الغزايل

1

منازل اهلدي من تراثخمتارات

حجة اإلسالم أيب حامد الغزايل اجلزء األول

تصنيف حممد مجال امام

م٢٠١٤ - هـ ١٤٣٥

الغزايل

2

"طلب اجلنة بال عمل ذنب من الذنوب"

مااحلسن بن علي رضي هللا عنه

"زمانك حمسوب عليك"

اإلمام الغزايل

أعود إىل عصيانك ودأبك إهلي أنت أنت وأنا أنا الذي دأيب كل يوم

أن تعود إيل برمحتك مناجاة من هارون الرشيد لربه

الغزايل

3

الفهرست

الصفحة ٤ متهيد - ١ ٦ تعريف باإلمام - ٢ ٣٣ يا أيها الولد - ٣ ٤٤ مشكاة األنوار - ٤ ٦٣ املنقذ من الضالل - ٥ ٨٨ االقتصاد يف االعتقاد - ٦ ١١٠ والزندقةفيصل التفرقة بني اإلسالم - ٧ ١٢٨ الترب املسبوك يف نصيحة امللوك - ٨ ١٨٥ املقصد األسىن يف شرح أمساء هللا احلسىن - ٩

الغزايل

4

متهيد

من أوائل الكتب الدينية اليت من هللا علي بقراء`ا قبل حنو ثالثني عاما، فأ]رين " إحياء علوم الدين"كان كتاب

، وأخذ بيدي خطوات طويلة يف البحث عن معارج الوصول إىل رضوان هللا اإلمام الغزايل بقدراته العقلية الفائقة

فعذبين أميا تعذيب بتذكريي مبواطن تقصريي يف " يا أيها الولد"مث قرأت رسالته الشاعرية الصوفية اجلميلة . تعاىل

شغلت بعد ذلك وحدث أن ان. حضرة الربوبيةطاعة هللا، وأضاء يل مصابيح جديدة يف حبثي عن معارج الوصول إىل

بالسعي إىل رزق أسريت وتوقفت كثريا عن رحلة البحث تلك، حىت نالين عفو من هللا فاتسع وقيت للعودة إىل رحلة

عن معارج الوصول إىل نول رضاه وعفوه، وكانت البداية برتاث اإلمام ابن تيمية ألسباب شرحتها يف املضنيةالبحث

رمحه هللا وجزاه خري وهو عبارة عن مقتطفات من تراث هذا اإلمام العظيم، "االستقامة يف العبادة"متهيدي لكتاب

اجلزاء عما أفادنا به من احلرص على التمسك الصارم بشرع هللا وسنة رسوله وما كان عليه عمل الصحابة رضوان هللا

كتاب، ولكن ذهين، متاما فلم أستطع الفكاك من تراثه كتابا بعد فكرياوقد حدث أن استعبدين ابن تيمية. عليهم

وقد بلغت مشارف الثالثة والسبعني، كل عن القدرة على استيعاب أسلوبه املثقل باملعاين العميقة وحماوراته املتعمقة

على أال مينتتبع طروحاته اليت خترج من موضوع إىل آخر يف حماولة دائبةمع أصحاب الكالم والفلسفة والبدع، و

وحة حىت أصل إىل النتيجة املبتغاة بعد جولة طويلة يف أفكار متعددة منبثقة عن يضيع مين اخليط األساسي لألطر

وقد كان، وعدت إىل . ففكرت يف االسرتاحة مؤقتا بالعودة إىل شاعرية الغزايل الصوفية اجلميلة.الفكرة الرئيسية

ولعل هللا يغفر يل ذلك ملا فات من العمر دون التمسك بأهداب التقى ومبسالك اهلدى، املضيناإلحساس بالذنب

مبا أفعله من حماولة نقل مصابيح اإلمام الغزايل العظيمة إىل من أحب وأعرف من األهل واألصدقاء والباحثني عن

، لعلهم يهتدون إىل مسالك الوصول ومنازله يف وقت بصيص من نور اهلدى يف �اية نفق اإلنشغال بأمور الدنيا

، وما م يف مؤخر العمر عما فا`م من حسن الطاعة � وعبادته حق العبادة فيقيهم ذلك عن الندمبكر من عمرهم

ومن يصرب على بعض شطحات ".أيها الولد"كما أشار إليه اإلمام يف رسالته " سالك سبيل احلق"جيب أن يفعله

لصوفية، سيجد اإلمام الصوفية وعلى ما تبقي لديه من تأثريات بفرتيت االنغماس يف عامل املتكلمني والفالسفة وا

ستنارة بنور العلم واملعرفة الذي يهدي إىل منازل بإذن هللا ثروة من األفكار العظيمة اليت `دي سبيله إىل طريق اال

.اهلدى، كما مساها اإلمام

يبقى أن ألفت نظر األحباب أن هؤالء األئمة العظام كانوا يكتبون يف عصر مل تكن هناك فيه مطابع وال

هري، وإمنا تراثهم عبارة عن دروس كانوا يلقو�ا على مريديهم وطال]م يف املساجد أو بعض دور دور نشر للجما

العلم، أو مساجالت مع نظرائهم من األئمة ومفكري عصرهم من علماء الكالم والفلسفة واملذاهب الدينية الكثرية

الغزايل

5

منهمات اليت كان يعرفها من يتلقون العلموكانوا إذن يتحاورون ويصنفون باللغة واملصطلح. اليت كانت شائعة حينئذوا كتبهم يف قق، وقد اجتهد حم، وهي مصطلحات ولغات مل تعد شائعة يف عصرنايبادلو�م احلجة باحلجةمن أو

. شرح بعض تلك املصطلحات واملفردات، ولعل القارئ يصرب حىت يستوعبها ابتغاء ملا وراءها من فائدة حمققة

.وعلى هللا قصد السبيل. بالعفو والعافيةولعل هللا مين علينا

حممد مجال امام القاهرة اجلديدة

ه١٤٣٥ ربيع ثان ١٧ يف م٢٠١٤ فرباير ١٧املوافق

الغزايل

6

تعريف باإلمام "من ويكيبيديا، املوسوعة احلرة"

أبو حامد الغزايل

رسم تخيلي ألبي حامد الغزالي

حجة اإلسالم، وزين الدين، وشرف األئمة، وحمجة الدين،

والعامل األوحد، ومفيت األمة، وبركة األنام، وإمام أئمة الدين

تاريخ

:امليالد

هـ450 م1058

مكان

:امليالد

الدولة ،طوس طابران، أحد قسمي السلجوقية

هـ505 مجادى اآلخرة14 تاريخ

الغزايل

7

1111 ديسمرب19 :الوفاة

مكان :الوفاة

الدولة ،طوس طابران، أحد قسمي السلجوقية

شافعي :الفقه

أشعرية ،أهل السنة :العقيدة

القرن اخلامس اهلجري جمدد :درجته

الفقه أخذ عنه أمحد الراذكاين :تأثر بـ إمساعيل بن سعدة اإلمساعيلي

وعلم وأصوله الفقه أخذ عنه أبو املعايل اجلويين واملنطق الكالم

التصوف أخذ عنه الفضل بن حممد الفارمذي قرأ عليه عمر بن عبد الكرمي بن سعدويه

وصحيح مسلم صحيح البخاري

]2[]1[عبد القادر اجليالين :أثر بـ ]3[أبو بكر بن العريب

يليأبو عبد هللا اجل البارباباذي

حممد بن حيىي أبو العباس األقليشي

، أحد أهم أعالم عصره وأحد أشهر األشعري الشافعي الصويفأبو حامد حممد الغزايل الطوسي النيسابوري / هـ٥٠٥ - هـ٤٥٠ (]٤[،القرن اخلامس اهلجري علوم الدين اإلسالمي يف وجمددعلماء املسلمني يف التاريخ،

يف للشافعية الفقه إذ مل يكن شافعي الطريقة، صويف ، وكان وفيلسوفا وأصوليا فقيها كان ). م١١١١ - م١٠٥٨

الغزايل

8

املدرسة يف العقيدة، وقد عرف كأحد مؤسسي األشاعرة املذهب على طريقة سين ، وكان ]٥[.آخر عصره مثله

واجلويين الباقالينوكانوا (، أيب احلسن األشعري، وأحد أصوهلا الثالثة بعد ١علم الكالم يف السنـية األشعرية

زين الدين، : ، وله أيضا ألقاب مثل"حجة اإلسالم" لقب الغزايل بألقاب كثرية يف حياته، أشهرها لقب ]٦[).والغزايل .دين، والعامل األوحد، ومفيت األمة، وبركة األنام، وإمام أئمة الدين، وشرف األئمةوحمجة ال

، واملنطق، والتصوف، وعلم الكالم، والفقه الشافعي، الفلسفةكان له أثر كبري وبصمة واضحة يف عدة علوم مثل أبا املعايل اجلويين ليالزم نيسابور، مث انتقل إىل وسط ولد وعاش يف ]٧[.وترك عشرات الكتب يف تلك ا¾االت

ا بلغ عمره )امللقب بإمام احلرمني(املدرسة مدرسا يف بغداد سنة، رحل إىل ٣٤، فأخذ عنه معظم العلوم، ومل

يف تلك الفرتة اشتهر شهرة واسعة، وصار .نظام امللك السلجوقي بطلب من الوزير الدولة العباسية يف عهد النظامية من أفاضل الناس ٤٠٠ جملسه أكثر من مقصدا لطالب العلم الشرعي من مجيع البلدان، حىت بلغ أنه كان جيلس يف

سنوات من التدريس قرر اعتزال الناس والتفرغ للعبادة وتربية ٤ وبعد ]٨[.وعلمائهم يستمعون له ويكتبون عنه العلم سنة، تنقل خالهلا بني ١١خفية يف رحلة طويلة بلغت بغداد وكتبهم، فخرج من بالصوفيةنفسه، متأثرا بذلك

كخالصة لتجربته إحياء علوم الدين، كتب خالهلا كتابه املشهور واملدينة املنورة ومكة واخلليل والقدس دمشق .للصوفية) مكان للتعبد والعزلة (وخانقاه متخذا جبوار بيته مدرسة للفقهاء، طوسالروحية، عاد بعدها إىل بلده

حمتويات

نسبته ١ • والدته ونشأته ٢ • تعليمه ٣ • تدريسه ورحالته ٤ •

o الغزايل يف بغداد ٤.١ o رحلة الغزايل ٤.٢ o عودته إىل طوس ٤.٣

وفاته ٥ • الغزايل والفلسفة ٦ • الغزايل والتصوف ٧ •

o املراحل الفكرية اليت مر ]ا الغزايل ٧.١

)املعجم العريب األساسي(علم يرمي إىل إثبات العقائد الدينية بإيراد احلجج عليها 1

الغزايل

9

o استقراره على التصوف ٧.٢ o كتاب إحياء علوم الدين ٧.٣

تالميذ الغزايل ٨ • آثار الغزايل ٩ •

o من كتب الغزايل ٩.١ أقوال العلماء فيه ١٠ •

o املؤيدون ١٠.١ o املعارضون ١٠.٢

كتب وأحباث عن الغزايل ١١ • أعمال فنية ومؤسسية عن الغزايل ١٢ • املصادر ١٣ • وصالت خارجية ١٤ •

نسبته

، يكىن بأيب حامد لولد له مات نيسابوريال الطوسيهو أبو حامد حممد بن حممد بن حممد بن أمحد الغزايل يف تلك الصناعة، وينسب أيضا إىل حيث كان أبوه يعمل]٩[نسبة إىل صناعة الغزل،" الغزايل" ويعرف بـ ]٧[صغريا،

الناس يقولون يل الغزايل، ولست الغزايل، وإمنا «: ، وقد قال عن نفسهطوسنسبة إىل بلدة غزالة من قرى " الغزايل"هو ) بتشديد الزاي" (الغزايل" أن نسبته إىل ابن خلكان، وقد قال ]١٠[.»ا غزالةأنا الغزايل منسوب إىل قرية يقال هل

ة بأنه مل يسمع ببلدياقوت احلموي ويؤكد ذلك ما رواه الرحآلة ]١١[،"الغزايل"املشهور، وهو أصح من نسبته إىل ، واليت تعرف اآلن باسم خراسان املوجودة يف طوسنسبة إىل بلدة " الطوسي"ـ كما يعرف ب]١٢[.طوسالغزالة يف

وقد اختلف الباحثون يف أصل الغزايل أعريب أم فارسي، فهناك من ذهب على أنه .نإيرا موجودة يف مشهدمدينة من ساللة العرب الذين دخلوا بالد فارس منذ بداية الفتح اإلسالمي، ومن الباحثني من ذهب إىل أنه من أصل

]١٣[.فارسي

والدته ونشأته

، وقيل طوس، وهي أحد قسمي طوسمن قصبة " الطابران"، يف ١٠٥٨ املوافق هـ٤٥٠ولد أبو حامد الغزايل عام وبيعه الصوف وقد كانت أسرته فقرية احلال، إذ كان أباه يعمل يف غزل ]٥[.١٠٥٩ املوافق هـ٤٥١بأنه ولد عام

، رجال للصوفية كان أبوه مائال ]١٤[. والذي كان يصغره سنا أمحد، ومل يكن له أبناء غري أيب حامد، وأخيه طوس يف

الغزايل

10

وجيالسهم، ويقوم على خدمتهم، وينفق مبا أمكنه الفقهاءصاحلا ال يأكل إال من كسب يده، وكان حيضر جمالس ، فكان ابنه أبو حامد أفقه علماء زمانه، وكان ابنه أمحد واعظا فقيها أن يرزقه ابنا وجيعله إنفاقه، وكان كثريا يدعو هللا

إن يل لتأسفا عظيما على «: ، وقال لهمتصوف وملا قربت وفاة أبيهما، وصى ]ما إىل صديق له ]١٥[.مؤثرا يف الناس، »تعلم اخلط وأشتهي استدارك ما فاتين يف ولدي هذين فعلمهما وال عليك أن تنفذ يف ذلك مجيع ما أخلفه هلما

موال، ومل يستطع الصويف اإلنفاق فلما مات أقبل الصويف على تعليمهما حىت نفد ما خلفهما هلما أبومها من األاعلما أين قد أنفقت عليكما ما كان لكما وأنا رجل من الفقر والتجريد حبيث ال «: عليهما، عند ذلك قال هلما

مال يل فأواسيكما به وأصلح ما أرى لكما أن تلجئا إىل مدرسة كأنكما من طلبة العلم فيحصل لكما قوت طلبنا «: ففعال ذلك وكان هو السبب يف علو درجتهما، وكان الغزايل حيكي هذا ويقول، »يعينكما على وقتكما

]١٥[.»العلم لغري هللا فأىب أن يكون إال �

تعليمه

حيث ارحتل نيسابوروتظهر مدينة . إيران يف مشهد التارخيية، وهو حاليا مکان قريب من مدينة طوسموقع مدينة أبو املعايل اجلويينالغزايل مالزما

على يد الشيخ أمحد الراذكاين، مث رحل إىل طوس يف الفقه فأخذ ]١٦[، هـ٤٦٥ابتدأ طلبه للعلم يف صباه عام ، بينما يرى تاج الدين السبكيوهو أبو النصر اإلمساعيلي حبسب ( وطلب العلم على يد الشيخ اإلمساعيلي جرجان

]١٦[،) قبل والدة الغزايل هـ٤٢٨الباحث فريد جرب أنه إمساعيل بن سعدة اإلمساعيلي وليس أبا النصر ألنه تويف سنة ، واجهه قطاع طوس إىل جرجانن ، ويف طريق عودته م)أي دون علومه دون حفظ وتسميع(وقد علق عليه التعليقة

يع ما معي ومضوا فتبعتهم فالتفت إيل قطعت علينا الطريق وأخذ العيارون مج«: طرق، حيث يروي الغزايل قائال أسألك بالذي ترجو السالمة منه أن ترد علي تعليقيت فقط فما : فقلت له! ارجع وحيك وإال هلكت: مقدمهم وقال

كتبت يف تلك املخالة هاجرت لسماعها وكتابتها : فقلت: وما هي تعليقتك: فقال يل. هي بشيء تنتفعون بهكيف تدعي أنك عرفت علمها وقد أخذناها منك فتجردت من معرفتها وبقيت بال : فضحك وقال. ومعرفة علمها

الغزايل

11

٣ بعد ذلك قرر الغزايل االشتغال ]ذه التعليقة، وعكف عليه ]١٧[.»علم؟ مث أمر بعض أصحابه فسلم إيل املخالة . حىت حفظها هـ٤٧٣ إىل هـ٤٧٠سنوات من

يف وقته، ورئيس الشافعيةإمام (أبو املعايل اجلويين والزم إمام احلرمني نيسابور رحل الغزايل إىل هـ٤٧٣ويف عام ، وعلم الكالم، وأصول الفقه، وفقه اخلالف، الشافعية فقه، فدرس عليه خمتلف العلوم، من )املدرسة النظامية

ر حب«: بأنهأبو املعايل اجلويينوجد واجتهد حىت برع وأحكم كل تلك العلوم، ووصفه شيخه ، والفلسفة، واملنطق وعندما ألف الغزايل كتابه ]١٨[ يظهر اعتزازه بالغزايل، حىت جعله مساعدا له يف التدريس، وكان اجلويين]١٧[.»مغدق

]١٩[.»دفنتين وأنا حي، هال صربت حىت أموت؟«: قال له اجلويين" املنخول يف علم األصول"

تدريسه ورحالته

واليت املدرسة النظامية، ومؤسس ) هـ٤٨٥ - هـ٤٠٨ (الدولة السلجوقية أحد أبرز وزراء نظام امللكمتثال للوزير توىل أمرها الغزايل وهو يف الرابعة والثالثني من العمر

، "ابورعسكر نيس"أي " العسكر"، خرج الغزايل إىل ١٠٨٥ املوافق هـ٤٧٨ سنة أبو املعايل اجلويينعندما تويف ، وكان له جملس جيمع العلماء، فناظر الغزايل كبار العلماء يف )الدولة السلجوقيةوزير (نظام امللكقاصدا للوزير

زميال نظام امللك كان الوزير ]١٧[.جملسه وغلبهم، وظهر كالمه عليهم، واعرتفوا بفضله، وتلقوه بالتعظيم والتبجيل، وذلك عن السين والعقيدة األشعرية، الفقهي املذهب الشافعيللغزايل يف دراسته، وكان له األثر الكبري يف نشر

يف املدرسة النظامية بالتدريس يف نظام امللكرض املشهورة، واليت قبل الغزايل عاملدارس النظاميةطريق تأسيس ]٢٠[.، ومل يتجاوز الرابعة والثالثني من عمره١٠٩١ املوافق هـ٤٨٤ عام مجادى األوىل، وكان ذلك يف بغداد

الغزايل

12

الغزايل يف بغداد

، ودرس العباسي املقتدي بأمر هللا اخلليفة يف أيام]٢١[، هـ٤٨٤ سنة مجادى األوىل يف بغدادوصل الغزايل إىل وأقام على التدريس وتدريس . باملدرسة النظامية حىت أعجب به الناس حلسن كالمه وفصاحة لسانه وكمال أخالقه

ىت اتسعت شهرته وصار يشد له الرحال، ولقب يومئذ العلم ونشره بالتعليم والفتيا والتصنيف مدة أربعة سنوات، حشرف "و" زين الدين" بـ نظام امللك ولقبه ]٢٢[ملكانته العالية أثناء التدريس بالنظامية يف بغداد،" اإلمام"بـ

وحضر جمالسه ]٢٢[،وأصول الفقه وعلم الكالم الفقه من الطالب يف ٣٠٠ وكان يدرس أكثر من ]٢١[".األئمةرأيت الغزايل «: أبو بكر بن العريب حيث قال ]١٩[،وأيب بكر بن العريباألئمة الكبار كابن عقيل وأيب اخلطاب

]٨[،»ببغداد حيضر درسه أربعمائة عمامة من أكابر الناس وأفاضلهم يأخذون عنه العلم

ا�مك الغزايل يف البحث واالستقصاء والرد على الفرق املخالفة جبانب تدريسه يف املدرسة النظامية، فألف كتابه ومبينا `افت الفلسفةمهامجا " `افت الفالسفة"، مث نقده بكتابه الفالسفةيبني فيه منهج " مقاصد الفالسفة"

الذي كان منتشرا يف وقته والذي أصبح الباطنيون ) اإلمساعيليةوهم (للفكر الباطين مث تصدى الغزايل ]٢٣[.منهجهم، وتويف بعده اخلليفة ١٠٩١ املوافق هـ٤٨٥ عام نظام امللك حىت أ�م قد اغتالوا الوزير ]٢٤[ذوو قوة سياسية،، طلب من الغزايل أن حيارب الباطنية يف أفكارهم، فألف الغزايل املستظهر با�، فلما جاء اخلليفة املقتدي بأمر هللا

]٢٣[".قواصم الباطنية"و" حجة احلق"و" فضائح الباطنية"يف الرد عليهم كتب

رحلة الغزايل

الغزايل

13

وعلم التصوف أحد أهم الكتب اليت ورثها الغزايل، وأحد أهم الكتب يف موضوع إحياء علوم الدينكتاب ، وأ�اه يف القدس سنة، حيث ابتدأ التأليف به يف ١١األخالق، والذي ألفه خالل رحلة عزلته اليت دامت

]٣[املغرب العريب من أول اجلالبني لكتاب اإلحياء إىل أبو بكر ابن العريب وكان ]١٩[.دمشق

، وصحب الشيخ الفضل بن الصوفية، عكف على قراءة ودراسة علوم والباطنية الفلسفةبعد خوض الغزايل يف علوم فتأثر ]٢٥[).أبو القاسم القشريي، وهو تلميذ نيسابور يف عصره يف للصوفيةالذي كان مقصدا (حممد الفارمذي

الغزايل بذلك، والحظ على نفسه بعده عن حقيقة اإلخالص � وعن العلوم احلقيقية النافعة يف طريق اآلخرة، وشعر ، يقول بغدادأن تدريسه يف النظامية مليء حبب الشهرة والعجب واملفاسد، عند ذلك عقد العزم على اخلروج من

]٢٦[:عن نفسه

مث الحظت أحوايل، فإذا أنا منغمس يف العالئق، وقد أحدقت يب من اجلوانب، والحظت فإذا أنا فيها مقبل على علوم غري مهمة، وال نافعة يف - وأحسنها التدريس والتعليم - أعمايل

تعاىل، بل باعثها مث تفكرت يف نييت يف التدريس، فإذا هي غري خالصة لوجه هللا. طريق اآلخرةوحمركها طلب اجلاه وانتشار الصيت، فتيقنت أين على شفا جرف هار، وأين قد أشفيت على

فلم أزل أتردد بني جتاذب شهوات الدنيا، ودواعي اآلخرة، .. النار، إن مل أشتغل بتاليف األحوالويف هذا الشهر جاوز األمر حد االختيار إىل .هـ488 سنة رجب قريبا من ستة أشهر أوهلا

االضطرار، إذ أقفل هللا على لساين حىت اعتقل عن التدريس، فكنت أجاهد نفسي أن أدرس . ا لقلوب املختلفة إيل، فكان ال ينطق لساين بكلمة واحدة وال أستطيعها البتةيوما واحدا تطييب

مث ملا أحسست بعجزي، وسقط بالكلية اختياري، التجأت إىل هللا التجاء املضطر الذي ال حيلة له، فأجابين الذي جييب املضطر إذا دعاه، وسهل على قليب اإلعراض عن اجلاه واملال واألهل

ابوالولد واألصح

مكانه يف التدريس يف النظامية يف أمحد الغزايل، وقد ترك أخاه هـ٤٨٨ سنة ذي القعدة يف بغدادفكان خروجه من حذرا أن يعرف اخلليفة فيمنعه من للحج مكة قاصدا اإلقامة فيها، مظهرا أنه متجه إىل الشاموقد خرج إىل . بغداد

ومكث فيها قرابة السنتني ال شغل له إال العزلة واخللوة، ]٨[ يف نفس العام،دمشق فوصل ]٢٦[.الشامالسفر إىل ذيب األخالق فكان يعتكف يف مسجد دمشق، يصعد منارة املسجد طول . وا¾اهدة، اشتغاال بتزكية النفس، و

واملعروفة اجلامع األموييف زاوية الشيخ نصر املقدسي يف وكان يكثر اجللوس ]٢٦[ على نفسه الباب،النهار، ويغلق

الغزايل

14

. وقبة الصخرة املسجد األقصى واعتكف يف القدس بعد ذلك رحل الغزايل إىل ]١٧[.نسبة إليه" الزاوية الغزالية"اليوم بـ عاد إىل ، مث احلج ألداء فريضة واملدينة املنورة مكة، وما لبث أن سافر إىل فلسطني يف اخلليلمث ارحتل وزار مدينة

، وقد استقر أمره على "إحياء علوم الدين" ألف خالهلا أعظم كتبه ]٢٧[ سنة يف رحلته،١١، بعد أن قضى بغداد .الصوفية

، مث عاد هـ٤٨٨ إىل احلج سنة بغداد وغريمها، فإن الغزايل خرج أوال من وابن اجلوزي تاج الدين السبكيوحبسب دة، مث عاد وبقي يف ، فجاور فيها مالقدس، فلبث فيها أياما، مث توجه إىل هـ٤٨٩ فدخلها سنة دمشقمنها إىل

، واستمر جيول يف البلدان ويزور املشاهد ويطوف على مصر يف اإلسكندرية معتكفا يف جامعها، مث رحل وزار دمشق ]١٩[]١٧[. للتدريس فيهابغداداملساجد حىت عاد إىل

عودته إىل طوس

بياد بود امام حممد « مكتوب عليها بالفارسية رخامية، حيث وجد على مدخله لوحة أرضية طوسمبىن اهلارونية يف ]٢٨[".ذكرى اإلمام الغزايل"، أي »غزايل

٤٩٩ سنة ذي القعدة، فكان ذلك يف بغداد سنة من العزلة والتنقل، عزم الغزايل على العودة إىل ١١بعد قرابة ، وهناك مل يلبث أن استجاب إىل رأي طوس ومن مث إىل بلده نيسابور ومل يدم طويال حىت أكمل رحلته إىل ]٢٧[،هـ

مكرها، فدرس فيها مدة قليلة، وما لبث أن قتل فخر الدين امللك نيسابورالوزير فخر امللك للتدريس يف نظامية تخذا جبوار بيته مدرسة ، وسكن فيها، مطوسعلى يد الباطنية، من مث رحل الغزايل مرة أخرى إىل بلده طابران يف

الصوفية وجمالسة القرآنع أوقاته على وظائف من ختم ، ووز للصوفية) مكان للتعبد والعزلة (وخانقاهللفقهاء صحيح البخاري كما صحح قراءة أحاديث ]١٧[ وسائر العبادات،والصيام الصالةبة العلم وإدامة والتدريس لطل

يروي بعض الناس حال الغزايل عند ]٢٩[. على يد الشيخ عمر بن عبد الكرمي بن سعدويه الرواسيوصحيح مسلم، بغداددخل أبو حامد «: أول مرة، وحال دخوله إياها بعد رحلته، فعن أيب منصور الرزاز الفقيه، قالبغداددخوله

وعن » ، فقومنا ملبوسه مخسة عشر قرياطا بغدادفلما تزهد وسافر وعاد إىل . فقومنا ملبوسه ومركوبه مخسمائة دينار

الغزايل

15

جر فتوفرك على أزمانك حمسوب عليك وأنت كاملست«: أنه زار الغزايل فقال له الغزايل) وكان وزيرا للخليفة(وشروان أنال إله إال هللا، هذا الذي كان يف أول عمره يستزيدين فضل « : فخـرج أنوشروان وهو يقول» ذلك أوىل من زياريت

]١٩[.»لقب يف ألقابه، كان يلبس الذهب واحلرير

وفاته

قرب يعتقد أنه يعود أليب حامد الغزايل

، هـ٥٠٥ مجادى اآلخرة١٤، لبث فيها بضع سنني، وما لبث أن تويف يوم االثنني طوسبعد أن عاد الغزايل إىل روى أبو الفرج بن اجلوزي يف . ومل يعقب إال البنات]٥[،طوسيف مدينة " الطابران"، يف م١١١١ ديسمرب١٩املوافق ملا كان يوم اإلثنني وقت الصبح توضأ أخي أبو حامد «): أخو الغزايل (أمحد، عن "الثبات عند املمات"كتابه

، مث مد "مسعا وطاعة للدخول على امللك: "، فأخذه وقبله، ووضعه على عينيه وقال"بالكفنعلي : "وصلى، وقال :فقال. أوص : ، فقالوا له : وقد سأله قبيل املوت بعض أصحابه]٣٠[.»رجليه واستقبل القبلة ومات قبل اإلسفار

]١٩[.فلم يزل يكررها حىت مات» عليك باإلخالص«

، وقربه هناك ظاهر وبه "طابران" بأن الغزايل دفن يف مقربة تاج الدين السبكيوأما عن تعيني قربه، فقد روى يف مدينة مشهد قرب طوس أما حاليا فال يعرف قرب ظاهر للغزايل، إال أنه حديثا مت اكتشاف مكان يف ]١٧[.مزار بإعادة إعماره خالل رجب طيب أردوغان والذي أمر رئيس الوزراء الرتكي ]٣١[ حيث يعتقد بأنه قرب الغزايل،إيران

وليس يف بغداد وقد ادعى الشيخ فاضل الربزجني بأن قرب الغزايل موجود يف ]٣٢[.٢٠٠٩ ديسمرب يف إيرانزيارته إىل بأن قربه العراق الدكتور محيد جميد هدو، باإلضافة للوقف السين يف جبامعة بغدادا يؤكد أستاذ التاريخ ، بينمطوس

حيث أن املدفون يف ]٣٣[، وأن ما يتناقله الناس حول دفن الغزايل ببغداد، جمرد وهم شاع بني العراقيني،طوسيف ، وجاء إىل بغداد قبل حنو "كشف الصدا وغسل الرام" كتاب هو شخص صويف يلقب بالغزايل وهو مؤلفبغداد

]٣٤[.ثالثة قرون، وبعد فرتة من وفاته جاء من قال إن هذا قرب الغزايل، وهو وهم كبري وقع فيه الناس

الغزايل

16

الغزايل والفلسفة

فوجب «: كفره، فقالاملنقذ من الضالله يف كتابه الذي تعرض لنقد شديد من الغزايل، حىت أن ابن سينا الفيلسوف ]٣٦[» وأمثاهلماوالفارايب كابن سيناتكفريهم وتكفري شيعتهم من املتفلسفة اإلسالميني

حامد الغزايل قد أثرت يف تفكري الكثريين من أذكاء عصره وسلوكهم، وأدى ذلك إىل يف عصر أيب الفلسفةكانت فتصدى ]٣٧[.التشكيك يف الدين اإلسالمي واالحنالل يف األخالق، واالضطراب يف السياسة، والفساد يف ا¾تمع

ألكثر من سنتني، حىت استوعبها وفهمها، وأصبح كواحد الفلسفةأبو حامد الغزايل هلم بعد أن عكف على دراسة ، وعلمت يقينا أنه ال الفلسفة بعلم علم الكالممث إين ابتدأت بعد الفراغ من «: من كبار رجاهلا، يقول عن نفسه

.. يقف على فساد نوع من العلوم، من ال يقف على منتهى ذلك العلم، حىت يساوي أعلمهم يف أصل ذلك العلممث مل أزل أواظب على التفكر فيه بعد فهمه قريبا من .. شمرت عن ساق اجلد يف حتصيل ذلك العلم من الكتبف

سنة أعاوده وأردده وأتفقد غوائله وأغواره، حىت اطلعت على ما فيه من خداع، وتلبيس وحتقيق وختييل، واطالعا مل فإين «: مث بعد ذلك وصل إىل نتيجته قائال . مبينا منهجهم" مقاصد الفالسفة" وألف يف ذلك كتابه ]٣٨[،»أشك فيه

حلاد، وإن كان بني يلزمهم وصمة الكفر واإل- على كثرة أصنافهم -رأيتهم أصنافا، ورأيت علومهم أقساما وهم ]٣٨[.»القدماء منهم واألقدمني، وبني األواخر منهم واألوائل، تفاوت عظيم، يف البعد عن احلق والقرب منه

تناول الغزايل الفلسفة بالتحليل التفصيلي، وذكر أصنافهم وأقسامهم، وما يستحقون به من التكفري حبسب رأيه، وما تحليل العلمي للفلسفة، وأول عامل ديين يصنف يف ليس من الدين، بذلك اعترب الغزايل أول عامل ديين يقوم ]ذا ال

إىل العلوم الرياضية، اليونان إذ قسم الغزايل علوم فالسفة ]٣٩[.علومهم التجريبية النافعة، ويعرتف بصحة بعضها

الغزايل

17

، واإلهليات، والسياسات، واألخالقيات، وكان أكثر انتقاد الغزايل وهجومه على الفالسفة واملنطقيات، والطبيعيات بالفلسفة الغزايل فالسفة اإلسالم املتأثرينكفرما يتعلق باإلهليات، إذ كان فيها أكثر أغاليطهم حبسب الغزايل، وقد

مسألة مساه ٢٠ عشر مسألة، وألف كتابا خمصوصا للرد عليهم يف هذه ال ١٧ يف وبدعهم مسائل، ٣اليونانية يف يناابن س وفيه هاجم الفالسفة بشكل عام والفالسفة املسلمون بشكل خاص، وخاصة ]٣٩[،"`افت الفالسفة"

العقالنية يف العامل العريب، منذ ذلك الوقت الفلسفة فقد هامجهم هجوما شديدا، ويقال إنه قضى على والفارايبفصل املقال فيما بني " فرد على الغزايل يف كتابني أساسيني مها ابن رشد فجاء بعده ]٤٠[.ولعدة قرون متواصلة

]٤٠[".`افت التهافت"، مث "احلكمة والشريعة من االتصال

، فإن الغزايل يعد يف كثري من نظرياته النفسية س حممود العقادوعبا يوسف القرضاويوحبسب الباحثني أمثال والرتبوية واالجتماعية صاحب فلسفة متميزة، وهو يف بعض كتبه أقرب إىل متثيل فلسفة إسالمية، وأنه فيلسوف

وهذا ما صرح به كثريون من العرب والغربيني، حىت قال الفيلسوف املشهور ]٣٧[بالرغم من عدم كونه يريد ذلك، وقد رأى كثري من علماء املسلمني قدميا أن الغزايل رغم ]٤١[،»مل تنتج الفلسفة العربية فكرا مبتكرا كالغزايل«: رينان

بـلع الفالسفة، وأراد أن : شيخنا أبو حامد«: أبو بكر بن العريبحربه للفلسفة، مل يزل متأثرا ]ا، حىت قال تلميذه ]٤٢[.»يتقيأهم فما استطاع

الغزايل والتصوف

املراحل الفكرية اليت مر eا الغزايل

جزء من سلسلة

تاريخ التصوف

العقائد والعبادات

الغزايل

18

الصالة · الشهادتني · توحيد الزكاة · احلج · الصوم ·

أعالم التصوف عبد القادر اجليالين · فاعيالر إبراهيم · أمحد البدوي ·

أبو · احملاسيب · الدسوقي

سن ح · حامد الغزايل · أمحد السرهندي · البصري

أبو احلسن · ابن عريب القشريي · اجلنيد · الشاذيل

فكتب التصو الرسالة · إحياء علوم الدين

القشرييةقواعد · املكيةالفتوحات · احلكم العطائية · التصوف

التعرف على · قوت القلوب · مذهب أهل التصوف

اجلوهرة طرق الصوفية

· البدوية · القادرية · الرفاعية · النقشبندية · الدسوقية

· الشاذلية · السهروردية · املولوية · السنوسية · التيجانية اإلدريسية العروسية · البكداشية

مصطلحات علم التصوف · بقاء · فناء · املعرفة · احملبة

· الطريقة · الشيخ · سالك

الغزايل

19

وحدة الوجود · جتلي

مساجد

املسجد · املسجد احلرام النبوي

جامع · املسجد األقصى األزهر

جامع · نةجامع الزيتو القرويني

مسجد الدسوقي

بالد التصوف

· خراسان · دمشق · األغواط · البصرة · القدس

دسوق · فاس · اإلسكندرية بغداد · طنطا

املنقذ ، مر مبراحل كثرية يف حياته الفكرية، كما يرويها هو نفسه يف كتابه التصوفقبل أن يستقر أمر الغزايل على ما على حتصيل مبرحلة الشك ، فابتدأ من الضالل بشكل ال إرادي، واليت شك خالهلا يف احلواس والعقل ويف قدر

ليتفرغ بعدها ]٤٣[.العلم اليقيين، ودخل يف مرحلة من السفسطة غري املنطقية حىت شفي منها بعد مدة شهرين تقريبا املرض بفضله وسعة جوده، أحضرت وملا شفاين هللا من هذا«: لدراسة األفكار واملعتقدات السائدة يف وقته، يقول

وهم يزعمون أ�م : والباطنية. وهم يدعون أ�م أهل الرأي والنظر: املتكلمون: أصناف الطالبني عندي يف أربع فرق. م أهل املنطق والربهانوهم يزعمون أ�: والفالسفة. أصحاب التعليم، واملخصوصون باالقتباس من اإلمام املعصوم

فابتدرت لسلوك هذه «: ويتابع ويقول]٤٣[،»وهم يدعون أ�م خواص احلضرة، وأهل املشاهدة واملكاشفة: والصوفيةلفلسفة، ومثلثا بتعلم الباطنية، ومربعا الطرق، واستقصاء ما عند هذه الفرق مبتدئا بعلم الكالم، ومثنيا بطريق ا

حىت أتقنه وصار أحد كبار علمائهم، وصنف فيه عدة من علم الكالم فعكف على دراسة ]٤٣[.»بطريق الصوفيةال أنه مل جيد ضالته ، إ"االقتصاد يف االعتقاد"ا بعد مثل كتاب الكتب اليت أصبحت مرجعا يف علم الكالم فيم

يف حقي ) أي علم الكالم(فلم يكن الكالم «: املنشودة يف علم الكالم، ورآه غري واف مبقصوده، يقول عن نفسه

الغزايل

20

ودرسها وفهمها، مث نقدها بشدة سفةالفل بعد ذلك توجه لعلم ]٤٤[.»كافيا، وال لدائي الذي كنت أشكوه شافيا

.علم التصوفليستقر أمره على . فرد عليهم وهامجهم٢الباطنيةمث درس بعدها . `افت الفالسفةبكتابه

استقراره على التصوف

أليب طالب قوت القلوب: ، فابتدأ مبطالعة كتبهم مثلالتصوفجه حنو علوم بعد تلك املراحل بدأ اهتمام الغزايل يت كما أنه كان . وأيب يزيد البسطامي وأيب بكر الشبلي اجلنيد، واملتفرقات املأثورة عن احلارث احملاسيب، وكتب املكي

فتأثر ]م تأثريا كبريا، حىت ]١٩[،الطريقةحيضر جمالس الشيخ الفضل بن حممد الفارمذي الصويف، والذي أخذ عنه تنقل خالهلا بني ]٢٦[ سنة،١١، واعتزاله الناس وسفره ملدة دادبغ يف املدرسة النظاميةأدى به األمر لرتكه للتدريس يف

، وكانت "إحياء علوم الدين" التصوف، كتب خالهلا كتابه املشهور يف واملدينة املنورة ومكة واخلليل والقدس دمشق ]٢٦[:نتيجة رحلته الطويلة تلك أن قال

وانكشفت يل يف أثناء هذه اخللوات أمور ال ميكن إحصاؤها واستقصاؤها، والقدر الذي أذكره م أحسن ،هم السالكون لطريق هللا تعاىل خاصة الصوفية نتفع به أين علمت يقينا أنلي وأن سري

.السري، وطريقهم أصوب الطرق، وأخالقهم أزكى األخالق

كتاب إحياء علوم الدين

إحياء علوم الدين: مقالة مفصلة •

، والذي قد حاز شهرة وانتشارا ما مل يقاربه "ء علوم الدينإحيا" كتابه التصوفكان من أشهر مؤلفات الغزايل يف وقد امتدح الكتاب غري ]٤٥[.أي كتاب من كتبه األخرى، حىت صارت نسخه املخطوطة مبثوثة يف مكتبات العامل

: احملدث الذي خرج أحاديث اإلحياء، حيث قال عنهعبد الرحيم العراقيواحد من علماء اإلسالم، مثل ما قاله إنه من أجل كتب اإلسالم يف معرفة احلالل واحلرام، مجع فيه بني ظواهر األحكام، ونزع إىل سرائر دقت عن «

حبيث يتعذر الرجوع إىل الساحل، بل مزج فيه األفهام، مل يقتصر فيه على جمرد الفروع واملسائل، ومل يتبحر يف اللجةعلمي الظاهر والباطن، ومرج معانيها يف أحسن املواطن، وسبك فيه نفائس اللفظ وضبطه، وسلك فيه من النمط

كما ألف الكثري من الكتب يف شرح واختصار ]٤٦[،»من مل يقرأ اإلحياء فليس من األحياء«: ، وقال غريه»أوسطه والذي ألفه الغزايل نفسه للرد على من انتقده يف" اإلمالء على مشكل اإلحياء"اإلحياء والدفاع عنه، مثل كتاب

تعريف األحياء بفضائل "للزبيدي، و" إحتاف السادة املتقني بشرح إحياء علوم الدين"عصره، وكذلك كتاب

)املعجم العريب األساسي(كل ظاهر باطنا ولكل تنزيل تأويال جمموعة فرق إسالمية قوام معتقدها أن ل 2

الغزايل

21

لعبد الرحيم " املغين عن محل األسفار يف ختريج ما يف اإلحياء من األخبار"، وكذلك لعبد القادر العيدروس" اإلحياءالبن " منهاج القاصدين"، و"لباب اإلحياء" يف كتاب أمحد الغزايلأما االختصارات، فقد اختصره أخوه . العراقي .، وغريها الكثرياجلوزي

