آليات بناء الزمنא א א

א

علىهيثم احلاج

فهرس ٣......................................................................سفهر

٤..................................................جامعة حلوان االعتماد

٩...........................................................ملخص الدراسة

١٨...................................................................المقدمة

٣٧.....الزمن بين الوجود الواقعي والتمثل السردي: الفصل األول

١١٤.................االسترجاع في القصة القصيرة : الفصل الثاني

١٩٧.......................................موازاة الحدث: الفصل الثالث

٢٨٠...آليات إبطاء سرعة النص السردي وتوقيفه: الفصل الرابع

٣٦٩...........آليات زیادة سرعة النص السردي: الفصل الخامس

٤٣٣.................................................................الخاتمة

٤٥٨..........................................مصادر الدراسة ومراجعها

االعتماد

جامعة حلوان كلية اآلداب

سالة من لجنة المناقشة و الحكمالراعتماد لحاج علي هيثم أحمد حسن ا : اسم الباحثمدرس مساعد بقسم اللغة العربية ـ : العمل الحالي

.كلية اآلداب ـ جامعة حلوان .الدكتوراه : الدرجة العلمية .٥/١١/٢٠٠١ : تاريخ التسجيل .صالح السروي/ د . م .أ : اإلشراف العلمي

.محمد عبد اهللا حسين / د . م . أ .٢٠٠٥ / / : نوقشت هذه الرسالة بتاريخ

و تكونت لجنة المناقشة من السادة األساتذةالتوقيع الصفة الوظيفة االسم

أستاذ النقد األدبي جابر عصفور/ د . أ بجامعة القاهرة

مقررا

محمد علي / د . أ

أستاذ و رئيس قسم اللغة العربية آداب

مناقشا

حلوان سالمة صالح السروي/د.أم

اعد األدب أستاذ مسالمقارن و األدب العربي المعاصر

آداب حلوان

مشرفا

محمد عبد اهللا / د.أم حسين

أستاذ مساعد األدب العربي الحديث

مشرفا مشاركا

وكيل الكلية للدراسات العليا و البحوث: يعتمد

جامعة حلوان كلية اآلداب

.هيثم أحمد حسن الحاج علي : حثالب مقدماسمآليات بناء الزمن في القصة القصيرة :وان البحث عن

.المصرية في الستينيات .الدكتوراه : الدرجة العلمية .٥/١١/٢٠٠١ : تاريخ التسجيل

.٢٠٠٥ : / / نوقشت هذه الرسالة بتاريخ و تكونت لجنة المناقشة من السادة األساتذة

التوقيع الصفة الوظيفة االسمأستاذ النقد األدبي بجامعة عصفورجابر/ د . أ

القاهرة مقررا

محمد علي سالمة/ د . أ

أستاذ و رئيس قسم اللغة العربية آداب حلوان

مناقشا

صالح السروي/د.أم

أستاذ مساعد األدب المقارن و األدب العربي المعاصر

آداب حلوان

مشرفا

ألدب العربي أستاذ مساعد ا محمد عبد اهللا حسين/ د.أم الحديث

مشرفا مشاركا

/ التقييم •

أجيزت الرسالة بتاريخ الدراسات العليا

/ / ٢٠٠٥ / / ٢٠٠٥ موافقة مجلس الجامعة موافقة مجلس الكلية

/ / ٢٠٠٥ / / ٢٠٠٥

ملخص الدراسة ترتكز على وجـود ية أساسية فرضالدراسة تطرح هذه

حيث ال توجـد حتـى اآلن ، قصيرةمميزات نوعية للقصة ال ية نظرية واضحة خاصة بالقصة القصيرة ، وقد انطلقت رؤ

ا ، الدراسة من أهميه الزمن بالنسبة للنصوص السردية عمومقصيرة على وجه الخصوص ، علـى اعتبـار أن وللقصة ال

. آليات ظهوره فى النص السردي تمثل إحدى أهم جوانبه وقد انطلقت الدراسة من طرحها آلليات تعامل القصـة

القصيرة مع الزمن، مرتكزة على رؤية نظرية تم طرحها فى الطبيعيالفصل األول ، تحاول أن توضح الفرق بين الزمن

والعلوم الطبيعيـة ، مقوالت الفلسفة والفلك ، باالعتماد على رؤيـة و بوصفهوالزمن حال وجوده داخل منظومة السرد ،

من أهم أدوات السارد ، ثم الزمن داخل القصـة أداة بوصفهالقصيرة خصوصا بوصفها نوعالا مستقا سردي.

محاولـة ناحية أخري فقد ركزت الدراسـة علـى منـ القصة القصيرة وما بين –ا إجرائي –التفريق داها مـن ع

إن و ؛ الـذي ا من فارق الطول والقصر أنواع السرد انطالق ا علي درجة عالية من ا غير دقيق ، فهو ينتج فروق كان فارق

.همية األارتكزت الدراسة في هذا الصدد علـي الطبيعـة قد و

التاريخيـة الذاتية الشعرية للقصة القصيرة فى مقابل الطبيعة ية للرؤية ، ولهذا فقد اهتمت الدراسة بعنصر الزمن والملحم

ا للسمات النوعية للقصة القصيرة فى ارتباطـه بوصفه مفجرا ا طبيعي عناصر النص السردى ، وفي تجليه زمن بباقيا أحيانـ خاص ـ ا حـدي ا بالمؤلف والقارئ ، وزمن ا بالسـارد ا خاص

لـنص ، ا بالشخصية داخـل ا ا خاص ا سردي والمتلقي ، وزمن وهو ما يمكنه أن يفرز آليات جمالية خاصة بالقصة القصيرة

بوصفها نصا ، ومن ثم بوصفها نوعا ا أدبي . من هنا فقد طرحت الدراسة فرضياتها النظريـة فـى الفصل األول للتطبيق على نماذج مختارة من القصة القصيرة " المصرية فى الستينيات ، مع التركيز علـى جيـل شـباب

فترة الستينيات ، قـد لعدة اعتبارات أهمها أن " ٦٨ي رجالي شهدت تطور إنتاج القصة القصيرة ، وأن هـذه ا في ا واضح

واإليديولوجيـة الفترة قد امتازت بـالتحوالت االجتماعيـة

والسياسية ، السيما فى ثلثها األخير ، األمر الـذى انعكـس ا ، والقصصي على وجـه بدوره على االبداع األدبي عموم

. الخصوص ولذلك فقد انقسمت الدراسة بعـد ذلـك إلـى قسـمين اعتباريين يضم كل منهما فصلين ، بحيث يعالج القسم األول

، لينقسم إلى فصلين أولهما آليات الزمني في القصة القصيرة والثـانى يـدرس " Flash back" يدرس االسـترجاع

. واالستباق التصاعدي لألحداث الترتيب الخطي االسترجاع توصلت الدراسة إلى أهمية هذه لففي فص وهو ما يمثل األساس . حداث التي يسردها لألاآللية بالنسبة

غير إن الدراسة . ا أو اإلطار الذى يجمع فنون السرد عمومبوصـفه آليـة علـى – كذلك –قد نظرت الى االسترجاع

همية الفنية داخل النص السردي ، على درجة كبرى من األ اللسـاني لمشكة التعارض بين خطيـة الـدال اعتبار حله

مل االمتمثل في لغة النص وبين تعدد خطوط السرد التي يتع وقد وقفت الدراسة فى هـذا الصـدد . النص السردي معها

على العديد من الفروق النوعية الناتجة عـن تعامـل فنـي ا ما خاص بالقصة القصيرة ، لعل أهمها أن االسترجاع غالب

ا فيها ، نظرا لضيق مساحتها النصية ، كما أن يكون خارجي ة ، و تختلف بين القصة القصيرة والرواي وظيفة االسترجاع

ا لـرأى الناقـد ري تطو - فى حينه –هو ما عدته الدراسة فى مقوالته وتطبيقاتـه – يركز جينت الذي السردى جيرار

. على الزمن السردي فى الرواية – أن االسترجاع الداخلي – كذلك –كما ال خطت الدراسة

فهو يعد وسـيله – وإن قل استخدامه فى القصة القصيرة –مهمة فى يد السارد إلبراز استراتيجياته السردية ، عبر تعدد

. وجهات النظر فى النص القصص ـ وهي االمور التى تشكل فارق ا نوعي ا للقصـة ا مميـز

قديـة لرؤية النظرية واإلجـراءات الن القصيرة على مستوي ا تم تطبيقها على عدد من كتاب القصة القصيرة المصرية التي

. فى هذه الفترة سـة ركزت الدرا حظة ، موازاة الل : وفى الفصل الثالث

وبـين على آلية الترتيب التصاعدى لألحداث والفرق بينـه الترتيب السببي المنطقي ، علي أساس من ظهور هذه اآلليـة

، حيث يظهـر الفترةهذه في يبوضوح فى النص القصص ا بوحدة المكان أو ضيق حداث مرتبط الترتيب التصاعدى لأل

مجال تعدده ، بحيث يصبح لنمط السارد الذى يظهـر فـي التصـاعد علـي القصيرة دوره المهم في إشباع سمة القصة

خط األحداث فى السرد ، وهو مل مثل ملمح ا للقصـة ا مميزحاولتها إحداث قطيعة القصيرة المصرية فى الستينيات حال م

، واضحة مع الماضي ، لتعيين الحاضر كما هو وتنقله بحياد فـى – يتضـافر متطلعة الى المستقبل ، وهو األمر الـذي

مع بداية شيوع شكل السارد المحايـد فـى –وضوح شديد ا الفنون السردية عموم .

ـ أن ل – هذا الفصـل في - من ناحية أخري بدا زمن لم الذي يحاول السـارد عـن طريـق أن الحاضر دوره المه

ي وجود قصص يوازي وعي شخصياته ، األمر الذي أدى إل تعتمد على الزمن الحاضر ، ومن هنا وقفت الدراسـة كاملة

علي التعامل الخاص للقصة القصيرة مع الزمن الحاضـر ، ، األمر الذي أدي إلي حداثيب الزمني التصاعدى لأل توالتر

وجود رؤية مميزة القصة القصيرة بوصفها نوع ا عن ا مميزا على قدر كبير من األهمية فنون السرد أمر .

وهـو المتعلـق –وقد انقسم الجزء الثاني من الدراسة – الرابـع والخـامس – نيل إلي فص بسرعة النص السردي

الثـاني يعالجان آليات سرعة النص السردى بوصفها الشـق . للتعامل السردي مع الزمن بعد اإليقاع

وقد عالج الفصل الرابع آليات إبطـاء سـرعة الـنص ـ السردي فى القصة القصيرة آخذا في ه االعتبار ما تم طرح

الفصل النظري حول صـفاء النسـق اللغـوى للقصـة في القصيرة باعتبارها نوع ا بامتياز من أنـواع السـرد ، ا كتابي

و األمـر رابها من دائرة التعبير الشعري ، وه ومن حيث اقت الـنص الذى يؤدي الى إبطاء سرعة ورود األحـداث فـي

حتى وإن كان – س إلي حدوثها فى األصل الذي تحاكيه بالقيا ، حيث يتم إثقال خط األحداث بزوائد تعبيرية تهـدف متخيال

ولذلك فقد عدت سردها فقط ، ألحداث وليس إلى وصف هذه من أهم آليات إبطاء سرعة الـنص الوصف واحد الدراسة ا

السردي ، ومن ثم فقد ناقشت الوصف المكاني فى افتتاحيات النصوص ، وعلي لسان السارد الشخصية ، حيث ترد فـي

ـ صورة جمل قصيرة لغوي القصة القصيرة فى ا ا تؤثر مرحلي إبطاء سرعته غير إن الوتيرة العامة للنص تبقى عاليـة في

علـي – عكس الروايـة –ماد القصة القصيرة من حيث اعت سرعة نصية عالية ، وإضافة إلى الوصف ناقشت الدراسـة

إبطاء كذلك ، تقـوم آلية يقوم به السارد بوصفه التعليق الذى . بدور وصفي وتفسيري لى حوار المتواقت بوصفها آلية تؤدي إ كما ناقشت آلية ال

ن في أنه يقوم تكم تهغير إن أهمي ، وجود تصور زمني مواز بصنع مفاصل سردية يتحول فيها اتجاه األحداث وقد خلصت

نوعيـة مميـزة الدراسة في هذا الفصل إلى وجود فـوارق للقصة القصيرة عن الرواية ، أهمها عدم قبول القصة لفكرة تعدد السرعات بصورة كبيرة ، واعتمادها في الغالب علـى

طفيفة ، فـي ) فروق نسبية ( جات إيقاع واحد ثابت مع تعر أن مقابل اعتماد الرواية على فكرة التعـدد ، وكـذلك إلـى

سرعة نسبية كبيرة على – عموما -القصة القصيرة تعتمد علـى زيـادة سرعة بطيئة في الرواية ، اعتمادا، في مقابل

تحاول عن عدد الفجوات الزمنية في القصة القصيرة ، والتي وهـو . ن أحداثها المسرودة طريقها تكثيف التعبير اللغوي ع

آليـات زيـادة : ما أشارت إليه الدراسة في فصلها الخامس سرعة النص السردي ، حين قسمت هذه اآلليات إلى قسمين ، األول هو الفجوات السردية ، تلك التي تؤدي إلـى صـنع معادلة بين حدي سرعة النص تكون سرعة النص فيها عالية

ير عن فترات زمنية طويلة جدا لتعبإلى حد بعيد ، حيث يتم ا وتتعدد اإليقاعات بين هذه . في مساحة نصية تساوي صفرا

السرعة العالية ، والسرعات البطيئة عن طريق التلخـيص ، فـي حدة من الحذف ، واألكثر اسـتخداما القسم الثاني األقل

ن األهمية في مجال السرود الطويلة ، وهو يقع على جانب م وقـد بينـت . تعبيـري ال القتصادها نظراالقصة القصيرة

على المستوى النقدي ، من حيث استخدام الدراسة فارقا مهما ، القصة القصيرة لما أطلقت عليه الدراسة التلخيص اإلشاري

ـ حسبما يقـرر جيـرار جين –الذي يعادل في الرواية –ت ي . الحذف الصريح

نوعية وقد انتهت الدراسة إلى وجود عدد من الفوارق ال بين القصة القصيرة والرواية ، على اعتبـار النظـر إلـى

فـي مجـال افها النوع السردي األشد استقرار بوصالرواية هذه الفـوارق فـي الخاتمـة الدراسات النقدية ، وقد تم ذكر

بتفصيلها ، ويدور معظمها حول فكرة االنطالق من الفـارق يها النظر إلى نوعية مهمة يعتمد ف ج فروقا الذي ينت –الكمي

كل منهما على أساس ضيق المجال في القصة واتساعه فـي مـن حيـث عقيـدا أشد ت الرواية مما يجعل من القصة نوعا

حدة وتركيزها عليها ، في مقابـل اعتمادها على شخصية وا ، وهو ما يجعل مـن م األحداث والشخصيات في الرواية زخ

ن الرواية فنا معبرا القصة كذلك فنا ذاتيا شعريا في مقابل كو وهو ما يجعل الرواية أشـد . بالملحمية عن المجتمع ومتسما

ميال إلى الترتيب التصاعدي لألحداث فـي مقابـل اعتمـاد .القصة على إحداث تعرجات في الزمن السردي

في سرعاتها التي تميل إلى السـرعة وأن القصة اقل تنوعا .ها السرعات وتتنوعالكبيرة ، عكس الرواية التي تتعدد في

وكذلك خلصت الدراسة إلى قيام عناصر السرد كلها في في تكوينها الفني ، في مقابل األثرالقصة بدور عضوي بالغ

الزوائـد التعبيريـة والحواشـي تبعـا قبول الرواية لبعض .العتمادها على سمة التأريخ والتحليل

ـ ومن هنا ارتأت الدراسة إمكانية الخروج بنظرة ة نقديباقي العناصر السردية على متكاملة ، خاصة إذا تمت دراسة

أساس من هذه الرؤية التي تحاول استخالص سمات نوعيـة ، وهـو مـا خاصة بالقصة القصيرة في جوانب السرد كافة

.أوصت به الدراسة في الخاتمة الباحث

المقدمةتعد القصة القصيرة الفن السردي األحدث في مجال

... الرواية والملحمة والحكاية الخرافية و : فنون السرد كافة إلخ ، وقد أثرت الحداثة النسبية لهذا النوع السردي على

ية له ، األمر الذي أسهم في النظر إلى القصة الرؤية النقدالقصيرة بوصفها تابعا للرواية التي تعد هي النوع ا نوعي

ا ، وإذا كانت القصة القصيرة تتميز عن باقي األكثر استقرارأخواتها بذلك التحديد الذي يدل عليه مصطلحها، فهي قصة

ا وشخصيات في فضاء مكاني من حيث إنها تتتبع أحداثا أقل زماني ، وهي قصيرة ، من حيث كونها تشغل حيزو

بالضرورة من باقي فنون السرد ، فقد أسبغت سمة القصر هذه على هذا النوع سمات فنية وتقنية يمكن االنطالق من

.كونها مميزات للنوع األدبي وقد شاعت في اآلونة األخيرة اتجاهات تهدف إلى

من أجل إحداث تداخل تحطيم الفوارق بين األجناس األدبية بينها للخروج بما يسمى الكتابة عبر النوعية ، وإذا كان من

ا لإلبداع ، الممكن النظر إلى هذه االتجاهات بوصفها طرق

فإن واحدا من أهم وظائف النقد األدبي ، أن يسير في عكس االتجاه ليحدد الفوارق ويحلل الخواص ، في صورة تقترب

.به من روح العلم احية أخرى ارتأت الدراسة التي بين أيدينا أن من ن

القصة القصيرة وإن تميزت بسماتها الخاصة ، النابعة من كونها أشد ذاتية ، وأعقد من ناحية األداء التقني ، فلم يتم

لذلك فقد انطلقت الدراسة ا مستقالالنظر إليها بوصفها نوع ،رة عن من أهمية الوقوف على السمات المميزة للقصة القصي

باقي األنواع السردية ، سدا لنقص واضح في النظرية النقدية أدبي شاع ، وشهد نوعومحاولة للوقوف على مميزات

ازدهاره الواضح في القرن العشرين ، ال سيما نصفه األخير .، تعبيرا عن رؤى فردية في مجتمعات قاهرة للفرد

إال وإذا كان السرد عموما يعتمد على جوانب ال يتحققبها ، فإن القصة القصيرة من ناحيتها ، وإن تحققت فيها هذه

ا له ارتباط خاص بالزمن من حيث الجوانب ، فهي تعد فنحشدها ألكبر كم ممكن من المعلومات السردية في فضاء زمني ونصي ضيق ومن حيث تداخل أبعاد الزمن فيها بشدة

زمن ا بين أنواع ال، وبصورة يصعب معها الفصل أحيان .خارج النص وداخله

ا لذلك فقد اهتمت الدراسة بعنصر الزمن بوصفه مفجر –ا أحيان–للسمات النوعية للقصة القصيرة ، في ارتباطه

ا ا طبيعيبباقي عناصر النص السردي ، وفي تجليه زمنا بالمؤلف والقارئ ، وزمنخاصا حديا بالسارد ا خاص

بالشخصية داخل اا خاصا سرديوالمتلقي الضمني ، وزمنالنص ، وهو ما يمكنه أن يفرز آليات جمالية خاصة بالقصة

القصيرة ، بوصفها نصا ، ومن ثم بوصفها نوعا ا أدبي. ولذلك فقد انطلقت الدراسة من الرؤى الزمنية للسرد ، وتحققها في صورة آليات ، محاولة الوقوف على جوانب

اءات تحليلية خاصة نظرية يمكن عن طريقها إنتاج إجربالقصة القصيرة ، وقد اختارت الدراسة تطبيق هذه الرؤية النظرية على نماذج من القصة القصيرة المصرية في

أن فترة الستينيات : وذلك لعدة اعتبارات أهمها ،الستينياتشهدت تطورا في إنتاج القصة القصيرة ، هو التطور ا واضح

القصة القصيرة التي تداخلت ة بالذي جعل من هذه الفترة حقفيها االتجاهات وتيارات الكتابة القصصية ، وأن هذه الفترة

كانت على درجة عالية من حرارة التحوالت االجتماعية السيما في ثلثها األخير ، وهو ما انعكس بدوره ،والسياسية

ا ، والقصصي على وجه على اإلبداع األدبي عموم على –نيات قد شهدت الخصوص ، كما أن فترة الستي

موجات تمرد شبابية أدت إلى خلخلة العديد –مستوى العالم مجال األدب العربي من الرؤى الثابتة ، وهو ما تحقق في

أحد كتاب القصة طلقهاما نتج عن صرخة شهيرة أبوضوح فينحن " حين قال – محمد حافظ رجب –القصيرة المصرية

" .جيل بال أساتذة دت الدراسة مجالها التطبيقي في القصص من هنا فقد حد

١٩٧٠ ، ١٩٦٠القصيرة المنشورة في مصر بين عامي ا على القصص المنشورة في مجلة وكان اعتمادها كبير

للعديد تها ، على اعتبار تعبيرها الشديد وبلور٦٨جاليري من االتجاهات القصصية في هذه الفترة ، بما يحقق مجاال

تطبيقيا يتما متنوعا لتطبيق المقوالت االختيار منه عشوائي .واإلجراءات التي تتوصل إليها الدراسة ، النظرية

وبسبب من هذا التأكيد على الرؤية النظرية فقد تعاملت ت حول يا إلى مقوالت جيرار جينالدراسة مع مادتها استناد

ه على الزمن السردي ، مدعمة قال سيما تطبي نظرية السرد ،وسيان جولدمان حول البنيوية التكوينية ، وذلك إياه برؤى ل

رغبة في الوقوف على سمات نوعية للقصة القصيرة ، .لصلة بالتطورات المجتمعية حولهاشريطة أال تكون مبتوتة ا

ومن هنا فقد نظرت الدراسة بعين االهتمام إلى دراسات سابقة يمكن تحديدها في عدة مجاالت ، أولها الدراسات التي

:بمعالجات الزمن السردي ومنها اهتمت أمينة رشيد / د : تشظى الزمن في الرواية الحديثة )١

" تلك الرائحة" ، وهي دراسة مقارنة بين رواية ١٩٩٨ لفرجينيا " السيدة دالوي" ، ورواية مإبراهي اهللالصنع

لمارجريت دوراس ، في " العاشق" وولف ورواية ات الرواية الحديثة ، محاولة لتحديد دور الزمن في جمالي

إضافة إلى هدف المقارنة بين الزمن في روايات نشأت في المجتمع الصناعي األوربي ، ورواية نشأت في العالم

.الثالث

–مراد مبروك / د: بناء الزمن في الرواية المعاصرة )٢ وهي دراسة آلليات بناء الزمن في الرواية – ١٩٩٨

ول رصد هذه دراسة تحا وهيالمصرية المعاصرة ، .اآلليات ودورها في إنتاج الخطاب الروائي المعاصر

دراسة في – بنية القصة القصيرة عند نجيب محفوظ )٣ ، ٢٠٠٤ –براهيم إ محمد السيد محمد : الزمان والمكان

وهي دراسة في آليات بناء الزمان والمكان في القصة القصيرة عند نجيب محفوظ ، وتهتم هذه الدراسة بمجرد

ا من آليات الظواهر في قصة نجيب محفوظ انطالقرصد بناء الزمن السردي والمكان ، دون أي تفريق بين وجود

والرواية لدى نجيب ، هذه الظواهر في القصة القصيرة .محفوظ

من ناحية أخرى فقد اعتمدت الدراسة على العديد من الدراسات التي اهتمت بالقصة القصيرة في الستينيات ،

: اهرها الفنية ، ومنها وودراسة ظ

:١٩٧٣ إلى ١٩٦٧القصة القصيرة في مصر من )١ وهي دراسة – ١٩٨٢ – إبراهيمللدكتور عبد الحميد

تؤرخ ألهم اتجاهات القصة القصيرة المصرية في الستينيات وأهم كتابها ، مع اهتمامها باالتجاهات

.التجديدية ، وتيار الوعي في القصة القصيرة

ة في القصة القصيرة المعاصرة في مصر اهر الفنيوالظ )٢ ـمراد عبد الرحمن مبروك/ د: ١٩٨٤ – ١٩٦٧ –

، وهي دراسة تنطلق من فترة الستينيات بوصفها ١٩٨٩مفجرة لمعظم اتجاهات الكتابة القصصية في مصر ، مع

.اهتمامها الواضح على مجال النقد التطبيقي لتنظيري قد هتمام بالجانب النوعي والنقدي ااالغير إن

إلى االعتماد على العديد من الدراسات المهمة بدراستناحدافي هذا المجال ومنها ما هو عربي ومنها ما هو أجنبي ،

:ومن هذه الدراسات

نريكي إل : النظرية و التقنية–القصة القصيرة المنوفي إبراهيم علي –مبرت بترجمة أندرسون أ

.) (–صالح فضل / ومراجعة د

بترجمة حياة – واالس مارتن : يات السرد الحديثةنظر .١٩٩٨ ، جاسم محمد

باإلضافة إلى اعتماد الدراسة على دراستين مهمتين خطاب الحكاية : إحداهما مترجمة في كتاب ؛ لجيرار جينت

، المنشور في المشروع القومي للترجمة بحث في المنهج–

ما : في كتاب ، واألخرى في نصها اإلنجليزي ) ٢٠٠٠(عام – Narraqtive Discourse Revisitedبعد خطاب الحكاية

باإلضافة إلى العديد من الدراسات . ١٩٨٨المنشورة عام ت ثباألخرى ، التي سيرد ذكرها تباعا في هوامش الدراسة و

.المراجع

إلى – في أهم أهدافها –وإذا كانت الدراسة قد هدفت لقصيرة ، وتفجير األسئلة وضع حدود نوعية مميزة للقصة ا

حول أسس نظرية خاصة بها ، تنتج إجراءاتها الخاصة فإنها قد صادفت عدة صعوبات لعل أهمها دوران معظم المقوالت النظرية السردية حول الرواية على اعتبار أنها الجنس األكثر

ا في مجال السرد ، وهو ما حاولت الدراسة التغلب استقراروالت إلى مجال القصة القصيرة ومالحظة ه بنقل هذه المقيعل

.الفروق

من ناحية أخرى فقد كانت صعوبة الحصول على بعض المراجع واحدة من أهم الصعوبات التي أدت بالباحث إلى

على مراجع وسيطة ويمكن حصر هذه –ا أحيان–االعتماد المراجع في حالتين ، تمت اإلشارة إليهما في حينهما ، وهما

:

براهيم العاتي في دراسته عن الزمن في الفكر إه ما نقل •رسالة الحدود، ضمن تسع : اإلسالمي ، عن ابن سينا

.رسائل في الحكمة والطبيعيات ما نقله برنار فاليط ، وعلق عليه ، من دراسة كاتي •

هامبرجر حول منطق األنواع ، ودراسة هامبرجر . باأللمانية منشورة

عوبات المنهجية وبعد فال سبيل إلى عرض الصاألخرى التي صادفت الدراسة في خطواتها والتي قد تنبئ

:عنها الدراسة وأقسامها التي جاءت على النحو التالي

.مقدمة •الزمان وإشكالية الوعي به ، اهتم بعرض اآلراء : مدخل •

الفلسفية والفيزيائية وغيرها للزمن ، في صورة تحاول اسة منها للتعامل مع أن ترسي األسس التي ستنطلق الدر

.مقوالت الزمن في السردالزمن بين الوجود الواقعي والتمثل : الفصل األول •

وهو بمثابة التأسيس النظري للدراسة ، الذي .. السردي يعالج أهمية الزمن بالنسبة للنص السردي ، ودوره في تكونيه ، ثم يعالج أهمية الزمن في بناء القصة القصيرة ،

لدراسة بعده في الوقوف على آليات بناء والذي تبدأ االزمن في القصة القصيرة ، عبر أربعة فصول يختص

ا في اثنان منها باآلليات الخاصة بترتيب األحداث زمنيالنص القصصي ، ويختص اآلخران باآلليات الخاصة

جاءت الفصول قد بإيقاع ورود األحداث في النص ، و .على النحو التالي

أنواعه –االسترجاع في القصة القصيرة : الفصل الثاني • .ووظائفه

الترتيب الخطي –موازاة الحدث : الفصل الثالث • .واللحظة الحاضرة واالستباق

سرعة النص السردي إبطاءآليات : الفصل الرابع • .وتوقيفه في القصة القصيرة

آليات زيادة سرعة النص السردي في : الفصل الخامس • .القصة القصيرة

وفيها أهم النتائج العامة للدراسة ، والنتائج : لخاتمة ا •الخاصة بالقصة القصيرة بوصفها نوعا مستقالا أدبي ،

.يتبعها توصيات الدراسة •

وفي النهاية يجب اإلقرار بأن هذه الدراسة قد حاولت •اختبار فرضية تميز القصة القصيرة في معالجتها آلليات

في معرض تفجيرها ؛ديةسردها عن باقي األنواع السرلسؤال النظرية الخاصة بها وإجراءاتها ، ولعل الدراسة بهذا لم تطمح إلى تقديم إجابات نهائية بقدر ما طمحت إليه من طرح وتفجير أسئلة من شأنها دفع عجلة الدراسة النقدية نحو محاولة وضع وإرساء مفاهيم نقدية خاصة

سة أن تكون قد بالقصة القصيرة وهو طموح ترجو الدار .حققته

واهللا المستعان

الباحث

:الوعي بالحركة و أقسام الزمن ) ١(لفترة طويلة ـ ال تشير إلى معنى ـ ظلت كلمة الزمن

دقيق بعينه ، وال إلى داللة محددة ، على الرغم من تعدد ية الزمن ـ عبر عصور ، وقد تجلت إشكالامحاوالت تعريفه

.المعرفة ـ بوصفها إشكالية وعي في األساس فالزمن هو ذلك الكيان الهالمي ، االنسيابي الذي عرفه اإلنسان من خالل توصيفات متعددة متباينة ، تحولت ، وتطورت ، عبر تطور الوسائل المساعدة للوعي اإلنساني، و

شيء " أنه يمكن أن نالحظ هذا المعنى في تعريف الزمان ب، وسمة ١" أقل جزء منه يحتوي على جميع المدركات

اإلدراك قرينة الوعي اإلنساني و إن كانت تشير إلى مدخالت هذا الوعي ، و تفاعالت الذات مع المجال الذي توجد فيه ، وهو األمر الذي يساعدنا في فهم مقولة جيل

إن كل . الزمان ـ في الواقع ـ وعي للذات " :دولوز

ر المنتخـب الزمن في الفكـر اإلسـالمي ـ دا : إبراهيم العاتي ١

ـ ١٩٩٣ ـ ١العربي للدراسات و النشر و التوزيع ـ بيروت ـ ط .١٤٧ص

سؤال يكمن في معرفة بأي شروط يصبح الزمان وعيا ال ـ تحديدا ـ هو ما أسهم في تقسيم ، وهذا الوعي٢"للذات

، " ما بعد " ، و " ما قبل " الزمن إلى ثالثة أقسام تشير إلى وهي أقسام قابلة للوعي و اإلدراك عبر طرق مختلفة ؛

الحاضر فالماضي يعى بالذاكرة ، والمستقبل بالمخيلة ، أما .فهو قرين الحياة ، و يكون وعيه باإلدراك المباشر

األقسام الثالثة في الوجود المتواقت / وتشترك العناصر الماضي و الحاضر ال " عبر طرق الوجود هذه ، حيث إن

يدالن على وقتين متعاقبين بل على عنصرين يوجدان

أسامة الحـاج ـ المؤسسـة : البرغسونية ـ تعريب : جيل دولوز ٢

ـ ١٩٩٧ ـ ١الجامعية للدراسات والنش و التوزيع ـ بيـروت ـ ط . ١٢٥ص

شعرية التأليف ـ بنيـة الـنص : بوريس أوسبنسكي : و راجع كذلك سعيد الغانمي و ناصر حالوي ـ : الفني و أنماط الشكل التأليفي ـ ت

ـ ٧٩المجلس األعلى للثقافة ـ المشروع القومي للترجمـة ـ رقـم ن الزمن إدراك ذاتي فـي إحيث يؤكد : ٧٩ ـ ص ١٩٩٩القاهرة ـ

.األساس

داخل وعي اإلنسان ٣ "بصورة مشتركة ، الواحد مع اآلخر .الذي يقف بإزاء الزمن

لكن هذا الوعي ، هو نفسه ، الذي يرى أن الزمن يتخذ معناه عن طريق المقارنة بين هذه األقسام الثالثة ، األمر

فالقبل ،" الذي يؤكد أهمية دالة الحركة في وعي الزمن كما أن التغير يدلنا على أن ، و البعد يشكالن أساس التغير

، ألن ما ال تغير فيه ال فائت فيه وال هنالك قبلية أو بعدية .٤" الحق

إن هذا التغير ال يحدث ـ إذن ـ إال بامتالء اللحظة باألحداث التي تجعلها مفعمة بالحركة فتختلف عما سبقها من

. لحظات ، وعما سيلحقها فالزمان الخالي من األحداث هو نموذج للزمان المفرغ

" الال زمان " و نموذج لـ من داللته ، أو ـ بتعبير آخرـ ه، وهذا هو األساس الذي جعل أهل الكهف ال يشعرون بمرور الزمن ، ألنه بالنسبة إليهم زمن خال من الحركة ،

.٦٣البرغسونية ـ سبق ـ ص : جيل دولوز ٣ .١١٣في الفكر اإلسالمي ـ سبق ـ ص الزمان : إبراهيم العاتي ٤

الحركة هي أساس الزمن ، " و من ذلك يتضح إن . والتغير و موضوعه ، وكأن للزمان جانبين أحدهما موضوعي ، هو

، ٥" لته بالنفس صلته بالحركة ، واآلخر ذاتي هو صفالوعي بالزمن هو ـ نفسه ـ الوعي بالتغير ، وال يصح

، ليكون هناك ) األحداث ( الوعي بالتغير إال بوجود مسبباته ـ في النهاية ـ وعي بوجود لحظات سابقة ، نسميها الماضي ، و لحظة واحدة هي الحاضر ، تمتد في عالئقها

و األخرى نحو من جهتين ؛ إحداهما نحو هذا الماضي ، ٦.المستقبل

و للحظة الحاضر وضعية خاصة من حيث طبيعة حد " إدراكها ، و حركتها ، بل ـ كذلك ـ وجودها ، فهي

االنفصال ، بين الماضي و المستقبل ، وقت حاضر كأنه النقطة الهندسية التي ال طول لها وال عرض لها وال ارتفاع

، وهو ما ٧" ل لها ـ على الدوام ـ منسوبة إلى المستقب

.٨٣الزمان في الفكر اإلسالمي ـ سبق ـ ص : إبراهيم العاتي ٥ .٥٤جيل دولوز ـ سبق ـ ص : راجع في ذلك ٦رد على دعوى يدعيها اللغويون الغربيـون : البدراوي زهران / د ٧

٧٢ ـج تتصل بالزمن في اللغة العربية ـ مجلة مجمع اللغة العربيـة

الذي ال يعد جزءا ٨بمثابة المقياس ) اآلن ( جعل من لحظة من الزمن بل هو الحد الذي يفصل بين أجزائه ، و تكون

.سريعة بمقدار األحداث التي تمتلئ بها ) اآلن ( لحظة إن هذا التقسيم الثالثي للزمن ، و إن عبر عن فكر كثير

الزمن ، بل يشير إلى ال يعبر عن" من الفالسفة ، فإنه ، إنه ٩" وهو يقف أمام العالم ثالتوجه اللغوي للمتحد

ا ، الوعي حين يصدر إلى العالم ـ إذن ـ ممنطقا ، و مقسم " .ما بعد " و الـ " ما قبل " يحاول أن يبين كيفية رؤية الـ

إبـراهيم : و راجع أيضـا . ١٠٠ ـ ص ١٩٩٣ـ القاهرة ـ مايو

رسالة الحـدود : ، وهو ينقل عن ابن سينا ١٦٥سبق ـ ص : العاتي .٩١ـ ضمن تسع رسائل في الحكمة و الطبيعيات ـ ص

الزمان في الفكر اإلسالمي ـ سـبق ـ : إبراهيم العاتي : راجع ٨ . ٨١ص القصة القصيرة ـ النظرية و التقنية ـ : إنريكي أندرسون أمبرت ٩صالح فضـل ـ المجلـس / علي إبراهيم المنوفي ـ مراجعة د : ت

ــ القـاهرة ـ ) ١٤٨( األعلى للثقافة ـ المشروع القومي للترجمة .٢٧٠ ـ ص ٢٠٠٠

: اإليقاع ٠٠الزمن ) ٢( م بها يعد اإليقاع واحدا من أهم الهواجس التي يهت

دارسو الزمن في مجاالته كافة ،و التي تمثل أهمها في محاولة تقسيم الزمن إلى وحداته الصغرى عبر اكتشافات

.و اختراعات قياسه و قد كان الهدف المشترك هو محاولة الوقوف على

، و تقسيمها إلى أصغر وحدة ممكنة من ) اآلن ( لحظة للزمن ، الذي مكوناتها ، وهو الهم الذي ينتاب الدارس

ليس عين الحركة ، بل عددها ، و دليل ذلك أننا " سيرى إنه نميز نميز ، ال بين القليل و الكثير عن طريق العدد ، و لكننا

الحركة القليلة و الكثيرة ، البطيئة و السريعة ، عن بين ، وفي حين ظل االهتمام بالتمييز بين ١٠" طريق الزمان

سمة لمحاوالت قياس الزمن ءع البطياإليقاع السريع و اإليقا، فإن هذا التمييز قد استخدم الوعي الظاهري لإلنسان ، وعيه المباشر بواقعه ، و لم يحاول الوقوف على آثار األحداث ـ التي توجد داخل هذا اإليقاع و تشكله ـ على

.٨١الزمان في الفكر اإلسالمي ـ سبق ـ ص: إبراهيم العاتي ١٠

دواخل النفس ، و كيف أنها تؤدي إلى تباين الشعور بمرور ر تبعا لنوعية استقبال كل حدث من الزمن بين وعي و آخ

هذه األحداث ، وهو األمر الذي تتحكم فيه طبيعة األحداث ١١. النسبية

و أيا كانت المنطقة التي يمكن استقبال هذا التباين داخلها ـ مجازية أو حقيقية ـ حسب االختالف بين علم النفس و العلوم الطبيعية ، فالواقع إن هذا التباين ثابت وال

٠٠الزمـان : طيف الصديقي عبد الل/ د: راجع في ذلك ١١

ــات ــة للدراسـ ــة الجامعيـ ــه ـ المؤسسـ ــاده وبنيتـ أبعـ حيـث ٠٠ ٦ ـ ص ١٩٩٥ ـ ١و النشر و التوزيع ـ بيروت ـ ط

نسبي من حيث قياسه من أنا إلى آخر ، وهو خطي ال " ن الزمن إيؤكد " .رجعة فيه وال تكرار

لـزمن بدقـة وإذا كانت محاوالت العلوم الحديثة ، واختراعاتها تقيس ا منسوبا إلى زمن دورة األرض حول الشمس و حـول نفسـها ، فـإن القياس الكمي للساعة ـ وهو قياس ثابت ـ ال يمكنه إغفـال إحسـاس البعض بأن الساعة أطول أو أقصر من األخرى نتيجة لطبيعة األحداث

وهو األمر الذي ال يمكن قياسـه ، . ، وكمها ، التي مألت هذه الساعة .اره على هذا الوعي ثط ـ مالحظة آبل ـ فق

محل إلنكاره ، وربما يمكننا اعتباره الشق الثاني األساسي .لدراسة أية بنية زمنية ، بعد الترتيب و خطية الزمن

غير أن درس اإليقاع يمكن اعتباره المجال األخصب .بالنسبة لمعالجات األدب و الفن لمرور الزمن

الفصل األول א א א א

א א

: لسرد فن زمني ا -١

ظل تقسيم الفنون ـ على اختالف أنواعها ـ محصورا و تبعا لهذا التقسيم فقد . بين كونها فنونا مكانية أو زمانية

انضم األدب ـ بأجناسه كافة ـ إلى الفنون الزمانية ، ناهيك عن المسرح ؛ الذي يصبح ـ أحيانا ـ جامعا للسمتين في

.حالة العرض

هذا التقسيم قد التفت إلى الحيز الذي يشغله و إذا كانالجنس الفني ـ زمانا أو مكاناـ فإن فنون اللغة،و األصوات تدخل ـ هكذا ـ في هذا الحيز الزمني ، من حيث استخدامها لتتابعات صوتية تشغل حيزا من الزمان ، وهو األمر الذي

األدب فن: " يجعلنا نسمع ـ بتكرار ملح ـ مقوالت مثل ، في اعتبار واضح لعنصر ١٢ "الزمان و ليس المكان

الزمن الذي نعده عنصرا جوهريا ، و أساسا مؤطرا لفنون .األدب عموما

.١٠٢القصة القصيرة ـ سبق ـ ص : إنريكي أندرسون أمبرت )١(

غير إنه بالنظر إلى األسس التي تنبني عليها هذه األجناس نرى أن الزمن لم يقف عند حد التأطير العام ، بل

ليات البناء الخاصة امتدت أهميته ليشغل حيزا مميزا في آ .بأجناس األدب عامة ، و السرد على وجه الخصوص

فاإليقاع الشعري ، في أصل نشأته ، ما هو إال استغالل لفضاءات زمنية تمتلئ بالحركات و السكنات التي تشغل هذا

١٣.الحيز في نظام يؤدي لعبته اإليقاعية و حتى في النصوص المعتمدة ـ أساسا ـ على كونها

ا مكتوبة ، يمكن اعتبار النص خيطا من الحروف ، نصوصو شريطا من الكلمات المتعاقبة التي تؤطر لفضائها الزمني

فالكتاب خيطي ، و ذلك بحكم خيطية هذا الدال . " الخاص اللساني ، أي بحكم التتابع الخيطي للحروف و الكلمات و

نشير هنا إلى التعارض الحادث ـ أحيانا ـ في الشعر الخليلي بين )٢(

اإليقاع بوصفه زمانا ، و الكتابة بوصفها تحققا مكانيا ، وهو ما يظهر ا العنصر الزماني بالقراءة المتصـلة في األبيات المدورة ، و يتغلب فيه

لبيت مكتوب في صورة مقسومة ، وهو ما يعـد تغليبـا لمـا يتعلـق .بالزمان

و زمنية النص المكتوب هي زمنية شروطه و . الجمل إنها فضاء في الفضاء ، . ه ، كأي شيء آخر في الزمن منتج

. ١٤" و زمن في الزمن و هكذا تسهم هذه السمة في وجود التصاق أساسي بين الزمن و األدب على المستوى البنائي ، وعلى مستوى التلقي

الزمن الالزم الستهالك النص هو زمن " ، حيث يصبح هي هذه المدة ٠٠عبوره ، أو اجتيازه ، و زمنية النص

إن زمن النص : الزمنية التي يستعيرها من قراءته الخاصة هو زمن مستعار ، منتحل ، مأخوذ من القراءة، وهو زمن

.١٥) " حقيقي ( معتبر

تقنيات السرد الروائي في ضوء المنهج البنيـوي : يمنى العيد / د )٣(

.٧٣ ـ ص ١٩٩٠ ـ ١ـ دار الفارابي ـ بيروت ـ لبنان ـ ط ئي في ضوء المنهج البنيـوي تقنيات السرد الروا : يمنى العيد / د ) ٤(

٧٣ـ سبق ـ ص ٨٥شعرية التأليف ـ سبق ـ ص : و راجع كذلك بوريس أوسبنسكي

؛ حيث يشير إلى أن التعبير اللغوي يترجم المكان إلى زمان ، و كمـا أشار فوكو فإن الوصف اللفظي ألية عالقة مكانية أو ألي واقع البد أن

.يترجم إلى متوالية زمانية

لكن هذه الرؤية تقف عند حد كون الزمن إطارا خارجيا ، محيطا بالنص األدبي ، وهو األمر الذي يرى من النص

أية " إنها الرؤية التي تقرر إن . ثة زمنية األدبي مجرد حادبنية ، ومهما كانت ، هي موجودة في إحداثيات زمنية ما ، في حين يقبع الزمان في أساس أية بنية أو مقولة ذهنية ،

١٦" وبالتالي لغوية هو مكون ، ال تتوقف ـ ثإن أهمية الزمن ، من حي

الدائم في فقط ـ عند هذا الحد الذي يجعلنا نلتفت لوجودهمراحل تكوين و تلقي األنواع األدبية عموما ، بل إن له موقعه المهم في داخل البنى األدبية ؛ خاصة السردي منها ، ذلك الموقع الذي يصل ـ أحيانا ـ لمرتبة الصدارة ، حيث

.يعد واحدا من أهم المكونات التي يتكون منها السرد

زمن النص ـ الزمن و التفكيك و الوحـدة : ال الدين خضور جم) ٥(

األيديولوجية للنص ـ حركية الزمن ـ األيـديولوجي ـ المعرفـي ـ ١٩٩٥ ـ ١دار الحصاد للنشر و التوزيع ـ سورية ـ دمشـق ـ ط

.٦٨ـ ص

ة ، فالقصة إن عالقة القصة بالزمن عالقة مزدوجتصاغ داخل الزمن و الزمن يصاغ داخل القصة ، ويسهم في

١٧.وجودها و بنائها و إذا أخذنا في االعتبار الطبيعة األصيلة في السرد من حيث هو الفن الذي يتعامل ـ في األساس ـ مع األحداث ،

٠٠كل سرد يتضمن ـ في الواقع بنسب متفاوتةـ " حيث هي التي تشكل السرد بمعناه الخالص روضا ألفعال و أحداث

"١٨ و إذا رجعنا لفكرة الوعي بالزمن و حركته ، الذي يوجد عبر الوعي باألحداث ، و امتالء اللحظة بها ، فسيظهر

الرواية ـ وهو مـا يمكـن " و يشير عبد العالي بو طيب إلى أن ١٧

مني بامتياز مقابل الفنون المكانية كالرسم و تعميمه على السرد ـ فن ز فيهـا فقـط ، و إنمـا ةالنحت ، ال بالنظر إلى كثرة األزمنة المتواجد

عبد العـالي بـو : راجع ٠٠" العتمادها شبه الكلي على الزمن أيضا قراءة في البنية الزمنية لرواية عام الفيل ـ مجلـة البيـان ـ : طيب

.٢٤ويت ـ ص ـ الك١٩٩٦ ـ نوفمبر ٣٦ع بنعيسى بو حمالة ـ ضـمن : حدود السرد ـ ت : جيرار جينيت ١٨

طرائق تحليل السرد األدبي ـ منشورات اتحاد كتاب المغـرب : كتاب ٧٥ ـ ص ١٩٩٢ ـ الرباط ـ ١ـ سلسلة ملفات ـ ط

ن السرد هو فن أدبي يتعامل بالدرجة األولى مع إلنا جليا .الزمن من خالل تعامله مع مكونات هذا الزمن

فه فنا أدبيا ـ بتتبع األحداث إن السرد يختص ـ بوصالتي تقع في مجال ما ، بالطريقة التي تجعل من هذا التتبع

و من ناحية أخرى ؛ فإن الحدث ـ بوصفه . رسالة جمالية واقعة زمانية ـ يعد هو الوحدة الصغرى للسرد التي تتخذ أهميتها وظيفيا من خالل وجودها في بنية سردية ، فالوظيفة

أن األفعال ٠٠قرر المعنى ، و يعني ذلك ضمناهي التي ت" ، ١٩" أو األحداث أهم بنيويا من األسماء و الشخصيات

وكما ال يمكن تخيل زمن خال من األحداث ، فإن السرد الذي .ال يعالج أحداثا يخرج عن طبيعة المصطلح

هما في سفالحدث ـ داخال في منظومة السرد ، و م األداة األولية التي يحملها السرد البنية الكلية له ـ هو

مقوالته ، و التي تفتح الباب له لكي يلج إلى عوالم . الخ ٠٠٠الشخصيات و المكان ،

حياة جاسم محمد : نظريات السرد الحديثة ـ ت : واالس مارتن ١٩

ـ ـ ٣٦ المشروع القومي للترجمة ـ رقـم ـ المجلس األعلى للثقافة .١١٩ ـ ص ١٩٩٨القاهرة ـ

و إذا كان السرد يختص بتتبع األحداث ، حيث يعرفه

عرض لحدث أو متوالية من األحداث ، حقيقية " جينيت بأنه " للغة المكتوبة أو خيالية ، بواسطة اللغة ، و بصفة خاصة ا

فإن تعدد الوقائع يعد من أهم المكونات التي يقوم عليها ٢٠السرد ، و التتبع، حيث ال يكون التتبع منطقيا ، بل قائما على

" التي تجعل ) استراتيجيات السرد ( ما يمكن أن نسميه صلة المقطع السردي بالواقع ال تكمن في التتالي الطبيعي

، بل في المنطق الذي يتحكم في عرضه لألعمال التي تؤلفه ، وهكذا لينتقل بنا السرد نقلة نوعية ، و ٢١" و تقديمه .ه مع الزمن اختالفا هليصبح تشاب

.٧١حدود السرد ـ سبق ـ ص : جيرار جينيت ٢٠طرائـق : التحليل البنيوي للسرد ـ مـن كتـاب : روالن بارت ٢١

. ٣٣تحليل السرد األدبي ـ سبق ـ ص و هي سمة تشابه بين السرد الذي يعيد رؤية الحوادث ، و الزمن الذي

. هو نظام الحوادث في تراتبها الخطي التصاعدي ـ ٧٣أينشـتين و النسـبية ـ ص : محمد مرحبا / د:راجع في ذلك

حيث يقرر إن الدقيقة و الساعة ليسا شيئا إذا لم تكونا أمارة على حادثة

فالزمن ـ إذا كان ـ أداة لوعي األحداث و تتابعها الخطي ، فإن السرد يصبح أداة لوعي العالقات المضمرة بين

، ال على أساس زمني األحداث ، عن طريق إعادة ترتيبها ، و إنما على األساس الخاص الذي يحاول السارد أن يرى

هي الفعل ،" فالحكاية . القاتها به هذه األحداث ، و عو الفعل هو ما يمارسه أشخاص بإقامة عالقات فيما بينهم ، ينسجونها ، و تنمو بهم ، فتتشابك ، و تتعقد وفق منطق

نا نرى في السرد األدبي ، وهو األمر الذي يجعل٢٢" خاص

، و كما أن المكان ليس غير نظام األشياء المادية ، فكذلك الزمان ليس

.إال نظام الحوادث تزفيتـان : و راجع كـذلك . ٢٨سبق ـ ص : يمنى العيد / د ٢٢

الحسين سبحان و فؤاد صفا : مقوالت السرد األدبي ـ ت : تودوروف ، ٤٧طرائق تحليل السرد األدبـي ـ سـبق ـ ص : ـ ضمن كتاب

و . حيث يؤكد أن تتالي األفعال في سرد ما ال يمكن أن يكون اعتباطيا أليف حدثين أو سلسلة أحداث روائية يتولـد في موضع آخر يؤكد أن ت

عنه تضايف ديناميكية جديدة تتحدد بكاملها بنظام تتـابع األحـداث و .٥٥السابق ـ ص : تودوروف : راجع . ترتيبها

نوعا من أنواع الرؤية الخاصة للزمن ، أو باألحرى كما نرى السارد متحكما في . لألحداث المتتابعة في الزمن

.سير زمن سرده على النحو الذي يخدم رسالته السردية

: ثنائية الزمن في السرد) ٢(يبدو خط الزمن تصاعديا دائما ، و يتميز السرد عنه

متالك السارد لزمنه ، و تحكمه فيه بالصورة التي يراها بامناسبة ، و ضرورية لعرض أحداث مسرودته ، و هدفه

و هو ما يخرج به ـ بالضرورة ـ عن التتابع الخطي . منهالألحداث ، ليكون في إمكانه تقديم حدث على حدث ، أو القفز على مجموعة من األحداث ـ فترة من

كما يؤكد هانز ميرهوف على الطبيعة الموضوعية للترتيـب السـببي

ـ راجـع لألحداث في الزمن حين يتوافق الترتيب الزمني مع السببي أسعد مرزوق ـ مراجعـة : الزمن في األدب ـ ت : هانز ميرهوف

العوضي الوكيل ـ مؤسسة فرانكلين للطباعة و النشـر ـ القـاهرة ـ . ٢٤ ـ صـ ١٩٧٢نيويورك ـ

تماما ، أو التوقف عند نقطة معينة في ـ و إغفالها الزمن .الزمن و اإلسهاب في وصف تفصيالتها

إن وضعية السارد في عملية السرد يمكنها أن تتيح لنا الكثير من عناصر فهم هذه العملية ، خاصة إذا طرحنا هذه العملية ـ بوصفها تواصال لغويا ـ على مخطط االتصال

:اللغوي السياق

الرسالة المرسل المرسل إليه

الصلة السنن

) " ١( مخطط رقم " و يمكننا وضع السارد مكان المرسل ، ليصبح المخطط داال على موقف االتصال السردي ، الذي ال يتنافى كونه

لى النحو سرديا مع كونه لغويا كذلك ، ليكون المخطط ع :التالي

سارد متن حكائي مسرود

له ) "٢( مخطط رقم "

) السياق ، الصلة ، السنن ( و لتبقى العناصر الثالثة كما هي ، لتدلنا في الوقت ذاته على اإلشكالية التي تصدر

.عن ازدواج كل من السارد و المسرود له

الذات الفاعلة لهذا التلفظ الذي " فإذا كان السارد هو يمثله كتاب من الكتب ؛ هذا السارد هو الذي يرتب عمليات

و يجعلنا نرى تسلسل األحداث بعيني هذه ٠٠الوصف الشخصية الروائية ، أو بعينه هو ، دون أن يضطر إلى

حسبما يرى تودوروف ، فإن هذا السارد ٢٣" الظهور أمامنا

.٦٤سبق ـ ص : تزفيتان تودوروف ٢٣

محمد فكري الجـزار مـن أن اسـتقراء / و يؤكد نظرتنا ما يورده د وعيه بأن اللغة ليست أداة التوصيل الوحيدة ، و أن كتابات بارت تبين

هذا يجعل من الضروري البحث عما هو أبعد من اللغة ، و هو مفهوم محمد فكري الجزار ـ فـي نظريـة / د : راجع ٠٠االتصال أوال

علي إجراء تحليليا ـ مجلة كلية اآلداب ـ جامعة فالرواية ـ المؤلف ال

نعتبرها هي المرسل الفعلي ، يخفي وراءه شخصية أخرى .ـ فعال ـ بصياغة المتن الحكائينعني المؤلف ، الذي يقوم

و إذا كان وعي السارد يظهر في تراتب األحداث ، فإن وعي المؤلف ، و وظيفته ، من الممكن عدهما مهيمنين على

عملية بناء ، وال " منذ البداية يمارس ووعي السارد ، فه وهو ٠٠ع ، و إن كان الواقع مرجعا له ينقل هكذا عن الواق

ـ بذلك ـ يمارس وظيفة فنية ؛ هي وظيفة اإليهام باستقاللية و لذلك فإن وظيفة . ٢٤" هذا العالم ، و بالتالي بحقيقته

اإلرسال هنا تنقسم على فاعلين اثنين ؛ أحدهما واقعي ، و اآلخر ال يمكنه أن يكون كذلك ، بدليل استخدامه للواقع

عا ، و إن أمكن توحدهما ـ أحيانا ـ فإنهما يبقيان مرجذاتين بحسب النظر إليهما بوصفهما منفصلين ، و هذا مما

السارد الروائي هو الخالق " يجعلنا ننظر إلى مقوالت مثل

، و لعل في ٣٥ ـ ص ١٩٩٩يوليو ـ القاهرة ـ ٦حلوان ـ ع

ذلك ما يمنح طرح مخطط االتصال على السرد مشروعيته في الكشف .عن عالئق الزمن السردي

.٩٣سبق ـ ص : يمنى العيد / د ٢٤

السارد شخصية تخييل تقمصها " ، و ٢٥" األسطوري للعالم على أنها مقوالت تخص آلية سردية يحاول٢٦" المؤلف

المؤلف بها أن يتواجد داخل نصه السردي ، و أن يخفي .وجوده في آن واحد

من ناحية أخرى فإن السارد ـ مسيطرا على مجريات السرد ـ يعد واحدا من أهم الدعائم التي يقوم عليها السرد ،

الطبيعة االستعراضية المميزة " و بدونه ال يوجد ، حيث إن ي نقل وقائع متنه ، و تقديمها للنص الحكائي ، و المتمثلة ف

تستوجب حضور هيئة تلفظية تحول دون ٠٠في قالب لغوي هي تلك الهيئة التي ٢٧"عجز الحوادث في التعبير عن نفسها

محمد أسويرتي ـ : من يحكي الرواية ـ ت : ولج جانج كايزير ٢٥

.١١١ضمن كتاب طرائق تحليل السرد األدبي ـ سبق ـ ص : " و كـذلك قـول بـوريس أوسبنسـكي . ١١٧ السابق ـ ص ٢٦

" الروائي إنسان فعلي من لحم و دم ، أما الراوي فشخصـية تخييليـة : بـوريس أوسبنسـكي : راجـع . الذي يؤكد به على انفصال الذاتين

.٣شعرية التأليف ـ سبق ـ ص علـي فمحمد فكري الجزار ـ في نظرية الرواية ـ المؤلف ال / د ٢٧ .١٤راء تحليليا ـ سبق ـ ص إج

يظهر عليها السارد معبرا عن ذات أخرى مضمرة فيه هي شخصية الناطق الفعلي الذي تنتمي إليه الرسالة السردية

و هكذا ؛ ال يمكن اعتبار . رد نفسه جميعها ، بما فيها الساوجود هاتين الذاتين تعبيرا عن وجود مرسلين لرسالة واحدة

.، بل نرى إنهما ذات ضمنية تصدر عن أخرى فعلية و يتكرر األمر ذاته في الطرف اآلخر من المخطط

حيثحيث المتلقي ، و إن بصورة أقل وضوحا و أهمية ، ة التي يفترض السارد أنه يتحدث ينبع منه تلك الذات النموذجي

إليها ، و هي الذات التي تتوافر لديها مجموعة من السمات ا من سمات المتلقي الفعلي تكوو . نها ، في حين تكون جزء

لعل في مقوالت أمبرتو إيكو ما يتخذ أهمية واضحة في هذا من خالل صالنص يبني قارئه الخا" الشأن ، حين يقرر إن

صية ، و يصبح النص غير مقروء إذا كان استراتيجية ن" النص يحيل على قراء ال يفترضهم وال يساهم في إنتاجهم

، وهو ما يوضح أهمية النظر إلى الذات المتلقية بوصفها ٢٨ .ذاتا خاصة ، تنتمي إلى عملية السرد نفسها

أحمد أبو حسن ـ ضمن : القارئ النموذجي ـ ت : أمبرتو إيكو ٢٨

و راجـع . ١٦٣طرائق تحليل السرد األدبي ـ سبق ـ ص : كتاب

إن هذه النظرة إلى الطرفين من مخطط االتصال تجعلنا السردي بوصفها سمة من أكثر نقف أما إشكالية الزمن

السمات تميزا في العملية السردية ، و إلى السرد باعتباره الفن الذي يتميز بتداخل المستويات الزمنية ، ويمكن أن

:يظهر إجمال ذلك في المخطط التالي

متن حكائي مسرود له متلقي سارد مؤلف

) "٣( مخطط رقم " من المؤلف إلى المتلقي يوجد زمن حقيقي ، يمكن ف

ف عملية السرد ، و قياسه بالساعة ، وهو الزمن الذي يغلبالتالي فهما ذاتان توجدان خارج مجال المسرودة ، و إن

و من السارد إلى المسرود له يوجد زمن خاص . ا معها تماسللمسرودة ؛ زمن متخيل قائم على عالقات األحداث ، و

، حيث يشير إلـى ١٠ ، ٩سبق ـ ص :جمال الدين خضور : كذلك

ـ ى فعل المتلقي من حيث إعادة إبداع و إنتاج النص األدبـي بنـاء علــه ، امتالكــه ألدوات االســتقبال النصــية المفتــرض وجودهــا في

. و إال ظل النص غريبا

لمجال حيوي توجد فيه الشخصيات و سالسل األحداث خالق ٢٩. ، في صورة تكون واقعية بالنسبة لهذه الشخصيات

و بهذا يمكننا أن نلمح وجود زمنين ؛ أحدهما خارجي ، و اآلخر يتحكم في منظومة السرد ، وتظهر به خصائصها

.الطبيعية / الزمنية المغايرة للخصائص الزمنية الخارجية

رشـيد : مقتضيات النص السردي األدبـي ـ ت : جاب لينتفلت ٢٩

طرائق تحليل السرد األدبـي ـ سـبق ـ ص : بنحدو ـ ضمن كتاب حيث يؤكد إن المؤلف الواقعي و القـارئ الـواقعي يتمتعـان ٠٠ ٨٨

وز للنص ، و إن المؤلف المجرد و القارئ المجرد ينتميان بوجود مجا إلى العمل األدبي ، لكن دون أن يكونا مشخصين فيه مباشرة ، ألنهمـا ال يعبران عن نفسيهما أبدا بشكل مباشر أو صريح ، مما يعطل ـ إذن ـ أي تواصل لغوي حقيقي بين المؤلف المجـرد و القـارئ المجـرد

) ٣( المجردين بين الحقيقيين في المخطط رقم وهو ما دعانا إلى وضع . الذي يؤكد إن السارد ٠٠سعيد أبو عيطة / د : و راجع ـ كذلك ـ .

ال يخرج عن كونه أسلوب صياغة ، أو بنية من بنيات النص ، شـأنه شأن الشخصية ، و الفضاء ، و الزمان ، و يؤكد إن السارد هو أسلوب

" بنية الخطاب في رواية : أبو عيطة سعيد / د . تقديم المادة القصصية .١٤ ص ١٩٩٦ ـ نوفمبر ٣١٦التيه ـمجلة البيان ـ الكويت ـ ع

تعامل هذه الذوات مع نوعي الزمن هذين ، كما يقومأساسا ، على قياس الزمن الداخلي ـ غير المحدد تبعا الحتوائه على فجوات ـ على الزمن الخارجي ، و إن كان يمتاز عنه باختالفه الذي يكون هو مقياس هذا الزمن ، فإن تطابقا فلن يكون هناك تميز فني للسرد الداخلي ، وهكذا

" الذات المتخيلة في إيجاد زمن متخيل ، حيث يسهم وجود البد من وجود راو يروي فعل األشخاص و يحكي عنهم ، و هو أمر يضع هذا الفعل في زمن سردي متخيل يذكرنا

و قد ال يطابق الزمن . بالزمن الذي وقعت فيه هذه األفعال السردي الزمن الوقائعي الذي يحيل عليه ، و قد ال يتبع

، و لنا أن نعدل من هذا الفهم الذي يرى أن ٣٠" تسلسلهاألساس هو التطابق بين الزمنين ، برؤيتنا لتميز الزمن الداخلي الذي يشكل جوهر اختالفه ، و الذي إذا لم يظهر ، فلن يظهر معه دور الراوي ، الذي تؤكد عليه ـ فيما بعد ـ

: فالراوي يتفنن في سرد ما يحدث: " يمنى العيد قائلة / د يقدم و يؤخر فعال على فعل ، و يلعب وفق ما يراه مناسبا

. ٦٨سبق ـ ص : يمنى العيد / د ٣٠

التقليلية " قد " ، وهو ما يتناقض مع ٣١" للمسار الذي يبني قد ال يطابق الزمن السردي : " التي استخدمتها حين قالت

فالحقيقة إنه ال يطابقه فعال "الزمن الوقائعي الذي يحيل إليه . به وجوده ، و هذا هو األساس الذي نعي

:الزمن السردي و سماته ) ٣( إذا كان الزمن الواقعي سياال و منفلتا ، و إلها يأكل

، فإن الزمن السردي أداة تساعد السارد على فهم ٣٢أوالده شخصياته و دوافعها و منطلقاتها ، كما يمكنه ـ عن طريق استخدامها ـ أن يعبر عن هذه الشخصيات و واقعها ، بل و

يالعب متلقيه ـ كما أسلفنا ـ لعبة اإلظهار و اإلخفاء أن ليحافظ ـ دائما ـ على توتره أثناء سيره مع خط األحداث ،

.٨٦سبق ـ ص : يمنى العيد / د ٣١

في صورة األب " كرونوس " صور اليونانيون القدماء إله الزمن ٣٢اب الزمن لكل الحوادث التـي الذي يأكل أوالده ، في إشارة إلى استيع

الزمان ـ أبعاده و بنيتـه : عبد اللطيف الصديقي : راجع . تحدث فيه ١ـ المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع ـ بيروت ـ ط

.١٧ ـ ص ١٩٩٥ـ

و يظل مشدودا ، و مستثارا ، و متسائال حتى يصل إلى .نهايته

و إذا كنا قد أثبتنا وجود زمنين مختلفين ـ على األقل ، و قد سبق إلى ـ يتداخالن في السرد ، فإن جيرار جينيت

هذا ، قد بنى رؤيته للزمن السردي على أساس المقارنة بين ، و زمن الحكاية ) األحداث كما وقعت فعال ( زمن القصة

، و استطاع أن يصل ـ ) األحداث كما تظهر في السرد ( عبر هذه الرؤية ـ إلى أهمية التفاوت بين هذين النوعين من

لق األنماط اإليقاعية الكبرى الزمن ، و هو التفاوت الذي يخ .في السرد

هذا التفاوت ـ كذلك ـ هو الذي سيدعونا إلى محاولة النظر إلى الزمن السردي ، غير متجاوزين للعالئق التي

حيث البد أن . تربطه بالزمن الخارجي الذي ينتج عنه تقاس سرعته في ضوء نوع من الزمان أكثر أساسية ، أو "

أن ينساب الزمان بالنسبة إلى نفسه ، و أن يكون البديل هو ٣٣" هذا باطل منطقيا

و على هذا األساس ؛ يمكن أن تكون نظرتنا إلى سمات الزمن السردي قائمة على رؤية عدد من العوامل التي تقوم على العالقة بين الزمن السردي ، و الزمن الطبيعي، و هي

بين كل منهما ، العالقة التي يمكن عن طريقها إقامة مقارنات تكون مفيدة في تحديد هذه السمات التي تميزهما ، و على

:أساس هذه المقارنات يمكن وضع التمييز التالي

فكرة الزمان عبر : الزمان المتحول ـ ضمن كتاب : إيين نيكلسون ٣٣

المجلس –) ١٥٩(عالم المعرفة سلة سل–فؤاد كامل : التاريخ ـ ت ٢٥٠ ص ١٩٩٢ مارس – الكويت –الوطني للثقافة والفنون واآلداب

. و هو ما يتفق مع ما ذكره عبد اللطيف الصديقي من أن الزمان يـؤول

٢٩سبق ـ ص : عبد اللطيف الصديقي : راجع . لكي يمكن قياسه .

