الال فعلفاتسم ،أما الوضع الثاين

وهو قرار ،)اإلكراه البدين ( بقهره وعذابه السجن ما، إذ اختذ قرار املواجهة ومل خيفهواجلالدين

ا يظهر من خالل ، وهذا ماملبادئ، العقيدة، األخالق وغنب الوطن: ماعليه ، فرضتهمامفروض عليه

:امللفوظات اآلتية

إصراري العنيد البارد برفض تناول األدوية، وبعد الدعوة إىل اإلضراب العام، وقد تسربت ومن" ...

أفرجوا عين وعن ...معلومات أن اإلضراب سيعلن إذا مل تستجب السلطات وتنقل املرض للعالج

.4"اثنني آخرين

. 298الرواية، ص 1 . 357الرواية، ص 2 . 366الرواية، ص 3 . 11الرواية، ص 4

Page 244: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

244

كنت يف حلظات كثرية أحس بالغضب إىل درجة القهر، وتصورت نفسي قادرا على القتل ألو أنين "

سأقتل أكرب عدد من اجلالدين مث سأقتل نفسي، أما أن أسلم مبا يريدون، أن أعرتف، . أملك سالحا

اجلالد كي فهذا لن يفرحوا به مهما أحاطوين بأولئك النواحني والذين سقطوا، وينتظرون فقط عطف

فهاهم جيربون أسلحتهم الواحد بعد اآلخر، لكن جيب أن م وألين مل أتكل ...خيرجوا من هذا املكان

.1" !أثبت هلم كم حيتمل هذا اجلسد الضامر، ومن أكون

أكثر استمروا بتعذيبه ثالثة أيام بلياليها، ولكنه مل يعرتف، وكل يوم تعذيب إضايف جيعله جيعله "

.2"إصرارا وعنادا �ضت، نظرت إىل الزنزانة نظرة أخرية، تأسفت أين مل أكن أمحق باملقدار الكايف لكي أخط امسي "

لو أين كتبت امسي لعىن شيئا ما يف وقت من األوقات إلنسان آخر، لقد مررت . على أحد اجلدران

نزانة سبعة شهور وبضعة أيام، مل من هنا، ظللت قويا وصامدا حىت النهاية، قضيت يف هذه الز

أضعف، مل أعرتف، ومثلما دخلت إىل هذه الزنزانة، خرجت منها مرة أخرى، اإلنسان أقوى من

. 3" الزنزانة، أكرب منها

كذلك وقتا طويال، مل ظلوا...كانت الكابالت تتواىل كمطر غزير، وكانت الصرخات تزيد عليه"

مل ملاذا مل أصرخ ؟ ... ذه احلفلةأشعر طوال حيايت أن الزمن ميكن أن يكون عدوا كما شهدته يف ه

.4..."أدخل معهم يف معركة ؟

سوف متر ألف سنة، والسؤال الذي ال يربح خيايل، والذي جيعلين مسلوبا حائرا، ومملوءا بالذنب "

كيف تطعت أن أرقب كل هذا الذي جرى أمامي ومل أنبس بكلمة ؟كيف اس: إىل آخر االأليامهو

5..."بقيت صامتنا ومذعورا طوال تلك الساعة السوداء ؟ كيف مل أصرخ ؟ مل أبك ؟ كيف

. 195 -194: صص الرواية، 1 . 196الرواية، ص 2 . 206الرواية، ص 3 . 248الرواية، ص 4 . 301الرواية، ص 5

Page 245: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

245

خروجا عن ذلك مروقا و اعترب التهاون يف و ، آخر حياته املقاومة حىتعلى اخلالدي عادلعزم وقد

، فعل الكتابةمعلنا بذلك اإلخالص لوطنه ومبادئه، من خالل ،النهايةحىت أن يقاوم ر، فقر الثوابت

:مثلما ورد على لسان عادل اخلالدي قد . املثقل باحلزن واهلم حىت حواف الروح، آن يل أن أقول، أن أتكلم وأنا. لقد آن أوان القول"

فلماذا أظل صامتا ؟ ...أخطئ، ورمبا أكون واضحا، وقد يساء فهمي، ورمبا تدور حويل الظنون،

وقبل ألن أمضي البد أن أعض كما يقول رامبو، على ...متشائما رغم احلزن الذي حياصرين،لست

لة، أعرف أ�م أقوى مين، اكثر شراسة، وال يرتددوا يف أن يطلقوا علي بنادق اجلالدين القت

الرصاص، إذا تلقوا األوامر، وقد يفعل واحد منهم ذلك متربعا حبجة أين شتمت الدولة، أو بدون

وإىل أن يصل اآلخذون بالثأر، املنتقمون، . حجة، ، لكن البد أن يأيت من يأخذ بثأري، من ينتقم

.1"! ل، أن أتكلمجيب أن أقو

ال إضافة على الوضع املفروض يف هذا ا�اخلالدي عادليف هذا النص تقرتن خبربة معرفة الفعلو

هدنة مع العريف مما عزز قناعته بضرورة وضع ،عادلهذا ما كان له عميق األثر يف نفسية ،عليه

قلت يف : " مثلما ورد على لسانه،ما تبقى يف غياهب السجن قاومةإدريس السرتجاع األنفاس مل

خلونا يا مجاعة نتمتع �ذي اهلدنة إىل أن خيرج خليل خريو أو أن يفيق : حماولة إل�اء املوضوع

من ، حادةلقرار جعله يتلقى مواجهة عنيفة و لكن هذا ا، 2" !النقيب، وبعدها لكل حادث حديث

: مما يدل عليه امللفوظ اآليت ،طرف العريف إدريس الذي خان إتفاقية اهلدنة ففي الصباح الباكر، وعلى غري العادة، دوى جرس اإلنذار، وأن يدوي اجلرس يعين أمرا غري عادي، "

إن كل ... ات شديدةـــاء االستقاظ واالستعداد ومن يتخلف أو يتأخر توقع عليه عقوبـــــوعلى السجن

. 325الرواية، ص 1 .491ص الرواية، 2

Page 246: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

246

مل يقل هذا أي واحد منا، لكننا . بدأ مبكرا بصافرة اإلنذارشيء خمتلف يف هذا اليوم التموزي الذي

مما أدى إىل .1" !كلنا حنسه، كنا نلمح تضاريسه اخلشنة، ورمبا أيضا صوته الذي يشبه عواء مقلوبا

هذا األخري ، وذلك بالفصل بني السجناء السياسيني بنقل بعضهم من سجن القليعة، املوازينتغري

.يف التحرر من قيود السجن )إرادة الفعل ( ة عادلإضعاف رغبالذي عمل على

، خاصة وأن الفاعل يف املكان بوعي منها) الفعل ( الفضاء الروائي حمكوم بأفعال الشخصيات ف

ا فإ�ا تعود لتخضع م، فمهما اختلفت أفعاهل شخصييت طالع وعادل جتاه وطنهماهنا يتجسد يف

الشخصيات لتتمكن يف األخري من هذا األخري الذي تتصارع ألجله، )الوطن ( ء أخريا هلذا الفضا

الثبات القائم على الصراع بني االختالفإذ متثل هذه الصورة خصوصية إثبات صورة ممكنة له،

، لتتمكن يف األخري من الوصول إىل نقاط جتتمع عليها اضر املتغري ، وبني القدمي املقدس واحلوالتحول

حتركات وأفعال الشخصيات السرتجاع اهلوية املفقودة، واليت ميكن عدها بؤرة رسم إطار فضاء

.2الرواية

، مبا حتيل هنا... رواية اآلن يف ومتوضعها بنية الشخصية تينتبتوتأسيسا على هذه املالحظات

حيث تساهم يف هيكلة املكان حنو ومسامهتها يف هندسة مجالياته، ، الفضاء الروائي إليه من دالالت

إسقاط احلالة الفكرية أو النفسية " أفق أوسع ملا تعكسه هذه الشخصيات من مشاعر حنوه ألن

داللة تفوق دور املألوف كديكور أو كوسيط لألبطال على احمليط الذي يوجدون فيه، جيعل للمكان

.3"حداث يؤطر األ نائي لكيانات معربة وحاملة له، يتحدد من خالل توزيع ث ،فالصراع داخل النص صراع قطيب

، داخل نسق سردي كبري، هو نفسه من طبيعة إيديولوجية، هذه األخرية ية حكائيةمدرجة ضمن بن

. 496الرواية ،ص 1 . 229س، ص.لبنة عوض، جتربة الطاهر وطار الروائيةـ بني اإليديولوجيا ومجاليات الرواية، م: ينظر 2 . 71س، ص . محيد احلمداين، بنية النص السردي من منظور النقد األديب، م 3

Page 247: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

247

فال ميكن تصور نص أديب دون فكر إيديولوجي أو ، وينسج دالالته عليها النص األديب اليت يرتكز

متناص عقائدي، وال وجود لنص يؤسس نفسه من خالل عرض أحداث هلا داللة حمايدة، فالنشاط

األديب هو نشاط إيديولوجي بامتياز، ومنط بناء الدالالت داخله يستند يف تكوينه إىل متناص

.1 باعتبارها ممارسة إيديولوجيةعقائدي، واملمارسة اإلنسانية ال ميكن أن تعرف إال

هلذه املواجهة من التمفصالت الدالليةميكن أن منثل المستوى العميقأما إذا انتقلنا إىل

:آليتيف املربع السيميائي ا التحرر/ المعاناة : مستويني أساسيني

تحرر معاناة

.ال معاناة ال تحرر

االستناد و يتم فيه متحيص اإلرث الثوري ،يد يقتضي التعامل معه وفق املنطقوقد ظهر واقع جد

مما ورد على لسان و ، الرواية من خالل أحداثإىل منطق العقل يف ممارسة املستجدات ،ويظهر ذلك

ال أريد على األقل اآلن، أن أقتل نفسي، رغم تعب اجلسد وسأم الروح، والبد أن : " اخلالديعادل

. 2"ذه املدينة أحسن التصرف مبا تبقى يل من قوة ومن أيام، وجيب أن أستفيد من وجودي يف ه ر وضد اجلالدينظام اجلائنالكان يسعى دوما إىل مواصلة املقاومة ضد اخلالدي الذي عادل ف

أكلوا خاصة من أولئك الذين ،خيانات مستمرةو صدم مبا آلت إليه البالد من ضغوطات ،السجاننيو

.101 – 100: ، صصس.مـ حنو مسيائيات لإليديولوجيا، ـــــالنص السردي سعيد بنكراد، : ينظر 1 . 326الرواية، ص 2

Page 248: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

248

مرات عديدة عرب السفريف مما جعله يفكر ، كبريةكانت ثقته فيهم بل و ،معه البؤس والشقاء وامللح

واكتشاف العامل أمال يف حتسني األوضاع إىل باريساخليال، إال أن ختيالته هذه حتققت بسفره

: ، مثلما ورد على لسانهاآلخر

وحبث األماكن احملتملة للمعاجلة، خريت بني باريس بعد أن خرجت من السجن، وأثناء اإلتصاالت"

وبراغ، قالوا يل، بأكثر من طريقة، أن أنيس ينتظرين على أحر من اجلمر، وقد اتصل أكثر من مرة،

.1"وكان يستوضح ويلح ، وكان يؤكد أيضا أن باريس املكان املناسب للعالج

ما اآلن، وقد وصلت باريس بالفعل فقد وجدت لقد فعلت ذلك مرات كثرية، وأنا يف السجن، أ"

.2" شافهاتنفسي مدفوعا الك

الشفاء إذ أنه كان يأمل يف ،وب بقدر ما هي اسرتاتيجيةمل تكن بغرض اهلر عادل سفريةبالتايل و

ملقاومة، من ، خاصة وأنه استبدل أسلوب ا، الستعادة قوته والعودة إىل ا�ا�ة من جديدبباريس

: مما يدل عليه امللفوظ اآليت، إىل الكتابة السياسة

بدأت الكتابة لكي ! أعرف أين أثقلت عليكم، مل أشأ ذلك، ومل أتوقع أن مشوارنا هكذا سيطول"

سوف أمسع ما يقال لكين ...رمبا �ت ووصلت إىل ختوم الفضيحةأقول لكم بعض ما حصل، لكن

سأتابع سريي إىل املطبعة ألن ال أستطيع أن أتأخر، فالوقت يدرك، ورب العمل ال ينتظر، وجملة مليس

جيب أن تصدر يف وقتها، فقد أصبحت منذ شهرين موظفا يف تلك ا�لة، وأصبحت املسؤول عن

.3" !التصحيح اللغوي والطباعي

. 132الرواية، ص 1 . 154: الرواية، ص 2 . 564الرواية، ص 3

Page 249: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

249

واليت ، اءـــــــــقب/ سفر :هذه الشخصية على مستوى الثنائية التالية حركةمحور وميكننا متثيل

:جيسدها املربع السيميائي كما يلي

اء ـــبقــ رــسف

رــسف ال اء ـالبقــ

وتر القائم بني متت من خالل الت بالسفرحداث يف املقطع السردي املتعلق نالحظ سريورة األ

Les( رضة القوى المعاوالثاين متثله ،يرغب يف التغيري حنو األفضل الذي عادلأحدمها ،طرفني

opposants (وقد حاولت هذه القوى الفتك لى إبقاء الوضع على حاله الرديئةاليت تعمل ع ،

:، مثل ماورد على لسان عادل اخلالدي من خالل امللفوظات اآلتيةعدة مرات عادل اخلالديب

املشهد بالنسبة يل شديد االضطراب، غائم، وأقرب ليس األمر على هذه الصورة متاما، فإن ...ال "

إىل عدم التصديق، إذ تتداخل األصوات واألماكن والوجوه، حبيث ال أعرف كيف وقعت األحداث

!ت �اأو كيف تتابعت، أكثر من ذلك ال أستطيع أن أجزم ما إذا وقعت فعال أم أين أختيلها أو حلم

ال أريد أن أمنح نفسي، وبالضرورةلن أمنحكم، فرصة العزاء أو مصاحلة النفس، كنت أنوي أن

صحيح أن اجلروح اليت متأل أجسادنا . أصمت، كنت أريد أن أنسى، وأن أبدأ حيايت من جديد

كنا ...وأرواحنا تزاحم بعضها بعضا، وترتاكم فوقنا كالرتاب، لكن الرغبة بتجاوزها كانت موجودة

آه كم ...نعض على اجلروحبانتظار أن تأيت أوقات أفضل، وأن جتد املشاكل حلوال بشكل ما، لكن

أنسى وأن أبدأ من جديد، وكم بذلت من اجلهد وتاإلصرار لكي أجتاوز كل ما حلمت أن أنسى وأن

أجنح مرة ،أهرب من نفسي، من خيااليت، أفكر مبشاريع الغد، وأدفع بوقائع األمس بعيدا...حصل

Page 250: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

250

استحضر أوهاما كثرية. وأفشل مرة، أضحك وأبكي يف نفس اللحظة، أعطل مراكز عديدة يف ذاكريت

.1"أراكمها فوق بعضها لعلي أقوى على مواجهة املرض والتعب واألفق املسدود

بعد عدة شهور يف املنفردة والتحقيق، وألن مل أعرتف، لفقوا يل حماكمة وشهودا وخطوطا نسبوها "

كان . حكم بسبع سنوات، وأرسلت إىل السجن املركزي: إيل، واثنني اعرتفو علي، والنتيجة

نوصي عنصر خطر ، ومل يعرتف، «:االستقبال يليق يسجني حمكوم، ومزود أيضا بتوصية املخابرات

.2" » مبعاملته مبا يتناسب مع خطورته وأمهيته، وموافاتنا بتقارير دورية عنه : مبحورين متعارضنيوداللة هذين املقطعني السرديني وميكننا أن منثل للمربع السيميائي السابق

باريسإىل السفرإىل التفكري يف عادل اخلالدي اليت تدفع القوى المعارضة هجتسد :المحور األولـ

إىل فضاء ) عمورية( الوطين لتـــايل االنتقـــال من الفضاء وبا ،من خــالل فرض ظـــروف صعبة عليه

أفكـار نظـرا ملــا حيمله مـن رجالت النظام استمراره يف مقاومة و البقاء أما رغبته يف ،) باريس( آخر

إىل التفكري عادل فنتج عن ذلك دفع ،لفعل البقاء) اخلونة ( ات اصطـدمت بفئة املعـارضني معتقـدو

:آلتية،ومنثل ذلك باملخططة ا السفريف

سفر بقــــاء

البقــاء

. 147 – 146: الواية، صص 1 . 337 – 336: الرواية، صص 2

Page 251: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

251

يتجسد يف فعل الشخصية التـي ترغب فـي ال استمرارية هذا الفعل :ـ المحور الثـــاني

: يةومنثل ذلك باملخططة اآلت ،فعل البقاءإمنا من خالل فعل متويهي يؤدي إىل ،) السفر(

بقـــــاء سفر

ال سفر

سية حسب التموذج العاملي رئي عوامل ستةيتأسس من خالل برنامج سرديوباعتبار أن كل

خطاب وهي تأتلف يف ثالثة تشكل البنية األساسية يف كل هذه العوامل تقوم بالفعل و ،لغرمياس

:اآلتيتنيوهذا ما ميكن جتسيده يف املخططتني .عالقة التواصل وعالقة الصراع عالقة الرغبة،:عالقات

:ـ المخططة األولى

المرسل إليه الموضوع المرسل

.مواطنو عموريةـ .عادل سجنـ .عادل اخلالدي

.سلطة عموريةـ .نفي عادلـ

المعــــارضون الفاعل : المساندون

. من املواطننيمعارضو النظام ـ .)عمورية سلطة (لنظام ا .عموريةمن عادلنة خو ـ

.السياسيون السجناءـ . عموريةاملخابرات العسكرية يف ـ

.طالع العريفيـ .اجلالدونانون و ـ السج

Page 252: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

252

:نالحظ من خالل هذه املخططة جتسيد ثالث عالقات و

): Relation de désir (ـ عالقة الرغبة

عادل التـي ترغب فـي اإلطــاحة ب) الفاعل( )السلطة يف عمورية ( النظام وجتمع هذه العالقة بني

الموضوع وهو ،للعالج باريسإلـى السفردفعه إلـى سجنه أو نفيه خارج عمورية ببالتــايل و ،اخلالدي

.عليه النموذج العاملي يرتكزمتثل هذه العالقة احملور الذي و املرغوب فيه،

):Relation de communication( ـ عالقة التواصل

كما أن ،( Distinateur )مرسال كل رغبة البد أن يكون وراءها حمرك أو دافع يسمى

وعالقة ،) Distinataire( مرسال إليهحتقيق الرغبة يكون موجها أيضا إىل عامل آخر يسمى

) .عالقة الرغبة ( التواصل هذه متر حتما عرب عالقة الفاعل باملوضوع

):Relation de lutte ( عالقة الصراع ـ

،)(Adjuvants )سلطة عمورية ( للفاعل املساعدون: عارض عامالنيتوضمن هذه العالقة

)األمن ( املخابرات العسكرية إضافة إىل ، )املواطنون ( عادل من عموريةويتمثلون يف خونة

. اجلالدينالسجانني و و

طالع إضافة إىل املواطنني، منمعارضي النظام ، فيتمثلون يف ) L’opposants(أما املعارضون

، )سلطة عمورية ( اعل ــــــاعدون إىل جانب الفــــــــحيث وقف املس، بقية السجناء السياسينيالعريفي و

ائقا يف طريقه من أجل احلصول على املوضوع ــعوف ـــالوقو لة جهودهـــــــعلى عرق لهارضون ـــــوعمل املع

. كما هو موضح يف الرتسيمة أعاله ؛ )هجرة عادل اخلالدي (

Page 253: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

253

:ـ المخططة الثانية

المرسل إليه مرسل الموضوع ال

مواطنو عمورية. . عموريةالبقاء يف ـ .عادل اخلالدي

سلطة عمورية. . من السجن ـ التحرر

. تغيري النظامـ

.السفر إىل باريس للعالج .

:المعــــارضون اعل ــــالف : المساندون

ـ خونة عادل من عمورية .عادل اخلالدي . املواطنني ـ معارضو النظام من

)سلطة عمورية ( ـ النظام . السياسيون السجناءـ

. ـ املخابرات العسكرية يف عمورية .ـ طالع العريفي

. اجلالدوننون و اـ السج .مسري. ي هلذا النص ونالحظ من خالل هذه املخططة انقالب العالقات اليت متثل الربنامج السرد

حيث جند أن الفـاعل يف احلدث الثاين ،وهـي تتغري من حدث إىل آخر ،داثاألحـبانقالب املوازين و

هذا األخري الذي يرغب يف البقاء يف وطنه ،عادل الخالديهو )سلطة عمورية ( النظام بدال من

قد سانده يف حتقيق رغبته هذه و ، تغري النظام اجلائروانه حىت مع إخ املقاومةوبالتايل مواصلة ،عمورية

ملشرق العريب مهما محاسه القوي يف تغيري النظام اجلائر يف بلدان اه طالع العريفي برغبته الكبرية و صديق

رغم سقمه ومرضه الشديد الذي أودى حبياته، إضافة إىل أصقائه املساجني يف الظروف، و كانت

، إال أن هذه الرغبة حال دون حتقيقها عمورية املعارضون للنظام اجلائر ا مواطنوسجون عمورية، وكذ

دل من املناهضني خونة عاها من ومساندي )السلطة يف عمورية ( النظام : العامل املعارض املتمثل يف

Page 254: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

254

، مثلما والسجانني واجلالدين )األمن العسكري عمورية ( املخابرات باإلضافة إىل ،السابقني للنظام

ن السجناء، كلنا معذبون حن: كنت أقول لنفسي: " ورد على لسان اخلالدي من خالل امللفوظ اآليت

نا، فكيف نكون محقى �ذا املقدار، ، وهؤالء الذين وضعونا هنا مجيعا هم اخلصوم، خصومنا كل وأذالء

.1"وننشغل ببعضنا عنهم، وننساهم ؟

ق ــــمنطإىل اخلروج من اسع عادل اخلالدييتضح أن صــة للنــالدورة الدالليإذا نظرنا مليا يف و

الدخول يف هذا احلامل لقيم تعمل على ترقيتها وتضمن هلا حقوقها و المتحولوالدخول يف الثابت

غري أن هذا ،) باريس( إىل فضاء الغربة) عمورية ( األهلفضاء نطق املرهون سلفا باالنتقال من امل

( ما كان يصبو إليه، إال بعد عناء طويل وبعد تدخل اآلخر اخلالدي عادلق ومل حيق االنتقال مل يتم

مستلزمات السفر الفرنسية لتحضريومعارفه يف السفارة الذي كان يركض بني بيته و ) الصديق مسري

ألجل العالج ،وكل ما يتعلق بسفريته إىل باريس ،الوثائق الطبية املساعدة على ذلكمن جواز السفر و

أي حتول احلدث من االنغالق الذي جيسده الوطن والذات ،وبدأ حياة جديدة إن كان يف العمر بقية

ماهو خارج الوطن وخارج الذات القادرة على تفعيل العامل اآلخر واالطالع على على إىل االنفتاح

.واستبدادها املواجهة ضد طغيان األنظمة العربية

كان اختيارا )االستسالم لألمر الواقع ( هلذا املوقف عادلوضمن هذا املنظور يتبني أن اختيار

صعبا ملواجهة غري متكافئة الفرص ،و مع ذلك استطاع يف �اية املطاف أن يعرتف بوجوده كإنسان

هذا اخلضوع داللة قاطعة اخلضوع إلرادته ،ويدل جود ،و بالتايل الرضوخ لسلطانه و حر يف هذا الو

بوصفه عادل الخالديتمجيد مبين على تأويل يفضي إىل على تقومي احمليط اإلجيايب ألدائها ،وهو

بنفي المعــانــاة وتثبيت المتحــول إلــىالثـــابت بــطـــل قد مكنه النجاح يف مشروعه من االنتقـــال من

2 :وميكـن متثيل ذلــك كمـا يلي التحرر،

. 353الرواية، ص 1 . 92ص ،س.م مقدمة يف السيميائيات السردية، رشيد بن مالك، 2

Page 255: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

255

رر ـــتح ـــاناة مع

المعاناة

املوتحىت اخلالدي عادل مل ينجح يف حتقيق مسعـاه مبعاقبة ) نظام عمورية( الفــاعل وبالتـايل فإن

طالع ( قيــم جديـدةومل ينجح يف صموده أمــام ،بتهجيب معــاقسجني سياسي مناهض للظام باعتبــاره

( الفاعلأجلأت قلبت موازين القوى و ،عادلمتعاطفة مع ) السياسيني وباقي املسجونني العريفي

من سجنه، التحرر الخضوع إلرادته في بالتايل و عادل اخلالديإىل التساهل مع ) نظام عمورية

. )باريس ( أجنبي العيش في بلد و فالشخصيات تنتمي إىل النص ،خصيات تتحدد عرب احلضور الوظيفيويف مجيع احلاالت فإن الش

من مظاهر ضورها يف النص هو حضور ملظهرانطالقا من انتمائها إىل النسق اإليديولوجي، وح

مالحمه وجوهره أمام تعريف إيديولوجي للشخصيات، إنه تعريف يستوحي اإليديولوجيا، و�ذا نكون

، وامتداده انطالقا من نظرة تقليصية هادفة إىل خلق النمط التمثيلي الذي ينوب عن الفئة أو اجلهاز

أو شخصية ما، مما إىل كائن وظيفة أو فعل إيديولوجيوهو كذلك ألنه قائم على أساس إسناد

.1كما هي مثبتة داخل اجلهاز اإليديولوجي اتغل كوعاء تشخيصي للمواصفأن يشتيوجب عليه

.98، ص س.محنو مسيائيات لإليديولوجيا، ــالنص السردي ـسعيد بنكراد، : ينظر 1

Page 256: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

256

طالع عادل و ن إ، فحداث الرواية وإىل صفات شخصيا�احسب تتبعنا للمسار السردي ألو�ذا و

( اخلارجي يف حقيقة األمر يصارعان عدوا مضاعفا، النظام السائد يف زمنهما، والذي ميثل العدو

، وهذا ما يتجلى )العدو الثاين ( ، مث املرض الذي ميثل بالنسبة إليهما العدو الداخلي )العدو األول

:املقاطع السردية اآليتمن خالل

وطالع العريفي ! إن الذي غري حيايت ووضعين على حافة املوت، هو أين تعرفت على طالع العريفي "

للعالج، وكما حيصل بني اثنني يتعارفان على ظهر باخرة أو يف سجن مريض مثلي، جاء من موران

.1"تعارفنا

النظام طغيان أل�ما بدال أن يواجها ،صعبة جدا عليهما طالع وعادلإن هذه املرحلة يف حياة

، فيغدوان ما بني رغبة افهما يصارعان املرض أيضمن عنف وإكراه بدين يف السجن، هوما عانا

تحيق التغيري والوقوف على مواطن العجز ل�يئة الظروف املناسبة اليت متكنهما من شفائهما ورغبة

و�ذا فهما يتطلعان إىل غد أفضل ملن يأيت احلرية ضد طغيان األنظمة العربية الفاسدة واملستبدة،

من خالل ة على توضيح هذه الرؤية ، وقد اعتمد الروائي يف ذلك على زاوية نظر قادر بعدمها

:امللفوظات اآلتية

حتطمت أكثر األحالم، أعرف ذلك، مل يبق منها إال القليل، ولكن معها ورمبا قبلها، حتطمت "

ويقودين سوى أغلب األوهام، إن مل يكن كلها، مل أعد قادرا على عبادة أي صنم، ومل يعد يرشدين

: حالما بغريها ؟ ختليت عن اآلهلة القدمية، ومل أجد آهلة غريها ؟ فليكنأهذي ؟ استبدلت أ. الضمري

سيكون املهم أن تكون إرادة، وهذه وحدها ميكن أن تعيد تشكيل العامل مرة أخرى، ال أعرف كيف

.2"عامل الغد، لكن لدى البشر الكثري من اجلنون ورغبة احلياة، وهذا وحده كفيل بوجود عامل جديد

. 14الرواية، ص 1 . 565الرواية، ص 2

Page 257: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

257

:وعالقتها بالفضاء الروائي الشخصيات وال ــــــة أقـــداللـ 5

اد ــــفيه وتنفعل معه، وقد بني النقاعل ـــــاء الذي تتفـــــــــ، إمنا تنبع من الفضإن الشخصية يف الرواية

، وإما التارخييطريقتني لسرد أقواهلا، إما أن ترد يف السرد حبذافريها كما هي يف األصل " والدارسون

.1"أن ترد أقواهلا متداخلة مع السرد عن طرائق الراوي هام مبصداقية الوقـــــائع ، لإلياصرةــــــــائعة يف الروايات املعــــــرق الشال األقوال من الطـــواستعم

، واليت "هنا ... اآلن " أفعال الشخصيات وحتركا�ا ومواقفها، وهذا ما نلمسه يف رواية واألحداث و

ال يفك رموزها إال القارئ تعج بالكثري من األقوال للداللة على صدق املواقف لتعلن عن أبعاد خفية

. احلقيقي

أقوال الشخصيات األول متثل يف : أسلوبنيقوال يف الرواية يف استعماله لأل الروائي اختذوقد

على الشخصيات الضمنية أو الرمزيةاألقوال التي توحي بيف الرواية، أما الثاين فتمثل يف الفاعلة

.يمتداد النص السرد ا

،يف الرواية أقوال عن الشخصيات الفاعلةاألسلوب األول فيمكن أن منثل له مبا صدر من أما

إن الذي غري حيايت ووضعين :" اخلالديما ورد على لسان عادل مثل ،كانت رئيسية أو ثانويةأسواء

وطالع العريفي مريض مثلي، جاء من موران ! على حافة املوت، هو أين تعرفت على طالع العريفي

.2"للعالج، وكما حيصل بني اثنني يتعارفان على ظهر باخرة أو يف سجن تعارفنا خلالدي وطالع العريفي حول أمور احلوار الصريح الذي جرى بني عادل اكما ميكن أن منثل له ب

ختصهما، وحول قناعتهما ملا بدر منهما من أفعال يف ظل األوضاع السياسية الراهنة من خالل

:امللفوظات اآلتية

. 117س، ص .، توظيف الرتاث يف الرواية العربية، محممد رياض وتار 1 . 14الرواية، ص 2

Page 258: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

258

وال أشعر إطالقا ...يبدو أنين لن أشفى: يف إحدى األمسيات، وبدون متهيد قال ـ طالع ـ بانفعال"

! أنين أصبحت حرا

أمحل السجن معي أينما ذهبت، ويبدو أنين ال : وبعد فرتة صمت طويلة قال...يعاينقدرت أنه

نعم وهذا أخطر ما يف املشكلة، لقد أصبح السجن بالنسبة يل حالة ال ... ! أستطيع التخلي عنه أبدا

! تغادرين، متاما كالعالمة الفارقة

! توهم األحزان، مث يف االستالم هلاحنن العرب عباقرة يف: قلت أستفزه، لكي أخرجه من هذا اجلو

ميكن أن تقول أي شيء، ولكن أؤكد لك أن السجن ليس فقط اجلدران األربعة، وليس اجلالد فقط

...أو التعذيب، إنذه بالدرجة األوىل خوف اإلنسان ورعبه

ض بعض األحيان ولكن العذاب احلقيقي ياصاحيب، هو أن نعيش الوهم ، نفرت : فريد عليه طالع قائال

أننا ما دمنا خارج السجن فنحن أحرار، ونظل يف هذا الوهم إىل أن يطبق الفخ يف أقدامنا، وعندها

.نندم ألننا مل نفعل شيئا

سيبقى السجن، ياطالع، وسيبقى السجان مادام هناك ظلم واستغالل : رد عليه عادل قائال بيأس

وهل تعتقد أن الكلمة ميكن أن تواجه الرصاصة : قائال ليجيبه طالع بانفعال شديد كاشفا عن صدره

؟ وهل تستطيع األوراق اهلشة أن حترر سجينا واحدا أو أن تفتح كوة يف أصغر سجن من هذه

السجون العربية ؟

وهذه اآلثار كيف تزول، ومن سيدفع مثنها ؟ وحياتنا، وبعد هذه السنني، هل هلا معىن أو فائدة ؟

وملن ؟

لقد فعلنا كل ما فعلناه من أجل : امسع يا طالع: يه عادل �دوء حماوال امتصاص غضب طالع لريد عل

قناعتنا، وكنا نعرف أن هذا الطريق ليس طويال وشاقا فقط ، كنا نعلرف أننا قد ندفع حياتنا من

.1"أجله، وأعتقد أننا لسنا آسفني أو نادمني على ذلك، والبد أنك تشاركين الرأي

. 19... 17: صص الرواية، :ينظر 1

Page 259: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

259

فقد جتسد من خالل أقوال ،الضمنية أوالشخصيات الرمزية واملتمثل يف أما األسلوب الثاين

، من خالل أقواهلامن مواقف ضمنية عن الشخصيات الفاعلة يف الرواية عنه وما يصدر الروائي،

،هنا ... اآلنوهي إحدى الصور اليت اختذها فضاء الشخصيات يف رواية إلثبات بعض احلقائق،

،ليبين فضاء روائيا يعلن عن أبعاد خفية ال ميكن فك رموزها وشفرا�ا إال بواسطة القارئ احلقيقي

:ونذكر منها

:ب ــــالح ـ 1 ـ 5

على امتداد النص السردي حيزا كبريا، هذا املفهوم الذي جتسد يف الشخصية الرمزيةشغلت هذه

الذي تواتر ذكره عادل اخلالديرغبات شخصيات كثرية، الرئيسية منها والثانوية، ابتداء من شخصية

جتاه أهله حب ومودة رغباته كذلك حبكم أنه كائن بشري له عواطف فتواترت يف الرواية كثريا،

: مثلما ورد على لسانه ،ووطنهأصدقائه وعائلته و فإن نظرات املودعني يف البيت مث يف املطار، وكلمات التشجيع الكثرية، واملليئة باملبالغة، أكدت يل "

حويل اآلن، كنت أحاول اإلبتسام، أين لن أرى عمورية مرة أخرى، ولن أرى أيا من الذين يتزامحون

فقد كنت أمأل رئيت إىل احلد ...الوجوه حويل واألماكنوال اعرف إىل حد جنحت، وكنت أمتلى

، املرة األخرية يقني أن هذه هي الفرصة األخرية علىين اء وروائح األشياء واألجساد، ألاألقصى باهلو

يف اللحظات األخرية بذلت . اليت يقدر يل أن أرى وأمسع وأمشذ ما تبقى من األصدقاء واألهل والوطن

جهدا استثنائيا لكي أبقى قويا ومتماسكا، رغم التوتر وتزايد ضربات القلب، كنت ارد على النظرات

، أقصى ما أستطيع من الشجاعة بتسامات محلتها، بااملتسائلة املكسورة، وتلك اليت حتاول االكتشاف

.1"دت على األيدي اليت كانت متتد ملصافحيت بقوة وشد

. 12الرواية، ص 1

Page 260: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

260

وطبيعة عالقات احلب ختتلف باختالف األشخاص والرغبات، فعالقات احملبة املتبادلة بني

ليس هلا حد وال قيد، إىل درجة أ�ما أحبا بعضهما البعض عادل اخلالدي وطالع العريفيشخصية

: اعرتاف بذلكيت، ويف امللفوظ اآلقبل أن يرى كل منهما اآلخر

صحيح أننا مل نعش معا يف سجن واحد، أو يف السجن ذاته، لكن هذا ما يثري دهشيت واستغرايب "

وتساؤيل، قابلنا نفس اجلالدين، وإن اختلفت أمساؤهم، وعشنا نفس اآلالم والعذاب، حىت اللحظات

الساعات كانت ...! ا�نونة، حني كنا حنلم بإعادة تشكيل العامل، مرت علينا التفاتصيل ذا�ا

على طالع أكثر وأفضل من قبل، بل وأكتشف أنين واأليام، وهي متر تزيدين اقتناعا أنين أعرتف

كنت أجهله، أو باألحرى مل أتعرف على معاناته إال حني قرأت أوراقه، كنت وأنا أقرأ وأغرق أحس

أقوى من عالقات األخوة، وهذا أن ما يربطين بطالع أقوى مما كنت أفرتض، وتأكدت أن العالقة بيننا

.1"ما جعل حيايت تضطرب من جديد

بعضهما هما يف مستشفى براغ رغم السماع عنلقائزادت أكثر خاصة بعد لطالع عادلمحبة ف

عرتاف من عادل ا، بفكان كثري الزيارات له ،الكثري يف مواجهة األنظمة العربية اجلائرة يف املشرق العريب

وطالع العريفي مريض مثلي، جاء من موران للعالج، وكما حيصل بني اثنني : " على لسان قوله

حصلت األمور بالصدفة، كما حتصل يف احلياة خارج . يتعارفان على ظهر باخرة أو يف سجن تعارفنا

.2"جاء بني العصر واملغرب، يف تلك الساعة الشجية . املستشفى حىت جاء لزياريت

إن اإلنسان وهو يعثر على نفسه يف اآلخرين، وحيدد ما هو قوي وما هو مشرتك بينه وبينهم، "

.3"يتحول إىل طفل كبري

. 73الرواية، ص 1 . 14الرواية، ص 2 . 18الرواية، ص 3

Page 261: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

261

سيناريو مسرحية سي نفسه وتفرغ لكتابة ه نإىل درجة أن ألصدقائه املسجوننيعادل ووصلت حمبة

يف شكل رسالةبل ،عاديةمسرحية درجة أ�ا مل تكن إىل ،أتفق عليه يف السجن املركزي بعمورية

اليت استنزفت منه املسرحية، هذه خاصة دول املشرق العريباألنظمة العربية اجلائرة، ضد مرافعة كتاب

يف باقي املسجونني السياسينيعريفي و وطالع ال ،، عادل اخلالدي بطلهاوقتهعمره و جزء من راحته و

.1هم شخصيا�ا الرئيسية ،سجن العفريوسجن القليعة و ملركزي بعموريةالسجن ا بل ،عند التقائهما ال يقوالن شيئا فقد كانت خاصة جدا،،لبعضهما البعضحمبة عادل وطالع أما

:مثلما ورد على لسان عادل من خالل امللفوظات اآلتية ،طويلةيرتكان العنان للصمت والعناق ملدة

الذي حاول أن يبقى الصمت سيدا، كان أقوى من الكالم وأوضح منه، فطالعيف هذه الليلة كان "

، فحني طلبت منه أن يفهم احلالة هز رأسه، وحني احلاالت قويا ومتماسكا، مل يستطع ذلك يف كل

.2" طلبت منه أن يتحمل وأن يصرب قال، وخرج صوته من صدره، أو رمبا من أعماق أبعد

والوفاء إىل حب التضحية ،م بعضبعضهه الرواية تعدى عالقات األشخاص ذيف ه الحبو

اإلخــالص بوصفه قيمة ، طالع العريفي وعادل اخلالدي، مثلما ورد على لسان واإلخالص إىل الوطن

طالع العريفي وعادل اخلادي، فإخالص عادل جتلى يف إخالصه : أخالقية إجيابية ثابتة يف الشخصيتني

و ملبايعة إخوانه السجناء السياسيني له من خالل مواجهاته ومواقفه اإلجيابية الصارمة لوطنه عمورية

اليت خاضها ضد شخصيات عسكرية وأمنية مهمة يف النظام، رغم املساومات املتكررة بتحريره من

ب قيده مقابل التنازل عن موقفه ضد النظام واحلكومة يف عمورية، واملعاهدات اليت عقدها مع النقي

عائلته يف عمورية، رمزية جتلت يف ثورية هذا استنادا إىل مرجعية و مدحت عثمان يف سجن القليعة،

أما إخالص طالع العريفي فيتجلــى يف وقــع خطــاه وهو يركض من مستشفى إىل آخر للعالج بسب

.3موته بعد يرتاح إال ، وال األمراض اليت حلقته نتيجة العذاب الذي تلقاه يف سجون موران

. 537... 532: الرواية، صص :ينظر 1 . 505الرواية، ص 2 . 560 -559ص الرواية، ص: ينظر 3

Page 262: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

262

إن تواجد اإلنسان يف بلد يذكره ببلده األول، أو مقابلته لشخص يذكره بوطنه احلبيب، هذا يثري

يف نفسه كل مشاعر احلنني، مما جيعلنا نعادل ذلك الشخص للمدينة أو الوطن، حتمل رائحته

)الشخص المحبوب / عمورية( املمزوجة برائحة املاضي الذي تصرمت ساعته وأيامه، ويصبح

يف منفاه االختياري وترضي حاجاته إىل إنسان حيمل دالالت )البطل ( حالة حنينية رمحية، حتتضن

، وبسبب ذلك نالحظ كيف حتولت عمورية إىل ينابيع داخلية، )باريس ( األمومة يف أرض غريبة

ء على لساين طالع العريفي وكيف جلس إىل هذه املرأة األم لتقدم له احلضن والرعاية، مثلما جا

: وعادل اخلالدي األهم من ذلك أنين كنت أمتشى ذات صباح بالقرب من قوس النصر، كنت أتطلع إىل األبنية "

التقت نظراتنا بسرعة، مل نصدق، ! واألشجار، كان اجلو منعشا، واحلياة تتدفق، وفجأة رأيت رضوا

بعد أن سار عدة خطوات التفت، كانت نظراته �دف ...أو باألحرى أنا الذي مل يصدق

ا وجدين واقفا وقف واستدار االكتشاف، حني التقت نظراتنا من جديد مل يستطع أن يتجاهل، مل

تبادلنا القبل، سألين عن تعانقنا،! رضوان: بنصف دائرة، صرخت وال أعرف ملاذا كان صوتينزقا

ال أصدق أن نلتقي يف باريس، : صحيت وملاذا أنا هنا، كنت أنظر إىل عينيه، كان يهرب، قلت له

ضحك بعصبية وقال العامل أصبح صغريا، عرضت عليه أن جنلس يف مكان وأن نشرب القهةو

لت بالوطن وأعرفها من إ�ا الفرصة اليت كنت أنتظرها منذ شهور، لكي أعرف أية مصائب ح...معا

.1"شخص تربطين به عالقة طويلة، زادها السجن قوة ما كدنا جنتاز املشنقة، ونتقدم إىل بوابة اليسار، وما كاد يرانا احلاج مصطفى، حىت صاح بطريقة "

ها�ا وهجم علينا كما �جم اخلراف الصغرية احملجوزة على أمم !اهللا ريب، اهللا امان ريب: أقرب إىل العواء

كان .ال أتصور أن شوقا، حبا، رغبة، حنينا، جنونا، يشبهتلك اللحظة. بعد أن تعود من املرعى

كل هذه األشياءكانت جتري بطريقة ...يعانقنا، يبكي، يصرخ، حيتج، يضرب على األكتاف، ينظر

. 154الرواية، ص 1

Page 263: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

263

حاج : ذلك حيوانية، لكن أقرب وأقوى من أي تعبريات أخرى، يف حلظة انفعال، وال أعرف من قال

مرحبا لرجال : وقبل أن يستوعب ما قيل رد بانفعال أشد وأقوى . مرحا، مرحا، مرحا...مصطفى

.1" !اهللا ريب، متام حق : وبعد قليل، وبطريقة صوفية، وهو يهز رأسه !قوة، رجال شرف

بل تعدت إىل عالقات ،لى الشخصيات املشاركة يف األحداثع ومل تقتصر عالقات احلب

ر تأث ذيال ،فاتح األندلس لشخصية طارق بن زياد اخلالدي عادل كحب ،رخييةرموز تاو شخصيات

: يف الروايةمثلما ورد على لسانه ، أقوالهالذي تأثر هو اآلخر بوجلقامش كثريا بأعماله حياول أقصى ما ساحة معركة، ويف ساحات املعاركال جمال للندم، ألن اإلنسان:قلت لنفسي "

خرى لعدد أة مفردات أتذكرت فجيستطيع، لكنه ليس متأكدا وال يضمن النتيجة، وال أعرف كيف

أنا مثل طارق بن زياد، حرقت سفين كلها، وليس أمامي إال أن : قلت لنفسي بتحد ل ،املعاركمن

.2 " ! أحارب ؟ أغلبنا رأى ومجيعنا نعرف، لكن اخلرس أصابنا واجلنب هدنا، هل أنا الذي رأى، كما قال جلقامش"

.3"ولذلك ال بد من الطفل تالذي رأى عري امللك فصرخ، ال بد أن نصرخ، أن حنتج

:ره ــــالك ـ 2ـ 5

فال ،، توجد كراهيةفكما يوجد حب ،فيهاه حيزه كذلك الكره ل ،كما شغل احلب حيزا يف الرواية

، البعض كما تلقى احلب والرعـاية من طرف فعادل اخلالدي ،حيب الشيء الواحد من طرف الكل

اجلالدون، السجانون، : منهم ،احلقد الدفني من قبل البعض اآلخركذلك تلقى الكــراهية واجلحــود و

إضافة إىل أنه معارض سياسي محلت كلماته ،العريف إدريس، النقيب مدحت، الرائد جودت يعقوب

وهذا ما عدوانية ومواجهة عنيفة يف وجه النظام العريب اجلائر وخونة الدين والوطن واألمة العربية،

. 506الرواية، ص 1 . 266الرواية، ص 2 . 309 – 308: الرواية، صص 3

Page 264: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

264

وباقي ،الرائد جودت يعقوبعن الكم من القطران املوجود يف أعماق عادلتبدى من خالل تساؤل

:فوظات اآلتيةمن خالل املل ،السجانني واآلمرين بالسجن من أين اكتسب هؤالء اجلنود القسوة والسادية، وهذا الكره لآلخرين ؟ وكيف حتولوا إىل خملوقات "

شوهاء ال تعرف الرأفة أو الرمحة ؟ وهل ميكن استعادة اإلنسان الذي خبا أو مات يف داخلهم ؟

يكرهوا أن يضحك إنسان، أن يكرهون القراءة، الكلمة املكتوبة، النبتة اخلضراء، املكان النظيف،

! يتحدث إىل آخر، أن ينظر إليهم، أن ينظر إىل شيء، يكرهون أن يسألوا، ويكرهون أكثر اجلواب

كيف تعلموا هذا الصمت كله، أين تعلموه ؟ وهذا السواد املشرئب الذي يربز يف العيون واهليأة ورد

.1"التحية من أين أتاهم ؟ سجون عمورية أين تأكله اخليبة اخلالدي ما يتذكر عادل دأيضا عن كما جتسدت صفة الكراهية

:واحلسرة على املاضي املر الذي قضاه يف غيابة سجو�ا ، من خالل امللفوظات اآلتية وحكامها ، ومل أكن أترون كيف ال أستطيع من املاضي فكاكا ؟ ما كنت أريد أن أتذكر عمورية"

أنوي تذكر سجو�ا بشكل خاص، لكين وجدت نفسي أتزحلق، وتدمهين الوقائع والوجوه، وتأكلين

مل أتذكر ؟ وهل أنا أب جلميع اليشر، كما يقول شاعر أبله ؟ تكفيين وماذا إذا تذكرت أو. اخليبة

.2"السنوات العشر اليت قضيتها يف سجون عمورية دة ألن نكون نظاميني، محلناأشياءنا، وبدأنا غلى الفوضى ورغم احملاوالت املشد قربأوبطريقة "

، غادرنا الساحة أوال، مث الدهليز املسقوفووصلنا إىل الساحة املكشوفة، أما حني فتحوا البوابة، نغادر

كان يبدو وبدأنا بالصعود إىل السيارات، فقد شعرت أين تركت قليب، جزءا منه يف هذا املكان، الذي

.3"يل طوال الشهور املاضية أكثر األماكن كراهية

. 377الرواية، ص 1 . 232 – 231: الرواية، صص 2 . 500الرواية، ص 3

Page 265: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

265

ال أريد أن أسليكم بأن أروي قصص السجن، فهي كثرية وموجعة، وماذا أقول لكم أيضا ؟"

وستبقى تتوالد وترتاكم ما دام السجن موجودا وما دام اجلالد، وأنتم تعرفون أن السجن كجهنم ، ال

يعرف التعب ، إىل أن ينتهي، إىل أن يصبح هو ذاته ضحية، مث يصبح بعد ذلك يشبع، واجلالدال

وال أريد أن أبتزكم ألستدر عواطف الشفقة عندكم، فأنا مبقدار ما أكره السجن أكره ! قصة تروى

السجن يستمر الشفقة، ألن هذه العاطفة مث اخلوف الذي يليها، من األسباب القوية اليت جعلت

. 1"حىت اآلن

:وت ــــالمـ 3ـ 5

ـــ بوصفه شخصية رمزية ـــ ، املوت بدوره أخذ هو اآلخر من الدرامة االرواية متثل نوع ملا كانت

إذ ،مهيمنة أكثر من كونه شخصية رمزيةإىل درجة اعتباره تيمة ،حضورا قويا على املسار السردي له

السجني موت طالع العريفي، قتل احلاج مصطفىكان املوت يدب يف كل حلظة ويف كل مكان ،

أحرارا، ونيف سبيل أن يعيش اآلخر السجونالكثري من أبطال موتو .ـ القدمي يف سجن القليعة

ارتكبها يف حق شعب ال حول وال قوة له أمام آلة هذا النظام اجلائر يف عموريةإضافة إىل جرائم

:الرواية يف املقاطع السردية اآلتية أحداثمثلما دلت عليه املستبد الذي ال يعرف ال رمحة وال شفقة مل يكونوا راغبني أن أموت عندهم، رغم أ�م مل يكفوا !أطلقوا سراحي... حني بدا مويت وشيكا "

وقد ىالآن !، لن أخرج من هنا إال إىل القرب، خاصة خالل الفرتة األوىل من اإلعتقالدعن التأكي

.2"حتقق هلم احتمال مويت، من خالل تقارير األطباء

. 501الرواية، ص 1 . 11الرواية، ص: ينظر 2

Page 266: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

266

وإذا كانت عبارة جوليا تدل على أنه أقرب إىل االقتناع، وقد وصل إىل اإلجابات اليت كان يبحث "

أثناء الشهريي، احملقق الذي أذاق طالع املوت مرات عديدةعنها، فإن العبارة الثانية، وهي

.1"التحقيق

هنا ستموت، ومل أمت اجتزت الدهليز الطويل كله، كان أطول من طريق : مين فقالو تعبوا"

أخريا تركوين أذهب ألموت يف مكان بعيد، فهل أحقق هلم هذه . الصحراء، وكان أطول من احتماهلم

.2"األمنية اآلن وأموت هنا ؟

.3" !ويبدو يل أن أي كالم بعد هذا زائد. مات طالع يوم األرباء"

أن يقفوا على اجلرف، فإذا ألقى األول نفسه، تبعه : قرر هؤالء العرب أن ميوتوا على طريقة البطارق"

.4"اآلخرون، ولذلك جيب أن جنعل من موت العريفي استثناء، وليس قاعدة

ومثل املرة األوىل كواجب ثقيل، فتحوا فمي كما تفتح أفواه اخليول ملعرفة أعمارها، ودلقوا شيئا "

ا تعذر دخوله، أمسك واحد منهم بالرقبة وخلخلها، شعرت أنه يريد خنقي، يريدين أن فاترا، ومل

.5 " أموت يف اللحظة

طلبوا أن أعصب عيين، فعلت ذلك بسرعة وحتد، فقد أصبحت على يقني أن هذا اليوم سيكون "

يصبح معها املوت هناك حلظات وحاالت ! ، ولذلك جيب أن أثبت هلم من يكون طالعاألخري

املوت سيطال كل : شغفا ورغبة، يفقد اإلنسان اخلوف ويتحول إىل حالة من العناد إىل أقصى حد

إنسان، وال ميكن ألحد أن ينجو منه، لكن أمجل موت، إذا كان هناك مجال من أي نوع، أن جيعل

ال إذا عرفوا أن املوت ال يعين إالواحد أعداءه تعساء، أن حيسوا بالفرح عندما ميوت، وهذا ال يتحقق

.6" له شيئا، وأنه ليس عقوبة أيضا ، وهو ما سأحاوله، وهذا ما ألريد الوصول إليه

.22 - 21: صالرواية، ص 1 .97الرواية، ص 2 .57الرواية، ص 3 .65الرواية، ص 4 .242الرواية، ص 5 .265الرواية، ص 6

Page 267: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

267

كنت خالل هذه الفرتة أكثر رغبة يف املوت، أو بكلمات أدق، مل تعد احلياة تعين يل شيئا مهما "

.1" وخطريا، خاصة بعد العذاب الذي عانيت منه، وبعد الذل الذي سحقين

.2" ! أنا مستعد لإلضراب، وحىت املوت: حادا صوته، وكان رد رضوان"

أناس عزل ال حول وال قوة معاشا متثل يف جور نظام عمورية ضد هذه الرواية متثل واقعا أحداث ف

كل املسجونني السياسيني وطالع العريفي و عادل اخلالدي اليت قادها املواجهات السياسيةمتثل يف ،هلم

نشري إىل ،رجاالت النظام اجلائر له الدؤوب إىل رفع التحدي يف وجهثلة من جييف سجون عمورية،

كان املواجهةكون أن ،وغابت بفعل املوت هي من جنس ذكريالشخصيات اليت اختفت أ أن

.خيوذها الذكور دون اإلناث

يف مثل هذه األحداث، بل هناك من تلقت اإلناث ق جلنس إال أن هذا ال يعين الغياب املطل

جيب أن أمتلك قدرة :" يالع العريفمثلما جاء على لسان ط العذاب حىت املوت مثل األخت سلوى

أحس أن الدنيا توشك أن ىاستثنائية ليس لتصوير ما حصل، وإمنا الستعادته، فكلما متثلت يل سلو

ا أربعة ، �رد كائن أن يتعامل مع امرأة �ذه الطريقة ؟ كانو ميكن إلنسان، حليوان كيف.تنتهي

قب أرجل اللذين يف اخللف، حتفزهم، كالتسور، كنت أر لكنهم جالدين، إثنني يتقدمان وإثنني وراءمها

قبل أن تتمخض ، حبة العني، روح القلب، وكل األمل، سوف متر دهوروسلوى. انتظارهم للدور

احلياةعن إمرأة مثلها، كانت قويةكصخرة، كانت صامدة كجبل، وكانت أيضا إمرأة تبكي، كانت

قيئا، وحني قدر الشهريي احتمال مألت األرضبعد أن سال الكثري من دمها، و ...تصرخ حبزن

كيف أستطيع أن أصل إىل . مو�ا، أو حني انتهى من استمنائه عليها أمر بأن تفك على الطاولة

.3"بعض الكلمات اليت تقول أي هول أصابين، أية أالم نزلت يب، وأي جنون ؟

.306الرواية، ص 1 . 411الرواية، ص 2 . 302الرواية، ص 3

Page 268: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

268

:الحياة ـ 4ـ 5

،موتوال احلياة بدون ،فاملوت ال توجد بدون حياة ،احلياة هي الوجه اآلخر للموت باعتبار أن

على مسار تيمة الحياةجند أيضا جتلي ،على أحداث الرواية تيمة الموتما هيمنت وبقدر

البقاء ألجل مواجهة للحياة و حبهم -سياسيون الذي ميثله السياسيمن خالل النضــال األحداث،

عزمية االبتكارولد فيهم الصرب اجلميل و - العربية اجلائرة واملستبدة واملستعبدة حلريات الناساألنظمة

الدكتاتورية يف و ) متلك اآلخر ( ميز حبب التملك اليت كانت تتهذه األنظمة جما�ة يف معارضة و

: من خالل امللفوظات اآلتية ،التسيري تلك اللحظة الطويلة اليت تصور�ا بال انتهاء، أعيشها كلها، وأجتاوزها أيضا، وأبقى حيا ومتر "

هنا ستموت، ومل أمت اجتزت الدهليز الطويل كله، كان أطول من : وصامتا، إىل أن تعبوا مين فقالو

أحقق أخريا تركوين أذهب ألموت يف مكان بعيد، فهل . طريق الصحراء، وكان أطول من احتماهلم

هلم هذه األمنية اآلن وأموت هنا ؟ ومن بني الرماد، من الشظايا، أحس يف داخلي شيئا ينتفض،

.1"كن عنيدا كالثور، وافعل شيئا غري أن متوت : يصرخ يف هذه اللحظة بالذات تأكدت أن هالل معتوق مل يكن حيا فقط، كان مملوءا بقوة البذرة اليت "

الشتاء، لكنها ال ترى سوى الربيع، وأيضا بتفاؤل شجرة التني اليت ترتك أوراقها تعرف أ�ا تواجه

إن نظرة هالل اخلاطفة، ! وشديدة اخلضرة، تنتظرها وستأيت تتساقط، ألن أوراقا أخرى، فتية

كانت ثابتة، . الساخرة، املتسائلة، الفتية، وخالل ثوان، أو أقل من ذلك بكثري، قالت كل شيء

.2"وشديدة اللمعان، وقالت ما ال ميكن أن يقوله أي شيء على هذه األرض مستقرة،

. 97الرواية، ص 1 . 315الرواية، ص 2

Page 269: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

269

لألمر الواقع يف بعض األحيان، مثلما وردالبقاء دفعهم إىل االستسالم كما أن حبهم للحياة و

وأن نتأمل احلياة حولنا ! ن نتأمل احلياة لكي نتعلم أكثرأنعم جيب " :عادل اخلالديعلى لسان

.1" ليس دائما باألمر املمتع، أو ما يعجل بالشفاء واجب من خالل بتأدية ال ،لصعابى معىن احلياة يف مواجهة شخصيات الرواية لجتل وقد

إىل درجة أنه ،واجهة املوت وعدم الرتاجع أمامهالتعبري عن رغبتها يف العيش مبو التضحيات اجلسام،

. ببعضها إىل الوقوع ضحية هذه املواجهة احملتومة من قبل اآلخر أدى املوت واحلياة، مثلما ورد إال أن يف بعض الوقفات السردية، جند الراوي ال يستطيع أن منيز بني

هل أنا فرح أم : فيف تلك اللحظة اختلطت مشاعري، مل أعد أعر : " على لسان عادل اخلالدي

ر طالع وحلظاته األخرية، أم أستعيد احلياة جبماهلا وبساطة البشر وطريقتهم يف احلب حزين، هل أتذك

."والتعبري؟ قد يكون صحيحا ما قيل من أن اإلنسان يف السجن يولد وميوت كل يوم، والوالدة واملوت قدر ما "

ا اجلديدة تكون يف فيهما من مشقة ومعاناة، فإ�ما يساعدان على الصمود والتحمل، ألن اخلالي

حالة من العنفوان تستطيع معها أن تقاوم، أن تتعامل مع كل طارئ، وتستطيع أن تطرد اخلاليا اليت

.2"هدمت ومل تعد قادرة على اإلستمرار

حيث ينتهي اآلخر يف حركة ،يبدأ أحدمها ،جمالني دالليني واسعنيتشكالن الحياةو الموتف

ويف ،حلياة ،اليت متثل احلياة األبديةوعندما ينتهي املوت تبأ ا ،احلياة يبدأ املوتفعندما تنتهي ،دائرية

ارت الذي س ،تتوقف حىت بعد املوت هذا إشارة إىل تغليب الكاتب للقيمة الداللية للحياة اليت ال

وبالتايل ،اآلخرون لكن دون رغبة أو اختيار، من أجل أن يعيش ،إليه بعض الشخصيات عن اقتناع

. حتقق احلياة

.83ص الرواية، :ينظر 1 . 295 – 294: الرواية، صص 2

Page 270: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

270

: يـــالروائان ـــمكات بالـــ عالقة الشخصي 6

يعد املكان شرط الوجود اإلنساين الذي ال حيدد ذاته إال به وفيه، وميارس احلضور والغياب يف

فاملكان ،فإنه انتقل إىل فضاء ومكان آخر ،ما يغيبدوعن ،خالله، فأينما حل، إمنا حيل يف فضاء

، فال يتحقق وجود دراكه، إنه عنصر ثابت حمسوس، مما يسهل قابلية إالفضاء هو البداية والنهايةأو

اإلنسان إال يف عالقته باملكان أو الفضاء الذي حيل فيه، فاملكان يتسم بالثبات رغم حركية

له الكاتب حيث يشك ،الشخصيات فيه، لكنه يتجاوز ثباته وهندسته وجغرافيته حينما حتتضنه اللغة

حسب اللغة املوظفة، إذ يكون للعقل دورا مهما يف هذه العملية، ألن الدور اإلحيائي للغة حيمله

، كما أنه ال 1، مما جيعله مكانا هالميا يصعب اإلمساك بهوعوامل أخرى متنحه أبعادا لغوية دالالت

الشخصيات أو عدم ذكرها،كما يستطيع الكاتب أو الروائي أن يبين نصا روائيا، وال تشكيله بإبعاد

ال ميكنها التحرك خارجا عنه، فاملكان ميثل البيئة اليت تعيش فيه الشخصيات وتتحرك، فهو احليز

الذي حتىي فيه، كما ال ميكن للقارئ أن يدرك البعد الداليل واجلمايل لألمكنة بعيدا عن باقي العناصر

ت فيه األحداث، والشخصيات اليت تتحرك فيه، املكونة للخطاب الروائي، خاصة الزمن الذي جر

.2» إن اإلنسان غري منفصل عن عن فضائه بل إنه هذا الفضاء ذاته« : يقول جورج ماتور وجند أن معظم الدراسات النقدية املختصة يف األشكال السردية عموما والرواية على وجه

قد أقرت بوجود ترابط وتزامن بني املكان والزمان، فإ�ا تقر أيضا بأن للمكان ارتباطا وثيقا ،اخلصوص

بالشخصيات الروائية، إذ أن الفضاء الروائي ال ميكن أن ينشأ مبنأى عن األشخاص، فهو يتشكل

األشخاص باخرتاق األبطال له، حيث ينتفي املفهوم اهلندسي للمكان وتنأى عالقة محيمية بينه وبني

الذين يعيشون فيه، مما يعكس بناء روائيا منسجما يربز تأثريا متبادال بني املكان وطبائع الشخصيات

.اليت تعيش فيه ونفسيا�م وحركا�م ومواقفهم

امل الكتب احلديث، أربد، ع، 2010دراسة سوسيو نصية يف الرواية اجلزائرية املعاصرة، ـــ الشريف حبيلة، الرواية والعنف: ينظر 1

. 23 – 22: ، صصاألردن2 George matore, L’espace humin, ed, La Colombe, paris, 1962, p 16.