، وإيراده لقصص األحاديث الضعيفةاء اإلحياء منتقدين فيه كثرة وعلى العكس من ذلك، فقد ذم مجع من العلم. ]٤٧[.»زجى البضاعة يف احلديثأنا م « وقد أقر الغزايل بضعفه يف علم احلديث، حيث قال عن نفسه ]٤٦[،الصوفية

أليب احلسن " ى كتاب اإلحياءإحياء ميت األحياء يف الرد عل"وألفت عدة كتب يف الرد على اإلحياء، مثل كتاب ألمحد " الضياء املتاليل يف تعقب اإلحياء للغزايل" و]١٠[،البن اجلوزي" إعالم األحياء بأغالط اإلحياء"ابن سكر، و

ثاين أمراء علي بن يوسف بن تاشفنيهد ابن املنري، حىت وصل األمر أن أمر حبرق كتاب اإلحياء يف قرطبة على عالعلم والفقه احلقيقي هلا الغزايل بأن اليت وصل سبب تسمية الكتاب بإحياء علوم الدين هو القناعة ]٤٥[.املرابطني

، وهو بذلك يذم ما يسمى علوما هو الذي ينعكس على سلوك اإلنسان نتيجة يقينه بأن اآلخرة خري من األوىلدينية تبىن على اإلغراق يف التفاصيل الفقهية وترتيب املناظرات والفوز ]ا، وقد قسم الكتاب إىل أربع أجزاء بعد

.عن العلم والتفريق بني أنواعهمفدمة

موضحا لبعض التفاصيل الدقيقة املتعلقة بأثر العبادات هذه على ربع العبادات كالصالة والزكاة واحلج • .قلب اإلنسان

. كالزواج والعمل الكتساب الرزقربع العادات • نس وجعلهما بابا واحدا شهويت الطعام واجل يف كالغرور والتكرب وحب الدنيا واجلاه واإلفراطربع املهلكات • ، مث تكلم عن الصرب حقيقتها معرفة هللا مث اخلجل منه فالندم واالعتذار بدأه بالتوبة وأن ربع املنجيات •

.واخلوف من هللا وعبادة التفكر

مث معظم ما كتبه الغزايل يف اإلحياء يبدأ عادة بشرح واستدالل بآية من القرآن الكرمي مث حبديث مث بأخبار الصحابة بأخبار الصاحلني

تالميذ الغزايل

كانت مدرسة الغزايل تضم عشرات التالميذ األذكياء، وقد أثر الغزايل ثأثرا كبريا يف مجهور كبري من تالميذه، وذكر ]٤٨[:الزبيدي منهم

. على الغزايلطوس، وتفقه يف هـ٥٤٤أبو النصر أمحد بن عبد هللا بن عبد الرمحن اخلمقدي، تويف سنة •

الغزايل

22

، هـ٤٨٦، تويف "جندة" وامللقب بـ طوسأبو منصور حممد بن إمساعيل بن احلسني العطاري، الواعظ يف • . على الغزايلطوسوتفقه يف

املدرسة يدرس يف ن، مث تفقه على الغزايل، وكاحنبليا أبو الفتح أمحد بن علي بن حممد بن برهان، وكان • . هـ٥١٨ للطالب، تويف إحياء علوم الدين علوم شىت، ودرس النظامية

. هـ٥٥٤بو سعيد حممد بن أسعد التوقاين، تويف أ • ".املهدي"أبو عبد هللا حممد بن عبد هللا بن تومرت املصمودي، امللقب بـ • .بغداديف أبو حامد حممد بن عبد امللك اجلوزقاين اإلسفراييين، تفقه على الغزايل • .حممد بن حيىي بن منصور، وهو من أشهر تالمذته، تفقه على الغزايل، وشرح كتابه الوسيط • عند عودته املغرب العريب إىل إحياء علوم الدين، القاضي املالكي، وهو من محل كتابه أبو بكر بن العريب •

. هـ٤٩٥من رحلته املشرقية عام أمحد بن معد بن عيسى بن وكيل التجييب الداين األقليشي، مل يكن له لقاء مباشر مع الغزايل، فإن أخذه •

عافريأبو بكر بن العريبوروايته ملؤلفات اإلمام، كانت عن طريق شيخيه . وعباد بن سرحان امل

آثار الغزايل

مؤلفات أيب حامد الغزايل: مقالة مفصلة •

صندوق لقلم يعود لإلمام الغزايل، موجودة يف متحف القاهرة

الغزايل

23

للغزايل" كيماء السعادة"خمطوطة قدمية لكتاب

إن : الكثري من الكتب يف خمتلف صنوف العلم، حىت أنه قيل) سنة٥٥(ألف اإلمام الغزايل خالل مدة حياته قائمة وكامل عياد مجيل صليباوقد وضع الباحثان . تصانيفه لو وزعت على أيام عمره أصاب كل يوم كتاب

وبسبب شهرة الغزايل وتصانيفه، ]٤٩[.تابا ورسالة، ما بني مطبوع وخمطوط ومفقود ك٢٢٨مبؤلفات الغزايل ضمت فقد ذكر املتقدمون، من . سائل، وأصبح من الصعب حتديد صحة نسبتها إليهنسبت إليه الكثري من الكتب والر

) هـ٧٧١. ت (وتاج الدين السبكي) هـ٥٤٣. ت (وأبو بكر بن العريب) هـ٥٢٩. ت (يعبد الغافر الفارسأمثال ن ، الكثري من تصانيف الغزايل، واعتمد الباحثو ) هـ١٢٠٥. ت (املرتضى الزبيدي) هـ٩٦٨. ت (وطاش كربى زادة

.على هذه املصادر يف حتديد مصنفات الغزايل

جوشهرق يف البحث يف مؤلفات الغزايل، فنشر املستشاملستشرقونويف منتصف القرن التاسع عشر امليالدي، بدأ وجولد ماكدونلدمث تاله . م، تنوال فيه أربعني مؤلفا للغزايل، وحوال أن حيقق صحة نسبتها إليه١٨٥٨حبثا سنة

عبد الرمحن مث جاء ]٥٠[. وغريهم بأحباث أخرى تناولت نفس املوضوعوبويج ومونتكمري وات وماسينيون تسهري م، وفيه تناول البدوي ١٩٦٠/ هـ ١٣٨٠ونشر سنة » مؤلفات الغزايل«بعمل ضخم يف كتاب أمساه البدوي :حو التايل مصنفا ينسب إىل الغزايل، وقسمه على الن٤٥٧

.كتب مقطوع بصحة نسبتها إىل الغزايل: ٧٢ إىل ١من • .كتب يدور الشك يف صحة نسبتها إىل الغزايل: ٩٥ إىل ٧٣من •

الغزايل

24

.كتب من املرجح أ�ا ليست للغزايل: ١٢٧ إىل ٩٦من •

.أقسام من كتب الغزايل أفردت كتبا مستقلة، وكتب وردت بعنوانات مغايرة: ٢٢٤ إىل ١٢٨من •

.حولةمنكتب : ٢٧٣ إىل ٢٢٥من •

.كتب جمهولة اهلوية: ٣٨٠ إىل ٢٧٤من •

.خمطوطات موجودة ومنسوبة إىل الغزايل: ٤٥٧ إىل ٣٨١من •

ما يتعلق منها بالكتب املقطوع "وأخريا أتى مشهد العالف ببحث إستدرك ]ا على ما جاء به البدوي، وخصوصا

]٥١[".بصحة نسبتها للغزايل فقد تضمنت بعض املنحوالت

من كتب الغزايل

:لكتب املنسوبة للغزايلهذا ثبت بأهم ا

يف العقيدة وعلم الكالم :والفلسفة واملنطق

االقتصاد يف •

.االعتقاد

بغية املريد يف •

.التوحيد مسائل

إجلام العوام عن •

.علم الكالم

املقصد األسىن •

شرح أمساء هللا

.احلسىن

املعارف العقلية •

ولباب احلكمة

.اإلهلية

القانون الكلي •

.يف التأويل

يف علم الفقه وأصوله وعلم :اجلدل

التعليقة يف فروع •

.املذهب

.البسيط يف الفروع •

الوسيط، يف فقه •

.الشافعي اإلمام

، يف فقه الوجيز •

.يالشافع اإلمام

.فتاوى الغزايل •

غاية الغور يف دراية •

املسألة الدور، يف

.السرجيية

املستصفى يف علم •

.أصول الفقه

املنخول يف علم •

:يف علم التصوف

.إحياء علوم الدين •

اإلمالء على مشكل •

.اإلحياء

.بداية اهلداية •

.أيها الولد •

أسرار معامالت •

.الدين

روضة الطالبني •

.وعمدة السالكني

األربعني يف أصول •

.الدين

مدخل السلوك ايل •

.منازل امللوك

.ميزان العمل •

، كيمياء السعادة •

:متنوعات

.املنقذ من الضالل •

املضنون به على غري •

.أهله

املضنون به على •

.أهله

جواهر القرآن •

.ودرره

.حقيقة القرآن •

احلكمة يف خملوقات •

.هللا

الترب املسبوك يف •

.نصحية امللوك

. املنفرجةالقصيدة •

شفاء الغليل يف •

بيان الشبه واملخيل

الغزايل

25

رقة فيصل التف •بني اإلسالم

.والزندقة .فضائح الباطنية •حجة احلق، يف •

الرد على .الباطنية

.قواصم الباطنية •مقاصد •

.الفالسفة`افت •

.الفالسفةمعيار العلم يف •

.املنطق فن حمك النظر يف •

.املنطق .ميزان العمل •

.األصول .`ذيب األصول • .املباديء والغايات •شفاء الغليل يف •

.القياس والتعليلالقسطاس •

.املستقيم .أساس القياس •املنتحل يف علم •

.اجلدل .مآخذ اخلالف • .لباب النظر •حتصني املآخذ يف •

.علم اخلالفجواب مفصل •

.اخلالف

وقد كتبه بالفارسية ( .)وترجم إىل العربية

وقد (زاد اآلخرة، •كتبه بالفارسية

.)وترجم إىل العربيةمكاشفة القلوب •

املقرب إىل حضرة .عالم الغيوب

سر العاملني وكشف • .ما يف الدارين

.منهاج العابدين • .منهاج العارفني •معارج القدس يف •

.مدارج معرفة النفس .مشكاة األنوار • .الرسالة اللدنية •الكشف والتبيني يف •

.غرور اخللق أمجعني .يستلبيس إبل •

.ومسالك التعليل

أقوال العلماء فيه

املؤيدون

وحميي علوم الدين، ]٥٢[كان أبو حامد الغزايل عند مجهور املتقدمني حجة اإلسالم وجمدد القرن اخلامس اهلجري، :وكان من أقوال من أثىن عليه ومدحه

الغزايل

26

]١٧[.الغزايل حبر مغدق: أبو املعايل اجلويينشيخه •يخ اإلمام البحر، حجة اإلسالم، أعجوبة الزمان، زين الدين أبو حامد حممد بن حممد بن الش: الذهيب •

]١٠[.حممد بن أمحد الطوسي الشافعي، الغزايل، صاحب التصانيف والذكاء املفرطصنف الكتب احلسان يف األصول والفروع، اليت انفرد حبسن وضعها وترتيبها، وحتقيق الكالم : ابن اجلوزي •

]١٩[.فيهاإىل دار السالم، جامع أشتات العلوم، حجة اإلسالم وحمجة الدين اليت يتوصل ]ا : تاج الدين السبكي •

واملربز يف املنقول منها واملفهوم، جرت األئمة قبله بشأو ومل تقع منه بالغاية، وال وقف عند مطلب وراء ]١٧[.مطلب ألصحاب النهاية والبداية

أبو حامد إمام الفقهاء على اإلطالق ورباين األمة باإلتفاق، وجمتهد زمانه وعني أوانه، وكان : ابن النجار • ]٥٣[.شديد الذكاء، قوي اإلدراك، ذا فطنة ثاقبة، وغوص على املعاين

]٥٤[.إذا عرضت لكم إىل هللا حاجة فتوسلوا إليه باإلمام أيب حامد: أبو احلسن الشاذيل • ]٥٤[.إنا لنشهد له بالصديقية العظمى: أبو العباس املرسي •اإلمام زين الدين حجة اإلسالم، أبو حامد أحد األعالم، صنف التصانيف مع : ابن العماد احلنبلي •

]٨[.التصون والذكاء املفرط واالستبحار يف العلم وباجلملة ما رأى الرجل مثل نفسه .كان من أذكياء العامل يف كل ما يتكلم فيه: ابن كثري •ان أشهر من لقينا من العلماء يف اآلفاق، ومن سارت بذكره الرفاق لطول باعه يف ك: أبو بكر ابن العريب •

]٥٥[.العلم، ورحب ذراعه، اإلمام أبو حامد بن حممد الطوسي الغزايل ]٣٥[.ال يصل إىل معرفة علم الغزايل وفضله إال من بلغ أو كاد يبلغ الكمال يف عقله: أسعد امليهين •أبو حامد الغزايل حجة اإلسالم واملسلمني، إمام أئمة الدين، من مل تر : عبد الغافر بن إمساعيل الفارسي •

.العيون مثله لسانا وبيانا ونطقا وخاطرا وذكاء وطبعا ]٥٣[.الغزايل هو الشافعي الثاين: تلميذه حممد بن حيىي •تز الطروس، وبسماعه ا: األسنوي • لغزايل إمام بامسه تنشرح الصدور وحتيا النفوس، وبرمسه تفتخر احملابر و

وهو قطب الوجود والربكة الشاملة لكل موجود وروح خالصة أهل . ختشع األصوات وختضع الرؤوس ]٨[.و زنديقاإلميان والطريق املوصلة إىل رضا الرمحن يتقرب إىل هللا به كل صديق وال يبغضه إال ملحد أ

الغزايل

27

املعارضون

من قادة الفكر، مجاعة ممن انتقدوه، فأنكروا عليه بعض ما كتب يف كتبه، أو بعض كان أليب حامد الغزايل، كغريه ]٥٢[لمه وفضله،، وحىت من انتقده فقد أشاد بعوالتصوفما تبناه من أفكار، أو بعض ما اختاره من طريق الزهد

:ممن انتقدهفكان

، وإدخاله الصوفية، والذي انتقد الغزايل يف هجرانه للعلوم الشرعية، وإقباله على طريق أبو بكر الطرطوشي •، متهما إياه »كاد ينسلخ من الدين« حىت قال عنه أنه ، وانتقاده فيما بعد للفقهاء واملتكلمني،الفلسفة

على انتقاد الطرطوشي، تاج الدين السبكيولقد رد . » وال خبري مبعرفتهاالصوفيةغري أنيس بعلوم «بأنه كان ذا قدم راسخ يف التصوف، وإن مل يكن الغزايل يدري «وقال بأن الغزايل درس الفلسفة لينقضها، وأنه

]٥٦[.»دريهالتصوف فمن ي إيراده األحاديث الضعيفة، وأنكر عليه قراءته إحياء علوم الدين، والذي أنكر على الغزايل يف كتابه املازري •

، وبني علة إنكاره على الغزايل، أال وهي التعصب أليب حسن تاج الدين السبكيللفلسفة، فرد عليه أيضا أبا حسن األشعري يف الفقه، فقد كان الغزايل رمبا خالف ملالك بن أنس، وتعصبه علم الكالماألشعري يف

طأ شيخ السنة أبا احلسن األشعري فـهو من خ« حىت أن املازري قال علم الكالميف مسائل فرعية يف كما رد عليه يف مسألة أحاديث كتاب اإلحياء، بأن الغزايل مل يكن ذا علم غزير يف . »املخطيء

عامة ما يف اإلحياء من األخبار واآلثار مبدد يف كتب من سبقه من الصوفية «، وأن ويةاألحاديث النب ]٥٦[.»والفقهاء

تاج الدين ، ورد أيضا عليهأصول الفقه يف علم املنطقاله ، وقد انتقده بسبب إدخابن الصالح • ]٥٦[.السبكي

، تلبيس إبليس، له كالم يف مدح الغزايل، وله كالم يف انتقاده، وذلك يف عدة مواضع يف كتابه ابن اجلوزي • ]٥٢[".إعالم األحياء بأغالط اإلحياء" مساه إحياء علوم الدين يف الرد على وقد ألف أيضا كتابا

]٥٢[".الرسالة السبعينية"، وقد انتقده بقوة أيضا، وذلك يف مواضع متعددة يف فتاويه، ويف كتابه ابن تيمية •

كتب وأحباث عن الغزايل، دار سليمان دنيا احلقيقة يف نظر الغزايل، •أبو حامد الغزايل املفكر الثائر، حممد الصادق •

الغزايل

28

.عرجون، الدار القومية للطباعة والنشر، مصر

أبو حامد الغزايل دراسات يف فكره وعصره وتأثريه، •

.ة اآلداب والعلوم اإلنسانية بالرباط، املغربكلي

أعالم املسلمني اإلمام الغزايل، صاحل أمحد الشامي، •

.دار القلم، دمشق

، دار يوحنا قمري ، )سلسلة فالسفة العرب(الغزايل •

.املشرق

األخالق عند الغزايل، زكي مبارك، دار اجليل، •

.بريوت

اآلداب التعاملية يف فكر اإلمام الغزايل، أمحد •

خواجة، املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر،

.بريوت

يوسف ،اإلمام الغزايل بني مادحيه وناقديه •

.، مؤسسة الرسالة، بريوتالقرضاوي

اإلمام الغزايل وعالقة اليقني بالعقل، حممد إبراهيم •

.الفيومي، دار الفكر العريب، القاهرة

وب دخل الرتبية اإلسالمية عند اإلمام الغزايل، أي •

.هللا، املكتبة العصرية، بريوت

والغزايل، اجلنيد التصوف السين حال الفناء بني •

.جمدي حممد إبراهيم، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة

ة، عبد الفتاح حممد التصوف بني الغزايل وابن تيمي •

.سيد أمحد، دار الوفاء، املنصورة

.املعارف، مصر

، حممد عقيل بن اإلمام الغزايل وعلم احلديث •

.علي املهديل، دار احلديث، القاهرة

الفيلسوف الغزايل، عبد األمري األعسم، دار •

.قباء للطباعة والنشر

الالمعقول وفلسفة الغزايل، حميي الدين •

.عزوز، الدار العربية للكتاب، ليبيا

املنهج الفلسفي بني الغزايل وديكارت، •

.، دار املعارف، القاهرةحممود محدي زقزوق

حجة اإلسالم اإلمام الغزايل، مأمون غريب، •

.مركز الكتاب للنشر

دور الغزايل يف الفكر، حسن الفاتح قريب •

.، مطبعة األمانة، مصرهللا

حممد رشاد مقارنة بني الغزايل وابن تيمية، •

.، دار القلم، الكويتسامل

، وكالة عبد الرمحن بدوي مؤلفات الغزايل، •

.املطبوعات، الكويت

الغزايل، مصطفى غالب، منشورات دار •

. لبنان-مكتبة اهلالل، بريوت

املصادر .١٨٤ماجد الكيالين، ص: هكذا ظهر جيل صالح الدين وهكذا عادت القدس، تأليف ^ .١

الغزايل

29

الشيخ عبد القادر الكيالين رؤية تارخيية معاصرة ، تأليف مجال الدين فاحل الكيالين ، مؤسسة ^ .٢ .٦٣ ،ص٢٠١١مصر مرتضى ، بغداد ،

٣. ^ Jump up to :نظم األقليشي يف الدفاع عن فكر الغزايل، الدكتورة حياة قارة، كلية ت ب أ .لرباطاآلداب، ا

عون املعبود شرح سنن "حتفة املهتدين بأخبار ا¾ددين، السيوطي، كما هي منقولة يف كتاب ^ .٤ .، دار الكتب العلمية٢٦٥، ص١١، ج"أيب داود

٥. ^ Jump up to :٢١٩-٢١٦، ٤ احلموي، جمعجم البلدان، ياقوت ت ب أ. .٣، ط٢٣٢اجلانب اإلهلي من التفكري اإلسالمي، حممد البهي، ص ^ .٦٧. ^ Jump up to :دار قباء، ٣٢- ٢٧الفيلسوف الغزايل، عبد األمري األعسم، ص ب أ ،

.١٩٩٨ط٨. ^ Jump up to :ابن العماد احلنبلي شذرات الذهب يف أخبار من ذهب، ج ث ت ب أ .٤شذرات من ذهب يف أخبار من ذهب، ابن العماد، ج ^ .٩

١٠. ^ Jump up to :١٩سري أعالم النبالء، الذهيب، ج ت ب أ. .٩٨، ص١وفيات األعيان، ابن خلكان، ج ^ .١١ .٥٦١، ص٣وت احلموي، جمعجم البلدان، ياق ^ .١٢انظر مقدمة حتقيق كتاب الوجيز يف الفقه، اإلمام الغزايل، علي معوض وعادل عبد ^ .١٣

.١٩٩٧، ١ار األرقم، بريوت، طاملوجود، د .٣٥حجة اإلسالم، العزيزي، ص ^ .١٤١٥. ^ Jump up to :٦عية الكربى، تاج الدين السبكي، جطبقات الشاف ب أ ،

.١٩٤-١٩١ص١٦. ^ Jump up to :١٧سرية الغزايل، عبد الكرمي العثمان، ص ب أ. ١٧. ^ Jump up to :طبقات الشافعية الكربى، تاج الدين السبكي، ذ د خ ح ج ث ت ب أ

.٢٠١-١٩٥، ص٦ج .١٥٩رجال الفكر والدعوة يف اإلسالم، أبو احلسن الندوي، ص ^ .١٨١٩. ^ Jump up to :األمم، ابن اجلوزي، املنتظم يف تاريخ امللوك و د خ ح ج ث ت ب أ

.هـ٥٠٥، سنة ٩ج .٥٥اإلمام أبو حامد الغزايل، مصطفى جواد، ص ^ .٢٠

الغزايل

30

٢١. ^ Jump up to :أحداث سنة ١١٨، ص١٦البداية والنهاية، ابن كثري، ج ب أ ،

. هـ٤٨٤

٢٢. ^ Jump up to :مية، جملة املعلم اجلديد العراقية، حسني التعليم يف املدرسة النظا ب أ

.٣٥، ص١٩٥٥، سنة ١٨، ج٦أمني، ج

٢٣. ^ Jump up to :ر ، دا٤٠- ٣٨الفيلسوف الغزايل، عبد األمري األعسم، ص ب أ

.١٩٩٨قباء، ط

.٢٧٨خمتصر تاريخ العرب، أمري علي، ص ^ .٢٤

.٣٠٦، ص٥طبقات الشافعية الكربى، تاج الدين السبكي، ج ^ .٢٥

٢٦. ^ Jump up to :١٧٠املنقذ من الضالل، أبو حامد الغزايل، ص ج ث ت ب أ-

.، دار الكتب احلديثة١٧٧

٢٧. ^ Jump up to :دار ، ١٩٠-١٨٠املنقذ من الضالل، أبو حامد الغزايل، ص ب أ

.الكتب احلديثة

. اهلارونية: القبسجريدة ^ .٢٨

. هـ٥٠٣، أحداث سنة ٢٠٨، ص١٦ة، ابن كثري، جالبداية والنهاي ^ .٢٩

.ات عند املمات، ابن اجلوزيالثب ^ .٣٠

. قرب اإلمام الغزايل:موقع اإلمام الغزايل ^ .٣١

. إعادة إعمار قرب اإلمام الغزايل:صحيفة تركية ^ .٣٢

اإلدعاء بأن قرب الغزايل يف بغداد غايته استغالل : الوقف السين:جريدة املؤمتر ^ .٣٣

.وأكد ان القرب يقع يف مدينة طوس.. الناس

. جدل عراقي حول قرب اإلمام الغزايل:اجلزيرة نت ^ .٣٤

٣٥. ^ Jump up to :٦طبقات الشافعية الكربى، تاج الدين السبكي، ج ب أ ،

.٢٢٤-٢٢٠ص

.١٣٧املنقذ من الضالل، أبو حامد الغزايل، ص ^ .٣٦

٣٧. ^ Jump up to :اإلمام الغزايل بني مادحيه وناقديه، يوسف القرضاوي، ب أ

.١، مؤسسة الرسالة، ط٤٥-٢٠ص

٣٨. ^ Jump up to :١٢٧-١٢٦املنقذ من الضالل، أبو حامد الغزايل، ص ب أ.

٣٩. ^ Jump up to :بد الفتاح حممد سيد أمحد، التصوف بني الغزايل وابن تيمية، ع ب أ

.١، دار الوفاء، ط٧٢-٦٤ص

الغزايل

31

٤٠. ^ Jump up to :٢٠٠٥ الفلسفة يف القرون الوسطى، جون مارينبون، :البيان ب أ. .٥٥٣مية ورجاهلا، عبده الشمايل، صدراسات يف تاريخ الفلسفة العربية اإلسال ^ .٤١ .٣٢٧، ص١٩سري أعالم النبالء، الذهيب، ج ^ .٤٢٤٣. ^ Jump up to :دار ١١٨-١١٢املنقذ من الضالل، أبو حامد الغزايل، ص ت ب أ ،

.الكتب احلديثة .، دار الكتب احلديثة١٢٤املنقذ من الضالل، أبو حامد الغزايل، ص ^ .٤٤٤٥. ^ Jump up to :أبو حامد الغزايل وكتابه إحياء علوم الدين، عبد هللا بن سامل ب أ

.البطاطي٤٦. ^ Jump up to :الدرر السنية، إحياء علوم الدين ب أ. موقع الصوفية. !من أجل ذا حرقت كتب الغزايل. ^ .٤٧

. م٢٠١٣وصل هلذا املسار يف شباط ). هـ١٤٣٤ صفر ٢٠( .٥٥، ص١إحتاف السادة املتقني بشرح إحياء علوم الدين، الزبيدي املرتضى، ج ^ .٤٨. دمشق-هئية املوسوعة العربية سورية. املوسوعة العربية . )أبو حامد ـ(الغزايل . ^ .٤٩

.٢٠١٣وصل هلذا املسار يف آذار وكالة : الكويت). الطبعة الثانية (مؤلفات الغزايل). ١٩٧٧ (بدوي، عبد الرمحن ^ .٥٠

.١٥–٩ صفحات. املطبوعاتوصل هلذا املسار . موقع اإلمام الغزايل. كتب اإلمام الغزايل الثابت منها واملنحول. ^ .٥١

.٢٠١٣يف شباط ٥٢. ^ Jump up to :اإلمام الغزايل بني مادحيه وناقديه، يوسف القرضاوي، ث ت ب أ

.١، مؤسسة الرسالة، ط٩٢-٨٤ص٥٣. ^ Jump up to :٦طبقات الشافعية الكربى، تاج الدين السبكي، ج ت ب أ ،

.٢٠٣-٢٠٢ص٥٤. ^ Jump up to :٩٧، صابن عطاء هللا السكندريلطائف املنن، ب أ. .١٩٥دور املرابطني يف نشر اإلسالم يف غرب إفريقيا، عصمت دندش، ص ^ .٥٥٥٦. ^ Jump up to :٦طبقات الشافعية الكربى، تاج الدين السبكي، ج ت ب أ ،

.٢٥٨-٢٤٠ص . افتتاح الكرسي املكتمل لفكر الغزايل يف األقصى:مؤسسة األقصى ^ .٥٧ .كيميائي السعادة.. فيلم الغزايل:موقع أمازون ^ .٥٨

الغزايل

32

. مسلسل اإلمام الغزايل:سينما دوت كوم ^ .٥٩

الغزايل

33

يا أيها الولد

.احلمد � رب العاملني، والعاقبة للمتقني، والصالة والسالم على نبيه حممد وآله أمجعنيحدا من الطلبة املتقدمني الزم خدمة الشيخ اإلمام زين الدين حجة اإلسالم أيب حامد بن حممد إعلم أن وا

مث . الغزايل، قدس هللا روحه، واشتغل بالتحصيل وقراءة العلم عليه حىت مجع دقائق العلوم، واستكمل فضائل النفسمن العلوم وصرفت ريعان عمري على تعلمها إين قرأت أنواعا : وقال،إنه تفكر يوما يف حال نفسه، وخطر على باله

ومجعها، واآلن ينبغي يل أن أعلم أي نوعها ينفعين غدا ويؤنسين يف قربي؟ وأيها ال ينفعين حىت أتركه، كما قال فاستمرت هذه الفكرة حىت كتب إىل حضرة ". اللهم أعوذ بك من علم ال ينفع: "رسول هللا صلى هللا عليه وسلم

وإن كانت : حممد الغزايل رمحه هللا تعاىل واستفتاه، وسأله مسائل والتمس نصيحة ودعاء، قالالشيخ حجة اإلسالممصنفات الشيخ كاإلحياء وغريه تشتمل على جواب مسائلي، لكن مقصودي أن يكتب الشيخ حاجيت يف ورقات

لرسالة إليه يف جوابه، فكتب الشيخ هذه ا. وأعمل مبا فيها مدة عمري إن شاء هللا تعاىل،تكون معي مدة حيايت .وهللا أعلم

كتب ، أطال هللا بقاك بطاعته وسلك بك سبيل أحبائه، أن منشور النصيحة ي إعلم أيه الولد احملب العزيز

ماذا : من معدن الرسالة، وإن كان قد بلغك منه نصيحة، فأي حاجة لك يف نصيحيت، وإن مل يبلغك فقل يل حصلت يف هذه السنني املاضية؟

عالمة : "السالمو الصالةا الولد، من مجلة ما نصح به رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أمته قوله عليهأيه وإن امرأ ذهبت ساعة من عمره يف غري ما خلق له العباد جلدير أن . إعراض هللا تعاىل عن العبد اشتغاله مبا ال يعنيه

، ويف هذه النصيحة كفاية ألهل " شره فليتجهز إىل النارومن جاوز األربعني ومل يغلب خريه على. تطول عليه حسرته .العلم

إذ املناهي حمبوبة يف قلو]م، . النصيحة سهلة واملشكلة قبوهلا، أل�ا يف مذاق متبعي اهلوى مرةأيها الولد، ا¾رد له سب أن العلم حيوعلى اخلصوص ملن كان طالب العلم الرمسي ومشتغال يف فضل النفس ومناقب الدنيا، فإنه

ال يعلم هذا ! سبحان هللا العظيم. سيكون جناته وخالصه فيه، وأنه مستغن عن العمل، وهذا اعتقاد الفالسفة: املغرور أنه حني حصل العلم، إذا مل يعمل به تكون احلجة عليه آكد، كما قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم

وروي أن اجلنيد، قدس هللا سره، رؤي يف املنام بعد موته ". بعلمهأشد الناس عذابا يوم القيامة عامل ال ينفعه هللا"طاحت تلك العبارات، وفنيت تلك اإلشارات، وما نفعنا إال ركيعات ركعناها : ما اخلرب يا أبا القاسم؟ قال: فقيل له

.يف جوف الليل

الغزايل

34

مثاله . م ا¾رد ال يأخذ باليدأيها الولد، ال تكن من األعمال مفلسا، وال من األحوال خاليا، وتيقن أن العل لو كان على رجل يف برية عشرة أسياف هندية مع أسلحة أخرى، وكان الرجل شجاعا وأهل حرب، فحمل عليه أسد عظيم مهيب، فما ظنك؟ هل تدفع األسلحة شره عنه بال استعماهلا وضر]ا؟ ومن املعلوم أ�ا ال تدفع إال

ومثل . مائة ألف مسألة علمية وتعلمها ومل يعمل ]ا، ال تفيده إال بالعملفكذا لو قرأ رجل . بالتحريك والضرب .أيضا لو كان لرجل حرارة ومرض صفراوي يكون عالجه بالكسنجني والكشكاب، فال حيصل الربء إال باستعماهلما

ن ليس وإ{، ال تكون مستعدا لرمحة هللا تعاىل إال بالعملولو قرأت العمل مائة سنة، ومجعت ألف كتاب، جزاء مبا {، ]١١: الكهف[}فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عمال صاحلا{، ]٣٨: النجم[}لإلنسان إال ما سعى

خالدين فيها ال * إن الذين آمنوا وعملوا الصاحلات كانت هلم جنات الفردوس نزال{، ]٨٢: التوبة[}كانوا يكسبون فف أضاعوا الصالة واتبعوا الشهوات فسو فخلف من بعدهم خل{، ]١٠٨ -١٠٧: الكهف[}يبغون عنها حوال

].٦٠ -٥٩: مرمي[}إال من تاب وآمن وعمل صاحلا فأولئك يدخلون اجلنة وال يظلمون شيئا* يلقون غيا وإقام ،شهادة أن ال إله إال هللا وأن حممدا رسول هللا: بين اإلسالم على مخس: "وما تقول يف هذا احلديث

". وحج البيت ملن استطاع إليه سبيال،ضان وصوم رم، وإيتاء الزكاة،الصالةوإن كان صى، ودليل األعمال أكثر من أن حي . واإلميان قول باللسان وتصديق باجلنان وعمل باألركان

ولو . العبد يبلغ اجلنة بفضل هللا تعاىل وكرمه، لكن بعد أن يستعد بطاعته وعبادته، ألن رمحة هللا قريب من احملسننيها إىل أن يصل؟ فأول تلك عنعم، ولكن مىت يبلغ؟ وكم من عقبة كؤود يقط: جرد اإلميان، قلنايبلغ مب: قيل أيضا

وقال احلسن العقبات عقبة اإلميان، وأنه هل يسلم من سبل اإلميان أم ال؟ وإذا وصل هل يكون خائبا مفلسا؟ .واقتسموها بأعمالكم يتادخلوا يا عبادي اجلنة برمح: يقول هللا تعاىل لعباده يوم القيامة: البصري

حكي أن رجال من بين إسرائيل عبد هللا سبعني سنة، فأراد هللا تعاىل . ما مل تعمل مل جتد األجرأيها الولد، : أن جيلوه على املالئكة، فأرسل إليه ملكا خيربه أنه مع تلك العبادة ال يليق به دخول اجلنة، فلما بلغه قال العابد

إذا هو مل : "فقال هللا تعاىل. أنت أعلم مبا قال:فلما رجع امللك قال إليه. ي لنا أن نعبدهحنن خلقنا للعبادة فينبغ ".اشهدوا يا مالئكيت أين قد غفرت له. يعرض عن عبادتنا فنحن مع الكرم ال نعرض عنه

". نواحاسبوا أنفسكم قبل أن حتاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توز : "وقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم . "ومن ظن أنه ببذل اجلهد يصل فهو مستغن. من ظن أنه بدون اجلهد يصل فهو متمن": وقال علي رضي هللا عنه

عالمة احلقيقة ترك مالحظة العمل ال ترك ": ، وقال"طلب اجلنة بال عمل ذنب من الذنوب": وقال احلسن رمحه هللال ملا بعد املوت، واألمحق من اتبع هواه سه وعم فن دان نالكيس م: "وقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم. "العمل

".ومتىن على هللا تعاىل األماين ما كان مأيها الولد، كم من ليال أحييتها بتكرار العلم ومطالعة الكتب وحرمت نفسك من النوم؟ ال أعل

قران واألمثال، فويل لك الباعث فيه؟ إن كان نيل عرض الدنيا وجذب حطامها وحتصيل مناصبها واملباهاة على األ

الغزايل

35

ذيب أخالقك وكسر النفس األمارة .مث ويل لك وإن كان قصدك فيه إحياء شريعة النيب صلى هللا عليه وسلم و :وقد صدق من قال شعرا. بالسوء، فطوىب لك مث طوىب لك

وبكاؤهن لغري فقدك باطل***سهر العيون لغري وجهك ضائع .، واحبب ما شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك جمزي بهعش ما شئت فإنك ميتأيها الولد، أيها الولد، أي شيء حاصل لك من حتصيل علم الكالم واخلالف والطب والدواوين واألشعار والنجوم

من ": رأيت يف إجنيل عيسى عليه السالموالعروض والنحو والتصريف غري تضييع العمر خبالف ذي اجلالل، إين: ه منه أربعني سؤاال، أوهلا يقولتيت على اجلنازة إىل أن يوضع على شفري القرب يسأل هللا بعظمساعة أن يوضع امل

ما تصنع لغريي وأنت : وكل يوم ينظر يف قلبك يقول. عبدي طهرت منظر اخللق سنني وما طهرت منظري ساعة ." أما أنت فأصم ال تسمع،حمفوف خبريي

العلم الذي ال يبعدك اليوم عن واعلم أن . مل بغري علم ال يكون جنون، والعلم بال عملأيها الولد، الع املعاصي وال حيملك على الطاعة لن يبعدك غدا عن نار جهنم، وإذا مل تعمل بعلمك اليوم ومل تدارك األيام املاضية

!يا أمحق، أنت من هناك جتيئ: ، فيقال}فارجعنا نعمل صاحلا{:تقول غدا يوم القيامة ألن منزلك القرب وأهل املقابر ن،عل اهلمة يف الروح، واهلزمية يف النفس، واملوت يف البدأيها الولد، اج

: قال أبو بكر الصديق رضي هللا عنه. إياك إياك أن تصل إليهم بال زادمىت تصل إليهم؟ : ينتظرونك يف كل حلظةكنت من الطيور العلوية هذه األجساد قفص الطور أو اصطبل الدواب، فتفكر يف نفسك، من أيهم أنت؟ إن "

تطري صاعدا إىل أن تقعد يف أعايل بروج اجلنان، كما قال رسول هللا صلى " ارجع إىل ربك" طبل فحني تسمع طنني: والعياذ با� إن كنت من الدواب، كما قال هللا تعاىل". ذاهتز عرش الرمحن من موت سعد بن معا: "هللا عليه وسلم

وروي أن . " فال تأمن انتقالك من زاوية الدار إىل هاوية النار،]١٧٩: األعراف[}أولئك كاألنعام بل هم أضل{ما لك يا : شي عليه وسقط من يده، فلما أفاق قيل، فأخذ القدح وغ دي شربة ماء بار عط احلسن البصري رمحه هللا أ

ملاء أو مما رزقكم ا من انأن أفيضوا علي{:ذكرت أمنية أهل النار حني يقولون ألهل اجلنة: أبا سعيد؟ قال ].٥٠: األعراف[}هللا

هل من سائل؟ هل من : "ن نداءا لكهأيها الولد، لو كان العلم ا¾رد كافيا لك وال حتتاج إىل عمل سوا ا عبد هللا و وروي أن مجاعة من الصحابة رضوان هللا عليهم أمجعني ذكر . ضائعا بال فائدة" مستغفر؟ هل من تائب؟وقال ".عم الرجل هو لو كان يصلي بالليلن : "ند رسول هللا صلى هللا عليه وسلم، فقالبن عمر رضي هللا عنه ع

كثر النوم بالليل فإن كثرة النوم بالليل يدع صاحبه فقريا يوم يا فالن، ال ت : "عليه الصالة والسالم لرجل من أصحابه ".القيامة

وباألسحار هم {،مرأ ]٧٩: اإلسراء[}ومن الليل فتهجد به نافلة لك{:أيها الولد: قال عليه الصالة والسالم. كرذ ] ١٧: آل عمران[}واملستغفرين باألسحار{، شكر] ١٨:الذاريات[}ستغفروني

الغزايل

36

قال و ". وصوت املستغفرين باألسحار،ت الذي يقرأ القرآنو وص،ثالثة أصوات حيبها هللا تعاىل، صوت الديك"تعاىل خلق رحيا `ب باألسحار حتمل األذكار واالستغفار إىل امللك إن هللا تبارك و ": سفيان الثوري رمحه هللا تعاىل

، فيقومون ويصلون ما شاء أال ليقم العابدون: إذا كان أول الليل ينادي مناد من حتت العرش": وقال أيضا. "اجلبار: لسحر نادى منادفإذا كان ا. ، فيقومون ويصلون إىل السحرأال ليقم القانتون: مث ينادي مناد يف شطر الليل. هللا

، فيقومون من فرشهم أال ليقم الغافلون: فإذا طلع الفجر نادى مناد. ، فيقومون ويستغفرونأال ليقم املستغفرون ."شروا من قبورهمكاملوتى ن ينادي ! يا بين، ال يكونن الديك أكيس منك: م البنه أنه قاليأيها الولد، روي يف وصايا لقمان احلك

:ولقد أحسن من قال شعرا. باألسحار وأنت نائم لنائمعلى فنن وهنا، وإين*** لقد هتفت يف جنح الليل محامة ملا سبقتين بالبكاء احلمائم*** كذبت، وبيت هللا، لو كنت عاشقا

لريب فال أبكي وتبكي البهائم*** هائم ذو صبابة وأزعم أين علم أن الطاعة والعبادة متابعة الشارع يف إ :لم الطاعة والعبادة ما هيأيها الولد، خالصة العلم أن تع

، كما لو صمت يوم العيد وأيام األوامر والنواهي بالقول والفعل، يعين كل ما تقول وتفعل وترتك يكون باقتداء الشرع .التشريق تكون عاصيا، أو صليت يف ثوب مغصوب، وإن كانت صورة عبادة، تأمث

وينبغي لك . العلم بال اقتداء الشرع ضاللةإذ . ينبغي لك أن يكون قولك وفعلك موافقا للشرعأيها الولد، ها بسيف سلوك هذا الطريق يكون با¾اهدة وقطع شهوة النفس وقتل هواات الصوفية، ألن أال تغرت بالشطح وطام

فإذا مل . بالغفلة والشهوة، عالمة الشقاءواعلم أن اللسان املطلق، والقلب اململوء. هاتالرياضة ال بالطامات والرت . تقتل النفس بصدق ا¾اهدة فلن حييا قلبك بأنوار املعرفة

واعلم أن بعض مسائلك اليت سألتين عنها ال يستقيم جوا]ا بالكتابة أو القول، إن تبلغ تلك احلالة تعرف كحالوة احللو ،ا ال يستقيم وصفه بالقولما هي، وإال فعلمها من املستحيالت أل�ا ذوقية، وكل ما يكون ذوقي

. كي أن عنينا كتب إىل صاحب له أن عرفين لذة ا¾امعة كيف تكونكما ح . ومرارة املر، ال تعرف إال بالذوق كنت حسبتك عنينا فقط، واآلن عرفت أنك عنني وأمحق، ألن هذه اللذة ذوقية إن يا فالن إين:فكتب له يف جوابه . وإال ال يستقيم لك وصفها بالقول والكتابةتصل إليها تعرفها،