الزمن الطبيعي سيال مستمر ، و الزمن السردي ) أ : متقطع

الفن " و هي السمة التي يمكن النظر إليها بدءا بمقولة رد ، يعمد إلى اختيار ، حيث المؤلف ؛ و من ثم السا" اختيار

أحداث معينة لوضعها داخل خط سرده ، و في الوقت نفسه يقوم بحذف بعض األحداث ، و على هذا ؛ فإن الزمن الطبيعي يسير مساره المعتاد دون توقف أو انقطاع ،مستشرفا المستقبل ، و غير قابل للعودة إلى الوراء ، في خط مستقيم

.بة تكونه النقاط الحدثية المتعاقو إذا كان سرد يوم في حياة إنسان ، بكل تفصيالت هذا اليوم ، يحتاج إلى عدة مئات من الصفحات ، فإن عمل السارد األهم هو انتقاء ما يبدو على درجة من األهمية

و هو ما يؤكد . ـ بالنسبة له ـ لكي يظهر رسالته السردية المتمثل الزمن الواقعي يكون متصال في حين إن الزمان" إن

، و هي ٣٤" في العمل األدبي يظهر في شذرات منعزلة الشذرات التي يسبب وجودها الفجوات الزمنية باالنتقال

.المفاجئ عبر األحداث إن هذا الفارق ، الذي يمنح الزمن السردي سمته األولى في حرية الحركة ، دون التقيد بالخط التصاعدي السيال

ق يعد ناتجا عن وجود رؤية للزمن الطبيعي ، هذا الفارخاصة للسارد داخل العمل السردي ، رؤية تخدم في المقام األول استراتيجيته النصية، و تؤكد تماس مستويات الزمن في

بل إنه ـ على مستوى آخر ـ يعد منتجا . النص السردي آلليات السرد التي تمنحه خصوصيته بالنسبة للفنون األدبية

٣٥. األخرى

ـ : سامي إسماعيل ٣٤ ان إنجـاردن ـ علم الجمال األدبي عند روم

ـ ٨٠الهيئة العامة لقصور الثقافة ـ سلسلة كتابـات نقديـة ـ رقـم . ١٤٣ ـ ص ١٩٩٨القاهرة ـ نوفمبر

؛ حيث تؤكد ١٠٠يمنى العيد ـ سبق ـ ص / د : راجع في ذلك ٣٥إن الزمن يتكسر في السرد و يتحرر من خطيته ، و األحداث ال تتوالى

، بل تتقاطع و تتزامن وفق رؤيـة ، وال تتعاقب وفق تاريخية واضحة .الراوي الذي هو بمثابة المخرج

كنا ـ بذلك ـ قد رأينا الفارق األول بين نوعي و إذا

الزمن ، فإن هذا يؤكد لنا ـ من ناحية أخرى ـ إمكانية التعامل مع دائرة الزمن السردي داخل رسالة السرد

بوصفها مجاال حيويا ) بين السارد و المتلقي النموذجي ( و هي النظرة التي . خاصا يعتمد على وجود زمن خاص به

. تمنحنا بعدا أكبر في التعامل مع آليات السرد يمكن أنن باشالر عندما يتحدث عن أحداث تتكرر ، كما إغير

نظرة إجمالية " يحدث في السرد الفني فإنه يعزو ذلك إلى إن هذا . ٣٦" تختصر التنوع الزمني للظواهر اختصارا سيئا

االختصار السئ داللة على وجود تغير ال يكون الهدف منه ض األحداث كما هي ، و عرض تتابعاتها كما تحدث في عر

القصة ، بل يكون هدفه األصلي هو الحذف ، / الواقع المكون للفجوات الزمنية في السرد ، و هي فجوات يكون لها

.دورها في مجمل بنية السرد

خليـل أحمـد خليـل ـ : جدلية الزمن ـ ت : جاستون باشالر ٣٦ـ ٢المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع ـ الجزائر ـ ط

.٧ ـ ص ١٩٨٨

و هو األمر نفسه الذي يجعلنا نولي عناية ، و أهمية وجود أكثر من مستوى لعامل الترتيب التصاعدي للزمن، و

.له بين الزمن الطبيعي و الزمن ٠٠التزامن ) ب

:السردي إذا كان الزمن قرين الوعي به ، فإن هذا الوعي يكون أحاديا في الزمن الطبيعي ، بحيث ال يمكنه إدراك سوى خط

ي واحد لصيق به ، أما في الزمن السردي فإن السارد ـ ثحد وعيا أول ـ يمكنه إدراك عدة بوصفه الذات الواعية للسرد

خطوط زمنية تتيح له فرصة عرض األحداث المتزامنة في هذا العرض . أكثر من مكان ، و ألكثر من شخصية

التزامني سيتعارض مع خطية النص السردي ، مما سيؤدي يتكسر الزمن ، " إلى إيقاف خط لصالح آخر ، ففي السرد

تتعاقب وفق تاريخية يتحرر من خطيته، و عليه فاألحداث ال .٣٧" واضحة بل تتقاطع و تتزامن

.١٠٠يمنى العيد ـ سبق ـ ص / د ٣٧

إن تحرر الزمن السردي من هيمنة الطابع الكرونولوجي للزمن الطبيعي يتيح له ـ في المقام األول ـ إمكانية تتبع أكثر من خط زمني واحد ، ثم وضع هذه

المتوازية ، أو أجزاء منها ، على األقل / الخطوط المتزامنة دي واحد ، يكون قادرا ـ عن طريق السير ، في خط سر

بحرية إلى األمام و الخلف ـ أن يستوعب هذه الخطوط جميعها في صورة تستوجبها خطية النص السردي الناتجة

.عن كونه لغة الزمن الطبيعي ـ إذن ـ زمن متعدد بتعدد الشخصيات التي تعيشه و تعيه ، لكن الزمن السردي يمتاز باقترانه

و وجهة نظر هذا السارد و اقترانها بعدة شخصيات بسارد ، .تتيح لوعي هذا السارد أن يتتبع عدة خطوط في آن واحد

و هكذا يكون التزامن سمة مميزة للزمن السردي تتيح .لنا إدراك أن هذا الزمن ناتج وعي السارد أساسا

وهو األمر نفسه الذي ينتج عنه ظهور الزمن في ون معالجا في السرد ، فوعي السارد شذرات متقطعة حين يك

يتجه إلى تتبع خط زمني لشخصية ، ثم يعلق هذا الخط

و هكذا ليظهر الكوالج ٠٠لصالح خط آخر متزامن معه ٣٨.كامال، وتتقاطع خطوط الزمن المتوازية

و ربما يكون هذا ـ تحديدا ـ من أهم العناصر التي التكسير " ذلك فإن تمنح للسرد جماليته ، و حركته ، و على

الذي يصيب زمن السرد بتقطيع الصور و تركيبها وفق تزامن معين و خاص بالبنية إنما يمارسه

الراوي بهدف استكمال أو إنجاز بنية فضاء النص –الكاتب ، بحيث يمكن للصور أن تحيل بتزامنها الخاص هذا على

و ، ٣٩"بعضها البعض اآلخر بانية بهذا استدارة فضائها

القصـة القصـيرة ـ : مبـرت راجع في ذلك إنريكي أندرسون أ ٣٨

، حيث يفرق بين زمن أحـادي ٢٨٦النظرية و التقنية ـ سبق ـ ص .و زمن متعدد األبعاد

" ـ حيـث يؤكـد إن علينـا ٤٢سبق ـ ص : تودوروف : و راجع للحفاظ على الترتيب المثالي زمنيا ألحداث القصة أن نقفز عنـد كـل

ا الشخص الثاني فـي جملة من شخص إلى آخر لنقول ما كان يفعله هذ .٥٥المرجع نفسه ص: و راجع أيضا " .تلك األثناء

.١٠١يمنى العيد ـ سبق ـ ص / د ٣٩زمن : " حيث تنص على : ١٧١المرجع نفسه ـ ص : و راجع أيضا

القص هو زمن تخيلي ؛ يختلف عن زمن الوقائع و يفارقه ، و زمـن

استدارة الفضاء هنا ال يكتمل وعيها إال خطيا عبر تتابع خيط اللغة السائر ـ دائما ـ إلى األمام ،

.و المكون لخط السرد األساسي إن وعي السارد ـ بوصفه وعيا متخيال ـ ينتج عنه ذلك الزمن المتخيل ، كذلك ، و كما أن قياس الزمن السردي

ته إلى زمن قار ، فإن وعي ال يصح إال بإحال– المتخيل –السارد ـ كذلك ـ يمكن أن يكون معلوما بالقياس إلى وعي

اآخر ، و إن كان أحادي االتجاه ، مستقرو هو ا و فعلي ، األمر الذي دعا روالن بارت إلى القول بأن

نظام التسلسل الكرونولوجي يتوارى داخل بنية رحمية ال " ر إلى نزع الطابع زمنية ، و يسعى التحليل المعاص

أما . الواحد أحداثا عدة الوقائع هو زمن متعدد األبعاد يحمل في الوقت

إنه زمن انتظام : زمن القص فهو زمن أحادي ينمو بالكالم في التوالي محمـد فكـري / ، و راجـع د ." الصياغة و تكونها في جمل تتوالى

ـ العنوان و سيميوطيقا االتصال األدبي: الجزار الهيئـة المصـرية ١٥٧ ص ١٩٩٨العامة للكتاب ـ سلسلة دراسات أدبية ـ القاهرة ـ

؛ حيث يؤكد إن الزمن السردي ال يمكن تصوره خارج إطار الـزمن .الخارجي الذي يقوم بتقسيم الزمن السردي إلى مدد زمنية

الكرونولوجي عن المضمون السردي ، و إعادة إضفاء ، و إشارة بارت هنا تؤكد فكرتنا ٤٠" الطابع المنطقي عليه

إن التحليل . عن وجوب وجود وعي يتم القياس بالنسبة إليه المعاصر ، الذي ينص عليه بارت ، هو ذلك الوعي

. ميته المستقرة الخارجي األكثر استقرارا باإلشارة إلى علهذا الوعي هو ما يحاول أن يعي أحداث القصة كما تظهر داخل نسق سردي ، و أن يعيد رؤية هذه األحداث وفق

ما يفعله السارد ـ في " استراتيجيات الوعي الساردي ، فإن الواقع ـ هو سرد قصة مرتبة زمنيا ، قصة يحاول القارئ

حيح ، و إن عناصر إعادة تركيبها وفق النظام الزماني الص السرد هي انحرافات عن حكاية بسيطة وجدت مسبقا ،

، ليقوم وعي ٤١" و النتيجة هي طريقة فعالة لتشريح السرد السرد ـ أساسا ـ على ذلك التمييز بين الوجود الفعلي

.لألحداث ، و وجودها السردي

.١٩سبق ـ : روالن بارت ٤٠ .١٤٧نظريات السرد الحديثة ـ سبق ـ ص : واالس مارتن ٤١

و هذا مما يؤكد أهمية الزمن السردي و قياسه على ي في منح السرد سماته الجمالية التي ينفرد بها الزمن الواقع

.عن باقي فنون اللغة : الزمن السردي و خط اللغة ) جـ

يعد كون السرد مكتوبا عامال مهما من عوامل التحكم في سمات الزمن السردي ، حيث غالبا ما يكون السرد إلى الوراء ؛ بمعنى أنه يقص عن الماضي ، في الوقت الذي يمتد

.يه شريط اللغة إلى األمام دائما فيوهم القص أن الكالم يتجه إلى " فبفضل ألعاب السارد

الوراء في حين أن الكتابة تبقى في الحقيقة خطية متقدمة .٤٢" باتجاهها على الورق إلى األمام

ال يمكن – النص السردي عموما –و إذا كانت القصة تقنية الفيديو أو السينما توقيفها ، أو إرجاعها ، كما يحدث في

، فإن الشكل األمثل للقراءة المتسلسلة يدعو إلى مقارنة دائمة بين تصاعد شريط اللغة ، و تقطع خط السرد ، و على ذلك يمكن النظر إلى زمانية الخط السردي بوصفها زمانية

.٧٤سبق ـ ص : يمنى العيد / د ٤٢

مخصوصة خاضعة لوعي السارد في األساس ، و ما وعي .ي السارد للتتابعات الحدثية المتلقي إال إعادة قراءة لوع

:وهو ما يمكن أن نالحظه في المخطط التالي المؤلف زمن حقيقي) ١(وعي

السارد زمن سردي)٢(وعي

)باطني ( زمن داخلي الشخصية ) ٣( وعي

القارئ زمن نصي)٤(وعي

) "٤(مخطط رقم "

من هنا يمكن النظر إلى أهمية التداخالت الزمنية في و يكون هذا النظر واضعا نصب االهتمام . خط السرد

التحوالت التي تطرأ على الزمن الموجود داخل القصة و هي قوف التحوالت التي سنقوم بعرضها ، و مناقشتها حين الو

.على اآلليات المتعلقة بالزمن داخل السرد

النص الروائي يعمد ـ أساسا " و أيا كان األمر ، فإن ـ إلى أحداث ماضية ، و هذا الماضي يتكون إما من مادة تاريخية أو قصة حياة معينة ، إال أن هذه األحداث يتم ترهينها داخل الخطاب ، فتصبح حاضرا على المستوى

.٤٣" النصي و هذا الحاضر النصي هو ما نعتبره زمن الشخصية

و يمكن لهذا الحاضر أن يظهر . الواقعي الذي تعيه و تعيشه للقارئ في صورة ماضي أو مستقبل ما لم ينص السارد،

ففي الزمان الواقعي يكون للحظة . و يؤكد إنه حاضر وضع أونطيقي مميز على الماضي الذي ذهب و " الحاضر أما في ٠٠، و على المستقبل الذي لم يأت بعد لن يعود

الزمان المتمثل فيكون الماضي و الحاضر و المستقبل بمثابة لحظات يرسمها نظام ترتيب األحداث المتمثلة في العمل

.٤٤" األدبي

.٨ سبق ـ ص :سعيد أبو عيطة / د ٤٣هكـذا فـي ) أونطيقي .. ( ١٤٣سبق ـ ص : سامي إسماعيل ٤٤

القيمة الجوهرية للشيء في : التي تعني anticالنص ، و ربما يقصد .ذاته

و بذلك ستصبح السمات اللصيقة باألحداث ، و الناتجة اث داخل خط أحد) الكرونولوجي ( عن موقعها التاريخي

القصة ، ستصبح هذه السمات متوارية داخل وعي الشخصية لصالح تتابعات السرد ، ليحل النظام التوزيعي محل النظام التتابعي ، و هو ما يمنح السرد حيويته حسبما ينص واالس

حيث يقوم المونتاج بانتقاء ، وترتيب المجموعات ٤٥. مارتن م ترتيب هذه البنى ن كل منها بنية مستقلة ، ثالحدثية التي يكو

، مع وجود فجوات زمنية بينها تعمل لصالح حركية البنية .الكلية و شمولها التأخير الضروري الذي تسببه اللغة ـ ال " و إذا كان

منتشرة عبر زمن ) أي األحداث ( غير ـ هو ما يجعلها

.١٦٧سبق ـ ص : واالس مارتن ٤٥

تقنيات السرد ـ النظرية و التطبيق ـ : آمنة يوسف : و راجع كذلك ـ ١٩٩٧ ـ ١ـ الالذقية ـ سورية ـ ط دار الحوار للنشر و التوزيع

حيث تقرر إن زمن الخطاب زمني خطي يخضـع لنظـام . ٢٤صـ كتابة الرواية على أسطر صفحاتها ، في حين أن زمن الحكاية متعـدد

. األبعاد يسمح بوقوع أكثر من حدث في آن واحد

فإن المونتاج يعد ٤٦" القراءة بدال من تقديمها في لحظة ألهم للتغلب على اإلشكالية التي تقف عائقا وسيلة السارد ا

و هو ما يجعل . دون وعي األحداث المتزامنة في اآلن نفسه للسرد منطقه الخاص ، و هو ـ كذلك ـ ما يجعل رؤية الزمن السردي أكثر انفتاحا على العديد من مستويات السرد ، و يجعله ، كذلك ، في حد ذاته ، متعدد المستويات بدءا من

ياسه على زمن خارجي ، وانتهاء بعالقته بزمن السارد و قالقارئ ، ثم دخوال إلى زمن الشخصية بوصفه زمنا واقعيا داخل السرد ، ثم ـ أخيرا ـ الزمن الداخلي للشخصية من

. لهذه الشخصية الباطنيوعيالحيث هو حركة إن فكرة التزامن التي تنتج فيما تنتج آلية المونتاج ، و

كانت تتيح لنا رؤية سمات الزمن السردي ، أو بعضها ، إنفإنها ـ في الوقت ذاته ـ تفتح الباب لمالحظة عالقة الزمن

.بالمكان داخل السرد و لعل فكرة تتبع وعي الشخصيات ـ كل على حدة ـ ناتجة عن ذلك ، فإن دائرة المكان ستصبح ـ بالتالي و تبعا

.١٦٧سبق ـ ص : واالس مارتن ٤٦

ال نهائية ، حتى يمكن أن لذلك ـ دوائر مكانية متعددة و تتيح للسارد رؤية ذلك العدد غير المحدود من الخطوط ة التي تمكنه من االنتقاء بحرية و اختيار ما يكون الحدثي

.خطه السردي المخصوص إن أي سرد ال يمكن أن يحيط بكل الحوادث : أنقول هنا

و األحداث ؟ فنعود بذلك إلى تعبير باشالر عن االختصار ، أم نلحظ بذلك أن عامل الزمن الذي يمنح للسرد ٤٧ ؟ السئ

حركيته هو ـ ذاته ـ ما يمنحه استاتيكيته كذلك ، الناتجة عن وجود فكرة أساسية للسارد هي التي تتحكم في منطق

.اختياراته ألحداث دون غيرها و تركه ألحداث أخرى و أيا كان األمر فإن النتيجة األهم التي يمكن التوصل

الزمن المستخدم في بناء السرد ( ا هي أن الزمن السردي إليههو زمن له سماته الخاصة التي تميزه عن باقي ) عموما

اللغة ال يمكنهـا " ر عن أن وهو ما يؤكده جيرار جينيت حين يعب ٤٧

أن تحاكي على الوجه األكمل إال ما هو لغة، و بصيغة أدق فإن خطابا ما ال يمكنه أن يحاكي بشكل مرض إال خطابا مماثال لـه تمامـا ، و

راجـع جيـرار . إجماال فإن أي خطاب ال يمكنه أن يحاكي إال ذاتـه .٧٥سبق ـ ص : جينيت

و أن هذه السمات هي التي توضح تميز . أنواع الزمن .السرد عن باقي فنون اللغة

و إذا كان هناك مجال لتوسيع هذه الفكرة ، فإن ما نرى أن تتميز القصة القصيرة ـ هل يمكن: وجوب مناقشته اآلن

بوصفها نوعا سرديا ـ بسمات زمنية تميزها عن باقي األنواع السردية ؟

: الزمن في القصة القصيرة و سماته ) ٤(

تتميز القصة القصيرة عن سائر الفنون السردية بضيق : المساحة النصية ، ذلك الضيق الذي يتواءم مع االسم

.القصة القصيرة حيث هي نوع سردي ، يعالج أحداثا ، فهي قصة من

وهي قصيرة بما يميزها عن األنواع األخرى مثل الرواية ، .والقصة الطويلة ، وغيرها

و إذا كان معظم المهتمين بالسرديات ينظرون للقصة و ملحقة عليها ، و هو . القصيرة بوصفها تابعة نوعيا للرواة

يمنح كاتب القصة ما يشيع بين متلقي األدب و مبدعيه بما .مشروعية كتابة الرواية و الجمع بين النوعين في آن واحد

فإن هذه النظرة هي ما تحاول الدراسة الوقوف حياله بهدف التمييز بين القصة القصيرة و الرواية ، على اعتبار

. التقارب الشديد بينهما و ذلك عن طريق مالحظة الفرق األولي باالعتبار

مع التركيز على . عامل كل منهما مع الزمن بينهما ، وهو تتعامل القصة القصيرة مع الزمن بوصفه آلية تسهم في بنائها

.و تميزها :أثر ضيق المساحة النصية ) أ

يقيم جيرار جينيت نظرته إلى زمن النص السردي على أساس المفاضلة بين المدة الزمنية التي تستغرقها أحداث

ل ث، وبين المساحة النصية التي تمالقصة كما يمكن تخيلها .ظهور هذه األحداث في النص السردي

فإذا الحظنا الفرق بين طول هذه المساحة في الرواية ، و قصرها في القصة القصيرة، فإن ذلك سيكون مؤثرا على

، ) زق ( هذه المعادلة التي يصوغها جينيت بين زمن القصة ) . ز ح ( و زمن الحكاية

صر ـ إذن ـ سمة أولى تميز القصة القصيرة يعد القتتميز بشريط لغوي قصير ، و قصر هذا الشريط هو " التي

وإذا كانت يمنى . ٤٨" قصر مدته أي زمن القصة العادي ال تؤثر على ) قصر المساحة ( العيد ترى أن هذه السمة

الذهاب بعيدا " قدرة القصة التخييلية ، فهي تظل قادرة على ي ، أو على القفز بهذا التخييل في هذا االتجاه أو في الماض

فإننا ـ و إن وافقنا جزئيا على هذه المقولة ـ فال ٤٩" ذاك يمكن في الوقت ذاته أن نغفل األثر الذي يسبغه ذلك الشريط اللغوي القصير على مكونات النص السردي في القصة

.القصيرة لقصة إن أول ما يجب طرحه في هذا الصدد هو كون ا

القصيرة نصا مصفى ، أو يجب كونها كذلك ، فهي تستخدم اللغة باقتصاد شديد و دال بما يجعلها ذات بنية مضغوطة ، و

ال تحتوي على كلمات زائدة ، و حتى عندما نالحظ تكرارا "

.١٧٦سبق ـ ص : يمنى العيد / د ٤٨ .١٧٧ص : السابق ٤٩

فهذا ال يعني زيادة ، فربما كان مقصد هذا اإللحاح على أمر .٥٠" ما

ى للقصـة القصـيرة علـى و تؤثر هذه الطبيعة األول .التعامل مع الزمن داخل القصة القصيرة

الزمن في القصة القصيرة أشد ضـيقا مـن الروايـة ، يمكن أن تحدثنا عن قرون مضت ، و بـالد ، و " فالرواية

جماهير ، لكن القصة القصيرة تفضل أن تحدثنا عن ساعات .٥١" قليلة أو حي منعزل ، أو كائنات منعزلة

األمر الذي يتوجب وضعه فـي االعتبـار عنـد و هو غير إنه ال يمكن اعتباره . التعامل تحليليا مع كل من النوعين

.قاعدة ال تقبل الخروج عليها غير إن أهمية هذه الفكرة تكمن في وضوح أثر أولـي لضيق المساحة النصية ، و هذا األثر يتجلـى فـي انحيـاز

احات الضـيقة زمانيـا القصة القصيرة إلى التعامل مع المس

١٤٢القصة القصيرة ـ سبق ـ ص : إنريكي أندرسون أمبرت ٥٠

. .٤٤ص : السابق ٥١

و حتى إذا خرجت من هذه الدائرة فإن معالجاتهـا . و مكانيا للمساحات الواسعة ستظل متأثرة بفكرة كونها نصا قصيرا ،

.لذلك سيكون سعيها الدائم نحو التكثيف و التركيز القصة القصيرة ـ إذن ـ تتعامل مع مساحة نصية أقل

كانات اللغـة فيهـا أشـد ، و هو األمر الذي يوجب كون إم و لكـي . حضورا داخلها ، لكي تسد فجوة ضيق المسـاحة

تستطيع ، بناء على ذلك ، التعبير عن أحداث هذه المسـاحة .الضيقة في أقل قدر ممكن

البناء القصير و البناء المعقد بين القصة ) ب :القصيرة و الرواية

تحدثنا تحدثنا الرواية ـ إذن ـ عن بالد و جماهير ، والقصة القصيرة عن كائنات منعزلة ، بما يتماشى مع الفرق

.الواضح في الطول بين كليهما و هو األمر الذي يجعلنا نولي أهمية ما إلى كون القصة القصيرة نصا بسيطا في مقابل تركيب الروايـة ، حيـث ال

يمكن القطع ببساطة النص القصصي مطلقا إال بما يقابله في .٥٢. من تركيب الرواية

هذا االعتبار يولي أهمية كبرى إلى قلة عدد شخصيات القصة القصيرة و أحداثها التي تعالجها في مقابل الزخم الذي

.تحاول الرواية ـ غالبا ـ التعرض له

و يؤكد ميشيل رايمون على أن القصة تتعـارض مـع الروايـة ٥٢

تعارض البسيط مع المركب ، و لكن بساطتها تلك ال تكمن في تقـديم أن تعرض مجرى حياة بكاملها مشهد قصير و عنيف ، فبإمكان القصة

إن قصر .. شريطة أن تحرص على إلقاء الضوء على البطل المركزي القصة و صفاء نسقها يتعارضان مع ما يتميز به مفهوم العمل الروائي

.. من االتساع و هي الفكرة التي تؤكد ما نعرض له من الفرق بين كـون الروايـة و

.. القصة كليهما مركبة .١٧٧سبق ـ ص : رايمون راجع ميشيل

إذا كان كاتب القصـة القصـيرة " كما يورد ، كذلك ، عبارة بورجي يقطف غصنا من النبتة ، فإن الروائي يجتثها كاملة بجذورها و ترتيبها

.١٧٩المرجع نفسه ـ ص : راجع " ..

و هو ما يمكن رؤيته متعارضا في النتيجة النهائية مـع رد تعقيد النص القصصي الذي يحاول أن يستغل إمكانات الس

.في أضيق مساحة ممكنة : رق يمكن توصيفه على النحو التاليو لذلك فإن هذا الفا

تعالج القصة القصيرة كما أقل من األحداث ، و عددا أقل من الشخصيات ،و بالتالي عددا محدودا مـن وجهـات النظر ، لكن ضيق مساحتها يجعل من هذا البسيط معقدا فـي

.لنصي مستوى البناء و الخطاب او تعالج الرواية كما أكبر من كل هذه األشـياء ، لكـن

.مساحتها الواسعة تجعل من تركيبها أمرا حتميا و محايثا و تؤدي المقارنة بين هاتين النتيجتـين إلـى مالحظـة

..االختالف الكائن بين طبيعة كل منهما فطبيعة تعقيد الرواية ناتجة عن ازدحامها باألحـداث و

ت ، حتى لو أدت رسالة سردية بسيطة ، متصاعدة الشخصيا .، متراتبة منطقيا

أما طبيعة تعقيد القصة القصيرة فناتجة عن حشد أكبـر كم ممكن من الرؤى و التفصيالت في أضيق مساحة ممكنة ، و هو األمر الذي يجعل للسارد دورا كبيرا في تعقيـد هـذا

يقترب مـن دائـرة البناء الذي يتوجب أن يكون مكثفا ، بما .الشعر ،و محكما ، بما يجعله سرديا في الوقت ذاته

و يؤثر هذا الفرق في العديد من عناصر السرد ، فمنـذ الخط الفاصل بين الرواية و القصة " البداية يجب مالحظة إن

القصيرة يمكن قياسه ، و أيا كان نوع وحدة القيـاس التـي " في قراءة الرواية أطول نستخدمها فإن الزمن الذي نستغرقه

، ليصبح الزمن ـ بذلك ـ العامل األكثر أهميـة فـي )٤٢(مجال إيضاح الفوارق بين النوعين ، على مستويات التعامل

.مع النص كافة ؛ بدءا من الحجم و يؤثر قصر حجم القصة القصيرة ـ كـذلك ـ فـي طبيعة األحداث التي تعالجها ، حيث يندر أن تـروى قصـة

كاملة ، بل تسرد جزءا ، أو تحلل شـريحة مـن هـذه حياة كلما استطعنا استنتاج أشياء عن الحياة بأكملهـا " الحياة ، و

وهو )٤٣(" كانت القصة أقرب للرواية .. من هذه الشرائح األمر الذي يردنا إلى الطبيعة البانورامية للرواية في مقابـل

.٤٣سبق ـ صـ : إنريكي أندرسون أمبرت (٤٢)قصيرة بين الطول و القصر ـ ت القصة ال: ماري لويز بارت (٤٣)

.١٩٨٢ ـ ٥٢ـ صـ سبتمبر ـ فصولمحمود عياد ـ :

ل مادتها معاملـة الطبيعة التحليلية للقصة القصيرة التي تعام .المقاطع العرضية تحت المجهر

و هو ـ كذلك ـ ما يجعلنا نالحظ اآلثار المترتبة على " ذلك في مستوى التعامل السردي مع الحدث ، من حيث إن

بداية الحدث في القصة القصيرة شديدة القرب من نهايتـه ؛ عكس ذلك في الرواية ، و التركيز هو مـا يميـز القصـة

ن الرواية رغم أنه قد يكون في الدرجة نفسـها ، القصيرة ع مع ما يستطيع ذلك من الوحدة و األصالة في فن اإليحـاء و

، وهو األمر الـذي )٤٤(" تكثيف معنى األحداث البسيطة يمكن أن نولي فيه أهمية كبرى إلى عمل السارد في القصـة

.القصيرة

: ـ الزمن االستبدالي و عمل السارد ٣ر إلى القصة القصيرة ـ إذن ـ بوصفها يمكن النظ

ذلك النوع السردي األكثر صفاء من حيث استخدام اللغة ، مما يمنحها ـ من ناحية أخرى ـ تلك الرؤية الزمانية

.المغايرة

.٢٦سبق ـ صـ : رسون أمبرت د إنريكي أن (٤٤)

إن صفاء نسق القصة القصيرة الناتج عن االقتصاد في استعمال اللغة بالدرجة التي تقربها من االستعمال

عموما ـ يجعل من كل عناصرها عناصر الشعري ـ عضوية ال يمكن االستغناء عنها ، أو تبديل أماكنها ، كما يؤدي إلى ظهور فعل السارد و مهارته في استخدام اللغة ـ و ليس فقط في معرفته بآليات تركيب الحوادث ـ ، و من هنا سيكون للقصة القصيرة ـ على مستوى النظرة اإلجمالية

المسكوت " الموحي ، أو ما يمكن تسميته ـ فضل الحذف" حسب تعبير أمبرتو إيكو ، وهو ما يعني dit non" عنه

عدم الظهور على السطح أو في مستوى العبارة ، و لكن هذا المسكوت عنه هو الذي يجب تحقيقه في مستوى

)٤٥(" تحقق المضمون بالضبط

في وإذا كان أمبرتو إيكو يتحدث عن المسكوت عنهالنص األدبي عموما ، فإن ما رأيناه من محاوالت القصة القصيرة ألن تكون أكثر قصرا هو ما يجعلها أكثر األنواع

.١٥٨القارئ النموذجي ـ سبق ـ صـ : أمبرتو إيكو )٤٥(

األدبية اقترابا من هذه السمة ، و هي ـ في هذا الصدد ـ تقوم بحث المتلقي على التواجد بصورة واعية داخل دائرة

لتالي عند و هو األمر الذي سيستحضر ـ با. إبداعها الحديث عن زمانية القصة القصيرة ـ نموذجا لعهد بين

.السارد و المتلقي ، يدور في األساس حول وعي الزمن

:هذا الوعي يقوم على محورين

هو االتفاق على الفرق بين التزامن و التعاقب ؛ أولهما، و )٤٦(بين النسق العمودي و النسق الخطي أو الطولي

على مدى االتفاق بين السارد انيالمحور الثيعتمد و المتلقي حول مدى التخييل في الزمن الذي يستخدمه السارد

فالديمير كريزينسكي ـ من أجل : راجع في الفرق بين النسقين (٤٦)

" ـ عرض عبد الحميد عقار ـ ضمن كتـاب سيميائية تعاقبية للرواية حيث يفرق بـين . ٢٠٤ـ سبق ـ صـ " طرائق تحليل السرد األدبي

الخصائص التزامنية التي تهم العالئق بين المميزات المختلفة لنسق فـي ــرائح ــى ش ــزمن إل ــع ال ــتم تقطي ــث ي ــددة ، حي ــة مح لحظ

لتـي تهـم و الخصائص التعاقبية ا . و االعتماد على التحليل العمودي المميزات المختلفة لنسق ما في لحظتين متتابعتين ، حيث يـتم تقطيـع

.الزمن إلى خطوط ، و االعتماد على التحليل الخطي أو الطولي

حينما : " في سرده ، و هو ما يردنا إلى مقولة جيرار جينيت يتعلق األمر بسرد خيالي ـ إن جزئيا أو كلياـ فإن اشتغال التخييل الذي يقوم في الحقيقة على المحموالت اللفظية و غير اللفظية ال بد و أن يروم تقنيع الفرق الحائل بين نمطين من المحاكاة ، واحد منهما له ارتباط مباشر بالواقع ، أما الثاني

، وهو )٤٧(" فيعمد إلى إدماج نسق متشابك ، بله معقد األمر الذي يلزم لتحقيقه هذا االتفاق الضمني بين السارد و

.المتلقي

قابلة لالنسحاب كلية على إن فكرة التقنيع ـ هنا ـ زمن السرد ، الذي يمكن أن يظهر في القصة القصيرة بالصورة المقنعة ذاتها عندما يتفق أصحاب هذا العهد على

.اعتباره زمنا

و إذا رجعنا إلى شكل المقارنة العامة بين الرواية و القصة القصيرة ، فإن قول جينيت عن نمط المحاكاة الذي له

ر بالواقع يميل ناحية القصة القصيرة ، بينما ارتباط مباشيميل النمط اآلخر ناحية الرواية ، غير إنه يمكن ـ و هو ما

.٧٤ جيرار جينيت ـ سبق ـ صـ (٤٧)

يؤكده جينيت بهذه المقولة ـ الدمج بين النمطين في السرد الواحد ، بل و عدم ظهور فارق كبير بينهما على المستوى

.األدائي

ذي و نجد ـ غالبا ـ صعوبة في اعتبار الزمن التستخدمه القصة القصيرة زمنا واقعيا ، و هي الصعوبة التي

توجد ـ و إن بدرجات أقل ـ في األنواع السردية كافة حيث تتحقق هذه الصعوبة في القصة القصيرة خصوصا ،

.وذلك بمحاولتها تحقيق ذلك النسق المصفى من اللغة

ليست سوى " فالزمنية ـ كما يشير روالن بارت ـ بنيوي من مستويات السرد ، و مثلما هو الشأن في مستوى

إن الزمن ال ينتمي .. اللغة ، فالزمن ال يوجد في شكل نسق . إلى الخطاب بمفهومه الضيق و إنما ينتمي إلى المرجع

فالسرد و اللغة ال يعرفان سوى زمن سيميولوجي أما الزمن )٤٨(" الحقيقي فهو وهم مرجعي

، ١٩ روالن بارت ـ طرائق تحليل السرد ـ سبق ـ صــ (٤٨)٢٠.

هو القاعدة الثابتة ، و فالزمن المرجعي ـ إذن ـ المعيار الذي يقاس عليه زمن السرد ، و هو ما يجعنا نالحظ أهمية كون الزمن في القصة القصيرة زمنا قائما على وعي خاص يتم بناؤه اتفاقا بين السارد و المتلقي ، زمنا مفهوميا ، يستبدل زمن الشخصيات الواقعي ـ بالنسبة إليها ـ بزمن

تم فيه انتقاء األحداث آخر متخيل ي .و ترتيبها ترتيبا مغايرا

و هذا مما يستدعي سمة الطول و القصر مرة أخرى لكي يتم بناء مقارنة انطالقا منها، على الرغم من عدم ثباتها بين النوعين ـ الرواية و القصة القصيرة ـ و قد أشار

ة ؛ فالرواية مثل القصة القصير" العديد من المنظرين إليها كلتاهما تستحضر الماضي بالضرورة ، ذلك أن عملية السرد سابقة على عملية القراءة لكن الرواية بتطويلها ـ خالفا للقصة القصيرة ـ يمكن أن تجعلنا نظن أن زمن وقوع أحداثها يسير في خط مواز مع زمن القارئ ، فنحن نرافق

فرجون البطل الروائي في رحلة طويلة نشعر خاللها كأننا متأما بطل القصة القصيرة فال يتاح لنا .. على مسار آني

الوقت حتى ننسى أننا أمام زمن مضى و ندخل في زمن آخر

إن العبارة السابقة ألحد نقاد القصة )٤٩(" متابعين األحداث القصيرة ، والتي نعتذر عن طول االستشهاد بها ، تقيم الوزن

رواية و القصة القصيرة األكبر لمسألة الطول و القصر بين ال، و هي في الوقت ذاته تطلعنا على جانب من جوانب الفرق ، و وهو أن الرواية تطرح وعيا بالزمن يوازي الوعي الواقعي به ، بينما القصة القصيرة ، عن طريق سماتها االختزالية ـ ليس في مساحة الكتابة فقط ـ تطرح وعيا

دة هذا الشريط اللغوي مع قصر م" تخييليا للزمن ، حيث تتراجع مساحة الوقائعي الذي نراه من خالل عالم القص المتخيل ، و تضيق هذه المساحة باتساق مع قصر مدة هذا

تضيق حتى يصير زمن القص المتخيل لحظة ، .. الشريط المتخيل قادرا على خلق لكنه في تراجعه هذا يبقى الزمن

ما سواء ؛قص وتقنياتهعالمه وعلى اإلفادة من كل قدرات ال" تعلق منها بلعبته الزمنية أو ما تعلق بهيئة القص ونمطه

وهنا نالحظ أن يمنى العيد تعلق أهمية كبرى على ،)٥٠(قصر المساحة النصية للقصة القصيرة بما يجعلها تبتعد عن

.٤٥ ـ صـ إنريكي أندرسون أمبرت ـ سبق (٤٩)

١٧٧ ص – سبق – يمنى العيد )٥٠(

، وهو أهم ما يميز ) مساحة الوقائع ضيق( التفصيالت بلحظة واحدة وتستفيد –ا أساس– القصة القصيرة التي تهتم

من كل آليات السرد الحاشدة للحظات أخرى في سبيل تنمية .هذه اللحظة األهم

إن الوعي التخييلي للزمن في القصة القصيرة يتماشى مع اعتمادها على المسكوت عنه بوصفه آلية أساسية في داخلها ، وهو األمر الذي يمكن أن تخرج منه القصص

/ مد الشرح والتفسير ومقاطع الوصف المطولة آليةالتي تعتبداخلهاأجزاء .

لقد كان " وهو ما أشار إليه ميشيل رايمون لقوله المجهود يتعلق باستبدال الزمن المفهومي للقصة القصيرة

ا تظهر داخله عوامل التفسير باقتراح مدة الذي يعتبر إطار )٥١(" معيشة

يمكن أن تتعلق بمسألة –ا هن–ومسألة استبدال الزمن ففي الوقت الذي يمكن أن تكتفي – كذلك –الطول والقصر

ذهب في رحلة " :منه القصة القصيرة بعبارة موجزة مثل

١٧٩ ص – سبق – ميشيل رايمون )٥١(

فإن الرواية يمكنها أن " ا بالخبرة طويلة عاد منها مفعم ،تفرد العديد من الصفحات لتظهر هذا البطل في رحلته

لمواجهات واالختبارات التي يتعرض للعديد من المواقف واتتوالى لتنتهي بعودته الحتمية على هذا الحال من اإلرهاق

.والخبرة في النهاية ملة التي استخدمتها جن الفارق األهم هو أن هذه الإغير

القصة القصيرة قد أدت دورـا بوصفها وحدة بنائية ا عضوي جوة مثل فيا لتدل على قفز فوق مدة زمنية زمانية أساس

.ةثيحد في تم سردهافي حين أن هذه الرحلة ذاتها عندما .ة مترابطة ثيالرواية فإنها قد انقسمت إلى عدة وحدات حد

سلسلة األحداث في الرواية / وهكذا يتم استبدال المدة بوحدة واحدة في القصة القصيرة ، وحدة يدعم وجودها استخدام خاص للغة ، بحيث ال يصبح الواقع في القصة

مكونا من ذرات وخاليا بل كلمات ، إذ قام السارد " القصيرة بتحويل الواقع إلى رموز لغوية أسهمت في خلق االنطباع

هذا الواقع المتخيل . الزائف بوجود واقع متخيل واحتمالي )٥٢(" هو الذي يكتسب قيمة فنية

بتخييلية القصة –ا عموم–وهو األمر الذي يجعلنا نحكم .لمنبنية على أساس معالجتها الزمنية الخاصة القصيرة ا

ويتعلق باألمر ذاته الموقع الزمني للنص القصصي، يمكن رؤية النص – كذلك –حيث إنه بمقارنته بالرواية

ا للماضي ، وإن كان السرد القصصي معالج–ما –ا غالب ا بالنسبة الحق–ا دائم–السرد " يعالج الماضي حيث يكون

.)٥٣(سرودة للقصة المالحدث في الرواية يجري " غير إن هناك من يرى أن

بينما الحدث في القصة القصيرة يجري في ، في الحاضرالماضي ، والقصة تدور حول ماض ما ، بينما تقيم الرواية

في حاضر ما ، وهذا األخير إذا لم يكن حاضرا فهو ا لفظي–

٢٢٩ ص – سبق – أمبرت – أندرسون انريكي )٥٢(رشـيد : ت – تقنيات ومناهج – النص الروائي – برنار فاليط )٥٣(

–المجلس األعلى للثقافـة ) ١٠١( المشروع القومي للترجمة –منجدو .٧٨ ص – ١٩٩٩القاهرة

س الموازاة على أسا)٥٤(" على األقل حاضر سيكولوجي التي تحدث حال تلقي الرواية بين خط الزمن الواقعي وخط الزمن السردي ، على العكس مما يحدث في القصة القصيرة

من استبدال للواقع الزمني الحاضر ، بالماضي ذلك الماضي ، حتى إذا منتهيةالذي يدعمه كون القصة القصيرة حادثة

تها مفتوحة على استخدمت صيغة المضارع ، أو كانت نهايمستقبل أحداثها وشخصياتها ، فإنها تظل حادثة محصورة

مما . بين بداية ونهاية شديدتي القرب من بعضهما البعض وبهذه الصفة فإن مؤلف " ا من صيغة الماضي يقربها دائم

القصة القصيرة يكون على علم بنهاية قصته في الوقت الذي ا يرتب إشاراته تبعيبدأ فيه بعرضها ، ويعرف أين يتجه و

للمنحنى الذي يرسمه، وعلى العكس من ذلك فإن الروائي ينا اإلحساس بغموض المستقبل وبأنه ال يعرف حتى إلى طيع

ل مضطر إلى التظاهر بأنه اا وأنه في جميع األحونأين يقود .)٥٥(" ال يعرف اتجاه األحداث

.١٧٨ ص – سبق – رايمون لميشي )٥٤( .١٨٠ ص- سبق – ميشيل رايمون )٥٥(

وهو األمر الذي يجعلنا نلتفت إلى أهمية عمل السارد ،ا داخل النص القصصي ، وعدم اعتبار هذا وظهوره عمدالب القصة ، على العكس من الحذر الذي ثالظهور من م

وهكذا بحيث تعلو القيمة .يقابل به ظهور السارد في الرواية التغريبية في القصة القصيرة ، في مقابل اإليهام الذي تحاوله

.الرواية ة فنا يتيح مما يجعلنا نالحظ كون القصة القصير

ظهور آليات السرد وعملها ، وظهور ساردها في مقابل التعليمية ، –بما يدعم الصبغة القصدية . اختفائه في الرواية

. في القصة القصيرة–ا التوجيهية أحيانتقوم القصة القصيرة" وهي الصبغة التي تجعل

بوظيفتها خير قيام في حالة أساسية هي إيصال فعالياتها ، )٥٦(" متلقي لتصبح في النهاية هي فعالية المتلقي نفسه لل

متنظيإلى وهو األمر الذي يحتاج من سارد القصة القصيرة السرد حتى تصل إلى هذا الهدف آللياتدقيق ، محكم ،

– عن التقاليد والتحديث في القصة العربية –وهيف بعبد اهللا أ / د )٥٦(

– ١٩٣٣ حلـب – دار القلم العربي –منشورات اتحاد الكتاب العرب ١١ص

ا في هذا التنظيم الذي يظهر أساس. االستراتيجي العام .صصيةا عمل السارد في مسرودته القاألشكال التي يظهر به

عمل السارد في القصة القصيرة وأشكال ظهور * -:هذا العمل

ذكرنا فيما سبق إن القصة القصيرة تعلو فيها القيمة التغريبية بناء على طرحها لزمن يقوم وعيه على أساس تخييلي ، في مقابل مساحة الوقائعي في الرواية التي تطرح

التي تجعلنا ا يقوم على وعي مواز للواقع ، وهي السمةزمن –نلتفت إلى وجود فاعل للتخييل في القصة القصيرة، يكون

. السارد –هو نفسه ا في القصة القصيرة عن يبدو عمل السارد أشد ظهور

ا النتقاء باقي األنواع السردية ، فهو ذلك المتدخل دائم .األحداث وترتيبها ، واختزالها لصالح استراتيجيته النصية

ا التدخل يكون لصالح درجة أعمق من كما يبدو إن هذالقصدية ، وهي الدرجة التي نتجت عن سمات القصة

اعتمادها على " عن – كذا –الزمنية ، ونتجت القصيرةوبهذا تضيف .. ا ذاتيحقيقة أن القاص مستقل استقالال

ذلك أن هذه السمة )٥٧(" جديدا اشخصيته إلى المشهد بعد ، بها زمن القصة القصيرة تحتاج إلى التخييلية التي يتمتع

عن العالم الداخلي وجود فاعل للسرد يشترط كونه مستقال وهو األمر الذي يجعلنا ننظر إلى القصة ،للشخصية

القصيرة بوصفها إعادة إنتاج للوقائع التي تحتوى عليها، وذلك بحكم درجة التدخل اللغوي ، والتصرف الزمني التي

وذلك في مقابل النظر إلى الرواية .ا السارد ميتمتع بهبوصفها إعادة تنظيم للحوافز السردية التي تحتوي عليها،

، ومنتجة ، على أساس موازاتها والتي تكون موجودة أصال .للواقع في الغالب

هو منتج جديد – إذن –فالسارد في القصة القصيرة مختلف/لألحداث ، أو بمعنى أدق ، هو منتج إلدراك جديد

إننا ونحن نقرأ " :لهذه األحداث حسبما ينص تودوروفا ا ال ندرك األحداث التي يصفها إدراكا تخييليا أدبيعمل

ا ، ففي الوقت الذي ندرك فيه هذه األحداث ندرك مباشر

ةاردمحمد مصطفى ه / د : ت – عالم القصة –و ت دي فو برنار )٥٧( .٢١٨ ص –

اإلدراك الحاصل عنها لدى – وإن بكيفية مختلفة –ا أيض )٥٨(" الذي يحكيها

ارد بوصفه الصوت األهم في مما يجعلنا ننظر إلى السمعرض إدراكنا للسرد ، ولوال هذا الصوت الختل ذلك

.للوقائع داخل النص السردي ) المنظم ( الوجود المنتظم وبالنسبة للقصة القصيرة ، فإن السارد هو الذي يمنحها السمة التخييلية التي تميزها عن باقي األنواع السردية

داخل مجالها السردي في األخرى ، وذلك عن طريق وجوده .صورة تتميز عن صوره مع باقي األنواع

الذات الفاعلة لهذا التلفظ الذي يمثله " إن السارد هو وهو الذي يجعلنا نرى تسلسل األحداث .. كتاب من الكتب

بعيني هذه الشخصية أو تلك أو بعينه هو ، دون أن يضطر د أهمية الدور وهو األمر الذي يؤك)٥٩(" إلى الظهور أمامنا

الذي يؤديه السارد في منح السرد سماته ، على الرغم من في شكل صوت داخل – في كثير من األحيان –عدم ظهوره

.٥٨ ص – سبق – تزفيتان تودوروف )٥٨( .٦٤ ص – سبق – تودوروف )٥٩(

كل " فاليط إلى اإلقرار بأن برنارالسرد ، ولعل هذا ما دعا روائي يتساءل عن نسبة الذاتية المسموح بها في التعبير عن

ت ذاته المتلفظة على شخصيته الخاصة ، وعن طفو عالما )٦٠(" سطح الملفوظ

وإذا كانت النقطة األهم التي نتصدى لها هنا هي إمكانية ظهور سمات زمنية خاصة بعمل السارد داخل القصة

فإن ما يلفتنا إلى أهميته هو أن للسارد استراتيجياته القصيرةالخاصة التي تنظم عمل السرد وتتحكم في نمط الخطاب

السرد ، وهو ما سنعرض له عند الحديث عن وبنيته داخل .ضمائر السرد وعالقتها بآليات الزمن

غير أن هناك ما يجعلنا نتوقف عند اختالف السارد في فالواقع الذي تمثله قصة " القصة القصيرة، عنه في الرواية ،

بل كلمات ، – ليس من ذرات ، وخاليا –ا قصيرة نجده مكونواقع إلى رموز لغوية أسهمت في إذ قام الراوي بتحويل ال

)٦١(" خلق االنطباع الزائف بوجود وقاع متخيل ، واحتمالي

– وراجع كذلك برنار دي فوتو ١٠٢ ص – سبق – برنار فاليط )٦٠( ٢١٩ ص – سبق –عالم القصة

٢٢٩ ص – سبق – أمبرت انريكي أندرسون )٦١(

وهو ما يطابق مفهومنا عن الزمن التخييلي في القصة . .ا ا استبداليالقصيرة بوصفه زمن

الواقع " ، و " االنطباع الزائف " ولعل في عبارتي ل القيم اإليهامية ما يؤكد هذه الرؤية ، في مقاب" االحتمالي

التحلي بها ، – عن طريق سارده –التي يحاول زمن الرواية وهو ما يردنا إلى فارق مهم بين الرواية والقص ، وهو

على نوعية الدور الذي يؤديه السارد – كذلك –فارق يقوم .في كل منهما وكيفية أدائه له

الحياة " حيث يمكن النظر إلى الرواية بوصفها " أما الحياة المحكية فهي ما يميز القصة القصيرة المعروضة

)٦٢(. ض يعضد الفروق التي والمعر إن الفرق بين المحكي و

ا ، فالمحكي ينطوي على سمات القصدية وذكرناها سلفالتعمدية وهو مما يميز آلية عمل القصة القصيرة، ويمنح

صالحيات أكبر للتدخل فيما يسرده ، – بالتالي –ساردها .بمعنى أدق ليعيد إنتاجه مرة أخرى منذ البداية و

١٧٨ ص – سبق – مشيل رايمون )٦٢(

أما المعروض ، ففيه من الحيادية ما يكفي إلقامة سارد إال بالتنظيم الذي يفرضه عليه – في الغالب –ال يقوم

تعارض خط األحداث الزمني مع خط الكتابة السيال المستمر .إلى األمام لتي ال يتدخل بالصورة ذاتها ا– أي السارد –وهو

وبالتالي فإن سارد القصة –يتدخل بها السارد السابق .القصيرة تعلو درجة تدخله في السرد عن سارد الرواية

بينما الرواية .. تنظيم منطقي وخطابي للماضي " فالقصة وهو األمر )٦٣(" تجري أمامنا دون عرض ودون مواربة

ا ذاالذي يجعل من عمل السارد في القصة القصيرة عنصر أهمية كبرى ، توجب عليه التمتع بقدرات سردية خاصة ،

ا على التحرك داخل مدى زمني أقصر ، ومساحة ليكون قادر .نصية أقل

عنه – أو تمايزه -إن تميز السارد في القصة القصيرة في الرواية يمنحه وضعية خاصة ، كما يجعل من المهم

القصة ا فيا عضويالنظر إلى زمن السارد بوصفه مكون

١٧٩ ص– سبق – ميشيل رايمون )٦٣(

" على العكس من الرواية في معظم أحوالها ، ففي القصيرةيسيطر السارد على مادته ، ويخضعها القصة القصيرة

للترتيب والتنسيق ويجعلها تابعة ألغراضه ، أما في الرواية بتعبير ستاندال – ةمرآفسوف لن يكون هناك سارد ، بل

")٦٤(. د القصة القصيرة ليس فقط تميز سار؛لكن ما يهمنا هنا

عن سارد الرواية ، بل ما ينتج عن ذلك من اضطالع السارد القصصي بمهامه ، وظهور هذه المهام في الحقل الزمني

وهو األمر الذي يردنا إلى وجهة النظر .الذي يتحرك فيه التي يتبناها السارد في القصة القصيرة ودورها في ظهور

.زمانيتها الخاصة

: القصة القصيرة وجهة النظر في *

.ال يمكن تصور سرد بال سارد فالسرد ال بد له من سارد يرى األحداث و يرويها ، و

وجهة نظر السارد هي العالقة " كما يقرر بيرسي لوبوك فإن

١٧٨ - سبق – ميشيل رايمون )٦٤(

إنه .. التي يقوم عن طريقها السارد بتحمل سرد القصة *"يحكيها كما يراها

ذي يقوم بعملية ا من هذه القاعدة فإن السارد الوانطالقا لمدة معينة ، أو السرد البد له من موقع يتخذه ، يكون ثابت

من يتراوح بين الثبات والحركة لتكون له رؤيته وموقعه .ألحداث ا

التي هي –" وجهة النظر " وعلى ذلك يمكن أن تعني في أبسط تعريف لها ، موقع السارد –منسوبة إلى السارد

ويتراوح هذا الموقع في سماته، . ا من األحداث التي يتناولها ، وقد ا أو تقويميا أيديولوجينعد وجهة النظر موقع" فقد

ا زماننعدها موقعا في إحداثية زمانية ومكانية ، وقد ندرسها يمن ناحية خصائصها اإلدراكية ، أو ندرسها في معناها

ه بظاهرة الخطاب شب مثالطاللغوي الخاص ، كأن ترتب أن ، وعلى ذلك يمكن لمفهوم وجهة النظر)٦٥("المباشر

James E Miller:وجهة النظر من كتاب : مقال : بيرسي لوبوك *

: Myth and Method , Modern Theories of Fiction , Universty of Nebraska Press, ١٩٦٠ .

.١٤ ص – سبق – شعرية التأليف – بوريس أوسبنسكي )٦٥(

وقد ، ليشمل الهدف من السرد ، والكيفية التي يقوم بهايتسعيضيق ليعبر عن الموقع الذي تخذه السارد ، زمانيا ، ا ومكاني

أو بالنسبة للشخصية التي يعبر عنها ، بل وموقف السارد " ق فوجهة النظر تتعل. األيديولوجي بالنسبة للشخصية

حدد شروط يبالتقنية المستخدمة لحكي القصة المتخيلة والذي هذه التقنية دون غيرها هو الغاية التي يهدف إليها الكاتب

وهو ما يجعلنا نسلم بأهمية التأثير ، )٦٦(" عبر الراوي الذي تقوم به وجهة النظر على سمات السارد ، ومن ثم على

. فيما يتعلق بالزمن ال سيما ؛عناصر اإلنتاج السردي كافةحيث تعد الكيفية التي يقوم عليها السرد عنصرا فيه ، قد تتعدى أهميتها في بعض األحيان أهمية المحتوى السردي أي األحداث التي ينقلها السرد ، وهو األمر الذي يجعل من

على إعادة إنتاج األحداث المسرودة قائمةبالغة السرد بالغةأصل أي مقطع سردي ما ليس هو " ن ، ، بما يردنا إلى أ

مالحظة الواقع ، بل هو ضرورة تنويع ، وتجاوز الشكل

– النقد األدبـي ورلنص السردي من منظ بنية ا – حميد لحمداني )٦٦(

.٤٦ ص – ١٩٩١ – ١ ط– بيروت –المركز الثقافي العربي

، األمر الذي )٦٧(" األول الذي منح لإلنسان عن ذلك الواقع ا لالعتقاد باقتراب القصة القصيرة من نمط يكون مسوغ

صفاء النسق السردي ، على أساس أن تدخل السارد فيها ، بما يتيح له التعبير عن سمات يكون بالدرجة الكبرى

.في كافة مناحيها ) السرد(ا للوهلة مرتبط– إذن –يبدو مصطلح القصة القصيرة

غير إننا لسنا " األولى بالعين والمكان ، بسبب أصل وضعه ا في في معرض العين الفعلية ، كما أن المكان ليس إال زمان

من –لسرد ا ا خصوص– حيث األدب )٦٨(" الميدان األدبي زمني من الطراز األول ، وهو األمر الذي يجعل من

صطالح مسألة على درجة من االستخدام المجازي لال .األهمية

عني بها موقع الراوي من ن ، ووإذا كانت وجهة النظر األحداث ، فإن تخيل األحداث في نقاط زمنية متعاقبة على

ذا الموقع خط الزمن يجعل من اليسير علينا تقبل فكرة أن ه

.٣٣ ص – سبق – روالن بارت )٦٧( .١٠٢ ص – سبق – أمبرت أندرسون ينريكإ )٦٨(

–ا إال نادر–زماني في األساس ، بل قد ال تكون له عالقة )٦٩(.بالمكان

ولعل في التعبير اللغوي عن السرد ما يعضد هذه الفكرة ، خاصة إذا الحظنا أزمنة األفعال التي تتوافر داخل النص السردي ، من حيث تحديدها لموقع السارد بالنسبة إلى

.ا نياألحداث التي يسردها زم آلية لوعي السارد بما يسرده ، – إذن –إن وجهة النظر

وتعبيره عنه ، وهي آلية زمنية في المقام األول ، من حيث إسهامها في منح السرد خطابه المتميز ، وهي

دليل على أهمية عنصر الزمن بالنسبة للسرد ، – بالتالي – وال سيما القصة القصيرة

راجع مدخل الدراسة ، حيث النظر إلى الزمان بوصفه تعاقبا من )٦٩(

قرين لمتابعة أحداث مختلفة وحيث اإلحساس بمرور الزمن . األحداث .متعاقبة

لنظر في القصة السمات الزمنية لوجهة ا* : القصيرة

من أهم سمات القصة القصيرة ، محاولتها الدائمة – كذلك –الختزال خطابها ، األمر الذي يؤثر في محاولتها

الختزال كل عناصرها ، مما يجعل من وجود عناصر هامشية بداخلها أمرا ، ولذلك، فإن الشخصيات التي ا نادر

ت مؤثرة ، أو يجب هي شخصيا توجد داخل القصة القصيرةأن تكون كذلك ، بصورة عضوية في الخطاب الذي تحاول

.القصة أن تتمثله وكذلك فإن األحداث التي توجد داخل القصة القصيرة

ن بنية كلية مترابطة هي أحداث منتقاة لتكو. ويمكننا هنا أن نرى السمات التي يمكن أن تمتاز بها

على ما يرة بناءوجهة النظر المستخدمة في القصة القص . بوجهة النظر الروائية سلف ، مقارنة

ا ما كانت النتيجة ، فإنه يجب التأكيد على عمومية وأيهذه السمات التي تكون األغلب من النصوص القصصية أو

وأن هذه السمات يمكنها أن تتحقق ، أو ال تتحقق ،الروائية

ذي يمكن أن بدرجات متفاوتة ، غير إنها تمثل النموذج ال–تقاس عليه النصوص القصصية ، حيث ال يمكن الخروج

.بصورة نهائية قابلة للتحقق على الدوامإذا كانت القصة القصيرة تتميز بقلة عدد الشخصيات ،

–كما سبق ، فإن أهم ما يميزها هو وجود شخصية واحدة في دائرة االهتمام ، وهي ما يقع عليها تبئير السارد –ا دائم .

ا لذلك تبع وبالتالي فإن من أهم مميزات القصة القصيرة)٧٠( إلى حد –هو أحادية وجهة النظر ، تلك األحادية التي تسهم

في غيبة الموضوعية عن السارد ، فإذا كانت القصة –كبير تتسم باإليجاز ، فإن تنوع النغمات أقل عنه في الرواية ،

ما نرى حاالت ـا أحيان–ومع ذلك ففي القصة القصيرة وهو ما يؤدي إلى كون وجهة النظر )٧١(" تعدد النغمات

ة حياة أو سيرة ذاتية ، قص يخرج من ذلك الروايات التي تروى )٧٠(

، وكذلك بعض القصص فهي تتشابه في هذه السمة مع القصة القصيرة وإن كـان فـي ، التي تكون مادتها السردية حول مجموعة معزولـة الوحـدة –الواحـدة اإلمكان اعتبار هذه المجموعة بمثابة الشخصـية

. كذلك –الواحدة .١١٧ ص – سبق –نريكي أندرسون إ )٧١(

في القصة القصيرة خارجة من منظور واحد ، هو في الغالب ا بهذه الشخصية خاص بشخصية واحدة ، ويكون إما ملتصق

من الداخل ، حيث تروي الشخصية عن نفسها مستخدمة من الخارج ا بهاأو أن يكون ملتصق ،" أنا"الضمير السردي

ا الضمير السردي حين يروي السارد العليم عنها مستخدم "أو حين تروي إحدى الشخصيات في القصة عن ، " هو

أنا أحكي بوصفي " الشخصية الرئيسية مستخدمة أسلوب ا مشاهد. "

ويتيح هذا االلتصاق بالشخصية الرئيسية أن نرى ما يتم –ا غالب–األحداث من موقع شخصية واحدة ، حيث

ا من لحظة واحدة ثابتة ترى كل األحداث السرد عنها انطالق .من خاللها

ا أن يغير مواقعه مستعير" وإذا كان الراوي يستطيع المشهد الزماني من أول شخصية ثم من أخرى أو يتبنى موقعه الزمني الخاص فيستخدم زمنه التأليفي الخاص الذي

الفردي عند أي من قد ال يتطابق مع اإلحساس بالزمن تتحدد درجة تعقيد البنية التأليفية للعمل ) حيث ( الشخصيات

بأنواع التآليف المختلفة بين المواقع الزمنية للشخصيات

فإن مسألة تبني زمن خاص بإحدى )٧٢(" وزمن المؤلف .ا بالقصة القصيرة الشخصيات تبدو أشد لصوق

عددة في ومن ناحية أخرى فإن تبني أزمنة شخصيات مت .الرواية هو ما يسهم في درجة تعقد بنية السرد فيها

كما يمكن النظر إلى القصة القصيرة بوصفها الفن وهي قاعدة ( السردي الذي يتم فيه تبني زمن شخصية وحيدة

، وهنا يبدو عامل الزمن في السرد من أهم ) ذات شواذ ا إلى دالعوامل التي تحدد درجة تعقد البنية السردية ، استنا

تحقق هذا الزمن في وجهة النظر السردية ، كما أنه يحدد مستويات هذا التعقد بما يتيح النظر إلى فنون السرد المختلفة

غير إنه ال يكون العامل األوحد ، كما ، على هذا األساس م إليه ضتوحي عبارة بوريس أوسبنسكي السابقة ، بل تن

الشخصيات ، عوامل أخرى مثل بنى األحداث ، وتعقداتوهي أمور تظهر عبر الكيفية التي ينقل بها السارد سرده

.عبر وجهة نظره

.٧٧ ص – سبق – بوريس أوسبنسكي )٧٢(

وعلى هذا األساس يمكن عقد مقارنة مبسطة بين الرواية .والقصة القصيرة

فإذا كانت الرؤية في الرواية بانورامية ، متعددة النغمات بما يساير مساحتها الواسعة، ومدى زمنها األطول ،

.قق درجة من التعقد القائم على هذا التنوع وبما يحفإن وجهة النظر في القصة القصيرة أحادية النغمة ،

ا للمناطق التي تركز عليها ، بما يساير مساحتها وأكثر تحديداألقل ومداها األضيق ، وبما يحقق درجة من التعقد قائمة على صفاء نسقها السردي ، والرغبة في التعبير عن خطابها

.قل قدر ممكن من الكلمات بأوتؤدي سمة األحادية تلك إلى خلق سارد أقل موضوعية

أو -فهو سارد يمتاز بانحيازه الظاهر . في القصة القصيرةوهو ينقل رؤية هذه . إلى شخصيته –الخفي في أحيان كثيرة

. الشخصية لألحداث ، دون رؤى غيرها من الشخصيات الذي يقلم أظافره في اإلله( حتى وإن بالغ في تمثيل دور

حسب تعبير جيمس ) صمت وال مباالة

عن السارد المحايد العليم ببواطن األمور ، فإن )٧٣(جويس لرؤية شخصية وحيدة ، بما ينفي عنه سمة الحياد يبقى ناقال

ذاتية من حيث " ذاتية الحكي " الكامل ، ويقترب به من دائرة حيث إسباغه لخطابه هو منو..التصاقه بشخصية واحدة ،

على هذه الرؤية بما يقترب بها من دائرة الغنائية التي تمتاز .ا عن الرواية تحديد بها القصة القصيرة

وهي السمة التي تسبغ على وجهة النظر في القصة القصيرة سمة سكونية ، إذا ما قيست بالزمن الحقيقي ،

طول المدى مهما كان طولها ، و–بمعنى أن القصة القصيرة تبقى لحظة مقتطعة من زمان مستمر –الزمني الذي تعالجه

يتم – التي تمثلها القصة القصيرة – اللحظة ذه، سيال ، وهالنظر إليها من موقع واحد ، هو الذي يتم تمثله في الخطاب القصصي ، مما يجعل من ثبات هذه اللحظة ، وسكونها

ا يساير ما طرحناه من ا حتميمرأ خارجها وبالنسبة إلى ما ه

نظرية السرد : ضمن كتاب –المسافة ووجهة النظر : بوث وين )٧٣(

منشـورات –نـاجي مصـطفى : ت –من وجهة النظر إلى التبئير .٤١ ص – ١٩٨٩ – ١ ط– الجزائر –الحوار األكاديمي الجامعي

على الرغم . قبل عن أنها كالمقطع العرضي تحت المجهر .من أنها في داخلها قد تموج بالحركة

وذلك على العكس من الرواية التي هي جزء من خط ما تكون منفتحة على –ا غالب–الزمان المفتوح ، فالرواية

نإنها جزء م. أزمنة مضت قبلها وأخرى ستأتي بعدها –ركة الزمن وأحداثه ، ووجهة النظر التي تعالجها تتحرك ح

. باضطراد مع حركة أحداثها –في الغالب إن الثبات في وجهة النظر المعالجة للقصة القصيرة ناتج بالضرورة عن سمة األحادية في وجهة النظر داخلها ،

إال في –ا وال يمكنه االنسحاب ا مطلقوهو بالتالي ليس ثبات . على أحداث القصة ورؤى شخصياتها –اصة حاالت خ

ومن هنا يمكن اإلقرار بأهمية وجهة النظر في إسباغ سمات زمنية تتعلق بالثبات والحركة على النص السردي القصصي ، من

.حيث طبيعته ، ورؤيته ، وخطابه ، ولغته

ختــام *

-: الزمن محدد نوعي للقصة القصيرة

وى في التأثير على أهميته القص– إذن –للزمن السمات المميزة للقصة القصيرة ، وقد ال نغالي إذا سلمنا بأنه

عن أحد أهم العوامل التي تبرز اختالفات القصة القصيرةوذلك من حيث امتياز ، باقي أخواتها من األنواع السردية

بسمة صفاء – دون غيرها من السرديات –القصة القصيرة ا بتعامل مع عناصره ا سرديا نوعالنسق التي تؤدي إلى كونه

بنوع من اإليجاز والتكثيف اللذين يقتربان به من دائرة الفنون .الشعرية

وهو األمر الذي يؤدي إلى كون القصة القصيرة تعالج أقصر في المدى ؛ - من حيث الكم –ا ما هو أقل دائم

الزمني ، وأضيق من حيث المساحة النصية ، وأقل في عدد .ات وكم األحداث الشخصي

إنها اللحظة التي تظهر رؤيتها معالجة في ما يشبه طلقة وما يشبه ،الرصاص ، من حيث فجائيتها وأثرها األعلى

الجملة الواحدة من حيث شدة تماسك بنيتها ، تلك الشدة ا على قصرها القائمة أساس.

وهي األمور التي تجعل من أحادية النغمة والصوت ، .سمات لها ما يبررها داخل النص القصصي ووجهة النظر

إن السمات السابقة تجعلنا ننظر إلى رؤية القصة من العوامل المؤدية بوصفها للزمن ومعالجتها له القصيرة

عن الرواية ، ومن ثم ، – ولو بصورة نسبية –إلى استقاللها على مستوى األداء اإلبداعي ، و . عن باقي الفنون السردية

.لنظرية الرؤية اعي أن االهتمام بهذه النقطة يمكن أن وبذلك يمكن أن ندمن شوائب الهيمنة الروائية ، السيما يخلص القصة القصيرة

على المستوى –ا نسبي– ا مستقالوقد باتت القصة القصيرة فناإلبداعي مما أدى إلى وجود احتياج للتعامل معها على هذا

–ه ، إذا تم تطوير هذه الفكرة األساس ، وهو ما يمكن حدوث . وتعميمها على باقي عناصر السرد –التي ننطلق منها هنا

غير إنه تبقى للزمن أهميته الخاصة في هذا المجال كما .ألمحنا من قبل

فالقصة القصيرة تتعامل مع العديد من األزمنة ، الموجود منها بذاته ، والمبتدع داخلها، الحقيقي منها ،

غير إنها تبقي لنفسها في . إن صح التعبير –ي والمجازإطار هذه التعامالت رؤية تختص هي بها ، وهي الرؤية

.التي تتأثر ، وتؤثر في سماتها

زمن السارد ، وزمن : كما يؤثر تداخل هذه األزمنة الحدث ، وزمن الشخصيات الداخلي ، وكذا ، زمن القراءة ،

. لقصيرة والرواية على وجود مناطق تقاطع بين القصة افي –ا إلى حد كبير وهي المناطق التي يبدو فيها التشابه ملبس

.بعض األحيان غير إن التعامل الفعلي للقصة القصيرة مع هذه األزمنة

؛ا لها في ذاتهيجعل من تأويل هذه التقاطعات أمرا مميز ا إذا تم النظر إليها داخل إطار تعامل القصة خصوص

وهو األمر الذي تحاول هذه . باقي عناصرها القصيرة مع لنفسها أمثلة للتطبيق واستكمال الدراسة الوقوف عليه متخذة

.الرؤية النظرية ، من القصص المصرية في الستينيات وإذا كان النظر إلى الزمن الواقعي يتم من خالل األثر

الرجوع إلى مدخل بالذي يحدثه هذا الزمن على الوعي ، ف : سنرى أن هذا األثر يتم على مستويين الدراسة

الترتيب الزمني لألحداث ، وهو ما يقسمها إلى : األول .الماضي والحاضر والمستقل : ثالثة أقسام رئيسية

انعكاس لسرعة تواتر هذه األحداث على الوعي : الثاني .، وهو ما يسمى باإليقاع

إلى التي ستبدأ اآلن في النظر –ولذلك فإن الدارسة ا تبع– سوف تنقسم –آليات البناء الزمني في القصة القصيرة

بالضرورة إلى قسمين يعالج األول منهما اآلليات –لذلك علقة بالترتيب الزمني لألحداث ، وتداخالت هذا الترتيب ، تالمويعالج ، داخل النص القصصي –ا أحيان– انتظامه موعد

لين عن أثر فاغ غير ،يقاع القسم الثاني اآلليات المتعلقة باإل على باقي العناصر والمكونات – في القسمين –هذه اآلليات

.في القصة القصيرة

الفصل الثانيא א א

:تأسيسا بوصفه فن– بوجه عام –يمكن النظر إلى السرد

استعاديعلى استرجاع منظومة من األحداث ، اا ، يقوم أساس كان مظهر هذا السارد ا أي،سترجاع الذي يؤديه سارد هذا اال

داخل نصه ، هذا السارد الذي يؤدي دوره المهم في رؤية ا هذه األحداث بصورة تتعدى شكلها المتتابع كرونولوجي.

–ن النقطة األكثر أهمية في هذا المقام إن السارد إغير ها على عندما يقوم بعملية السرد فإنه يبني–بطبيعة الحال

عملية استرجاع للقصة كاملة ، ومن ثم يقوم بذلك النوع من في السرد القصصي " ومن هنا يمكن اإلقرار بأنه . االنتقاء

، وهو ما يمكن )١(" ال شئ موجود في الزمن من الحاضر االستناد إليه عند النظر إلى أي فن سردي ، حيث يؤدي ذلك

ر "ا إلى اعتبار آلية االسترجاع أساسفي عملية السرد " ا ؤيوي وجود السارد في نقطة حاضر –ا دائم–، ولنا أن نتصور

وأن نظرة هذا ، ة الكتابة حظ لحاضر المتلقي ، أو للمواز

القصة القصيرة النظرية و التقنية ـ سبق :ندرسونأنريكي إ )١(

.٢٧٣ص ـ

السارد إلى األحداث التي يتصدى لسردها تكون بوصفها وحيث إنه ال شئ . ن وعيه االفتراضي ا من ماض يكوجزء

فإن استحضار هذا الماضي ال في السرد موجود في الحاضر بل إنه يعني العودة إلى ذلك الماضي ،لبه للحاضرجيعني

)٢(على حد تعبير كولن ولسن .

سرد يلي " فون السرد الالحق بأنه وإذا كان النقاد يعربحيث يصير )٣( " سردية تالية –المواقف والوقائع المسرودة

ن الواقع إن أي من عدة أنماط سردية ، فإاهذا النمط واحدسرد يقوم على الحقية عملية السرد بالنسبة للمسرود ، حتى ولو لم يظهر ذلك في تقنيات بناء هذا السرد وهو األمر الذي

سمة " ا ، فهو جعل من هذا النمط أهم األنماط السردية عمومفي المتن الروائي " ، و )٤(" للكثير من أنواع السرد " ا بالنسبة للقصة المسرودة ا الحقمالكالسيكي يكون السرد دائ

من كتاب فكرة الزمان عبر التـاريخ ـ سـبق : كولن ولسن)٢(

.٣٠٦ص .٢٢٥ص سبق ـ -المصطلح السردي : جيرالد برنس)٣( .٢٢٥ص السابق ـ : جيرالد برنس )٤(

" واالس مارتن إلى تعريف السرد بأنه ا ، وهو ما دع)٥(على نحو ال يمكن إنكاره حركة في اتجاه ماض صرف قد

)٦( " شئ فعاللحدث فيه كغير إن دور االسترجاع ال يتوقف عند هذا الحد الخارجي من عملية السرد ، الذي يقوم فيه بتكوين أساس العالقة بين السارد ومسرودته ، بل إنه يسهم

في بناء السرد وزمنه الداخلي ، حيث إن لالسترجاع – كذا – في – متضافرا مع العديد من اآلليات األخرى –دوره المهم

تكوين البنية السردية ، ويقوم دور االسترجاع على إمكانية ي تنتج عن حل اإلشكالية الناجمة عن تلك الثنائية الزمنية الت

تداخل عالمي السارد والمسرود عند لحظة السرد ، وعن رصد السارد لألحداث من وجهة نظر تتمظهر في نقطة ثابتة

ا من أهم آليات ، حيث يؤدي ذلك إلى كون االسترجاع واحدل السارد إلعادة الترتيب الزمني للوقائع داخل وصور تدخ

ص الروائي تقنيات و مناهج ـ سبق ـ النص : برنار فاليط)٥(٧٨.

وكـذا ،١٤٣ص -نظريات السرد الحديثة : واالس مارتن )٦( .٩٥واالس مارتن ص

آليات واحدا من ه السرد ، وبذا ينتقل دور االسترجاع من كونحيث يمكن تعريف . ا للسرد اإلنتاج السردي إلى كونه مكون

مفارقة زمنية تعيدنا إلى الماضي بالنسبة " االسترجاع بأنه ة الراهنة ، استعادة لواقعة أو وقائع حدثت قبل اللحظة حظلل

الراهنة أو اللحظة التي يتوقف فيها القص الزمني لمسافة من وإذا كان من ،)٧(" طاق لعملية االسترجاع األحداث ليدع الن

و ، خام /الممكن أن نميز بين القصة بوصفها مادة أولية ا ، فإنه من الممكن ا جمالي فني الحكاية باعتباره بناء /الخطاب

كذلك التمييز بين دور االسترجاع على مستوى استعادة عادة الحكاية ، ودوره في بناء الخطاب الجمالي الناتج عن إ

.تشكيل هذه الحكاية هذا " الخطاب كما يقرر جينيت هو /إن زمن الحكاية

، وسمة )٨("الزمن الزائف الذي يقوم مقام زمن حقيقي الزيف هنا تنتج عن تلك التدخالت التي يقوم بها السارد

.٢٥ص سبق ـ : جيرالد برنس )٧( .٤٦ص ـ سبق ـ خطاب الحكاية: جيرار جينيت)٨(

للتعديل أو التغيير في كل من ترتيب وإيقاع ورود األحداث التدخالت التي تجعل للسارد داخل المنظومة السردية ، وهي

وظيفة تتعدى وظيفة العارض لألحداث ، وتمنحه سمات وهو ، تجعل منه منتجا لخطاب جمالي وأيديولوجي وتفسيري

بما في " إعادة التصوير" األمر الذي يدعوه واالس مارتن ذلك من خروج على فكرة العرض المحايد لألحداث كما

حدث متتبعين الخطوط نسترجع ما" حيث ؛ وقعت بالفعل النتيجة مكتشفين أسباب فشل الخطط وكيفية التي أدت إلى

تدخل القوى الدخيلة ، وكيف أدت األفعال الناجحة إلى نتائج وهو األمر الذي يمنح النص السردي ،)٩(" غير متوقعة

في - فرادته من حيث تكوينه لزمانيته الخاصة المعتمدة والتي ينتج ، يستخدمها السارد على اآلليات التي -األساس

عنها مفارقة زمن النص السردي لزمن القصة بوصفها زمن النص " ة ، وهو األمر الذي يجعل من ثيمنظومة حد بنظامه الداخلي ، يعتمد مفارقات اا مرتبطلييا تخيالداخلي زمن

يعرفه الزمن الفيزيائي المكون ذيلازمنية تخلخل ذلك التتابع

.٩٨ ص -سبق : واالس مارتن)٩(

– مستقبل إال أن هذا الترتيب يعرف –ضر حا–من ماض .)١٠("اا متقطعزياحات عديدة ليصبح زمننداخل النص ا

ا على وهو األمر الذي يظهر في أغلب األحيان اعتماد تقوم بأدوار مهمة –ا كما ذكرنا سلفـ آلية االسترجاع التي

.في التخلص من إشكاليات عملية السرد

ة وخطية الدال سردية األحداث المتزامن* -:اللساني

تظهر إشكالية خطية الدال اللساني بوصفها إحدى أهم المشكالت التي تواجه السارد ، من حيث وجوب التعاقب بين الكلمات في النص القصصي ، على الرغم من أنه يضطر

خطوط متوازية فيفي بعض األحيان إلى سرد أحداث ت تودوروف إلى تحاول أن تتغلب على تلك الخطية التي دع

اعتبارها أهم مشكلة من مشكالت تقديم الزمن داخل السرد

.٧،٨ص -سبق : سعيد أبو عيطه / د )١٠(

زمانية عدم التشابه بين زمانية القصة و" التي تعود إلى فزمن الخطاب هو بمعنى من المعاني زمن خطي ،الخطاب

لكن . )١١(" في حين إن زمن القصة هو زمن متعدد األبعاد توازية التي أشرنا إليها الخطاب ال يمكنه تقديم السالسل الم

السرد يقوم و لذلك فإن ، ذاتها من قبل على صورة التوزايا ظهورها ، ترتيببترتيبها ، أو باألحرى ، إعادة ترتيب

ا لكي يأتي الحدث تلو الحدث ، عن طريق إيقاف متتاليالتتالي الطبيعي لألحداث ، وهنا يتم األمر عن طريق البدء

يظهر دور –ايته، ثم العودة حدث ثم تتبعه إلى نهب .االسترجاع إلى بداية حدث آخر متزامن ، وهكذا

وبهذا فإن خطية الدال اللساني الذي هو عبارة عن تعاقب مستمر من الكلمات والجمل ، وما ينتج عنها معوقات للسارد في رصد األحداث المتزامنة ووضعها على ذات الخط

رد سسترجاع في الالمتعاقب ، هي أولى محفزات ظهور اال حل ال يهدف ا لمعضلة سردية ، وهو ناجحبوصفها حال

.٥٥ ص -سبق : تودوروف)١١(

فال ينبغي " أساسا إلى خلق تصور مثالي عن تتابع األحداث االعتقاد بأن القصة تعني ترتيبا مثاليا ، فيكفي أن يوجد ا زمني

أكثر من شخص واحد حتى يصبح هذا الترتيب المثالي أبعد .)١٢(" يعية ما يكون عن القصة الطب

إن هذا الترتيب يتضمن بالضرورة موقف السارد من

وهذا الموقف هو ما يعبر عنه واالس . توارد األحداث ، مارتن بالفكرة المركزية بوصفها مقوما مستقرا في السرد

بطريقة تقوم " حين تتراكم عناصر مثل الشخصية والمحيط ال –به اللغة والتأخير الضروري الذي تسب.. على اإلضافة

هو ما يجعلها منتشرة عبر زمن القراءة بدال من –غير .)١٣("تقديمها في لحظة

أكثر من وبذلك يتم استخدام االسترجاع ألهداف تعدو

مجرد حل مشكلة التعارض بين تزامن األحداث وخطية اللغة

.٤٢ ص - سبق: تودوروف )١٢( .١٦٧ص -سبق : واالس مارتن )١٣(

من أجل الحصول على خطاب -كذلك –، فهو يستخدم ية السارد عند تنظيم الحوافز سردي أشد تعبيرا عن رؤ

السردية بتقديم بعضها وتأخير البعض اآلخر بما يخدم الهدف وهو األمر الذي يظهر في ، النهائي الذي يسعى إليه السارد

ليست مجرد سلسلة من " شكري عياد للعقدة بأنها / تعريف د م القاص في ترتيب عرضها الحوادث ولكنها حوادث تحك

.)١٤(" ا ا معينعينة أو موضوعبحيث تبرز فكرة م سردية وهو ما يؤكد أن وجود االسترجاع بوصفه أداة

يمنح السارد إمكانات تعبيرية تساعده على منح منظومته السردية من السمات ما يخرجها عن كونها مجرد عرض

لقارئ مجموعة امحايد لمجموعة من األحداث ، كما أنه يمنح منقلة " ى مدار عملية القراءة من الرؤى المتغيرة دوما عل

، ٨٤ – القصة القصيرة في مصـر : شكري عياد )١٤(

– سبق – شعرية التأليف –يوريس أو سبنسكي : وانظر كذلك حيث يقرر إن للمنظور الزماني دوره في التقييم األيـديولوجي

٧٩ ص –للسارد

زمنية إلى الوراء في القصة يمكنها أن تغير فهمنا لحدث يقع بعد ذلك في التسلسل الزمني للقصة ، ولكننا نعلمه بوصفنا

كما يرسخ االسترجاع تحديدا لفكرة . )١٥(" قراء للنص تقطع الزمن السردي في مقابل استمرارية الزمن الطبيعي ،

لراوي واستراتيجياته في استخدام هذه األداة وندى تحكم االماضي ال يمكن استرجاعه في الحياة " السردية حيث إنه

فمهما عدنا إلى الوراء بحثا عن سابقة من السوابق تخلف تلك السابقة تنتظرنا أخرى وأخرى وأخرى أما في القصة

.)١٦(" فالراوي هو الذي يقرر ما هي السابقة النهائية

جاع وأنواعه في القصة القصيرة االستر المصرية في الستينات

واحدا من أهم اآلليات – كما أشرنا –مثل االسترجاع السردية التي ظهرت في األنواع السردية كافة ، سواء على

٨٦ ص – الفن الروائي – ديفيد لودج )١٥( ص – سبق – القصة القصيرة – انريكي أندرسون امبرتور )١٦(٢٨٦

دون النظر إلى اإليهام –مستوى استرجاع القصة كلها أو على –بموازاة الحاضر الزائفة في بعض النصوص

ة ترتيب األحداث وفق موقف يتخذه السارد يتبناه مستوى إعاد .في خطابه النهائي

وباالستناد إلى تكلم الرؤية يمكن النظر إلى أنواع االسترجاع ، والطرق التي يظهر بها داخل القصة القصيرة ، وما تختص به القصة القصيرة دون غيرها من األنواع

نماذج من السردية في تعاملها مع االسترجاع بالنظر إلى .القصة القصيرة المصرية في الستينات

أنواع االسترجاعيعتمد التقسيم األول من أقسام االسترجاع على النظر إلى األساس الحكائي للقصة ، على المستوى األول من الحكاية ، وهي الحكاية التي يمكن عن طريقها تحديد الفضاء

طة بداية الزمني و المكاني للنص السردي ، حيث تتحدد نق .ونقطة نهاية

وعلى هذا األساس يرى جيرار جينت أن لكل استرجاع أي {. سعة ، وأن هذه السعة تحتكم إلى سعة الحكاية األولى

، )١٧(} تلك السعة المحدودة ببداية الحكاية األولى ونهايتها أن نقسم االسترجاعات السردية وهو ما يمكن عن طريقه

:إلى : استرجاع خارجي *

وهو ذلك النوع من االسترجاع الذي يعالج أحداثا تنتظم في سلسلة سردية تبدأ وتنتهي قبل نقطة البداية المفترضة للحكاية األولى وإذا كان جينت يحدد وظيفة االسترجاعات

إكمال الحكاية األولى عن طريق " الخارجية الوحيدة هي األمر وهو )١٨(" تنوير القارئ بخصوص هذه السابقة أو تلك

الذي سيسهم في فرض منطق زمني مخالف للمنطق الزمني التصاعدي ، غير إن هذا التحديد الذي قام به جينيت لوظيفة االسترجاع الخارجي يبدأ وأمرا تعسفيا ، حيث إن افتراض جينيت لهذه الوظيفة أنها هي الوظيفة الوحيدة يجعل من

مرحليا ، وهو الحكاية األولى كال ال يمكن تجزئته أو تغييره األمر الذي يمكن انتفاؤه بالنظر إلى طريقة معالجة

٦٠ ص - سبق - جينت - خطاب الحكاية - راجع )١٧( ٦١ ص – خطاب الحكاية – جيرار جينت )١٨(

االسترجاع الخارجي في القصة القصيرة ، وهو ما يؤكد عن طريق االنتقال الزمني " ديفيد لودج عندما يؤكد إنه

يتجنب السرد تصوير الحياة كمجرد شئ يقع يتبعه شئ آخر عن طريق ويسمح لنا بالربط بين أحداث منفصلة متباعدة–

.)١٩(" السببية والسخرية غير إنه من المهم مالحظة إن تحديد جنيت لوظيفة

حسب تعبيره – وهي – وحيدة لالسترجاع الخارجي –واحدة إكمال الحكاية األولى وتنوير مناطق مظلمة بها، –السابق

من – في األساس –يبدو له عالقة بحديثة الذي ينطلق ة ، حيث االمتداد الزمني الواسع ، معالجة الزمن في الرواي

والمساحة النصية الكبيرة التي تجعل من أي استخدام زمني وسيلة لصناعة حكاية واحدة أولى ، واستكمالها ، حكاية واضحة و متسقة ، وبهذا تضيق فرص استخدام االسترجاع الخارجي في الرواية ، ووظائفه كذلك ، فكل شئ موجود

.ه الروائي داخل المدى الذي يعالج

٨٦ سبق ص – الفن الروائي – ديفيد لودج )١٩(

فارق جوهري بين – كذلك –وهو ما يتضح معه الرواية والقصة القصيرة ، فالقصة تستخدم االسترجاع الخارجي من أجل إثراء اللحظة القصصية بكل ما قد يكون سابقا عليها ، بما يصنع رؤية راسية غاليا ما تبدو سكونية

ردي على الرغم من حركتها الظاهرة على مستوى التتابع السفي حين أن الرواية تهدف إلى صناعة خط حدثي حركي .