Page 271: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

271

ال ميكن للشخصية بأية حال من األحوال أن تنتقل من قبضة املكان، فهو من يرسم هلا صورة

ذا�ا لتنظر إىل صور�ا من خالل صورة املكان مستعارة منها وجيسد

فهو يتخذ أشكاال ويتضمن معاين عديدة، بل إنه قد يكون " املكان ليس عنصرا زائدا يف الرواية ف

حداثها أيف الرواية جيعل من هتشخيص إن و ،1"ه يف بعض األحيان هو اهلدف من وجود العمل كل

يقوم بالدور نفسه الذي يقوم به الديكور إنه .يوهم بواقعيتها أي ،بالنسبة للقارئ شيئا حيمل الوقوع

خشبة املسرح واسعة تعرض الشخصيات " كما يرى عبد املالك مرتاض املكان فواخلشبة يف املسرح،

حتب إن أحبت، فكرة أن كرهت (...) من خالهلا أهواءها، وهواجسها وتوازعها وعواطفها وآماهلا

خصيات يف تعاملها مع األحداث فعال أو تفاعال أن نقلت من قبضة من خالله فال تستطيع الش

ضمن إطار مكاين معني، لذلك ر وقوعه إال تصو ـأي حدث ال ميكن أن ي وطبيعي أن . 2"احليز

.فالراوي دائم احلاجة إىل التأطري املكاين

وقيمته ختتلفان من رواية إىل أخرى، وغالبا ما يأيت وصف األمكنة يف غري أن درجة هذا التأطري

هنــــري الروايـــــات الواقعية مهيمنا حبيث نراه يتصدر احلكي يف معظم األحيان، ولعل هذا ما جعل

ـــــاثل ملظهر املكــــــــــان هو الذي يؤسس احلــــكي، ألنه جيعل القصة املتخيلة ذات مظهر ممـ يعتربمتـــــران

أن يسكنها أو يستقر إذ يتمكن القارئ دائما من ارتياد أماكن جمهولة متومها أنه قادر على .3احلقيقة

واملزروعة وهذا ما القاه عادل اخلالدي كشخصية فاعلة يف النص يف رحلته املضنية .فيها إذا شاء

باألشواك، ليكتشف يف األخري أن ذلك ما هو إال أهداب أحالم تداعبه وتناغيه، وهو على أمل أن

:، مثلما ورد يف املقطعني السرديني اآلتينيحيققها

. 33ص س، .، م)رواية جهاد احملبني جلرجي زيدان منوذجا ( ، حتليل اخلطاب األديب، دراسة تطبيقية إبراهيم صحراوي 1واألدب، ، عن ا�لس الوطين للثقافة والفنون1998، 1ط عبد املالك مرتاض، يف نظرية الرواية ـــ حبث يف تقنيات السرد، 2

.158الكويت، ص .65، صس. بنية النص السردي من منظور النقد األديب، ممحيد حلميداين، 3

Page 272: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

272

حتطمت أكثر األحالم، أعرف ذلك، مل يبق منها إال القليل، لكن معها، ورمبا قبلها، حتطمت "

مل أعد قادرا على عبادة أي صنم، ومل يعد يرشدين ويقودين سوى . يكن كلها أغلب األوهام، إن مل

املهم : هلة القدمية ومل أجد آهلة غريها؟ فليكناآل أهذي؟ استبدلت أحالما بغريها؟ ختيلت أن . الضمري

ال أعرف كيف سيكون . أن تكون هناك إرادة، وهذه وحدها ميكن أن تعيد تشكيل العامل مرة أخرى

.1"الغد، لكن لدى البشر الكثري من اجلنون ورغبة احلياة، وهذا وحده كفيل بإجياد عامل جديد عامل

صحيح أن املدينة اجلديدة سيطرت علي . وبني حماولة نسيان املاضي، والبدء من جديد، ضعت"

وتوارثوها دائما أ�ا مدينة الذين ولدوا فيها وسحرتين، و�ت يف معاملها وتارخيهان ولكن كنت أحس

، أل�م هم الذين صنعوا كل شيء فيها، وباملقابل كانت عمورية البعيدة الغارقة يف أحزا�ا أبا عن جد

وإذا كانت عمورية اآلن فال بد أن تأيت أيام وتتغري، تصبح أكثر رمحة بابنائها والذين ياتون . ال تفارقين

وما دام بشر عمورية اآلن . البشر: وبالدرجة األساسية، ألن املدن، بالنتيجة، لزيار�ا أو يلجأون إليها

حيملون هذا املقدار اهلائل من األحزان والقهر واملذلة، فإن الروح غائبة أو هامدة، واألجساد متعبة،

.2" ، لذلك ال تقوى عمورية على إعطاءأنبل ما عندهاواهلواء الثقيل ال يزال ميأل جنبا�ا كلها هندسية أم بقايا أطالل، فال ،حقيقية واألمكنة على تعدد صفا�ا يف العمل الروائي، ختييلية أف

ميكن فصلها عن العناصر األخرى، فاملكان نفسه يدل على الشخصية، وهو مرتبط باإلدراك احلسي،

وقيمته، ألنه يعرض عن طريق السرد من خالل الوصف، فاملكان معطى سيميائي له دالالته وأبعاده

عماقه وبوجوده، وعدم النظر إىل تفاعل املكان مع هذه املكونات جيعل أفالشخصية تذوب يف

التأويل قاصرا عن إدراك األبعاد الداللية، ذلك أن الروائي مثل املهندس املعماري، يشيد فضاءه

إال وفق الفكر ، فاخلطاب الروائي ال يتشكل موضوعه3النصي وفق تصور حمكم، وإسرتاتيجية معينة

الذي خيلقه، وعدم النظر إليه ضمن هذه العالقات والصالت اليت يقيمها مع باقي املكونات احلكائية

.565الرواية، ص 1 .329الرواية، ص 2 . 39س، ص .عزوز علي إمساعيل، شعرية الفضاء الروائي، م :ينظر 3

Page 273: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

273

يف الرواية، فإنه يصبح من العسري فهم الدور الداليل الذي ينهض به الفضاء داخل احملكي الروائي،

كل باخرتاق األبطال هلا من خالل إمنا تتشية ال تتشكل وال حتدد مسبقا، و فاألمكنة يف الروا

األحداث اليت يقومون �ا، ومن امليزات اليت ختصهم، وهو بدوره يرتك أثرا فيها ويدفعها إىل احلركة

والتغيري والذي تظهر أثاره جلية على املكان، فالبيئة املوصوفة تؤثر على الشخصية وحتفزها على القيام

. 1كة حىت أنه ميكن القول بأن وصف البيئة هو وصف الشخصيةباألحداث وتدفع �ا إىل الفعل واحلر

.وهذا االرتباط اإللزامي بني الفضاء الروائي واحلدث، هو الذي سيعطي للرواية متاسكها وانسجامها مالمح املكان يف الرواية ميكن استنباط داللة هلا، كما تعمل بنائيا كموضوع سردي قابل للتحليل، ف

حني " :يف هذه القضية أنهمما دفع بعض النقاد إىل القول ، 2أدوات بناء الشخصيةأو كأداة من

، هذا األخري الذي تلتقي فيه الشخصية 3"تقسو احلياة على أبنائها، يهرب اإلنسان إىل احللم

بشخصيات أخرى، فيتقاطع الفضاء من خالل عملية الالوعي، فتعرب عن نفسها يف غريها من

فإسقاط احلالة . عن فضاءات متداخلة فيما بينهاتقرتب منها يف الفكر والرؤية فتعرب الشخصيات اليت

الفكرية أو النفسية لألبطال على احمليط الذي يوجدون فيه جيعل للمكان داللة تفوق دوره املألوف

كما أننا حنيل "، 4كديكور أو كوسط يؤطر األحداث، إنه يتحول يف هذه احلالة إىل حمور حقيقي

على النزعة الرومنطيقية اليت تتشكل من خالل انعكاس الطبيعة الداخلية على روح الفرد وتوحيد

ال ميكن ألحدمها الفكاك عن الفرد معا متطابقني و أعماقه بصورة جتعلهما، املكان و املكان يف

.5"اآلخر

.31...29: س، صص. لشكل الروائي، محسن حبراوي، بنية ا: ينظر 1 .268صس، .م ،"النقد األديب جملة " جملة فصول أرض الناس، ...أرض السوادحامت عبد العظيم، ، : ينظر 2 .276ص بريوت، لبنان، ، املؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2006، 1نزيه أبو نضال، التحوالت يف الرواية العربية، ط 3 .71، ص س.ممحيد حلميداين، بنية النص السردي من منظور النقد األديب، 4 .87س، ص .، بنية الشكل الروائي، محسن حبراوي 5

Page 274: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

274

تظهر حاالت الالوعي يف فضائها مرتبطة دائمة بشخصيا�ا ،هنا ... رواية اآلنيف : فمثال

اللتني هلما وجهات نظر يف صورة أحالم، اخلالدي خاصة شخصييت طالع العريفي وعادل ،الرئيسية

ليعيد تركيب إنساين جبدلية الواقع واملتخيل، وهي بذلك متهد لظهور فضاء طبيعي يتشكل عن وعي

ق ما حيدث من تآلف بني الدور أو الوظيفة اليت تؤديها الشخصية من وف المكان/ الزمان :ثنائية

هنا يتشكل رسم املكان من خالل احللم، وهو رغبة قد تتحقق، خالل احللم أو الرؤيا ووجهة النظر،

ويلجأ الروائيون إىل استعمال األحالم يف روايا�م خاصة املعاصرة منها، وذلك للتعبري عن التجربة

تدل على تفكري الناس وانفعاال�م، وهي تستمر يف األحالم، وما األحالم إال اختالجات اليومية اليت

معربة عن احلالة النفسية للشخصيات، وقد استعملها الروائيون العرب على شكل خلية رمزية،

يصورون من خالهلا جتارب حياتية للشخصيات البطلة، حيث يصور لنا الروائي آمال وطموحات

بعض أفكار وأقوال الشخصيات " هنا...اآلن" روايةء من خالل احللم، وميكننا أن نستحضر من هؤال

اليت ال ميكنها أن تبديها يف صحو�ا ويقظتها، واليت ميكن أن تعرضها الشخصيات يف شكل كوابيس

جديدة إىل وأحالم اليقظة، مما يضفي مجالية أكثر على املكان العريب، ويساهم يف إضافة أبعاد مجالية

:جانب اجلمالية اليت تضفيها األمكنة األخرى يف الرواية مثلما تدل عليه األمثلة اآلتية

حلمت كثريا، حلمت طويال أن آيت إىل باريس، كنت يف ليايل كثرية أغافل احلرس وأنسل دون "

كون باريس وبال جواز سفر، وأتنقل بني مدن العامل اليت قرأت عنها، كنت أحرص على أن ت حقائب

كبريا من جنو�ا وجرأ�ا، وأن أتعلم منها مقدارا حمطة يل يف الذهاب والعودة، كنت أريد أن أحلم

فتح كيف استطاعت وبوسائل ال حدود هلا، بالقوة مرة، وباملكر مرات أن تروض حكامها، أن ت

كيف يفكرون، كيف : كنت أيضا أريد أن أتعلم من بشر هذه املدينة و ...ثغرات يف عقوهلم وقلو�م

نتظار، وناسها احرتفوا واال واملوت يتصرفون، وملاذا أصبحوا هكذا، وملاذا ظلت عمورية مدينة للصمت

.1" !احلياة وامتألوا حنينا إىل جنة السماء وهجروا الصرب

. 326الرواية، ص 1

Page 275: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

275

أختلى عن السياسة ؟ ال ولكن علي أن أفهم السياسة ضمن منظور خمتلف ، هل معىن ذلك أن "

فهذا اهليجان اليومي، وتلك النظــــرة احلـــــالـــــــمة، من وراء دخان السجائر، وهي تعيد رسم الكون،

اب على األبواب، والسوقية يف كل شيء، يف األلفاظ واألكل والسب واألوامر الصارمة، وكأن الثورة

والثياب، يف حماولة ألن نكون أقرب إىل الشعب، هذه النظرة جعلت عمورية مدينة مسبية يتعاقب

ها أنذا أسلي نفسي لكي ... عليها األقوياء واملاكرون، ولذلك ال بد أن تتغري، وأن نتغري قبل ذلك

يارته األخرية يل يف رت أيضا عبقرية زكي أثناء ز أنسى املاضي، لكي أهرب، لكن يف اللحظة اليت تذك

كيف أستطيع أن ألوم اآلخرين ما دام قائد . املستشفى، مث ذلك الفرمان الذي أصدره بعد أيام قليلة

املعارضة يف هذا املكان البعيد، ويف هذا احليز الضيق، والذي امسه براغ، مل حيتمل بضع كلمات،

السنني ؟ مل يقتصر األمر على ذلك، كان وهذهالكلمات مل أقلها أنا وإمنا قاهلا رجل قبل ألفني من

.1" !زكي يضحك، ميزح، وطلب أيضا احلصول على كتاب لوقيانوس لكي يقرأه وأنا أجتول يف ساحة الباستيل، مث الشوارع املتفرعة عنها، حلمت كثريا وتذكرت وتساءلت، وال "

معظمها،كلها، تنفتح على الغرب سجون عمورية: أعرف ملاذا تشبثت بعقلي االفكار الصغرية

والشمال، وكان الباستيل ينفتح على الشرق واجلنوب، فهل هذا يعين شيئا ؟ وسرداب التعذيب يف

سجن عمورية املركزي أول ما يطالع الزائر ، وكذلك املشنقة يف الوقت الذي كانت زنازين التعذيب يف

. 2" !الداخلية الباستيل، يف القسم اخللفي واملقصلة كانت الباحة

و�ذا استطاع الروائي أن يعمق من مجالية املكان بتوظيفه ألحالم الشخصيات الفاعلة يف الرواية ـــ

هذه األحالم الدالة على حاالت الال وعي والال يقظة ــــ كان هلا الدور الكبري يف إضافة أبعاد جديدة

ف بتصوير األمكنة املوحشة واألسطورية، ملا حتدثه من خو للمكان الواقعي يف الرواية العربية املعاصرة،

عن األنا الداخلية ومكبوتات هي تعبري وهذه الرؤى واألحالم. وقلق ورعب يف نفوس الشخصيات

. 330الرواية، ص 1 . 336الرواية، ص 2

Page 276: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

276

مهوم مناهضة ا فرصة ملواجهة و وبالتايل إتاحته ،احلياةيف ة، والرغبة امللح ية الشخصيةتلج يف نفس

.املوت، اليت ال ميكن أن تنفذ إال عن طريق احلياة

مثلما للشخصيات أثر يف ،قدرة على التأثري يف تصوير األشخاص وحبك احلوادثله ملكان اف

، مثلما صياغة املبىن احلكائي للرواية، فالتفاعل بني األمكنة والشخوص شيء دائم ومستمر يف الرواية

فتكوين املكان وما يعريه من تغري يف بعض األحيان، يؤثر تأثريا كبريا ذا ، وهلهو دائم ومستمر يف احلياة

يف تكوين الشخوص، وقد يكون وصف األمكنة من الواقع الذي جيعلنا نفهم األسرار العميقة

.1للشخصية الروائية

ار د إطاالستغناء عن اآلخر، فاملكان يف الرواية ليس جمر ألحدمها ال ميكناملكان والشخصية ف

لألحداث أو ديكور تتزين به الرواية أو احلكي، وإمنا هو عنصر جوهري وفعال يف احلدث الروائي، إىل

درجة أن بعض األمكنة تكاد تتحول إىل شخصيات رئيسية أو بطلة يف الرواية، متاما كما كادت

، واملكان بدوره حيمل الكثري من "هنا ...اآلن" عمورية أن تتحول إىل بطل رئيسي يف رواية

االنزياحات واإلحياءات والبىن والشحنات، حيث إن مدلول املكان يف الروايات احلديثة أصبح حيمل

.شخصيات شعرية يف عالقته بالشخصيات الروائية ال ميكن أن نتصور البناء الروائي دون شخصيات ودون مكان، أي ال وجود لشخصية بدون و

بل يفقد سبب ال املكان بدون شخصية، حيث يفقد الواحد منهما قيمته دون اآلخر، مكان، و

، فإنه ينشأ من خالهلا، وهي تعيش فيه وخترتقه، فيظل الفضاء الروائي أسريها، فهي اليت حتدده وجوده

.وتعطي له أبعاده وترسم طبوغرافيته، وبالتايل حتمله دالالت خاصة

األمكنة ية، فإن أول ما ميكن رمسه كمعادلة تكشف عن أمههنا... اآلن رواية فإذا نظرنا يف

:وعالقتها بالشخصيات الفاعلة يف النص، نذكر

.18، صس.حبراوي، بنية الشكل الروائي، محسن 1

Page 277: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

277

. الغربة/ باريس األهل/ عمورية

تركها وهو املاضي والذكرى اليت ) عادل اخلالدي (ميثل الطرف األول من املعادلة بالنسبة للبطل

ا الطرف الثاين فيمثل الواقع ، أم تركها بعدمرضه وعجزه اليت) األهل ( عان شبابه، عموريةيف ري

) .مدينة باريس ( يف الغربة عادلواحلاضر الذي يعيشه

نكسا�ا وفق و آماهلا ، ملكان بتطور الشخصية يف أحالمهايف ضوء هذه الثنائية سنتابع عالقة ا

: اإليقاع اآليت

. المنفى/ باريس الوطن / عمورية

يسمو إىل التجريد والذهنية أكثر من جلوئه إىل حيزا " هنا...اآلن" يف رواية يأخذ املكان

، وجيدها للمرة الثانية فقدها صورة حللم خيايل يوهم بأم عمورية/المكان يأخذ ، إذ اإليهام بالواقع

.1مالحمها النفسية والثقافية واالجتماعية والعقائدية والسياسية بكل لقد أدت الشخصية الدور الفعال يف تكوين املكان وخلقه من جديد يف الرواية إذ كانت شخصية

هي املهيمنة على أكرب مساحات املكان، كما جند عمورية هي املكان الغالب على عادل البطل

،مدينة عموريةيف الرواية هي عادل الخالديفأول حمطة مير منها البطل . وعلى األحداث الرواية

،، عن احلياةكان يبحث عن العالج مدينة باريسفالبطل عندما هاجر إىل ، جمرى حياتهمكان غري

لذلك قد حييل . لشخصية من املوت الذي كان يالحقهر ا، حير باريس/ المكان الجديد أن إال

.2باريسبعد مدينة عمورية يسافر البطل إىل ، حيث الشخصية هاملكان شحنات حياته وحيمل آالم

، مديرية النشر، جامعة باجي خمتار، "دراسات يف اللغة واألدب العريب"، التواصل، جملة العلوم االجتماعية واإلنسانيةجملة :ينظر 1

.288ص ، 2001، جوان 08: عنابة، ع . 530الرواية، ص: ينظر 2

Page 278: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

278

ية الرواية أمكنة واقعية ومعروفة ، بواقعية الرواية من خالل جعل أفضإىل اإليهام عمد الروائيلقد

ومنه جند أن خرى للتأويل والقراءات املتنوعة، كما أسست للمكان صورة ختييلية متنح للقارئ فرصة أ

.معظم الشخصيات كانت يف عالقة وطيدة مع األمكنة اليت تقطن �ا

،" هنا...اآلن " رواية من خالل هذه الدراسة عالقة الشخصيات باملكان الروائي يف سنربز و

لذلك التوافق بني إبداعهناء عناصر الفضاء ومن ذلك من نسج وب الحظنا متكن الروائيحيث

، إذ الحظنا احلضور القوي املكان نسنةإىل أ ، بل إنه عمدوالشخصيات اليت اخرتقته املكاينفضاء ال

م للبطل عمورية الوطن األ ، باعتبارواقعيابعدا اه، بل اعطعمورية يف سري أحداث الروايةضاء لف

.وإهلامه ذكرياتهمصدر عادل، و

كانت أكثر " هنا...اآلن" روايةفإن ، خيي تتخلق فيه األحداث وتتطورألن احلدث التار ونظرا

املكاين، مما شكل عالقة روحية لفضاء الروائي ببناءيه الزماين و استيعابا لألحداث التارخيية وامتدادا ل

.باريس إىل عموريةترتتبط فيها األحداث مع الشخصيات عرب مدار الفضاء الكبري املمتد من

حة تعكس احلالة النفسية هنا، أن األفضية سواء أكانت مغلقة أو مفتو ... ن كما جند يف رواية اآل

، فتعرب عن مكنونا�ا ومكبوتا�ا، وتنقل حاجا�ا النفسية، مثل ما ورد على لسان بعض للشخصيات

أريد أن أقول أن عمورية " :عادل اخلالدي ورد على لسان مامثل، الشخصيات املهمة يف الرواية

إ�ا خليط من الثقافات واحلضارات، مل تستطع، أو رمبا مل يتح هلا أن جتد شخصيتها، : منطقة موبوءة

بنت املكان، واجلذور والعصر، لكي تدب فيها احلياة، وإذا ظلت كذلك فإن املوت : أن تكون هي

املواد غري املتجانسة، غري القابلة للهظم، ينتظرها، سوف تتآكل وتتداعى مث تسقط، لتصبح كتلة من

. 1" !مث تعصف �ا رياح املوت ، فالنسيان

من موقف الغربة داال على ذاكرة وحنني إىل تاريخ قد كان حضور األمكنة الدالة على عموريةف

مضى وانقضى، وقد غلب الطابع الشاعري على تلك الذاكرة، وهنا نتوقف عند دالالت األمكنة بعد

. 379الرواية، ص 1

Page 279: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

279

هلا، مما يضفي نوعا من الصراع بني الذاكرة وما حتمله من تاريخ وبني احلاضر وما خلفه عادلتذكر

.وقف من املكان يستخلف هنا عما كان سائدا يف حالة الغربةمن آثار وبقايا، وبالتايل فامل

إذا كانت عمورية هي تلك األم املتطرفة يف قسو�ا على حد تعبري البطل، وهي اليت حولته من و

شاب إىل إنسان هرم سقيم من شدة ما لقاه يف غيابة السجون، إال أن تذكره هلا أحىي طفولته

).البيت األول/ عمورية (ودة إىل الذاكرة اليت حواها املكان وشبابه من جديد عرب الع إن التفاصيل الواردة عن ذلك البيت األول تعيد إىل الذاكرة ذلك احلضور وتلك األلفة من خالل

، وكأ�م مازالوا يزاولون العيش بأرواحهم يف هذا عادلتفاصيل هلا رائحة الزمن املاضي ومن عاشروا

وهكذا يأخذ البيت قيمته الروحية بالنسبة .بيت أو حبضورهم السري غري املعلنال الوطن األم أو

للبطل من روحانية سكانه ومناضليه، وتتوفر هذه الروحانية بغيا�م املادي عنه، ليصبح البيت يف

.النهاية داللة على غيا�م املوجع وحضورهم الدافئ يف الذاكرة املكانية ألن بيت اإلنسان يف نظرهم امتداد لنفسه ،بعض النقاد املكان بعدا كبريا ويف الوقت الذي يعطي

فإذا وصفت البيت فقد اإلنسان جند بعض النقاد اآلخرين يفرغونه من أية داللة، فهو عندهم حمض

داللة ما عليه لكن الثابت أن للمكان دورا كبريا مؤثرا يف حتريك وجود موضوعي لذا ينبغي اصباغ

.ملنظور الروائي بصفة عامة للكاتباألحداث ورسم الشخصيات ووصف ا

يف الرواية التقليدية يظهر املكان جمرد خلفية تتحرك أمامها الشخصيات أو تقع فيها فاملكان

يف الرواية الرومنتيكية أما وهو حمض مكان هندسي، احلوادث وال تلقي من الروائي اهتماما أو عناية

يظهر املكان معربا عن نفسية الشخصيات ومنسجما مع رؤيتها للكون واحلياة وحامال لبعض األفكار

حيث تنشأ بني ،يبدو املكان كما لو يف خزانا حقيقيا لألفكار واملشاعر واحلدوس" ويف هذه احلالة

احلالتني يظل املكان ويف كلىت. 1ة يؤثر فيها كل طرف على اآلخراإلنسان واملكان عالقة متبادل

على حني ميكن أن ،هذا املعىن البنية التحتية ميكن أن يعد ، إذلهيف إطار املعىن التقليدي الروائي

. 31 -ـ 30: حسن حبراوي، بنية الشكل الروائي، صص: ينظر 1

Page 280: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

280

حيقق املكان بنية فوقية، يغدو فيها املكان فضاء، وذلك عندما يسهم املكان يف بناء الرواية وعندما

لشخصيات فيتسع ليشمل العالقات بني األمكنة والشخصيات واحلوادث وهي فوقها كلها خترتقه ا

فضاء شبيها بالفضاء الواقعي، يخلقفيف الرواية ألمكنة ا تواترأما .1ليصبح نوعا من اإليقاع املنظم هلا

وتظل األمكنة من املفاتيح اليت تساعد على فك ،إدماج احلكي يف نطاق احملتمل وهي تعمل على

مغاليق النص الروائي، فهو ملعب األحداث والشخصيات الروائية، وكلما أجيد بناؤه وجتهيزه،

.2استطاعت األحداث والشخصيات أن تؤدي دورها بشكل أفضل وتربز مهارا�ا بشكل أكمل

وهو ال يوجد إال وللمكان يف الرواية العربية دالالت أبرزها احلضور الدائم كفعل حقيقي وفين معا،

من خالل ذلك الرتكيب اخلطي الذي ختلقه الكلمات املطبوعة أو اللغة، فال يوجد إال من خالهلا،

ن طريق السمع أو خيتلف عن األمكنة اليت ندركها ع) Espace Verbal( فهو فضــــاء لفظــــــي

البصر اخلاصة بالسينما واملسرح، فيتشكل كموضوع للفكر ندركه من خالل ربطه بغريه من عناصر

اخلطاب الروائي ربطا جيعل منه نسيجا متشابكا حمكم التالحم، والتماسك شديد االتساق والرتابط،

يتباين من كاتب آلخر، وإذا وهذا النسيج املتواشج هو الرواية اليت تروي لنا حوادثها بأسلوب خاص

تأملنا املكان الروائي وجدنا أنه هو الذي ميثل البعد املادي الواقعي للنص، وهو الفضاء الذي جتري

فهوال يقتصر على كونه فضاء تقع فيه األحداث، وإمنا يؤدي دورا حيويا يف ،3فيه ال عليه احلوادث

ميكن النظر إىل املكان الروائي من حيث هو مدخل ذاهلو .4مستوى الفهم والتفسري والقراءة النقدية

من املداخل املتعددة اليت يتم من خالهلا النظر يف عامل الرواية والوقوف على مراميه ومدلوالته العميقة

على مستوى القص نفسه و .إىل جانب مجاليات السرد القصصي ورموزه وما فيه من مجاليات الوصف

، دمشق، إحتاد الكتاب العرب منشورات، 1995، 1، ط) 1990ـ 1980( مسر روحي الفيصل، بناء الرواية العربية السورية 1

. 253صسوريا، . 277س، ص .شاكر النابلسي، مجاليات املكان يف الرواية العربية، م: ينظر 2، دار جمدالوي للنشر 2008، 1إبراهيم خليل، من االحتمال إىل الضرورة ـــ دراسات يف السرد الروائي والقصصي، ط: ينظر 3

. 17والتوزيع، عمان، ص . 19املرجع نفسه ، ص 4

Page 281: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

281

يندمج البطل مع الواقع ويعيش مع املكان يف عالقة تفاعل متبادلة ،ايةوسريا حلركة الدرامية يف الرو

ن جنده يف الواقعية التسجيلية إىل عالقات اجتماعية تطلب أسلوبا أفتحول ثبات املكان الذي ميكن

، ويكشف عما ينتج عن هذا التفاعل فاعل بني الذات والواقع من ناحيةمقنعا يوضح طبيعة هذا الت

.1تماعية من ناحية أخرىمن عالقات اج

دة بوصفه مكانا لوقوع األحداث إىل فضاء يتسع لبنية الرواية، يتجاوز املكان وظيفته األولية احملد و

قول وذلك على حد األحداث اليت حتدثها الشخصيات الفاعلة فيه،ويؤثر فيها من خالل رواية

التكميلي بل إن عالقته باإلنسان عالقة فهو ليس الوعاء أو اإلطار العرضي " :غاستون باشالر

ا حلظات متقطعة أيضا تتناوب يف ظهور األمكنة هولعل ، 2"جوهرية تلزم ذات اإلنسان وكيانه

رها يفرتض تعددية األمكنة واتساعها أو إن تغري األحداث وتطو مث .3والشخصيات البشرية واحليوانية

ميكننا أن نتحدث عن مكان واحد يف الرواية بل إن تقلصها حسب طبيعة موضوع الرواية، لذلك ال

صورة املكان الواحد تتنوع حسب زاوية النظر اليت يلتقط منها، وقد يقدم الراوي لقطات متعددة

ختتلف باختالف الرتكيز على زوايا معينة، وحىت الروايات اليت حتصر أحداثها يف مكان واحد نراها

ألبطال أنفسهم، وهذه األمكنة الذهنية ينبغي أن تؤخذ أيضا بعني حتلق أبعادا مكانية يف أذهان ا

االعتبار، ألن الرواية مهما قلص الكاتب من عدد األمكنة فيها، فإ�ا تفتح الطريق دائما خللق أمكنة

، ألن الفضاء أمشل 4وجمموع هذه األمكنة هو ما يبدو منطقيا أن نطلق عليه اسم فضاء الرواية أخرى،

هو "جيرالد برنس " ن معىن مكان، واملكان �ذا املعىن هو مكون الفضاء، والفضاء عند وأوسع م

،دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، اإلسكندرية، مصر، 2009، 1أمحد عوين، دراسات يف السرد احلديث واملعاصر، ط: ينظر1

. 65 - 64: صص . 132، دار كندي للنشر والتوزيع، األردن، ص2003سلمان كاصد، دراسة بنيوية يف األساليب السردية، 2 .108، دار حممد علي للنشر، تونس، ص2005، 1مي، يف الوصف بني النظرية والنص السردي، طحممد جنيب العما 3 . 63س، ص. محيد احلميداين، بنية النص السردي من منظور النقد األديب، م 4

Page 282: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

282

، والرواية تشمل 1"املكان أو األماكن اليت تقدم فيها األحداث واملواقف واملراحل السردية اليت جتري

.جمموع األحداث اليت تشكل فضاءها

و�ذا يصبح الوضع املكاين يف الرواية هو احملدد األساسي للمادة احلكائية ولتالحق األحداث، أي

أنه سيتحول من مفهومه كديكور لتزيني احلكي إىل مكون روائي جوهري ال ميكن االستغناء عنه، إذ

يف حتركا�ا يدخل كعنصر فعال يف تطورها وبنائها، ويف طبيعة الشخصيات اليت تتفاعل معها، و

.ومواقفها وعالقا�ا ببعضها

: أو الممثل كمنظور روائيـ توظيف الشخصية 7

بدال من الشخصية للداللة على عدم التقييد واحلرية اليت الممثلمصطلح كرستيفااستعملت

منحت هلذه األخرية، حىت ال تكون رؤية الكاتب يف الفضاء هي املسيطرة على السرد، ولذلك ينطوي

الفضاء كمنظور أو كرؤية ضمن مباحث زاوية النظر عند الراوي، ألنه يتعلق بصورة الراوي فهو يشري

أو الكاتب بواسطتها أن يهيمن على عامله احلكائي، مبا فيه من الروائيإىل الطريقة اليت يستطيع

يفزها الكاتب اليت يرب قدرة ال ، من خالل2أبطال يتحركون على واجهة تشبه واجهة خشبة املسرح

ن وجهة النظر أ" :حول عالقة الراوي بالقصة صاحل العمل الروائي فريى هنري جيمسلللغة هتطويع

ه يرويها كما يراها هو يف املقام إن ــــ مسألة وضع الراوي من القصة ــــ املنهج الدقيقة اليت حتكم مسألة

، وجيلس القارئ يف مواجهة الراوي يستمتع، وقد تروى القصة حبيوية ينس معها وجود الراوي، األول

.3" ويتجسد املشهد حيا بشخصيات الرواية

.268س، ص.، م65: ، ع"جملة النقد األديب" أرض الناس، جملة فصول ...حامت عبد العظيم، أرض السواد 1 .62س، ص .محيد حلميداين، بنية النص السردي، م: ينظر 2 .182س، ص .سيزا قاسم، بناء الرواية، م 3

Page 283: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

283

مرجعيتها، وإمنا سننظر إليها من زاوية أ�ا إنتاج عمل بناء الشخصيات يف النص، ليس من باب ف

، 1، أما فليب هامون فريى أ�ا تركيب يقوم به القارئ أكثر مما يقوم به النصتفين كما يرى روالن بار

.2"إن مقروئية الشخصيات مرتبط مباشرة بدرجة مشاركة القارئ : " وبعبارة أخرى ي وظيفتها االجتماعية يف نقل تؤدفالشخصية الروائية مركب متتزج فيه كل الصفات اإلنسانية، إذ

يف احلدود نفسها اليت يكــون ) personne( بطل الروايـة هو شخص « ألن رسالة الكاتب ورؤيته،

إىل سرد األحداث على لسان بعض فقد كان الروائي يعمد .3»فيها عالمة علــى رؤية ما للشخص

أحداث رواية منو و داخل حركة الرئيسيور احمل جعل منها حبيثخاصة الفاعلة منها، شخصياته،

عادل :الفاعلة يف النص مثلأن يتنحى جانبا تاركا العنان للشخصيات إىلعمد هنا، ف...اآلن

ديثهما وتصرفا�مابأحا أفكارمهاعن اشفتكنفسيهما، ويعن اعرب أن ياخلالدي وطالع العريفي

.اخلاصة

... اآلن روايةيف الخالدي عادلوالعريفي طالع يت بعرض وتوظيف شخصي يتعلق أما فيما

، فإنه يتم من خالل صور خمتلفة، وبواسطة أساليب متنوعة تعكس رؤى ووجهات نظر خمتلفة، هنا

وهذا ما عمدنا أن نبحث عنه يف هذا الفصل، ابتداء من هندسة الشخصيات إىل وسائل العرض اليت

تنيشخصي اباعتبارمهيف شكل مقتطفات، أقواهلما الروائي اختذ، إذ قدمت �ا شخصيات الرواية

ر الذي األمكله، األحداثن املصب الذي يدور يف فلك ميثال اوأ�م ،يف هذا النص الروائيتني وريحم

، للفضاء، تكون الشخصية إحدى مكوناته األساسية املشكلة هلندسته الفضائيةاستدعى رؤية جديدة

.للفضاء الروائي أفقا جديدا، وينتج ريب حنو الثقافة العربيةالعتطلعات الفكر ا مبدىمما يوحي

. 09س، ص . حممد عزام، شعرية اخلطاب السردي، م: ينظر 1 .157، دار اآلفاق، اجلزائر، ص 1999، 1ابراهيم صحراوي، حتليل اخلطاب األديب، ط 2املركز الثقايف العريب للطباعة والنشر والتوزيع، ، 1991، 1السردي من منظور النقد األديب، طمحيد احلمداين، بنية النص : ينظر 3

. 50، ص، لبنانبريوت

Page 284: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

284

داخل الرواية، ما ) الفعل ( أما ما تبديه الشخصيات من ذكريات أثناء حركا�ا وأدائها لوظائفها

هي إال نوبات نفسية حتدث للشخصيات لتستقر نفسيا وحماولة منها لردة فعل عن ما تستذكره من

ددمر حماولة للتطلع إىل املستقبل، وإال أحداث للتحكم يف أوهام املاضي األليم، وهذا يف حد ذاته

وهذه املرحلة يف حياة ، 1أفقدها القدرة على إدراك املعىن احلقيقي لوجودهااملاضي حيا�ا احلاضرة و

طالع وعادل كانت صعبة جدا عليهما أل�ما بدال أن يواجها ما تعرضا له من عنف وإكراه بدين

دوان ما بني رغبة شفائهما ورغبة �يئة الظروف املناسبة بسجنهما، فهما يصارعان املرض أيضا، فيغ

اليت متكنهما من التغيري والوقوف على مواطن العجز لتحيق احلرية ضد طغيان األنظمة العربية الفاسدة

واملستبدة، و�ذا فهما يتطلعان إىل غد أفضل ملن يأيت بعدمها، وقد اعتمد الروائي يف ذلك على زاوية

غالبا، ألنه ضمير المتكلمنظر قادرة على توضيح هذه الرؤية، ويف مثل هذه الرؤى يستعمل الروائي

ملتكلم يف الرواية هو عادة إن ضمري ا : "واخل النفس، كما يقول روالن بارثاألكثر تعبريا على د

كشخصية رئيسية يف هذا عادل اخلادي ألن ، " هنا...اآلن" رواية، وهذا ما نستشفه يف 2"شاهد

. من السجناء يف أغلب حمطات السرد العمل الروائي تتكلم عن نفسها وعن أقرانه

، كان من خالل أشكال ظهورها اليت سامهت يف بناء فضاء الروايةلشخصيات كقارئ لإن رؤيتنا

الشخص األجنيب جتاه مث دور ، الغربة/ األهل :اس أن ينظر إليها من خالل ثنائيةيف الرواية، على أس

، مما يكسب توظيف املكان كمنظور روائي هو اآلخر الشخصية العربية يف بناء هذا الفضاء الروائي

أمهية كبرية، ال ألنه أحد عناصرها الفنية أو ألنه املكان الذي جتري فيه األحداث وتتحرك فيه

العناصر فضاء حيتوي كل ل يف بعض األعمال املتميزة إىلالشخصيات فحسب، بل ألنه يتحو

ي تفعل فيه، الروائية، مبا فيها من حوادث وشخصيات، وما بينها من عالقات، ومينحها املناخ الذ

، ويكون هو نفسه املساعد على تطوير بناء الرواية، والعامل لرؤية البطل وتعرب عن وجهة نظرها

.159، املؤسسة العربية للدراسات والنشر، ص 2004، 1مها حسن القصراوي، الزمن يف الرواية العربية ، ط: ينظر 1 . 22س ص .عبداهللا رضوان، البىن السردية ، م 2

Page 285: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

.دالالت الشخصیات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السیمیائیة: الفصل الثالث

285

قماش بالنسبة إىل اللوحة، بل يكون واملمثل ملنطق املؤلف و�ذه احلالة ال يكون املكان كقطعة ال

.الفضاء الذي تصنعه اللوحة أن الفضاء يتشكل وفق الشخصية العاملة فيه، فرغم انغالقه املاديالقول وبالتايل ميكننا

أو يدل على القيد ،أو انفتاحه، إال أنه ميكنه أن يدل على كل معاين االنطالق والتحرر واالنفتاح

وفق احلالة النفسية اليت تكون عليها الشخصية احلاملة لالنفتاح على املكان املنغلق ماديا ،االنغالقو

أو العكس، و�ذا حيدث التداخل واالنفصام بني الشخصية واملكان، فكل منهما يؤثر يف اآلخر

حيدث أبعادا تأثريات سطحية أو عميقة، ومن خالل ذلك ندرك عمق املكان يف حياة الشخصية، مما

، ويدفعنا للقول مبدى تأثري املرجعية املكانية واحلالة النفسية للشخصية لتحديد 1متعددة للفضاء

.الروائيدالالت الفضاء

. 183، املؤسسة العربية للدراسات والنشر، بريوت، لبنان، ص 2008، 1حممد صابر عبيد، سحر النص، ط: ينظر 1

Page 286: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

ـ موقع الروائي إزاء أحداث الرواية1

والفضاء الروائي ـ الرؤية السردية 2

المنظور الروائي من خالل دالالت العنوان ـ 3

دالالت البناء اللغوي في تمظهر المنظور الروائي ـ4

ـ مستويات اللغة السردية في تحديد المنظور الروائي 5

ـ المستوى الشعري 1ـ 5

ـ الوصف 1ـ 1ـ 5

ـ الرمز 2ـ 1ـ 5

)الثنائيا ت الضدية أو المتقابلة ( ـ التضاد 3ـ 1ـ 5

ـ المستوى الحركي 2ـ 5

ـ اللغة العادية 1ـ 2ـ 5

ـ الحوار 2ـ 2ـ 5

المستوى النحوي ـ 3ـ 5

)تداخل النصوص( ـ المستوى التناصي 4 ـ 5

تناص قرآني ـ 1 ـ 4 ـ 5

تناص شعري ـ 2 ـ 4 ـ 5

تناص تاريخي ـ 3 ـ 4 ـ 5

توظيف األدعية المأثورة عن النبي صلى اهللا عليه وسلم ـ 4 ـ 4 ـ 5

توظيف الحكم واألمثال في العمل الروائي ـ 1 ـ 4 ـ 5

:الفصل الرابع

دالالت المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستويات

.اللغة السردية في ظل معالم السيميائية

Page 287: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

287

L’espace commeune ) كمنظور أو كرؤية الروائي الفضاءتعددت تسميات

perspective ou une vision (، البؤرة، التبئري، وجهة النظر ،الرؤية ،ورـــاملنظ: منها

الراويهي املصطلح األكثر شيوعا، حيث أن مفهومها يرتكز على وجهة النظرولعل ،وحصر ا�ال

الذي من خالله تتحدد رؤيته إىل العامل الذي يرويه بأشخاصه وأحداثه، وعلى الكيفية اليت من خالهلا

مما يشيه زاوية النظر اليت يقدم �ا الروائي عامله املتخيل، .1تبلغ أحداث القصة إىل امللتقي أو يراها

بها فعل القراءة، تعددت لدى وضمن هذا اإلطار، ومن منطلق تعددية الرؤى القرائية اليت يستوج

. النقاد القدامى واحلداثيني، الرؤى يف حتديد مفهوم القراءة

ومن منطلق تعدد الرؤى القرائية اليت يستوجبها فعل القراءة، يف إطار العالقة بني الكاتب والنص

فيه واقعية حني يتكلم إىل جسد الكاتب، وهو أشد ما ) Erotic (والقارئ بعالقة إيروسية

، وبذلك يصبح القارئ 2م إىل حس القارئ الذي يستجيب هو اآلخر استجابة محيميةيقد ،ومحيمية

حسب فهمه ، كل د وجهات نظر متعددة بني القراءمما يول ،مشدودا باملتعة أثناء عملية القراءة

بالقدر الذي ال يبتكر هذا األدب تعدد الكتابات يؤسس أدبا جديدا "وألن .ومتعتعته وقدرة تأويله

كما يصبح األدب نص وقارئ، والنص ال ،3" لغته إال ليكون مشروعا، فيصبح األدب أطوبيا اللغة

وعليه، فالقراءة يف نظر . يتحقق وجوده إال بعملية القراءة، كفعالية أساسية لوجود أي أدب

.4"عملية تقرير مصري بالنسبة للنص "بارت

.284ص س، .، محتليل اخلطاب األديب: سعيد يقطني: ينظر 12 Gerard Vigner, lire: du texte au sens,ed, clé internationale, Paris, 1979, p 20. ، الشركة املغربية للناشرين املتحدين، دار الطليعة، الدار 1987، 3حممد برادة، ط: روالن بارت، الدرجة صفر للكتابة، تر 3

.102البيضاء، املغرب، ص ألديب الثقايف، جدة، السعودية، ، النادي ا1982، 1ــ قراءة نقدية لنموذج لساين، ط اهللا الغذامي، اخلطيئة والتكفريعبد 4

.75ص

Page 288: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

288

فعل يعانق الفعل الفلسفي التأملي، هووإمنا ، أيت من العدم، ومل يكن اعتباطياال يأو الرؤية املنظور

إىل النص أنه حامل اجواب، ونظر وتساؤل أكثر مما ه يتوقف على درجة السؤال، أي أنه وأن سبيله

اتية والشخصانية احتضنت التأويل االجتاهات الفلسفية واألدبية الذ "ولذلك فقد .1ملعرفة مكثفة

.2"والظاهراتية، اليت �تم بذوات املؤلفني يف حماولة لرتميم املعاين الكامنة ضمنا يف نصوصهم

ويرى عبد اهللا الغذامي أن قراءة النص األديب هي قراءة للواقع، من سياق معني بطريقة لغوية

عملية " خالل متغريات، حيث عرف القراءة أ�ا جتعل القارئ ينظر إىل الواقع أنه أثر يبحث عنه من

وكل قراءة . 3"دخول إىل السياق، وهي حماولة تصنيف النص يف سياق يتمثله مع أمثاله من النصوص

الفعالية، اخللق، املعاين، : هذا يتطلب أربعة عناصر. للنص هي تفسري وتأويل له من وجهة نظر معينة

القول وفعل التلقي والتأويل، أما الداللة فهي ما يفهمه القارئ من واإلنتاج، أي التفاعل بني فعل

.4النص، فالقراءة إذن ضرب من ضروب فك الرمز يف العالمة وإدراك الفعل التعبريي وتلمس ملقاصده

املطابقة املولدة، وحييل هذا املفهوم على : مفهوما آخر كيسنر.إ.جوزيفوقد استحدث

يتعايشون ضمن حقل دينامي ال زمين الفضائي للقارئ والشخصيات والنص، باعتبارهم التداخل

الدينامية الفضائية : ، وبتعبري آخريسمح بالتأويل، أي أن القارئ والشخصيات والنص يتطابقون

.5، وهذه املطابقة تولد تأويالتللنص

ا تتعامل مع األثر األديب وخالقةأن فعل القراءة عملية ديناميكية فعالة آخرونيرى و باحلياة أل�

، من خالل اكتشاف أبعاد النص الدالليةو ،توالد األفكار ، مما يعني على6وقابلية النمو والتوهج

.27/03/1988: إسطنبول ناصر، أمحد يوسف، جريدة اجلمهورية، ملحق أسبوعي، ندوة حول إشكالية القراءة، بتاريخ 1 .10، ص 1994 ،1ط ،عيد الغامني املؤسسة العربية للدراسات والنشرس:تر ،روبرت شولتز، السيمياء والتأويل 2 .79س، ص .عبد اهللا الغذامي، اخلطيئة والتكفري، م 3 .10، سراس للنشر، تونس، ص 1985حسني الواد، يف مناهج الدراسات األدبية، : ينظر 4 . 12 – 11: س، صص.كيسنر، شعرية الفضاء الروائي، م.إ.جوزيف : ينظر 5 -180: ، دار العودة، بريوت، صص1979، 1خالدة سعيد، حركية اإلبداع دراسات يف األدب العريب احلديث، ط: ينظر 6

181.