إحياء "أيها الولد، بعض مسائلك من هذا القبيل، وأما البعض الذي يستقيم له اجلواب فقد ذكرناه يف :وغريه، ونذكر هنا نبذا منه، ونشري إليه فنقول" العلوم

:قد وجب على السالك أربعة أمور .دعةاعتقاد صحيح ال يكون فيه ب: األمر األول

.توبة نصوح ال يرجع بعدها إىل الزلة: والثاين

الغزايل

37

.اسرتضاء اخلصوم حىت ال يبقى ألحد عليك حق: والثالث .ى به أوامر هللا تعاىل، مث من العلوم األخرى ما تكون به النجاةحتصيل علم الشريعة قدر ما تؤد : والرابع

ربعة آالف حديث، مث اخرتت منها حديثا قرأت أ: كي أن الشبلي رمحه هللا خدم أربعمائة أستاذ وقالح واحدا وعملت به خليت ما سواه، ألين تأملته فوجدت خالصي وجنايت فيه، وكان علم األولني واآلخرين مندرجا فيه

إعمل لدنياك بقدر مقامك فيها، ": فاكتفيت به، وذلك أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال لبعض أصحابه

."ك فيها، واعمل � بقدر حاجتك إليه، واعمل للنار بقدر صربك عليهاواعمل آلخرتك بقدر بقائوتأمل حكاية أخرى، وذلك أن حامتا . أيها الولد، إذا علمت هذا احلديث، ال حاجة إىل العلم الكثري

ا تين منذ ثالثني سنة، مبصاح: األصم كان من أصحاب الشقيق البلخي رمحة هللا تعايل عليهما، فسأله يوما، قالما : فقال شقيق. حصلت مثاين فوائد من العلم وهي تكفيين منه، ألين أرجو خالصه وجنايت فيها: حصلته فيها؟ قال

منهم حمبوبا ومعشوقا حيبه ويعشقه، وبعض ل أين نظرت إىل اخللق فرأيت لكالفائدة األوىل: هي؟ قال حامت األصم كله ويرتكه فريدا وحيدا وال يدخل معه يف علقرب، مث يرجذلك احملبوب يصاحبه إىل مرض املوت، وبعضه إىل شفري ا

أفضل حمبوب املرء ما يدخل يف قربه ويؤانسه فيه، فما وجدته غري األعمال الصاحلة : قربه منهم أحد، فتفكرت وقلت .فأخذ`ا حمبوبا يل لتكون سراجا يل يف قربي وتؤانسي فيه وال ترتكين فريدا

وأما {:خللق يقتدون بأهوائهم ويبادرون إىل مرادات أنفسهم، فتأملت قوله تعاىلأين رأيت ا: الفائدة الثانية وتيقنت أن القرآن حق ] ٤١ -٤٠:النازعات[}فإن اجلنة هي املأوى* من خاف مقام ربه و�ى النفس عن اهلوى

وتعاىلفبادرت إىل خالف نفسي وتشمرت ¾اهد`ا ومنعها عن هواها حىت ارتاضت لطاعة هللا سبحانهصادق، .وانقادت

أين رأيت كل واحد من الناس يسعى يف مجع حطام الدنيا مث ميسكه قابضا يده عليه، : الفائدة الثالثة ا لوجه هللا تعاىل يفبذلت حمصويل من الدن، ]٩٦: النحل[}ما عندكم ينفد وما عند هللا باق{:فتأملت يف قوله تعاىل

. تعاىلففرقته بني املساكني ليكون ذخرا يل عند هللازه يف كثرة األقوام والعشائر فاغرت ]م، وزعم آخرون أنه أين رأيت بعض اخللق ظن شرفه وع : الفائدة الرابعة

ا، وحسب بعضهم الشرف والعز يف غصب أموال الناس وظلمهم وسفك يف ثروة األموال وكثرة األوالد فافتخروا ]إن أكرمكم عند هللا {:ه وتبذيره، وتأملت يف قوله تعاىلدمائهم، واعتقدت طائفة أنه يف إتالف املال وإسراف

.فاخرتت التقوى واعتقدت أن القرآن حق صادق وظنهم وحسبا�م كلها باطل زائل، ]١٣: احلجرات[}أتقاكم فوجدت ذلك من احلسد يف ،أين رأيت الناس يذم بعضهم بعضا ويغتاب بعضهم بعضا: الفائدة اخلامسة

فعلمت أن ] ٣٢: الزخرف[}حنن قسمنا بينهم معيشتهم يف احلياة الدنيا{:تأملت يف قوله تعاىلاملال واجلاه والعلم، ف .القسمة كانت من هللا تعاىل يف األزل، فما حسدت أحدا ورضيت بقسمة هللا تعاىل

الغزايل

38

إن الشيطان {:أين رأيت الناس يعادي بعضهم بعضا لغرض وسبب، فتأملت قوله تعاىل: الفائدة السادسة .فعلمت أنه ال جتوز عداوة أحد غري الشيطان، ]٦: فاطر[} فاختذوه عدوالكم عدوأين رأيت كل أحد يسعى جبد واجتهاد مببالغة لطلب القوت واملعاش حبيث يقع به يف : الفائدة السابعة

} هاوما من دابة يف األرض إال على هللا رزق{:ص قدره، فتأملت يف قوله تعاىلنق ل نفسه وي ذ شبهة وحرام، وي .فعلمت أن رزقي على هللا تعاىل وقد ضمنته، فاشتغلت بعبادته وقطعت طمعي عمن سواه، ]٦:هود[

أين رأيت كل واحد معتمدا على شيء خملوق، بعضهم إىل الدينار والدرهم، وبعضهم إىل : الفائدة الثامنة ومن يتوكل على هللا {: يف قوله تعاىلاملال وامللك، وبعضهم إىل احلرفة والصناعة، وبعضهم إىل خملوق مثله، فتأملت

فتوكلت على هللا فهو حسيب ونعم ، ]٣:الطالق[}فهو حسبه، إن هللا بالغ أمره، قد جعل هللا لكل شيء قدرا .الوكيل

، إين قد نظرت يف التوراة واإلجنيل والزبور والفرقان فوجدت الكتب األربعة وفقك هللا تعاىل: فقال له شقيق .انية، فمن عمل ]ا كان عامال ]ذه الكتب األربعةموائد الثتدور على هذه الف

واآلن أبني لك ما جيب على . أيها الولد، قد علمت من هاتني احلكايتني أنك ال حتتاج إىل تكثري العلم .سالك سبيل احلق

. سناعلم أنه ينبغي للسالك شيخ مرشد مرب ليخرج األخالق السيئة منه برتبيته وجيعل مكا�ا خلقا حإ . له ربيعهم ك ن نباته وي ومعىن الرتبية يشبه فعل الفالح الذي يقلع الشوك وخيرج النباتات األجنبية من بني الزرع ليحس

فإذا ،وال بد للسالك من شيخ يؤدبه ويرشده إىل سبيل هللا تعاىل، ألن هللا أرسل للعباد رسوال لإلرشاد إىل سبيلهوشرط الشيخ الذي يصلح أن . ف اخللفاء يف مكانه حىت يرشدوا إىل هللا تعاىلارحتل صلى هللا عليه وسلم فقد خل

وإين أبني لك . يكون نائبا لرسول هللا صلوات هللا وسالمه عليه أن يكون عاملا، ولكن ال كل عامل يصلح للخالفةيا وحب اجلاه من يعرض عن حب الدن: فنقول. بعض عالماته على سبيل اإلمجال حىت ال يدعي كل أحد أنه مرشد

وكان قد تابع لشخص بصري تتسلسل متابعته إىل سيد املرسلني صلى هللا عليه وسلم، وكان حمسنا رياضة نفسه بقلة األكل والقول والنوم وكثرة الصلوات والصدقة والصوم، وكان مبتابعته ذلك الشيخ البصري جاعال حماسن األخالق له

ليقني والقناعة وطمأنينة النفس واحللم والتواضع والعلم والصدق واحلياء كالصرب والصالة والشكر والتوكل واسرية . ، وأمثاهلا، فهو إذن نور من أنوار النيب صلى هللا عليه وسلم يصلح لالقتداء بهوالوفاء والوقار والسكون والتأين

، وقبله الشيخ، ينبغي ولكن وجود مثله نادر أعز من الكربيت األمحر، ومن ساعدته السعادة فوجد شيخا كما ذكرناأما احرتام الظاهر فهو أال جيادله وال يشتغل باالحتجاج معه يف كل مسألة وإن علم خطأه، . اأن حيرتمه ظاهرا وباطن

كثر نوافل الصالة حبضرته، ويعمل ما يأمره ال يلقي بني يديه سجادته إال وقت أداء الصالة فإذا فرغ يرفعها، وال ي و قبل منه يف الظاهر ال ينكره يف سمع وي وأما احرتام الباطن، فهو أن كل ما ي . وسعه وطاقتهالشيخ من العمل بقدر

الباطن، ال فعال وال قوال، لئال يتسم بالنفاق، وإن مل يستطع يرتك صحبته إىل أن يوافق باطنه ظاهره، وحيرتز عن

الغزايل

39

كلى من لوث الشيطنة، وعلىجمالسة صاحب السوء ليقصر والية شياطني اجلن واإلنس عن صحن قلبه، فيصف .حال خيتار الفقر على الغىن

فمن استقام مع هللا عز . االستقامة مع هللا تعاىل والسكون عن اخللق: التصوف له خصلتانم أن لمث اع . واالستقامة أن يفدي حظ نفسه على أمر هللا تعاىل. وجل وأحسن خلقه بالناس وعاملهم باحللم فهو صويف

. الناس أال حتمل الناس على مراد نفسك، بل حتمل نفسك على مرادهم ما مل خيالفوا الشرعوحسن اخللق معمر الشرع، وثانيها الرضا بالقضاء أأحدها حمافظة : ، وهي ثالثة أشياءمعىن العبوديةمث إنك سألتين عن

.والقدر وقسمة هللا تعاىل، وثالثهما ترك رضاء نفسك يف طلب رضاء هللا تعاىلر لك سيصل د يعين تعتقد أن ما ق التوكل، وهو أن تستحكم اعتقادك با� تعاىل فيما وعد،ين عن وسألت

عنك، وما مل يكتب لن يصل إليك وإن ساعدك مجيع هإليك ال حمالة، وإن اجتهد كل من يف العامل على صرف .العامل

ح قلبك مبحامد الناس وال تبايل وال يرتا ،اإلخالص، وهو أن تكون أعمالك كلها � تعاىلوسألتين عن ق، وعالجه أن تراهم مسخرين حتت القدرة وحتسبهم كاجلمادات يف ل واعلم أن الرياء يتولد من تعظيم اخل . مبذمتهم

.عدم قدرة إيصال الراحة واملشقة لتخلص من مراءا`م، ومىت حتسبهم ذوي قدرة وإرادة لن يبعد عنك الرياء إعمل أنت مبا تعلم لينكشف لك ما مل .سائلك بعضها مسطور يف مصنفايتأيها الولد، والباقي من م

.تعلمول أ�م صربوا حىت خترج {:أيها الولد، بعد اليوم ال تسألين ما أشكل عليك إال بلسان اجلنان لقوله تعاىل

شيء حىت فال تسألين عن {:واقبل نصيحة اخلضر عليه السالم حني قال]. ٥: احلجرات[}إليهم لكان خريا هلمسأوريكم آيايت فال {: يكشف لك وتراه،نها، وال تستعجل حىت تبلغ أو ]٧٠: الكهف[}أحدث لك منه ذكرا

أو مل يسريوا يف {:فال تسألين قبل الوقت، وتيقن أنك ال تصل إال بالسري، لقوله تعاىل]. ٣٧: األنبياء[}تستعجلون ].٤٤: فاطر[}األرض فينظرون

هذا األمر بذل الروح، كما قال سر العجائب يف كل منزل، وابذل روحك فإن رأأيها الولد، با� إن تسر ت ".هات الصوفيةإن قدرت على بذل الروح فتعال، وإال فال تشتغل برت : "ذو النون املصري رمحه هللا ألحد تالمذته

امة، تعمل أيها الولد، إين أنصحك بثمانية أشياء، اقبلها مين لئال يكون علمك خصما عليك يوم القي .منها أربعة، وتدع منها أربعة

:أما اللوايت تدع إذ هي . أال تناظر أحدا يف مسألة ما استطعت، ألن فيها آفات كثرية، فإمثها أكرب من نفعها: فأحدها

نعم لو وقع مسألة بينك وبني شخص . منبع كل خلق ذميم كالرياء واحلسد والكرب واحلقد والعداوة واملباهاة، وغريهاإحدامها أال تفرق : و قوم، وكانت إرادتك فيها أن يظهر احلق وال يضيع، جاز البحث، ولكن لتلك اإلرادة عالمتانأ

الغزايل

40

والثانية أن يكون البحث يف اخلالء أحب إليك من أن ،بني أن ينكشف احلق على لسانك أو على لسان غريك عن املشكالت عرض مرض القلب إىل الطبيب، ين أذكر لك ههنا فائدة واعلم أن السؤالأوامسع . يكون يف املأل

والعامل الناقص ال حيسن ،واعلم أن اجلاهلني املرضى قلو]م، والعلماء األطباء. واجلواب له سعي إلصالح مرضهوإذا كانت العلة مزمنة أو . املعاجلة، والعامل الكامل ال يعاجل كل مريض، بل يعاجل من يرجو قبول املعاجلة والصالح

تقبل العالج، فحذاقة الطبيب فيه أن يقول هذا ال يقبل العالج فال تشتغل فيه مبداواته ألن فيه تضييع عقيما ال :مث اعلم أن مرض اجلهل على أربعة أنواع. العمر

أما الذي ال يقبل العالج فأحدها من كان سؤاله واعرتاضه عن . يقبل العالج والباقي ال يقبلأحدها . ه بأحسن اجلواب وأفصحه وأوضحه، فال يزيد له ذلك إال بغضا وعداوة وحسداا جتيبلمحسده وبغضه، فك

:فالطريق أال تشتغل جبوابه فقد قيل إال عداوة من عاداك عن حسد*** رجى إزالتها كل العداوة قد ت

فأعرض عن من توىل عن ذكرنا ومل يرد إال احلياة{:فينبغي أن تعرض عنه وترتكه مع مرضه، قال هللا تعاىل: ل يوقد النار يف زرع عمله، كما قال النيب صلى هللا عليه وسلمعواحلسود بكل ما يقول ويف]. ٢٩: النجم[}الدنيا

".احلسد يأكل احلسنات كما تأكل النار احلطب"إىن ما : " أن تكون علته من احلماقة وهو أيضا ال يقبل العالج، كما قال عيسى عليه السالموالثاين

وذلك رجل يشتغل بطلب العلم زمنا قليال ويتعلم شيئا ". وتى وقد عجزت عن معاجلة األمحقعجزت عن إحياء املمن العلم العقلى والشرعي فيسأل ويعرتض من محاقته على العامل الكبري الذي مضى عمره يف العلوم العقلية

فإذا مل يعلم هذا . لكبريشكل على العامل اوهذا األمحق ال يعلم ويظن أن ما أشكل عليه هو أيضا م . والشرعية .القدر يكون سؤاله من احلماقة فينبغي أال تشتغل جبوابه

مل على قصور فهمه، وكان سؤاله أن يكون مسرتشدا، وكل ما ال يفهم من كالم األكابر حي والثالث صلى هللا عليه كما قال الرسول ،لالستفادة، لكن يكون بليدا ال يدرك احلقائق، فال ينبغي االشتغال جبوابه أيضا

".حنن معاشر األنبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقوهلم: "وسلم والغضب دما، ال يكون مغلوب احلسوأما املرض الذي يقبل العالج فهو أن يكون مسرتشدا عاقال فه

وامتحان، وحب الشهوة واجلاه واملال، ويكون طالب الطريق املستقيم، ومل يكن سؤاله واعرتاضه عن حسد وتعنت .وهذا يقبل العالج فيجوز أن تشتغل جبواب سؤاله، بل جيب عليك إجابته

را ألن فيه آفة كثرية، إال أن تعمل مبا تقول أوال مث ذك هو أن حتذر من أن تكون واعظا وم والثاين مما تدع وإال فاستح ،فعظ الناسيا ابن مرمي عظ نفسك فإن اتعظت ": فتفكر فيما قيل لعيسى عليه السالم. تعظ به الناس

عن التكلف يف الكالم بالعبارات واإلشارات : األوىل،وإن ابتليت ]ذا العمل فاحرتز عن خصلتني. "من ربكوالطامات واألبيات واألشعار، ألن هللا تعال يبغض املتكلفني، واملتكلف املتجاوز عن احلد يدل على خراب الباطن

الغزايل

41

ر العبد نار اآلخرة وتقصري نفسه يف خدمة اخلالق، ويتفكر يف عمره املاضي ك ذ ومعىن التذكري أن ي . وغفلة القلبالذي أفناه فيما ال يعنيه، ويتفكر فيما بني يديه من العقبات من عدم سالمة اإلميان يف اخلامتة، وكيفية حاله يف

وهل يعرب عن الصراط قبض ملك املوت، وهل يقدر على جواب منكر ونكري، ويهتم حباله يف القيامة ومواقفها، فغليان هذه النريان ونوحة هذه . ويستمر ذكر هذه األشياء يف قلبه فيزعجه عن قراره؟ساملا أم يقع يف اهلاويةوإعالم اخللق وإطالعهم على هذه األشياء، وتنبيههم إىل تقصريهم وتفريطهم، وتبصريهم . املصائب يسمى تذكريا

،زعهم تلك املصائب ليتداركوا العمر املاضي بقدر الطاقة أهل ا¾لس وجت بعيوب أنفسهم لتمس حرارة هذه النريان، كما لو رأيت أن وهذه اجلملة على هذا الطريق يسمى وعظاويتحسروا على األيام اخلالية يف غري طاعة هللا تعاىل،

ل يشتهي قلبك يف وه. احلذر احلذر، فروا من السيل: السيل قد هجم على دار أحد وكان هو وأهله فيها، فتقول واإلشارات فال تشتهي البتة، فكذلك حال ٣هذه احلالة أن خترب صاحب الدار خربك بتكلف العبارات والنكت

.الواعظ، فينبغي أن جيتنبهاواخلصلة الثانية أال تكون مهتك يف وعظك أن ينعر اخللق يف جملسك أو يظهروا الوجد ويشقوا الثياب،

بل ينبغي أن يكون عزمك ومهتك أن تدعو . ألن كله ميل للدنيا، وهو يتولد من الغفلة!عم ا¾لس هذان : ليقالء، ومن الشك االناس من الدنيا إىل اآلخرة، ومن املعصية إىل الطاعة، ومن احلرص إىل الزهد، ومن البخل إىل السخ

علمهم علم بغض إليهم الدنيا، وت خرة وت بب إليهم اآلإىل اليقني، ومن الغفلة إىل اليقظة، ومن الغرور إىل التقوى، وحت العبادة والزهد، وال تغرهم بكرم هللا تعاىل عز وجل ورمحته، ألن الغالب يف طباعهم الزيغ عن منهج الشرع، والسعي

عهم وحذرهم عما يستقبلون فألق يف قلو]م الرعب ورو . فيما ال يرضي هللا تعاىل به، واالستعثار باألخالق الرديئةخاوف، ولعل صفات باطنهم تتغري ومعاملة ظاهرهم تتبدل، ويتظهروا احلرص والرغبة يف الطاعة والرجوع عن من امل

وعظ ال يكون هكذا فهو وبال على من قال ومسع، بل قيل إنه غول ل وك.وهذا طريق الوعظ والنصيحة ،املعصيةد هذا القائل من دينهم ال فس ن ما ي وشيطان يذهب باخللق عن الطريق ويهلكهم، فيجب عليهم أن يفروا منه أل

له عن منازل املواعظ، ومينعه عما باشر فإنه من نز ومن كانت له يد وقدرة جيب عليه أن ي . يستطيع مبثله الشيطان .مجلة األمر باملعروف والنهي عن املنكر

وخمالطتهم آفة عظيمة، أال ختالط األمراء والسالطني وال تراهم، ألن رؤيتهم وجمالستهم والثالث مما تدع دح الفاسق والظامل، ومن دعا لطول بقائهم ولو ابتليت ]ا، دع عنك مدحهم وثناءهم، ألن هللا تعاىل يغضب إذا م

.فقد أحب أن يعصي هللا يف أرضهألن الطمع منهم . أال تقبل شيئا من عطاء األمراء وهداياهم، وإن علمت أ�ا من احلاللوالرابع مما تدع

الدين، ألنه يتولد منه املداهنة ومراعاة جانبهم واملوافقة على ظلمهم، وهذا كله من فساد يف الدين، وأقل يفسد مضرته أنك إذا قبلت عطاياهم وانتفعت من ديناهم أحببتهم، ومن أحب أحدا حيب طول عمره وبقائه بالضرورة،

)املعجم العريب األساسي(مسألة علمية دقيقة أخرجت بدقة النظر 3

الغزايل

42

فأي شيء يكون أضر من هذا للدين . ادة خراب العاملويف حمبة بقاء الظامل إرادة يف الظلم على عباد هللا تعاىل، وإر والعاقبة؟ وإياك إياك أن خيدعك استهواء الشياطني، أو قول بعض الناس لك بأن األفضل واألوىل أن تأخذ الدينار

ن والدرهم منهم وتفرقها بني الفقراء واملساكني فإ�م ينفقو�ا يف الفسق واملعصية، وإنفاقك على ضعفاء الناس خري م .إنفاقهم، فإن اللعني قد قطع أعناق كثري من الناس ]ذه الوسوسة

:وأما األربعة اليت ينبغي لك أن تفعلها أن جتعل معاملتك مع هللا تعاىل حبيث لو عامل معك ]ا عبدك ترضى ]ا منه، وال يضيق خاطرك فاألول

.يضا � تعاىل وهو سيدك احلقيقيعليه وال تغضب، والذي ال ترضى لنفسك من عبدك ا¾ازي فال ترضى أ ألنه ال يكمل إميان عبد حىت حيب لسائر ، كلما عملت بالناس اجعله كما ترضى لنفسك منهموالثاين

.الناس ما حيبه لنفسه إذا قرأت العلم أو طالعته ينبغي أن يكون علمك يصلح قلبك ويزكي نفسك، كما لو علمت أن والثالث

فبالضرورة ال تشتغل فيها بعلم الفقه واألخالق واألصول والكالم وأمثاهلا، ألنك تعلم عمرك ما يبقي غري أسبوع،تشتغل مبراقبة القلب ومعرفة صفات النفس، واإلعراض عن عالئق الدنيا، وتزكي أن هذه العلوم ال تغنيك، بل

حلسنة، وال مير على عبد نفسك عن األخالق الذميمة، وتشتغل مبحبة هللا تعاىل وعبادته، واالتصاف باألوصاف ا .ال وميكن أن يكون موته فيهإيوم وليلة ت أن السلطان بعد أسبوع خرب لو أنك أ : أيها الولد، امسع مين كالما آخر وتفكر فيه حىت جتد خالصا

جييئك زائرا، فأنا أعلم أنك يف تلك املدة ال تشتغل إال بإصالح ما علمت أن السلطان سيقع عليه من الثياب س، قال رسول هللا ي م، والكالم الفرد يكفي الك ه بدن والدار والفراش وغريها، واآلن تفكر إىل ما أشرت به فإنك ف وال

وإن أردت ". إن هللا ال ينظر إىل صوركم وال إىل أعمالكم ولكن ينظر إىل قلوبكم ونياتكم: "صلى هللا عليه وسلموهذا العلم فرض عني، وغريه فرض كفاية، إال مقدار . مصنفايتوغريه من" اإلحياء"علم أحوال القلوب فانظر إىل

.ما يؤدي به فرائض هللا تعاىل، وهو يوفقك حىت حتصله، أال جتمع من الدنيا أكثر من كفاية سنة، كما كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يعد ذلك لبعض والرابع

كن يعد ذلك لكل حجراته بل كان يعده ملن علم أن يف ، ومل ي"اللهم اجعل قوت آل حممد كفافا: "حجراته، وقال .قلبها ضعفا، وأما من كانت صاحبة يقني فما كان يعد هلا أكثر من قوت يوم أو نصف

وال تنساين فيه من أن تذكرين يف أيها الولد، إين كتبت يف هذا الفصل ملتمساتك فينبغي لك أن تعمل ]ا ين فاطلبه من دعوات الصحاح، واقرأ هذا الدعاء يف مجيع أوقاتك وأما الدعاء الذي سألت م. صاحل دعائك

اللهم إين أسألك من النعمة متامها، ومن العصمة دوامها، ومن الرمحة مشوهلا، ومن : "خصوصا يف أعقاب صلواتكذبه، العافية حصوهلا، ومن العيش رغده، ومن العمر أسعده، ومن اإلحسان أمته، ومن اإلنعام أعمه، ومن الفضل أع

قرن بالعافية إاللهم اختم بالسعادة آجالنا، وحقق بالزيادة آمالنا، . اللهم كن لنا وال تكن علينا. ومن اللطف أنفعه

الغزايل

43

. غدونا وآصالنا، واجعل إىل رمحتك مصرينا ومآلنا، واصبب سجال عفوك على ذنوبنا، وعليك توكلنا واعتمادنانيا من موجبات الندامة يوم القيامة، وخفف عنا ثقل األوزار، وارزقنا بتنا على �ج االستقامة، وأعذنا يف الدثاللهم

عيشة األبرار، واكفنا ما أمهنا يف هذه الدار ويف تلك الدار، واصرف عنا شر األشرار وكيد الفجار واعتق رقابنا ،ر، يا خالق الليل والنهارورقاب آبائنا وأمهاتنا واخواننا وأخواتنا من النار برمحتك يا عزيز يا غفار، يا كرمي يا ستا

خلصنا من هم الدنيا وعذاب القرب والنار يا عليم يا جبار، يا أ�، يا أ�، يا أ�، برمحتك يا أرحم الرامحني ويا أول ، ويا ذا القوة املتني، ويا راحم املساكني، ويا أرحم الرامحني، ال إله إال أنت سبحانك إين ناألولني ويا آخر اآلخري

".وصلي اللهم على سيدنا حممد وآله وصحبه أمجعني، واحلمد � رب العاملني. الظاملنيكنت من

الغزايل

44

٤مشكاة األنوار

أما بعد فقد سألتين أيها األخ الكرمي قيضك هللا لطلب السعادة الكربى، ورشحك للعروج إىل الذروة العليا، وكحل بنور احلقيقة بصريتك، ونقى اó {: مثل قوله تعاىل،أسرار األنوار اإلهلية مقرونة بتأويل ما يشري إليه ظاهر اآليات املتلوة واألخبار املرويةإليك عما سوى احلق سريرتك، أن أبث

إن � سبعني حجابا من نور " : ومعىن متثيله ذلك باملشكاة والزجاجة واملصباح والزيت والشجرة، مع قوله عليه السالم،}نور السموات واألرض وقرعت ،ولقد ارتقيت بسؤالك مرتقى صعبا تنخفض دون أعاليه أعني الناظرين ." وإنه لو كشفها ألحرقت سبحات وجهه كل من أدركه بصرهوظلمة

قال ولقد . ى، بل صدور األحرار قبور األسرارل عرض وجت فشى، وال كل حقيقة ت كشف وي مث ليس كل سر ي . نيخفتح إال للعلماء الراسبابا مغلقا ال ي . إن من العلم كهيئة املكنون ال يعلمه اال العلماء با�" : بل قال سيد األولني واآلخرين صلى هللا عليه وسلم،)إفشاء سر الربوبية كفر (:بعض العارفني

، ور مشروح الصدر با� بالنلكين أراك. "فإذا نطقوا به مل ينكره إال أهل الغرة با�، ومهما كثر أهل االغرتار وجب حفظ األسرار على وجه اإلسرارفليس اخلوف يف كف العلم عن . فال أشح عليك يف هذا الفن باإلشارة إىل لوامع ولوائح والرمز إىل حقائق ودقائق،منزه السر عن ظلمات الغرور

هيد أصول وشرح فصول ليس يتسع فإن حتقيق القول فيه يستدعي مت،فاقنع بإشارات خمتصرة وتلوحيات موجزة .أهله بأقل منه يف بثه إىل غري أهله .اآلن هلا وقىت، وإمنا الذي ينفتح يف الوقت فصول ثالثة

الفصل األول

يف بيان أن النور احلق هو هللا تعاىل

از حمض ال حقيقة لهسم النور لغريه جم إوأن

عرف درجات مث ت . بالوضع الثالث عند خواص اخلواصعرف معىن النور بالوضع األول عند العوام، مث بالوضع الثاين عند اخلواص، مثوبيانه بأن ي ، وعند انكشاف هللا تعاىل هو النور األعلى األقصىلينكشف لك عند ظهور درجا`ا أن األنوار املذكورة املنسوبة إىل خواص اخلواص وحقائقها

.أنه النور احلق احلقيقي وحده ال شريك له فيهحقائقها ،بطن عن غريهظهر الشيء ال حمالة اإلنسان وي إذ ي ،النور يشري إىل ظهوره، والظهور أمر إضايف فالوضع األول عند العاميأما

.وأقوى اإلدراكات وأجالها عند العوام احلواس، ومنها حاسة البصر. وإضافة ظهوره إىل اإلدراكات ال حمالة. فيكون ظاهرا باإلضافة وباطنا باإلضافةر به غريه كاألجسام بص ر بنفسه وال ي بص ومنها ما ي ،ر بنفسه كاألجسام املظلمةبص منها ما ال ي : ري ثالثة أقسامواألشياء باإلضافة إىل احلس البص

.ومنها ما يبصر بنفسه ويبصر به أيضا غريه كالشمس والقمر والسراج والنريان املشتعلة، املضيئة كالكواكب ومجرة النار إذا مل تكن مشتعلة

) املصنف. (هذه رسالة مغرقة يف الشاعرية الصوفية، فاقرأها بعقلك وقلبك معا إذا أردت استيعا]ا وفهمها واالستفادة منها 4

الغزايل

45

طلق على ما يفيض من األجسام على ظاهر األجسام الكثيفة، فيقال استنارت األرض ووقع نور الشمس مت تارة ي . م الثالثوالنور اسم هلذا القس .وتارة يطلق على نفس هذه األجسام املشرقة أل�ا أيضا يف نفسها مستنرية. على األرض ونور السراج على احلائط والثوب

. وحقيقته بالوضع األول٥هذا حده. سه ويبصر به غريه كالشمسر بنفبص وعلى اجلملة فالنور عبارة عما ي

دقيقة

،رظه ـ إذ النور هو الظاهر امل،ملا كان سر النور وروحه هو الظهور لإلدراك، وكان اإلدراك موقوفا على وجود النور وعلى وجود العني الباصرة أيضا مث ترجح عليه يف ،ساوى الروح الباصرة والنور الظاهر يف كونه ركنا ال بد منه لإلدراك فقد ت،وليس شيء من األنوار ظاهرا يف حق العميان وال مظهرا

فكان اسم النور بالنور الباصر أحق منه بالنور . وأما النور فليس مبدرك وال به اإلدراك، بل عنده اإلدراك. كة و]ا اإلدراكدر ـ أن الروح الباصرة هي امل .راملبص

نه ضعيف نور بصره، ويف األعمى أ فقالوا يف اخلفاش إن نور عينه ضعيف، ويف األعمش ،رةنور العني املبص وأطلقوا إسم النور على . ن األجفان إمنا خصتها احلكمة بلون السواد وجعل العني حمفوفة ]ا لتجمع ضوء العنيأنه جيمع نور البصر ويقويه، و أنه فقد نور البصر، ويف السواد أ

يبهر نور العني وميحقه كما ينمحق ،ضعف نوره، حىت إن إدامة النظر إىل البياض املشرق، بل إىل نور الشمسء العني وي ق ضو فر وأما البياض في وهذا هو الوضع الثاين وهو . م كان ]ذا اإلسم أوىلـ م مسى نورا، وأنه لـ ى نورا، وأنه لفقد عرفت ]ذا أن الروح الباصر مس .الضعيف يف جنب القوى

.اصوضع اخلو

دقيقة

ويبصر من .د منه، وال يبصر ما هو وراء حجابع فإنه يبصر غريه وال يبصر نفسه، وال يبصر ما بـ ،إعلم أن نور بصر العني موسوم بأنواع النقصان فريى ،ثريا يف إبصارهويغلط ك. ويبصر أشياء متناهية وال يبصر ما ال �اية له. ويبصر من املوجودات بعضها دون كلها،األشياء ظاهرها دون باطنها

فإن كان يف األعني عني منزهة عن هذه . فهذه سبع نقائص ال تفارق العني الظاهرة . واملتحرك ساكنا، والساكن متحركا، والبعيد قريبا،الكبري صغريا .النقائص كلها فليت شعري هل هو أوىل باسم النور أم ال

ودع عنك . وتارة بالنفس اإلنساين، وتارة بالروح،عرب عنها تارة بالعقلاليت ي واعلم أن يف قلب اإلنسان عينا هذه صفة كماهلا وهي . فنعين به املعىن الذي يتميز به العاقل عن الطفل الرضيع وعن البهيمة وعن ا¾نون. العبارات فإ�ا إذا كثرت أومهت عند ضعيف البصرية كثرة املعاين

العقل أوىل بأن يسمى نورا من العني الظاهرة لرفعة قدره عن النقائص السبع وهو أن العني ال : قولمتابعة للجمهور يف االصطالح فن) عقال(ولنسمه وعلمه بعلمه بعلم ، ويدرك علمه بعلم نفسه، ويدرك علم نفسه، إذ يدرك نفسه عاملا وقادرا،تبصر نفسها، والعقل يدرك غريه ويدرك صفات نفسه

والعقل ،والثاين أن العني ال تبصر ما بعد منها وال ما قرب منها قربا مفرطا. تصور ملا يدرك بآلة األجساموهذه خاصية ال ت . إىل غري �اية،نفسهكشف أنه منزه بل إذا حقت احلقائق ي . يعرج يف تطريفه إىل أعلى السموات رقيا، وينزل يف حلظة إىل ختوم األرضني هربا،يستوي عنده القريب والبعيد

)املعجم الوجيز(القول الدال على ماهية الشيء : واحلد يف املنطق. وضحه وبينه: و العبارةيقال حدد معىن اللفظ أ 5

الغزايل

46

فرض بني األجسام، فإنه أمنوذج من نور هللا تعاىل، وال خيلو األمنوذج عن حماكاة، وإن كان ال سه معاين القرب والبعد الذي ي عن أن حتوم جبنبات قدالثالث أن العني . فلست أرى اخلوض فيه اآلن"إن هللا خلق آدم على صورته" :وهذا رمبا هزك للتفطن لسر قوله عليه السالم. يرقي إىل ذروة املساواة

تدرك ما وراء احلجب، والعقل يتصرف يف العرش والكرسي وما وراء حجب السموات، ويف املأل األعلى وامللكوت األمسى كتصرفه يف عامله اخلاص ال جب فمن نفسه لنفسه بسبب صفات هي وأما حجاب العقل حيث حي . بل احلقائق كلها ال حتتجب عن العقل. ومملكته القريبة أعين بدنه اخلاص

الرابع أن العني تدرك من األشياء .وستعرف هذا يف الفصل الثالث من الكتاب. له تضاهي حجاب العني من نفسه عند تغميض األجفانمقارنة والعقل يتغلغل إىل بواطن األشياء وأسرارها ويدرك حقائقها وأرواحها، . بل قوالبها وصورها دون حقائقها،ظاهرها وسطحها األعلى دون باطنها

كب، وعلى أي مرتبة يف الوجود نزل، وما ع ور بها وعلتها وغايتها وحكمتها، وأ�ا من خلق، وكيف خلق، ومل خلق، ومن كم معىن مج ويستنبط سباخلامس أن العني تبصر بعض املوجودات إذ .نسبته إىل خالقها وما نسبتها إىل سائر خملوقاته، إىل مباحث أخر يطول شرحها نرى اإلجياز فيها أوىل

أعين قوة السمع والبصر ، إذ ال تدرك األصوات والروائح والطعوم واحلرارة والربودة والقوى املدركة، عن مجيع املعقوالت وعن كثري من احملسوساتتقصر إىل غري ذلك من والشم والذوق، بل الصفات الباطنة النفسانية كالفرح والسرور والغم واحلزن واألمل واللذة والعشق والشهوة والقدرة واإلرادة والعلم

فإن األجسام يف أصلها أخس . جماوزة األلوان واألشكال ومها أخس املوجوداته فهو ضيق ا¾ال خمتصر ا¾رى ال تسع،موجودات ال حتصى وال تعد .أقسام املوجودات، واأللوان واألشكال من أخس أعراضها

فيتصرف يف مجيعها وحيكم ،اها وما مل نعدها، وهو األكثر إذ يدرك هذه املوجودات اليت عددن،فاملوجودات كلها جمال العقلفمن أين للعني الظاهرة مساماته وجماراته يف استحقاق اسم . فاألسرار الباطنة عنده ظاهرة، واملعاين اخلفية عنده جلية. عليها حكما يقينا صادقا

وهي خزانة األلوان واألشكال ،ي جاسوس من جواسيسه وكله بأخس خزائنهبل ه. لكنها ظلمة باإلضافة إليه،كال إ�ا نور باإلضافة إىل غريها،النوروله يف الباطن جواسيس سواها من خيال . واحلواس اخلمس جواسيسه .لرتفع إىل حضرته أخبارها فيقضي فيها مبا يقتضيه رأيه الثاقب وحكمه النافذ

وشرح ذلك . يستسخرهم ويتصرف فيهم استسخار امللك عبيده بل أشد ووراءهم خدم وجنود مسخرة له يف عامله اخلاص،ووهم وفكر وذكر وحفظ .من كتاب اإلحياء) ب القلبئعجا(وقد ذكرناه يف كتاب .يطول

ملعلومات،اوالعقل يدرك .متناهية تصور إال واألجسام الت ،فإ�ا تبصر صفات األجسام ن العني التبصر ما ال�اية له،أالسادس ، لكن يف قوته إدراك ما ال�اية له. إذا الحظ العلوم املفصله فال يكون احلاظر احلاصل عنده إال متناهيا،نعم .ون متناهيهن تكأتصور واملعلومات الي

بل يدرك تضعيفات اإلثنني والثالثة وسائر األعداد وال ،فإن أردت له مثاال فخذه من اجلليات، فإنه يدرك األعداد وال �اية هلا .وشرح ذلك يطول. بل يدرك علمه بالشىء وعلمه بعلمه بالشيء، وعلمه بعلمه بعلمه،تصور التناهي عليهاويدرك أنواعا من النسب بني األعداد ال ي . ا �ايةتصور هلي

.فقوته يف هذا الواحد ال تقف عند �ايةوالعقل . على بساط أزرق والكواكب يف صور دنانري منثورة،السابع أن العني تبصر الكبري صغريا، فرتى الشمس يف مقدار جمن

والعني ترى الكواكب ساكنة، بل ترى الظل بني يديه ساكنا، وترى الصيب ساكنا يف ،يدرك أن الكواكب والشمس أكرب من األرض أضعافا مضاعفةظ أمياال كثرية كما قال مقداره، والعقل يدرك أن الصيب متحرك يف النشوء والتزايد على الدوام، والظل متحرك دائما، والكواكب تتحرك يف كل حل

منذ قلت ال إىل أن قلت نعم قد حترك مسرية مخسمائة " : قال؟ قال كيف. نعم، فقال ال"؟أزالت الشمس": صلى هللا عليه وسلم جلربيل عليه السالمياالت وأوهاما واعتقادات يظنون فاعلم أن فيهم خ،نرى العقالء يغلطون يف نظرهم: فإن قلت. وأنواع غلط البصر كثرية، والعقل منزه عنها ."سنة

الغزايل

47

فأما العقل إذا جترد عن غشاوة ).حمك النظر(وكتاب ) معيار العلم(وقد شرحنا جمامعها يف كتاب . فالغلط منسوب إليها،أحكامها أحكام العقلجترده عن هذه النوازع بعد املوت، وعند وإمنا يكمل . سر عظيم بل رأى األشياء على ما هي عليه، ويف جتريده ع ،تصور أن يغلطالوهم واخليال مل ي

ويشاهد كتابا ال يغادر صغرية وال كبرية إال أحصاها، ،ذلك ينكشف الغطاء وتنجلي األسرار ويصادف كل أحد ما قدم من خري أو شر حمضراقول املغرور بأوهامه واعتقاداته الفاسدة وعنده ي،وإمنا الغطاء غطاء اخليال والوهم وغريمها. }فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد{:وعنده يقال

عنا فارجعنا نعمل صاحلا {:وخياالته الباطلة . اآلية،}ربنا أبصرنا ومسبل بينهما من التفاوت . فقد عرفت ]ذا أن العني أوىل باسم النور من النور املعروف، مث عرفت أن العقل أوىل باسم النور من العني

.ال إنه أوىل بل احلق أنه املستحق لالسم دونهما يصح معه أن يق

دقيقة

علم أن العقول وإن كانت مبصرة، فليست املبصرات كلها عندها على وترية واحدة، بل بعضها يكون عندها كأنه حاضر كالعلوم الضرورية مثل إ يكون صدقا وكذبا، وأن احلكم إذا ثبت للشيء جوازه علمه بأن الشيء الواحد ال يكون قدميا حادثا وال يكون موجودا معدوما، والقول الواحد ال

وأما . جد اإلنسان فقد وجد احليوانجد السواد فقد وجد اللون، وإذا و فإذا و ،ثبت ملثله، وأن األخص إذا كان موجودا كان األعم واجب الوجود إىل غري ذلك من القضايا الضرورية يف ،إلنسانايوان وجود عكسه فال يلزم يف العقل، إذ ال يلزم من وجود اللون وجود السواد وال من وجود احل