لحيز الزماني الواسع الذي يمثل حكاية متصاعدة تمأل ا .تعالجه

ولذلك فإن االسترجاع الخارجي سيظهر في الرواية غاليا ، بالصورة التي تخدم هذه الحكاية وتنيرها ، وسيتراجع

هدف تنوير هذا الدور في القصة القصيرة إلى مرتبة تالية لالشخصية ، وإثراء اللحظة القصصية ، والمساهمة في التبئير على أسباب تحول الشخصيات وأهدافها ، وربما لهذا

سيظهر لالسترجاع دورة الفعال ، – كذلك –األسباب والعضوي ، في القصة القصيرة ، بصورة أوضح منها في

تمثل " لتي الرواية ، وذلك اعتبارا للطبيعة التاريخية للرواية ا في حين إن القصة القصيرة إنما تمثل –عصرا وبيئة

إن فنان الرواية فيه شئ من الباحث .. حساسية كاتبها

االجتماعي ومن المؤرخ ومن عالم النفس وأو من هؤالء ، أما كاتب القصة القصيرة فقوة الشعر وقوة . . . جميعا

د الفردية ، اإلحساس بالدراما هي أظهر ما فيه ، إنه فنان شدي تلك )٢٠("ولهذا فإن ينظر إلى الحياة دائما من زاوية خاصة

الزاوية الخاصة التابعة من االهتمام باللحظة القصصية بوصفها المجال الحيوي الذي تتحرك فيه الشخصية ، التي تعد هدفا أساسيا للقصة القصيرة ، وهو ما يردنا إلى اعتبار

ذات دور داللي ، في شكري عياد للشخصية القصصية أنهامقابل الدور الوظيفي الذي تؤديه الشخصية الروائية ، وما يتعلق بهذين الدورين من أدوار مشابهة لالسترجاع الداخلي

.في كل منها التي ) اإلضافية ( ومن هنا يمكن مالحظة الوظائف

يؤديها االسترجاع الخارجي في القصة القصيرة على النحو :التالي

٤٨ ص – سبق – في مصر القصة القصيرة– شكري عياد )٢٠(

: مجرى الحدث منذ نقطة االسترجاع تحويل-١ عامال مهما – إذن –يبدو التحديد الزمني لبداية القصة

في تحديد نوع االسترجاع الخارجي ، وهو ما يمكن رؤيته من –ليحيى الطاهر عبد اهللا ) حصار طروادة ( في قصة

: " حيث يقول في بدايتها –مجموعة جبل الشاي األخضر ت حزينا وكان الصحف الثالث ترحب كنا صباح األحد ، وكن

. )٢١(" مقدم الربيع لقد تحددت اللحظة التي يبدأ بها السارد سرده بصباح يوم األحد الذي يأتي في مقدم الربيع ، والفضاء الزمني للقصة كلها ال يتعدى عدة ساعات من هذا الصباح حيث

صديقته بصحبة آخرين ، ويشعر – السارد –يقابل البطل بغربة شديدة ، وانفصال عن عالمهم ، – جميعا –هم حيال

في الثالث األخير ، وإمعانا في االنفصال –ولغتهم ، غير إنه

الكتابات – يحيى الطاهر عبد اهللا – حصار طروادة )٢١(-١٩٩٤– القـاهرة – دار المستقبل العربي – ٢ ط –الكاملة

٢٩ص

قلت : " يأتي استرجاعه لحلمه الذي قد حلمه باألمس أنني –لها إنني أعرف مكانا أفضل ، وأناسا أفضل ، وأنني حلمت

، وكنت كنت أجلس فوق ذؤابة جبل إيدا: ( باألمس أنني تجلسين فوق ذؤابة بيرجاموس و حملت أرتميس ربة الريح

حديثنا ، وأعطتنا نسائم عطرية فالتقينا تحت صفصافة –زوس الشهيرة وكنت تلبسين ثوب باليه طرزته أثينا ذات العنين النجالوين ، وظللنا نرقص على أنغام أبولون ،وكان

بشر بوسيدون رب البحر يقذف بالحصى واألحجار من ال وأشرت إلى شبيه فؤاد –بشر من هذا النوع ) تحت أقدامنا

.)٢٢(" المهندس تتجلى أهمية هذه الفقرة في تحديدها لسعة االسترجاع

مجاال – باألمس –الذي يقوم به البطل السارد حيث يحدد زمنيا لحدوثه ، كما تبدو في استعادة هذا الحلم دواعي غربته

الذي يرى فيه أناسا سطحيين – المحبط–عن واقعة المحيط

٣١ ص – المصدر نفسه – يحيى الطاهر عبد اهللا )٢٢(

هم الذين لديهم الحس االجتماعي للتواصل مع بعضهم .البعض

يعبر بصورة – بتكوينه االسطوري –إن هذا الحلم واضحة عن مدى اغتراب هذا البطل أغترابا نابعا من داخله ومن رفضه للتواصل مع عالم ال يتعدى السطح ، ورؤيته

صفه داعيا لتعاليه على هؤالء بو– كذلك –لهذا االغتراب البشر األحجار الذي يقذف بهم بوسيدون تحت أقدامه في

.الحلم ، أولئك البشر الذين يشبهون صديق رفيقته خارجا بوظيفته – إذن –يبدو االسترجاع هنا

األسطورية الجمالية عن مجرد تنوير المناطق المظلمة في وين االسطوري فالتك– كما أشار جينت –الحكاية األولى

للحكم ال ينير تلك المناطق بقدر ما يؤكد غربة مترسخة وحزنا دفينا ، ظاهرين منذ بداية النص ، كما أن االسترجاع بوجوده في هذه المنطقة من النص القصصي ، قد أسهم

. بصورة واضحة في تحويل مجرى الحدث السردي بعده ديقته التي مع أصدقائه ومنهم ص–فبعد أن كان البطل ذاهبا

إلى استديو الهرم ، فقد تحول بعد –رآها في الحلم استرجاعه للحمل مباشرة ، ودون أي تدخل من شخصية

أخرى ، تحول إلى رافض لتلك الرفقة ، فقد أصر على النزول من األتوبيس في المحطة التالية ، وهو األمر الذي يوحي بأن هذا االسترجاع قد تأسس عليه حدث تال له ،

بان للمفارقة القصصية التي يحاول السارد ترسيخها على وسرد أحداث الماضي ال " مدار النص ، وبذلك ترى أن

يستخدم إال لمصلحة السرد نفسه ، ويعرض صورة عن العالم فالماضي ضروري جدا لشرح الحاضر وكيفية نشوئه …

حيث يبدو األثر الفاعل الستخدام . )٢٣(" وتطور المستقبلي رجاع واضحا في تحويل مجرى الحدث والتأثير في ما االست

يله من أحداث ، وكذا دوره في تطوير السرد وتصاعده حشد التفاصيل المتعددة في لحظة قصصية -٢

:وإنارة مناطقها المظلمة – فقط –ال يرمي إال الخارجي إلى إعادة ترتيب الوقائع ن ، بل وال إلى مجرد كسر عمودية الترتيب التصاعدي للزم

إن من أهم وظائفه استدعاء الماضي إلى الحاضر ، وحشد

نزيـه : ت – نظرية الرواية وتطورها – جورج لوكاتسن )٢٣(

. محدودة –على نفقة المترجم طبعة – دمشق – ١ ط–الشوفي

تفاصيل متعددة في لحظة قصصية ضيقة المدى ، بصورة إشارية اختزالية تتفق مع طبيعة الحيز الضيق الذي تعالجه

.القصة القصيرة حيث ال مجال للتفصيل الدقيق في قصة – على سبيل المثال –وهذا ما يمكن مالحظته

حديث من الطابق ( من مجموعة – لمحمد البساطي الجنازة ) .الثالث

البطل من خارج ) الجنازة ( يقوم السرد في قصة الحياة ، حيث يحكي منذ لحظة وفاته واصفا طقوس جنازته وصفا متصاعدا متسلسال في الزمن ، غير إن مشاهداته

مشاهد مماثلة من حياته – بالموازاة –المفترضة تستدعي قة ، فمشاهدته لألطفال السابحين في الترعة عرايا ، الساب

توازي ذاكرته عن مشهد مماثل خاص به في طفولته ، يقول واحد فقط قفز وغطس في الماء ، كان الحر شديدا ، : "

سرت بامتداد الشاطئ ، وفي مكان خال من المارة مالبس وقفزت في الماء ، بدا لي وأنا أغطس أن األمر يبدو قبيحا

، غير إن هذا االسترجاع الذي يتم عن )٢٤(" ض الشيء بعلد من داخله استرجاعا آخ يصل إلى طريق السارد ، يو

لحظة ميالده ، حيث يبدو هنا خط الزمن سائرا إلى الخلف بانتظام ، عبر استخدام استعادة الراوي لصوت أمه التي تحكي له أحداث يوم والدته المطير ، وتعسر هذه الوالدة ،

. (٢٥)تمامها فجأة على يد الطبيب و بصنع - عبر توالدها–إن هذين االسترجاعين يقومان

اتجاه مخالف يسير الزمن الطبيعي ، وهما بذلك يحشدان تفاصيل متعددة في لحظة قصصيا مشهديه ، هي لحظة جنازة البطل ، عبر تداع حر لألفكار يقوم ببناء السرد في

ا يعتمد على تجاور مقاطع القصة القصيرة ، بناءا جماليفسيفساء الذاكرة ، بعضها إلى جوار البعض اآلخر ، بما يكون رؤية شبه متكاملة لحياة البطل وتطورها بدون سرد تفاصيل أحداثها الكاملة ، وهو األمر الذي يبرره ضيق

سلسلة كتابات – حديث من الطابق الثالث – محمد البساطي )٢٤(قصة -١٩٧٠- القاهرة -الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر –جديدة

١٥١الجنازة ص ١٦٠ ص – السابق – محمد البساطي )٢٥(

الساحة النصية للقصة القصيرة ، بما يخلق ضيقا للحركة الخطوط الزمنية الحدثية ، ويفرض علي القاص تلك

- وهي التي ستظهر– إلى األمام وإلى الخلف -المتعجرفة بالقفز إلى األمام هذه المرة ، من لحظة الوالدة إلى –كذلك

في ) عيسى (فترة العمل ، حيث االسترجاع الخاص بزميله الفقرة التالية وهو االسترجاع الذي يبرره السارد برؤيته

يث يقوم هذا االسترجاع التبئير لعيسى باكيا في الجنازة ، حعلى شخصية عيسى الذي كان يعمل معه في المجلس البلدي ، وكان عمله يتلخص في إذاعة أنباء قوم الضيوف المهمين في القرى والعزب عن طريق عربة بميكروفون ، وهو الذي

أنه مطمئن ألن كل شئ له " كانت له رؤية خاصة مفادها . (٢٦)إلنسان قطع غيار ، ما عدا حياة ا

إن هذا القفز من لحظة الوالدة إلى عالقة البطل بزميله في العمل عبر تكسير واضح التجاه السرد السائر إلى الخلف هذه المرة ، وبما يوسع من مدى االسترجاع ليصل إلى بداية

التي يتحدث من لحظة نهايتها ، هو الذي يجعل -حياة البطل

١٦٢ ، ص ١٦١ ص – نفسه – محمد البساطي – راجع )٢٦(

خير تلك الوظيفة المعتمدة لهذا االسترجاع األ- كذلك - غير - كما أشار جيرار جينت -على إنارة المناطق المظلة

إنها ال تقف عند هذا الحد الوظيفي الضيق ، بل تتعداه إلى صنع معادل جمالي ماضوي لرؤية السارد للحظته

.القصصية في قصة - كذلك-وهو ما يتكرر لدى محمد البساطي

، حيث التداخل الواضح بين ما ) ية ابتسامة المدينة الرماد( يحدث للشخصية الرئيسية في لحظة السرد وبين ما يطرأ على وعيها من مشاهد تستدعيها عناصر مكونة للحظة السرد

إلى ميدان - مع فتاة الليل-، فحين تدخل السيارة التي يركبهامصطفى كامل ، وتلتقط عينه الكلمات المحفورة على قاعدة

تناقض واضح بين حالته معها ودالالت تلك في -التمثال تستدعي ذاكرته كل ما يتعلق بهذه الكلمات في -الكلمات

تاريخه ، في المدرسة على وجه الخصوص ، وعالقته بالعمل الذي يشير إلى مصر التي يتحدث عنها مصطفى كامل ، بل وفكرة الزعامة كذلك ، التي يؤمن بها كما يبدو

ل أكثر من نصف القصة ، بما يؤكد من االسترجاع الذي يمثالدور الفعال الذي يقوم به في بناء ما يمكن أن نطلق عليه ما

تلك القبلية التي ال تؤثر في مسار أحداث (٢٧)قبل القصةالقصة والتنيرها بقدر ما تتناقض جماليا معها ، بالصورة

ليس مجرد ابتكار " التي تجعل من استخدام تيار الوعي هنا لوب ، إنه في حد ذاته المبدأ الذي يشكل النسق الذي في األس

وهو (٢٨)"تجري عليه الرواية ويتحكم في عرض الشخصية لدى محمد البساطي في استغالله ألسلوب -كذلك-ما يظهر

التداعي الحر من أجل إطالق استرجاعات زمنية وعودته إلى داخل –ماضي ما قبل بداية الحدث القصصي ، بل والتراوح

بين السير إلى األمام والسير للوراء بهدف -ا االسترجاعهذعمل مسح شامل لمكونات الشخصية فيما يشبه الرؤية

.الرأسية ، التي تتم في أضيق مساحة ممكنة

٧٣ ، ص ٦٤ المرجع نفسه ص –حمد البساطي م– راجع )٢٧(أمين / ت د – معنى الواقعية المعاصرة – جورج لوكاتسن )٢٨( القاهرة– دار المعارف بمصر -العيوطي

١٦ص-١٩٧١

:ثل حكاية أولى موازية م االسترجاع -٣يكون االسترجاع الخارجي حكاية أولى جديدة وموازية

القصيرة ، إذا كانت هذه للحكاية األولى األصلية في القصة األصلية تتم في مدى نصي ضيق للغاية ، بما يجعل من االسترجاع ممثال لحيز كبير من النص القصصي وهو ما

قصة ابتسامة المدينة الرمادية -حدث في المثال السابقلمحمد البساطي ، ويظهر هذا الدور واضحا حين تبدو

زية لألولى الحكاية األولى الناتجة عن االسترجاع موا-األصلية ، تتضافر معها وال تنيرها ، يبدو ذلك واضحا

في استخدام القصة القصيرة لالسترجاع الخارجي -كذلكعلى مدى واسع قد يتسع ليشمل معظم أجزاء النص ، بالصورة التي تجعله يبدو وكأنه يكون حكاية النص األولى ،

وازي وكما لو أن الحاضر السردي هو الطارئ عليه أو المذلك " له ، كما يحدث لدى أبو المعاطي أبو النجا في قصته

- من لحظة الحاضر ، غير أنها-أساسا-التي تنطلق" الشتاء تقوم على استرجاع يعود بالذاكرة إلى ما قبل -بكامل نصها

عشرين عاما من لحظة الحاضر السردي ، ليتذكر السارد

اء في عربة رحلته التي قام بها عندما كان حبيسا ذات شت .قديمة على طريق ريفي

وتبدأ هذه الذاكرة في االنطالق من لحظة مشابهة تلك بي ضعف شديد إزاء الشتاء ، أحبه بقدر ما " التي يتذكرها

أخافه ، تجئ منه لحظة ال تنذر بقدومها تعيدني إلى تجربة ال ، غير أن هذا االسترجاع (٢٩)" أستطيع نسيانها ما حييت

خلله صوت السارد من لحظة الحاضر ، ليشرح المستمر يتويفسر ، ويحلل ، ويتأمل ، في شكل ال يكسر التتابع التصاعدي لألحداث التي يتذكرها ، وفي صورة تجعل منها

ومع أني ال أذكر اآلن أسباب " مكونا أساسيا في الشخصية ال بل أعانيه اآلن .. هذا الحزن القديم فإني أذكر الحزن ذاته

اقف في الشرفة تفصل بيني وبينه السنون والمسافات ، وأنا و، حزنا *** حزنا شتائيا مقبضا ن متربا ، مكظوما ، الح

- مجلة الهـالل – قصة ذلك الشتاء – أبو المعاطي أبو النجا )٢٩(

–ة والسبعون العدد الثامن السنة الثامن – القصة القصيرة –عدد خاص ٦٢ ص -١٩٧٠أغسطس

يجعلك تنفصل عن كل شئ وتفكر في أي شئ دون عالقة أو .(٣٠)" هدف

وعلى هذا النحو يظهر االختالف النوعي بين استخدام الرواية التأريخي لالسترجاع الخارجي ، حين يكون

فيها يسير بالحدث نحو نقطة الحاضر ، -غالبا-االسترجاعكما في -وبين استخدام القصة القصيرة له ، حين يكون هدفها

هو الشخصية داخل لحظة األزمة -القصة المشار إليها هناالقصصية ليبدو ذا هدف يهتم بالموازاة بين تكوين الشخصية

ا أفتسن منذ شهور وأن"في الماضي ، وتكوينها في الحاضر في الزمان والمكان عن ذك الصبي الذي كان يقبع في عربة

لتبدو تلك (٣٢)" رمادية تشق طريقها وسط الظلمات واألوحال الشخصية القادمة من الماضي كما لو أنها شخصية أخرى ، موجودة بدورها على الدوام بجوار شخصية السارد الحاضرة

٦٤ ص – المرجع نفسه – أبو المعاطي ابو النجا )٣٠( ٦٧ ص – السابق – أبو المعاطي أبو النجا )٣٢(

ضي بوصفه مكانا للتأكيد على الما" ، وليصبح هناك مجال (٣٣)" حيث تبدو األشياء مختلفة تماما " آخر غريبا

عما هي عليه في الحاضر ، وهو ما سوف يكون داعيا للتأمل في هذا الماضي انطالقا من لحظة الحاضر التي تغيرت فيها نظرة السارد تماما ، وبذلك ستظهر مشروعية

هذا الماضي استخدام االسترجاع بوصفه اآللية المناسبة لجلب جلب هذه الشخصية - باألحرى-إلى حاضر الشخصية ، أو

الماضوية إلى جوار الحاضرة ، وليبدو تبرير ذلك واضحا أن هذا كله - مثل الكثيرين-قد تظن" في جملة ختامية تقول

جزء من ضعفي حيال الشتاء ، ولكن ثقتي التي ال تهتز بذلك في ذلك الشتاء البعيد الصبي تجعلني أؤمن بأنه لم يبدأ رحلته . (٣٤)" إال لكي يخف لنجدتي في الليالي المظلمة

وهو ما يؤكد عضوية االسترجاع الخارجي الذي تتحدد " صفته تلك عن طريق تحديد بداية الحكاية األولى في جملة

ROGER وترجمـة الباحـث – ٧ روجر بروملي ص )٣٣(

PROMELY : THE LOST MARRATIVES … ٦٧ ص– سبق – أبو المعاطي أبو النجا )٣٤(

التي تتكرر في الفقرة الختامية للنص ، وليكون " منذ شهور .لحكاية األولى للنص ما قبل هذه الشهور خارجا عن مدى ا

في -إذن-إن عضوية االسترجاع الخارجي تكمنتكوينه لهذه الشخصية المنقذة التي ينتظرها البطل قادمة من صباه ، ورغم حزنها وأساها ، فإنها تواجه هذا الحزن بابتسامة فاترة تقهر بها أنواء الشتاء ، وهي القدرة التي يحس

.البطل باستالبها من حاضره

لتعريف بماضي الشخصيات الجديدة عند ا-٤ :ظهورها ألول مرة

يمكن أن تظهر في حيز السرد شخصية جديدة ، ويحتاج السارد إلى إيضاح تاريخ هذه الشخصية ، أو على األقل بعض سوابقها ، األمر الذي يدعو إلى العودة إلى الماضي عن طريق االسترجاع لمحاولة رؤية هذا الماضي ، وإذا كان

رار جينت يقر بأن هذه الوظيفة خاصة باالسترجاع جي" إحدى وظائف االسترجاع أن يتناول "الداخلي حيث يقرر إن

بكيفية كالسية جدا شخصية يتم إدخالها حديثا ويريد السارد

، فمن الطبيعي هنا النظر إلى أن )٣٥(" إضاءة سوابقها جينت يضع الرواية نصب عينيه عندما يتحدث عن وظائف

فارقا نوعيا على -كذلك-قنيات ، وهو األمر الذي سيمثلالت" درجة من األهمية ، خاصة إنه يتحدث في المقام نفسه عن

، وهو ما يتعارض " استطراد استعادي من بضعة صفحات مع كون القصة ذاتها عبارة عن بضعة صفحات ، إن ضيق المساحة والحيز الزمني للقصة القصيرة يجعالن من الصعب

ام بمثل هذا النوع من االسترجاع داخل المدى الزمني القيللقصة القصيرة ، وإن كان من المنطقي أن يكون كذلك بالنسبة للرواية ، فطبيعة المعالجة القصصية للحظة تجعل من سوابق أي شخصية تطرأ على السرد حكاية في ماضي يسبق

بداية القصة ، وهو األمر الذيص القصيرة في مرحلة يتواتر في العديد من القص

الستينات ، بل وقبلها وبعدها ، بصورة من الممكن عدها .تقليدا سرديا لهذا النوع

٦١ ص – سبق –ب الحكاية خطا– جيرار جينت )٣٥(

فعندما تظهر شخصية جديدة ، أو عنصر جديد ، يقوم االسترجاع بالتعريف به توطئة إلدخاله في السرد ، على

. أساس ما يقدمه هذا االسترجاع من معلومات من -لبهاء طاهر" لكلمةا"وهو ما يحدث في قصة

مجموعة الخطوبة ، حين يتعرض البطل للضرب في مكان عمله في الصباح ، من شخص ال يعرفه ، األمر الذي يشغل باله طوال النهار ، حتى يأتي المساء ، ويقابل أصدقاءه ليشرح لهم ما حدث ، ويسألهم تفسيرا لهذا الحدث الغريب ،

قال كما عندما .. " ال وأول من يقابل منهم هو صديقه كم وكان ساعتها يحاول اصطياد بائع -حكيت له ما حدث

وتقوم العبارة التي قالها كمال " هذا غريب : السميط بعينيه بمقام المفجر السترجاع يقوم به البطل السارد ليوضح

كنت أعرف أن : " أهميتها ، فيقول في الفقرة التالية مباشرة يحاول التعليق على أي شئ ، كمال ال يدهشه أي شئ ، وال

- أنا وسمير-بل يكتفي معظم الوقت بمراقبتنا وسماع فالقول . (٣٦)"وكنا نحترمه ألنه يقرا كثيرا

إن هذا االسترجاع الذي ينير شخصية كمال يتبع تعليقه ليوضح أهمية هذا التعليق بالنسبة للبطل ، فكمال الذي يعرفه

شئ وال يندهش من أي شئ السارد بأنه ال يعلق علي -البطليعلق مبديا استغرابه لهذا الحدث ، وتبدو محاوالته التفسير مؤكدة للمعلومات التي يوردها هذا االسترجاع عن شخصيته وبذلك ستظهر أهمية هذه الوظيفة بالنسبة إلنارة جوانب الشخصيات الثانوية في القصة القصيرة ، وأثرها في البطل ،

-ن فرضت في معظم األنواع السردية وإ-وهي الوظيفة التيفإن القصة القصيرة تستخدمها بصورة مكثفة إيحائية ، تعتمد على تركيز المعلومات في جمل قصيرة تقريرية ، واضحة الرسالة والداللة ، وذلك عالقة مباشرة بالقصة ومضمونها ،

مطبوعات الجديد – الخطوبة وقصص أخرى – بهاء طاهر )٣٦(

-١٩٧٢ سـبتمبر – العدد السـابع – الهيئة المصرية العامة للكتاب – ١٩٧٠ والقصة مؤرخة -٦٣ ، ص ٦٢قصة الكلمة ص

وإن خرجت عن مضمون الحكاية ، لكنها تقدم معلومات . ما يتلوها من سرد واضحة تسهم في بناء

في االسترجاع الذي -كذلك-وهذا األمر الذي يظهرناقشناه من قبل ، في قصة الجنازة لمحمد البساطي ، وهو الخاص بظهور شخصية عيسى ألول مرة في القصة ، حيث

.يسترجع البطل عالقته بعيسى وآرائه التي كان يبثها إياه ى طاهر بصورة مختلفة عند يحي-مرة أخرى-ويتكرر

أثناء -عبد اهللا في قصته معطف من الجلد ، عند حديث البطلرحلته إلى صديقه في القاهرة ، هاربا من الشرطة عن قريته

التي يستدعيها ألول مرة في السرد حين ترد على " الكرنك"الساعات الباقية من الليل كافيه ليصل القطار إلى " ذهنه ألن

حيث يفجر ، (٣٧)" كرنك مدينة األقصر ومنها إلى قرية الظهور اسم القرية استرجاعا طويال حول ما يوجد في القرين

كنت سميتها أيثاكا ، وكنت " ، وعالقة السارد البطل بها أسمي بيتنا قصر الشتاء ، وهناك في قصر الشتاء كان

قصـة – سـبق – األعمال الكاملة – يحيى الطاهر عبد اهللا )٣٧(

٢٥معطف من الجلد ص

ربما كان اآلن .. العجوز ينهي صالة العشاء عجوال لينام " ناموا تأخذكم الدواهي : "-كالعادة-يصرح في إخوتي

- هذه التي تظهر بها- في صورته-هذا االسترجاعإن (٣٨) لرؤية -محاولة من وعي البطل الهارب من الشرطة هنا

األيام التي كان يعيشها في هذه القرية في ذاكرته وتأملها انطالقا من لحظته الحاضرة ، وهذا االنطالق من الحاضر

جعل السارد البطل حين يقوم وعالقته بالذكريات الماضية يال يحاول استعادة الزمني ، فذلك غير " بهذا االسترجاع

ممكن ، إنما يحاول تحريره لينظم إلى الحاضر ويساعد على .(٣٩)" تفسيره

وهو األمر الذي يجعل من االسترجاع الخارجي وسيلة لرؤية الحاضر السردي مؤسسا على الماضي ومرتبطا بها

٢٥ ص – السابق – يحيى الطاهر عبد اهللا )٣٨( سلسـلة – تيار الزمن في الرواية المعاصرة - مراد مبروك )٣٩(

-١٩٩٩ – القاهرة – الهيئة العامة للكتاب –دراسات أدبية ٣٣ ص

يعتمد على تأمل العالقة الجدلية بينهما ، وهو ارتباطا وثيقا .ما يتكرر في العديد من القصص القصيرة بالصورة ذاتها

من هنا سيتبين لنا أهمية الدور الذي يؤديه االسترجاع الخارجي في أنواع السرد عموما ، وفي القصة القصيرة خصوصا ، كما سيتضح لنا إن االستخدام الخاص لالسترجاع

في القصة القصيرة تتنوع أشكاله وطرائفه ووظائفه الخارجي ، انطالقا من أهميته الناتجة عن قصر المساحة النصية وضيق المدى الزمني للحكاية األولى ، مما سينوع من صورة في القصة القصيرة ، وبما يشكل فارقا نوعيا ، يمكن أضافته في إطارا استكشاف التمايزات النوعية للقصة

.باقي أنواع الحقل السردي األخرى القصيرة عن

:االسترجاع الداخلي ووظائفه : ثانيا في هذا - النوع الثاني-يتحدد االسترجاع الداخلي

- عن طريق نقطة البداية في الحكاية األولى-التصنيفاألولية ، فهو استرجاع يتم من داخل الحكاية إلى داخلها ،

يب جديد للعناصر بما يجعله استرجاعا يتحكم في إحداث ترت داخل حيز زماني واحد ، وهو -الحديثة الموجودة افتراضا

األمر الذي سيردنا بدوره إلى فكرة التنظيم المتتابع ألحداث متزامنة ليبدو وهذا النوع من االسترجاع حال مثاليا لهذا

. الدال اللساني كما أشرنا من قبلاإلشكالية الناجمة عن خطيةحقلها متضمن في الحق " ية فاالسترجاعات الداخلومن هنا سيصدق على (٤٠)"الزمني للحكاية األولى

االسترجاع إنه وجه من وجوه الترتيب ، على العكس من االسترجاع الخارجي الذي يهدف إلى جلب أحداث خارجة عن نطاق الحكاية ، وداخلها في ماضيها إلى خط أحداثها ،

وبهذه . جها عليه ليصبح أحد مكوناتها على الرغم من خروالرؤية يمكننا النظر إلى االسترجاع الداخلي بوصفه آلية زمنية تهدف إلى إعادة ترتيب أحداث يفترض ترابطها زمنيا داخل نطاق الحكاية الزمني في صورة تخدم استراتيجية

.السارد ووجهة النظر التي نطلق منها وعلى ذلك يكون علينا أن نفترض ابتداءا ، ونظرا

يق الحيز الزمني للقصة القصيرة أنها تستخدم االسترجاع لضالداخلي بكثافة تقل عن استخدام الرواية له ، والعكس صحيح

٦١ ص – سبق – خطاب الحكاية – جيرار جينت )٤٠(

في حالة االسترجاع الخارجي الذي تستخدمه القصة أكثر مما تستخدمه الرواية ، واألبعد الذي تستوعيه القصة ، التي

ها والتي ستكون معظم استرجاعاتها خارجية نظرا لضيق مداستكون حريصة على أن يكون استخدامها لالسترجاع الداخلي استخداما ضروريا ، واضح الهدف والوظائف التي سنبدأ في تلمسها انطالقا من اختياراتنا من القصص المصرية القصيرة

.في الستينات

: االسترجاع الداخلي غيري القصة -١ا وهو ذلك النوع من االسترجاع الذي يتناول خط

قصصيا ، وبالتالي مضمونا قصصيا مختلف عن مضمون ، بحيث يمكن النظر الي (٤١)الحكاية األولى أو مضامينها

الحكاية األولى بوصفها األساس السردي والهيكل البنائي األساسي للقصة القصيرة ، واعتبار أي خروج عنها يمثل حكاية جديدة ، أو خروجا على المضمون األصلي لهذه

.ة الحكاي

٦١ ص - سبق – خطاب الحكاية – جيرار جينت )٤١(

:قصة وجهات النظر -أتعد قصة وجهات النظر نموذجا الستخدام هذا النوع من

.د شاع استخدامه في فترة الستيناتاالسترجاع ، وهي نوع قوقصة وجهات النظر هي القصة التي تعالج حيزا زمانيا، وربما مكانيا وحدثيا واحدا، لكنها ال تكتفي بمعالجة

ر الراوي أو البطل، لكنها هذا الحيز من خالل وجهة نظتنوع في وجهات النظر حسب عدد من الشخصيات المشاركة

على درجة واحدة أو - جميعها-في القصة، والتي تكون .ومتقاربة من األهمية في النص

وتظهر أو ضح صور هذا الشكل في وجود عناوين جانبية تقسم النص، وتشير في الوقت ذاته إلى وجهة التي

السرد، بحيث يكون كل مقطع مرويا على لسان ينطلق فيهاأو أن يكون السارد العليم ) أنا ( الشخصية بضمير السرد

ببواطن األمور أو الذي يقوم بالسرد بالنقطة يوازي فيها .وعي هذه الشخصية

في \غير إن هذا التقسيم يشير إلى عمل المؤلف الفعلي قكاية إلعادة الزمن السردي، فهو تدخل فيما بعد وجود الح

توزيع خارجي " تنظيمها تعبا الستراتيجياته السردية، إنه

للزمن السردي يقوم به المؤلف الفعلي على ضوء استراتيجيته اإلبداعية التي ترتكز إلى منظومة معلوماتية عن

وهو ما يجعل من . (٤٢)عمله وسياقات تلقيه المفترضة ف والتنويع على القصة التي تتخذ هذا الشكل نموذجا للتصر

في إثراء - من ناحية أخرى-كما أنه يسهم. الزمن السرديالنص بخطوط متنوعة ، تخرج عن التكوين التقليدي المعتمد

.على خط حدثي واحد ليحيى الطاهر عبد اهللا ) الثالث ورقات ( وتعد قصة

إحدى أهم القصص القصير ة التي تتحقق فيها مثل هذه ي قطار الشالالت المتجهة إلى فالقصة تدور ف: السمات

مالحظ عمال -الولد. القاهرة، عبر وعي ثالث شخصيات بهيئة اآلثار، هو أول الراكبين من األقصر عائدا من عمله ،

- بركوبه القطار-ومعه جهاز الراديو ، وهو الذي يحددوعلى الرغم من وجود . لحظة بداية الحكاية األولى للقصة

ور في وعي هذا البطل فإن نقطة استرجاعات خارجية تد

١٥٧ ص- العنوان وسيميوطيقا االتصال-محمد الجزار/ د)٤٢(

التماس بينه وبين الشخصيتين األخريين هي ما تمثل العنصر .البنائي األهم في القصة

- مجاهد أبودراع-الشايب : الشخصية الثانية هيالفالح الذي ركب من قنا مسافرا إلى ابنه الذي يتعلم في

.القاهرة وانقطعت أخباره منذ فترة فقد ركبت -مصرية-البنت : ثةأما الشخصية الثال

القطار من قنا ، عائدة إلى بلدها في بني سويف بعد رحلة هرب آثمة ، وعلى الرغم من عملها بأن أخاها في انتظارها ليقتلها بعد اكتشاف مستورها ، فإنها تظل مشتاقة إليه ،

.(٤٣)ومعبرة عن ذلك الشوق في مناطق عديدة من النص يوردها النص جميعا صراحة ، إن هذه المعلومات ال

لكنه يطلعنا عليها عبر موازاتة الخطوط أفكار هذه الشخصيات ، وهي الخطوط التي تظهر عبر استرجاعات خارجية تتعدى حد الحكاية األولى الفاصل ، وهو ركوبهم

العبارة الموجودة في ) إمضاء المؤلف ( القطار ، غير إن

األعمال – يحيى الطاهر عبد اهللا – الثالث ورقات – راجع )٤٣( ٧٧ص : ٦٩ ص – سبق –الكاملة

غلب األعم من في صورة ال تحدث في األ-نهاية النص تتضافر مع تقنية العناوين -القصص المجوعة في كتب

الجانبية لتؤكد فكرة التوزيع الخارجي لزمن السردي ، باإلضافة إلى استخدام نمط الراوي العليم ببواطن األمور ،

.قرة في حد ذاتها استرجاعا داخلياوكل هذا سيجعل من كل ف في -الراويإن االسترجاع الداخلي هنا يصنعه رجوع

إلى بداية حكاية كل واحد من الشخصيات ، -بداية كل فقرةليبدأ في التوازي مع هذه الشخصية ووعيها لتصبح القصة

في تكونين يشبه المتوالية القصصية ، - هاهنا -القصيرة حيث ال يتعارض

في -الجمع بين الشخصيات الثالث وبين ما أشرنا إليهحيث . نظر في القصة القصيرة من أحادية وجهة ال-المدخل

يمثل كل مقطع من هذه المقاطع قصة قصيرة متكاملة ويجمع وحدة المكان ، التواجد في - أوال يجمع بينها سوى-بينها

القطار نفسه ، وفي الزمان نفسه ، بما ال يؤثر بصورة وال يظهر إال في . قطعية علي بنية كل مقطع بوصفه مستقال

رصدها لركوب الشايب والبنت من وعي الشخصية األولى ومحطة قنا ، رصدا ظاهريا يأخذ من كل شخصية قشورها بما

ال يوحي بأي استنتاج من ناحيته وهو ما يؤكد إن للسارد في تكوين هذه البنية -هنا-العليم ببواطن األمور دوره المهم

االسترجاعية التي تنظم القصة بكامل مقاطعها على هذه ين االسترجاعات الخارجية التي تقوم بها الصورة المنظمة ب

على حياتها - هي نفسها-الشخصيات ، وتتعرف فيهاوتاريخها ، وبين االسترجاعات الداخلية التي قوم بها السارد منظما لتلك المعلومات أمام المتلقي ، في صورة يمكن

:تخطيطها كالتالي

استرجاع

)أ ( وعي خارجي )أ( شخصية )ب( وعي ) ب( شخصية )ج( وعي ) ج( شخصية

عمل السارد عمل الشخصية

)٢( مخطط رقم

لحظة تقابل

صيةقص

حيث يمثل السهم الداخل الي لحظة التقابل السردية االسترجاع الداخلي الذي يقوم به السارد للعودة الي بداية ركوب كل منهم القطار ، وما يحدث بعد ذلك ، وهو قليل جدا بالقياس الحدثي الكمي ، وتتعدد هذه االسترجاعات في

يم النص الي مقاطع ، أما السهم صورة متوازية نتيجة لتقسالخارج من هذه اللحظة فيمثل عمل وعي كل شخصية باسترجاعاتها الخارجية ، وكل واحد منها يذهب في اتجاه مختلف تماما ليبدو التتابع بين المقاطع ، وإن اعتمد على " ترتيب ركوب الشخصيات للقطار من قبيل التتابع الكيفي

ية معينة تؤدي إلى ظهر قيمة الذي يعني بتبلور قيمة كيفوهو ما . )٤٤("كيفية أخرى قد تكون مماثلة أو مناقضة لها

في ترتيب المقاطع التي تعتمد على -هنا-يظهروجود تواز واضح في العرض ، بما يشير إلى الحل

.الذي يطرحه االسترجاع إلشكالية تزامن األحداث

مجلـة فصـول – في ترتيب لالقصوصة – صبري حافظ )٤٤(

٣١ ص -٤ ع-م–

لمجيد " حكايات الزوايا " وهو ما يظهر كذلك في قصة حيث البطل " خمس جرائد لم تقرأ " من مجموعة –طوبيا

األصم ينزل الشارع ويرى عدة مشاهد من وجهة نظره ، بعد أن ينزع من أذنه السماعة التي تساعده على السمع ، مما يجعل هذه المشاهد بال صوت ، األمر الذي يعبر عنه في

يعنون حيث تنقسم القصة إلى أربعة مقاطع-مقطعه الخاص )٤٥(" دائما هذا العدد الكبير " مثل –كل منها بعنوان خاص

االستخدام المتواتر في هذا المقطع -كذلك-كما يعبر عنهللفعل المضارع ، بما يحول هذا البطل من مسرود عنه إلى عين كاميرا راصدة لما حولها ، بما يؤهل هذا المقطع اآلن

ته ، مقطعه ، وبما يكون جامعا للحكايات التي سلتي حكاييضفي مشروعية البدء مع كل مقطعة جديد من أول المشهد نفسه إلعادة تفسيره من وجهة نظر شخصية أخرى ، وهو ما يحدث فعال ، ليتضح أن السيدة ذات المساحيق صارخة األلوان هي فتاة ليل تعمل في الصباح ، وأن المعركة التي

كما يظهر في -تحدث في محل إخوان الصفا للبقالة ، هي

ة الهيئة المصرية العام – خمس جرائد لم تقرأ – مجيد طوبيا )٤٥( ٢٥/١٢/١٩٦٧ – دار مجلة روز اليوسف –للتأليف والنشر

معركة بين ثالثة إخوة يتنازعون حول تقسيم -المقطع الثالث- في المقطع الرابع-ميراث أبيهم ، وأن الرجل والمرأة

هو عامل يدخل انتخابات نقابة مصنعه وهي -عاشقان . وهما في حالة سوء فهم -مدرسة

وإن هذا التتابع بين وجهات النظر المختلفة ، كما حكاية -بيا يخلق من الحكاية األولىيستخدمه مجيد طو

حكاية أولى للنص كله ، بما يجعل من كل -الزاوية الواحدةحكاية تالية استرجاعا داخليا غير القصة ، فهو داخلي ألنه يبدأ من بعد اللحظة التي نزل في البطل األصم إلى الشارع ،

وإن انطلق من مشهد رآه هذا -وهو غيري القصة ألنهنه ينتقل بالحكاية كاملة إلى عالم بطل كل مقطع البطل ، فإ

ليخلق تفسيره الخاص المفارق للتفسير الذي يراه البطل األول ، وهو ما يخلق تنويعا جماليا على لحظة سردية واحدة ، من خالل االنطالق الي عوالم مختلفة بما ال يخل بضيق المساحة

الحديث النصية ، ويرتكز كذلك على رؤية اجتماعية للعصر طريقة حكي " ترتكز على اإلحساس بعزلة الفرد ، فإذا كانت

كل شخصية تخضع للخلفية النفسية لكل منها من حيث

، حيث إن الحدث هو نفسه الذي يحدث )٤٦(رؤيتها للحاضر في المقطع األول ، وما المقاطع التالية إال بيان لرؤية أخرى

نظورات التي يختلف بالم" إنها أشبه . منفصلة تماما ومغايرة وهو ماال يجري علي نمط واحد .. الموضع الذي ترى منه

، ))٤٧(" بالنسبة الي شخصين ينتميان الي عالمين مختلفين وهذا االختالف ، الذي يعزز فكرة االتكاء على العزلة ، هو ما يدعم تماسك مثل هذه البنية السردية المعتمدة على

هو ما يدعم كذلك ما أقر به االنفصال بين وجهات النظر ، والقصة القصيرة كانت أصدق : " شكري عياد ، ومن أن / د

ليس )٤٨(" تعبيرا عن العزلة االجتماعية والشعور باألزمة على مستوى األداء -كذلك-فقط من الناحية المضمونية ، بل

التقني الذي صار على قدر من األهمية في هذه الفترة من التجاهات التجريبية في الشيوع ، وحين التاريخ ، حين بدأت ا

باألداء وتقنياته تتكرر تقنية - في العالم كله -بدأ االهتمام تعدد زوايا النظر كثيرا في هذه الفترة ن ومن القصاصين

٣٣ سبق ص – تيار الزمن في الرواية – مراد مبروك )٤٦( ٩٥ سبق – اينشتين والنسبية –محمد مرحبا / د) )٤٧( ٥١ سبق ص – القصة القصيرة في مصر–شكري عياد / د)٤٨(

من –) خناقة(الذين قاموا بها ، محمد حافظ رجب في قصته حيث تحدث الخناقة الممتدة عبر نهار –مجموعة غرباء

، حيث تبدأ في الصباح عن ) إخوان الصفا(ي حارة كامل فطريق تشاحن طفلتين ، وتتنامى بين األمهات ، ثم بين اآلباء عندما يعودون في نهاية النهار ويعرفون بما حدث ، لتقوم الخناقة الكبرى بينهما ، وهو ما يؤهل السرد لالنطالق إلى

أحدها ماضي اليوم عن كل من هذين األبوين ، اللذين يعمل .)٤٩(شرطيا ، ويعمل اآلخر في البلدية

ليمثل االسترجاع الداخلي ليوم كل منهمـا إنـارة لموقفهما النهائي في الخناقة ، وفـي القصـة ، وبمـا

إنارة للقصة كاملة ، على النحـو الـذي -كذلك-يمثل -:يمكن رؤيته في المخطط التالي

مجموعة غرباء – محمد حافظ رجب –) خناقة( راجع قصة )٤٩(

– دار الكاتب العربي للطباعة والتأليف والنشر – ١٩٦٨ – القاهرة

حاضر متاعب العمل )١(ماضيحاضر )١(شخصية

حاضر بداية السرد

حاضر)٢(شخصية )٢(ماضي

متاعب العمل

)٣ (مخطط رقم

حيث يبدو االسترجاعان الداخليان اللذان يقوم بهما – أثناء لحظة الخناقة الدائرة بين الشخصيتين –السارد

مكملين لدائرة الحاضر التي يتوازى معها وعي السارد على .مدار النص

وجدير بالمالحظة أن محمد حافظ رجب قد جعل خناقته اته الذي استخدمه وهو االسم ذ) إخوان الصفا(تدور في حارة

مجيد طوبيا في الحكاية الثالثة من حكايات الزوايا ، حيث ) . إخوان الصفا(دارة المعركة بين االخوة في محل بقالة

على –وإذا كان ذلك تعميقا للمفارقة بين العنوان المكتوب فإن مالحظة أن كلتا القصتين –الحارة وعلى محل البقالة

قد تضيف الي المفارقة ١٩٦٧مكتوبتان في أعقاب يونيو السردية ، مفارقة أخرى على المستوى السياسي ، فهذا االسم ، وقد تجرد من داللته التاريخية التي تشير إلى الجماعة

داللة ساخرة – كذلك –الفلسفية العربية المعروفة ، قد حمل في ربطة بعدم االتفاق ، وفي هذا إشارة غير خافية إلى

ح إليه كاتبا القصتين ، وضع قوم عام يلمبالصورة الرمزية االختزالية التي تتميز بها القصة

.القصيرة عن باقي الفنون السردية

: إنارة فترات غياب الشخصيات -ب ينص جيرار جينت على أن الوظيفة الثانية لالسترجاع

غابت عن " شخصية " الداخلي غيري القصة هي أنه يتناول يجب استعادة ماضيها قريب النظار لبعض الوقت و

غالبا ما – وهذه الشخصية ، في القصة القصيرة )٥٠(العهد

٦١ ص – سبق – خطاب الكتابة – جيرار جينت )٥٠(

شخصية ثانوية ، حيث يضيق المجال عن غياب –تكون الشخصية الرئيسية التي تركز القصة القصيرة غلبا على وعيها ، كما أن الفترة التي تفصل بين الظهورين لهذا

في القصة – تكون الشخصية ، ونعني بها فترة غيابها ، فترة قصيرة جدا ، حيث المدى الزمني للحكاية –القصيرة

األولى الذي يحتوى بين جوانبه هذه الفترة ، يكون ضيقا كذلك ، وهو األمر الذي يجعل من هذه الفترة غير محتوية على كثير من السوابق القابلة للعرض ، كما أن السارد في

ومن الشخصية – الفترة من هذه–القصة القصيرة ال يهتم عموما إال بالنذر اليسير الذي ينير جوانب شخصيته ويخدم " استراتيجيته السردية وهو ما يمكن مالحظته في قصة

–لبهاء طاهر ، والتي سبقت اإلشارة إليها قبل قليل " الكلمة بعد خروجه من عمله في اليوم الذي –حين يجلس البطل

ي مقهى يظهر له فيه ماسح أحذية تلقى تلك الكليمة ، يجلس فشاب يلح عليه أن يمسح له حذاءه ، لكنه يزعق فيه ، على الرغم من تسوله ، وتوسله إليه ليمسح الحذاء مقابل قرش

.واحد يعينه علي إحضار الدواء ألمه المريضة

في البار الذي – ليال –غير إن ظهر الصبي نفسه مل في طياته يجتمع فيه البطل مع أصدقائه ، وغن ح

المعلومات ذاتها عن األم المريضة ، مع تأكيد تلك المعلومات يحمل في طياته عنصر مهما –) الروشتات ( بتذاكر األطباء

للمفارقة ن التي تنبني على الفرق بين الحالتين اللتين يكون فهو يعامل الصبي هذه . عليهما البطل بين الصباح والمساء

يسمح له بمسح حذائه ، بعد صديقه المرة ببشاشة واضحة ، و، ويرفض االطالع على روشتات األم ، الذي لم يصدق وجودها أصال في الصباح ، مبديا تصديقه لكل هذه المعلومات ، وهو األمر الذي يتضافر مع الخطاب النهائي الذي نمكن استخالصه من القصة حول التناقض الذي يعيشه

العمل والبار ، وهو التناقض البطل بين الليل والنهار ، بين ، )٥١(" يعود مخمورا كل ليلة " الذي يؤكده قول أمه له بأنه

في مقابل وضعه المحترم بوصفه موظفا ، ذلك الوضع الذي يظهر في تعامل زمالئه معه ، وما يؤكده كذلك بعض أقوال الصديقين في البار، تلك األقوال التي نظهر منها سحابة يأس

٦١ ص – سبق – الخطوبة – بهاء طاهر )٥١(

هما لم يتزوج ، واآلخر مطلق ال يكف عن واضحة ، فأحد كل ليلة –الحديث عن مطلقته ، وهم ويتقابلون في هذا البار

إن ما يميز مثل هذا . لبث همومهم لبعضهم البعض –االسترجاع هو اعتماده على وعي سارد عليم ، باإلضافة إلى استخدامه للغة تلغرافية شافة ، ال تهدف إلى تكوين انطباع

يكون هدفها هو تقديم معلومات مختصرة مفيدة ، بقدر ماغير إن ما يمكن مالحظته هو قلة استخدام مثل هذا النوع في القصة القصيرة نتيجة لما أشرنا إليه سلفا من آثار ضيق

الحيز الزمني للقصة ، وقلة عدد شخصياتها : االسترجاع الداخلي مثلي القصة –ب

داخلي هو األقل استخداما إذا كنا رأينا أن االسترجاع الفي القصة القصيرة ، فإن من االسترجاع الداخلي ما ينحصر داخل القصة ذاتها وال يخرج عن مجالها ، وهو النوع الذي تستخدمه القصة القصيرة بهدف بناء زمنها الخاص المركز حول بؤرة حديثة ، تحاول أن تحللها ، وتشرحها ، وتظهر

ي ال يظهر عليها اللحظة على أبعادها ، وهي الصورة التلن نقبل التعامل " صورتها التي تحدث بها في الواقع ، حيث

" مع العمل األدبي على أنه مجرد انعكاس للعالم االجتماعي

وأن الصلة التي يقيمها هذا العمل مع الواقع هي من قبيل .. القانون الجدلي ،ن ومن قبيل جدلية تلعب فيها دورها الحرية

وهي الحرية التي تؤدي بالكاتب الي )٥٢(" ية للكاتب اإلبداع –أن يحاول رؤية هذه اللحظة من عدة أوجه نظر ، فيعود

عدة مرات الي بداية القصة ، أو إلى ما بعد بدايتها –بذلك ليراها بصورة مختلفة ، وهو ما يؤدي الي ظهور

–تعود الحكاية " االسترجاعات الداخلية مثلية القصة ، حيث على أعقابها جهارا ، وأحيانا بصراحة ، –في هذا النمط

وبالطبع ال يمكن لهذه االسترجاعات التذكير أن تبلغ أبعاد نصية واسعة إال نادرا جدا ، بل تكون تلميحات من الحكاية

إن هذا النوع من االسترجاعات )٥٣(" الي ماضيها الخاص ضيق هو نوع خاص جدا ، وما يمنحه هذه الخصوصية هو

المجال الذي يتحرك فيه ، فهو يضئ جوانب الحكاية ، ويعيد

بشـير – ت – نحو نقد أدبي سوسـيولوجي – جاك دوبوا )٥٢(

ـ –مقدمات في سوسيولوجيا الروايـة : من كتاب –القمري يان لوس ٧٢ ص – سبق –جولدمان وآخرون

٦٤ – سبق – خطاب الحكاية – جيرار جينت )٥٣(

ترتيب أحداثها ، لتظهر األحداث في مرتبة زمنية غير تلك التي توجد عليها بالفعل ، وإنما ما يتحكم في هذا الترتيب هو

السارد من وجود هذا الحدث –الدور الذي يرتجيه المؤلف خاص ، في أعقاب حدث آخر بالذات ، حسب منطق

واضحة ، على األقل عند – يجب أن تكون –واستراتيجية صلة المقطع السردي بالواقع ال " وهو ما يجعل . تمام النص

تكمن في التتالي الطبيعي لألفعال التي تؤلفه ، بل في المنطق الذي يتحكم في عرضه وتقديمه ، المنطق الذي هو مصدر

إنه المنطق ذاته ،)٥٣(" مخاطرة ، وارتياح في نفس الوقت – كلية –الذي يجعل من النص القصصي كيانا مغايرا

للحكاية التي جرت بها األحداث من بدايتها الي نهايتها ، ولعل هذه السمة هي التي ميزت السرد ، منذ بدء الخليقة ، حيث ارتبط بمحاولة استثارة انتباه المتلقي ، عن طريق ما

حيث يبدأ السرد من " الوسط البداية من "يمكن أن نطلق عليه منتصف الحكاية ، ثم يعرج الي حدث سابق يفسر به الحال الحاضر وقد ربط جيرار جينت هذا النمط بالملحمة ، عندما

٣٣ سبق ص – التحليل البنيوي للسرد – روالن بارت )٥٣(

رأى مرحلة زمنية سابقة ستعيد إحدى عادات النوع الملحمي إلى أي حد ظل أسلوب السرد – أيضا –الشكلية ، ونحن نعلم

وقد )٥٤(ا الصدد ألسلوب سلفه البعيد الروائي مخلصا في هذأشار ديفيد لودج ، في هذا الصدد ، إلى تفضيل هذه الطريقة

أدرك القصاصون النتائج الشائقة التي " في القص ، حيث يمكن الحصول عليها باالنحراف عن الترتيب الزمني " لألحداث ، وتبدأ المالحم القديمة عادة من منتصف القصة

مر الذي يعلى من الدور الذي يؤديه ، وهو األ)٥٥(االسترجاع الداخلي في بناء المنطق الزمني الذي تقوم عليه

غير أنه من الضروري مالحظة أن القصة القصيرة . القصة تسبغ سماتها على اآلليات التي تستخدما ، ومنها االسترجاع

من ضيق الحيز – كما ذكرنا سلفا –وهي السمات التي تنبع ماني ، وقلة عدد الشخصيات ، فالقصة تستخدم النص والز

االسترجاع الداخلي لإللماح الي الماضي ، ولذا فهي ال تهتم على االهتمام – أصال –بتفصيله أو تشريحه ، ألنها تعتمد

كما أن سمات االختزال ، . باللحظة القصصية التي تعالجها

٤٨ ص – سبق – خطاب الحكاية – جيرار جينت )٥٤( ٨٦ ص – سبق – الفن الروائي – ديفيد لودج )٥٥(

والتكثيف ، تجعل من االسترجاع الداخلي مجرد إشارات مح فيها العودة الي دالالت الماضي ، الذي تهتم القصة نل

بآثاره على نقطة الحاضر السردي – في األساس –القصيرة من هنا يمكن الوقوف على الوظائف التي يقوم بها .

االسترجاع الداخلي مثلي القصة ، كما ظهرت في نماذج من .القصص القصيرة المصرية في الستينات

لية التي تحاول أن تستكمل الجوانب وهي الوظيفة التكميالخفية والمعلومات الغائبة من الحكاية ، عن طريق العودة الي موضع هذا النقص ، باالسترجاع الداخلي ، و التبئير

.على هذه المعلومات ، في إشارات ولمحات سريعة إن اهتمام القصة القصيرة المنصب على اللحظة قد

حالة الرواية ، وهو ما حملها بفروق نوعية واضحة عن جعلها تستخدم خطا زمنيا متعرجا بالضرورة ، حيث إن ضيق المساحة النصية المفترض جعل التكثيف ، واإليجاز ، والتركيز على الوحدات الحديثة المترابطة وظائف على قدر من األهمية بالنسبة لهذا النص القصير ، وهو ما ينتج عنه

إلى – بين الحين واآلخر –دة فجوات معلوماتية تستوجب العو – عند عودتها تلك –الماضي القرين لسدها ، غير إنها

تستخدم شكال تلغرافيا ، موجزا ، من ناحية ، ومركزا من ناحية أخرى ، لضمان عضوية وجود هذه اإلشارات

–الماضوية ، وحتى ال تكون خارجة عن نسق األحداث ه وهو ما يمكن أن التي تحاول استكمال–الحاضرة افتراضا

" حديث من الطابق الثالث " في قصة – بوضوح –نالحظه لمحمد البساطي ، حيث يدور الحوار بين أحد المساجين ، في سجن عمومي ، وبين زوجته التي تقف في الشارع المقابل لشباك زنزانته ، ويتم التبئير على وجهة نظر هذه الزوجة

، الذي يستخدم الضمير بنمط السارد العليم ببواطن األمورغاليا ) كان(في السرد ، غير إن السارد يستخدم الفعل ) هو(

، عند العودة من نقطة في خط السرد الي نقطة سابقة عليها إليضاح المناخ المحيط بهذا الحوار ، وهو يقطع بهذا

األحداث بتواتر على خط السرد / االستخدام تعاقب األفعال راح " ترجاعا داخليا قصير المدى ، المتصاعد ، بما يمثل اس

من النافذة ، ابتسمت ، كان الشرطي ال يزال –يتبول ضاحكا ويعود السارد في . )٥٦("في جلسته كالنائم على الحصان

عـدد – ٦٨ جاليري – حديث من الطابق الثالث – محمد البساطي )٥٦(

٩٧ص – ١٩٦٩ أبريل – نماذج ودراسات– القصة المصرية –خاص

هذا االسترجاع الي لحظة سابقة غافلت فيها الزوجة الشرطي لتكلم زوجها ، ذلك الشرطي الذي يتم – أو الذي يبدو نائما –

لخرق في القانون في وجوده ، ويصل الي مداه بمحاولة هذا ا جنسيا بهذه الزوجة ، – على البعد –أحد المساجين التحرش

. ، وهو مازال يبدو كالنائم - لهذا – في داخلها –التي تبتسم وهو األمر الذي يتكرر في القصة نفسها ، وبالطريقة ذاتها

رها مكملة عدة مرات ، لتبدو هذه االسترجاعات في تضافللصورة العامة للمكان الذي يدور فيه هذا الحوار المشار إليه

سحبت قدمها قليال ، كان المكان هادئا ، " في عنوان القصة والمالبس المنشورة تتماوج في خفة مع نسمات الهواء ، حين

–نظرت الي قدمها ثانية رأت الظل يكسو أطراف أصابعها خل البرج ، وقد بدت مقدمة كان الجندي ال يزال دا–نهضت

قبل أن تصل الي الحصان . حذائه على حافة القاعدة الخشبية إن محمد . )٥٧("التفتت فجأة ، لكن النافذة كانت خالية

البساطي يستخدم تقنية االسترجاع ، ال بهدف الرجوع الي األسباب المؤدية لألحداث ، ولكن بهدف استكمال رسم الجو

٩٩ ص – السابق – محمد البساطي )٥٧(

الدائر بين الداخل والخارج ، بما يحقق العام للحظة الحوار دقة واضحة في استبطان حالة هذه الزوجة في مثل هذا

ناتجا عن التبئير – هنا –الموقف ، ويكون نقص المعطيات عبر –الكامل على وعي الزوجة ، بما يستدعي الخروج

. عن هذا الوعي لإلحاطة بالمكان –االسترجاع لداخلي مثلي القصة من ويتواتر استخدام االسترجاع ا

" أجل سد نقص المعطيات ، في العديد من القصص مثل لمحمد حافظ رجب ، حيث تبدأ القصة " األب الحانوت

االبن معلقا –بمشهد كابوسي ، يتم في وصف صورة البطل من شعره في سقف الكوخ الصفيح الذي يعيش فيه وحيدا ،

ته الجديدة ، فوق سطوح بيت أبيه ، الذي يعيش فيه مع زوجثم وصف المواجهة بين هذا االبن وأبيه المتسلط عليه بدافع

وتكون البداية الغرائبية ، الكابوسية ، . من تلك الزوجة وقع بين .. في المطعم .. " وسيلة للرجوع الي بداية الحكاية

حاول أن .. المستحيلين ، العجز وترضية رغبات الشراسة لم تطعه ، .. أبيه الحانوت أن يخوفها بنظرات.. يحرضها

إن هذا االسترجاع الطويل الذي يعود .)٥٨(" وانتصر العجز به السارد إلى بداية القصة يبدو ضروريا جدا للتواؤم مع هذه الحالة الكابوسية التي تسيطر على النص بأكمله ، وكذلك لتفسير األسباب التي أدت بالمواجهة الي هذه الصورة النهائية

يض الكيل باالبن ، لتتداخل الصور في النهاية ، ، حيث يفالحانوت .. ظل ممسكا بالمدية تهتز .. " ولتحدث المطابقة

–قال الرجل . . القسوة .. وصاحب الحانوت في مواجهته .)٥٩(" أليس هذا ما تتمناه .. أطعني : أبوه في الماضي

في الوقت الذي يكمل فيه –من هنا يبدو االسترجاع معيدا لترتيب األحداث ، –معلوماتية مهمة في القصة فجوة

، ولفيض الكيل ) أ(فإذا رمزنا لفترة قهر األب لالبن بالرمز ، وللمواجهة بينهما في النهاية بالرمز ) ب(باالبن بالرمز

، فإن هذا االسترجاع قد أعاد ترتيب قد أعاد الترتيب ) ج(ة وهي إعاد) ج-أ-ب(ليصبح ) ج-ب -أ (التصاعدي

الترتيب التي تضع في اعتبارها استراتيجية السارد القائمة

– ٦٨ جـاليري – قصة األب حانوت – محمد حافظ رجب )٥٨( ١٠٢ ، ص ١٠٠ ص – سبق – ١٩٦٩أبريل ١٠٣ ص – السابق – محمد حافظ رجب )٥٩(

على موازاة اللحظة الحاضرة ، واستبطان وعي الشخصية والصور التي تتتابع على وعيها ، خاصة إنه يستكمل السرد

ليتوازى معه في – لحظة الحاضر –بعد الحدث االفتتاحي ات التي تتابع تصاعدي تنبني فيه المواقف على تلك المعلوم

نقلة زمنية " وردت في هذا السرد االسترجاعي ، الذي يعد الي الوراء في القصة يمكنها أن تغير فهمنا لحدث يقع بعد ذلك في التسلسل الزمني للقصة ، ولكننا نعلمه بوصفنا قراء

وهي إحدى أهم الوظائف التي يؤديها مثل هذه )٦٠("للقصة القصيرة على وجه اآللية في السرد عموما ، وفي القصة

الخصوص ، حيث إن ضيق مجال حركة السارد زمنيا فيها تؤدي بالسارد إلى محاوالته اللعب على تنويع أشكال التتابع بين األحداث ، وهو ما جعل جيرار جينت يسمى هذا

إحاالت " ، ويعرفه بأنه " االسترجاع التكميلي : " األسلوب – بعد فوات األوان –تسد تضم المقاطع االستعادية التي تأتي ل

فجوة سابقة في الحكاية ، وهكذا تنتظم الحكاية عن طريق اسقاطات مؤقتة ، وتعويضات متأخرة قليال ، أو كثيرا وفق

٨٦ ص – سبق – الفن الروائي – ديفيد لودج )٦٠(

وهو )٦١(" منطق سردي مستقل جزئيا عن مضي الزمن في مثل هذه القصة – الذي يسمح للسارد – ذاته –االستقالل

لتي تتواتر على ذهنه في نمط بتتبع وعي البطل ، والصور ا .كابوسي ، بما ال يتوازى مع التتابع السببي التقليدي

وتستطيع أن نلمح الي تواتر هذه اآللية ووظيفتها تلك " ليل الشتاء " جبل الشاي األخضر ، و : في قصص مثل

عند يحيى الطاهر عبد اهللا ، ولعبة المطاردة لمحمد البساطي .لمجيد طوبيا " د الرصي" ، وكذلك في قصة

تبدأ قصة الرصيد بقرار البطل النزول للسهر رغم – في الفقرة االفتتاحية –برودة الجو ، تم تتبع هذا القرار

.. كنت نويت قضاء هذه الليلة نائما " فقرة أخرى يقرر فيها أخبرت أصحابي بأني لن أغادر المنزل ، إال أنني وجدت

أرتدي مالبسي –شرة والساعة جاوزت الحادية ع–نفسي .)٦٢("وأهبط إلى الشارع

٦٢ ص – سبق – خطاب الحكاية – جيرار جينت )٦١(" الرصـيد " قصة – فوستول يصل الي القمر – مجيد طوبيا )٦٢(

٣٠ ص –

إن مثل هذا االسترجاع ، وإن اسهم في استكمال معلوماتنا عن الحكاية عبر معلومة أنه أخبر أصدقاءه بقرار عدم النزول ، فإنه في الوقت ذاته يسهم في تعميق صورة البطل المتردد ، بين البقاء في البيت أو السهر مع األصدقاء

التردد الذي سيتضافر معه تعبير أحد هؤالء األصدقاء ، وهو أنت كالشريك .. المجنون فقط ال يرضخ لرأي المجموع : "

)٦٣(" المخالف لالسترجاع الداخلي – هاهنا –إن الدور الذي نلحظه

مثلي القصة ، والمتمثل في سد نقص المعطيات السابقة على في القصة اللحظة القصصية ، قد تم استخدامه عضويا

–القصيرة بالصورة التي تتواءم عضويا مع ما أشرنا إليه من السمات النوعية المرتكزة على ضيق الحيز –سلفا

الزمني ، والنصي للقصة القصيرة ، وبذلك سنرى إن معظم صور االسترجاع تدور حول الشكل التلغرافي في الموجز ،

التي وإذا خرج عن هذه الصورة فلضرورة فنية مثل تلك رأيناها في قصة األب حانوت من إعادة ترتيب هذه

٣٠ ص – السابق نفسه – مجيد طوبيا )٦٣(

المعطيات ، وهو ما يتواتر في العديد من النماذج القصصية في الستينات بوصفها داال نوعيا على باقي أفراد النوع

.السردي على ) كان( أن نالحظ أثر استخدام الفعل – كذلك –ولنا

أشرنا إليها ، تكوين االسترجاع في العديد من النصوص التي مع مالحظة أن هذا الفعل ، وهو مكون سردي فولكلوري ، قد شكل ظاهرة واضحة في معظم قصص يحيى الطاهر عبد اهللا ، في هذه الفترة وما بعدها ، بما يكون ملمحا مهما لديه في االتكاء على الماضي بوصفه األرضية التي ينطلق منها

التي " من الجلد معطف " وبالنظر إلى قصة مثل . أي سردسبقت اإلشارة إليها ن سنرى إن كل فقرة من فقرات القصة

أو مشتقاته ، مما يجعل من كل فقرة وحدة ) كان(تبدأ بالفعل سردية مستقلة ، وحافزا سرديا خاصا ، وهو ما يوضح أن العناصر البنائية للقصة القصيرة لديه ال تعتمد على الجملة ،

من النظر الي الفقرة السردية وتركيبها ، بقدر ما تنطلق .لوصفها أساسا بنائيا يدور حول زمن واحد

وإن بصورة مختلفة في قصص –وهو ما يتواتر إلى – قليال –سليمان فياض التي تستخدم هذا الفعل للرجوع

الماضي ، واستكمال جوانب المشهد ، من عدة أوجه نظر يرة ، مقطع في القصة القص–بصورة تتكرر مع كل مشهد

: ، التي تبدأ كالتالي ) عطشان يا صبايا(وذلك في قصة مثل ارتجفت يد الحاج على وهبطت بذراع الطلمبة األسود "

ثم " .. الالمع ، واندفعت على األثر دفقة من المياه الجوفية بعد انتهاء هذا المشهد الذي يصف آخر حركة لهذه الشخصية

ارج من الطلمبة ، في عملية الوضوء ، ثم شربه للماء الخكانت الطلمبة " يتبع السارد بذلك مقطعا آخر يقوم في أوله

قائمة في الزاوية الطينية الموصلة بين دورة المياه وحظيرة وهو الرجوع الي المشهد منذ بدايته لمنح . )٦٤("البهائم

المتلقي معلومات عن تلك الطلمبة التي ستبدأ من عندها خط آلية توحي بسيطرة كاملة للسارد السرد في حركته ، وهي

على مجريات األمور في نصه القصصي ، عن طريق ، الذي استكمل به السارد هنا صورة ) كان(استخدام الفعل

المكان ، والذي يتواتر على مدار القصة ، من أجل اإلحاطة

األعمـال – مؤلفـات سـليمان فيـاض – سليمان فيـاض )٦٤(

المصرية الهيئة – قصة عطشان يا صبايا – القسم األول –القصصية ٥ ص – ١٩٩٣ – القاهرة –العامة للكتاب

الكاملة بكل جوانب الحدث والمكان الشخصية وبصورة تقطع زمن السرد بالرجوع الي الوراء من تصاعد خط ال– دائما –

وهكذا في تطعيم واضح لحاضر .. ثم الي األمام ثم الوراء السرد بمكوناته الماضوية ، وبما يشكل ظاهرة ال يمكن

. التغاضي عنها في مثل هذه القصة وهو ما يتكرر عند سليمان فياض في العدد من القصص

" للص والحارسا" ، و" وعندما يلد الرجال " " النداهة" مثل ومعظم قصص سليمان فياض بما يمثل " امرأة وحيدة"،

) كان(ظاهرة أسلوبية لديه توصي باالتكاء على الفعل – من ناحية –ومشتقاته ، اتكاءا يوحي بتمثل تراث الحكي

وباالعتماد على المكونات الماضوية لفعل السرد الموازي ما يشير وهو . لحاضر اللحظة القصصية من ناحية أخرى

كذلك الي تلك السمة القصصية النابعة من االهتمام باللحظة ، والتي تجعل من آليات السرد وسائل للدوران حول هذه اللحظة القصصية ، ومحاولة رؤيتها من جوانبها جميعا ، من أجل الوقوف على عمق الشخصيات ، وعلى المسببات

.األصلية لألحداث ، ومكوناتها

االسترجاع وتعدد أبعاد ( –ني المونتاج الزم ) :القصة

يعد المونتاج الزمني ، واحدا من أهم الحلول التي يستخدمها السارد لحل إشكالية التعارض بين زمن الخطاب الخطي ، وزمن القصة متعدد األبعاد والمونتاج آلية سينمائية ، مستعارة من حقل العمل السينمائي ، للعمل السردي لكي

.أحداث لم تتجاور في أصل وضع حدوثها تجاور بين وبالنظر إلى طبيعة المونتاج الفنية سند إنه يعتمد على إيقاف التصاعد الزمني لخط السرد أحادي االتجاه من أجل إدخال خط آخر أو جزء آخر من الخط السردي على الخط األصلي ، وهو ما يستلزم تعليق السرد ، والرجوع بالزمن

ل التقاط بداية خط الحدث اآلخر ، وهو إلى الوراء من أج" األمر الذي يجعل من المونتاج والسرد آليتين متالزمتين

ففي القصة يمكن ألحداث كثيرة أن تجري في آن واحد ، لكن الخطاب ملزم بأن يرتبها ترتيبا متتاليا يأتي الواحد منها بعد اآلخر ، وكأن األمر يتعلق بإسقاط شكل هندسي معقد

مستقيم ، ومن هنا تأتي ضرورة إيقاف التتالي على خط

ويقوم االسترجاع الداخلي مثلي . )٦٥(" الطبيعي لألحداث القصة بعض هذه األحداث على تلك الصورة التي تظهر في النص عن طريق إسهامه في عملية المونتاج التي تمزج بين خطين سرديين في قصة واحدة ، وهو ما يسهل على السارد

نضع " قت ذاته أن يحيط بكل جوانب مسرودته ، و ، في الونصب أعيننا الحاالت التي بعد أن يتبنى فيها المؤلف المنظور الزماني لشخصية معينة ويديرا سرد من وجهة نظرها يقفز فجأة كاشفا لنا ما ال تعرفه الشخصية التي هي حاملة وجهة

زمن نظر المؤلف ، وما لن تعرفه إال بعد مدة طويلة من ال)٦٦(.