Page 289: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

289

املبدع، النص واملتلقي، ويضاف إليها : طبيعة العملية اإلبداعية اليت تنظمها ثالثة عناصرالكشف عن

.ايل عمق الوعي النقدي لدى القارئلى نقله للمتلقني، وبالتاملوضوع الذي يعمل التخييل ع

،)AJ. Greimas et J.Courtes ( ورتيســـاس وكـــريمغ يف التحديد السيميائي لدىأما

ات ـــــــانيــــوجي الذي تشرب منه لســــــد التقليد األبستيمولــــــيري " :قوهلمايتحدد يف ة ـــور أو الرؤيــــــاملنظ

فرويد سيغموند التحليل النفسي عند االت أخرى ظاهراتية هوسلر ونظريةدي سوسري، ويف جم

وآخرين، أن تعرف العالمة بداللتها، ويدعو التقليد أيضا إىل أن تكون األشكال السيميائية أشكال

سبيله يف النص الذي يتخفى عن القصد أو املعىنالبحث أن ريماسغيعتقد و . 1"داللية أو مداليل

فكل ،مشكل التأويلية ليس حادا بالنسبة للنظرية السيميائية أن التأويل الناتج عن الرؤية أو املنظور، و

. 2"املنظومات قابلة للتأويل

راجع هذا ، و على رؤية الراويالرؤية السردية حول يف بناء نظريته ركز سعيد يقطنيالباحث أما

يف مؤكدا، أو يكتشف من قبله، يف عرض مادته واخلرب الذي يلقيه إىل القارئإىل أسلوب الراوي

عودة إلى (اليت تكلم عنها يف كتابه من التبئريات يقصدالذي ،جنيت دجيرار مذهبه هذا رؤية

وأداة هذا االنتقاء ،فيصبح هو العليم ،د به القارئزو تالذي ي خلرب السرديانتقاء ا ،)خطاب الحكاية

اخلرب الذي يسمح به إال اليت ال تسمح بأن مير ، و أي نوع من القناعة الناقلة للخرب ،بؤرة مموقعة

.3املوقع

Algirdas Julien Greimas et Joseph courtès, Sémiotique: Dictionnaire raisonné de 1

la théorie du langage, p 192

2 .Ibid, p 193 ، املركز الثقايف العريب، الدار البضاء، املغرب 2000، 1حممد معتصم، ط: جريار جنيت، عودة إىل خطاب احلكاية، تر: ينظر 3

.97ص

Page 290: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

290

ي للملفوظ نصي حييط بالشكل الكل الفضاء العى حنو اللغة، و يسداليل الفضاء إذا كان الو

في بناء مامتهفما هي درجة مساه ،لالممث الراوي و يتجلى من خالل فضاء الرؤية فإن الروائي،

؟هنا ... لرواية اآلن الفضاء الروائي

السرد ينصرف إىل تواشج وتتكامل إىل درجة اعتبار بعض الباحثني أن تتتعالق مكونات الرواية و

والسرد على ذلك األساس يتتاىل داخل اخلطاب وفق " الوصف ينصرف إىل املكان، وأن ،األحداث

ر وحدة ــــاحة النص فال تربزه غيــــعلى حني ميتد الوصف على مس ،يــــمرتابط منطقترتيب خطي

.1"اءــــالفض ا بشرود وعدم وضوح إليهنظر جزءا من البناء الروائي، الزال ي هذه املستويات املختلفة اليت تعد إن

العويصة يف مثل هذه فهي ال تزال من اإلشكاليات ،بني معارض ومساندمن قبل بعض الباحثني

أكثر تعقيدا " بقوهلم أ�ا اليت يثريها الوصف يف اخلطاب الروائي، اإلشكالية مشريين إىل، الدراسات

ة االلتباس القائمة بني الفضاء ا مشكلة تتصل من جهة بعالقأ� ،ا قد يتصور باحث متعجل ذلكمم

ومن جهة أخرى ،املكانا بااللتباس الضمين بني الفضاء و ، وضمنه) التالزم والتعاكس ( الزمنو

. 2" الوصفمن السرد و حبدود التشخيص يف كل تتصل ،االفضاء الروائي حيتاج ليتضح وليتجلى إىل كل هذه املكونات على تفاوت يف استخدامهو

فكل حدث " يتجسد ضمنهما، املكان يستدعي الزمان، واحلدث رى من خالل املكان، و فالفضاء ي

ان،الزمتمو نتفاعالمو انطرتبمالزمان واملكان أي أن ، 3" هو وليد تفاعل مستمر بني الزمان واملكان

.من مكان حيتوي الزمان، والبد من زمان يوجد فيه املكانال بد ف

، دار الفرايب، بريوت، 2008، 1جنوة القسنطيين، يف نظرية الوصف الروائي، دراسة يف احلدود والبىن املرفولوجية والداللية، ط 1

.130ص .70-69: س، صص.رية الفضاء، مشع: حسن جنمي 2، االحتاد العام التونسي 1980فوزية الصفاد، أزمة األجيال العربية املعاصرة، دراسة يف رواية موسم اهلجرة إىل الشمال، دط، 3

.57للحفل، تونس، ص

Page 291: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

291

ه أن رتىف، ) الرؤية ( هذا الفضاءعن ) J. kristeva ( جوليا كريستيفاحتدثت الباحثة و

لكاتب اليت �يمن على جمموع اخلطاب، حبيث يكون انظر وجهة مراقب بواسطة وهو فضاء شامل،

يوجد الكاتب، وتتمثل حيث حوهلا،ع وكل اخلطوط تتجم ،الكاتب بكامله ملتفا حول نقطة واحدة

املشهد الذين تنسج امللفوظات بواسطتهم ) les actants ( يف األبطال الفاعلني هذه اخلطوط

فالراوي هو ،1فهي ترى أن فضاء الرواية هو فضاء الرؤية، ) la representation( الروائي

حتصر هذا املفهوم عند جمال رؤية الكاتب وال فهي .القادر على توزيع األدوار على الشخصيات

ليتش تتخطاها إىل خمتلف أنساق بنية الرواية، يف حني يعرض عبد الرمحن الكردي رؤية كل من

اخليايل املكون وشورت لزاوية الرؤية اليت ينظران إليها من جانبني؛ جانب يتعلق بطريقة إدراك العامل

) fictiion point of vieu( يطلق على هذا اجلانب زاوية الرؤية اخلياليةملوضوع القصة و

ويطلقان على هذا اجلانب وجانب آخر يتعلق بالطريقة الكالمية اليت يعرض �ا الراوي عامله اخليايل،

.the discoursal point of vieu (2( زاوية الرؤية اخلطابية أو القولية

حىت األحداث، عرض امتالك و قدرة الروائي على يف كمنظور أو كرؤية الروائيالفضاء ويتجلى

ر ــــنظة ـــــالل زاويــــــاملة من خـــــــفيها الرواية بنية متك وتبد حيث ،ةــاته حبريـــــك شخصيــــن من حتريـــــيتمك

تشبهها بالواجهة كريستيفاهذا ما جعل ، فيحدث االنسجام واالتساق، و ألي شخصية رؤية وأ

تدخله ضمن مفاهيم الفضاء النصي اوي لتقدمي عروضه إىل امللتقني، وهي املسرحية اليت يعتمدها الر

الشكل وفق، 3ثة عناصر الكاتب، املمثل، املتلقييشارك يف خلقه ثال ،الذي ينتظم كفضاء مشهدي

4 :اآليت

1 J.kristeva , Le Texte du roman - Approche sémiologique d’une structure

discursive transformationnelle, La Haye, Mouton, Paris, 1970, p 186 . 51، دار النشر للجامعات، القاهرة، مصر، ص 1996، 2عبد الرمحان الكردي، الراوي والنص القصصي، ط: ينظر 2

3 Julia kristeva, Le texte du roman - Approche sémiologique d’une structure

discursive transformationnelle, p64.

lbid, p 185 4

Page 292: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

292

مجيع املشاركني كفعالني حقيقيني ينطلقون من نقطة التقاء هذه اخلطاطة نالحظ من خالل

أن ) auteur( الوسيط الذي يستطيع الكاتب هو ) acteur( كون املمثليحبيث ،واحدة

، وحيدث العكس، حيث يستطيع املتلقي أن ) Destinataire( ينقل به رسالته إىل امللتقي

الذي يرتجم خمتلف الرؤيات اليت حتيط ببناء الرواية اجتماعيا، ،من خالل املمثليتعرف على الرسالة

. متكامالا يويؤ وجيا، لتسع فضاء ر إيدولو سياسيا، ثقافيا

:موقع الروائي إزاء أحداث الروايةـ 1

أن حنكم على من خالهلا من املنابع املهمة واألساسية اليت نستطيع أ�ا أحداث الرواية عد نا ميكن

ميكن أن تستوعبه كل األنساق اليت روائيوهندسة لفضاء ،قدرة ومهارة الروائي يف وضع إيقاع خاص

وصل بني القارئ وشخصيات الرواية مهزة ميثلأنه فهناك من ينظر إىل الراوي .يتجسد من خالهلا

الروائي عندما يقص ال يتكلم و "عينه على حتديد الداللة، قارئ وي لب الجي إذ ،شوقامللغوي ال هبأسلوب

ختييلي أيضا، بصوته، ولكنه يفوض راويا ختييليا يأخذ على عاتقه عملية القص، ويتوجه إىل مستمع

األحداث والشخصيات ، فهو خالق العامل التخييلي، وهو الذي اختار1" يقابله يف هذا العامل

.النهاياتوالبدايات و

. 183سيزا قاسم، بناء الرواية، ص 1

acteur املمثل

auteur الكاتب

Destinataireياملتلق

Page 293: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

293

يرون إال ما الروائي، فال اء و أن الراوي هو من حيول بني القر ( j.Byoune ) يونجون بيرى و

يعلموه، أما الشخصيات فتقوم بفعل األحداث دون أن تعلم ، وال يعلمون إال ما يريدهم أن يريهم هو

فهو القوة اخلارقة الروائيأما ،عيو�ا فقط ا ال ترى إال ما تقع عليهأل� ،صائر ا�هولة اليت تنتظرهاامل

للروائيني والكتاب بني مستويات خمتلفة ميز النقاد واملفكرون وقد .1اليت تكشف أمامها احلجب

بواسطة تركيبها واعلى اجلمع بني كل القصص املروية ليعيد ونيعملحيث ،إزاء أحداث الرواية مهملوقع

يتحدث بشكل غري يتدخل الكاتب مباشرة، بل هنا ال " و ،شكل فين معني يف ليب فنية خاصة أسا

.2" شخصي بضمري الغائب

الفضاء مراقب بواسطة وجهة النظر أن فرتى ،) julia kristive( جوليا كريستيفا أما

واليت �يمن على جمموع اخلطاب حبيث يكون يؤلف متجمعا يف نقطة أو الروائي، الوحيدة للكاتب

، فالعامل الروائي مبا فيه من أبطال وأشياء يبدو الرواية بالواجهة املسرحية" يفا كريست" واحدة وتشبه

خط مرسوم، وهذا يشبه ما يسمى برواية رؤية الراوي مشدودا إىل حمركات خفيفة يديرها الكاتب وفق

من خالل العالقات الزمكانية إال تحقق ال ت حييل إىل منظومة املنظور، واليت، مما 3أو املتطور الروائي

، مما يشري إىل واحلدث املوصوف الكاتب الواصف للحدثالقائمة على اللغة أو التعبري اخلطي، بني

.أبعاد متعددة

:والفضاء الروائيـ الرؤيـــــــة السردية 2

للرؤية السردية دور كبري يف تشكيل الفضاء الروائي، حيث تظهر كعنصر بنائي ضروري لذلك من

خالل ثالث عالقات استلزامية مرتابطة فيما بينها، من خالل القدرة على رؤية املكان باختاذ املوقع

راوي قادرا على رؤية يصبح الفىل اليت تتاح فيها إمكانية ذلك، الذي يسمح بالرؤية منذ اللحظة األو

. 88س، ص .د عزام شعرية اخلطاب السردي، محمم : ينظر 1 . 16س، ص .عبداهللا رضوان، البىن السردية، م 2 . 74 - 73: ، صصشعرية اخلطاب السرديحممد عزام، 3

Page 294: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

294

ويدركها وعيه قبل أن حيث هو صورة تنعكس يف ذهن الراويمتلكه من املكان والتعرف عليه و

العمودية، أو التدرج يف األفقية و ،الرؤية االشتمالية: يعرضها علينا يف خطابه، وفق زوايا نظر متعددة

لتساؤل ، فيدفعنا لال يتشكل إال عرب رؤية ما ، فهوومن الظالم إىل النور ،إىل الكل الرؤية من اجلزء

هل يتم بتحديد وإعداد :عن الدوافع اليت حتكم اختيار الروائي لتقنيات السرد يف عمله الروائي

أم هو وليد الصدفة ؟ ــــ بحيث يوفر للنص مقصدية معينةــــ مسبق ــــ يقودنا ونات الرواية لطابعها الشخصي ـالرؤية السردية ــــ واليت تعد من أكثر مكواحلديث عن

للحديث عن رؤية الفضاء الروائي، وباألخص الرؤية املشهدية اليت تغزو عرض أحداث الفضاء

الرؤية ، وإمنا نقصدبريسي لوبوك بالرؤية البانوراميةليس كما هي أمام أعيننا، أو كما يقابلها ،الروائي

وقد أبرزنا ذلك عند حتليلنا لألمكنة املغلقة واألمكنة املفتوحة، وهناك ،الوظيفة الدالليةاليت تؤدي

أيضا الرؤية اهلندسية، ونقصد �ا الوصف ا�رد ألجزاء املكان الذي مير عرب قناة الوعي الذايت للراوي،

ينسكي بوجهة النظر اخلارجية، غري أن هذه وهذه الرؤية األخرية شبيهة يف اشتغاهلا مبا أمساه أوسب

ومل ترتك له سوى قيمته الوصفية احملدودة، ومنثل ،الرؤية أفرغت الفضاء الروائي من فكرته األساسية

لذلك بنماذج اإلقامة اإلجبارية، وبصورة أخص الفضاء السجين، حيث جرى احلديث يف وصف هذا

. 1قهالفضاء بالرتكيز على وصف حمدوديته و انغال عملأن هذا ال فيدل علىفيها، املكثف واملنظم لألسلوب املشهدي الدرامي ستعمالاال أما

حيث اتضحت معامل براعة الروائي جلية يف جتسيد ومسرحة املشاعر ،الروائي كان عمال مفكرا فيه

ل عرضه من خال االستباقات اليت يستشهد �ا الكاتبف .ال من عرضها بطريقة حكائية عاديةبد

يدخل ضمن ما تؤشر عليه الوظيفة السردية اليت ينهض �ا االستباق الزمين ،لألحداث وحماولة تثبيتها

لتقبلها كما إعداد القارئو الوقائع ضمنيا و يف الرواية كمفارقة زمنية للتمهيد ملا يستقبل من األحداث

.101 - 100: س، صص.الشخصية، م ـــالزمن ــــ الفضاء ــ حسن حبراوي، بنية الشكل الروائي: ينظر 1

Page 295: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

295

الكاتب ريف الزمين الذي يعمد إليهوال مناص منه، وهذا يدخل ضمن التح ،لو كانت أمرا ثابتا

حتفيزه على املسامهة يف بناء السرد وإنتاج املتعة الروائية، إذ تساهم هذه و ،لتحقيق مشاركة القارئ

املران وتراكم عاداته القرائية أن يتعرف على ما يلجأ إليه ة بالنسبة للقارئ نتيجة الدربة و الرؤية السردي

أما االستباقات كمفارقة زمنية لإلعالن صراحة .1دية لتضليل القارئالكاتب من متويه يف خطته السر

قد يساهم بوظيفة ،عامل الشخصيات ووظائفها يف السردعما سيحدث من أحداث وحتوالت يف

وقد يستعمل ،أساسية يف تنظيم السرد، مما جينب القارئ من من الوقوع يف االلتباس وسوء الفهم

لة االنتظار يقصده لذلك خللق حا ،قة الصلة مبوضوع االستباق الزمينالكاتب مقاطع سردية وثي

.املطلوبة لدى القارئ

ا احلديث عن رؤية الفضاء الروائي من زاوية النظر اليت يتخذها الراوي عند مباشرته له، فإ� و

يعرضها يه قبل أنويدركها وع حيث هو صورة تنعكس يف ذهن الراويستقودنا حنو معرفة الفضاء من

يبقى الفضاء الروائي إما صورة يريد أن يوصلها الراوي أو الروائي إىل املتلقي ف .علينا يف خطابه

املكان يف الرواية أو العمل السردي بصفة عامة على الورق خيتلف دائما :أو فكرة يريد إخراجها، مثال

.2عن املكان الواقعي

ايف أو املادي من األول يتمثل يف هندسة الفضاء اجلغر : الفضاء يف الرواية املعاصرة حمورين تخذ ي و

أما .مكانه وزمانه والشخصيات اليت أحدثته، فيتخذ أبعادا حسية أو جتريدية: خالل وصف احلدث

للروائي من خالل رؤية خاصة سواء بالنسبة ،أو األحداث يف اخلطاب الروائي ه األشياءالثاين فتتخذ

إن املكان ليس : " يدرك الفضاء الروائي ويشكله كما يقول أحد النقادفأو بالنسبة للقارئ أو املتلقي،

، حيث إنه ميكن للقارئ ــــ عن طريق عملية إسقاطية 3"موجودا خارجنا أكثر مما هو موجود بداخلنا

ـــ أن يعيد تشكيل هندسة ثانية للفضاء لعنصري املكان والزمان املتماهيني يف أحضان اللغة السردية ـ

136: س، ص.الشخصية، م ـــالزمن ــــ الفضاء ــ حسن حبراوي، بنية الشكل الروائي: ينظر 1 .177ردن، ص ، فضاءات للنشر والتوزيع، األ2008، 1جهاد هديب، حوارات يف قضايا الشعر والسرد، ط 2 .16، دار حممد علي، تونس، ص 2003، 1الصورة والداللة ، ط ــعبد الصمد زايد، املكان يف الرواية العربية ـ 3

Page 296: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

296

إمنا هو رؤية ،عنصري الزمن واملكان يف الرواية أما عن التماهي بني .الروائي وفق رؤية خاصة يتبناها

أو ما يسمى والشخصيات، الزمان رف القارئ هلندسة ثانية للمكان و خاصة إعادة تشكيل من ط

الفضاءمن الواقع املادي امللموس إىل عن طريق اللغة أو الرتكيب اخلطي حيث ينتقل .الفضاء الروائي

وما الراوي "، الفضاء الروائيروائي التخييلية على صنع الفين أو اجلمايل بواسطة قدرة الكاتب أو ال

.1"سوى أداة إخراجها ومولدها

متخيلة، وقد اختذت أبعادا أفضية، فإننا نعدها هنا... اآلن يف رواية األفضيةومهما تعددت

وال جيوز أن نتعامل مع مطلق الزمان، ومطلق املكان، " ودالالت جديدة يف هذا العمل الروائي،

والقارئ هو الذي .2"مكان زمان ومكا�ا أي حبيث تذوب خصوصية البيئة، ويصبح زمن الرواية أي

الزمان األبعاد، حيث ميكنه جتاوز املكان و يف بنية الرواية لتحديد يصنع الفضاء الذي تراءى له

.الذين يصنعهما الروائي لتحديد احلدود املادية) املاديني (الفيزيائيني

لغة اليت من خالل ال ،فالفضاء الروائي يتشكل من وجهات نظر متعددة، وعرب عدة مستويات

وأفعال الشخصيات، حيث تشارك كل هذه العناصر يف صناعة الفضاء الروائي تعرب عن املكان والزمن

وال توحي بصوت ،بل يف اإلمجاع ،والكلمة الروائية ال ختصب يف االنفراد، 3وتعرب عن كيفية تنظيمه

.4واحد بل بالتعدد

إىل اختالف أوال" أما االختالفات الواردة يف الكشف عن حدود وأبعاد الفضاء الروائي، فمردها

، وثانيا بسبب التنوع الذي يعود أصله إىل االختالف النفسي وطبيعة النشاط املتطلبات اجلمالية

نتاج ما يسمى يعمل العنصر التخييلي على اف .5"العلمي ومنط احلياة ومستويات التلقي واإلدراك

. 14س، ص .ور، حبوث يف الرواية اجلديدة، مميشال بيت 1 .358، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، ص 1996، 1السعافني، حتوالت السرد ــ دراسات يف الرواية العربية، ط إبراهيم 2 .99، الشركة املصرية للنشر، القاهرة، ص 2003، 1طه وادي، الرواية السياسية، ط: ينظر 3 .128ريا، ص ، سو 2000، 2نبيل سليمان، فتنة السرد، دار احلوار للنشر والتوزيع، ط 4 .164، منشورات جامعة منتوري، قسنطينة، اجلزائر، ص 2000، 1إدريس بوديبة، الرؤية والبنية يف روايات الطاهر وطار، ط 5

Page 297: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

297

باملكان الفين، هذا األخري الذي خيضع ملعادلة جتمع بني املكان اهلندسي ورؤية الفنان على النحو

، وبذلك يأيت النص الروائي 1رؤية الفنان ومعالجته له+ المكان الهندسي = المكان الفني :اآليت

.2"اط الوعي اجلديد متموقعا من الذات والواقع والتاريخ عرب نقده ملختلف أمن

كان يف يف سياق حديثه عن أمهية امل ) Rolan Bourneuf( روالن بورنوف وقد أكد

بإمكان عنصر املكان أن يصبح حمددا أساسيا للمادة احلكائية، أي أنه يتحول يف البنية السردية، أنه

النهاية إىل مكون روائي جوهري حيدث قطيعة مع مفهومه كديكور، يتحول ليصري عنصرا متحكما يف

.3الوظيفة احلكائية والرمزية للسرد، وذلك بفضل بنيته اخلاصة والعالئق املرتتبة عنها

متران هنريو�ذا عد املكان مسرح األحداث يف األعمال اإلبداعية، وقد أكد هذا

)H.Mitterand (داخل السرد ال خيضع حلظة اتفاقيةإن اختيار وتوزيع األمكنة " :حني قال ،

، إال أن العناية 4"فالراوي ال يلجأ إىل الصدفة كي يشيد فضاءه كما أنه ال خيضع للحظة وثائقية

باملكان، يف أن نبحث يف متفصل املادة املكانية للسرد أو يف متظهرا�ا السطحية يف توايل الوصف

الطوبوغرايف للمكان، وانتقاالت الشخصيات داخل ا�ال احملدد ال تكفي، بل جيب حماولة الكشف

اليت حتدد وتؤثر يف الرؤية السردية هي ف .5عن العالقات البنيوية العميقة اليت توجه النص وترسم مساره

يف درجة حضور املكان، وتشكله وفق توايل األحداث وتعاقبها، وحىت يتجاوز املبدعون رتابة عملية

الوصف الكالسيكي، وتفادي املبالغة يف وصف التفاصيل استعانوا أيضا باملمثلني والقراء أنفسهم، إال

، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، 2002، 1التعبري ـ التأويل ـ النقد، ط: عبد مسلم، عبقرية الصورة واملكانطاهر : ينظر 1

. 29األردن، ص . 153، املركز الثقايف العريب، الدار البيضاء، املغرب، ص 2006، 3النص الروائي ـــ النص والسياق، ط انفتاح، سعيد يقطني 2، منشورات املؤسسة 2002ط، .د ـــ دراسة يف بنية الشكل، تقنيات البنية السردية يف الرواية املغاربيةإبراهيم عباس، : ينظر 3

.4، صواإلشهار، اجلزائر والنشر لالتصالالوطنية

.35س، ص.ــ دراسة يف بنية الشكل، م إبراهيم عباس، تقنيات البنية السردية يف الرواية املغاربية 4 .36، صاملرجع نفسه 5

Page 298: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

298

ه وتطور ا�تمع وتعقده وتغري طبيعة أن تداخل التقاء األمكنة وصعوبة الكشف عن هوية البطل ذات

وجهات نظر املبدعني قد يولد ردود أفعال كثرية لتلقي النص، مما يؤدي إىل اختالف اإلحساس به،

.واملتلقني جتاه الفضاء الروائي

، مما يساهم يف خلق أبعاد جديدة اللغة السرديةأن نتصور الفضاء الروائي من خالل وميكن

فالفضاء .الفضاء االجتماعي، الفضاء السياسي، الفضاء االقتصادي والذايت: خمتلفة منها متعددة و

ال يتحدد نوعه من خالل كيانه املادي والوظيفة الفعلية املأداة فيه، بل من خالل اإلحساس واالنطباع

انطباعية تنشأ ميكن أيضا حتديد مدلول الفضاء الروائي وفق أطر كما .1احلاصل لنا عنه أيضا

للفضاء الذي تنتجه البىن النصية وطبيعة " حسب نوع الرؤية واإلسقاط املوجه من القارئ يف قراءته

مل يعرض لنا هندسة السجن ، هنا...اآلنيف رواية الروائي: فمثال .2"االستجابة من جانبنا كقارئ

شكال وصفة ولونا، وإمنا تبلورت لنا من خالل الدالالت اليت نسبت إىل فضائه، أنه مغلق من خالل

النوع من األفضية هذامفاهيم وقيم تغري إمكانيةحول مع التساؤل ،هنا...اآلنالرتكيبة اللغوية لرواية

عامل السجن عامل آخر تنقلب فيه سجنه، حيث إن تمثلها السجني قبلإىل مفاهيم وقيم جديدة مل ي

.واملفاهيم القيم

إن املتأمل يف فضاء السجن جيد أنه يتميز كونه ذا أبعاد ومقاسات متيز انغالقه وحمدوديته، إضافة

فهو رمز احلجز واملصادرة اليت تنفي عنه كليا صفة االنفتاح، وهو ،نه يتميز بقيم اإللزام والعجزإىل أ

وهو كفضاء روائي معد إلقامة الشخصيات اإلجبارية ينهض ،مفارق لعامل احلرية خارج األسوارعامل

بوظيفة داللية خالل فرتة معلومة غري اختيارية، حيث خيضع نزالئه إىل قانونه اخلاص يف شروط عقابية

شكل نقطة انتقال من اخلارج إىل الداخل، أما انتقال النزيل فيتضمن حتوال يف القيم صارمة، وهو ي

والعادات وإثقال لكاهله بااللتزامات واحملظورات، وسلسلة من اإلجراءات اإلذاللية، فما إن تطأ

.18...16: صص ـــ دراسة يف بنية الشكل، عبد الصمد زايد، املكان يف الرواية العربية: ينظر 1 . 83س، ص .الفضاء، م حسن جنمي، شعرية 2

Page 299: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

299

مغلق، قدمي النزيل عتبة السجن خملفا وراءه عامل احلرية حىت تبدأ سلسلة العذابات، فهو حيز مكاين

فضاء للموت والقهر والذل واخلوف واهلوان والضرب والتجريد من احلقوق، وهو فضاء التعسف

.1والتسلط، وفرض آلراء اآلخر

على أ�ا فضاء ميكننا وصفه من خالل زنزانته اليت تدل ،وإذا أردنا وصف فضاء السجن أكثر

إقامة وثبات إذا ما زج السجني فيها، فهي إقامة جربية ال يد للنزيل يف حتديد مد�ا أو مكا�ا،

لص من حركة احملدودية بأسوارها وأسالكها الكهربائية، مما يقا تتصف بالضيق و يضاف إىل ذلك أ� و

وصفه للزنزانة، مثلما ورد على تنقالت السجني داخلها، مثل ماورد يف سياق تأمالت الروائي يفو

ويصور لنا هذا النص الروائي أيضا ما يعاين منه النزالء من انغالء للفضاء السجين : لسان الراوي

ومدى عجز النزيل على جتاوزه، وبل استحالة اخرتاقه هلذا املكان السجين املغلق، مما يزيد لديهم أكثر

ضافة إىل الشعور بالذل واملهانة والعزلة، مثلما يدل عليه مشاعر اإلخفاق وحجب أفق احلرية عنهم، إ

:امللفوظ اآليت

الزنزانة يف سجن العبيد قرب، صغرية، باردة، فارغة، أقرب إىل الظلمة، تنبعث منها أيضا رائحة "

إىل الرجاء، من املوت، وإذا كان الصمت هنا كسيدا، فإن الصراخ هنا، بكل أشكاله، من البكاء

مر إىل الشتائم، ويف كل وقت، ويف الليل والنهار، هو امللك، وحني ال يكفي صراخ البشر، فإن األوا

.2"لة من الرهبة تشبه حلظة االحتظارأبواب الزنزانات وهي تفتح أو حني تغلق، تضفي على اجلو حا فالصورة الطوبوغرافية للمكان ختربنا عن مظهره اخلارجي، مما يفسح ا�ال للكشف عن الداللة

إال أنه يفرض على نزالئه الصرامة واجلدية ،وما داللة حمدودية فضاء السجن .املكانية اليت يقوم عليها

ان حمدد و ثابت معد يف العقوبة، مما جيعله فضاء معاديا أو ملزما يقضي بوجود شخصية ما يف مك

لإلقامة اجلربية، ويثقلها بالواجبات واحملظورات واإلكراه البدين والنفسي والعزل عن املمارسات

. 37س، ص .صاحل ابراهيم، الفضاء ولغة السرد يف روايات عبد الرمحن منيف، م: ينظر 1 . 229الرواية، ص 2

Page 300: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

300

االجتماعية، مما يولد لدى السجني شعورا مدمرا بالعجز واإلقصاء واإلحباط النفسي وإشاعة مناخ

لطبيعي أناء الليل وأطراف النهار، مما يؤكد تراجيدي يعرب عن بؤرة للكثافة والعتامة وفقدان الفضاء ا

.الدور احلاسم للحجز واإللزام يف تشكيل بنية مكان السجن

فاملتأمل فيما حتمله هذه امللفوظات يف وصف املكان السجين والتعليق عليه، وكذا التأويل الذي

التصوير الطوبوغرايف ا�رد هلذا يستند إليه عرب السياق، خيلصنا إىل استبطان الداللة املختفية وراء

أو املنفى، الغربةهو املكان اهلندسي املعرب عن املكان املعادي"معاديا، ألن ، مما جيعله مكانا1الفضاء

ويتخذ هذا املكان صفة ا�تمع األبوي �رمية السلطة يف داخله وعنفه املوجه لكل من خيالف

ابع قدري، وقد أراد هلسا من دراسته أن يضيف إىل التعليمات وتعسفه الذي يبدو وكأنه ذو ط

.2املكان املعادي، املكان اهلندسي املعرب عن اهلزمية واليأس وحيضر السجن يف الرواية مرتبطا بالذكرى، ولذلك نتوقف عند وصف خارجي للمشاعر دون

: مثلما ورد على لسان عادل اخلالديالدخول يف عوامله النفسية والداللية،

روي قصص السجن، فهي كثرية وموجعة، ؟ ال أريد أن أسليكم بأن أ وماذا أقول لكم أيضا"

، ال ، وأنتم تعرفون أن السجن كجهنموستبقى تتوالد وترتاتب ما دام السجن موجودا، وما دام اجلالد

د ذلك يشبع، واجلالد ال يعرف التعب، إىل أن ينتهي، إىل أن يصبح هو ذاته ضحية، مث يصبح بع

إن قليب اآلن متعب ومملوء باجلروح، فبعد ذلك اليوم التموزي، مث ما تاله من أيام قاسية ...قصة تروى

مثله، أو أقسى منه، ال أعرف ماذا حصل يل، أصبحت شديد احلزن، متشائما، وأخذت الوساوس

ناس إىل جالدين واهلموم تالحقين، كما أصبحت سؤاال دائما، ملاذا وكيف حتول الناس، معظم ال

وإذا ذكرت لكم ما حصل بالنسبة حلامد زيدان ورضوان ورامز ، بعد أن ...وضحايا يف آن واحد

. 61س، ص .ن حبراوي، بنية الشكل الروائي، محس: ينظر 1س، .ن للدراسات والبحوث العلمية ، معبداهللا أبو هيف، مجاليات املكان يف النقد األديب العريب املعاصرجملة جامعة تشري: ينظر 2

. 126ص

Page 301: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

301

غادرنا سجن القليعة، فهل هذا سيزيدكم اقتناعا بصحة هذا املوقف أو ذاك، وبضرورة التعاطف مع

. 1... "هذه الضحية أو تلك ؟

احتوى هذا املقطع السردي مسات وعالمات دلت على االنغالق، من خالل األلفاظ الدالة فقد

معد إلقامة الشخصيات اإلجبارية، حيث ينهض بوظيفة داللية خالل فرتة معلومة غري على أنه فضاء

قيم شروط عقابية صارمة، أما انتقال النزيل فيتضمن حتوال يف ال خيضع فيها النزيل إىلاختيارية،

فما إن تطأ ،، وسلسلة من اإلجراءات اإلذالليةإثقال لكاهله بااللتزامات واحملظوراتوالعادات و

قدمي النزيل عتبة السجن خملفا وراءه عامل احلرية حىت تبدأ سلسلة العذابات، فيتبدى أوال من حيث

ق ، وهو فضاء التعسف قو هو حيز مكاين مغلق، فضاء للموت والقهر والذل واهلوان والتجريد من احل

، حيث عقب دخول النزيل إىل السجن جيري جتريده من ممتلكاته 2، وفرض آلراء اآلخروالتسلط

اخلاصة، وجيرد من هويته اخلاصة عن طريق انتزاع امسه الشخصي واستبداله برقم عددي جيعله يف عداد

ة للنزيل واالنتقال به إىل درك من ا يؤدي إىل إفناء اهلوية الذاتيمم ،النكرات اليت يأهل �ا السجن

الدونية والتشيء، وبالتايل جتريده من خصوصيته اليت متيزه عن اآلخرين، حبيث يفقد كل عناصر

مل االختالف والتفرد، ويتحول إىل جمرد نسخة مكررة تندمج ضمن مكونات الفضاء املغلق لعا

اجلربية ،وهو شديد االنغالق ، جدرانه ، باعتباره مكانا لإلقامةالسجن، ولعل أبرز رموز السجن

واألبواب احلديدية اليت حتجب العامل الرحب واحلد الفاصل بني الداخل و اخلارج، بني احلرية والعزلة،

بة عامل الشمس واهلواء وعامل الظلمة والرطو : هي تدل يف النص على االختالف بني عاملني حمايثنيو

.واإلنفراد يف املخادع والسجون

حاول أن ينفي من خالهلا ،يرسم للسجن هندسة ذات دالالت خاصة الروائي حاول أنإال أن

القيد على النزالء ومينحهم حرية ال حد هلا، ويدل أيضا على اختــــــــــــــالل املواقف واملفاهيم املصاحبة

. 502ـ 501: الرواية، صص 1 . 37س، ص.روايات عبد الرمحن منيف، م صاحل ابراهيم، الفضاء ولغة السرد يف 2

Page 302: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

302

طابق بني مكان السجن لوظائف الشخصيات، وهي تؤدي احلدث، مما يعمق أكثر فكرة انعدام الت

وبالتايل .ودالالته يف الرواية، فيقودنا إىل القول بوجود احلرية داخل اإلنسان وليس خارجه أو يف حميطه

فالروائي من خالل هندسته هلذه البنية املعمارية، حاول أن ينقل لنا فلسفة خاصة لألشياء واملفاهيم،

" ري منه استطاع أن ينقل لنا بناء خاصا لفضاء السجن، فهو ينظر إليها نظرة املتأمل احملقق، فبوعي كب

إنه وعي بأمهية التنظيم اخلاص، ذلك الذي يتحدث عنه باختني، حيث يتحد اإلحساس بالوعي

.1"ويكون من املفيد عقد موازنات بني اهلندسة املعمارية والرسم وميكن حتول داللة مكان السجن من فضاء االنغالق والتعذيب واإلمالءات، كما هو متداول يف

مما يؤدي إىل ،االستعمال اللغوي السائد ـ إىل فضاء لالتصال واالحتكاك واستكمال التجربة النضالية

فه مصدرا ، بوصدورا جديدايؤدي و�ذا يصبح السجن .لتواشج بني النزيل ومكان إقامتها التآلف

حتفيزهم على ة لتخريج املناضليني السياسيني و لتعبئة الشخصيات باخلربة والوعي الوطين ومدرس

:هذا ما متثله امللفوظات اآلتيةو ،التنظيم والعمل والنضال فيهم التصحيح بزرع إرادة

السياسة اهللا،املرأة، : ال أدري عما كانت تدور مناقشاتكم، لكين أجزم أ�ا حول واحد من ثالثة "

السياسة، : ، ألن لديكم قناعة أن الطريق اآلخر هو الذي يوصل إىل التقدم، فيبقى األمر األخري...

فإذا كنتم تتحدثون يف السياسة، فالشيء األساسي الذي كان ينقصكم، حلسم األمور والوصول إىل

الحقة، حاولت أن أفسر ـــ نتائج، هو السالح، وهذا ما جيب أن حترصوا على توفريه يف مناقشات

تربيرا أكثر مما هو تفسري ـــ هذه الطريقة يف احلوار، عزو�ا إىل الكبت الطويل الذي وكان كالمي

عشناه، يف الوطن، وكيف كانت الكلمة تؤدي بقائلها إىل السجن إذا مل تعجب السلطة، ولذلك

.2"عما فا�م يلجأ الشباب اآلن إىل االنتقام من هذا املاضي والتعويض

.141س، ص .حسن جنمي، شعرية الفضاء، م 1 . 124الرواية، ص 2

Page 303: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

303

أرى أن نرفع اجللسة اليوم على أن نستأنفها : هكذا قال جنيب بنوع من احلدة الظاهرية، وبعد قليل "

اعرتض ال زلنا قادرين على متابعة االجتماع، ولذلك: يف وقت الحق، قلت يف حماولة الستمرار املرح

ل والتشاور، لعلنا من خالل االتصاالت على اقرتاح جنيب إال إذا اعتربنا الفرتة الالحقة هي للتداو

وبعد قليل وهو ...ة واملوافقة من األغلبيةالثنائية نصل إىل بلورة أفكار واقرتاحات تالقي االستجاب

إذا رفضت التمثيل، إذا اعتذرت، إذا مل أكون الفريق، فما فائدة هذه املناقشات : يضحك وميثل أيضا

. 1"كلها من خالل البعد اجلديد الذي أدته ،يف ظل السياقات الواردة أن نستجلي حتوال يف الداللة ميكنو

املتداول يف ا�تمعات، حيث ق مع التفسري االصطالحي الشائع و امللفوظات السابقة، وهو غري متطاب

السلبية يصبح مكان السجن حيمل قيمتني متناقضتني حمدثتني موضوع ثنائية مفارقة جتمع بني القيمة

والقيمة اإلجيابية املتولدة .املتعارف عليها للسجن بأنه مكان للعزلة والذل واإلمالءات وافتقاد للحرية

بالتايل و ،لدى السجني نفسه بأنه مكان حلرية اللقاء وأنه فضاء لالتصال واالحتكاك بني النزالء

اء السجن بداللة جديدة غري مألوفة، استكمال التجربة النضالية بني النزالء السياسيني، ليمتلئ فض

تنطلق من الضيق حنو االتساع، ومن القيد حنو احلرية، ومن الظلمة والسواد حنو النور والبياض، ومن

، ليصبح مكانا حمتمال، بل مرغوبا فيه ألنه ومن الضجة حنو السكينة واهلدوء الال أمن إىل األمن،

مكانا الئقا لفتح احلوار وتبادل التجربة بني السجناء، ، و شخصياتالتيح االتصال والتواصل بني سي

وللعامل ويؤهلهم أكثر للتفكري بصورة رؤيتهم لألشياءمما سيزيد بالنسبة إليهم من توسيع أفق

باعثا على تغيري القيم والتصورات ء الروائي يف عامل السجن حافزا و ل الفضاشك وهكذا ي . صحيحة

النوع من األفضية حييل إىل مفاهيم وقيم جديدة مل يتمثلها السجني قبل اخلاصة باملكان، ألن هذا

. 536الرواية، ص 1

Page 304: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

304

عامل السجن عامل آخر تنقلب فيه القيم ، وتتغري أوضاع النفس ويستجيب اجلسد " سجنه، حيث إن

.1"النفعاالت جديدة تفرضها عليه أربعة جدران

ملا ميثله من خرق ،واملتعارف عليها يف أصل نشأتهمكان السجن انزاح عن داللته األوىل املألوفة ف

يصادر حرية املقيمني فيه باحلجز والعزلة، ليعانق داللة احمدود ابوصفه فضاء مغلق ،لداللة السجن

ما ال �اية لك العامل املنفتح الذي ميتد إىلمفارقة تنتقل به إىل الطرف الثاين من املعادلة، بوصفه ذ

املطابقة بني خطوط السرد واخلطوط اليت تلتزمها عملية فتح املغلق ليست " فيما وراء األسوار ،إال أن

، أي تسري من أن مجيع السرود تنحو هذا املنحىمطابقة تامة باملعىن امليكانيكي، رغم إمكانية الزعم

أن القواعد املنظمة للمكان قد اختلت، :لقولو�ذا ميكننا ا. 2"املغلق إىل املفتوح أو تفتح املغلق

.3وحدها هي املتحكمة يف داللتهالقرائن اخلارجية لتصبح

، قد احتوى كل األفضية األخرى، فهو مرجع كل أحداث هنا...اآلنيف رواية فضاء السجنف

لريسم ويشكل بقية ،الرواية، وهو البؤرة اليت تنسج منها، حيث جند الروائي ينطلق منه ويعود إليه

املستخلصة من القرائن الطوبوغرافيةو�ذا التصور أو الرسم الذي أحالتنا عليه .األفضية األخرى

ـاء السجن يف قـــــــــــاعدة هرم تراتب الفضـــــــــاءات املغلقة وبامتيـــــــاز عند ـــــــــــــــــــــأن نضع فضرواية ميكننا ال

بالفضاءات املغلقة األخرى كالبيوت واملنازل، وكأنه فضاء خيتزل مجيع القيم الداللية اليت مقارنته

و�ذا ميكننا أن نقول أن الروائي استطاع حبق أن .كان املغلق وتدحض مقولة االنفتاحينهض عليها امل

تقسيمه ملرافق عه و الرتاتبية، وباألخص يف توزي يضفي طابع املعقولية على الفضاء املكاين بفضل مقولة

.ق واالنفتاح على العامل اخلارجيالسجن اليت تتفاوت من حيث االنغال

. 60س، ص .حسن حبراوي، بنية الشكل الروائي، م 1 .159صاملغرب، ، املركز الثقايف العريب، الدار البيضاء، 2003، 1صاحل صالح، سرد اآلخر، ط 2 . 66 - 64س ، صص .ن حبراوي، بنية الشكل الروائي، محس: ينظر 3

Page 305: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

305

وضعيات داخل السرد، وكل وضعية تؤدي دالالت مزدوجة حسب الفضاء الروائي ذيتخقد و

السياق الذي تدرج فيه، ومن هذه الوضعيات نذكر فضاء السجن من خالل إبراز مالحمه

فالصورة الطوبوغرافية للمكان ختربنا .يقوم عليهاوكشف الداللة املكانية اليت ،املميزة لهالطوبوغرافية

عن مظهره اخلارجي، مما يفسح ا�ال للكشف عن داللة فضائه، يف حني حيدث أن يلحق الوصف

لتأمل الطوبوغرايف قصور يف تأدية الداللة بسبب النقص احلاصل يف البناء الداليل للمكان عن طريق ا

والوصف الطوبوغرايف وإبداء املالحظات حول هذا الفضاء الغريب، مما يفسح ا�ال لعمل املخيلة

الذهنية للقارئ لتعويض النقص احلاصل يف البناء الداليل للفضاء، حيث تأيت التأمالت اليت يضيفها

وتشحن بدالالت ،غرافيةرادات لتدعم الصورة الطوبو القارئ ملا يديل به الكاتب أو الروائي من استط

حاجة الوصف إىل التعليق ف .يق املنتج للداللة من طرف القارئإضافية مل تكن متاحة يف غياب التعل

جتاذب تربره احلاجة املستدمية اليت يشعر �ا ملا بينهما من اتصال و ،تظل قائمةيف إنتاج الداللة

، فالتأمل الذهين 1حبسب املواقف والسياقاتبــــالتجاور النصي أو ما يطلق عليه ،أحدمها إزاء اآلخر

الذي حتمله لنا هذه امللفوظات يف وصف املكان السجين والتعليق عليه، وكذا التأويل الذي يستند

. 2إليه عرب السياق، خيلصنا إىل استبطان الداللة املختفية وراء التصوير الطوبوغرايف ا�رد هلذا الفضاء

يــــاء الزمنـــــــالبنمن خالل ، هنا...رواية اآلنأن نقف أمام رؤى جديدة صنعتها أحداث ميكنو

متسلسال يبدأ من نقطة معينة، مث يسري إىل األمام حىت " ا تارخييا ــــ، مشكلة زمناحملكم الذي متيزت به

ومن ، 3"دومنا ارتداد يف الزمان تنتهي القصة، واألحداث تكون مرتبة حبسب الزمان، حدث بعد آخر

بداية األول متثل يف : نيـــــبحدث، وربطها " نــــــــــــــحي" اح الروائي نصه بلفظة ــــــذلك نالحظ استفت

: هذا ما يدل عليه املثال اآليتو ، عادلإطالق صراح ، أما الثاين فتمثل يف االحتضار للموت

. 60س، ص .حسن حبراوي، بنية الشكل الروائي، م: ينظر 1 .61املرجع نفسه، ص : ينظر 2، دار جمدالوي للنشر والتوزيع، عمان، 2006، 1صبيحة عودة زعرب، غسان كنفاين، مجاليات السرد يف اخلطاب الروائي، ط 3

.64ص

Page 306: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

306

، رغم أ�م مل يكفوا مل يكونوا راغيسن أن أموت عندهم !سراحيأطلقوا ...بدا مويت وشيكا حين"

اآلن، وقد !عن التأكيدخاصة خالل الفرتة األوىل من اإلعتقال، إين لن أخرج من هنا إال إىل اتالقرب

، وبعد األدوية تناول برفض ريالعنيد الباردحتقق هلم امتال مويت، من خالل تقارير األطباء، ومن إصرا

سيعلن إذا مل تستجب ،إىل اإلضراب العام عن الطعام، وقد تسربت معلومات أن اإلضراب الدعوة

.1" !، وهكذا أصبحت حرا وعن اثنني آخرينأفرجوا عين ... السلطات وتنقل املرضى للعالج

البداية احلقيقية عن أما ، من احلقيقي لبداية أحداث الروايةخرا عن الز أمت يالتارخي الزمن يبدو

لنص الروائي، فيمكننا أن نرتب الزمن الروائي وفق التاريخ وواقع األحداث، فنحدده بعد ترحيل ل

ران، و أكتب هذه األوراق بعد أن رحلت من م: " ان، من خالل املقطع السردي اآليتعادل من مور

أقل حقدا، أنين أقل انفعاال، ورمباللسجن، ومعىن ذلك وبعد انقضاء فرتة طويلة نسبيا، على مغادريت

.2"إبعادي عن موران نمنذ حلظة القبض علي، وع أن أرسم صورة ملا حصل وأحاول قدرما أستطيع

إىل غاية اعتقاله مث طالع العريفيإال أن التاريخ الذي يسبق هذا احلدث هو تاريخ القبض على

.وفاته فقد استطاع الروائي أن يقدم عرضا دقيقا ألحداث الرواية، حيث التزم بنوع احلدث املقدم ومقام

الشخصيات داخل هذا البناء الروائي بأسلوب شيق، منطلقا من واقع اجتماعي وسياسي واقتصادي

الرواية، ومنه تزامن مع هذا التاريخ، لتمكني القارئ من إدراك العالقات املتوارية بني مكونات وأنساق

الواقع الروائي هو ذلك العامل الذي يبنيه الكاتب يف نص روائي، إنه ذلك املتخيل بفضائه " يتضح أن

إذ يولد فضاء روائيا يضيق ويتسع مع حتركات الشخصيات والزمن واملكان الذي ،3"وبشره وعالقاته

.تتحرك فيه

.11الرواية، ص 1 .163الرواية ، ص 2 . 217س، ص .نبيل سليمان، فتنة السرد، م 3

Page 307: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

307

يلية الكتشاف واستنكاه مقصدية هذا العمل الروائي وما ميكننا كقارئ أن أن نبدي رؤيتنا التخيو

عملية التأليف أو الصياغة ال تكتمل يف النص وحده، بل لدى القارئ، وهلذا " ن إيوحي إليه، حيث

، فهناك فضاء يستدعيه التخييل املنبعث 1"الشرط جتعل من إعادة صياغة احلياة يف السرد أمرا ممكنا

ي جتربة املكان عرب لغة حيكمها اخليال، فتنتفي فيها خصائص املكان عن الوعي باملكان، فتلتق

احلقيقي، إذ يشرتط باشالر هلذا املتخيل املكاين أن يكون القارئ غارقا يف التأمل، حيث تنعدم

ة إال أن عملي .2املسافة بني املتخيل واملكان املتخيل، فيشعر املتخيل أنه ينفتح للعامل والعامل ينفتح له

تكون بوعي أثناء إعادة بنائه من ، أو أنبد أن تكون بوعي للمكان املتخيلاالستغراق يف التخييل ال

الكثري من من خالل ،هنا... رواية اآلن ى يف خالل البناء اللغوي للفضاء الروائي، وهذا ما يتجل

وهي ترسم بوضوح فضاء متخيال متت صناعته بوعي إنساين وضبطته اللغة . املقاطع السردية فيها

املستعملة، فتحول إىل فضاء مكاين تتملكه القوى النفسية اخلارقة للقارئ واللغة املستعملة أو األلفاظ

املتعاقبة يف النص، هذا ما يدفعنا لإلشارة إىل ظاهرة الالوعي اليت تنتاب حاالت الوعي من خالل

قولة الفرويدية، أن الالوعي ليس فقط اجلزء األكثر عمقا لألنا، لكنه أيضا اجلزء األكثر ارتفاعا، امل

والالوعي ليس فقط مسة للمكبوتات ولكنه أيضا مسة لسريورات جد معقدة، وحنن نستبطن بواسطتها

ء طبيعي يتشكل عن وعي فضا، واليت متهد لظهور 3األوامر والضوابط اليت تأيت من العبارة االجتماعية

.إنساين

هذه التداعيات استطاعت أن ختتزل لنا صورة الفضاء الروائي املتماهي يف أنساق ومكونات الرواية ف

من زمن ومكان وأحداث وشخصيات، ليشكل لدينا ما يسمى بالذاكرة املخيلة أو الفضاء التخييلي،

هنا ؟... التخييلي في رواية اآلن فماهي البنيات التي سيتمثلها بناء الفضاء

، املركز الثقايف العريب،الدار 1999، 1سعيد الغامني، ط: ، تر وتق)لسفة بول ريكور ف( بول ريكور، الوجود والزمان والسرد 1

.46، ص )لبنان ( بريوت ) املغرب ( البيضاء .244س، ص.عبد الصمد زايد، بالغة املكان، م: ينظر 2ريب، الدار البيضاء، املغرب، ، املركز الثقايف الع2004، 1منذر عياشي، العالماتية وعلم النص ــــ نصوص مرتمجة، ط: ينظر 3

.65ص

Page 308: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

308

كل رواية عن أخرى ميكنه أن حيتوي واقعا ما، هذا الواقع الذي الذي تتميز به البناء اللغويإن

د متخيل من ذلك ينتج فضاء ما، والذي ميكننا من خالله أن خنلق واقعا جديدا منتجا لفضاء جدي

إال من خالل القرائن اللغوية أو الرتكيبة اخلطية اليت حتتدم ، وهذا ال ميكن أن يتأتى الفضاء الواقعي

داخل بنية النص الروائي، إال أنه يصعب تأكيد املرجعية احلقيقية للفضاءات التخييلية أو حتديدها،

وجند من خالل الكثري من املقاطع .1سواء من حيث االسم الذي تتميز به أو الصفة اليت تنعت �ا

السردية يف الرواية أنه رغم وجود قرائن لغوية دالة على أمكنة وأزمنة معينة، إال أن الفضاء التخييلي

ينقلنا إىل تصور أمكنة أخرى وأزمنة أخرى توحي بأبعاد خمتلفة ثقافية ودينية وسياسية، هذه األبعاد

طاته من وصف وحوارات بني الشخصيات امتدادا لوعي جديد ميكن أن تتمظهر يف ثنايا السرد وحم

. بالتاريخ املتخيل

، وهي متهد ها حاالت الالوعي يف صورة أحالمويرتبط الفضاء الروائي مبخيلة القارئ اليت تتخذ

املتخيل، ليعيد تركيب وعي إنساين حتكمه جدلية الواقع و حتما لظهور فضاء طبيعي يتشكل عن

، وفق ما حيدث من تآلف بني النص ـــ من خالل بنائه اللغوي وتركيبته اخلطية المكان/ الزمان ة ثنائي

تحول قراءتنا نوع من الـتأويل الذي يربط النص بظاهرة ف" الل عملية اإلدراك والتأويل، والقارئ من خ

قيم النفتح كليا على نستوعب أحداث الرواية، إذ نأن حتيلنا إىل قرائن نستطيع من خالهلا .2"حمددة

، هذا االنفتاح حقائق معينةف الشخصيات، للداللة على ها وقائع الرواية وحتركات ومواقدثاليت حت

ملتخيل بعيدا عما الذي تؤدي فيه اللغة الدور األساس، فتنقل املشاهد من وضع قريب إىل أفق ا

ه ، مما يبعدنص االنزالقات أنه ،هنا... رواية اآلن على نص كمدفعنا إىل احليمما ،نسجه التاريخ

ر أكثر إىل اإلحتمالية اليت تتجاذب بني الواقع والتاريخ معا، وتبتعد أكث عن احلقائق املوضوعية، ويقربه

.عن احلقائق التارخيية امللموسة

. 246س، ص .سعيد يقطني، قال الراوي، م: ينظر 1 .177، املركز الثقايف العريب، الدار البيضاء، املغرب، ص 1990، 1عبد اهللا إبراهيم، املتخيل السردي ــــ مقاالت نقدية، ط 2

Page 309: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

309

عشوائيا، وإمنا حسب احلاجة ونوع توظيفامل يكن هنا...رواية اآلنيف األفضية توظيف إال أن

مبثابة زاوية إسقاطات لفعل األحداثفكانت الظروف لرسم إطار معني وللتعبري عن شعور ما،

، مما شكله البناء اللغوي للروايةوي الشخصيات، لتعكس مظاهر الفضاء الذي يشمله البناء الروائي

ل وتتضاد من موقف إىل آخر، ومن قارئ إىل ورؤيات خمتلفة تتشاكودالالت متعددة، أنتج إحياءات

.آخر

نظر اليت تتضامن بوصفه شبكة من العالقات والرؤى ووجهات ال الفضاء الروائيالنظر إىل ميكنو

عرب تكما ، رؤية القارئؤثر يف ت ي، لذلك فهدقةب ةمنظمالرواية أحداثوألن ، همع بعضها لتشييد

منا ربط الفضاء الروائي بإطار سيميائي، فتغدو اسرتاتيجيته تأويلية ا يستلزم ، مم 1عن مقاصد املؤلف

إذ مما ال شك فيه أن فكرة " ، 2حىت وإن كانت يف األصل ويف األساس تكوينية وملتحمة ببناء النص

، وبناء النص ضمن إطار إدراكي واحد ،حد الكاتب والقارئ وفعل القراءةاالسرتاتيجية التأويلية تو

فإن هذه الفكرة تنطوي على قوى موجهة تعمل ضد املعىن املوحد، فقد غدا النص غاية ومع ذلك

.3"الستجابتنا بعد أن كان منطلقا هلا

املكاين والزماين : لبناء أنساق متخيل أديب من خالل البناءين وميكن عد الرواية أ�ا منطق

وإعادة تركيبهما ،اءيننآليات هذين البيات و �مل عملوعالقتهما بالشخصيات، أو أ�ا تفكيكا

وأن الفضاء الروائي أصبح حمور عمليات القراءة والتأويل خاصة لقراءة النقدية اجلمالية،وفق منطق ا

السرد الروائي من جتدد مستمر للرواية املعاصرة، حيث يصعب القبض على معانيه جراء ما عرفه

.هنا... اآلن ماسنحاول توضيحه يف دراستنا السيميائية لرواية د يف تقنياته وأساليبه، وهذامتجد و

. 32ص ل الروائي،بنية الشك ،حسن حبرواي: ينظر 1 .33 - 32: س، صص.شعرية الفضاء، م حسن جنمي،: ينظر 2، دار املأمون بغداد، العراق، ص 1987، 1يوئيل يوسف عزيز،ط: وليم راي، املعىن األديب من الظاهراتية إىل التفكيكية ، تر 3

162 .