نبه عليه ستوري زناده وي هز أعطافه وي بل حيتاج إىل أن ي ،رض عليهومنها ما ال يقارن العقل يف كل حال إذا ع . الواجبات واجلائزات واملستحيالتوأعظم احلكمة كالم هللا . يصري العقل مبصرا بالفعل بعد أن كان مبصرا بالقوةفعند إشراق نور احلكمةوإمنا ينبهه كالم احلكمة، . بالتنبيه كالنظريات

فباحلرى . فتكون منزلة آيات القرآن عند عني العقل منزلة نور الشمس عند العني الظاهرة إذ به يتم اإلبصارومن مجلة كالمه القرآن خاصة، . تعاىلفآمنوا باó ورسوله {:و]ذا نفهم معىن قوله. ثال القرآن نور الشمس ومثال العقل نور العني فم،سمى القرآن نورا كما يسمى نور الشمس نوراأن ي

.}قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا{:، وقوله}والنور الذي أنزلنا

تكملة هذه الدقيقة

ولكل عني من . فالظاهرة من عامل احلس والشهادة، والباطنة من عامل آخر وهو عامل امللكوت.نةظاهرة وباط: فقد فهمت من هذا أن العني عينان والباطنة من عامل ، والظاهرة من عامل الشهادة وهي الشمس احملسوسة. إحدامها ظاهرة واألخرى باطنة،العينني مشس ونور عنده تصري كاملة اإلبصار

ويف هذا العامل . ومهما انكشف لك هذا انكشافا تاما فقد انفتح لك أول باب من أبواب امللكوت .ملنزلةامللكوت وهو القرآن وكتب هللا تعاىل ا مل يسافر إىل هذا العامل، وقعد به القصور يف حضيض عامل الشهادة فهو ]يمة بعد، حمروم منوإن. ستحقر باإلضافة إليها عامل الشهادةعجائب ي

أولئك كاألنعام بل هم {:ولذلك قال هللا تعاىل. البهيمة إذ مل تسعد البهيمة بأجنحة الطريان إىل هذا العامل بل أضل من ،عن خاصية اإلنسانيةعلم أن الشهادة باإلضافة إىل عامل امللكوت كالقشر باإلضافة إىل اللب، وكالصورة والقالب باإلضافة إىل الروح، وكالظلمة باإلضافة إىل او .}أضل

ويف مقابلته السفلي واجلسماين . ولذلك يسمى عامل امللكوت العامل العلوي والعامل الروحاين والعامل النوراين. لسفل باإلضافة إىل العلوالنور، كا فال يفتح وأما العبد. وال تظن أنا نعين بالعامل العلوي السموات فإ�ا علو وفوق يف حق عامل الشهادة واحلس، ويشارك يف إدراكه البهائم .والظلماين

الغزايل

48

فيصري كل داخل حتت احلس واخليال أرضه ومن مجلة ،ل يف حقه األرض غري األرض والسمواتد ب له باب امللكوت وال يصري ملكوتيا إال ويـ أسفل فاإلنسان مردود إىل. وهذا هو املعراج األول لكل سالك ابتدأ سفره إىل قرب احلضرة الربوبية ،السموات، وكل ما ارتفع عن احلس فسماؤه

ولذلك . وأما املالئكة فإ�م مجلة عامل امللكوت عاكفون يف حضرة القدوس، ومنها يشرفون إىل العامل األسفل. السافلني، ومنه يرتقى إىل العامل األعلى واألنبياء إذا بلغ ".منهمإن � مالئكة هو أعلم بأعمال الناس ": وقال،"إن هللا خلق اخللق يف ظلمة مث أفاض عليهم من نوره" :قال عليه السالم

إذ من .معراجهم املبلغ األقصى وأشرقوا منه إىل السفل ونظروا من فوق إىل حتت اطلعوا أيضا على قلوب العباد وأشرفوا على مجلة من علوم الغيب وعامل الشهادة أثر من ،ت يف عامل الشهادة أي من عنده تنزل أسباب املوجودا،}وعنده مفاتح الغيب {:كان يف عامل امللكوت كان عند هللا تعاىل

ومفاتيح معرفة املسببات ال توجد إال من األسباب، ولذلك كان عامل الشهادة مثاال . آثار ذلك العامل، جيري منه جمرى الظل باإلضافة إىل السبب وحماكاته نوعا من احملاكاة على قرب أو على ،اة السبب ألن املسبب ال خيلو عن مواز ،لعامل امللكوت كما سيأيت يف بيان املشكاة واملصباح والشجرة

.وهذا ألن له غورا عميقا ومن اطلع على كنه حقيقته انكشف له حقائق أمثلة القرآن على يسر .بعد

دقيقة ترجع إىل حقيقة النور

ر نفسه وغريه، فهو أوىل باسم النور من أنه يبص ر به غريه أيضا معفنقول إن كان ما يبصر نفسه وغريه أوىل باسم النور، فإن كان من مجلة ما يبص وهذه اخلاصية توجد للروح القدسي النبوي إذ تفيض . سراجا منريا لفيضان أنواره على غريهالذي ال يؤثر يف غريه أصال، بل باحلري أن يسمى

ولكن . واألنبياء كلهم سرج، وكذلك العلماء. جا منرياو]ذا نفهم معىن تسمية هللا حممدا عليه السالم سرا. بواسطته أنواع املعارف على اخلالئق .التفاوت بينهم ال حيصى

دقيقة

وهذه السرج . كىن عنه بالنارقتبس منه السراج يف نفسه جدير بأن ي فالذي ي ، أن يسمى سراجا منريانور اإلبصارإذا كان الالئق بالذي يستفاد منه ولكن إمنا يصري نورا على نور إذا مسته ،فالروح القدسي النبوي يكاد زيته يضىء ولو مل متسسه نار. يةبس يف أصلها من أنوار علو قت األرضية إمنا ت

يوم يقوم الروح {: وهو الذي قوبل باملالئكة كلهم فقيل يوم القيامة،بس األرواح األرضية هي الروح اإلهلية العلويةقت وباحلرى أن يكون م .النارالئكة صفا

.س إال من جانب الطوربس منها السرج األرضية مل يكن هلا مثال إال النار، وذلك ال يؤان قت فهي إذا اعتربت من حيث ي ،}وامل

دقيقة

نه س بعضها من بعض، فاألقرب من املنبع األول أوىل باسم النور ألقتب بس منها األنوار األرضية إن كان هلا ترتيب حبيث ي قت األنوار السماوية اليت ت ومثال ترتيبه يف عامل الشهادة ال تدركه إال بأن يفرض ضوء القمر داخال يف كوة بيت واقعا على مرآة منصوبة على حائط، ومنعكسا منها . أعلى رتبة

وما على ،حلائطفأنت تعلم أن ما على األرض من النور تابع ملا على ا. مث منعطفا منه إىل األرض حبيث تستنري األرض،إىل حائط آخر يف مقابلتهاوهذه األنوار األربعة . ق النور على القمرشر احلائط تابع ملا على املرآة، وما على املرآة تابع ملا يف القمر، وما يف القمر تابع ملا يف الشمس إذ منها ي

الغزايل

49

رباب البصائر أن األنوار امللكوتية فاعلم أنه قد انكشف أل .مرتبة بعضها أعلى وأكمل من بعض، ولكل واحد مقام معلوم ودرجة خاصة ال يتعداهافال يبعد أن تكون رتبة إسرافيل فوق رتبة جربيل، وأن فيهم األقرب لقرب . جدت على ترتيب كذلك، وأن املقرب هو األقرب إىل النور األقصىإمنا و

م وترتيبهم يف . على اإلحصاء، وأن فيهم األدىن، وبينهما درجات تستعصي حضرة الربوبية اليت هي منبع األنوار كلهادرجته من وإمنا املعلوم كثرسبحون . وإنا لنحن الصافون{:مقاما`م وصفوفهم، وأ�م كما وصفوا به أنفسهم إذ قالوا

.}وإنا لنحن امل

دقيقة

ور لذاته وبذاته، ليس يأتيه نور من غريه، ومنه يرتقي إىل منبع أول هو النإذا عرفت أن األنوار هلا ترتيب فاعلم أنه ال يتسلسل إىل غري �اية، بل فما عندي أنه ، يف ذاته املنري لكل ما سواهفانظر اآلن اسم النور أحق وأوىل باملستنري املستعري نوره من غريه، أو بالنري . تشرق األنوار كلها على ترتيبها

.على الذي ال نور فوقه، ومنه ينزل النور إىل غريهسم النور أحق بالنور األقصى األإ وبه يتحقق أن ،خيفى عليك احلق فيه

حقيقة

بل نورانيته ، ذاته فهو يف ذاته من حيث ذاته ال نور لهرب إذ كل ما سواه إذا اعت ،سم النور على غري النور األول جماز حمضإن أبل أقول وال أبايل أفرتى أن من استعار ثيابا وفرسا ومركبا . ونسبة املستعار إىل املستعري جماز حمض. بنفسها، بل بغريهاةمستعارة من غريه وال قوام لنورانيته املستعار

كال، بل املستعري فقري يف ? عري هو الغىن أو املستعريـ وأن امل? عري، وعلى احلد الذي رمسه، غىن باحلقيقة أو با¾ازـ وسرجا، وركبه يف الوقت الذي أركبه املالنور احلق هو الذي بيده اخللق واألمر، ومنه اإلنارة فإذن . املعري الذي منه اإلعارة واإلعطاء، وإليه االسرتداد واالنتزاعوإمنا الغىن هو . نفسه كما كان

ويتفضل عليه بتسميته تفضل املالك على ،فال شركة ألحد معه يف حقيقة هذا االسم وال يف استحقاقه إال من حيث يسميه به. أوال واإلدامة ثانيا .وإذا انكشف للعبد احلقيقة علم أنه وماله ملالكه على التفرد ال شريك له فيه أصال وألبتة. أعطاه ماال مث مساه مالكاعبده إذا

ألن املظلم مسى مظلما ألنه ليس .مهما عرفت أن النور يرجع إىل الظهور وإإلظهار ومراتبه، فاعلم أنه ال ظلمة أشد من كتم العدمفالذي ليس موجودا ال لغريه وال لنفسه كيف ال يستحق أن يكون هو . يصري موجودا للبصري مع أنه موجود يف نفسهلإلبصار إليه وصول، إذ ليس

والوجود ينقسم إىل ما للشيء من ذاته وإىل ماله من . فإن الشيء ما مل يظهر يف ذاته ال يظهر لغريه. ويف مقابلته الوجود فهو النور،الغاية يف الظلمةوإمنا هو موجود من حيث نسبته . رب ذاته من حيث ذاته فهو عدم حمضبل إذا اعت . لوجود من غريه فوجوده مستعار ال قوام له بنفسهوما له ا. غريه

.فاملوجود احلق هو هللا تعاىل، كما أن النور احلق هو هللا تعاىل. إىل غريه، وذلك ليس بوجود حقيقي كما عرفت يف مثال استعارة الثوب والغىن

احلقائقحقيقة

كل { احلقيقة، واستكملوا معراجهم فرأوا باملشاهدة العيانية أن ليس يف الوجود إال هللا تعاىل، وأن ٦من هنا ترقى العارفون من حضيض ا¾از إىل يفاع ذاته رب فإن كل شيء سواه إذا اعت .تصور إال كذلك ال أنه يصري هالكا يف وقت من األوقات، بل هو هالك أزال وأبدا ال ي ،}شيء هالك إال وجهه

)املعجم العريب األساسي(املرتفع من كل شيء 6

الغزايل

50

رؤى موجودا ال يف ذاته لكن من الوجه الذي يلي ،رب من الوجه الذي يسري إليه الوجود من األول احلق وإذا اعت ،من حيث ذاته فهو عدم حمضفإذن كل شيء . وجود إال هللا تعاىل ووجههفإذن ال موجه إىل نفسه ووجه إىل ربه؛ : فلكل شيء وجهان. املوجود وجه هللا تعاىل فقطه فيكون د موج

لك اليوم ó الواحد القهار {: تعاىلالبارئومل يفتقر هؤالء إىل يوم القيامة ليسمعوا نداء . هالك إال وجهه أزال وأبدابل هذا النداء ال يفارق .}لمن امل

يس لغريه رتبة ل؛ بل حاش �، إذ ليس يف الوجود معه غريه حىت يكون أكرب منهمن غريه، أنه أكرب ) هللا أكرب(ومل يفهموا من معىن قوله . ادمسعهم أبأنه أكرب بل معناها . وحمال أن يقال إنه أكرب من وجهه. فاملوجود وجهه فقط. بل ليس لغريه وجود إال من الوجه الذي يليه،املعية، بل رتبة التبعية

بل كل . بل ال يعرف هللا كنه معرفته إال هللا. كاايسة، وأكرب من أن يدرك غريه كنه كربيائه، نبيا كان أو مل من أن يقال له أكرب مبعىن اإلضافة واملقاملقصد األسىن يف معاين أمساء (وهذا له حتقيق ذكرناه يف كتاب . معروف داخل يف سلطة العارف واستيالئه دخوال ما، وذلك ينايف اجلالل والكربياء

).هللا احلسىن

إشارة

لكن منهم من كان له هذه احلال عرفانا علميا، ومنهم . اتفقوا على أ�م مل يروا يف الوجود إال الواحد احلق- بعد العروج إىل مساء احلقيقة-العارفونومل يبق فيهم ،وتني فيهوفيت فيها عقوهلم فصاروا كاملبهوانتفت عنهم الكثرة بالكلية واستغرقوا بالفردانية احملضة واست . من صار له ذلك حاال ذوقيا

وقال ) أنا احلق(، فسكروا سكرا دفع دونه سلطان عقوهلم، فقال أحدهم فلم يكن عندهم إال هللا،متسع ال لذكر غري هللا وال لذكر أنفسهم أيضافلما خف عنهم سكرهم وردوا . طوى وال حيكى وكالم العشاق يف حال السكر ي ،)ما يف اجلبة إال هللا(وقال آخر ) سبحاين ما أعظم شأين(اآلخر

أنا من ( مثل قول العاشق يف حال فرط عشقه ،إىل سلطان العقل الذي هو ميزان هللا يف أرضه، عرفوا أن ذلك مل يكن حقيقة االحتاد بل شبه االحتاديت رآها هي صورة املرآة متحدة ]ا، ويرى وال يبعد أن يفاجىء اإلنسان مرآة فينظر فيها ومل ير املرآة قط، فيظن أن الصورة ال،)أهوى ومن أهوى أنا

يت باإلضافة إىل وهذه احلالة إذا غلبت مس .وإذا صار ذلك عنده مألوفا ورسخ فيه قدمه استغفر. اخلمر يف الزجاج فيظن أن اخلمر لون الزجاجولو شعر . يف تلك احلال وال يعدم شعوره بنفسه ألنه فىن عن نفسه وفىن عن فنائه، فإنه ليس يشعر بنفسه،)فناء الفناء(بل ) فناء(صاحب احلالة

ووراء هذه . ق به بلسان ا¾از احتادا أو بلسان احلقيقة توحيداوتسمى هذه احلالة باإلضافة إىل املستغر . بعدم شعوره بنفسه لكان قد شعر بنفسه .احلقائق أيضا أسرار يطول اخلوض فيها

خامتة

ىل السموات واألرض، بل وجه كونه يف ذاته نور السموات واألرض، فال ينبغي أن خيفى ذلك عليك بعد لعلك تشتهي أن تعرف وجه إضافة نوره إ ، ألن النور عبارة عما ينكشف به األشياء، وأعلى منه ما ينكشف به وله، وأعلى أنه النور وال نور سواه وأنه كل األنوار، وأنه النور الكليأن عرفت

احلقيقي منه ما ينكشف به وله، وأعلى منه ما ينكشف به وله ومنه، وأن احلقيقي منه ما ينكشف به وله ومنه منه ما ينكشف به وله ومنه، وأنمث عرفت أن .مث عرفت أن هذا لن يتصف به إال النور األول. بل ذلك له يف ذاته من ذاته لذاته ال من غريه ،وليس فوقه نور منه اقتباسه واستمداده

أما البصرى فما نشاهده يف السموات من . أي إىل احلس والعقل،عين املنسوب إىل البصر والبصريةأ ،نورا من طبقيت النورالسموات واألرض مشحونة الكواكب والشمس والقمر، وما نشاهده يف األرض من األشعة املنبسطة على كل ما على األرض حىت ظهرت به األلوان املختلفة خصوصا يف الربيع،

الغزايل

51

مث سائر ما يظهر للحس من األشكال واملقادير . ولوالها مل يكن لأللوان ظهور، بل وجود. يوانات واملعادن وأصناف املوجوداتوعلى كل حال يف احل .يدرك تبعا لأللوان وال يتصور إدراكها إال بواسطتها

شحون ]ا وهي احلياة احليوانية مث وأما األنوار العقلية املعنوية فالعامل األعلى مشحون ]ا، وهي جواهر املالئكة، والعامل األسفل م .اإلنسانية

أنشأكم من األرض {:وهو املعىن بقوله. وبالنور اإلنساين السفلي ظهر نظام عامل السفل كما بالنور امللكي ظهر نظام عامل العلوعرفت فإذا .}إين جاعل يف األرض خليفة{:، وقال}فاء األرض وجيعلكم خل {: وقال،}ليستخلفنـهم يف األرض{:وقال تعاىل، }واستعمركم فيها

،هذا عرفت أن العامل بأسره مشحون باألنوار الظاهرة البصرية والباطنة العقلية، مث عرفت أن السفلية فائضة بعضها من بعض فيضان النور من السراج وأن العلويات بعضها مقتبسة ،القدسية مقتبسة من األرواح العلوية اقتباس السراج من النوروأن السراج هو الروح النبوي القدسي، وأن األرواح النبوية

، وأن سائر وأن ذلك هو هللا تعاىل وحده ال شريك له،نور األنوار ومعد�ا ومنبعها األولمث ترقى مجلتها إىل . من البعض، وأن ترتيبها ترتيب مقاماتوسائر األنوار أنوار من ، فإذن ال نور إال نوره. وأن الكل نوره، بل هو الكل، بل ال هوية لغريه إال با¾از،ه فقطوإمنا احلقيقي نور األنوار مستعارة،

وليه حنوه فإن اإلله عبارة عما الوجه م : فإذن ال إله اال هو.}فأينما تـولوا فـثم وجه اó {:ه شطر ل و فوجه كل ذي وجه إليه وم . الذي يليه ال من ذاتهعبارة عما إليه إشارة كيفما كان، وال إشارة إال ) هو(ألن : بل كما ال إله إال هو، فال هو إال هو. أعين وجوه القلوب فإ�ا األنوار: بالعبادة والتأله

إىل نور الشمس بل ةوال إشار . اها وإن كنت ال تعرفه أنت لغفلتك عن حقيقة احلقائق اليت ذكرن،بل كل ما أشرت إليه فهو باحلقيقة إشارة عليه. إليهتوحيد ) ال إله إال هو(توحيد العوام، و) ال إله إال هللا(فإذن . فكل ما يف الوجود فنسبته إليه يف ظاهر املثال كنسبة النور إىل الشمس. إىل الشمس

وليس . ومنتهى معراج اخلالئق مملكة الفردانية. لصرفة، ألن هذا أمت وأخص وأمشل وأحق وأدق وأدخل بصاحبه يف الفردانية احملضة والوحدانية ااخلواصوإذا ارتفعت الكثرة حقت الوحدة وبطلت . فإنه نوع إضافة يستدعى ما منه االرتقاء وما إليه االرتقاء،تصور إال بكثرة إذ الرتقي ال ي ،وراء ذلك مرقي

فليس وراء األعلى علو، وال مع الوحدة كثرة، . قي فاستحال العروج واستحال الرت ، ومل يبق علو وسفل ونازل ومرتفع،اإلضافات وطاحت اإلشارات. ألن األعلى له أسفل وليس له أعلى، أعين باإلشراف من علو إىل سفل، فالنزول إىل مساء الدنيا،وال مع انتفاء الكثرة عروج، فإن كان من تغري حال

. وهو من العلم الذي هو كهيئة املكنون الذي ال يعلمه إال العلماء با�. من جيهله يعلمه من يعلمه وينكره،فهذه هي غاية الغايات ومنتهى الطلبات إذ . فقد توهم العلماء ما هو أبعد منه،لكوال يبعد أن قال العلماء إن النزول إىل السماء الدنيا هو نزول م . فإذا نطقوا به مل ينكره إال أهل الغرة با�

:وإليه اإلشارة بقوله. ذلك هو نزوله إىل استعمال احلواس أو حتريك األعضاء فإن،ا له نزول إىل السماء الدنياقال هذا املستغرق بالفردانية أيضفإذا كان هو مسعه وبصره ولسانه، فهو السامع والباصر والناطق إذن ال ".صرت مسعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينطق به"

فحركات هذا املوحد من السماء الدنيا وإحساساته كالسمع والبصر من مساء فوقه، وعقله . احلديث،"مرضت فلم تعدين": له؛ وإليه اإلشارة بقو غريهومملكة الفردانية متام سبع طبقات مث بعده يستوي على عرش الوحدانية، ومنه يدبر . وهو يرتقي من مساء العقل إىل منتهى معراج اخلالئق. فوق ذلك

فرمبا نظر الناظر إليه فأطلق القول بأن هللا خلق آدم على صورة الرمحن، إىل أن ميعن النظر فيعلم أن ذلك تأويل كقول القائل .واتهاألمر لطبقات مس وأرى اآلن قبض البيان فما أراك تطيق .)كنت مسعه وبصره ولسانه(و ) مرضت فلم تعدين: (بل كقوله ملوسى عليه السالم) سبحاين(و ) أنا احلق(

. هذا القدر أكثر من هذا القدرمن

الغزايل

52

لعلك ال تسمو إىل هذا الكالم ]متك، بل تقصر دون ذروته مهتك، فخذ إليك كالما أقرب إىل فهمك وأوفق :مساعدةاء النهار فإذا رأيت أنوار الربيع وخضرته مثال يف ضي. واعلم أن معىن كونه نور السموات واألرض تعرفه بالنسبة إىل النور الظاهر البصري .لضعفك

ولقد أصر على . ورمبا ظننت أنك لست ترى مع األلوان غريها، فإنك تقول لست أرى مع اخلضرة غري اخلضرة. فلست تشك يف أنك ترى األلوانهر األشياء، وهو هذا قوم فزعموا أن النور ال معىن له، وأنه ليس مع األلوان غري األلوان، فأنكروا وجود النور مع أنه أظهر األشياء، وكيف ال وبه تظ

لكن عند غروب الشمس وغيبة السراج ووقوع الظل أدركوا تفرقة ضرورية بني حمل الظل وبني موقع . بصر به غريه كما سبقبصر يف نفسه وي الذي ي . وقد يكون الظهور سبب اخلفاء.درك، ولشدة ظهوره خيفىدرك مع األلوان حىت كأنه لشدة اجنالئه ال ي فاعرتفوا بأن النور معىن وراء األلوان ي ،الضياء

ورمبا زاد على هذا بعضهم فقال . أرباب البصائر ما رأوا شيئا إال رأوا هللا معهفإذا عرفت هذا فاعلم أن .والشيء إذا جاوز حده انعكس علي ضدهأومل يكف {:وإىل األول اإلشارة بقوله تعاىل. اءمن يرى األشياء به ومنهم من يرى األشياء فرياه باألشيألن منهم ) ما رأيت شيئا إال رأيت هللا قبله(

فاألول صاحب مشاهدة، والثاين صاحب االستدالل .}سنريهم آياتنا يف اآلفاق {: وعلى الثاين اإلشارة بقوله تعاىل،}بربك أنه على كل شيء شهيد .وليس بعدمها إال درجة الغافلني احملجوبنيخني، واألول درجة الصديقني، والثاين درجة العلماء الراسعليه،

فهو مع كل شيء . كما ظهر كل شيء للبصر بالنور الظاهر، فقد ظهر كل شيء للبصرية الباطنة با�وإذ قد عرفت هذا فاعلم أنهتصور أن يغيب بغروب الشمس الظاهر ي وهو أن النور ،ولكن بقى ها هنا تفاوت. ظهر كل شيء، كما أن النور مع كل شيء وبه يظهرال يفارقه مث ي

فيبقى مع األشياء دائما، فانقطع طريق ،تصور غيبته بل يستحيل تغريهظهر كل شيء، ال ي جب حىت يظهر الظل، وأما النور اإلهلي الذي به ي وحي ولكن ملا . عه إىل املعرفة مبا به ظهرت األشياءضطر مدرك به من التفرقة ما ي صور غيبته ال�دت السموات واألرض، وأل ولو ت . االستدالل بالتفرقة

إذ الطريق الظاهر معرفة األشياء باألضداد فما ال . ارتفع التفريق وخفي الطريقوحدانية خالقهاتساوت األشياء كلها على منط واحد يف الشهادة على فسبحان من اختفى . ه لشدة جالئه والغفلة عنه إلشراق ضيائه فال يبعد أن خيفى ويكون خفاؤ ،ضد له وال تغري له تتشابه األحوال يف الشهادة له

إن هللا مع كل شيء (ورمبا مل يفهم أيضا كنه هذا الكالم بعض القاصرين، فيفهم من قولنا . عن اخللق لشدة ظهوره، واحتجب عنهم إلشراق نوره وإنه ،إنه قبل كل شيءعل األبعد عن إثارة هذا اخليال أن نقول بل ل. تعاىل وتقدس عن النسبة إىل املكان ، أنه يف كل مكان)كالنور مع األشياء

مث ال خيفى . فهو الذي نعين بقولنا عنه مع كل شيء،مظهر يف معرفة صاحب البصريةـ ظهر ال يفارق الـ وامل. ظهر كل شيء وإنه م ،فوق كل شيء ،فال تظنن أنه متناقض، واعترب باحملسوسات اليت هي درجتك يف العرفان .ه لكنه معه بوجه وقبله بوج،ظهر وفوقه مع أنه معه بوجهـ عليك أيضا أن امل

وكل ،ومن مل يتسع صدره ملعرفة هذا فليهجر هذا النمط من العلم، فلكل علم رجال .وانظر كيف تكون حركة اليد مع حركة ظل اليد وقبلها أيضا .ميسر ملا خلق له

الفصل الثاين

والزجاجة والشجرة والزيت والنار يف بيان مثال املشكاة واملصباح

أحدمها يف بيان سر التمثيل : لكين أشري إليهما بالرمز واالختصار. عي تقدمي قطبني يتسع ا¾ال فيهما إىل غري حد حمدوددومعرفة هذا يستتخذ طينة األمثال، وعامل الشهادة اليت منها ت ووجه ضبط أرواح املعاين بقوالب األمثلة، ووجه كيفية املناسبة بينها، وكيفية املوازنة بني عامل،ومنهاجه

الغزايل

53

إذ قرأ ابن مسعود ، فإن هذا املثال مسوق لبيان ذلك،والثاين يف طبقات أرواح الطينة البشرية ومراتب أنوارها .ستنزل أرواح املعاينامللكوت الذي منه ت ).مثل نور قلب من آمن: (وقرأ أيب بن كعب) مثل نوره يف قلب املؤمن كمشكاة(

األول يف سر التمثيل ومنهاجه

والكل متقارب، وإمنا ختتلف باختالف . وإن شئت علوي وسفلي، وإن شئت قلت حسي وعقلي،روحاين وجسماين: علم أن العامل عاملانإما باإلضافة إىل العني املدر .االعتبارات ما يف أنفسهما قلت جسماين وروحاين، وإن اعترب ما ،حسي وعقليكة هلما قلت فإذا اعترب وإن اعترب

ومن نظر إىل احلقائق من . لك والشهادة واآلخر عامل الغيب وامللكوتـ ورمبا مسيت أحدمها عامل امل. بإضافة أحدمها إىل اآلخر قلت علوي وسفلى إذ ،وأمر الضعيف بالعكس. لفاظ تابعاوالذي تنكشف له احلقائق جيعل املعاين أصال واأل. األلفاظ رمبا حتري عند كثرة األلفاظ وختيل كثرة املعاين

.}أفمن ميشي مكبا على وجهه أهدى أم من ميشي سويا على صراط مستقيم{:وإىل الفريقني اإلشارة بقوله تعاىل. يطلب احلقائق من األلفاظوالعامل احلسي عامل شهادة إذ . ن األكثرين إذ هو غائب ع،وإذ قد عرفت معىن العاملني فاعلم أن العامل امللكويت عامل غيب

ولو تعذر ذلك لتعذر السفر إىل حضرة . فلو مل يكن بينهما اتصال ومناسبة النسد طريق الرتقي إليه. والعامل احلسي مرقاة إىل العقل. يشهده الكافةوالعامل املرتفع عن إدراك احلس واخليال هو الذي .٧القدسفلم يقرب من هللا تعاىل أحد ما مل يطأ حببوحة حظرية . الربوبية والقرب من هللا تعاىل

ورمبا مسينا الروح البشري . فإذا اعتربنا مجلته حبيث ال خيرج منه شيء وال يدخل فيه ما هو غريب منه مسيناه حظرية القدس. ٨سد نعنيه بعامل الق ولكن لفظ احلظرية حييط جبميع . بعضها أشد إمعانا يف معاين القدسمث هذه احلظرية فيها حظائر. "الوادي املقدس"الذي هو جمرى لوائح القدس

فعليك . واشتغايل اآلن بشرح كل لفظ مع ذكره يصدين عن املقصد. غري معقولة عند أرباب البصائر٩فال تظنن أن هذه األلفاظ طامات. طبقا`ا، وكان سلوك الصراط املستقيم عبارة عن هذا دة مرقاة إىل عامل امللكوتملا كان عامل الشها: فأرجع إىل الغرض وأقول.التشمري لفهم هذه األلفاظ

جعلت الرمحة اإلهلية عامل ،صور الرتقي من أحدمها إىل اآلخر فلو مل يكن بينهما مناسبة واتصال ملا ت ،ومبنازل اهلدى وقد يعرب عنه بالدين ،الرتقيورمبا كان الشيء الواحد مثاال ألشياء من . لعامل إال وهو مثال لشيء من ذلك العامل فما من شيء من هذا ا،الشهادة على موازنة عامل امللكوت

وإمنا يكون مثاال إذا ماثله نوعا من املماثلة، وطابقه نوعا من . ورمبا كان للشيء الواحد من امللكوت أمثلة كثرية من عامل الشهادة. عامل امللكوت فال ، وما اتسع لفهمه القوة البشرية،اء مجيع موجودات العاملني بأسرها، ولن تفي به القوة البشريةوإحصاء تلك األمثلة يستدعي استقص. املطابقة

فغاييت أن أعرفك منها أمنوذجا لتستدل باليسري منها على الكثري، وينفتح لك باب االستعبار ]ذا النمط من . تفي بشرحه األعمار القصريةعرب عنها باملالئكة، منها تفيض األنوار على األرواح البشرية، وألجلها قد ت جواهر نورانية شريفة عالية ي إن كان يف عامل امللكو : فأقول،األسرار

تسمى أربابا، ويكون هللا تعاىل رب األرباب لذلك، ويكون هلا مراتب يف نورانيتها متفاوتة، فباحلرى أن يكون مثاهلا من عامل الشهادة الشمس .والقمر والكواكب

)املعجم الوجيز(اجلنة : حظرية القدس 7 )املعجم العريب األساسي(الطهر والربكة 8 )املعجم الوجيز(الداهية تفوق ما سواها : الطامة 9

الغزايل

54

فيتضح له إشراق نوره وينكشف له أن العامل األسفل بأسره حتت ،للطريق أوال ينتهي إىل ما درجته درجة الكواكبوالسالك مث إذا اتضح له ما فوقه مما رتبته رتبة القمر، رأى دخول ،)هذا ريب: ( ويتضح له من مجاله وعلو درجته ما يبادر فيقول،سلطانه وحتت إشراق نوره

وكذلك يرتقى حىت ينتهي إىل ما مثاله الشمس فرياه أكرب وأعلى، فرياه قابال ،)ال أحب اآلفلني: (باإلضافة إىل ما فوقه فقالاألول يف مغرب اهلوى عىن وم،}وجهت وجهي للذي فطر السموات واألرض حنيفا {:فمنه يقول. واملناسبة مع ذي النقص نقص وأفول أيضا. للمثال بنوع مناسبة له معه

ولذلك . فاملتنزه عن كل مناسبة هو األول احلق. اب عنهتصور أن جي مل ي ) الذي(إذ لو قال قائل ما مثال مفهوم : إشارة مبهمة ال مناسبة هلا) الذي( إىل ،}مل يلد ومل يولد. مد اó الص . قل هو اó أحد {:نزل يف جوابه) ?ما نسب اإلله: (ملا قال بعض األعراب لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم

، ب إال بتعريفه بأفعالهمل جي كالطالب ملاهيته ،}وما رب العالمني {:ولذلك ملا قال فرعون ملوسى. التقدس والتنزه عن النسبة نسبتهمعناه أن آخرها، ر عليه يف عدوله يف جوابه عن كاملنك ،}أال تسمعون {:ون ملن حوله، فقال فرع}رب السموات واألرض {:إذ كانت األفعال أظهر عند السائل فقال

إن {: فنسبه فرعون إىل اجلنون إذ كان مطلبه املثال واملاهية؛ وهو جييب عن األفعال، فقال،}ربكم ورب آبائكم األولني {:طلب املاهية، فقال موسىأما ترى أن . ألن الرؤيا جزء من النبوة،فك منهاج ضرب املثالعر ي ) التعبري(ولنرجع إىل األمنوذج فنقول علم .}رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون

. اإلستعالء على الكافة مع فيضان اآلثار على اجلميع وهو ،الشمس يف الرؤيا تعبريها السلطان، ملا بينهما من املشاركة واملماثلة يف معىن روحاين كما يفيض السلطان أنواره بواسطة الوزير على من يغيب عن حضرة ، الوزير إلفاضة الشمس نورها بواسطة القمر على العامل عند غيبتهاوالقمر تعبريه

وأن من يرى أنه يصب . وأن من يرى أنه يف يده خامت خيتم به أفواه الرجال وفروج النساء فتعبريه أنه مؤذن يؤذن قبل الصبح يف رمضان. السلطان بل ،ك أنسا ]ذا اجلنس، فال ميكنين االشتغال بعدهادواستقصاء أبواب التعبري يزي. ت يف الزيتون فتعبريه أن حتته جارية هي أمه وهو ال يعرفالزي

أخر سوى كما أن يف املوجودات العالية الروحانية ما مثاله الشمس والقمر والكواكب، فكذلك فيها ما له أمثلة أخرى إذا اعتربت منه أوصاف : أقولستصغر، ومنه ينفجر إىل أودية القلوب البشرية مياه املعارف ونفائس فإن كان يف تلك املوجودات ما هو ثابت ال يتغري وعظيم ال ي .النورانية

بعد اتصاهلا وإن كانت تلك النفائس. وإن كان مث موجودات تتلقى تلك النفائس بعضهم أوىل من بعض فمثاهلا الوادي،)الطور(املكاشفات فمثاله فإن كانت هذه األودية . ومفتتح الوادي قلوب األنبياء مث العلماء مث من بعدهم. بالقلوب البشرية جتري من قلب إىل قلب، فهذه القلوب أيضا أودية

يتلقى من آخر درجات الوادي وإن كان الوادي األدون . غرتف، فباحلرى أن يكون األول هو الوادي األمين لكثرة مينه وعلو درجتهدون األول وعنها ت أوحينا {:وإن كان روح النيب سراجا منريا، وكان ذلك الروح مقتبسا بواسطة وحي كما قال. األمين فمغرتفه شاطىء الوادي األمين دون جلته ومبدئه

ض التقليد ملا مسعه، وبعضهم على حظ من فما منه اإلقتباس مثاله النار، وإن كان املتلقنون من األنبياء بعضهم على حم}إليك روحا من أمرنا ومثال تلك ،فإن صاحب الذوق مشارك للنيب يف بعض األحوال. البصرية، فمثال حظ املقلد اخلرب، ومثال حظ املستبصر اجلذوة والقبس والشهاب

احلس ١٠اء الرتقي إىل العامل املقدس عن كدورةوإن كان أول منزل األنبي. وإمنا يصطلي بالنار من معه النار ال من يسمع خربها،املشاركة اإلصطالء والتوجه إىل ، أعين الدنيا واآلخرة،طراح الكوننيإوإن كان ال ميكن وطء ذلك الوادي املقدس إال ب . الوادي املقدس:واخليال، فمثال ذلك املنزل

طراحهما مرة والتلبس ]ما أخرى، فمثال إ البشري ميكن الواحد احلق، وألن الدنيا واآلخرة متقابلتان متحاذيتان ومها عارضان للجوهر النوراينإن كان يف تلك احلضرة شيء بواسطته بل نرتقي إىل حضرة الربوبية مرة أخرى ونقول،طراحهما عند اإلحرام للتوجه إىل كعبة القدس خلع النعلنيإ

اجلواهر القابلة ما بعضها سابق إىل التلقي، ومنها تنتقل إىل غريها، وإن كان يف تلك). القلم(تنتقش العلوم املفصلة يف اجلواهر القابلة هلا فمثاله

)املعجم الوجيز(صار غري صاف، تعكر : كدورة 10

الغزايل

55

وإن كان هلذه احلضرة املشتملة على اليد واللوح ،)اليد(وإن كان فوق الناقش للعلوم شيء هو مسخر فمثاله ). الرق املنشور(و) اللوح احملفوظ(فمثاهلا وفرق بني أن . يوجد للصورة اإلنسية نوع ترتيب على هذه الشاكلة، فهي على صورة الرمحن وإن كان،)الصورة(والقلم والكتاب ترتيب منظوم فمثاله

مث أنعم على آدم فأعطاه . ألن الرمحة اإلهلية هي اليت صورت احلضرة اإلهلية ]ذه الصورة،"على صورة هللا" وبني أن يقال "على صورة الرمحن"يقال مكتوبة ، أعين هذه الصورة،وصورة آدم. أو هو نسخة من العامل خمتصرة،امل حىت كأنه كل ما يف العاملصورة خمتصرة جامعة جلميع أصناف ما يف الع

اخلط اإلهلي الذي ليس برقم حروف، إذ تنزه خطه عن أن يكون رقما وحروفا كما تنزه كالمه عن أن يكون صوتا وحرفا، وقلمه عن أن فهو . خبط هللافلما . إذ ال يعرف ربه إال من عرف نفسه،ولوال هذه الرمحة لعجز اآلدمي عن معرفة ربه. ن حلما وعظمايكون خشبا وقصبا، ويده عن أن تكو

. وغري حضرة الربوبية،لكـ وغري حضرة امل،فإن حضرة اإلهلية غري حضرة الرمحة ،كان هذا من آثار الرمحة صار على صورة الرمحن ال على صورة هللا ، ولوال هذا املعىن لكان ينبغي أن يقول على صورته.}قل أعوذ برب الناس، ملك الناس، إله الناس {:احلضرات فقالأمر بالعياذ جبميع هذه ولذلك

لك عن اإلهلية والربوبية يستدعي شرحا طويال فلنتجاوزه، ويكفيك من ـ وألن متييز حضرة امل .واللفظ الوارد يف احلديث الصحيح على صورة الرمحنأنزل من السماء ماء فسالت {:فإن وجدت يف نفسك نفورا عن هذه األمثال فآن قلبك بقوله تعاىل. وذج هذا القدر، فإن هذا حبر ال ساحل لهاألمن

. واألودية القلوب، اآلية، وأنه كيف ورد يف التفسري أن املاء هو املعرفة والقرآن،}أودية بقدرها

خامتة واعتذار

من هذا األمنوذج وطريق ضرب املثال رخصة مين يف رفع الظاهر واعتقادا يف إبطاهلا حىت أقول مثال مل يكن مع موسى نعالن، ومل يسمع ال تظنن العاملني، إبطال الظواهر رأى الباطنية الذين نظروا بالعني العوراء إىل أحد العاملني ومل يعرفوا املوازنة بني فإن . حاش �،}اخلع نعليك{: اخلطاب بقوله

. والذي جيمع بينهما كامل. فالذي جيرد الظاهر حشوى، والذي جيرد الباطن باطين .كما أن إبطال األسرار مذهب احلشوية. ومل يفهموا وجههطراح إع النعلني فهم موسى من األمر خبلبل أقول . قل هذا عن على موقوفا عليه ورمبا ن ،"للقرآن ظاهر وباطن وحد ومطلع": ولذلك قال عليه السالم

وفرق . أي العبور من الشيء إىل غريه، ومن الظاهر إىل السر،)االعتبار(وهذا هو . طراح العاملنيإ فامتثل األمر ظاهرا خبلع نعليه، وباطنا ب،الكوننييقول ليس الظاهر مرادا، بل املراد فيقتىن الكلب يف البيت و "ال يدخل املالئكة بيتا فيه كلب": بني من يسمع قول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم

: وبني من ميتثل األمر يف الظاهر مث يقول، إذا الغضب غول العقل،ختلية بيت القلب عن كلب الغضب ألنه مينع املعرفة اليت هي من أنوار املالئكةخص والبدن واجبا عن صورة الكلب، فبأن جيب وإذا كان حفظ البيت الذي هو مقر الش، وهو السبعية والضراوة،الكلب ليس كلبا لصورته بل ملعناه

بقوهلم وهو املعين،فأنا أمجع بني الظاهر والسر مجيعا، فهذا هو الكامل. عن شر الكلبية أوىل، وهو مقر اجلوهر احلقيقي اخلاص،حفظ بيت القلبوهذه مغلطة منها . حدود الشرع مع كمال البصريةالكامل ال تسمح نفسه برتك حد من ولذلك ترى .)الكامل من ال يطفىء نور معرفته نور ورعه(

لطة اوهذا سوى مغ. وقع بعض السالكني إىل اإلباحة وطى بساط األحكام ظاهرا، حىت أنه رمبا ترك أحدهم الصالة وزعم أنه دائما يف الصالة بسره إن الباطن مشحون باخلبائث ليس ميكن تزكيته :هم وقول بعض، إن هللا غين عن عملنا: كقول بعضهم،١١احلمقى من اإلباحية الذين مأخذهم ترهات