إن الصورة التي يظهر بها السارد في النص السردي علي اعتماده على المونتاج الزمني ، – بصورة ما –تؤثر

والطريق التي يستخدمها بها في النص السردي ، وهو األمر الذي يتضح بالنظر إلى بعض النماذج القصصية في الستينات

٥٥ ص – سبق – تودوروف )٦٥( ٧٨ ص – سبق – شعرية التأليف – بوريس أو سبنسكي )٦٦(

يرة ، وخاصة تلك التي تدور حول لحظة قصصية ، قص .وضيقة ، وعميقة في آن

لعبد الحكيم " حكايات حول حادث قصير " تعتمد قصة قاسم على تقسيم مرتكز على عناوين جانبية ، يمثل القطع الذي تقوم به هذه العناوين آلية مونتاج سردي قائم على إدخال عدة خطوط حدثية إلى لحظة واحدة ، حيث تبدأ القصة

التي تقرأ القرآن على الرصيف في " الفتاة العمياء " بمقطع صورة من صور التسول ، وتلتقط حوارات العابرين ، التي

من عدلي إلى " تتكرر فيها لقطة الموت ، ثم مقطع ، حيث األخ الذي يصله نبأ وفاة أخيه ، ليال ، " اإلسماعيلية

ثم ذكرياته عن أخيه ، وتداعيات تأمالته للموت بوصفه م بالغموض ، ومحاوالته التخاذ قرار حقيقة كبرى تلف العال

.النوم ، حيث " في تلك الفيال البعيدة " وفي المقطع الثالث

الذي كان ذلك الشخص الذي مات " يصل الخبر إلى الحاج يعمل عنده ذات يوم وطرده لشكه في تالعبه في الدفاتر مما يستدعي ذكرياته الليلية حول هذا الكاتب الميت ، وذكائه

. له وسرقته

يتتبع السارد اثنين من " عند بائع األكفان " وتحت عنون أقارب الميت بدءا للتوفي اتخاذ إجراءات ما بعد الوفاة ، في

وجوه " مكتب الصحة ، ثم عند بائع األكفان ، ثم في مقطع يبدأ السارد في تتبع أحداث يوم الجنازة منذ " في الزحام

قودها ابنه ، ومعه الصباح ، فاألخ يركب سيارته التي يزوجته ، في انتقال بين الشخصيات الثالثة ، وتتبع ألفعالهم ووعيهم ، ثم قطع على أحد المشاركين في الجنازة وبيان رحلته إليها في الترام ، ثم إحدى صديقات زوجة الميت التي

خمسة جنيهات تساعدها على اجتياز –تخطط لمنحها هبة .األزمة

يركز السارد على لحظة " أبدا لن يعود" وفي مقطع اإلتيان بتصريح الدفن وبدء العسل ، مركزا على الحانوتي ومن يرافقه من أقرباء الميت ، حتى يتم الغسل والتكفين ، ثم

.خروج الجنازة يصور الجنازة منذ " عن الذباب " وفي المقطع األخير

خروجها الي الوصول إلى القبر ، مجمعا كل الشخصيات .قة في مشهد واحد الساب

حكايات حول حادث صغير – إذن –يبدو عنوان القصة متالئما للغاية مع موضوعها حيث الحادث الصغير هو )٦٧(

الموت ، ويحاول السارد أن يجمع العديد من الخيوط حول هذه الوفاة عن طريق تتبع اكبر عدد من الشخصيات في

، والثانية ثالث لحظات األولى هي لحظة وصول نبأ الموت .بداية الرحلة إلى مكان الميت والثالثة هي الجنازة

وهو األمر الذي يجعل من المونتاج وسيلة مثالية لتركيب عدة خطوط سردية متوازية زمنا ، متباينة مكانيا ،

في –لتصبح هذه الحكايات المتعددة عندما تلتقي في النهاية . بالتالي –مقطع واحد

ستخدمه القاص في هذا النص قد إن المونتاج الذي ا على قطع حكاية كل – عند بداية كل مقطع سردي –اعتمد

شخصية ، وتعليق السرد بها لصالح الرجوع عن طريق

جـاليري – حكايات حول حادث صغير – عبد الحكيم قاسم )٦٧( عدد خاص عن القصة المصرية– ٦٨

والقصة منشورة من قبل فـي – ٨٤ص : ٧١ ص - ٦٩أبريل ١٩٦٧ أغسطس –المجلة مجلة

االسترجاع إلى اللحظة ذاتها في مكان مختلف ، ومع .شخصية أخرى

وهو األمر الذي نلحظ تكراره ، وإن اختلف األسلوب وعين " بد الحكيم قاسم ، و لع" الصفارة " في قصص مثل

ليحيى " ليوسف القط ، وإيقاعات بطيئة ومنتظمة " الكاميرا .الطاهر عبد اهللا يخلق السارد " إيقاعات بطيئة ومنتظمة أيضا " في قصة

مقطع ، ويقوم باالسترجاع في كل / خطا موازيا لكل مشهد مرة ، خالقا مونتاجه الخاص ، بأن يستخدم تقنية الطباعة ، ليصبح النص نصين ، أحدهما متن ، واألخر كال بين

كور الطفل : " األقواس ، يوازيه ، ويتضافر معه ، يقوم جسمه القليل ونفذ من فتحة الحائط الفسحة الوسطى ، وصل

. )٦٨(" للفضاء المسور المتصل بالدار من جانبه الشرقي ي هكذا يبدأ خط السرد بحدث واضح المعالم متعلق بالطفل الذ

ينفذ إلى الفسحة ، غير إنه يبدأ استرجاعه المقوس لكي يعود إلى توصيف الجو المحيط بهذا الفعل ، في قطع واضح

١١٢ ص – سبق – األعمال الكاملة– يحيى الطاهر عبد اهللا )٦٨(

لتسلسل السرد ، بما يمثل سمة اختزالية ، وإشارية واضحة ، هبت ريح الشمال المجنونة ، حملت : من وقت : " ( يقول

عيدان السمسم والقطن من فوق أسطح البيوت ، ولمتاألوراق الجافة من فروع أشجار التوت واألثل واللبخ ،

.. رقدت األوراق والعيدان الجافة – تحت الحوائط –واآلن وحمار ترابي اللون ، ومعزتان سوداوان وهناك ، في

. )٦٩(" الطرف البعيد كانت صومعة صغيرة هي بين الدجاج وهي تلك الصومعة التي يقصد هذا الطفل الدخول إليها ،

مدى ترابط هذين – في نهاية االسترجاع –وهو ما يوضح وهو ما . الخطين اللذين يبدوان في بداية األمر ال يتقابالن

يؤكده النظر في النهاية إلى الصورة الكلية التي يكونها .الخطان ، في استلهام واضح لالستخدام السينمائي للمونتاج

ألبيضين ، كانت الدجاجة البيضاء قد فردت جناحيها ا".. كانت تنقل قدميها بسرعة وارتباك من األرض إلى الفضاء

نموذج لطائرة بيضاء . ( وتكشح خلفها التراب وفجأة اختفت

١١٢ ص – السابق – يحيى الطاهر عبد اهللا )٦٩(

تجري على أرض الفضاء الصغير وخلفها شريط أبيض من )٧٠() " الدخان ، طارت ألرض مجهولة

المشهد ، الذي يكون ثلث – المقطع –إن هذا اإليقاع ، يوضح البنية المزدوجة التي اعتمدها يحيى الطاهر القصة

في مسرودته هذا ، كما يظهر بوضوح ذلك التداخل الذي على االسترجاع – أساسا –يعتمد على المونتاج المنبني

–الداخلي ، ومدى إسهامه في إيجاد نص قصصي ذي حدين بالصورة التي تجعل من هذه القصة بنية –خطين سرديين

ستة خطوط ، متجمعة في أرواج متداخلة ، وهو مكونة من األمر الذي يجعل من ذك النص القصير هيكال شديد التعقيد ، شديد القصر بالقياس إلى كم المعلومات المستخدم فيه ، وكم

–الشخصيات التي تؤدي فيه أدوارها ، غير إن الطفل يظهر في هذه اإليقاعات جميعها في –المؤدي دور البطولة

العنصر المشترك ، لتصبح القصة في النهاية سردا صورةليوم هذا الطفل ، وآثامه الصغيرة ، بالموازاة مع كونية

.التكوين السردي المهيمنة على المقاطع المقوسة

١١٣ ص – السابق – يحيى الطاهر عبد اهللا )٧٠(

واحدا من أهم اآلليات – إذن -يبدو االسترجاع الداخلي التي تعتمد عليها القصة في إعادة رؤية أحداثها بطريقة

وعلى الرغم من قلة . عما وقعت عليه في الواقع مختلفة استخدام االسترجاع الداخلي في القصة القصيرة ، قياسا بالخارجي منه ، واعتمادا على معالجة القصة لحيز ضيق ، يعتمد على روافد من خارجه ، نقول على الرغم من قلة

– عند استخدامها –استخدامه فإنه يمثل آلية عضوية تسهم البنية السردية للقصة القصيرة ، بما يجعلها حاملة في تعقد

إلشارات ودالالت غاية في اإليجاز والتكثيف في آن واحد ، كما يسهم في تحميل القصة بالعديد من األبعاد ووجهات النظر الناتجة عن هذا التكثيف ، وهو ما يميز تعامل القصة

ذا في هالقصيرة مع آلياتها بما يشكل مميزا نوعيا لها .اإلطار

يبقى لنا إذن اإلشارة إلى طريقتين عامتين لظهور ومالحظة كيفية التعامل - عموما–االسترجاع في السرد

–القصصي مع الطريقتين حيث يمكن تقسيم االسترجاع . إلى استرجاع مفرد ، واسترجاع تكراري –عموما

استرجاع المفرد واالسترجاع التكراري في واحد من أصول النظر إليه ، إذا كان االسترجاع ،

يتم في األساس عن طريق استعادة حدث يقع مرة واحدة ، : " ويتم استرجاعه مرة واحدة ، أو بتعبير جيرار جينت

حدث وحيد يجب وضعه في نقطة واحدة من القصة الماضية ، فإن هذا النوع )٧١(" ، أو من الحكاية السابقة عند االقتضاء

باالسترجاع المفرد ، الذي يشير إلى هو ما يمكن تسميتهحدث وحيد ، وهو النوع الذي تواتر في كل األمثلة التي عرضنا لها فيما سبق من أنواع ووظائف االسترجاع ، والواقع أنه يمكن لنا اعتبار أي استرجاع هو استرجاع مفرد

منطقيا على –ما لم تتم اإلشارة إلى غير ذلك ، حيث يوجد بحسب اإلشارة إلى –آخران من االسترجاع نوعان –األقل

، األول هو ما يمكن تسميته باالسترجاع -سمة التكرار المتكرر ، وهو ما يتكرر بنصه عدة مرات ، في إشارة إلى تكرار حدث واحد عدة مرات ، وهو ما يندر استخدامه في

٦٤ ص – سبق – خطاب الحكاية – جيرار جينت )٧١(

القصة القصيرة التي ال تعتمد التكرار لمحاولتها اإليجاز .بع من سمة التكثيف الشديد النا

وبالنظر كذلك إلى هذه السمة يبدو لنا االسترجاع التكراري أكثر لصوقا بالقصة القصيرة ، حيث إنه يتضمن

بعبارة –داللة إشارية إيجازية من حيث انه يشير مرة واحدة إلى حدث يتكرر عدة مرات ، وهو ما يمكن رؤيته –واحدة

و " محبوب الشمس " في العديد من القصص القصيرة ، مثل" حكايات الزوايا " ليحيى الطاهر عبد اهللا ، و " حج مبرور "

في " دائما هذا العدد الكبير " لمجيد طوبيا التي تتضمن عبارة الذي يراه –الفقرة األولى لتشير إلى تكرار وجود هذا الزحام

إن السمة الرئيسة التي يراها جينت . )٧٢( كل يوم –البطل الحكاية تعود في هذا النمط على " هذا النوع من أن في مثل

وبالطبع ال يمكن لهذه االسترجاعات أن .. أعقابها جهارا تبلغ أبعادا نصية واسعة جدا إال نادرا ، بل تكون تلميحات

وهو ما يمكن رؤيته . )٧٣(" من الحكاية إلى ماضيها الخاص

٦٩ص = سبق – خمس جرائد – مجيد طوبيا )٧٢( ٦٤ سبق ص – خطاب الحكاية –ار جينت جير)٧٣(

ردي بوضوح في القصة القصيرة ، حيث إن هذا النوع السيستخدم آلية االسترجاع التكراري لإلشارة إلى أحد مكونات الحكاية ، التي تبدأ من الماضي ، وتمثل أحد المكونات

على النحو –إن االسترجاع التكراري . الحاضرة في النص يمثل حين ظهوره في القصة القصيرة أحد الركائز التي –

عادة يقوم عليها النص ، إما بوصفها عادة تستمر ، أو .تخترق

حيث " حكايات الزوايا " يبدو هذا واضحا في قصة – الحاضر –يمثل الزحام الذي يراه البطل في المقطع األول

تلك العادة التي تستمر منذ قبل البداية ، كما يظهر كسر هذه ليحيى الطاهر عبد اهللا في " محبوب الشمس " العادة في قصة

فال .. طارد محبوب واستمرت ضحكات السخرية ت" قوله خطبة الجمعة وال غضبة الحج خليل وال مقاطعة الحاجة نفيسة ألغلب نساء القرية أوقفت مخلوقا عند حده وال أعادت

شئ واحد هو الذي أخرس األلسن وأمات .. لمجنون عقله " عندما غابت الشمس عن محبوب وعن القرية .. االبتسامة

ترجاع التكراري على بناء ونالحظ األثر الذي يؤديه االس)٧٤(القصة ، خاصة عندما يتم ما يكسر هذا التكرار بما يمثل

.الحدث األهم الذي سينبني عله القصة بكاملها فيما بعده كما نالحظ أن االسترجاع التكراري دائما ما يشتمل

" " دائما"على لفظة أو عبارة تشير إلى هذا التكرار مثل كلمة وهو ما يمثل حدا يفصل النوع عما ، " كل يوم"، " استمرت

.سواه

–الشـمس قصته محبو ب – سبق – يحيى الطاهر عبد اهللا )٧٤( ٤٢ص

ختام الفصلإذن األساس الذي يقوم عليه أي سرد ، يمثل االسترجاع

بحيث يمكن اعتبار أي من سردي هو فن استرجاعي ، غير إن القصة القصيرة تمتلك من السمات النوعية ما يمثل فارقا واضحا لها في تعاملها مع آليات السرد ، وخصوصا

.جاع االسترفالقصة القصيرة تتميز بضيق الحيز الزمني الذي تعالجه ، وقصر المساحة النصية التي تخرج بها نصا ، وهو ما يؤدي إلى بعض النتائج التي تنتج عن تميز القصة

:القصيرة عن باقي األنواع السردية ومنها أن االسترجاع الخارجي أشد لصوقا بالقصة القصيرة -١

ترجاع الداخلي أكثر استعماال في ، في حين إن االسالرواية ، حيث إن المدى الزمني الواسع للرواية يمنحها إمكانية احتواء الحكاية بأحداثها كاملة ، في حين يمثل ضيق القصة عامال مهما مؤديا إلى تركيزها على اللحظة القصصية وما يحيط بها عن

.قرب

تقتصر أن وظيفة االسترجاع الخارجي في الرواية -٢على إيضاح ماض شخصية غابت لفترة ثم عاودت الظهور ، أو الشخصية التي تظهر ألول مرة في

في حين إن البنية األشد تكثيفا في القصة . الحكاية القصيرة تجعل من هذا النوع وسيلة انتقاء مهمة في يد السارد يقوم عن طريقها بإضاءة الحكاية ، وبنائها

وتركيبها بصورة أشد على أساس من ماضيها بل .تكثيفا

أن االسترجاع الداخلي في القصة القصيرة وسيلة -٣مهمة للسارد إلبراز استراتيجيته السردية ، وإعادة تكوين الهيكل البنائي لنص السردي ، وتقديم وتأخير

كما أنه في . األحداث ، وإخفاء بعضها إلثارة المتلقي لتعارض بين الوقت نفسه وسيلة مهمة للتغلب على ا

.خطية النص السردي ، وتوازي الخطوط الزمنية أن االسترجاع الداخلي أساس يقوم عليه المونتاج -٤

السردي في القصة القصيرة ، بما يجعلها قادرة على تحمل العديد من األبعاد والرؤى ، وكذلك يجعلها

.ز العديد من وجهات النظر القصصيةقادرة على إبرا

المفرد و االسترجاع التكراري أكثر أن االسترجاع-٥ظهورا في القصة القصيرة من االسترجاع المتكرر ، تماشيا مع سمات التركيز ، وصفاء النسق السردي ،

.والتخلص من الحشو وبهذا يمكن اعتبار االسترجاع ، بما هو أساس بنائي ، وآلية سردية في القصة القصيرة ، ومفجرا مهما للعديد من

لنوعية المميزة للقصة القصيرة ، على مستوى السمات اخصوصية تعاملها مع آلياتها السردية ، وبخاصة الزمنية

.منها

الفصل الثالث

א א א

: تأسيس في أهم –إذا كنا قد أشرنا إلى أن اإلحساس بالزمن ينتج

عن ذلك الشعور بالتغير الذي ينتج عن تعاقب –صورة ا التعاقب يدل في أبرز مظاهره على أحداث مختلفة فإن هذ

تراتب بين أحداث ، وهو التراتب الذي يوجب تقدم أحداث وتأخر أخرى في صورة تقترب بالزمن من مفهوم الخط

.المتكون من نقاط متجاورة من هنا سيتضح إن ما نعنيه بالترتيب الخطي هو ذلك التتابع الحاصل بين األحداث على أساس مواقعها الزمنية ،

بحيث يأتي الماضي أوال ثم الحاضر ثم المستقبل وهو ما يمكن أن يظهر بصورته تلك في السرد على هذا النحو الثابت المتصاعد وهو األمر الذي يحدث عندما يتوافق التتابع

الوقائع يمكن أن " الزمني مع التتابع السببي وعندئذ فإن ذ في تحكي حسب تتابع حدوثها ، حيث التتابع الزمني يؤخ

االعتبار ، ومن ناحية أخرى قد يكون هناك عدم توافق بين ، )١(" المفارقات الزمنية – حينئذ –نوعي التتابع ، وتحدث

١٦٥ ص – سبق –المصطلح )١(

الناتجة عن عدم التوافق بين –وإذا كانت هذه المفارقات هي آليات يستخدمها السارد من أجل خدمة هدف –النوعين

لنظر إلى تلك البنية ا– كذلك –سردي لديه ، فإنه من الممكن الخالية من المفارقات الزمنية بوصفها آلية تعامل خاصة جدا للسارد مع مسرودته ، وهي آلية تعتمد في األساس على الموازاة الشديدة ، الفعالة في آن ، بين خط الزمن المتصاعد

. ، وخط األحداث المتطور وإذا كان الهدف األهم للسرد هو حكي أحداث متتابعة

لى نحو مخصوص ، وحسب منطق يحدده السارد ، فإن عالمنطق الزمني للتابع هو واحد من أشكال رصد األحداث

.حسب رؤية السارد المتحكم في زمن مسرودته من هنا تعد موازاة خط حدثي واحدة من أهم اآلليات ،

التي يحاول السرد الوصول إليها – في آن واحد –واألهداف تقليدي حال محاولته االتسام بالملحمية ، ، وقد كان السرد ال

يعمد إلى تداخل األزمان من أجل تعقيد البنية السردية التي تقوم عليها هذه الموازاة ، ومن هنا كان ظهور اآلليات المؤدية لتعرج البنية الخطية السردية الناتجة عن تعدد

في –وجهات النظر ، كما الحظنا عند مناقشة االسترجاع

– بصورة ما – وهي الرؤية التي تالزمت –لسابق الفصل امع نمط الراوي العليم ببواطن األمور ، المسيطر على مجريات السرد ، والنافذ إلى دواخل شخصياته ، والمرتب لألحداث وورودها في النص تبعا لرؤيته ألهميتها بالنسبة

للرسالة التي فعال يبدو واضحا أال يكون تتالي األ" يؤديها ، وبحيث

، وهو )٢(" اعتباطيا في سـرد مـا إنما يخضـع لمنطق ما المنطق الذي يحدده ويتحكم في مكونات السارد بوصفه مرسال للرسالة السردية ، وهو ما يتأكد لنا عند النظر الي

الحوادث التي تتألف منها العقدة " مقولة شكري عياد إن ذي تخضع لضبط الكاتب ال: تخضع لنوعين من الضبط

يربط بينها على أساس السببية متقدما في الترتيب الزمني إلى أقصى مدى يستطيعه ، وتاركا لقارئه مجاال واسعا للربط والحدس واالستنتاج ، و تخضع لضبط الشخصيات في العمل القصصي نفسه بحيث يمكن أن توصف الحوادث أيا كان

٤٧ ص – سبق –تودوروف ) ٢(

، )٣(" مصدرها بأنه أفعال أو انفعاالت لشخصيات القصة حيث يرى إن ترتيب ورود األحداث في أية منظومة سردية يقوم على التوافق بين نوعين من الترتيب أحدهما سببي ، يقوم على الترتيب المنطقي الذي قد يكون خاضعا للترتيب الزمني وقد ال يكون ، لكنه في األساس يأتي تبعا لما أسميناه

قة بالشخصية ، واآلخر له عال" باستراتيجيات السارد " سلفا التي يكون زمن السرد واقعيا بالنسبة لها ، وبالتالي تتزايد أهمية الترتيب الكرونولوجي في هذا النوع ، تبعا لوجهة نظر هذه الشخصية ، وأهميتها في تكوين الخط السردي ، وبالتوفيق بين هذين النوعين يتكون خط السرد ، وحسب

د الذي تبدو عليه البنية درجة هذا االتفاق يتحدد مدى التعقي –الزمنية للمسرود ، وهو ما نلمحه في تصريح أو سبنسكي

يستطيع أن يحسب الزمن وينظم تتابع " بأن المؤلف –كذلك األحداث الزمانية من خالل موقع إحدى الشخصيات ، وبذلك يتطابق زمن المؤلف مع التوقيت الذاتي لألحداث بالنسبة إلى

)٤(" تخدم ترسيمته الزمنية الخاصة به شخصية معينة ، أو يس

١٩ ص – سبق – شكري عياد )٣( ٧٦ ص – سبق – بورس أو سبنسكي )٤(

وهو ما يؤكد الدور المهم الذي يقوم به الكاتب ، ومن ثم . الراوي ، في تحديد العالقات التتابعية بين األحداث في النص السردي بوصفها مهيمنين على زمن الشخصية ومجددين لحدوده ، حيث تبدو أهمية هذا الزمن كبيرة بالدرجة التي

بعض النقاد يغفلون أهمية طبيعة األحداث ، عند جعلت من " النظر إلى البنية المكونة للسرد ، أو كما قال تودوروف

أهمية طبيعة األحداث ضئيلة والشئ الوحيد الذي يكتسي ، وإذا كان )٥(" أهمية العالقات في صورة التتابع الزمني

األمر كذلك لدى تودوروف ، فإننا لن نصل إلى هذا الحد منإهمال طبيعة األحداث ، غير إن التأكيد سيظل قائما على أن هذه العالقات الزمنية بين األحداث تمثل نقطة انطالق مهمة في النظر إلى مكونات النص السردي ، وهو األمر الذي

التشابه بين التتابع الخطي –يجعل من النظر إلى التوازي العناصر التي الواقعي لألحداث ، والتتابع السردي لها أحد

. ومغايرة سردية حديثة–يمكن أن ينبني عليها تصور لرؤية

- من كتاب – حديث عن الشكالنيين الروس– تودوروف )٥( ٥٦ ص –سبق

الدور الذي يقوم به تعدد الشخصيات – سلفا –وقد رأينا أن – كذلك –في إحداث تعرجات الزمن ، وإذا كنا قد رأينا

تعدد الشخصيات المحورية هو سمة روائية في األساس أن – إذن – وقلتها سمة قصصية ، فسيكون من المنطقي

تميل القصة القصيرة إلى تلك السمة الخطية ، غير إن األمور ال تحدث دائما على هذا النحو ، فالقصة القصيرة غالبا ما تستخدم ألعاب الزمن للتعبير عن رؤية سردية لدى كاتبها ، لكن ما يهمنا هو ذلك الميل الواضح في القصة

ما يحجم من دور القصيرة للتعبير عن الشخصية بلسانها ، مضروب التعارض التي تبرز فهمنا " الراوي ، وبالتالي فإن

تشكل .. لألحداث وسلوك الشخصية ، وفهم الراوي للقصة إحدى مزايا السرد بلسان إحدى شخصيات القصة بدال من

وعندما .. روايتها بلسان المؤلف الضمني شمولي المعرفة الحظة أو مفرط نعرف أن الراوي ليس متسلطا أو دقيق الم

التحامل بحيث يحول ذلك دون فهم ما يحدث على نحو تام إن هينكل )٦(" فإننا نستشعر نشوة استجالء األشياء بأنفسنا

١٩٣ ص – قراءة الرواية –هينكل . ب – روبت )٦(

يركز هنا على السير خطوة بخطوة مع األحداث إلى األمام ، وهو ما يعني بصورة ما وجود تتابع خطي زمني

التعبير ، وهي الصورة التي تتناسب مع ) كرونولوجي( مما يجعلها صورة – عموما –الذاتي للشخصية عن نفسها

مناسبة للقصة القصيرة بتصورها الحديث المعتمد على شالشعرية والذاتية ، كما أشار شكري عياد ، وجورج لوكات

من قبل ، في مقابل ملحمية الرواية ، وتعدد منظوراتها ردية عدة خطوط س– غالبا –وشخصياتها التي تفرض عليها

، تستلزم إيجاد تعرجات زمنية قسرية لذكر األحداث .ورصدها

ومن هنا يمكن لنا أن نستنتج أن الفنون السردية عموما تستخدم هذه التعرجات الزمنية ، لكنها تبدو في الرواية أشد ميال لالستخدام بوصفها أداة إخبار ، غير إنها في القصة

شكيل الجمالي للسرد ، أداة للت– في الغالب –القصيرة نظهر وتقنية يستخدمها الراوي بصورة بالغية تهدف إلى التركيز

.على استراتيجياته أساسا –وإذا كان الترتيب الخطي زمنيا لألحداث يرتبط

في القصة القصيرة بإشكالية الراوي الممسرح ، فإنه من –

ناحية أخرى يظهر له ارتباط آخر بالمكان ووحدته ، بوصفه األشد ارتباطا بالزمن في السرد ، فإذا كان تنوع العنصر

المكان مع وحدة الزمن يفرض على السارد أن يعدد خطوط سرده عن طريق استخدام االسترجاع بطريقة المونتاج

فإن المكان – كما رأينا ينافي الفصل السابق –المتوازي الواحد حين يكون فضاء لقصة ، ال تخرج عنه ، وعند

شخصية واحدة ، سيمنح االستخدام الخطي رمنظورصده من { للزمن مبررا قويا في القصة القصيرة ، ولعل هذا يردنا

، بأن نضيف } وحدة الحدث – وحدة المكان –وحدة الزمان منظورها ، هادفين –إليه من ناحية أخرى وحدة الشخصية

بذلك إيضاح الرؤية الذاتية القصصية التي تفرقها عن الرواية . األشكال السردية التقليدية ، وعن

من ناحية أخرى ستظهر أمامنا إشكالية الزمن الحاضر وظهوره داخل النص ، إما حاضرا على المستوى النصي ، أو على المستوى اللغوي ، فالحاضر النصي هو الحاضر

– لغويا –الذي تعيشه الشخصية داخل القصة حتى لو ظهر هو – بالطبع – اللغوي في صورة الفعل الماضي ، والحاضر

الذي يظهر في صورة الفعل المضارع ، وهو ما يشير إليه

إن قيم الحاضر متعددة ، فبإمكان هذا " برنار فاليط في قوله ، وعلى ) حاضر السرد ( الزمن أن يدل على الماضي

الالزمني – ،وإذا كان ظهور الحاضر )٧(" معا ) الحاضر العام (

تج داخل النص السردي عن محاولة سين–بمستوياته تلك موازاة التتابع الخطر لألحداث ، فإنه سيتعلق من ناحية أخرى بمسألة تتداخل زمن المؤلف ، ومن ثم زمن الراوي ، وزمن الشخصية ، وهو األمر الذي يستلزم االنتباه إليه عند

المنظور " إجراء التطبيق ، مع أهمية التركيز على أن دوره على األهداف التأليفية المباشرة الزماني ال يقتصر

" للوصف بل إنه يتعدى ذلك إلى مستوى التقييم األيديولوجي حسبما يقرر بوريس أوسبنسكي ، غير إننا سنحاول النظر )٨(

إلى هذا التقييم األيديولوجي بوصفه إجراء تحليليا للسرد ، آخذين في االعتبار أنه إذا كان الحاضر ممثال لوعي

ومظهرها ، على أساس ظهوره في صورة رصد الشخصيةآني لألحداث أو مونولوج داخل مواز لها ، فإن الماضي

٤٣ ص – سبق – برنار فاليط )٧( ٧٩ ص – سبق – بوريس ا سبنسكي )٨(

يمثل تاريخ الشخصية ومكوناتها النفسية ، عن طريق ظهروه .في صورة استرجاع

غير إن هذه العالقة ال تظل على هذه القدر من التبسيط على الدوام ، ، فالتداخل بين كليهما يظل احتماال قابال للتحقق

الزمن المعاش يمدنا بمادة " وهو ما يدعو باشالر للتأكيد إن الذكريات لكنه ال يمدنا بإطارها وال يسمح لنا بتوقيت

.)٩(" الذكريات أو تنسيقها إن فكرة التركيز على الحاضر ، بما له من عالقة تراتب ألحداث هذا الحاضر ، وبما تؤدي إليه من التركيز

لشخصية من الممكن أن تمنحنا آليات وإجراءات على وعي اتختص بالنظر إلى دور الترتيب الخطي في ظهور آليات

أخرى تتعلق به في النص لعل أهمها المونولوج الداخلي ، ودوره في صنع عالقة مع المتلقي على قدر

فن المونولوج يقضي بجعل هذا " من الخصوصية ، حيث إن اضرا معيشا من طرف البطل الحضور الذي يغمر القارئ ح

٨٤ ص – تيار الوعي في الرواية الحديثة – جاستون باشالر )٩(

، وفي هذا النمط فإن القارئ يستفيد من اإلشارة الخاطفة للشخصية وأما األحداث التخيلية فإنـه يستعيد اإلحساس بالمفاجأة وانعدام اليقين الذي أشار إليه ميشيل رايمون هنا هو

خاصة ذلك – حسبما نرى –أحد محركات السرد الحديث لشخصية وعالقتها بالعالم حولها ، النوع الذي يركز على ا

نعني بذلك هذا النوع من السرد الذاتي المتمثل في القصة هي إحدى – انعدام اليقين –القصيرة ، ولعل هذه الفكرة

مقومات ذلك االزدهار الذي شهدته القصة القصيرة المصرية ، والذي يدل عليه بصورة كبيرة ظهور ١٩٦٧في أعقاب بالقصة –أهم حقول اهتمامها في ضمن –مجلة تهتم

أي انعدام – ، وهو ٦٨القصيرة ، أال وهي مجلة جاليري يتعلق بالمستقبل كذلك ، ضبابية رؤيته ،بما يسمح –اليقين

.بمحاولة تمثله في السرد على هذا األساس يمكن لنا النظر إلى الترتيب الخطي لألحداث زمنيا في السرد بوصفه مقوما مهما من مقومات السرد الحديث ، ال سيما القصة القصيرة ، ومنتجا للعديد من اآلليات والرؤى في النصوص القصصية المعاصرة ، وهو ما يمكن أن نراه تطبيقا على نماذج من النصوص القصصية

في الستينات ، مع التأكيد على أننا نعني بالترتيب الخطي عدم وجود استرجاع على مستوى النص القصصي ، ولندرة

التي ال تستخدم االسترجاع إطالقا فإن –هذه النصوص على مقاطع – في بعض األحيان –الدراسة سوف تركز

قصصية تتراتب فيها األحداث خطيا ، ناظرة إلى عالقة ذلك بتمثل وعي الشخصيات وعالقته بالمكان ، وبالحاضر ، وبالمستقبل ، وما ينتجه ذلك من آليات سردية زمنية في

.األساس

الترتيب الخطي وآليات ظهوره في القصة :القصيرة

مرت مصر في فترة الستينات بعده تحوالت مهمة ، في الناتج اإلبداعي ، ولعل أهم هذه – بالتالي –آثرت

– ، تلك التي أسهمت ١٩٦٧التحوالت يكن في هزيمة في خلخلة العديد من الثوابت السياسية –بصورة واضحة بداعية التي ترسخت في الفترة التي قبلها ، واالجتماعية ، واإل

ومن أهم ما تخلخل هو اإليمان بالماضي ، حيث بدأت النظرة المتشككة إلى هذا الماضي ، األمر الذي أسهم في

ظهور التمسك بالحاضر على مستويات عديدة ، هذا الحاضر الذي يبدأ في الظهور بصورة عضوية في السرد على وجه

صة القصيرة خصوصا في أعمال العموم ، وفي القالقصاصين الذي سموا بجيل النكسة ، والذي أثروا القصية

.٦٨المصرية بأعمالهم التي واكبتها بالنشر مجلة جاليري تعبيرا عن حركة شبابية في القصة ٦٨كانت جاليري

القصيرة بشر بها محمد حافظ رجب في أواخر الخمسينات كما كانت مواكبة " آباءنحن جيل بال" في صرخته الشهيرة

للعديـد من حركات التمرد الشبابية في العالم ، ذلك التمرد الذي حرك الشباب لرفض التقاليد التي تواضع عليها آباؤهم

الذي جعل من هذه التقاليد أيقونة – كذلك –،وأجدادهم وهو الماضي ، الذي تم نفيه من خريطة تعامل هؤالء مع حياتهم

الماضي التي سادت في هذه الفترة كان إن فكرة رفض . ظهورها الواضح على مستوى آليات الكتابة – كذلك –لها

السردية ، وبالتحديد في القصة القصيرة ، بوصفها الفن السردي األشد اقترابا من الذاتية ،والذي مثل رؤية هؤالء الشباب لعالمهم ، وهو ما جعل من القصة القصيرة في هذه

السردي األكثر انتشارا ، ألنه يمتلك مقومات الفترة الفن

إن إحدى المعايير " التعبير عن هذه الفترة ، أو كما قال هي مقدار تمثيلها – حسب جولدمان –األساسية لقيمة النتاج

لرؤية متناسقة للعالم على مستوى المفهوم ، وعلى مستوى ت وبذلك فقد تأثر)١٠("الصورة اللفظية أو الصورة الحسية

القصة القصيرة بهذه الرؤية الحاضرية ، فبدأت في الظهور تلك االتجاهات التي ال تأبه كثيرا بالماضي بوصفه زمنا للشخصية أو للراوي ، وتحاول أن توازي الحاضر السردي بطرق متعددة ، لعل أهمها الترتيب الخطي لألحداث ، دون

اضي ، وقد أن تتخلله تلك القفزات التقليدية التي تسترجع الم – من أجل تحقيق هذا الهدف –استخدمت القصة القصيرة

عدة آليات تتعلق بجوانب السرد وآلياته كافة ، ويعد هذا – كما سنرى في التحليل –االستخدام الخاص مميزا نوعيا

لتعامل القصة القصيرة مع زمنها السردي ، من حيث عالت خروجها على تاريخية الرواية ، واعتمادها على تفا

مع العالم حولها ، العالم الراهن ، – داخل السرد –الذات

٤٩ ص – سبق – جولدمان وآخرون – مقدمات سوسيولوجيا )١٠(

المتغير ، والممتد لألمام دائما ، وهو ما يمكن أن نراه :اعتمادا على الجوانب التالية

صورة السارد ودورها في تحديد الرؤية : أوال :الزمنية

مفجرا يعد شكل ظهور السارد داخل القصة القصيرة .لتي يقوم عليها النص السردي بكامله للرؤية الزمنية ا

وإذا كانت النطاقات التي يتحرك فيها سارد القصة السرد الحاضر في العلم بصفته شخصية ، : تتجمع شكلين

وهو ما يمكن أن يكون )١١(والسارد الغائب عن العمل

٢٠١ حتى ص ١٧٧ راجع ذلك في جيرار جينت من ص )١١( حيث يورد تطورا لرؤية انتقاد لصورة السارد بداية من أفالطون

وتقسيمه للسرد أنه حكاية خالصة تحكيها شخصية داخل العمل ، محاكاة يقوم بها سارد من خارجه ، مرورا بتقسيم بروكس ووارين المعتمد لى

وجود أحداث محللة من الداخل ، وأحداث مالحظة من الخارج ، ثم خصية = شخصية ، سارد > تهاء بالرؤية الرياضية لتودوروف سارد ان

.وسارد شخصية

عنصرا ذا فائدة بالنسبة لنا هنا إذا كان االعتماد قائما على ه شكل السارد في تحقيق وعي الشخصية المدى الذي يسهم ب

السردية الزمني لألحداث ، وكيف يؤدي هذا إلى ظهور شكل التتابع الخطي لألحداث ، ولذا سنعتمد على حضور الراوي وغيابه ، أو كما سنطلق عليه الراوي الممسرح ، والراوي

.الغائب : الراوي الممسرح وتمثل وعي الشخصية -١

النص السردي في وجود يسهم حضور السارد فيتصور زمني نابع منه وتابع له وإذا نظرنا إلى بعض النماذج التي تمثل هذا النوع من القصة المصرية في الستينات فإن أول ما يستدعي االنتباه هو التركيز على الحاضر ، وأن الماضي حتى لو كان متمثال في النص فإنه ال يعدو كونه

وهو ما يمكن مالحظته . ته موقعا سرديا غير مقصود لذاألحمد البحيري ، " مكان بال مالمح " عند النظر إلى قصة

فحضور السارد قد أسهم في النظر إلى الماضي من موقع ثابت ومؤكد في الحاضر ، إنها الرؤية الحاضرة للماضي

الشخصية الرئيسية / وهو ما يظهر في جملة يقولها السارد " داية إلى المشهد التالي يقوم فمرة حين ينتقل من مشهد الب

بعد أيام ال أذكر عددها ولكني متأكد أنها لم تزد عن أسبوع ، حيث يظهر )١٢(" كانت عاصفة ترابية تهب على القاهرة

) متأكد(، متضافرا مع اسم الفاعل " ال أذكر" الفعل المضارع ، ليصوغا ذلك الزمن الحاضر الذي يتكلم فيه السارد ،

لماضي بوصفه أحداثا متتابعة ، متراتبة تاريخيا والذي يرى ا، وهو ما يتأكد حين النظر إلى بنية الجمل التي تمثل الحوافز

فعلية ، فعلها – كلها –السردية على مدار القصة ، فالجمل ماضي ، يربط بينها العطف بالواو أو الفاء ، حيث ال تخلو

ة توضح جملة واحدة منهما ، ونظرة إلى أي مقطع في القصكانت عاصفة ترابية على " ذلك ، يقوم مثال في بدايتها

القاهرة فعرفت أن الربيع قد أقبل ولمحت أحد أصدقائي ينتظر األتوبيس مثل ، فذهبت إليه وربت على كتفه فنظر إلي وابتسم في شحوب ، وقال إنه قد أتى توا من مكان بة غريب فتصنعت الدهشة وسألته عن التفاصيل بدون أي رغ

إن هذا )١٣(" حقيقية في أن أعرف ولكن لمجرد قتل الوقت

– ٦٨ جاليري – أحمد البحيري – مكان بال مالمح مميزة )١٢( ٣٨ ص – القاهرة -١٩٦٧ مايو –العدد األول

٣٧ ص – السابق – أحمد البحيري )١٣(

الترتيب التصاعدي ، وإن العكس عن حضور السارد ، فقد انعدام واضح لليقين لدى السارد ، وهو ما – كذا –عكس كما " مكان بال مالمح مميزة " في العنوان – بداية –اتضح

مدار بصورة متواترة على ) ربما(اتضح في تكرار كلمة .القصة ، مع التأكيد عليها بوضعها بين أقواس

من ناحية أخرى تبدو الجمل السردية في النص نفسه جمال تقريرية ال تحمل أي قيمة تصويرية ، فالسارد يحكي ما حدث دون أي تدخل منه للوصف ، اللهم إال بعض اإلشارات التي تصف وعي هذا السارد بالحدث ، وال تحاول

عي الشخصيات األخرى ، ليبدو التتابع خالصا الدخول إلى وشعرت بالجزع وبالوحدة وفكرت أن أعود إلى " إلى األمام ،

البار ولكن أصدقائي كانوا قد سبقوني إلى الرحيل ولهذا وهذا النمط من السرد ينتمي بصورة )١٤(" كرهت أن أعود

واضحة إلى فن المونولوج ، وإن كان نوعا منه يعتمد على من ناحية –الوعي السارد لترتيب األحداث ، لكنه تدخل يجعل من الماضي حاضرا على المستوى السردي ، –أخرى

٣٨ ص – السابق – أحمد البحيري )١٤(

وهو الحاضر الذي يصفه ميشيل رايمون بأنه يعمر القارئ حاضرا معيشا من طرف البطل ، وفي هذا النمط " ليصير

من الروايات فإن القارئ يستفيد من اإلشارة الخاطفة اإلحساس –م األحداث التخيلية فإنه يستعيد للشخصية وأما

" بالمفاجأة ، وبالتساؤل وبانعدام اليقين الذي تخفيه الحياة وهي القيمة التي تبدو واضحة على مدار الخطاب )١٥(

) الغائبة(السردي في القصة ، وحتى على مستوى العالقات الشخصية المحورية ، / بين الشخصيات التي يقابلها السارد

توجد عالقة واضحة ، سوى محاوالت السارد اللتقاط فالأوجه للتشابه بين صديقه والفتاة التي يقابلها على محطة األتوبيس ، وأن كال منهما يحكي عن مكان بال مالمح مميزة كان يوجد فيه منذ قليل ، أو مكان مغلق سيذهب إليه بعد قليل

.، وأن اللقاء يتم دائما في عاصفة ترابية إن أهم ما يلفت االنتباه هو أن تلك الطريقة التي غير

يسرد بها البطل قصته ، والمعتمدة على تتابع األفعال ، وعلى اللغة التقريرية ، هي محاولة لمواجهة عدم اليقين

١٧٩ ص – سبق – ميشيل رايمون )١٥(

بالقبض على الوقائع المادة للقصة ، متمثلة في األحداث وهو اضحة ما يمكن أن نعده ملمحا في هذا الجيل يتكرر بصورة و

عند العديد من كتاب هذه الفترة ، ومن أهمهم إبراهيم .النأص

يتكرر حضور السارد لدى إبراهيم أصالن بصورة تشكل ظاهرة في مشروعه السردي منذ بداية ظهوره ، وهو

ألنهم يرثون األرض " ما يمكن أن نمثل له بعدة قصص مثل " .في جوار رجل ضرير"و" رائحة المطر"و"

يبدو حضور السارد – جميعها –صص وفي هذه القمالزما للتتابع التصاعدي لألحداث ، وللرصد المحايد ، فكأننا بالسارد الموجود بوصفه شخصية ، وإن كانت محورية ، يتراجع دوره إلى مجرد المالحظ لسير أحداث القصة ، دون

تدخل واضح للتفسير أو التحليل أو حتى ار إليه إدوار الخراط الوصف إال فيما ندر ، وهو ما أش

هذا كاتب يتشبث " في دارسة مبكرة ألعمال أصالن حين قال على ه بتفاصيل العالم المرئية فقط ، ويبني قصص– بعناد –

ولم يكن اختيار الكاتب لمنهج بذاته ينقل .. غرار هذا العالم

هذه الرؤية ، – إن هذا المنهج )١٦(" إلينا كل رؤية الكاتب كالم إدوار الخراط ، ال تحاول أن تستوعب كما يتضح من

وعي الشخصية وانفعاالتها بالكون ، بقدر ما تحاول أن تجعل هذا الوعي راصدا محايدا لما يجري حولها من أحداث ،

.ض ما أشرنا إليه من قصص توضح ذلكولعل نظرة إلى بعسيظهر السارد " ألنهم يرثون األرض " ففي قصة

وارات تحدث حوله ، وقد يشترك بوصفه ناقال ألحداث وح بالذاكرة إلى الخلف ، بل – بنفسه –فيها ، غير إنه ال يعود

إنه يرصدا استرجاعات اآلخرين بوصفها أحداثا تتبع أحداثا أخرى على خط السرد الذي يرصده ، إلسباغ سمة الراهنية على هذه االسترجاعات فإن السارد يرصدها بوصفها

يحكي –سن الذي يجلس مع السارد الم–حوارات ، فعمران قصصه الماضوية ، ويؤكد دائما أن هذه القصص هي

على الرغم مما يبدو فيها من طغيان " التاريخ الحقيقي"للخرافة أو المبالغة وهذا التأكيد ينطوي على عدم ثقة واضح

جاليري – إبراهيم أصالن وقناع الرفض – إدوار الخراط )١٦( ٨١،ص٨٠ ملف إبراهيم أصالن ص -١٩٧١ فبراير – القاهرة – ٦٨

هو األمر الذي يتضافر )١٧( - بوصفه ماض –في التاريخ وتشبثه بالحدود المادة – كذلك –مع حضور السارد

والواضحة للصورة السردية القائمة على التتبع المحايد لألحداث ووصفها كما يبدو من رصده للحوار اعتمادا على أفعال يصف بها السارد هذا الحوار ليقوم له ، كاستخدامه

، فحتى " قلت وأنا أشعر بدوار خفيف"و " قال"لكلمات مثل ل ما ، يبدو في صورة من هذا التركيب الذي يوحي بتدخ

صوره محاولة من السارد لإلمساك بيقينه داخل السرد ، ذلك اليقين الذي ينطلق من حدود الحاضر والسيطرة عليه من

وعي –جوانبه كافة ، انطالقا من محاولة وصفه لوعيه وصفا ال يحاول التفسير بقد ما يحاول نقل –الشخصية

يل الواضح لما عبر عنه األمور كما تحدث فعال ،إنه التمثافتقار اإلنسان إلى : لغز الزمان األساس " روي بوتر بأنه

األمن حين يحيا في الحاضر واعيا بأبعاد الماضي والحاضر السحيقة للكون ، والتي ال يملك سلطانا مباشرا عليها ،

٦٨ جاليري - ألنهم يرثون األرض– راجع إبراهيم أصالن )١٧(

٢٤ إلى ص ١٨ من ص – سبق –العدد األول =

وهو )١٨(" والمملوء بالخوف من الموت والفناء والظاهري جعل من سارد إبراهيم أصالن ساردا ي– ربما –األمر الذي

يحاول االنتماء إلى جماعة ، ال يبدو منفردا في وجوده وأحكامه ، بل ملتصقا بمجموعة من البشر غائمي المالمح ، وكأنه يخشى تلك العزلة المفروضة عليه ، وهو ما يمكن مالحظته في تعدد الخطوط التي يحاول أن يتوازى معها في

في – دائما –ن أن هذه الخطوط تبقى سرده ، على الرغم م مراحل لخط سردي واحد ، مراحل متتابعة –قصصه

متراتبه ينفي دائما فيها فكرة االسترجاع التي أشرنا إليها سلفا ، فاألحداث لديه لها مواقعها الزمنية المتراتبة التي نمكن أن

: تتارتب على النحو التالي هـ ج د ب أ

)٤(مخطط رقم

١٤ ص – سبق – روي بوتر )١٨(

حيث المرحلة من أ إلى ب تكملها المرحلة من ج إلى د ، والمرحلة من ب إلى ج تستكملها المرحلة من د إلى هـ ، وبصورة يوحي بها السارد أنه يرصدها كما تحدث فعال وأنه ال يعيد الترتيب لتصير خطية وباإلضافة إلى ذلك فإن السارد

التي تحكي ) عمران(الشخصية التاريخية يعلى من شأن تلك مغيرا للتاريخ المعروف ، بالصورة التي } حقيقيا { تاريخا

تصير معها حكايات عمران هي النواة التي تتجمع حولها .حوافز السرد في القصة

– أحيانا –من ناحية أخرى فإن ابراهيم أصالن اعتمد داللة على على فكرة التدرج من البسيط إلى المركب لتكون

" السير قدما إلى األمام ، وهو ما يمكن أن نلمحه في قصته التي يعتمد فيها على تقسيم النص " في جوار رجل ضرير

إلى فقرات مرقومة تسلم كل منها إلى التي تليها ، مع الوصول في النهاية إلى ما يشبه البداية ، في إشارة واضحة

.إلى دورات التاريخ وتشابهها :ة في جوار رجل ضرير على النحو التالي تبدأ قص

" )١( لم يحدث شئ

)٢( بعد تفكير طويل . حدثت بعض األشياء القليلة جدا

آثرت أن انتهى إلى االعتقاد بأنها قد ال تكون مالئمة بالقدر .)١٩(" .الكافي

–إن التراتب الواضح بين نقطة االنطالق الصفرية حدوث بعض األشياء القليلة ، ثم وبين –حيث ال يحدث شئ

بعد ذلك بدايات حدوث أشياء واضحة المالمح لهو تمثيل واضح لفكرة الترتيب الخطي حين يظهر مكثفا ومعتمدا على آليات القصة القصيرة ، خصوصا أنها تستخدم هذه اآللية ، متضافرة مع حضور السارد لتؤكد على فكرة غيبة اليقين

) .. ٢(تركيب اللغوي للفقرة رقم التي تظهر واضحة في ال) آثرت أن انتهي إلى االعتقاد بأنها قد ال تكون ( فجملة

. ٦٨ جاليري – في جوار رجل ضرير –اهيم أصالن ابر)١٩(

١٩٦٩ أبريل – القاهرة –عدد خاص عن القصة المصرية المعاصرة ٥ ص –

كمية كبيرة من – على الرغم من كثافة التعبير –تحتشد فيها . ألفاظ التشكيك التي تؤكد على سببية حضور السارد فيها

إن عدم حدوث شئ ، أو حدوث أشياء قلية مبهمة ، هي افز للتأكيد على محورية حضور السارد في في حد ذاتها حو

هذين المقطعين ، والطريقة التي يرتبط بها المقطعان هي دون غيرها من فنون طريقة تختص بها القصة القصيرة

السرد ، وهي الطريقة التي تمتزج فيها طاقات اللغة السردية – كذلك –التعبيرية مع اإلمكانات المتاحة للسارد ، ولعلها

ات القصة القصيرة عند ابراهيم أصالن ، حيث من مميز . على سرد اليومي – منذ تلك الفترة المبكرة –اعتماده

إن الترتيب الكرونولوجي لألحداث في هذه القصة ، والناتج عن رصد هذه األحداث من وجهة نظر الشخصية الرئيسية ، المحركة لخط السرد ، هو محفز واضح لفكرة

ليها القصة من ناحية أخرى ، حيث التصاعد التي تعتمد عالشخصية الرئيسية تقرر أن تنتقل من العيش في بيت العائلة الى االنفراد في غرفة فوق سطوح منزل يملكه رجل ضرير ، والسبب غير واضح ألنه ال يهم ، فال يوضح السارد من سبب هذه الخطوة سوى عنوانها الغامضة فيقول في الفقرة

رى فكرت في األيام التي ذهبت سوى ، مرة أخ) : " ٣(رقم فكرت كم هي كثيرة تلك المرات التي انتويت فيها أن أضع

" ارتديت مالبسي ، وخرجت إلى الطريق . حدا لهذا األمر وهو األمر الذي يجعل من االنتقال مجرد حدث في )٢٠(

سلسلة أحداث متراتبة ، لكنها في الوقت ذاته ال تعني شيئا هكذا ، األمر الذي سيجعل من النظر إلى سوى إنها تحدث

الشخصية في جوار الرجل الضرير ال تتخذ –حياة السارد ملمحا مغايرا لما سبقها ، ولعل الدليل على ذلك هو إصراره على أن يصطحب معه قوقعته التي يستخدمها مطفأة للسجائر

.، وتمثاله الخشبي دية فوق غير إن الوحدة التي يتعرض لها في غرفته الفر

السطوح تصيبه بالرهبة الشديدة ، والخوف ، خصوصا إذ الحظنا أنه استبدل الرجل الضرير بأبيه ، فافتقد ميزة الحماية ، إضافة إلى ميزة الوجود في جوار العائلة ، األمر الذي " يصل به في النهاية إلى عقاب نفسه ، أو محاولة إفاقتها ،

مت إغالق الباب ، لم تكن الرجفة قد زايلت يدي فأحك

٥ ص – سبق – في جوار رجل ضرير – ابراهيم أصالن )٢٠(

وأطفأت السيجارة في القوقعة الرقيقة ووقفت أمام المرآة الصغيرة المعلقة على الجدار ، أخرت الموسى من ماكينة الحالقة وتأملته قليال ثم غمست شفرته الحادة في وجنتي المبللة بالعرق فانبثق الدم وشعرت باأللم ، وانفجر الضوء

وهي المقدمة الطبيعية ألن ،)٢١(" في عيني لبرهة خاطفة يعود أدراجه في النهاية ، بعد ليلة واحدة إلى منزل العائلة

.مرة أخرى _ إن حضور السارد داخل النص السردي قد مثل

حالة االغتراب التي يعيشها ، والعزلة –بصورة واضحة عما حوله ، تلك العزلة التي جعلته يرى كل ما حوله بعين

دون أن ينغمس هو في تيار هذه الحياة المراقب من الخارج ، لدرجة أنه يشير إلى األحداث التي يشترك فيها مع اآلخرين

جلست مع أمي و إخوتي وتكلمنا . " بدون ذكر تفاصيلها حضر بعض األصدقاء لزيارتي " ، و " طويال أكثر من مرة

وشربنا الشاي ودخنا اللفائف واشتركنا في نقاش حقيقي حول عندما انصرفوا " ، " بعض المسائل المختلفة االحتالل و

٨ ص – السابق – ابراهيم أصالن )٢١(

وهو األمر الذي يجعل من هذا الترتيب " تراجعت إلى مكاني التاريخي لألحداث على مدار القصة ، دون أي محاولة للعب الزمني ، هو إظهار لمحاولة السارد أن يخرج نفسه من تيار هذا الزمن الجارف ، خوفا من أن يدهمه سيره ، وهو األمر

العين الشاهدة ال " لذي تؤكده مقولة روجر بروملي أن احيث يبدو التعقد . )٢٢(" يمكنها أبدا أن تكون أنا بسيطة

الذي يتخذه –واضحا في الموقف الرؤيوي البادي الوضوح السارد عبر تقنياته لرصد األحداث دون تدخل سافر ، وبحياد

.يدل على االغتراب والخوف والشك في آن واحد ناحية أخرى فقد استخدمت القصة القصيرة تقنية من

المونولوج الداخلي المعبر عن الهذيان و الهالوس ، عبر بما –امتزاج تمثيل السارد بوصفه شخصية تتابع األحداث

في تراتبها الزمني ، وهو ما يمكن النظر إله –فيها الهذيان لجميل عطية ابراهيم بوصفها" المربع الدائري " في قصة

نموذجا لهذا االستخدام المغاير الستخدامات رواية تيار .الوعي

١٣ ص – سبق – السرد المفقود – روجر بروملي )٢٢(

ففي قصة المربع الدائري يبدو الجنون محركا قويا لألحداث ، حيث يتم تمثل وعي الشخصية الرئيسية عن طريق اإلتيان بالسرد على لسانها ، ليسهم حضور السارد في ظهور خط وعي هذه الشخصية الذي تتداخل فيه مناطق

وليبدو أن مثل هذه الشخصية تعيش حاضرها فقط –وعي الوال تملك ماضيا ، وال تتذكر منه إال القريب جدا فقط ، والذي له عالقة مباشرة بالنطاق الحدثي الذي توجد فيه ،

مجنون كلمة سهلة : " فالقصة تبدأ بعبارة توصيف مطلقة تدخلنا مباشرة إلى الفكرة العامة للنص ، وكأن " بسيطة

السارد يوجه انتباه المتلقي إلى أنه يعاني من إطالق هذه الكلمة عليه ، غير إن هذه العبارة لها دورها في تخيل النطاق الزمني الذي تدور فيه األحداث خصوصا إذا الحظنا

ناولت والدتي هذا الصباح ونحن في حجرة : " الجملة التالية . )٢٣(" النوم ورقة صغيرة في منتصفها ثقب دقيق

٦٨ جاليري– قصة المربع الدائري –راهيم جميل عطية اب)٢٣(

– عدد خاص القصة المصرية نماذج ودراسات – ١٩٦٩ أبريل – ٥٢ ص –سبق

إلى استرجاع ، يعد هو ) هذا الصباح(حيث تشير كلمة نقطة انطالق أحداث القصة التي تبدأ بوعي الشخصية لماضيها القريب ، ثم بناء الخط الحدثي على هذا الماضي ،

.مع عدم وجود أي استرجاع آخر إن التتابع الحدثي ، المرتب تصاعدا ، والمنبني لغويا

ضايفة بحروف العطف يمثل بوضوح على الجمل الفعلية المتتلك " وعي الشخصية ، بما يحقق مقولة باختين من أن

ال من –العناصر التي تتكون منها صورة البطل تتألف – البطل نفسه والواقع الحياتي الذي يحيط به –مالمح الواقع

بل الداللة التي تنطوي عليها هذه المالمح بالنسبة للبطل نفسه وهو األمر الذي يجعل من )٢٤(" الذاتي وبالنسبة لوعيه

وعي الشخصية هو المسيطر على تمثيل األحداث في القصة ، مما يجعل من الطبيعي حدوث تلك الفجوات الزمنية بين األحداث ، على الرغم من شكل الترتيب المتصاعد الظاهر

جميل / د: ت – شعرية دوستويفسكي – ميخائيل باختين )٢٤(

– دار توبقال للنشر –حياة شرارة / مراجعة د–نصيف التكريتي ، ٦٧ ص – ١٩٨٦-١ ط– سلسلة المعرفة األدبية –الدار البيضاء

٦٨ص

على مدار القصة ، فإن هذه الفجوات تسهم في وجود رؤية تتوازى مع الوعي المشوش للشخصية حيث مفتتة لألحداث

عدم االنضباط مقصودا أو منظما ، إذ يستطيع الوعي " يبدو اللساني المؤسلب ليس فقط إضاءة اللغة موضوع االسلبة ، بل يستطيع أن يدمج فيها مادته التيماتيكية واللسانية ، وفي هذه الحالة ال يعود األمر يتعلق بأسلبة بل بتنويع غالبا ما

، وإذا كان باختين يتحدث عن نمط )٢٥("صبح تهجينا يالخطاب اللغوي في الرواية ، فإن هذا الحديث من الممكن أن

على التقنية المستخدمة في السرد ، وهو ما – كذا –ينسحب يصح هنا عند الحديث عن مثل هذا النمط المستخدم لمونولوج الجنون في القصة القصيرة ، وهو المونولوج الذي وإن بدا مشوشا فإنه يظل على استخدامه شبه المنضبط

بصورة –لتصاعد األحداث في النص ، كما أنه يتمثل وعي هذه الشخصية الذي يتعالى على وعي –واضحة

مجنون كلمة سهلة ( اآلخرين بما يبدو في جملة االفتتاح

–محمد برادة : ت – الخطاب الروائي – ميخائيل باختين )٢٥(

– ١٩٨٧ – ١ ط– القاهرة –دار الفكر للدراسات والنشر والتوزيع ١٢٣ص

، وهو األمر الذي يتكرر في تعليقاته على اآلخرين ) بسيطة " فيعلق السارد بصوته " عين اصباته " عنه حين يقولون

وإذا كان بعض النقود )٢٦(" كلمات حقيرة تنم عن الغباء " يلمحون أوجه التشابه بين العصاب واإلبداع الفني ،في أن

التعبير الفني ال يختلف عن العصاب إال في جانب واحد هو أنه مقبول من طرف الهيئة االجتماعية ، في حين يكون

ب حالة مرضية فردية ، أما من حيث الوظيفة فالكهما العصا ، فإن )٢٧(" يهدف إلى تحرير الفرد من مكبوتاته القديمة

مالحظة وعي الشخصية تجعل من المؤكد أنها تالحظ األمور في جانبها المادي المتحقق فعال بالصورة التي تجعله مغايرا

دسية فقط لوعي اآلخرين ، فهو يرى من األشياء أشكالها الهنبساط غرفة النوم مربع " ، ويرد كل شئ إلى أصلها الهندسي

ولونه أسود وبه دوائر صغيرة بيضاء ، وهو نفس الملمح الذي يتجلى في مالحظته للتطور الخطي لألحداث دون أن

٥٥ ص – المربع الدائري سبق – جميل عطية ابراهيم )٢٦( تطبيقاته في – النقد النفسي المعاصر –حميد لحمداني / د)٢٧(_ ) سال (– منشورات دراسات سيميائية أدبية لسانية –لسرد مجال ا

١١ ص– ١٩٩١ – ١ ط–الدار البيضاء

يتذكر أو يتوقع أحداثا أخرى ، وليبدو الترتيب الزمني ي تحققها مالصقا للوعي الذي يرى األشياء ، واألحداث ف

المادي ، وهو األمر الذي يجعل من هذا الترتيب ركنا مهما من أركان الرؤية التي تقوم عليها القصة القصيرة السردية

.بلسان الشخصية والممثلة لوعيها من ناحية أخرى فقد استخدم بعض القاصين التقنية ذاتها

بصورة اشد ) . حضور السارد مع الترتيب الخطي لألحداث(ا ، وتمثيال للتعدد الصوت في القصة القصيرة ، وهو ما تعقيد

) .رؤيا مهنا الطاغوطي ( فعله شفيق مقار في قصته تبدأ قصة رؤيا مهنا الطاغوطي بصفحة كاملة مكتوب بخط مثخن ،يدور على لسان السارد الذي يتقاطع صوته مع

–الكاتب ، وهي تتخذ لغة تحليلية علمية تتحدث عن وثيقة كتبها مهنا الطاغوطي بعد أن فشل في أن يحكي –مذكرة

وهي مع اتخاذها هذا . حكايته لرئيس تحرير إحدى الصحف السمت التأريخي ، فهي كذلك تقوم على تتابع حدثي بسيط

. يحكي حكاية مهنا ووثيقته دون عودة أو استياق زمني والمقدمة بذلك تموقع الوثيقة المتن في الزمن الماضي دائما ،

أنها تجعل من المهم لدى المتلقي أن يعلم أن هذه ذلك .األحداث قد حدثت لمهنا بالفعل قبل كتابته لهذه الوثيقة

غير إن أهمية هذه اآللية ال تتضح إال بالنظر إلى التقنية التي يتم بها رصد األحداث في القصة ذاتها ، حيث يتم رصد

اعتبار بصوت الشخصية ، على – بصورة تلقائية –األحداث أنا مهنا أخوكم في : " أنها هي التي تكتب مذكراتها ،

اإلنسانية وشريككم في الكرب العظيم ، أكتب إليكم هذا الذي رأيته عيانا جهارا ووقع لي بالنظر إلى أنه لم يعد هنالك

إلى – كذلك – ، ويؤدي ضيق الوقت )٢٨(" متسع من الوقت ني الكرونولوجي ، رصده لألحداث المتتابعة في شكلها الزم

دون أي تقديم أو تأخير ، أو حتى تحليل ، إمعانا من السارد في أمانة النقل دون تدخل ، و إمعانا في االقتصاد في الكتابة

أال يردنا هذا إلى فكرة صفاء النسق التي تحدثنا عنها في – وهو ما نراه واضحا في سرده ألحداث –الفصل األول

.رها القصة منذ أولها إلى آخ

– ٦٨ جاليري – قصة رؤيا مهنا الطاغوطي – شفيق مقار )٢٨( ٢٥ ص – ١٩٦٩أكتوبر

غير إن ما يهمنا هنا هو ذلك التقاطع الواضح بين صوتين سرديين يمثل كل منها وعيا خاص بصاحبه ، وأن هذا التقاطع يؤدي إلى شكل توثيقي يتحتم معه كون النص القصصي متصاعدا زمنا ليوازي هذا الوعي ، إضافة إلى محاولته التكثيف الشديد للمحافظة على الشكل الوثائقي بما

.ساير آلية الكتابة في القصة القصيرة وسماتها النوعية يمما سبق نالحظ أن تمثل الوعي السارد داخل النص القصصي قد تضافر مع أسلوب السرد المتصاعد والترتيـب الخطي لألحداث ليمثال نمطا من السرد شـكل خصوصـية واضحة للتعامل الزمني مع السرد ، ذلك التعامل القائم علـى

يرتكز على الخوف وانعدام اليقين ، ومحاولـة وعي خاص .موازاة الحاضر

السارد الغائب المحايد : ثانيا بوجود سارد غائب – في عمومه –اتسم القص التقليدي

عن السرد ، يتسم بكلية المعرفة ، حيث يمكنه النفاذ إلى واستبطان وعيها كما يمكنه – جميعها –داخل الشخصيات

لزمان إلى األمام وإلى الخلف بهدف الحركة بحرية في اإعادة ترتيب األحداث تبعا الستراتيجيته السردية ، وهي

اإلمكانات التي تسمح لهذا السارد بالتحليل ، والتعليق ، داخل نصه – السردية منها واأليديولوجية –وإصدار األحكام

.السردي غير إنه في النصف الثاني من القرن العشرين بدأت في

ور موجة من السرد تعتمد على وجود سارد محايد ينقل الظهاألحداث كما هي ، دون أن يتورط في االلتباس أو االنحياز لشخصية من شخصيات السرد دون األخرى ، وهي الموجة " التي بدأها آالن روب جرييه ونظر لها بصورة ما في كتابه

ي اتسم ، اعتمادا على الرؤية التشييئية الت" نحو رواية جديدة بها العالم الرأسمالي الجديد في نظرته للفرد ، تلك الرؤية التي عاملت الفرد بوصفه رقما أو ترسا في آلة المجتمع

اآلن –رواية الشخصيات " الهائلة ، وهو ما دعاه للقول بأن أصبحت ملكا للماضي ، فقد كانت الصفات التي تميز حقبة –

.)٢٩(" الفرد إلى مجده معينة ، أعنى الحقبة التي وصل فيها

مصطفى : ت – نحو راية جديدة – آالن روب جرييه )٢٩(

القاهرة – دار المعارف –لويس عوض / تقديم د–ابراهيم مصطفى ١٢٦ ص – ١٩٧٢ – ١ ط –

وبالتالي فقد انفصل السارد عن شخصياته ، وتحول إلى مالحظ لهم من الخارج ، ال يهمه إال ما يمكن أن تراه عينه ، وقد اتسمت هذه الرؤية ، التي ظهرت في القصة المصرية

، بأنها رؤية موازية للزمن في سيرورته إلى ٦٨مع جيل القصيرة التي يوازي فيها وعي األمام ، خصوصا في القصة

السارد شخصية واحدة ، عكس الرواية التي سيحتاج السارد فيها عند موازاته لوعي عدة شخصيات إلى التقدم والتأخر

.زمنيا ، لكي يلحق ما فاته من كل خط سردي منفرد يمكننا إذن أن نقرر أن حياد الراوي ، ورؤيته العدسية

مع الترتيب التصاعدي للزمن قد تالزمن في القصة القصيرةالمؤطر لألحداث وهو ما يمكن أن نلحظه عند النظر إلى

.ألحمد البحيري " المهرج : " قصص مثل يحافظ السارد منذ بداية هذه القصة على حياده التام ،

الشخصية –وإن كان وعيه رؤيته تلتصق بما يحدث للمهرج كان المهرج يجهد : " حيث يبدأ على النحو التالي –الرئيسية

نفسه والعرق يتصبب منه ، والرجال ذوو الشوارب الضخمة

وهذه الرؤية المحايدة ، )٣٠(" . يجلسون دون أن يضحكوا هي بالتالي التي تنفي أي خروج على الترتيب التاريخي لألحداث ، فنحن على مدار القصة نتابع هذا المهرج في

الذي يليه ، وحتى انتقاله من مكان إلى آخر ومن حدث إلىفي اللحظات التي يوقف فيها السارد سرده لصالح التعليق ،

فإن التعليق ال ينبئ عن –وهي قليلة جدا على مدار القصة معرفة كلية بقدر ما يوضح خبرة ما ، ربما نكون خاصة بالشخصية كذلك ، فحين يتبادل هؤالء الرجال نظراتهم في

د أخذ منهم نقودهم دون أن سأم ، ويقررون أن هذا المهرج ق كما – خمس ثوان –يضحكهم ، ويمنحونه فرصة أخيرة اتخذ الرجال قرارهم " يتضح في حوارهم ، يقرر السارد

فإن )٣١(" بسرعة ، فقد كانت هذه إحدى ميزاتهم النادرة التعليق التفسيري الذي يقوم به السارد ، يوقف الترتيب

لمعلومة الناتجة عن التصاعدي لزمن بسيط لصالح هذه ا

إعداد وتقديم – يوسف الشاروني مبدعا وناقدا – يحيى حقي )٣٠(

ص – ١٩٩٥ – القاهرة – الهيئة المصرية العامة للكتاب –نبيل فرج ١٤٥

٣٥ ص – سبق – المهرج – أحمد البحيري )٣١(

خبرة ماضوية ، لكنه ال يقوم بأي لقطة استرجاعية لتأكيد هذه الخبرة ، وهو ما يدعم تقنة الترتيب التاريخي الموازي لرؤية

.السارد يؤكد – كما في مثيالتها –إن الترتيب في هذه القصة

علي وجود هذا الفرد وحيدا مقهورا في مواجهة جماعة ضح من تركيز السارد على التصاقه بهذا قاهرة ، وهو ما يت

الفرد المقهور في حركته من مكان عمله ، حيث يضع هؤالء قطعة حديد محمي على مؤخرته ، – باتفاق بينهم –الرجال

مبررين ذلك بقضائهم حياة قاسية في الجبل وال يجدون من وفي ذهابه إلى البيت – كما يظهر في حوارهم –يضحكهم

أته ألنه طول عمره ال يصلح لشئ ، إلى حيث توبخه امرالمقهى حيث ينجح في إضحاك زمالئه المهرجين ، ويفقد

إلخ .. وعيه وعلى مدار القصة نالحظ أن األوصاف التي يطلقها السارد ما هي إال توصيفات ألفعال ، يحاول عن طريقها أن ينقل الصورة كما تحدث أمامه دون أي تدخل من ناحيته

تحسسهم في " أو " نظروا باستنكار : " مثلما يقوم بالتفسير ، ، وهي الصفات التي تدعم " قال أحدهم بسأم " ، أو " حنان

حياد الراوي ، وتؤكد في الوقت ذاته على أزمة قهر هذا .الفرد من قبل الجماعة

ألحان غير : " ويتكرر األمر كذلك في قصص مثل و وعصفورة و حذاء بيكاس" لجميل عطية ابراهيم و " متقابلة

" ليوسف القط و " عين الكاميرا " لعلى سليمان ، و " )٣٢(. لعبد الحكيم قاسم " الصفارة

تبدأ قصة الصفارة بلقطة بانورامية تصف مشهدا عاما على مجموعة من الصبية العاملين في الحقول لتسميد

صف طويل جدا من الصبية يتسللون بين أعواد : " الزراعة يضعوا تحتها حفنات صغيرة من السماد الكيماوي الذرة ل

، حيث )٣٣(" ووراءهم خولي معه خيزرانة طويلة وصفارة يصف السارد في هذه الفقرة االفتتاحية القصيرة التي تعد نقطة انطالق للقصة ، وأحداثها ، يصف في عموم مكثف المشهد الذي يحتوي على كل عناصر القصة ، شخوصها ،

بين عامي ٦٨ القصص كلها منشورة في مجلة جاليري )٣٢(١٩٦٩ ، ١٩٦٨ عدد نوفمبر – ٦٨ جاليري – الصفارة – عبد الحكيم قاسم )٣٣( ٣٢ ص – ١٩٦٨

فها ، وعناصر القهر المسيطرة عليها والمتمثلة ومكانها ووظائثم ينتقل بعدها إلى لقطة . في الخولي وخيزرانته وصفارته

الولد حسن والبنت هانم في طرف الصف وفي " قريبة حيث يد كل منهما إناء ملئ بالسماد وأيديهما النحيفة السمراء دائرة

تركيز في)٣٤(" كبندول الساعة بين اإلناء وجذوع األعواد واضح على الشخصيتين اللتين ستمثالن بالنسبة للسارد البؤرة البصرية ، أو العناصر التي سيتابع أحداثها فيما يلي من أحداث القصة ، ثم يكتمل المشهد بتلك الفقرة التالية التي

ثقيل " ستتم البداية التسجيلية حيث وصف الجو المحيط بأنه ين العيدان تلتصق بالجبهة ومعتم وخيوط العنكبوت المعلقة ب

وباألصداغ ، واألوراق كسكاكين لينة تشرخ الرقبة والخدود حيث )٣٥(" والعرق ينبت مقرحا في الظهر وتحت اإلبطين من دون –تمثل هذه القطة ثقال إضافيا يقع على الشخصيات

التي – لكنه في تتابع هذه اللقطات –أن يصرح السارد بذلك يعدد ظروفا قاهرة كلها –اآلن ال تزال ساكنة حتى

لشخصيات بمثل التوصيف الذي يشير إليه في البداية

٣٢ ص – السابق – عبد الحكيم قاسم )٣٤( ٣٢ ص – السابق – عبد الحكيم قاسم )٣٥(

، وهو ما يعد منطلقا للتركيز على تلك العالقة ) الصبية(الناشئة في ظل تلك الظروف القاهرة بين الصبيين حسن وهانم اللذان على الرغم من رغبتهما الشديدة في أن ينفردا

يق هذا اللقاء ، وهي المعوقات فإن المعوقات تظهر في طرالتي تظهرها متابعة السارد للمشهد عبر وصفه لألحداث المتراتبة ، تظهر في الجو المعتم ، وصفارة الخولي التي

فجأة سمعا صفارة " تأتي قاطعة لذلك المشهد الغرامي الخولي وبسرعة أمسكا باألواني وعادا لوضع الحفنات

في وصف تشتد إثارته . )٣٦(" الصغيرة تحت جذور األعواد بالدرجة التي تحفز المتلقي ، وتظهر كذلك في السماء الذي يغطي يدي الصبي فيمنعه من لمس فتاته ، ، وفي أصبعه

وكل هذه الظروف التي تصل به في النهاية إلى . المجروح قطر أصبعه دما ودفعت عيناه " اإلحساس بشدة القهر فقد

، إن هذه )٣٧(" تحت العيدان ولكنه استمر يكبس السماد النهاية هي كسردي للتصاعد المستمر لألحداث المتراتبة مشهديا وكرونولوجيا ، بما يؤكد النظرة التي أشرنا إليها سلفا

٣٣ ص – سبق – الصفارة – عبد الحكيم قاسم )٣٦( ٣٤ ص – السابق )٣٧(

من التركيز على رؤية عناصر المشهد الضاغط ، وأثر هذا القهر على الشخصية التي يقع عليها هذا الضغط االجتماعي

– من وجهة نظر هذا الواقع الضاغط –ب بوصفها شيئا يجأن يؤدي وظيفته فقط كما يريدها منه هذا المجتمع بغض

.النظر عن مطالبه وطموحاته الفردية لكنه – كما أشرنا –إن السارد المحايد ال يصدر أحكاما

، بخبث سردي واضح ، يقود القارئ ألن يستنتج أحكامه ي هذا السبيل الخاصة بناء على مدركاته هو ، وهو ف

سيستخدم الترتيب الكرونولوجي لألحداث ، ممثال لما أسماه نموذج التسلي المنطقي الكالسيكي أو البنية : " برنار فاليط

.)٣٨(" المعيارية الخماسية وهي البنية التي كان السرد الكالسيكي يقيمها علـى أساس إمكانية التحرك بحرية في الزمان لألمـام وللخلـف ،

ن هذه القصة تنجح في التماثل مع هذا النموذج بـدون غير إ أي حركة في الزمن تنفي الترتيب الكرونولوجي ، ويبد وهذا واضحا عند مطابقة عناصر هذا النموذج المعيـاري علـى

. قصة عبد الحكيم قاسم وما يماثلها

٩٣ ص – سبق – برنار فاليط )٣٨(

وهي –يحدد برنار فاليط العناصر الخمسة لهذا النموذج : كالتالي – القصة ما سنطابقه مباشرة مع

الوضع األولي ، وهـو مـا يظهـر فـي الفقـرتين .١ .التسجيليتين في أول النص

المحن المؤهلـة وتتمثـل فـي / القوة المشوشة .٢ .العناصر المعوقة التي أشرنا إليها سلفا

رغبة الفتى والفتاة : المهمة المقصودة / الحركية .٣ .في اللقاء بعيدا عن أعين الرقباء

كما يبدو إن فـي : النجاح والتمجيد : ازنة القوة المو .٤الرواية الكالسيكية غير إنهما هنا ال يمـثالن سـوى نجاحا جزئيا في لقاء خاطف ال يقـدران أبـدا علـى االستمتاع به إلى نهايته ، ألن صفارة الخولي تمنعها ، وحتى حين تغيب هذه الصفارة قليال واستطاع الولد

الية شيئا فشـيئا حتـى ومد كفه الخ " أن يقترب منها قبضت كف البنت بعنف وهو يدور بعينيه مفتشا بـين العيدان والبنت هانم تثني ركبتيها قليال قليال وحسـن

فإن النجاح هنا مبتورا ، ودالال علـى . )٣٩(" أيضا ال التمجيد كما في النموذج الروائي عند فاليط –القهر

٣٤ ص – السابق – عبد الحكيم قاسم )٣٩(

هريـة على عمق الحالـة الق – كذلك – ويبقى داال – .ليكون ذلك مؤديا منطقيا للوضع النهائي

وإذا كان برنار فاليط يشـير بهـذا : الوضع النهائي .٥الوضع إلى ما بعد ممثال للنص المفتـوح ، فبعـد أن دمعت عينا الصبي ، ورغم ذلك استمر يكبسن السماد تحت العيدان ، يتعمق لديه ذلـك اإلحسـاس الشـديد

وبعد قليـل شـع " بالعجز عن الوصول إلى رغبته ، نور بين أعواد الذرة ثم وجد بقعة شمس على األرض وانتصب واقفا ، وجرى نحو الترعة ليغمس وجهه في

.)٤٠(" الماء إن الفارق يبدو واضحا في العنصرين األخيرين بين القصة القصيرة والرواية وهو الفارق الذي ينطلق أساسا من

على ذاتية القصة ، الفارق الذي أشرنا إليه سلفا والمبنيوملحمية الرواية ن وهو األمر الذي يتسق كذلك مع خطية

.السرد هنا ، ومع سببيته في الرواية تطبيق – كذلك –من ناحية أخرى يظهر في هذه الفترة

آخر لفكرة حياد السارد ، حيث صورة من صور الرصد

وراجع في عناصر – ٣٤ ص – السابق – عبد الحكيم قاسم )٤٠( ٩٣ ص – سبق – برنار فاليط –النموذج المعياري الروائي

التسجيلي لحوار كامل ، تنبني عليه القصة بكاملها بال أي خل من قبل السارد ، هذا النوع من الحوار الذي نسميه تد

حوار الشرطة ، أي الحوار الذي يثبت في أول كل فقرة منه دالة على بداية الجملة ، بدون أن يقول السارد ) _ ( شركة أو أية إشارة أخرى تصف الحدث ، وقد ) قال ( كلمة

لعلي سليمان ، ) بيكاسو وعصفورة وحذاء ( اعتمدت قصة كاملها على هذا الحوار الذي اقترب من شكل الحوار في ب

مشهد مسرحي قصير ، وهو ما يعبر بوضوح عن حياد هذا السارد تماما ، فالحوار يأتي كما ذكرنا بال أي تعليق أو وصف من قبل السارد ، حتى أنه يستبدل فترات الصمت بين المتحاورين بسطر فارغ في أوله شرطة ، عوضا عن أن

غير إن هذا النوع من الرصد ، )٤١(و بنفسه إلى ذلك يشير هوإن دل على حياد السارد فإنه يشير إلى غيابه كذلك ، ويكون البديل عن هذا السارد الغائب تقريبا هو أن يكون الحوار في اتجاه واحد ، بمعني أنه يركز على أحد المتحاورين دون اآلخر ، ويبقى الطرف الثاني مفجرا لهذا

جاليري – بيكاسو وعصفورة وحذاء – راجع على سليمان )٤١( ٢٦، ص٢٥ ص – سبق – ١٩٦٩ عدد فبراير – ٦٨

" ، أو " وماذا قلت الشخصية" عن طريق أسئلته الحوارغير إنه في النهاية يبدو الحوار مفجرا لقهر " وماذا قالت هي

ما على الشخصية السائلة حين تضع نفسها مكان الطرف الغائب الذي يدور حوله الحوار ، لتصل في النهاية وبعد

لتشبه تلك التي كان يحكي لها –مطارحة غرامية مع اآلخر إلى البكاء بالدموع ، في داللة واضحة على قهر –نها ع

غالبا ما يعبر عنه هذا النط السردي الذي يوازي اللحظة القصصية ، ويفتت الحدث إلى حوافز يجهد في متابعتها حين

.يركز على متابعة الشخصية المحورية فيه

: دور استخدام الحاضر : ثانيا ـ ه علـى إذا كان السرد يعتمـد فـي أسـاس رؤيت علـى –االسترجاع ، بما له من أوشاج ماضـوية ، فإنـه

قد يستخدم أزمانـا أخـرى ، لعـل أهمـا –مستوى التقنية الحاضر ، وإذا كان السرد التقليدي ، بما له من تقاليد ملحمية ، يعتمد في األصل على الزمن الماضي بوصـفه منطلقـا و

السـرد قـد إطارا زمنيا للسرد ، فإن االتجاهات الحديثة في .اعتمدت على آلية التنقل بين األزمان

ويرى العديد من النقاد أن الرواية ، بما لها من استاع في الفضاء الزمني ، تعتمد في األساس على موازاة حاضر المتلقي ، وأن القصة القصيرة ، بوصفها حادثة قصيرة

على الماضي ، وهو ما – بانتهائها هذا –منتهية ، تعتمد القصة تتعلق بالماضي " ه ميشيل رايمون بأن صرح ب

والرواية تتعلق بالحاضر ، وبهذه الصفة فإن مؤلف القصة يكون على علم بنهايتها في الوقت الذي يبدأ فيه بعرضها، وأنه يعرف أين يتجه ، ويرتب إشاراته تبعا للمنحنى الذي يرسمه ، وعلى العكس من ذلك فإن الروائي يعطينا

ض المستقبل وبأنه ال يعرف حتى إلى أين اإلحساس بغمو غير إن هذه الرؤية ، وإن اعتمدت بصورة ما على )٤٢(يقودنا

الزمن الخاص بالمتلقي ، ورؤيته إلى المدى الزمني ، قصة –والموقع الزمني الذي تدور فيه أحداث المسرودة