Page 310: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

310

يصبو إىل حتليل التحليل السيميائيويبدو أن التواصل البشري أعقد من أي تواصل آخر، وأن

رومان إذ جند ،لكشف نظام العالقات داخل ا�تمعنسقه االجتماعي هذا التواصل داخل

إلمتام عملية استثمرها ــوالسيـاق ـ املرسل، املرسل إليه ــعناصر أساسية ـكز على ثالثة ير جاكبسون

تربط تلزم قناة اتصـال ورابطة نفسية إن الرسالة تس« :، وهذا ما جتسد يف قوله التواصل واستمراره

إىل أ أن نبلغ معلومات من مرسل فالتواصل هو 1.» يه إلقـــامة التواصل واستمرارهاملرسل مع املرسل إل

ان ليـس الوسيلة الوحيـدة ـــ، وهذا يعنــي أن اللس2بواسطة إشــارات بيؤثر يف أ وأن ب،متلقي

يؤكد على أن إيكو أمبرتوغري أن ،ية كثرية منهـا الكتابات األدبيةللتواصل بل يوجد أنساق تواصل

وأن هذه ،السيميــائـــيصميم الطـرح ي املرسلة حسب التفريـع اليــاكبسوين لوظــائف اللغة تفريـع يغدو فـ

وترتاكب الوظـائف ميكن أن تتواجد مجيعهـا فـي مرسلة واحدة، إذ ميكـن أن تتداخــل هذه الوظـــائف

، يف حني أن التواصل داخل احلقل 3ببعضهــا حتـى ولـو كانت بعض الوظـائف تطغـى على غريها

ال تؤدي وظيفتها العالمةبوصفها أداة تواصلية أو قصد تواصلية، أي أن العالمةالسيميائي يقدم

منطوقا بذلك فإن الكالم سواء أكان، و Intentionalité المقصديةالسيميائية إال يف إطار

كما ،ل ذلك قصدا للتعبري عما يف ذاتهم يفعإذا كان من يتكل أو خطابا مكتوبا اليصبح تواصليا إال

:4الشكل اآليت هو مبني يف

Intention المقصد

1 Roman Jakobson ,Essais de Linguistique général ,tra : Nicolas

. 214 Ruwet ,ed minuit ,Paris, 1963, p

. 13ص ، إفريقيا الشرق ،الدار البيضاء، املغرب،1987، 1أنور املرجتي، سيميائية النص األديب، ط: ينظر 2إدريس بلمليح، استعارة الباث واستعارة املتلقي، ضمن نظرية التلقي، اشكاالت وتطبيقات، منشورات كلية اآلداب : ينظر 3

.106لرباط، جامعة حممد اخلامس، صا، 24والعلوم االنسانية، سلسلة ندوات ومناظرات رقم .72ضاء، املغرب، ص، دار توبقال للنشر، الدار البي1987، 1حنون مبارك، دروس يف السيميائيات، ط: ينظر 4

العالمة Signe

Page 311: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

311

Signifiant المدلول Signifié لدالا

تكون أداة تواصلية ما مل تشرتط القصدية التواصلية الواعية حني يستلزم أن للعالمة ال ميكنو

، أي علـى الروائي أن يضفـي علـى تركيبته اخلطية ستمع يف إطاره التداويل اللساينعنصر التأثري على امل

اك أي االهتمـام باستعمال اللغة القابلة لإلدر ،داث معىن أو قصدا يفهمه من يقرؤهلبنائه اللغوي لألح

قصد إيصال املعىن احلقي إىل ذهن القارئ أواملتلقي يف كل عملية إخبارية، وعلى املتلقي أو القارئ أن

: يبدي استعداده ومشاركته احليوية لذلك، وهو ما ميكن أن نبينه وفق الشكل اآليت

.ــــــ متلقيــــــــــــــــــــــــــ رسالة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــباث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

داء ـــبإب اإلنصـاتعل ـــفوعملية المـــعل الكـفعملية : عملية التواصلية مزج بني عمليتنيالذا فإن و�

الفيزيائي أي أن اخلطاب التواصلي يكمن يف عالقة التالزم بني املعيش ،لذلكاالستعداد النفسي

.نصاتفعل اإلوإدراك ذلك يف فعل الكالموالنفسي يف وفك ،وتأويلها ،املمارسة العملية للنقد احلداثي أصبحت ممكنة يف قراءة النصوص األدبية إن

والرواية أكثر األنساق األدبية اليت اختذت من املظهر اجلمايل شكال هلا .ودالال�ا ،وشفرا�ا ،إشارا�ا

لكي تضمن هلا االستمرار والرتسيخ، إذ أصبحت نسقا ،طريقه إىل الوعي العريب املعاصر وتسربت عن

، من هنا... رواية اآلن تشفه يف يدعي التعبري عن احلداثة العربية يف حلظتها الراهنة، وهذا ما نس

وجهة نظرالفضاء الروائي ال يظهر إال من خالل ف .رموز فضائها الروائيعض دالالت و فك ب خالل

تعيش فيه أو خترتقه، وليس له استقالل إزاء الشخص الذي يندرج فيه، هذه الوجهة هي اليت شخصية

وجهة النظر هي اليتو . إليديولوجيحتدد أبعاد الفضاء الروائي، ويرسم طوبوغرافيته وحيقق متاسكه ا

Page 312: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

312

يف إعداد اخلطاب والربط بني أجزائه، وذلك عن طريق ربط عالقات وصالت اسماحل دورال تؤدي

بني العناصر اليت يتضمنها اخلطاب الروائي، حبيث تصبح كلها تعبريا عن كيفية تنظيم الفضاء

.1الروائي

غري لغة الكاتبقد اختذ صورا خمتلفة جسد�ا " هنا... اآلن " رواية يف الروائي لفضاء ا أما

العامل األساسي واحلاكم يف بنية القص الفين، كما أ�ا متلك ارتباطا جادا " تعد فاللغةالعادية،

اللغة املستعملة يف الرواية هي و .2"باملوقف الفكري ـ األيديولوجي ـ الذي يتخذه القاص يف حياته

وغري غزيرة لتوصيل األفكار ةطريقة إنسانية خالص" ها، كو�ا اليت تصنع املادة الروائية وحتيل علي

.3"واالنفعاالت والرغبات بوساطة نسق من الرموز املولدة توليدا إراديا

بني كبرية يف تأطري املادة احلكائية، وتنظيم األحداث والعالقاتال تهيتميز بأمهيفالفضاء الروائي

الذي ميثل الشخصية من طرف الراوي :متعددة رؤىينشأ من خالل عناصر السرد، ولذلك فهو

غة اليت يستعملها الل، و الشخصيات الفاعلة يف احلدث مواقفأفعال و ، و الفاعلة يف النص السردي

. اخلاصة والدقيقة يف تصور األحداث وتأويلها مبالحظاته ورؤيته، مث القارئ كمطية لتخييلهالراوي

ر، وهو يعرب عن رسالة يقصدها الروائي ويصبو هو شبكة من العالقات والرؤيات ووجهات النظف

إليصاهلا إىل كل قارئ أو متلقي، وبفضل بنيته اخلاصة والعالئق املرتتبة عنها، يصبح الفضاء الروائي

.الرمزية للسردكائية و عنصرا متحكما يف الوظيفة احل

:ـ المنظور الروائي من خالل دالالت العنوان 3

.32س، ص .حبراوي، بنية الشكل الروائي، م حسن: ينظر 1 .84األردن، ص دي للنشر والتوزيع، ، دار الكن2002، 2، ط1عبداهللا رضوان، البىن السردية، ج 2 .15ركز الثقايف العريب، بريوت، ص سعيد يقطني، امل: تر ،1993، 1إدوارد سابري وآخرون، اللغة واخلطاب األديب، ط 3

Page 313: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

313

:أمهها، ) هنا...اآلن (سنحضر حديثنا على بعض املكونات الشكلية املسامهة يف هندسة النص

، ودراسته ليست هنا... ء اخلارجي يف رواية اآلن العنوان والذي يدخل ضمن العناصر املكون للفضا

ل بل تعترب خطوة مهمة يف حتليل اخلطاب الروائي واستكناه مقصديته، فالعنوان يشك ،ترفا نقديا

مفتاح الرواية، وله دور بالغ األمهية يف التعريف بالنص الروائي، ومنحه دالالت إضائية تشرح رؤية

.وتدعم احلس القرائي لدى املتلقي الروائي

فهو جزء ال ،كبرية للعنوان كونه ظاهرة فنية وثقافيةلقد أولت الدراسات األدبية والنقدية عناية

يتجزأ من الكلية النصية، له وظائف بنيوية بالنسبة هليكل النص اخلارجي وأخرى داللية يف عالقته

.باملادة احلكائية

فقد نظرت إلـى العنوان بوصفه عنصرا جوهريـا يف تأسيس حركية النص، القراءة السيميائيـةأما

،فالنص بال عنـوان فــاقد للهوية ،كن أن نلـج من خالهلــا عــاملهكونه يشكـل عتبة النص التـي مي

يؤسس سياقا دالليا يهيء املتلقي و ،وبفضله يتـداول ،به يعـرف ،كاإلسـم للشيء« فالعنـوان للنص

العنوان نص يكون إذ بدون «، ، فهما يشكالن معا زاوية نظر بالنسبة للمتلقي1»الستقبال العمل

وحده عاجزا عن تكوين حميطه الداليل، وبدون العنوان يكون النص باستمرار عرضة للذوبان يف

دية فال ميكن أن يتحقق املعىن املنشود للعنوان أو النص إال من خالل العالقة اجل. 2»نصوص أخرى

:وهذا ما يتجلى من خالل املخططة اآلتية ،اليت جتمع بينهما

النص العنوان

. 45، اهليئة املصرية العامة للكتاب، القاهرة، مصر، ص1998ط، .حممد فكري اجلزار، العنوان وسيميوطيقا االتصال األديب، د 1س، .جملة املساءلة، م لعبد احلميد بن هدوقة ـــ دراسة يف املبىن واملعىن، الفضاء الروائي يف اجلازية والدراويش الطاهر رواينية، 2

. 15ص

Page 314: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

314

مما ،، إذ جند تالمحا قويا بني رمسه للعناوين الداخلية والنص األديباتشكيلي فناناالروائي وقد كان

حممال إياه طاقة رمزية وحرص كبريينلذي يبدو أنه ختري لفظه بوعي ا ،رسم العنوانيف أحدث مجالية

الالته، وبذلك ومحولة تعبريية عالية الرتكيز، مما يشد القارئ وحيفزه على قراءة النص قصد كشف د

-كون من طرفني متعاطفني ممرا للنص، فلننظر كيف استطاع هذا العنوان الفين امليكون جسرا رابطا و

العالقة البنائية اليت تربط أما .أن يؤدي مقصدية النص -هنا أو شرق املتوسط مرة أخرى ...اآلن

الدهليز، حرائق احلضور والغياب وهوامش أمينا : العنوان الرئيسي بالعناوين الداخلية الفرعيةالداخلية

ومعىن هذا .1»الثاين يفسر و ،األول يعلن: قة تكاملية ترابطيةعال« ، فكالمها يكمل اآلخر يف احلزينة

، وكالمها العنوان الفرعي الكامن يف املنت الرئيسي ال ميكنه أن يكون فضاء دالليا مبعزل عن أن العنوان

. غزى العام للرواية مبعزل عن النصل وحدة مضمونية تدل عن املال يشك ، ألن ا العنوان ،دليل على أدبية األدبضمن هذه احلرية املنبثة بني حناي« و�ذا تكون قراءتنا

ما دامت ليس ولكنها ممكنة احلصول ،ارئه يقرأ حبدسه أشياء غري حاصلةاملبدع الذكي هو من جيعل ق

لكن قراءتنا هلذا العنـــوان مــاهي إال قراءة أولية، ويبقى العنــوان يف جممله قـــابال .2»ضربا من املستحيل

واملفارقات املعنوية قراءة العالقات هم و وحتديد تأويالته عن طريق ف ص،لعدة تأويالت ختضع لقراءة الن

.القائمة فيه

معرفة باإلضافة، إذ اقتضت وجود مضاف إليه يعرفها ويعطيها عنوانا " شرق" كلمة وردت ف

ميكن أن يستلهم بداية املعىن الذي ذكرناه سابقا، من أن األيام املذكورة هي الشديدة والصعبة يف

حياة عادل بطل الرواية وساردها، إذ حتمل تارخيا ألالمه وهو يتنقل من سجن إىل آخر بشرق

.املتوسط

. 162، صس.ـــ رواية نوار اللوز أمنوذجا، مرشيد بن مالك، السيميائية بني النظرية والتطبيق 1ذوييب خثري الزبري، سيميولوجيا النص السردي، مقاربة سيميائية لرواية الفراشات والغيالن، رابطة أهل القلم، سطيف، اجلزائر، 2

. 8، ص2006، 1ط

Page 315: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

315

فإن الكاتب اختار هلا عنوانا يتوافق وأحداثها ،عادل الخالديومبا أن فضاء الرواية حيمل آالم

: إلخراجها إىل العامل اآلخر، ألن األيام بطبيعتها إيغال يف املاضي القريب والبعيد، إال أن لفظيت

وتصبح بذلك رغم أ�ا ذكريات ماضية فهي توحي ،توقف زمن اخلطاب يف الرواية ،هنا... اآلن

.وكأنه سرد حاضر

على امتداد املنت الروائي الذي دال مركزي "هنا أو شرق المتوسط ...اآلن " : عنوان الرواية

حيث ،اللفظي والوظيفيإذ فرض وجوده بواسطة حضوره ،)ص 574( صفحة ست مائةيقارب

" منه وعائدة إليه، ةمنطلق ،متوقع يف الرواية ويف كل االجتاهات فتدور كل األحداث والواقع يف فلكه

فهو إذن املنارة اليت تضيء فضاء النص وتقود القارئ إىل فك رموزه وكشف غموضه باعتباره عالمة

2.الالفتة اإلشهارية، وعليه فإن العنوان كعالمة تشري إىل النص يصبح أشبه باهلوية أو 1"دالة

الدخول على تهتساعدنا دراس إذمن أهم األسس اليت يرتكز عليها اإلبداع األديب، العنوان عد وي

،خالل الثنائيات الضديةتبدية من يف بنياته العميقة امل من خالل عالقته بالسياقات النصيةإىل النص

ا عالقــات بالعناصر اليت يقيم معه ا النظيم اإلمسي إال إذا ربطناهحيث ال ميكننا حتديد داللة هذ

أحسنوا معاشر « :)الصناعتني ( ابه يف كتــ قــول أبـو هالل العسكريي ،ضمن السيــاق النصــي

«السيميائيون اهتماما واسعا لكونه م به، وقد اهت3»الكتاب اإلبتداءات فإ�ن من دالئل البيان

4»تغري الباحثبتتبع دالالته، وحماولة فك شفرته الرامزة وأخرى رمزيةأبعاد داللية اذ اسيميائي انظام

جيسد أعلى اقتصاد لغوي ممكن يوازي أعلى فعالية تلق ، وسيميائيته تنبع من كونهورمزية وأيقونية

، www.startimes.com: جناة عرب الشعبة، خصائص البناء يف كليلة ودمنة، مقال منشور على املوقع اإللكرتوين 1

. 02، ص 2008/ 06/ 10: وممنتديات ستار تاميز، يس، .الطاهر رواينية، الفضاء الروائي يف اجلازية والدراويش لعبد احلميد بن هدوقة ـــ دراسة يف املبىن واملعىن، جملة املساءلة، م 2

. 15ص ، روت، لبنانبيـــدار الكتب العلمية، ، 1981، 1، طمفيد قنيحة: أبو هالل العسكري، الصناعتني، الكتابة والشعر، تح 3

.62ص . 33: ، وزارة الثقافة، عمان، األردن، صص2001، 1بسام قطوس، سيمياء العنوان، ط 4

Page 316: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

316

كونه تغري الباحث والناقد بتتبع دالالته، مستثمرا ما تيسر من منجزات التأويل، وتنبع من ،ممكنة

ل العنوان أول ، مما يدفع إىل استثمار منجزات التأويل، كما يشك جيسد أعلى اقتصاد لغوي ممكن

.اتصال نوعي بني املرسل واملتلقي

تداول، يشار به إليه، ويدل به عليه، حبمل والعنوان للكتاب كاالسم للشيء، به يعرف وبفضله ي

عالمة ليست من الكتاب - بإجياز يناسب البداية - وسم كتابه، ويف الوقت نفسه بسمه العنوان

جعلت له، لكي تدل عليه، وهذا التعريف األويل له ال خيتلف يف اللغة العامة عنه يف اللغة املعرفية،

ينهما، والعنوان ضرورة كتابية، هكذا لغويا وهكذا اصطالحيا املسماة اصطالحية، ودومنا فارق واحد ب

.1كذلك

ودراسة العنوان بلغت إهتماما كبريا إىل درجة أنه أصبح علما قائما بذاته يسمى علم العنونة

( Titrologie ) يدخل يف عملية التأسيس اخلطايب للنصوص األدبية، خاصة السردية منها، هلذا ،

فالعنوان السردي يلعب دورا بارزا يف لفت انتباه املتلقي لرسالته، وهو العنوان املفتوحعلى دالالت

لرؤى املثقفني، وقد فطن املبدع العريب إىل أمهية العنوان، وأدرك وظائفه من خالل هالمية متعددة

طريقة إخراجه، ومراعاة مقتضى احلالللمتلقني هلذا اإلبداعالذي يعكس قراء�م، فالعنوان حسب

الدراسات النقدية احلديثة يؤدي دور املنبه واحملرض، فسلطته الطاغية تظفي بظالهلا على النص،

نائية املبدع ممثلة يف ث: فيستحيل النص جسدا مستباحا لسلطته، مث إنه نقطة الوصل بني طريف الرسالة

لذلك كان لزاما على املبدع أن يراعي فنيات العنونة، ليجعل من ...واملستقبل، إذ إنه يعد بداية اللذة

. 2، للولوج إىل أغوار النصوص واستنطاقها من خاللهالعنوان مصطلحا إجرائيا يف املقاربات النصية

وجمال الكتابة عموما، لتملكه �موعة والعنوان الروائي يندرج ضمن التحوالت يف املنظور الروائي

.15س، ص.حممد فكري اجلزار، العنوان وسيميوطيقا االتصال األديب، م: ينظر 1: ، س02: ، ع07: عامر رضا، سيمياء العنوان يف شعر هدى ميقايت، جملة الواحات للبحوث والدراسات، مج: ينظر 2

. 91 – 90: ، جامعة غرداية، اجلزائر، صص2014

Page 317: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

317

شروط منها االختصار والوضوح، مث االشتمال، أي تكثيف املعىن يف كلمات معدودة مع تذييله

بعنوان فرعي مكمل، يضفي التشويق على اإلثارة، وهو شيء أساسي لتحرير النص من العزلة، ومتتيعه

. 1بقراء يسامهون يف إنتاج معناه

أو شرق المتوسط هنا ...اآلن "رواية مقصدية و دالالتأن نصل إلى كقارئ فهل نستطيع

النص ؟ وهل العنوان يلخص بصلة العنوان وما؟ قبل قراءتها هاعنوانخالل من "مرة أخرى

وهل دالالته إضاءة شارحة للمنظور الروائي لهذه الرواية العربية المعاصرة ؟الرواية ؟

فيها نصيب من اخليال، وقد ،حتتمل تأويالت كثريةهي و ،العناوين املعاصرة مليئة بالغموض

يقول العنوان شيئا ويقول النص شيئا آخر، وقد ميثل العنوان معىن حقيقيا، وقد ميثل معىن جمازيا،

.آن واحد �ما يفوقد ال يتحقق ذلك إال ة له،مفسر هي و�ذا يكون العنوان مفسرا للرواية و

مكوناته ملا حتيط به ،هنا أو شرق المتوسط مرة أخرى...رواية اآلنأما حماولتنا لقراءة عنوان

هنا، فإ�ا حتيلنا إىل ...احلذف الذي جاء بني لفظيت اآلن ، خاصة من دالالت ورمزية وبالغة

عنوان رواية ف .الروائيالكشف عن أشياء مندسة يف منت الرواية نصطلح عليها ما يسمى باملنظور

، األول "شرق املتوسط مرة أخرى"، والثاين "هنا...اآلن"األول : ن من قسمني اثننياحلال يتكو

مكون مكاين، وبني الكلمتني توجد " هنا"وهو مكون زماين، و" اآلن: "يتكون من مكونني اثنني

. " هنا" و " ناآل" لتدل على أن أحداثا كثرية ووقائع أليمة بني "..." نقاط

وهو ظرف زمان، " اآلن" :األول مكون من ظرفني: ن من طرفني متعاطفنيوهذا العنوان مكو

وهو ظرف مكان، وهذان الظرفان يوحيان جبملة من التساؤالت واالحتماالت أشهرها ماذا " هنا" و

وهو " املتوسط"وهو مكون مكاين، و" شرق"حيدث اآلن؟ وماذا يوجد هنا؟ أما الثاين فيتكون من

، ، فما كتبه يف روايته األوىل"شرق املتوسط"تقودنا إىل رواية منيف " مرة أخرى"مكون مكاين أيضا، و

.88، ص1992: ، س46شعيب حليفي، النص املوازي يف الرواية ــ اسرتاتيجية العنوان، الكرمل، ع 1

Page 318: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

318

يعود إليه من جديد ليكتب عن العامل نفسه، بعد مضي عشرين عاما، والثاين ، أما الثاين فهو مكون

الذي يذكرنا " شرق املتوسط مرة أخرى"من شرق املتوسط مرة أخرى ويعطف األول على الثاين

ا من بلدان بعنوان شرق املتوسط الذي عنون نصا حكائيا امتأل حمتواه بظلم السلطة احلاكمة يف م

شرق املتوسط حبق األحرار والسياسيني الثوريني، ويتبلور معىن هذا العنوان بطرفيه املتعاطفني وخباصة

بلغت ست " توسط مرة أخرىأو شرق امل "اآلن هنا"وبني "شرق المتوسط"الفرتة الزمنية املمتدة بني

.عشرة سنة

احلضور والغياب وهوامش أمينا احلزينة فلها دالال�ا كذلك الدهليز، حرائق : خليةأما العناوين الدا

:من خالل املنظور الروائي

العنوان الداخلي األول هو مكون مكاين، يشري اىل املكان ، " الدهليز "ــبـالقسم األول املعنون

فليس هذا املظلم، وهو يرتبط ارتباطا وثيقا بالسجن، حيث وصفه عادل اخلالدي أنه ال يطاق،

املكان إال مكانا وحشيا لقمع السجناء وتعذيبهم وهو مستنقع مليء بالدماء، وهو جزء من سجون

فهو العنوان الداخلي الثاين الذي " حرائق الحضور والغياب" شرق املتوسط اليت تعج بالدهاليز، أما

فإنه "امنا الحزينةهوامش أي"، ولعادل يشري إىل مكونات حدثية تدل على األحداث اليت وقعت

يشري إىل وصف زمين لأليام اليت عاشها عادل و هو يتنقل من سجن إىل آخر ومن مستشفى إىل

.آخر

أصابين " :"الدهليز "يف القسم األول من الرواية املعنون بـ عادل الخالديجاء على لسان فقد

الغم إىل درجة أن الدنيا أسودت بعيين، وأخذت نبضات قليب تدق بصوت عال، وهذه إشارة

الذي جهدت طوال الشهور املاضية الدهليزأعرفها، فلن تلبث حراريت أن ترتفع، وأدخل يف ذلك

. 1"لكي أخرج منه

.131الرواية، ص 1

Page 319: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

319

ال جند يف هذا القسم إشارة ،"والغيابحرائق الحضور " ــويف القسم الثاين من الرواية املعنون بـ

يف :" للعنوان الداخلي املعنون به، بل جند إشارات للعنوان الداخلي األول، حيث يروي طالع العريفي

صدر القفص دورة املياه، واليت ال تكف عن نفث رائحة قاسية، وتصدر عنها أصوات كأ�ا التجشؤ

ى، وأيضا الرتباطها بالدورات العامة، وراء اجلدار، حيث إلرتباطها بدورات املياه يف الزنزانات األخر

أرى من حتت العصابة، ، ساقين بصمت، عرب الدهليز، مل أوت"، و 1"يشكل اجلدار �اية الدهليز

.2"كانت أرضية الدهليز زرقاء قامتة أو خضراء مواضع أقدامنا، جتاه األسفل، إال وا

معىن ماديا حقيقيا، فليس يف القسم الثاين من الرواية ما يدل على الداخلي الثاين ال ميثل العنوانف

وجود حرائق باملعىن احلقيقي، واملقصود من هذا العنوان املعاناة اليت عايشها عادل اخلالدي وغريه يف

السجون وخاصة سجن العبيد، متذكرا ما حدث معه يف السجون، واملمارسات الوحشية اليت مورست

حرائق احلضور والغياب هي ذكريات إن . غريه خاصة هالل الذي اغتيل يف السجنعليه وعلى

تعصف يف رأس عادل اخلالدي، وهذه الذكريات األليمة أشبه باحلرائق اليت حترق فكر عادل، وسواء

كان عادل حاضرا أو غائبا فإن مثل هذه اهلواجس واألفكار اليت تطارده تبقى معه جنبا إىل جنب يف

وترحاله، ويف هذا العنوان جيسد مفهوم اخليبة الذي يطارد السجني الذي قضى أغلب حياته يف حله

.عامل مظلم ال حرية فيه

، جند فيه إشارات أيضا للعنوان الداخلي "هوامش أيامنا الحزينة"أما القسم الثالث املعنون بـ

مثلما يقود الكبش والغنم، كان رضوان و :" ، مثل ما ورد على لسان عادل اخلالدي"الدهليز"األول

هذا الدهليز، واملوت بعدكم ما : "، وكذا حديث العطيوي للمساجني3"أولنا الذي يدخل الدهليز

.1" غادرنا الساحة أوال، مث الدهليز املسقوف : "، وورد على لسان عادل أيضا 4"شفتوه

.163الرواية، ص 1 .170الرواية، ص 2 .348الرواية، ص 3 .364الرواية، ص 4

Page 320: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

320

فال وجود ألية إشارة لعنوان القسم الثالث من الرواية، فما جنده هو جمرد حديث لعادل اخلالدي

حسرة عادل على دل وهو يعن معاناته يف السجون، والسنني العشر اليت قضاها يف سجون عمورية،

جمرد أيام هامشية ، وهذه األيام احلزينة بالنسبة لهأليام اليت قضاها يف سجون عموريةاخلالدي على ا

.ال قيمة هلا يف حياته، وليست إال مأساة يف نفسية عادل والناس املظلومني على هذه األرض

.هنا أو شرق المتوسط مرة أخرى...اآلن: العناوين الثالثة جاءت حلقة وصل للعنوان الرئيسف

يف :" لسان طالع العريفيبعض اإلشارات اليت تدل عليه، من خالل ما ورد على يف الرواية فنجد

حلظات كثرية كنت متأكدا أنين لن أختطى هذه الغرفة، ولن تتاح هلم الفرصة مرة أخرى، لكي ميارسوا

كنت متأكدا أن هنا، !إذا كانوا ميارسون التعذيب أيضا مع املوتى علي أي نوع من العذاب، إال

.2"واآلن سوف تكون النهاية

آدم من ضلعه خلق املرأة، أل�ا وجهه اآلخر، خياله يف : يا أيها الناس ومع ذلك جيب أن تعرفوا،"

الظل واملرأة، أما حنن، أبناء املتوسط يف هذه املرحلة، ويف حماولة ألن نقلد أبانا القدمي، فلم نستطع أن

.3"خنلق سوى اجلالد، فتحنا له الطريق وتلقيناه بكل الرضا

حيوي عددا من السجون كما هو احلال يف ضفيت املتوسط الشرقية ال أعتقد أن يف العامل مكانا "

واجلنوبية، وال أعتقد أن يف العامل عددا من السجناء كما يف هاتني الضفتني، وثورة الباستيل اليت

جتاوزت فرنسا لتعم العامل كله، يبدو أ�ا مل تصل بعد، ومل تصل أصداؤها وأخبارها أيضا إىل هذه

هذا اجلانب من حياة "، 4"ض، وإال كيف نفسر السجون اليت تشاد يوما بعد يومالبقعة من األر

.466الرواية، ص 1 .204الرواية، ص 2 .288 -287الرواية، ص 3 .310الرواية، ص 4

Page 321: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

321

السجن مل حين الوقت ألن خياض فيه أو ألن تكشف أسراره، فما دامت سجون املتوسط تزخر �ذه

.1" األعداد اهلائلة من البشر، فيجب أن تكون هلؤالء الفرصة والقدرة للدفاع

على الواقع ةودال ،مة متناسقة مع حمتوى منت الروايةد جاءت منسجفق ،تركيبة العنوانأما

يف تلك الرقعة العربية املمتدة من شرق البحر األبيض تدور حوله أحداث الروايةالسياسي الذي

، حيث دلت ألفاظه على ذلك الواقع السياسي القاسي الذي توسط حىت أعماق الصحراء يف مورانامل

اء يف موران، القائم على العربية املمتدة من شرق البحر املتوسط حىت أعماق الصحر تتميز به البلدان

هذه األوضاع وفقط، والذي ولألسف الشديد ريالطغيان يف حق ناس أبرياء كانت غايتهم تغيالظلم و

مازال مستمرا رغم تقدم الزمان وتطور الوعي اإلنساين، فاألمم األخرى تسعى بدأب إىل تأمني حياة

كرمية لشعو�ا تقوم على أسس العدالة واحلرية واملساواة، يف حني أن حكام البلدان العربية املعنية يف

.2هذا النص ما زالوا يكدون أنفسهم ببناء السجون، وميلؤو�ا بآالف مؤلفة من األحرار والتقدميني

وائي قد فسره بشرق املتوسط الر جند أن ،هنا بعمق...عنوان اآلن "ه عند قراءة ويرى صاحل إبراهيم أن

.3" وهو يعين الوطن العريب !مرة أخرى

ليؤكد من " شرق المتوسط مرة أخرى "أو " هنا...اآلن " :العنوان وقد وضع الروائي هذا

م، وليست هذه الرواية 1975الصادرة عام " شرق املتوسط"يف رواية عنها ثد حتجديد املأساة اليت

أحداث هذه ف. إال شاهدا حاضرا على عصر اجلرائم والظلم الذي يرتكب حبق الناس الشرفاء األحرار

بية من شرق املتوسط وحىت ليست هناك تربئة ألية دولة عر و ، يف دول شرق املتوسط تجر الرواية

من هذه التهمة اليت جردت اإلنسان من احلرية ومن حقه يف معتقداته وأفكاره، موران صحراء أعماق

داللة على أن هذا الظلم مستمر ولن يتوقف، فبعد عشرين سنة من "شرق المتوسط مرة أخرى"و

.332الرواية، ص 1 .39س، ص.أمحد مرشد، املكان واملنظور الفين يف روايات عبد الرمحن منيف، م: ينظر 2 .49ص س،.يف روايات عبدالرمحن منيف، م إبراهيم صاحل، الفضاء ولغة السرد 3

Page 322: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

322

ما زالت السجون كما هي تكتظ بالسجناء واحملرومني ،منيفلعبد الرمحن "شرق المتوسط"رواية

ت عجلة الظلم والقهر مستمرة يف طحن الدميقراطية اليت نادى �ا الروائي، إذ بعد من احلرية، ومازال

،ة أكثر لرتوي قصة شرق املتوسطتفاقمت املأسا اآلن،م وحىت 1991هذه الرواية اليت صدرت عام

حىت تنهض الشعوب العربية من سبا�ا، وتوقف األبنائه اوقهره ا لن يتوقف ظلمهيتال املةظالسلطة ال

.الناس وقد ولد�م أمها�م أحراراهذه املهزلة اليت استبعدت

يشري إىل أن الظلم جيري يف كل األزمنة واألمكنة يف العامل العريب، " هنا...اآلن ": الروايةعنوان ف

" هنا"يف هذا الوقت املظلم، و اآلنعلى وقت معني، وأحداث الرواية جتري ظرف زمين يدل "اآلن"

.يف غياهب السجون تهياحلرية ورم فيه يف شرق املتوسط قيدت ظرف مكاين يدل على مكان معني

جيمع بني ظلم الزمان وظلم املكان يف شرق املتوسط، فزمننا زمن االستعباد " هنا...اآلن" العنوانف

والظلم، ومكاننا مكان السجون والزنازين والدهاليز، فهو يرتبط ارتباطا وثيقا باملكان والزمان، جاء

واضحا سهل االكتشاف، وقد حقق وظيفته من خالل الولوج من العامل اخلارجي للنص إىل عامله

يا مجاعة آخر شيء يتم اختياره، عادة هو " ا يشري إىل تقنية اختيار العنواني، ويف الرواية مالداخل

العنوان، وميكن استنتاجه من السياق، فلذلك ال داعي لالختالف قبل وضع املسرحية، وما دامت

سوسن يف ، ويقول أبو 1" ! نا كمن خيتلفون على جلد الدب قبل صيدهاملسرحية ذا�ا مل توضع فإن

قرأت الديوان كله، موالنا، وما طلعت منه بفكرة، بشيء يبقى يف الذاكرة، :" حديثه عن ديوان شعر

. 2..."اىل اجلماهري املتطلعة اىل غد أفضل"واالهداء " على جناح غيمة"وصاحبه معطية عنوان

: ـ دالالت البناء اللغوي في تمظهر المنظور الروائي 4

.501الرواية، ص 1 .518الرواية، ص 2

Page 323: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

323

إذ ال يعقل أن يتواصل األديب أو الكاتب ،هي التفكري والتخيل يف األعمال األدبية اللغة تظل

،ال يفكرإال داخلها أو بواسطتهامع أقرانه خارج إطاراللغة ،فهو ــــحبكم قدراته الفكرية ـ ــــأو الروائي ـ

هي مادة ،يصبو إليه اره و عواطفه ليبلغ ماإذ يعربعن أفك ،ليت تتيح له أن يكشف ما يف داخلههي ا

فهي النبع الذي ال كتابة وال قراءة إال باللغة،و فال خيال وال مجال ، هي مرآة خياله ،اإلبداع و مجاله

قد أمجع معظم النقاد أن الكتــابة الروائية من أكثر األجنــاس و . تعاملني اللغوينينه مجيع امليستقي م

ولكن ال ،ملمكن تصور رواية من غري أحداثمن ا« اللغة ،فإنه األدبية قدرة علـى احتواء جتليــات

.1»ميكن تصور رواية خارج اللغة

لغة ال نريـد وحني نتحدث عن ال ،اط اللغة الداخليواخلطاب الروائي عمل فين مجيل يقوم على نش

اليت ،) Language( ة مبعنــى اللغـة الوظيـفـية وإمنا نقصـد اللغـ ،) Langue(ان اللغـة مبعىن اللس

يكتب �ا الكاتب جنسا أدبيا وهي تعد كائنا اجتماعيا وحضاريا يسهم يف تطوره املرسل واملستقبل

،ل اخلطاب الروائي يف اللغة ذا�اإذ يتمث ،2نسج اللغة ونشاطها داخله للخطاب األديب الذي أساسه

جيسد امللفوظ يف شكل كتابة أو بنية خطية ،إال أنه يشرتط يف هذه الكتابة الروائية أن تكون فنية و

. حىت تتميز عن غريها من الكتابات يف األجناس األخرى

وصورة اخرتاق للمكان ينطلق وزاوية النظر اليت يتخذها الراوي الروائي،احلديث عن الفضاء و

اليت تنقل لنا صور املكان من خالل ما رسم وفقه األشياء بواسطة اللغة و الوصف الذي الزمان له، مث

.ه األبعاد املختلفة حول احلقائق ا�ردة للروايةتشكل

العالمات واإلشارات فتتجلى من خالل البحث يف ،هلذه الكتابة القراءة السيميائيةأما

حضاري أصله الوضع مة معطى نفسي واجتماعي وثقايف و اليت تتخللها ،كون أن العالوالرموز

رط يف صميم هذا النظام فإنه ينخ ،ائي باعتباره حضورا خطيا تركيبياواخلطاب الرو ،والعرف

.46س، ص .صاحل صالح، سرد اآلخر، األنـا واآلخر عرب اللغة السردية، م 1 .139س، ص .يف نظرية الرواية ــــ حبث يف تقنيات السرد، م ،عبد املالك مرتاض: ينظر 2

Page 324: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

324

للنص األديب جيب أن يكون على معرفة كافية بنظام عالماته أما القارئ السيميائي. السيميائي

حىت يتمكن من فهمها وحتليلها حبكم معرفته السابقة هلا، ،دالالتاته وما حتتويه من رموز و وإشار

هومنطلق العبور إىل ن الوعي بالفضاء النصي كمكون خطايب مركزي،إل ،ومعرفة خمتلف وظائفها

جوهر الكتابة، وإىل مرجعها وظالهلا وآفاقها، ذلك ألن القارئ حمكوم برتاث معارفه بتعبري أمربتو

ال نستطيع أن نتصور الوعي النقدي من خالل هنا... اآلن من خالل قراءتنا لرواية : مثالف .1إيكو

ان للقاء وعي الكاتب كمكو ،نصيفضاء كذواتنا املتكلمة، بل ميكننا أن نبلور أمهية الكتابة األدبية

.وجتذير الفعل اإليديولوجي يف الوجدان العريب واإلنساين يف تشكيل وإثراء الواقع العريب ووعي القارئ

،ىل مساءلة النص يف بنيته الشكليةهذه اآللية اإلجرائية ختضع اخلطاب السردي إىل دراسة �دف إ

، والرتكيز على العالقات )خارج النص(عن طريق الوصف دون رصد املؤثرات اخلارجية يف إنتاج النص

بتحليل البنية اللغوية يف مستواها اخلطــي الرتكييب قصد إدراك العالقات اليت حتكم الرتكيبية املنطقية

بالسيماناليز تشكل النص يف حضور اللغة ،وهذا التحليل املتناول للتدليل أطلقت عليه كرستيفا

)Sémanalyse (، الذي بىن تصوره يف حتليل النصوص غريمــــــــاسوقد برز يف هذا ا�ــال

هذه األخرية اليت ندرك على ،ــات السطحية والبنيــات العميقةردية على نظام التقـــابل بني البنيـالس

إذ أن الداللــــة ال تستنبط وال حتقق حضورها يف النص من خالل ،مستواها داللة النص الســردي

ل تولـــيد ضا من خالوإنــما جيب استجالؤها أي ،له فقط) اخلطية الكتابة( كشف البنيات املكونة

فالدراسة النحوية لبناء اجلملة ال تكفي وحدها لتجلي النص ما مل يبذل جمهودا . )املضمون ( املعىن

وذلك بدراسة البنية العميقة اليت تعد نواة ،ن مضمونه وعن البنيات املكونة لهموازيا للكشف ع

،من خالل تواصله مع البنية السطحية للنصهذا األخري الذي ال ينتقل إىل القارئ إال ،عىنتشكل امل

1 Umberto Eco, La structure absente – Introduction a la recherche sémiotique,

Mercure de france, paris, 1972, pp: 56 – 57 .

Page 325: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

325

وهذا يقتضي توظيف ،بية للجمل ضمن ما يسمى بالعالقاتأو ما يسمى بالدراسة النحوية أو الرتكي

وهذا ما تقتضيه املقاربة ،تفرعا�اقصد الكشف عن البنيات الداللية و افرتاضات واستنتاجات

لدراسة التحليلية حىت تصل او .العميقة والبنية السطحيةى بالتداخل بني البنية السيميائية فيما يسم

اختاذ املستوى التعبريي بداية ب ،الكشف عن البنيات املكونة للخطابعلى الدارس ،للنصوص مبتغاها

.مع الولوج أكثر يف عمق النص لتوليد املعىن ،جماال له

:ـ مستويات اللغة السردية في تحديد المنظور الروائي 5

الذي تكون اللغة فيه مستوى السرد: من خالل مستوينيالروائي اللغة في الخطاب ى تتجل

كون اللغة يف غالبا ما تو ،1الذي تكون اللغة فيه متدنية و عاميةمستوى الحوار و ،فصيحة سليمة

خصيات متناقضة يف وضعية حياة معينة لشة أل�ا تنقل وجهات نظر خمتلفة و مألوفاالسرد عادية و

التناقضات املتعددة املستويات مستويات اللغة تعبريا عن هذه من هنا تأيتو ،الفكر واحلياة

ديب يكتسب خاصيات لسانية باختني يف إطار هذا السياق أن العمل األرى ميخائيل يو ،األشكالو

يستقبل إنه ،ي فإنه يسلك طريقا خمتلفة متاماأما النثر الروائ ،، واجتماعية من جهة أخرىمن جهة

دون أن يضعف عمله من الصوتية للغة األدبية وغري األدبيةعمله األديب التعددية اللسانية و داخل

أن ،"هنا ... اآلن " لرواية هذا ما نلمسه من خالل قراءتنا ،2جراء ذلك بل إنه يصري أكثر عمقا

عرب مستويات عدة قد استعملها صاغ من خالله هذا العمل الروائي ،الكاتب قد متيز مبستوى تعبريي

تقنيات التعبري وكذا كيفيات و ،المستوى السردي والمستوى الحواري: الكثري من الروائيني منها

حيث نسج ،مزج بني مستويات الكالم املختلفةاحلديث يف التعامل مع اللغة بأن السرداملتبعة يف

مما أعطى تكامله وانسجامه ،فمثال وظف ،ليزيد نسيج الرواية تشابكا ،المهكالم الشخصية داخل ك

مما طبع الرواية بإحياءات ،ت مرورا باللغة احمللية الدارجةاخلرافااحلكاية اليت تستحضر األساطري و لغة

. 179... 176: س، صص.يف نظرية الرواية، م عبد املالك مرتاض،: ينظر 1 .163س، ص .، مجملة املساءلة: ينظر 2

Page 326: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

326

يف الفنية منه يف تطوير الكتابة األدبية و ، مسامهةلية متعددة تدخل يف إطار التجديدودال ،رمزية

:وبالتايل ارتكزت لغته على ثالث مستويات ،األدب العريب بصفة عامة

.اليت متثل لغة الواقع املاثل ،اللغة الشعرية ـ

.اليت تستحضر األساطري واخلرافات ،لغة احلكايةـ

.ل اللغةالعامية أواللهجة الدارجةاليت متث ،اللغة العاديةـ

جنده ميازج ومن خالل تشكيله اللغوي لنص الرواية ،الروائي من خالل هذه املستويات للغةو

صيغة جمازية تعرب عن أمل الروائي الناتج عن مما أكسب النص ، اللغة اإلحالية واللغة الوصفيةبني

برز ذلك بطريقة مونولوجية، مما يعزز صلة الروائي بذاته ، حيث )نظام عمورية ( سلطة اآلخر

عدم استعمال الكاتب للغة وبالتايل ،ملوضوع املتناول يف الروايةيعة اذلك لطب وقد أحسنوباآلخر،

باعتبارها ،األدبية يف حد ذا�ا وإمنـا يعد انسجـامـا مع الكتــابة ،من ذلكهروبه وهذا ال يعين ،معينة

وقد شكل ذلك فضاء رحبا للتعبري عن الذات وفق رؤية معينة ،مغامرة لغوية وفنية قبل كل شيء

كما انـــــــزاح بلغته عن ،ل طويلة قد تبلغ الصفحات أحياناحيث عمد الروائي إىل مجمتصورة للعامل،

،جتسدت يف االنزياحات املختلفة ،المتيازه خبصوصيات أسلوبية ،ريةطبيعتها النثرية إىل مستوى الشع

الذي ساهم يف المونولوجالل نستشفها من خ ،طاقات الداللية املختزنة يف النصالاليت ختلقها اللغة و

، أي تالمس مكامن واأللفاظ املستعملة وهو خياطب العاطفة والوجدان قبل أن خياطب العقلالشعرية

على روائيوهذا يدل على مدى قدرة ال. وتالئم نفسية عادل احلزينة ،رئاحلساسية املتأثرة لدى القا

.العدول يف لغته التعبريية عن املألوف مبا خيرق أفق االنتظار عند القارئ

:ـ المستوى الشعري 1ـ 5

أن نتوقف عند بعض املالمح أو اخلصائص السيميائية للغة هنا...اآلنسنحاول من خالل دراستنا

استطعنا أن نقف عند كل دون الزعم سلفا بأننا هذه الرواية بوصفها وسيلة للتعبري واالتصال،

خاصة وأن الكاتب يبدو أنه اعتمد النظام الرتكييب ،ة والتعبريية يف هذا النص السردياألشكال اللغوي

Page 327: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

327

« من خالل استعماله للغة الشعرية يف البعض من وقفا�ا ،غة يف تشكيله أبعادا داللية للنصلل

كـالتشبيه والوصـف ،بيــانيةحلقيقة مبصطلحات بني مصادرة هذه او ،تبارها رموزا لدالالت متباينةباع

والعدول عن ،وع من االنسجام واالتساق يف النص، من أجل حتقيق ن1»التصـنع والزخرفة و

كما جلأ إىل استخـدام الرمــز ،حيث اعتمد لغة الوصف ولغة احلــوار ،ادي للغةاالستعمــال العـــ

فجرت الطاقات اللغوية ،ة داخل هذا النص السرديلغوي األسطـوري، مما ساهم يف خلــق انزياحات

وبالتـــايل حتقيق اللغة لوظيفتها الفنية ،ــا جعل املعىن متعددا متنوعـــامم الكامنة، وكثفت اإلحياء،

نذكر من هذه و . نظام سيميائي يستجيب يف عناصره ووظائفه ومناذجه أبعادا دالليةواجلمالية يف

.هنا...اآلن اخلائص السيميائية اليت متيزت �ا رواية

:الوصف ـ 1ـ 1ـ 5

البنـاء من العناصر اللغوية اليت الاملهتمني مبسألة الشكل و ف بالنسبة للروائيني الواقعيني و الوص يعد

،2العنصر الوصفير مقطع سردي خال من إذ أنه يصعب تصو ،مناص منها يف اخلطابات األدبية

كونه ينهض ،من مجاله الفين مما يزيد ،ساعد على تطوير احلدث داخل السردويعتربونه تقنية ت

بكشف كل ما يتعلق بأحوال الشخصيات النفسية واالجتماعية وطبائعها وخصوصيا�ا اليت تتميز �ا

علجيوأفكار، مما يوهم بالـــواقع و عن غريها، وتقريب املكـان وحتريكه واستنطاقه عما حيمل من رؤى

اخلطاب، مكتبة هواري بلقاسم، الشعر العباسي واملقاربات احلداثية، البنيوية واألسلوبية والسيميائية، خمترب السيميائيات وحتليل 1

.104، ص2005يدي بلعباس، اجلزائر، الرشاد للطباعة والنشر والتوزيع، س . 116س، ص .سيزا قاسم، بناء الرواية، م: ينظر 2

Page 328: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

328

ولذا ،1»تقنيات خاصة واستخدام خاص للغة « إال أنه يتطلب ،القارئ يفرتض صورا له يف ذهنه

.2»يتمايزون و يتميزون عن بعضهم البعض يتفاضل فيه األدباء و « د جماال يع

إليها الروائي ليوضح للقارئ معامل ، يلجأ يف العملية السرديةبامتياز عتمدة موهو يعد آلية من

جرار فريى . الفضاء متكاملة يف النص الروائي بوصفه للمكان والزمان والشخصيات واألحداث

اإلخباري، فهو أن نعثر على نص سردي دون وصف مهما كان طابعه أنه من غري املمكن جنيت

.3ة السرد دون أن نصفتيمة مهمة لكل فعل أو حدث، وأنه من غري املمكن القيام بعملي وصف تصنيفي ووصف تعبريي، أما األوليحاول جتسيد الشيء بكل حذافريه: والوصف نوعان

يتناول وقع االشيء بعيدا عن املتلقي أو إحساسه �ذا الشيء، واإلحساس الذي يثريه، أما الثاين ف

4بينما يلجأ الثاين إىل اإلحياء والتلميح اإلستقصاء واإلستنفاذواإلحساس الذي يثريه، فيلجأ األول إىل

عتمد وقفات وصفية ملسرحة احلدث فا ،أكثر لالهتمام �ذا العنصر الفينيبدو أن الروائي اجته و

يات، وصف األفعال، وصف البيئة وصف الشخص :يف أشكال متعددة منها ،م بالواقعاإليهاو

نا كما أنه مل يديل بوجهة نظره بشكل مباشر ولكنه ترك ،وقد جنح يف ذلك إىل حد بعيد. واألمكنة

فعربت عنه احلركــات واإلميــاءات واإلشارات قبل امللفوظ ،نعي ذلك من خالل سرده لألحداث

،الوصفعلى تقنية روائي هو اعتماد ال ،ذي ندخل به إىل عامل هذه الروايةفاملفتاح األول ال ،اللغوي

الذي يعترب مبثابة الوعي املركزي ،ا حييلنا إىل اإليهام باحلقيقةمم ،من خالل سرده ألحداث وقعت

، دار اآلفاق، 1999إبراهيم صحراوي، حتليل اخلطاب األديب، دراسة تطبيقية ـــ رواية جهاد احملبني جلرجي زيدان منوذجا، 1

.101اجلزائر، ص ، املؤسسة الوطنية للفنون املطبعية، 2000ط، .عثمان بدري، وظيفة اللغة يف اخلطاب الروائي الواقعي عند جنيب حمفوظ، د 2

. 79اجلزائر، ص ، 1997، 2، طوعمر حلي وعبد اجلليل األزدي حممد املعتصم: جريار جنيت، خطاب احلكاية، حبث يف املنهج، تر: ينظر 3

.112، ص القاهرة، مصر للمطابع األمريية،اهليئة العامة .81س، ص .سيزا قاسم، بناء الرواية، م 4

Page 329: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

329

) Conscience centrale ( حيث تبدأ كبة السرد يف هذا العمل اإلبداعيك مر الذي حير ،

من يصف من خالله الراوي بداية األحداث بتاريخ معلوم حمددغري مباشر وغري بزمن وقفاته الوصفية

: خالل االمللفوظات اآلتية

مل يكونوا راغبني أن أموت عندهم، رغم أ�م مل يكفوا عن أطلقوا سراحي...حني بدا مويت وشيكا"

... التأكيد، خاصة خالل الفرتة األوىل من اإلعتقال

سافرت، يف �اية األسبوع، وبعد إجراءات عديدة، ومن ضمنها التعهد بالعودة حاملا ينتهي العالج،

كانت الساعات األخرية ، قبل السفر، حافلة، إذ إضافة إىل حالة . وباألحرى سفرت إىل براغ

الصحو املفاجئة، وكأن شيئا يف داخلي استنفر وتيقظ، متاما كما كان حيصل يل يف جلسات التحقيق

، وكلمات التشجيع بعد كل حفلة من حفالت التعذيب، فإن نظرات املودعني يف البيت مث يف املطار

ا من الذين يتزامحون رى أي� أ الكثرية، واملليئة باملبالغة، أكدت يل أين لن أرى عمورية مرة أخرى، ولن

كنت أحاول االبتسام، وال أعرف إىل أي حد جنحت، وكنت أتأمل الوجوه حويل. حويل اآلن

. 1"ة واألماكن، لعلها تثبت يف ذاكريت وترافقين حىت اللحظة األخري

كان الوقت حوايل الظهر، يف يوم من أيام أيار !قبضوا علي وكنت خارجا لتوي من سوق احلالل "

ويف مثل هذا الفصل قبل دخول الصيف الكبري، يكون اجلو عادة رضيا مقبوال، ويكونالسوق . املتأخرة

هادئا أقرب إىل الركود، إال أنذ شتاء تلك السنة انقضى دون أمطار، وتبعه ربيع قصري مغرب، وبدءا

احلرارة وثقل اجلو، وتدفقت على غري انتظار، الرعايا من البادية ، أليار اشتدت من األيام األوىل

ومعها الوجوهاملتجهمة والغضب، وامتأل سوق احلالل بالذين يريدون بيع أغنامهم ودوا�م باسرع

وقت، وبعد أن تعذر عليهم إطعامها أو تأمني العلف هلا، وختوفهم أيضا من الرعايا اليت سوف يتزايد

بعد آخر، وكان املشرتون يرتددون ويتأخرون ويطيلون املساومة، ويرافق ذلك الفوضى وصوهلا يوما

وإذا كانت العادة أن يبلغ السوق ذروته يوم اخلميس، فقد كانت أيام ذلك الشهر مخيسا . واخلالفات

.12 – 11: الرواية، صص 1

Page 330: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

330

كة متصال، وهذا ما جعل املخربين يقيمون يف السوق ال يغادرونه، ورغم الزحام واألصوات العالية وحر

الناس الثقيلة، مما جيعل السوق كله كتلة يصعب اخرتاقها أو حتديها، إال أن املخربين الذين ظلوا على

أطراف السوق يراقبون ويتابعون، ويتنصتون إىل ما يدور، بدأوا خيافون مما يرتدد على ألسنة الناس

ساء مث إىل القصر، فإن اخلوف زاد أكثر من الشتائم والتحديات، وحني انتقلنت تلك الشتائم إىل الرؤ

، مشلت الكثريين، وهكذا كنت أحد الذين قبض دى إىل محلة واسعة من اإلعتقاالتمن قبل، مما أ

إذ ما كدت أصل إىل أسوار السوق حىت اعرتضين ثالثة أشخاص و�دوء، لكن حبزم طلبوا ...! عليهم

أن يربزوا إيل ما يثبت صفتهم واألسباب اليت إيل مرافقتهم، رفضت حاولت أن أقاوم، طلبت منهم

امش معنا برضاك أحسن : تستدعي القبض علي، قال يل املسؤول، وخرجت الكلمات من بني أسنانه

بعد أن تلفت هنا وهناك، ومل أجد أحدا يعرفين، أو ميكن أن يقف إىل ! ما تتبهدل وينكسر رأسك

بعيدةمن السوق كانت تنتظرنا سيارتان، وخبفة على مسافة غري! جانيب، اضطررت إىل مرافقتهم

وبراعة دفعوين يف السيارة األوىل، وجلس إىل جانيب اثنان ، واحد من كل جهة، وانتقلت السيارتان

بعد أن قضينا بضعة كيلومرتات، وأصبحنا خارج املدينة، استخرج ...بسرعة، وأخذنا طريق العوايل

قماش وعصب عيين، فعل ذلك دون كلمة، وبطريقة آلية الذي كان جيلس إىل مييين قطعة من ال

استدارت السيارةأكثر من مرة، انعطفت يف طرق جانبية، وبعد نصف ساعة تقريبا توقفت، . متقنة

توقفت ، أمسكوا بيدي وأنزلوين، قادوين بضع خطوات مث صعدنا درجا، فتح باب غرفة، دفعت إىل

.1"! داخلها وغابو

، سرنا يف طريق طويل، مث نزلنا درجا، كانت خطواتنا تدوي، وكأننا ننزل إىل بئر أو إىل أخذوين"

باطن األرض، يف حلظات كثرية توقعت يدا تدفعين فأهوى إىل مكان سحيق، وهناك تكون

لكن الدرج انتهى، وسرنا بضع خطوات ! هذا هو السرداب إذن، هكذا قلت لنفسي...النهاية

جلست ، غادروا املكان �ائيا، ! اجلس :باب، دفعت إىل الداخل، وقال يل صوتأخرى، مث فتح ال

. 167 -166: الرواية، صص 1

Page 331: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

331

ولقد تألكدت من خالل الصمت الذي امتد واستطال، وترافق مع دوي مكتوم، وكأنه أصوات مياه

بعيدة جتري يف مكان عميق باطن األرضتلفتإىل أكثر من احتجاه وأنا معصوب العينني، مل يعرتض

غرفة واسعة، : ت أين وحيد جترأت على أن أرخي العصابة، رأيت كما يرى احلاململا تأكد. أحد

شديدة اإلنارة، يف جانب دكة عالية، يتوسطها كرسي بلون نبيذي له مساند، الدكة كأ�ا خشبة

مسرح ديكورها الوحيد هذا الكرسي، يف وسط الغرفة طاولةبأرجل امسنتية مثبة باألرض، وسطحها

غري منتظمة وغري مصقولة، وتتدىل منها أحبال وسيور جلدية، يف أرضية الغرفة جمموعة ألواح خشبية

من األحذية والقمصان والعصى والكابالت، جمموعة غري منتظمة، أقرب إىل الفوضى، أما اجلدران

.1" ! هذا هو السرداب إذن! فقد كانت ملطخة بالدماء، دماء قدمية وأخرى مل جتف بل تـخضع ملختلف التناقضات يف الــذات املبدعة، العمـــل اإلبـــداعي ال ختضع لسيطرة قواننيف

الثقافية اليت الفكرية و مستويــا�ا املتداخلة مبا يعكس االهتمـامـات الفنية و األنساق اجلمـالية والقيم

ولة البط« هي الدييت طالع العريفي وعادل اخلفالبطولة اليت يصور �ا مثال شخصي ،يتقنها املؤلف

،هلمامن خالل وصفه ،2»والنمطية الصارمة على املستوى االجتماعي ،املميزة على املستوى الفردي

، بسبب فسجنا مث نفيا ،ا من قوةبكل ما أوتي عنه اودافع اه، أحب بوطنهما انتعلق عربيان نبطال ماأ�

اجلديدة يف سجــون ماليبدأ جتربته ،وآمري السجوناألنظمة العربية اجلائرة، ومع احملقني مع ماتعنته

للحديث عن نفسه، االستغــراق وهذا ال يعين ،، سجن القليعةسجن املركزي، سجن العفريعمورية، ال

منا لينقل للقارئ حســا إتبار الراوي أحد أبطال هذه الرواية الدرامية، وأقصد عادل اخلالدي، و عبا

االسرتجاع املاضية، فيعمق طريق عن �ا عادل وطالعرنا باملواقف اليت مر يذك الروائيكأمنا ،مأسويا

و�ذا ،ما الفــكرية األوىليلقي الضوء على مكونــا� وهو ،ماويربر الكثري من تصرفــا� شخصيتيهما

ية إيصــالية كل ما ميكن أن مينحه األسلوب احلديث من طرق تعبري « :قد اعتمد الروائيجند

. 232 -231: الرواية، صص 1، الدار 1965 عبد القادر القط،: مر إبراهيم الصرييف،: إدوين موير، بناء الرواية، تر: ، نقال عن55س، ص .جملة املساءلة، م 2

.04املصرية للتأليف والرتمجة، القاهرة، مصر، ص

Page 332: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

332

، وإشاعة هذه الـــروح املــأسوية 1» ...التـأزم املوقـفي ،احلديث النفسي ،داد، االرتـالش بـاك مثالكـالف

جمرد عملية التحول منحها قوة هائلة يفو ،قد أعطـى بعدا إنــسـانيا عـميقا ،ملتغلغلة يف املنظـور الــروائـيا

، باعتبــار أن هذه 2للقـارئ غري احملرتفالتدرج داخل بناء حلزوين اليعطي نفسه بسهولة التناوب و و

بل تستند إىل مادة التاريخ وتدفع ،فهي ال تقول التاريخ ،ـي حــافة التاريخ وحافة املتخيلاملغــامرة تلغ

: لسان الراويمن خالل ما ورد .يخ قوله�ا إىل قول ما ال يستطيع التار

قد .وأنا مثقل باحلزن واهلم حىت حواف الروح، آن يل أن أقول، أن أتكلم . آن أوان القول لقد"

أخطئ ورمبا ال أكون واضحا، قد يساء فهمي، ورمبا تدور حويل الظنون، ال يهم، إذ مل يعد هناك

.3"شيء أحرص عليه، ومل يبق يل شيء، ومل يتبق مين، وملاذا أظل صامتا ؟

بدأت الكتابة لكي ! لت عليكم، مل أشأ ذلك، ومل أتوقع أن مشوارنا هكذا سيطولأعرف أين أثق"

مل أقصد ومل أخطط، فإذا . لكم بعض ما حصل، لكن رمبا �ت ووصلت إىل ختوم الفضيحة أقول

بالنوايا قد تغفرون يل، ورمبا جتدون تفسريا ملا أردته، وملا وصلت إليه، وتدركون بعد ذلك أخذنا األمور

.4"ألقول ما قلت يناألسباب اليت دفعت

وقد جلأ الروائي إىل هذه الوسيلة كتعبري عفوي عن املشاعر اليت حيسها أمام األحداث واملشاهد

، وهذا له دور فاعل يف كشف وإضاءة عناصر البناء 5عيهاحمليطة أو العوامل الفاعلة يف وعيه ويف ال و

من أمكنة وأزمنة وأحداث وشخصيات السردي األخرى

حمدد بنسوج معرفية " هنا...اآلن" رواية الروائي يف الفضاءومن خالل هذا الوصف يتضح أن

تنقلنا إىل العوامل تنويعا�ا احمللية اليتإسقاطا�ا إىل الثقافة الشعبية بكل فمن الثقافة التارخيية و ،عديدة

، وزارة اإلعالم والثقافة، بغداد، 1986مجيل نصيف التكرييت، : ميخائيل باختني، قضايا الفن اإلبداعي عند دوستوفسكي، تر 1

. 67العراق، ص . 59س، ص.جملة املساءلة، م: ينظر 2 .325الرواية، ص 3 . 564الرواية، ص 4 .293لبنان، ص ،، دار العلم للماليني، بريوت1979ور عبد النور، املعجم األديب، بج: ينظر 5

Page 333: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

333

، مما أسهم يف وضياعها يف متهات التهميش والقلقالداخلية ألسرار النفس اإلنسانية بكل تناقضا�ا

عادل ةشخصي: إضاءة جوانب شخصيات الرواية، وخنص يالذكر الشخصيات الفاعلة فيها مثل

بوصف ما خيتلج يف دواخلهما أو ما تتمي به من هيئات وطبائع طالع العريفيشخصية اخلالدي و

الوصف إمنا هو ذكر الشيء كما هو فيه « :، وهذا ما عرف عن قدامة بن جعفر حينما قالخارجية

أحيانا يقع بشكل متشابك ومعقد إىل حد يبلغ معه ضيق السبل إال أنه .1 »من األحوال واهليئات

، بالوقوف عند التفاصيل من قبل املتلقي، مما يتطلب من القارئ جهدا خاصا لبلوغ مقصدية النص

عيش يف يإذ يشعر القارئ أنه يف عامل الرواية املتخيل 2*الصغرية للحدث مما يكسبه وظيفة إيهامية

من "هنا...اآلن"لرواية عامل الواقع وخيلق رؤية وانطباعا يف احلقيقة، وهذا ما نلمسه يف رؤيتنا كقارئ

.خالل اإلشارات والعالمات الظاهرة يف نسق الرواية

أ�ا لغة حتيل على من حيث ،استعمل الكاتب لغة ترقى إىل وصف احلركة الواقعية لألحداثوقد

يوائوظفه الر باعتبارأن الوصف من أهم الوسائل التعبريية والتصويرية، ال التجريد، ،مبادئ الوصف

فتميز باحلياة واحليوية، إذ أتقن الروائي إختيار األدوات اليت تساعد على خلق وداللية لغاية مجالية