. وهذه محاقات، لظنه أنه مأمور باستئصاهلا،ع يف استئصال الغضب والشهوةم ط وال ي

)املعجم الوجيز(الباطل، والقول اخلايل من النفع : الرتهة 11

الغزايل

56

ظاهر خلع : وأرجع إىل حديث النعلني فأقول. فأما ما ذكرناه فهو كبوة جواد وهفوة سالك حسده الشيطان فداله حببل الغروروأهل هذا التنبيه هم الذين بلغوا درجة الزجاجة كما سيأيت معىن . فاملثال يف الظاهر حق وأداؤه إىل السر الباطن حقيقة. الكوننيالنعلني منبه على ترك

ولكن إذا صفا حىت صار كالزجاج الصايف ،تخذ املثال صلب كثيف حيجب األسرار وحيول بينك وبني األنوارالزجاجة؛ ألن اخليال الذي من طينته ي .وستأتيك قصة الزجاجة. نطفاء بعواصف الرياحئل عن األنوار، بل صار مع ذلك مؤديا لألنوار، بل صار مع ذلك حافظا لألنوار عن اإلغري حا

عرف أن و]ذا ي . فاعلم أن العامل الكثيف اخليايل السفلي صار يف حق األنبياء زجاجة ومشكاة لألنوار ومصفاة لألسرار، ومرقاة إىل العامل األعلى .وغريمها) النار(و ) الطور(وقس على هذا . ملثال الظاهر حق ووراءه سرا

دقيقة

فال تظنن أنه مل يشاهده بالبصر كذلك، بل رآه يف يقظته كما يراه ،"رأيت عبد الرمحن بن عوف يدخل اجلنة حبوا": إذا قال الرسول عليه السالم بشخصه، فإن النوم إمنا أثر يف أمثال هذه املشاهدات لقهره سلطان احلواس عن النور الباطن وإن كان عبد الرمحن مثال نائما يف بيته،النائم يف نومه

وبعض األنوار النبوية قد يستعلي ويستويل حبيث . اإلهلي، فإن احلواس شاغلة له وجاذبة إياه إىل عامل احلس، وصارفة وجهه عن عامل الغيب وامللكوتولكنه إذا كان يف غاية الكمال مل يقتصر إدراكه على حمض . فيشاهد يف اليقظة ما يشاهد غريه يف املنامه، ال تستجره احلواس إىل عاملها وال تشغل

والغىن والثروة جاذب إىل احلياة احلاضرة وهي ، عنه باجلنةعرب الصورة املبصرة، بل عرب منها إىل السر فانكشف له أن اإلميان جاذب إىل العامل الذي ي وإن كان جاذب اإلميان أقوى أورث . إن كان اجلاذب إىل أشغال الدنيا أقوى أو مقاوما للجاذب اآلخر صد عن املسري إىل اجلنةف. العامل األسفل

ولذلك ال يقتصر يف حكمه . فكذلك تتجلى له أنوار األسرار من وراء زجاجات اخليال) احلبو( فيكون مثاله من عامل الشهادة ،عسرا وبطئا يف سريهوكثرت ثروته كثرة تزاحم اإلميان لكن ال محن وإن كان إبصاره مقصورا عليه، بل حيكم به على كل من قويت بصريته واستحكم إميانه، على عبد الر

واألغلب أن يكون املعىن سابقا إىل. عرفك كيفية إبصار األنبياء الصورة وكيفية مشاهد`م املعاين من وراء الصورفهذا ي .تقاومه لرجحان قوة اإلميانوهذا النمط من الوحي يف اليقظة يفتقر إىل التأويل، . حماكية له،شرق منها على الروح اخليايل فينطبع اخليال بصورة موازنة للمعىناملشاهدة الباطنة مث ي

والواقع يف اليقظة نسبته أعظم من .والواقع منه يف النوم نسبته إىل اخلواص النبوية نسبة الواحد إىل ستة وأربعني. كما أنه يف النوم يفتقر إىل التعبريفإن الذي انكشف لنا من اخلواص النبوية ينحصر شعبها يف ثالثة أجناس، وهذا واحد من تلك . وأظن أن نسبته إليه نسبة الواحد إىل الثالثة. ذلك

.األجناس الثالثة

القطب الثاين

ة القرآنعرف أمثلالبشرية النورانية إذ مبعرفتها ت يف بيان مراتب األرواح

وهو موجود . منها الروح احلساس وهو الذي يتلقى ما تورده احلواس اخلمس، وكأنه أصل الروح احليواين وأوله، إذ به يصري احليوان حيوانافاألول. ي فوقه عند احلاجة إليه الروح اخليايل، وهو الذي يستثبت ما أورده احلواس وحيفظه خمزونا عنده ليعرضه على الروح العقلي الذ:الثاين .للصيب الرضيع

نازعه نفسه إليه إىل أن يكرب قليال فيصري حبيث ولذلك يولع بالشيء ليأخذه، فإذا غاب عنه ينساه وال ت ،وهذا ال يوجد للصيب الرضيع يف بداية نشوئه

الغزايل

57

وال يوجد للفراش املتهافت على النار د لبعض احليوانات دون بعض، وج وهذا قد ي . إذا غيب عنه بكى وطلب ذلك لبقاء صورته حمفوظة يف خياله لكنه إذا جاوزه وحصل يف ، فيظن أن السراج كوة مفتوحة إىل موضع الضياء فيلقي نفسه عليه فيتأذى به،ألنه يقصد النار لشغفه بضياء النهار

رب مرة فالكلب إذا ض ،وده بعد أن تضرر مرة بهولو كان له الروح احلافظ املستثبت ملا أداه احلس إليه من األمل ملا عا. الظلمة عاوده مرة بعد مرةدرك املعاين اخلارجة عن احلس واخليال، وهو اجلوهر اإلنسي الروح العقلي الذي به ت :الثالث .خبشبة، فإذا رأى اخلشبة بعد ذلك من بعد هرب

الروح :الرابع . عند ترجيح نور العقل على نور العنيومدركاته املعارف الضرورية الكلية كما ذكرناه. اخلاص، وال يوجد ال للبهائم وال للصبيان مث إذا استفاد نتيجتني مثال، ألف ،الفكري، وهو الذي يأخذ العلوم العقلية احملضة فيوقع بينها تأليفات وازدواجات ويستنتج منها معارف شريفة

الروح القدسي النبوي الذي خيتص به األنبياء وبعض األولياء، :امساخل . وال يزال يتزايد كذلك إىل غري �اية،بينهما مرة أخرة واستفاد نتيجة أخرىوفيه تتجلى لوائح الغيب وأحكام اآلخرة ومجلة من معارف ملكوت السموات واألرض، بل من املعارف الربانية اليت يقصر دو�ا الروح العقلي

دي به وكذلك أوحينا إليك روح{:وإليه اإلشارة بقوله تعاىل. والفكري ن أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب وال اإلميان، ولكن جعلناه نورا � . اآلية،}ا مد أيها العاكف يف عامل العقل أن يكون وراء العقل طور آخر يظهر فيه ما ال يظهر يف العقل، كما ال يبعد كون العقل طورا وراء التمييز ع بـ فال يـ

وإن أردت مثاال مما نشاهده . وال جتعل أقصى الكمال وقفا على نفسك . غرائب وعجائب يقصر عنها اإلحساس والتمييزواإلحساس تنكشف فيهرم عنه بعضهم حىت ال تتميز عر كيف خيتص به قوم من الناس وهو نوع إحساس وإدراك، وحي فانظر إىل ذوق الش ،من مجلة خواص بعض البشرمت قوة الذوق يف طائفة حىت استخرجوا ]ا املوسيقى واألغاين واألوتار وصنوف الدستانات اليت وانظر كيف عظ . زحفةعندهم األحلان املوزونة من املن

وإمنا تقوى هذه اآلثار فيمن له أصل . ومنها ا¾نن ومنها القاتل، ومنها املوجب للغشى، ومنها املنوم ومنها املضحك،مطربـ حزن ومنها الـ منها املولو اجتمع . شىغف فيه هذه اآلثار، وهو يتعجب من صاحب الوجد والضع العاطل عن خاصية الذوق فيشارك يف مساع الصوت وت وأما ،الذوق

فقس به الذوق اخلاص . فهذا مثال يف أمر خسيس لكنه قريب إىل فهمك .العقالء كلهم من أرباب الذوق على تفهيمه معىن الذوق مل يقدروا عليهفإن مل تقدر فاجتهد أن تصري باألقيسة اليت ذكرناها . فإن لألولياء منه حظا وافرا، من أهل الذوق بشيء من ذلك الروحالنبوي واجتهد أن تصري

ذين أوتوا يرفع اó الذين آمنوا منكم وال {: و،فإن مل تقدر فال أقل من أن تكون من أهل اإلميان ]ا. والتنبيهات اليت رمزنا إليها من أهل العلم ]ان الظن بأهل الوجدان أو وحس . فالذوق وجدان والعلم قياس واإلميان قبول جمرد بالتقليد. والعلم فوق اإلميان، والذوق فوق العلم. }العلم درجات وإن كان يشارك ،واخليايل منهاظهر أصناف املوجودات، واحلسى فإذا عرفت هذه األرواح اخلمسة فاعلم أ�ا جبملتها أنوار أل�ا ت .بأهل العرفان

لق ذلك هلا إال أما احليوانات فلم خي . ل وأمسىلق اإلنسان ألجل غرض أج وخ ،البهائم يف جنسها، لكن الذي لإلنسان منه منط آخر أشرف وأعلى األسفل مبادىء املعارف الدينية دمي ليكون شبكة له يقتنص ]ا من العامللق لآلوإمنا خ . ليكون آلتها يف طلب غذائها يف تسخريها لآلدمي

وإذا عرفت هذه . إذ اإلنسان إذا أدرك باحلس شخصا معينا اقتبس عقله منه معىن عاما مطلقا كما ذكرنا يف مثال حبو عبد الرمحن بن عوف. الشريفة .األرواح اخلمسة فلنرجع إىل عرض األمثلة

بيان أمثلة هذه اآلية

اح اخلمسة للمشكاة والزجاجة واملصباح والشجرة والزيت ميكن تطويله، لكين أوجزه وأقتصر على التنبيه على اعلم أن القول يف موازنة هذه األرو وأوفق مثال له من . أما الروح احلساس فإذا نظرت إىل خاصيته وجدت أنواره خارجة من ثقب عدة كالعينني واألذنني واملنخرين وغريها: فأقول،طريقه

الغزايل

58

يل ذو مقدار ألن الشيء املتخ ،أنه من طينة العامل السفلي الكثيف: إحدامها ،ما الروح اخليايل فنجد له خواص ثالثاوأ. املشكاةعامل الشهادة جب عن ومن شأن الكثيف املوصوف بأوصاف األجسام أن حي . وهو على نسبة من املتخيل من قرب أو بعد،وشكل وجهات حمصورة خمصوصة

ط صار ب ذب وض ق وه ق ود يف أن هذا اخليال الكثيف إذا ص : الثانية . عن الوصف باجلهات واملقادير والقرب والبعداألنوار العقلية احملضة اليت تتنزهضبط به املعارف العقلية اج إليه جدا لي ت أن اخليال يف بداية األمر حم : الثالثة .موازيا للمعاين العقلية ومؤديا ألنوارها، غري حائل عن إشراق نورها منها

وهذه اخلواص الثالث ال جندها يف عامل . فنعم املعني املثاالت اخليالية للمعارف العقلية. ال تضطرب وال تتزلزل وال تنتشر انتشارا خيرج عن الضبطف بل يؤديه على ق حىت ال حيجب نور املصباحق ور يف فإ�ا يف األصل من جوهر كثيف لكن ص ،للزجاجةالشهادة باإلضافة إىل األنوار املبصرة اال

وأما الثالث وهو الروح العقلي الذي به إدراك املعارف الشريفة .فهي أول مثال له. وجهه، مث حيفظه عن االنطفاء بالرياح العاصفة واحلركات العنيفةرابع وهو الروح الفكري فمن خاصيته وأما ال .وقد عرفت هذا فيما سبق من بيان كون األنبياء سرجا منرية. باملصباحاإلهلية فال خيفى عليك وجه متثيله

أنه يبتدىء من أصل واحد مث تتشعب منه شعبتان، مث من كل شعبة شعبتان وهكذا إىل أن تكثر الشعب بالتقسيمات العقلية، مث يفضي باآلخرة إىل يتمادى إىل مثرات وراءها كما ذكرناه يف إذ ميكن أيضا تلقيح بعضها بالبعض حىت.مث تلك الثمرات تعود فتصري بذورا ألمثاهلا. نتائج هي مثرا`ا

وإذ كانت مثراته مادة لتضاعف أنوار املعارف وثبا`ا وبقائها فباحلرى أال . الشجرةفباحلرى أن يكون مثاله من هذا العامل . كتاب القسطاس املستقيم ألن لب مثرها هو الزيت الذي هو مادة املصابيح، ،خاصة بالزيتونةمتثل بشجرة السفرجل والتفاح والرمان وغريها، بل من مجلة سائر األشجار

ا تسمى مباركة، فاليت ال . وخيتص من سائر األدهان خباصية زيادة اإلشراق مع قلة الدخان وإذا كانت املاشية اليت يكثر نسلها والشجرة اليت تكثر مثرا إىل حد حمدود أوىل أن تسمى األفكار العقلية احملضة خارجة عن قبول اإلضافة إىل اجلهات والقرب وإذا كانت شعب. شجرة مباركةيتناهى مثر

،وهو الروح القدسي النبوي املنسوب إىل األولياء إذا كان يف غاية الصفاء والشرف: وأما اخلامس .ال شرقية وال غربيةحلرى أن تكون باوالبعد، فمدد من خارج حىت يستمر يف أنواع املعارف، وبعضها يكون يف شدة الصفاء كأنه يتنبه وكانت الروح املفكرة منقسمة إىل ما حيتاج إىل تعليم وتنبيه و

إذ من األولياء من يكاد ،يكاد زيته يضيء ولو مل متسسه ناربنفسه من غري مدد من خارج، فباحلرى أن يعرب عن الصايف البالغ االستعداد بأنه .فهذا املثال موافق هلذا القسم. ألنبياء من يكاد يستغين عن مدد املالئكة ويف ا،يشرق نوره حىت يكاد يستغين عن مدد األنبياء

تصور اخليايل إال فاحلسى هو األول، وهو كالتوطئة والتمهيد للخيايل، إذ ال ي ،وإذا كانت هذه األنوار مرتتبة بعضها على بعض، فيكون املصباح يف زجاجة ،احملل للمصباح واملشكاة كاحملل للزجاجةالزجاجة ك فباحلرى أن تكون ، والفكري والعقلي يكونان بعدمها،موضوعا بعده

هذا املثال إمنا يتضح لقلوب املؤمنني أو لقلوب األنبياء .وإذ كانت هذه كلها أنوارا بعضها فوق بعض فباحلرى أن تكون نورا .والزجاجة يف مشكاة ألن الظلمة ال `دي إىل الباطل ،وف عن طريق اهلدى باطل وظلمة، بل أشد من الظلمةفاملصر . النور يراد للهداية فإن ،واألولياء ال لقلوب الكفار

حبر جلى يغشاه {فمثاهلم كرجل يف . وعقول الكفار انتكست، وكذلك سائر إدراكا`م وتعاونت على اإلضالل يف حقهم. كما ال `دي إىل احلقن فوقه سحاب ن فوقه موج م والبحر واللجى هو الدنيا مبا فيها من األخطار املهلكة واألشغال املردية ،}ظلمات بعضها فوق بعض موج م

حىت إ�م يأكلون واملوج األول موج الشهوات الداعية إىل الصفات البهيمية واإلشتغال باللذات احلسية وقضاء األوطار الدنيوية .والكدورات املعميةواملوج الثاين موج الصفات السبعية الباعثة على . صم وي يعموباحلرى أن يكون هذا املوج مظلما ألن حب الشيء ي . األنعامويتمتعون كما تأكل

وباحلري أن يكون هو املوج . وباحلري أن يكون مظلما ألن الغضب غول العقل،الغضب والعداوة والبغضاء واحلقد واحلسد واملباهاة والتفاخر والتكاثروأما الشهوة فال تقاوم . حىت إذا هاج أذهل عن الشهوات وأغفل عن اللذات املشتهاة، ألن الغضب يف األكثر مستول على الشهوات،األعلى

الغزايل

59

وأما السحاب فهو االعتقادات اخلبيثة، والظنون الكاذبة، واخلياالت الفاسدة اليت صارت حجبا بني الكافرين وبني اإلميان .اهلائج أصالالغضب وإذا كانت هذه كلها مظلمة فباحلري أن . فإن خاصية السحاب أن حيجب إشراق نور الشمس.ق واالستضاءة بنور مشس القرآن والعقلومعرفة احل

ب الكفار عن معرفة ج وإذا كانت هذه الظلمات حتجب عن معرفة األشياء القريبة فضال عن البعيدة، ولذلك ح . تكون ظلمات بعضها فوق بعضوإذا كان منبع األنوار . فباحلرى أن يعرب عنه بأنه لو أخرج يده مل يكد يراها عليه السالم مع قرب متناوله وظهوره بأدىن تأمل، عجائب أحوال النيب

ا القدر من فيكفيك هذ.}ومن مل جيعل هللا له نورا فما له من نور {: فباحلرى أن يعتقد كل موحد أن،كلها من النور األول احلق كما سبق بيانه .أسرار هذه اآلية فاقنع به

الفصل الثالث

السالمو الصالةيف معىن قوله عليه

لو كشفها ألحرقت سبحات وجهه كل من أدركه بصره إن � سبعني حجابا من نور وظلمة

جاب باإلضافة إىل حمجوب ال حمالة؛ ، ويكون احلإن هللا تعاىل متجل يف ذاته لذاته: فأقول.ويف بعض الروايات سبعمائة، ويف بعضها سبعني ألفا .جب بنور مقرون بظلمةجب بالنور احملض؛ ومنهم من ح جب مبجرد الظلمة؛ ومنهم من ح منهم من ح : وإن احملجوبني من اخللق ثالثة أقسام

ا، وميكنين أن أتكلف حصرها يف سبعني، لكن ال أثق مبا يلوح يل من حت ديد وحصر، إذ ال أدري أنه املراد وأصناف هذه األقسام كثرية أحتقق كثرظاهر ظين أن هذه األعداد مذكورة للتكثري ال أما احلصر إىل سبعمائة وسبعني ألفا فذلك ال يستقل به إال القوة النبوية، مع أن . باحلديث أم ال

وإمنا الذي ميكنين اآلن أن . ك خارج عن الوسع وهللا أعلم بتحقيق ذلك، فذل،للتحديد؛ وقد جتري العادة بذكر عدد وال يراد به احلصر بل التكثري : أعرفك هذه األقسام وبعض أصناف كل قسم فأقول

القسم األول

وهم الذين استحبوا احلياة الدنيا على اآلخرة أل�م ال يؤمنون باآلخرة . الذين ال يؤمنون با� واليوم اآلخراحملجوبون مبحض الظلمة، وهم امللحدةوهم وهي ، والطبع عبارة عن صفة مركوزة يف األجسام حالة فيها، فأحاله إىل الطبعف إىل طلب سبب هلذا العاملصنف تشو : فان وهؤالء صن.أصال

هم الذين : والصنف الثاين .ك بالبصر الظاهر أيضادر وليس هلا نور ي ،مظلمة إذ ليس هلا معرفة وإدراك وال خرب هلا من نفسها وال مما يصدر منهاوال ظلمة أشد من اهلوى رة وشهوا`م املظلمة، فسهم ومل يفرغوا لطلب السبب أيضا، بل عاشوا عيش البهائم، فكان حجبهم نفوسهم الكد لوا بأنغ ش

وهؤالء ".رضد يف األب اهلوى أبغض إله ع " : وقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم،}أفرأيت من اختذ إهله هواه {: ولذلك قال هللا تعاىل،والنفس فهؤالء ،فرقة زعمت أن غاية الطلب يف الدنيا هي قضاء األوطار ونيل الشهوات وإدراك اللذات البهيمية من منكح ومطعم وملبس: انقسموا فرقا

وأي ظلمة أشد من ذلك . بل أخس منها، رضوا ألنفسهم أن يكونوا مبنزلة البهائم،عبيد اللذة، يعبدو�ا ويطلبو�ا ويعتقدون أن نيلها غاية السعاداتوفرقة رأت أن غاية السعادات هي الغلبة واالستيالء والقتل والسىب واألسر، وهذا مذهب األعراب واألكراد وكثري .جب هؤالء مبحض الظلمةفقد ح

الغزايل

60

ن يكونوا مبنزلة السباع بل وهؤالء قنعوا بأ. من احلمقى، وهم حمجوبون بظلمة الصفات السبعية لغلبتها عليهم وكون إدراكها مقصود أعظم اللذاتوفرقة ثالثة رأت أن غاية السعادات كثرة املال واتساع اليسار ألن املال هو آلة قضاء الشهوات كلها، وبه حيصل لإلنسان االقتدار على قضاء .أخس

فرتى الواحد جيتهد طول عمره . انري حتت األرضفهؤالء مهتهم مجع املال واستكثار الضياع والعقار واخليل املسومة واألنعام واحلرث وكنز الدن. األوطارتعس " :السالمو الصالة وهم املرادون بقوله عليه،وجيمع األموال ويشح ]ا على نفسه فضال عن غريهيركب األخطار يف البوادي واألسفار والبحار

وهي إذا مل يقض ]ا ،فضة حجران ال يرادان ألعيا�ماإن الذهب وال? على اإلنسان١٢ي ظلمة أعظم مما يلبسأو . "عبد الدراهم، تعس عبد الدنانريوفرقة رابعة ترقت عن جهالة هؤالء وتعاقلت، وزعمت أن أعظم السعادات يف اتساع اجلاه .األوطار ومل تنفق فهي واحلصباء مبثابة، واحلصباء مبثابتهاحىت إن الواحد قد جيوع يف بيته ،مارة مطارح أبصار الناظرينا إال املراءاة وع فرتاها ال هم هل. والصيت وانتشار الذكر وكثرة األتباع ونفوذ األمر املطاع

وأصناف هؤالء ال حيصون، وكلهم حمجوبون عن هللا . نظر إليه بعني احلقارة ويصرف ماله إىل ثياب يتجمل ]ا عند خروجه كي ال ي ،وحيتمل الضرويدخل يف مجلة هؤالء مجاعة يقولون . ر آحاد الفرق بعد وقوع التنبيه على األجناسوال معىن لذك .وهي نفوسهم املظلمةتعاىل مبحض الظلمة،

أو ألجل التعصب لنصرة ،لكن رمبا محلهم على ذلك خوف أو استظهار باملسلمني وجتمل ]م أو استمداد من ماهلم، )ال إله إال هللا(بلسا�م أولياؤهم الطاغوت خيرجونـهم { :، بلل الصاحل فال خترجهم الكلمة من الظلمات إىل النورإذا مل حتملهم هذه الكلمة على العمفهؤالء . مذهب اآلباء

ن النور إىل الظلمات .أما من أثرت فيه الكلمة حبيث ساءته سيئته وسرته حسنته فهو خارج عن حمض الظلمة وإن كان كثريا املعصية. }م

القسم الثاين

صنف منشأ ظلمتهم من احلس، وصنف منشأ ظلمتهم من اخليال، وصنف منشأ ظلمتهم من : وهم ثالثة أصناف،ون بظلمةبوا بنور مقر ج طائفة ح .مقايسات عقلية فاسدة

وهم طوائف ال خيلو واحد منهم عن جماوزة االلتفات إىل نفسه وعن التأله والتشوف إىل ، احملجوبون بالظلمة احلسيةالصنف األولفالطائفة األوىل عبدة األوثان علموا على اجلملة أن هلم ربا يلزمهم إيثاره . جا`م عبدة األوثان وآخرهم الثنوية، وبينهما درجاتوأول در . معرفة ربه

فاختذوا من أنفس اجلواهر حجبتهم ظلمة احلس عن أن جياوزوا العامل احملسوسعلى نفوسهم املظلمة، واعتقدوا أن ر]م أعز من كل شيء ولكن فهؤالء حمجوبون بنور العزة واجلمال، والعزة واجلمال من صفات هللا . لفضة والياقوت أشخاصا مصورة بأحسن الصور واختذوها آهلةكالذهب وا

.وأنواره، ولكنهم ألصقوها باألجسام احملسوسة وصدهم عن ذلك ظلمة احلس، فإن احلس ظلمة باإلضافة إىل العامل الروحاين العقلي كما سبقة مجاعة من أقاصي الرتك ليس هلم ملة وال شريعة يعتقدون أن هلم ربا وأنه أمجل األشياء، فإذا رأوا إنسانا يف غاية اجلمال أو شجرا أو الطائفة الثاني

فهؤالء حمجوبون بنور اجلمال مع ظلمة احلس، وهم أدخل يف مالحظة النور من عبدة األوثان أل�م . فرسا أو غري ذلك سجدوا له وقالوا إنه ربناوطائفة ثالثة قالوا . مث يعبدون اجلمال املطبوع ال املصنوع من جهتهم وبأيديهم،يعبدون اجلمال املطلق دون الشخص اخلاص فال خيصصونه بشيء

إذ ال ،ساطاق القرب منه، ولكن ينبغي أن يكون حمسو ينبغي أن يكون ربنا نورانيا يف ذاته ]يا يف صورته، ذا سلطان يف نفسه، مهيبا يف حضرته، ال ي . وكل ذلك من أنوار هللا تعاىل،فهؤالء حمجوبون بنور السلطنة والبهاء. مث وجدوا النار ]ذه الصفة فعبدوها واختذوها ربا. معىن لغري احملسوس عندهم

]ذه الصفات ومل يكن حتت وطائفة رابعة زعموا أن النار نستوىل عليها حنن باإلشعال واإلطفاء، فهي حتت تصرفنا فال تصلح لإلهلية، بل ما يكون

)املعجم الوجيز(خلطه عليه حىت ال يعرف حقيقته : لبس عليه األمر لبسا 12

الغزايل

61

فمنهم . مث كان املشهور فيما بينهم علم النجوم وإضافة التأثريات إليها. تصرفنا مث نكون حنن حتت تصرفه ويكون مع ذلك موصوفا بالعلو واالرتفاعفهؤالء حمجوبون بنور العلو . أثرياتمن عبد الشعرى، ومنهم من عبد املشرتي إىل غري ذلك من الكواكب حبسب ما اعتقدوه يف النجوم من كثرة الت

وطائفة خامسة ساعدت هؤالء يف املأخذ ولكن قالت ال ينبغي أن يكون ربنا موسوما بالصغر والكرب .واإلشراف واإلستيالء، وهي من أنوار هللا تعاىلؤالء حمجوبون بنور الكربياء مع بقية األنوار مقرونا فه. باإلضافة إىل اجلواهر النورانية، بل ينبغي أن يكون أكربها، فعبدوا الشمس وقالوا هي أكرب

وطائفة سادسة ترقوا عن هؤالء فقالوا النور كله ال ينفرد به الشمس بل لغريها أنوار، وال ينبغي للرب شريك يف نورانيته فعبدوا النور .بظلمة احلسمث رأوا يف العامل شرورا فلم يستحسنوا إضافتها إىل ر]م تنزيها له . نسوبة إليهاملطلق اجلامع جلميع أنوار العامل وزعموا أنه رب العامل واخلريات كلها م

فيكفيك هذا القدر تنبيها . ، وهم الثنوية)أهرمن(و) يزدان(عن الشر، فجعلوا بينه وبني الظلمة منازعة، وأحالوا العامل إىل النور والظلمة، ورمبا مسومها .على هذا الصنف، فهم أكثر من ذلك

احملجوبون ببعض األنوار مقرونا بظلمة اخليال، وهم الذين جاوزوا احلس، وأثبتوا وراء احملسوسات أمرا، لكن مل الثاينالصنفوال ميكنين شرح مقاال`م ومذاهبهم . مة مث أصناف الكرامية بأمجعهمجس ـ وأخسهم رتبة امل. ميكنهم جماوزة اخليال، فعبدوا موجودا قاعدا على العرش

نسب إىل اجلهات وال ألن الذي ال ي ،لكن أرفعهم درجة من نفى اجلسمية ومجيع عوارضها اال اجلهة املخصوصة جبهة فوق. ة يف التكثريفال فائد .ومل يدركوا أن أول درجات املعقوالت جتاوز النسبة إىل اجلهات. وصف بأنه خارج العامل وال داخله مل يكن عندهم موجودا إذ مل يكن متخيالي

فعبدوا إهلا مسيعا بصريا متكلما عاملا قادرا مريدا ، احملجوبون باألنوار اإلهلية مقرونة مبقايسات عقلية فاسدة مظلمة الثالثالصنف ورمبا ،)كالمه صوت وحرف ككالمنا: (ورمبا صرح بعضهم فقال .لكن فهموا هذه الصفات على حسب مناسبة صفا`محيا، منزها عن اجلهات،

وكذلك إذا طولبوا حبقيقة السمع والبصر واحلياة رجعوا إىل التشبيه من .)ال بل هو كحديث نفسنا وال هو صوت وال حرف (:ترقي بعضهم فقال وإ�ا ،ولذلك قالوا يف إرادته إ�ا حادثة مثل إرادتنا. إذ مل يدركوا أصال معاين هذه اإلطالقات يف حق هللا تعاىل،حيث املعىن وإن أنكروها باللفظ

فهؤالء . فهؤالء حمجوبون جبملة من األنوار مع ظلمة املقايسات العقلية. وهذه مذاهب مشهورة فال حاجة إىل تفصيلها. د مثل قصدناطلب وقص .وبا� التوفيق. جبوا بنور مقرون بظلمةأصناف القسم الثاين الذين ح

القسم الثالث

. إىل ثالثة أصناف منهمفأشري: مث احملجوبون مبحض األنوار وهم أصناف وال ميكن إحصاؤهم طائفة عرفوا معاين الصفات حتقيقا وأدركوا أن إطالق اسم الكالم واإلرادة والقدرة والعلم وغريها على صفاته ليس مثل :األول

وما {:ل فرعون كما عرف موسى عليه السالم يف جواب قو ، وعرفوه باإلضافة إىل املخلوقات، فتحاشوا عن تعريفه ]ذه الصفات،إطالقه على البشر . فقالوا إن الرب املقدس املنزه عن معاين هذه الصفات هو حمرك السموات ومدبرها،}رب العالمني

كا، ل ترقوا عن هؤالء من حيث ظهر هلم أن يف السموات كثرة، وأن حمرك كل مساء خاصة موجود آخر يسمى م :والصنف الثاينمث الح هلم أن هذه السموات يف ضمن فلك آخر يتحرك اجلميع حبركته يف اليوم والليلة . إلهلية نسبة الكواكبوفيهم كثرة، وإمنا نسبتهم إىل األنوار ا

. فالرب هو احملرك للجرم األقصى املنطوي على األفالك كلها إذ الكثرة منفية عنه.مرة

الغزايل

62

يكون خدمة لرب العاملني وعبادة له وطاعة ترقوا عن هؤالء وقالوا إن حتريك األجسام بطريق املباشرة ينبغي أن:والصنف الثالث .فزعموا أن الرب هو املطاع من جهة هذا احملرك. نسبته إىل األنوار اإلهلية احملضة نسبة القمر يف األنوار احملسوسة،من عبد من عباده يسمى ملكا

وماهيته غموض يقصر عنه أكثر األفهام وال حيتمله هذا مث يف تقسيم ذلك األمر. ويكون الرب تعاىل حمركا للكل بطريق األمر ال بطريق املباشرة .الكتاب

موصوف بصفة "مطاعـ ال" صنف رابع جتلى هلم أيضا أن هذا الواصلونوإمنا . فهؤالء األصناف كلهم حمجوبون باألنوار احملضةفتوجهوا من الذي حيرك . نسبة الشمس يف األنوار"طاعامل" وأن نسبة هذا ،نايف الوحدانية احملضة والكمال البالغ لسر ال حيتمل هذا الكتاب كشفهت

إىل الذي فطر السموات وفطر اجلرم األقصى وفطر اآلمر بتحريكها، فوصلوا ، ومن الذي أمر بتحريكها، ومن الذي حيرك اجلرم األقصى،السمواتم فأحرقت سبحات وجهه األول األعلى مجي،نزه عن كل ما أدركه بصر من قبلهمموجود م إىل ا وجدوه مقدسا فإذ ،ع ما أدركه بصر الناظرين وبصري

فمنهم من احرتق منه مجيع ما أدركه بصره وامنحق وتالشى، لكن بقي هو مالحظا للجمال ،مث هؤالء انقسموا .منزها عن مجيع ما وصفناه من قبلوجاوز هؤالء طائفة هم خواص اخلواص . ربص ـ رات دون املبص ـ يه امل فامنحقت ف،والقدس ومالحظا ذاته يف مجاله الذي ناله بالوصول إىل احلضرة اإلهلية

إىل أنفسهم لفنائهم عن أنفسهم ومل يبق إال الواحد ظ فأحرقتهم سبحات وجهه وغشيهم سلطان اجلالل فامنحقوا وتالشوا يف ذا`م ومل يبق هلم حل قد أشرنا إىل ذلك يف الفصل األول، وذكرنا أ�م كيف أطلقوا االحتاد وكيف و . هلم ذوقا وحاال}كل شىء هالك اال وجهه{: وصار معىن قوله،احلقل عليهم الطريق فسبقوا يف أول وهلة إىل معرفة ط ومل ي ،ومنهم من مل يتدرج يف الرتقي والعروج على التفصيل الذي ذكرناه . فهذه �اية الواصلني،ظنوه

فأحرقت سبحات ،فغلب عليهم أوال ما غلب على اآلخرين آخرا، وهجم عليهم التجلي دفعةالقدس وتنزيه الربوبية عن كل ما جيب تنزيهه عنه، ، وهللا أعلم والثاين طريق احلبيب صلى هللا عليه وسلم) اخلليل(ويشبه أن يكون األول طريق . وجهه مجيع ما ميكن أن يدركه بصر حسي وبصرية عقلية

.بأسرار أقدامهما وأنوار مقامهماولكن إذا . إىل أصناف احملجوبني، وال يبعد أن يبلغ عدههم إذا فصلت املقاالت وتتبع حجب السالكني سبعني ألفافهذه إشارة

فإ�م إمنا حيجبون بصفا`م البشرية، أو باحلس أو باخليال أو مبقايسة العقل، أو بالنور .فتشت ال جتد واحدا منها خارجا عن األقسام اليت حصرناهاذا ما حضرين يف جواب هذه األسئلة، مع أن السؤال صادفين والفكر متقسم، واخلاطر متشعب، واهلم إىل غريها هذا الفن فه. احملض كما سبق

، واستشفاف األنوار خوض غمرة األسرار اإلهلية خطريمنصرف، ومقرتحي عليه أن يسأل هللا تعاىل العفو عما طغى به القلم، أو زلت به القدم؛ فإن .احلجب البشرية عسري غري يسرياإلهلية من وراء

الغزايل

63

املنقذ من الضالل واملوصل إىل ذي العزة واجلالل

الفهرست

توطئة مداخل السفسطة وجحد العلوم

القول يف أصناف الطالبني مقصوده وحاصله: علم الكالم- ١ الفلسفة– ٢

كافتهم أصناف الفالسفة ومشول وصمة ا لكفر أقسام علومهم

القول يف مذهب التعليم وغائلته- ٣ طرق الصوفية- ٤

واضطرار كافة اخللق إليها: حقيقة النبـوة سبب نشر العلم بعد اإلعراض عنـه

مالحظه عن النص والتحقيق

وطئةت بسم هللا الرمحن الرحيم

رسالة ومقالة، والصالة على حممد املصطفى صاحب النبوة والرسالة، وعلى آله فتتح حبمده كلد � الذي ي احلم .وأصحابـه اهلادين من الضاللة

:أما بعد

الغزايل

64

فقد سألتين أيها األخ يف الدين، أن أبث إليك غاية العلوم وأسرارها، وغائلة املذاهب وأغوارها، وأحكي لك ما احلق من بني اضطراب الفرق، مع تباين املسالك والطرق، وما استجرأت عليه من االرتفاع قاسيته يف استخالص

ثانيا من طرق أهل ١٣ وما استفدته أوال من علم الكالم، وما اجتـويـتهاالستفسار،حضيض التقليد، إىل يفاع عنمن طريقة طرق التفلسف، وما ارتضيته آخرا القاصرين لدرك احلق على تقليد اإلمام، وما ازدريته ثالثا من١٤التعليم

صرفين عن نشر العلم ببغداد، التصوف، وما اجنلى يل يف تضاعيف تفتيشي عن أقاويل اخللق، من لباب احلق، ومامطلبك، بعد الوقوف على فابتدرت إلجابتك إىل.مع كثرة الطلبة، وما دعاين إىل معاودته بنيسابور بعد طول املدة

:، وقلت مستعينا با� ومتوكال عليه، ومستوثقا منه، وملتجئا إليهصدق رغبتكاختالف اخللق يف األديان وامللل، مث اختالف أن،وأالن للحق قيادكم اعلموا أحسن هللا تعاىل إرشادكم،

األقلون، وكل فريق وتباين الطرق، حبر عميق غرق فيه األكثرون، وما جنا منه إال املذاهب، على كثرة الفرق األئمة يفصلوات هللا هو الذي وعدنا بـه سيد املرسلني،]٣٢: الروم[}كل حزب مبا لديهم فرحون{أنه الناجي، و يزعم

فقد كان ما ، ١٥"الناجية منـها واحدة ستفرتق أميت ثالثا وسبعني فرقة ": حيث قال الصدوقعليه، وهو الصادق .وعد أن يكون

وريعان عمري، منذ راهقت البلوغ قبل بلوغ العشرين إىل اآلن، وقد أناف السن ،ومل أزل يف عنفوان شبايبعلى اخلمسني، أقتحم جلة هذا البحر العميق، وأخوض غمرته خوض اجلسور، ال خوض اجلبان احلذور، وأتوغل يف

أسرار أستكشفكل مظلمة، وأتـهجم على كل مشكلة، وأتقحم كل ورطة، وأتفحص عن عقيدة كل فرقة، و ،١٧باطنيته، ال أغادر باطنيùا إال وأحب أن أطلع على ١٦ ألميز بني حمق ومبطل، ومتسنن ومبتدع،مذهب كل طائفة

وال ظاهريا إال وأريد أن أعلم حاصل ظاهريته، وال فلسفيا إال وأقصد الوقوف على كنـه فلسفته، وال متكلما إال وال متعبدا إال جمادلته، وال صوفيا إال وأحرص على العثور على سر صوفيته،على غاية كالمه و وأجتهد يف اإلطالع

إال وأجتسس وراءه للتنبه ألسباب جرأته يف تعطيله ١٩ معطال ١٨وأترصد ما يرجع إليه حاصل عبادته، وال زنديقا .وزندقته

ريزة وفطرة من هللا وقد كان التعطش إىل درك حقائق األمور دأيب وديدين من أول أمري وريعان عمري، غوضعتا يف جبليت، ال باختياري وحيليت، حىت احنلت عين رابطة التقليد وانكسرت علي العقائد املوروثة على قرب

.كرهه: اجتوى الطعام: يقال 13 ة عند غالة الشيعة اإلمامية وغريهم من فرق الباطنيةأهل التعليم هم من يتعبون اإلمام املعصوم، وقد راجت هذه الفكر 14

. رواه أمحد وأبو دواد وابن ماجة والرتمذي بلفظ أخر 15 .لغويا خمرتع واصبح اصطالحا على املـحدث املكروه يف الدين: مبتدع 16 .أي السريرة، وهنا العقيدة الباطنة: نتهابط: يف ش 17 .ل ببقاء الدهرالزنديق القائ: يف لسان العرب 18 . املعطل هو الذي ينكر صفات اخلالق 19

الغزايل

65

النصارى ال يكون هلم نشوء إال على التنصر، وصبيان اليهود ال نشوء هلم إال على إذ رأيت صبيان.عهد سن الصباومسعت احلديث املروي عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم . نشوء هلم إال على اإلسالمالتهود، وصبيان املسلمني ال

س انه وينصر ا كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهود" :حيث قال ٢٠".نهانه وميج، ٢١فتحرك باطين إىل طلب حقيقة الفطرة األصلية، وحقيقة العقائد العارضة بتقليد الوالدين واألستاذين

،أوال : فقلت يف نفسي.التمييز بني هذه التقليدات، وأوائلها تلقينات، ويف متييز احلق منها عن الباطل اختالفاتو إمنا مطلويب العلم حبقائق األمور، فال بد من طلب حقيقة العلم ما هي؟ فظهر يل أن العلم اليقيين هو الذي

بل .ارنه إمكان الغلط والوهم، وال يتسع القلب لتقدير ذلكينكشف فيه املعلوم انكشافا ال يبقى معه ريب، وال يقب احلجر ذهبا والعصا قل نه مثال من ي نا لليقني مقارنة لو حتدى بإظهار بطالاألمان من اخلطأ ينبغي أن يكون مقار

ال، بل الثالثة : ل فإين إذا علمت أن العشرة أكثر من الثالثة، فلو قال يل قائ.ثعبانا، مل يورث ذلك شكا وإنكارا أكثر من العشرة بدليل أين أقلب هذه العصا ثعبانا، وقلبها وشاهدت ذلك منه، مل أشك بسببه يف معرفيت، ومل

مث علمت أن كل ما ال أعلمه على .فأما الشك فيما علمته، فال! حيصل يل منه إال التعجب من كيفية قدرته عليهقني فهو علم ال ثقة به وال أمان معه، وكل علم ال أمان معه، فليس بعلم هذا الوجه وال أتيقنه هذا النوع من الي

.يقيين

مداخل السفسطة وجحد العلوم- ١

: فقلت. مث فتشت عن علومي فوجدت نفسي عاطال من علم موصوف بـهذه الصفة إال يف احلسيات والضرورياتإال من اجلليات، وهي احلسيات والضروريات، فال بد من اآلن بعد حصول اليأس، ال مطمع يف اقتباس املشكالت