في وهو يشير– ١٨٠ ص – سبق – ميشيل رايمون )٤٢(

موضع آخر إلى أن الحدث في الرواية يجري في الحاضر بينما الحدث في القصة قد جرى في الماضي ، وأن القصة تدور حول ماض ما

ص – نفسه – راجع ميشيل رايمون –بينما الرواية تقيم في حاضر ما ١٧٨

فإنها ال تعير الكثير من االهتمام لآللية –كانت أو رواية .لتي يقوم عليها النص السردي الزمنية ا

وإذا كانت دراستنا هذه تعتمد على النظر إلى اآلليات –الزمنية التي تقوم عليها القصة القصيرة ، فإنهـا سـتنظر

وما له من أثر مـن تشـكل – إلى الزمن الحاضر –بالتالي ، بما هـو آليـة مـن آليـات الزمن داخل النص القصصي

.إنتاجها كما – في فترة الستينات –يرة اعتمدت القصة القص

أسلفنا على رؤية غير وثوقية بالماضي ، وكان اهتمام القصاص متركزا بصورة كبيرة على موازاة وعي الشخصية ، كما ظهر عند معالجتنا لشكل التتابع الزمني لألحداث ،

ظهور الفعل المضارع – كذلك –ومن مظاهر هذا االهتمام لى مستوى بناء النص بكامله ، في القصة القصيرة ، سواء ع

أو على مستوى بعض فقراته ، بما لهذا المضارع من إحالة واضحة على حاضر ما يختلف بين حاضر الشخصية

.وحاضر السارد أو حتى حاضر المتلقي ناتجا – كذلك –وقد كان هذا االهتمام بوعي الشخصية

ذاتية من نواتج السمات النوعية للقصة القصيرة ، المتسمة بال، الشعرية ، المتسمة بقلة عدد الشخصيات بما يتيح عرض

وعي هذه الشخصيات بال تداخل أو غموض ، وقد كان عدة أهداف – في مقابل الماضي –لوجود الزمن الحاضر

ومعان لعل أهمها أن الحاضر يوحي بتحيز السارد إلى إن الماضي : " مسرودته ، وتورطه فيها ، يقوم برنار فاليط

دقة التفاصيل – المكان –الزمان ( دعيمه ألثار الواقع بتهو إذن زمن المحكي بامتياز ، أما الحاضر .. ) الموصوفة

فيحمل عالمات التحيز ، والتورط الذاتي في هذا المحكي ، وهو زمن سيتخلى عنه الروائيون تدريجيا كلما أرادوا

ص لن غير إن القا . )٤٤("مجاراة الحياد العلمي للمؤرخين يتخلى عنه ألنه ال يهمه ، بل يحاول أال يكون مؤرخا ، بل

بصورة ما –إنه ينطلق من شخصياته ، ولهذا فإنه يحرص على تطابق رؤيته السردية معهم ، وهو األمر الذي يوحي بامتياز نوعي خاص بالقصة القصيرة ، في استخدامها للسرد

زامنيا ، أي موقع المؤلف الزماني ت" المتواقت ، حين يكون إنه يتطابق مع الموقع الزماني لشخصياته ، فهو موجود اآلن

كما يشير بوريس أو سبنسكي ، غير إن هذا )٤٥(" في زمنهم

٧٦ ص – سبق – برنار فاليط )٤٤( ٨١ ص – سبق – شعرية التأليف – بوريس أو سبنسكي )٤٥(

التورط ال يعني محدودية رؤية السارد بقدر ما يعني إمكانية اطالعه على ما تعيه الشخصية ، وعرض هذا الوعي ، وهو

صي معتمد على آليات األمر الذي جعل ، ظهور تيار قصتيار الوعي اعتمادا كبيرا وواضحا أمرا منطقيا في هذه الفترة ، حيث بدأت في الظهور قصص تعتمد بكاملها على

كما ظهرت أهمية –المونولوج الداخلي وموازاة الوعي –خاصة الستخدام المستقبل واالستباق كما نرى فيما بعد

برنار فاليط ، في – كذلك –وهي األمور التي يشير إليها السرد عموما ، وفي الروايات على وجه الخصوص ، حين

بخصوص الروايات التي تستعمل الزمن الحاضر " يقول إنه من الصعب القول هل هي تقوم على السرد الفعلي أو على مناجاة الذات أو على المونولوج الداخلي أو على الحلم

على كل هذه األمور أو )٤٦(الشاعري أو على التأمل الفلسفي مجتمعه ، غير إن القصة القصيرة تبدو أشد وضوحا من الرواية حين تستخدم الحاضر ، فالمهم في القصة هو التمحور حول لحظة ما معبرة عن شخصيتها هي اللحظة

١٠٦ ص – سبق – برنار فاليط )٤٦(

القصصية ن وإذا كان الحاضر هو في األساس لحظة متحركة على الدوام ، فإن استخدام الحاضر يوازي وعي

خصية القصصية بحركة هذه اللحظة ، وبحركة الشخصية الشنفسها داخل اإلطار الزمني للقصة ، وهي األمور التي تسبغ على بنية القصة القصيرة تعقيدا فنيا يبدو مالئما لمحاوالتها

.موازاة الوعي بتعقيداته من ناحية أخرى ، فإن النظر إلى الحاضر المستخدم في

المواقع الزمنية التي يتخذها السرد تفتح الطريق لرؤيةالسارد ، والفرق بينها وبين مواقعة عند استخدام الماضي ،

يستعمل الزمن الحاضر " وكما يشير أوسبنسكي فإن السرد لتثبيت وجهة النظر التي يجري بها القص ، وفي كل مرة تستعمل الزمن الحاضر يكون موقع المؤلف الزماني تزامنيا

لموقع الزماني لشخصياته ، فهو موجود أي إنه يتطابق مع ااآلن في زمنهم ، ومع ذلك تقدم األفعال في الزمني الماضي

وهو األمر الذي )٤٧("نقلة بين هذه المقاطع التزامنية للسرد

، كما يشير في موقع ٨١ ص – سبق – بوريس أوسبنسكي )٤٧(

إلى أن الزمن الحاضر ليس هو الصيغة النحوية الوحيدة ٨٢آخر ص لتثبيت لحظة معينة في السرد ، حيث يوجد الماضي غير التام في

يجعلنا نرى الفارق بين زمانية السارد وزمانية شخصياته ، فوجهة النظر الثابتة التي يتحدث عنها أوسبنسكي تتحرك مع

ركة األحداث ، تتحرك مع حركة السرد ، بنفس سرعة ححركة السرد والشخصية ، لذلك فإن حركتها بالنسبة إلى الشخصية تساوي صفرا ، في حالة استخدام صيغة الحاضر ن أما في حالة استخدامها للماضي فإنها تتحرر من موازاة حركة الشخصية ، وفي حين إنها تنطلق من موقع ثابت تتم

حداث منه ، وتتحقق لها به سمة الثبات ، فإنها تتخذ رؤية األسمت الحركة بين الشخصيات ، فالحاضر يمنح وجهة النظر حركة داخل السرد وثباتا خارجه ، والعكس في حالة استخدام

.الماضي وإضافة إلى ذلك من الضروري أن يتم النظر إلى الحاضر بوصفه أداة مهمة من أدوات السارد ليوازي بها وعي شخصياته ، وعلى الرغم من أن الحاضر بوصفه رؤية إطارا للسرد يمثل حيادا واضحا للسارد ، فإنه بوصفه تقنية

ية فإن الروسية ، وبما أن هذه الصيغة ليست موجودة في العرب

هو الصيغة النحوية الوحيدة الصالحة لهذه – على هذا –المضارع .المهمة

للولوج – ومن ثم السارد –يعد أداة ضرورية بالنسبة للمؤلف إلى عوالم الشخصيات ، غير إنه يبدو في الغالب زمنا منتحال

مي ، حيث إن زمن استيها" ، كما يشير شعيب حليفي ، فهو مسألة الزمن الحقيقي ال تطرح أبدا ، فاألمر يتعلق بحاضر

إنه األمر الذي سيردنا . )٤٨("زمني مشابه لزمن األحالم إلى أهمية الحاضر في إسباغ مشروعية على استخدام تقنيات

بوصفه موقعا سرديا –تيار الوعي ، فلوال وجود الحاضر ترجاع ، ولوال وجوده لما ما كانت هناك إمكانية لعمل اس-

كانت هناك إمكانية للدخول إلى عقل الشخصية عن طريق المونولوج الداخلي ، وهو ما يبدو واضحا في النصوص القصصية المعاصرة التي ارتكزت في األساس على عالقة اللحظة بما يتداخل فيها من أوشاج الماضي ، والمستقبل ،

يمدنا " –ير باشالر كما يش–حيث يبدو إن الزمن المعاش بمادة الذكريات لكنه ال يمدنا بإطارها وال يسمح لنا بتوقيت

األمر الذي سمح لهذه النصوص )٤٩(" الذكريات وتنسيقها

المجلس –شعرية الرواية الفانتاستيكية : شعيب خليفي )٤٨( ٢٤٥ ص– ١٩٩٧ – ١ ط– القاهرة –األعلى للثقافة

٤٧ ص – سبق – جدلية الزمن – جاستون باشالر )٤٩(

بأن تتداخل فيها األزمان بصورة تقترب أحيانا من حد .الذوبان ، لكنه ذوبان في بوتقة اللحظة الحاضرة

معنى الزمنين بالنسبة يردنا إلى – بدوره –غير إن هذا لقصاصي هذه الفترة ، وكذا ما بعدها ، وذلك حين يحدد يوسف الشاروني خصائص األداء األدبي المعاصر ، ويعني

التنقل بحرية بين الزمانين ، " به السردي ، ويعد منها الماضي ، والحاضر ، الماضي يعبر عن العالم الداخلي ألنه

، )٥٠(" العالم الخارجي ذكرياتها والحاضر هو إحساسها ب – بوصفه قاصا –وإذا كان يوسف الشاروني يعبر عن ذلك

فإنه يطرح رؤية لمعنى الزمنين لدى الشخصية السردية ، هذه الرؤية توضح وعي كتاب القصة القصيرة ، وهو ما

لمحات من حياة موجود عبد –جعله يبدأ إحدى أهم قصصة وقت مصلوب فوق الحاضر : " بعبارة تقول –الموجود

الوقتين ، ألن الماضي حدد مصير المستقبل ، وهو محاصر

الهيئة العامة –ردا القصة تطورا وتم– يوسف الشاروني )٥٠(

– ١٩٩٥ مارس –) ٣٨( رقم – سلسلة كتابات نقدية –لقصور الثقافة ١٢٤ص

، هذا الوعي بأهمية )٥١(" بينهما ال يستطيع الفكاك من أيهما ومعنى استخدام الحاضر في السرد ، بوصفه إطارا وآلية ،

قد " يعبر عنه كاتب آخر هو أحمد هاشم الشريف حين يقول د أكون مالكا لزمام تفكيري ق.. أكون مدركا وواعيا لنفسي

وهو يتقدم بذلك خطوة )٥٢(" ولكن قبل ذلك ال أدري .. اآلن عن يوسف الشاروني الذي حدد معنى الحاضر بمظهر الشخصية في القصة ، فالشريف يجعل للحاضر أهمية تقنية في موازاة تفكير الشخصية ووعيها ، والزج بالمتلقى إلى

. داخل القصة مباشرة ا يمكننا الوقوف على الدور الذي لعبه الحاضر ومن هن

في القصة القصيرة المصرية – بوصفه تقنية أداء سردي –في الستينات ، وفي هذا اإلطار ستقسم القصص التي استخدمت هذه التقنية إلى قسمين ، أولهما القصص التي

– ٢ ج – األعمال القصصية الكاملة – يوسف الشاروني )٥١(

قصة لمحات من – ١٩٩٣ – القاهرة –الهيئة المصرية العامة للكتاب ٢٩ ص –حياة موجود عبد الموجود

– ٦٨ جاليري –ة اللصوص قص– أحمد هاشم الشريف )٥٢( ٢١ ص – سبق – ١٩٦٩أبريل

اعتمدت في بنائها كله على الحاضر ، والثاني القصص التي ماضي أساسا بنائيا زمنيا مع استخدامها اعتمدت على ال

للحاضر في فقرة أو عدة فقرات ، مع وجوب اإلشارة إلى الدور الذي تؤديه هذه التقنية في تدعيم نمط الترتيب الحدثي

.داخل النص

على – كلية –قصص تقوم : القسم األول :الحاضر

وهذا القسم يندر في القصة القصيرة ، غير إنه يعد أحد المالمح التجريبية التي تخرج عن الشكل التقليدي في أهم

السرد المعتمد على الفعل الماضي ، وفي هذا النمط من القص يحاول السارد اإليهام بأن القصة تحدث اآلن ، لذا فهو يستخدم الفعل المضارع ، وغيره من اإلشارات الدالة على

آخر" قصة – بوضوح –الحاضر ، وهو ما يمكن أن تمثله .إلدوار الخراط " السكة

على موازاة كاملة " آخر السكة " يعتمد السرد في قصة باللحظة التي يحياها ، ذلك الوعي ) شوقي(لوعي الشخصية

يبدو وعيا اغترابيا ، – في حركته مع األحداث –الذي

–منفردا ، حتى في حالة محاوالته للتواصل مع اآلخر عليه ، يمنعه من األخرى يظل هامش التوجس مسيطرا

االقتراب ، حيث ال يقين واضح في أي شئ ، فهو يتوجس دائما في حواراتها معه معان وراء المعاني ، ويشك دائما في مغزى تصرفاتها ، وتصرفات أمها ، ذلك الشك النابع من عدم قدرته على التواصل الحقيقي مع لحزته ، وهو ما يبدو

ستخدمها السرد لإليحاء واضحا في عدة مونولوجات داخلية يبذلك الحاضر الذي يقف بين هذه الشخصية ولحظتها لمعاشة

وصلت لحد .. اللي واخد عقلك يتهنى به . إيه ده الشخصية" لن يعرف أبدا ماذا تقصد بهذه الكلمات ، وما . الشخصية

يشبهها دائما تنكشه ، وتخزه ، بلهجتها التي تبدو مجردة ة ولكنها تحمل ثقال ، ولن يعرف مستقيمة عارية من كل كثاف

هذا الشك هو ناتج واضح )٥٣(" أبدا ما رسالة هذه النظرات لوقوف الماضي عائقا سلبيا يحول دون انغماسه في لحظة الحاضر ، ذلك الماضي الذي يحضر معه دائما ، حتى أنه

١٩٦٩ ابريل – ٦٨ جاليري –أخر السكة : إدوار الخراط )٥٣(

– ، والقصة منشورة من قبل في مجلة المجلة ٢٨ ص – سبق – ١٩٦٨فبراير

يتذكره بمونولوج داخلي أثناء وجوده مع نعمات ، حيث يشك اره مع زوجته السابقة في التليفون ، في أنها قد سمعت حو

ويرى عدم إمكانية تكرار تجربة الزواج الفاشلة التي قضت كل شئ أخذته معها وأخذت معها جذاذة . " على كل مالديه

ضخمة مزعتها ايضا من حر نفسه ومن أطيب أجزاء عمره أتندمل قط هذه الفجوة الغائرة في لحمة ويرم الجرح الذي .

سممت أيامه وطينت .. وما الجدوى اآلن ..نفل الشخصية )٥٤(" بالوحل عيشته ، نعم ، وعليه اآلن أن يظل يدفع الثمن

إشارة – على مدار النص السردي –، وهنا يبدو الحاضر إلى ذلك الخوف الوجودي من استمرار حركة األحداث إلى األمام ، وأحيانا من وجود الشخصية نفسها ، ليبدو الخط

الموازي لألحداث والسائر معها إلى األمان المونولوجيممثال لما ذكرناه سلفا عن تمثيل الحاضر لظاهر الشخصية ، والماضي لذكرياتها ، لكن هذا الماضي حين يظهر في المونولوج يظل أسيرا لنقطة الحاضر التي يحدث فيها المونولوج نفسه ، ذلك الذي يعيد حدثا حاضرا على مستوى

٢٨ ص – السابق – إدوار الخراط )٥٤(

وليبقى الماضي مجرد معنى يتم سحبه إلى أحداث القصة ، تلك اللحظة الحاضرة في وعي الشخصية ، ويتم به تصاعد

–إما أنه يشهد " األحداث ، وهو ما يردنا إلى مقولة دولوز بفعل تبدل نوعيته المتواصل على العبء المتزايد –باألحرى

وهما الخياران اللذان )٥٥(" ثقال الذي يجره المرء خلفه في هذه القصة ، بل في معظم القصص – كالهما –ثان يحد

القصيرة التي يمتزج فيها الماضي بالحاضر ، في ما يكون - نستثني عوليس –فارقا نوعيا عن الرواية المهتمة بالتأريخ

، حيث في القصة المعتمدة على الحاضر يبدو الماضي هو الحاضر الخاص الذي تعيشه الشخصية ، بخالف كونه سببا

.منطقيا في الرواية لتوالي األحداث وعى – بوضوح –من ناحية أخرى يسهم هذا الحاضر

في خلق تتابع خطي زمني لألحداث يتواصل –مدار القصة إلى األمام ، مما يسهم في قيام تصور زمني يقوم على الحركة المتنقلة مع هذه األحداث إلى األمام ، عبر تتابعها

تدخل إلى وعي الشخصية ، متضايفة مع الصور التي

٥٣ ص – سبق – جيل دولوز )٥٥(

يعتمد السرد على سلسلة متصلة ومستمرة من " وبحيث غير إن هذه السلسلة تسهم في منح . )٥٦(" الصور واألحداث

السارد ، عبر حركتها الحثيثة ، إمكانية تفتيت اللحظة إلى على –عناصرها األولية ، عبر تتبع تفاصيلها الدقيقة ن يقول

– وذراعاها العاريتان تبدوان منعشتين : "-لسان السارد –وقد تكسر البطن واسترخى النهدان بجانبي البلوزة الواسعة

إلى جنب .. وهي ترفع ساقيها لكي تجلس على الفوتيي أمامه فترتفع القدمان العاريتان من على األرض وتدفعها إلى تحت جسمها فتلتصق بطن القدم الرقيقة بسمانة الساق المشكوفة

ستريح في جلستها وترفع فنجان الشاي لكي ترشف وت . )٥٧("وتستطعم في تخفف من عبء

حيث تبدو تلك التفاصيل الصغيرة المشبعة بالحميمية ، والتي تحدث في لحظات متخيلة قليلة ن تبدو مفعمة كذلك بالحركة السردية المتصاعدة نحو ذروة إحساس الشخصية

حية أخرى فإنها توازي في باالنفعال تجاه األخرى ، ومن نا

– ١٠٣ ص – سبق –مفقود السرد ال– روجر بروملي )٥٦( ترجمة الباحث

٣٢ ص – آخر السكة - سبق – إدوار الخراط )٥٧(

حركتها هذه حركة تلك الشخصية مع األحداث في سردها ، تلك األحداث التي يمعن السارد في وصف انفصالها عنه حسن يستخدم ضمير الغائب في السرد ، وهي إحدى المرات

.القليلة التي يحدث فيها هذا االستخدام على طول القصة –صفه آلية زمنية بو–من هنا سيبدو الزمن الحاضر

مهيمنا على ذلك النوع من القصص ، ومحركا األحداث لصالحه معبرا عن اغتراب البطل وشكه ، ومطوعا األفعال الماضية لتعمل لصالح الحاضر ، وهو ما يتضح كذلك في

: " استخدامه للفعل الماضي محاال إلى الحاضر في قوله دم الترام ، وأخيرا جاءت القرقعة البعيدة التي تؤذن بمق

الذي ورد بصيغته " جاءت" فالفعل )٥٨(.. " يقترب بسرعة الماضية في الفترة يأتي بعد مشهد انتظار الشخصية للترام ، المسرود بالفعل المضارع ، وكذا قبل مجموعة متتالية من األفعال المضارعة بعده ، لذا فهو يحيل إلى حاضر

" مع كلمة الشخصية التي تعيه ، خصوصا إنه قد تالزمالتي أتت قبله للداللة على وعي الشخصية بطول " أخيرا

٢٦ ص – سبق – آخر السكة – إدوار الخراط )٥٨(

االنتظار ، وبحيث يبدو االنتقال من وعي السارد إلى وعي الشخصية واضحا وهو ما يردنا إلى تعليق برنار فاليط على تحليل كاتي هامبرجر االنتقال من الواقع األصلي إلى السرد

ضي ال يحس به في أن الفعل الما" التخيلي حيث الحظت لحظة وروده كتلفظ دال على مضي الحدث ، وأن

كائنة – بالعكس –الشخصيات واألحداث موضوع الحبكة هي . )٥٩(اآلن وفي الحال

وهو ما يفسر كون اإلحساس بهذا الماضي في صيغته النحوية على أنه مضارع فعال ، يتلفظ به السارد بعد وقوعه

خلى فيه لوهلة عن االلتصاق نظرا لموقعه السردي الذي ت . الشخصية – بوجهة نظر –بوعي

يبدو الحاضر إذن عامال مهما في فهم الكيفية التي تتعامل بها القصة القصيرة بسماتها الشعرية الذاتية مع ذوات شخوصها ، وتعبر بها عنهم ، كما يبدو دوره المؤثر في

، وقد علق على مقولة كاتي ٣٨ ص –سبق : برنار فاليط )٥٩(

:هامبرجر التي ينقلها عن kate hamburger , logique de genres

letteraires , le seuil , ١٩٨٦ –p ٨٦

تماد إسباغ الترتيب الخطي ، حال استخدامه منفردا واالععليه كلية في بناء منظومة السرد الزمنية ، غير إن هذا الحاضر سيكون له دوره المختلف عند تضافره مع الماضي

.في القصص التي تنبني عليها معا

قصص تقوم على العالقة بين : القسم الثاني :الماضي والحاضر

ذكرنا من قبل أن الزمن الحاضر ، بوصفه إطار رؤيويا لشخصية ، في حين يمثل الماضي باطنها يمثل ظاهر ا

وذكرياتها ، ولكن على المستوى التعبيري والتقني في السرد يبدو للحاضر دور أهم عن طريق موازاته لوعي الشخصية في السرد ، ولكن من خالل عالقة هذا الحاضر التقني بالماضي الذي يمثل الباطن والذكرى ، وهو األمر الذي يمثل

على جانب من األهمية يقوم حلها على طبيعة إشكالية سردية المعالجة السردية للشخصيات ، وباألخص في القصة القصيرة التي تهتم بمحورية تلك الشخصيات ووعيها ، كما

باألداء الجمالي للغة المكثفة ، – في الوقت ذاته –تهتم وبالتالي فمن الممكن النظر إلى تضفير الماضي والحاضر

ا األداء ، ومن أهمية الشخصية في الناص على أساس من هذالقصصي ، ومن هنا يمكن أن يسهم الحاضر بدور كبير في موازاة الوعي المنعزل والمتشكك للشخصية ، ذلك الوعي الناتج عن أزمتها ، في حين يسهم الماضي في التعبير عن استقرار األحداث في مواقعها على خط السرد ، حيث يكون

أو وصفه أو – حسب باختين –ه ما يجب الكشف عنالواقع الحياتي المحدد الخاص بالبطل ، " استخالصه ليس هو

وال صورته القوية بل المحصلة النهائية لوعيه بالعالم ووعيه إنه في النهاية كلمة البطل األخيرة حول نفسه بالذات .. بذاته

، وهو األمر الذي يجعلنا ننظر إلى آلية )٦٠(" وحول عالمه لحاضر بوصفها اآللية التي يعتمد عليها السرد في الدخول ا

إلى وعي الشخصية بلحظتها ، وهو كذلك ما يوجه النظر إلى .دور الحاضر في استخدام تقنيات تيار الوعي

وقد استخدم العديد من كتاب القصة القصيرة ، في هذه الفترة خصوصا ، الزن الحاضر في معرض استخدام تقنيات

في –ي ، ومن هؤالء وقصصهم محمد حافظ رجب تيار الوع

٦٧ ص – سبق –شعرية دو ستويفسكي : باختين )٦٠(

األب حانة مثال ، ويحيى عبد اهللا في حديث األلفة ، ومجيد ... طوبيا في كل األنهار ، وعلى سليمان كلفت وغيرهم

تمثل الفقرات التي يستخدم فيها السارد الفعل المضارع ، بوصفه ممثال لحاضر مواز للشخصية ، في قصة األب

حافظ رجب ، منعطفات السرد حيث تسهم هذه حانوت لمحمد الفقرات في الدخول إلى هذا الوعي المشوش للشخصية في ذروة أزمتها لتلمس أسباب وظواهر هذه األزمة ، في تضافر واضح مع الفقرات التي تستخدم الماضي لرصد األحداث

اآلن –انهالت القسوة عليه تمزقه بأسنانها " المؤدية لألزمة ، ال شئ يلجم الغضب الهادر .. وازن في كل األشياء ال ت:

.. وجد أصابعه المنهكة تتناول السكين .. المتعب ويقيده حيث ينجح )٦١(" األب تالشي .. ترفعها في وجه الحانوت

السارد في التقاط لحظة التحول ، ويعبر عنها بالمضارع الخارج توا من وعي هذه الشخصية ، حيث تشتد قسوة األب

زوجته في إذالل االبن ، الذي يرى أباه وقد تحول إلى ، و مجرد حانوت يعمل فيه هذا االبن في خدمة الزبائن –حانوت

– ٦٨ جاليري –قصة األب الحانوت : محمد حافظ رجب )٦١( ١٠٢ ص – سبق – ١٩٦٩أبريل

ن وهنا يسهم الماضي بسرديته ، والحاضرة بانطالقه من داخل الوعي مباشرة في خلق جدلية ، وحركية للسرد تعتمد

إدراك الحاضر " على ذلك التراكب بينهما وبحيث يكون قطة حاسمة ، بل أساسية لممارسة أو معايشة الوقت ، ومن ن

)٦٢(" ثم معرفته ، ولكن ارتباطه بالماضي يجعله أكثر تعقيدا ، وهذا التنقل بحرية بين األزمان هو مما يميز التعامل الزمني واللغوي للقصة القصيرة مع أزمانها ، بحيث تقوم

يد البنية هذه العالقة المركبة على تكثيف اللغة ، وتعقبالصورة التي نمكن أن تعد مميزا نوعيا للقصة القصيرة ،

على الحاضر – كذلك –وبحيث تبدو لغة الوعي قائمة بوصفه موازيا له ، وهو ما يمنح اللقطات التسجيلية التي ترد في هذه القصة تحديدا سماتها المميزة ، القائمة على تكرار

ت أزماتها ، ورودها على ذهن هذه الشخصية في ذروا.. أصابعه أكثر تعسا من أصابع الفقراء " بتقطعها وتوترها

.. حانوت .. األب .. تعذبه ..فقرا .. أصابع أكثر الفقراء .. معبأة بالنجار .. يصنع االضطهاد داخل قدرة فول مكتومة

٣٤ ، ص ٣٣ ص – سبق – عبد اللطيف الصديقي )٦٢(

يتناول من أصابع الفعلة ، . األب فوقها .. هو بداخلها ويردها إليهم .. ديرة وعمال الجراجات القروش المست

: سبحت في الزيت المغلي .. أقراصا هي األخرى مستديرة إن هذه اللقطة المتكررة في ماضي الشخصية . )٦٣(" طعمية عن طريق رصدها المحايد بهذه الصورة في –تسهم

استحضارها إلى لحظة ذروة األزمة ، على الرغم من كونها ث السردي المرصود ماضية ، أي إن موقعها سابق على الحد

بالماضي ، غير إن وجودها على سطح الوعي هو ما يجعلها حاضرة ، بل ومسيطرة على حركة اللحظة القصصية على هذا النحو من الوضوح ، وهو ما يعبر عنه جيل دولوز في

إنما يتواجد – كل ماضينا –الماضي بكامله " قوله إن يحدث هنا ، وهو ما)٦٤(" بصورة مشتركة مع كل حاضر

بالفعل ، ولكن عبر فنية واضحة في استحضار هذا الماضي إلى سطح الحاضر عن طريق استخدام تيار الوعي ، بما يعمق من هوة المفارقة التي تقع فيها الشخصية ، فهي في أزمتها تفعل ما ال يمليه عليها داخلها ، بل تتصرف مدفوعة

١٠٣ ص – سبق –األب حانوت : محمد حافظ رجب )٦٣( ٦٤ ص– سبق – جيل دولوز )٦٤(

المعبر –اخلها في حين إن د– الماضي هنا –بتيار األحداث قالت زوجة " بسير في عكس هذا االتجاه –عنه بالمضارع

عيناه . ألق بالمدية من يدك .. إنه أبوك يا مجنون : الحانوت ال .. تحدثان عيني الحانوت .. بركة دماء تغطيها غشاوة

. أنت زوج الحانوت .. تضطرني لذلك أغمدها في جسدك ك وأبكي وألقى بالمدية ، أود أن أعانق.. . وأنا زوج نفسي

إن )٦٥(" ولكنك كوب ماء يشربه فاعل جائع يعطيك قرشا هذه الطريقة في استنطاق الوعي بما في داخله ، والتي استمرت على مدار القصة بكاملها ليست مجرد تعبيرا عن لحظة تعيشها الشخصية ، لكنها في اآلن ذاته محاولة لخلق

لشخصية في لحظتها تلك ، حياة كاملة نابعة من معايشة اوهو األمر الذي تمتاز به القصة القصيرة في التعامل مع تيار الوعي ، والمونولوج الداخلي على وجه الخصوص ، حيث تعامله على أنه جزء من الهيكل العام البنائي للمنظومة السردية ، وليس مجرد حافز سردي يسهم في تعليل وشرح

– كذلك –و الفارق الذي ينبع األحداث كما في الرواية ، وه

١٠٢ ص – سبق –األب حانوت : محمد حافظ رجب )٦٥(

من الفارق الدائم على تاريخية الرواية وشعرية القصة " في أحد تعريفاته هو –القصيرة ، فإذا كان تيار الوعي

طريقة السرد التي بواسطتها يحاول المؤلف أن يعطي اقتباسا مباشرا من العقل ، ال من منطقة اللغة فقط ولكن من الوعي

ذا االقتباس قد تم دمجه في بنية السرد بحيث فإن ه)٦٦(" كله –صار تعبيرا عن حركية موازية لحركية السرد ، بل إنه

يمكننا اعتباره هو األساس –باستخدام المضارع في تكونيه الذي تقوم عليه المنظومة السردية ويسهم في تحريكها إلى

. إلى الذروة –األمام ن الماضي من ناحية أخرى يبدو الستخدام الزمني

والحاضر صور أخرى لعل من أهمها البدء بالحضر واالنتهاء بالماضي ، وهي التقنية التي استخدمت الرواية ما يشبهها حين بدأت للحظة في الحاضر ثم انتقلت إلى الماضي

منذ بدايته وصوال – سببيا وزمنيا –مباشرة لتتبع خط الحدث .إلى اللحظة الحاضرة مرة أخرى

١٧ ص – سبق – برنار فاليط )٦٦(

في القصة –ية التي نشير إليها هنا تعتمد لكن التقن وما يمثله من أفعال – على البدء بالحاضر –القصيرة واالنتهاء بالزمن الماضي ، وهو ما تمثله قصة –مضارعة

لرؤوف مسعد ، حيث تبدو مالحظة مرور الزمن " ودقيقة"على قدر كبير من األهمية في هذه القصة ، كما يبدو في

رغم قصرها –لتقسيم الذي تسير به القصة عنوانها ، وفي اساعة الميدان " حيث في البداية –فهي تحتل صفحة واحدة

السالسل الحديدية في . الثانية وخمس دقائق وثالثون ثانية . حضور النساء واألحزمة الجلدية على بطون الرجال

. سائق الترام يدخن سيجارته الخامسة . وأربعون ثانية وهو ما يوضح االعتماد . )٦٧(" حصوله األول النشال ينشل م

على التنقل الزمني وما يوازية من أحداث غير إن هذا التنقل ينكسر في النهاية عند استخدام السارد لعلمه الكامل ، في

، والتي تحدث ****** االنتقال من تلك المشاهد المتتابعة في الشارع ، إلى من يشاهد هذه األحداث كلها ليظهر أن

القصة تدور حول مشاهداته لكل تلك الحوادث المتداخلة التي

– ١٩٧١ فبراير – ٦٨ جاليري – ودقيقة – رؤوف مسعد )٦٧( ٤٥ص

تزدحم بها اللحظة ويظهر ذلك في الفقرة الختامية التي تبدو ورجع مرة أخرى .. الثانية وسبع دقائق " على النحو التالي

دور المضارع في – كذلك –ليبدو واضحا " إلى الشباك فعاالت هنالك الرصد المتواقت لمشاهدات الشخصية ، وال ان

في – المنكمش هنا في فعل واحد –، في مقابل دور الماضي .الداللة على وصول الحدث السردي إلى منطقة االستقرار

يبدو االستخدام نفسه واضحا في قصة عبد الحكيم قاسم وإن اعتمدت –، التي " حكايات حول حادث صغير "

صل كما أشرنا في الف–بصورة واضحة على االسترجاع فهي تعتمد في فقراتها األولى على تواتر المضارع –السابق

في داللة واضحة على موازاة عين السارد وزمنه للحدث الذي يتم – حين تقوم باالسترجاع –وقت وقوعه ، غير إنها

في بداية كل فقرة ، وعلى اعتبار أن الفقرة هي بكاملها حافز ج الزمني الذي سردي ، فإنها تقوم بذلك عن طريق المونتا

يعتمد على خلق موازاة زمنية بين أحداث تقع في أماكن عن طريق –مختلفة ، بالطريقة التي تجعل من السرد

يقوم على هذه الموازاة الواضحة لوعي كل –المضارع شخصية تتلقى نبأ موت ما ، غير إنه عند الوصول إلى

اة كل لحظة الجنازة يبدأ في استخدام الفعل الماضي ، لمواز .هذه الشخصيات في لحظة الحدث النهائية

الحاضر بما له من امتداد واضح ، –إن المضارع وآنية ممتدة يبدو فعال غير تام الحدوث ، فهو يحدث اآلن ، ولذا فهو يحمل في طياته بذور شك في تمام حدوثه ، وهو األمر الذي يجعل من كتاب القصة القصيرة المنطلقين من

تهم والذي ال يثقون في انتقال خطوتهم في أزمة شخصيااللحظة التالية ، يستخدمون هذا الزمن لتعميق اإلحساس بهذا الشك ، في حين يبدو الماضي لديهم تحققا بالفعل ، وإن كان

غير إن هذا ينقلنا . انطالقهم من ماضيهم مشكوك فيه كذلك .بدوره إلى وعيه بالمستقبل وداللته عندهم

:ستقبل واالستباق في السرد الم: ثالثا بالماضي ، ويقيم عليه إطاره ، – عموما –يهتم السرد

يكون الحاضر دوره ، – ألسباب تتعلق بالرؤية –وأحيانا ويبقى المستقبل زمنا مسكوتا عنه خاصة في السرد

غير إن المستقبل يمثل ما بعد . الكالسيكي ، أو الملحمي الرؤية الحديثة قائمة على السرد الموجود في النص ، وتبقى

الخوف من هذا المستقبل ومحاولة تحليل الحاضر الستكشاف بذور المستقبل فيه ، غير إن جيرار جينت يرى األمر بصور

يبدو بديهيا أن السرد ال يسعه إال أن " مختلفة حين يقرر إنه لما يرويه ، لكن } أي معتمدا على االسترجاع { يكون الحقا كذبها منذ قرون عديدة وجود الحكاية التكهنية هذه البداهة

بمختلف أشكالها من شكل تنبؤي ورؤيوي ووحيي وتنجيمي " ومستطلع بالكف ، التي يتالشى أصلها في مجاهل الزمن

غير إن اعتماد جينت في رؤيته هذه يقوم على تيمات . )٦٨(موضوعية ، وهو أمر ال يخلو منه أي سرد ، لكن حين

فية تشكل هذه التيمات في تقنيات سنجد إن النظر إلى كيالسرد يعتمد غالبا على الماضي ، وأحيانا على الحاضر ،

–بوصفه تقنية سردية معتمدة على االستباق –وأن المستقبل لم يظهر بصورة فاعلة إال في أوقات متأخرة ربما تتوازى مع ظهور تيارات تجريبية تعتمد على فعاليات الوعي وتياره

مشروعيتها في بنية – مثال –سرد ، بما يمنح لألحالم في ال

٢٣٠ ص – سبق – جيرار جينت )٦٨(

ولكننا نستطيع إما تخيله أو توقعه أو التنبوء به )٦٩(. السرد . أو حتى الخوف منه

من ناحية أخرى فإن النظر إلى المستقبل من خالل : عدسة التقنية السردية ستردنا إلى تقسيم جينت لالسترجاع

قصة وغيري القصة ، المفرد و الداخلي والخارجي ، مثلي ال –التكراري ، حيث إن االستباق هو حركة تماثل االسترجاع

وتخالفها من ناحية االتجاه –من الوجهة النظرية على األقل ، وبالتالي فإن أقسام االستباق يمكنها أن تكون هي ذاتها أقسام االسترجاع ، غير إنه من المالحظ أن ندرة استخدام

د تلك األقسام ، أو على األقل تصعب من االستباق ستحد .إمكانية وجودها جميعا

وقد تعددت تعريفات االستباق ، وإن قامت على أساس واحد هو السرد السابق ألوانه ، فقد عرفه سعيد أبوعيطة بأنه

يدل على كل مقطع حكائي يسرد أحيانا سابقة ألواتها أو " تعمل يمكن توقع حدوثها ، وعلى المستوى الوظيفي

االستشرافات على تمهيد أو توطئة األحداث ألحداث متوقعة

٢٠٨ ص – سبق – إيين نيكلسون )٦٩(

غير إن هذا )٧٠(" الحدوث وحمل المتلقي على انتظارها التعريف الذي يقف عند حدود الوظيفية ، ويقصر هذه الوظيفية على التمهيد ألحداث متوقعة ، يظل جزئيا ، في

" أنه حين يمكن النظر إلى االستباق بوصفه آلية سردية علىتفارق ( مفارقة تتحده نحو المستقبل بالنسبة للحظة الراهنة

، إلماح إلى واقعة أو أكثر ستحدث ) الحاضر إلى المستقبل بعد اللحظة الراهنة أو اللحظة التي يحدث فيها توقف للقص الزمني ليفسح مجاال لالستباق ، وله مدى أو نطاق محدود

وله أيضا بعد محدد )يغطي مدة محدودة من زمن القصة ( . )٧١(" ، فزمن القصة الذي يغطيه يشكل بعد زمنيا محددا

وبهذا تكون سمات االستباق متشابهة إلى حد كبير مع سمات االسترجاع ، غير إن استخدامه في السرد ، وخصوصا في القصة القصيرة يقل إلى حد كبير ، وتتغير معالمه عن

.االسترجاع

١٠ ص – سبق –سعيد أبوعيطة / د)٧٠( ١٨٦ ص –بق س– المصطلح السردي )٧١(

استعمال – إن وجد –ثر ففي القصة القصيرة يك عنه في االستباق الداخلي نظرا لضيق –االستباق الخارجي

المساحة النصية ، فيكون االستباق غالبا خارجيا ، أي بعد نهاية القصة ، عكسه في الرواية ، لتصبح القصة القصيرة بذلك نصا مفتوحا ، وإذا استخدم االستباق الداخلي فإنه في

لشخصية ، أو توقعها الخاص لألحداث الغالب ينبئ عن نية ا، وهو ما يدعمه ورود االستباق في القصة القصيرة غالبا

" تجربة مع الموت " عن لسان الشخصية كما نرى في قصة للقاص أبو المعاطي أبوالنجا ، حيث يقوم الحوار بين اثنين

، قبل قيام المعركة ١٩٥٦من المتطوعين للقتال في حرب لمن نكون : " بل ، أليس كذلك يا صبري ؟ سنتقا: " بأيام

وحدنا يا عزيزي ، سيقاتل معنا كل األحرار في العالم ، إن تقدم وسائل المواصالت : ويضحك صبري وهو يقول

ويمثل هذا الحوار منعطفا مهما في النص )٧٢(" سينقذنا القصصي ، حيث إن المشهد قبله يصور هذين المتطوعين

األعمال الكاملة في القصة القصيرة – أبو المعاطي أبو النجا )٧٢(

١٩٩٢ – القاهرة – الهيئة المصرية العامة للكتاب – المجلد األول – . قصة تجربة مع الموت -١٦ ، ص ١٥ ص –

رثران حول الحرب البعيدة ، ثم يتحول الجالسين في وداعة يثبعد هذا الحوار االستباقي إلى الغارة ، الدخول الفعلي إلى الحرب ، ولكن ليس كما توقعها صبري ، الذي أكد على أنهم

الذي مات وحده في هذه – نفسه –لن يكون وحدهم وهو الغارة المفاجئة ، التي توقع أن تكون على القاهرة ، وأن دور

يد لم تأت بعد فخاب توقع ، وكان أحد ضحاياها ، في بور سعصورة تصنع مفارقة هي التي تقوم عليها القصة فيما بعد من وجهة نظر زميله الذي تتغير رؤيته للعالم بناء على تجربة

– مرة أخرى –الموت التي خاضها ، وهو األمر الذي يردنا لتركيز القصة القصيرة على استبطان وعي الشخصية ، واستخدامها لكل الوسائل الممكنة من أجل تصوير هذا الوعي

" اللصوص " ، وهو ما يتحقق في قصة أحمد هاشم الشريف ، حيث يظهر االستباق في صورة المونولوج الداخلي ، حيث تمتاز القصة بالتنقل الدائم بين الخارج والداخل ، بين الماضي والحاضر والمستقبل في تركيب فني يتوازى مع تعقيد الشخصية الريفية اآلتية للقاهرة للعمل صرافا في إحدى الشركات مهمته األساسية في نقل األموال من البنك إلى الشركة في حقيبة تسلمها لهذا الغرض ، مضافا إلى ذلك ما

يعمق من أزمة هذه الشخصية من تعليمات المدير بالمحافظة ه بالحذر ، وتوصيات أم- مثل زوجته –على هذه الحقيبة

–من لصوص القاهرة ، وهي األزمة التي تجعل الشخصية خائفة من حدوث شئ في اللحظة التالية للحدث –على الدوام

السردي ، فيصيبه القلق واالختناق من الزحام ، واإلحساس الدائم بالقلق بما يشبه الحمى في الظاهر ، وهنا يكون على

قل ما يوازي هذه السارد االنتقال إلى داخل الشخصية ليناألحاسيس المجتمعة المضطربة ، والخوف الذي تحول إلى

أنا مريض " لشخصية جاره – بله وجودي –خوف مرضي معي مسدس فارغ لكني سوف اضيفهم .. أنا لست مريضا .

سأتركهم يتأملون فوهته ساعات .. به عندما يحطمون الباب ناد دون طويلة وأنا أصوبه إلى رؤوسهم وإصبعي على الز

قلوبهم ستقف في الحلق متجمدة من .. أن تضغط عليه الدهشة لتختنق توسالتهم الزائفة ثم تقفز من أفواههم وهي

إن تتبع األفعال المستقبلية . )٧٣(" تعوي كالكالب المسعورة

المجلس األعلى لرعاية –وجه المدينة : أحمد هاشم الشريف )٧٣(

– ٢٦ رقم – الكتاب األول –جتماعية الفنون واآلداب والعلوم اال ٣١ ص – قصة اللصوص – ١٩٩٦ -القاهرة

في هذا المونولوج ستوحي بمدى التعقيد الذي وصل إليه الموقف وعي الشخصية ي مرضها ، ومحاوالته التخاذ

الدفاعي ، الهجومي على الدائنين في آن واحد ، هذا االستباق الذي يظهر في صورة مونولوج هذياني ، والذي يبدو من الضروري ظهروه بهذه الصورة إسهاما في تعميق اإلحساس بغربة ووحدة الشخصية ، يعد هو ذروة النص القصصي ،

يبدأ هو حيث إنه البطل عندما يرى جاره على هذه الحال ، اآلخر في الموازاة بين موقف جاره الموظف القديم ، المتهم باالختالس ، والمفصول من الخدمة ، المديون من كل من يتعامل معهم ، وبين موقفه هو المعرض لمثل هذا الموقف ، ولكن بسبب اللصوص هذه المرة ، خصوصا إن جاره هذا

.النص هو نفسه الذي يحذره من لصوص الموظفين في أول ومنه هنا تبدو أهمية االستباق ، بوصفه حدثا داخـل إطار السرد ، واضحة على مسـتوى الرؤيـة السـردية ، الموازية لوعي الشخصيات الخائفة من المستقبل ، غير إننـا ال يمكننا الجزم بالكثير من فعاليات االستباق على المسـتوى

– غالبـا –السردي ، خاصة إن استقراء القصص القصيرة في هذه الفترة ال يؤدي إلى الوقوع على قصة قصيرة تقـوم علية على االستباق ، وال يعدو األمر مجرد حـافز سـردي

مترتب على حوافز أخرى سابقة عليه ، ومؤدي إلى حـوافز تالية له ، وإنما يدل االستباق على محـاوالت الشخصـيات

، أو للتوقع ، أو على نية هذه الشخصيات في الفعل أو عدمه على قلق تلك الشخصيات من توقـع األحـداث –باألحرى

عـاطي أبـو النجـا مالسيئة التالية ، اللهم إال في قصة أبو ال السالفة التي مثل الشخصية فيها نموذجـا للبطـل اإليجـابي

. المتفائل ربما ال يحتل – بما هو آلية سردية –إن االستباق

زمنية ، بالقدر ذاته األهمية ذاتها على مستوى بنية النص الالذي نجده في االسترجاع أو استخدام الحاضر ، لكن يبقى له

في هذه –حضوره المهم المتم لرؤية كتاب القصة القصيرة المتطلعة إلى المستقبل في قلق ، حيث لم –الفترة خصوصا

يبق لهم ، بعد فقدهم الثقة في الماضي ، وإحساسهم تقبل يرجونه ويخافون منه باالنفصال عن الحاضر ، إال مس

.في آن واحد

الفصل الرابعא

א

: تأسيس

: نص السردي بين الشفهية والكتابية سرعة اليتجلى الشق الثاني من زمانية النص السردي في اإليقاع

ا ذا أهمية كبرى ، وهو الشق الذي يمثل عنصر) السرعة ( ص السردي ، فهو المقابل لإليقاع في الشعر ، في فنية الن

غير إنه إذا كان اإليقاع الشعري إيقاعفي أغلب –ا ا موسيقي نظام تتابع الحركات و / يعتمد على طريقة –األحوال

ا في المقام األول ، فإن اإليقاع ا منطوقالسكنات ، بوصفه فنر ، وآخي إلى إيقاع شفاه– بدوره –السردي سوف ينقسم

ا يعتمد على كون النص مكتوب. وعلى الرغم من خروج السرد الشفاهي عن مجال دراستنا ، فإنه من الضروري النظر في إيقاعه على اعتبار أن السرد الشفاهي هو أصل كل سرد ، فاإليقاع المعتمد على

ا داخلي ما بين حدين لزمن السرد ، أحدهالشفاهية يطرح قياس فالداخلي خاص ؛، واآلخر خارجي ) بالنسبة للسرد نفسه(

الذي تقع فيه أحداث القصة وطوله ، أما ) المدة ( بالزمن السامع / تلقي مالخارجي فيتوحد فيه زمن السارد مع زمن ال

عملية السرد الشفاهي التلقي يحدث في ا على كون ، اعتمادهما من كل–ا مع السرد ، ومن هنا يمكن قياس مدتين متحد

النص – ومن ثم يمكن حساب إيقاع السرد -ضوح زمني بوا على المعادلة الفيزيائية التي تقيس اعتماد–السردي كله

:سرعة أي جسم بحساب المسافة المقطوعة في الزمن

جعل جيرار – في وضوحه هذا –وهو األمر الذي –ا كان أم لم يكن أدبي–السرد الشفاهي : " جينت يقرر إن

ديمومته الخاصة ، وهذه الديمومة قابلة للقياس تماماتكون له " )١( ،ا على إمكانية القياس الدقيق لمدة السرد اعتماد

الشفاهي ،

)١( GERARD GENETTE: NARRATIVE

DISCOURSE REVISITED , TRANSLATED BY : JANE .E.LEWIN , CORNELL UNIVERSTY

PRESS , NEW YOURK , ١٩٨٨ , P.والمقتـبس مـن ٣٣ .ترجمة الباحث

المسافة = السرعة

الزمن

و كذا على إمكانية تحديد مدة القصة من إشارات الزمن .ومروره التي تظهر في السرد

غير إنه في هذا القياس ، يقوم التحقق الزماني للمسافة يجعل السرعة نسبية ، أي بقياس –اا مكانيصر بوصفها عن–

.الحركة عن طريق نسبتها إلى حركة أخرى – زمن السارد وزمن المتلقي –وإذا كان الزمنان

متحركين على الدوام ، فإن هذا سيدعونا إلى النظر إلى مدة وقوع األحداث ، ومدة دوام السرد ، –تواقت المدتين

أهمية في مثل هذا النوع من بوصفهما هما الحدان األكثر .القياس

غير إن هذه النظرة تبدو أشد تعقيدبالصعوبات ا وامتالء ا عمليتا اإلنتاج في حالة السرد الكتابي ، حيث تنفصل تمام/

القراءة ، ومن ثم تنعقد الصورة من حيث /السرد ، والتلقي سرعات للنص ، حيث إنه من الصعب وجود عدة حدود و

عدل واحد للقراءة يستمر مع كل متلقي للنص السردي تعيين م القراءة من هذا القياس /، وهو األمر الذي ينفي زمن التلقي

ا عن كل قياس ، ومن ناحية أخرى يظل زمن اإلنتاج خارجيل أي يا ليس له من التخا حقيقيزمني للسرد ، بوصفه زمن

أي –القصة ليبقى لنا في النهاية ذلك التواقت بين مدة . سمة وطول النص السردي –المدة التي تحدث فيها األحداث

ا بالصفحات والسطور ، حيث سيكون لدينا حدين مقاسأحدهما زمني واآلخر مكاني منقلب عن زمن ، أو دال عليه

وهو األمر الذي يمنح مشروعية واضحة لمصطلح السرعة . ت في معرض مناقشته لهذه يالسردية ، كما يشير جين

إنه ال يوجد سرد يتحرك لألمام " شكالية ، وحيث يفترض اإلا فمن المحتمل أن يكون عبر سرعة سير ثابتة تمام .)٢(" االصطالح األمثل هو السرعات

ت يغير إن هذا الحديث عن السرعات المتعددة عند جين إلى تركيزه على الرواية ، تلك التي – مرة أخرى –يحيل

أكثر من وتيرة واحدة للسرد أو يسمح االتساع فيها بوجود" أكثر من إيقاع ، وهو األمر الذي تظهر فيه أهمية كل من

حجم الرواية أي امتدادها الكتابي ، من ناحية و طبيعة لغتها ت يومن ناحية أخرى فإن تركيز جين، )٣(" من ناحية ثانية

٣٣.GENETTE . P –حث والترجمة للبا– سبق )٢(. ط – أساليب السرد في الرواية العربية –صالح فضل / د )٣(

.١١ ص- ١٩٩٢ ١الكويت ـ ط –دار سعاد الصباح

الحكاية ذات السرعة المتساوية " ن إعلى الرواية جعله يؤكدسريعات أو إبطاءات ال يمكن أن توجد إال على سبيل دون ت

، حيث إنه في الحقيقة وكما سنرى )٤(" التجربة المختبرية بعد قليل في التطبيق ، من الممكن أن توجد الحكاية ثابتة السرعة في القصة القصيرة ، بل إنه في الغالب أن تكون

مؤقتة كنعمة –ا ه كلما قصر طول نص–القصة القصيرة احدة بضيق مساحتها ، وهو ما ال تقبله الرواية التي يؤدي و

اتساع مساحة النص فيها إلى استحالة تقبلها لفكرة النغمة تحفل الواحدة ، ناهيك عن كونها أصال

بالعديد من الشخصيات واألحداث ، وتعدد ـ في الغالبـالخطابات بما ال يسمح بوحدة السرعة كما في القصة

ي تضيق فيها المساحة ويقل عدد األحداث وعدد القصيرة الت . الشخصيات

: سرعة السرد في القصة القصيرة أن ننظر إلى سـرعة السـرد فـي – إذن –يمكننا

القصة القصيرة بوصفها إحدى العناصر ذات األهمية البالغة

.١٠٢ ص – سبق – خطاب الحكاية :ت يجينجيرار )٤(

في تكوين بنية سردية ، وجمالية خاصة بالقصـة القصـيرة فنون السرد ا عن باقي ومميزة لها نوعي .

وقد أشرنا إلى إمكانية قياس هذه السرعة عن طريق النظر إلى التناسب بين حدين أحدهما زمني ، وهو الزمن المفترض فيه وقوع أحداث القصة ، واآلخر مكاني دال على

وهو األمر الذي يجعلنا . زمن ، وهو طول النص السردي نت تحيل وإن كا–ننظر إلى سرعة النص السردي على أنها

على قياس خارجي يتكئ على الزمن الواقعي في أحد حدود دقيقة ه فإنها تمنحنا رؤية شب،المعادلة وهو مساحة النص

هذه " حول آليات تكوين النص القصصي ، حيث ستكون . )٥(" االعتبارات الكمية مستكملة بواسطة دراسة أكثر كيفية

لمؤدية لتسريع كيفية ظهور اآلليات اعلىتعتمد في األساس داخل النص القصصي ، وكذا كيفية ارتباط إبطائهالنص أو

. هذه اآلليات بما سواها في النص داخل مجال الفنون –وإذا كانت القصة القصيرة تعد

ا بالذات ، وداخلها فإنه من هي النوع األشد ارتباط–السردية

)٥( GENETTE , P. ٣٥

المتوقع أن تفرز هذه السمة إيقاعأشدا ، إن لم يكنا نصي فهو على األقل أكثر موازاة إليقاع القصة ، فالقصة بطءا

القصيرة من هذا المنطلق ال تهدف إلى نقل األحداث ، بل ا خاصوصفها ، وهو ما يفرض على القصة القصيرة تعامال

مع لغة السرد ، وإن استهدف التكثيف ، فإن الطاقة الوصفية نوع خاص من الكامنة داخل هذا التعامل تؤدي إلى وجود

اإليقاع السردي يرتبط بزاوية الرؤية، واألهداف التي يتبناها السارد في مسرودته ، وهي األهداف التي ستؤدي إلى وجود اختالفات كبرى بين اإليقاعات السردية في القصص القصيرة بين التوقيف الكامل ، واستخدام الفجوات السردية ، وهو

إلى دراسة أكثر –ينت كما أشار ج–األمر الذي يحتاج .ارتباطا بالنصوص على المستوى التطبيقي التحليلي

إلى أهمية طبيعة – بالتالي –وهو األمر الذي يردنا األحداث التي يمتلئ بها الزمن في اإلحساس بطول هذا

ه الكثيرون من دارسي يالزمن أو قصره ، وهو ما أجمع عليه بداية من فكرة الزمن بمستوياته ، وما يمكن أن ننطلق إل

الوجود داخل المجال ، حيث ترتبط نظرة الشخصية ، وإحساسها بالزمن ، بالوصف الذي يصل إلى المتلقي ،

ويسهم في إيجاد بنية زمنية مترابطة في العمل السردي ، حين أشار ش جورج لوكات– بصورة ما –وهو ما ألمح إليه

لعمل أي وصف ال يشتمل على نظرة شخصيات ا" إلى أن فالنظرة إلى العالم ااألدبي إلى العالم ال يمكن أن يكون تام ،

، حيث تتجلى نظرة )٦(" هي الشكل األرقى للوعي في المكون الذاتي ششير إليها لوكاتيالشخصيات هذه التي

لبنية النص في القصة القصيرة ، هذا المكون الذي سيصبغ خصية عن األحداث برؤية الشخصية ، ليصبح انطباع الش

الحدث هو البؤرة التي يقوم عليها السرد ، ومن ثم يكون ا على إحساس هذه الشخصية في طول الزمن أو قصره مقاس

. األساس إن فكرة مركزية الشخصية ، ورؤيتها داخل القصة

ا ذا أهمية كبرى في القصة القصيرة ، القصيرة تعد عنصرتماعي التاريخي ا عن الرواية المعتمدة على الحس االجخالفوهو ما يردنا إلى مقارنات شكري عياد التي أسلفنا ـ ،

غير أن هذه الفكرة ستكون ذات أهمية بالغة ـاإلشارة إليها

.٢٥ ص – سبق – دراسات في الواقعية : ش جورج لوكات)٦(

على مستوى المشهد القصصي ، حيث قياس توازي األفعال ،مدتها ، مع األفعال كما يفترض لها أن تكون في النص و

ي لوصف هذه األفعال وهو ما سيؤثر فيه االستخدام اللغوالقصة التي تحكى لنا عن طريق اللغة ال تترك " بحيث تكون

فينا كقراء مجرد انطباع عن القواعد و القوانين اللغوية ، بل تترك فينا في المقام األول انطباعا عن األحداث و ا خاص

.)٧(" الوقائع غير إن هذا التركيز على الشخصية سوف تتراجع

نظر إلى اآلليات التي يستخدمها السرد لزيادة أهميته حين ال ، ال وتيرة سرعة النص ، حيث إن آلية الفجوة السردية مثال

يمكن تصورها بدون قوة خارج السرد تقوم بتحريكها واستخدامها في مكانها الخاص داخل النص ، وهو األمر الذي يستتبع تصور زمن خارجي بالسارد ، على اعتبار أنه

لوعي المنظم لخطاب السرد ، وهو الوعي الذي يمثل ذلك ا

تطبيقاته في مجـال - النقد النفسي المعاصر : حميد لحمداني )٧( – )سال ( سيميائية أدبية لسانية –دراسات سال . منشورات –السرد

.١٦ ص – ١٩٩١. ط –الدار البيضاء

ر نفسه من أجل تحقيق استراتيجيات السارد التي يتأسس يسخ .عليها ذلك االستخدام الخاص للزمن السردي

وعلى هذا األساس فإن دراسة سرعة النص السردي في على مجرد – حسبما ترى الدارسة –القصة القصيرة ال تقوم سرعة الحدث في الواقع ، وديمومته قياس ذلك التناسب بين

النص ، بل إن األمر األكثر أهمية يتجلى في / في الكتابة لغوية وسردية –ذلك اإليقاع الذي ينتج عن استخدام تقنيات

تؤدي إلى وجود إحساس واضح لدى القارئ بسرعة - – فيما نرى –مرور الزمن أو بطئه ، وهي اآلليات التي

ريبي غواضح ، هو ذلك الفارق التتؤدي إلى وجود فارق بامتياز ، والمؤدي إلى صنع إحساس بأن النص المقروء ليس

ا لحياة كاملة ، أو حتى مشهد كامل ، بل هو وصف عرضالنطباعات الشخصية أو السارد حول هذه الحياة أو ذلك

بوصفها –المشهد ، لكنه الوصف المؤسلب إلى هذه اآلليات فإن استخدامها المغاير في –د واحدة في كل فنون السر

القصة القصيرة لما هو في الرواية سيؤدي بنا إلى استخالص بما يقوم على المميز سمات نوعية خاصة بالقصة القصيرة ،

األصلي الذي تتحرك من خالله ، أال وهو ضيق المساحة .النصية وقصر المدى الزمني

تستخدمها ومن هنا يمكننا البدء بالنظر إلى اآلليات التي سرعة النص ، آخذين أمثلة إبطاءالقصة القصيرة من أجل

. ات يتطبيقية من القصص القصيرة المصرية في الستين

: سرعة النص إبطاء : أوالا أن القصة القصيرة ال تهدف إلى نقل أحداث ذكرنا سلف

في األساس ، بل تهدف إلى وصف هذه األحداث ، أو على . لشخصيات عن هذه األحداث األقل وصف انطباعات ا

ا خاص للقصة القصيرة لغويوكلمة وصف هنا ستنتج تعامال بوصفها –مع مكوناتها ، حيث يبدو الدوران حول اللحظة

ا مكونا أساسي–ا من أهم مقومات القصة القصيرة ، واحدوهو الدوران الذي ستقوم القصة القصيرة من خالله باإلبطاء

ا ، وهو األمر اث ، أو إيقافها تماممن وتيرة ورود األحدتأتي القصة القصيرة : " كل حين يقول ينالذي يؤكده ه

بدورها في أواخر القرن التاسع عشر لتكون أحد األشكال التي تنهض على أساس استمرارية التجربة ، لقد وصفها

فورستر بأنها شريحة مجتزأة من .م .الكاتب البريطاني أ التبئير على /وهذا االجتزاء يتم بالتركيز ، )٨(" امتداد الزمن

هذه الشريحة بحيث تتم رؤيتها من جوانبها كافة ، أو على .ا وجمالية أكثر جوانبها إشراق–األقل

النسبي لسرعة السرد اإلبطاءمن هنا ستبدو لنا أهمية على استخدام اإلبطاء اقوم هذيفي القصة القصيرة ، حيث لياته ، بما يمنح النص تميزه ، خاص لعناصر السرد ، وآيمكن مالحظته من خالل النظر إلى وبنيته الخاصة ، وهو ما

: هذه السرعة ومنها إبطاءاآلليات التي تسهم في

: الوصف ـ١لنفترض منذ البداية إن أي نص سردي ، يهدف إلى

نقل األحداث ، ويعتمد على السرد فقط هو نص يعتمد على ، ذلك ألنه يستخدم انتقاالت بين األحداث سرعة نسبية عالية

ا بأحداث ال عن طريق فجوات زمنية حتى ال يكون متخمينبغي من وجهة النظر الفنية أن تكون مذكورة في النص

.١١٩ ص – سبق – قراءة الرواية :كل ين ه– ب – روبرت )٨(

ا لعدم أهميتها بالنسبة للبنية التي يريد السارد إنشاءها ، نظروهو األمر الذي يجعلنا نرى من تسريع النص قاعدة ، يتم

– على األقل –ا ج عليها بآليات تسهم في اإلبطاء جزئيالخرومن سرعة السرد ، ومن أهم هذه اآلليات الوصف ، وهو تلك اآللية التي يعول عليها الكثيرون من دارسي السرد ، غير إنه من الضروري التأكيد على أن تلك النظرة لن تحاول تعميم

لهم إال في ال–سرعة واحدة أو إيقاع واحد على نص بكامله سواء لإلبطاء – وأن استخدام اآللية –بعض الحاالت القليلة

ا سيقوم بصنع هذا اإلحساس الزمني مرحلي–أو للتسريع . داخل النص السردي

ا على الوصف ودوره في النص ت كثيرييعول جين عن كليةمنزهال وجود لفعل " السردي ، فهو يقرر بداية أنه

ا تطيع القول بأن الوصف أكثر لزومالصدى الوصفي لذا نسا أن نصف دون أن نللنص السردي ، ذلك ألنه أسهل علي

بحيث يقوم ، )٩(" نحكي من أن نحكي دون أن نصف الوصف بدور حيوي بالغ األهمية في بناء النص السردي ،

.٧٦ ص – سق – خطاب الحكاية :ت يجينجيرار )٩(

ا بل إنه يبالغ في أهمية هذا الدور إلى الحد الذي يجعله الزم ال يقوم بال – لديه –السردي لكل نص سردي ، فالنص

وصف ، وهو األمر الذي يجعلنا ننظر بذات األهمية إلى آلية حالة سكون تهدف إلى إعطاء تقارير " الوصف باعتبارها

خارج أي ضحملغوية عن أشياء وأشخاص في وجودها ال ، وهو ما يجعل من ارتباط )١٠(" حدث وخارج أي بعد زمنيا ، والتواصل عبر اللغة أمرليلحالوصف بالقدرة على الت

حتميا في الوقت ذاته إلى إسباغ سمة جمالية على ا ، ومؤدي، غير إن هذا التالزم بين الوصف والسرد يؤدي لغة السرد

إلى إيجاد إيقاع خاص بالنص ، زمانية متخيلة – كذلك –يمنحها الوصف سماتها الخاصة كذلك ، حيث سيبدو الوصف

ا من قبل السارد ، تدخال واضحتدخال – من ناحية أخرى –يعوق مجرى السرد ، يوقفه ويبطئ من وتيرته لصالح التبئير على الموصوف ، بما يؤدي إلى إيضاح هذا الموصوف من جهة ، وإلى إعاقة الدور اإليهامي للسرد من جهة أخرى ،

ا بما يخرج عن الواصف واضح/حيث سيبدو صوت السارد

الهيئة المصـرية –د في مقامات الهمذاني السر : أيمن بكر )١٠( .٣٧ ص – ١٩٩٨ – القاهرة – سلسلة دراسات أدبية –العامة للكتاب

تعليق خط السرد لصالح وصف أحد دائرة السرد ، أومكوناته ، وهذا على عكس ما يراه البعض من تداخل المشهد والفقرات الوصفية من أجل القيام باإليهام بواقعية المسرود

.)١١( من ناحية أخرى فإن جيرالد برنس يوسع من دائرة

عرض وتقديم األشياء والكائنات " الوصف في تعريفه له بأنه لحوادث المجردة من الغاية والقصد في وجودها والوقائع وا

ا عن الزمني ، وأرضيتها بدال من وظيفتها المكاني عوضحيث يخرج الوصف إلى إمكانية وصف ب . )١٢("الزمنية

بنيـة القصـة : إبراهيم محمد السيد محمد : راجع في ذلك )١١(

الهيئـة – دراسة في الزمان والمكـان –القصيرة عن نجيب محفوظ – القاهرة – ١٤٣قم ر – سلسلة كتابات نقدية –العامة لقصور الثقافة

ا بـين المشـهد ، حيث يبدو التداخل لديه واضح ١٥١ ص – ٢٠٠٤والوصف ، وحيث يقرر إن وظائف المشهد هـي اإليهـام بـالواقع ، والوظيفة الوصفية ، والوظيفة السردية ، وهو األمر الذي يبـدو فيـه

ا بين الوصف والسرد والمشهد كما يبدو فيه التوتر بـين التداخل واضح .وظائف كل منها

ترجمة عابد خازنـدار – المصطلح السردي : جيرالد برنس )١٢( المشروع – المجلس األعلى للثقافة – مراجعة وتقديم محمد بربري –

غير إنه يتفق في الوقت ذاته –ت يا عن جين خالف–الحوادث ت على أن للوصف أهمية مضمونية تيمية في العمل يمع جين

ط ، وهو ما يمكن أن ننظر فيه على أساس ما السردي فقأسلفناه من دور الوصف في زمنية السرد بما يمنحه أهمية

فالوصف . تقنية ، ناهيك عن أهميته المضمونية المشار إليها تبئير على جزء من أجزاء السرد ، بما يمنح تفصيالت هذا " الجزء أهمية كبرى ، أو كما تشير جوناثان كولر إلى أن

قصة تكون مبأرة من خالل ميكروسكوب كما لو كانت ال ، )١٣(" متابعة بطريقة بطيئة سرد األحداث بتفصيل كبير

هذه الطريقة البطيئة الناتجة عن التركيز على تفصيالت ا تحت الميكروسكوب هي ما ا ومفتتالحدث ، رؤيته مشرح

.تجعل التفصيالت ذاتها عامل إبطاء

ــة ــومي للترجم ــم –الق ــاهرة – ٣٦٨ رق ــادة – ٢٠٠٣ – الق مDESCRIPTION -٥٨ص

مصـطفى : ت – مدخل إلى النظرية األدبية : جوناثان كولر )١٣( المشـروع القـومي – المجلس األعلى للثقافـة –ومي عبد السالم بي

. ١٢٤ ص -٢٠٠٣– القاهرة – ٥١٤رقم –للترجمة

ل على مراد مبروك حين يعووهو األمر الذي يناقضه طبيعة العصر السريعة في أنها وسمت القصة بالسرعة ، فأصبح بناء القصة يعتمد على التفتيت الحدثي وعلى النقالت السريعة ، والقطع وعدم االستمرار من خالل تالشي أدوات

وهو ما يمكن رده بتلك القصص . )١٤(الوصل والعطفالتي استخدمت الوصف – في المرحلة ذاتها –القصيرة

آليتين زمنيتن على درجة على اعتبار أنهماا والوقف كثير من األهمية ، وعلى اعتبار أن التواقت هو نوع من اإلبطاء

، بل إن ظاهرة التفتيت التي تحدث - كما سيأتي بعد حين –نوع من إسباغ البطء على ـ في أهم نتائجها ـ عنها هي

رد ، وبالنظر إلى الشكل التأملي الحدث ، باعتبار تدخل السا بعد –ا لنفسه مناقض–المالزم لصيغة التفتيت ، وهو ما أكده

–ذلك بقليل حين أكد على طغيان التحليل في القصة القصيرة

اهر الفنية و الظ : مراد عبد الرحمن مبروك : راجع في ذلك )١٤(

الهيئـة – ١٩٨٤ حتـى ١٩٦٧ مـن –في القصة القصيرة المصرية – ١٩٨٩ –لقاهرة ا – سلسلة دراسات أدبية –المصرية العامة للكتاب

.٦٠ص

فالتحليل صنو )١٥(. على االنسجام –في المرحلة نفسها .اإلبطاء والتأمل

نية باعتباره آلية زم–وأيا كان األمر فإن الوصف عدة صور أسهمت في قد ظهر في القصة القصيرة –بامتياز

في ما يمكن أن – عبر تعامل القصة القصيرة الخاص معها –نعده تصورا لبنية الزمن في القصة القصيرة ، ويمكن ا خاص

تلخيص هذه الصور التي ظهر بها الوصف في القصة :القصيرة ، فيما يلي

وصف المكان ا من أهم مكونات النص السردي ، فهو يعد المكان واحد

مسرح األحداث ، واإلطار الذي تدور فيه ، وإذا – بداية – إلى تفضيل الزمان – كما اقتبسنا منه –ت قد أشار يكان جين

على المكان في تكوين النص السردي ، فإن وجود المكان يعد إشارة ذات داللة مهمة على مستوى بنية النص السردي

ا عموم .