مكون من شبكة العالقات املتوارية بني عناصر السرد اليت تنقل املشهد من دراما النص كيان تشكيلي

الذي كان مرتبطا بفكرة الوصف ا هذ ،عموريةدينة من خالل وصف الروائي مل ،3إىل خميلة املتلقي

بل إن ،)الغربة ( باريس ومدينة )الوطن ( عمورية ملدينة تصويره ية عاجلها الروائي واملتمثلة يف أساس

زيارته وهو الذي يعاود كل مرة على السجن، فقد صور لنا من خالله ذلك الوصف هو احلدث نفسه

. يتنقل من سجن إىل آخر

.118، مكتبة اخلاجني، القاهرة، مصر، ص 1948، 1كمال مصطفى، ط: نقد الشعر، تح ،قدامة بن جعفر 1التفاصيل الصغرية للحدث يف عامل الرواية املتخيل، وللوصف أيضا الوقوف عند : من وظائف الوصف، أي : الوظيفة اإليهامية 2

، وهذه الوظائف هلا إسهامة )تفسري احلدث( ، والوظيفة التفسريية )تزيني عملية السرد ( الوظيفة التزيينية : وظائف أخرى منها

إذ يشعر القارئ أنه يعيش يف عامل الواقع ال فعالة يف تنمية احلدث والوصول بعناصر النص إىل اإللتحام واكتمال الوحدة العضوية،

. )82س، ص .بناء الرواية، م: سيزا قاسم: ينظر. ( احلقيقةوخيلق رؤية وانطباعا يف عامل اخليال،

.77 - 76: صصس، .م، 1ط، من منظور النقد األديب محيد احلمداين، بنية النص السردي: ينظر 3

Page 334: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

334

وبقية اخلالدي سجون اليت كان يتنقل خالهلا عادلعمورية وللومل يقف الروائي يف وصفه ملدينة

،فتحولت الشخصية إىل مكان ،للسجنمن خالل وصفه الشخصيةبل عمد إىل وصف ،السجناء

وصموده عادل اخلالديوهذا داللة على قوة ،ية صامدة متحديةمرة قو مدينة عموريةتصور فنجده

على فشل ىوهذا داللة عل ،ومرة يصورها منحطة مدمرة ،نظامالاملرض واجلالدين و وحتديه يف وجه

.لذي كان ينهار مع نوباته املرضيةه ايف صمود عادل

يدية من حيث اجلمود مل يعد يهتم بتلك التفاصيل اليت اعتدناها يف الرواية التقل الوصفف

باحلدث الذي تدور حوله ا جاء مشحونا باحلركة اليت ربطتهوإمن ،والتوثيق ال غريتوضيح الواإلستقرار و

وبالتايل فسح ا�ال أمام املتلقي ،حيث ارتبط باملعاين اإلحيائية وهذا هو حال الرواية اجلديدة، ،الرواية

.واإلحياءاتوالدالالت ومن مث خيلق عنده انطباعا مفعما باحليوية، للتأويل،

: زــــ الرم 2ـ 1ـ 5

حيث ،ة قدرة على احتواء جتليات الرمـزمع النقاد أن اخلطاب الروائي من أكثر األجناس األدبيجي

معرفة مسبقة متكنه من كشف ما ة و مما يتطلب من القارئ قدرات معين ،حيتل عمق اللغة ويصري أدا�ا

اظ فقد تستعمل نفس األلف ،وأفكار ورؤى معينةب من رموز وشفرات حتمل دالالت حتمله لغة اخلطا

وظيفة إال أ�ا ختتلف من نص إىل آخر من حيث أو الرسالة ال ،ونفس الكلمات يف نصوص خمتلفة

اللغة سواء أكانت منطوقة أو مكتوبة فإن ما تتكون منه هو عبارة « ألن ،الرمزية اليت تؤديها داخله

. 1»عن دالئل

. 67، املركز الثقايف العريب، الدار البيضاء، املغرب، ص 2006، 1طائع احلداوي، سيميائية التأويل، اإلنتاج ومنطق الدالئل، ط 1

Page 335: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

335

اليت تناولت الرمز أو ما متثله الكلمات من ،يميائية من أهم املناهج احلداثيةحقل السميكن اعتبار و

تلقي الذاتية لقدرات امل وظــائف رمزية داخل النص األديب تؤدي تشكيالت تصويرية قـابلة للتلقي وفقا

العالمات اليت تعرب عن نظام من اللغة« ممــا جيعل منه طاقة مميزة فنيا، باعتبــار ،ومعرفته الســابقة

،ستخدمة عند فاقدي السمع والنطقميكن تشبيه هذا النظام بنظام الكتابة ،او األلفباء املو ،األفكار

.1»أو غريها من األنظمة ،يغ املهذبة أو العالمات العسكريةأو الص ،أو الطقوس الرمزية

إذ يتمكن من ،للنص لغة واصفة نفسها ـ هيـــكحقل لتحليل اخلطابات األدبية ـ ــالسيميائية ف

مما يفتح النص إىل قراءات ،2»الغة اليت تتحدث عن لغتهم ني اللغة اليت يتكلم �ا البشر و التمييز ب«

وبالتايل أصبح الناقد أو القارئ للنص حرا يف ،أو من ناقد إىل آخر قارئ إىل آخر،متباينة ختتلف من

القول أن السيميائية حررت اللغة و حررت معها القارئ يف وصفه لتجليات حماورته له، مما ميكننا

.النص املختلفة

من حيث دالالته ،تقدم احلدث وتعلن عنه طاقات ترميزيةعلى هنا...اآلنرواية وقد توفرت

هنا أو شرق ...اآلن" بداية من العنوان ،يه داخل النصاملرجعية وإطاره الزمكاين الذي يتموضع ف

والعبارات ،ية هلا دالالت تقرتن مبحتوى النصاليت حتتوي على شحنات ترميز ،"املتوسط مرة أخرى

مما حيدث ،قارئ إىل آخر حسب قدرته الفكرية ومعرفته املسبقة املشكلة لنسيج داليل يتغري معناه من

) Mytique( األسطوري الرمزوكذلك توظيف الكاتب ما يسميه بعض النقاد ب ،ةتأويالت مغاير

خالل الوقفات السردية من ،) Systeme Modélisant(ج مذ ن م ـل أو الك ش م ـام الأو النظ

:اآلتية

القسم الشمايل الغريب من موران، على طريق العوايل، مكان حمظور على الناس االقرتاب منه، إذ "

كان هذا . حتيط به أسالك شائكة مث أسوار عالية، إضافة إىل نقاط للحراسة متنع الوقوف أو املرور

، 1أمحد يوسف، السيميائيات الواصفة، املنطق السيميائي وحرب العالمات، املركز الثقايف العريب، بريوت، الدار البيضاء، ط 1

. 168 - 167: ، صص2005 . 34، ص 1985ط، .يوئيل يوسف عزيز، دار أفاق عربية، بغداد، د: فردينان دو سوسري، علم اللغة العام، تر 2

Page 336: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

336

أوالد يعقوب اختاروه املكان ذات يوم سردابا، أو بئرا، ويؤكد بعض املتحذلقني من مزوري التارخيأن

ليلقوا فيه أخاهم الصغري يوسف، املدلل من أبيه، لكي يتخلصوا منه �ائي، ومبرور األيام، وبعد أن

كان يسجن فيه العصاة ! أنقذ الصغري وكرب وأصبح نبيا مشهورا، وحتول اجلب إىل سجن ال �اية له

لعهد، وأيضا كل من له رأي خيالف والذين يقطعون الطريق، مث بدأ يسجن فيه الذين خانوا ا

.1"السلطان

وبذلوا كل ما يستطعون ! تناوصلت النار إىل بيو : ، قال الناسحني وصلت األمور إىل هذا احلد "

من أجل إطفاء النار وإرضاء الذين يوقدو�ا يف الليل لكي يوجهوها إىل أماكن أخرى، إىل جهات

إىل بيو�مز لكن إذا وافق الذين يشعلون النار، فإن الريح قوية أخرى، لعل احلظ يسعفهم فال تصل

وأغلب األحيان بشكل مفاجئ . وعصية على أي ترويض، وهكذا بدأت النار تصل إىل كل البيوت

ثارت ! ال أحد حيزر على الزوابع أو يتحكم �ا، وألن هؤالء الذين يوقدون النار تتغري أمزجتهم ألن

وأطفئت حرائق كانت كبرية، وقيل إن امطار السماء تدخلت . قتلت أناسا ال عد هلم حرائق كثرية،

ووقعت حوادث كثرية نسبت إىل جمهولني، وطويت، ! يف الوقت املناسب وساعدت على إطفائها

الفعلة" وقيل إن حوادث غريها وقعت، وحني مل يعرف فاعلوها نسبت إىل من حيتمل ان يكونوا

.2" ! وهكذا أصبحت موران مدينة احلرائق واملغدورين ! واقتص منهم" ني أو احملرض

أحاول أن أجد قمرا أو جنمة، أحبث عن أمل . لست متشائما، رغم احلزن الذي الذي حياصرين"

أجد وأن أصل، وقبل أن أمضي البد أن أعض، كما يقول رامبو، على بنادق وعن بشر، والبد أن

، أكثر شراسة، وسوف ال يرتددون يف أن يطلقوا علي اجلالدين القتلة، أعرف أ�م أقوى مين

الرصاص، إذا تلقوا األوامر، وقد يفعل واحد منهم ذلك متربعا، حبخجة أين شتمت الدولة، أو بدون

. 211الرواية، ص 1 . 308الرواية، ص 2

Page 337: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

337

وإىل أن يصل اآلخذون بالثأر، املنتقمون، . د أن يأيت من يأخذ بثأري، من ينتقمحجة، لكن الب

.1" ! جيب أن أتكلم

):ت الضدية أو المتقابلة الثنائيا( ـ التضاد 3ـ 1ـ 5

يف حتليل اخلطاب السردي منذ ظهور المتقابلةأو الثنائيات الضديةإىل أمهية غريماسأشار

ملا تكتسبه هذه ،) Sémantique Structuralالدالالت البنيوية ( مؤلفه الشهري

، خالل التعارض القائم بني طرفيها مما جيعل كل عالمة حتيا نائيات من طابع قيمي منتج للمعىنالث

على الرغم ،ضافرها مع األخرى يف شكل ثنائياتوتفصح عن معانيها ومضامينها من خالل ت

.فر الظاهر بينهما من التضاد أو التنا

:اآلتية فيتمفصل على عالقة التضاد هنا،...اآلنأما االنتظام الداليل يف رواية

. مـــــــــــــــــوتال ســـــعك حيـــــــــــــــــــــــاة ال

.)الموت ( ره ــــــــــــــــــــالك عكــــــسالحـــــــــــــــــــب

.)الموت ( مت ـــــــصـــال عكــــــــسالكـــــــــــــالم

إىل " عكس" لفظة حيث تشري ، عرب قنواتتندرج ضمنها وحدات معنوية متر هذه الثنائيات

التقابل بني تتمفصل على و ،على امتداد الرواية الموتو الحياةوتتوزع قيم ،العالقة التقابلية واخلالفية

اليت خترتق النص ، الحياة/ الموت مما يشكل ثنائية،"حياة قيم ال وموت قيم ال" قيم متضادة

:اآلتية االلتحام الداليل من خالل امللفوظاتت املضمونية وتضمن هلا التجانس و تنظم الوحداو

قد يكون صحيحا ما قيل من أن اإلنسان يف السجن يولد وميوت كل يوم، والوالدة واملوت قدر ما "

يساعدان على الصمود والتحمل، ألن اخلاليا اجلديدة تكون يف فيهما من مشقة ومعاناة، فإ�ما

.1"حالة من العنفوان تستطيع معها أن تقاوم، أن تتعامل مع كل طارئ

. 325الرواية، ص 1

Page 338: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

338

إ�ا خليط من الثقافات واحلضارات، مل تستطع، أو رمبا مل يتح هلا، أن جتد : عمورية منطقة موبوءة"

والعصر، لكي تدب فيها احلياة، وإذا ظلت كذلك ربنت املكان، واجلذو : شخصيتها، أن تكو�ي

فإن املوت ما ينتظرها، سوف تتآكل وتتداعى مث تسقط، لتصبح كتلة من املواد غري املتجانسة، غري

.2" ! القابلة للهضم، مث تعصف �ا رياح املوت فالنسيان

حيث ال نعين احلياة،بني املوت و ،ملعنوية الصغرى يف هذه امللفوظاتتتأرجح هذه الوحدات ا

،إىل املوتتاريخ ذلك املسار الزمين املمتد من ،عادل اخلالدياحلياة اليت كان يطمح إىل حتقيقها

ضروريات احلياة ،مثل وبالتايل فهو يفتقد إىل ،اط الذي يضمن له الوجودولكنها تعين ذلك النشـ

، لتشكل مسارا صوريا والربد والسجنأيت وحدات البؤس وت ،حرية املعتقدحرية الفكر و ،دنيةاحلرية الب

من فضائه ،ن من فضاء اهلنا إىل فضاء اهلناكم عادلمما يدل على انتقال ،حياةالال يغطي فكرة

. السجن واملنفىإىل الفضاء األجنيب البائس الذي ميثل ،لعائلي احلميمي الذي ميثل القريةا

وحدات املعنوية اليت تندرج ضمنها، وحتديد القنوات اليت سنحاول ضبط المن خالل هذه الثنائية و

يف امتدادها الطبيعي ،، السرقةالرعب، التشاؤم، الظلم ،ن، الربدالسج د صورةحيث جت ،عربها متر

امتدادها يف ،التفاؤل والعدل ،األمن ،حلرية الدفءوجتد صورة ا ،السجن الذي يعادل فضاء املوت

عطاء لبنية هذه الثنائيات يف إ الطابع الضديمما يسهم هذا الريف الذي يعادل موضوع احلياة،

إلحساس ال على مستوى ا ،ن العالقة الرابطة بني الشخصيات، وجيلياحيوية وتوتر يطبعان األحداث

اليت وردت �ا السرديةإمنا على مستوى إدراك القارئ أو املتلقي للبنية ،املسلط علىاملستوى النفسي

، حيث صة أن السرد اختذ الطابع الوصفيدالة ،خا تأسست وفقا هلا اللغة كوسيلة إبال غيةاحلوادث و

"الموت " مفهومي موقعها يف الرواية بقوة ضمن الصراع الذي يفرز "الحياة / الموت " حتتل ثنائية

" لفظة و "الموت " فتمت مقابلة لفظة .ايةكقيمتني مهيمنتني على صفحات الرو "الحياة " و

. 295 – 294: الرواية، صص 1 . 379الرواية، ص 2

Page 339: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

339

إال من خالل السياق الذي ،ة أحدمها يف صف اإلجياب أو السلبحبيث ال ميكن موضع ،"الحياة

" فتتجسد من خالل متوقع لفظة ،داللة الكامنة يف املستوى العميقأما ال ،ت اللفظتان فيهورد

.التحرر من قيود النظاموت اليت رمبا تعين رغبة يف إال أن امل ،الذي حيمل هنا مفهوما إجيابيا "الموتا

فإنه يتجسد للقارئ التفاؤل بسبب ،تعمل السلب من أجل ترسيخ اإلجيابوبالتايل عندما يس

، مثلما ورد على لسان عادل املوت يف سبيل الدفاع عن املبادئاإلحساس اجلميل الذي ترتكه قيمة

: اخلالدي

.1" ! واملوت بيد اهللاحلياة : قلت برخاوة"

نقلنا وكنا بني املوت واحلياة، ورمبا انقضى أكثر من يوم حني . ال أبالغ إذا قلت أن ال أحد يتذكر"

.2"بدأنا نصحو ونستعيد بعضا من الوعي والقوة

وما تنتظره سيأيت مبشيئة االخلالق العظيم، اهللا الواحد األحد، لكن، وهذه استخارة األولياء، "

انتظر حيىي ليحيا، فامسع مين، يا أبا غائب، أن تكسب الغائب ليحيا : وليست مشيئة اخلالق، قالوا

.3"! وهذا ما حصل ! بدل أن تنتظر الغائب الذي ال حييا

ره على مستوى النص، له ما يرب ، عموريةأرض على تغيري النظاميف مهمة عادل اخلالديأما فشل

كفاعل حالة الذي يتقدم عادلفإنه نالحظ أن ،جودة بني املقاومة والفشلالعالقة املو فإذا نظرنا إىل

وقد تولد هذا ،) جابهةالمو لمعارضةامواصلة ( الموضوع القيمي يف وضعية انفصال تام عن

العنيفة جتاه املناهضني السياسيني و القوية بسطوه ومواجهته نظام عموريةاالنفصال مباشرة بعد ظهور

لتوقف عن جما�ة النظام أو إثارة الرأي الألمر الواقع و مبسجنهم وتعذيبهم حىت املوت أو االستسال

:، والذي تدل عليه امللفوظات اآلتيةأحداث الروايةمن خالل العام ضده

. 256الرواية، ص 1 . 386الرواية، ص 2 . 455الرواية، 3

Page 340: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

340

حلظة، والبد أن : حلظة، والفرق بني الصمود والسقوط: الفرق بني احلياة واملوت: لنفسي أقول"

أحتمل، ومتر تلك اللحظة الطويلة، اليت تصور�ا بال انتهاء، أعيشها كلها، وأجتاوزها أيضا، وأبقى حيا

له، كان أطول اجتزت الدهليز الطويل ك. هنا ستموت، ومل أمت: وصامتا، إىل أن تعبوا مين، فقالوا

فهل من طريق الصحراء، وكان أطول من احتماهلم، أخريا تركوين أذهب ألموت يف مكان بعيد،

موت هنا ؟ ومن بني الرماد، من الشظايا، أحس يف داخلي شيئا أأحقق هلم هذه األمنية اآلن و

.1" كن عنيدا كالثور، وافعل شيئا غري أن متوت: ينتفض، يصرخ

األيام أ�م يريدون أن أبقى حيا لكي يقتلوين بأنفسهم، فهم ال يوافقون أن أموت كما قدرت بتوايل "

، خاصة الشهريي، كيف أجرؤ على أن ميوت أالف البشر اآلخرين، وإذا فعلت ذلك فسوف حيزنون

.2"أغدرهم وأغادر ؟ ومىت كان للسجني حرية أن ينهي حياته بنفسه

احلياة واملوت، هذا ما سأقدره يف وقت الحق، ألين ال أعرف مىت كنت بني . يف وقت ما تركوين"

.3" أوقفوا الضرب أو ملاذا، وال أعرف كم بقيت فاقدا للوعي

ملاذا �رب من ... ! الغريب يا صاحيب أن املوت يعيد صياغة البشر، وجيعلهم أكثر إحساسا باحلياة"

.4"املوت ما دام قويا وكثيفا هكذا يف حياتنا

المجابهة مواصلة ( فعله اخلالص و ) عادل الخالدي ( بني الفاعل عالقة التنافر نستشفو

الفعل هذا ،) المجابهة مواصلة( الموضوع القيمييف حتقيق عزمه وقوته، ليفسر ) ضد النظام

مثلما ورد يف أحداث ،يساعده على اخلروج من وضعيته املأزومة كحل الذي جتسد تدرجييا اإليجابي

:من خالل املقاطع السردية اآلتيةالرواية

. 97الرواية، ص 1 .243 – 242: الرواية، صص 2 .236الرواية، ص 3 .514الرواية، ص 4

Page 341: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

341

كان ذلك اليوم من أصعب األيام يف حيايت، فالعذاب الذي عانيت منه طوال شهور يف أقبية "

.1"التعذيب ال يعادل حلظة من هذا العذاب، والذل الذي أحسه اآلن أقسى من أي موقف واجهته

ة يف مواقفي وتصرفايت، جتاه األشخاص تستغربون طبعي النزق، وأيضا املتقلب، ورمبا تبدو احلد قد"

بد أن حتاروا يف تفسري هذا الغضبغري مفهومة بنظركم، أو على األقل بنظر بعضكم، وال واألشياء

.2" ! من تكويين، وحىت مالحمي الذي صار جزء

ألن ندخل يف مناقشة من أي نوع، قال الرائد بيأس احملاوالتحني صمت، بعد أن فشلت مجيع "

ا أيبس من الصوان يا ابن اخلالدي، وإذا اهللا ما فتح عليك بكلة تفيدنا �راح يظل رأسك : وسخرية

، بعد �ديدات لرائد جودت يعقوب، وعد مرة أخرىوعد ا...فوقف على حيلك وخذ الشاكوش

مواجهيت صباحا، دا من األفراد، ورأيت بينهم بعض الذين وقفوا يفعدإضافية، وعد بعد أن استدعى

سقطت مع الرقم األخري، وهو يعد . مل أكسرها، وهذا إنذار أخري، فسوف يكسر رأسيوقال إنين إذا

.3"مهما كانت النتائج املطرقة من يدي، داللة على أنين لن أفعل

: اآليت امللفوظت أكثر من خالل اليت جتسد ") الموت ( الكره/ الحب " أما ثنائية

يتكلم القلب، ولذلك علينا أن نرتك له قيادتنا، واألفضل أن يقرر نيابة الحبو الموتيف شؤون "

.4" ! عنا

إىل موضوع السجن دون ختطيط ودون قصد، يف الوقت الذي كنت مصمما على لقد انزلقت "

ولكن ماذا يف عمورية غري السجون واجلوع واملذلة واآلالم ؟ أين ضاعت عمورية اليت حنبها، ! النسيان

.5"عمورية احلمامة، ليايل القمر، أغاين األعياد، عمورية احملبة واأليدي الدافئة واملسافرين العائدين ؟

.364الرواية، ص 1 .503الرواية، ص 2 .560الرواية، ص 3 .28الرواية، ص 4 . 332الرواية، ص 5

Page 342: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

342

عل الذي ال هو الف الحباعتبار أن ب، ي األخرى على جمرى املسار السرديههذه الثنائية طغت

ائر يف نفسية املتعرض هلذه القيم، وإمنا يعوض عما يسببه احلزن من خس ،الموتيتمكن من إلغاء

مما جيعل الداللة الكامنة يف املستوى العميق تتجسد من خالل متوقع فعل ،حيث جتعله يتمىن املوت

كلما تنامى حب هذا الفعل تناقصت آثاره حيث أنه الذي حيمل هنا مفهوما إجيابيا، " الموت "

: ، واألمثلة اآلتية تدل على ذلكالسلبية

اآلن، وأنا أعتلي حصان الشهريي، أشعر أين أقوى من كل الذين حويل، وأ�م خيافون مويت، كانوا "

تعلمتها يتمنونفي أعماقهم لو أتكلم، لو أكف عن العناد، ألين بذلك سأرحيهم، لكن القاعدة اليت

حياة تسر الصديق أو موت يفري أكباد : من أمي، يف ذلك اليوم البعيد، وهي تقول بطريقتها اخلاصة

العدوين، انفتحت أمام ناظري، مألتين، ولذلك كنت متعجال لكي أغيظ هؤالء املتهكمني بالتقييد

.1"لشهريي ا: والرتبيط، وأولئك الذين يستعدون للضرب، وذاك الذي ينتظر على عرشه

هناك حلظات وحاالت يصبح معها املوت شغفا ورغبة، يفقد اإلنسان اخلوف ويتحول إىل حالة من "

املوت سيطال كل إنسان : وأنا أشد العصابة إىل أقصى حد قلت لنفسي. العناد أقسى من السخر

ن جيعل الواحد وال ميكن ألحد أن ينجو منه، لكن أمجل موت، إذا كان هناك مجال من أي نوع، أ

ما ميوت، وهذا ال يتحقق إال إذا عرفوا أن املوت ال يعين له دعن أعداءه تعساء، أن ال حيسوا بالفرح

.2"شيئا، وأنه ليس عقوبة أيضا ، وهو ما سأحاوله، وهذا ما أريد الوصول إليه

تعين يل شيئا مهما الفرتة أكثر رغبة يف املوت، أو بكلمات أدق، مل تعد احلياة، كنت خالل هذه "

.3"وخطريا، خاصة بعد العذاب الذي عانيت منه، وبعد الذل الذي سحقين

. 277 – 276: الرواية، صص 1 . 265الرواية، ص 2 . 306الرواية، ص 3

Page 343: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

343

على عادل اخلالدي الذين يصر ةفتجسدت من خالل شخصي الصمت/ الكالم أما ثنائية

اليت فإنه يف املواجة ،)العقيد متحت السجان العطيوي و (أمـام الطرف اآلخر الصمتممــارسة سلطة ا

:اآلتية اتصارت بينهما يصران على الصمت ممارسني بذلك حيادا لغويا من خالل امللفوظ

ومتر تلك اللحظة الطويلة اليت تصور�ا بال انتهاء، أعيشها كلها، وأجتاوزها أيضا، وأبقى حيا "

الدهليز الطويل كله، كان أطول اجتزت. ، ومل أمتهنا ستموت: ن تعبوا مين، فقالواإىل أ. وصامتا

من طريق الصحراء، وكان أطول، أخريا تركوين أذهب ألموت يف مكان بعيد، فهل أحقق هلم هذه

.1"األمنية اآلن وأموت هنا ؟

واهللا ال طلع حليب أمك من خشومك، يا بن احلرام، إذا ما حكيت، ويصبح : ويصرخ العطيوي"

.2"الصمت مرضي غري القابل للشفاء

فاألسبوع األول الذي امتأل بالصمت، وجعلين باإلضافة إىل اآلالم، ال أقدر وجود اآلخرين، "

لقد . وبالتايل ال أحس �م، لكن حنيبا أقرب إىل العواء انفجر فجأة عند أول املساء وغري الكثري

أوضاع هذه حصل ذلك بعد أسبوع من وجودي يف الزنزانة، فتأكدت أنين واحد من جمموعة، و

رمبا مرت على بعضهم فرتات طويلة، ومع ذلك ال يزال عدد منهم .ا�موعة ال ختتلف عن وضعي

.3"ولكن كيف أفسر هذا البكاء األقرب إىل النحيب، والذي انفجر هكذا ؟ . صامدا

الصمت والنريان، كان الصمت ميأل السرداب، الذي بدا كأنه مكان عزل عن : كل ما أتذكره "

.4"العامل كله

ليعرب عن ،يف هذا السياق الكالمالروائي من خالل هذه األمثلة يرتاجع أحيانا عن توظيف لغة ف

من خالل ممارسته يف مواضيع خاصة، وكأنه جيلي للصمت حكمة ربانية ال يفهمها إال الصمتقيمة

. 97الرواتية، ص 1 . 101الرواية، ص 2 . 181الرواية، ص 3 . 236الرواية، ص 4

Page 344: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

344

" : الصمت لغة خاصة دون الكالم ،مما يؤول إىل أن أصل هذه الثنائية القائم �ذا الفعل، فتجعل من

اليت تعرب عن تراجع التواصل اللغوي بينهما يرقى إىل املستوى الداليل للكالم، " الصمت /الكالم

مما جيعل الكالم يف اللحظة اآلنية ذا�ا يندرج ضمن اإلطار السليب، ويندرج الصمت ضمن اإلطار

حنوه الشخصيات وبالتايل الصمت إىل كالم وحراك اندفعت ويتحول لتنقلب املوازين .اإلجيايب

،املسجوننيهو مرين بالسجنالسجانني واجلالدين واآلحيث جند أن الفـاعل بدال من األحداث،

إال أ�م اندفعوا إىل الكالم يف إطاره الصمت والتكتم عن احلقائق، يف ونيرغبكانوا نالذيهؤالء

:، من خالل امللفوظات اآلتيةاإلجيايب قد . لقد آن أوان القول، وأنا املثقل باحلزن واهلم حىت حواف الروح، آن يل أن أقول، أن أتكلم"

أخطئ، ورمبا ال أكون واضحا، قد يساء فهمي، ورمبا تدور حويل الظنون، ال يهم، إذ مل يعد هناك

.1"ق مين، فلماذا أظل صامتا ؟ شيء أحرص عليه، ومل يبق يل شيء، ومل يتب

، مث ل، إذ يرتفع صوت البكاء مرة أخرىوميتد الصمت ثقيال موجعا، لكن هذا الصمت ال يطو "

.2..."إذا كنتم شجعانا فالنحتكم إىل الشعب: يعود صوت التحدي

الكتابة لكي أقول لكم بعض ما حصل، لكن رمبا بدأت !مل أتوقع أن مشوارنا هكذا سيطول..."

ورمبا جتدون تفسريا ملا أردته، وملا وصلت إليه، وتدركون بعد ذلك ...�ت ووصلت إىل ختوم الفضيحة

.3"األسباب اليت دفعتين لقول ما قلت

سعى إىل اخلروج من البطل عادل اخلالدييتضح أن الدورة الداللية للنصإذا نظرنا مليا يف و

تضمن هلا حقوقها و الدخول احلامل لقيم تعمل على ترقيتها و المتحولوالدخول يف منطق الثابت

االحتكام ( خلارجيإىل الفضاء ا )السجن(الداخلي يف هذا املنطق املرهون سلفا باالنتقال من الفضاء

. 325الرواية، ص 1 . 188الرواتية، ص 2 . 564الرواية، ص 3

Page 345: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

345

ما كان يصبو إليه، إال بعد عناء طويل لعادل ،غري أن هذا االنتقال مل يتم ومل حيقق ) إىل الشعب

.تسفريه إىل باريس للعالج وحتقيقات كثرية من طرف رجاالت احلكومة، مث

وجوده كإنسان حر يف ب استطاع يف �اية املطاف أن يعرتف عادل وضمن هذا املنظور يتبني أن

ى تقومي هذا اخلضوع داللة قاطعة عل ويدل ،اخلضوع إلرادتهو ،وبالتايل الرضوخ لسلطانه هذا الوجود،

بوصفه بــطـــل قد عادل الخالديتمجيد مبين على تأويل يفضي إىل وهو ،احمليط اإلجيايب ألدائها

.التحرروتثبيت املعــانــاةبنفي ،المتحــول إلــىالثـــابت مكنه النجاح يف مشروعه من االنتقـــال من

1:يلي وميكـن متثيل ذلــك كمـا

رر ـــتح اة ــمعان

المعاناة

عادل باعتباره البطل مل ينجح يف حتقيق مسعـاه ) عموريةحكومة (الفــاعل وبالتـايل فإن

ــ حكمة عادل يف قيــم جديـدةومل ينجح يف صموده أمــام ،جيب معــاقبته وخائنجمرم الخالدي

بالتايل اخلضوع إلرادته يفمعه، و إىل التساهل حكومة عمورية أجلأتقلبت موازين القوى و املواجهة ــ

. والسفر إىل باريس التحرر

: ـ المستوى الحركي 2ـ 5

:ـ اللغة العادية 1ـ 2ـ 5

. 92س، ص .رشيد بن مالك، مقدمة يف السيميائيات السردية، م 1

Page 346: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

346

،، ليس أمرا عفويايف كثري من حمطات الرواية ،للهجة الدارجة أو اللغة العامية روائيأما استعمال ال

أن ،ابإذ يرى الكثري من الكت ،الرواية من املتلقي أكثرريب لغة وإمنا مقصودا ،لإليهام بالواقعية وتق

ــــــ وسيلة من وسائل اإلتصال سواء كانت رواية أو قصة أو مسرحيةـــــ اللغة العامية يف األعمال األدبية

يف ذلك بالكشف عن السمات احمللية اليت متيز سكان الريف اليت جرت روائي، وقد أفلح الالفهمو

اللغة ( فتح على اآلخر ليجعلها تن حيث نقلها من دائرة خصوصيتها، داث الرواية،فيها معظم أح

صدى �موعة من " هنا...اآلن" خاصة أن رواية ،لتفعل فيه فعل التشويق واجلاذبية ،)األدبية

كما أنه استطاع من خالل توظيفه للغة العامية أن يسهم يف ،ألصوات يسعى الكاتب إىل حماكا�اا

اليت كان يدور بينها ء املتعلقة باملكان أو بالشخصياتسوا العريبإشهار الطبوع املميزة يف وطننا

ينحدرون من ـــ نالسجانون واجلالدو ـــ اليت كان مسريوها واآلمرون فيها و ،احلوار داخل السجون

دينة الذين حيث كانت لغتهم متيزها العصبية والصراخ والعنفوان عكس أهل امل ،مناطق ريفية خمتلفة

:اآلتيةمثلما ورد يف األمثلة والرفق والليونة، تتميز لغتهم باهلدوء

: وبعد قليل وبلهجة خمتلفة. وزير؟ أمري؟ أو سواق للحمري: هاريدك تفهمين شنهو اللي ناوي تصري "

ألن يباسة الراس ال تفيد، وهذول اللي قالوا لك ميكن تصري كذا أو ولك أرحم نفسك وصري عاقل،

هذول باعوك وباعوا غريك، وعندنا يف اجلهاز منهم كثري، ومن هذه اليد . يضحكون عليك كيت

.1" بربسيمه ياخذون قريشا�م، وأنتم مساكني ال تعرفون الواحد منكم مثل ثور اهللا

.2" ! املنفخة ويباسة الراس ماذا تفعل بصاحبهاامشي معي، وهاحلني راح نشوف "

وضحك ... العاقل اللي يعرتف حىت خيلص، ألن يباسة الراس ما تفيد: قال الشهريي بطريقة فخمة"

هنا الدجاجة تطري وتعلي، والصقرأبو : بقهقهة، مث أضاف كأنه خياطب نفسه والفريق الذي معه

.3" ! تشوفون القوادم واجلناحني، يهوي يركع، ومثل ما

. 210الرواية، ص 1 . 227الرواية، ص 2 . 248الرواية، ص 3

Page 347: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

347

كنت أحس غيظه مثل طوفان، كان يف حلظات معينة ... ! يف حلظة ما نزل الشهريي عن عرشه"

�ايتك، يا ابن احلرام على يدي، راح متوت فطيس مثل كلب، ال من شاف ال من مسع، وإذا : يصرخ

.1"! ما كان اليوم غري يوم، لكن أبدا ما راح ختلص

وين رايح يا ابن الكلب، رايح على عرس امك ؟ رايح : الحظ الشهريي، ورمبا خاف، فقد صرخ "

.2"الكفار أبد ما يشوفون اجلنة ! على ديرة ما حتلم التشوفها يا عدو اهللا

كان يأتيين بعض الليايل، ورغم اآلالم والضيق واحلاجات اإلنسانية، فهو يريد أن يتكلم، أن "

! هذا الليلة، بارد، مثل طيز السقا، ويعلم اهللا كأن أجلك جا وراح متوتوجهك، : خيطب

لك، يامحار، يا ابن األوادم، أحسن لك تعرتف : وحني أهز راسي بعدم اهتمام يتابع بلهجة ناصحة

! وتقول، بدل ما تظل معاند وميبس راسك

:ينظر إيل حبقد، ويقول، ، أو ال أجد ما يستحق الرد، ويتأكد من ذلكال أجيب وحني...

محار مدبر، ثور مطلوق، أنت واحد صايح،وحرام فيك اخلبز ايل تاكله، أنت حيوان، مجل أجرب،

عليك ما أحد يسومكك بقرش أو قرشني، وفوق هذا وذاك متعب روحك جوااهللا إذا حر وعلم

وب وتصري مثل ومتعبنا معك، لكن واهللا ألكسر خشمك واسوي بك اللي ما يتسوى إىل أن تت

.3" ! اخللق، بس اصرب علي كم يوم

راح اعـــد للثالثة، فإذا ظليــت معنــــد، واهللا ألخـــلي دمــــاغك يفــــرش احليط : وبعد قليـــــــل وهو يرجتــف"

.4"كله

:وارــــــالح ـ 2ـ 2ـ 5

. 267الرواية، ص 1 . 276الرواية، ص 2 . 287 الرواية، ص 3 . 315الرواية، ص 4

Page 348: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

348

أكدت حضورها بشكل ملفت لإلنتباه يف والتقنية اليت يعد احلوار السردي أحد العناصر الفنية

بأن يرتك هلم الفرصة للتعبري ،براز العوامل الداخلية للشخوصيلجأ إليه الراوي إل ،بناء الرواية اجلديدة

،1»ا�ال الوحيد حليوية الكالم « فهو .واطرهم باللغة اليت تالئم طباعهمعن أهوائهم وما يلج يف خ

اخلطاب «: أما جريار جينيت فيعرفه .بني شخصيتني أو أكثر الكالملتبادل ملا ينتجه من الدرامية

بإعطاء الكلمة حرفيا، فال تطرأ على الكالم أية تعديالت )الراوي ( املنقول الذي يتظاهر فيه السارد

و الذي مينحويرى ميخائيل باختني أن احلوار ه. 2»أو تغريات، وهذا اخلطاب مياثل النمط املسرحي

سيس للنسق التحاوري بني من خالل تركيزه على التأ ،3 وأ�ا ال حتىي بدونه ،اللغة مقومات وجودها

حيث يرتك « مبقاطع وصفية للعالقة بني الشخصيات ، "لغة الحوار " مبا يسمى ،الشخصيات

فتحقق ،وتوجه أرائها الشخصية ،فية للشخصيات لكي تعرب عن نفسهاالكاتب أو الروائي احلرية الكا

.معتقدا�ا وأبعادهاثقافتها و ، فتكشف على أفكارها و 4»بذلك النظرة لعامل موضوع وجند الروائي يف هذه الرواية حيمل وجهة نظر جتاه الشخصيات من خالل الكشف عن خفايا

اليت يبلغها اخلطاب كي يستجيب لشروط التلقي، ويفتح ثغرات « التاريخ،والرتاث و احلدث املاضي

أسلوب معتمدا يف ذلك 5» التواصل يف أبنية الوعي والفكر ليضفي على النص صفة الواقعية الفنية

، مما جيعل 6، وذلك باستخدام ضمريي املتكلم واملخاطب كوسيلة إلبراز احلقائق وتوضيحهاالحوار

ضمن بنية ا ال تتحرك إال الشخصيات كفاعل يف الرواية أن تتماهى مع الزمن ومع املكان، أي أ�

. 36، ص 1994: ، س03: جملة جتليات احلداثة، جملة يصدرها معهد اللغة العربية وآدا�ا، جامعة السانيا، وهران، ع 1 .187س، ص .جريار جنيت، خطاب احلكاية ـــ حبث يف املنهج، م 2، دار توبقال للنشر، 1986ط، .مجيل نصيف التكرييت ــ حياة شرارة، د: دوسرتيفسكي، ترميخائيل باختني، شعرية : ينظر 3

. 267الدار البيضاء، املغرب، ص .17س، ص .عبد احلميد احملادين، التقنيات السردية يف روايات عبد الرمحن منيف، م 4، دار اآلداب، القاهرة، مصر، ص 1999، 1صالح فضل، شفرات النص، دراسة سيمولوجية يف شعرية النص والقصيدة، ط 5

27. لكتاب العرب، دمشق، سوريا، ص ، منشورات إحتاد ا2002ار، توظيف الرتاث يف الرواية العربية املعاصرة، حممد رياض وت 6

119.

Page 349: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

349

يف الرواية بطريقة الزمكاين خيضع هلا التنظيم ،حمددة ملا تصنعه من عالقات داخلهازمكانية

تبدأ حبكاية ترحيل عادل اخلالدي عن موران لتصل إىل حكاية ،وحلقة زمنية دائرية ،طوبوغرافية دقيقة

إطالق سراحه وورحلته إىل باريس للمعاجلة لتنتهي إىل حكاية أنه أصبح موظف كمصحح لغوي يف

جملة مليس بباريس، و�ذا يكون الفضاء الروائي منظورا للممثلني أو الشخصيات الفاعلة يف الرواية أو

قيم الرمزية واأليديولوجية املرتبطة بعرضه وتقدميه، مما جيعلنا كقراء ننظر إىل أفقا هلا بالكشف عن ال

الرواية أ�ا فضاء يبدأ من نقطة لينتهي إليها مستعينا بأحداثيات نعدها أساسية وجوهرية تشكلها

وحدث وموقف، وهي أيضا وجهة نظر الروائي اليت اصر السرد من مكان وزمان وشخصياتعن

زاوية " ، خاصة وأن كل 1يريدها، فينتج عمال أدبيا حيمل معىن مجايل ومعىن آخر إيديولوجيحيملها و

خلها والكاتب نفسه له زاوية يف الرؤية جتمع يف دا يف داخلها تصورا جديدا للعامل، يف الرؤية حتمل

أو زماين أو مكاين، وهكذا نرى أن زاوية الرؤية اخليالية تكون ذات طابع عاملا منظورا من عدة زوايا

.2"ذات طابع إيديولوجي

،طالع العريفي واحملقق الشهرييالذي جرى بني احلواراحلوار بني عادل والدكتور ميالن، :مثال

احلوار الذي جرى بني عادل وسجناء القليعة مع ،رجاالت النظامو عادل احلوارات اليت جرت بني

من خالل املقاطع ،هاالبعض من وحوارات أخرى نذكرمناقشة بنود اهلدنة أثناء العريف إدريس

:السردية اآلتية

وحنن جنري هذا احلوار، كأننا منهد ملا بعده، وكان أقرب إىل الدعابة، وإن مل خيل من رغبات أو "

:يف حلظة معينة، وبعد أن ساد الصمت، قال يل الدكتور ميالن بلهجة جديدة: وجهة نظرة

.الضغط واحلرارة لنعرف مدى التقدم دعنا نقســــــ

، منشورات خمرب الرتمجة يف األدب واللسانيات، جامعة 2006أمحد مومن، : روجر فاولر، اللسانيات والرواية ، تر: ينظر 1

. 96منتوري، قسنطينة ، اجلزائر، ص لنشر ، مكتبة األداب للطباعة وا2006، 1عبد الرحيم الكردي، السرد يف الرواية املعاصرة ـــ الرجل الذي فقد ظله منوذجا ، ط 2

. 158والتوزيع، القاهرة، مصر، ص

Page 350: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

350

.النتائج جيدة: بعد أن انتهى هز رأسه وقال بوثوقــــــ

؟ ومىت أستطيع مغادرة املستشفى: قلتــــــ

تطلع إىل عيين متاما ليكتشف ما وراء السؤال، عض على شفته، وكأنذه يوازن بني أمور عديدة، ـــــ

أنت يف وضع جيد، وغدا، بعد أن جنري بعض ا من اليومبدء: وقال حبزم أقرب إىل احلدة

قال الكلمة . الفحوصات اإلضافية، وللتأكد فقط، سوف أترك لك أن تقرر مىت حتب أن ترتكنا

: األخرية، وضرب كتفي مبودة، وبعد قليل

العشق أريدك أن خترج بسرعة، ولكن أريد أن أراك أيضا، فقد أصبحنا أصدقاء، إال إذا كان ـــــ

.1"والتفت من جديد إىل الزهور يف الزاوية . سيسرقك منا

اللي هدفه قلب احلكومات وتغيري األنظمة الزم : بعد أن استقر علق الرائد وهو يوجه إيل الكالم "

! يكون فيه عزم وعنده عصب قوي، واشوفك رخو مثل خرقة، يا أبو الشباب

مهمة الشباب، يا : أتكلم، علق أحد الضيوف، وسوف أعرف أنه أحد أعضاء جلنة التحقيق ملـــ

من يكون لديه : سيادة الرائد، التنظري، أما التنفيذ فعلى عاتق العمال والفالحني، ومثل ما يقول املثل

! خدم فعليه أن ال يوسخ يديه

وبعد أن هدؤوا قال الرائد مبا يشبه األمر وضحكوا بصخب ال يناسب الكلمات اليت قاهلاالضيف، ـــ

...قرب، تفضل، حىت حتكي لنا كم كلمة نظيفة: والسخرية معا

أشار الرائد إىل كرسي مل أره من . بارتياب وارتباك، إذ ال أعرف كيف علي أن أتصرف تقدمتـــــ

صحيح ان الدعوة متأخرة، لكن، مثل ما تعرف، أشغالنا كثرية والواحد ما هو : قبل، وقال بتبسط

...فاضي حيك رأسه، وأنت تقدر

الوقت نفسه، أن خيلق اجلو وضحك، وكأنه يريد أن يدخل املوضوع بسرعة، لكن عليه، يفــــ

تشاركنا بقدح ؟ : املناسب

. 136الرواية، ص 1

Page 351: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

351

ما راح نلح عليك، فأنت من أهل البيت، وإذا : وحني رفضت بسرعة وحبزم، أضاف وهو يضحكـــــ

! رفضت أن تشاركننا الكاس، فيمكن أن متد يدك، أن تنقنق معنا

! تعشيت، شكرا: وبسرعة أيضا أجبتـــــ

.صحتكم يا مجاعة: التفت إىل ضيوفه وقال...ت ندخل املوضوعإذن، وبدون مقدماـــ

أو عندما " ولألرض من كأس الكرمي نصيب: " عندما أقول: هز رأسه أكثر من مرة والتفت إيل ...ـــــ

ونشرب إن وردنا املاء : " أو عندما أقول" كامنا هو يف حل ومرحتل ـــ موكل بفضاء اهللا يذرعه" أقول

، فهذا الشعر ميكن أن يفهم، أن يصل إىل القلب والوجدان، "رينا كدرا وطينا صفوا ويشرب غ

وباعتبار أنك من معلمي السجن، وحنن من سلك األمن، وعقلنا على قدر حالنا، فقلنا ألنفسنا ما

!ينورنا، مثل ما كنت يف القليعةلنا إال عادل اخلالدي

اخلرطوش الذي وجدناه يف املهجع، ولن ندخل يف من يدعي : مسعت ومل أعلق، تابع بلهجة جديدةـــــ

...ملكيته، أريدك أن تفسر يل الشعر الذي فيه

أحاول أن أجيب، لكن أشعر أن أية حماولة يف الدخول مع هؤالء إىل الدهليز الذي يريدونين أن ـــــ

: إىل تغيري املوضوع أدخل إليه سوف جيعلين أمامهم أضحوكة، حماولة غري مفهومة، ةولذلك أجلأ

.سيادة الرائد أنا ال أستطيع تفسري الشعر

ماذا تستطيع أن تفسر ؟ــــــ

.أستطيع تفسري القرآنـــــ

يا ابن الكلب، أنت عايز تضحك علينا ؟ عايز تستغل هذه اللحظة وتقول إننا سكارى ؟ ...آه

وهذه الكتب اليت وجدناها عندكم ؟...

!قبل أن نقرأها متت مصادر�ا ـــــ

! ولكن يا ابن الكلب، مفتلة قدر ما هي مقروءةـــــ

! مل يأت بعد دوري يف قراء�اـــــ

:تقرأون بالدور ؟ هكذا سألين أحد الضيوف بتورية أكثر دعارةــــــ

Page 352: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

352

، ايرة، وعيون غموالنا، هذول بالدور وبالتناوب، مرة فوق ومرة حتت، وتشوف عيونك، ايدين ترجف

وإال كيف راح يدبرون أمورهم ؟

كبرية كأ�ا جبال، وخطرية، كأ�ا : ما فيهم واحد شريف، لكن كلما�م مثل ما قرأ لك الرائدــــــ

.قنابل، لكن مهما خضيتها تظل مي ما يطلع منها شيء

لذاكرة، وصاحبه ، موالنا، ما طلعت منه بفكرة، شيء يبقى يف اقرأت الديوان كله: قال أبو سوسنــــــ

" ...إىل اجلماهري املتطلعة إىل غد أفضل " واإلهداء " على جناح غيمة : " معطيه عنوان

أنا ما عندي كثري أتناقش فيه معك، لكن بشرفك هذا الكالم : ضحك مبرح وجاءت هلجته ساخرةـــــ

.املوجه إىل اجلماهري معقول ؟ ميكن أن يصل

هذا يدل على أنكم أناس بسطاء، تعيشون يف األحالم، وال أريد أن : رحهوبعد قليل، ومل يفارقه مــــــ

أقول أكثر من ذلك، فهل يطيب لك أن تبقى يف السجن سنة وراء سنة، ومع أناس حاملني

ويتوجهون إىل الناس مبثل الكالم الذي مسعت بعضه من الرائد ؟ هل تعتقد أن بإمكانكم مبثل هذا

يل أن تقيموا نظاما أفضل من النظام القائم اآلن ؟الشعر ومبثل هذه التماث

:هكذا رددت بانفعال، فسألين الرائد مبرح. الشعر والتماثيل ال ميكن أن تقيم نظاماــــــ

ال تتوقفون حلظة واحدة من التبشري بنظام على أنقاض هذا النظام، وبغد أفضل، وهو نفسه ولكنكم

سيوصل إىل النظام الذي تريدونه ؟ اإلهداء على الديوان، فهل مثل هذا الشعر

سيادة الرائد ، إن أي شعر، وأية متاثيل أو روايات ال ميكن أن تغري شيئا، : قلت بنوع من اليأســـــــ

! الذي يغري هو اإلنسان إن

مهما تكلمنا اآلن، فإن كالم الليل ميحوه النهار، مث أنذ للنهار ...سيادة الرائد: قال أبو سوسنـــــ

.عيونا، فمن رأيي ان نعلق التحقيق حىت الصباح، ميكن اهللا يفتح عليه ونستطيع أن نتفاهم معه

.1"... اآلن قربت من الثالثة، والصباح رباحفعال سرقنا الوقت، والساعة :قال الرائد جودت

. 554... 550: الرواية، صص: ينظر 1

Page 353: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

353

لشخصية التعمق يف نفسية ا إىلبل تعدى ،الشخصيات فيما بينها حوارعلى الروائيمل يقتصر و

بالمونولوج أوضاعها الفكرية من خالل ما يسمى ذا�ا للكشف عن نفسيتها و

(Monologue) مما الفكريةالنفسية و ا، لكشف طبائع الشخصية أو حوار الذات مع نفسه ،

هو حديث « : لك مرتاض، يقول الدكتور عبد املاي وجيعله حيس مبا حتس به الشخصيةيؤثر يف املتلق

لغة محيمية تندس ضمن اللغة العامة املشرتكة بني السارد ،واعرتاف الذات ،النفس للنفس

،اجلــوابجيمع بني الســؤال و إذ ،ألنه يستويف شروطه ،لون من ألوان احلوار فهو ،1»والشخصيات

واحلوار الفعال جيب أن يتجلى ،2»جتسيده و تتبع جمرى شعور اإلنســان « وفيه يعمل الروائـي علـى

فهو يدل على وعي الشخصية وتفردها ويسهم يف تطور « ،أساسا يف سلوك الشخصيات ذا�ا

فيتيح هلا أن تعرب طوعا «، الفعالفالشخصيات تسجل حضورها من خالل احلوار . 3» األحداث

، فال وجود للحدث 4»أو كراهية عما ال يتم الكشف عنه، أو استشفافه منه بأية تقنية روائية أخرى

.اإلنساين خارج نطاق احلوار

صية، والعمليات النفسية وقد استخدم الروائي املونولوج كتكنيك لتقدمي احملتوى النفسي للشخ

ـــ إذ يعكس احلالة النفسية للشخصيات، فتعرب عن مكنونا�ا كما عرفه روبرت مهفريــ لديها ـ

: ما ورد على لسان بعض الشخصيات املهمة يف الرواية مثل�ا، وتنقل حاجا�ا النفسية، مثلومكبوتا

طالع العريفي وعادل اخلالدي، حيث جند هذا األخري يكرر على لسانه وهو يعرب عن مكنوناته

:ومكبوتاته

. 138س ، ص.عبد امللك مرتاض، يف نظرية الرواية، م 1 127، املؤسسة العربية للدراسات والنشر، بريوت، ص 1981، 1فاطمة الزهراء حممد سعيد، الرمزية يف أدب جنيب حمفوظ، ط 2 .34، بغداد، العراق، ص 1980: ، س04: اقر جواد، لغة احلوار ودالالته يف الرواية العراقية، جملة الطليعة األدبية، عب 3، دار الشؤون الثقافية 1991فؤاد التكريل وحمسن املوسوي، : �اد التكريل، مر: ال أوئيلية، عامل الرواية، ترـروالن بورنوف ـــ ري 4

.168ص العامة، بغداد، العراق،

Page 354: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

354

أن : ، وكأنه حيدث نفسهوبعد قليل. ! العرق دساس، والدم أبدا ما يصري ماي: قلت لنفسي"

.1"الغريب للغريب نسيب، وأنت تدري أن النسيب أحسن من ابن العم يف بعض األحيان

لنفسي لكن منذ أن مات طالع، مل أجد لدي الرغبة أو القدرة على أن أقرأها كلها، كنت أقول "

، لكين يف ، فيجب أن ال أكون أكثر وفاء منهما دام مل يف بوعده: بتشف ألشعر مبزيد من العذاب

هذه الليلة وجدت نفسي أغرق يف تلك األوراق، كنت وأنا أتوغل يف ذلك العامل ا�نون أزداد مرارة،

، السجن، جيب أن ينتهي، أن وحقدا، وأزداد اقتناعا أيضا أن هذا العار الذي محلناه معنا فرتة طويلة

.2"يزول

وأنا، إىل مىت، أستطيع االحتمال ؟ وملاذا أختصر العذاب ما دمت سأعرتف يف النهاية ؟ وهذا "

.3"الذي صرخ اآلن، كم مضى عليه وهو يف الزنزانة، وملاذا مل يصمد أكثر ؟

حلزن بدأت تفرخ األفكار يف زنزانيت، ورمبا يف كل زنزانة، ومن ازن كشبح من فانتصب احل" ...