إحكامها أوال ألتيقن أن ثقيت باحملسوسات وأماين من الغلط يف الضروريات، من جنس أماين الذي كان من قبل يف د بليغ التقليديات، ومن جنس أمان أكثر اخللق يف النظريات، أم هو أمان حمقق ال غدر فيه وال غائلة له؟ فأقبلت جب

إىل أن مل أتأمل احملسوسات والضروريات، وأنظر هل ميكنين أن أشكك نفسي فيها، فانتهي يب طول التشككمن أين الثقة باحملسوسات، : تسمح نفسي بتسليم األمان يف احملسوسات أيضا، وأخذت تتسع للشك فيها وتقول

رك، وحتكم بنفي احلركة، مث، بالتجربة واملشاهدة، بعد وأقواها حاسة البصر؟ وهي تنظر إىل الظل فرتاه واقفا غري متح. بغتة، بل على التدريج ذرة ذرة ، حىت مل يكن له حالة وقوف) واحدة(ساعة تعرف أنه متحرك وأنه مل يتحرك دفعة

وهذا .أكرب من األرض يف املقدار وتنظر إىل الكوكب فرتاه صغريا يف مقدار دينار، مث األدلة اهلندسية تدل على أنهنـه تكذيبا ال سبيل إىل و وأمثاله من احملسوسات حيكم فيها حاكم احلس بأحكامه، ويكذبـه حاكم العقل وخي

.مدافعته

. رواه أمحد والبخاري ومسلم بلفظ آخر 20 . مجع أستاذ فارسي معرب ، وجيمع أيضا على أساتذة وأساتيذ 21

الغزايل

66

: قد بطلت الثقة باحملسوسات أيضا، فلعله ال ثقة إال بالعقليات اليت هي من األوليات، كقولنا: فقلتعان يف الشيء الواحد، والشيء الواحد ال يكون حادثا قدميا، العشرة أكثر من الثالثة، والنفي واإلثبات ال جيتم

مب تأمن أن تكون ثقتك بالعقليات كثقتك باحملسوسات وقد : فقالت احملسوسات. موجودا معدوما، واجبا حماال كنت واثقا يب، فجاء حاكم العقل فكذبين، ولوال حاكم العقل لكنت تستمر على تصديقي، فلعل وراء إدراك

ب العقل يف حكمه، كما جتلى حاكم العقل فكذب احلس يف حكمه، وعدم جتلي عقل حاكما آخر، إذا جتلى كذ الأما : فتوقفت النفس يف جواب ذلك قليال، وأيدت إشكاهلا باملنام، وقالت. ذلك اإلدراك ال يدل على استحالته

واستقرارا، وال تشك يف تلك احلالة فيها، مث تستيقظ تراك تعتقد يف النوم أمورا، وتتخيل أحواال، وتعتقد هلا ثباتا فبم تأمن أن يكون مجيع ما تعتقده يف يقظتك حبس.فتعلم أنه مل يكن جلميع متخيالتك ومعتقداتك أصل وطائل

لكن ميكن أن تطرأ عليك حالة تكون نسبتها إىل يقظتك، .أو عقل هو حق باإلضافة إىل حالتك اليت أنت فيهافإذا وردت تلك احلالة تيقنت أن مجيع ما تومهت ! ك إىل منامك، وتكون يقظتك نوما باإلضافة إليهاكنسبة يقظت

إذ يزعمون أنـهم يشاهدون يف .بعقلك خياالت ال حاصل هلا، ولعل تلك احلالة ما تدعيه الصوفية أنـها حالتهمولعل تلك احلالة . ال توافق هذه املعقوالتعن حواسهم، أحواال أحواهلم اليت هلم، إذا غاصوا يف أنفسهم، وغابوا

احلياة الدنيا نوم فلعل. ٢٢"الناس نيام فإذا ماتوا انتبـهوا": هي املوت، إذ قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلمفكشفنا {:يشاهده اآلن، ويقال له عند ذلك فإذا مات ظهرت له األشياء على خالف ما،اآلخرة باإلضافة إىل

.]٢٢: ق[}فبصرك اليوم حديد عنك غطاءك يكن دفعه إال النفس، حاولت لذلك عالجا فلم يتيسر، إذ مل فلما خطرت يل هذه اخلواطر وانقدحت يف

فأعضل . إال من تركيب العلوم األولية، فإذا مل تكن مسلمة مل ميكن تركيب الدليل بالدليل، ومل ميكن نصب دليلأنا فيهما على مذهب السفسطة حبكم احلال، ال حبكم النطق واملقال، حىت ، ودام قريبا من شهرين ٢٣هذا الداء

شفى هللا تعاىل من ذلك املرض، وعادت النفس إىل الصحة واالعتدال، ورجعت الضروريات العقلية مقبولة موثوقا ذلك النور هو بنور قذفه هللا تعاىل يف الصدر و ومل يكن ذلك بنظم دليل وترتيب كالم، بل ،بـها على أمن ويقني وملا سئل .احملررة فقد ضيق رمحة هللا تعاىل الواسعة فمن ظن أن الكشف موقوف على األدلة.مفتاح أكثر املعارف

}فمن يرد هللا أن يهديه يشرح صدره لإلسالم{:ومعناه يف قوله تعاىل) الشرح ( هللا صلى هللا عليه وسلم عن رسولالتجايف عن دار الغرور ": وما عالمته؟ قال: فقيل". هللا تعاىل يف القلبهو نور يقذفه": قال، ]١٢٥: األنعام[

.أنه ليس حبديث ولكن من كالم على بن أىب طالب رضي هللا عنه: يقول يف ش 22 غريوهي غري األزمة الروحانية اليت أدت بالغزايل إىل ترك بغداد ؛ وهي األزمة األوىل وهي بطابعها هذه احلالة هي اليت تسمى فرتة الشك 23

ويرى البعض أن هذا الشك مشابه ملا حصل للعامل الفرنسي رينيه ديكارت، راجع يف ذلك ما كتبه أمحد مشس الدين . معرفيةروحانية وإمنا هي دراسات : أبو حامد الغزايليف كتاب ) أوهام حول الغزايل:( كتبه عبد الرمحن بدوي يف مقالة بعنوان، وما٢٩من حتقيقه ص ) املنقذ(يف حاشية

.م١٩٨٨ ، منشورات كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بالرباط لعام يف فكره وعصره وتأثريه

الغزايل

67

إن هللا تعاىل خلق اخللق يف ظلمة مث رش ":وهو الذي قال صلى هللا عليه وسلم فيه. ٢٤"واإلنابة إىل دار اخللوداإلهلي يف بعض س من اجلودطلب الكشف، وذلك النور ينبجفمن ذلك النور ينبغي أن ي . ٢٥"عليهم من نوره

.٢٦"إن لربكم يف أيام دهركم نفحات أال فتعرضوا هلا ":األحايني، وجيب الرتصد له كما قال صلى هللا عليه وسلمفإن . طلبعمل كمال اجلد يف الطلب، حىت ينتهي إىل طلب ما ال ي ي واملقصود من هذه احلكايات أن

تهم طلب، فال ي ومن طلب ما ال ي . قد واختفىلب ف واحلاضر إذا ط . حاضرة نـهاإاألوليات ليست مطلوبة، ف .يطلب بالتقصري يف طلب ما

القول يف أصناف الطالبني

:جوده، أحنصرت أصناف الطالبني عندي يف أربع فرق وملا شفاين هللا من هذا املرض بفضله وسعة . الرأي والنظر وهم يدعون أنـهم أهل:املتكلمون .١ .من اإلمام املعصوم وهم يزعمون أنـهم أصحاب التعليم واملخصوصون باالقتباس:اطنيةالب .٢ . وهم يزعمون أنـهم أهل املنطق والربهان:الفالسفة .٣ .واملكاشفة وهم يدعون أنـهم خواص احلضرة وأهل املشاهدة:الصوفية .٤

بل طلب احلق، فإن شذ احلق احلق ال يعدو هذه األصناف األربعة، فهؤالء هم السالكون س: فقلت يف نفسيد أن ال يعلم قل ـ ومن شرط امل.عنهم، فال يبقى يف درك احلق مطمع، إذ ال مطمع يف الرجوع إىل التقليد بعد مفارقته

لم بالتلفيق والتأليف، ال ي ٢٩، وشعث٢٨ ال يرأب٢٧عبأنه مقلد، فإذا علم ذلك انكسرت زجاجة تقليده، وهو ش .أنف له صنعة أخرى مستجدةإال أن يذاب بالنار ويست

ومثنيا بطريق الفلسفة، . مبتدئا بعلم الكالم. فابتدرت لسلوك هذه الطرق، واستقصاء ما عند هذه الفرق .ومثلثا بتعلم الباطنية، ومربعا بطريق الصوفية

وحاصله مقصوده: علم الكالم-١

. ذكره ابن كثري يف تفسريه بطرق مرسلة ومتصلة يشد بعضها بعضا 24 . واحلاكم بلفظ آخر رواه أمحد والرتمذي 25 . رواه الطرباين والسيوطي يف الفتح الكبري بلفظ أخر قريب، والبيهقي وأبو هريرة بلفظ آخر، وأبو نعيم عن أنس 26 . الشعب بكسر الشني املعجمة وسكون العني املهملة انفراج بني اجلبلني ، واملراد هنا شق 27 .اليصلح: اليرأب 28 .ما تفرق من األمور: شعث 29

الغزايل

68

عت كتب احملققني منهم، وصنفت فيه ما أردت أن أصنف، مث إين ابتدأت بعلم الكالم، فحصلته وعقلته، وطال] على أهل السنة[فصادفته علما وافيا مبقصوده، غري واف مبقصودي؛ وإمنا املقصود منه حفظ عقيدة أهل السنة

على لسان رسوله عقيدة هي احلق، على ما فيه فقد ألقى هللا تعاىل إىل عباده. وحراستها عن تشويش أهل البدعةالقرآن واألخبار، مث ألقى الشيطان يف وساوس املبتدعة أمورا خمالفة للسنة، دينهم ودنياهم، كما نطق مبعرفتهصالحطائفة املتكلمني، وحرك دواعيهم لنصرة فأنشأ هللا تعاىل ،بـها وكادوا يشوشون عقيدة احلق على أهلها ٣٠فلهجوا نشأ علم الكالم فمنه،ة على خالف السنة املأثورةبكالم مرتب، يكشف عن تلبيسات أهل البدع احملدث السنةولقد قام طائفة منهم مبا ندبـهم هللا تعاىل إليه، فأحسنوا الذب عن السنة، والنضال عن العقيدة املتلقاة . وأهله

ولكنهم اعتمدوا يف ذلك على مقدمات تسلموها من .حدث من البدعةما أ بالقبول من النبوة، والتغيري يف وجهوكان أكثر . هم، واضطرهم إىل تسليمها إما التقليد، أو إمجاع األمة، أو جمرد القبول من القرآن واألخبارخصوم

قليل النفع يف حق من ال يسلم سوى وهذا. خوضهم يف استخراج مناقضات اخلصوم، ومؤاخذ`م بلوازم مسلما`مملا نشأت نعم، . ائي الذي كنت أشكوه شافيا ، فلم يكن الكالم يف حقي كافيا، وال لد)أصال (الضروريات شيئا

صنعة الكالم وكثر اخلوض فيه وطالت املدة، تشوق املتكلمون إىل حماولة الذب عن السنة بالبحث عن حقائق ولكن ملا مل يكن ذلك مقصود علمهم، مل يبلغ . وأحكامها٣١األمور، وخاضوا يف البحث عن اجلواهر واألعراض

وال أبعد أن يكون ،يف اختالفات اخللق حيصل منه ما ميحق بالكلية ظلمات احلرية وى، فلمكالمهم فيه الغاية القصبل لست أشك يف حصول ذلك لطائفة ولكن حصوال مشوبا بالتقليد يف بعض األمور اليت ! قد حصل ذلك لغريي

! ليست من األوليات. وية الشفاء ختتلف باختالف الداءوالغرض اآلن حكاية حايل، ال اإلنكار على من استشفى به، فإن أد

!وكم من دواء ينتفع به مريض ويستضر بـه آخر

الفلسفة- ٢

.حمصوهلا • .ذماملذموم منها وما ال ي • .ر به قائلة وما ال يكفر بهكف ي وما • .بتدع فيه وما ال يبتدعوما ي •

.أولع به فثابر عليه واعتاده: هلج باألمر 30 .العرض هو الذي حيتاج إىل موضع يقوم به كاللون احملتاج اىل جسم حيله. األصل ويف املصطلح املاهية: اجلوهر 31

الغزايل

69

.أهل احلق وبيان ما سرقه الفالسفة من كالم • . احلق لرتويج باطلهم يف درج ذلكوبيان ما مزجوه بكالم أهل • .وكيفية عدم قبول البشر وحصول نفرة النفوس من ذلك احلق املمزوج بالباطل • . من الزيف والبهرج من مجلة كالمهم وكيفية استخالص احلق اخلالص •

من وعلمت يقينا، أنه ال يقف على فساد نوع الفلسفةمث إين ابتدأت ، بعد الفراغ من علم الكالم، بعلم يساوي أعلمهم يف أصل ذلك العلم، مث يزيد عليه وجياوز درجته، العلم، حىت العلوم، من ال يقف على منتهى ذلك

ومل . عليه صاحب العلم من غور وغائله، وإذا ذاك ميكن أن يكون ما يدعيه من فساده حقا فيطلع على ما مل يطلع . كأر أحدا من علماء اإلسالم صرف عنايته ومهته إىل ذل

من كالمهم، حيث اشتغلوا بالرد عليهم، إال كلمات معقدة مبددة، ظاهرة "املتكلمني"ومل يكن يف كتب فعلمت أن رد املذهب قبل .التناقض والفساد، ال يظن االغرتار بـها بعاقل عامي، فضال عمن يدعي دقائق العلوم

ذلك العلم من الكتب، مبجرد حتصيليف رمى يف عماية، فشمرت عن ساق اجلد،٣٢فهمه واإلطالع على كنههذلك يف أوقات فراغي من التصنيف والتدريس يف العلوم الشرعية، وأنا املطالعة من غري استعانة بأستاذ، وأقبلت على

. لثالمثائة نفر من الطلبة ببغداد بالتدريس واإلفادة٣٣ممنوختلسة على منتهى علومهم يف أقل من فأطلعين هللا سبحأنه وتعاىل مبجرد املطالعة يف هذه األوقات امل

وأغواره، حىت مث مل أزل أواظب على التفكر فيه بعد فهمه قريبا من سنة، أعاوده وأردده وأتفقد غوائله. سنتني . اطلعت على ما فيه من خداع وتلبيس، وحتقيق وختييل، اطالعا مل أشك فيه

وهم على ،هم أصنافا، ورأيت علومهم أقساما فإين رأيت،وحكاية حاصل علومهم فامسع اآلن حكايتهمكثرة أصنافهم يلزمهم وصمة الكفر واإلحلاد، وإن كان بني القدماء منهم واألقدمني، وبني األواخر منهم واألوائل،

.تفاوت عظيم يف البعد عن احلق والقرب منه

كافتهم أصناف الفالسفة ومشول وصمة الكفر

. الدهريون، والطبيعيون، واإلهليون: ، على كثرة فرقهم واختالف مذاهبـهم، ينقسمون إىل ثالثة أقسامعلم أنـهم إ

).لسان اللسان. (بلغت كنه هذا األمر أي غايته: قدر الشيء ونـهايته؛ يقال: كنهه 32 .مبتلى به: ممنو 33

الغزايل

70

القادر، وزعموا أن وهم طائفة من األقدمني جحدوا الصانع املدبر، العامل : الدهريون،الصنف األول النطفة من احليوان، كذلك كان، وكذلكبنفسه بال صانع، ومل يزل احليوان من النطفة، و العامل مل يزل موجودا كذلك

.وهؤالء هم الزنادقة .يكون أبدا احليوان والنبات، وهم قوم أكثروا حبثهم عن عامل الطبيعة، وعن عجائب: الطبيعيون ،والصنف الثاين

ضطروا احليوانات، فرأوا فيها من عجائب صنع هللا تعاىل وبدائع حكمته، مما ا وأكثروا اخلوض يف علم تشريح أعضاءوال يطالع التشريح وعجائب منافع األعضاء . معه إىل االعرتاف بفاطر حكيم، مطلع على غايات األمور ومقاصدها

إال أن هؤالء، . ال سيما بنية اإلنسان،مطالع إال وحيصل له هذا العلم الضروري بكمال تدبري الباين لبنية احليوانفظنوا أن القوة العاقلة من . ملزاج تأثري عظيم يف قوام قوى احليوان بـهالعتدال ا لكثرة حبثهم عن الطبيعة، ظهر عندهم

. مث إذا انعدمت، فال يعقل إعادة املعدوم كما زعموا،اإلنسان تابعة ملزاجه أيضا، وأنـها تبطل ببطالن مزاجه فتنعدم والنشر، والقيامة واحلساب، فلم فذهبوا إىل أن النفس متوت وال تعود، فجحدوا اآلخرة، وأنكروا اجلنة والنار، واحلشر

وهؤالء . نـهماك األنعامإ، فاحنل عنهم اللجام وأنـهمكوا يف الشهوات يبق عندهم للطاعة ثواب، وال للمعصية عقاب . با� وصفاته وهؤالء جحدوا اليوم اآلخر، وإن آمنوا. أصل اإلميان هو اإلميان با� واليوم اآلخرألن أيضا زنادقة

أستاذ ٣٥، وهو أستاذ أفالطون، وأفالطون٣٤وهم املتأخرون منهم، مثل سقراط :اإلهليون ،الثوالصنف الث هو الذي رتب هلم املنطق، وهذب هلم العلوم، وحرر هلم ما مل يكن حمررا من قبل ، ٣٦ وأرسطاطاليس.أرسطاطاليس

ولني من الدهرية والطبيعية، وأوردوا يف وأنضج هلم ما كان فجا من علومهم، وهم جبملتهم ردوا على الصنفني األمث رد أرسطاطاليس على أفالطون . وكفى هللا املؤمنني القتال بتقاتلهم. الكشف عن فضائحهم ما أغنوا بـه غريهم

إال أنه استبقى أيضا من رذائل كفرهم ،وسقراط ومن كان قبلهم من اإلهليني ردا مل يقصر فيه حىت تربأ عن مجيعهم ٣٧قايا مل يوفق للنـزوع عنها، فوجب تكفريهم، وتكفري شيعتهم من املتفلسفة اإلسالميني، كابن سيناوبدعتهم ب

. ادعى أنه ال يعلم شيء، وليس له آثار مكتوبة وكل ما عندنا ما سجله تلميذه أفالطون من حمدثاته.) م. ق٣٩٩- ٤٦٩(سوف يوناين فلي 34

.رفعت احملكمة اليونانية دعوة ضده بتهمة افساد الشباب وأعدمته بالسمة للفلسفة مساها األكادمية، جرب الدور تلميذ سقراط سجل حمدثات أستاذه، وأسس مدرس.) م. ق٣٤٧-٤٢٧( فليسوف يوناين 35

مث رجع إىل عاصمة اليونان أثنيا عندما تغري الوضع السياسي حوله ، قال مربرا لذلك أنه ال يريد أن تتكرر اجلرمية ) ايطاليا(السياسي يف سركيوز .من أهم أعماله كتاب اجلمهورية. ضد الفلسفة مشريا إىل حادثة إعدام سقراط

تلميذ أفالطون، درس يف مدرسته عشرون عاما، مث رجع إىل بلده ليكون مدرسا لإلسكندر .) م. ق٣٤٧-٤٢٧( دوين فليسوف مق 36املقدوين، مث عاد إىل أثنيا وأسس مدرسة مساها الليسيم، بعد وفاة أفالطون، وحبث فيها مع تالميذه شىت أنواع املعرفة واستمرت بعد مماته بسنوات

ألنه كانت عادة املعلم أن ميشي وهو ) باملشائني ( تالميذه اشتهروا . رة أثنيا عندما توىف االسكندر وضعف أمر املقدونينيمث اضطر مغاد. عديدةهذب . الذي ازدهر بعد الغزايل مبائة عام" املعلق"من أشهر املعلقني على أعماله الفليسوف ابن رشد القرطيب احلفيد املعروف بـ. يلقي احملاضرة

.وكتب يف االخالق والنفس وما وراء الطبيعة، واعماله السياسية مل تصل العرب واكتفوا مبا كتب افالطونعلم النطق ) الشفا(وكتاب ) القانون يف الطب(الطبيب والفليسوف، صاحب كتاب ) فارسي األصل) ( هـ٤٢٨-٣٧٠( هو أبو احلسني علي ابن سينا 37

.يف الفلسفة) النجاة(وكتاب

الغزايل

71

. على أنه مل يقم بنقل علم أرسطاطاليس أحد من متفلسفة اإلسالميني كقيام هذين الرجلني. و غريهم٣٨والفارايبوما ال يفهم كيف يرد أو يقبل؟ . ىت ال يفهموما نقله غريمها ليس خيلو من ختبيط وختليط يتشوش فيه قلب املطالع ح

: وجمموع ما صح عندنا من فلسفة أرسطاطاليس، حبسب نقل هذين الرجلني، ينحصر يف ثالثة أقسام .قسم جيب التفكري به .١ . وقسم جيب التبديع به .٢ .وقسم ال جيب إنكاره أصال فلنفصله .٣

أقسام علومهم

رياضية، ومنطقية، وطبيعية، وإهلية، : ستة أقسام،ض الذي نطلبه بالنسبة إىل الغر ،علم أن علومهمإ . وسياسية، وخلقية

، وليس يتعلق شيء منها باألمور ٣٩ فتتعلق بعلم احلساب واهلندسة وعلم هيئة العامل:الرياضية أما- ١ : تولدت منها آفتانوقد. الدينية نفيا وإثباتا، بل هي أمور برهانية ال سبيل إىل جماحدته بعد فهمها ومعرفتها

ن بسبب ذلك اعتقاده يف س ح ن من ينظر فيها يتعجب من دقائقها ومن ظهور براهينها، في أ :احدامها األوىلمث يكون قد مسع من كفرهم . الفالسفة، وحيسب أن مجيع علومهم يف الوضوح ويف وثاقة الربهان كهذا العلم

لو كان الدين حقا ملا اختفى على : ويقول،فيكفر بالتقليد احملضوتعطيلهم وتـهاونـهم بالشرع ما تناولته األلسن استدل على أن احلق هو اجلحد واإلنكار ،فإذا عرف بالتسامع كفرهم وجحدهم! هؤالء مع تدقيقهم يف هذا العلم

ة ليس احلاذق يف صناعة واحد: وإذا قيل له! وكم رأيت ممن يضل عن احلق بـهذا العذر وال مستند له سواه. للدينوالكالم حاذقا يف الطب، وال أن يكون يلزم أن يكون حاذقا يف كل صناعة، فال يلزم أن يكون احلاذق يف الفقه

وإن كان احلمق واجلهل قد ،اجلاهل بالعقليات جاهال بالنحو، بل لكل صناعة أهل بلغوا فيها رتبة الرباعة والسبق ال يعرف ذلك إال من جربه وخاض ، برهاين، ويف اإلهليات ختميينفكالم األوائل يف الرياضيات. يلزمهم يف غريها

فهذا إذا قرر على هذا الذي أحلد بالتقليد، مل يقع منه موقع القبول، بل حتمله غلبة اهلوى، والشهوة الباطلة، .فيهزجر كل من فهذه آفة عظيمة ألجلها جيب . وحب التكايس، على أن يصر على حتسني الظن بـهم يف العلوم كلها

�ا وإن مل تتعلق بأمر الدين، ولكن ملا كانت من مبادئ علومهم، سرى إليه شرهم إخيوض يف تلك العلوم، ف . ل من خيوض فيها إال وينخلع من الدين وينحل عن رأسه جلام التقوىوشؤمهم، فق

زعم ابن سينا أنه . املشهور صاحب كتاب املوسيقى الكبري وكتب يف الفلسفة) تركي األصل(الفليسوف ) هـ٣٣٩-٢٦٠(ايب أبو نصر الفار 38

.مل يشتهر يف عصره، ولكنه اشتهر بعد ابن سينا. مل يفهم ارسطو حىت قرأ شرحه الذى ألفه الفارايب .الفلك: املقصود 39

الغزايل

72

كل علم منسوب نصر بإنكار جاهل، ظن أن الدين ينبغي أن ي صديق لإلسالم نشأت من :اآلفة الثانيةوادعى جهلهم فيها، حىت أنكر قوهلم يف الكسوف واخلسوف، وزعم أن ما قالوه على مجيع علومهم فأنكر،إليهم

أن اإلسالم نه، ولكن اعتقدابره فلما قرع ذلك مسع من عرف ذلك بالربهان القاطع، مل يشك يف. الشرع خالفم على الدين جناية من ظن ولقد عظ . بغضا لسفة حبا ولإلسالمللف مبين على اجلهل وإنكار الربهان القاطع، فيزداد

، وال يف هذه العلوم تعرض نصر بإنكار هذه العلوم، وليس يف الشرع تعرض هلذه العلوم بالنفي واإلثباتأن اإلسالم ي نخسفان ملوت أحد إن الشمس والقمر آيتان من آيات هللا تعاىل ال ي ":وسلم وقوله صلى هللا عليه. لألمور الدينية

ما يوجب إنكار علم احلساب وليس يف هذا .٤٠"فافزعوا إىل ذكر هللا تعاىل وإىل الصالة وال حلياته فإذا رأيتم ذلكلكن ": السالمو الصالةأما قوله عليه. املعرف مبسري الشمس والقمر واجتماعهما أو مقابلهما على وجه خمصوص

.حكم الرياضيات وآفتها فهذا. س توجد هذه الزيادة يف الصحاح أصال فلي ،"هللا إذا جتلى لشيء خضع له فال يتعلق شيء منها بالدين نفيا وإثباتا، بل هي النظر يف طرق األدلة واملقاييس : وأما املنطقيات– ٢

معرفته وأن العلم إما تصور وسبيل ،وشروط مقدمات الربهان وكيفية تركيبها، وشروط احلد الصحيح وكيفية ترتيبه ر، بل هو من جنس ما ذكره املتكلموننك وليس يف هذا ما ينبغي أن ي .احلد، وإما تصديق وسبيل معرفته الربهان

وأهل النظر يف األدلة، وإمنا يفارقونـهم بالعبارات واالصطالحات، بزيادة االستقصاء يف التعريفات والتشعيبات، أي إذا ثبت أن كل إنسان حيوان، ،)أ( )ب( لزم أن بعض ،)ب( )أ(إذا ثبت أن كل : ومثال كالمهم فيها قوهلم

وأي تعلق هلذا مبهمات . ويعربون عن هذا بأنه املوجبة الكلية تنعكس موجبة جزئية. لزم أن بعض احليوان إنسانر، بل يف منك ـ نكر مل حيصل من إنكاره عند أهل املنطق إال سوء االعتقاد يف عقل النكر؟ فإذا أ حد وي الدين حىت جي

الظلم يف هذا العلم، وهو أنـهم جيمعون نعم، هلم نوع من. دينه الذي يزعم أنه موقوف على مثل هذا اإلنكارعلم أ�ا تورث اليقني ال حمالة، لكنهم عند االنتهاء إىل املقاصد الدينية ما أمكنهم الوفاء بتلك للربهان شروطا ي

نقل عنهم ينظر يف املنطق أيضا من يستحسنه ويراه واضحا، فيظن أن ما ي ورمبا .الشروط، بل تساهلوا غاية التساهلفهذه اآلفة أيضا متطرقة .من الكفريات مؤيد مبثل تلك الرباهني، فاستعجل بالكفر قبل االنتهاء إىل العلوم اإلهلية

.إليه كاملاء ،جسام املفردة فهو حبث عن عامل السماوات وكواكبها وما حتتها من األ:الطبيعيات وأما علم - ٣

. كاحليوان والنبات واملعادن، وعن أسباب تغريها واستحالتها وامتزاجها،واهلواء والرتاب والنار، وعن األجسام املركبةوكما ليس من . وذلك يضاهي حبث الطب عن جسم اإلنسان وأعضائه الرئيسة واخلادمة، وأسباب استحالة مزاجه

س من شرطه أيضا إنكار ذلك العلم إال يف مسائل معينة، ذكرناها يف كتاب شرط الدين إنكار علم الطب، فليوأصل مجلتها أن تعلم يتبني أ�ا مندرجة حتتها، فعند التأمل. وما عداها مما جيب املخالفة فيها،"تـهافت الفالسفة"

.وجد يف البخاري وأمحد والنسائي وابن ماجة ومالكي. روي هذا احلديث بأسانيد وطرق خمتلفة 40

الغزايل

73

والقمر والنجوم والطبائع والشمس . أن الطبيعة مسخرة � تعاىل ال تعمل بنفسها، بل هي مستعملة من جهة فاطرها .مسخرات بأمره ال فعل لشيء منها بذاته عن ذاته

أغاليطهم، فما قدروا على الوفاء بالربهان على ما شرطوه يف املنطق، ففيها أكثر: وأما اإلهليات– ٤ه اإلسالميني، على ما نقل ولقد قرب مذهب أرسطاطاليس فيها من مذاهب. ولذلك كثر االختالف بينهم فيها

ولكن جمموع ما غلطوا فيه يرجع إىل عشرين أصال ، جيب تكفريهم يف ثالثة منها، وتبديعهم يف . الفارايب وابن سينا ."التهافت"وإلبطال مذهبهم يف هذه املسائل العشرين صنفنا كتاب . سبعة عشر

:أما املسائل الثالث، فقد خالفوا فيها كافة اإلسالميني وذلك يف قوهلم .ثاب واملعاقب هي األرواح ا¾ردة، واملثوبات والعقوبات روحانية ال جسمانيةـ ساد ال حتشر، وإمنا املن األجأ - ١

.�ا ثابتة أيضا، ولكن كذبوا يف إنكار اجلسمانية، وكفروا بالشريعة فيما نطقوا بهإولقد صدقوا يف إثبات الروحانية، فال يعزب {:وهذا أيضا كفر صريح، بل احلق أنه". ت دون اجلزئياتإن هللا تعاىل يعلم الكليا": ومن ذلك قوهلم- ٢

].٣: سبأ[}عنـه مثقال ذرة يف السموات وال يف األرض . ومن ذلك قوهلم بقدم العامل وأزليته فلم يذهب أحد من املسلمني إىل شيء من هذه املسائل- ٣

وما جيري ،على الذات ، ال بعلم زائدم بالذاتـ وأما ما وراء ذلك من نفيهم الصفات، وقوهلم إنه عالفيصل "وقد ذكرنا يف كتاب . جمراه، فمذهبهم فيها قريب من مذهب املعتزلة وال جيب تكفري املعتزلة مبثل ذلك

. ما يتبني به فساد رأي من يتسارع إىل التكفري يف كل ما خيالف مذهبه"التفرقة بني اإلسالم والزندقةالدنيوية واإليالة كالمهم فيها يرجع إىل احلكم املصلحية املتعلقة باألمورفجميع : السياسيات وأما - ٤

. السلطانية ، وإمنا أخذوها من كتب هللا املنـزلة على األنبياء ، ومن احلكم املأثورة عن سلف األنبياء عليهم السالم أجناسها فجميع كالمهم فيها يرجع إىل حصر صفات النفس وأخالقها، وذكر: اخللقية وأما- ٥

وأنواعها وكيفية معاجلتها وجماهد`ا، وإمنا أخذوها من كالم الصوفية، وهم املتأهلون املواظبون على ذكر هللا تعاىل وقد انكشف هلم يف جماهد`م من . وعلى خمالفة اهلوى وسلوك الطريق إىل هللا تعاىل باإلعراض عن مالذ الدنيا

ومزجوها بكالمهم، توسال بالتجمل بـها ا صرحوا بـها، فأخذها الفالسفةأخالق النفس وعيوبـها وآفات أعماهلا مني، ال خيلي هللا سبحانه العامل عنهم، عصر، مجاعة من املتأهل ولقد كان يف عصرهم، بل يف كل. إىل ترويج باطلهم

:وسلم لى هللا عليه حيث قال ص،فأنـهم أوتاد األرض، بربكاتـهم تنـزل الرمحة على أهل األرض كما ورد يف اخلرب .على ما نطق بـه القرآن وكانوا يف سالف األزمنة، ،٤١"بـهم متطرون وبـهم ترزقون ومنـهم كان أصحاب الكهف"

: الراد آفة يف حق القابل وآفة يف حق: مزجهم كالم النبوة وكالم الصوفية بكتبهم آفتان فتولد منالكالم إذا كان مدونا يف كتبهم، طائفة من الضعفاء أن ذلك إذ ظنت: اآلفة اليت يف حق الراد فعظيمة أما - ١

ينكر على كل من يذكره، إذ مل يسمعوه أوال إال منهم، فسبق إىل وممزوجا بباطلهم، ينبغي أن يهجر وال يذكر بل

. احلديث ليس له ختريج 41

الغزايل

74

،"هللا سى رسولال إله إال هللا عي": باطل، ألن قائله مبطل؛ كالذي يسمع من النصراين قوله عقوهلم الضعيفة أنه وال يتوقف ريثما يتأمل أن النصراين كافر باعتبار هذا القول، أو باعتبار إنكاره ،"هذا كالم النصارى": فينكره ويقول

هو به كافر ف يف غري ماال ؟ فإن مل يكن كافرا إال باعتبار إنكاره، فال ينبغي أن خي !الصالة والسالم نبوة حممد عليهبالرجال، ال الرجال فون احلقعر وهذه عادة ضعفاء العقول، ي . وإن كان أيضا حقا عندهحق يف نفسه، مما هوال تعرف احلق بالرجال بل اعرف احلق ": حيث قال٤٢والعاقل يقتدي بسيد العقالء علي رضي هللا عنه. باحلق

كان قائله مبطال أو ه سواءفإن كان حقا، قبل: والعارف العاقل يعرف احلق، مث ينظر يف نفس القول."تعرف أهلهوال بأس على . الضالل، عاملا بأن معدن الذهب الرغام بل رمبا حيرص على انتزاع احلق من أقاويل أهل.حمقا

منا إ و .، وانتزع اإلبريز اخلالص من الزيف والبهرج، مهما كان واثقا ببصريته٤٣القالب الصراف إن أدخل يده يف كيس ويصد ،ساحل البحر األخرق دون السباح احلاذق نع من ومي ،البصري القروي دون الصرييفزجر عن معاملة القالب ي

.عن مس احلية الصيب دون املعزم البارعاخللق ظنهم بأنفسهم احلذاقة والرباعة، وكمال العقل ومتام اآللة يف متييز احلق ملا غلب على أكثر! ولعمري

ما أمكن، إذ حسم الباب يف زجر الكافة عن مطالعة كتب أهل الضالل، وجب عن الباطل، واهلدى عن الضاللة . اآلفة اليت ذكرناها الثانية اليت سنذكرها أصال وإن سلموا عن هذه ال يسلمون عن اآلفة

تستحكم ولقد اعرتض على بعض الكلمات املبثوثة يف تصانيفنا يف أسرار علوم الدين طائفة من الذين ملالكلمات من كالم األوائل، مع ومل تنفتح إىل أقصى غايات املذاهب بصائرهم، وزعمت أن تلكيف العلوم سرائرهم،

الشرعية، وأكثرها وبعضها يوجد يف الكتب- وال يبعد أن يقع احلافر على احلافر-من مولدات اخلواطر أن بعضها الكالم معقوال يف نفسه، مؤيدا أ�ا مل توجد إال يف كتبهم، فإذا كان ذلك وهب .موجود معناه يف كتب الصوفيةرتك؟ فلو فتحنا هذا الباب، وتطرقنا إىل أن هجر وي الكتاب والسنة، فلم ينبغي أن ي بالربهان، ومل يكن على خمالفة

ل، للزمنا أن نـهجر كثريا من احلق، ولزمنا أن نـهجر مجلة آيات من آيات القرآن بط هجر كل حق سبق إليه خاطر م ي إخوان "وكلمات احلكماء والصوفية، ألن صاحب كتاب رسول صلى هللا عليه وسلم وحكايات السلفوأخبار ال

ويتداعى ذلك إىل أن . أوردها يف كتابـه مستشهدا بـها ومستدرجا قلوب احلمقى بواسطتها إىل باطله"الصفا، فال ٤٤رأن يتميز عن العامي الغم وأقل درجات العامل . لون احلق من أيدينا بإيداعهم إياه كتبهميستخرج املبط

يعاف العسل، وإن وجده يف حمجمة احلجام ويتحقق أن احملجمة ال تغري ذات العسل، فإن نفرة الطبع عنه مبنية للدم املستقذر، فيظن أن الدم مستقذر لكونه يف احملجمة، وال على جهل عامي منشؤه أن احملجمة إمنا صنعت

اإلمام علي كرم هللا وجهه ، هو ابن عم الرسول صلى هللا عليه وسلم تزوج ابنته فاطمة الزهراء ووالد احلسن واحلسني و رابع اخللفاء الراشدون 42

.لل على فضله وله مكارم وحماسن كثرية ليس هذا مقام ذكرها رضي هللا عنهوهو إمام يف الفقه واحلكمة والعدل؛ اتفقت مجيع امل )املعجم الوجيز(احملتال بتغيري األمور 43 )املعجم الوجيز(غري ا¾رب 44

الغزايل

75

مت هذه الصفة يف العسل فكونـه يف ظرفه ال يكسبه تلك الصفة، فال فإذا عد ،ذاتهيدري أنه مستقذر لصفة يف فإذا نسبت الكالم وأسندته إىل قائل . ينبغي أن يوجب له االستقذار، وهذا وهم باطل، وهو غالب على أكثر اخللق

فأبدا يعرفون . ه وإن كان حقا وإن أسندته إىل من ساء فيه اعتقادهم ردو ،ن فيه اعتقادهم قبلوه وإن كان باطال س ح .هذه آفة الرد! احلق بالرجال وال يعرفون الرجال باحلق، وهو غاية الضالل

وغريه، فرأى ما مزجوه بكالمهم "كإخوان الصفا"فإن من نظر يف كتبهم : واآلفة الثانية آفة القبول - ٢ن اعتقاده فيها، فيسارع إىل قبول باطلهم س لها، وح من احلكم النبوية، والكلمات الصوفية، رمبا استحسنها وقب

وألجل هذه اآلفة جيب الزجر . الباطل وذلك نوع استدراج إىلاملمزوج بـه، حلسن ظن حصل فيما رآه واستحسنه، وكما جيب صون من ال حيسن السباحة على مزالق الشطوط، جيب . عن مطالعة كتبهم ملا فيها من الغدر واخلطر

وكما جيب صون الصبيان عن مس احليات، جيب صون األمساع عن خمتلط . تلك الكتبصون اخللق عن مطالعة وكما أن املعزم احلاذق إذا أخذ احلية وميز بني الرتياق والسم ، . الكلمات، فكذلك جيب على العامل الراسخ مثله

ا الصراف الناقد البصري إذا وكذ،واستخرج منها الرتياق وأبطل السم فليس له أن يشح بالرتياق على احملتاج إليهرح الزيف والبهرج، فليس له أن يشح باجليد املرضي على أ أدخل يده يف كيس القالب وأخرج منه اإلبريز اخلالص و

احملتاج إىل الرتياق إذا امشأزت نفسه منه، حيث علم أنه مستخرج من احلية وكما أن. فكذلك العامل،من حيتاج إليهجب تعريفه، والفقري املضطر إىل املال، إذا نفر عن قبول الذهب املستخرج من كيس القالب، اليت هي مركز السم و

نه الفائدة اليت هي مطلبه، وحتتم تعريفه أن قرب اجلوار بني ا هو سبب حرموجب تنبيهه على أن نفرته جهل حمضوار بني احلق الباطل ال جيعل احلق جيعل اجليد زيفا، كما ال جيعل الزيف جيدا، فكذلك قرب اجل الزيف واجليد ال . جيعل الباطل حقا باطال ، كما ال

.ما أردنا ذكره من آفة الفلسفة وغائلتها) مقدار ( فهذا

يف مذهب التعليم وغائلته- ٣ القول

واف بكمال مث إين ملا فرغت من علم الفلسفة وحتصيله وتفهمه وتزييف ما يزيف منه، علمت أن ذلك أيضا غريوكان قد نبغت . الغرض، وأن العقل ليس مستقال باإلحاطة جبميع املطالب، وال كاشفا للغطاء عن مجيع املعضالت

اخللق حتدثهم مبعرفة معىن األمور من جهة اإلمام املعصوم القائم باحلق، فعن يل أن أحبث نينابغة التعليمية، وشاع بمث اتفق أن ورد علي أمر جازم من حضرة اخلالفة، بتصنيف كتاب . كنانتهميف مقاالتـهم، ألطلع على ما يف

فلم يسعين مدافعته وصار ذلك مستحثا من خارج، ضميمة للباعث من الباطن، . حقيقة مذهبهم يكشف عنصر، وكذلك قد بلغين بعض كلماتـهم املستحدثة اليت ولدتـها خواطر أهل الع. فابتدأت بطلب كتبهم ومجع مقاالتـهمفجمعت تلك الكلمات، ورتبتها ترتيبا حمكما مقارنا للتحقيق، واستوفيت . ال على املنهاج املعهود من سلفهم

الغزايل

76

يعجزون نـهم كانواإهذا سعي هلم، ف :أنكر بعض أهل احلق مين مبالغيت يف تقرير حجتهم، فقال اجلواب عنها، حىتوهذا اإلنكار من وجه حق، فقد أنكر . إياها وترتيبكعن نصرة مذهبهم بـمثل هذه الشبهات لوال حتقيقك هلا،

.الرد على البدعة فرض: فقال احلارث،أمحد بن حنبل على احلارث احملاسيب رمحهما هللا تصنيفه يف الرد على املعتزلة فبم تأمن أن يطالع الشبهة من يعلق ذلك بفهمه، ،نعم ، ولكن حكيت شبهتهم أوال مث أجبت عنها: فقال أمحد