.٦٩ ص – المرجع السابق : راجع مراد مبروك )١٥(

وقد اكتسب المكان قيمة أكبر من حيث ارتباطه بالزمان في الدراسات الفيزيائية الحديثة ، منذ ظهور النظرية النسبية وبدء طرح فكرة اتصال الزمان والمكان في مفهوم الزمكان

ال ينبغي أن تصدمنا فكرة النظر إلى الزمان " ، حيث بوصفه بعداا رابعكان بغرابتها ا على نحو ما بأبعاد الم شبيه

طول وعرض وارتفاع – على كل حال –، فاألشياء المادية وهو االرتباط )١٦(" كما أنها توجد لفترة متناهية من الزمان

في –ا من نظرة السرد إلى المكان ، فلم يعد الذي غير كثير مجرد إطار للحوادث ، –النصف الثاني من القرن العشرين لعضوية ، وخاصة على بل بدأت في الظهور صورته ا

ا عن حالة سردية مستوى نصوص السرد ، بحيث صار معبرشديدة الخصوصية في كل مرة يظهر فيها في السرد ، ولعل

لمحات من حياة موجود عبد في قصة يوسف الشاروني ما يمثل ذلك الظهور العضوي للمكان في السرد ، الموجود

من كتاب فكرة الزمـان – الزمان المتحول :يين نيكلسون إ )١٦(

سلسلة عـالم –فؤاد كامل : ت – كولن ولسن وآخرون –عبر التاريخ – المجلس الـوطني للثقافـة والفنـون واآلداب – ١٥٩المعرفة رقم

.٢٠٨ص – ١٩٩٢ مارس –الكويت

صة يرصد ففي هذه الق ،والتعبير عن مكونات الشخصيةالشاروني المكان السردي بالشكل الذي يدل على الجوانب

االزدواج / الخفية للشخصية ، وبما يتماثل مع حالة الفصام مدرس –التي يعانيها بطل القصة ، موجود عبد الموجود

ا عن ضلوعه ا ناتجا وجوديالفلسفة الخائف من كل شئ خوفقة التي أدت في عالقة محرمة مع أم زوجته ، وهي العال

إلى االنتحار ، فهو برئ ومتهم ، – حين اكتشفتها –بزوجته في بداية تة على حياته ، بدمنويعاني من ازداوجيه مهي

القصة في رصد الشاروني ألثاث غرفة البطل البسيط ، حيث : ليس في غرفتي أثاث كثير : " عنه - هو نفسه– ليقو

مسنده ، منضدة مقعد أجلس علي قاعدته وأعلق بذلتي علىما ، وأناللكتابة واألكل ، كنبة كان يجلس عليها ضيوفي نهار

ضع فيه أزهار البازالء أا و فيه أحيانب ، كوب أشرعليها ليال )١٧("كل شئ مزدوج الفائدة في غرفتي .. ا التي أحبها أحيان

الجـزء –األعمال القصصية الكاملـة : يوسف الشاروني )١٧( قصـة – ١٩٩٣ – القاهرة – الهيئة المصرية العامة للكتاب –الثاني

، والقصـة مـن ٣٠ ص –لمحات من حياة موجود عبـد الموجـود وراجـع . في طبعتها األولـى ١٩٦٩مجموعة الزحام الصادرة عام

حسب القيم التي تنبني عليها حيث يبدو المكان متشكال. ا بصورة واضحة عن مكونات ة ، ومعبرالشخصية السردي

هذه الشخصية ، وهو األمر الذي أشار إليه صالح صالح الكاتب يشكل المكان وفق تشكيل دواخل : " إن قائال

فنجده في أحيان كثيرة .. شخصياته وعوالمهم النفسية ا بالحياة الداخلية للشخصيات ، حيث ترتبط الطبيعة في مرتبط

س بتقلباتها كافة ، و نجد أن الحركة في هذه الحالة مع النفالمكان تجسد الحركة الباطنية لدواخل النفس على كافة

وهو األمر الذي يتميز به التعامل القصصي )١٨(" المستويات .الحديث مع المكان كذلك

ا إن الوجود العضوي للمكان في السرد بوصفه عنصرا لدراسة ا مهم إن بدا منطلق، و على درجة من األهمية

– إشكالية الزمان في الفلسـفة والعلـم –يمنى طريف الخولي : كذلك

الجامعـة – العـدد التاسـع – مجلة البالغة المقارنـة –مجلة ألف حيث تقرر إن الزمـان والمكـان ١٢ص -١٩٨٩األمريكية بالقاهرة

ا للوجودمتقاطعان بوصفهما إطار. قضايا المكان الروائي في األدب المعاصـر : صالح صالح )١٨(

.٥٦ ص– ١٩٩٧لقاهرة ا- دار شرقيات١ط–

القصة القصيرة ، فإن ما يهمنا هنا هو أثر الوصف المكاني الذي يظهر في صورة مقاطع كاملة ، أو جمل ، على لسان

أثره في إيجاد إحساس مختلف و السارد ، أو الشخصية ، بسرعة النص السردي ، وهو ما يجعلنا ننظر إلى آلية

النظر إلى وصف المكان بوصفها آلية زمنية ، وهو ما يمكن .ات يأمثلة دالة عليه من القصة المصرية القصيرة في الستين

ذكرنا إن وصف المكان له دوره المهم في القصة القصيرة من حيث وجوده المختلف عن مثيله في باقي الفنون

أن نقسم الطرق التي يظهر بها هذا – اآلن –السردية ، ولنا ، فوصف الوصف من حيث الصوت السردي الذي يقوم به

األول أن يقوم به صوت السارد :المكان يظهر عبر طريقين و الثاني ،العليم ببواطن األمور ، حيث التبئير من الخارج

.يقوم به صوت الشخصية الساردة بضمير األنا

الوصف بصوت السارد العليم في افتتاح -١ القصة

ا من يبدو وصف المكان عن طريق هذا الصوت قريبا ، وهو األمر الذي يتضـح فـي لتقليدي السرد عموم النمط ا

السرود التقليدية التي تبدأ عادة بوصف المكان الذي سـتدور ربما نومئ –ا ا تفصيلي فيه أحداث الرواية أو القصة ، وصف

، أو إلى المقدمات الوصفية في روايات دوستويفسكي مـثال ور على مستوى القصة القصيرة إلى قصة محمد تيم – تىح

التــي تبــدأ بوصــف تزيينــي " فــي القطــار" الشــهيرة . للمكان

غير إنه من المالحظ أن مساحة الوصف االفتتاحي تتقلص في القصة القصيرة لتلتقط من أركان المكان وجوانبه

.ماله أثر في سير األحداث لعز الدين النجيب ، تبدأ بفقرة افتتاحية على ساقفقصة

ف فيها المكان من منظر بانوراميلسان السارد العليم ، يصكانت محطة األتوبيس ال تخلو لحظة واحدة من الناس ، " :

ا أكثر من دقيقة لتخطفه عربة و والوجه الواحد ال تراه واقفتنطلق كالصاروخ في الشارع الكبير الذي يمور بالحركة

وهذا الوصف البانورامي للمكان ، الذي يتكرر ، )١٩("بح معها ظاهرة في العديد من القصص بالصورة التي يص

الدار القومية العربية للثقافـة – أيام العز : عز الدين نجيب )١٩(

.١٢٨ ص – قصة ساق – القاهرة – ١٩٦٢ يناير – ١ ط-والنشر

ا للنص ، فهو يعد منطلق– على اختالف اتجاهاتها –القصيرة العدسة أكثر ةيصف المسرح بكامله توطئة ألن تقترب بؤر

فأكثر ليضيق مجال الرؤية ، وهو ما يتضح هنا في الفقرة " : التالية الوصفية كذلك ، والتي تركز على الشخصية

يحمل .. ا مهلهالالعاشرة يرتدي جلبابوصبي في حوالي كمية من الصحف يحوم بها حول الواقفين على المحطة

وهذا )٢٠(" وينتقل منها في سرعة وبإحدى رجليه عرجة االنتقال بين العمومية والتخصيص يعد إحدى مظاهر وجود السارد العليم المتحكم في مجريات السرد ، والمتعامل بدقة

ا ا من الخارج منتهيمشهد القصصي ، بادئمع كل مكونات ال الذات في أزمتها التي تعالجها اللحظة /بما يمس الشخصية

حكايات لرجل " وهو ما يتكرر في قصص مثل . القصصية كانت " : لمحمد البساطي ، التي تبدأ بقوله " فوق السطح

األشجار صغيرة مهشمة الفروع وكانت تبدو غر مطمئنة في ثم يلي ذلك التركيز على ،"العاري خلف البيت ذلك المكان كان األطفال العرايا يندفعون فجأة وعادة بال " : الشخصيات

. الصفحة نفسها – المرجع السابق : عز الدين نجيب )٢٠(

وهو ، )٢١(" سبب ويكمنون أسفلها في دوائر الظل الضيقة وهو ماذا تعني هذه ،األمر الذي يجعلنا نطرح سؤالنا هاهنا

ية للقصة ، بتركيبها هذا وكيف تؤثر على البنية الزمنةاآللي حال وجوده في – أو باألحرى كيف يكون الوصف عامال

في وجود تخيل لسرعة مخصوصة للقصة –افتتاح النص . القصيرة ؟

ومن الضروري لإلجابة على مثل هذا السؤال أن نلقي نوع " : نظرة على تعريف جيرالد برنس للشكل المكاني بأنه

التخلي عن الطرق من التنظيم ينتج في السرد حينما يجري

قصـة – سبق – حديث من الطابق الثالث : محمد البساطي )٢١(

.١٤١ ص –ق السطح حكايات لرجل فو والكائنـات األشياء٭ ويعرف برنس الوصف بأنه عرض وتقديم

والقصد في وجودهـا المكـاني والوقائع والحوادث المجردة من الغاية راهنيتها بـدال و، من وظيفتها و أرضيتها بدال ، ا عن الزماني عوض

يـف وهـو تعر .. ا يفترق عن السرد والتعليق وهو تقليدي ، من تتابعها غير إننا اخترنا الدخول إلى موضوعنا عن طريق الشكل وصف لل دقيق

راجـع ،المكاني مما يتحقق فيه من عناصر الوصف الذي تشير إليـه .٥٨ ص – المرجع نفسه –جيرالد برنس

المنطقية الزمنية العادية للسرد ويتم تفضيل الطرق التي يتم فيها إيثار الشعر غير السردي ، ومع الشكل المكاني فإن الحركة الزمنية للوقائع تتوقف ويتوجه االهتمام لعالقات التماثل والتضاد والتدرج والتكرار بين عناصر الواقعة

ونرى أن هذا ، )٢٢(لعالقات والداللة التي تنشأ من هذه اا من عناصر الوصف الذي نتحدث عنه التعريف يحقق كثير

، فهو يتخلى عن زمنية السرد التعاقبية لصالح ما هو شعري ، وأن الحركة الزمنية لألحداث تبدو ي وصف- جمالي–

كما تبدو أهمية العالقات بين مفردات – ولو للحظة –متوقفة .صوف المشهد أو المكان المو

ومن هنا فإن الفقرات االفتتاحية لوصف المكان على لسان السارد العليم في مثل هذه القصص تصنع سرعة نصية

ا تعد هي نقطة انطالق النص إلى سرعته ، تساوي صفرومن الصعب تصور وجود هذا الوصف بصورته البانورامية تلك خارج نمط السارد العليم الذي تتاح له الرؤية من خارج النص كاملة ، وبصورة تسمح له بإيجاد منطلق من ذلك

. ٢١٥ ص – سبق – المصطلح السردي : جيرالد برنس )٢٢(

الوجود المشهدي ، يعتمد على التجاور بين العناصر المكونة للمشهد ، غير إن تمثيل السرعة بصفر له مكانته المهمة من حيث هذه الفقرات الوصفية هي افتتاح النص أو بدايته ،

نموذج ا لبداية الحركة من الثبات ، ذلك الفكأننا به رمز الموحي

بسيطرة السارد على حكاية كاملة من البداية – بصورة ما –إلى النهاية ، فهي إذن محاولة لتعويض الشكل االجتزائي الذي يتحكم في نظرتنا إلى القصة القصيرة ، بإيهامنا بأنها

كذلك –قصة كاملة منذ بدايتها ولعل ما يدعم هذا االفتراض احية التي تصف المكان بفقرات هو تدعيم الفقرات االفتت–

.تليها مباشرة لوصف الشخصية

ففي فقرات وصف الشخصية نحس باقتراب مـا إلـى هي –الداخل ، بتبئير على الداخل ، وبحركة ما ذات وتيرة

وهو ما يتأكد عند النظر إلـى –بأي حال أسرع من الصفر والتـي سـبق –لعز الدين نجيب ساق تلك الفقرة من قصة

التي تصف شخصية الفتى الذي يتنقل بـين –رة إليها اإلشا الصـحف ، وهـو يجـري بسـاقه المحطة والشارع حامال

حيث يبدو تتابع األفعـال أعلـى مـن الفقـرة .. العرجاء من / االفتتاحية التي تسبقها والتي تصف المكان من الخارج

أعلى ، إنه االنتقال السلس الواجب في تلك المساحة الضـيقة تخذها النص يا وبين السرعة التي س رعة تساوي صفر بين س

في انطالقه السردي عن طريق التوسط بسـرعة مناسـبة ، ظاهرة في العديـد – على كثرة استخدامه –وهو أمر يبدو

.من القصص التي يتم سردها عبر صوت الراوي العليم لسليمان على الحدود:وفي ذلك العديد من األمثلة منها

" : تبدأ بفقرة تعتمد على فعل سردي وحيدفياض ، والتي فقرة وصفية لما اليه، ت" حدق الحارسان في بعضهما طويال

ا في كوة كان كالهما جالس" : يحيط بهذين الحارسين المخفر الخشبي مدليا مدفعه الرشاش على ا ساقيه ، واضع

األشياء لكانت الشمس تتألف في السماء وظال. فخذيه وأخذت أشعتها تلهب قدمي . ا ة تحتها تمامصارت عمودي

وهو ما يتواتر في العديد من قصص ، )٢٣(.. " الحارسين و إلى وصف المسرح الدرامي حسليمان فياض التي تن

لألحداث بصورة سينمائية تستخدم أوصاف الضوء واللون ،ا ا عضوي يمكن وصفها بالتقليدية التي ال تجد ارتباطو

.٩١ ص – سبق – مؤلفات سليمان فياض : سليمان فياض )٢٣(

إنها تبقى مؤثرة في إطار وجود ذلك باألحداث ، غير .االنطالق من سرعة الصفر

العليم في دوتتراوح فقرات الوصف على لسان السارافتتاحية القصة بين الطول والقصر ، غير إنه من المهم اإلشارة إلى القيمة االستقاللية التي يتخذها الوصف االفتتاحي

تليه وهو ا باألحداث التي، من حيث عدم االرتباط عضوي )٢٤(. حسبما يشير جينت –األمر الذي جعله يفقد الدرامية

مكن أن نراه لدى إدوار الخراط في قصته يوهو األمر الذي التي تطول فيها فقرة الوصف االفتتاحية للمكان ، آخر السكة

على الرغم من عدم تقديمه لهذه –والشخصية داخله ن إحدى لتصل إلى صفحة كاملة م–الشخصية بوضوح ن القصة ، وهو ما يجعل من هذه الصفحة عشرة صفحة تكو

– سـبق – خطاب الحكاية : جيرار جينت : راجع في ذلك )٢٤(

دون – حين يؤكد إن الوصف وهو يستقل بنفسه قـد فقـد – ٧٧ص وهو ما يجعـل مـن . ما ربحه من حيث أهميته الدرامية –أدنى شك

جينت في حال إشارته إلى أهمية الوصف في النصوص السردية يفرق حسـبما – إن هذه التقسـيمات غير، بين واحد عضوي وآخر تزييني

. تظل في إطار رؤية جينت للرواية كما سبق وأشرنا –نرى

الكاملة مجرد تأمل في فضاء المشهد السردي ، وليس لها من إشارة سوى ما يمكن فهمه من قيم أو دالالت يشير إليها

ل الوصفي ي الواصف بصراحة حسن يقطع الس/دصوت الساردها في حويضعها و" تأخر الترام " :الممتد لديه بعبارةا ببدء وإيذان، ا لضخامة تلك الفقرة الوصفية سطر لتكون حد

)٢٥(حركة السرد وسرعته هو صنو – كما يشير إليه جيرار جينت –إن الوصف

يشدد على المظهر " التأمل ، وهو الزم ألي سرد ، فالسرد ا ألنه نظرك أما الوصف فهو على العكس من ذل–الزمني

.. نات منظور إليها في دائرة تواقتها يركز على أشياء وكائفي إمكان هذين النمطين من الخطاب التمظهر كتعبير عن ف

موقفين متناقضين من العالم والوجود ، أحدهما أكثر حركة وهذا الشكل التأملي الذي يشير إليه )٢٦( " والثاني أكثر تأمال

ا بموقف سارد يرى األحداث جينت هو في الواقع أشد التصاقهو يبدأ من أيسر الطرق عليه أال وهو الوصف لكي يخلق ف

ـ ٦٨ جاليري – آخر السكة : إدوار الخراط : راجع)٢٥( عـدد

.٢٥ ص – سبق –القصة المصرية القصيرة .٧٧ سبق ص – خطاب الحكاية : جيرار جينت )٢٦(

ا قبل أن يبدأ رصد األحداث هلنفسه مساحة يتأملها في سكونداخلها ، وهو األمر الذي يجعلنا نؤكد على التصاق الفقرات

– في األغلب األعم –ة في القصة القصيرة ياالفتتاحية الوصفواطن األمور ، بنمط السارد ذي التبئير الخارجي، العليم بب

بل تصبح ا ،ا صرفوبحيث ال يبدو الوصف للمكان تزييني السرعة التي يحاول –وظيفته األولى تقنية تتعلق بالطريقة

وهو األمر . السارد أن يرى األحداث عن طريقها ويرويها لبهاء األب: الذي يمكن مالحظة تواتره في العديد من األمثلة

بي المعاطي أبو النجا ، و ألحارس المقبرة وطاهر ، . لمحمود البدوي المكان

إن الدور الذي يؤديه الوصف االفتتاحي للمكان إذن هو دور تقني يسهم في خلق تصور عن نقطة – في األساس –

ا ما ال يكون له ارتباط االنطالق إلى داخل السرد ، وغالبمضموني باألحداث اللهم إال في القليل من القصص التي

ي أبعاد المكان الموصوف فيها بأزمة ما ، وهو ما يقل توحعلى لسان السارد العليم ، ويكثر في القصص المسرودة

.بلسان الشخصية

وصف المكان على لسان الشخصية ـ٢ :الساردة داخل القصة

ا يعد وصف المكان على لسان الشخصية الساردة واحدلقصة بكاملها من أهم آلياتها إليضاح نظرتها إلى أحداث ا

وأزمة وجودها داخلها ، ولذلك فإن لهذا النوع من وصف المكان دور عضوي واضح إذا ما قورن بسابقه ، كما أنه يتراجع في الغالب عن موقع الصدارة االفتتاحي ليتم

ا في استخدامه عبر وجوده داخل النص القصصي مسهمرعة ا لنمط زمني يتراوح بين السا ، وخالقتصاعده درامي

واإلبطاء بالقدر الذي يمنح خط السرد في النص حيوية ذات .طابع خاص

إحدى – كذلك –وتعد فقرات الواصف داخل القصة التقنيات السردية التي يتواتر استخدامها في كل األنواع السردية ، غير إنه من المهم أن نلفت النظر إلى قصر هذه

نصفه بأنه الفقرات في القصة القصيرة ، بما يمكن أن إشارات وصفية ، تحقق أعلى قدر ممكن من اإلشارية ، وفي الوقت ذاته تحافظ على نمط من التكثيف ، في الوقت الذي تبدو فيه محيلة إلى داخل الشخصية ، وفي تخلل هذه

اإلشارات لخط السرد ما يخفف من حدة التتابع السردي وفي سردي الوقت ذاته يسهم في إنتاج سرعة خاصة للنص الإنها . تتواءم مع رؤية الشخصية لوجودها داخل األحداث

" : إذن فقرات ذات طبيعة خاصة يشير إليها جينت بقوله اللغة السردية تتميز على هذا النحو بنوع من التطابق الزمني مع موضوع الوصف ، على العكس من اللغة التي تكون في

من . )٢٧("هذا الوصف لغة خصوصية بشكل ال رجعة فيه ا بين الوصف في افتتاح القصة هنا سيبدو لنا الفارق واضح

القصيرة ، الذي يهتم برسم صورة عامة للمكان ، والوصف المتخلل للقصة ، وهو الذي يركز على إبراز رؤية الشخصية لهذا المكان من خالل رؤيتها لألحداث ، بل إن هناك من يعد

رؤية الشخصية عنصروصف بدونه ، ا ال يتم الا ضروريف ال يشتمل على نظرة صإن أي و" : شيقول جورج لوكات

ا ، شخصيات العمل األدبي إلى العالم ال يمكن أن يكون تاموهو ،)٢٨(" فالنظرة إلى العالم هي الشكل األرقى للوعي

األمر الذي يجعلنا نولي أهمية كبرى لتلك التقنية حين ترد

.٧٨ ص – سبق – خطاب الحكاية :جينت جيرار )٢٧( .٢٥ ص – سبق – دراسات في الواقعية : شلوكات جورج )٢٨(

حين يكون وصف على لسان إحدى شخصيات القصة ، أيا من داخله العالم قادم.

من ناحية أخرى فإن النص السردي حين يبدأ نفسه كما أسلفنا –بالسرد فإن وتيرة توارد أحداثه تبدو متسارعة

ا حتى في تلك الفقرات التي يستخدم فيها استرجاع–اإلشارة ا ، ولو تصورنا استمرار القصة القصيرة على هذا سردي

إلى ذهن المتلقي أن دتسارع فإن أول انطباع سيرالنحو من الهذه القصة هي تلخيص لقصة كبرى ، وتنجو القصة بنفسها من هذه السمة بأن تهدئ من وتيرة هذا التسارع لتركز على أزمة شخصيتها في لحظة قصصية ، وعلى رؤية الشخصية لهذه األزمة ، وهو ما يدعو إلى توقيف سرعة النص أو على

ا بالخروج عن الخط السردي ، أو طائها نسبياألقل إبوضع عدسة ميكروسكوب على إحدى نقاط هذا بباألحرى

ت حين رالخط السردي لرؤيتها مكبرة ، وهو ما أشار إليه با" أولى أهمية كبرى إلى الوظيفة الزمنية للوصف فيقرر إنه

عندما تحشد التفاصيل بين فعلين من األفعال التي تكون فإن األمر يتعلق بوظيفة زمنية خالصة .. القصة متوالية في

وهو ، )٢٩(" وذلك حين يتم وصف ما يفصل بين لحظتين أهمية بالغة عند النظر إلى التعامل – كذا –األمر الذي نوليه

الخاص للقصة القصيرة مع سرعة السرد عن طريق آليات ومنها الوصف الداخلي ، وإلى اإلشارات الوصفية اءبطاإلكن أن تكون ذات داللة زمنية تتعلق بسرعة النص يمي الت

السردي ، وهو ما يمكن أن نرى نماذج له من خالل بعض .ات يالقصص القصيرة المصرية في الستين

يمكن لنا من خالل استقراء العديد من النصوص ات أن نقر بأهمية السارد المشخص في يالسردية في الستين

في تلك الفترة ، ولعله خرج – السارد بضمير األنا –القصة من حيث ، في الوقت ذاته عن الدور التقليدي للسارد األنا

محاولة التقليدي اكتساب شرعية وجوده من التأكيد على –وأن السارد ، أو أنها قد حدثت بالفعل ، واقعية األحداث

قد رآها تحدث أمامه بالفعل –ا بدور الكاتب ملتبس .

من كتاب طرائـق – التحليل البنيوي للسرد :ت ر روالن با )٢٩(

.١٧ ص – سبق –التحليل السردي

وكانت قد بدأت قبل –لسارد األنا فالصورة الجديدة من اذلك في أعقاب الحرب العالمية الثانية لدى يوسف الشاروني

قد حاولت استكناه أزمة الفرد المعاصر وطموحاته ، – مثالاطاته ومخاوفه ، وهو ما بدا على درجة من النضج في بوإح

.ات ياالستخدام لدى النصوص القصصية في الستينللوقوف على كيفية تأثر الوصف وقد نعد هذا مدخال

من –المكاني داخل القصة بصوت السارد األنا ، ودورها – بل نوعية – في الخروج بزمنية خاصة –حيث ذلك التأثر .للقصة القصيرة النجا تبدو أبوألبي المعاطي في الطابور ففي قصة

أهمية المكان في القصة ، تلك األهمية التي تبدأ من عنوان ا في زمان بحد بسل، بحيث يكون المكان مت" الطابور "مكاني

حركة الحدث – في النص –ذاته ، فحركة الطابور هي وجود البطل في هذا الطابور تمثل لحظة األزمة السردي ، و

القصصية ، ويتم رصد كل هذا من خالل شخصية المشارك وهو األمر الذي يجعل من اإلحساس . البطل –في الطابور

ا لسرعة حركة هذا الطابور أو ا موازي النص إحساسبسرعة

بطئه ، حيث تمثل وطأة الحدث على الشخصية إحدى أهم .عوامل رصده لمفردات عالمه

تمثل نصف –وإذا كان الوقوف في الطابور لمدة طويلة هي المكونة للحدث الرئيسي في هذه القصة ، –يوم كامل

ا مسوغ–بالتالي –فإن فترات السكون الطويلة ستصبح لفقرات تأملية يتخذ الوصف فيها دور البطولة ، في عالقة اجدلية واضحة ، تعكس ما أسلفناه من كون الوصف توقيف

.لسرعة النص السارد إلى قسم –تبدأ القصة بوصول الشخصية

ا لتجديد بطاقة هويته ، وفي إحساسه بالوصول البوليس مبكربناءه ، ومتأمالنى القسم متمهالا يمشي داخل أروقة مبمبكر

الذي يوقف سرد أحداث وصوله من أجل وصفه بالتفصيل وحين اجتزت مدخل القسم في تلك الساعة المبكرة " : فيقول

أغراني هدوء المكان وخلوه بأن أتأمل مباني القسم الضخمة ،ا من طابقين األثرية ، كان القسم مكون المبانيالتي تشبهد بجوار حجرات الطابق األول ممرات ترتفع على وكانت تمت

حافتها أعمدة غليظة كتلك التي تصنع أفاريز الشوارع القديمة

ونالحظ في هذه الفقرة وضوح ضمير . )٣٠(.. " بالقاهرة المتكلم السارد ، بما يجعل من الوصف رؤية خاصة له ، إنه ى المكان كما تحسه الشخصية و تتذكر أشباهه التي تدل عل

إذا كانت معلوماتها حول األماكن األخرى ، و ثقافتها و ال تعلم – من حيث وجودها داخل الحدث –الشخصية

بمستقبلها ، فإن السارد ينظم وظائف آلياته بحيث تخدم هدفه السردي ، ولذلك فإنه في وصفه للمكان يحرص على بيان أوصافه التي سوف يحتاجها فيما يلي من أحداث وهو األمر

واتجهت صوب الممر األيمن " ا في قوله الذي يبدو واضحالموصل في نهايته إلى ممر داخلي يمتد أمام حجرة البطاقات ويطل على ساحة السجن الداخلية التي يحيط بها سور حديدي

، إن هذه السمة األخيرة )٣١(" ويسمح برؤية ما في داخلها حلة ما من ا هي التي ستؤثر في سير األحداث في مرتحديد

– األطفال والبنات –القصة حين ترى الشخصية المساجين والسارد حين يراهم في نوبة خروجهم للعرض على النيابة ،

– األعمال الكاملة في القصـة القصـيرة : النجا أبو المعاطي أبو )٣٠(

.٦٨ ص – قصة في الطابور –سبق .٦٨ ص – السابق – األعمال الكاملة :ا النجأبو أبو المعاطي )٣١(

طابورهم الخاص يقوم بإدخال خط سرد فويقوم بوص .خارجي على الخط الخاص بطابوره

له من تحقق مكاني ابمإن القصة تدور حول الطابور ، موازاة سير الطابور مع الزمن ، بل إن ، وزماني متمثل في

بخط األحداث ، ها من حيث الشبا سردي تحقق– كذلك –له ا في ا نابعوهو األمر الذي يجعل من وصف الشخصية وصف

فنحن في " – أماكنهم في الطابور –األساس من مواقعهم طابور وما دام األمر كذلك فالبد أن يكون هناك متقدم

)٣٢(" محسودون ومتأخر ، حساد و –ومن ناحية أخرى يبدو النظر إلى سرعة هذا النص

على جانب من األهمية إذا أخذنا في االعتبار أن –ا عموم ا حتى الثانية النص يسرد سبع ساعات ، من السابعة صباح

بعد الظهر ، في مساحة نصية كبيرة ، ثمان وعشرين صفحة لمعدل الذي بمعدل أربع صفحات ونصف للساعة ، وهو ا

يوحي ببطء شديد يسمح برصد الشخصية لتفاصيل كل ما ال القدر اليسير من إيجري حولها دونما إغفال ، اللهم

.٧١ ص – السابق : النجا أبو المعاطي أبو )٣٢(

األحداث والتفاصيل ، وهو اعتبار كمي كما يشير جينت ، ا بدراسة أشد كيفية تعتمد على إبراز وطأة هذا يكون مدعوم

يث إن هذه السارد ، ح– على شخصية البطل ءالبطيالسير تدني اإليقاع من المشهد وهي إحدى " الطريقة في السرد

حيث ينحو النص بكامله إلى . )٣٣(" الطرق لتسريد الوصف البطء الشديد بما يوحي باألثر الذي يتركه ذلك السير البطيء

ربما اصل إلى بداية " : للطابور على نفس الشخصيةا كأن هؤالء جميعالطابور في الساعة الواحدة بعد الظهر ،

قد تآمروا ضدي في هذا الصباح ، وفي الواقع إنني كنت بحاجة إلى أن ألغي من شعوري اإلحساس بهذا الطابور

ذلك اإلحساس السئ الذي يزيد من معاناة . )٣٤(" اللعين اإلحساس بطول الزمن المنقضي عليه في الطابور ،وهو

الزمان " ن حين يقرر إإسماعيلاألمر الذي يؤكده سامي ا بطبيعة األحداث التي تحدث فيه ، وهكذا فإن يكون ملون

تبدو أطول بكثير من لحظة النشاط لحظة الرعب مثالالروتيني الممل ، إال أن هذا التلون في إيقاع الزمان المتمثل

)٣٣( GENTTE , P ٣٥ .٧٠ ص – السابق : النجا أبو المعاطي بو )٣٤(

٣٥(" ا من أحداث ترد داخل العمل األدبي يكون مستمد( ، مثل هذه القصة ، وهو األمر الذي يبدو بوضوح في قصة

حيث يدعو هذا النشاط الروتيني الممل إلى سرد أحداثه بصورة تقترب دائما ا من الوصفية لرصد التفاصيل عوض

عن أحداث ال تحدث ، إنها اللحظة القصصية في تمددها ، والتقاطها من وجهة نظر شخصية تحس بوطأتها ، حيث

ما يسمح ترى األحداث من وجهة نظر هذه الشخصية ، وهو تبطان نفسية هذه الشخصية في تلك اللحظة بشكل مباشر سبا

ا فعاالمما يسهم إسهاما إلى االنطالق في تنمية القصة استنادا حين يكون الراوي ممسرح" من داخل الشخصية ، حيث إنه

ا في الحكاية فإن القصة تكتفي بذاتها بمعنى أن القارئ ومدمج لإلحالة عليها ، )٣٦(" لطة خارجية ال يحتاج إلى االستعانة بس

–ن دنجارأ علم الجمال األدبي عند رومان : إسماعيل سامي )٣٥( .١٤٢ ص –سبق

–ر إلى التبئير نظرية السرد من وجهة النظ : روسوم غيوم )٣٦( الجزائر – منشورات الحوار األكاديمي الجامعي –ناجي مصطفى :ت .١٣ ص – ١٩٨٩ – ١ ط–

حيث ستكون اإلحالة على مدار القصة على الشخصية .ورؤيتها

يمكننا إذن أن نالحظ كيف أسهم الوصف في خلق تصور زمني يقترب من الشخصية التي يرد على لسانها ، وكيف أنه قد منح القصة القصيرة سمة نوعية تقترب من

هد ، حتى لو تكونت في االعتماد شبة الكلي على المشمعظمها من مجموعة متسلسلة من األحداث ، إن البطء ، وهو سمة هذه النوعية من القصص ، لم ينتج عن االهتمام

ا من أفكار نوكل ما يرد على ذهن، بموازاة وعي الشخصية سماه جينت بالسرد البروستي ، وهو أوصور ، وهو ما

ا مع التقاط ئر حثيثالنمط المعتمد على وعي الشخصية ، الساالتفاصيل ، و المقترب من روح القصة القصيرة واعتمادها

.على الفرد إبطاء أن نالحظ هذا الشكل من – كذلك –ويمكننا

ا في العديد من سرعة النص عن طريق توقيفه جزئيالنصوص القصصية القصيرة ، حيث تسير األحداث في

كبيرة للنص ، ثم قائي الموحي بسرعة تخطها التصاعدي االنبما ر –تتوقف عند مرحلة ما ليقوم السارد بوصف المكان

هو مكان جديد ، وربما بما يسمح للمتلقي أن يرى المكان الشخصية من قبل ، وبحيث يبدو /سمة لم يلمح إليها السارد

ا بين القصة القصيرة والرواية ، تلك التي حين الفارق واضح بالمقارنة بالمساحة الكلية ه ضئيالتقوم بهذا التوقيف يبدو أثر

بالصورة التي ال تؤدي في – الكتابية و الزمنية –للنص عموم الرواية إلى أثر كبير على سرعة الرواية النسبية ، غير إن مثل هذه اآللية حين تستخدم في مساحة نصية صغير

ا على عموم ، كما في القصة القصيرة سيبدو أثرها واضح .تي ستتسم عن طريقها بالبطء بوضوح أشد سرعة القصة ال

: وهو ما يمكن أن نالحظه في العديد من القصص مثل إلبراهيم في جوار رجل ضرير ، و لبهاء طاهر الخطوبة

السهام ، إبراهيم لجميل عطية المربع الدائريأصالن ، ليحيى الطاهر جبل الشاي األخضرألحمد هاشم الشريف ، و

.عبد اهللا لمكان على درجة عالية من األهمية الداللية في يبدو ا

ألحمد هاشم الشريف ، فالقصة تدور كلها في السهامقصة ا الغناء ، حيث طابور الصباح ومنصة المدرسة ، وخصوص

تحية العلم التي يقف بجوارها الناظر ، والقصة تبدأ منذ

بإشارة زمنية يبدأ بها خط – حيث الطابور –الصباح هكذا منذ –إلى حدث مفاجئ األحداث ،

يتم رصده عن طريق سارد ذائب في مجموع الطلبة –البداية في صباح : " ، يقول " نحن " السرد بالضمير . ليتم الرصد

، فإن )٣٧(" يوم ، فوجئنا نحن طلبة المدرسة بغياب الناظر هذه اإلشارة الزمنية سرعان ما تتراجع أمام الوصف المكاني

، وهو الوصف الذي يتضافر مع رؤية السارد ، لمنصة العلم كان العلم " ؛بوصفه أحد الشخصيات لما يحدث في الطابور

بألسنة حمراء وبيضاء وسوداء تحركها هيرفرف فوق صاريهبات الهواء التي عبرت فناء المدرسة ببطء خالل ذلك الصباح وكانت األلسنة تختلط ألوانها بعضها ببعض أثناء

ل إلى حد مروع ثم تقصر منكمشة وهي تلتف الحركة فتطوحول الصاري ، وعندئذ نسمع لغتها المبهمة ونتظاهر كالعادة

.)٣٨(" بفهمها

عـدد – مجلة الهالل – قصة السهام : أحمد هاشم الشريف )٣٧( القـاهرة – دار الهالل – ١٩٦٩ أغسطس – القصة القصيرة -خاص

.٧٣ ص – .٧٤ص ـ السابق : أحمد هاشم الشريف )٣٨(

إن هذا الوصف للعلم ، ورؤية الشخصية له يعلي من القيمة الداللية للمكان عبر مشهد يتكرر كل صباح بالطريقة

/ الشخصية بين المكان و– بعد ذلك –ذاتها ، غير إنه يزاوج الناظر ، ذلك الذي غاب ألول مرة هذا الصباح ، فيكون

كان من عادة الناظر أن " الوصف توطئة لوصف الشخصية يراها من يشرف علينا ، على صفوفنا الهندسية المستقيمة ،

ا بين فوق المنصة ونحن نحيي العلم ، بتأملنا بدقة باحثا في رتبطوحيث يكون وصف الشخصية م . )٣٩(" الصفوف

، الذي تستمد منه سلطتها – فوق المنصة –األساس بالمكان بل ،ا إلى المفاجأة القائد داعي–وليصبح غياب تلك الشخصية

والخلل ليكون ذلك اليوم هو أو يوم ال تتم فيه تحية العلم في بداية لشيوع الفوضى في المدرسة ، تلك الفوضى التي ستبدأ

ي للناظر الذي سيصحب ظهوره معها مرات الظهور الليلظهور السام التي ستدل على االتجاه الصحيح للحركة التي

. يشير بها عليهم

.٧٥ السابق ص : أحمد هاشم الشريف )٣٩(

إن الوصف المكاني في هذه القصة يتخذ داللة رمزيـة بالغة الرهافة ، وهو في الوقت ذاته ينبع من تأمل الشخصية لمجتمع كامل من التالميذ تشيع فيه الفوضى لغيـاب قائـده،

األمر الذي يسهم في التبئيـر علـى منـاطق التحـول وهو ي الذي تقوم نالرئيسية في القصة مع التركيز على الدور المكا

.به الشخصيات وتتكرر الصيغة ذاتها ، وإن بصورة مختلفة في قصة

حيث انتقال الشخصية في جوار رجل ضرير أصالن إبراهيمكنه من منزل عائلتها للعيش في غرفة فوق سطح منزل يس

رجل ضرير ، في إشارة إلى محاولة الحصول على استقالل البطل –ما من هيمنة األسرة ، وفي القصة يعتمد السارد

على السرد ، إيراد الحوادث في تتابعها منذ البداية ، مقسمة إلى فقرات معنونة بأرقام ، غير إنه في الفقرة الخامسة يبدأ

حجرتي كانت باإلضافة إلى " :في وصف مكانة الحديدهناك حجرة مغلقة وأخرى لالغتسال وفيما عدا ذلك فقد كان

السطح خاليا ، كان الفراش صغيرا إلى حد ما ، كما ا مريح

وهو الوصف الذي ، )٤٠(" كانت هناك منضدة ومقعد ومرآة يأتي ليسهم في إيجاد نمط جديد لسرعة النص السردي ،

ى توالي األفعال في حيث النص يبدأ بسرعة كبيرة تعتمد علجمل قصيرة ، وعلى وجود فجوات بين الفقرات تسهم في اإلحساس بوتيرة عالية للسرعة ، ليصبح هذا الوصف كذلك

الشخصية لتأمل نقطة انطالقة في / وقفة من قبل السارد مرحلة استقالله الجديدة من خالل تأمل المكان الذي انتقل

.إليهن في القصة القصيرة من ناحية أخرى فإن وصف المكا

األنا (ا ، وفي تلك التي تستخدم السارد المشارك عموم (لقيمة جمالية النعكاس وعي الشخصية ، ا يبدو ممثالخصوص ا في تلك المرات التي يتم فيها رصد المكان بأبعاد وخصوص

ا في الرصد تبدو غر واقعية ، وهو األمر الذي يبدو واضحسف الشاروني ، حيث يهدف الرصد الكابوسي للمكان لدى يو

الكابوسي للمكان القصصي إلى محاولة خلق شكل جديد للمكان الواقعي عن طريق إحداث تغيير في أبعاده الهندسية ،

. ٦٨ جـاليري – في جوار رجل ضرير : أصالن إبراهيم )٤٠(

.٦ ص - سبق –عدد خاص عن القصة المصرية المعاصرة

أدى إلى اكتشاف " ا إلى الفكر الفيزيائي النسبي الذي استنادتراتبات جديدة للمكان فيقول برغسون إن أنماط جديدة و . )٤١(" ا غير متوقع ي المكان ليس إال نظاماختالل النظام ف

وهذا النظام الجديد هو انعكاس لفيض شعوري يعي المكان غير واقعي ، فتبدو أبعاده منبعجة ، –ا غير تقليدي وعي

هو و،وحشة ا ووأسقفه منخفضة وتبدو األماكن أكثر ضيقما يمكن مالحظته كذلك لدى محمد حافظ رجب في العديد

حيث تتحول غرفة األب حانوتا ه ، خصوصمن نصوص ففي ؛ السطح التي يقطنها االبن إلى كابوس متحرك

اللحظة التي طرق فيها باب الكوخ الصفيح المعلق في " ا من شعره في خطاف حديدي يتدلى من السطح كان معلق

سقف الكوخ فوق ألسنة من النيران تتطلع إليه وهو عار، " الدماء تنخر قلبه بمدراة شوكية وامرأة بنابين مخضبتين ب

قضايا المكان الروائي في األدب المعاصـر : صالح صالح )٤١(

وقد أشرنا إلى ذلك في دراستنا السابقة آلليـات – ٤٣ ص – سبق – دراسة ماجستير – القصة القصيرة عند يوسف الشاروني التجريب في

. فصل التجريب في الزمان والمكان – ١٩٩١ – ن جامعة حلوا–

وهو الوصف الذي تبدأ معه القصة في رصد حالة من ، )٤٢( وتبدأ بعزله في هذا الكوخ ،القهر يتعرض لها هذا االبن

، حيث إبراهيمنبيلة / وهو األمر الذي تؤكده د،الموحش تمثل العزلة إحدى السمات المهمة للمكان القصصي

فالمكان يضيق بضيق المجال النفسي "باإلضافة إلى ضيقه ، بل إنه يمثل المجال النفسي بعينه ويمكننا أن نقول بتعبير آخر إن الذات القاصة حملت معها المكان في عزلتها في

، حيث يعد المكان السردي في )٤٣(" مجالها الفكري والنفسي وهو ما يتيحه ،ا لرؤية الذات لعالمها القصة القصيرة انعكاس

ها للمكان ، ذلك التأمل الحادث نتيجة إلبطاء سرعة تأملالسرد في وقفات يستطيع معها السارد رصد تفاصيل هذا

.المكان ، وسماته التي تكون نابعة في األساس من داخله كما أن الوقفات الوصفية ، التي يتم تعليق خط السرد

في القصة –بطائي إل حال ظهور دورها ا–لصالحها تسهم

– ٦٨ جـاليري – حانوت األب قصة : محمد حافظ رجب )٤٢( .١٠٠ ص – سبق –عدد خاص القصة القصيرة المصرية

١٩٨٦ سبتمبر – فصول – قص الحداثة : إبراهيمنبيلة / د )٤٣( .٩٦ ص –

بخلق سرعة نصية على وتيرة خاصة ، تتميز بها القصيرةالقصة القصيرة على وجه الخصوص ، بما لها من سمات

غير . تنحو إلى التعبير عن الذات المأزومة في لحظة أزمتها إن وصف المكان ليس هو اآللية الوحيدة إلحداث بنية زمنية

سرعة السرد ، فهناك آليات أخرى إبطاءسردية معتمدة على لق بنمط السارد المستخدم في السرد ، وهو ما سنراه بعد تتع .قليل

: التعليق ـ٢يمثل التعليق الذي يقوم به السارد إحدى أهم اآلليات

ا مـن أوجـه تعد وجه يالسردية في القصة القصيرة ، والت الوصف إذا ما قورنت بسير األحداث ، فالتعليق يوقف سـير

وهـي ، الواقعة السردية الحدث لصالح إيراد معلومات حول أو إيراد معلومات ،معلومات تتعلق بالحدث نفسه أو أسبابه

ومنها وصف الشخصية التـي ظهـرت ، حول الشخصيات أو بإيراد معلومات حـول الحـدث عـن ، ا في السرد حديث

.ا طريق االسترجاع ، وهو ما ناقشناه سلفا إيقاف- بما هو خروج عن خط الحدث–ويعد التعليق

سرعة النص ، لكنه هذه إبطاءلتوارد األحداث بما يسهم في

المرة إيقاف لصالح المعلومات أكثر منه لصالح التأمل كما ويمكن أن تنقسم التعليقات ، حسب نمط ،في وصف المكان

السارد إلى تعليقات يقوم بها السارد العليم ن وأخرى يقوم بها .السارد المشارك

:العليم تعليقات السارد -١ – الشخص الثالث –يعد السارد العليم ببواطن األمور

أحد أهم الطرق السردية التي اعتمدت عليها فنون السرد منذ ا في السرود معرفة هذا الفن ، بل هو أكثرها استخدام

التقليدية ، فهو يمثل السرد الموضوعي ، حيث يكون ر السردية ا على كل شئ ، حتى األفكاالسارد مطلع/ الكاتب

لألبطال ، وهو النمط السردي الذي يسمح للسارد بالتحكم الكامل في إيراد الوقائع السردية وترتيبها ، وحسب تعبير

ا بكل في بعض األحيان يكون الكاتب عليم" فورستر فإنه شئ فهو يشرح كل شئ كما يقف في المؤخرة يحكم على

ير إليه فورستر وهذا العلم الكامل الذي يش، )٤٤(" شخصياته ا يتيح للسارد أن يتدخل أثناء عرضه لمجرى األحداث متطوع

هو ماال يعرفه القارئ ، لكي يستكمل اإلشارة و، بما يعرفه التي يريد طرحها في وقت ما من العرض ، وقت تتحكم فيه

ا ، ويؤخر استراتيجياته السردية ليمارس لعبة اإلخفاء أحيانا أخرى ويعرض األزمة في نظهور بعض المعلومات أحيا

القصة بجوانبها كافة عن طريق عرضه لدواخل الشخصيات التي تشارك في صنع هذه األزمة ، وللمعرفة الكلية نوعان مهمان حسب تركيز السارد على شخصياته ، فهناك المعرفة

ا أو شبه الكلية متعددة الزوايا ، التي يكون فيها السارد محايدوجهة الشخصيات واألماكن ، ال يتبنى محايد ، ينتقل بين

نظر إحداهما ويوزع علمه على كل منها ويوضح للمتلقي ما . يدور هنا وهناك

كما أن هنالك المعرفة الكلية أحادية الزاوية ، التي يركز ا ما تكون فيها السارد على وعي إحدى الشخصيات ، غالب

دار –كمال عياد جـاد : ت – أركان القصة :م فورستر . أ )٤٤(

– سلسلة األلف كتاب األلف كتـاب –الكرنك للنشر والطبع والتوزيع .٩٨ ص – ١٩٦٠ القاهرة – ٣٠٦رقم

داخلها ، هي الشخصية الرئيسية ، فيتبنى رؤيتها ، ويعرض على الرغم من إمكانية معرفته بكل ما يحيط بها ، وهو

لم يحدث أن " :حين يقول االنحياز الذي يشير إليه هينكل أو الراوي ، ا يتكلم ، ولو من خالل المؤلف الضمني كاتب

العارف بكل شئ وهو متحرر من نزعات بعينها أو منطلقات على التأثير أو وهو متحلل من اإلصرار ، إدراكية صماء ا يتعلق بسبل محددة للرؤية أو تقديم األشياء على القارئ تأثير

")٤٥( ،ا وهو ذات اإلصرار الذي يجعل السارد مدفوعاقها ، يللتدخل بالتعليق على األحداث والوقائع المعروضة وس

حسب تعبير –ليتحول بذلك السارد العليم إلى سارد دخيل يعلق بصوته على المواقف سارد" وهو ،–جيرالد برنس

والمواقع المعروضة والطريقة التي تعرض بها وعلى سياقها وهي تقنية سردية تبدو على اتصال واضح مع معرفته )٤٦("

.الكلية

ص – سـبق – قـراءة الروايـة :كل ين ه –ت . روبرت )٤٥(١٨٢.

.١١٩ ص – سبق – المصطلح السردي : جيرالد برنس )٤٦(

غير إن أهم ما يلزمنا في هذا اإلطار ، هو أن عرض ا يتناوب بين السرعة السارد العليم لسير األحداث يتخذ إيقاع

حسب استراتيجيته وهدفه من هذا العرض ، غير و اإلبطاء ، ا لسير األحداث لصالح المساحة إن تدخله بالتعليق سيعد توقيف

للنص في التي يتخذها هذا التعليق ، وهو ما يعد إبطاء غر إن . عمومه ، بالصورة ذاتها التي رأيناها في الوصف

ال إ اتعليقات هذا السارد ستكون واقعة تحت تأثير الشرح دائمومرة شكل وصف ، أنها ستتخذ مرة شكل التفسير والتعليل

. الشخصيات الطارئ وجودها في مجال السرد

: الوظيفة التفسيرية للتعليق ا فيما يتعلق تبدو الوظيفية التفسيرية للتعليق أشد حضور

ضمن " بالرؤية المضمونية لألحداث ، حيث يندرج التعليق فوق الطبيعي لألحداث ، فالسارد خانات التفسير الطبيعي أو

يعلن عن العديد من مواقعه عبر تعليقات شتى تؤدي وظيفة ية معينة في تعليق سريع ؤروائية من خالل إمداد المتلقي بر

ويكون هذا ، )٤٧(" ، واستكمال صورة الحدث السردي التفسير إما عن طريق االسترجاع الذي يعود إلى بدايات

تها األولى ومنطقية ورود حدث ما األحداث لتوضيح توجهاأو عن طريق النفاذ ، في وقت ما عن طريق إيراد مقدماته

إلى وعي الشخصيات وإيضاح ما تفكر فيه لبيان عدم غرابة .تصرفاتها إزاء األحداث

ومن الممكن لنا اآلن النظر في نماذج من التعليقات التفسيرية في العديد من القصص القصيرة المصرية في

ات ، مع رؤية أثرها على سرعة النص السردي ، ففي يلستينا ألحمد هاشم الشريف يبدو تفسير السارد على القمةقصة

جانب من األهمية في فهم المتلقي للخط السردي في القصة ، ا عن طريق بالصورة التي يبدو فيها السرد نفسه معروضل من خال" : تفسيرات السارد له ، فهو يبدأ القصة بقوله

ى نظرة يستكشف قاللوح الزجاجي الذي حددته فتحة النافذة أل أن يعرف المسافة التي قطعتها العربة بها الخارج ، محاوال

أخفق - على ما يبدو –والمسافة الباقية من الطريق ، لكنه

ص – سـبق – شعرية الرواية الفانتاستيكية : شعيب حليفي )٤٧(٢٠٣.

هذه المحاولة وظل لبضعة ثوان ال يفكر في شئ ، وال ينطق فالفقرة ، )٤٨(" بحرف وال يقوم بأي عمل على اإلطالق

السابقة ال يدور بها سوى حدث واحد هو نظرة البطل خارج النافذة وباقي الفقرة محاوالت من السارد لتفسير سبب هذه النظرة ثم عن طريق النفاذ إلى داخل وعي الشخصية يتبين إخفاقه ، ثم بقاؤه ال يفكر في شئ ، لبضعة ثوان تقابلها فقرة

لبطء الذي يسير على النص في من بضعة أسطر تبين مدى اط م ذلك الن– على ما يبدو –عرض أحداثه منذ البداية ، وهو

ا على ما يقوم الذي سيسير به النص في باقي أجزائه معتمدبين تبه السارد في مختلف المراحل من إيراد المعلومات التي

أن السرد بضمير الغائب يتيح " ا على دا اعتمةالصورة كامل الحدث الموصوف /راوي كي يدور حول الشيء الفرصة لل

.)٤٩("من جميع جوانبه

المجلس األعلى لرعاية –وجه المدينة : أحمد هاشم الشريف )٤٨(

٢٦ رقـم – سلسلة الكتاب األول - الفنون واآلداب والعلوم االجتماعية .٤٧ص - قصة القمة – ١٩٦٦ – القاهرة –

دار –اوي والنص القصصـي الر :عبد الرحيم الكردي / د )٤٩( – ١٩٩٦ - القاهرة – ٢النشر للجامعات ط

ا مع ذلك التعليق وهو األمر الذي يبدو أشد وضوحكان يعتقد أن " : االسترجاعي التالي للفقرة األولى مباشرة

العقل قوة هائلة ال يستهان بها حتى لو أحاطت باإلنسان )٥٠(م الماضية ظروف قاسية كالتي أحاطت به في الثالثة أيا

(في تضافره مع الفعل ) يعتقد (، حيث يبدو استخدام الفعل الدالين على استمرار االعتقاد لدى الشخصية يبدو ) كان

من الراوي العليم لوعيه الموازي لوعي الشخصية استغالال، في توقيف حركية السرد لصالح عرضه لتلك المعلومات

لمشهد ذي الحدث الواحد في بعد ا–ا له التي ستكون منطلق لكي يبدأ في سرد أحداث القصة كما يراها هو –أول الجملة

من خالل انطباعها في ذهن هذه الشخصية ، فكما يقول ا من أي حالة ا أن يكون متأكدبإمكان الروائي دائم " :فاولر

ا بشكل مطلق على ضبط ينسبها إلى شخوصه ما دام قادر و ما يبدو هنا على درجة من األهمية ه و، )٥١(" أحاسيسهم

.١٣٤ص

.٤٧ ص –المرجع السابق : أحمد هاشم الشريف )٥٠( -لحسن أحمامـة : ت – اللسانيات والرواية : روجر فاولر )٥١(

– ١٩٩٧ – ١ ط– الدار البيضاء –دار الثقافة

–ا الزمنية خصوص– في اصطناع البنية السردية – كذلك –التي يقوم عليها مثل هذا النص المعتمد على حركة األحداث

ا في مهمداخل وعي الشخصية الرئيسية فيه ، بما يبدو عامالا حال اعتمادها خلق سرعة نصية خاصة ، تتسم بالبطء غالب

قبله أو –ا به رصد الحدث على خريطة السرد ، محاطعلى رؤية الشخصية الخاصة له ، معتقداته وأفكاره ، – هبعد

في خط ا من وعيه ، دخوالوتوقعاته وذكرياته ، انطالق بما يمنح هذا الخط حركية ذات نمط خاص ولصيق ،السرد

ا إذا الحظنا اعتماد النص من بهذه الشخصية ، وخصوصتى آخره على الصوت السردي نفسه ، بما يؤقت أوله ح . كنغمة سردية واحدة – كلها –القصة

بما لها من أهمية في بناء – إذن –إن تعليقات السارد القصة ، تعتمد على علم هذا السارد فتتخذ بذلك سمتها التفسيري الشارح ألبعاد الموقف القصصي فتؤدي إلى

لية من اإلحكام وصول الرسالة السردية إلى درجة عاالموضوعي ، من حيث بيان جوانب الحدث كافة ، الموازي

.١١٦ص

سرعة النص بما يتيح للمتلقي إبطاءإلحكام تقني يقوم على تأمل هذه الرسالة السردية من خارج عالمها ، أو حسب

إن القصة تكون مبأرة من خالل " تعبير جوناثان كولر كانت متابعة كما لو أو من خالل تليسكوب ،–ميكروسكوب

.)٥٢(" بطريقة بطيئة سرد األحداث بتفصيل كبير وهو األمر الذي يمكن متابعته في العديد من القصص التي اعتمدت على السارد العليم بوصفه تقنية سردية لها حضورها في السرد ، ولها فعلها الذي تقوم به وذلك في مثل

ء طاهر لبهابجوار اسماك ملونة ، ونهاية الحفل: قصص حكايات و ألبي المعاطي أبو النجا ،خروج عن الموضوع،

لمجيد الوجه اآلخر و لمحمد البساطي ،لرجل فوق السطحمعظم ليحيى الطاهر عبد اهللا ، بل وليل الشتاء و طوبيا ،

القصص التي يبدو فيها السارد عليما لهذا العلم ا مستخدم في بما يصير ظاهرة إياه في خدمة أهدافه السردية ،جاعال

المجلـس –يـة األدبيـة مدخل إلى النظر : جوناثان كولر )٥٢(

مصطفى : ت – )٥١٤ ( المشروع القومي للترجمة –األعلى للثقافة .١٢٤ ص - ٢٠٠٣ -القاهرة -١ ط-بيومي عبد السالم

مثل هذا النمط من القصص ، يبدو من خاللها تحكم السارد .في مسرودته من جوانبها كافة

أن مثل هذه التعليقات التفسيرية – كذلك –ومن الواضح ا ما يتعلق منها ببيان األسباب والنتائج في غير ، خصوص

، ترتيبها الزمني ، معتمدة على الترتيب المنطقي لألحداثمن الواضح أنها قد أسهمت في إيجاد وظائف تقنية آلليات سردية تعتمد على كسر الترتيب التصاعدي للزمن السردي

كل شئ يحملنا على االعتقاد بأن مصدر " حيث سيبدو إن التالزم ، حركية السرد هو ذلك الخلط الحاصل بين التتابع و

ا أشرنا وهو م . )٥٣("أي بين ما هو زمني وما هو منطقي . ا في معرض الحديث عن آليات الترتيب الزمني ليه سلفإ

: الوظيفة الوصفية لتعليق السارد تبدو الوظيفة الوصفية لتعليق السارد العليم متصـلة بقدر كبير بالوظيفة التفسيرية غير إن الوصف هنا ال يكـون

ا ، بل إنه يتواشج مع خط السرد ليقوم بـدوره ا خالص وصف

من كتاب طرائـق – التحليل البنيوي للسرد : روالن بارت )٥٣( .١٧ – سبق –تحليل السرد األدبي

– به في خلق إيقاع خاص من ناحية ، وبيان الصورة المنوط الموقف السردي من جوانبه كافة ، ليبـدو تعليـق –المشهد

السارد هاهنا بمثابة سرد الثابت ، في مقابل سرد المتحـرك المعتمد على توارد الحوادث عقب بعضها البعض ، وهو ما

إن دراسة العالئق بـين السـردي و : " ت بقوله ييؤكده جين ال بد و أن تعود في جوهرها إلى مراعاة الوظـائف لوصفيا

تلك الوظائف التي يقـوم بهـا أي . )٥٤( " الحكائية للوصف إيقاف لحركة السرد ، من أجـل إيضـاح إحـدى مناطقـه

.الغامضة إن كان يهدف إلى حتى و– إذن –إن تعليق السارد

حاول التفسير فإنه ال يخلو من وظيفة وصفية ، فهذا التعليق يا إياها بالجو العام النفاذ إلى داخل اللحظة القصصية رابط

الذي تحدث فيه ، ومن ثم فهو ال يستغني بأية حال عن الوصف ، ويبدو هذا في تعريف جيرالد برنس للوصلة

وحدة سردية موصولة بوحدات سردية " الموضوعية بأنها ا أوأخرى في مساق الحدث نفسه بدون أن ترتبط بها سببي

زمنيا ، وهي وصلة قائمة بذاتها تشير إلى ا ولكن موضوعي

.٧٦ ص– سبق – خطاب الحكاية :ت ي جيرار جين)٥٤(

الجو العام والفلسفة والشعور والسمة الشخصية ، ووصلة معلوماتية تعطي أجزاء من المعلومات عن الزمان والمكان

، إذا كان برنس يغفل هنا دور السارد )٥٥(" المعروضين وهي ما نسميه المقطع–العليم في وجود هي الوصلة

إن هذا الدور له من األهمية مكانه المتمثل في ف –التعليقي ا حركته ، وهو الظهور الذي ظهوره داخل السرد قاطع

ا الشكل اإليهامي الكالسيكي ، لكي سينتفي معه ولو جزئييحل محله شكل تأملي أو تحليل أو حتى تأويلي لمنطق سير

رى ت بالوظيفة الكبياألحداث ، وهو ما يشير إليه جينذات طبيعة تفسيرية ورمزية في " بأنها وظيفة و، للوصف

نفس الوقت ، فالصور الجسدية ، وأوصاف اللباس والتأثيث إثارة نفسية الشخوص وتبريرها في نفس اآلن ، .. تتوخى

وهكذا يصبح الوصف عنصرذا ؛ )٥٦(" ا في العرض ا أساسي ليقات أهمية كبرى ، وهو ما يمكن أن ينطبق على كل التع

.التي يتدخل بها السارد في خط األحداث

.١١٢ ص – سبق – المصطلح السردي : جيرالد برنس )٥٥( .٧٧ ص – سبق – خطاب الحكاية : جيرار جينت )٥٦(

حدثها هذا يمن هنا يمكن لنا أن نقف على اآلثار التي

النوع في نماذج من القصص القصيرة ، وهي آثار ال تختلف عن النوع السابق ، ليبقى - على المستوى التقني –

ا إلى حد بعيد ، من حيث تعبير الصوت االختالف مضموني . ألحداث أو وصفها عن تفسير ا

ليحيى الطاهر عبد اهللا الكابوس األسودلعل في قصة وما يوضح ذلك ، حيث تبدأ القصة بتوالي ألحداث سير

تخطي : " الشخصية التي يوازي وعيها صوت السارد ا من المسقط الحجري إلى بؤبؤ الشريط الحديدي متدحرج

ف وعلى الرغم من وجود أوصا، )٥٧("الساحة الخراب السردية ، فإنها ال –ة ثيتتناثر في جملة يحيى الطاهر الحد

ا ذا بال ، وإن بدت ضرورية تؤثر في سرعة النص تأثيرالمكان المنخفض ( لرسم جو عام يحيطه اإلحساس الكابوسي

، غير إن ) كائن العراء الخراف ( ، و ) أسنان مدببة ( ، )

قصـة – سـبق – األعمال الكاملة : يحيى الطاهر عبد اهللا )٥٧(

.٢٠ ص –الكابوس األسود

ي يشرح كون العراء التعليق التالي لهذه الفقرة مباشرة ، والذيظهر فيه ؛ ( : ) ا ، ويأتي بعد تقطتي التوضيح خرافي

ها توارد الحوادث لصالحا ، موقفصوت السارد واضح " : وقد غطاه قوس األفق : استقام لعينيه كان العراء الخرافي

الرمادي بعمامة خلت من األقمار والنجوم ، وتحت قدميه بالبول ونطف الغرائز كان يمتد فرش المكان القذر ينشع

هذا الوصف الكابوسي القاتم للمكان ، . )٥٨(" الوضيعة ينطوي على طاقة تفسيرية ، تحليلية يقوم بها صوت السارد ، وتتبدى واضحة في العودة المتعمدة لخط األحداث ، وربطه

في –يلي ذلك من سرد ينبني بهذا الوصف ، بل إن ماا للحدث دو الوصف سبب على هذا الوصف ، ليب–األساس

التي ) آنئذ ( الذي بعده ، وهو ما يظهر في استخدامه لكلمة آنئذ أحس بأنها الكوابيس : " تلي الفقرة السابقة مباشرة ليقول

السوداء رفيقة الرعب حيث يأخذ عالم الشعور والروح وزنه وهنا يبدو دور العلم الكامل للسارد بباطن ، )٥٩(" الثقيل

) أحس ( فالفعل الظاهر في الجملة األخيرة هو الشخصية ،

.٢٠ ص – السابق : يحيى الطاهر عبد اهللا )٥٨( .٢٠ ص – السابق : يحيى الطاهر عبد اهللا )٥٩(

الذي يستبطن شعور الشخصية تجاه المكان ، أو باألحرى بسبب وجودها في هذا المكان ، وهو األمر الذي يسقط به السارد على العالم الخارجي ما في داخل وعي الشخصية ،

الوعي ال يحلل من " وحسب تعبير آالن روب جرييه فإن ل يسقط على أشياء ، أي أن هذا الوعي ال يوجد داخل نفسه ب

الشئ ال –داخل نفسه بل هو حركة نحو العالم الخارجي يوجد في ذاته بل ينبثق من خالل النظرة ، إن القارئ يحس إن الكاتب يصف العالم الخارجي ولكنه في الحقيقة يتحدث

والفارق لدى جرييه واضح بين ، )٦٠(" عن العالم الداخلي في عبارته ، حيث يصبح للوصف تلك ) يتحدث ( ، ) صفي(

.الطاقة التفسيرية غير إن هنالك من التعليقات ما يبدو وصفيا ، ا خالص

عندما يتعلق ذلك التعليق بظهور شخصية جديدة في وخاصة لمحمد البساطي ، حيث التحديالسرد ، وذلك مثلما في قصة

م بها السارد العليم تبدو موازاة وعي الشخصية واضحة ، يقو

: أجرته – حوار مع آالن روب جرييه : آالن روب جرييه )٦٠( – ٣٠ العـدد – اتحاد كتاب فلسطين – مجلة الكرمل –سلوى النعيمي

.٦٧ ص – ١٩٨٨

كل معرفته بهذه الشخصية ، فتبدأ القصة برصد مستغالالصور التي تقع عليها عين الشخصية ، بصورة تبدو معها

لقطات متتابعة دون /مفردات المكان في تتابعها كأنها أحداث ؛رمق السلك المثبت بإحكام على ركائز خشبية: " روابط

ترك . عائلة كاملة .. طفل .. رجل .. كوخ ..من يصدق ؟ إنه وقع المفاجأة حين )٦١(" الصخرة وسار محاذاة السلك

يذهب البطل إلى أرضه الفضاء ليجد هناك من احتلها بال سابق إنذار ، ليبدأ معه التحدي ، وتكون البداية بهذا الوصف

ا لذلك المبهم لألشياء وكأنها مطلقة ، غير إنها تستدعي صورأ بعده خط الحدث في التوالي نقطعه تعليقات المحتل ، ليبد

فوجئ –التفت خلفه : " السارد التي تصف ذلك المحتل وجه مغضن كاألرض بعينين جاحظتين كعيون السمك و

ا نحوه بخطوات قصيرة متمهلة ، مسح ظل سائر–المتشققة كان يلبس فانلة طويلة . في بنطلونه الممزق هالرجل كفي

قصـة – سبق – حديث من الطابق الثالث : محمد البساطي )٦١(

.٤ ص –التحدي

إنه وصف . )٦٢(" ره في لون التراب األكمام ، وشعر صدا الشخصية عند ظهورها األول ، بما يجعل من التحدي هين

على البطل ، فالرجل الذي وضع يده على أرضه يبدو بهذه ا على هذا التحدي ، وهو األمر الذي الصفات ليس قادر

سيبدو صدقه عند النظر إلى نهاية القصة حين يختار هذا .رض دون أدنى مقاومة الرحل الرحيل عن األ

: وهو األمر الذي يتكرر في العديد من النصوص مثل لجميل الحركة ودالالت الزمن لمجيد طوبيا ، والوجه اآلخر

، حين تظهر الخادمة ألول مرة في القصة إبراهيمعطية العليم -عبر حدث توقفها أمام حانوت بالسوق فيبدأ السارد

" :ا هيئتهارد ليعلق واصف في توقيف خط الس–هذه المرة وقفت الخادمة أمام الحانوت السالوي ترتدي جلبابها األزرق

القب يغطي ، يخفي اللثام النصف األسفل من وجهها ، و" ض والخبز حتى ينتهي العجوز من ميزانه يرأسها تنتقي الب

٥ ص – سبق – حديث من الطابق الثالث : محمد البساطي )٦٢( .٦، ص

، ونالحظ االمتداد الزمني الذي تتخذه هذه الجملة من )٦٣(للداللة على ) تنتقي (لفعل المضارع حيث استخدامها ل

، ) وقفت تنتقي ( استمرار الهيئة الموصوفة لمدة من الزمن لألحداث من ثبات حيث تبدو الجملة الفعلية الحالة محركة

الوصف بما يوحي بحركة ما ، لكنها تظل حركة أسيرة للتعليق الوصفي ، حركة يرصدها السارد خارج خط

علق بالبطل الذي يحس بغربته التي المتياألحداث الرئيسوهو األمر الذي يضفي على ذلك . ا أمامه ددتجعل الزمن مم

التعليق سمة التقنية الزمنية المؤثرة على سرعة النص بإبطاء ا على بسيط القيمة إذا ما قيس بتعليقات أخر تعتمد تمام

.الوصف عن طريق األسماء والصفات ال الحركات العليم بما له من سمات التفسير إن تعليق السارد

والوصف هو من قبيل الخروج عن حركة السرد وتتابع أحداثه ، للوقوف على المنطق الذي يحكم هذا التتابع ، وهو

ك يقوم بخلق تصور عن سرعة حركة السرد ينبع من اإذ ذ

مجلـة – الحركـة ودالالت الـزمن : إبراهيم ة جميل عطي )٦٣( الدار القومية – ١١٦ طالئع القصة القصيرة ع – عدد خاص –المجلة

.٤٦ ص– ١٩٦٦ أغسطس – القاهرة –للطباعة والنشر

يمكن داخل مجال متحرك ، غير إن ماإبطاءوجود مناطق التعليقات التي يقوم بها سارد اإلشارة إليه هاهنا هو قصر

القصة القصيرة ، مقارنة بالرواية ، ففي القصة القصيرة تكون هذه التعليقات إشارية خاطفة معتمدة على نسق صاف

امضة ، غبحيث تومض لتنير مناطق من اللغة اإلشارية ، ويسير بعدها خط األحداث في طريقه المعتاد ، أما في الرواية

فيكون الهدف غالبعلى تحليل الشخصيات والحوادث اا معتمد .باستفاضة بسمح بها اتساع النص

: تعليقات السارد المشارك ـ٢ا من أهم األنماط يبدو نمط السارد المشارك واحد

السردية التي تطور استخدامها في النص الثاني من القرن العشرين ، حيث الرغبة في التعبير عن النزعات الفردية ،

تسمح به الموازاة بين علم السارد وعلم الشخصية ، وهو ما التبئير الداخلي ، أي حكي –ت ي حسبما يسميه جين–أو

القصة من داخلها على لسان إحدى شخصياتها ، ومن البديهي أن إحساس الشخصية لألحداث ، وسرعة دورانها

ا من إحساس ذلك المتابع من الخارج ، غير يكون أشد اختالف

الشخصية رؤيتها من العالم ، ومن القصة ، تلك إن لهذه عبر تعليقات هذه الشخصية -ا حتم–الرؤية التي تظهر

حول ما يحدث ، تعليقات تظهر حرة ، غير مقيدة بنمط يحيل " السرد وتقاليده ، إنها تنبع من داخل الشخصية ، حيث

نإ..فاألنا مرجعيته جوانية .. ضمير المتكلم على الذات معادل من بعض الوجوه لتعرية النفس وكشف النوايا األنا

.)٦٤("أمام القارئ شديد االرتباط بخط – في الغالب –ويكون هذا الكشف

الرد ، بحيث يصعب فصلهما ، وحسبما يشير حميد لحمداني في الحكي كشاهد أو بطل يمكن أن الراوي ممثال" فإن

التأمالت يتدخل في سيرورة األحداث ببعض التعاليق أوا ، ألنها تكون ظاهرة وملموسة إذا ما كان الراوي شاهد

تؤدي إلى انقطاع في مسار السرد ، وتكون مضمرة ومتداخلة مع السرد بحيث يصعب تمييزها إذا كان الراوي

بحث في تقنيـات – في نظرية الرواية : عبد الملك مرتاض )٦٤( المجلس الوطني للثقافـة – ٢٤٠ رقم – سلسلة عالم المعرفة –السرد

١٨٥ ص - الكويت –والفنون واآلداب

والسارد الشاهد الذي يشير إليه حميد لحمداني هو )٦٥(" بطالإنه ليس أو مشاهد لها غير ، راو مشارك في األحداث

شخصية رئيسية فيها ، وتمتاز تعليقاته بأنها تعليقات راو على المستوى التقني –خارج الحدث يتأمله ، وهو بهذا

ا عن تعليق السارد العليم من حيث ال يختلف كثير–والزمني .توقيفه لمسار السرد

الذي يحكي ،ولذا فإن ما يهمنا هاهنا هو السارد البطل ها من وجهة نظره ، لتبدو القصة كلها كأنها القصة منذ بدايت

ا وتعليقات ، وهو الذي أشار إليه مونولوج ممتد يشمل سردحميد لحمداني بصعوبة الفصل بين السرد والتعليق في حالته

حسب تعبير – كأنه هفالقصة كلها تأتي من وجهة نظر. ينظر إلى ماضيه من نقطة في الحاضر : " -أوسبنسكي ة كبيرة األهمية في السرد فهي تحدد ما يمكن لنا وهذه النقط

ر الزماني وتجعل من عمله ليس مجرد قصة وتسميته بالمنظعن حياته الخاصة ، بل قصة تضفي المعنى على حياته في

بنية النص السردي من منظور النقد األدبي : حميد لحمداني )٦٥(

ــي - ــافي العربـ ــز الثقـ – ١٩٩١ – ١ص– المركـ .٤٩ ص - ٤٨ص

ا إلى مما يجعل النظر إلى النص نظر . )٦٦(" لحظة كتابته خطاب تقوم به الشخصية ، يوضح رؤيتها لألحداث أكثر مما

ا ضح سير األحداث ، وهو ما يجعل من التداخل أمريون أن الواضح م بين السرد والتعليق ، بل ويجعل مقبوال

تكون – في الغالب –سرعة النص الذي تسرده الشخصية من تلك التي تتحكم في نص يرويه السارد العليم ، اشد بطءأ

أو الشاهد ، وهو أمر يوضحه األساس المونولوجي الذي على آليات - غالبا - ليه القصة ، من حيث اعتمادهاتقوم ع

تيار الوعي بالقدر الذي يسمح بالنفاذ مباشرة إلى وعي . الشخصية

، ٧٩ ص – سـبق – شعرية التأليف : بوريس أوسبنسكي )٦٦(

؛ ٢٠٨ ص –اءة الروايـة قـر –كل ين ه -ب–وراجع كذلك روبرت غياب وجهة نظر الراوي العارف بكل شـئ ال " حيث ينص على إن

يجعل التجربة اإلنسانية أكثر مصداقية وأقرب إلى الواقع فحسب ، بـل إنه يعين المثل الجمالية ، والقيم الفنية على جذب المشاهد إلى أعمـاق

شـير نمر الذي وهو األ ،" الحدث والمناخ العاطفي السائد في الرواية .إليه هنا بوصفه قيمة مضمونية في األساس

وهو األمر الذي مكن مالحظته في القصص التي : على أحالم اليقظة ، والهذيان ، مثل واضح اعتمدت بشكل

لمحمود دياب ، حيث رأس محموم في طائرة سوبر سونيكحي أو وصفي يا من وجود تعليق توضخلو فقرة تقريبال ت

يقوم به السارد البطل ، أو على األقل صفة يلصقها باألحداث ابتسمت لي المضيفة " : والشخصيات فهو يبدأ القصة بقوله عيناها زرقاوان باسمتان . وهي تلقى إلى نظرة جانبية عذبة

اب ، حلتها أيضا زرقاء ، خصالت من شعرها الذهبي تنس.. إنني أحب ابتسامة المضيفات .. ه أزرق يمن تحت بير

هي ابتسامة واحدة ال تتغير سواء كانت على السلم أم بين ، حيث تبدأ القصة )٦٧(" المقاعد ولكني أفضلها بين المقاعد

بحدث واحد ، يراه البطل ويشارك فيه ، حيث تبتسم له ة وصفية طويلة المضيفة ، تلك االبتسامة التي تفتح الباب لفقر

ا لكنه يدور حول مركزين يبدو فيها تعليق السارد واضحأنني أحب " دالليين متعلقين بداخل هذه الشخصية هما

قصة رأس محموم في طائرة سوبر سـونيك : محمود دياب )٦٧(

– ١٩٦٩أغسطس -٨ عدد خاص القصة القصيرة ع – مجلة الهالل – .٩٣ص

لتنتهي ، "أفضلها بين المقاعد " و ، " ابتسامة المضيفات إنني ممن يهيمون " الفقرة الطويلة بالتعليق األشد أهمية

صدورها إال على لسان ، وهي تعليقات ال يمكن" بالطيران الحظ –سارد يحكي عن نفسه ، ويحدد درجات مشاعره بدقة

استخدامه للفعل يهيمون ، وما يوحي به من درجة حبه الشخصية يفتح – إن هذا الحضور الواضح للسارد .للطيران لظهور تلك المسافة الفاصلة بين السارد – لك كذ–المجال

ثمة إن " ، حيث الحدث اآلن ، وبينه هو نفسه وقت حدوث زمنية تنهض مع السرد بينهما ، بين ما كانه الراوي مسافة

ا مسافة هي مسافة التحول ، وهي أيض.. وما غداه البطل اا لرؤيتها وكالمهالعين التي تنظر فيما تجعله موضوع ،

، الذاكرة بما يكونها )٦٨(" وهي مسافة تنهض عليها الذاكرة هي من تقنيات ، لذلك فمن مظاهر من وعي وبما تفتحه

حضور هذه الذاكرة بناء مثل هذه القصة على آليات الهذيان حيث نكتشف إن كل ما يسرده السارد من ؛ وأحالم اليقظة

شخص المقعد الذي يهيم لأحداث لم يحدث إال في خياله ، هو ا

تقنيات السرد الروائي في ضوء المنهج البنيوي : يمنى العيد )٦٨( .٩٥ ص – سبق –

بالطائرات ويعلق صورها في حجرته ، وهو األمر الذي –كذلك - ل في األزمان ، واألماكنيؤدي إلى وجود تداخ

عبر هذيان هذه الشخصية وأحالمها ، مما يجعلنا نالحظ أهمية هذه التقنيات في صنع حركة سردية ال توازي خط الحدث ، حيث هي حركة االنتقال بين مشاهد غير مترابطة عبر قطعات فجائية تنقلنا بين الطائرات التي تركبها

وبين حجرتها التي تظل حبيسة الشخصية ، أو تتخيل ذلك ،المرض داخلها ، بين ركاب الطائرات ، زمالء الرحالت المتخيلة ، من كافة األجناس ، وبين أسرته التي تعامله

ولنا أن نالحظ هذا التداخل في هذا ا مهمالبوصفه كم ، ا عامودها الفقري زحف بصري على ظهرها متسلق" المقطع

ثم انحدر .. لتصق بسقف الطائرة حتى استقر على شعرها الما صوتي بين ساقيها ثانية حتى ذيل ردائها ، وأجبتها مسدد

ا تمام :وال ضرورة للثلج .. أرجوك .. ا من النوفالجين كأس..ا على أذني حتى أني لم أحسبه صوتي ، وبدا صوتي غريب

لقد كان يشبه صوت أمي إلى حد كبير واندفعت طشة إن هذا . )٦٩(" أنفي مرة أخرى فتقيأت الملوخية عنيفة إلى

سبق – رأس محموم في طائرة سوبر سونيك : محمود دياب )٦٩(

التداخل عبر وعي الشخصية ، يوحي بعالم فانتاستيكي بامتياز ، كما أن تعليقه الذي يقطع توارد

ا معها يجعل من العالم القصصي األفعال ، ويأتي متضافر .ا من خالل إحساسه هو به ا مرصودكون

قـات مخلووهو األمر الذي مكن أن نالحظه في قصة لمحمد حافظ رجب ، حيث تبدو حركـة براد الشاي المغلي

ا على مستوى التخيل فـي السـرد الوعي هي األشد حضورــه مقاييســه الخاصــة ، الفانتاســتيكية ، ــق عــالم ل وخل

ا على ذلك االتجاه الذي اشـتهر بـه الكاريكاتورية ، اعتمادالذي يقوم على إنماء الصـورة السـردية ، و، حافظ رجب

وعي البطل بها ، ومعاملة المجازي فيها بوصفه حقيقة عبر ليعيد العالم – بالنسبة للشخصية على األقل –سردية راسخة

من التصورات الذهنية للشخصية يعاملهـا معاملـة كله بنية الواقع ، وهو ما يسهم في إيجاد تصور عن سـرعة السـرد محكوم بهذه التصـورات الذهنيـة ، وعبـر مونولوجـات

ــ ــه الشخص ــد حاالت ــي أش ــرد ف ــد الس ية ، ليعيولنا أن نراه في بداية قصته يستخدم أقل عدد ممكـن ابطء ،

أنا رجـل تكتنفنـي : " من األفعال الدالة على أحداث يقول

.٩٧ ص –

أجلـس ..اتوقفت عن المسير مؤقت ..الغربة في كل األركان ا اآلن داخل علبة سجائر فوق رف ، أعرض فوقها الخط معلق

معظمها –بل إن القصة . )٧٠(" أوراق يانصيب : فوق حبل على هذا النهج ، فحدث واحد بسيط متمثل في جملة تمر يس –

ا من التصورات عبر تعليقات فعلية يكفي لكي يفتح أمامنا آفاق اقتحم غربتي رجل سمين كرة لحـم فـي : " السارد ، يقول

عنـدما أراه " :، ويقـول " إلـخ .. مؤخرة رأسه الصلعاء ، كم من األعـوام سـأظل ألقـاه : حتويني السؤال الفزع ي

ويلقاني دون أن أغرس أسناني في كرة اللحم بمؤخرة رأسه . )٧١(" الصلعاء

التصورات الذهنية ، وإن انتمت /إن هذه الصور بصورة ما إلى تكنيك تيار الوعي ، عبر ما يدعوه روبرت

في متمثال–اشر لف بين المونولوج الداخلي المبآالت: همفري متمثال–بين المونولوج المباشر و، –هذه الصور المتداعية

في الجمل المحتوية على أحداث يقوم بسردها صوت كما يقرر همفري بأن – فإنها توحي –الشخصية

مجلـة – مخلوقات براد الشاي المغلي : محمد حافظ رجب )٧٠( .٩٧ ص – سبق –المجلة .٩٧ ص – السابق : محمد حافظ رجب )٧١(

المؤلف ربما رأى من المناسب أن يختفي من المنظر لفترة " الشخصية ، وقدم من الزمن بعد أن يكون قد قدم للقارئ ذهن

له المعلومات اإلضافية ما يكفي لكي يتقدما هذا الذهن الذي ال يلبث يكون عالمه الخاص ، ؛ )٧٢(" ا مع

األعور " ا على رؤيته الخاصة لمفردات العالم حولمعتمد.. وكوب الشاي المكسور ، وكوم المالبس المستعملة

اليونانية سارق الورقة المالية الباهتة منموعويس القزكرة اللحم في مؤخرة الرأس الصلعاء : العجوز ، وفانجلي

ستبدوا بي كما يتي ، في إمكانهم أن حظهؤالء مخلوقات ل.. و نح إن هذه الرؤية المونولوجية ، وإن نحت )٧٣(" يشاءون

مدة على كاريكاتورية التصوير ، فإنها في تالكابوسية المع لوعي الشخصية في حركته الوقت ذاته تقدم العالم الداخلي

عن األحداث البطيئة ، المعتمدة على الصور بديال/الرتيبة . واألفعال المتتالية

/ د: ت – تيار الوعي في الرواية الحديثـة : روبرت همفري )٧٢(

٥١ ص – ١٩٧٤ القـاهرة – دار المعارف بمصر –محمود الربيعي .٥٢ ص –

.١٠٠ ص – ٩٩ ص – سبق : محمد حافظ رجب )٧٣(

من ناحية أخرى فإن هناك أشكال أخرى لتعليقات و نحو الوصف والتفسير ، بالصورة ذاتها حالسارد البطل تن

ا أكثر التي تظهر عليها في السارد العليم ، وإن اتخذت سمتا عن رؤيتها ، ا من داخل الشخصية و معبريمية ، نابعحم

ليحيى الطاهر جبل الشاي األخضروذلك كما نرى في قصة ا في اهللا ، حيث يبدو صوت السارد الطفل واضح عبد

التي تصف المكان أو الحدث ، من منطق سواء ؛تعليقاتهطفولي يمتد عبر السرد و أحداثه المتالحقة ، ليقطع هذا

األباريق : كنت أرقب المجمرة " : الحق بالوصف التالصغيرة الثالثة كانت ترقد في الرماد الناعم ، والماء كان يتقلب داخلها تحت قسوة الوهج ويقلقل الغطاء الحارس ، والماء المحترق كان يهرب من تجويف العنق ويصفر ، وكانت أفواه األباريق الثالثة تبخر الدفء في جو الغرفة

الطفل هنا ينم عن امتداد –إن تعليق السارد . )٧٤(" وي الشتا فمتضاي) كان ( الصورة في الزمان عبر استخدامه للفعل

مع أفعال مضارعة للداللة على االستمرار ، وهو ما يؤدي

قصـة – سـبق – األعمال الكاملة : يحيى الطاهر عبد اهللا )٧٤( .١٥ ص –جبل الشاي األخضر

الثابتة على مستوى –إلى خلق موازاة بين حركة الصورة حة ، حركة النص إلى األمام عبر فضاء الصف و، –الحدث

المستخدم بكثرة يتواشج مع شهوة ) كان ( كما أن الفعل .الطفل للحكي

–إن التعليق الوصفي الذي يقوم به السارد هنا لم يكن من قبيل التزيين ، بل هو المدخل األهم إلى وعي هذا –إذن

الطفل عبر ما يراه من صور يصفها كما يراها لتكون فقرة األمر ذاته الذي مكن أن نراه ناقلة إلى الحدث التالي ، وهو

ألحمد هاشم الشريف ، و تحت المطر: في قصص مثل لضياء الشرقاوي الحديقة أصالن ،و إلبراهيم بحيرة المساء

.ا يقل في ويؤثر تعليق السارد األنا في سرعة النص تأثيرقوته عن تأثير القطع الصريح لخط سير األحداث كما في

إنه يكتسب أهميته من الولوج نمط السارد العليم ، غيرالمباشر إلى داخل الذات بما يتناسب مع طبيعة القصة

.ا القصيرة الذاتية التي أشرنا إليه سلف

: الحوار المتواقت ـ٣ونعني الحوار المتواقت ذلك الحوار الذي يرصده

من دون أي تدخل منه باإلشارة أو –ا العليم غالب–السارد هو الحوار و،) قال (الجملة الفعلية الوصف ، أو حتى ب

ا بالشرطة الدالة على بدء الجملة الذي يظهر في النص مسبوق .الحوارية هذا النوع من الحوار يشير إلى نوع من أنواع إن

التواقت بين زمن النص وزمن القصة ، إذا تغاضينا عن سرعة الشخصية في النطق بالكلمات والفرق بينها وبين

ومن هنا يمكن أن نعد هذا النوع . لقي في قراءتها سرعة المتسرعة النص ، على إبطاءا من آليات من الحوار واحد

ا إلى اعتبار أن القاعدة هي أن النص السردي سريع قياسا على النمط االنتقائي الذي ينبني عليه أحداثه ، واعتماد.