ملاذا حنن هنا ؟ وهؤالء املوجودون : وبدأت األسئلة... ! واملخاوف والذكريات، ومعها األسئلة أيضا

يف الزنزانات األخرى، ماهي التهم املوجهة إليهم، وكم مضى على وجودهم ؟ وهل سيسرخ أحد أو

.4"والناس يف املقاهي والشوارع ؟ .. األهل والرفاق واألصدقاء.. يأيت آخرون ؟ والعامل اخلارجي

« : حني رأيت شعري وقد أصبح كومة أمامي، شعرت بالربد، وبأين إنسان آخر، قلت لنفسي"

وماذا اآلن ؟ وأية فائدة هلم : ، وبدأت تثور األسئلة من جديد»كالنا كان يف غىن عن هذا العذاب

لذي أتعبته هكذا، وأصبح يل عدوا، أمل يكن يف أن أظل كما كنت أو أصبح حليقا ؟ وهذا احلالق ا

.5"األفضل لنا، لو جتنبنا هذه اللعبة السمجة ؟

.16الرواية، ص 1 .67الرواية، ص 2 .180الرواية، ص 3 . 181الرواية، ص 4 . 200الرواية، ص 5

Page 355: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

355

، أن املونولوج تكنيك يستخدم يف القصص بغية تقدمي احملتوى هنا... اآلن كما جند يف رواية

ـــ إذ يعكس احلالة النفسية روبرت همفريالنفسي للشخصية، والعمليات النفسية لديها ـــــ كما عرفه

للشخصيات، فتعرب عن مكنونا�ا ومكبوتا�ا، وتنقل حاجا�ا النفسية، مثل ما ورد على لسان بعض

الشخصيات املهمة يف الرواية مثل عادل اخلالدي، حيث جنده يكرر على لسانه وهو يعرب عن

:مكنوناته ومكبوتاته

ة لتحريك لساين، فقد حولت آهات األمل إىل شتائم، كنت أشتم أما اآلن واملرض يشتد، ويف حماول"

ما كدت أصل إىل هذا املستوى حىت افرتضت أنين جننت أو يف طريقي ! بطريقة ال يفهمها سواي

أكره الوعاظ، وحاملي املسابح، واحلكماء الصغار، والعيب الورق : إىل اجلنون، قلت لنفسي

فا�م قطار السفر، وغريهم الذين ينتقمون من شيء ما ال يعرفونه، واملشعوذين، وأولئك النادمينالذين

.1" ! لكي يشعروا برغبة االنتقام

آه، ليت هذا اجلسد : أسأل نفسي السؤال الذي طرحه علي طالع، واجيب كما أجاب مهلت"

الصلد يذوب وينحل إىل قطرات من ندى، ياليت األزيل مل يضع شريعته ضد قتل الذات، رباه،

.2" ما أشد أن تبدو يل عادات الدنيا هذه، مضنية، عنيفة، فاهية، ال نفع فيها، أال تبا هلا.رباه

هل بلغ اخلراب يف روحي إىل درجة أن أصبح كاملتسول أعرض أمام : أقول لنفسي بعض األحيان"

م وغدا سيأيت هذا ما أصابنا اليو : اآلخرين جروحي وقروحي ألدلل على مدى ما عانيناه، وألقول هلم

دوركم ؟ وما الفرق بني السجن املركزي والعفري والقليعة وعشرات السجون األخرى إذا ظلت روحنا

وأنين أقيم ،تدركون وأنا أروي لكم اآلن، ورمبا ذكرت هذا من قبل، أنين حر طليق... هي السجن

آخر وقد تنسى، وسوف أحاول يف باريس، ومل يعد السجن إال ذكرى، والذكرى ذا�ا تبتعد يوما بعد

. 205الرواية، ص 1 . 326الرواية، ص 2

Page 356: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

356

التكيف مع احمليط اجلديد وأقد أعود إىل احلياة الطبيعية من مرة أخرى، وماذا مينع أن تكون لدي

.1"مشاريع جديدة أو طموحات ؟

وإحساسه ،عادل اخلالدي بالعجز واخلوف وضيق السبليف شعور شخصية هنا المونولوج ويظهر

فهو إذن يف حرية من ،يث معهجيعل من ذاته شخصا ثانيا حياوره و جيري احلدإنه ،الضياعبالوحدة و

املتسلطني من النظام يف وهو يواجه ،يف حمنته الكبريةيتذكر ماقام به الوراء،إذ يعود بذاكرته إىل ،أمره

إذ ال ميكنه أن يروي ماال يعرفه عن نفسه يف « لذلك جلــأ إىل ما يدور يف خلجات نفسه ،عمورية

الوحيدة األسلوب ،ر الداخلي أو ما يسمى باملونولوجو�ذا يبقى احلوا ،2» هذه اللحظة بالذات

.مكونا�ا باستعمال تقنية السرد للكشف عن خبايا النفس و

،3»أو تزيني للنص ،القارئو اسرتاحـة للكــاتب « فة ـــــوار ليس وقــــــــميكننــا أن نقــول أن احل إذن

أنه ال ميكن أن يصل مدلوهلا إىل القارئ إال و ،بل هو تقنية لغوية يلجأ إليها الروائي قصد داللة معينة

فعن ، ينقله إلينا الروائي عن طريق خميلته السردية كالم الشخصيات داخل احلكي فهو .4بواسطتها

احلدث ويتبلور داخل احلكي، حيث يربهن الروائي عن أفكاره ويكشف عن طريق احلوار ينمى

تتالقى األدوار، هو من حيركها ، خاصة عندمال يف جمرى أحداث النصفهو أداة التحو ،شخصياته

ويؤدي إىل تغريات وحتوالت غري متوقعة يف أحداث الشخصيات وأفكارها وكالمها من طرف املتلقي

.5أو القارئ

. 502الرواية، ص 1 .68ص س،.ميشال بوتور، حبوث يف الرواية اجلديدة، م 2 . 171س، ص .الواقعي عند جنيب حمفوظ، معثمان بدري، وظيفة اللغة يف اخلطاب الروائي 3، املركز الثقايف العريب، 1987، 1جنيب العويف، مقاربة الواقع يف القصة القصرية املغربية من التأسيس إىل التجنيس، ط: ينظر 4

. 510بريوت، لبنان، ص، مركز اللغات والرتمجة ـــ أكادميية 1995، 2أمني الرباط وسامح فكري، ط: جوليان هيلتون، إجتاهات جديدة يف املسرح، تر 5

.192الفنون، القاهرة، مصر، ص

Page 357: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

357

فإنه أحسن استخدام تقنية احلوار كوسيلة الستنطاق الشخصيات باعتبــارها ،حبكم جتربة الروائيو

إذ ســـامهت يف صبــر أغـــوار الشخصيات والكشف عن ،ا حيمل كل صوت منها رؤية خــاصةأصواتــ

اليت تنتقل ها أو األمكنة طبيعتها وعالقا�ا مبن حوهلا من شخصيات أخرى أوالبيئة اليت تعيش في

ممـا ،يف ذلك اللغتني الفصحى والدارجة وقد استعململا حيدثه من تواصل بني الشخصيات، ،إليهـا

وكان ذلك مبثابة االقناة اليت يوصل �ا الروائي سائدا أكثر، هنا...اآلنجعل عنصر التشويق يف رواية

.رسالته إىل املتلقي

:وي ـــوى النحـــالمستـ 3ـ 5

حت انعكاس إذ أتا ،ى يف تشكيل املوقف العام للروايةهي األخر الضمائر أسهمتلقد

تتيح للعمل السردي أن يتخذ له أبعادا داللية « ، مما جعل منها تقنية لغوية إشعاعات فكرية متباينة

إضافة إىل ،الغائب�ا مجعت بني املتكلم واملخاطب و كو ،1»ومجالية تفضي به إىل أبعد أشواطه

غ املتكلم واملخاطب مها إال أن صي. ذلك أ�ا أيضا تساهم يف كشف الشخصيات وجتسيد املكان

على أثناء اخلطاب ظهر حيث تهنا، ...اآلن روايةأحداث على السائدةحلوار للغة انظرا ،الطاغيان

.أ�ا ذات تتحدث عن نفسها

حيث أن « قدر�ا على التأثري يف اآلخر،يف احملكيات يتفاوت حضورها و ئرالضمااستعمال و

هها وهو بذلك يتجاوز األمهية اليت وج ،هيمنة يف احملكي من ضمري املخاطبضمري املتكلم أكثر

املتلقي على أ�ما عنصران السارد و وبدل من النظر إىل ،إىل الباث بوصفه حمور التواصلياكبسون

اللجوء ما وضع سيميائي يتسم باملراوغة و أن يكونا هل واقعيان فرض عليهما التحليل البنوي للمحكي

« ، و2»الداللية وتطبع عالماته بالتعددية ، تكاد تسم السرد بسيم اجلمالياتإىل احليل الفنية اليت

. 194س، ص .عبد امللك مرتاض، حتليل اخلطاب السردي ، م 1، منشورات خمترب السيميائيات وحتليل 2004، 1أمحد يوسف، سيميائية التواصل وفعالية احلوار، املفاهيم واآلليات، ط 2

. 185اجلزائر، صاخلطاب، جامعة وهران،

Page 358: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

358

تصورات جتسد املرجعية اللسانية احلديثة يف ستحضر الناقد يف قراءته مفاهيم و انطالقا من ذلك ي

التماثل والتنافر، إذ أفضى به ذلك إىل الرتكيز ،التشاكل ،األضداداملمارسة النقدية كالنسق والتوتر،

.1»على القيمة احلقيقية للعمـل اللغــوي القــائم على تداخل اللحظات الشعرية

وهذا هو �ج الرواية احلديثة ،كثريا جلأ إىل الفعل املضارعد ، جند الروائي قهنا...رواية اآلنأما يف

وتكتمل صورته كلما ،نا وتصور لنا بطال يبحث عن ذاتهباعتبارها قصة تبين أحداثها حتت أعين

فالكاتب ال يكتب وفق حلظة وضعها ،كان التجاؤه إىل الفعل املضارع ومن مث ،استطرد يف احلديث

:اآلتيةوهذا ما جتلى من خالل امللفوظات ،2ويدعها �ديه و ترشده ،لروايتهبل يسلم نفسه ،سلفا .3" ! إين لن أخرج من هنا إال إىل القرب...مل يكونوا راغبني أن أموت عندهم ! أطلقوا سراحي"

مستشفى سان باترير الستكمال العالج، وصلت مراجعات طبية متعددة تقرر دخويل إىلبعد "

املستشفى بني العصر والغروب، بدا يل اجلو كامدا ثقيال، رمبا لقدم البناء ولعدم وجود حدائق

للمرضى، ولتلك احلركة السريعة واخلفية يف املمرات، وهذا ما جيعل شعور اإلنسان بعالقته بالبشر، إذ

.4" بعد انقضاء فرتة طويلة ليس من السهل أن يألفهم أو يألفوه إال

كان املسافرون، وهم . وإذا كنت أول الذين صعدوا إىل الطائرة فقد كنت آخر الذين أنزلوا منها"

يتدافعون بصخب وسرعة، يريدون املغادرة، ينظرون إىل اجلهة اليت أنا فيها، كانوا يفعلوا ذلك ليتأكدوا

.5"أنين ال زلت حيا

ة السجن مل حين الوقت ألن خياض فيه أو ألن تكشف أسراره، فما دامت هذا اجلانب من حيا"

سجون املتوسط تزخر �ذه األعداد اهلائلة من البشر، فيجب أن تكون هلؤالء الفرصة والقدرة للدفاع،

. 105س، ص .هواري بلقاسم، الشعر العباسي واملقاربات احلداثية، م 1 . 17ص ، اهليئة املصرية، القاهرة،1976 سامية أمحد أسعد، يف األدب الفرنسي املعاصر، 2 . 11الرواية، ص 3 . 150الرواية، ص 4 . 13الرواية، ص 5

Page 359: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

359

وأن ميتلكوا وسائل ال تستطيع اإلدارة أن تكشفها بسهولة، خاصة وأمن تلك الوسائل يتم تعلمها

1"وبشكل عملي، متاما كما يتعلم الطفل لغة آبائه داخل السجن،

ة بلغة سردية من خالل استعماله املتداخل للضمائر أن يرصد ويصف عوامل متعدد الروائياستطاع

، ومن مث تدخل هذه احملاولة وفنية متنوعة فيقليل من األحيان لغة شعرية ممزوجة بصورة أدبيةمألوفة، و

ديدة تعطي نوع من احلرية للمتلقي األديب والفين اآلسن خبلق تقاليد روائية جيف سياق حتريك الواقع

انب آخر فإن استعمال ومن ج« ،ا من جانبهلذاالعمل الروائي حسب تصوراته الذاتية هذيف قراءته

الســرد ممكنا ومنسجما بنيـعل يف الوقت ذاتـــه التوافـق وجي ،الداللة واملعىن، ويثــري النصائر يغين الضمـ

انطالقا من أن هذا التنوع الصويت حسب اعتقادنا يزيد الرواية تكامال رغم اختالف فصوهلا ،احلكايةو

، واملسامهة يف تنامي احلدث فيها املعرفة اجلمالية بكل أشكاهلاومتايزها، وميكن أيضا الراوي من تقدمي

، سواء كان تتواصل داخل نسيجها العامر اليت االنكساداد مفاصلها يف رحلة االمتداد و على امت

ذلك يف حالة التنامي املمتد بالنص أو يف حالة احلذف أو التلخيص ملشهد من املشاهد أو يف حالة

.2»التوقف ا�سد يف الوصف

املمتلك جلهاز حكومة عموريةه فإنه ميثل وجها من وجو ،املنظم يف فئة اجلمـع "هم" أما الضمري

الذي ميثل صورة "األنـا " قد حتول اخلطــاب منو ،ممثلة يف السجانني واآلمرين بالسجن السلطة

عن ،الذي يعرب عن اجلمــاعة "نحن" ، إىل الضمري عادل اخلالدياحلاضــر وعالقته مبــاضي شخصية

:اآلتية من خالل امللفوظات ،املشاكل املعقدةالفئة اليت متلك واحلوار والقدرة على حل

. 357الرواية، ص 1 . 158س، ص .جملة املساءلة، م 2

Page 360: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

360

كيف ميكن أن ندمر السجون، نعم كيف ميكن أن : فإن املسألة اليت تؤرقين إىل أقصى حد …"

ندمرها ؟ وكيف نستطيع أن خنلق نظاما وإنسانا يؤمنان فعال باحلرية ؟ هذه هي املسألة اليت تستحق

.1"! العناء

أما كيف كنا نتصور سجن العبيد، وما هي نظرتنا، فإن ذلك مزيج من اخلوف، واحلنني والتحدي "

.2"معا

حنن اآلن يف آخر تلفات الدنيا، وحنن آخر السجناء الذين وصلوا إىل هذا املكان، ...يا مجاعة اخلري"

إلحتجاج، إلمساع صوتنا، ملنع وتعرفون أن التموين والربيد يصل مرة يف الشهر، فإذا كان اإلضراب ل

3" ! التعديات، فإن من سيسمع هذا الصوت سيسمعه بعد موتنا بشهور

تون إضافة إىل يف املهجع، وحنن جنمع األمسال املمزقة، وبقايا األشجار، من اخلرز ومسابح نوى الزي"

املزامري والقطع اخلشبية، كنا نشتم، حنتج ، نتأمل، ال أعرف إن بكى أحد منا ، لكن صدورنا كانت

.4"حمصورة، ضيقة، جافة، إىل درشة مل نعش حالة مثل هذه منذ وقت طويل

الشخصية ، داخل كات متناوبةحر ثالث تكونت من " هنا...اآلن" البنية الزمانية لرواية ف

وحركة ،ركة تأملية تلتصق باللحظة اآلنيةحركة اسرتجاعية تذكرية ترتد إىل املاضي وح ،وخارجها

إذ سيطرت ،ام الزمن النفسي مع الزمن النحويمما ساعد على انسجمستقبلية تطمح إىل األفق،

إال أن . ين التأمليوسيطرت الصيغ املضارعة على الزمن اآل الصيغ املاضية على زمن االرتداد والتذكر،

فكانت له السيطرة الكاملة ،مما حنى بالسرد منحى ،املاضي كان أكثر يف هذه الرواية استخدام الفعل

:، من خالل امللفوظات اآلتيةهنا... يف رواية اآلن ماضويا

. 107الرواية، ص 1 . 217الرواية، ص 2 438الرواية، ص 3 . 498الرواية، ص 4

Page 361: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

361

كان الوقت حوايل الظهر، يف يوم من ! قبضوا علي وكنت خارجا لتوي من سوق احلالل... أتذكر "

.1"أيام أيار املتأخرة

كنا يف موكب من ست سيارات، وكان عددنا حوايل الثالثني، ما إن اقرتبنا ودأنا منيز األماكن "

والبشر، حىت بدت القلعة أكثر قسوة ودمامة، كان يروح وجييء حوهلا أقرب ما يكونون إىل الزواحف

.2"طلعنا إىل القلعة ، وتطلعنا إىل بعضنا ت: ني، األسود والبينأو النمل ذوي اللون

ه ، وجعله يشعر أنه قريب من هذمن القارئ عادل اخلالديتقريب صورة الروائي استطاع لقد

النفوس وحيوهلا إىل مما يؤثر على ،ان الذي حتركت فيهمس املكيالالشخصية أو يكاد يالمسها و

، فإنه أحسن وحبكم جتربته الروائية. كثري من الناسغائبة عند ائقتوضيح حقمن أجل ،مدافع عنها

ا حيمل كل صوت منها رؤية استخدام تقنية احلوار كوسيلة الستنطاق الشخصيات باعتبــارها أصواتــ

إذ ســـامهت يف صبــر أغـــوار الشخصيات والكشف عن طبيعتها وعالقا�ا مبن حوهلا من ،خــاصة

اللغتني وقد استعمل يف ذلك ،ها أو األمكنة اليت تنتقل إليهـاأخرى أوالبيئة اليت تعيش فيشخصيات

وكان ذلك مبثابة سائدا أكثر، هنا...التشويق يف رواية اآلن جعل عنصرممـا ،الفصحى والدارجة

.�ا الروائي رسالته إىل املتلقي االقناة اليت يوصل

: Intertextualité) تداخل النصوص( المستوى التناصي ـ 4ـ 5

. 166الرواية، ص 1 . 375الرواية، ص 2

Page 362: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

362

صطلح أول من استخدم م« مجاع أ�ا ترى جوليا كرستيفا اليت يعود هلا الفضل ،مما وقع عليه اإل

) تيل كيل ( Tel quelوتضافرت مجاعة ،1967و 1966ه يف كتابتها عامي توأطلق التناص،

، من خالل تبادل النصوص فرضية قرائية منتجة، أن التناص 1»مع كريستيفا يف إشاعة املصطلح

، فيغدو النص وحدة إيديولوجية امللفوظات املأخوذة من نصوص أخرىيف فضاء نصي متعدد

Idéologème، » الذي يعين تلك الوظيفة للتداخل النصي اليت ميكننا قراء�ا ماديا على

، 2»اعية إياه معطيـاته التــارخيية واالجتم ماحنة ،بناء كل نص متتد على طول مساره خمتلف مستويات

Mikhail( ميخائيل باختينعند Dialogism الحــوارية د امتـدادا معرفيا ملفهوم إذ يع

bakhtin: 1917 الذي يرجع كل انتاج لغوي إىل حقل العبارات املستخدمة يف ،) 1992 ــــ

مع أوىل باختني أمهية لدور الكلمة اليت هلا تعالقات « حيث ،ويف فرتة تارخيية معينة ،تمع ماجم

يف جسد الكتابة ثلة، حيث يتجسد احلوار بني الذات املتمكلمات أخرى ضمن مبدأ االختالف

ت التناص الذي هو فسيفساء نصية النصوص املهاجرة إىل فضاء الكتابة يف إطار مجالياواملتلقي و

هجرة ختضع فيها اخلطابات إىل عمليةالتهجني املتأنية من ،يفاصاص لنصوص اخرى ـ بتعبري كرستامتو

، وهو ما مساه 3»ليكن هذا اآلخر قابعا يف جسد الكتابة ذا�ا النصوص من ثقافات اآلخر، و

" ، حيث عرفت هذه املفـاهيم مبصطلح تعـدد األصواتأو الحوارية، بالتهجين: ميخائيل بـاختين

يكتب حينما الروائيأو ، فالكاتب4»ملفوظا خال من البعد التناصي يوجد ال «حيث ،"التناص

مبدأ د هذا النشاط من خالل ، حيث يتحد خطابات ونصوص سابقةضمن فهو يتحرك ،أو يتكلم

، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، اإلسكندرية ، 2002، 1رمضان الصباغ، يف نقد الشعر الغريب املعاصر، دراسة مجالية، ط 1

.337مصر، ص

2 Julia Kristeva, Semiotiké, Recherches pour une sémanalyse, Seuil, Paris, 1969,

P 52 . . 184س، ص.مأمحد يوسف، سيميائية التواصل وفعالية احلوار، 34 Tzvetan Todorov, Mikhail bakhtine - Le principe Dialogique - Suivi de Ecrits

du Cercle du Bakhtine ,Editions du Seuil, paris ,1981, p 98.

Page 363: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

363

الكتابة عن أو تنزاح إذ تعدل ،احلوارية، أي تداخل النصوص مع بعضها البعضأو اخلطايب التحاور

، وال كربىإىل جمموعة العالمات الدالة داخل إطار جمموعات نصية مستويا�ا الرتكيبية والداللية

التدليل بل هو طريقة يف إدراك النص تتحكم يف إنتاج القدرة على ،فقط يف تقاطع النصوص يتمظهر

Signifiance، لك أنه ال يوجد كما له دور يف استكشاف األصول التارخيية لنصوص سابقة، ذ

خطاب األنا ذه العالقات بني اخلطاب الغريي و حيث ه ،لفوظ بدون عالقة مع ملفوظات أخرىم

، حيث يصبح هلذه النصوص املتداخلة 1و�ذا كل عالقة بني ملفوظني هي تناص ،تكون متماثلة

Pitro ( بيترو دومبروسكي ومن هذه األدوار يقرتح ،دوارا جديدة يف سياق النص احلايلأ

Dembroski( يف حتديد املستقبل التارخيي للنص ،فريى أن ذلك يتم بتحريك « أ�ا تكمن

أن النص غري ذا فتناصية النص تفرتض على الدوام هلو ، بحث يف اجلانب االجتماعي للتدليلال

هذا ،فعليخييا ال عندما يقع بني قارئ وأنه حياول دائما أن يصل إىل بعض صور اكتماله تار ،مكتمل

أي أن النص يستمد معناه من ،2»يعطيها تأويال حمددا ذي جيسم يف الفعالية التناصية و القارئ هو ال

آن الكرمي، احلديث يدرجها الكاتب يف نصه مثل القر ،ته املباشرة مع نصوص أخرى متحللةعالق

األشكال بإدخال التعدد إذ تسمح هذه ،األمثال واألقوال املأثورة احلكم، ،الشعر ،النبوي الشريف

اللغوي املشخص بتنوع امللفوظات من أجل استحضار خطاب آخر يعرب فيه الكاتب عن نواياه يف

بل هو مرهون مبا ،ضرال يؤول وفق ما يتوقعه املؤلفإال أن هذا النص املستح تعبري غري مباشر،

وهذا مهارته التأويلية، وموروثه االجتماعي و وفقا ملؤهالته اللسانية وموسوعته الثقافية القارئ، يستوعبه

�جني اللغات اليت تشكل جزءا « الذي يعمل على االنفتاح الروائيما يدفعنا إىل التسليم مببدأ

1 Ibid, p 95.

الثقايف العريب، بريوت، لبنان، املركز ،2003، 1توليد املعىن، تغيري عادتنا يف قراءة النص األديب، طمحيد احلمداين، القراءة و 2

. 28ص

Page 364: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

364

تكوينه مرهونة ألن رحلة ،فالنص الروائي عبارة عن تداخل نصوص. 12»قبليا من وعي القارئ

إال من خالل هذا التداخل النصي، أي يف إطار فالعمل الفين ال يدرك" بذاكرة نصوص أخرى،

، ومن مث ال ميكن خيلق موازيا أو معارضا لنموذج ماعالقته بأعمال فنية أخرى، ألن كل عمل أديب

.3"دراسته كواقعة معزولة، وأن شكله حيس به يف عالقته بأعمال أخرى وليس يف ذاته

نص ميتلك جينالوجيا خاصة، وتبني له أن أن كل اعترب إذ، بول زيـمتوروقد حتدث عن التناص

التناص يبدوا يف آن من خالل ثالثة أفضية، األول كمكان لتحويل امللفوظات من مكان آلخر ويف

الفضاء الثاين، فضاء الفهم الذي يتحرك حبسب شيفرة جديدة وهو نتاج اللقاء الداخلي للنص،

.4املكونة لهحيث جيلي النص مباشرة العالقات اليت تدخل أجزاءه

مل تبق و ،5"منافسة يضيف �ا الالحق إىل السابق مهتد مبرياث املاضي الزاهر"اص إذن يعترب نفالت

العربية عند كل من أنور بل ظهرت يف الكتابات ،اللغوية رهينة الفكر الغريب فقط هذه اخلاصية

الذي يرى أنه ال ميكن األخري، هذا سعيد يقطني وعبد امللك مرتاض ،عبداهللا الغذامي ،املرجتي

كـاألكسجني الذي أن هذا التناص للنص اإلبداعي « : اإلستغناء عن هذه اخلاصية السيميائية فيقول

حتتويه، وأن انعدامه يف ومع ذلك فال أحد من العقــالء ينــكر بأن كل األمـــكنة ،ال يشم وال يروى

اليت متثل ،ختلو من هذه اخلاصية السيميائية ال هنا...اآلنلعل روايـة و ،6»أيهـا يعين االختنـاق احملتـوم

ة حيث ميثل بؤرة اشتغال تتعدد فيها املستويات الصوتية واللغوية املعرب ،اخلصب ملبدأ احلواريةاحلقل

1 Youri Lotman ,La Structur du texte artistique, Trad Franç: Anne Fournier

Bernard Kreise et autres, Ed, Gallimard, paris, 1973, P 59.

.181ت، إصدارات رابطة اإلبداع الثقافية، اجلزائر، ص .ط، د.مجال مباركي، التناص ومجالياته يف الشعر اجلزائري املعاصر، د 3 .95، املركز الثقايف العريب، الدار البيضاء، املغرب، ص 2006، 3سعيد يقطني، انفتاح النص الروائي، ط: ينظر 4 . 236املرجع نفسه، ص 5 .278س، ص .مرتاض، حتليل اخلطاب السردي، م عبد امللك 6

Page 365: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

365

ي نستطيع الكشف عنه دون جهد حيث حتتوي التناص املباشر الذ ،السياق االجتماعيعن احمليط و

.يبذل

والتبادل ،دث امتدادا جديدا للفضاء الروائي، فعملية التفاعل مع غريه من نصوصإن التناص حي

تعالق النصوص " بينها يتيح للرواية اكتشاف دالالت خفية ما كنا لنصل إليها لوال تلك العملية، فهو

اسية ، تارخيية، سيدينية: يرد يف األعمال الروائية بأوجه متعددة .1" مع نص حدث بكيفيات خمتلفة

ومنه حناول توضيح ، 2اجلمالية والداللة، فيضيف إىل النص شيئا من وأدبية، ضمن سياق نصي معني

حاور الكاتب �ا النصوص لنبني املنطلقات اليت ،السيميائي من خالل ظاهرة التناص النظام

يف تقاطعه مع النصوص األخرى هنا... والكيفية اليت تصور �ا العامل الروائي لرواية اآلن ،األخرى

: من خالل األمثلة اآلتية

:ـ تناص قرآني 1ـ 4ـ 5

الكثري من اآليات روائيفقد وظف ال ،مة والبالغة يف الكتابات األدبيةالنص القرآين هو عني احلك

،الكرميات باإلحالة إليها دون ذكر النص القرآين بكامله قصد انتاج داللة معينة أو أداء وظيفة معينة

االستناد على اآليات القرآنية، واألحاديث النبوية يف حتليل ظاهرة من الظواهر يف النص كأ�ا تثري " و

:ن أمثلة ذلك وم3"النص بإحياءات مجالية ودالالت معنوية وفنية كان هذا املكان ذات يوم سردابا أو بئرا، ويؤكد بعض املتحذلقني من مزوري التاريخ أن أوالد "

. 4"يعقوب اختاروه ليلقوا فيه أخاهم الصغري يوسف املدلل من أبيه لكي يتخلصوا منه �ائيا

قايف العريب، الدار البيضاء، املغرب، ص ، املركز الث2005، 4حممد مفتاح، حتليل اخلطاب الشعري ـــــ اسرتاتيجية التناص، ط 1

121. : ، عامل الكتب احلديث، إربد، األردن، صص2010، 1سعيد سالم، التناص الرتاثي ــــ الرواية اجلزائرية أمنوذجا، ط: ينظر 2

104 - 105. . 106املرجع نفسه، ص 3 . 210الرواية، ص 4

Page 366: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

366

هم ال تـقتـلوا يوسف وألقوه يف غيابة اجلب ﴿ :عبارات تتناص مع قوله عز وجل قال قائل منـ

يـلتقطه بـعض السيارة إن كنتم فاعلني )10( ﴾1.

إنك ال �دي من أحببت ولكن اهللا يهدي من : وحني صمت تابع وهو يهز رألسه بأسف"

.2"يشاء

إنك ال تـهدي من أحببت ولكن الله يـهدي من يشاء وهو أعلم ﴿: عبارات ىتتناص مع قوله تعاىل

.3﴾ ) 56 (بالمهتدين

تنفقوا من خري ليس عليك هداهم ولكن الله يـهدي من يشاء وما ﴿ : وتتناص مع قوله تعاىل

4﴾ )272( تظلمون فألنفسكم وما تنفقون إال ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خري يـوف إليكم وأنـتم ال

يف الظل آدم من ضلعه خلق املرأة، أل�ا وجهه اآلخر، خياله : ومع ذلك جيب أن تعرفو أيها الناس "

واملرآة، أما حنن أبناء املتوسط يف هذه املرحلة، ويف حماولة ألن نقلد أبانا القدمي، فلم نستطع أن خنلق

.سوى اجلالد ، فتحنتا له الطريق وتلقيناه بكل الرضا

يا أيـها الناس اتـقوا ربكم الذي خلقكم من نـفس ﴿ :قال تعاىل: عبارات تتناص مع قوله تعاىل

هما رجاال كثريا ونساء ها زوجها وبث منـ .5﴾)01(واحدة وخلق منـ

ها وجعل ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا ﴿ :تعاىل وتتناص مع قوله لتسكنوا إليـ

نكم مودة ورمحة إن يف ذلك آليات لقوم يـتـفكرون .6﴾ )21( بـيـ

.10اآلية : سورة يوسف 1 . 291الرواية، ص 2 . 56اآلية : سورة القصص 3 . 272اآلية : سورة البقرة 4 .01اآلية : سورة النساء 5 .ـ 21اآلية : سورة الروم 6

Page 367: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

367

يا اهللا يا أبو مسري، يا اهللا يا شباب، على بركة اهللا، وإن : ، وقال كأنه خياطب نفسهتنفس ومتطى"

ومعىن هذا أن السجان أبو يوسف ملا يئس من إقناع عادل اخلالدي وبقية .1"! غدا لناظره لقريب

.املسجونني بصدقه، وأن كل ما يقوله هو يف صاحلهم وخلدمتهم، وأنه عاجال أم آجال سيعرفون ذلك

.2﴾ ) 81(أليس الصبح بقريب ﴿ : قوله تعاىلتتناص مع وهي عبارات

ويوظفه توظيفا فنيا بطريقة اإلمتصاص " ، هنا استطاع أن يعيد كتابة النص القرآينفالروائي

وما، 3"ليحق معادال موضوعيا للنص ، ميتصها إشاريا ودالليا، وينشرها يف خطابه ...لآليات الكرمية

استحضار هذه العبارات اليت تتناص مع اآليات القرآنية إال دليـل وعالمة على مدى ثقافة الكــاتب

اإلسالمية، مما ساهم يف توضيح الفكــرة اليت محلها احلــدث أكثر، هذه الشــريعة الغــراء، الصــاحلة لكل

مع اآليات املذكورة سابقا، وقد فالروائي قد تناص .العربزمان ومكان، باعتبارها منبع الدروس و

شكلت صياغتها اجلديدة إحياءات ودالالت متنوعة تبدت لنا من خالل البنية السطحية النصية

، أي ماظهر من ملفوظات هو مستحضر من من عدة آيات قرآنية ، أعاد )التمظهر اللفظي للنص (

من خالهلا " هنا...اآلن "ب الروائيتوزيعها ونشرها يف مقتطفات سردية من هذا اخلطا الروائي

هو عالقة ) Prodactivité ( نتبني هوية هذا النص وخصائصه، وهذا يعين أن النص كإنتاجية

. 4من خالل تداخله مع النص القرآين) هدم وبناء ( إعادة توزيع

: تناص شعري ـ 2 ـ 4ـ 5

الشعرية، سواء أكان هذا احلضور قائما ميكن لدارس اخلطاب الروائي أن يعاين حضور النصوص

، أو عن طرق التداخل النصي يق توليد معاين الشعراء السابقنيمن خالل التداخل الداليل عن طر

ة، ومن مث يرتقرق التناص الشعري ويتجلى عرب الشعري، أو عن طريق احلضور التام للنصوص الشعري

. 539الرواية، ص 1 .81اآلية : سورة هود 2 .168س، ص .عر اجلزائري املعاصر، ممجال مباركي، التناص ومجالياته يف الش 3 .181، 180س، صص.عر اجلزائري املعاصر، ميف الشمجال مباركي، التناص ومجالياته : ينظر 4

Page 368: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

368

لية، ومنها يغرتف منها الكاتب ويأخذ منها ، يف معجمها الشعري ويف بنيتها الداليةمقاطع نص

األساليب املتنوعة، يتداخل معها وينحرف �ا إىل دالالت جديدة يولدها من هذا التفاعل النصي،

.1، وإمنا ميزجها ببنائه الفكري والروحيةألنه ليس جمرد صانع أو مشكل ملعان معروفة وصور متداول

، وهذا قد يكون من باب الزينة، أو املتعة توظيف الشعر يف العمل السرديإىل يعمد الروائي و

بالنسبة للكتاب التقليديني، أما التقدميون أو املعاصرون فقد رمسوا لتوظيف الشعر دورا معينا يؤديه يف

وضمن هذا يل، مما يشيه زاوية النظر اليت يقدم �ا الروائي عامله املتخ، 2اهلندسة املعمارية العامة للرواية

يف إطار العالقة بني الكاتب اإلطار، ومن منطلق تعددية الرؤى القرائية اليت يستوجبها فعل القراءة

أن فعل القراءة وباعتبار ،واقعية ومحيميةمن ا فيه مب) Erotic (والنص والقارئ بعالقة إيروسية

ا تتعامل مع األثر األ ،عملية ديناميكية فعالة وخالقة دعوتو ،3باحلياة وقابلية النمو والتوهج ديبأل�

قراءة النص األديب هي قراءة ن وأل .4إىل أن تكون األشكال السيميائية أشكال داللية أو مداليل

ه أثر يبحث عنه من خالل بطريقة لغوية جتعل القارئ ينظر إىل الواقع أن و للواقع، من سياق معني

: هذا يتطلب أربعة عناصر. تفسري وتأويل له من وجهة نظر معينةمتغريات، وكل قراءة للنص هي

الفعالية، اخللق، املعاين، واإلنتاج، أي التفاعل بني فعل القول وفعل التلقي والتأويل، أما الداللة فهي

ما يفهمه القارئ من النص، فالقراءة إذن ضرب من ضروب فك الرمز يف العالمة وإدراك الفعل

يتخفى يف النص سبيله التأويل الناتج عن الذي القصد أو املعىن وأن .5س ملقاصدهالتعبريي وتلم

مشكل التأويلية ليس حادا بالنسبة للنظرية السيميائية فكل املنظومات قابلة الرؤية أو املنظور، وأن

. 235، ص املرجع نفسه: ينظر 1 . 113س، ص .سعيد سالم، التناص الرتاثي ــــ الرواية اجلزائرية منوذجا، م 2 -180: ، دار العودة، بريوت، صص1979، 1خالدة سعيد، حركية اإلبداع دراسات يف األدب العريب احلديث، ط: ينظر 3

181.

4 A .J.Greimas et J.Courtes, Dictionnaire raisonnè de la semiotique, p 192 .10، سراس للنشر، تونس، ص 1985حسني الواد، يف مناهج الدراسات األدبية، : ينظر 5

Page 369: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

369

، من خالل الكشف عن اكتشاف أبعاد النص الدالليةو ،توالد األفكار مما يعني على .1" للتأويل

، واليت هنا... رواية اآلنهذا ما نلمسه يف .ثالثةالعناصر الطبيعة العملية اإلبداعية اليت تنظمها

: حتتفي هي األخرى بالكثري من املناصات الشعرية نذكر منها

والبد أن تعرفوا، يا أيها ا�رمون، أن حكم : قليل وبعد...إذا كنتم شجعانا فلنحتكم إىل الشعب"

:وعندما يصل إىل هذه القناعة، ويطمئن إليها، يدوي صوته ! الشعب ال يرحم

.2"در ـــب القــــن يستجيأال بد ـــفاة ــــا أراد احليـــب يومـــإذا الشع

:جواب عندي غري الذي قاله احلطيئة ال: عندما سألوين عن متثال السعادين الثالثة قلت هلم"

من الصخر أملسا لمودا ج فصادمت بأظفـاري وأعملت معويل دحت ك

ىــقد مات أو عس حىت قلت وأطرق ه حاجيت ــيف وج ت ـــجئ اــ مل تشاغل

فـــساــــــــىت تنـــــــوت حـــــــواق املـــــــف ه يفــــوق ــــــن رأيتـــــــــعـــت أن أنعــــاه حيـــــوأمج

.3"سا ـــــــــــــــــلبالسمـــــادير م ــرخ تعلـــوه ـــــــــفافـ بعـــائد أس لســت ـــــه ال بـــــــــــل قلت ف

ملا تتميز به من طاقة رمزية مكثفة، ضمنت هلا البقاء والتفاعل مع ما جيري هذه املقاطع الشعرية

مثل عالقة تناصية تعرب عن رحابة قد هنا ...رواية اآلنحضورها يف الرواية، فإن من أحداث يف

1 A .J.Greimas et J.Courtes, Dictionnaire raisonnè de la semiotique, p 193. . 189الرواية، ص 2 . 561الرواية، ص 3

أظهر اإلهتمام بأشياء متنعه من : تشاغل. الصخر الصلب: اجللمود. السعي والكد واإلشتداد فيه: الكدح : كدحت بأظفاري(

خذ ما يأ: الفواق. قررت وعزمت أن أفعل: أمجعت. نكس رأسه إىل األرض مفكرا مهموما: أطرق. النظر إليه أو استقباله له

املندهش ، : املبلس. ما يرتاءى لإلنسان عند السكر: السمادير. �لل وعادت إليه الروح من جديد: أفرخ. احملتضر عند النزاع

جرول احلطيئة العبسي : ،تأليف) 246ــ 186( ديوان احلطيئة برواية وشرح ابن السكيت : ينظر.): املتحري، أو الذي قل خريه

.123 –122: ، دار الكتب العلمية، بريوت ، لبنان، صص1993، 1مفيد حممد قميحة، ط: ت، تحأبو مليكة ـ ابن السكي

Page 370: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

370

ومشولية التجربة الشعرية، وتؤلف مناخا شعريا حافال بالدالالت، ترغم القارئ على الرحيل لاخليا

.مما أيقظ فينا تلك الروابط التارخيية واألحاسيس العاطفية ،1ي عرب القراءة اإلحتمالية التأويليةاإلشار

من أشهر قصائد الشعر ، وهيإرادة احلياة أليب القاسم الشايباملقطع األول ينتمي إىل قصيدة ف

كرميا، فال بد أن جتري األمور وفق إرادته إذا أراد الشعب أن يعيش حرا: ومعناهالعريب احلديث،

ذات الشخصيات ، وأن يان والظلم ستنجلي وتزول ال حمالاإلستبداد والطغ صورو وحيقق مراده،

، مثلما هو حال عادل غايا�ا وحيقق هلا هايستجيب القدر لطموحستطمح للحياة احلرة اليتاإلرادة

.اخلالدي يف هذا النص الروائي

الشاعر احلطيئة، هذا وهو مقطع من ديوان، فينتمي إىل الشعر العريب القدمي ،أما املقطع الثاين

وبني ه، وجرى حوار بينابن عاس حيث أن احلطيئة كان قد أم جملس املخضرم الذي أدرك اإلسالم،

استخدم كل الطرق اليت هأن :اومعناه، يئة على نظم هذه األبيات الشعريةأقدم احلطس، فعبا ابن

، حيث إنه تشاغل عنه، أي أو يستقبله، إال أنه فشل فذهبت جهوده هدرا جتعل البخيل يصغي إليه

ه من النظر إليه أو استقباله له، إال أن هذا مل يضعف من عزميته، بل زاده عأظهر اإلهتمام بأشياء متن

، فتهلل وعادت يف سبيل إظهار احلقيقة وإحقاق احلقعلى اإلقدام مضيا إىل األمام وعزمية قوة وإسرارا

، فوقف مندهشا حريانا أمام ما كان مهموما منغمسا يف أمور أخرى إليه الروح من جديد بعدما

.، وهذا حال عادل اخلالدي عند وقوفه أمام اللجنة للسؤالجيري

عن طريق توليد املعاين، هذا احلضور القوي للنص الشعري القائم من خالل التداخل الداليل و

.على نصوص الرتاث الشعري العريب القدمي واحلديث الروائيدليل على مدى إطالع

. 210س، ص .مجال مباركي، التناص ومجالياته يف الشعر اجلزائري املعاصر، م: ينظر 1

Page 371: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

371

:ـ تناص تاريخي 3ـ 4ـ 5

لتعميق الصلة أكثر بني التاريخ والواقع وبني األجيال املتعاقبة أبا عن ن النصوص التارخيية دو ت

اإلمتداد، فالتـاريخ كواقع مضى، جيد امتداده يف واقع ما يزال حيا ومن خالل ذلك يتحقق « جد،

يزدهر دائما " يريد من خالهلا الروائي أن واستخدام النصوص والرموز التارخيية نزعة فنية ،1»ومعيشا

.2"يف النزوع إىل عامل مقدس ضائع

مثلما ورد تارخيية مشهورة، ورموز لشخصياتاستحضر الروائي عبارات تتناص مع مقوالت وقد

:على لسان عادل اخلالدي يف الرواية

.3 "! أنا مثل طارق بن زياد، حرقت سفين كلها، وليس أمامي إال أن أحارب: قلت لنفسي بتحد "

وحات عبارة تتناص مع املقولة التارخيية املشهورة اليت قاهلا القائد اإلسالمي طارق بن زياد يف عهد الفت

.» العدو من أمامنا و بحر من ورائنا، ال ،ال مفر لنا ،أيها ا�اهدون« : اإلسالمية

:ـ توظيف األدعية المأثورة عن النبي صلى اهللا عليه وسلم 4ـ 4ـ 5

وإىل جانب استحضار النص القرآين كما أنزل أو بإحداث تعديل عليه نسبيا أو بتغيري صيغته

األصلية، الروائي استحضر األدعية املأثورة عن النــيب صلى اهللا عليه وسلم، مما ســاهم يف يف تعميــق

لسان عادل بعد املذحبة ما ورد على وزاد يف مجـــالية األسلوب ورونقته، ومن أمثلة ذلك الفــهم أكثر،

يا من حتل به عقد املكاره، ويفل حد " :، بنغم حزين وخائف بدأ اليت حدثت يف سجن العبيد

الشدائد، ويا من يلتمس به املخرج، ويطلب منه روح الفرج، أنت املدعو يف املهمات، واملفزع يف

شفت، قد نزل يب ما قد علمت، امللمات، ال يندفع منها إال ما دفعت، وال ينكشف منها إال ما ك

وقد قد كادين ثقله، وقد كادين ثقله، وأمل يب ما �ظين محله، وبقدرتك أوردته علي، وبسلطانك

. 116ب، صالرباط، املغر ، 1982: ، س11: هاديا سعيد، املوتات األربعة، جملة آفاق، إحتاد كتاب املغرب، ع: ينظر 1 . 207س، ص .مجال مباركي، التناص ومجالياته يف الشعر اجلزائري املعاصر، م 2 . 266الرواية، ص 3

Page 372: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

372

وجهته إيل، وال مصدر ملا أوردت، وال كاشف ملا وجهت، وال فاتح ملا أغلقت وال ميسر ملا عسرت ،

حممد ، وافتح يل باب الفرج بطولك، ملا يسرت، فصل اللهم على حممد، وعلى آل وال معسر

.1..."واحبس عين سلطان اهلم حبولك

فدعا توجه إىل الطائف ولقيه أهلها باألذى، ء النيب صلى اهللا عليه وسلم ملا يتناص مع دعا دعاء

، أنت رب ، وقلة حيليت، وهواين على النـاس يا أرحم الرامحنيإليك أشكو ضعف قويت اللهم« : ربه

إىل عدو ملكته أمري ؟ إن مل يكن إىل من تكلين ؟ إىل بعيد يتجهمين ؟ أو ،املستضعفني وأنت ريب

.»...بك غضب علي فال أبــايل

إال لغــرض التعبري عن احلالة النفسية اليت كان عليها عادل اخلالدي، الدعاءوما استحضار هذا

.بعد احلادثة اليت حدثت له

:األمثال في العمل الروائيـ توظيف الحكم و 5ـ 4ـ 5

ا بالفضاء اإلنساين، وأ�ا وسيلة الرتباطه ،كثرية من األمثال واحلكم مناذج لقد وظف الروائي

يف مستواها ساعدت هي األخرى يف إثراء لغة الروائيإذ ،وهويته تعبري أن أفكاره وعاداته وتقاليده

تندرج يف سياق فهي ،اصة على مستوى هذا النص الروائيهلا داللتها اخلباعتبارها عالمات ،التناصي

اهم يفـــــكما تس ،2مما يكسبها خاصية مجالية يف النص ،اريخــــع والتــــجتماعي وعالقته بالواقاملتخيل اال

:مايلي نذكر من هذه النماذج توضيح وإيصال إىل القارئ ما يصبو إليه الروائي، و

الرجال مهما كانت اخلالفات : ، قال يل بصوت خفيض، وكأنه يبلغين سرا ودعين خالدحني "

.يلتقون، أما اجلبال فإ�ا ال تغادر أماكنها

. 258 – 257: الرواية، صص 1، دار األمان للنشر والتوزيع، الرباط، 1996، 1أمحد فرشوخ، مجالية النص الروائي ـ مقارنة حتليلية لرواية لعبة النسيان، ط: ينظر 2

. 122، ص املغرب

Page 373: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

373

الظاهر أن الدنيا يف �ايتها، فإذا صار يرعى الذيب مع الغنم، : هز رأسه عدة مرات مث أضاف ...

.1"أبو مسري وصار اإلخوان مع الشيوعيني فدبر راسك يا

.2"الشتا توقه، وبرد الصيف تلقه : وقال يل شيخ بدوي حبس معنا"

مهمة الشباب، يا سيادة الرائد، : علق أحد الضيوف، وسوف أعرف أنه أحد أعضاء جلنة التحقيق"

من يكون لديه خدم، فعليه ::التنظري، أما التنفيذ فعلى عاتق العمال والفالحني، ومثل ما يقول املثل

.3" ! أن ال يوسخ يديه

مثل ، و ايا عمي تعودنا، السياسة صارت بدمنا، وما عندنا شغلة غريه: فرد عليه حامد بدعابة" ...

.4" ! من شب على شيء شاب عليه: ما قالوا

الرتاث العريب جبميع أنواعه عالمة ودليل على ثقافة الكاتب امللمة برتاثه األصيل، استحضارف

.اليت جيب أن يغرتف منها كل أديبإضافة إىل أ�ا متثل الذاكرة العربية

إذ ال ميكن للروائي أو الكاتب أن يراعي ،اختيار لغة الروايةويبقى من الصعب على املبدع

لرواية ،مما له يفرتض وجوده، فلقد استعمل الكاتب شريطا لغويا بشكل يتفق وا مستوى املتلقي الذي

جعلت هذا العمل الروائي ينهض بوظيفة تنويرية يف ا�تمع العريب بصفة عامة ،إال ،من دالالت معينة

ى إىل حد بعيد عن البناء هنا، أن الكاتب قد ختل...تشف من خالل قراءتنا لرواية اآلنأننا نس

بقدر اهتمامهه بالعناصر ، هلذا العمل الروائي، حيث أنه مل يفرط يف استخدام اللغة الشعرية الشعري

ظام عرب بل يوزعها خبفة وانت ،،البناء الزماين والبناء املكايناألخرى املكونة للرواية، ونعين الشخصيات

حنو إعادة بناء احلدث يتسرب منها ،ليفتح من خالهلا منافذ صغرية ،أحناء هذا العمل الروائي

. 656الرواية، ص 1 . 421الرواية، ص 2 . 551الرواية، ص 3 .496الرواية، ص 4

Page 374: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستویات اللغة السردیة دالالت : الفصل الرابع .في ظل معالم السیمیائیة

374

وقعوا فجأة أمام اختبـــــارات ،عن احليـــاة الصعبة لبشر عظماء الواقعي، ضمن معطيات رمسية تفصح

.ــاسية مل يكـــونوا يرغبون فيهاقـ

شرق أو هنا ...اآلن " يف رواية مثلو�ذا نكون قد درسنا البىن املكونة هلذا السياق اإلبداعي املت

، بتناولنا للعنوان ومستويات اللغة ،اللغوية هصائصمن خالل دراستنا خل ،"المتوسط مرة أخرى

هلذا النسقة البىن املكونة بدراسو .النحوي والتناصي ،شعري، احلركيال: مستويات أربعةيف متمثلة

مبراعاة الكالم واملعاين ـــ املبثوث إليهمواالهتمام مبسألة مستويات اللغة من الباث إىل ،اإلبداعي

ساهم يف توضيح مما ، 1يتحول اخلطاب من سياقه اإلخباري إىل وظيفته التأثريية اجلميلة ـــ املستخدمة

.متلقيكتنا للفضاء الروائي كقارئ أو رؤي

.53لطليعة للنشر، بريوت، لبنان، ص، دار ا1983، 1عبد السالم املسدي، النقد واحلداثة، ط: ينظر 1

Page 375: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

خــــــاتـــمـــة

Page 376: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

خــــاتمة

376

ةـمـــاتــــــخــــــــ

ليات البحث اليت وفقا آل ،قه من نتائج وإضافات جديدة مفيدةا حتق مبد قيمة أي دراسة تتحد

بالدراسة بعد رحلتنا البحثيةو ،وحدة تكامليةكصوغ قالب البحث النهائي ن ولكي، الدارسيوظفها

هنا أو شرق ...اآلن" معاصر، متثل يف رواية عريب روائيلعمل ةالسيميائي املقاربةيف ضوء والتحليل

:اآلتيةالثمار جنت الدراسةفقد ، " املتوسط مرة أخرى

من خالل األدوات اإلجرائية اليت جيري ،أداة منهجية يف قراءة الفضاء الروائي ةالسيميائي املقاربةن إــــ

:تمثلة يفم بواسطة مقوالت نقديةدالالته، الروائي للكشف عن نواميسه و اخلطاب�ا اشتغالنا على

أتاحت لنا إمكانية فالتقاطب املكاين مقولة أما. مقولة الرتاتبية ومقولة جدلية الزمن ،مقولة التقاطب

الذي يقيم التوازن ،موزعة وفق املنطق الثنائي لألمكنةتقاطبات لمسرح من حيث هو ،انـــدراسة املك

فضاء املكاين إىل فضاءين حيث انقسم ال ،ليقيها من االختاللالتوترات الناشئة بني العالقات و

، عاطفية اسيةــــــــــسي، اجتماعية ،هندسية :خمتلفة ىؤ ر و مقيبأماكن االنتقال أماكن اإلقامة و ،منفصلني

املكانأو انغالق يف األساس على مقياس درجة انفتاحتقوم فأما مقولة الرتاتبية ، ةيديولوجيوإثقافية

أو فئات مكانية وفق بتوزيع مرافقه إىل طبقات ،على العامل اخلارجي، وبدرجة أخص املكان السجين

.خطة تراتبية حمكمة

فضاء التمثيلي السجنية املتفشية ضمن ال اإليديولوجيةن مبدأ الرتاتب يغدو عنصرا أساسيا يف إ ــــ

وجود وضع أجزاء املكان املنغلق، وإعطاء االنطباع ب وال يفلح سوى يف مفاقمة ،لإلقامة اإلجبارية

�دف اإلبقاء على الطابع املتناقض الذي جيعل من السجن فضاء ،أماكن أكثر أو أقل انغالقا

.استثنائيا مفارقا

تغشاها أماكن انتقال خاصة أماكن انتقال عامة و إىل يف الرواية العربية تتوزع أماكن االنتقال ن إ ـــ

هذا الفضاء االنتقايل هناك فرضية أساسية عند وصفو ،تشكل مسرحا حليا�ا اليوميةات و شخصي

Page 377: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

خــــاتمة

377

االجتماعي، وأن هذا التغري املكاين يصاحبه دائما تغري وتعلن عن برناجمه الطوبوغرايف و تنظم وجوده

.داليل

التاريخ متتد من املاضي إىل ن جدلية الزمن تصنع الفضاء وتعلو به، وال تنفصل عن املكان، فجدلية إ ـــ

.ضر والعكسااحل

من مكان وزمان وأحداث وحتركات ن الفضاء الروائي احتوى كل العناصر املكونة للعمل السردي،إـــ

ويلوح عرب الزمان ويرمسه الوصف ،يظهر من خالل األشياء، إذ متماهية فيما بينها للشخصيات،

اين ومتسق أطرافها يف نسيج متكامل مرتابط منسجم املعأجزاؤها و سرد والشخصيات متالمحة وينقله ال

.ى يف خمتلف أجزائهالفضاء امتداد لكل تلك املكونات اليت تتجل ن إ :�ذا نستطيع القولالبناء، و

وردت مستمرة ا، إال أ� فهاواختال هادتعد من غم ر على ال ،"هنا... اآلن "رواية يف ةفضين األإ ــــ

ومتصلة مع بعضها البعض يف مناجاة متداخلة، ال يستقيم فيها املفتوح إال بوجود حدود انغالقية، وال

.يستقيم فيها املغلوق إال يف حمطات انفتاحية

الوصول إىل الكيفية املالئمة و الرؤية توضيح منها لحماولة فيما بينهاتماهي تاملكونات البنائية كل ن إــــ

ويكشف عالقاته اليت تستند إىل مرتكزات تقوم على اجلوارية ،حداثباألوصف الفعل املمتلئ ل

.الروائيلينتج يف األخري الفضاء ،و الذوبان واالحنالل النهائيأ

بني كبرية يف تأطري املادة احلكائية، وتنظيم األحداث والعالقاتال تهيتميز بأمهيالفضاء الروائي ن إــــ

الذي ميثل الشخصية الراوي قبلمن :متعددة رؤىينشأ من خالل عناصر السرد، ولذلك فهو

غة اليت يستعملها الل، و الشخصيات الفاعلة يف احلدث مواقفأفعال و ، و السردي اخلطابالفاعلة يف

. وتأويلها اخلاصة والدقيقة يف تصور األحداث مبالحظاته ورؤيته، مث القارئ مطية لتخييلهالراوي

ووجهات النظر، وهو يعرب عن رسالة يقصدها ىشبكة من العالقات والرؤ ن الفضاء الروائي إــــ

، وبفضل بنيته اخلاصة والعالئق املرتتبة عنها، يصبح الفضاء ق تلم الروائي ويصبو إليصاهلا إىل كل

.الرمزية للسردكائية و الروائي عنصرا متحكما يف الوظيفة احل

Page 378: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

خــــاتمة

378

، إذ أدجمهما وأصبغهما بروح جديدة من خالل لي ــــــتخاملزاوجة بني الواقع وامل استطاعالروائي ن إـــ

.صرفةعمل فين دقيق تتحكم فيه أنساق تعبريية ومادة أدبية

من االنغالق الذي جيسده الوطن والذات إىل االنفتاح على العامل حتولت الرواية العربية املعاصرة ن إــــ

اآلخر، واالطالع على ماهو خارج الوطن وخارج الذات القادرة على تفعيل املواجهة ضد طغيان

.األنظمة العربية واستبدادها

امم ـــ ومعامله صعوبة الولوج إىل دواخل مفاهيمه غم منعلى الر ف ،املنهج السيميائيالتعامل مع أما

خاصة ،جماال خصبايشكل إال أنه ــــ مببادئه ومصطلحاته النقديةيستوجب على الباحث اإلملام

اآلن " قراءتنا لرواية من خالل الفضاء الروائي ها لالقرتاب من مدلولعنإلجابة لاليت أثرناها األسئلة

من نتائج وأن ما أحرزنا عليه ،دا تسعى إىل تطوير وعي نوعي حمد إمن ،كما يقالكل قراءة و ."هنا...