. وال يلتفت إىل اجلواب، أو ينظر يف اجلواب وال يفهم كنهه؟فأما إذا انتشرت، فاجلواب عنها . تنتشر ومل تشتهرملحق، ولكن يف شبهة حنبل وما ذكره أمحد بن

ومل أتكلف أنا ،تكلف هلم شبهة مل يتكلفوهانعم، ينبغي أن ال ي . واجب وال ميكن اجلواب عنها إال بعد احلكاية وانتحل ،املختلفني إيل بعد أن كان قد التحق بـهم كنت قد مسعت تلك الشبهة من واحد من أصحايبذلك، بل

مث ذكر . تصانيف املصنفني يف الرد عليهم بأنـهم مل يفهموا بعد حجتهم مذهبـهم، وحكى أنـهم يضحكون علىظن ذلك أوردتـها، وال أن ي صل حجتهم، فلأظن يف الغفلة عن تلك احلجة وحكاها عنهم، فلم أرض لنفسي أن ي

ا–وإن مسعتها-يب أين واملقصود أين قررت شبهتهم إىل أقصى اإلمكان، مث أظهرت . مل أفهمها فلذلك قرر . فسادها بغاية الربهان

ولوال سوء نصرة الصديق اجلاهل، ملا انتهت . أنه ال حاصل عند هؤالء، وال طائل لكالمهم: واحلاصلاحلق إىل تطويل النـزاع معهم يف ولكن شدة التعصب، دعت الذابني عن. إىل هذه الدرجة، مع ضعفها،تلك البدعة

ويف . احلاجة إىل التعليم واملعلم: مقدمات كالمهم، وإىل جماحدتـهم يف كل ما نطقوا به، فجاحدوهم يف دعواهمحلاجة إىل التعليم واملعلم، وظهرت حجتهم يف إظهار ا. ال يصلح كل معلم، بل ال بد من معلم معصوم: دعواهم أنه

وضعف قول املنكرين يف مقابلته، فاغرت بذلك مجاعة وظنوا أن ذلك من قوة مذهبهم وضعف مذهب املخالفني الصواب االعرتاف باحلاجة إىل املعلم، وأنه ال بد بل ، بطريقهلههلم، ومل يفهموا أن ذلك لضعف ناصر احلق وجه

: هو ميت، فنقول: فإذا قالوا، صلى هللا عليه وسلمحممدمنا املعصوم هو وأن يكون املعلم معصوما، ولكن معلمعلمنا قد علم الدعاة وبثهم يف البالد، وهو ينتظر مراجعتهم إن اختلفوا أو أشكل : ومعلمكم غائب، فإذا قالوا

اليوم أكملت {:ىلومعلمنا قد علم الدعاة وبثهم يف البالد وأكمل التعليم إذ قال هللا تعا: فنقول. عليهم مشكلفبقي .بعد كمال التعليم ال يضر موت املعلم كما ال يضر غيبتهو ]. ٣: املائدة[}لكم دينكم وأمتمت عليكم نعميت

نفعل : كيف حتكمون فيما مل تسمعوه؟ أبالنص ومل تسمعوه، أم باإلجتهاد والرأي وهو مظنة اخلالف؟ فنقول: قوهلمأن حنكم بالنص، عند وجود النص وباإلجتهاد عند : يه الصالة والسالم إىل اليمنما فعله معاذ إذ بعثه رسول هللا عل

النصوص أن حيكم بالنص فإن بل كما يفعله دعا`م إذا بعدوا عن اإلمام إىل أقاصي البالد، إذ ال ميكنـه. ٤٥عدمهة اإلمام، وأن يقطع املسافة ويرجع ، وال ميكنـه الرجوع يف كل واقعة إىل بلداملتناهية ال تستوعب الوقائع غري املتناهية

، فمن أشكلت عليه القبلة ليس له طريق إال أن يصلي باالجتهاد. فيكون املستفيت قد مات، وفات االنتفاع بالرجوع

. رواه أبو دواد والرتمذي وأمحد 45

الغزايل

77

. جازت الصالة إىل غري القبلة بناء على الظن فإذن. إذ لو سافر إىل بلدة اإلمام ملعرفة القبلة، فيفوت وقت الصالةفكذلك يف مجيع ا¾تهدات، وكذلك أمر . ٤٦خطيء يف االجتهاد له أجر واحد وللمصيب أجرانإن امل: ويقال

صرف الزكاة إىل الفقري، فرمبا يظنـه فقريا باجتهاده وهو غين باطنا بإخفائه ماله، فال يكون مؤاخذا بـه وإن أخطأ، هو مأمور باتباع ظن نفسه، كا¾تهد يف القبلة : ول فأق،ه كظنهف ال ظن خم : فإن قال. إال مبوجب ظنه ذألنه مل يؤاخ

فاملقلد يف القبلة : فأقول. فاملقلد يتبع أبا حنيفة والشافعي رمحهما هللا أم غريمها: فإن قال. يتبع ظنه وإن خالفه غريهاخللق إىل فرد . فكذلك يف املذاهب،عند االشتباه يف معرفة األفضل األعلم بدالئل القبلة، فيتبع ذلك االجتهاد

أنا ": خيطئون، بل قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم األنبياء واألئمة مع العلم بأنـهم قد-ضرورة-االجتهاد وال. أي أنا أحكم بغالب الظن احلاصل من قول الشهود، ورمبا أخطأوا فيه. "أحكم بالظاهر وهللا يتوىل السرائر

طمع يف ذلك؟ هذه ا¾تهدات، فيكف ي سبيل إىل األمن من اخلطأ لألنبياء يف مثلهذا وإن صح يف ا¾تهدات فال يصح يف قواعد العقائد، إذ املخطئ : أحدمها قوهلم: وهلم ها هنا سؤاالن

وما وراء ذلك من ،قواعد العقائد يشتمل عليها الكتاب والسنة: فيه غري معذور، فكيف السبيل إليه؟ فأقولتعاىل يف كتابه، وهي هللا وهي املوازين اليت ذكرها. احلق فيه بالوزن بالقسطاس املستقيمعرفالتفصيل، واملتنازع فيه، ي تصور أن ال ي : فأقول. خصومك خيالفونك يف ذلك امليزان: فإن قال. "القسطاس املستقيم"مخسة ذكرتـها يف كتاب

خرجته من القرآن وتعلمته منه، وال خيالف است إذ ال خيالف فيه أهل التعليم، ألين، الف فيهفهم ذلك امليزان مث خي ي وال خيالف فيه املتكلم ألنه موافق ملا يذكره يف أدلة ،فيه أهل املنطق، ألنه موافق ملا شرطوه يف املنطق وغري خمالف له

فإن كان يف يدك مثل هذا امليزان فلم ال ترفع اخلالف بني : فإن قال. عرف احلق يف الكالمياتالنظريات وبه ي ، "القسطاس املستقيم" وذكرت طريق رفع اخلالف يف كتاب ،لو أصغوا إيل لرفعت اخلالف بينهم: لق؟ فأقولاخل

بل قد أصغى إيل طائفة فرفعت ! وال يصغون إليه بأمجعهم،فتأمله لتعلم أنه حق وأنه يرفع اخلالف قطعا لو أصغواادعيت : فإن قال...رفع إىل اآلن؟، فلم مل ي وإمامك يريد رفع اخلالف بينهم مع عدم إصغائهم. اخلالف بينهم

اخللق ولكن املتحري بني املذاهب املتعارضة، واالختالفات املتقابلة، مل يلزمه اإلصغاء إليك أنك ترفع اخلالف بني .دون خصمك، وأكثر اخلصوم خيالفونك، وال فرق بينك وبينهم

ؤالء ليس معهم شيء من الشفاء املنجي من بل املقصود أن ه وليس املقصود اآلن بيان فساد مذهبهم، على تعيني اإلمام، طال ما جاريناهم فصدقناهم يف احلاجة إىل ظلمات اآلراء، بل هم مع عجزهم عن إقامة الربهان

التعليم وإىل املعلم املعصوم وأنه الذي عينوه، مث سألناهم عن العلم الذي تعلموه من هذا املعصوم وعرضنا عليهم أنه ال بد من السفر : فلما عجزوا أحالوا على اإلمام الغائب، وقالوا! م يفهموها فضال عن القيام حبلهاإشكاالت فل

٤٧بالظفر به، ومل يتعلموا منه شيئا أصال ، كاملتضمخ والعجب أنـهم ضيعوا عمرهم يف طلب املعلم ويف التبجح. إليه

.وأمحد) اي الستة( رواه مسلم والبخاري وأبو دواد وابن ماجة والرتمذي والنسائي 46 .التلطخ ، يقال يف الطيب: خ التضم 47

الغزايل

78

ومنهم من ادعى شيئا من . ه، وبقي متضمخا باخلبائثحىت إذا وجده مل يستعمل بالنجاسة، يتعب يف طلب املاء ٤٨ وهو رجل من قدماء األوائل، ومذهبـه أرك،علمهم، فكان حاصل ما ذكره شيئا من ركيك فلسفة فيثاغورس

، "إخوان الصفا"مذاهب الفلسفة ، وقد رد عليه أرسطاطاليس، بل اسرتك كالمه واسرتذله، وهو احملكي يف كتاب فالعجب ممن يتعب طول العمر يف حتصيل العلم مث يقنع مبثل ذلك العلم الركيك .قيق حشو الفلسفةوهو على التح

فرجع حاصلهم ،فهؤالء أيضا جربناهم وسربنا ظاهرهم وباطنهم! املستغث، ويظن بأنه ظفر بأقصى مقاصد العلوميف إنكارهم احلاجة إىل التعليم بكالم قوي إىل استدراج العوام، وضعفاء العقول ببيان احلاجة إىل املعلم، وجمادلتهم

اآلن : وقف وقال! هات علمه وأفدنا من تعليمه: إذا ساعدهم على احلاجة إىل املعلم مساعد، وقال مفحم، حىتإذ علم أنه لو زاد على ذلك الفتضح ولعجز عن حل أدىن . إذا سلمت يل هذا فاطلبه، فإمنا غرضي هذا القدر فقط

فلما خربناهم نفضنا ٤٩فهذه حقيقة حاهلم فأخربهم تـقلهم. عن فهمه، فضال عن جوابـهاإلشكاالت، بل عجز .اليد عنهم أيضا

طرق الصوفية- ٤

وكان .طريقتهم إمنا تتم بعلم وعمل وعلمت أنطريق الصوفية مث إين ملا فرغت من هذه العلوم أقبلت بـهميت علىتوصل بـها إىل ختلية املذمومة وصفا`ا اخلبيثة، حىت ي تنـزه عن أخالقها وال،النفس حاصل علومهم قطع عقبات

. القلب عن غري هللا تعاىل وحتليته بذكر هللا أليب "قوت القلوب": كتبهم مثل فابتدأت بتحصيل علمهم من مطالعة. وكان العلم أيسر علي من العمل

قدس هللا ،ات املأثورة عن اجلنيد والشبلي وأيب يزيد البسطامي وكتب احلارث احملاسيب، واملتفرق،طالب املكي رمحه هللاحىت اطلعت على كنه مقاصدهم العلمية، وحصلت ما ميكن أن حيصل من طريقهم ، املشايخ أرواحهم، وغريهم من

فظهر يل أن أخص خواصهم، ما ال ميكن الوصول إليه بالتعلم بل بالذوق واحلال وتبدل . بالتعلم والسماعق بني أن تعلم حد الصحة وحد الشبع وأسبابـهما وشروطهما، وبني أن تكون صحيحا وكم من الفر . الصفات

وشبعان؟ وبني أن تعرف حد السكر، وأنه عبارة عن حالة حتصل من استيالء أخبرة تتصاعد من املعدة على معادن ! ن وما معه من علمه شيءبل السكران ال يعرف حد السكر وعلمه وهو سكرا! الفكر، وبني أن تكون سكران

والطبيب يف حالة املرض يعرف حد الصحة . نه وما معه من السكر شيءاركأوالصاحي يعرف حد السكر و وأسبابه، وبني أن تكون فكذلك فرق بني أن تعرف حقيقة الزهد وشروطه. وأسبابـها وأدويتها وهو فاقد الصحة

!حالك الزهد وعزوف النفس عن الدنيا

أضعف 48

.تبغضهم: امتحنهم ؛ وتقلهم: اخربهم 49

الغزايل

79

وأن ما ميكن حتصيله بطريق العلم فقد حصلته، . يقينا أنـهم أرباب األحوال، ال أصحاب األقوالفعلمت من العلوم اليت مارستها ،وكان قد حصل معي. ومل يبق إال ما ال سبيل إليه بالسماع والتعلم، بل بالذوق والسلوك

. إميان يقيين با� تعاىل وبالنبـوة وباليوم اآلخر،الشرعية والعقلية واملسالك اليت سلكتها يف التفتيش عن صنفي العلومالثالثة من اإلميان كانت قد رسخت يف نفسي، ال بدليل معني حمرر بل بأسباب وقرائن وجتارب ال فهذه األصول

وكف النفس اآلخرة إال بالتقوى، وكان قد ظهر عندي أنه ال مطمع يل يف سعادة .تدخل حتت احلصر تفاصيلهاالغرور، واإلنابة إىل دار اخللود، الدنيا بالتجايف عن دار وى، وأن رأس ذلك كله قطع عالقة القلب عنعن اهل

.الشواغل والعالئق وأن ذلك ال يتم إال باإلعراض عن اجلاه واملال، واهلرب من. واإلقبال بكنه اهلمة على هللا تعاىل أحسنها – والحظت أعمايل ،حدقت يب من اجلوانب فإذا أنا منغمس يف العالئق، وقد أ،مث الحظت أحوايل

.علوم غري مهمة وال نافعة يف طريق اآلخرة فإذا أنا فيها مقبل على-التدريس والتعليممث تفكرت يف نييت يف التدريس فإذا هي غري خالصة لوجه هللا تعاىل، بل باعثها وحمركها طلب اجلاه

فلم . على النار، إن مل أشتغل بتاليف األحوال ار، وأين قد أشفيت فتيقنت أين على شفا جرف ه،وانتشار الصيتأزل أتفكر فيه مدة، وأنا بعد على مقام االختيار، أصمم العزم على اخلروج من بغداد ومفارقة تلك األحوال يوما،

وحيمل عليها ال تصدق يل رغبة يف طلب اآلخرة بكرة، إال،وأحل العزم يوما، وأقدم فيه رجال وأؤخر عنه أخرى: ومنادي اإلميان يناديفصارت شهوات الدنيا جتاذبين بسالسلها إىل املقام، . جند الشهوة محلة فيفرتها عشية

، ومجيع ما أنت فيه من العلم والعمل رياء فلم يبق من العمر إال قليل، وبني يديك السفر الطويل! الرحيل! الرحيلقطع اآلن هذه العالئق فمىت تقطع؟ فعند ذلك تنبعث وإن مل ت تستعد؟فإن مل تستعد اآلن لآلخرة فمىت ! وختييل

نـها إهذه حال عارضة، إياك أن تطاوعها، ف: مث يعود الشيطان ويقول .الداعية وينجزم العزم على اهلرب والفراريص، واألمر املسلم فإن أذعنت هلا وتركت هذا اجلاه العريض، والشأن املنظوم اخلايل عن التكدير والتنغ،سريعة الزوال

فلم أزل أتردد بني جتاذب شهوات .الصايف عن منازعة اخلصوم، رمبا التفتت إليه نفسك، وال يتيسر لك املعاودة جاوز األمر ٥٠ويف هذا الشهر. الدنيا، ودواعي اآلخرة، قريبا من ستة أشهر أوهلا رجب سنة مثان ومثانني وأربع مائة

نفسي أن أدرس يوما قل عن التدريس، فكنت أجاهد لساين حىت اعت يقفل هللا علضطرار، إذ أحد االختيار إىل اإلينطق لساين بكلمة واحدة وال أستطيعها البتة، حىت أورثت هذه العقلة قلوب املختلفة إيل، فكان اللواحدا تطييبا ل

تنهضم يل ينساغ يل ثريد، وال فكان ال ،يف اللسان حزنا يف القلب، بطلت معه قوة اهلضم ومراءة الطعام والشرابأمر نـزل بالقلب، ومنه سرى إىل هذا: وتعدى إىل ضعف القوى، حىت قطع األطباء طمعهم من العالج وقالوا،لقمة

". فتح عليه باب من أبواب اخلوف: " هذا هو قمة األزمة الروحية عندة وسببها هو اخلوف من اهلالك اآلخروي كما قال عبدالغافر الفارسي 50

ويف هذه الفرتة الزمنية يذكر ابن كثري أن عاملا دخل بغداد . يني وسريتـهمولعل من األسباب اليت أدت إىل هذه األزمة هو دراسة كتب الصوفمصطفى حممود أبو . انظر فيما كتبـه د. ودرس يف الناظمية وعلى يديه تاب كثري من العباد ورجعوا إىل هللا وكثري منهم من زهد يف الدنيا وتنسك

اليت عاىن منها وذكرها يف فصل ) فرتة الشك(دير بالذكر أن هذه األزمة هي غري صوى عن هذه األزمة وما كتبتة أنا يف هذا املوضوع ، واجل )حمقق النسخة. (مداخل السفسطة وجحد العلوم

الغزايل

80

مث ملا أحسست بعجزي، وسقط بالكلية اختياري، .املزاج، فال سبيل إليه بالعالج، إال بأن يرتوح السر عن اهلم امللم، وسهل على قليب }جييب املضطر إذا دعاه{ التجاء املضطر الذي ال حيلة له، فأجابين الذي التجأت إىل هللا تعاىل

اإلعراض عن اجلاه واملال واألهل والولد واألصحاب، وأظهرت عزم اخلروج إىل مكة وأنا أدبر يف نفسي سفر الشام طفت بلطائف احليل يف اخلروج من فتل.حذرا أن يطلع اخلليفة ومجلة األصحاب على عزمي على املقام يف الشام

ز أن يكون و واستهدفت ألئمة أهل العراق كافة، إذ مل يكن فيهم من جي . بغداد على عزم أن ال أعاودها أبدا .مبلغهم من العلم أن ذلك هو املنصب األعلى يف الدين، وكان ذلك عما كنت فيه سبب ديين، إذ ظنوا لإلعراض

وأما من قرب .طات، وظن من بعد عن العراق أن ذلك كان الستشعار من جهة الوالةمث ارتبك الناس يف االستنبا: من الوالة كان يشاهد إحلاحهم يف التعلق يب واالنكباب علي، وإعراضي عنهم، وعن االلتفات إىل قوهلم ، فيقولون

.هذا أمر مساوي، وليس له سبب إال عني أصابت أهل اإلسالم وزمرة أهل العلمت بغداد، وفرقت ما كان معي من املال، ومل أدخر إال قدر الكفاف، وقوت األطفال، ترخصا بأن ففارق

مث .فلم أر يف العامل ماال يأخذه العامل لعياله أصلح منه. مال العراق مرصد للمصاحل، ولكونه وقفا على املسلمني والرياضة وا¾اهدة، اشتغاال بتزكية النفس، ،لوةدخلت الشام، وأقمت به قريبا من سنتني ال شغل يل إال العزلة واخل

فكنت أعتكف مدة يف . وتـهذيب األخالق، وتصفية القلب لذكر هللا تعاىل، كما كنت حصلته من كتب الصوفيةمث رحلت منها إىل بيت املقدس، أدخل .مسجد دمشق، أصعد منارة املسجد طول النهار وأغلق بابـها على نفسي

،مث حتركت يف داعية فريضة احلج، واالستمداد من بركات مكة واملدينة. غلق بابـها على نفسيكل يوم الصخرة وأمث . فسرت إىل احلجاز.عليه وسلم بعد الفراغ من زيارة اخلليل صلوات هللا وسالمه عليه وزيارة رسول هللا صلى هللا

فآثرت العزلة به . إليه د اخللق عن الرجوعجذبتين اهلمم، ودعوات األطفال إىل الوطن، فعاودته بعد أن كنت أبع .أيضا حرصا على اخللوة وتصفية القلب للذكر

. الزمان، ومهمات العيال، وضرورات املعاش، تغري يف وجه املراد، وتشوش صفوة اخللوة وكانت حوادث عنها العوائق، وأعود لكين مع ذلك ال أقطع طمعي منها، فتدفعين. وكان ال يصفو يل احلال إال يف أقوات متفرقة

يل يف أثناء هذه اخللوات أمور ال ميكن إحصاؤها وانكشفت. ودمت على ذلك مقدار عشر سنني. إليهاين علمت يقينا أن الصوفية هم السالكون لطريق هللا تعاىل خاصة، وأن أ: واستقصاؤها، والقدر الذي أذكره لينتفع به

م أحسن السري، وطريقهم أصوب الطرق، بل لو مجع عقل العقالء، وحكمة . وأخالقهم أزكى األخالقسرياحلكماء، وعلم الواقفني على أسرار الشرع من العلماء، ليغريوا شيئا من سريهم وأخالقهم، ويبدلوه مبا هو خري منه،

. مل جيدوا إليه سبيال القلب بالكلية عما سوى تطهري -وهي أول شروطها-طهارتـها وباجلملة، فماذا يقول القائلون يف طريقة،

هللا تعاىل، ومفتاحها اجلاري منها جمرى التحرمي من الصالة، استغراق القلب بالكلية بذكر هللا، وآخرها الفناء بالكلية

الغزايل

81

وهي على التحقيق أول . يف هللا؟ وهذا آخرها باإلضافة إىل ما يكاد يدخل حتت االختيار والكسب من أوائلها .دهليز للسالك إليهقبل ذلك كال الطريقة، وما

ومن أول الطريقة تبتدئ املكاشفات واملشاهدات، حىت أنـهم يف يقظتهم يشاهدون املالئكة وأرواح األنبياء مث يرتقى احلال من مشاهدة الصور واألمثال، إىل درجات يضيق عنها . ويسمعون منهم أصواتا ويقتبسون منهم فوائد

،وعلى اجلملة. عنها إال اشتمل لفظه على خطأ صريح ال ميكنه االحرتاز عنه أن يعربرب ع نطاق النطق، فال حياول م وقد بينا . ينتهي األمر إىل قرب يكاد يتخيل منه طائفة احللول، وطائفة االحتاد، وطائفة الوصول، وكل ذلك خطأ

:على أن يقولته تلك احلالة ال ينبغي أن يزيد بل الذي البس ".املقصد األسىن"اخلطأ فيه يف كتاب وجه

٥١! فظن خريا وال تسأل عن اخلرب ما كان مما لست أذكره وكان

وكان ذلك أول حال رسول ...رزق منه شيئا بالذوق، فليس يدرك من حقيقة النبوة إال االسموباجلملة، فمن مل ي إن حممدا : حىت قالت العربعليه وسلم، حني أقبل إىل جبل حراء، حيث كان خيلو فيه بربه ويتعبد، هللا صلى هللا

رزق الذوق فيتيقنها بالتجربة والتسامع إن فمن مل ي . وهذه حالة، يتحققها بالذوق من يسلك سبيلها !.عشق ربهفهم القوم ال . ومن جالسهم استفاد منهم هذا اإلميان. أكثر معهم الصحبة، حىت يفهم ذلك بقرائن األحوال يقينا

حبتهم، فليعلم إمكان ذلك يقينا بشواهد الربهان، على ما ذكرناه يف كتاب ومن مل يرزق ص. يشقى جليسهم، والقبول ذوق، ومالبسة عني تلك احلالة علموالتحقيق بالربهان ."إحياء علوم الدين" من كتب "عجائب القلب"

ن أوتوا العلم يرفع هللا الذين آمنوا منكم والذي{:فهذه ثالث درجات. إميانمن التسامع والتجربة حبسن الظن ووراء هؤالء قوم جهال، هم املنكرون ألصل ذلك، املتعجبون من هذا الكالم، ]. ١١: ٥٨: ا¾ادلة[}درجات

ومنـهم من يستمع إليك حىت {:هم قال هللا تعاىليوف! أنـهم كيف يهذون! العجب: يستمعون ويسخرون، ويقولون قال آنفا أولئك الذين طبع هللا على قلوبـهم واتبعوا إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا

حقيقة ومما بان يل بالضرورة من ممارسة طريقتهم، ]. ١٦: ٤٧: حممد.[}فأصمهم وأعمى أبصارهم{،}أهواءهم .وال بد من التنبيه على أصلها لشدة مسيس احلاجة إليها. النبوة وخاصيتها

لق إليهاواضطرار كافة اخل : قيقة النبـوةح

والعوامل كثرية ال حيصيها ! لق خاليا ساذجا ال خرب معه من عوامل هللا تعاىل أن جوهر اإلنسان يف أصل الفطرة خ علمإوإمنا خربه من العوامل بواسطة اإلدراك، ]. ٣١: ٧٤: املدثر[ }وما يعلم جنود ربك إال هو{:إال هللا تعاىل كما قال

. ليطلع اإلنسان به على عامل من املوجودات، ونعين بالعوامل أجناس املوجوداتلق وكل إدراك من اإلدراكات خ

. هذا البيت البن املعتز 51

الغزايل

82

، فيدرك بـها أجناسا من املوجودات كاحلرارة والربودة، والرطوبة اللمسحاسة لق يف اإلنسانفأول ما خي مث . وم يف حق اللمسواللمس قاصر عن األلوان واألصوات قطعا، بل هي كاملعد. واليبوسة، واللني واخلشونة، وغريها

، فيسمع السمعنفخ فيه مث ي . ، فيدرك بـها األلوان واألشكال، وهو أوسع عوامل احملسوساتالبصرلق له حاسة خت ، وهو قريب من التمييز خلق فيه وكذلك إىل أن جياوز عامل احملسوسات، في ،الذوقلق له مث خي . األصوات والنغمات

فيدرك فيه أمورا زائدة على عامل احملسوسات، ال يوجد منها شيء يف ، وجودهسبع سنني، وهو طور آخر من أطوار، فيدرك الواجبات واجلائزات واملستحيالت وأمورا ال توجد يف العقلخلق له آخر، في طور مث يرتقى إىل .عامل احلس

يكون يف املستقبل، وأمورا أخر ووراء العقل طور آخر تنفتح فيه عني أخرى يبصر بـها الغيب وما س. األطوار اليت قبلهز لو وكما أن املمي . وكعزل قوة احلس عن مدركات التمييز،املعقوالت العقل معزول عنها كعزل قوة التمييز عن إدراك

رضت عليه مدركات العقل ألباها واستبعدها، فكذلك بعض العقالء أبوا مدركات النبوة واستبعدوها، وذلك عني ع ، لو مل ٥٢واألكمه. د هلم إال أنه طور مل يبلغه ومل يوجد يف حقه، فيظن أنه غري موجود يف نفسه إذ ال مستن،اجلهل

فكما أن العقل طور من ...كي له ذلك ابتداء، مل يفهمها ومل يقر بـهايعلم بالتواتر والتسامع األلوان واألشكال وح واحلواس معزولة عنها، فالنبوة أيضا عبارة عن طور أطوار اآلدمي، حيصل فيه عني يبصر بـها أنواعا من املعقوالت،

نـها، أو اوالشك يف النبوة، إما أن يقع يف إمك. حيصل فيه عني هلا نور يظهر يف نورها الغيب، وأمور ال يدركها العقل ودليل وجودها وجود معارف يف العامل،نـها وجودهااودليل إمك .يف وجودها ووقوعها، أو يف حصوهلا لشخص معني

درك إال بإهلام إهلي فإن من حبث عنها علم بالضرورة أ�ا ال ت .كعلم الطب والنجومنال بالعقل، تصور أن ت ال ي فمن األحكام النجومية ما ال يقع إال يف كل ألف سنة مرة ، . وتوفيق من جهة هللا تعاىل، وال سبيل إليها بالتجربة

فتبني بـهذا الربهان أن يف اإلمكان وجود طريق إلدراك هذه . نال ذلك بالتجربة؟ وكذلك خواص األدويةفكيف ي ال أن النبوة عبارة عنها فقط، بل إدراك هذا اجلنس اخلارج عن -وهو املراد بالنبوة-األمور اليت ال يدركها العقل

ألن معك إمنا ذكرناها،وما ذكرنا فقطرة من حبرها. مدركات العقل إحدى خواص النبوة، وهلا خواص كثرية سواهاعليهم ( ومعك علوم من جنسها يف الطب والنجوم، وهي معجزات األنبياء ،أمنوذجا منها، وهو مدركاتك يف النوم

وأما ما عدا هذا من خواص النبوة، فإمنا يدرك .، وال سبيل إليها للعقالء ببضاعة العقل أصال )الصالة والسالمفإن كان . همته بأمنوذج رزقته وهو النوم، ولواله ملا صدقت به ألن هذا إمنا ف،التصوفبالذوق، من سلوك طريق

وذلك .للنيب خاصة ليس لك منها أمنوذج، وال تفهمها أصال، فكيف تصدق بـها؟ وإمنا التصديق بعد الفهماألمنوذج حيصل يف أوائل طريق التصوف فيحصل به نوع من الذوق بالقدر احلاصل ونوع من التصديق مبا مل حيصل

فإن وقع لك الشك يف شخص معني، أنه نيب أم . فهذه اخلاصية الواحدة تكفيك لإلميان بأصل النبوة. إليهياس بالق فإنك إذا عرفت الطب والفقه، ميكنك ،ال، فال حيصل اليقني إال مبعرفة أحواله، إما باملشاهدة، أو بالتواتر والتسامع

وال تعجز أيضا عن معرفة كون ،واهلم، وإن مل تشاهدهمأن تعرف الفقهاء واألطباء مبشاهدة أحواهلم ومساع أق

)املعجم الوجيز(األعمى 52

الغزايل

83

رمحه هللا فقيها، وكون جالينوس طبيبا، معرفة باحلقيقة ال بالتقليد عن الغري، بل بأن تتعلم شيئا من الفقه الشافعي فكذلك إذا فهمت معىن النبوة فأكثرت. والطب وتطالع كتبهما وتصانيفهما، فيحصل لك علم ضروري حباهلما

النظر يف القرآن واألخبار، حيصل لك العلم الضروري بكونه صلى هللا عليه وسلم على أعلى درجات النبوة، وأعضد من عمل ": ذلك بتجربة ما قاله يف العبادات وتأثريها يف تصفية القلوب، وكيف صدق صلى هللا عليه وسلم يف قوله

وكيف صدق يف . ٥٤"من أعان ظاملا سلطه هللا عليه ": وكيف صدق يف قوله. ٥٣"مبا علم ورثه هللا علم ما مل يعلمفإذا جربت ذلك يف ألف وألفني وآالف، .٥٥"صبح ومهومه هم واحد كفاه هللا تعاىل مهوم الدنيا واآلخرة أمن ":قوله

. حصل لك علم ضروري ال تتمارى فيه قلب العصا ثعبانا، وشق القمر، فإن ذلك إذا نظرت إليه طلب اليقني بالنبوة، ال منأفمن هذا الطريق

من هللا تعاىل إضالل وحده، ومل تنضم إليه القرائن الكثرية اخلارجة عن احلصر، ورمبا ظننت أنه سحر وختييل، وأنهنك إىل كالم وترد عليك أسئلة املعجزات، فإذا كان مستند إميا .]٨:فاطر[ }يضل من يشاء ويهدي من يشاء {فأنه

منظوم يف وجه داللة املعجزة، فينجزم إميانك بكالم مرتب يف وجه اإلشكال والشبهة عليها، فليكن مثل هذه اخلوارق إحدى الدالئل والقرائن يف مجلة نظرك، حىت حيصل لك علم ضروري ال ميكنك ذكر مستنده على التعيني

أن اليقني مستفاد من قول واحد معني، بل من حيث ال يدري، ه مجاعة خبرب متواتر ال ميكنه أن يذكر رب كالذي خي فهو كاملشاهدة واألخذ الذوقوأما .فهذا هو اإلميان القوي العلمي. وال خيرج عن مجلة ذلك وال بتعيني اآلحاد

ر فهذا القدر من حقيقة النبوة كاف يف الغرض الذي أقصده اآلن، وسأذك. باليد ، وال يوجد إال يف طريق الصوفية . وجه احلاجة إليه

سبب نشر العلم بعد اإلعراض عنـه

مث إين ملا واظبت على العزلة واخللوة قريبا من عشر سنني، بان يل يف أثناء ذلك على الضرورة من أسباب ال وأعين بالقلب -لق من بدن وقلب أن اإلنسان خ ،أحصيها، مرة بالذوق، ومرة بالعلم الربهاين، ومرة بالقبول اإلمياين

، وأن البدن له صحة بـها - حقيقة روحه اليت هي حمل معرفة هللا دون اللحم والدم الذي يشارك فيه امليت والبهيمةإال من أتى هللا بقلب { وأن القلب كذلك له صحة وسالمة، وال ينجو،سعادته ومرض فيه هالكه

،]١٠:البقرة[٥٦}يف قلوبـهم مرض {: قال تعاىل وله مرض فيه هالكه األبدي األخروي، كما،]٨٩:الشعراء[}سليم

. غري موجود يف كتب احلديث املشهورة 53 . رواه أبن عساكر عن أبن مسعود وهو حديث ضعيف 54 .قيل فيه أنه يروى املناكري ، وقيل بل املوضوعات. ه أبن ماجة عن أبن مسعود واسناده ضعيف ، فيه نـهشل بن سعيد روا 55 . ذكرت يف القرآن عشر مرات بـهذا اللفظ 56

الغزايل

84

وأن معصية هللا مبتابعة اهلوى داؤه املمرض، وأن معرفة هللا تعاىل ترياقه احمليي، وطاعته ،اجلهل با� سم مهلكوأن كما ال سبيل إىل ،زالة مرضه وكسب صحته اال بأدويةإسبيل إىل معاجلتة ب وأنه ال،مبخالفة اهلوى دواؤه الشايف

الوزن واملقدار وبعضها ضعف البعض يف ركب من أخالط خمتلفة النوع وكما أن األدوية ت ...عاجلة البدن إال بذلكمواملقدار، فال خيلو اختالف مقاديرها عن سر هو من قبيل اخلواص، فكذلك العبادات اليت هي أدوية داء القلوب،

ضعف الركوع، وصالة الصبح نصف صالة العصر يف مركبة من أفعال خمتلفة النوع واملقدار، حىت أن السجود ولقد حتامق وجتاهل . طلع عليها اال بنور النبوةسرار، هو من قبيل اخلواص اليت ال ي وال خيلو عن سر من األ،املقدار

كرت على االتفاق، ال عن سر إهلي فيها جدا من أراد أن يستنبط، بطريق العقل، هلا حكمة، أو ظن أنـها ذ نـها، وزوائد هي متمما`ا، لكل واحد منها خصوص اوكما أن يف األدوية أصوال هي أرك. بطريق اخلاصيةيقتضيها

.تأثري يف أعمال أصوهلا، كذلك النوافل والسنن متممات لتكميل آثار أركان العباداترفنا ذلك وإمنا فائدة العقل وتصرفه أن ع. فاألنبياء عليهم السالم أطباء أمراض القلوب،وعلى اجلملة

درك بعني النبوة، وأخذ بأيدينا وسلمنا إليها تسليم العميان إىل وشهد للنبوة بالتصديق ولنفسه بالعجز عن درك ما ي فإىل ههنا جمرى العقل وخمطاه وهو معزول عما بعد ذلك، . املشفقني القائدين، وتسليم املرضى املتحريين إىل األطباء

مث . فهذه أمور عرفناها بالضرورة اجلارية جمرى املشاهدة، يف مدة اخللوة والعزلة .هإال عن تفهم ما يلقيه الطبيب إليرأينا فتور االعتقادات يف أصل النبوة، مث يف حقيقة النبوة، مث يف العمل مبا شرحته النبوة، وحتققنا شيوع ذلك بني

:نـهم ، فإذا هي أربعةا فنظرت إىل أسباب فتور اخللق ، وضعف إمي،اخللق ؛علم الفلسفة سبب من اخلائضني يف - ١

؛ طريق التصوفمن اخلائضني يف وسبب- ٢

؛دعوى التعليم وسبب من املنتسبني اىل - ٣ . فيما بني الناساملوسومني بالعلم وسبب من معاملة - ٤

عقيدته واسأله عن شبهته وأحبث عن،قصر منهم يف متابعة الشرعفإين تتبعت مدة آحاد اخللق، أسأل من أن ي فإنك !فإن كنت تؤمن باآلخرة ولست تستعد هلا وتبيعها بالدنيا، فهذه محاقة ؟ما لك تقصر فيها: وسره وقلت له

فدبر نفسك يف ! وإن كنت ال تؤمن، فأنت كافر؟فكيف تبيع ما ال نـهاية له بأيام معدودةال تبيع االثنني بواحد، و مذهبك باطنا، وهو سبب جرأتك ظاهرا، وإن كنت ال تصرح طلب اإلميان، وانظر ما سبب كفرك اخلفي الذي ه

!به جتمال باإلميان وتشرفا بذكر الشرع وفالن من املشاهري بني ،أمر لو وجبت احملافظة عليه لكان العلماء أجدر بذلك إن هذا: فقائل يقول

مى، وفالن يأكل إدرار السلطان الفضالء ال يصلي، وفالن يشرب اخلمر، وفالن يأكل أموال األوقاف وأموال اليتا . وهلم جرا إىل أمثاله! والشهادة وال حيرتز عن احلرام، وفالن يأخذ الرشوة على القضاء

! العبادةويزعم أنه قد بلغ مبلغا ترقى عن احلاجة إىليدعي علم التصوف، : وقائل ثان

الغزايل

85

. ذين ضلوا عن التصوفوهؤالء هم ال! بشبهة أخرى من شبهات أهل اإلباحة يتعلل: وقائل ثالثل، والطريق إليه متعسر، واالختالف فيه كثري، وليس بعض شك احلق م : لقي أهل التعليم فيقولوقائل رابع

أوىل من بعض، وأدلة العقول متعارضة، فال ثقة برأي أهل الرأي، والداعي إىل التعليم متحكم ال حجة له، املذاهب فكيف أدع اليقني بالشك ؟

ن ألست أفعل هذا تقليدا، ولكين قرأت علم الفلسفة وأدركت حقيقة النبوة، و : يقول وقائل خامسحاصلها يرجع إىل احلكمة واملصلحة، وأن املقصود من تعبداتـها ضبط عوام اخللق وتقييدهم عن التقاتل والتنازع

ا أنا من احلكماء أتبع ، وإمنهال حىت أدخل يف حجر التكليففما أنا من العوام اجل واالسرتسال يف الشهوات، وتعلم ذلك ،هذا منتهى إميان من قرأ مذهب فلسفة اإلهليني منهم !احلكمة وأنا بصري بـها، مستغن فيها عن التقليد

ورمبا ترى الواحد منهم يقرأ القرآن، وحيضر .باإلسالم املتجملون وهؤالء هم. من كتب ابن سينا وأيب نصر الفارايب! نه، ولكنه مع ذلك ال يرتك شرب اخلمر وأنواعا من الفسق والفجورام الشريعة بلسظ عاجلماعات والصلوات، وي

لرياضة اجلسد، ولعادة أهل البلد، وحفظ املال : إن كانت النبوة غري صحيحة، فلم تصلي؟ فرمبا يقول: وإذا قيل لهـهي عن اخلمر ألنـها تورث إمنا ن : ولفلم تشرب اخلمر؟ فيق: فيقال! الشريعة صحيحة، والنبوة حق :ورمبا قال! والولد

حىت أن ابن سينا ذكر يف وصية له . العداوة والبغضاء، وأنا حبكميت حمرتز عن ذلك، وإين أقصد به تشحيذ خاطريالشرعية، وال يقصر يف العبادات الدينية، وال عظم األوضاعأنه عاهد هللا تعاىل على كذا وكذا، وأن ي : كتب فيها

فكان منتهى حالته يف صفاء اإلميان، والتزام العبادات، أن استثىن شرب اخلمر . تداويا وتشافيا يشرب تلهيا بلوقد اخندع بـهم مجاعة، وزادهم اخنداعا ضعف اعرتاض . فهذا إميان من يدعي اإلميان منهم .لغرض التشايف

هلم، على ما بينا علته من هو ضرورياملعرتضني عليهم، إذ اعرتضوا مبجاهدة علم اهلندسة واملنطق، وغري ذلك مما .قبل

نـهم إىل هذا احلد بـهذه األسباب، ورأيت نفسي ملبة بكشف افلما رأيت أصناف اخللق قد ضعف إيـمأعين طرق -هذه الشبهة، حىت كان إفضاح هؤالء أيسر عندي من شربة ماء، لكثرة خوضي يف علومهم وطرقهم

فماذا . انقدح يف نفسي أن ذلك متعني يف هذا الوقت، حمتوم-مسني من العلماءالصوفية والفالسفة والتعليمية واملتو مىت تشتغل : تغنيك اخللوة والعزلة، وقد عم الداء، ومرض األطباء، وأشرف اخللق على اهلالك؟ مث قلت يف نفسي

تغلت بدعوة اخللق أنت بكشف هذه الغمة ومصادمة هذه الظلمة، والزمان زمان الفرتة، والدور دور الباطل، ولو اشعن طرقهم إىل احلق، لعاداك أهل الزمان بأمجعهم، وأنـى تقاومهم فكيف تعايشهم، وال يتم ذلك إال بزمان مساعد،

. فرتخصت بيين وبني هللا تعاىل باالستمرار على العزلة تعلال بالعجز عن إظهار احلق باحلجة وسلطان متدين قاهر؟ فأمر أمر إلزام بالنهوض إىل ،سلطان الوقت من نفسه، ال بتحريك من خارجفقدر هللا تعاىل أن حرك داعية

فخطر يل أن . وبلغ اإللزام حدا كان ينتهي، لو أصررت على اخلالف، إىل حد الوحشة. نيسابور، لتدارك هذه الفرتةز النفس سبب الرخصة قد ضعف، فال ينبغي أن يكون باعثك على مالزمة العزلة الكسل واالسرتاحة، وطلب ع

الغزايل

86

بسم هللا الرمحن {:نه وتعاىل يقولام ترخص لنفسك عسر معاناة اخللق، وهللا سبحـ وصو�ا عن أذى اخللق، ول: العنكبوت[ اآلية ،}أحسب الناس أن يرتكوا أن يقولوا آمنا وهم ال يـفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم. امل*الرحيم