التالقي بين مدة القراءة " إن هذا الحوار هو بمثابة ) " زمن الحدث (والمدة التي استغرقها الحوار) زمن السرد (

التالقي بين هذين –ولنا أن نالحظ أن سمة التساوي . )٧٥(الزمنين ال يمكن أن تحدث في السرد إال في هذا النوع من الحوار ، وتتميز القصة القصيرة في هذا الصدد بإمكانية قيام

بما يجعل من نص قصصي كامل على هذا النوع من الحوارالقصة نغمة واحدة ال تفاوت في السرعة داخلها وال تعدد في السرعات ، وهي سمة تنفرد بها القصة القصيرة ، حيث إنه

يقوم أي نص سردي على هذا النوع فقط أنليس من الممكن من الحوار ، حتى في النصوص المسرحية فإن الكاتب يظل

–دي مصاحب ، في حاجة إلى وجود نص إرشا–ا دائم .يصف به حركة الشخصيات على المسرح

وقد استخدم الحوار المتواقت في قصص متعددة في هذه بيكاسو : الفترة بالطريقة التي تستوعب معها النص ومنها

الفأر الذي لم يمت لعلي سليمان ، وقصة وعصفورة وحذاءلمجيد طوبيا ، حيث القصة بكاملها عبارة عن جمل حوارية

ها أي تعليق من السارد أو جمل سردية ففي قصة ال يفصل

بناء الـزمن فـي الروايـة :مراد عبد الرحمن مبروك / د )٧٥(قاهرة ال – دراسات أدبية – الهيئة المصرية العامة للكتاب –المعاصرة

.٩ ص – ١٩٩٨

يمتد الحوار المتواقت عبر النص بيكاسو وعصفورة وحذاءبكامله بين شخصيتين أحدهما في مركز السرد ، فهو يتحدث عن نفسه بضمير المتكلم ، وعن عالقته باآلخرين ، أما الصوت اآلخر فهو بمثابة المساعد على إظهار ما في داخل

: األولى عبر تعليقات وأسئلة الشخصية

. لم أحب امرأة مثلها قط –" و لن تفعل ؟ -

- ا ولم استطع أن أنساها لم تذهب هي عن مخيلتي أبد. ؟ بالذنب تشعر تزال ما وهل - .) ٧٦( " .. اكثير تألمت ولكني عادتي من هذا ليس -

ويسهم الحوار بهذه الصورة في إيجاد بنية سردية قائمة قات لشخصية مركزية بشخصيات ال يتم تمثيلها في على عال

التي يتم إيجاد . السرد ، من وجهة نظر هذه الشخصية محاور لها يركز على داخلها فقط ، وهو أمر نزعم أن

– ٦٨ جـاليري – بيكاسو وعصفورة وحذاء : على سليمان )٧٦(

.٢٥ ص – ١٩٦٩ فبراير –القاهرة

عن الرواية ، – في هذا النمط –القصة القصيرة تتميز به إلى تطويع الحوار بالصورة –ا غالب–حيث تنحو الرواية

ش معها عالقات المتحاورين ، أو كما يقول لوكاتالتي تظهرإن المهمة الرئيسية للحوار تكمن في صياغة المحادثة : "

العابرة بين الناس ، الخالية من التفاهم المتبادل وبالتالي (٧٧)" صياغة عزلتهم وعجزهم عن إنشاء اتصال فيما بينهم طل هو غير إنه في القصة القصيرة فإن التركيز على ذات الب

ما يجعل األمر يظهر كأن هذا الحوار هو مونولوج لهذه الشخصية ، يسهم في تحريكه وجود عامل

صوت آخر ليس له أي دور سوى تحريك هذا ؛ مساعد المونولوج إلى األمام ، وهو األمر نفسه الذي يحدث في

. لمجيد طوبيا الفأر الذي لم يمتقصة هذا الصدد هو غير إن أهم ما يمكن أن يواجهنا في

اللغة التي يتم استخدامها في مثل هذا النوع من الحوار ، فاللغة هنا يفترض أنها هي لغة هذه الشخصيات كما يتخيلها

ليس في األمر إذن أي نوع ف وراء النص ، يالسارد المتوار

.٥٥ ص – سبق – دارسات في الواقعية – ش جورج لوكات)٧٧(

من أنواع إعادة الصياغة للجمل الحوارية ، بل إنها لغة يتم قبولها تحدث ، بل ووحيدة تنتمي إلى الشخصية التي ت

هكذا من الجميع على اعتبار انتمائها هذا إلى هذه الشخصية ، وهو عكس ما يشير إليه باختين عن لغة الرواية الواجب

حتى لو تقدم الكاتب بلغة و" التعدد في مستويات حواراتها ، فإنه يعلم بأن تلك يتحتم الحفاظ عليها .. ا واحدة مثبتة كليهو األمر الذي ال و، (٧٨)" لدفاع عنها وتعليلها وتطهيرها وا

يحدث بالطبع فيما بين أيدينا من نماذج للقصة القصيرة ، حيث يظل المسوغ فنيا لوجود نمط لغوي وحيد ينبع ا واضح

.من شخصية مركزية يتركز الحوار حولها وينبع منها إن سرعة النص السردي في مثل هذا النوع تقوم على

ن كل وحدة حوارية هي بمثابة الحدث ، وأن هذه اعتبار أاألحداث في تتابعها ال يتم التقديم لها أو وصفها ليبقى األمر

.في إطار الرصد المحايد

–محمد بـرادة : ت – الخطاب الروائي : ميخائيل باختين )٧٨(

ــع ــر والتوزيـ ــات والنشـ ــر للدراسـ ــاهرة –دار الفكـ القـ .٩٩ ص – ١٩٨٧ -١ط-

غير إنه قد تم استخدام هذا النوع من الحوار بأنماط أخرى داخل قصص تحتوى على خط لألحداث ليبدو مثل هذا

نه يسبغ سمة التواقت ا ضمن األحداث ، غير إالحوار حدثا ما يحدث تطوير للشخصيات غالب،على جزء من القصة

ا له في قصة في أعقابه ، وهو ما يمكن أن نالحظ نموذجا حيث يكون الحوار المتواقت جزء. لبهاء طاهر الخطوبة

مهمللمواقف ، ا من القصة ، هو الجزء األشد تحويالا وكبير العريس /به والد ليلى ، للبطل فعبر االستجواب الذي يقوم

المتحدث –المتقدم لها ، تتضح جوانب شخصية هذا البطل بل ويتغير موقفه في النهاية ليصبح –في السرد بالضمير أنا

" : ا على الزواج من ابنته ا لألب بعد أن كان مصرراضخاسكت ، أرجوك ، سأفعل كل ما تريد ، ولكن أرجوك أن

األمر الذي يجعلنا نولي األهمية للحوار وهو . (٧٩)" تسكت بوصفه حادثة سردية تكشف عن الكثير من خبايا الشخصيات

وتحول

.٢٦ ص – قصة الخطوبة – سبق – الخطوبة : بهاء طاهر )٧٩(

مواقفهم ، وهو ما يتسق مع فكرة إبطاء سرعة النص ا على مناطق الكشف والتحول تلك للوقوف ملي .

غير إنه من المهم اإللماح إلى أنه حين استخدام الحوار صورة فإنه من الغالب أن يتم الزج داخل القصة بهذه ال

هبعبارات وصفية تتخلل جمل الحوارات ، وهو ما يمكن عدا بالمسرح من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإن مثل هذه تأثر

األوصاف والتعليقات تظل هي التدخل الوحيد المقبول من رائحة المطرقبل السارد ، وهو ما يمكن أن نلحظه في

ليحيى الث شجرات تثمر برتقاالث إلبراهيم أصالن ، و على سبيل المثال حيث يبدو التعليق ؛ الطاهر عبد اهللا

أصالن على جانب من األهمية لموقعة إبراهيمالوصفي لدى كانت الساعة قد بلغت و" الحوار داخل خط األحداث

يا أخي بعد ما خرجت من : ا عندما قال أحمد العاشرة صباح . (٨٠)" فر و أالبيت رجعت ولبست البول

ــراهيم )٨٠( ــر : أصــالن إب ــة المط ــاليري – رائح -٦٨ ج .٤٨ ص – ١٩٦٨نوفمبر

من ناحية أخرى فإن الحوار في ثالث شجرات ليحيى الطاهر ، على الرغم من كونه يمثل جزءا من القصة ا كبير

فإنه يأتي في صورة جمل قصيرة تسبقها في كثر من األحيان هو األمر الذي و، " قالت البنت" أو ، " قالت األم " جملة

، ا مستقال بوصفها حدثيسهم في معاملة كل جملة حواريةاألمر الذي يوصي بحركة على مستوى الزمن تبدو واضحة

.أكثر من لو كان الحوار بدون هذه الجمل له ،إن الحوار ، والمتواقت منه على وجه الخصوص

من األهمية مكانه في القصة القصيرة ، من حيث هو توقيت ، ومن لسرعة القصة بموازاتها مع سرعة األحداث المتخيلة

في تصعيد – على مستوى المضمون –حيث دوره الفعال .حدة الصراع أو بيان التحول في مواقف الشخصيات

غير إن أهم ما يلفت نظرنا هنا هو دوره في إسباغ سمات نوعية خاصة على القصة القصيرة نابعة من

.استخدامها له

الفصل اخلامسא

א

تأسيس

ا من أهم األسس التي يعد تسريع النص السردي واحديقوم عليها أي نص سردي عموما على عدم ا ، اعتماد

من إمكانية رصد األحداث كلها ، فإن حكي يوم واحد كامالحياة شخص عادي يحتاج إلى عدة مئات من الصفحات ، لذا فإن األساس االنتقائي القائم عليه السرد يتخذ مكانه المهم الذي ترتكز عليه استراتيجيات السرد ، فهو أساس إجباري تم

.تطويعه لخدمة الهدف النهائي من النص ا يخلو من فقرات من هنا يمكن الحكم بأنه ال سرد تقريب

ا يحاول السارد عن طريقها تلخيص أحداث أو التغاضي تمامعن مدة من الزمن تقع ضمن المدى الزمني لمسرودته

عدم أهمية هذه ، أو قلة أهمية تلك في إيضاح ا على اعتماد .هدفه النهائي

ويعني تسريع النص أن يعمد السارد إلى آليات تؤدي إلى إحساس بأن النص يعالج فترات زمنية طويلة في فقرات سردية ، أو جمل قصيرة ، وقد رأى البعض أن وجود مثل هذه الفقرات ضروري في العمل السردي ، فهي تحدث

على مستوى البناء الحدثي ، وهي النقالت التي تراها نقالت من أهم التقنيات التي يستطيع الكاتب من " سيزا قاسم / د

خالل إتقانها والتحكم فيها أن يعطي للقارئ التوهم القاطع وهو ما يعد ركيزة أساسية في بناء نص سردي )١(" بالحقيقة

عن طريق –، يعتمد على االنتقاء الفني لألحداث ويرغب في إحداث ذلك التشويق الناتج عن - سرعة إيراد األحداث

االنتقال السريع ، خاصة إذا ارتبط يحذف بعض األحداث .ية اإللغاز الذي يتم فك رموزه في نهاية النص غب

غير إن هناك من يرى أن لتسريع النص وإبطائه داللة ة في أكثر أهمية ، على اعتبار أن األحداث المهمة ، والمؤثر

سير النص يتم التركيز عليها ووصفها بدقة ، وأن األحداث الثانوية يتم المرور عليها بسرعة أو حذفها فيقول جيرار

أزمنة العمل القوية تزامن أكثر لحظات الحكاية : " جينيت إن حدة من حين إن األزمنة الضعيفة تلخص في خطوطها

دراسة مقارنة لثالثية نجيب محفوظ – بناء الرواية :سيزا قاسم /د) ١( ١٩٨٤ – القاهرة – دراسات أدبية – الهيئة المصرية العامة للكتاب –

.٢٦ ص –

)٢( " ادالعريضة كما لو كانت مشاهدة من مسافة بعيدة جيختلف بعدها وقربها تبعا ألهمية األحداث بالنسبة للهدف

.النهائي من السرد وفي رأينا أن تسريع النص له درجة من األهمية بالنسبة للقصة القصيرة تفوق أهميته بالنسبة للسرود األخرى ، حيث إنه يناسب الطبيعة المكثفة للقصة القصيرة ، ويسهم في إيجاد

ع النسق السردي الصافي في القصة القصيرة ، نوع من أنوا من حيث رغبتها في الوصول إلى الهدف السردي النهـائي عبر أقل عدد من الكلمات ، ومن ثم أقل عدد من األحـداث

وهو ما يؤدي إلى وجود آليات التسريع بأنواعها . الموصوفة .على مستوى تعامل القصة القصيرة مع زمانها

يمكن لنا أن –ما يتعلق بهذه السمة في–منذ البداية وستلزم إثقال حركته عن ي النص السردي إبطاءنالحظ أن

من الجمل والكلمات –ا نسبي–طريق إطالته بعدد كبير إال عن اإلبطاءأتي ي لذا ال ،المؤدية للتأمل ورصد التفاصيل

، أما التسريع -ا على األقل نسبي–طريق فقرات طويلة

.١٢٠ ص – سبق – خطاب الحكاية :جيرار جينيت ) ٢(

ى هي الحذف ، ويمكن أن يستعاض عن هذا فآليته األول تشير إلى تلخيص هذه المدة –ا نسبي–الحذف بجمل قصيرة

المحذوفة إشارة عابرة ، ويمكن أن يقترب هذا التلخيص من .الحذف شبه التام عند إشارته لتكرار أو تواتر حدث ما

دوره المهم فـي إيجـاد آليـات – لك كذ –للتسريع و – بخالف التـواتر –النص القصصي أخرى تستخدم داخل

ونعني هنا المونتاج الزمني الذي يعتمد على إغفال منـاطق ا في صورة األحداث سرد أحداث متباعدة زمني في السرد ، و

هي اآلليات التي سننظر إليهـا بعـين المتتابعة المتراتبة ، و التفصيل في معرض التطبيق على نماذج من القصة القصيرة

.ات يالستينالمصرية في يمكن شرح تسريع النص على النحو الذي أشـار إليـه

: ت بأنه يأتي على شكل سرعتين يجين زق >زح : المجمل

)٣(" زق ∞< ن إذن زح = صفر ، زق =زح : الحذف

.١٨ ص – سبق – خطاب الحكاية :جيرار جينيت ) ٣(

زمن الحكاية ، أو المساحة التي ) ح ز (بـ يعني حيث زمن القصة أي زمن األحداث ) زق ( تظهر في النص ، و وفي المجمل تكون مساحة النص أصغر ،كما يتخيلها السارد

ل للقصة على مستوى دمن زمن القصة ، بما يعني وجود معا فـي النص لكنها أقصر مما يجب أن تسرد به األحداث ، و

الحذف تكون المساحة النصية صفرا ، وزمن القصة ال نهائي النص ا على مستوى بما يشير إلى عدم تمثيل األحداث نهائي .

شريط اللغة أصغر من " هو ما تشير إليه بمنى العيد بقولها وزمن القص المتخيل ، عن طريق استخدام المونتـاج للتنقـل بين الماضي و الحاضر أو المستقبل ، وهي ما يعني انفتـاح

، حيث نـرى )٤(" زمن القص الحاضر على أزمنة مختلفة ـ تخدمة مـن أجـل أهمية النظر إلى التقنيات واآلليات المس

إحداث هذا األثر ، وداللة كل منها على مستوى البنية الكلية قد رأى البعض في استخدام هذه اآلليـات و. للعمل السردي

ا من الخروج على الشكل التقليدي في القـص ، حيـث نوعمـن " السيد الورقي أن القصة الحديثة قد تمكنـت / د يؤكد ببعض التقنيات السينمائية ج البناء السردي الذي استحدثته مز

.٢٥ ص – سبق :يمنى العيد / د ) ٤(

مثل أسلوب المشاهد المتراكمـة والمشـاهد المتداخلـة ، و تحررت القصـة لفضـل هـذه الفراغات و أسلوب القطع و

هو األمـر و، )٥(" التقنيات الجديدة من لغة السرد التقليدي ال عن استخدام هذه التقنيات ، و – حسبما نرى –الذي نتج

لجدد بإمكانيات هذه اآلليات فـي لكن عن وعي القصاصين ا استحداث شكل جديد ينتج عن إيجاد تعامالت جديدة للقصـة

ا عن القصيرة مع بنيتها الزمنية ، بصورة تجعلها أكثر تعبير . الطبيعة المتسارعة للعصر الذي تنتج عنه نصوصهم

من ناحية أخرى ، تبرز في مجال تسريع النص أهميـة سردية مهمة ، وهي األهمية التي الحذف ، بوصفه آلية إنتاج

" سمة فنية عالية الداللة، حيث – كذلك –تسبغ على السرد بقـوة الالمقـول أو – عـن صـواب –يذكرنا تودوروف

المسكوت عنه ، واالفتراضات المنطقية الداللية الكامنة فـي كل إبداع أدبي ، فبـين متـواليتين سـرديتين ولـو كانتـا

القصة القصيرة بين تقنية السرد والخروج من :السعيد الورقي / د) ٥(

القصـيرة لقصـة الثـاني ل ملتقـى ال كتـاب أبحـاث –دائرة الحكي إقليم غرب و وسط الدلتا –الهيئة العامة لقصور الثقافة –باإلسكندرية

.١٦٦ص - ١٩٩٩ –أبريل – فرع ثقافة اإلسكندرية –

، وهـو األمـر )٦(" بية ضمنية متجاورتين تنعقد عالقة سب من ثم الحذف كواحد مـن من إسهام التسريع ، و يعليالذي

آلياته ، في إحكام البنية السردية ، على المسـتوى التقنـي و .المضموني إذا جاز لنا الفصل

النظر فيما أنتجـه تسـريع – اآلن –من هنا يمكن لنا ي اآلليات ه و، النص السردي من آليات في القصة القصيرة

ــذف ــا الح ــرين هم ــمين كبي ــى قس ــم إل ــي تنقس الت .التلخيص و

:الحذف : أوال والحذف هو أعلى درجات تسريع النص السردي ، من

حيث هو إغفال لفترات من زمن األحداث ، األمر يؤدي إلى تمثيل فترات زمنية طويلة في مقابل مساحة نصية ضيقة ، و

القصة القصيرة النوعية ، هو األمر الذي يتناسب مع سمات وتكثيفها، وينتج عن الحذف ما يسمى بالفجوة السردية الزمنية

يحدث حين ال " ، أو اإلغفال الذي يعرفه جيرالد برنس بأنه

ص – سـبق - تقنيات و مناهج -النص الروائي : برنار فاليط ) ٦(٨٩.

) ال توجد كلمات أو جمل مثال( يكون هناك جزء من السرد يقابل أو يعرض وقائع أو مواقف سردية ذات عالقة بما

حذف في النص السردي عدة أنواع يميزها لل و، )٧(" حدث : ت بما يلي يجيرار جين

.حذف صريح -١ .حذف ضمني -٢ .حذف افتراضي -٣

ت قد عرف يوفي البداية يجب أن نشير إلى أن جينهو الحذف الذي تنم عنه إشارة في " الحذف الصريح بأنه

السرد ، إشارة محددة أو غير محددة إلى ردح الزمن الذي عنه حذف مطلق مع إشارة إلى الزمن تحذفه ، أو ينم

وهي األمر الذي . )٨(" المنقضي عند استئناف الحكايةيؤدي إلى وجود فقرة أو جملة قصير يشير فيها السرد إلى

.الزمن الذي تم إغفال وصف أحداثه أو سردها

– سبق – المصطلح السردي :جيرالد برنس ) ٧( .٧١ ص

ت ي جيرار جين)٨( : – سبق – خطاب الحكاية .١١٨، ١١٧ ص

ت يضم هذا النوع إلى الحذف فذلك ألنـه يوإذا كان جين اع فضائها النص إلى اعتبـار يعالج الرواية ، التي يؤدي اتس

جملة واحدة ال تشكل مساحة ذا بال على امتداد هذا الفضاء ، فوجودها غير ملحوظ وسـط زخـم الروايـة إال بمـدلولها المضموني ، غير إن وجود مثل هـذه الجمـل فـي نـص قصصي قصير يحيل إلى نوع من التلخيص الذي ال يمكـن

ولذلك فسوف . ثه إغفال دور هذه الجمل في األثر الذي يحد نوع واحد من – حين معالجة القصة القصيرة –يكون لدينا

أنواع الحذف ، هو الحذف الضمني ، حيث ينضـم الحـذف الصريح المشار إليه إلى التلخيص ، وينضم إلـى الحـذف

وهـو – كما يشير جينـت –الضمني النوع األكثر ضمنية نا علـى الحذف االفتراضي ، وهو األمر الذي يمكن أن يـدل

في مجال الرؤية النقدية للقصة القصيرة من آخرفرق نوعي النص علـى رحيث معالجتها الزمنية ، حيث يتجلى أثر قص

.رؤية اآلليات الزمنية ، ودورها في النص وبذا يمكن لنا الوقوف على اآلليات الناتجة عن وجـود

.حذف في النص السردي القصصي القصير ، ووظائفها

اآلليات – القصة القصيرة الحذف في* : والوظائف ال " ت الحذف الضمني بأنه هـو الـذي يف جين يعر

يصرح في النص بوجوده بالذات ، وإنما يمكـن للقـارئ أن يستدل عليه من ثغرة فـي التسلسـل الزمنـي أو انحـالل

ا ، وبذلك يكون هذا الحذف حـذف )٩(" لالستمرارية السردية ابله حذف من الـنص ، بمعنـى لمدة زمنية من القصة ، يق

عدة أحداث غير مذكورة في النص تمامـا ، ، أو وجود مدة وال حتى بإشارة تدل على هذه المدة ، ويمكن مالحظة وجود هذا الحذف عن طريق مالحظة وجود قفـزة فـي تسلسـل

ستغلها السارد في انتقاء العوامل باألحداث ، هي القفزة التي .المكونة لنصه

في القصة القصـيرة – بهذه السمة –لحذف وقد تجلى ا عن طريق عدة آليات أهمها عنونة فقرات القصة ، أو وضع أرقام لهذه الفقرات ، أو ترك سطر أبيض بين الفقـرات ، أو

ت ي جيرار جين)٩( – سبق – خطاب الحكاية : .١١٩ ص

ويمكن لنا اآلن الوقوف على هذه اآلليات . استخدام المونتاج .في القصة القصيرة عن طريق تنظيمها في منظومتين

-:سيم القصة إلى فقرات تق: أوال من آثار الدراما على ايعد التقسيم إلى فقرات واحد و

األنواع السردية ، وقد تجلى في الرواية بصـورة واضـحة ا لما تتمتع به من اتساع يجعل مـن الصـعوبة متابعـة نظر

.األحداث بصورة متالحقة عبر الرواية كاملة على أنه ويمكن رؤية هذا التقسيم في القصة القصيرة

واحد من اآلليات القصصية المستحدثة الناتجة عن تعقد في بنية القصة يؤدي إليها ضيق المساحة النصية ، كما أنه إشارة إلى وجود ملمح تغريبي ناتج عن تدخل واضح للمؤلف الفعلي بصورة تحاول نفي سمة اإليهام بالواقعية عن النص

" التقسيم محمد الجزار فإن/ كما يصرح د و، القصصي توزيع خارجي للزمن السردي يقوم به المؤلف الفعلي على ضوء استراتيجياته اإلبداعية التي ترتكز إلى منظومة

، غير )١٠(" معلوماتية عن علمه وسياقات تلقيه المفترضة

– سبق – في نظرية الرواية :محمد فكري الجزار / د)١٠( .١٥٧ ص

والذي يعنينا هنا ، هو ما يسهم به إن الدور األهم للتقسيم ،داث المعالجة على في إيجاد تصور زمني خاص بسرعة األح

–مستوى النص القصصي، وهو ما تصرح به مروة مهدي القطع بين الفصول قد " عند حديثها عن المسرح قائلة إن

يعني مرور فترة زمنية بين الفصلين ، وهذا يعني أن كما من الفصول المكان المتخيل فيما بين / األحداث قد تم في الزمان

ا إلى اإلقرار بوجود قرينة وهو األمر الذي يدعون . )١١(" أخرى ، باإلضافة إلى التقسيم ، تدل على وجود فجوة زمنية لكي نحكم بوجود حذف في السرد يتم بين الفقرات ؛ هذه القرينة تتضح في الخط المتخيل لألحداث بين الفقرتين السرديتين ، و وجوب كون هذا الخط منطلقا إلى األمام عبر

كون الفقرتان ـ على األقل ـ زمن تصاعدي متخيل ، لتسياقا ذا استقاللية نسبية ؛ متوالية من األحداث ، فكما يشير

ليس السياق هو مجرد حالة لفظ ، و إنما هو : " فان ديك

الزمـان ـ المكـان المتخيـل بـين الـنص : مروة مهدي (١١)ـ الشيكسبيري و المعالجات الشيكسبيرية الحديثة ـ رسالة ماجسـتير

.١٠٠ ـ صـ ٢٠٠١عة حلوان ـ كلية اآلداب ـ جام

و على ذلك فكل سياق هو عبارة عن . على األقل متوالية .)١٢("اتجاه مجرى األحداث

وحداته بعدة و يستعين السارد في تقسيم هذا السياق إلى :وسائل مساعدة هي

-:الجانبية ، واألرقام ، والنجوم العناوين -١يعد العنوان واحدا من أهم مفاتيح الـنص األدبـي ،

من ناحيـة –حيث هو الملخص للخطاب العام للنص ، وهو واحد من عتبات النص الممهدة للدخول إلى عالمه ، –أخرى

ه اآللية ، قد اسـتخدمها وهو شأن عنوان النص ، غير إن هذ كتاب الرواية لعنونة فصولها ، بحيث يعد عنـوان الفصـل

لالنطالق إلى مجال جديد من أحداث الروايـة ، أو امرتكز أو داللـة ، وجهة النظر أو مسار األحـداث فينقطة تحول

.على تطور في الشخصيات

النص و السياق ـ استقصاء البحث في الخطـاب : ديك فان (١٢)

ـ : الداللي و التداولي ـ ت عبد القادر قنيني ـ دار أفريقيا الشـرق .٢٥٨ ـ صـ ٢٠٠٠الدار البيضاء ـ

النـوع ذو المسـاحة –غير إنه في القصة القصـيرة هـور ظيكن هناك حاجة لهذا التقسيم ، فتأخر لم –األصغر

الثاني من القـرن العشـرين ، فالعناوين الجانبية إلى النص محاولـة و، على تعقد البنية السردية ليكون ظهورها دليال

. االشتباك والتداخل بين عناصرها فضالسارد لوقد كان لهذه اآللية دور كبير فـي القصـة المصـرية

ا ، بحيث ات بل في القصة القصيرة عموم يالقصيرة في الستين إنها تؤدي إلى تقسيم المساحة النصية القصيرة إلى فقـرات ، يؤدي وجودها على هذه النحو إلى التعامل مع كـل وحـدة

بوصفها حافز أو أن يـؤدي كـل عنـوان ا مستقال ا سردي ، وفقرته دور تحويل البؤرة السردية حيث تغيـر األصـوات

.ير الشخصيات التي يركز عليها السارد أو تغ، السردية حكايات قد رأينا النوع الثاني حين النظر إلى قصة و

هذا النوع ال تؤدي و لعبد الحكيم قاسم ، حول حادث صغيرا الفجوات الناتجة عن العنوان فيه إلى تسريع النص ، نظر

هو األمر الذي ألنها تعود مع كل فقرة إلى بداية الحدث ، ورعة النص ، من حيث تحميل الفترة الزمنية القصيرة يبطئ س

مما يزيد من الساحة النصية ، وذلك ، بأكثر من وجهة نظر

السارد بالعودة إلى الوراء مع يقوم بهعن طريق استرجاعهو ما يتكرر لدى يحيى الطاهر عبد اهللا و، بداية كل فقرة

.الثالث ورقاتفي صوت السارد ووجهة غير أن تعدد العناوين ، مع توحد

هي المؤدية إلى إحداث تلك الفجوات المسرعة للنص هنظرالسردي وإيقاعه ، وهو األمر الذي يشير إليه بارت حين

ا وظيفة اإلشارة الزائدة في الظاهر تكون لها دائم" يقول إن ا تدفع به قدم و، خطابية ، إنها تسرع وتبطئ سير الخطاب

ا تنحرف به عن أحيان و، قبله تستشرف مست و، تلخصه و، عليها وهي الصورة التي يمكن أن نرى ،)١٣(" مجراه

كان كلمات أو أرقام أو حتى إشارات العنوان الداخلي ، سواء طباعية ، وهو األمر الذي يمكن مالحظته في العديد من

.قصص هذه المرحلة إلبراهيم أصالن تؤدي في جوار رجل ضرير ففي قصة

في فصلها للفقرات دور العناوين المحدثـة لفجـوات األرقام األمر الـذي يجعلنـا ؛ زمنية واضحة بين كل فقرة وأخرى

: روالن بارت )١٣( طرائق تحليل السرد كتاب من ص – سـبق –

١٧.

نجزم بوجود عشر فجوات واضحة موازية للفقرات العشـر إذا الحظنا التصاعد الزمنـي علـى المكونة للقصة ، خاصة

.مدار خط السرد ، الذي يتوحد فيه صوت السارد األنا ، تتكون الفقرة من جملة ) ١( رقم –األولى ففي الفقرة

وهي الجملة التي توحي بسكون " لم يحدث شئ : " واحدة البداية ، ونقطة انطالق السرد إلى سرعته ، حيث تسهم هذه

في وجود تخيل لفترة زمنية ممتدة خالية – وحدها –الجملة ، - المهمة من وجهة نظر السارد على األقل –من األحداث

حدثت : " التي يقول فيها ) ٢(ضافرها مع الفقرة رقم وفي تأنتهيا ، بعد تفكير طويل آثرت أن بعض األشياء القليلة جد

؛ )١٤(" إلى االعتقاد بأنها قد ال تكون مالئمة بالقدر الكافي ذلك السكون " حدثت بعض األشياء " حيث تقطع جملة

جود لمتخيل الناتج عن عدم وجود أحداث ، كما توحي بوا سريعفترة بين عدم الحدوث ، والحدوث ، مما يشكل انتقاالمرة : " على الحوافز السردية ، تدعمه بداية الفقرة الثالثة

ن أصال إبراهيم )١٤( – مختارات فصول – بحيرة المساء : – ٩٥ ع

– القاهرة –الهيئة المصرية العامة للكتاب قصة في جـوار – ١٩٩٤ –رجل ضرير .١٩٦٨والقصة مؤرخة نوفمبر - ٨٥ ص

حيث توحي )١٥(" أخرى فكرت في األيام التي ذهبت سدى أو عدة مرات ، بوجود مرة أولى " مرة أخرى " جملة

" ما توحي جملة متضمنة في الفترة الفاصلة بين الفقرتين ، ك –باإلشارة إلى تلك الفترة الخالية " األيام التي ذهبت سدى وهكذا تستمر " لم يحدث شئ " في –من وجهة نظر السارد

على فترات القصة في االنتقال بين الحوافز السردية قافزة ، لتكون بداية كل فقرة بداية مرحلة ةييراها السارد خال

رار الزمن على مدار النص ، جديدة ، وبحيث يتقطع استمال نستطيع أن نتحدث " – كما يشير كانديدو بيريث –وبحيث

عن زمن مستمر ، وإنما عن أحداث تقع تحت طائلة عامل ما ا في أن هذا يسبب تشويها في النظام ، ويمكن أن نفكر أيض

يتم ؛ )١٦(" مناطق ذات اهتمام خاص : التشويه مرده ل مناطق أخرى ليست على القدر نفسه التركيز عليها مع إغفا

– السابق : أصالن إبراهيم )١٥( .٨٥ ص

اقتــراب – الـزمن – الفضـاء : كانديـدو بيريـث جـاييجو )١٦(–سوسيولوجي – العطا وأبمحمد : ت – ١٢ فصول م صيف – ٢ ع ١٩٩٣ – .٦٧ ص

من األهمية ، وهو األمر الذي يشكل ملمحا في تصور ا أساسي . القصة القصيرة لزمنها

في قصة – كذلك –ومن الممكن أن نالحظ هذا الملمح إذا تتبعنا خط األحـداث إلبراهيم عبد العاطي ، خاصة لوقا

اخليـة الذي يقطعـه عنـاوين د – في الزمن –التصاعدي تتضافر معها النجوم الفاصلة بين الفقرات المكونـة لجزئـي

: القصة ، وهما ا فصل في ذكر ما جرى في األيام األولى ، وثاني : أوال

: ا ، ثم األجزاء الفرعية المعنوية فصل في ذك ما كان مكتوبوالمالحظ أن كل فقرة معنونـة ، )١٧(" كتابات أخرى " بـ

ات األخرى النجوم الثالثة فـي السـطر أو يفصلها عن الفقر األبيض هي بنية من األحداث المتراتبة والمتسلسلة ، حتى لو

ـ –استخدم فيها المجمل غيـر إن هـذا –ا كما سيأتي الحقا من األحداث السـردية ال توجـد فيـه التسلسل يصنع خط

ا فجوات زمنية واضحة ، األمر الذي يجعل من كل فقرة حدث سردي أو حـوافز سـردية ،ا من مجموعة جمل مكون اا كبير

– عبد العاطي إبراهيم : راجع )١٧( " لوقا" قصة – – ٦٨ جـاليري

– ٦٨نوفمبر – ٥٥ ص .٦٧ ص

صغرى ، وهذا التراكب بين األحداث ، مع تركيـزه علـى عن طريق صـوت السـارد األنـا المشـاهد شخصية لوقا

ديفيد لـودج عـن االنتقـال للشخصية يحقق ما يشير إليه ـ ا ما يضفي على السـرد مظهـر عادة" الزمني بأنه ا طبيعي

إما بتقديم تيار وعي شخصية من بوصفه من عمل الذاكرة ، بتقديم مذكرات –ا على شكل أكثر تحفظ –الشخصيات ، أو

هو ما يحدث في و ، )١٨(" الراوي أو الشخصية أو ذكرياته مثل هذه القصة ، حيث تكون اإلشارة إلى وجود فجوة زمنية واضحة ، لكنها إشارة من خارج سياق السرد نفسه ، وفـي

.عتمدة على تقنية الطباعة الغالب هي إشارة م ا يشبه إن العنوان الداخلي يتخذ في القصة القصيرة دور

عنوان الفصل في الرواية ، غير إنه في القصة القصيرة ربما يكون مجرد إشارة إلى وجود انتقال زمنـي لألمـام ، وقـد

.يلخص تطور القصة في مراحلها السردية الكبرى اإلشارة إلى –ألولى في وظيفته ا– في هذا يشبه ووه

الفجوة عن طريق السطور البيضاء ، أو التي بها نجوم ،

الفن الروائي : ديفيد لودج )١٨( – سبق – .٨٨ ص

وهو ما يمكن أن نجد عليه أمثلة في العديد من قصص هذه يث األلفةدح، و لعلي لسليمان كلفت الجدار: المرحلة مثل

، )١٩( إلبراهيم منصور ساعة٢٤اليوم وليحيى عبد اهللا ،رغيف و، )٢٠(لغيطاني لجمال اهداية أهل الورى و

.)٢١( لسليمان فياضالبتانوهي

: االنقطاع في مسار السرد -٢إذا كانت اآلليات السابقة تدل على انقطـاع مسـار السرد ، ولكن مع اإلشارة إلى هذا االنقطـاع عـن طريـق إدخال أشياء من خارج السـرد مـن شـأنها تنظـيم هـذه

أن يكون االنقطـاع االنقطاعات والداللة عليها ، فمن الممكن إنما يحس وجوده من تجاور أفعـال ال غير مدلول عليه ، و

في إعالء لمنطق التتابع الكيفي ، أو السببي ؛ يفترض تعاقبها .، خارج التتابع الزمني

. ٦٨أعداد مختلفة من جاليري : راجع )١٩(

سبق – ألف عام أوراق شاب عاش منذ : راجع جمال الغيطاني )٢٠(.

األعمال القصصية الكاملة : راجع سليمان فياض )٢١( – . سبق

ولهذا الشكل ، حين يتجلى في تقسيم القصة إلى فقرات آلية واحدة هي التي تتجلى في وجود نقطة في نهاية سطر ، البدء بفعل بينه وبين نهاية الفقرة السابقة عليه فجوة زمنية ثم

في األعمال ذات " ، وإذا كان جان إيف تادييه يشير إلى أنه الموضوع مثل القصص القصيرة والمالحم ؛ كلما كان

ا فإن الرابط الزمني يأخذ أهمية أكبر الرابط السببي ضعيفابط الزمني عن طريق التسلسل في الزمن ، فإن الر)٢٣("

يتخذا عن طريق إحداث فجوات فيه عندما يصير ضعيف على عكس القاعدة التي يشير –الرابط السببي أهمية كبرى

إليها تادييه ، غير إن هذا الرابط السببي ربما يتحول إلى ا بين األفعال بوصفها مكونات السرد ، تجاور قد يبدو عشوائي

خصية داخل السرد ، أو لهدف الداللة على عشوائية وعي الشاإلشارة إلى التعقد الشديد الذي يصيب بنية سردية ما ، ويجعلها تتخلى عن المتابعة الخطية التصاعدية المتراتبة

.لألحداث

النقد األدبي في القرن العشرين : جان إيف تادييه )٢٣( – منذر /د: ت

–مركز اإلنماء الحضاري سورية –عياش – ١ ط ١٩٩٣ – .٢٦ ص

ومن هنا ستبدو انقطاعات السرد على درجة من األهمية في تكوين فسيفساء زمنية للقصة القصيرة تستطيع عن

وهو . من عدة مستويات زمنية طريقها تجميع شتات خطابهااألمر الذي يمكن مالحظته في العديد من القصص القصيرة

لجميل عطية إبراهيم ، حيث يعد ألحان غير متقابلة :مثل ويميزها ذلك ، خط السرد مجموعة من القفزات التي يفصلها

: االنقطاع ، فهو خط يجمع بين عناصر ليست متراتبة يقول ه ، شم رائحة الشبة ونوى المشمش ، رب الكوز من فمق"

عرضت ابنة عمته أن تغسل له قدميه ، رفض ، قال ، شرب إنه يفضل أن يغسل قدميه بنفسه ، غضبت العمة ، سبته بشدة

قال إنه . ا ، وقالت إنه قليل األصل مثل أبيه وبخيل أيضا دست فيه يده عشرين جنيه. حضر في مأمورية رسمية

)٢٤(" ى األقارب أن يوزعها علتطلب منفصـلة جملإن مثل هذا المقطع ، المكون من خمس

، ا منفصال ا سردي تمثل كل منها جملة من األفعال تكون حدث عن غيره ، بما يؤدي إلى وجود فجوات تعتمد ، بصورة ما

ألحان غير متقابلة : جميل عطية إبراهيم )٢٤( – يونيو – ٦٨ جاليري

١٩٦٨ – .١١ ص

تعرض عليـه ابنـة " شرب "على عدم االتصال ، فبعد أن ذي يبدو في تخيلـه عمته أن تغسل له قدميه ، وهو األمر ال

بال أية – هكذا –غير متراتب ، ويدعم ذلك أنه عمته تسبه لها إنه أتى في مهمة لمقدمات ، ثم في الفقرة التي تليها يقو

رسمية ، في إسقاط للفترة الزمنية التي يرد البطل فيها عـن ، ثم في النهاية تعطيه عمته عشرين نفسه االتهام بالبخل مثال

سبته " هذا التراكب بين جملة األفعال األخيرة إن . ا جنيه– دست في يـده عشـرين –قال إنه حضر في مهمة رسمية

ا جنيه " ا من الزمن عبر التركيـز تروي مساحة كبيرة نسبي من وجهة نظر السارد ، ثالثة أحـداث –على أهم مراحلها

تكون منظومة غير مترابطة في الظاهر ، بما يـوحي بـأن األساس يقع على فترات غير مرئيـة أو مدونـة التركيز في

ا فقط زمن –القارئ ال يعيش " داخل النص السردي ، أو أن ا ا مضـغوط ا زمن ذا طبقات بعقد وشبكات ، بل أيض دامنض٢٥(" ا مقلص(.

القراءة والكتابة القصصية في الرواية الحديثة : زة أغا ملك ع )٢٥( –

ــر ــي المعاصــ ــر العربــ ــة الفكــ –مجلــ -٤٥-٤٤ع .٨٤ص

هذا التنضيد هو باألحرى إعادة ترتيب ألولويات السرد جود تلك في تركيزه على أحداث بعينها ، بما يؤدي إلى و

وإن دلت على تكثيف –االنقطاعات في خط السرد التي فإنها تحول الزمن القصصي إلى زمن –القصة ألحداثها

" فإنه – حسب إشارة سعيد يقطين –سردي متقطع ، أو بواسطة زمن الخطاب يتم سلب زمن القصة خطيته وكونه ادة خام ، وفي انتقالنا من زمن القصة إلى زمن الخطاب

ا ذات الطابع المشترك ا ننتقل من التجربة الواقعية ذهنينجدنإلى التجربة الذاتية للكاتب وهي تسعى لتجسيد نظرة خاصة

.)٢٦(" للزمن وهي النظرة التي يبرز من خاللها الزمن آلية من آليات السرد من خالل تغيير سماته عبر ما رأينا من أشكال التعامل

.معه سلفا لسرد واحد من آليات إبراز دور إن االنقطاع في ا

يؤدي – من ناحية أخرى –الفجوة السردية وتكوينها كما أنه إلى وجود إحساس واضح بالسرعة الكبيرة التي يكون عليها

– انفتاح النص الروائـي : سعيد يقطين / د )٢٦( – الـنص والسـياق

–المركز الثقافي العربي .٤٧ ص- ٢٠٠١– الدار البيضاء -٢ط

النص السردي ، من خالل وجود انتقاء متعمد من قبل السارد للعناصر التي يركز عليها ويقوم بتركيبها في نصه ،

كاتب القصة القصيرة قد يعطينا فقط " ن بحيث يبدو األمر كأقطعة أساسية من الفسيفساء يمكننا أن نرى من خاللها

. )٢٧(" لو كنا على قدر من اإلدراك الزخرف كامالوهي السمة التي يتميز بها تعامل القصة مع أحـداثها ،

ا ، بما يؤكد على العامـل وفجواتها الزمنية بل وزمنها عموم الذي –واضح في قصة جميل عطية إبراهيم ال –االختزالي

تقوم عليه القصة القصيرة ، وهو األمر الذي يمكن أن نحكم بوجوده في األغلب األعم من النصوص القصصـية ، بمـا

يشكل مميزا على درجة قصوى من األهمية ا نوعي. وإن شـكل فجـوة ،غير إن انقطاع استمرارية السرد

قد – كذلك –تسريع النص ، فهو لها دورها المهم في زمنيةينتج عن دخول آليات سردية أخرى سبقت اإلشارة إليها مثل

وإنما نؤكد أن نوعية الفجوة السـردية – مثال –االسترجاع التي تؤدي إلى إحداث تسريع النص هي الفجوة التي تقع بين

لقصـيرة القصة ا : ماري لويز بارت )٢٧( – الطـول والقصـر –

محمود عياد :ت – .٤٩ص -٤م - ٢ م- فصول

ا في ا متصاعد الفاصل بينهما خط / حدثين يمثل الخط الرابط و بتعبير آخر ، حدثين متراتبين كرونولوجيا يفصل الزمن ، أ

بينهما حدث أو مجموعة من األحداث المهمل ذكرهـا فـي .السرد

وتكرار مثل هذه اآللية يعد بمثابة القاعـدة ، بحيـث ال شير إلى نماذج منها لشدة تكرارها ، غير إن نا أن نيجب علي

رة التمثيل بقصة ألحان غير متقابلة قد يوضح األمـر بصـو .جلية

إن استخدام الفضاء الطباعي في القصة القصـيرة مـن أجل إحداث أثر تخييلي ينطبع على زمانية القصة القصـيرة كان هو المنظومة األولى آلليات تسريع النص السردي عبر

.الحذف ، وتقسيم النص لفقرات

المونتاج : ا ثاني د ا من أهم آليات السرد التي اعتميعد المونتاج واحد

أحد المتكآت – كذلك –وهو ، عليها سارد القصة و الرواية المهمة إلحداث بنية زمانية تخييلية في السرد تعتمد على االنتقاء وتراكب المشاهد واألحداث المفترض تباعدها ، ويعد

ا من فنون السينما التي تمت استعارتها للسرد ، المونتاج واحدالمستحدثات "له والتي يشير إليها روبرت همفري بقو

هي مجموعة من األلوان التكنيكية التي من شأنها السينمائيةالتعبير عن الحركة الخارجية من خالل تحرك الصور زمانيا

" المونتاج و من أهم هذه المستحدثات السينمائية.. و مكانيا )٢٨(.

وتتجلى أهمية المونتاج في إحداثه لسياق من التتابع بين صة هما في األصل غير متتابعين ، من حيث حدثين في الق

أو كما يشير ، القطع والتركيب –استخدامه للقص واللصق المونتاج لفظ مستعار من ميدان السينما " برنار فاليط أن

صورتين متعاقبتين ) أي داللة (قوامه التعرف على أثر بحيث )٢٩(" ظهورهما ا لترتيبعلى معنى مختلف تبع ،

في – التركيب في إحداث هذه الداللة التي تحدث تبدو أهمية . عبر تعاقب مشهدين أو حدثين سرديين –النص السردي

– سبق – تيار الوعي في الرواية المعاصرة : روبرت همفري )٢٨(

. ٨١ص النص الروائي : برنار فاليط )٢٩( – سبق – . ٨٩ ص

إذا كان من الممكن لنا أن نعامل أي حذف بوصـفه وفهـي ا من المونتاج ، كاآلليات السابق ذكرهـا مـثال نوع ،

مـد تأنواع تبدو منتمية إلى شكل آخر من أشكال الحذف المع تقسيم النص بكامله إلى وحدات بينها فواصل ، / على القطع

فإننا نركز اآلن على الشكل الخالص للمونتـاج مـن حيـث إحداثه لتجاور ما ليس بمتجاور ، بالصورة التي يـتم عـن

ـ ا ، طريقها تشويه الفضاء الزمني المفتـرض للقصـة تماملصالح إنتاج فضاء جديد من الزمن السردي ، مؤكد في هذا

ا سنعالج في هذا المجال ذلك النوع من المونتـاج الصدد أنن ـ ا الذي يجاور بين أحداث يسبق األول فيها في الـنص زمني

التالي له ، بحيث ينتفي لدينا هنا المونتاج المتوازي العتماده .ا في الفصل األولعلى االسترجاع ، وهو ما قد عالجناه سلف

:المونتاج المكاني ) ١ني على انتقال السرد بين عـدة ويعتمد المونتاج المكا

حتـى لـو كانـت –أماكن ، بصورة تتجاور فيها األماكن ، ويمكن أن يكـون المونتـاج -متباعدة في خريطة الواقع

المكاني محاولة من السارد لرصد حدث واحد في جوانبه عن طريق رصد تداعياته في أماكن مختلفة من شخوص مختلفين

المونتاج المتوازي المعتمد علـى ا ب ، وهو ما أشرنا إليه سلف لكن مع وحدة الشخصية الموضوعة في بـؤرة . االسترجاع

السرد ، وتالزم صوت السرد معها يصب المونتاج المكـاني ا النتقال الشخصية بين عدة أماكن مع إغفـال أحـداث رصد

التركيز على األحداث التي تقع فـي كـل و، االنتقال نفسها في هـذه و. مع بعضها البعض مكان على حدة وتجاورها حيث تثبت أهمية ؛ يشار إليه ا ال الحالة يصير الحذف ضمني

التجاور بين العناصر السردية في خلق بنية زمنيـة خاصـة تعتمد على تجاور أجزاء من مشاهد تقع في أماكن مختلفة ،

فبفضل التقنية القائمـة علـى " : كما يشير ميالن كونديرا وية الصغيرة يتم ابتكار بنيـة زمنيـة غيـر الوحدات اإليقاع

بنيـة . )٣٠(" زمن مستقل كليـا –متوقعة ال يمكن حسابها زمنية قائمة على تجاور ما لـيس بمتجـاور عـن طريـق

االنتقال في الزمان والمكـان بحريـة بهـدف المونتاج ، و تخليص النص من زوائده ، وهو االنتقال الذي يتم التركيـز

فن الرواية : ميالن كونديرا )٣٠( – بدر الـدين عرودكـي : ت –

ـ روع القـومي للترجمـة المجلس األعلى للثقافـة المش – ٢٠٠١ – .١٠٨ص

حسـبما –شخصية ، وأهم جوانب الحدث فيه على متابعة ال ، األمر الذي يؤدي بالمتلقي إلى التغاضي عن -يرى السارد

ا لمتابعتـه لهـذه الشخصـية وهـذا مواضع الحذف نظـر مـا يجعـل " الحدث ، وحسبما يشير عبد اهللا إبراهيم فـإن

في الوقـت نفسـه المكان واضحين ومدركين ، و الزمان و المعقـول رمية هـو االهتمـام قـد األه متسمين بالحيوية و

)٣١(" بالشخصية وهو االهتمام الذي يضفي مشروعية واضحة الستخدام آلية التنقل عبر الزمان والمكان ، ومن ثم تركيب العناصـر الصغرى للحدث ، غير إن من أهم سمات هـذه اآلليـة أن

خاصة في القصة القصـيرة –الفجوات الزمنية الناتجة عنها لى أزمنة واسعة المدى ، بل إنها تحذف زوائـد ال تشير إ –

ا بوجود هذه الحدث فقط ، بما يؤدي إلى عدم اإلحساس غالب إذا أضفنا سمة القصر هذه إلى ما أشـار الفجوات ، خاصة

إليه عبد اهللا إبراهيم من الحيوية الناتجة عن متابعة الشخصية

المتخيل السردي : عبد اهللا إبراهيم )٣١( – التنـاص فـي مقاربـات

– بيروت – المركز الثقافي العربي –والرؤى والداللة – ١ ط ١٩٩٠ – .٧٧ ص

عل الحدث ، والتركيز على هذين العنصرين فقط ، بما يج و في معالجة القصـة القصـيرة واضحة من هذا التركيز سمة

" حسب إشارة آيان رايد فإن لفضائها الزماني والمكاني ، و كاتب القصة القصيرة يركز اهتمامه على شخصية واحدة في

بدال من أن يصور لنا تطور هذه الشخصـية حدث واحد ، و يـؤدي هو ما ، و )٣٢(" فهو يوضح أمرها في لحظة معينة

بنا إلى إلصاق سمة التركيز على الذات ، أو التأكيد على هذه السمة في القصة القصيرة ، وامتيازها بها عن سـائر فنـون

.السرد –يمكن لنا مالحظة هذا الشكل من المونتاج المكاني و

الزماني تبع إلحداثه فجوات في زمن متصاعد اا لذلك نظر –

القصة القصيرة : آيان رايد )٣٢( – منى مـؤنس / د :ت الهيئـة –

– القاهرة –المصرية العامة للكتاب ١٩٩٠ – ، وهو يشـير ١١٠ ص في موضع آخر إلى أن القصص القصيرة كثيرا ما تركز على شخص واحد أو اثنين ونحن نراهما منفصلين بشكل ما عمن حولهمـا ، هـذا االنفصال الذي يجعل من الشخصية ، ومكونات الحدث هما العنصران

هو ما يمـنح المتابعـة فـي األشد فاعلية في بناء القصة القصيرة ، و .مان والمكان حيويتها ، وتكامل هيكلهاالز

لبهاء الخطوبة: ل أهمها في العديد من القصص القصيرة لع ٢٤اليوم لجميل عطية إبراهيم ، ألحان غير متقابلة طاهر ، .إلبراهيم منصور ، وغيرها بصورة متكررة ساعة

تمثل أول جملة في كل فقرة ساعة ٢٤اليوم ففي قصة الفقرة ، وربمـا / إلى مكان الحدث من فقرات القصة إشارة

ـ ارات داخـل الفقـرات إلى زمانه الذي يبدو كذلك من اإلشتصاعدي في الصباح " ، فيبدأ القصة بقوله ا كامال ا يشمل يوم

لم أذهب إلى العمل ألنه لم يكن يوجد هنالك عمل ، ومكثـت .)٣٣(" في المنزل

وهكذا يسهم التحديد الزماني والمكاني األول في القصة في بناء فضاء النص منذ بدايته األمر الذي يعلي من قيمة

قالت المسببة لفجوات سردية ، التي يمكن أن نالحظها في الن ست ثيابي وبول" وسط الفقرات ، مثل قوله في الفقرة األولى

، حيث إن السارد )٣٤(" ا لم يكن األتوبيس مزدحم خرجت وركز على األماكن التي استمر قد في متابعته للشخصية

: إبراهيم منصور )٣٣( – ساعة ٢٤ اليوم عدد خاص – ٦٨ جاليري

– القصة المصرية والمعاصرة – .١٦ ص – سبق :ر إبراهيم منصو)٣٤( .١٦ ص

ا بما يحقق لديه تواجده فيها لفترة طويلة نسبيا انطباع لذلك نجد الفترة بين خروجه من المنزل وركوبه ا ، وواضح

عنها ، ربما لروتينية األحداث التي ا مسكوتاألتوبيس فترةتمر به فيها ، لكنها بالتأكيد فترة يسهم عدم ذكرها في خلق

. تسارع لخط السرد هو األمر الذي يتكرر في هذه القصة لمرات عديدة ، و

دها عبر رصد اإلشارات المكانية المتتابعـة ، يمكن لنا رص ونزلت من األتوبيس : " والمختلفة في آن واحد ، فهو يقول

لكن في المحطة التي كنت أريد النزول فيها وكانت الساعة و ا حسب ساعة الميدان ، دخلـت السـينما ألرى الواحدة ظهر

.)٣٥(" قصة الولد الذي مات أبوه تتكاثف في مساحة نصية قصـيرة إن اإلشارة المتتابعة

الميـدان و والمحطة و لتصنع عدة انتقاالت بين األوتوبيس بحيث يسهم هذا التكاثف في خلق إيقاع سـريع ، السينما ، و

وخطية زائفة تتحدد عبر نقاط التركيز التي هي في األصـل هذا التركيب بين الفجوات هـو داللة على انقطاع السرد ، و

– السابق : إبراهيم منصور )٣٥( . ١٧، ص ١٦ ص

نتاج في إحداثه لألثر السـردي المـراد ، و ما يسهم به المو حسبما يشير عبد العزيز بن عرفه فإن زمانية النص السردي

تعتمد على التجزئة المكانية حتى يتم نظام التعاقب الزماني " تصاغ بالتالي األرضية التي تتنزل في إطارها و، المكاني و

ور تتمثل الزمانية في إحـداث الشـع و.. البنايات السردية " في تحويل النظام السردي إلى حكاية بصيرورة الزمان ، و

)٣٦( ا أن هذه اإلشـارات المكانيـة ، وبحيث يبدو واضح/ الزمانية تؤدي الوظيفتين اللتين أشار إليهما بن عرفـه مـن حيث تحويل النظام إلى حكاية عبر إحداث أثر سردي قـائم

يشعر المتلقـي بحيث ال ؛ على االستمرارية الزائفة للتركيب ـ باالنقطاع نظر المنـاطق اا النعدام األهمية الذي تتمتـع به

كذلك عبر إحداث أثـر لـدى المحذوفة ، هذا من ناحية ، و عن طريـق األثـر – بل وسرعته –المتلقي بمرور الزمن

. الذي تحدث الفجوة في تسارع إيقاع النص السردي مكـاني وبذا يكون األثر الحادث عن طريق المونتاج ال

والزماني أثر إذا ، خاصـة في القصـة القصـيرة اا مزدوج

عنـد مدخل إلى نظريـة السـرد : عبد العزيز بن عرفه / د )٣٦(–غريماس – ٤٥-٤٤ مجلة الفكر العربي المعاصر ع .٣٢ص

الحظنا تكراره في صورة الجمل القصيرة المتجـاورة بمـا طبيعة النص القصصي ، على اختالف مع الرواية يتناسب و

هـو التي تعمد إلى إحداث المونتاج بين مشاهد كاملـة ، و ة أقـل ولكن بصور األمر الذي قد يحدث في القصة القصيرة

ا ، حيث إن القصة تستغني بهذا التركيب عن العديـد وضوحمن التفاصيل ، في حين إن الرواية قد تعتمـد علـى هـذه

إذا لمحنا قوة التركيـب التفاصيل في تكوين المشهد ، خاصة الواضحة في تجاور األماكن واألزمان المختلفة داخل النسق

القصيرة ، بحيث السردي الواحد الذي تمثله الفقرة في القصة األشـياء المختلفـة – أو على األقل –بدو تجاور األضداد ي

عنصر ا في مجال إحداث األثر عبر أقل مساحة نصـية ا مهم .ممكنة

) :كان(االستخدام المتكرر للفعل : ا ثالثأحد الوسائل المهمة للسرد العربي ) كان (يعد الفعل

من الجملة الحكائية ال أدل على ذلك منذ عصوره القديمة ، و أثر ) كان (للفعل ، و ) كان يا ما كان (االفتتاحية الشهيرة فـي إحـداث تخيـل لـدى – بدايـة –يمكن مالحظتـه

السامع بوحدة عضوية تجمع كون القصة / المتلقي / القارئ .في كيان واحد

غير إننا في معرض رؤيتنا للزمن السردي سنلمح فـي هرين ، األول له عالقة بكون القصـة استخدام هذا الفعل مظ

سابقة على الحكاية بما يدعم األساس الماضوي الذي أشـرنا والثاني هو الصيغة التي يظهـر . إليه في فصل االسترجاع

ذلك حين يكـون ا ، و ا سردي بوصفه حافز ) كان (بها الفعل هي الصيغة التي توحي خبره جملة فعلية فعلها مضارع ، و

هو ما كان يحدث في السـرد دث في الزمن ، و بامتداد الح .الشعبي بصورة متواترة

ا في السرد المعاصر ، وخصوص ) كان ( غير إن للفعل القصة القصيرة ، دوره المهم الذي يسهم في تقسيم النص إلى

منفصلة ، بحيث يأتي على لسـان السـارد مقاطع مستقلة و ة حـدث جديـد بداي – في كل مرة –العليم ، ليمثل تكراره

وبهذه الصورة يكون لهـذا . منقطع عن ما قبله من أحداث الفعل دوره المهم في إحداث نـوع خـاص مـن الفجـوات السردية الواضحة ، التي يحدها الجمل التي تبدأ بهذا الفعل ،

هي اآللية التي ظهرت بوضوح في العديد مـن قصـص و

، وسـردية أسلوبية يحيى الطاهر عبد اهللا ، بما يمثل ظاهرة ا على طاقات لديه تتكئ على تواشج السردي و اللغوي اعتماد

) .كان(الفعل جبل الشـاي : وقد وضحت هذه اآللية في قصص مثل

، الوشـم و ، الـوارث و ، معطف من الجلد ، و األخضر .وغيرها

يتكرر استخدام الفعل كان معطف من الجلدففي قصة ل كل فقرة ، بحيث تكون في أو–ا تقريب–بهذه الصيغة ا امتدادممتدة ، و مستقلةةي حدث بوصفها وحدةالفقرة معاملة

هذا القطع و. ال يقطعه سوى الفعل كان في الفقرة التالية بدوره بإحداث فجوة في مسار الزمن السردي ، وهو –يقوم

في إحداث أثر لدى القارئ بمعاملة هذا – كذلك –ما يسهم ا في الزمان ، أو كما يقول أندريه ا منقطع حدثالحدث بوصفه المكانية للتجربة تنزع إلى –الخاصية الزمانية " جاكوب فإن

لواقعة تكثيفها بواسطة لأن تكون بارزة عبر اللغة التي تحفظ

وهو التجريد الذي يدعمه ،)٣٦(" عملية التجريد أو التصور يقول في أول االستخدام السردي للفعل كان بهذه الصيغة ،

مما كان كان أقل حدة كان المطر ما زال يسقط و: " القصة ن بداية الفقرة إ ونالحظ ، )٣٧(" ا بالرطوبة كان الجو ممتلئ و

باإلضافة إلى "ما زال" مع الفعل " كان " يتضافر فيها الفعل ، بما في ذلك من إيحاء " يسقط" الجملة الفعلية المضارعة

ا وا عامحدث للدرجة التي يصير بها جوباستمرارية الكان" ورود الفعل إنا في بداية القصة ، كما نالحظ مسيطر

إذا الحظنا في وسط الفقرة يقوم بدور وصفي ، خاصة" .تعامله مع األسماء ، وخاصة اإلشارات إلى األماكن

يقطع استمرارية هذا الجو الممطر تحول السارد إلى وكانـت أضـواء : " قة أخرى من النص التركيز على منط

وكنت أضرب أسلفت الشارع المبتل .. المدينة تبدو من بعيد

أنثروبولوجيا اللغة : أندريه جاكوب )٣٦( – بناء وترميز – ليلى : ت

– المشروع القومي للترجمة –الشربيني المجلس األعلى – ٣٦٠رقم – القاهرة –للثقافة ٢٠٠٢ – .١٢٦ ص

املة األعمال القصصية الك : يحيى الطاهر عبد اهللا )٣٧( – سـبق ––قصة معطف من الجلد .٢٤ ص

ا فالمطر لم ينقطع منـذ بخطوات سريعة ، كان الشارع خالي ، حيث تتحول الرؤية في هذا المقطـع مـن )٣٨(" الصباح

بين المقطعين يمكـن المطر إلى الشارع وأنوار المدينة ، و داد زمني يستمر فـي الحـدث األول فـي تصور وجود امت

.الحدوث إلى أن يقطعه ظهور أضواء المدنية يتحول هذا الشكل من استخدام خبر كان المضارع و

الدال على االستمرار إلى استخدام الخبر الماضي للداللة على وا واضحةأحداث ال يمكن استمرارها ، وإن شكلت نقاط

: " ي بدايات الفقرات التالية فيقول ف، على خط السرد لحظيةا من األشخاص كان واحد" و ، " كنت قد بلغت سدة الشارع

هكذا ليتم ، و" كنت قد تبعته " ، و " الثالثة قد استدار كافة ، لتمثل هبصيغ" كان "للسارد استغالل طاقات الفعل

ستخدمه بها متكآت مفصلية في السرد ، ينتج يالجمل التي عن قصر – من ناحية –اإليقاع ، ناتج عنه تسارع في

وجود تلك الفجوات تكرار االستخدام ، و الفقرات ، وبذا الحافز الذي يليه ، و المتخيلة بين الحافز السردي و

السابق : يحيى الطاهر عبد اهللا )٣٨( – .٢٤ ص

يصبح للغة دورها العضوي الفعال في تكثيف النص تسريع إيقاعه ، غير إن هذا االستخدام يجعل من القصصي و

-لغوية ذات داللة على الولع بالحكي الزمة) كان (الفعل على رغبة من ناحية ، و–لدى يحيى الطاهر عبد اهللا

في أن يحدث األثر – في القصة القصيرة –السارد الحديث المرجو عبر اختزال القصة إلى مجموعة من األحداث

ربما يمكننا الحكم بأن المنفصلة المتراكبة في الوقت ذاته ، والمعادل السردي األصيل للمونتاج السينمائي هذه الطريقة هي

، وأنه يغير في التصور العام لزمن القصة ، بحيث يبدو كان" ا عبر االنتقال الفجائي مع كل استخدام للفعل مشوه" إلى فضاء متقطع ، التشويه للزمن يحملنا مباشرةاهذ" ، و

مع إلى عالم من العالقات غير المتسلسلة يتبدل فيها خط ما هو األمر الذي و، )٣٩(" كل خطوة من خطوات المعالجة

في العديد من قصص يحيى الطاهر – كذلك –ا يبدو واضح بالعديد حصار طروادة قصة – مثال–عبد اهللا ، حيث يبدأ

السرد ، للوصف ، و) كان (من الجمل المبدوءة بالفعل

الفضاء : كانديدو بريث جاييجو )٣٩( اقتراب سوسيولوجي – الزمن –

– سبق – .٦٩ ص

من و–بالصورة التي توحي بسرعة ورود الجمل السردية ا ، كنا صباح األحد ، وكنت حزين: " األحداث يقول –ثم الصحف الثالث ترحب بمقدم الربيع ، وكانت اإلذاعة توكان

لقد فاجأني .. المصرية تنشد تقارير مصلحة األرصاد الجوية رأسي كنت أقصد الحزن ال الربيع ، و و– قلت –الخنزير

" كنت أبكي ..)ا الحزن طبع( هتحت الصنبور كنت أحدث)٤٠(.

في –إن استخدام الفعل كان في القصة القصيرة قد أدى إلى إحداث إيقاع سريع في السـرد ، – همظهر من مظاهر

ا عبر وقوع فجوات سردية نتجت عن تكراره في النص مكون هو ما أسـهم فـي وجـود دوره ، و مستقلة وحدات حدثية

.صيرة المونتاجي ، ومن ثم الزمني في القصة الق

:ثانيا التخليص وآلياتها مـن حدا و – سردية بوصفه آلية –يعد التلخيص

حذف الدرجات تسريع النص السردي ، وإن بصورة أقل من

األعمال الكاملة : يحي الطاهر عبد اهللا )٤٠( قصة حصار – سبق ––طروادة .٢٩ ص

، من حيث إنه سرد لفترة زمنية طويلة يقابله مساحة نصـية كم مـن المعلومـات قصيرة إلى حد كبير ، بما يعني وجود

بمـا يحقـق منية طويلة ، و السردية يتم طرحه على فترة ز في النص ، وهو األمر الذي يوحي بسـرعة منخفضة كثافة

كميـة " عالية للنص ، فكما يشـير تيـري إيجلتـون فـإن مـع السـرعة عكسـية المعلومات تتناسب بكثافتها مناسبة

ا هو ما يجعل من التلخيص إجراء شـائع ، و )٤١(" السردية اطق في القصة دون ذكرها في السرد من أجل القفز على من

حـين ، ت بالمجمل يهو ما يسميه جيرار جين بالتفصيل ، و ا إلى واحد من أهـم وظائفـه فـي يؤكد هذا المعنى ، مشير

مـن : " أهميته حـين يقـول معرض حديثه عن تاريخه و – حتى نهاية القرن التاسع عشر –الواضح إن المجمل ظل

آخر ، الخلفية التي شهد و ا بين م وسيلة االنتقال األكثر شيوعبالتالي النسيج الذي يمثل اللحمة المثلـى عليها يتمايزان ، و

للحكاية الروائية التـي يتحـدد إيقاعهـا األسـاس بتنـاوب .)٤٢(" المجمل والمشهد

– سبق – األدب وما ه: يجلتون إ تيري )٤١( .٨٨ ص

ت ي جيرار جين)٤٢( – سبق – خطاب الحكاية – .١١٠ ص

علـى – كالعادة –ت يركز يومن الواضح هنا إن جين ، ) مشهد وآخـر (هو ما يتضح في حديثه عن الرواية ، و

ر إن األمر يتشابه في القصة القصيرة مع الرواية إلى حد غيكبير ، فالمجمل هو الرابط ، والخلفية التي يتمـايز عليهـا

ربمـا الحدث الذي يليه في القصة القصـيرة ، و الحدث و ا بين المشاهد ، غيـر إنـه فـي القصـة يكون كذلك رابط

ا ربما يكون التلخـيص عنصـر –كما سنرى بعد قليل و - ا للشخصـيات ، و ا في بداية القصة ، يصنع تاريخ ستهالليا

هو األحداث قبل أن يبدأ خط السرد في انطالقه إلى هدفه ، و صبري حافظ بضـرورة تحريـر / األمر الذي يشير إليه د

الزمن الذي تختاره األقصوصة بحيث ال يبدو كأنـه زمـن تحريـر الـزمن " مقتطع من سياق زمن عـام ، حيـث إن

– بـالقطع –وصي من بقية الزمن المحيط به يعنـي األقصإيجاد الطرق الكفيلة بتخفيض كمية المعلومات المطلوبة عن

إدراك ماضيه بحيث يستطيع القارئ استيعاب هذا الـزمن و قل كم ممكن مـن أ ، و )٤٣(" استقالليته بأقل مجهود ممكن

الخصائص البنائية لألقصوصة : صبري حافظ / د )٤٣( – فصول –

– ٤ ع٢م – ١٩٨٢ سبتمبر .٢٨ ص

هو مـا هو ما يقوم به التخليص االستهاللي ، و القراءة ، و طاحونة الشيخ موسـى ا بصورة جلية في قصة يبدو واضح

ليحيى الطاهر عبد اهللا ، حيث تبدأ القصة باستهالل يلخـص كأي رجل : " تاريخ حياة نظير يسي منذ زواج أبيه من أمه

كأي امرأة ولـود أنجبـت يسي ، وة تزوج الخواج –تزوج و إذا كان اهللا وحده هو الذي يعطي زوجته ابنهما نظير ، و يأخذ فقد أعطى اهللا كثير ا ما عدا نظير فقد ا وأخذ الكثير أيض

لقبـه و من والده اسمه و أبقاه اهللا ليأخذ من الدنيا نصيبه و تعاقب الخف للسـلف دورة األيام وحدها و .. متجره الوحيد

حيـث . )٤٤(" ا مـا نظير شـيئ ةهو الذي غير من الخواج فيـه السـلف و الخلـف ، يتعاقب ا طويال البداية تقطع زمن

ا للشخصية يسهل معه على القارئ تصور ، و لتصنع ماضي هو دور على قدر كبير تقبل التطورات المقبلة للشخصية ، و

. من األهمية يؤديه التلخيص في بداية النص إن دل في ذاته على سرعة عالية غير إن هذا النوع ، و

سـاع الفضـاء قصر المساحة النصية في مقابل ات عللسرد م

الكتابات الكاملة : يحيى الطاهر عبد اهللا )٤٤( – سبق – .٣٦ ص

ال يؤدي الدور نفسه بالنسبة –الزمني ، فإنه في الوقت ذاته ا ، على اعتبار أن خط السرد في القصة لسرعة النص عموم

هو ما يمكـن أن يكـون يبدأ بعد انتهاء هذا االستهالل ، و ا بأول حدث حقيقي يتم رصده فـي السـرد بوصـفه محدودحافز القصة بـالتطور الـذي هو ما يبدأ في هذه ا ، و ا سردي

اشترى راديو ماركة صوت " نظير حين ةيطرأ على الخواج ورق البفرة و عدد من علب السجاير الفرط ، و العرب ، و

)٤٥(" بعدها جاء بصندوق للحـالوة الطحينيـة و ، المعسلليبدو التطور هو الحدث األول في مجال السرد في القصة ،

الزمنـي الـذي يعالجـه هو الحدث الذي يقطع االمتـداد ولنحس معه بتباطؤ سـرعة السـرد ية ، و االتلخيص في البد

ا نسبي. إن الدور الذي يؤديه التلخيص في بنية القصة القصيرة

ا عندما يكون هذا التلخيص ممثال الزمنية سيبدو أشد وضوح في بنيـة لمفاصل النص القصصي ، بمعنى أن يكون داخال

السابق : يحيى الطاهر عبد اهللا )٤٥( – .٣٦ ص

على هذا األسـاس يمكـن أن ثه ، و ا بين أحدا النص ، رابط -:نرى التلخيص على عدة أوجه حسب درجاته وهي

:التلخيص اإلشاري ) ١نعني بالتلخيص اإلشاري ذلك النوع الذي يتم عن و

ا من الزمن عن طريـق طريقه اإلشارة إلى فترة طويلة نسبي هو النوع الذي أدخله ا أو جملة واحدة ، و عبارة موجزة جد

باب الحذف الصريح عند معالجته للروايـة كمـا جينت في إلى دخوله في التلخيص – كذلك –أشرنا أشرنا من قبل ، و

ا لألثـر التلخيصـي حين الحديث عن القصة القصيرة نظرالواضح الذي تحدثه الجملة الواحدة علـى مسـاحة نصـية

.قصيرة يمكن أن يظهر مثل هذا النوع في جملة قصيرة تشير و

ا من فترة زمني ، لتصنع انتقاال عابرة الزمن إشارة إلى مرور هو ما ن اإلشارة إلى األحداث ، و وص إلى أخرى ، د قفي ال

التعبير الساذج عن مـرور : " شكري عياد بقوله / يعالجه د ـ ) هكذا مر عام ونصف عام ( الزمن ا قلمـا ينتقـل إحساسصد السنين ا بالزمن ، ألننا ال نحس بالزمن من خالل ر حقيقي

، حيث )٤٦(" الشهور إنما نحس بالزمن من خالل التغير و هو الذي يصنع التلخيص –ا منفرد –ال يعد مثل هذا التعبير

األحداث بعده يصـنع ، لكنه في تضايفه مع األحداث قبله و ا بوطأة التغير لدى القارئ ، بمـا يجعلـه مفصـال إحساس ،

مسار السرد ، غير إن ما ا في جذري يحوي في طياته تحوال فـإن مثـل هـذه –يهمنا هنا ، هو أنه على الرغم من ذلك

الجملة تسهم في زيادة وتيرة توارد الحوادث ، على الـرغم هـو من ثم زيادة سرعة النص ، و و، من تباعدها الزمني

ا بصورة واضحة في القصة القصيرة األمر الذي نجده متكررميلها الشديد إلى التكثيف ، و ضيق مساحتها ، بما يتناسب و

الـثالث ، و ليل الشـتاء : هو ما يبدو في قصص مثل و، ألحمـد مكان بال مالمـح ليحيى الطاهر عبد اهللا ، و ورقات

الجلبـاب األبـيض لرؤوف مسعد ، و الحديقةو البحيري ، غيرها الكثير مـن على سبيل التمثيل ، و .. للدسوقي فهمي

.القصص

القصة القصيرة: شكري عياد / د)٤٦( – سبق –في مصر .٤٤ ص

أن مثل هذه اإلشارات التلخيصية يكـون من المالحظ ودورها في الربط بين باإلضافة إلى دورها الزمني ، و .. لها

ـ ا داللي ا دور –األحداث ا ، على مستوى بنية القصـة عموميسترجع ) الشايب ( ، الفقرة الثانية الثالث ورقات ففي قصة

الشخصية أحداث حياة ابنه الراحل للتعلم في /صوت السارد مـن األرض لفدان القاهرة منذ عامين ، ليصبح العام معادال

لكـل .. عامان كامالن : " يبيعه األب لينفق على تعليم ابنه .. ال أحد يفهم أنه يجاهد ليعطي ابنـه عـامين .. عام فدان

حيـث ستصـبح . )٤٧(" فالفدان عام والعام فدان .. فدانين لة لها مـن العمـق اإلشارة التلخيصية للعامين هاهنا ذات دال

نصيب كبير ، حين تتغلغل داخل صوت الشخصـية لتعمـق ن اأزمتها في انفصالها عن االبن ، الذي كان عامـاه السـابق

مـن – االبـن واألرض –ا من لفقد األرض ، بما له يمعادل .أهمية واضحة

إن هذه الداللة التي يبدأ وجودها من وجود إشارة عن إطار زمني خارجةتلخيصية تأتي في مثل هذه القصة

–سبق – الكتابات الكاملة : يحيى الطاهر عبد اهللا )٤٧( .٧٥ ص

غير إن . ونولوجية بصورة تامة منذ بدايتها محيث الفقرة قوم بها التلخيص اإلشاري في القصة تظهر يالوظيفة التي

ليل لدى يحيى الطاهر عبد اهللا بصورة أخرى في قصة : إذا الحظنا تلك الجملة التي يقول فيها السارد الشتاء

كانت تقضي كل . الماضيةلم تفعلها طيلة الخمس سنوات " حيث تصبح اإلشارة إلى هذه . )٤٨(" النهاريحوائجها ف

السنوات الخمس إشارة إلى رحلة األم مع مرض الروماتيزم ، و كيف أنها تتحرك أثناء سطوع الشمس ، و إذا ما غابت الشمس جلست على سريرها تلف قدميها بنصف الغطاء ، و

بثبات الحال لمدة موحيابحيث يصبح هذا االمتداد من الزمنأثناءها لم خمس سنوات ، قبلها كانت تتحرك بحرية ، و

يحدث أن جابهت المرض ، بل هي فترة من االستسالم ، لهذا التغير الطارئ معالجة– منذ بدايتها –لتكون القصة

.اقتربت من سرير ابنها تحاملت و قامت و" عليها حين هو الحدث الذي ، و)٤٩(" ه قبلت أزاحت عن رأسه الغطاء و

لم تفعله األم لخمس سنوات خلت ، لتصبح اإلشارة إلى هذه

(٤٨) .٤٧السابق ـ ص : يحي الطاهر عبد اهللا

– السابق : يحيى الطاهر عبد اهللا )٤٩( .٤٧ ص

ذات داللة – كذلك –لتكون ا بين متغيرين ، والسنوات رابط واضحة على عمق التغير الناتج عن طول المرض ، و

.معاناتها معه هو األمر الذي يمـنح اإلشـارة التلخيصـية أهميـة وتحوالت الحـدث علـى فجوات الزمن ، و في بناء واضحة

مكان بال : هو ما يتكرر في قصة مدار النص القصصي ، و .إن بصورة مختلفة ألحمد البحيري ، ومالمح

تتكون قصة مكان بال مالمح من مشهدين يفصل بينهما تنبني مفارقة القصة على التشابه الشديد مدة من الزمن ، و

: ارة زمنية تقول بين المشهدين ، فهي تبدأ بإشكانت عاصفة ترابية على القاهرة فعرفت أن الربيع قد أقبل " د السار– فيه البطل يقت هي فاتحة هذا المشهد الذي يل)٥٠("

بدون أي تفاصيل بأحد أصدقائه على محطة األتوبيس ، وعن المكان الذي أتى منه أو سيذهب إليه ، ثم عند اشتداد

تنتظر هي األخرى ، كان قد التقى يفة نحالعاصفة يقابل فتاةغير إن إشارات صديق البطل إلى . بها من قبل في مكان ما

مكان بال مالمح : أحمد البحيري )٥٠( – سبق – جاليري – .٣٧ ص

أنه مكان غريب ، تتشابه طبيعة المكان الذي أتى منه وبصورة ما مع إشارات الفتاة إلى أنها ذاهبة إلى مكان محدود

هكذا في عالقة يحكمها التضاد مغلق ، محكم اإلغالق ، و و .أو األماكن ، ية واضحة لألشخاص بال هوتقوم اإلشارة التلخيصية في القصة بدورها عند انتهاء و

و، بعد أيام ال أذكر عـددها و: " هذا المشهد فيقول السارد لكني متأكد أنها لم تزد عن أسبوع كانت عاصفة ترابية تهب

ليبدأ بعد . )٥١(" على القاهرة فعرفت أننا ما زلنا في الربيع ذه العبارة مباشرة مشهد آخر على درجة عالية من التشابه ه

ا إلى لكن هذه المرة يكون الصديق ذاهب مع المشهد األول ، و مـن تكون الفتاة آتية مكان يشبه ذلك الذي وصفته الفتاة ، و

ا بال مالمح مميزة مكان غريب جد. هكذا فإن التحول الذي طرأ على مواقف الشخصيات و

الدال في الوقـت ) بعد أسبوع ( ا لذلك التلخيص يأتي تابع ، ذاته على مرور فترة من الزمن لم يتطـرق لهـا السـرد ،

بذلك فإن دور التلخيص لم يقتصر على مجرد تسريع إيقاع و

السابق : أحمد البحيري )٥١( – .٣٨ ص

النص السردي ، بل يزيد على ذلك إشارته إلى تحول مواقف الشخصيات ، ذلك التحول الذي يجعل من هذه اإلشارة نقطة

ـ صليةمف هـو مـا ا ، و لها موقع مهم في خط السرد عموم للدسـوقي فهمـي ، الجلباب األبيض يتضح كذلك في قصة

الدور ذاته فـي " مرت لحظات تفكير و" حيث تؤدي جملة إيجاد نقطة التحول الفارقة على مستوى الحـدث ، بعـد أن

فكر أحد المدعوين على الحفل فـي أن ذهبت الراقصة ، و المدعوات لتقوم بدورها ، حيث هذه اللحظـات يدعو إحدى

بذلك تعد اإلشـارة إلـى و، )٥٢(. هي الرابط بين الحدثين ا ، ت حذف ي جين هإن عد ا من التلخيص ، و مرور الزمن ، نوع

إن أدت إلى اإلحساس بتسريع هي و في القصة القصيرة ، و ، النص عبر تكثيف شديد للمعلومات ، فإن دورها في النص

لتحكم في اتجاه خط السرد يبدو كذلك على درجة كبيـرة ا ومن العضوية والفعالية من حيث داللتها في اإلشـارة علـى

–هو الدور الذي يتشابه الشخصيات ، و تحوالت المواقف و

– فبرايـر – ٦٨جاليري : الجلباب األبيض : الدسوقي فهمي )٥٢(

١٩٦٩ – .٣١ ص

ا أكبر في مع التلخيص الذي يتخذ حيز –إن بدرجة مختلفة و " .التلخيص الطويل " هو ما سنطلق عليه القصة ، و

: التلخيص الطويل ) ٢نعني بالتخليص الطويل تلك الفقـرات الطويلـة و

لتي يتم فيها اإلشارة ، ا التي تزيد عن عدد من الجمل ، ا نسبي ا في حيـز زمنـي إلى مجموعة من األحداث المتعاقبة سببي

هذا طويل ، بصورة ال يمكن الحكم معها بمشهدية الفقرة ، و من درجات تسريع النص تقل النوع من التلخيص يعد درجة

فـي " حيـث إنـه ؛ فيها السرعة عن التلخيص اإلشـاري التلخيص تكون السرعة عبر التكثيف أو الضـغط النصـي لفترة قصة ما داخل تعبير قصير من مقوماتها األساسية على

تتنوع درجة التكثيـف نبطبيعة الحال يمكن أ نحو نسبي ، و " ات متعددة للتسـريع بذلك درج من تلخيص إلى آخر منتجة

من هذه الدرجات المتعددة تنـتج حيويـة الـنص ، و )٥٣(

التخييل القصصي والشعرية المعاصرة : عان كن شلوميت ريمون )٥٣(

– – الدار البيضاء – دار الثقافة للنشر والتوزيع – ةلحسن أحمام : ت .٨٣ ص-١٩٩٥-١ط

السردي ، غير إنه من المهم أن نلمح إلى أن هذا التعدد يقل –يزيد إلى حد كبير في القصة القصيرة عنه في الرواية ، و

.في القصة القصيرة كلما زاد طول النص ممـا –ن إذ–إن أهمية هذا النوع من التلخيص تنـتج

يمنحه للنص من سرعة كبيرة ، هي درجة أقل من الحـذف ومن التلخيص اإلشاري ، غير إنها السرعة التي توحي بقلة

.بضرورة ذكرها في الوقت ذاته أهمية األحداث المعالجة ، ويمكن أن نلمح أمثلة من التلخيص الطويل في قصص و

لم يكـن و ليحيى الطاهر عبد اهللا ، ليل الشتاء : قصير مثل في جـوار رجـل ضـرير و، لخالد جويلي ثمة داع لذلك

إلبراهيم عبد .. تقارير شاملة ونهائية إلبراهيم أصالن ، و .العاطي ، على سبيل التمثيل

التلخيص اإلشاري يعتمـدان فـي إذا كان الحذف و و من األحداث وجودهما على تخطي فقرات يراها السارد خالية

دفه السردي ، فإن التلخيص ، أو مـا المهمة على مستوى ه أسميناه هنا بالتلخيص الطويل ، يعالج فترات محورية غيـر إنها ال تحوي سوى قدر ضئيل من األحداث المهمة بالنسـبة

عنـدما " ا على الرأي القائل بأننا ذلك اعتماد للهدف ذاته ، و

ديمه ا لتق ا أو ورق ا للمألوف فإننا لن نألو جهد ا خارق نواجه حدث عندما تخلو سنوات متتالية ممـا يسـتحق لقرائنا ، و كامال

نغفلهـا عـن تاريخنـا ، و عنايتنا فلن نتردد في تخطيها و ؛حيث إن أهميـة )٥٤(" ا لتقديم األحداث الجسام نمضي قدم

الحدث تصبح هي المسوغ األساسي لـذكره بالتفصـيل ، و سوى الـربط بذلك فإن هذه الرؤية ال ترى في التكثيف دورا

بين الفقرات التي تكـون سـرعة الـنص فيهـا بطيئـة ، كانت " و هي رؤية تواترت في الشكل التقليدي للسرد ، فقد

قيمة التلخيص ـ حتى نهاية القرن التاسع عشر تعمل بتناوب مع المشهد على الربط بين المقاطع السردية ، إال أن الرواية

ها المقاطع التلخيصـية الحديثة ستغير من هذه المعادلة بجعل ـ من حيث إنها تشكل جزء )٥٥(" ذات هيمنة سردية ا ا مهم

تنبع أهميته مـن – كذلك –من بنية النص السردي القصير كون هذه اآللية تعالج فترات التحول ، أو الديمومة الطويلة ،

ا ، كما أنه في القصة القصيرة ، و بصورة مكثفة جد ا نظـر

.٥٦بناء الرواية ـ سبق ـ ص: قاسم سيزا / د )٥٤(

٢٤٥شعرية الرواية الفانتاستيكية ـ سبق ـ ص : شعيب حيفي (٥٥).