اإلجرائية اليت آلياتهو يالسيميائاملنهج مبادئ اأوصلتنا إليه قراءةواستخالصات ال يشكل سوى

بالدرس يما بينها للمضي قدما فوالقراءة قراءات، وما تعددها وتنوعها إال لتتآلف . اشتغلنا يف نطاقها

.النقدي املعاصر

،بالــــذكر أســــتاذي املشــــرف فضــــل أســــاتذيت الكــــرام، وأخــــص مث اهللا، بعــــونمت هــــذا البحــــث وقــــد

فكـرة مل ختتمـر بعـد، منـذ أن كـان هـذا البحـثهواري بلقاسم الذي أعـانين كثـريا علـى توجيـه : الدكتور

املتعلقــــة تصــــحيح املفــــاهيمالقيمــــة، و ه مل يبخــــل علــــي بإرشــــاداتهورعــــاه مبالحظاتــــه الصــــائبة، كمــــا أنــــ

. ئية للخطاب السرديابالدراسات النقدية احلداثية، وباألخص املقاربة السيمي

بوهلم قراءة ق على ،سادة األساتذة أعضاء جلنة املناقشة املوقرةللوامتناين ،شكري اجلزيل مأقد كما

مين هل ،همن ساهم يف إجناز كل ل، و مةوتصويبه مبالحظا�م ونصائحهم القي ومناقشته ،هذا البحث

.جزيل الشكر وكامل االحرتام والتقدير

Page 379: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

بطاقة فنية عن الروائي عبد الرحمن منيفـ 1

هنا أو شرق المتوسط مرة أخرى... ملخص رواية اآلن ـ 2

الواردة في البحثـ ثبت المصطلحات 3

ـ ترجمة األعالم 4

ـ الرموز المستعملة في التوثيق 5

المــــالحــــــــــــــــق

Page 380: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

لوالد سعودي ) األردن ( بعمان

الواقعة وسط اململكة من جند وأم عراقية، ينتمي إىل قرية قصيبا مشال مدينة بريدة مبنطقة القصيم

. العربية السعودية، وقد كان والده من كبار التجار الذين اشتهروا برحالت التجارة بني القصيم والشام

.قضى املراحل األوىل من الدراسة متنقال مع العائلة بني دمشق وعمان وبعض املدن السعودية

، واصل دراسته 1952قوق يف بغداد عام

بعد توقيع حلف بغداد، 1955

طرد منيف مع عدد من الطلبة العرب إىل مجهورية مصر ، ليحصل على شهادة الليسانس يف احلقوق

امعة بلغراد، حيث حاز على شهادة

.1961عام

( وعمل يف الشركة السورية للنفط لينتقل إىل بريوت

. 1981، ليعمل هناك يف جملة البالغ، مث عاد إىل العراق عام

380

:بطاقة فنية عن الروائي عبد الرحمن منيف

1933مايو 29روائي عريب، ولد يف عبد الرحمن إبراهيم منيف

من جند وأم عراقية، ينتمي إىل قرية قصيبا مشال مدينة بريدة مبنطقة القصيم

العربية السعودية، وقد كان والده من كبار التجار الذين اشتهروا برحالت التجارة بني القصيم والشام

قضى املراحل األوىل من الدراسة متنقال مع العائلة بني دمشق وعمان وبعض املدن السعودية

قوق يف بغداد عام بعد إ�ائه الدراسة الثانوية يف عمان، التحق بكلية احل

1955، ويف عام )حزب البعث ( ويف نشط يف العمل السياسي املعارض

طرد منيف مع عدد من الطلبة العرب إىل مجهورية مصر ، ليحصل على شهادة الليسانس يف احلقوق

امعة بلغراد، حيث حاز على شهادة سافر إىل يوغسالفيا وتابع دراسته العليا يف ج

عام " اقتصاديات النفط " اص الدكتوراه يف العلوم االقتصادية ـــ اختص

وعمل يف الشركة السورية للنفط لينتقل إىل بريوت ) سوريا ( انتقل إىل دمشق 1962

، ليعمل هناك يف جملة البالغ، مث عاد إىل العراق عام

حقالمـــال

بطاقة فنية عن الروائي عبد الرحمن منيفـ 1

عبد الرحمن إبراهيم منيف

من جند وأم عراقية، ينتمي إىل قرية قصيبا مشال مدينة بريدة مبنطقة القصيم

العربية السعودية، وقد كان والده من كبار التجار الذين اشتهروا برحالت التجارة بني القصيم والشام

قضى املراحل األوىل من الدراسة متنقال مع العائلة بني دمشق وعمان وبعض املدن السعودية

بعد إ�ائه الدراسة الثانوية يف عمان، التحق بكلية احلو

ويف نشط يف العمل السياسي املعارض

طرد منيف مع عدد من الطلبة العرب إىل مجهورية مصر ، ليحصل على شهادة الليسانس يف احلقوق

سافر إىل يوغسالفيا وتابع دراسته العليا يف ج. 1958عام

الدكتوراه يف العلوم االقتصادية ـــ اختص

1962عام ويف

، ليعمل هناك يف جملة البالغ، مث عاد إىل العراق عام 1973عام ) لبنان

Page 381: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

381

، وألفا معا عمال أدبيا نادرا متثل "جربا إبراهيم جربا " ارتبط منيف بصداقة عميقة مع الروائي العريب

، 1986ليتجه بعدها إىل فرنسا مث عاد إىل دمشق عام . 1982عام " عامل بال خرائط " رواية يف

ليقيم فيها بعد زواجه مع امرأة سورية، حيث كرس حياته لكتابة الروايات، وبقي إىل آخر أيام عمره

ارضة ألنظمة اخلليج سحبت منه اجلنسية السعودية ملواقفه املناهضة واملع. معارضا لإلمربيالية العاملية

.سنة ) 70( بدمشق عن عمر يناهز سبعني 2004يناير 24تويف يف . وسياسا�ا النفطية يعترب عبد الرمحن منيف أحد أهم الروائيني العرب يف القرن العشرين، حيث استطاع يف رواياته أن

ي ـــــي، خاصة يف دول اخلليج العربـــــايف العربــــثقادي والـــاسي واالقتصـــــــــاعي والسيــــــيعكس الواقع االجتم

يعترب منيف من أشد املفكرين العرب املناوئني لألنظمة العربية من خالل رواياته ).الدول النفطية (

لوعة الغياب : اسية، وأعمال أخرى غري روائي، ونذكر منهاــــادية والسيــــافية واالجتماعية واالقتصــــالثق

ات ـــ، سرية مدينة عمان يف األربعيني) 1991( اق الرواية العربية ــــــى وآفــــاتب واملنفــــ، الك) 1989(

، ) 1995( ، القلق ومتجيد احلياة ) 1995( الدميمقراطية دائما ... ، الدميقراطية أوال) 1994(

، ) 2001( قبل رة للمست، ذاك) 1998( ، بني الثقـافة والسيـــــاسة ) 1997( عروة الزمن الباهي

وله قصص .) 2003( ش من التاريخ واملقاومة ، العراق هوام) 2001" ( مقاالت " رحــــلة ضـــــوء

.)قصص ( وأبواب مفتوحة ) قصص ( أمساء مستعارة : 2006رية طبعت بعد وفاته عام صق

:اـــر منهـــاله الروائية فنذكـــأما أعم

، تدور 1973وهي أول رواية لعبد الرمحن منيف، نشرت يف عام :مرزوق ـ األشجار واغتيال 1

، الذي فصل من اجلامعة اليت يدرس �ا، أعتقل "منصور عبد السالم"أحداثها حول عامل اآلثار

واغتيل صديقه مرزوق بسبب معارضتهما للنظام احلاكم ، مث سافر إىل خارج الوطن بعد إطالق

.سراحه

، تدور أحداثها حول قصة حب امرأة 1974رواية رومانسية، نشرت عام : سيةـ قصة حب مجو 2

.جموسية متزوجة عاشها بطل الرواية يف إحدى إجازاته

Page 382: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

382

، أحداثها تدور 1975رواية سياسية، تنتمي إىل أدب السجون، نشرت عام :ـ شرق المتوسط 3

حول سياسة النظم العربية يف تضييق اخلناق على املواطنني، خاصة املعارضني السياسيني، واملعاملة

السيئة اليت يتلقوها داخل السجون العربية، بطلها معارض سياسي يدعى رجب، الذي سجن بسبب

.السلطة وقسو�ا، فهي حتكي قصة املخابرات العربية وتعذيب السجونمعارضته على تعسف

، تدور أحداثها حول حياة البدو وعادا�م وتقاليدهم يف قرية 1977نشرت عام : ـ النهايات 4

الطيبة، والطرق اليت يتبعو�ا جللب قو�م، حيث كشف الروائي من خالل هذه الرواية عن الوعود

.نة ببناء سد حلماية القرية من اجلفافالكاذبة من سلطة املدي

، حتدث فيها الروائي عن رجل دبلوماسي 1979نشرت عام : ـ سباق المسافات الطويلة 5

وخمابرايت، يذهب إىل الشرق للعمل واإلطاحة بالنظام املعارض لربيطانيا العظمى، ليكشف يف هذه

مع، كما تعرض فيها حلياة الشرقيني بكل الرواية عن مدى قوة املرأة اخلفية وسيطر�ا على ا�ت

تفاصيلها، كما كشف الروائي عن سيطرة الدول العظمى على دول الشرق وبسط نفوذهم عليها

.للوصول إىل أطماعهم يف النيل من ثروا�ا، خاصة النفطية منها

براهيم جربا، ، ثائية التأليف بني عبدالرمحن منيف وجربا إ1982نشرت عام : ـ عالم بال خرائط 6

أحداثها خيالية تدور حول قصة مقتل جنوى العامري، املتعلقة براوي القصة األستاذ اجلامعي عالء،

.املتهم الرئيسي مبقتلها

، وهي حتتوي على مخسة أجزاء، تدور أحداثها حول بداية 1984ألفها عام : ـ مدن الملح 7

، ومنطقة اجلزيرة العربية بصفة خاصة، حيث اكتشاف النفط يف دول اخلليج، وباألخص يف السعودية

االجتماعي واالقتصادي يف : تكلم فيها عن التغريات اليت طرأت بعد ظهور النفط على ا�الني

.املنطقة

Page 383: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

383

، حتدث 1999آخر روايات منيف، تتألف من ثالثة أجزاء، ألفت عام : ـ ثالثية أرض السواد 8

ـحداث االجتماعية والسياسية اليت تعرض هلا العراق يف القرن فيها الروائي عن العراق اجلرحية، عن األ

.وعالقتها بأحداث العامل 19

تدور أحداثها حول . بعد وفاته 2005رواية قدمية للكاتب ، إال أ�ا نشرت يف عام : ـ أم النذور 9

وصف طفل مترد على جمتمعه، بعدم التعلم يف الكتاتيب بسبب قسوة الشيخ الذي يعلمه، حيث

أما أم النذور فهي رمز لشجرة مقدسة جيتمع حوهلا . الروائي احلالة النفسية للطفل بكل تفاصيلها

النساء اخلاضعات ألمر أزواجهن وجمتمعهن، حيث تتجمع النسوة بقرب هذه الشجرة تربكا �ا

.لتحقيق أمانيهن، وهذا يعترب من الطقوس والعادات والتقاليد يف تلك الفرتة

تنتمي هذه األخرية إىل أدب السجون، نشرت ألول : هنا أو شرق المتوسط مرة أخرى...نـ اآل10

، طبعت عدة مرات، وتدور أحداثها حول األوضاع السياسية اليت تعيشها الشعوب 1991مرة عام

ه العربية، واملعاناة اليت يعيشها الشاب العريب الطامح واملتحمس إىل تغيري الواقع السياسي جراء تعذيب

، وهي رواية تكميلية للرواية ...سجن عمورية، السجن املركزي وسجن العفري: يف السجون العربية مثل

الدهليز، حرائق احلضور والغياب وهوامش : شرق املتوسط، وهي تنقسم إىل ثالثة وقفات: السابقة

.أيامنا احلزينة

Page 384: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

384

: " أخرىهنا أو شرق المتوسط مرة ... اآلن " ملخص روايةـ 2

م، وتعد مبثابة جزء ثان لرواية 1991شتاء "أو شرق المتوسط مرة أخرى هنا...اآلن" روايةصدرت

حرائق "، ثانيا 159-11: ، صص"الدهليز"أوال : ، وتتألف من ثالثة أقسام"املتوسطشرق "

، 574-322 :، صص"هوامش أيامنا الحزينة"، ثالثا 321-160: صص "الحضور والغياب

.صفحةسبعني و أربعاليت اعتمدت عليها يف حدود مخسمائة و السابعةوتقع الطبعة

ث عن مأساة سجينني التقيا مصادفة يف مستشفى كارلوف مبدينة براغ تتحد "هنا...اآلن" رواية

بعد أن سجن عشر ، األول من مدينة مورانطالع العريفيوعادل الخالديعاصمة تشيكسلوفاكيا،

سنني يف سجو�ا، وقد القى من التعذيب والوحشية يف السجن أبشع صور االضطهاد والظلم،

وخاصة يف سجن العبيد، منع من مغادرة املستشفى ألسباب أمنية، وحىت بعد موته وقعت مشكلة يف

ار التعذيب الذي لقيه كيفية نقل جثمانه إىل بالده، أما الثاين جاء من مدينة عمورية، ليعاجل من آث

. يف سجون عمورية، والسجن املركزي، وسجن العفري، وسجن القليعة

، "شرق المتوسط مرة أخرى"، والثاين"هنا...اآلن"األول: من قسمني اثننيعنوان الرواية يتكون

لمتني مكون مكاين، وبني الك" هنا"وهو مكون زماين، و" اآلن: "أما األول يتكون من مكونني اثنني

على أن أحداثا كثرية ووقائع أليمة بني اآلن وهنا، وهذان الظرفان يوحيان لتدل ،"..."توجد نقاط

جبملة من التساؤالت واالحتماالت أشهرها ماذا حيدث اآلن؟ وماذا يوجد هنا؟، أما الثاين فهو مكون

وهو مكون " سطاملتو "وهو مكون مكاين، و" شرق"من شرق املتوسط مرة أخرى،فهو يتكون من

، يعود ليكتب "شرق املتوسط" ألوىلامنيف عبد الرمحن تقودنا إىل رواية " مرة أخرى"مكاين أيضا، و

من جديد عن العامل نفسه، بعد مضي عشرين عاما، مما يذكرنا بنص حكائيامتأل حمتواه بظلم السلطة

للنظام، ويتبلور معىن هذا العنوان احلاكمة يف بلدان شرق املتوسط حبق السياسيينوالثوريني املناهظني

أو شرق " هنا... اآلن "وبني " شرق املتوسط"بطرفيه املتعاطفني وخباصة الفرتة الزمنية املمتدة بني

Page 385: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

385

هنا أو شرق املتوسط مرة يرتبط ارتباطا ...اآلن: "والعنوان.بلغت ست عشرة سنة" املتوسط مرة أخرى

ازيا سهل االكتشاف، وقد حقق وظيفته من خالل الولوج من وثيقا باملكان والزمان، فجاء واضحا جم

العامل اخلارجي للنص إىل عامله الداخلي، وهو يشري إىل أن الظلم جيري يف كل األزمنة واألمكنة يف

العامل العريب، وباألخص يف شرق املتوسط، حيث قيدت احلرية ورميت يف غياهب السجونوالزنازين

.والدهاليز

يتحدث فيه فيه عادل اخلالدي جند ،"الدهليز"ــــبـ منها موسومالقسم األول ثالثة، اللرواية أقسام اأما

والدهليز مكان وحشي لقمع ،يف السجن ه معى السجني السياسي املريض طالع العريفيعن جتربت

ـ ـــعنون بموالقسم الثاين السجناء وتعذيبهم، وهو جزء من سجون شرق املتوسط، اليت تعج بالدهاليز،

بعد عن حياة السجون وعذابا�ا استئناف الكالم اخلالدي عاود عادل ، " حرائق الحضور والغياب"

ال ميثل معىن ماديا حقيقيا، فليس ما يدل وهذا القسم. والسيما صور العذاب يف الصحراءطالع،موت

ايشها طالع العريفي وغريه على وجود حرائق باملعىن احلقيقي، واملقصود من هذا العنوان املعاناة اليت ع

يف السجون وخاصة سجن العبيد وموران متذكرا ما حدث معه يف السجون، واملمارسات الوحشية

أليمة ذكريات حرائق الحضور والغيابو .خاصة هالل الذي اغتيل يف السجن عليهم،اليت مورست

مفهوم اخليبة حيث جتسدأشبه باحلرائق اليت حترق فكر طالع، ، وهي تعصف يف رأس طالع العريفي

.الذي يطارد السجني الذي قضى أغلب حياته يف عامل مظلم ال حرية فيه

، يعود فيه عادل لريوي من جديد عن باريس "هوامش أيامنا الحزينة"ـــأما القسم الثالث املوسوم بـ

ني العشر اليت عادل اخلالدي عن معاناته يف السجون، والسن وعن األيام اليت قضاها فيها، إذ يروي

قضاها يف سجون عمورية، وجاء هذا العنوان متحسرا على األيام اليت قضاها عادل يف حياته،

فهوامش مجع هامش، وأيامنا مجع يوم، واحلزينة هي صفة لأليام، واهلوامش ال قيمة هلا مقارنة

وليست إال مأساة يف كذلك هذه األيام احلزينة يف حياة عادل اخلالدي اليت ال قيمة هلا، ،بالكتاب

.نفسية عادل والناس املظلومني على هذه األرض

Page 386: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

386

على الواقع السياسي الذي يدور يف تلك الرقعة املمتدة تدل هابوقائها وأحداث"هنا ... اآلن" ورواية

اليت كانت حوادثها دافعا ،من الشاطئ الشرقي للبحر املتوسط حىت أعماق الصحراء يف موران

عن لتكوين مادة النص احلكائي، وفضاء هلذا النص نفسه، وعبد الرمحن منيف �ذا العنوان املعرب

حمتوى النص الذي عنونه، يؤكد أن الواقع السياسي القاسي الذي تتميز به البلدان العربية املمتدة من

، مازال مستمرا رغم تقدم الزمان وتطور انصحراء مور الشاطئ الشرقي للبحر املتوسط حىت أعماق

الوعي اإلنساين، فاألمم األخرى تسعى بدأب إىل تأمني حياة كرمية لشعو�ا تقوم على أسس العدالة

واحلرية واملساواة، يف حني أن حكام البلدان العربية ما زالوا يكدون أنفسهم ببناء السجون، وميلؤو�ا

.والشرفاء األحراراملناهضني للطغيان واإلستبداد ريني الثو السياسيني و بآالف مؤلفة من

م، 1975عام أصدرها عبد الرمحن منيف اليت"شرق المتوسط"، تتمة لرواية هنا... اآلن ورواية

من اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان، ويورد لنا املادة األوىل والثانية والثالثة فيها موادايستعرض لنا ا

بعد تنشر ل، 1972كتب منيف هذه الرواية عام . واخلامسة والعاشرة والثانية عشر والرابعة عشرة

.مثائة وثالث وأربعني صفحة م، وتتكون الرواية من ستة أجزاء يف ثال1975عام ثالث سنوات، أي

شرق : " األوىل: مكون من كلمتني ،وهو"شرق الموسط":مكون مكاين يتألف من الرواية عنوان

تدل على جغرافية حبرية "املتوسط : " ، والثانيةاحملددة لدول املتوسط إحدى اجلهات األربع وهي"

حتديد مما يصعبيشمل أكثر من دولة عربية، كونهعلى السؤال، يبعثمكاين ، وهومكون من العامل

الفروق أن تعلقة بالسلطة والفرد، املعامة القيم المنظومة ، ويف هذا داللة يف.املعنية البقعة اجلغرافية

وحاالت املعاناة واحدة، لألن الوطن العريب هي فروق قليلة األمهية، من القائمة بني مواقع خمتلفة

.العامل العريب مشرتكةالقضايا يف اهلموم و عامة وشاملة، وأن القمع واإلضطهاد

تلخص قضية كبرية يف احلياة اإلنسانية والسياسية، وهيرتمز إىل كل "شرق المتوسط"إال أن عبارة

د عبارة ختتزن الكثري وال يتحد وهي ما ميثل من قيم، ا�تمع العريب الذي يقع شرق املتوسط، يف كل

بدأ بسفر إمساعيل من توملخصها أ�ا.نص كلهمعناها الذي يرمي إليه صاحب النص إال بعد قراءة ال

Page 387: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

387

بريوت إىل أوروبا، وهو على ظهر الباخرة، يتذكر خروجه من السجن بعد مخس سنوات، مصابا

على منت باخرة يونانية ا بروماتيزم يف الدم، وحياول أن يسافر للخارج من أجل العالج، مبحر

ان الذي على توقيعه للسج ا ب البطل كثري ويتعذ ام السجن ومعاناته،تدعىأشيلوس، ويبدأ باسرتجاع أي

به يف السجن، والذي دفعه ف عن نفسه ملقيا اللوم على املرض الذي أمل د �ايته، وحياول أن خيف حد

لالستسالم أكثر موقف أخته أنسية، ويف اجلزء الثاين تبدأ أنيسة بالسرد، فتتذكر أخاها قبل دخوله

له، وحتاوره فتعلمه كيف ماتت والدته؟، معتربة أن الشرطة وراء السجن وما حصل له بعد دخوله

مو�ا، وتقارن أنيسة بني رجب وأمها، وتذكر أحداثا ومواقف من شباب رجب وبعض املناقشات

شيلوس اليت اعتربها صديقته، جلزء الثالث رجب موجها كالمه ألالسياسية اليت كان جيريها، ويقص ا

اته السياسية، ويتذكر مشاهد التعذيب والسجن، ويرى فتاة سويدية حتمل فيحدثها بأسراره وعن حي

ويف اجلزء الرابع الذي تقصه أنيسة، حيث يظهر أ�ا ". نوري"قفص عصافري فيتذكر السجن واحملقق

تلقت رسائل من رجب يتحدث فيها عن حبيبته هدى، وعن نيته كتابة رواية موضوعها التعذيب،

كي يفضح العذاب الوحشي يف السجون، ويعود ،ه ينوي السفر إىل جنيفويعلمها يف إحداها أن

رجب للقص يف اجلزء اخلامس، حيث خيضع لعالج طيب من مرضه، مث يقارن بني احلياة يف الشرق

واحلياة يف الغرب، ويف سفره يتلقى رسالة بأن عليه أن يعود للوطن، ألن صهره حامد موقوف ولن

ويف اجلزء السادس الذي ترويه أنيسة وفاء ألخيها، تقص عن عودة أخيها خيلى سبيله إال برجوعه ،

.إىل الوطن ليسجن من جديد، مث خيرج أعمى وميوت

البحر األبيض املتوسط : ومما الشك فيه أن منيفا يضع البالد العربية يف دائرة اال�ام، ويقصد باملتوسط

سوريا، لبنان، األردن، : لبحر األبيض املتوسط فهيوإذا أردنا حتديد الدول العربية اليت تقع شرق ا

فلسطني، مصر، وهذه الدول تشرتك يف حدودها مع البحر املتوسط والعراق تقع أيضا شرق املتوسط

لكنها ال تشرتك يف حدودها مع املتوسط، هذه الدول هي األكثر عرضة وا�اما يف عنوان منيف،

شرق املتوسط أو غربه يف مظاهر القمع والعنف داخل لكن هذا ال مينع دخول بلدان أخرى كانت

Page 388: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

388

تشري إىل منطقة " اآلغا"السجون، ولعل بعض املصطلحات اليت استخدمها منيف يف روايته مثل

.دة، خاصة يف سوريا ولبنانحمد

ث عن شرق املتوسط بعد احلرب العاملية الثانية وعن عالقة احلاكم وأرى أن منيفا وهو يتحد

السياسية أساسا،ال يقصد حتديد بلد بعينه، فاملسألة عامة يف الدول العربية، مما جيعل باملعارضة

املشرق العريب كله مشرتكا يف هذه اجلرمية واملؤامرات، والباخرة اليت انطلقت برجب أقلعت من ميناء

وقد كان ملنيف كان سوريا أو عراقيا، أو أردنياأو من اجلزيرة العربية، " رجب" بريوت، ما يعين أن

موقففي تعميته ملكان شرق املتوسط، ألنه جيعل البلدان العربية كلها حتت املساءلة وا�هر، ولو

.خصص منيفبلد عريب حمدد لفقدت الرواية قيمتها وهدفها املنشود

Page 389: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

389

:ثبت المصطلحات ــ 2

غة صراعات ساخنة من اجل متلكها ، فكل لأثارت إشكالية املصطلحات يف العلوم اإلنسانية

شىت العلوم ،خاصة العصر قدر�ا على استعاب املفاهيم اجلديدة يفحتاول إظهار ثرو�ا اللغوية و

بلغات " مسيت ، واليتبزمام األمور) ليزية والفرنسية اإلجن( حيث أخذت اللغات الغربية ،احلايل

،إال أن ة العربية إىل أخذ تلك املصطلحاتها اللغ،فاضطرت اللغات األخرى من"التواصل األوسع

،لنقص التحكم يف آليات الرتمجة ضمن ا�امع يف إشكالية عدم توحيد املصطلحات العامل العريب وقع

.1واملؤسسات العلمية اللغوية

A

……………………………………………………… Actantعامل

...Acte...........................................................................الفعل

Acte Narratif ..........................................................الفعل السردي

.………………………………….…..………………Acteurممثل

……….………………..……………..…………Adjuvant املساعد

.……...…………………………………………Anaphor استذكار

..………..…………………………………Articulation فصالتمت

C

حتليلية إحصائية يف " تصدرعن خمرب ،تهترمجبإشكالية صناعة املصطلح وتعريبه و ة تعىنجملة علمية أكادميي ،جملة املصطلح: ينظر1

.313ص اجلزائر، ،هومة دار ،2003:س ،02: ع ،"العلوم اإلنسانية

Page 390: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

390

Cataphore……………… ................................................استباق

Charge……………………………………………………التكثيف

Circulation………………………… .................................تداول

Connotation……………………………....…………….....اإلحياء

………………Classification...........................................تصنيف

...…………Confuguration..................................طابيةالتشكالت اخل

...…………Confrontation.............................................مواجهة

.……………Conjonction..............................................اتصال

………………Corpus.....................................................منت

.………………….………………………………Continuمتواصل

….…Critique.................................................................النقد

.1النقد هو حتليل اخلطاب وفق آليات معينة تفسريا وتأويال باالعتماد على نظريات معينة

D

…………………Debrayage...........................................الوقف

………………Destenataire.........................................مرسل إليه

كلية اآلداب،، 2005 أمحد حساين، حماضرات مشروع االجتاهات اجلديدة يف حتليل اخلطاب األديب، سنة أوىل ماجستري، 1

.، اجلزائروهران ،جامعة السانية اللغات والفنون،

Page 391: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

391

.Destinateur..................................................................مرسل

Devoir fair.............................................................وجوب الفعل

.………………Discontinu.........................................ال متواصل

.…………………………………………………Discoursخطاب

Dialogisme..................................................................احلوارية

هي التفاعل اللفظي الذي حيدث بني األفراد اجتماعيا وهذا املفهوم أسس له باختني منخالل

دراسته حلوارية دوستيوفسكي ورابليه وقام بتبيني العالقات اليت تنتج من احلوارية حيث ميز بني

.ب احلواري متعدد األصوات ووحيد الصوتاخلطا

Discours.....................................................................اخلطاب

…………Disjonction..................................................انفصال

...………Domination....................................................هيمنة

E

Ecart ………………………………………………………االنزياح

املألوف، خرق للقواعد و خروج عن املعيار و فهو . هو التجاوز أو العدول عن النمط الرتكييب األصلي

) .اليومية(وانزياح عن اللغة العادية

Ecriture .......................................................................الكتابة

يل الغرايف للكالم ؛ التخطيط أو التمث)الدال( ، هي من املنظور اخلطي مبعىن آخر الكتابة األدبية

انفتاح اللغة، متفصلها، ، أما من الناحية الداللية هي فعل....، مقاطع، نصوصا حيث تشمل مجال

Page 392: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

392

وختتلف الكتابة باختالف جماال�ا، الكتابة السياسية، الكتابة الصحفية الكتابة العلمية . وختطيها

ا الكتابة األدبية هي اليت تتجاوز هذه ا�االت حيث تستحضر مجيع طاقات التعبري والتأليف أم ...

.واستخدام الصيغ اجلمالية والفنية لألدب

Ecriture Tipografique……..………….……………الكتابة التيبوغرافية

فقرات ،حيث تشكل عناوين و علمية حديثة،وهي تقنية كتابية بوسائل وتسمى التشكيل التيبوغرايف

اه القارئ وتركيز حضورها يف ،حىت تثري انتبوداء بارزة لتمييزها داخل الصفحةونصوص خبطوط س

ود ؛وهي ور ابة املتخللةأيضا الكت توجدو .،الكتابة البارزةلكتابة املمططة،االكتابة املائلة: مثل،ذهنه

.داخل الكتابة األصلية كلمات وفقرات أجنبية

Effet de Lecture...........................................................أثر القراءة

.…………….……Effet de réel......................................أثر الواقع

..........................Effet de Sens.....................................أثر معنوي

.………………Embarayage............................................الوصل

Enonciation..................................................................التلفظ

Enoncé.......................................................................امللفوظ

.……………………Epreuve............................................جتربة

.…………………Espace................................................الفضاء

..………………Etiquette...................................................مسة

………Etiquette Sémantique........................................الليةمسة د

Événement ................................................................…حدث

Page 393: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

393

………Existence Sémiotique.................................الوجود السيميائي

F

……Faire Syntaxique...............................................الرتكييب الفعل

.……………………Fonction.........................................وظيفة

.……………Fonctionnement........................................اشتغال

G

Genre littéraire.........................................................اجلنس األديب

…Génération..................................................................توليد

H

………………..……………..…...…..…Herméneutique التأويل

،ويركز الـتأويل عادة على هر منه ؛مع احتمال له بديل يرجحههو محل اللفظ على غري مدلوله الظا

النصوص األدبية الغامضة أو اليت يتعذر فهمها من القراءة األوىل ،وهو ينطوي على شرح خصائص

.1النص و مساته ،كاجلنس األديب الذي ينتمي إليه وعناصره و بنيته و غرضه وتأثرياته

Hybridisation ...............................................................التهجني

يعترب مزجا بني لغتني إجتماعيتني يف ملفوظ واحد ،ويعتربه باختني عنصرا فعاال يف إنتاج احلوارية

.بوعي لغة بلغة أخرى

. 131، منشورات احتاد الكتاب العرب يف دمشق، ص 2000خليل املوسى، قراءات يف الشعر العريب احلديث واملعاصر، 1

Page 394: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

394

Horstexte................................................................خارج النص

،زمنه وعصره، انتماءاته حياة الكاتب أو الشاعر: ، مثال كل ما يتعلق مبا هو خارج عن النص

حيث ينظرون إىل النص ) سياق النص ( إال أن النقد اجلديد يرفض التدخل اخلارجي للنص . املختلفة

، وهذا ما يساهم يف عملية التلقي وإنتاجية النص دون اللجوء إىل العوامل )نسق النص ( من داخله

،حيث يرفض بارت ومجاعته هذه املعلومات اخلارج نصية ويعدو�ا اخلارجية اليت سامهت يف تشكيله

تدخال من املبع يف عملية فهم املتلقي للنص ،وهي معلومات قد تضلل فهم القارئ وتقيده أو حتد

.1على األقل من حرية خميلته

I

Idéiologème.......................................................وحدةإيديولوجية

هيمنة تركيبية جتمع لتنظيم نصي معطى بالتعبري املتضمن فيه أو الذي حييل إليه وتعرفه كريستيفا فتقول

هذه الوظيفة التناصية اليت ميكن أن نقرأها جمسدة فيمختلفمستويا�ا، بنية كل نص، واليت متتد :" عنه

.2يةعلى طول مسافته بإعطائها له خيوطها التارخيية واالجتماع

....………………………………………………Immanenceحمايثة

Intentionalité..............................................................املقصدية

إال إذا كان من يتكلم يفعل ،ال يصبح تواصليا ،خطابا مكتوبا واء أكان مكتوبا أويعين أن الكالم س

.ذلك قصدا للتعبري عما يف ذاته

. 131، ص خليل املوسى، قراءات يف الشعر العريب احلديث واملعاصر12 Julia Kristiva, Sémiotiké, Recherches pour une sémanalyse ,Ed,Seuil, Paris, 1969, p 52.

Page 395: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

395

.………Interprétant.......................................................مؤول

…………Interprétatif...............................................فعل تأويلي

……………Inversion...................................................القلب

Intertextualité............... ..............................................التناص

فوكو، الذين اتفقوا يف معظم وجريار جينيت و ارت كرستيفا وبمصطلح سيميائي له معان خاصة عند

كتابا�م النقدية على أنه نص جيتمع ويتقاطع مع نصوص سابقة له؛ يشري إليها،و لذلك قالت

، وكل نص هو شرب و حتول عن لوحة فسيفسائية من اقتباسات ةإن كل نص هو عبار : " كرستيفا

،وال وجود ملا يتولد ال يفرتض تعبريا آخر،أنه ال وجود لتعبري:" فوكو أنه،ويقول " إىل نصوص اخرى

النص احلاضر ويشكل التناص العالقات بني. ... "متسلسلة و متتابعة من ذاته ،بل توجد أحداث

ظل للنص الغائب عالمات حضور يف النص اجلديد ،ولذلك ميكننا أن ،وي(...)والنص الغائب

. 1نستعني بالنصوص الغائبة يف إلقاء الضوء على النص اجلديد و تأويله

…………………………………………...……Intertexte املتناص

.2هو نص يكمن يف داخل نص آخر ليشكل معناه سواء أكان املؤلف واعيا بذلك أم غري واع به

…………..……………...……. …….…………Imitation التقليد

.…Isotopie....................................................................تناظر

L

..….…………………………..……………………Langageاللغة

. 133ص س،.،مقراءات يف الشعر العريب احلديث واملعاصر ،املوسىخليل 1 .244ص لبنان، ،العربية للنشر والتوزيع، بريوت املؤسسة ،1994 ،1ط سعيد الغامني ،: السيمياء والتأويل ،تر ،رويرت شولز2

Page 396: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

396

هي نظام من ،براج و عند البنائيني األمريكيني،وكذلك عند لغوي مدرسة اللغة عند سوسري

األصوات ( يث ال تتمتع العناصر ،حمن األنظمة املرتابطة فيما بينها،أو مبعىن أدق جمموعة العالقات

اوي اليت تربطها بالعناصر بأي قيمة مستقلة خارج عالقات التعارض أو التس) الكلمات و

. 1،فيظهر هذا النظام النحوي املضمر يف كل لغة من اللغات و عند كل املتكلمني �ذه اللغةاألخرى

……………Langue......................................................اللسان

أو ( العالمات الصوتية اللسان هو اخلاصية النوعية للكائن البشري كي يتواصل بواسطة نظام من

أو ( ،ويشكل هذا النظام من العالمات الصوتية الذي تستخدمه مجاعة اجتماعية معنية )اللغة

.2اللغة املعنية) ة جمموعة لغوي

Langue naturelle......................................................اللغة الطبيعية

لغة خاصة بالنوع البشري يف مجلته ،وهي أدوات للتواصل و التعبري ،وتتميز خبصائص عاملية تتسم �ا

.3... )عربية ،فرنسية ،اجنليزية( كل لغة إنسانية

.……Lieu de transformation....................................حولدائرة الت

…………………Lisibilité............................................مقروئية

Lecture..........................................................................القراءة

األداء التحليلي أو االستقرائي لتحصيل رؤية معينة إزاء منتج معريف وحدة معرفية من حيث لقراءة متثال

،نصال: على) القراءة الكلية أو القراءة الشاملة (معني ،ترتكز يف إجناز مهمتها الكلية أو الشاملة

ة مقاالت مرتمج( الثقافة واألدب و مة العالمات يف اللغة نصر حامد أبو زيد ،مدخل إىل السيميوطيقا ـ أنظ ـــسيزا قاسم ـ 1

. 254ص ،1986 ط،.د ،مصر،دار الياس العصرية ،)ودراسات . 353ص ،املرجع نفسه 2 . 353ص ،املرجع نفسه 3

Page 397: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

397

طة معرفية تتضمن وتعترب سلطة القارئ أهم هذه العناصر؛ ملا يتمتع به من سل ،القارئ و املرجع

مفاهيم القراءة تطورت أكثر مع إال أن أساليب و . حتليلية وتأويلية لتأطري املنج املعريفية و أدوات تعريف

.1تطور أساليب الكتابة و دخول عنصر التكنولوجيا يف حقول التعريف بالنتاج اإلنساين

Lisibletexte.............................................................النص املقروء

M

..………………Manifestation.........................................جتل

..………………Manipulation........................................حتريك

…….. ………Métalangage......................................اللغة الواصفة

لغة ،وهي لغة صناعية تستخدم لوصف امليتالغةللغة ما وراء اللغة أو يصطلح عليها أيضا ا

: مثل،اللغة املدروسة،وقواعد تركيبها هي نفس قواعد ها هي ألفاظ اللغة موضوع التحليل،ألفاظطبيعية

،فلكل لغة ميتالغة خاصة لقواميس واملعاجم لتعريف األلفاظاللغة النحوية اليت يستخدمها مؤلف ا

،مبعىن أن: ولنقل مثال يعين، أي، :خدامها أللفاظ مثل�ا،وميكن التعرف عليها من خالل است

، 3لغة الرياضيات: وهي متثل شفرات أو لغات مثلوهي ختتلف متاما عن اللغة الطبيعية، ،2إخل...

.األلفباء املستخدمة عند فاقدي السمعو النطق والعالمات العسكرية

Modernisation ...............................................................احلداثة

ـ 05ـ 15: يوم www.google.ae :، من األنرتنيت، موقع1عزيز التميمي، منظومة القراءة ـــ سلطة القارئ، مقال، ص1

2006 .

. 356 - 355: ،صصس .سيزا قاسم، نصر أبو حامد ،مدخل إىل السيميوطيقا، م 2 . 353ص ،املرجع نفسه3

Page 398: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

398

حلداثة صناعة بعيدة عن العفوية ،واالت ،ولكنه حاضر بقوة وغري حمدد،متعدد الدالمصطلح إشكايل

،إمنا هي صيغة متميزة الطبيعة،وليست احلداثة مصطلحا اجتماعيا أو سياسيا أو أو تارخييا و

الرمزي تفرض نفسها إزاء التنوع اجلغرايف و ،تناقض صيغة الثقافات السابقة والتقليدية ،وهيللحضارة

،وهي مع ذلك مصطلح غامض، ولكنه يتضمن يف دالالته إمجاال اإلشارة إىل التطو هلذه الثقافات

.1)جمتمع ما بعد اللغة والكالم ( والتبدل يف الذهنية ،فمجتمع احلداثة هو جمتمع الشيفرات والرموز

………………………Modalité ........................................صيغ

...………………………Mode...........................................منط

………………………Modele........................................منوذج

……Modele Constitutionnel.................................النموذج التكويين

.………………Narration .................................................سرد

.…………………………Narrativité..............................السردية

N

………………Narratologie...................................علم السرد

...………………………Niveau................................مستوى

O

.……………………………Objet................................موضوع

. 134ص ،س.م شعر الريب احلديث واملعاصر،قراءات يف ال خليل املوسى،1

Page 399: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

399

………………………Opposant......................................املعيق

P

..……………………………Parcours...............................مسار

..……………Parcours fuguratif................................مسار تصويري

..……………Parcours narratif.................................ديمسار سر

…………………………Parole.......................................الكالم

Paradigmatique..........................................................اإلستبدال

،واملنتمية إىل نفس لقائمة بني وحدات اللغة املختلفةالعالقة االستبدالية هي العالقة االفرتاضية ا

دركة بالفكر بني خمتلف اهتم دو سوسري بالعالقة االفرتاضية املو . الفصيلة الصرفية أو الداللية

،توجد يف شفر�ا كجزء من قائمة تبادلية هذه منطوق فعلي ،وأن أي إشارة قبل ظهورها يف أياأللفاظ

وأخذ ،)خالل التشابه واالختالف رى؛من أي من نظام العالقات اليت تربطها بإشارات أخ( الفكرة

ادفات، واملتضادات من اجلذر ،ففي اللغة ترتبط الكلمة تبادليا مع املرت عنه السيميائيون هذه الفكرة

.1، وأيضا امللفوظات اليت تتشابه معها صوتانفسه

...…………………Performance.....................................اإلجناز

.……………………Personnage....................................شخصية

..…………………Persuasion...........................................إقناع

…………………Pouvoir faire....................................قدرة الفعل

...……………………Prédicat........................................حممول

.242ص ،س.السيمياء والتأويل، م روبرت شولز،1

Page 400: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

400

………………………Procès...........................................إجراء

Programmation...............................................................برجمة

.………………Programme............................................برنامج

...Programme narrative.........................................الربنامج السردي

Productivité ................................................................اإلنتاجية

Polyphonie............................................................تعدد األصوات

Peritexte............................................. ....................النص احمليط

اسم املؤلف، العناوين، ما يدخل يف إطار املقدمات والذيول، ويتضمن الغالف امللصقات،

...، املقدمات، فكرة الكتاب، النقطاالهدءات

Poétique.....................................................................الشعرية

إبتداء من أرسطو " النظرية العامة لألعمال األدبية" علم موضوعه الشعر والنثر معا واعتربها النقاد

جاكبسون رومان إىل غاية الشكالنيني الروس حيث تدرس القيمة اجلمالية للعمل األديب، أو ما أمساه

)R.Jakobson ( بالوظيفة الشعريةLa Fonction poétique اليت جتعل شكل الرسالة

.1منسجما وتظهر هذه الوظيفة يف البنية اللغوية للرسالة واليت جتعل اخلطاب أدبيا

Phéno-texte............................................................النص الظاهر

.اصليةيعين التمظهر اللغوي كما يرتاءى يف بنية امللفوظ املادي وهو جمال اللغة التو

R

...………………………Récit.........................................حكي

1 Algirdas Julien Greimas et Joseph courtès, Sémiotique : Dictionnaire, raisonné de la théorie

du langage, Hachette ,France,1979 , pp: 282 – 283

Page 401: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

401

..………………Représentation.......................................عرض

…………………………Rôle...........................................دور

S

...………………Sanction................................................اجلزاء

………………Savoir faire.........................................معرفة الفعل

..……………………Schéma.........................................خطاطة

Structure ........................................................................البنية

أو السبك، ويقصد باألوىل املعىن العام النسجأو الرتكيب والبنية يتألف األثر األديب من عنصرين مها

لألثر األديب وهو الرسالة اليت ينقلها هذا األثر حبذافريها إىل القارئ حبيث ميكن التعبري عنها بطرائق

د به الصدى الصويت لكلمات األثر خمتلفة، غري التعبري املستعمل يف املعىن األديب، أما النسج فاملرا

وتتابع احملسنات اللفظية والصور ا�ازية واملعاين اليت توحي إىل العقل من مدلوالت الكلمات

.1املستعملة

…………………Sélection.............................................انتقاء

............................................................... .السيماناليز

Sémanlyse حيث يدرسه داخل " التدليل " مصطلح أطلقته كريستيفا على التحليل الذي يتناول

النص، إذ خيرتق الدال مع الذات والرمز ،إضافة إىل التنظيمات النحوية للخطاب من أجل الدخول

.2ور اللغةإىل هذه املنظومة حيث تتجمع أصول ما يدل يف حض

541 - 540: ، صص1974، 1لبنان، طات األدب، مكتبة جمدي وهبة، معجم مصطلح1 . 57ص املغرب، ،، الدار البيضاء، إفريقيا الشرق1994، 2عمر أوكان، مدخل لدراسة النص والسلطة، ط2

Page 402: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

402

Sémantique.................................................................السيمياء

،وهي حتمل نفس احلقل الداليل أ�ا تستعمل للداللة عن العالمةوردت السيمياء يف معجم الصحاح

عرب أ�ا تعين السومة والسيمة ووردت يف معجم لسان ال.1املشحن يف السومة و السيماء و السيما

.2تعين العالمةوالسمياء و

، واعتربها البعض علم المز؛لتدل على رمزأ�ا " Sémaسيمة" أن لفظة وقد اعترب بعض العرب

.3الدالئليةأو الداللية،واعتربها آخرون أنا تعين علم اإلشارة؛لتدل على إشارةاآلخر أ�ا

.4فريى أن السيمياء حتمل معىن العالمة أما الدكتور رشيد بن مالك

Sémiotique..............................................................السيميوطيقا

.؛هي معرفة العالمات 1690ـ عند الفيلسوف جون لوك

؛هي نظرية العالمات أو النظرية العامة ) 1914ـ C.S.Peirce )1839 بريس . س. ـ عند ش

.ثيل للتم

صورها و جتليا�ا عند احليوان ،هي النظرية العامة للعالمات يف كل Morrisـ عند موريس

.،اللغوية وغري اللغوية ،الفردية أو االجتماعية والبشر

. 631صبريوت، لبنان، دار احلضارة العربية، ،1974الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، ،إمساعيل بن محاد اجلوهري1، دار صادر للطباعة 2005، 4، ط03، لسان العرب، ا�لد اإلفريقي املصري منظور حممد بن مكرم بنأبو الفضل مجال الدين 2

. 245ص ، والنشر، بريوت، لبنانذوييب خثري الزوبري ،سيميولوجيا النص السردي ـ مقاربة سيميائية لرواية الفراشات و الغيالن ،رابطة أهل القلم، سطيف، اجلزائر ، 3

. 8، ص2006، 1ط . 21، ص لوطنية للطباعة، اجلزائراملؤسسة ا، 2002ط، .رشيد بن مالك، السيميائية أصوهلا وقواعدها، د4

Page 403: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

403

،قائمة على ر الثقافة بوصفها أنظمة للعالمات؛هي العلم الذي يدرس سائر ظواه Ecoـ عند إكو

مجيعها ما هي يف الواقع سوى أنظمة من العالمات مبعىن أن الثقافة فرضية مؤداها أن ظواهر الثقافة

.هي يف جوهرها اتصال

.1وظيفة التعبرييميوطيقا تتناول وظيفة التواصل و الس ؛Sebeok ـ عند سيبيوك

Sémiologie..............................................................السيميولوجيا

فرديناند دي سوسيرمنذ أن أرساه ،يربز يف الكتابات الفرنسية أكثر املصطلحجند هذا

)Ferdinand de Saussure ( وهو علم 1911" دروس يف علم اللغة العام" يف كتابه ،

وهو لدراسة اإلشارات والعالمات من حيث كنهها ،(...)بشرإشارات واسع للتواصل بني ال

وتتيح إمكانية متفصلها ،ني املادية والنفسية اليت حتكمهاالقوان،ويسعى إىل الكشف عن وطبيعتها

.2داخل الرتاكيب

، يعرف السيميولوجيا بعلم العالماتف ؛Greimas Algirdas Julienأما جوليان غرمياس

.3علم العالمات: ومها يعنيان ،طلح يرتادف مع مصطلح السيمويطيقاويرى أن هذا املص

………………………Séquence......................................مقطع

Signal...........................................................................اإلشارة

) L’indice(،أمــا اإلشـارة اللغوية)القارئ ( رة املستقبل وهي تلك العالمـات اليت تعمل على إثــا

إلشارت اللفظية أو إنتاجه باستعمال ألفاظ اللغة اليت تسمى اهي طريقة خاصة يف ربط احلدث بزمن

اإلنسان من أكثر املخلوقات استعماال هلا من اجل حتقيق العملية التواصلية، ويعد ،أمساء اإلشارة

. 252، ص س.مدخل إىل السيميوطيقا،م : زيد سيزا قاسم ، نصر حامد أبو 1 . 136، ص س.الشعر العريب احلديث واملعاصر، م خليل املوسى، قراءات يف2 . 352،ص س.م،مدخل إىل السيميوطيقا،زيدنصر حامد أبو سيزا قاسم،3

Page 404: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

404

،وأن لإلشـــارة أن أو شيء يشري إىل حدث أو شيء آخر حدث « تعين Peirceوهي عند بريس

،و 1»كما البد من مؤول هلا ،اإلشــارات األخـرى، والبد لإلشارة من مادة أو مرجعون خمتلفة عن تكــ

.2»أمر يالزم كل حي ويدخل كل بنية اجنتماعية « يرى حممد عزام أ�ا

Signe............................................................................العالمة

مفهوم أساسي يف السيميوطيقا أو السيميولوجيا ،ويرى بنفنيست أ�ا متثل شيئا معينا حيل العالمة تعد

وميكن أن تكون . حمل شيء معني بالنسبة لشخص ما خبصوص ما و بدرجة ما بوصفها بديال له

( مادي أحدمها حمسوس أو: وهي تتألف من عنصرين. اعتباطية أو معللة ،مشفرة أو غري مشفرة

،وصار لثنائي للعالمةوقد جتاوزت البعد ا، 3)املضمون/ املدلول(،واآلخرغري حمسوس )تعبريال/ الدال

تصنيفها خيضع إىل عالقتها بالعاملني اخلارجي والداخلي ،فإذا انتمت إىل العامل الداخلي كانت رمزا

. 4حامال للداللة ،وإذا انتمت إىل العامل اخلارجي كانت عالمة حاملة للعىن

………………………Signifiant.......................................الدال

...……………………Signifié.........................................املدلول

يظهر من مصطلحات سوسري أن املدلول عنده مساوم للمفهوم ،وأن العالمة اللغوية تنتج من الرتابط

. 5عية واملفهومبني الدال و املدلول أو بني الصورة السم

Signifiance ...................................................................التدليل

. 10، ص ادمشق سوري،منشورات وزارة الثقافة 1996،ط.حنو حتليل سيميائي لألدب،د ــاللة ـحممد عزام ،النقد والد1 . 25،ص املرجع نفسه2 . 252ص ،س.م مدخل إىل السيميوطيقا، ،بو زيدنصر حامد أ ــ سيزا قاسم 3 . 207،ص اجلزائر، منشورات االختالف، 1،مقاربة سيميائية يف فلسفة العالمة ، طأمحد يوسف، الدالالت املفتوحة 4 . 354ص ،س.م ،مدخل إىل السيميوطيقا ،نصر حامد أبو زيد ـــ سيزا قاسم5

Page 405: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

405

، وترى كريستيفا أنه )اإلنتاجية، التلفظ، التناص ( ة ينتمي مصطلح التدليل إىل مستوى املمارسة الدال

لية وحنوية مبنية، وما مييزه عن ميارس داخل اللغة ويودع على سطر الذات املتكلمة بسلسلة تواص

أما الداللة تنتمي إىل ،" املتعة" الداللة هو وضع التدليل للذات يف النص ما يسميه بارت مبصطلح

ويرى تودورف أن التدليل جيعل من النص ،1"التواصل، امللفوظ، التمثيل، الواقع" مستوى املنتوج

ال �ائية العمليات املمكنة يف حقل معطى للغة " ه معان ممكنة إن فضاء متعدد الداللة تتقاطع فيهعدة

"2.

………….………Statut actantiel...............................وضع عاملي

..………….……………Structure......................................بنية

………………………Succesion.......................................تتابع

……………………………Suite.....................................متتالية

.……………………………Sujet.....................................ذات

Système Ouvert .. ..................................................النسق املفتوح

يقرأ قراءة ،وال ميكن للنص األديب أن هلا أن تنتهي ،وال ميكنيعين أن تكون القراءة مفتوحة ومتعددة

.حيمله من دالالت متعددة و خمتلفة،وإمنا يتعدى باستمرار ويتجدد ملا واحدة أو قراءتني فقط

. 57ص س،.م السلطة،النص و مدخل لدراسة عمر أوكان، 12 Oswald Ducrot et Tzevetan Todorov ,Dictionnaire encyclopédique des sciences du langage,

Ed ,Seuil, Paris, 1972,p 445.

Page 406: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

406

Synbole.........................................................................الرمز

أو مات أواأللفاظ ،فبمجرد نطق كلمة كل شيء يدل على شيء آخر أو ميثله،عن طريق الكل هو

ويقصد الرمز إىل إثبات عالقة دائمة يف ثقافة ما بني « ، رف أو رقم يقوم يف الذهن مدلولهح

. 1»عنصرين

.……………………Synchronie......................................تزامنية

..………Syntagmatique..................................................توزيعي

Syntaxe actantielle.................................................الرتكيب العاملي

…Syntaxe narrative...............................................الرتكيب السردي

...Synstamique..............................................................نسقي

Système Modélisant)................................... املنمذج ( النظام املشكل

هو كل نظام دال مركب موروث للشفرات الثقافية االجتماعية يقوم بتنظيم العامل بواسطة األساطري أو

.2كايات اخلرافية أو اآلهليات البدائيةاحل

T

Texte.... ......................................................................النص

ة فتحقق يف النص ما يسمى ، يتألف من مجل ومقاطع جتمعها عالقات قبلية وبعديدة دالليةوح

.بالنصية

. 350س، ص . ،نصر حامد أبو زيد ،مدخل إىل السيميوطيقا، مسيزا قاسم1 . 356ص ، املرجع نفسه 2

Page 407: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

407

Texturs.... ....................................................................النسيج

ويعين املنت، واجلزء الرئيسي من املؤلف مستقال عن شروحه وحواشيه، ويتضمن مفهوم النص ويشري

1:إىل

.املخطوطة اليت يتألف منها األثر األديبالكلمات املطبوعة و -أ

.من الكتب املقدسة والتعليق عليها يف الوعظاقتباس أجزاء - ب

.االقتباس الذي يعترب نقطة انطالق البحث أو اخلطبة - ج

...…………………Taxinomie......................................تصنيفية

Traduction.....................................................................ترمجة

Transformation...............................................................حتول

U

Unité............................................................................وحدة

Unités narratives....................................................وحدات سردية

V

Valeur...........................................................................القيمة

Variaté............................. ..............................................تنويع

Virtuel..........................................................................حمتملة

Vouloir faire.............................................................إرادةالفعل

Vraisemblable..............................................................احتمايل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

. 567 - 566: صص ،س.م ،معجم مصطلحات األدب ،جمدي وهبة 1

Page 408: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

408

:الم ـــــــــــــراجـم األعــــــــــــــتـ 3

) : Ferdinand De saussure(فارديناند دو سوسير *

صاحب " أودولف بيكيت" ،تتلمذ على يد معلمه األول 1857عام ) يسرا سو ( ولد جبونيف

، يف " Les Origines Indo Europienneأصول اللغات اهلندو أروبية " كتاب

مذكرة " أ�ى كتابه 1878،ذهب إىل أملانيا ،حيث انظم إىل حلقة اللغويني هناك ،ويف عام 1876

Le Système Prénulif desيف النظام البدائي للصوائت يف اللغات اهلندو أروبية

Voyelles dans Les Langues Indo - Europiènnes"

"L’Emploi du Génétif alsolu en Sanskrit : " أطروحة دكتوراة بعنوان

"Memoire de La SoCiété de Langue:" له جملد بعوان

عاد إىل جنيف 1981باملدرسة التطبيقية للدراسات العليا بباريس ،ويف عام 1880التحق عام

. 1911عاد إليه عام يف عام انقطع عن التدريس مث .

1911حىت 1909بعد وفاته قام تالميذته شارل بايل وآلبارس شي هاي جبمع حماضراته من

وترجم هذا األخري إألى . 1916عام " حماضرات يف السانيات العامة " ليصدراها يف كتاب بعنوان

:عدة لغات منها

. 1950ـ 1941ـ 1940ـ 1928: ـ إىل اليابانية عام

. 1967يف طبعته األوىل على يد فلوبار ،والطبعة الثانية عام 1931: ـ إىل األملانية عام

. 1933ـ إىل الروسية عام

. 1961ـ 1959ـ 1955ـ 1945: ـ إىل ألسبانية عام

. 1959ـ إىل االجنليزية عام

. 1982عام وبدأت تدرس اللسانيات يف اجلزائر . 1978ـ إىل العربية عام

العالمة اللسانية : وهذا الكتاب هو نوع من الكتب النسقية،حيث جاء مبصطلحات جديدة منها

)Signe Linguistique( الدال،)ségnifiant( املدلول، ) Ségnifié( القيمة اللسانية،

Page 409: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

409

)La Valeur Linguistique(، التزامن والتعاقب، الكالم)Parole( اللسان ،)Lange( ،

...عالقة الرتابط املتداعي ،احملور االستبدايل ،) L’arbitraire du Signe (العالمة اعتباطية

): Charles Sanders Peirce( شارل سندرس بارس *

ريل أف 19تويف يف ،1839سبتمرب 10من مواليد ،سيميائي أمريكيباحث فيلسوف و

، وهو يعد مع لرياضيــات، درس بـارس الفلسفة والكيمياءكــان والده أستاذ جـامعي يدرس ا ،1914

.الشرعيني للسيميائيات احلديثة دي سوسري األبوين

وشارل دي سوسري الـذي تنبأ به يومل جيد علم السيميولوجيـا سبيله إىل التــــــأسيس إال علـى يد

عالمات، لغوية يع أنساق الوهو يطمح أن يكون علم السيميوطيقا علما جلم، تصوره بريس الذي

: ل املمارسات الفكريةحيث يرى أن السيميوطيقا هي اإلطار املرجعي لك ،كانت أو غري لغوية

. إخل ... ،علم االجتماع وعلم الفلك الكيمياء ،علم النفس ،الرياضيات

يصطلح عليه ،حيث جنده ثني يف اصالح هذا العلم وتعريفهإال أن بارس خيتلف عن غريه من الباح

.علم السيميوطيقا بدال من السيميولوجيا ،ويعرفه أنه نظرية العالمات أو النظرية العامة للتمثيل

) :Algirdas Julien Greimas ( ألجيردا جوليان غريماس *

د السوفيايت من والدين بتوال باالحتا 1917مارس 09باحث لساين سيميائي ،من مواليد ناقد و

ودرس ،1934ل على شهادة البكالوريا عام حتص. بباريس بفرنسا 1992،وتويف عام ليتوانيني

صل على حترونوب بفرنسا، حيث درس اآلداب و انتقل إىل ج 1936يف عام احلقوق بليتوانيا، و

دكتوراه سجل جبامعة السوربون لتحضري الدكتوراه مث 1944،ويف عام شهادة الليسانس يف اآلداب

ضر بكلية اآلداب جبامعة اشتغل منصب أستاذ حما 1941ويف ،1948ب عام دولة يف اآلدا

.عني مدير الدراسات العليا والبحث العلمي 1965،ويف السوربون

Page 410: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

410

أشروا " جملة علمية " بارنار كيمادا ارت ،جون ديبوا ،بارنار دبوتيي و أسس مع روالن ب 1966ويف

وهو من بني الباحثني الذين ينشطون يف مركز األحباث . ةجمموع األنظمة الداللية البنيويفيها على

،سعى إىل تأسيس نظرية داللية حمايثة تربط بني التحليل البنيوي و ) CNRS (الوطين للعلوم

الداليل ،وكان له الفضل يف إجياد خطاب علمي حاول من خالله اجلمع بني املنهج اللساين البنيوي و

األدبية إىل ما يسمى بالنسق املفتوح ،والذي وجدت الداللة موضوع الداللة وإخضاع النصوص

.متنفسا يف رحابه وعد مطلبا اسرتاتيجيا يف البحوث السيميائية التأويلية

وقد عرف البحث السيميائي منعرجا جديدا خاصة بعد الدروس اليت ألقاها غرمياس يف معهد

. 1964ـ 1963دراسي هنري كوناري بكلية العلوم بباريس خالل العام ال

ـ الذي ترجم إىل عدة لغات ـ منعطفا حامسا لتمهيد ) 1966(وميثل مؤلفه الشهري الدالليات البنيوية

الطريق إىل السيميائيات احلديثة وإرساء لدعائمها إذ تبىن فيه غرمياس مقتضيات اخلطاب العلمي

.ر بسيطة التقليدي وحاول حتليل العناصر املعقدة للداللة إىل عناص

،ويعترب أهم ممثل لسيميائية السرد بطرحه للمربع أحد منشئي علم السيميائية غريماسيعد

،وذلك باالعتماد على السيميائي والنموذج العاملي كأداتني ملعاجلة النصوص السردية سيميائيا

وكان من املؤسسني . العوامل بدال من الوظائف ملا يطرأ على أدوارها من حتوالت على مستوى السرد

.ملدرسة باريس السيميائية

:من أهم مؤلفاته

Sémantique Structurale ,Recherche et méthode ,Larrousse,1966 .

، الربتغالية )1971(،اإلسبانية واألملانية) 1969( إليطاليةا: مؤلف شهري رجم إىل عدة لغات منها

) . 1983( و اإلجنليزية ) 1980( ، الفيلندية ) 1973(

Du Sens ,Essais Sémiotique ,1970 . - sémiotique du texte

,Exercice pratique ,1975 . La-

Sémiotique et sciences sociales ,1976 . -

Page 411: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

411

-Sémiotique : Dictionnaire raisonné de la théorie du langage, (avec

joseph courtès ) ,1979 .