فإن فقرات التلخيص الطويل ستقترب لضيق مساحتها النصية من ناحية أخرى فـإن و، من سرعة المشهد – بدرجة ما –

بحيـث ؛ ا بالشخصـية د ارتباط شمثل هذه الفقرات ستكون أ تؤدي مقاطع التلخيص دور ا عضوي ا في إطار إنارة ا واضح

هـي أجزاء أو مناطق غامضة فـي هـذه الشخصـية ، و ها أمثلة من القصص المشار الجوانب التي يمكن أن نضرب ل

.ا إليها سلف ليحيى الطـاهر عبـد اهللا تـؤدي ليل الشتاء ففي قصة

الفقرات داخل األقواس دور صوت السارد الموازي لـوعي الشخصية حين تسترجع ماضيها البعيد فـي إشـاراتها إلـى فترات من حياتها ، هذا الدور الذي تبدو عن طريقـة حيـاة

كان زوجها يسافر : " فقرات مثل الشخصية موجزة في عدة .. اثنين –سافر مرة .. يأتي في نفس اليوم ، منذ زواجها و

حيث . )٥٥(" ا على الكثير لكنه كان يأتي في نفس اليوم ثالثؤدي موازاة وعي الشخصية إلى معرفـة إشـارات عـن تس

على مدى فترة ماضيها تتجلى في أحداث قد تم حدوثها فعال

– سبق : يحيى الطاهر عبد اهللا )٥٥( .٥٠ ص

هي أحداث تبدو على درجة من األهمية إذا و زمنية طويلة ، تضايفت مع باقي مشاهد وفقرات القصة ، وهو مـا يمكـن

في جوار رجـل ضـرير : في قصة مثل – كذلك –رؤيته .إلبراهيم أصالن

في حيـز زمنـي ال جوار رجل ضرير تدور قصة في الفجـوات يتعدى بضعة أيام ، بصورة عمل فيها الحذف ، و

واضحة عن طريق تقسيم القصة إلى فقرات السردية بصورة لكن هذه اآللية لم تكـن –ا كما أشرنا سلف –معنونة بأرقام

تكثيف معلومات السرد ، حيث اسـتخدم بوحدها هي القائمة زمنـي واسـع يشير بها إلى مدى – جمل –السارد فقرات

قد كانت هذه الفقرات فـي موضـعها بإشارات موجزة ، و ، ففي الفقرة التي ينتقل فيها البطل مـن محور تحول واضح

اإلقامة في بيت أبيه إلى اإلقامة في جوار الرجل الضـرير ، اخـوتي أبي و جلست مع أمي و " : تبدأ الفقرة بهذه الجملة

أكثر من مرة ، حضـر بعـض األصـدقاء تكلمنا طويال واشتركنا في نقاش دخنا اللفائف و شربنا الشاي و لزيارتي و

" بعض المسائل المختلفة األخـرى حول االحتالل و حقيقي

، حيث تأتي هذه الفقرة في موازاة اللحظة التـي قـرر )٥٦( من ا على شكل حياته السابق ، و فيها البطل االنتقال ، تمرد

ناحية أخرى تأتي سرعة هذه الفقرة على وتيرة خاصة مـن لنسـبية السرعة ا حيث البطء النسبي بالنسبة للفجوة قبلها ، و

.تفاصيله بعدها بالنسبة للمشهد وهي السرعة التي يمكن لنا أن نلمحها في عدة ألفـاظ واشتركنا في نقاش " و ، " أكثر من مرة تكلمنا طويال : " مثل

هي األلفاظ التي توحي بتغطيـة ، و " حقيقي حول االحتالل تتراوح بـين لمساء كامل ، تغطية – على قصرها –الفقرة هو ما يشكل بنية المرور السريع ، و صيل غير الدقيق و التف

.زمنية ذات إيقاع خاص تقارير يمكن لنا أن نلمح مثل هذا االستعمال في قصة و

إلبراهيم عبـد العـاطي ، حيـث يـؤدي نهائية شاملة و التلخيص دوره الحيوي في التعريف بتـاريخ الشخصـية ،

ن سـارد مشـاهد عند ظهوره على لسا مكوناتها ، خاصة وعرفته طوال صداقتنا يجلس في مقهانـا " : يقول عن البطل

بحيرة المساء : إبراهيم أصالن )٥٦( – سبق – .٨٥ ص

لكنــك تشــعر أنــه فــي تفكيــر ال يتحــرك و الــدائم ويمـوت ستنفذ كل طاقته الحيوية و يمستمر ، حتى خشيت أن

كان بالنظر إلى ما يفكر فيه طوال هذا على مقعده هناك ، و الوقت خبير ادة للسـأم ا في اختراع اللعب المض ا متخصص ..

يصرح أنه هـذه المـرة و في كل مرة جديدة يأتي متهلال ويمكن أن نلمح في مثل هـذه و . )٥٧(" أدرك اللعبة الناجعة

، حيـث " طوال صداقتنا " الفقرة تغطيتها لمدى زمني واسع ا ، تدل كلمة طوال على عدد من السنين ربما يكـون كبيـر

صة إن حالة الثبـات و ال ينص عليه في باقي النص ، خا و .تكرار األحداث توحي بتغطية هذا المدى الزمني

من هنا يمكن أن نرى أن التلخيص الطويل يقوم بدور وإيقاعي على جانب كبير من األهمية في القصـة القصـيرة ليكمل بذلك منظومة إيقاعات النص المتراوحة بين الحذف و

إبطـاء اقـت و التلخيص الطويل ثم التو التلخيص اإلشاري و أنه قد يتجاور مع أي منها ، ليؤدي مهمته سرعة النص ، و

فـي في تغطية مساحات زمنية بقدر قليل من األلفـاظ ، و

تقارير شاملة ونهائية : إبراهيم عبد العاطي )٥٧( … – ٦٨ جاليري – ١٩٦٩أبريل .١١ ص

أو اإلشـارة ، تكثيف المعلومات السردية الواردة في النص .التعريف بتاريخها إلى إحدى الشخصيات و

:التلخيص التكراري ) ٣ آخـر مـن شكال من ناحية أخرى يمكن أن نالحظ

أشكال التلخيص يؤدي دور ا إيقاعي قد تتجاور فيه ا ، و ا كبيرهو التلخـيص إحدى السمات السابقة مع سمته األساسية ، و

لكنه فـي كـل ا أو طويال التكراري الذي قد يكون إشاري ، الحاالت يشير إلى تكرار الحدث نفسه عدة مرات في مـدى

التلخيص هو ما أشـار إليـه هذا الشكل من زمني كبير ، و بـل ( واحدة مرة ويير" ت في حديثه عن التواتر بأنه يجني . )٥٨( ) "ق ن / ١ح(ما وقع مرات النهائية ) واحدةدفعة

ولهذا النوع سمة تكثيفية عالية مـن حيـث اختصـاره فظ يعبر عن عدد كبير من األحـداث المتشـابهة ، لالشديد ل

بذلك فإن سرعة زمني واسع ، و المتكررة الوقوع في مدى أو ، النص قد تقترب في هذا الشكل من سرعته في الحـذف

.التلخيص اإلشاري

خطاب الحكاية : نيت ي جيرار ج)٥٨( – سبق – .١٣١ ص

يكثر استخدام هذا النوع من التلخيص فـي القصـة والقصيرة بهدف استيعاب فترات زمنية طويلة فـي مسـاحة

ا بالغ األهمية في المنـاطق نصية ضيقة ، كما أنه يؤدي دور أو مواقفها لفترة قبل ، فيها السارد حالة شخصياته ت التي يثب

الدكان: هو ما يمكن أن نمثل عليه بقصص مثل تحولها ، و ــدوي ، ــود الب ــة ولمحم ــعد ، الحديق ــرؤوف مس ل

تقـارير شـاملة لخالد جويلي ، و لم يكن ثمة داع لـذلك و .عبد العاطي إلبراهيمونهائية

يعقوبيان عامل ف السارد شخصية يعرالدكان ففي قصة هو األرمني الوحيد الذي يعمل في " ا إنه دكان األحذية مؤكديعمل فيه منذ أن وجد المحل في هـذا و، قسم مسح األحذية

، المكان ، يعمل أكثر من خمس وأربعين سنة في دكان واحد هو يحني رأسه على األحذية من بكرة الصباح دون كلـل و

يسهم مثل هـذا التلخـيص حيث ؛ )٥٩(" أو إحساس بالتعب المشير إلى التكرار في إحداث تخيل لفترة بالغة الطول مـن

، ) بال كلل أو تعب ( الزمن يتكرر فيه الحدث نفسه كل يوم

الدكان : محمود البدوي )٥٩( عدد خاص القصـة – مجلة الهالل ––القصيرة – ١٩٦٩ أغسطس ٣٠ ص

بمـا بما يسهم في رسم تلك الصورة الدقيقة للشخصـية ، و يكون مقدمة إلى تصرفها حين يغلق الدكان أبوابه بال رجعة

حسـب –ذهاب إلى مكانه كل يـوم ، فيكون رد فعله هو ال ظل يعقوبيان يأتي إلى الدكان المغلق كل " –عادته األصلية

صباح كأنه غير مصدق لما حدث ثم يدور فـي الشـوارع )٦٠(" ا مرسوماا خطمتخذ

إن التلخيص التكراري يتميز باحتوائه على عدة أحداث قد و ، -نيت ي حسبما أشار ج –مشار إليها كلها دفعة واحدة

تتجلى أهمية هذه األحداث في تكرارها ذاته ، ذلك التكـرار على قيمة يود السـارد اإلشـارة - بصورة ما –الذي يؤكد

التبئير على مثل األحداث ، بهو األمر الذي يوحي إليها ، و لكنه تبئير من نوع خاص ال يعمد إلى التفصيل قدر ما يعمد

ث ربما تكون متسـمة ا على أحدا إلى اإليحاء بالمرور سريع .بالروتينية

ومن ناحية أخرى قد يكون التلخيص التكراري حـامال لقيمة سالبة ، بمعنى إنه قد يعمد إلى نفي وقوع حدث طـوال

– السابق – محمود البدوي )٦٠( ٣١ ص

ا من أثر قريب – في هذه الصورة –فترة معينة ، ليكون أثره الفجوة الفاصلة بين حدثين يفصل بينهما زمن لم يحدث فيـه

لرؤوف مسعد حين الحديقةمثلما في قصة ذلك حدث ما ، و لم تطأ . الشارع هذا ا لم أجتز فيها ثمانية عشر عام : " يقول

٦١(" ا قدمي هذه األرض منذ ثمانية عشر عام(. من آليات تسريع ايبدو التلخيص التكراري إذن واحد

إذا كان النص مع شدة تكثيف المعلومات التي ترد فيه ، وا ال تحتملها القصة القصيرة نظر روائيةيةالتكرار ذاته آل

لضيق مساحتها ، فإن هذا الشكل من التكرار يعد آلية بامتياز حين النظر إلى مساهمته في صنع نسق قصصية

ا ، صاف من التعبير السردي تجنح إليه القصة القصيرة دائمتميز به تعاملها مع زمنها ، بصورة تمنحها مميزاتها يو

.النوعية

الحديقة : رؤوف مسعد )٦١( – – ٦٨ جاليري ص – ١٩٦٩ فبرايـر

١١

اخلامتة

ت السابقة أن تؤسس لنظرة حاولت الدراسة في الصفحاا على خصوصية هذا ، اعتماد نقدية خاصة بالقصة القصيرة

ا من التداخل وانطالق، األحدث –الفن السردي الحديث ومعالجة ، الشديد في النظرية النقدية بين معالجة الرواية

جعل للبعض نظرة القصة القصيرة، وهو ذاته التداخل الذي يا لرواية للقصة القصيرة بوصفها تلخيص.

قد اعتمدت الدراسة في هذا الصدد على واحد من أهم وهو الزمن ، لكي تقف مرتكزات النص السردي عموما ، و

باقي األنواع على الفروق النوعية بين القصة القصيرة وت بناء ا من رؤية تميزها في تعاملها مع آلياالسردية ، انطالق

.زمنها

من هذا المنطلق يعالج المبحث النظري مفهوم الزمن ، الواقعي ، الذي يتبدل –على أساس أن له مظهره الطبيعي

أن هذا التبدل ينتج بالضرورة حال معالجته في السرد ، وعن أن الزمن في السرد هو واحد من أشكال الوعي بالزمن

ن الذي يعالجه ، ، ذلك الوعي الذي يسبغ سماته على الزم هو وعي منتج – في أحد صوره –ليصبح الزمن السردي

.السرد أو وعي متلقيه

ا على وسم السرد بأنه فن زمني في المقام اعتماد و األول ، فقد عالجت الدراسة الفرق بين الوجود الواقعي و

في ذلك على مقوالت نظرية التمثل السردي للزمن ، معتمدة على عالقة الزمن السردي بما عداه من مرتكزة السرد ، وكان أهم ما وقفت مكونات النص السردي ، و آليات ، و

أن الفارق األهم بين الزمن : عليه الدراسة في هذا الصدد الزمن بوصفه آلية سردية يتجلى في بوصفه موجودا ، و

ا في التدفق ال يمكن مستمرا سياالكون الزمن الطبيعي زمنإنما يمكن الوعي به على نحو تقطيعي ، تقطيعه ، وإيقافه و

آلية في يد في حين أن الزمن السردي هو زمن فني ، ويحورها لكي تتواءم مع هدفه االستراتيجي السارد يحولها وأن هذا التحويل يمنح الزمن في السرد إمكانية في نصه ، و

واالرتداد إلى الوراء ، االلتواء على نفسه ، و التوقف وأن هذه السمات قد أسهم في وجودها السبق إلى المستقبل ، و

بين خطية المظهر اللغوي – كذلك –التعارض الواضح للنص السردي في مقابل التداخل الزمني الواضح بين خطوط

مشروعية استخدام – كذلك –هو ما منح السارد األحداث ، ون آليات من شأنها صنع معارضة واضحة بين سمات الزم

ا سماته في النص السردي ، كالتعبير المتتابع نصي الطبيعي وعن أحداث متزامنة ، ال يمكن إيرادها في النص إال على

هو األمر الذي أسهم بنصيب وافر في إيجاد نحو تعاقبي ، وإحساس واضح بتعقدات البنى الزمنية للسرد ، ذلك التعقد

السردي ، ي والناتج عن هذا التعارض الواضح بين التاريخا األمر الذي يبلغ مداه في السرد المكتوب ، بوصفه تطور

ا للسرد الشفاهي طبيعي.

وهو األمر الذي أظهر أهمية الرؤية الزمنية في السرد على اعتبار أنها أحد المحركات األساسية لوجود بنية فنية

.تؤثر في جوانب السرد كافة سردية ، حيث تتأثر بها ، و

األساس تمت قراءة نماذج من القصة على هذا والقصيرة المصرية في الستينيات بهدف الوقوف على الطرق

كيفية التي تعالج بها القصة القصيرة بناءها الزمني ، واختالف هذا االستخدام عن و استخدامها آلليات سردية ،

من ثم الوقوف على تميز القصة باقي فنون السرد ، وفنون السردية األخرى ، وا عن الالقصيرة نوعي ا ذلك اعتماد

ا من على النظر للرواية بوصفها الفن السردي األكثر ثبات .وجهة النظر النقدية

ا أن التمييز النوعي من هذا المنطلق يبدو واضح و على جانب – في صورته األولية –للقصة القصيرة قد ارتكز المصطلح ا على القصر ، اعتماد فيزيقي هو جانب الطول و

إن نظرت إشارته إلى هذا المعيار ، غير إن الدراسة ، و وبعين االهتمام إلى هذا الجانب فإنها لم توله األهمية الكبرى

إذا كان " آليات، حيث إنه إال بقدر ما ينتج عنه من سمات ومقياس الطول أو عدد الكلمات هو أسهل المعايير للتمييز بين

. )١(" فهو أيضا أقلها صالحية الرواية القصة القصيرة وتتداخل فيه الحدود بصورة اس غير ثابت ، ويذلك ألنه مق

–ا أحيان–واضحة قد تصل إلى حد ال يمكن فيه تحديد النوع .بشكل قاطع

على هذا األساس استطاعت الدراسة وضع معيار و على هامش –ا غير نهائي بوصفه معيار–الطول والقصر بوصفه و النوعية بين القصة والرواية ، خريطة الفروق

منتجهو ما ا بين األجناس السردية ، وا لفروق أكثر تمييزأدى إلى مالحظة عدة فروق عامة أخرى تتعلق بما يوجد

– سبق – القصيرة في مصر القصة: شكري عياد / د )١( .٣١ ص

ا على مقولة لوسيان جولدمان خارج القصة القصيرة اعتمادإحدى المعايير األساسية لقيمة النتاج هي مقدار تمثيلها " أن على مستوى ية متناسقة للعالم على مستوى المفهوم ولرؤ

هو األمر ، و)٢(" الصورة اللفظية أو الصورة الحسية ا بين القصة القصيرة والرواية ، حيث الذي يبدو واضح

،تتجلى الخطوط الفاصلة واضحة ، حسبما أشارت الدراسة في االعتبار ، وشا على ما وضعه جورج لوكاتاعتماد و

، شكري عياد من شعرية القصة القصيرة/ ليه د أكد ع: هو الفارق الذي انتج مقوالت مثل وملحمية الرواية ، و

القصة القصيرة و، الرواية تعبير عن بورجوازية صاعدة ر عن بورجوازية مأزومة ، في ربط واضح بين فترات يتعب

لعله كذلك ازدهار كال النوعين بالتطورات االجتماعية ، وا من أهم أسباب ازدهار القصة القصيرة في فترة واحديوضح

.الستينيات ، ال سيما ثلثها األخير

يتوازى مع ذلك ، هذا التأكيد الواضح على ذاتية وا على ما تحمله من طاقات القصة القصيرة ، اعتماد

– سبق – جولدمان وآخرون )٢( ٤٩ ص

ا على ما رومانسية ، في مقابل تاريخانية الرواية اعتمادوجهات النظر ، هو التعدد وتشحن به من تعدد في الرؤىالذي يجعل من الرواية نوعا على حشد التفاصيل وا قائم

ا إلحساس األحداث ، حيث تعد الرواية نتاج الشخصيات وإن كانت رواية عصرية ، تاريخي بالزمان والمكان حتى و

ا في المجتمع ، على العكس من ا صغيرإن صورت قطاع وا من ا صغيرب بالتقاطها جان–ر تعب" القصة القصيرة التي

ا ا خاص عن اهتمام كاتبها اهتمام–جوانب الحياة االجتماعية عن شعوره بأن هذا الجانب : إن شئت قلت بهذا الجانب ، و

هذا التعبير ، و)٣(" الخاص ا عن موقفه النفسي يعد تعبيرا هو ما يضاف إلى سمة القصة ليمنح القصة القصيرة نسق

إحكام الشكل ، ا يمتاز بالتكثيف العضوي الشديد ، وتعبيري تميز الشكل الفني بالطريقة التي تجعل من هذا اإلحكام سمة

للقصة القصيرة في مقابل النظرة المتسعة في الرواية حين القدر البشري سيرة حياة أما المجتمع ا والبطل فرد" يصبح

ء تصبح مجرد فيتحول إلى خلفية سوسيولوجية كما أن األشيا

القصة القصيرة في مصر : شكري عياد / د )٣( – سبق – ، ١٤٩ ص

١٥٠

، )٤(" فتفقد بذلك عالقتها المباشرة بالحياة اإلنسانية -إطارا ا متمتعهي األمور التي تجعل من كاتب الرواية كاتب و

بسمات الباحث االجتماعي أو المؤرخ أو عالم النفس ، على العكس من القصة القصيرة التي يتمتع كاتبها بسمات الشاعر

فرديته الشديدة ، وة اإلحساس وق الذي تحركه قوة الشعر وتعبيره المكثف عن هذه نظرته للحياة من زاوية خاصة ، و و

إن نبعت من رؤية للجانب ا وهو هذه السمات جميع .الرؤية المضموني المتأثر بالمساحة النصية ، فإنها قد أسهمت في

.منح كل من النوعين سماته التقنية

االسترجاعي الذي خلصت الدراسة إلى أهمية األساس ا ، على اعتبار أن وقوع القصة ينبني عله السرد عموم /

أن أي سابق على عملية الممارسة الحكائية ، و/ أحداثها هو بتنظيم ألحداث يسترجعها ، و– في الحقيقة –سارد يقوم

بالدراسة إلى استنتاج أن لالسترجاع أهميته القصوى اما حد .يوي في السرد على المستوى الرؤ

– سبق – لوسيان جولدمان وآخرون )٤( ١٠٤ ، ١٠٣ ص

إلى االسترجاع – كذلك –غير إن الدراسة قد نظرت بوصفه آلية فنية يتم استخدامها في السرد لحل مشكلة

كذا خطية اللغة ، و التعارض بين تزامنيه األحداث وللحصول على خطاب سردي يقوم على تنظيم الحوافز

أهدافه االستراتيجية والفنية ، ا لرؤية السارد والسردية تبع يمنح هذا السارد إمكانات تعبيرية وفنية تزيد من تشوق بما

من إحساسه بأهمية مناطق المتلقي لمتابعة خط السرد ، وا لتقديم معينة من القصة في مقابل مناطق أخرى ، تبع

.وتأخير األحداث على خط السرد

غير إنه من المهم أن نلمح إلى أن الدراسة قد وقفت امل القصة القصيرة مع بنيتها على الفروق النوعية في تع

منها ا لمعاملتها الخاصة لالسترجاع والزمنية ، تبع:

أن بداية الحدث في القصة القصيرة شديدة القرب من •ا لذلك فإن نمط االسترجاع الخارجي نهايته ، وتبع /

ا في ا غالبالعودة إلى ما قبل بداية الحدث يكون نمطواية التي يغلب عليها االستخدام القصصي ، عنه في الر

. االسترجاع الداخلي

أن وظيفة االسترجاع الخارجي في الرواية تقتصر على •إيضاح ماضي شخصية غابت لفترة ثم عاودت الظهور ، أو شخصية تظهر ألول مرة في الحكاية ، في حين إن

ا في القصة القصيرة تجعل من هذا البنية األشد تكثيف السارد يقوم عن طريقها بإنارة النوع وسيلة انتقاء في يد

بنائها على أساس من ماضيها ، بصورة مكثفة الحكاية و.

وسيلة مهمة أن االسترجاع الداخلي في القصة القصيرة •إعادة تكوين إلبراز استراتيجياته السردية ، و للسارد و

تقديم األحداث و الهيكل البنائي للنص السردي ، و –ثارة المتلقي ، كما أنه ستإخفاء بعضها ال تأخيرها ، و

وسيلة مهمة للتغلب على التعارض بين –في الوقت نفسه .توازي الخطوط الزمنية خطية النص السردي و

أن االسترجاع الداخلي أساس يقوم عليه المونتاج السردي • على تحمل العديد في القصة القصيرة ، بما يجعلها قادرة

على إبراز العديد ى ، والرؤ التأويالت ، و من األبعاد و . األصوات دتعد من وجهات النظر القصصية ، و

االسترجاع التكراري أكثر أن االسترجاع المفرد و •من االسترجاع المتكرر ، و ا في القصة القصيرةظهور

صفاء الكثافة و ذلك بما يتماشى مع سمات التركيز و ٠التخلص من الحشو النسق السردي ، وو كذلك، ما يتحكم من تعامل القصة وهذا المنطق، ه

ا، حيث يظهر الترتيب القصيرة مع آليات الترتيب عمومالزمني الخطى التصاعدي لألحداث في القصة القصيرة

، أو ضيق مجال تعدده ـ على األقل ا بوحدة المكانمرتبطا على جانب كبير من ـ بحيث تبدو وحدة المكان عنصر

برؤية ذاتية للشخصية، حيث إذا ارتبطت، خاصة األهميةيصبح لنمط ظهور السارد دوره المهم في إسباغ سمة

هو األمر الذي ، و التصاعد على خط السرد في القصةغير ا مع باقي فنون السردتتشابه فيه القصة القصيرة نسبي ،

أن ما يهمنا على صعيد التمييز النوعي للقصة القصيرة ـ لى مستوى الرؤية وهو مدى تمثل الحاضر السردي ع

السمة التي تميزت بها القصة القصيرة في يه التعبير، والستينيات، حيث الرؤية التي تحاول أن تصنع قطيعة

تعيش في الوقت ذاته الحاضر كما ، و أيدلوجية مع الماضي

الرؤية التي تساير يه ، و تنظر بشك إلى المستقبل ، و هو أو ثلثه األخير ، لعقدأزمة الطبقة البورجوازية في هذا ا

هو ما يظهرـ كذلك ـ على مستوى اآلليات ، و على األقل، يرصد خط أحداث القصة كما السردية بوجود سارد محايد

هو ما ، دون تدخل واضح في إعادة ترتيب األحداث، و يقعأنتج ترتيبا لألحداث، كما أنتج شكالا متصاعدا حضوري

، قوع الحدث في لحظة سرده وي، يبدو كأنه يواز للسردللتعبير عن وجود يتسم بالقهر للفرد داخل جماعته التي

ا له حضوره ا ضاغطيبدو القهر عنصرل، تمارس القهر، كما يبدو الرصد التسجيلي الطاغي في القصة القصيرة

بشدة على ا داال، دون وصف أو انطباع عنصر لألحداث ٠هذا الحياد الذي يتسم به السارد

إن للحاضر ـ إذن ـ دوره المهم الذي يحاول السارد بذلك فقد انقسمت عن طريقه أن يوازي وعى شخصياته، و

، إلى القصص القصيرة المعالجة للزمن الحاضر السرديالتنقل خالل هذا ، و قصص تقوم بكاملها على الحاضر

؛وعيها عبر تتابع تصاعدي الحاضر مع الشخصيات، وتفاصيلها ، و اضرة إلى عناصرها األولييفتت اللحظة الح

جدلية بين ةقصص تقوم على وجود عالق و. الصغيرةالحاضر بما يمثله الماضي من دواخل الماضي و

من خالل هذه يمثله الحاضر من ظاهرها، و الشخصيات ، وحركتها العالقة تبدو األزمة المكونة لهذه الشخصية و

قصة القصيرة مع األحداث ومن هنا سيبدو تعامل ال. واضحة إذا لمحنا ، خاصة االمتراتبة بمثابة العنصر المميز نوعي

مثال في آلية االستباق الذي ت مع المستقبل م- كذا–تعاملها أي خارج النطاق الزمني ألحداث –ا يندر أن يكون خارجي

ا ما يظهر في صيغة حوار بين الذي غالب ، و القصة من أهمية –ا ما نوع–الذي يقلل ، وهو األمر الشخصيات

افي القصة القصيرة خصوص ، و ااق في السرد عمومباالستللتعامل المتشكك االستيني منها على وجه التحديد ، نظر ، و

مع المستقبل الذي صاغته الطبيعة السياسية واالجتماعية .للمرحلة

قد خلصت الدراسة إلى وجود تعامل خاص للقصة وع الترتيب الزمني لألحداث أدى إلى وجود رؤية القصيرة م

ا من هذه اآلليات لآلليات الزمنية ، رؤية مميزة أفرزت أنواعا تنطلق تختلف عن مثيالتها في باقي الفنون السردية ، أنواع

النصي ، المؤدية لسمات الكثافة من سمات التحديد الزمني و .العضوية و

في إنتاج إجراءات هو األمر الذي يمكنه المساهمة و –إن نبعت من إجراءات التحليل السردي ، فهي نقدية ، و

تميز القصة القصيرة بوصفها تخص و–في الوقت ذاته نوعا على درجة كبيرة من االستقالل ا سردي.

اآلليات المعلقة بسرعة –قد ناقشت الدراسة كذلك و زمنية في إيجاد بنية فعاالالنص السردي ، بوصفها عنصرا

ها نوع كتابي أن خاصة بالقصة القصيرة ، على اعتبارا على ارتكازها على من أنواع السرد اعتماد– بامتياز –

تقترب عن طريقه من دائرة التعبير نسق لغوي تتميز به ، ودواخلها بما يؤدي إلى إيجاد االرتباط بالذات و الشعري ، و

الشخصية إيقاع خاص في كل نص قصصي ، مرتبط برؤيةا عند النظر إلى آليات إبطاء النص هو ما يبدو واضح و

.تسريعه في القصة القصيرة السردي و

قد خلصت الدارسة إلى أهمية الوصف ، باعتباره آلية وا عن الشخصية ، زمني من ناحية ، وبوصفه تعبيرإبطاء

إلى عليها ، عندما يتجه الوصف إلى المكان وا داالومظهر

ه تعامل القصة وباقي الفنون السردية مع الوصف تشابالمكاني في افتتاحيات النصوص ، على اعتبار أن هذا النمط

ا ، يتخذ الشكل البانورامي لوصف مسرح األحداث عمومهو ما دعا إلى خاصة إذا ورد على لسان السارد العليم ، و

ا بأنه وصف تزييني ، يقل ارتباطه نعت هذا النوع عموما بباقي عناصر النص ، غير إنه عضوي

يعد نقطة – من ناحية التعامل الزمني في كال النوعين –انطالق ثابتة للنص ، يبدأ بعدها النص في حركته من خالل

.ورود األحداث

إضافة إلى ذلك فقد اتخذت فقرات وصف المكان على ولسان السارد الشخصية أهمية عضوية بالغة في القصة

اصة إذا الحظنا تميزها النسبي عن باقي فنون القصيرة ، خا لوجود هذه الفقرات في صورة جمل قصيرة السرد ، نظر

تقوم بدور إشاري ، يبرز رؤية الشخصية للعالم انسبي تلمح الدراسة إلى أن فقرات و. القصصي الذي تتحرك فيه

إبطاءإن أدت إلى و–الوصف التي تتخلل النص القصصي ا في اإلعالء من فهي ال تؤثر كثير–ا حليسرعة النص مر

على –ا أساس–وتيرته العامة ، حيث تعتمد القصة القصيرة .سرعة نصية عالية

قد ناقشت الدراسة التعليق بوصفه آلية زمنية يقوم وانتهت إلى أهمية على أساسها تصور إليقاع سردي بطئ ، و

رية التعليق في القصة القصيرة ، بوظائفه التفسي .الوصفية و

إبطاءعاملت الدراسة الحوار المتواقت بوصفه آلية وا لموازاته التقريبية لسرعة الحدث للنص السردي ، نظر

ذلك المعروض ، دون تدخل بالتعليق من قبل السارد ، وا على فكرة أن النص السردي اعتماد–سريع بذاته –ا عموم من الحوار في صنع خلصت بذلك إلى أهمية هذا النوع ، و

مفاصل السرد أو مناطق تحوالته ، كما استنتجت وجود فوارق على المستوى النوعي بين الرواية التي تتعدد فيها

النغمات اإليقاعات في مقابل القصة القصيرة التي يمكن للنص و

هو السردي فيها بكامله أن يعتمد على الحوار المتواقت ، ولنصوص ، أو في جزء كبير منه ما رأيناه في العديد من ا

على األقل بما يسهم في قلة التحوالت اإليقاعية في القصة .القصيرة ، بحيث تبدو كأنها تعتمد على إيقاع واحد

النص إبطاءمن ناحية أخرى انتهت الدراسة إلى أن السردي يلزمها تحميل النص بالعديد من التفاصيل التي تثقل

–تعد إشارة إلى أهمية الفترة هي التفاصيل التي ؛حركته لك في مقابل الحذف ، و ذالمرحلة التي يعالجها النص ، و

و، صنع الفجوات المؤدية إلى اإلحساس بسرعته العالية هو ما يتم عن الفترات المحذوفة ، و عدم أهمية األحداث و االفتراضي ، الضمني و الصريح و: طريق الحذف بأنواعه

فقرات ، في مقابل فصول الرواية ، بما تقسيم القصة إلى و له من تأثير بالدراما ،

األرقام عن طريق آليات مثل عناوين الفقرات الجانبية ، و والفواصل البيضاء ، يمكن عن طريقها تصور النجوم ، و و

.التي تليها فترات زمنية ممتدة بين أحداث كل فقرة و

يز القصة إضافة إلى ذلك فقد خلصت الدراسة إلى تمالقصيرة بصنع فجواتها الزمنية عن طريق إحداث انقطاع في

هو االنقطاع الذي يمكن مالحظته من خالل مسار السرد ، و وجود فجوة في التراتب الزمني ألحداث الفقرة الواحدة ، و

هي اآللية التي تميزت بها القصة القصيرة باتساع يميزها عن هذه اآللية باقتصاد واضح ، باقي الفنون السردية التي تستغل

هو ما نتج عن استغالل القصة القصيرة لكل اإلمكانيات والتخلص السردية المتاحة لها في سبيل التكثيف و الطباعية و

هو األمر الذي يوجه النظر إلى من الزوائد المفترضة ، وآللية المونتاج المكاني منه ، أهمية استخدام القصة القصيرة

االنتقال بين عدة أماكن تحدث فيها األحداث في المعتمد على وقت واحد بما يدعم سمة االنتقاء ، أو عن طريق استخدام

بصوره المختلفة ، حيث يؤدي إلى إحداث ) كان(الفعل بحيث يبدو كل مرة نقطة انطالق فجوات سردية متكررة ، و .جديدة لخط سردي مختلف

تسريع للنص على الجانب اآلخر يبدو التخليص آلية وا في مجال أكثر استخدام السردي أقل حدة من الحذف ، و

على جانب من األهمية في القصة السرود الطويلة ، وا القتصادها التعبيري ، في التلخيص القصيرة نظرا في التلخيص اإلشاري الذي يبين فارق االستهاللي ، و

إجرائيآلياتهما الرواية في التعامل مع ا بين القصة وا مهم يعادل في – كما أسميناه –فالتلخيص اإلشاري .الزمنية

الرواية الحذف الصريح غير إن الدراسة قد عدته من باب تا لالتلخيص نظرا في جملة تشير إلى الزمن حققه نصيهذا التحقق النصي له دوره المهم الذي يتخذه المنقضي ، و

يرة ، وا لضيق المساحة النصية في القصة القصنظر من الحذف – بوضوح –إلسهامه في إحداث وتيرة إيقاع أقل

ا في تغيير ا كبيرص ، غير إنه في الرواية ال يؤدي دورلالخاهناك –ا لما تتمتع به الرواية من اتساع ، فهو اإليقاع نظر –

يقترب من صفرية النص ، على العكس من التلخيص الطويل الذي يؤدي إلى إحداث وا في الرواية ،األكثر استخدام

.التوقيف تصور لسرعة نصية بين التسريع و

قد انتهت الدراسة في معرض التمييز النوعي للقصة والقصيرة على أساس من تعاملها الزمني مع آلياتها إلى عدة

الرواية ، نتائج تستند إلى المقارنة بين القصة القصيرة و مستوى النظرية على اعتبار الثبات النسبي للرواية على

ا النطالق المقوالت النقدية للسرد أو معظمها نظر النقدية ، و : الفروق في–يمكن إيجاز هذه النتائج من النظر للرواية ، و

القصة الطول بين الرواية و–أن مقياس الكم : أوالتكمن إنما القصيرة هو أسهل المقاييس ، لكنه ليس أدقها ، و

تعامل كل من هما له ، ونتبعية رؤية كل مأهميته الحقيقة في .ليات بنائه آالنوعين على أساس منه مع مكوناته و

أن القصة القصيرة : اثاني–ا لضيق فضائها نظر تعد الفن السردي األشد تعقيدا ، –مساحتها النصية الزمني و

ا في مقابل أن الرواية باهتمامها الشديد صفاء أسلوبي وذلك حيث تنتقي و. ا تبعها تعد األكثر تشعببالتفاصيل وت

القصة من تلك التفاصيل ما يساعدها في إبراز استراتيجيات .السارد

أن اهتمام القصة القصيرة بالتركيز على : ا ثالث أحداث قليلة ، جعلها أحادية الرؤية ، و شخصية واحدة ، و

حين أن التعبير الجمالي عنها ، في ا بالذات ، وشد ارتباطأا رؤاها قد صارت أكثر ارتباطدتعد الرواية باتساعها و

التعبير التأريخي عنه ، األمر الذي أسبغ سمات بالمجتمع وشعرية ، ذاتية على القصة القصيرة في مقابل سمات ملحمية

هي فن على الرواية ، فكان أن صارت القصة القصيرة في مقابل أن أفرادها ، التعبير عن أزمة البورجوازية ، و

أصبحت الرواية هي فن التعبير عن طموح البورجوازية في .مجتمعها

أن القصة القصيرة متعرجة من حيث معاملتها : ارابعا الستخدامها كل للترتيب الكرونولوجي لألحداث نظر

هي الوسائل المتاحة من أجل التعبير عن لحظة قصصية ، وتصاعد الزمني لألحداث في هذا الصدد تقوم بتكسير خطية ال

لتبدو كما لو كانت حلزونية التصاعد ، في مقابل أن الرواية تعتمد على التراتب التاريخي لألحداث ، و– في األساس –

أي آلية تستخدمها الرواية ، تنفي هذه الخطية ، تخدم في .األساس الشكل التصاعدي فيها

الدوران حول فالقصة تهدف إلى وصف الحدث وظة في حين تهدف الرواية إلى رصد األحداث في تتابعها اللح

.تعليلها الزمني و

أن األصل في إيقاع النص السردي هو :اخامسا لصعوبة تغطية كل التفصيل المحيطة السرعة الكبيرة نظر

تستخدم آليات –ا عموم–أن األنواع السردية بأي حدث ، وفي مراحل من النص هذا اإليقاع أو تسريعه إبطاءمن شأنها

، غير إنه بالنظر إلى السرعة النهائية للنص نلحظ جنوح ا على مساحتها النصية سرعتها قياسإبطاءالرواية نحو أن القصة القصيرة ، مهما كان مدها الزمني الواسعة ، و

ا لمساحتها نظر؛ لإليقاع السريع ا فإنها تبدو أكثر ميالضيق .النصية الضيقة

اسادس : تها ، واا في سرعأن القصة القصيرة أقل تنوع ا دون أي تغيير منذ ا ثابتا ما تتخذ القصة القصيرة إيقاعأحيان

في القصص التي تنبني بكاملها بدايتها حتى نهايتها ، خاصةعلى آلية الحوار المتواقت دون أي تدخل من السارد ، في

إلى التحليل وميل ساردها و،مقابل أن الرواية بتعدديتها النتائج ، ثم ميله إلى القفز فوق فترات واسعة بيان األسباب و

تميل الرواية إلى ،من أجل تغطية أطول مدى زمني ممكن تنوع مواقفها ا لتعدد شخصياتها ، وتعدد إيقاعاتها تبع.

أن العناصر المكونة للقصة القصيرة : اسابع–ا عموم عضوية بالغة األثر ، و تشارك في بناء النص بصورة–

ا لصفاء نسقها التعبيري المعتمد على التخلص من ذلك نظر .كل حشو أو زوائد أو تفاصيل ال أهمية لها

أما في الرواية فالسمة التأريخية التحليلية الطاغية على إلى وجود زوائد تعبيرية –ا أحيان–رؤى السارد فيها ، تدعو التساع النسبي الذي يتحرك فيه ا لقد ال يمكن مالحظتها نظر

.النص الروائي

أن الفروق السابقة قد أدت بالدراسة إلى إنتاج : اثامنفروق إجرائية عند النظر إلى كل من الرواية و القصة

من أهمها اختصاص القصة القصيرة القصيرة ، و

كون معظم االسترجاعات المستخدمة باالسترجاع الخارجي وهذا النوع ، في مقابل أن الرواية تستخدم فيها ال تخرج عن

أن ما يمكن النظر إليه في في الغالب االسترجاع الداخلي ، والرواية على أنه حذف صريح ، يتم النظر إليه في القصة

أن ا تتم فيه اإلشارة إلى الفترة ، والقصيرة بوصفه تلخيصة النظر إلى تعدد السرعات في الرواية مقابل قلتها في القص

القصيرة هو عنصر تابع لتعددية الرؤى في الرواية ، مقابل ذاتية التعبير عن شخصية مركزية أو موازاتها في القصة

.القصيرة

من هذه النتائج يمكن للدراسة تلخيص موقفها إزاء وموقع القصة القصيرة بوصفها النوع األحداث من فنون

ا بوالسرد ، النوع الذي يتم النظر إليه نقديا لنظرية صفه تابعلذلك فإن الدراسة توصي بتخليص القصة الرواية ، و

ا للرواية على مستوى الرؤية القصيرة من تبعيتها نوعيا لما تتمتع به القصة اإلجراءات التحليلية ، نظر النظرية ، و

ا عن باقي فنون من العديد من العناصر المميزة لها جمالي . السرد األخرى

لدراسة باستكمال مشروعها الستخراج كما توصي افنون السرد األخرى ، مميزات نوعية بين القصة القصيرة و

الشخصية ، و و، في جوانب السرد المختلفة مثل الحدث آليات التعبير اللغوي أشكال السارد ، و الفضاء المكاني ، و

إيضاح السمات الخاصة بالقصة القصيرة على هذه ، و .المستويات كافة

إن اتخذت من القصة المصرية في إن هذه الدراسة و استخراج الظواهر الزمنية ، للتطبيق ، والستينيات مجاال

فإنها قد استخدمت في هذا المجال نماذج من قصص هذه في هذا –المرحلة الزاخرة بالنصوص القصصية ، غير إنها

قد حاولت ربط النماذج المطبق عليها بطبيعة –الصدد حلة ، غير متجاهلة أن ما تال ذلك من مراحل قد أنتج المر

العديد من االتجاهات التي يمكن عن طريق النظر إليها الوقوف على مميزات نوعية لفن القصة القصيرة ، ليبقى في

إن جنحت ا ، والنهاية لنا أن نوضح إن فنون األدب عمومن يسير إلى هدم الحواجز بين األنواع ، فإن أحد أدوار النقد أ

في االتجاه المعاكس لوضع مميزات لهذه األنواع ، حادة ومرنة في الوقت ذاته ، بما يجب أن يتسم به النقد من علمية

.موضوعية و

مصادر الدراسة ومراجعها

المصادر والمراجع

:أوال المصادر :مجموعات قصصية

الهيئة المصرية العامـة –ساء مبحيرة ال : أصالن إبراهيم - ١ القاهرة –) ٩٥ (– مختارات فصول -للكتاب

– ١٩٩٤. األعمال الكاملة في القصة القصيرة : أبو المعاطي أبو النجا - ٢

كتاب الهيئة المصرية العامة لل -األول المجلد – .١٩٩٢ – القاهرة –

المجلس األعلى لرعاية –وجه المدينة : أحمد هاشم الشريف - ٣ الكتاب –اآلداب والعلوم االجتماعية الفنون و

.١٩٦٦ – القاهرة –) ٢٦ (األول الهيئة المصـرية –قصص أخرى الخطوبة و : بهاء طاهر - ٤

–) ٧ (– مطبوعات الجديد –للكتاب العامة .١٩٧٢ سبتمبر –هرة القا

كتـاب –أوراق شاب عاش منذ ألف عام : جمال الغيطاني - ٥ – القاهرة –ية ق مطبعة الترعة البوال –الطليعة

.١٩٦٩ – ١ط األعمال القصصية –مؤلفات سليمان فياض : سليمان فياض - ٦

الهيئـة المصـرية العامـة - القسم األول –

. ١٩٩٣ – القاهرة –للكتاب النشـر الدار القومية للثقافة و –أيام العز : ز الدين نجيب ع - ٧

.١٩٦٢ يناير -١ ط– القاهرة – المؤسسة المصرية –فوستوك يصل إلى القمر : مجيد طوبيا - ٨

– دار الكاتب العربي –النشر العامة للتأليف و .١٩٦٧ –القاهرة

عامة الهيئة المصرية ال-خمس جرائد لم تقرأ : مجيد طوبيا - ٩

– دار الكاتـب العربـي –النشر للتأليف و .١٩٧٠ –القاهرة

الهيئـة -حديث مـن الطـابق الثالـث : محمد البساطي - ١٠سلسلة كتابات –للتأليف والنشر المصرية العامة

.١٩٧٠- القاهرة –جديدة دار الكاتب العربي للطباعة –غرباء : محمد حافظ رجب - ١١

.١٩٦٨ - لقاهرة ا–النشر التأليف و و

دار المسـتقبل –الكتابات الكاملة : يحيى الطاهر عبد اهللا - ١٢ .١٩٩٤ – ٢ ط– القاهرة –العربي

الجـزء –األعمال القصصية الكاملـة : يوسف الشاروني - ١٣للكتـاب الهيئة المصرية العامـة -الثاني

.١٩٩٣ –القاهرة –

:قصص مفردة ٦٨ جـاليري –رثون األرض ألنهم ي: أصالن إبراهيم - ١٤

.١٩٦٨ مايو– القاهرة –١ع- القاهرة - ٦٨ جاليري -رائحة المطر : أصالن إبراهيم - ١٥

.١٩٦٨ نوفمبر – -٦٨ جاليري -في جوار رجل ضرير : أصالن إبراهيم - ١٦

.١٩٦٩ أبريل –القاهرة – القـاهرة -٦٨ جـاليري -لوقا : عبد العاطي إبراهيم - ١٧

.١٩٦٨نوفمبر القاهرة -٦٨ جاليري - ساعة ٢٤اليوم : منصور إبراهيم - ١٨

.١٩٦٩ أبريل – – مجلـة الهـالل –ذلك الشتاء : أبو المعاطي أبو النجا - ١٩

.١٩٧٠ أغسطس –القاهرة

– القـاهرة -٦٨ جـاليري -آخر السكة : إدوار الخراط - ٢٠ .١٩٦٩أبريل

-٦٨ جـاليري -ة مكان بال مالمح مميز : أحمد البحيري - ٢١ .١٩٦٨ مايو –القاهرة

مـايو – القاهرة -٦٨ جاليري -المهرج : أحمد البحيري - ٢٢١٩٦٩.

القاهرة -٦٨ جاليري -اللصوص : أحمد هاشم الشريف - ٢٣ .١٩٦٩ أبريل –

– القـاهرة – الهـالل –السـهام : أحمد هاشم الشريف - ٢٤ .١٩٦٩أغسطس

مجلـة –دالالت الزمن كة و الحر : إبراهيمجميل عطية - ٢٥ عـة و االدار القومية للطب -١١٦ ع –المجلة .١٩٦٦ أغسطس – القاهرة –النشر

-٦٨ جاليري -ألحان غير متقابلة : إبراهيم جميل عطية - ٢٦ .١٩٦٨ يونيو –القاهرة

-٦٨ جـاليري -المربع الدائري : إبراهيم جميل عطية - ٢٧ .١٩٦٩أبريل –القاهرة

القاهرة – ٦٨ جاليري – األبيض بابالجل: فهمي السوقي - ٢٨ .١٩٦٩ فبراير –

فبراير – القاهرة – ٦٨ جاليري -الحديقة : رؤوف مسعد - ٢٩١٩٦٩.

فبراير – القاهرة – ٦٨ جاليري -ودقيقة : رؤوف مسعد - ٣٠١٩٦٩.

– ٦٨ جـاليري -رؤيا مهنا الطـاغوطي : شفيق مقار - ٣١ .١٩٦٩أكتوبر –القاهرة

– القـاهرة – ٦٨ جاليري -الصفارة : عبد الحكيم قاسم - ٣٢ .١٩٦٨نوفمبر

جاليري -حكايات حول حادث صغير : عبد الحكيم قاسم - ٣٣ .١٩٦٩ – أبريل – القاهرة – ٦٨

٦٨ جاليري -حذاء عصفورة و بيكاسو و : علي سليمان - ٣٤ .١٩٦٩ فبراير – القاهرة –

مجلة –براد الشاي المغلي مخلوقات : محمد حافظ رجب - ٣٥ .١٩٦٦ أغسطس – القاهرة –المجلة

– ٦٨ جـاليري -األب حـانوت : محمد حافظ رجـب - ٣٦ .١٩٦٩ أبريل –القاهرة

– القـاهرة – مجلـة الهـالل –الدكان : محمود البدوي - ٣٧ .١٩٦٩أغسطس

–رأس محموم في طائرة سوبر سـونيك : محمود دياب - ٣٨ .١٩٦٩ أغسطس – القاهرة –الهالل

ا المراجع العربية ثاني: تقنيات السرد ـ النظرية و التطبيق : آمنــة يوسـف - ٣٩

ـ دار الحوار للنشر و التوزيع ـ الالذقية ـ . ١٩٩٧ ـ ١سوريا ـ ط

دار المنتخب –الزمن في الفكر اإلسالمي : العاتي إبراهيم - ٤٠ –التوزيـع النشـر و العربي للدراسـات و

.١٩٩٣ – ١ ط–روت بي –تشظي الزمن في الرواية الحديثـة ) : د ( أمينة رشيد - ٤١

الهيئة المصرية العامة-سلسلة دراسات أدبية

.١٩٩٨ – القاهرة –للكتاب سلسلة دراسات -السرد في مقامات الهمذاني : أيمن بكر - ٤٢

–للكتـاب الهيئة المصـرية العامـة -أدبية .١٩٩٨ –القاهرة

تفكيـك الـزمن و –زمن الـنص : جمال الدين خضور - ٤٣ – حركية الزمن –الوحدة األيديولوجية للنص

دار الحصاد للنشر – المعرفي –األيديولوجي

ــع و ــورية –التوزي ــق – س – ١ ط– دمش١٩٩٥.

بنية النص السردي من منظور النقد ) : د ( حميد لحمداني - ٤٤ – بيـروت – المركز الثقافي العربي –األدبي

.١٩٩١ – ١ط تطبيقاتـه – المعاصر يالنقد النفس ) : د ( حميد لحمداني - ٤٥

منشـورات دراسـات –في مجـال السـرد الدار البيضاء –) سال (سيميائية أدبية لسانية

.١٩٩١ – ١ ط–علم الجمال األدبي عند رومان أنجاردن : سامي إسماعيل - ٤٦

لهيئة العامة ا -) ٨٠ ( سلسلة كتابات نقدية – .١٩٩٨ نوفمبر – القاهرة –لقصور الثقافة

الـنص –انفتـاح الـنص الروائـي ) : د ( سعيد يقطين - ٤٧ – ٢ ط – المركز الثقافي العربـي –والسياق

.٢٠٠١ –الدار البيضاء دراسة مقارنـة لثالثيـة –بناء الرواية ) : د ( سيزا قاسم - ٤٨

- سلسلة دراسـات أدبيـة –نجيب محفوظ - القاهرة –للكتاب الهيئة المصرية العامة

١٩٨٤.

المجلـس –شعرية الرواية الفانتاسـتيكية : شعيب حليفي - ٤٩ .١٩٩٧ – ١ ط– القاهرة –األعلى للثقافة

دراسـة –القصة القصيرة في مصر ) : د ( شكري عياد - ٥٠ القاهرة – دار المعرفة –في تأصيل نوع أدبي

.١٩٧٩ – ١ ط–النقدية عند العرب المذاهب األدبية و ) : د (ري عياد شك - ٥١

–) ١٧٧( سلسلة عالم المعرفة –الغربيين و –الفنـون العلوم و المجلس الوطني للثقافة و

.١٩٩٣ سبتمبر –الكويت دراسـات فـي –العالم الذات و ) : د ( صالح السروي - ٥٢

سلسـلة كتابـات نقديـة –الرواية القصة و –الهيئة العامـة لقصـور الثقافـة –) ١٢٦(

.٢٠٠٢ سبتمبر –القاهرة قضايا المكان الروائـي فـي األدب ) : د ( صالح صالح - ٥٣

– ١ ط – القـاهرة – دار شرقيات –المعاصر ١٩٩٧.

–أساليب السرد في الرواية العربية ) : د ( صالح فضل - ٥٤ .١٩٩٢ – ١ ط– الكويت –دار سعاد الصباح

مقاربات في التناص –المتخيل السردي : إبراهيم عبد اهللا - ٥٥ – المركز الثقافي العربي –الداللة الرؤى و و

.١٩٩٠ – ١ ط–بيروت التحديث في القصة عن التقاليد و ) : د ( عبد اهللا أبو هيف - ٥٦

– منشورات اتحاد الكتاب العـرب –العربية .١٩٩٣ – حلب –دار القلم العربي

–النص القصصي الراوي و ) : د ( الكردي عبد الرحيم - ٥٧ – ٢ ط– القــاهرة –دار النشــر للجامعــات

١٩٩٦. –بنيتـه الزمان أبعـاده و ) : د ( عبد اللطيف الصديقي - ٥٨

النشـر و المؤسسة الجامعيـة للدراسـات و .١٩٩٥ – ١ ط– بيروت –التوزيع

بحث في –في نظرية الرواية ) : د (ض عبد الملك مرتا - ٥٩ –) ٢٤٠(سلسلة عالم المعرفة –تقنيات السرد

–اآلداب الفنـون و المجلس الوطني للثقافة و - .١٩٩٨ديسمبر –الكويت

إعداد –ا ناقد ا و يوسف الشاروني مبدع : مجموعة مؤلفين - ٦٠ الهيئة المصرية العامة -نبيل فرج : تقديم و

.١٩٩٥ – القاهرة –للكتاب

أبحاث الملتقى الثاني للقصة القصـيرة : مجموعة مؤلفين - ٦١ – الهيئة العامة لقصور الثقافـة –باإلسكندرية فـرع ثقافـة –وسـط الـدلتا إقليم غرب و .١٩٩٩ أبريل –اإلسكندرية

بنية القصـة القصـيرة عنـد : إبراهيم محمد السيد محمد - ٦٢ –المكان دراسة في الزمان و –نجيب محفوظ الهيئة العامة لقصور -) ١٤٣ (كتابات نقدية

.٢٠٠٤ القاهرة –الثقافة –أينشتين والنظرية النسـبية :) د (حمد عبد الرحمن مرحبا م ٦٣

.١٩٨١ – ٨ط – بيروت – دار القلمسيميوطيقا االتصال العنوان و ) : د ( محمد فكري الجزار - ٦٤

الهيئـة - سلسلة دراسـات أدبيـة –األدبي .١٩٩٨ القاهرة – للكتاب المصرية العامة

الظـواهر الفنيـة فـي ) : د ( مراد عبد الرحمن مبروك - ٦٥ – ١٩٨٤ : ١٩٦٧القصة القصيرة المصرية

الهيئة المصرية العامة-سلسلة دراسات أدبية

.١٩٨٩ – القاهرة –للكتاب

بناء الزمن في الروايـة ) : د ( مراد عبد الرحمن مبروك - ٦٦ الهيئـة -أدبية سلسلة دراسات –المعاصرة

.١٩٩١ – القاهرة –للكتاب المصرية العامة المكـان المتخيـل بـين الـنص –الزمان : مروة مهدي - ٦٧

الشيكسبيري و المعالجات الشيكسبيرية الحديثة كلية اآلداب - مخطوطة – رسالة ماجستير – – قسـم علـوم المسـرح – جامعة حلوان –

٢٠٠١. ات السرد الروائي في ضوء المنهج تقني) : د ( يمنى العيد - ٦٨

– لبنـان – بيروت – دار الفارابي –البنيوي .١٩٩٠ – ١ط

سلسلة كتابات –ا تمرد ا و القصة تطور : يوسف الشاروني - ٦٩ –الهيئة العامة لقصور الثقافة –) ٣٨ (نقدية

.١٩٩٥ مارس –القاهرة

:المقاالت العربية : ا ثالث جاليري -قناع الرفض أصالن و إبراهيم :إدوار الخراط - ٧٠

– أصـالن إبـراهيم ملف خاص عن – ٦٨ .١٩٧١ فبراير –القاهرة

رد على دعوى يدعيها اللغويون ) : د ( زهران يالبدراو - ٧١ –الغربيون تتصل بالزمن في اللغة العربيـة

– القاهرة – ٧٢ج –مجلة مجمع اللغة العربية .١٩٩٣مايو

–بنية الخطاب في روايـة التيـه ) : د (يطة سعيد أبو ع - ٧٣ نـوفمبر – الكويـت – ٣١٦ ع –مجلة البيان

١٩٩٦. مجلـة –حوار مـع آالن روب جرييـه : سلوى النعيمي - ٧٤

–اتحاد كتـاب فلسـطين – ٣٠ ع –الكرمل ١٩٩٨.

–الخصائص البنائية لألقصوصـة ) : د ( صبري حافظ - ٧٥ ٤ ع – ٢ م – مجلة النقد األدبي –مجلة فصول

–للكتـاب الهيئة المصرية العامـة - ١ ج– .١٩٨٢ سبتمبر –القاهرة

قراءة في البنية الزمنية لرواية عـام : عبد العالي بوطيب - ٧٦ – الكويـت – ٣١٦ ع – مجلة البيـان –الفيل

.١٩٩٦نوفمبر مدخل إلى نظرية السرد عند ) : د ( عبد العزيز بن عرفه - ٧٧

–فكر العربي المعاصـر مجلة ال –غريماس

بيروت – مركز اإلنماء القومي – ٤٥ – ٤٤ع .١٩٨٧ ربيع –

الكتابة القصصية فـي الروايـة القراءة و : ملك عزة أغا - ٧٨ – مجلة الفكر العربـي المعاصـر –الحديثة

بيروت – مركز اإلنماء القومي – ٤٥ – ٤٤ع .١٩٨٧ ربيع –

المؤلف –ة الرواية في نظري ) : د ( محمد فكري الجزار - ٧٩ الفعلي إجراء مجلـة كليـة اآلداب –ا تحليلي

.١٩٩٩ يوليو – ٦ ع–جامعة حلوان - ٤ ع – ٦ فصـول م –قص الحداثة ) : د (إبراهيم نبيلة - ٨٠

– القـاهرة –للكتـاب الهيئة المصرية العامة .١٩٨٦سبتمبر

علم إشكالية الزمان في الفلسفة و ال : يمنى طريف الخولي - ٨١ – ٩ ع – مجلة ألف مجلة البالغة المقارنـة –

.١٩٨٩ –الجامعة األمريكية بالقاهرة

مراجع أجنبية مترجمة : ا رابع: مصـطفى : ت –نحو رواية جديـدة : آالن روب جرييه - ٨٢

–لويس عوض / تقديم د – مصطفى إبراهيم .١٩٧٢ – ١ ط– القاهرة –ر المعارف اد

–تعاضد التأويلي في النصوص الحكائيـة ال: أمبرتو إيكو - ٨٣ المركز الثقافي العربي –أنطوان أبوزيد : ت

١٩٩٦ - ١ ط– المغرب – الدار البيضاء – دار –كمال عياد جاد : ت –أركان القصة : فورستر . م. أ - ٨٤

سلسلة األلف –الكرنك للنشر والطبع والتوزيع .١٩٦٠ – القاهرة –) ٣٠٦ (كتاب

ت –ترميز بناء و –أنثروبولوجيا اللغة : ه جاكوب أندري - ٨٥ المشروع القومي للترجمة –ليلى الشربيني : القاهرة – المجلس األعلى للثقافة –) ٣٦٠ (– ٢٠٠٢ .

النظريـة و –القصة القصيرة : إنريكي أندرسون أمبرت - ٨٦ مراجعة – المنوفي إبراهيمعلى : ت –التقنية

روع القومي للترجمة المش –صالح فضل / د القاهرة – المجلس األعلى للثقافة –) ١٤٨ (– ٢٠٠٠.

الهيئة -منى مؤنس / د: ت –القصة القصيرة : أيان رايد - ٨٧ . ١٩٩٠ – القاهرة –للكتاب المصرية العامة

محمد مصـطفى / د: ت –عالم القصة : برنار دي فوتو - ٨٨ .١٩٦٩ – القاهرة – عالم الكتب –هدارة

: ت –منـاهج تقنيات و –النص الروائي : برنار فاليط - ٨٩ المشروع القـومي للترجمـة –دو بنحرشيد

القاهرة – المجلس األعلى للثقافة –) ١٠١ (– ١٩٩٩.

بنية النص الفني و –شعرية التأليف : بوريس أوسبنسكي - ٩٠ سعيد الغـانمي و : ت –أنماط الشكل التأليفي

لمشروع القومي للترجمـة ا –ناصر حالوي – القاهرة – المجلس األعلى للثقافة –) ٧٩ (

١٩٩٩. –خليل أحمد خليل : ت –جدلية الزمن : جاستون باشالر - ٩١

النشـر و المؤسسة الجامعيـة للدراسـات و .١٩٨٨ – ٢ ط– الجزائر –التوزيع

: ت –النقد األدبي في القرن العشـرين : جان إيف تادييه - ٩٢ مركز اإلنماء الحضـاري –نذر عياشي م/ د

.١٩٩٣ – ١ ط–سورية ترجمـة و –تطورها نظرية الرواية و : ش جورج لوكات - ٩٣

– طبعـة محـدودة –نزيه الشوفي : تقديم .١٩٨٧ – دمشق -١ط

: ت –مـدخل إلـى النظريـة األدبيـة : جوناثان كولر - ٩٤ المشـروع –مصطفى بيومي عبـد السـالم

المجلس األعلـى –) ٥١٤ (القومي للترجمة .٢٠٠٣ – القاهرة –للثقافة

: ت – بحث في المـنهج –خطاب الحكاية : جيرار جينت - ٩٥عمـر عبد الجليل األزدي و و محمد معتصم

) ١٠ ( المشروع القومي للترجمـة –حسني – ٢ ط – القـاهرة –المجلس األعلى للثقافـة

٢٠٠٠. –عابد خازندار : ت – المصطلح السردي : جيرالد برنس - ٩٦

المشـروع –ري يمحمد بر : تقديم مراجعة و المجلس األعلـى -) ٣٦٨ (القومي للترجمة

.٢٠٠٣ القاهرة –للثقافة – أسـامة الحـاج : تعريب –البرغسونية : جيل دولوز - ٩٧

النشـر و المؤسسة الجامعيـة للدراسـات و .١٩٩٧ – ١ ط– بيروت –التوزيع

–مـاهر البطـوطي : ت –الفن الروائـي : ديفيد لودج - ٩٨ــة ــومي للترجم ــروع الق -) ٢٨٨ (المش

.٢٠٠٢ – القاهرة –المجلس األعلى للثقافة

الشـعرية التخييل القصصي و : لوميت روميت كنعان ش - ٩٩ دار الثقافة – ةلحسن أحمام : ت –المعاصرة

ــع ــر والتوزي ــاء –للنش ــدار البيض – ال .١٩٩٥ – ١ط

: ت –تيار الوعي في الرواية الحديثة : مفري روبرت ه - ١٠٠ – دار المعارف بمصر –محمود الربيعي / د

.١٩٧٤ –القاهرة مدخل إلى تقنيـات –قراءة الرواية : رت ب هينكل ب رو - ١٠١

ق سلسلة آفا –صالح رزق / د: ت –التفسير الهيئـة العامـة لقصـور –) ٦٥ (الترجمة

.١٩٩٩ مايو – القاهرة –الثقافة لحسن أحمامة : ت –اللسانيات والرواية : روجر فاولر - ١٠٢

الدار البيضاء – دار الثقافة للنشر والتوزيع – .١٩٩٧ – ١ ط–

استقصـاء البحـث فـي –السياق النص و : فان ديك - ١٠٣عبد القادر : ت –التداولي الخطاب الداللي و

– الدار البيضاء – دار أفريقيا الشرق –قنيني ٢٠٠٠.

–مقدمات في سوسيولوجيا الروايـة : لوسيان جولدمان - ١٠٤ دار الحوار للنشر –بدر الدين عرودكي : ت

ــع ــة ذ الال–والتوزي ــوريا –قي – ١ ط– س١٩٩٣.

: ت –البنيوية التكوينية والنقد األدبي : مجموعة مؤلفين - ١٠٥ –محمد سـبيال : راجع الترجمة –مجموعة

– لبنان – بيروت –بية مؤسسة األبحاث العر .١٩٨٤ – ١ط

: ت –طرائق تحليل السرد األدبـي : مجموعة مؤلفين - ١٠٦ – منشورات اتحاد كتاب المغرب –مجموعة

.١٩٩٢ – ١ ط– الرباط –سلسلة ملفات نظرية السرد من وجهة النظـر إلـى : مجموعة مؤلفين - ١٠٧

منشـورات –ناجي مصـطفى : ت –التبئير – الجزائـر –كـاديمي الجـامعي الحوار األ

.١٩٨٩ – ١طفؤاد : ت –فكرة الزمان عبر التاريخ : مجموعة مؤلفين - ١٠٨

–) ١٥٩ ( سلسـلة عـالم المعرفـة –كامل –اآلداب الفنـون و المجلس الوطني للثقافة و

.١٩٩٢ مارس –الكويت

جميـل / د: ت –شعرية دوستويفسكي : ميخائيل باختين -١٠٩ –حياة شرارة / مراجعة د –تكريتي نصيف ال

سلسـلة – الدار البيضاء –دار توبقال للنشر .١٩٨٦ – ١ ط–المعرفة األدبية

–محمد برادة : ت –الخطاب الروائي : ميخائيل باختين - ١١٠ –النشـر و التوزيـع دارة الفكر للدراسات و

.١٩٨٧ – ١ ط–القاهرة بدر الدين عرودكي : ت –فن الرواية : ميالن كونديرا - ١١١

-) ٢٦٧ (– المشروع القومي للترجمـة -ــة ــى للثقاف ــس األعل ــاهرة –المجل – الق

٢٠٠١. أسعد مرزوق : الزمن في األدب ـ ت : هانز ميرهوف - ١١٢

العوضي الوكيـل ـ مؤسسـة : ـ مراجعة فرانكلين للطباعـة و النشـر ـ القـاهرة ـ

.١٩٧٢نيويورك ـ حيـاة : ت –نظريات السرد الحديثـة : واالس مارتن - ١١٣

( المشروع القومي للترجمـة -جاسم محمد – القـاهرة – المجلس األعلى للثقافة -) ٣٦

١٩٩٨.

:مقاالت أجنبية مترجمة : خامسا أحمد عبد العظيم / د: ت -ما األدب ؟ : تيري إيجليتون - ١١٤

– مجلة غيـر دوريـة – األربعائيون –الشيخ .١٩٩٢ يناير –رية اإلسكند

اقتـراب – الـزمن –اء ضالف: بيريث جاييجو كانديدو - ١١٥ فصول –محمد أبو العطا : ت –سوسيولوجي

.١٩٩٣ صيف – ٢ ع– ١٢ م–القصر القصة القصيرة بين الطول و : ماري لويز بارت - ١١٦

١ ج – ٤ ع – ٢محمود عياد فصول م : ت – .١٩٨٢ القاهرة سبتمبر –

:مراجع أجنبية : سادسا ١١٧- Frida Elizabeth A.Dahab : The Time _ Shift In The Good Soldier , Alif , Journal Of a comparative , A.U.C, Cairo , NO ١٩٨٩ . ٩. ١١٨- Gerard Genette : Narrative Discourse Revisited , Translated By : Jane . E . Lewin , Cornell Universty , New Yourk , ١٩٨٨.

١١٩- Roger Bromly : The Lost Narratives , Popular Fictions , Polities And Recent History , Popular Fiction Series , Routledge , London , And New Yourk , ١٩٨٨.