Du Sens II ,1983 . -

-Sémiotique de passions :Des états de choses aux etas d’àme,( avec

jacques fontanille ) ,1991

Dictionnaire du moyen français ,( avec teresa mary keane ) ,1992 .ـ-

) : Mikhail Bakhtine(ميخائيل باختين *

سان " مث رحل إىل " أديصا " يف اإلحتاد السوفيايت، درس يف جامعة 1895ولد باختني سنة

.وفيها حصل على شهادة يف التاريخ وفقه اللغة" بطرسبورغ

أخد يساهم يف 1969يف مستهل الثالثينيات شرع باختني يف تأليف كتابه عن رابليه، ويف سنة

ومل ، KONTSKST,VOPROZY,LITERATURA:ا�الت األدبية مثل

ي وأطروحته اجلامعية عن كيف �اية حياته بعد إعادة نشر كتابه عن دوستيوفس يتمتع بالشهرة إال

:عدة مؤلفات من أمهها خملفا 1975تويف سنة .رابليه

Marxisme et la Philosophie du Langueـ املاركسية وفلسفة اللغة

poétique de Dostoïevskiـ شعرية دوستيوفسكي

):Tzvetan Todorov(تزفيطان تودروف *

باحث وناقد من أصل روسي، يقيم يف باريس ويعمل يف مركز األحباث الوطين للعلوم

G.N.R.S .نقل إىل الفرنسية نصوص الشكالنيني الروس) texte des formalistes

russes (اليت نشرت حتت عنوان نظرية األدب) théorie de lalittérature(، حبث فيبنية

ـ األدب : ومن مؤلفاته. القول األديب، وأوضح معىن الشعرية وحدد القوانني العامة لوالدة العمل األديب

. 1967والداللة

Page 412: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

412

. 1968ماهي البنيوية ـ

. 1970ـ مدخل إىل األدب الفنتازي

. 1971ـ شعرية النثر

) : R . Jakobson(رومان جاكبسون *

، كان قطبا1982وتويف عام ،1896ولد مبوسكو عام ،أديب أمريكي من جنسية روسية

1920 - 1915،وهو مؤسس حلقة موسكو األلسنية "حلقة براغ اللغوية " بارزا يف

. اليت أصبحت يف ما بعد حركة الشكالنيني

بتحليله الدقيق ملا يسميه بوظائف اللغة ورأى أن الوظيفة الشعرية هي اليت " جاكبسون"اشتهر

.�يمن يف الشعر على الوظيفة اإلحالية الواقعية، مما جيعل الشعر يبدو غامضا

حلرب العاملية الثانية هاجر إىل الواليات املتحدة األمريكية ،حيث التقى بلفي شرتاوس خالل ا

" .حتليل شهريلقصيدة القطط لبودلري" ،واشرتكا معا يف كتاب

خالل أكثر من نصف املؤلف من نصوص كتبت "مسائل يف الشعرية "كتب بأكثر من لغة كتابه

. التشيكيةليزية واألملانية و هذه النصوص كتبها بالفرنسية واآلخر باإلجن ،بعض1972 -1919قرن

:مؤلفاته املنقولة إىل الفرنسية من

.1963ـ دراسات يف األلسنية العامة

. 1973ـ مسائل يف الشعرية

.1977ـ مثاين مسائل يف الشعرية

):Julia Kristiva(جوليا كريستيفا *

Page 413: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

413

، ناقدة و باحثة تأثرت " فليب صولري" بلغاري ،وهي زوجة الكاتب،ذات أصل 1941من مواليد

بالثقافة الفرنسية ،إذ تعد من أبرز الناقدات يف فرنسا ،حيث متيزت بكتابا�ا حول السيميائيات

. التحليلية، قرأت لباختني وتبنت مفهومه عن احلوارية، وأطلقت عليه مصطلح التناص

:من مؤلفا�ا

.عرية ـ ثورة اللغة الش

. 1969عام " أحباث للسيميائيات التحليلية " ـ السيميوطيقا

. 1970ـ النص الروائي

. 1977ـ تعددية الكلمة

):Gerard Genette(جيرار جينيت *

ناقد وباحث فرنسي، مدير الدراسات يف املعهد التطبيقي للدراسات العليا يف باريس، مدير

، ويعد من أهم األعالم املمثلني للتحليل البنيوي ونظرية " Poétique الشعرية"مساعد �لة

. األشكال األدبية

: من أشهر مؤلفاته

. I )Figures I (1966ـ أشكال

. II )IIFigures (1969أشكال ـ

" البحث عن الزمن الضائع"هذا املؤلف هو حتليل لرواية : III )Figures III (1972ـ أشكال

وهي دراسة يف النظرية العامة للبنيات السردية حيث حيدد فيها البنيات الشكلية ذات الصلة بنماذج

).دراسة الزمن، إدارة وجهة النظر، موقف السارد ووظائفه ( السرد

العنوان وميثل النص املوازي حيث من وهذا املؤلف يطرح فيه إشكالية : Seuil (1987(ـ عتبات

. خالله ميكن القبض على اخليوط األولية للنص ككل

يطرح فيه مسألة": Introduction à l’architexte" 1979ـ مدخل إىل جــامع النص

Page 414: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

414

الشعرية واليت متثل جمموع اخلصائص العامة اليت ينتمي إليها كل نص مثل أصناف اخلطابات، صيغ

.جناس األدبيةالتعبري، األ

L’œuvre de l’Art « Immanence et( 1994" الثبات والتجاوز"ـ عمل الفن

Transcendance ». (

L’œuvre de l’Art: la relation" 1997" العالقة اجلمالية " ـ عمل الفن

esthétique."

): (Jean Yves Tadieتاديه فجان آي*

،حامل لدكتوراه دولة يف األدب ،يشغل منصب أستاذ 1936ناقد فرنسي ولد عام أديب و

:من مؤلفاته .حماضر يف جامعة السوربون بفرنسا

. 1970ـ مدخل إىل احلياة األدبية يف القرن التاسع عشر ،

. 1978ـ بروست و الرواية ،

. 1982ـ الرواية و املغامرات ،

. 1987ـ النقد األديب يف القرن العشرين ،

: Roland Barthesروالن بارت *

عمل يف مركز البحث .، ،تقلب بني الوجودية واملاركسية والبنيوية 1915باحث فرنسي ولد عام

العلمي الفرنسي،كما عمل مديرا للدراسات يف املدرسة التطبيقية للدراسات، أشرف على إدارة معهد

إثر ،تويفمن أهم أعالم النقدالت ؛وهو يعد التدريب ملواد علم االجتماع و الرموز والرسوم والدال

.1980حادث سيارة يف فيفري

.الكتابة بالدرجة الصفرو 1977خطاب عاشق ، 1973لذة النص ،S/Z 1970: من مؤلفاته

): Philipe Hamon( فليب هامون *

Page 415: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

415

،يعود له الفضل يف إجياد نظام سيميولوجي للشخصية الروائية بفضل الدراسة باحث سيميولوجي

Poétique du récitشعرية القص : السيميائية اليت قام �ا يف هذا ا�ال ،نشرت ضمن كتاب

.سيميولوجيا الشخصيات الروائية : ومن مؤلفاته .

: Tel quelجماعة تيل كيل *

املفاهيم الرئيسية نشرت ."Philippe Sollersفيليب سولري" بإدارة 1960تأسست سنة

théorieensemble »أصدرت نظرية اجلمع 1968اليت أعد�ا مجاعة من املنظرين ويف سنة

coll. Tel quel 1968 seuil paris» وهو مؤلف مجاعي شارك فيه كل من فوكو ،

Faucault بارثBarthes دريدا ،Drida وسولري ،sollers وكريستيفا ،Kristiva.

عة نفسها جبماعة الدراسات النظرية، وذلك بعرض خالصة جلهدها اجلماعي ومست هذه اجلما

. 1968نظرية اجلمع عام " الذي محل عنوان

،وأخذت امسها وتوجهها من الشاعر الفرنسي 1960فظهرت عام Tel quelأما جملة تيل كيل

.1943وعام 1941بول فالريي الذي نشر أعماله األدبية فيها عام

Page 416: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

حقالمـــال

416

:الرموز المستعملة في التوثيقـ 4

الكلمة الرمز

م

مص

ن. م

ن. مص

ط

ن. د

ت. د

ص

:صص

:تر

:تع

:تح

:تق

مخ

مج

س

ع

*

Trad :

Ed

P

PP :

مرجع

مصدر

مرجع نفسه

مصدر نفسه

طبعة

دار النشر

دون تاريخ

صفحة

ما بعدهاالصفحة و

ترمجة

تعليق

حتقيق

تقدمي

خمطوط

جملة

سنة

عدد

التعليقللشرح و

Traduction

Edition

Page

Deux Page

Page 417: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

قائمة المصادر والمراجع

Page 418: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المصادر والمراجع

418

.م، بريوت، لبنان2011/ ه 1432، 5ط ،عن نافع رواية ورش القرآن الكرمي،*

:المراجع العربيةو المصادر ـ 1

، دار التنوير 2013، 7هنا أو شرق املتوسط مرة أخرى، ط... عبد الرمحن مونيف، رواية اآلن *

.للطباعة والنشر، بريوت، لبنان

دار الشروق للنشر ،1996، 1دراسات يف الرواية العربية، طـ إبراهيم السعافني، حتوالت السرد ــ

.والتوزيع، عمان

، 2008، 1ـ إبراهيم خليل، من االحتمال إىل الضرورة ـــ دراسات يف السرد الروائي والقصصي، ط

.دار جمدالوي للنشر والتوزيع، عمان

، املركز الثقايف 2003، 1ـ إبراهيم صاحل، الفضاء ولغة السرد يف روايات عبد الرمحن منيف، ط

.العريب، بريوت، لبنان، الدار البيضاء، املغرب

، )رواية جهاد احملبني جلرجي زيدان منوذجا ( دراسة تطبيقية هيم صحراوي، حتليل اخلطاب األديبـ إبرا

.، دار األفاق، اجلزائر1999، 1ط

، 2002ط، .د دراسة يف بنية الشكل، تقنيات البنية السردية يف الرواية املغاربية ــــ إبراهيم عباس،

.منشورات املؤسسة الوطنية لالتصال والنشر واإلشهار، اجلزائر

، مكتبة الشروق 2004، 4، املعجم الوسيط، ط)جممع اللغة العربية ( ـ إبراهيم مصطفى وآخرون

.الدولية، القاهرة، مصر

، ا�لد 03منظور اإلفريقي املصري، لسان العرب، ا�لد ـ أبو الفضل مجال الدين حممد بن مكرم بن

.، دار صادر للطباعة والنشر، بريوت، لبنان2005، 4، ط15، ا�لد 13

، دار الكتب 1981، 1مفيد قنيحة، ط: أبو هالل العسكري، الصناعتني، الكتابة والشعر، تحـ

.العلمية، بريوت، لبنان

Page 419: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المصادر والمراجع

419

، دار الغرب للنشر والتوزيع، 2005ـــ من النظرية إىل التطبيق، ـ أمحد طالب، املنهج السيميائي ــ

.وهران، اجلزائر

، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، 2009، 1ـ أمحد عوين، دراسات يف السرد احلديث واملعاصر، ط

.اإلسكندرية، مصر

، دار األمان 1996 ،1ـ أمحد فرشوخ، مجالية النص الروائي، مقارنة حتليلية لرواية لعبة النسيان، ط

. للنشر والتوزيع، الرباط، املغرب

، املؤسسة العربية للدراسات 2005، 1ـ أمحد مرشد، البنية والداللة يف روايات ابراهيم نصر اهللا، ط

.والنشر، بريوت، لبنان

، دار القلم العريب 1998، 1مرشد، املكان واملنظور الفين يف روايات عبد الرمحن منيف، ط ـ أمحد

. للنشر، حلب، سوريا

، منشورات 2005، 1، طقاربة سيميائية يف فلسفة العالمةـ أمحد يوسف، الدالالت املفتوحة، م

.االختالف، اجلزائر

لعريب، بريوت، وحرب العالمات، املركز الثقايف ا ـ أمحد يوسف، السيميائيات الواصفة، املنطق السيميائي

.2005، 1الدار البيضاء، ط

.دار الغرب للنشر والتوزيع، وهران، اجلزائر ،2000ـ أمحد يوسف، القراءة النسقية ومقوال�ا النقدية،

، من 15حتليل اخلطـاب من اللسانيـات إىل السيميائيـات، جملة نزوى كوم، ص ـ أمحد يوسف،

. 2006ـ 01 - 31: يوم األنرتنيت،

، منشورات خمترب 2004، 1ـ أمحد يوسف، سيميائية التواصل وفعالية احلوار، املفاهيم واآلليات، ط

.السيميائيات وحتليل اخلطاب، جامعة وهران، اجلزائر

ـ إدريس بلمليح، استعارة الباث واستعارة املتلقي، ضمن نظرية التلقي، إشكاالت وتطبيقات،

، الرباط، جامعة حممد 24منشورات كلية اآلداب والعلوم االنسانية، سلسلة ندوات ومناظرات رقم

.اخلامس، املغرب

Page 420: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المصادر والمراجع

420

، منشورات جامعة منتوري، 2000، 1ـ إدريس بوديبة، الرؤية والبنية يف روايات الطاهر وطار، ط

.قسنطينة، اجلزائر

، دار احلضارة العربية، 1974حاح العربية، ، الصحاح تاج اللغة وصـ إمساعيل بن محاد اجلوهري

.بريوت، لبنان

.، دار احلداثة للطباعة والنشر والتوزيع، بريوت، لبنان1988، 1ـ إعتدال عثمان،إضاءة النص، ط

، مكتبة لبنان ناشرون، 2004، 1ـ اخلليل بن أمحد الفراهيدي، كتاب العني، معجم لغوي تراثي، ط

.بريوت، لبنان

، عامل 2010ة، الرواية والعنف، دراسة سوسيو نصية يف الرواية اجلزائرية املعاصرة، ـ الشريف حبيل

.الكتب احلديث، أربد، األردن

ـ الشريف حبيلة، الرواية والعنف، دراسة سوسيو نصية يف الرواية اجلزائرية املعاصرة، عامل الكتب

.احلديث، أربد، األردن

.، إفريقيا الشرق ،الدار البيضاء، املغرب1987، 1ط ـ أنور املرجتي، سيميائية النص األديب،

.، وزارة الثقافة، عمان، األردن2001، 1ـ بسام قطوس، سيمياء العنوان، ط

، ديوان املطبوعات اجلامعية، ) 1983 -1970( ـ بشري بوجيرة، الشخصية يف الرواية اجلزائرية

.اجلزائر

.، دار العلم للماليني، بريوت، لبنان1979عبد النور، املعجم األديب، ـ جبور

ــ 186( ـ جرول احلطيئة العبسي أبو مليكة ـ ابن السكيت، ديوان احلطيئة برواية وشرح ابن السكيت

.، دار الكتب العلمية، بريوت ، لبنان1993، 1مفيد حممد قميحة، ط: تح ،) 246

ت، إصدارات رابطة اإلبداع .ط، د.مجالياته يف الشعر اجلزائري املعاصر، دـ مجال مباركي، التناص و

.الثقافية، اجلزائر

.، فضاءات للنشر والتوزيع، األردن2008، 1ـ جهاد هديب، حوارات يف قضايا الشعر والسرد، ط

Page 421: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المصادر والمراجع

421

، جملس الثقافة العام، 2006ط، .ـ حسن األشلم، الشخصية الروائية عند خليفة حسن مصطفى، د

.ت، ليبياسر

، املركز الثقايف 2009، 2الفضاء ـ الزمن ـ الشخصية، ط -ـ حسن حبراوي، بنية الشكل الروائي

).لبنان(، بريوت )املغرب ( الدار البضاءالعريب للطباعة والنشر والتوزيع،

لثقايف ، املركز ا2000، 1ـ حسن جنمي، شعرية الفضاء السردي ـ املتخيل واهلوية يف الرواية العربية، ط

).لبنان(، بريوت )املغرب(العريب، الدار البيضاء

.، سراس للنشر، تونس 1985ـ حسني الواد، يف مناهج الدراسات األدبية،

املركز 2003، 1ـ محيد احلمداين، القراءة وتوليد املعىن، تغيري عادتنا يف قراءة النص األديب، ط

. الثقايف العريب، بريوت، لبنان

، املركز الثقايف العريب 1991، 1احلمداين، بنية النص السردي من منظور النقد األديب، طـ محيد

.للطباعة والنشر والتوزيع، بريوت، لبنان

من منظور النقد األديب ، املركز الثقايف العريب للطباعة والنشر، ـ محيد حلميداين، بنية النص السردي

).املغرب ( ء، ، الدار البيضا)لبنان ( ، بريوت 2000، 3ط

: ـ حنان حممد موسى محودة، الزمكانية وبنية الشعر املعاصر ـــ أمحد عبد املعطي حجازي منوذجا، تح

، عامل الكتب احلديث، جدارا للكتاب العاملي للنشر والتوزيع، عمان، 2006، 1يوسف بكار،ط

.األردن

.للنشر، الدار البيضاء، املغرب، دار توبقال 1987، 1ـ حنون مبارك، دروس يف السيميائيات، ط

، دار العودة، 1979، 1ـ خالدة سعيد، حركية اإلبداع دراسات يف األدب العريب احلديث، ط

.بريوت

، منشورات احتاد الكتاب العرب 2000ـ خليل املوسى، قراءات يف الشعر العريب احلديث واملعاصر،

.يف دمشق

.، املؤسسة الوطنية للطباعة، اجلزائر2002ط، .ا، دـ رشيد بن مالك، السيميائية أصوهلا وقواعده

Page 422: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المصادر والمراجع

422

.، دار القصبة للنشر، اجلزائر2000ـ رشيد بن مالك، مقدمة يف السيميائيات السردية،

، دار الوفاء لدنيا 2002، 1ـ رمضان الصباغ، يف نقد الشعر الغريب املعاصر، دراسة مجالية، ط

.الطباعة والنشر، اإلسكندرية، مصر

.، اهليئة املصرية، القاهرة1976أمحد أسعد، يف األدب الفرنسي املعاصر،ـ سامية

.، املركز الثقايف العريب، الدار البيضاء، املغرب2005، 1ـ سعيد بنكراد، السيميائيات والتأويل، ط

، دار األمان، الرباط، 1996، 1النص السردي ــــــ حنو مسيائيات لإليديولوجيا، طـ سعيد بنكراد،

.باملغر

.، منشورات االختالف، اجلزائر2003، 2ـ سعيد بنكراد، مدخل إىل السيميائية السردية، ط

.،بريوت، لبنان1997ـ سعيد حسن حبريي، علم لغة النص،مكتبة لبنان، ناشرون،

، عامل الكتب احلديث، إربد، 2010، 1ـ سعيد سالم، التناص الرتاثي ــــ الرواية اجلزائرية أمنوذجا، ط

.األردن

، املركز الثقايف العريب، الدار 2006، 3النص الروائي ـــ النص والسياق، ط انفتاحـ سعيد يقطني،

.البيضاء، املغرب

، املركز الثقايف 1997، 3، ط )الزمن ــــ السرد ـــــ التبئري (ـ سعيد يقطني، حتليل اخلطاب الروائي

).املغربية اململكة( ، الدار البيضاء، )لبنان ( العريب، بيــروت

، املركز الثقايف بريوت 1997، 1ـ سعيد يقطني، قال الراوي ـــــ البنيات احلكائية يف السرية الشعبية، ط

. 300، ص )املغرب ( ، الدار البيضاء )لبنان (

.، دار كندي للنشر والتوزيع، األردن2003ـ سلمان كاصد، دراسة بنيوية يف األساليب السردية،

، منشورات احتاد كتاب 1986فيصل، االجتاه الواقعي يف الرواية العربية السورية، ـ مسر روحي ال

.العرب، دمشق، سوريا

منشورات، 1995، 1، ط) 1990ـ 1980( ـ مسر روحي الفيصل، بناء الرواية العربية السورية

.، دمشق، سوريااحتاد الكتاب العرب

Page 423: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المصادر والمراجع

423

.، إحتاد الكتاب العرب، دمشق، سوريا1995 السورية،ناء الرواية العربية ـ مسر روحي الفيصل، ب

ـ سيزا قاسم ــــ نصر حامد أبو زيد ، مدخل إىل السيميوطيقا ـ أنظمة العالمات يف اللغة واألدب

. ، دار إلياس العصرية، مصر1986ط، .، د)مقاالت مرتمجة ودراسات(والثقافة

.، مطابع اهليئة املصرية العامة للكتاب، القاهرة، مصر2004ط، .قاسم، بناء الرواية، د ـ سيزا

، املؤسسة العربية للدراسات 1994، 1مجاليات املكان يف الرواية العربية، طـ شاكر النابلسي،

.والنشر، بريوت، لبنان

، املركز الثقايف 2003، 1ـ صاحل إبراهيم، الفضاء ولغة السرد يف روايات عبد الرمحن منيف، ط

.العريب، بريوت، لبنان

، دار شرقيات، القاهرة، 1997، 1ـ صاحل صالح، قضايا املكان الروائي يف األدب املعاصر، ط

.مصر

، دار 2006، 1ـ صبيحة عودة زعرب، غسان كنفاين، مجاليات السرد يف اخلطاب الروائي، ط

.جمدالوي للنشر والتوزيع، عمان

، دار 1999، 1ـ صالح فضل، شفرات النص، دراسة سيمولوجية يف شعرية النص والقصيدة، ط

.اآلداب، القاهرة، مصر

، دار الشروق 2002، 1التعبري ـ التأويل ـ النقد، ط: ـ طاهر عبد مسلم، عبقرية الصورة واملكان

.للنشر والتوزيع، عمان، األردن

، املركز الثقايف العريب، الدار 2006، 1نتاج ومنطق الدالئل، طـ طائع احلداوي، سيميائية التأويل، اإل

. البيضاء، املغرب

، املؤسسة 1999، 1ـ عبد احلميد احملادين، التقنيات السردية يف روايات عبد الرمحن منيف، ط

.العربية، بريوت، لبنان

ديوان املطبوعات اجلامعية ،)دراسات يف القصة اجلزائرية احلديثة ( ـ عبد احلميد بورايو،منطق السرد

.1994اجلزائر،

Page 424: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المصادر والمراجع

424

، دار النشر للجامعات، القاهرة، 1996، 2ـ عبد الرمحان الكردي، الراوي والنص القصصي، ط

.مصر

، 2006، 1ـ عبد الرحيم الكردي، السرد يف الرواية املعاصرة ـــ الرجل الذي فقد ظله منوذجا، ط

.قاهرة، مصرمكتبة األداب للطباعة والنشر والتوزيع، ال

.، دار الطليعة للنشر، بريوت، لبنان1983، 1ـ عبد السالم املسدي، النقد واحلداثة، ط

، دار حممد علي احلامي 2003، 1ـ عبد الصمد زايد، املكان يف الرواية العربية ـــ الصورة والداللة،ط

.صفاقسللنشر،

، املركز الثقايف العريب، الدار 1990، 1ـ عبد اهللا إبراهيم، املتخيل السردي ــــ مقاالت نقدية، ط

.البيضاء، املغرب

، النادي األديب 1982، 1ـ عبد اهللا الغذامي، اخلطيئة والتكفري ــ قراءة نقدية لنموذج لساين، ط

.الثقايف، جدة، السعودية

، )خليفة دراسة سيميائية تفكيكية لقصيدة ــ أين ليالي ــ حملمد العيد آل ( ـ عبد املالك مرتاض، أ ي

.، ديوان املطبوعات اجلامعية، اجلزائر1992

زقاق املدق «ـ عبد املالك مرتاض، حتليل اخلطاب السردي ـــــ معاجلة تفكيكية سيمائية مركبة لرواية

.1995، ديوان املطبوعات اجلامعية، الساحة املركزية، بن عكنون، اجزائر، »

، ديـوان املطبوعـــات اجلامعية، بن عكنون، 1995، حتليـل اخلطـاب السردي، ـ عبد املالك مرتـاض

.اجلزائر

، دار الغرب للنشر والتوزيع، 2005ـ عبد املالك مرتاض، يف نظرية الرواية ـــ حبث يف تقنيات السرد،

.وهران، اجلزائر

، عن ا�لس الوطين 1998 ،1ـ عبد املالك مرتاض، يف نظرية الرواية ـــ حبث يف تقنيات السرد، ط

.للثقافة والفنون واألدب، الكويت

Page 425: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المصادر والمراجع

425

، دار 1994، 4، ط) 1938 -1870( ـ عبد احملسن طه بدر، تطور الرواية احلديثة يف مصر

.املعارف، القاهرة، مصر

.، دار الكندي للنشر والتوزيع، األردن2002، 2، ط1ـ عبداهللا رضوان، البىن السردية، ج

، املؤسسة 2000ط، .فة اللغة يف اخلطاب الروائي الواقعي عند جنيب حمفوظ، دـ عثمان بدري، وظي

.الوطنية للفنون املطبعية، اجلزائر

، دار العني للنشر، 2010، 1ـ عزوز علي إمساعيل، شعرية الفضاء الروائي عند مجال الغيطاين، ط

.القاهرة ،مصر

.املطبوعات اجلامعية ،اجلزائر، ديوان 1971ـ عزيزة مريدن، القصة والرواية،

، دار الكتب 1998، 4ـ علي بن حامد اجلرجاين، التعـــــريفـــــــــــــات، حتقيق إبراهيم األنباري، ط

.العربية، بريوت، لبنان

.، الدار البيضاء، املغرب، إفريقيا الشرق1994، 2ـ عمر أوكان، مدخل لدراسة النص والسلطة، ط

، املؤسسة العربية للدراسات 1981، 1سعيد، الرمزية يف أدب جنيب حمفوظ، ط ـ فاطمة الزهراء حممد

. والنشر، بريوت

، مؤسسة االنتشار العريب، 2008، 1بالغة املكان ــ قراءة يف شعرية املكان، طـ فتيحة كحلوش،

.بريوت، لبنان

هلجرة إىل الشمال، دط، ـ فوزية الصفاد، أزمة األجيال العربية املعاصرة، دراسة يف رواية موسم ا

.57، االحتاد العام التونسي للحفل، تونس، ص 1980

.، مكتبة اخلاجني، القاهرة، مصر1948، 1كمال مصطفى، ط: ـ قدامة بن جعفر، نقد الشعر، تح

.، مكتبة األجنلو املصرية، القاهرة، مصر1991، 1ـ كرمي زكي حسام الدين، الزمن الداليل،ط

، املطبعة الكاثوليكية، بريوت، 2010، 19يف اللغة واألدب والعلوم، ط املنجدـ لويس معلوف،

.لبنان

Page 426: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المصادر والمراجع

426

، أمانة عمان 2004ـ لينة عوض، جتربة الطاهر وطار الروائية بني اإليديولوجية ومجاليات الرواية،

.الكربى، عمان

العلمية، ، دار الكتب 2007، 2ـ جمد الدين حممد بن يعقوب الفريوز أبادي، قاموس احمليط، ط

.بريوت

.1974، 1ـ جمدي وهبة، معجم مصطلحات األدب، مكتبة لبنان، ط

، منشورات إحتاد الكتاب 2002ـ حممد رياض وتار، توظيف الرتاث يف الرواية العربية املعاصرة،

.العرب، دمشق، سوريا

.درية، مصرت، دار املعارف، االسكن.ـ حممد زغلول سالم، دراسات يف القصة العربية احلديثة، د

، إفريقيا 1991ط، .مناذج حتليلية من النقد األديب، د - ـ حممد سويريت، النقد البنيوي والنص الروائي

.الشرق،الدار البيضاء، املغرب

.، املؤسسة العربية للدراسات والنشر، بريوت، لبنان2008، 1ـ حممد صابر عبيد، سحر النص، ط

منشورات وزارة الثقافة، 1996ط، .ـ حممد عزام ،النقد والداللة ـــ حنو حتليل سيميائي لألدب، د

.دمشق سوريا

.منشورات إحتاد الكتاب العرب، دمشق، سوريا، 2005 حممد عزام، شعرية اخلطاب السردي،ـ

ئة املصرية العامة ، اهلي1998ط، .ـ حممد فكري اجلزار، العنوان وسيميوطيقا االتصال األديب، د

.للكتاب، القاهرة، مصر

، املكتبة األدبية، شركة 2004، 1ـ حممد معتصم، النص السردي العريب ـــ الصيغ واملقومات، ط

.النشر والتوزيع ــ املدارس، الدار البيضاء، املغرب

قايف العريب، ، املركز الث2005، 4ـ حممد مفتاح، حتليل اخلطاب الشعري ـــــ اسرتاتيجية التناص، ط

.الدار البيضاء، املغرب

، دار حممد علي 2005، 1ـ حممد جنيب العمامي، يف الوصف بني النظرية والنص السردي، ط

.للنشر، تونس

Page 427: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المصادر والمراجع

427

، املركز الثقايف العريب، الدار 2004، 1ـ منذر عياشي، العالماتية وعلم النص ــــ نصوص مرتمجة، ط

.البيضاء، املغرب

، املؤسسة العربية للدراسات وللنشر 2004، 1، الزمن يف الرواية العربية، طـ مها حسن القصراوي

.الصنايع، بريوت، لبنان

، اهليئة العامة السورية للكتاب، دمشق، 2011ـ مهدي عبيدي، مجاليات املكان يف ثالثية حنا منا،

.سوريا

. ، دار احلوار، الالذقية، سوريا1994، 1ـ نبيل سليمان، فتنة السرد والنقد، ط

، 1ـ جنوة القسنطيين، يف نظرية الوصف الروائي، دراسة يف احلدود والبىن املرفولوجية والداللية، ط

.، دار الفرايب، بريوت2008

، 1987، 1س إىل التجنيس، طـ جنيب العويف، مقاربة الواقع يف القصة القصرية املغربية من التأسي

. املركز الثقايف العريب، بريوت، لبنان

، املؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2006، 1ـ نزيه أبو نضال، التحوالت يف الرواية العربية، ط

.بريوت، لبنان

، 1الشمايل، الرواية والتاريخ ــــ حبث يف مستويات اخلطاب يف الرواية التارخيية العربية، ط ـ نضال

.، جدارا للكتاب العاملي، عامل الكتاب احلديث، عمان2006

، مؤسسة االنتشار العريب، 2008، 1ـ هيثم احلاج علي، الزمن النوعي وإشكالية النوع السردي، ط

.بريوت، لبنان

، دار الشؤون الثقافية العامة، 1986ري، الرواية واملكان، سلسلة املوسوعة الصغرية، ـ ياسني النص

.بغداد، العراق

.، منشورات دار اآلفاق اجلديدة، بريوت، لبنان1985، 3ـ ميىن العيد، يف معرفة النص، ط

.اهرة، مكتبة األجنلو مصرية، الق1967ـ يوسف الشاروين، دراسات يف الرواية والقصة القصرية ،

Page 428: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المصادر والمراجع

428

، 1ذوييب خثري الزبري، سيميولوجيا النص السردي، مقاربة سيميائية لرواية الفراشات والغيالن، ط

.، رابطة أهل القلم، سطيف، اجلزائر2006

، املركز الثقـايف العريب، 2003، 1صاحل صالح، سرد اآلخر ـــ األنـا واآلخر عرب اللغة السردية، ط

. الدار البيضاء، املغرب

:رجمةـــع المتـــالمراجـ 2

سعيد يقطني، املركز الثقايف : ، تر1993، 1ـ إدوارد سابري وآخرون، اللغة واخلطاب األديب، ط

.العريب، بريوت، لبنان

، الدار املصرية للتأليف 1965عبد القادر القط، : ابراهيم الصرييف، مر: ـ إدوين موير، بناء الرواية، تر

.والرتمجة، القاهرة، مصر

، دار الكرنك للنشر والطبع والتوزيع، 1960كمال عياد، :آرنولدفورسسرت، أركان القصة، ترـ

.القاهرة، مصر

.ت، دار املعارف، القاهرة.ط، د.مصطفى إبراهيم، د: ـ آالن روب جرييه، حنو رواية جديدة، تر

سعيد الغامني وفالح : ، تر2006، 1، ط1ـ بول ريكور، الزمان والسرد ـــ احلبكة والسرد التارخيي، ج

.جورج زينايت، دار الكتاب اجلديد املتحدة، بريوت، لبنان: رحيم، مر

جورج : سعيد الغامني، مر: ، تر2006، 1، ط3ـ بول ريكور، الزمان والسرد ــــ الزمان املروي، ج

.زينايت، دار الكتاب اجلديد املتحدة، بريوت، لبنان

، 1999، 1سعيد الغامني، ط: ، تر وتق)فلسفة بول ريكور ( ـ بول ريكور، الوجود والزمان و السرد

).لبنان ( بريوت ) املغرب ( ـ املركز الثقايف العريب، الدار البيضاء

، دار توبقال 1987، 1مة، طشكري املبخوت و رجاء بن سال:ـ تزيفيتانتودوروف، الشعرية، تر

. الدار البيضاء املغرب ،للنشر

Page 429: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المصادر والمراجع

429

، منشورات وزارة الثقافة واإلرشاد 1977صباح اجلهيم، : ـ جان ريكاردو، قضايا الرواية احلديثة، تر

.القومي، دمشق، سوريا

رشيد بن مالك، دار الغرب للنشر والتوزيع، : ـ جان كلود كوكي، السيميائية ـ مدرسة باريس، تر

.اجلزائر

، أفريقيا الشرق، الدار البيضاء 2003امحامة، حلسن: كيسنر، شعرية الفضاء الروائي، تر.إ.ـ جوزيف

).لبنان (، بريوت )املغرب (

، مركز 1995، 2أمني الرباط وسامح فكري، ط: ـ جوليان هيلتون، إجتاهات جديدة يف املسرح، تر

.اللغات والرتمجة ـــ أكادميية الفنون، القاهرة، مصر

مد املعتصم وعمر حلي وعبد اجلليل حم: ـ جريار جنيت، خطاب احلكاية، حبث يف املنهج، تر

.، اهليئة العامة للمطابع األمريية، القاهرة، مصر1997، 2األزدي، ط

، املركز الثقايف العريب، 2000، 1حممد معتصم، ط: ـ جريار جنيت، عودة إىل خطاب احلكاية، تر

.الدار البيضاء، املغرب

، إفريقيا الشرق، الدار 2002يم حزل، عبد الرح: ـ جريار جينيت وآخرون، الفضاء الروائي، تر

) .لبنان( ـــ بريوت ) املغرب ( البيضاء

.، دار مريبت للنشر واملعلومات، القاهرة2003السيد إمام، : ـ جريالد برنس، قاموس السرديات، تر

، دار الشؤون الثقافية العامة، 1987، 1عبد الستار جواد، ط: ـ ديان فاير، فن كتابة الرواية، تر

.غداد، العراقب

،املؤسسة العربية للنشر والتوزيع، 1994، 1سعيد الغامني، ط: ـ روبرت شولز، السيمياء والتأويل، تر

.بريوت

، منشورات خمرب الرتمجة يف األدب 2006أمحد مومن، : ـ روجر فاولر، اللسانيات والرواية، تر

.واللسانيات، جامعة منتوري، قسنطينة، اجلزائر

Page 430: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المصادر والمراجع

430

، الشركة املغربية للناشرين 1987، 3حممد برادة، ط: الدرجة صفر للكتابة، تر ـ روالن بارت،

.املتحدين، دار الطليعة، الدار البيضاء، املغرب

، مركز اإلمناء 1993، 1منذر عياشي، ط: ـ روالن بارت، مدخل إىل التحليل البنيوي للقصص، تر

.احلضاري، دمشق، سوريا

فؤاد التكريل وحمسن املوسوي، : �اد التكريل، مر: يلية، عامل الرواية، ترـ روالن بورنوف ـــ ريــال أوئ

.، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، العراق1991

، دار الشؤون الثقافية، بغداد، 1988نزار صربي، : رميون آالهو، حوار يف الرواية اجلديدة، ترـ

.العراق

، املؤسسة اجلامعية للدراسات 1992، 3أمحد خليل، طخليل :باشالر، جدلية الزمن، تر ـ غاستون

.والنشر والتوزيع، بريوت، لبنان

، املؤسسة اجلامعية للدراسات 1984، 2غالب هلسا، ط: باشالر، مجاليات املكان، تر ـ غاستون

.والنشر والتوزيع، بريوت، لبنان

، دار أفاق عربية، 1985يوئيل يوسف عزيز، دط، : ـ فردينان دو سوسري، علم اللغة العام، تر

.بغداد

ت، .عبد الفتاح كليطو، د: سعيد بنكراد، تق: ـ فليب هامون، سيميولوجيا الشخصيات الروائية، تر

. ط، دار الكالم، الرباط، املغرب.د

، 1986ط، .مجيل نصيف التكرييت ــ حياة شرارة، د: ـ ميخائيل باختني، شعرية دوسرتيفسكي، تر

.لدار البيضاء، املغربدار توبقال للنشر، ا

، 1986مجيل نصيف التكرييت، : ـ ميخائيل باختني، قضايا الفن اإلبداعي عند دوستوفسكي، تر

.وزارة اإلعالم والثقافة، بغداد، العراق

منشورات عويدات، ، 1982، 3فريد أنطونيوس، ط: ترـ ميشال بوتور، حبوث يف الرواية اجلديدة،

.بريوت ــ باريس

Page 431: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المصادر والمراجع

431

، دار 1987، 1يوئيل يوسف عزيز،ط: ، املعىن األديب من الظاهراتية إىل التفكيكية ، ترـ وليم راي

.املأمون بغداد، العراق

:المراجع األجنبيةـ 3

. A.J.Greimas, Du Sens ,Essais Sémiotique ,ed, Seuil ,Collection Poétique,

Paris ,1970.

. Algirdas Julien Greimas ,Sémantique Structuralx ,La rousse ,1er Ed ,Paris,

1966.

. Algirdas Julien Greimas et Joseph courtès, Sémiotique : Dictionnaire raisonné

de la théorie du langage, Hachette ,France, 1979 .

. Charles Grivel, production de l’intertromanisque, Mouton, La Haye, Paris,

1973.

. Claude Levis Strauss, Anthropologie Structurale deux ,Paris, Plon ,1973.

. Dominique Maingueneau, Les termes clés de l'analyse du discours, Ed.Seuil,

1ered, Paris, 1996.

. George matore, L’espace humain, ed La Colombe, paris, 1962.

. Gerard Genette, Figures III, Le Seeuil, paris, 1972 .

. Gerard Genette, Frontières du récit, Communications, 08, Paris, 1966.

. Gerard Vigner, lire: du texte au sens,ed, clé internationale, Paris, 1979

. Harlad weinrich, Le Temps, Ed ,seuil, Paris, 1973.

. Henri Mitran, Discours du roman, Paris, 1980.

. Joseph Courtes ,Introduction à la sémiotique narrative et discursive:

Méthodologie et application, Hachette, France, 1980.

. Joseph Courthes, Analyse Sémiotique de discours ,( de l’émoncé à

l’émanciation ) Hachette, universsité France ,1991

. Julia Kricteva, Le Texte du roman - Approche sémiologique d’une structure

discursive transformationnelle, La Haye, Mouton, Paris, 1970.

Page 432: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المصادر والمراجع

432

. Julia Kristeva, Sémiotiké, Recherches pour une sémanalyse, ed, Seuil, Paris,

1969.

. M . Bakhtine, La poétique de Dostoviski ,Ed seuil, Paris, 1970.

. Philippe Hamon ,Poétique du récit ,Ed .Seuil, paris, 1977 .

. Philippe Hamon, Introduction à l'analyse du descriptif, Paris, Hachette 1981.

. Roland Barthes, Introduction a L’analyse structurale des récit – in poétique de

récit .O .E .C . Cl .Ed .Seuil, Paris, 1977.

. Roland Barthes, L’analyse structurale du récit, Seuil, paris, 1981.

. Roland Barthes: Poétique du récit- Introduction à l’analyse structurale des

récits, Le seuil, Paris, 1977.

. Roland Bourneuf, L’organisation de L’espace dans le Roman, études littéraires,

québec, Les presses de l’université laval ,Paris,1970.

. Roman Jakobson ,Essais de Linguistique générale ,tra: NicolasRuwet ,ed

minuit, Paris, 1963.

. Tzvetan Todorov, Lescategories du récit Litteraire, revue communication, 08,

Paris, 1966.

. Tzvetan Todorov, Mikhail bakhtine , Le principe Dialogique - Suivi de Ecrits

du Cercle du Bakhtine ,Editions du Seuil , paris, 1981

. Tzvetan Todorov, Théorie de la Littérature - Textes des Fomalistes Russes,Le

Seuil, paris, 1965.

. Umberto Eco, La structure absente – Introduction a la recherche sémiotique,

Mercure de france, paris, 1972.

.Michel Butor, Essais sur le roman ,Ed Gallimard ,1964.

.Oswald Ducrot et Tzevetan Todorov ,Dictionnaire encyclopédique des sciences

du langage, Ed ,Seuil, Paris, 1972 .

.Youri Lotman, La Structure du texte artistique, Trad: Franç, Anne Fournier

Bernard Kreise et autres, Ed, Gallimard, paris, 1973.

Page 433: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المصادر والمراجع

433

:اتـــالدوريو التـــالمجـ 4

أمحد حساين، حماضرات مشروع االجتاهات اجلديدة يف حتليل اخلطاب األديب، سنة أوىل ماجستري،ـ

.، اجلزائروهران جامعة السانية، اللغات والفنون، كلية اآلداب،، 2005

ـ إسطنبول ناصر، أمحد يوسف، جريدة اجلمهورية، ملحق أسبوعي، ندوة حول إشكالية القراءة،

.27/03/1988: بتاريخ

جملة أفاق، سعيد بنكراد،: تر املكاسب واملشاريع، ـ آجلريدا جوليان غرمياس، السيميائيات السردية،

.1988: س ،08:ع

لعبد احلميد بن هدوقة ـــ دراسة يف املبىن واملعىن، والدراويش ـ الطاهر رواينية، الفضاء الروائي يف اجلازية

.1991: ، س01: جملة املساءلة، ع

، 1980: ، س04: ـ باقر جواد، لغة احلوار ودالالته يف الرواية العراقية، جملة الطليعة األدبية، ع

.بغداد، العراق

، 25العنوان يف الدرس الشعري، ا�لة العربية للعلوم اإلنسانية، ع ـ برهومة عيسى عودة، سيمياء

1997.

.، جامعة عني مشس، القاهرة1991ـ بشري بوجيرة حممد، الزمن يف الرواية اجلزائرية، رسالة دكتوراه،

: ، س65: ، ع"جملة النقد األديب" أرض الناس، جملة فصول، ...ـ حامت عبد العظيم، أرض السواد

.، اهليئة املصرية العامة للكتاب، القاهرة، مصر2005 - 2004

رشيد بن مالك، البحث السيميائي املعاصر، جملة السيميائية والنص األديب، أعمال ملتقى اللغة ـ

.1995ماي 17 -16 -15: العربية وآدا�ا، جامعة باجي خمتار، عنابة، أيام

، أطروحة دكتوراه ، )رواية نوار اللوز أمنوذجا ( بني النظرية والتطبيق ـ رشيد بن مالك، السيميائيات

.، جامعة أبو بكر بلقايد، تلمسان، اجلزائر1995واسيين األعرج وعبد اهللا بن حلي، : إشراف

، 1992: ، س46شعيب حليفي، النص املوازي يف الرواية ــ اسرتاتيجية العنوان، جملة الكرمل، عـ

.قربص

Page 434: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

المصادر والمراجع

434

" حافظ، قراءة يف رواية مالك احلزين ـ احلداثة والتجسيد املكاين للرؤية الروائية، جملة فصولـ صربي

.القاهرة، مصر اهليئة املصرية العامة للكتاب،، 1989: ، س04: ، ع"جملة النقد األديب

، 07: ـ عامر رضا، سيمياء العنوان يف شعر هدى ميقايت، جملة الواحات للبحوث والدراسات، مج

.، جامعة غرداية، اجلزائر2014: ، س02: ع

ـ عبداهللا أبو هيف، مجاليات املكان يف النقد األديب العريب املعاصر، جملة جامعة تشرين للدراسات

.2005: ، س01: ، ع27: اآلداب والعلوم اإلنسانية، مجوالبحوث العلمية، سلسلة

: ، من األنرتنيت، موقع1عزيز التميمي، منظومة القراءة ـــ سلطة القارئ، مقال، ص ـ

www.google.ae 2006ـ 05ـ 15: يوم.

.،بريوت، لبنان1982: ،س 18: جملة الفكر العريب،ع ـ فؤاد منصور، حوار مع جوليا كرستيفا،

، 08: ، ع"دراسات يف اللغة واألدب العريب" التواصل، جملة العلوم االجتماعية واإلنسانية ـ جملة

.، مديرية النشر، جامعة باجي خمتار، عنابة، اجلزائر2001جوان

، تصدر عن خمربة صناعة املصطلح وتعريبه وترمجتهبإشكالي ـ جملة املصطلح، جملة علمية أكادميية تعىن

.اجلزائردار هومة، ، 2003:، س02: ع، "يف العلوم اإلنسانية حتليلية إحصائية "

: ، س03: ـ جملة جتليات احلداثة، جملة يصدرها معهد اللغة العربية وآدا�ا، جامعة السانيا، وهران، ع

1994.

.1993:،س04: ، ع11: الرواية أفقا للشكل واخلطاب املتعددين، جملة فصول، مج ـ حممد برادة،

: ، س43: السعدون، املكان يف قصص حكمت صاحل، جملة دراسات موصلية،عـ نبهان حسون

.، جامعة املوصل، العراق 2014

: ـ جناة عرب الشعبة، خصائص البناء يف كليلة ودمنة، مقال منشور على املوقع اإللكرتوين

www.startimes.com2008/ 06/ 10: ، منتديات ستار تاميز، يوم .

الرباط، ، 1982: ، س11: األربعة، جملة آفاق، إحتاد كتاب املغرب، ع هاديا سعيد، املوتاتـ

.املغرب

Page 435: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

ـهـــــــرســـالــف

Page 436: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

رس ـــــفھال

436

داءـــــإه*

كلمة شكر *

أ................................................................... دمةــــمق*

.الفضاء الروائي والقراءة السيميائية: المدخل

14. ....................................................اإلطار املعريف للفضاءـ 1

14............................................................لغة الفضاءـ 1ـ 1

14... ................................................الفضاء اصطالحا . 2. 1

15...............................................مصطلح نقدي كالفضاء ـ 3ـ 1

18.... ...................................................واع الفضاء ـــــــــــأنـ 4ـ 1

18.. ................................................الفضاء النصي ـ 1ـ 4ـ 1

19.... .......................الفضاء اجلغرايف أوالفضاء كمعادل للمكان ـ 2ـ 4ـ 1

19... ............................................... الفضاء الداليل ـ 3ـ 4ـ 1

21............................................أو كرؤية ورنظالفضاء كم ـ 4ـ 4ـ 1

21. ................................................... الفضاء الروائيـ 5ـ 4ـ 1

23...... .................... يف ضوء املناهج النقدية احلداثيةالفضاء الروائي داللةـ 2

27..........................................تطبيق املنهج السيميائي على السرد ـ 3

30 .........................................ـ اآلليات اإلجرائية للقراءة السيميائية 4

31..... .................................................. املكان سيميائيةـ 1ـ 4

32........................................................ ناالزم سيميائيةـ 2ـ 4

33... ............................................. اتالشخصي يميولوجياس ـ 3ـ 4

34.... ..............................................سيميائية اللغة السردية ـ 4 ـ 4

Page 437: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

رس ـــــفھال

437

.دالالت المكان الروائي في ظل معالم السيميائية :الفصل األول

42............. ...............................................مفهوم املكان .1

42... ........................................................املكان لغة . 1. 1

44.... .................................................املكان اصطالحا . 2. 1

48......... .......................................... )ومسه ( ـ تسمية املكان 2

49...... ....................................................... ـ أنواع املكان 3

49 ............................................ ـ املكان ا�ازي أو التخييلي 1ـ 3

50.... .................................................. ـ املكان اهلندسي 2ـ 3

50.... ..................................................ـ املكان املعادي 3ـ 3

50... .....................................ـ املكان كتجربة معاشة يف الرواية 4ـ 3

51..... ...................................................ـ املكان املعيش 5ـ 3

51....... ...................................... )األمومي (ـ املكان الرمحي 6ـ 3

52...... ............................................ـ املكان مسقط الرأس 7ـ 3

52..... ............................................... ـ هندسة الفضاء املكاين 4

54..... .......................................... ـــــــــــــــــــــــــــانيةـ التقاطبـــــــــــــــــات املكــ 5

55... ...................................ـ األماكن املغلقة واألماكن املفتوحة 1ـ 5

57...... ............................................. ـ األماكن املغلقة 1ـ 1ـ 5

57... ...............................................ـ األماكن املفتوحة 2ـ 1ـ 5

58.......... ......................ـ أماكن االنتقال وأماكن اإلقامة 1ـ 2ـ 1ـ 5

58..... .......................................ـ أماكن االنتقال 1ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

58....... ...........................ـ أماكن االنتقال العامة 1ـ 1ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

58.... ..........................ـ فضاء األحياء والشوارع 1ـ 1ـ 1ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

Page 438: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

رس ـــــفھال

438

59.... .................ـ فضاء األحياء واألماكن الشعبية 1ـ 1ـ 1ـ 1ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

62..... ..................................ـ فضاء األحياء واألماكن الراقية 2ـ 1ـ 1ـ 1

64.................................ـ فضاء الطريق أو املمر 2ـ 1ـ 1ـ 1ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

66...... ............................... ـ أماكن االنتقال اخلاصة 2ـ 1ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

66.... ....................................ـ فضاء املستشفى 1ـ 2ـ 1ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

68..... ............................................أماكن اإلقامة ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1 .5

68.. ..................................ـ أماكن اإلقامة االختيارية 1ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

68..... ....................................... البيتفضاء ـ 1ـ 1ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

70...... ......................................السرير فضاء ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

72....... ..................................ـ أماكن اإلقامة اجلربية 2ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

72........... ................................ـ فضاء السجن 1ـ 2ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

87..... ......................................الدهليز ـ فضاء 2ـ 2ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

89....... ..................................... ـ فضاء املنفى 3ـ 2ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

92... ......................................... ـ فضاء املدينة 4ـ 2ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

94............. .........................األهل / املدينة ـ 1ـ 4ـ 2ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

95....................................... الغربة / ـ املدينة 2ـ 4ـ 2ـ 2ـ 1ـ 2ـ 1ـ 5

101... ....................................................ـ األماكن املفتوحة 2ـ 1ـ 5

101.................. ......................................ـ فضاء املزار 1ـ 2ـ 1ـ 5

103................ ......................................... دالالت املكان الروائي. 6

107............. ....................................الغياب ) / عمورية (ـ املكان 1ـ 6

109....................................................... بيباحل/ ـ عمورية 1ـ 1ـ 6

110....... ................................ ) احلي، البيت، : (الفقد / ـ عمورية 2ـ 1ـ 6

Page 439: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

رس ـــــفھال

439

112..... ....................) املقاومة ، السجن ، الكتاب (الذاكرة / ـ عمورية 3ـ 1ـ 6

114. ................................................احللم / باريس / ـ عمورية 4ـ 1ـ 6

116 ................................................احلضور ) / عمورية ( ـ املكان 2ـ 6

116.... ....................................................األمومة / ـ عمورية 1ـ 2ـ 6

118... ................................لقاء الذاكرة والعيان أو البيت / ـ عمورية 2ـ 2ـ 6

121... ............................................عالقة املكان بالشخصيات الروائية .7

.دالالت الزمن الروائي في ظل معالم السيميائية :الفصل الثاني

131.... .......................................................... الروائيـ مفهوم الزمن 1

132............ ................................................ـ جتليات الزمن الروائي 2

133..... ...........................................................ـ زمن القصة 1ـ 2

133.. ..............................................................ـ زمن السرد 2ـ 2

137.. .....................................................ـ املفارقات الزمنية يف السرد 3

138.... ................................................ ـ اإلسرتجاع أو االستذكار 1ـ 3

144..... ............................................... ـ االستباق أو االستشراف 2ـ 3

151....... ......................................................ـ تقنيات زمن السرد 4

151....... ........................................................ ـ تسريع السرد 1ـ 4

151... ............................................................ ـ اخلالصة 1ـ 1ـ 4

156..... ............................................... ـ احلذف أو اإلسقاط 2ـ 1ـ 4

158.......... ..................................................ـ إبــــــطاء الســـــــــرد 2ـ 4

158..... ................................................... ـ املشهد الدرامي 1ـ 2ـ 4

163.... ......................................................... ـ املونولوج 2ـ 2ـ 4

Page 440: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

رس ـــــفھال

440

165... ...................................................... ـ الوقفة الوصفية 3ـ 2ـ 4

171. .. ودالال�ا من خالل القرائن الدالة عليها" هنا...اآلن"رواية ـ متظهرات البنية الزمنية يف 5

177........ ................................................ ـ داللة الزمن الداخلي 1ـ 5

180.. ..........................................ـ داللة الزمــــــــن اخلــــــارجي أو احلسي 2ـ 5

180... .................................................. الزمن احلسي املباشر.1ـ 2ـ 5

195... .............................الفصول األربعة / ـ الزمن احلسي غري املباشر 2ـ 2ـ 5

206... ................................................... ن الروائيـ عالقة الزمن باملكا6

.دالالت الشخصيات الفاعلة في الفضاء الروائي في ظل معالم السيميائية: الفصل الثالث

212...... ................................................... الشخصية الروائيةمفهوم ـ 1

215... ............................... الذات الفاعلة يف بناء الفضاء الروائي /ـ الشخصية 2

218.... ........................................................ ـ املستوى العاملي 1ـ 2

219. ............................................................. ستوى املمثلمـ 2ـ 2

220. .................................................... ـ الشخصيات املرجعية 1ـ 2ـ 2

221... .................................................. ــ الشخصيات الواصلة 2ـ 2ـ 2

221.... ................................................ ـ الشخصيات التكريرية 3ـ 2ـ 2

221... ...............................وعالقتها بالفضاء الروائي داللة أمساء الشخصيات ـ 3

232.. ................................وعالقتها بالفضاء الروائي داللة أفعال الشخصيات ـ 4

257....................................وعالقتها بالفضاء الروائي داللة أقوال الشخصيات ـ 5

270....... ..........................................الروائي كانعالقة الشخصيات بامل ـ 6

282..... ....................................كمنظور روائي ـ توظيف الشخصية أو املمثل 7

Page 441: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

رس ـــــفھال

441

دالالت المنظور الروائي من خالل البناء اللغوي ومستويات اللغة السردية : الفصل الرابع

. في ظل معالم السيميائية

292 ............................................. موقع الروائي إزاء أحداث الرواية . 1

294 ................................................ة واملنظور الروائيالرؤية السردي . 2

313 .....................................املنظور الروائي من خالل دالالت العنوان . 3

323 .................................دالالت البناء اللغوي يف متظهر املنظور الروائي . 4

325...... .........................مستويات اللغة السردية يف حتديد املنظور الروائي . 5

327..... ..................................................املستوى الشعري . 1 . 5

328 ........................................................الوصف . 1 . 1 . 5

335.. ..........................................................الرمز . 2 . 1 . 5

337 .............................)الثنائيا ت الضدية أو املتقابلة ( التضاد . 3 . 1 . 5

346 .......................................................املستوى احلركي . 2 . 5

346 ......................................................اللغة العادية . 1 . 2. 5

348 ........................................................... احلوار . 2 . 2 . 5

357 ......................................................املستوى النحوي . 3 . 5

362 ...................................) تداخل النصوص( املستوى التناصي . 4 . 5

365.... ..................................................تناص قرآين . 1. 4. 5

367.. ...................................................تناص شعري . 2. 4. 5

371.... .................................................تناص تارخيي . 3. 4. 5

371. ................توظيف األدعية املأثورة عن النيب صلى اهللا عليه وسلم . 4. 4. 5

372... ......................... توظيف احلكم واألمثال يف العمل الروائي . 5. 4. 5

Page 442: ﺔﻴﺋﺎﻴﻤﻴﺴﻟا ﻢﻟﺎﻌﻣ ﻞّﻇ ﻲﻓ ﻲﺋاوﺮﻟا ءﺎﻀﻔﻟا … · ﺔــــﻣﺪـــــﻘـــﻣ أ تأﻮﺒﺗو ،ﺔﻴﺑﺮﻐﻟاو

رس ـــــفھال

442

376 ................................................................... مةـــاتــــــــــخ*

379 ...................................................................قـــــــالحالم*

380...... ................................. عن الروائي عبد الرمحن منيف بطاقة فنيةـ 1

384....... ........."....... هنا أو شرق املتوسط مرة أخرى... اآلن " ملخص رواية ـ 2

389..... ...................................... ـ ثبت املصطلحات الواردة يف البحث 3

408.... ........................................................... األعالم اجمـ تر 4

416..................................................... ـ الرموز املستعملة يف التوثيق 5

418...........................................................ادر والمراجع ـــالمص*

437 ..................................................... .............رس ــــــهـــــفال*

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