ولقد كذبت رسل من قبلك فصربوا على ما كذبوا وأوذوا، حىت {:و أعز خلقهويقول عز وجل لرسوله وه]. ٣- ١بسم هللا {:ويقول عز وجل]. ٣٤:األنعام[} وال مبدل لكلمات هللا، ولقد جاءك من نبأ املرسلني،أتاهم نصرنا

].١١-١:يس[}ي الرمحن بالغيب إمنا تنذر من اتبع الذكر وخش{: إىل قوله}... يس والقرآن احلكيم*الرمحن الرحيم .فشاورت يف ذلك مجاعة من أرباب القلوب واملشاهدات، فاتفقوا على اإلشارة برتك العزلة، واخلروج من الزاويةنه اوانضاف إىل ذلك منامات من الصاحلني كثرية متواترة، تشهد بأن هذه احلركة مبدأ خري ورشد قدرها هللا سبح

نه ا وقد وعد هللا سبح،تحكم الرجاء، وغلب حسن الظن بسبب هذه الشهادات فاس.٥٧على رأس هذه املائة تسع ةويسر هللا تعاىل احلركة إىل نيسابور للقيام بـهذا املهم يف ذي القعدة سن. بإحياء دينه على رأس كل مائة

لغت مدة العزلة إحدى وب،وكان اخلروج من بغداد يف ذي القعدة سنة مثان ومثانني وأربع مائة. وتسعني وأربع مائةوهذه حركة قدرها هللا تعاىل، وهي من عجائب تقديراته اليت مل يكن هلا انقداح يف القلب يف هذه العزلة، . عشر سنة

وهللا تعاىل مقلب القلوب .نه أصال بالبالاكما مل يكن اخلروج من بغداد والنـزوع عن تلك األحوال مما خطر إمك! وأنا أعلم أين، وإن رجعت إىل نشر العلم، فما رجعت. ٥٨" إصبعني من أصابع الرمحنقلب املؤمن بني"واألحوال و

كتسب اجلاه، وأدعو إليه بقويل وعملي، فإن الرجوع عود إىل ما كان، وكنت يف ذلك الزمان أنشر العلم الذي به ي هذا هو اآلن . بـه سقوط رتبة اجلاهعرفوأما اآلن فأدعو إىل العلم الذي به يرتك اجلاه، وي . وكان ذلك قصدي ونييت

٥٩مرادي أم أخرتم وأنا أبغي أن أصلح نفسي وغريي، ولست أدري أأصل، يعلم هللا ذلك مين،نييت وقصدي وأمنييت وأين مل أحترك، لكنه ،قوة إال با� العلي العظيم دون غرضي؟ ولكين اؤمن إميان يقني ومشاهدة أنه ال حول وال

وأن يريين ، فأسأله أن يصلحين أوال، مث يصلح يب، ويهديين، مث يهدي يب.مل، لكنه استعملينين مل أعأ و ،حركين .اتباعه، ويريين الباطل باطال، ويرزقين اجتنابه احلق حقا ويرزقين

، فهو على التحقيق كافر بالنبوة، وإمنا نه، وسوى أوضاع الشرع على احلكمةاوأما من أثبت النبوة بلسبل اإلميان . وليس هذا من النبوة يف شيء،م له طالع خمصوص، يقتضي طالعه أن يكون متبوعا هو مؤمن حبك

بالنبوة أن يقر بإثبات طور وراء العقل، تنفتح فيه عني يدرك بـها مدركات خاصة، والعقل معزول عنها، كعزل السمع فإن مل جيوز هذا، فقد أقمنا . عقوالتعن إدراك األلوان، والبصر عن إدراك األصوات، ومجيع احلواس عن إدراك امل

وإن جوز هذا، فقد أثبت أن ههنا أمورا تسمى خواص، ال يدور تصرف . نه، بل على وجودهاالربهان على إمك . العقل حواليها أصال، بل يكاد العقل يكذبـها ويقضي باستحالتها

سنة من جيدد هلا إن هللا يبعث هلذه األمة على رأس كل مائة : " أبو دواد واحلاكم عن أبو هريرة عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال 57

".دينها . مسلم وأمحد عن عبدهللا بن عمرو بن العاص ويوجد يف الرتمذي وأبن ماجه روايات مشابـهه عن أخرون 58 .اخرتمته املنية، أى أخذته: يقال 59

الغزايل

87

بار يف اهتمامه بإرشاد اخللق، وتلطفه ومن نظر يف أقوال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم، وما ورد من األخواللطف إىل حتسني األخالق وإصالح ذات البني، وباجلملة إىل ما يصلح به دينهم يف جر الناس بأنواع الرفق

وإذا .ودنياهم، حصل له علم ضروري بأن شفقته صلى هللا عليه وسلم على أمته أعظم من شفقة الوالد على ولدهنه ويف األخبار، اليه من األفعال، وإىل عجائب الغيب الذي أخرب عنه القرآن على لسعجائب ما ظهر ع نظر إىل

وإىل ما ذكره يف آخر الزمان، فظهر ذلك كما ذكره، علم علما ضروريا أنه بلغ الطور الذي وراء العقل، وانفتحت له . ركها العقلإال اخلواص، واألمور اليت ال يد العني اليت ينكشف منها الغيب الذي ال يدركه

فجرب وتأمل القرآن وطالع . فهذا هو منهاج حتصيل العلم الضروري بتصديق النيب صلى هللا عليه وسلم . الزمان وهذا القدر يكفي يف تنبيه املتفلسفة ، ذكرناه لشدة احلاجة إليه يف هذا .األخبار، تعرف ذلك بالعيان : فيداوي هذا املرض بثالثة أمور-لعلماء وهو ضعف اإلميان بسبب سرية ا-وأما السبب الرابع

الذي تزعم أنه يأكل احلرام ومعرفته بتحرمي ذلك احلرام كمعرفتك بتحرمي اخلمر وحلم أن تقول إن العامل : أحدهاوالنميمة، وأنت تعرف ذلك وتفعله، ال لعدم إميانك بأنه معصية، بل اخلنـزير والربا، بل بتحرمي الغيبة والكذب

فشهوته كشهوتك، وقد غلبته كما غلبتك، فعلمه مبسائل وراء هذا يتميز به عنك، ال ،البة عليكلشهوتك الغ .يناسب زيادة زجر عن هذا احملظور املعني

ينبغي أن تعتقد أن العامل اختذ علمه ذخرا لنفسه يف اآلخرة، ويظن أن علمه ينجيه، ويكون : أن يقال للعامي: الثاينوإن جاز أن يكون زيادة حجة عليه، فهو جيوز أن يكون زيادة . ه يف أعماله لفضيلة علمهشفيعا له حىت يتساهل مع

إذا نظرت إليه وتركت العمل وأنت ! أيها العامي وأما أنت .فهو، وإن ترك العمل، يديل بالعلم. درجة له، وهو ممكن !شفيع لك عن العلم عاطل، فتهلك بسوء عملك وال

اهلفوة، وال يكون مصرا على املعاصي امل احلقيقي ال يقارف معصية إال على سبيلالعوهو احلقيقة، أن : الثالثومن عرف ذلك، ال يبيع . إذ العلم احلقيقي ما يعرف أن املعصية سم مهلك، وأن اآلخرة خري من الدنيا. أصال

فلذلك ال يزيدهم ذلك العلم . ناسوهذا العلم ال حيصل بأنواع العلوم اليت يشتغل بـها أكثر ال .اخلري مبا هو أدىن منهوأما العلم احلقيقي، فيزيد صاحبه خشية وخوفا ورجاء، وذلك حيول بينه وبني . إال جرأة على معصية هللا تعاىل

فاملؤمن مفنت تواب، . املعاصي إال اهلفوات اليت ال ينفك عنها البشر يف الفرتات، وذلك ال يدل على ضعف اإلميان . صرار واإلكبابوهو بعيد عن اإل

. عليهما ، ال بطريقه هذا ما أردت أن أذكره يف ذم الفلسفة والتعليم وآفاتـهما وآفات من أنكر

الغزايل

88

٦٠االقتصاد يف االعتقاد

السنة، وخصهم من بني سائر الفرق مبزايا اللطف واملنة، احلمد � الذي اجتىب من صفوة عباده عصابة احلق وأهل

ما كشف به عن حقائق الدين، وأنطق ألسنتهم حبجته اليت قمع ]ا ضالل امللحدين، هدايتهوأفاض عليهم من نوروصفى سرائرهم من وساوس الشياطني، وطهر ضمائرهم عن نزغات الزائغني، وعمر أفئد`م بأنوار اليقني حىت

ملرسلني، واطلعوا على طريق لسان نبيه وصفيه حممد صلى هللا عليه وسلم سيد ا اهتدوا ]ا إىل أسرار ما أنزله علىوعرفوا أن . املنقول واحلق املعقول وحتققوا أن ال معاندة بني الشرع ،التلفيق بني مقتضيات الشرائع وموجبات العقول

ن أو . وقلة البصائر احلشوية وجوب اجلمود على التقليد واتباع الظواهر ما أتوا به إال من ضعف العقول من ظن منإال من خبث ة وغالة املعتزلة يف تصرف العقل حىت صادموا به قواطع الشرع، ما أتوا بهمن تغلغل من الفالسف

بل الواجب احملتوم . فراط، وكالمها بعيد عن احلزم واالحتياطإىل اإل فميل أولئك إىل التفريط وميل هؤالء. الضمائروأىن يستتب . ذميم طريف قصد األمور فكال،واالعتماد على الصراط املستقيم يف قواعد االعتقاد مالزمة االقتصاد

مستند للشرع إال قول سيد نه الأأو ال يعلم ملن يقنع بتقليد األثر واخلرب، وينكر مناهج البحث والنظر، الرشاد وكيف يهتدي للصواب من اقتفى .به صدقه فيما أخرب رفالبشر صلى هللا عليه وسلم، وبرهان العقل هو الذي ع

يعرتيه العي ما استضاء بنور الشرع وال استبصر؟ فليت شعري كيف يفزع إىل العقل من حيثواقتصر، و حمض العقلالقطع والبتات وتعثر بأذيال خاب على ن العقل قاصر وأن جماله ضيق منحصر؟ هيهات قدأواحلصر؟ أو ال يعلم

ومثال ،ذاءعن اآلفات واآلفمثال العقل البصر السليم . الضالالت من مل جيمع بتأليف الشرع والعقل هذا الشتاتعن اآلخر يف غمار املستغين إذا استغين بأحدمها،فاخلق بأن يكون طالب االهتداء. الضياء املنتشرة القرآن الشمس

مغمضا لألجفان، فال فرق بينه وبني فاملعرض عن العقل مكتفيا بنور القرآن، مثاله املتعرض لنور الشمس.األغبياء. واملالحظ بالعني العور ألحدمها على اخلصوص متدل حببل غرور الشرع نور على نور،فالعقل مع . العميان

يستأثر بقواطع األدلة، أنه مل إىل االطالع على قواعد عقائد أهل السنة، املقرتح حتقيقها وسيتضح لك أيها املشوقى إقتفائك آلثارهم واخنراطك يف عل فاشكر هللا تعاىل. الفريق بالتوفيق للجمع بني الشرع والتحقيق فريق سوى هذا

م،سلك نظامهم وعيارهم واختالطك بفرقتهم نسأل هللا تعاىل أن يصفي . فعساك أن حتشر يوم القيامة يف زمرخيرس ألسنتنا عن النطق بالباطل، وينطقها باحلق واحلكمة أسرارنا عن كدورات الضالل، ويغمرها بنور احلقيقة، وأن

. الواسع الرمحةإنه الكرمي الفائض املنة

ن رأى معرفتها فله أن حذفت بعض أجزاء من هذا الكتاب القيم رأيتها مغرقة يف التفلسف مما قد يصعب على القارئ العادي استيعابه، فم 60 )املصنف(يرجع إىل الكتاب األصلي وليعذرين على ما فعلته

الغزايل

89

باب

أما اسم الكتاب فهو االقتصاد يف . ولنفتح الكالم ببيان اسم الكتاب، وتقسيم املقدمات والفصول واألبوابجمرى التوطئة واملقدمات، وعلى أربع أقطاب جتري جمرى وأما ترتيبه فهو مشتمل على أربع متهيدات جتري. االعتقاد

. املقاصد والغايات . الدين بيان أن هذا العلم من املهمات يفيف: التمهيد األول . خمصوصني ليس مهما جلميع املسلمني بل لطائفة منهم يف بيان أنه: التمهيد الثاين

. فروض الكفايات ال من فروض األعيان يف بيان أنه من: التمهيد الثالث . يف تفصيل مناهج األدلة اليت أورد`ا يف هذا الكتاب: التمهيد الرابع

نظرنا يف العامل مل ننظر فيه من فإنا إذا. هللا تعاىل ومجلتها مقصورة على النظر يفا األقطاب املقصودة فأربعة وأموإن نظرنا يف النيب عليه السالم مل ننظر . صنع هللا سبحانه وأرض، بل من حيث أنه حيث أنه عامل وجسم ومساء

حيث أقواله مل ننظر من وان نظرنا يف. أنه رسول هللا بل من حيث ،وشريف وعامل وفاضل من حيث أنه انسان فيهفال نظر إال يف هللا وال مطلوب بواسطته من هللا تعاىل، بل من حيث أ�ا تعريفات،أ�ا أقوال وخماطبات وتفهيمات

النظر يف ذات هللا تعاىل ويف صفاته سبحانه ويف أفعاله عز وجل ويف العلم حيصرها ومجيع أطراف هذا.سوى هللا :فهي إذن أربعة أقطاب. هللا عليه وسلم وما جاءنا على لسانه من تعريف هللا تعاىل رسول هللا صلىوأنه ليس جبوهر وال جسم وال عرض وأنه باق نه قدميأفنبني فيه وجوده و . النظر يف ذات هللا تعاىل: القطب األول

فهذه عشرة دعاوى .نه واحدكما أنه معلوم وأ مرئي وال حمدود حبد وال هو خمصوص جبهة، وأنه . نبينها يف هذا القطب

حياة وعلما وقدرة له ونبني فيه أنه حي عامل قادر مريد مسيع بصري متكلم وأن. يف صفات هللا تعاىل :الثاين القطبولوازمها وما يفرتق فيها وما جيتمع فيها وإرادة ومسعا وبصرا وكالما، ونذكر أحكام هذه الصفات

وال جيوز أن يكون ، وقدمية وقائمة بالذات،الذات ، وأن هذه الصفات زائدة علىمن األحكام . شيء من الصفات حادثا

التكليف وال اخللق وال نه ال جيب على هللا تعاىلأ وهو ،وفيه سبعة دعاوى .يف أفعال هللا تعاىل: الثالث القطب وال جيب عليه ، تكليف ما ال يطاقمنه وال يستحيل،التكليف وال رعاية صالح العباد الثواب على

مقدمة ويف. بل جيوز ذلك، وال يستحيل منه بعثه األنبياء عليهم السالم،العقاب على املعاصي . واحلسن والقبيح هذا القطب بيان معىن الواجب

نة والنارهللا عليه وسلم من احلشر والنشر واجل جاء على لسان رسولنا حممد صلى ، ومايف رسل هللا: القطب الرابع :والصراط، وفيه أربعة أبواب والشفاعة وعذاب القرب وامليزان

.وسلم نبوة حممد صلى هللا عليه يف إثبات: الباب األول

الغزايل

90

.فيما ورد على لسانه من أمور اآلخرة: الباب الثاين . اإلمامة وشروطها يف: الباب الثالث .ةاملبتدع يف بيان القانون يف تكفري الفرق: الباب الرابع

التمهيد األول يف بيان أن اخلوض يف هذا العلم مهم يف الدينكان سواء، هو غاية الضالل و�اية اخلسران،إىل ما ليس مبهم، وتضييع الزمان مبا عنه بد صرف اهلمة اعلم أن

اخللق نيل السعادة وأهم األمور لكافة .ال ينفع رف إليه باهلمة من العلوم أو من األعمال، فنعوذ با� من علمنص ـ املوقد ورد األنبياء وأخربوا اخللق بأن � تعاىل على عباده حقوقا ووظائف يف األبدية واجتناب الشقاوة الدائمة،

،تتزين بالعدل جوارحه ومل، ومل ينطو على احلق ضمريه،وأن من مل ينطق بالصدق لسانه. وأقواهلم وعقائدهم أفعاهلماإلخبار بل استشهدوا على صدقهم بأمور غريبة وأفعال مث مل يقتصروا على جمرد. بوارفمصريه إىل النار وعاقبته لل

مقدورات البشر، فمن شاهدها أو مسع أحواهلا باألخبار املتواترة سبق إىل عقله عن عجيبة خارقة للعادات خارجةعجائب جزات عناملع عن النظر يف متييزصدقهم، بل غلب على ظنه ذلك بأول السماع قبل أن مي إمكان

،وحيشوه باالستشعار واخلوف ،الطمأنينة عن القلب وهذا الظن البديهي أو التجويز الضروري ينزع. الصناعات ويقرر عنده أن املوت آت ال ،مغبة التساهل واإلمهال وحيذره،الدعة والقرار ويسلب عنه،ويهيجه للبحث واالفتكار

فاحلزم ترك . وأن ما أخرب به هؤالء غري خارج عن حيز اإلمكان،خللقأبصار ا وأن ما بعد املوت منطو عن ،حمالةاليت أظهروها يف إمكان صدقهم قبل البحث عن فما هؤالء مع العجائب. األمر التواين يف الكشف عن حقيقة هذا

دخل الدار السباع قد خروجنا من دارنا وحمل استقرارنا بأن سبعا من دقوهلم بأقل من شخص واحد خيربنا عن حتقيقواجلواز مل نقدم رأينا ما أخربنا عنه يف حمل االمكان منه لنفسك جهدك، فإنا مبجرد السماع إذا فخذ حذرك واحرتز

مهما ؟ فإذن فكيف ال يكون االحرتاز ملا بعده فاملوت هو املستقر والوطن قطعا،،االحرتاز على الدخول وبالغنا يفمكانه أهو حمال يف نفسه على إالنظر ب الذهن يف بادئ الرأي وسابق قضىمات أن نبحث عن قوله الذي لأهم امل

،فعلها لكم ربا كلفكم حقوقا وهو يعاقبكم على تركها ويثيبكم على نأال شك فيه؟ فمن قوله التحقيق أو هو حقن فهل ميكن أن يكون كا وإن. ربا أم ال فيلزمنا ال حمالة أن نعرف أن لنارسوال إليكم ألبني ذلك لكم، وقد بعثين

متكلما فهل هو قادر على أن يعاقب ويثيب إذا الرسل، وإن كان حيا متكلما حىت يأمر وينهى ويكلف ويبعث فإن اتضح لنا ذلك. فهل هذا الشخص بعينه صادق يف قوله أنا الرسول إليكم كان قادرا عصيناه أو أطعناه، وإن

ضافة إىل اآلخرة باإل املنقرضة حذرنا وننظر ألنفسنا ونستحقر هذه الدنياحمالة، إن كنا عقالء، أن نأخذ لزمنا ال .فالعاقل من ينظر لعاقبته وال يغرت بعاجلته ،الباقية

وكل ذلك مهم ال . هذا العلم إقامة الربهان على وجود الرب تعاىل وصفاته وأفعاله وصدق الرسل ومقصود ولكين لست أدري أنه مثرة اجلبلة ،االنبعاث للطلب من نفسي ين لست منكرا هذاإفإن قلت . حميص عنه لعاقل

الغزايل

91

منا تعرفه يف آخرإ فهذا ، إذ للناس كالم يف مدارك الوجوب،هو موجب الشرع أو ،والطبع وهو مقتضى العقلاالنتهاض االنبعاث إىل واالشتغال به اآلن فضول بل ال سبيل بعد وقوع. تعرضنا ملدارك الوجوب الكتاب عند

والرجل قادر على ،معاودة اللدغ أو عقرب وهي فمثال امللتفت إىل ذلك مثال رجل لدغته حية. الصلطلب اخلاليمني أو من جانب اليسار، وذلك من أفعال األغبياء جاءته من جانب ن احليةأالفرار ولكنه متوقف ليعرف

. بالفضول مع تضييع املهمات واألصول با� من االشتغال نعوذ،اجلهال وإن كان مهما اخلوض يف هذا العلم مهيد الثاين يف بيانالت

فهو يف حق بعض اخللق ليس مبهم بل املهم هلم تركهوالطبيب املستعمل هلا إن . القلوب عاجل ]ا مرضاألدوية اليت ي إعلم أن األدلة اليت حنررها يف هذا العلم جتري جمرى

ملضمون هذا فليعلم احملصل. سده بدوائه أكثر مما يصلحهيف ثاقب العقل رصني الرأي كان ما مل يكن حاذقا : العلوم أن الناس أربع فرق الكتاب واملستفيد هلذه .وأضمرته واشتغلت إما بعبادة وإما بصناعة آمنت با� وصدقت رسوله واعتقدت احلق :الفرقة األوىل

العلم، فإن صاحب الشرع على تعلم هذارك عقائدهم باالستحثاثحت رتكوا وما هم عليه والفهؤالء ينبغي أن ي وعقد ومل يفرق بني أن يكون ذلك بإميان ،من التصديق صلوات هللا عليه مل يطالب العرب يف خماطبته إياهم بأكثر

من سبق من أجالف العرب إىل لم ضرورة من جماري أحواله يف تزكيته إميانمما ع وهذا. تقليدي أو بيقني برهاين .قلو]م فقاد`ا إىل اإلذعان للحق واالنقياد للصدق بل مبجرد قرينة وخميلة سبقت إىل،هانتصديقه ببحث وبر

عقائدهم، فإنه إذا تليت عليهم هذه الرباهني وما عليها من ش عليهمشو ت فهؤالء مؤمنون حقا فال ينبغي أنمن ذكرمبا ي حى عنهايها وال مت ن أن تعلق بأفهامهم مشكلة من املشكالت وتستويل عليؤم وحلها مل االشكاالتبتدريس وال تصنيف، بل كان شغلهم وهلذا مل ينقل عن الصحابة اخلوض يف هذا الفن ال مبباحثة وال. طرق احلل

. ومصاحلهم يف أحواهلم وأعماهلم ومعاشهم فقط ومحل اخللق على مراشدهم،بالعبادة والدعوة إليهافاجلايف الغليظ منهم الضعيف العقل . د احلق كالكفرة واملبتدعةطائفة مالت عن اعتقا: الفرقة الثانية

فأكثر .السوط والسيف املمرتي على الباطل من مبتدأ النشوء إىل كرب السن ال ينفع معه إال التقليد اجلامد علىا إذا وعن هذ. فعل بالربهان واللسانوالسنان ما ال ي يفعل هللا بالسيفالكفرة أسلموا حتت ظالل السيوف إذ

املسلمني والكفار إال انكشفت عن مجاعة من أهل الضالل مالوا تصادف ملحمة بني استقرأت تواريخ األخبار ملذكرناه وال تظنن أن هذا الذي. ع مناظرة وجمادلة انكشفت إال عن زيادة إصرار وعنادم ومل تصادف جم االنقياد، إىل

، والغالب على اخللق من أوليائه هللا ]ا إال اآلحاد امة ال خيصنور العقل كر ولكن ،غض من منصب العقل وبرهانهتضر فهؤالء. ك نور الشمس أبصار اخلفافيشدر العقول كما ال ت لقصورهم ال يدركون براهني القصور واالمهال، فهم

الغزايل

92

ح اجلهال علما فمن من: رمحه هللا ويف مثل هؤالء قال االمام الشافعي. ٦١لع الورد باجل ]م العلوم كما تضر رياح .أضاعه ومن منع املستوجبني فقد ظلم

فتنبهوا من أنفسهم ،صوا يف الفطرة بذكاء وفطنةولكن خ طائفة اعتقدوا احلق تقليدا ومساعا : الفرقة الثالثةقرع مسعهم شبهة من الشبهات وحاكت يف لزلت عليهم طمأنينتهم، أووز شككهم يف عقائدهمإلشكاالت ت

املقنع عادة طمأنينتهم وإماطة شكوكهم مبا أمكن من الكالمإب جيب التلطف ]م يف معاجلتهم ءفهؤال. صدورهم نقل كالم من شخص مشهور عندهم ولو مبجرد إستبعاد وتقبيح أو تالوة آية أو رواية حديث أو،املقبول عندهم

اجلدال، فإن ذلك رمبا يفتح راسميشافه باألدلة احملررة على م فإذا زال شكه بذلك القدر فال ينبغي أن. بالفضلفعند ذلك جيوز .يقنعه إال كالم يسري على حمك التحقيق فإن كان ذكيا فطنا مل. من اإلشكاالت عليه أبوابا أخر

. على اخلصوص وذلك على حسب احلاجة ويف موضع االشكال أن يشافه بالدليل احلقيقيتوقع منهم قبول احلق مبا وي ،والفطنة يهم خمائل الذكاءتفرس ف ي ،الضالل طائفة من أهل: الفرقة الرابعة

التلطف ]م يف فهؤالء جيب. قلو]م لقبول التشكيك باجلبلة والفطرة عقائدهم من الريبة أو مبا يلني اعرتاهم يفيف دواعي احملاجة والتعصب، فإن ذلك يزيد احلق وإرشادهم إىل االعتقاد الصحيح ال يف معرض استمالتهم إىل

هال قلوب العوام بتعصب مجاعة من ج وأكثر اجلهاالت إمنا رسخت يف .لضالل ويهيج بواعث التمادي واإلصرارامن فثارت،واالدالء، ونظروا إىل ضعفاء اخلصوم بعني التحقري واإلزراء يديف معرض التح أهل احلق أظهروا احلق

املتلطفني حموها مع العلماء وعسر على،ات الباطلةدواعي املعاندة واملخالفة ورسخت يف نفوسهم االعتقاد بواطنهماحلروف اليت نظروا ]ا يف احلال بعد السكوت عنها ، حىت انتهى التعصب بطائفة إىل أن اعتقدوا أنظهور فسادها

يف مستقرا استيالء الشيطان بواسطة العناد والتعصب لألهواء ملا وجد مثل هذا االعتقاد ولوال. طول العمر قدمية وليرتك ،فليتحرز املتدين منه جهده دواء له، واملعاندة داء حمض الوا¾ادلة . لب جمنون فضال عمن له قلب عاقلق

رشاد من ضل من هذه األمة، إالرمحة، وليستعن بالرفق واللطف يف هللا بعني احلقد والضغينة وينظر إىل كافة خلق ني علىع والتعصب م صرار بالعنادج داعية اإلي ه أن م ، وليتحققمن النكد الذي حيرك داعية الضالل وليتحفظ

. عانته يف القيامةإاالصرار على البدعة ومطالب بعهده

الثالث يف بيان االشتغال eذا العلم من فروض الكفايات التمهيد

أما أنه ليس ف. الكفايات فروض األعيان وهو من فروض إعلم أن التبحر يف هذا العلم واالشتغال مبجامعه ليس من ليس جيب على كافة اخللق إال التصديقتبني أنه إذ. برهانه يف التمهيد الثاين تضح لكامن فروض األعيان فقد

فإن . يف حق من اعرتاه الشك وإمنا تصري إزالة الشك فرض عني. يف اإلميان اجلزم وتطهري القلب عن الريب والشكأن الفرق يضرهم ذلك وال ينفعهم؟ فاعلم أنه قد سبق أكثرمن فروض الكفايات وقد ذكرت أن قلت فلم صار

)املعجم الوجيز(حيوان كاخلنفساء يكثر يف املواضع الندية 61

الغزايل

93

الدعوة إىل إال يف األقل، مث العقائد واجبة، واعتوار الشك غري مستحيل وإن كان ال يقع زالة الشكوك يف أصولإبد ممن إلغواء أهل احلق بإفاضة الشبهة فيهم فال مبتدع ويتصدى مث ال يبعد أن يثور. احلق بالربهان مهمة يف الدين

هذه وال تنفك البالد عن أمثال. إغواءه بالتقبيح، وال ميكن ذلك إال ]ذا العلم ويعارض يقاوم شبهته بالكشف]ذا العلم يقاوم دعاة قائم باحلق مشتغل، وصقع من األصقاع،الوقائع، فوجب أن يكون يف كل قطر من األقطار

فلو خال عنه القطر خرج به . عوارض الشبهة عن هل السنة ويصفي قلوب أ، ويستميل املائلني عن احلق،املبتدعةنعم من أنس من نفسه تعلم الفقه أو الكالم وخال الصقع عن . والفقيه الطبيب أهل القطر كافة، كما لو خال عن

فإن االشتغال بالفقه عليه أوجبنا،شتغل به منهمايتسع زمانه للجمع بينهما واستفيت يف تعيني ما ي القائم ]ما وملجة إىل و واعتوار الشكوك احمل . و�اره عن االستعانة بالفقه ليله فال يستغين أحد يف،احلاجة إليه أعم والوقائع فيه أكثر

يف ألنه يشرتك ، كما أنه لو خال البلد عن الطبيب والفقيه كان التشاغل بالفقه أهم،إليه باإلضافة علم الكالم بادمث املريض ال . عددا باإلضافة إليهم األصحاء، واملرضى أقل فأما الطب فال حيتاج إليه.احلاجة إليه اجلماهري والدمهاء

وشتان بني ، إىل الطب حلياته الفانية وإىل الفقه حلياته الباقية وحاجته،ال يستغين عن الطب يستغين عن الفقه كمااشتغال ويدلك على أن الفقه أهم العلوم ،مثرة الطب إىل مثرة الفقه علمت ما بني الثمرتني فإذا نسبت. احلالتني

م ومفاوضا`م الصحابة رضي هللا عنهم بالبحث عنه يف م صناعة الكالم عظ ل به من ي هو ي نك ماوال يغر . مشاوراالعتقاد الصحيح غري نافعة يف هذا املقام، فإن األصل هو فإ�ا كلمة حق ولكنها،والفقه فرع له من أنه األصل

والطبيب أيضا قد يلبس فيقول. اجلدل نادرة وذلك حاصل بالتقليد واحلاجة إىل الربهان ودقائق،اجلزموالتصديق أوال مث االشتغال فاحلياة والصحة، وحياتك منوطة يب،على صناعيت وجودك مث وجودك مث وجود بدنك موقوف

. عليهولكن ال خيفى ما حتت هذا الكالم من التمويه وقد نبهنا. بالدين ثانيا

الثالث يف أفعال هللا تعاىل القطبجيوز � تعاىل أن ندعي أنه: وندعي يف هذا القطب سبعة أمور.بالوجوب أفعال جائزة ال يوصف شيء منها ومجلة

وأنه ال جيب ،إيالم العباد بغري عوض وجناية عباده، وأنه جيوز أن يكلفهم ما ال يطاق، وأنه جيوز منه ال يكلفاملعصية، وأن العبد ال جيب عليه شيء بالعقل بل ثواب الطاعة وعقاب لح هلم، وأنه ال جيب عليهرعاية األص

.باملعجزة صدقهم ظهارإبعثه الرسل، وأنه لو بعث مل يكن قبيحا وال حماال بل أمكن جيب على هللا بالشرع، وأنه الولقد خاض اخلائضون فيه وطولوا القول بيح،ومجلة هذه الدعاوى تنبين على البحث عن معىن الواجب واحلسن والق

كثر اخلبط أل�م مل حيصلوا معىن هذه األلفاظ واختالفات وإمنا .بح وهل يوج قب ن وي س يف أن العقل هل حي ختاطب خصمان يف أن العقل واجب ومها بعد مل يفهما معىن الواجب، فهما حمصال االصطالحات فيها وكيف

الواجب، : وهي ألفاظ لنقدم البحث عن االصطالحات وال بد من الوقوف على معىن ستةعليه بينهما، ف متفقا ومثار األغاليط إمجاهلا، والوجه يف أمثال مشرتكة واحلسن، والقبيح، والعبث، والسفه، واحلكمة؛ فإن هذه األلفاظ

الغزايل

94

األلفاظ املبحوث عنها وننظر مث نلتفت إىل،املعاين يف العقل بعبارات أخرى وحنصل هذه املباحث أن نطرح األلفاظإنه واجب، ويطلق على القدمي أما الواجب فإنه يطلق على فعل ال حمالة،: االصطالحات فيها، فنقول إىل تفاوت

الذي ال يرتجح فعله على تركه وال يكون صدوره من وليس خيفى أن الفعل .وعلى الشمس إذا غربت إ�ا واجبةستعقب تركه ضررا، ي أنه علمأن الفعل قد يكون حبيث ي ومعلوم...وإن ترجح با من تركه ال يسمى واج صاحبه أوىل

. ال يطاق مثله آجل يف العاقبة، وهو إما قريب حمتمل وإما عظيم الضرر إما عاجل يف الدنيا وإما توهم، وذلكأو ي فيه معلوم أن ما: للفظ فنقولترجحه هلذه األقسام ثابت يف العقل من غري لفظ فلنرجع إىل ا فانقسام الفعل ووجوه

تضررا قريبا وال يقال إن الشرب إذ العطشان إذا مل يبادر إىل شرب املاء تضرر ،ضرر قريب حمتمل ال يسمى واجبا فإن التجارة واكتساب املال ،يف فعله فائدة ال يسمى واجبا ومعلوم أن ما ال ضرر فيه أصال ولكن. عليه واجب

، فإن كان ذلك يف العاقبة،باسم الواجب ما يف تركه ضرر ظاهر بل املخصوصيسمى واجبا، الوالنوافل فيه فائدة و ذلك سمى أيضا فقد ي ف بالعقلر بالشرع فنحن نسميه واجبا، وإن كان ذلك يف الدنيا وع رفأعين اآلخرة، وع

ونعين ،أن يأكل إذا وجد اخلبز عميوت من اجلو فإن من ال يعتقد الشرع قد يقول واجب على اجلائع الذي.واجبا الضرر برتكه، ولسنا حنرم هذا االصطالح بالشرع فإن يتعلق من بوجوب األكل ترجح فعله على تركه مبا

.املعروف للشرع وال للعقل، وإمنا متنع منه اللغة إذا مل يكن على وفق املوضوع حجر فيها االصطالحات مباحة الخيتص باآلخرة، واآلخر أعم ال وكان أحدمها،رجع كالمها إىل التعرض للضررحتصلنا على معنيني للواجب و فقد

ما : ، كما يقاليؤدي عدم وقوعه إىل أمر حمال الذي أخص وهو اصطالحنا، وقد يطلق الواجب مبعىن ثالث وهو فحظ احلسنوأما . إن مل يقع يؤدي إىل أن ينقلب العلم جهال وذلك حمال لم وقوعه فوقوعه واجب، ومعناه أنهع

ينافر أحدها أن توافقه أي تالئم غرضه، والثاين أن،الفاعل ينقسم إىل ثالثة أقسام حق املعىن منه أن الفعل يفالعقل؛ فالذي يوافق الفاعل ثابت يف وهذا االنقسام. غرضه، والثالث أن ال يكون له يف فعله وال يف تركه غرض

والذي ينايف غرضه يسمى قبيحا وال معىن لقبحه إال قته لغرضه،مواف يسمى حسنا يف حقه وال معىن حلسنه إالالعبث يسمى عابثا ورمبا أي ال فائدة فيه أصال، وفاعل،وال يوافق يسمى عبثا لغرضه، والذي ال ينايف منافاتهالعابث، وهذا على واسم السفيه أصدق منه،يسمى سفيها بهر ض أعين الفعل الذي ين القبيحسفيها، وفاعل يسمى

لغرضه الفاعل، فإن ارتبط بغري الفاعل وكان موافقا الفاعل أو مل يرتبط الفعل بغرض غري كله إذا مل يلتفت إىل غريقبيحا، وإن كان موافقا لشخص دون شخص مسي يف حق كان منافيا مسي وإن،مسي حسنا يف حق من وافقه

أمران إضافيان، خمتلفان لقبيح واحلسن بأن املوافقة واملخالفة، ومهاإذ اسم ا .حسنا ويف حق اآلخر قبيحا أحدمهايوافق الشخص فرب فعل.واحد باألعراض باألشخاص وخيتلف يف حق شخص واحد باألحوال وخيتلف يف حال

ديانة له يستحسن الزنا بزوجة الغري ويعد قبيحا من وجه، فمن ال من وجه وخيالفه من وجه فيكون حسنا من وجهحسن الفعل، رته ويسميه غمازا قبيح الفعل واملتدين يسميه حمتسبا و ع ويستقبح فعل الذي يكشف ،الظفر ]ا نعمة

فعل القاتل مجيع أعدائه ستحسنقتل ملك من امللوك في بل ي .يطلق اسم احلسن والقبح وكل حبسب غرضه

الغزايل

95

األمسر حلسان إىل السمرة، فصاحبه يستحسنمايال من األلوان ا لق ففي الطباع ما خ .ويستقبحه مجيع أوليائه .به ويسفه عقل املستحسن املستهرت مايال إىل البياض املشرب باحلمرة يستقبحه ويستكرهه لقويعشقه، والذي خ

إضافيني خيتلفان باإلضافات عن عبارتان عن اخللق كلهم عن أمرين فبهذا يتبني على القطع أن احلسن والقبيح ،عمرو يكون الشيء حسنا يف حق زيد قبيحا يف حق فال جرم جاز أن. ال ختتلف باإلضافة صفات الذوات اليت

فإذا .األلوان من األوصاف اإلضافية زيد أبيض يف حق عمرو ملا مل تكن وال جيوز أن يكون الشيء أسود يف حقعاجال كان يوافق الغرضفقائل يطلقه على كل ما: أيضا ثالثة فافهم أن االصطالح يف لفظ احلسن فهمت املعىن

،عليه حث عليه ووعد بالثواب أي، وهو الذي حسنه الشرعةخيصص مبا يوافق الغرض يف اآلخر وقائل،أو آجال أخص، و]ذا االصطالح قد احلسن، فاألول أعم وهذا وهو اصطالح أصحابنا، والقبيح عند كل فريق ما يقابل

يوافق غرضهم، ولذلك تراهم يسبون الفلك والدهر يحا إذ كان التعاىل قب يسمي بعض من ال يتحاشى فعل هللاهللا عليه ولذلك قال رسول هللا صلى.ن الفاعل خالق الفلكأأفعاله ويعلمون الفلك وما أقبح ويقولون خرف

إنه تعاىل حسن كيف كان مع فعل هللا ال تسبوا الدهر، فإن هللا هو الدهر؛ وفيه اصطالح ثالث إذ قد يقال :وسلم. لكه الذي ال يساهم فيه ما يشاءالئمة وأنه فاعل يف م فيه وال ويكون معناه أنه ال تبعة عليه،ال غرض يف حقه

عليها بأ�ا أحدمها االحاطة ا¾ردة بنظم األمور ومعانيها الدقيقة واجلليلة واحلكم: معنيني على فتطلقاحلكمةوأما تنضاف إليه القدرة على إجياد الرتتيب والنظام املطلوبة ]ا، والثاين أنكيف ينبغي أن تكون حىت تتم منها الغاية

.وهو نوع من الفعل احلكمة، وهو نوع من العلم، ويقال حكيم من األحكام واتقانه وإحكامه فيقال حكيم منالص للوهم يستفاد من الوقوف عليها اخل األصل ولكن ههنا ثالث غلطات فقد اتضح لك معىن هذه األلفاظ يف

خيالف غرضه وإن أن اإلنسان قد يطلق اسم القبيح على ما: األوىل الغلطة.تغرت ]ا طوائف كثرية من إشكاالت ولذلك حيكم ،بنفسه ومستحقر ما عداه فكل طبع مشغوفولكنه ال يلتفت إىل الغري، كان يوافق غرض غريه،

أنه خمالف لغرضه، ولكن ه أنه قبيح يف حقه مبعىنقبيح يف عينه، وسبب الفعل مطلقا بأنه قبيح وقد يقول أنه علىالشيء وحيكم يف نفسه، فيضيف القبح إىل ذات فيتوهم أن املخالف حلقه خمالف،كل العامل يف حقه أغراضه كأنه

ويف إضافة القبح إىل ،على االطالق ولكنه خمطيء يف حكمه بالقبح قباحت فهو مصيب يف أصل االس.باالطالقيف غريه، بل عن االلتفات إىل بعض أحوال نفسه، فإنه قد يستحسن غفلته عن االلتفات إىل ؤهذات الشيء ومنش

يف مجيع هو خمالف لألغراض أن ما: الغلطة الثانية فيه. يستقبحه مهما انقلب موافقا لغرضه بعض أحواله غري ماوله عن احلالة النادرة ورسوخ غالب لذه مطلقا بأنه قبيح األحوال إال يف حالة نادرة، فقد حيكم اإلنسان عليه

ن قبحه ألنه إفيقضي مثال على الكذب بأنه قبيح مطلقا يف كل حال و على ذكره، األحوال يف نفسه واستيالئهولكن لو األحوال، ال ملعىن زائد، وسبب ذلك غفلته عن ارتباط مصاحل كثرية بالكذب يف بعض لذاته فقط كذب

الطبع ينفر عنه من أول وذلك ألن باستقباحه، عه عن استحسان الكذب لكثرة إلفهوقعت تلك احلالة رمبا نفر طب، فهو قبيح الكذب قبيح يف نفسه وأنه ال ينبغي أن يكذب قط إليه أن لقيالصبا بطريق التأديب واالستصالح، وي

الغزايل

96

قبحه غرس يف طبعهنبه على ذلك الشرط وي أكثر األوقات وإمنا يقع نادرا، فلذلك ال ي يف ولكن بشرط يالزمهظن أن الشيء أيضا ال مقرونا بالشيء ي سبق الوهم إىل العكس، فإن ما رئي: الغلطة الثالثة. والتنفري عنه مطلقا

األخص أبدا يكون مقرونا باألعم، وأما األعم فال يلزم أن يكون مقرونا أن وال يدري،حمالة يكون مقرونا به مطلقا اللون، وهو كما قيل، املربقش ال من أن السليم، أعين الذي �شته احلية، خياف من احلبلومثاله ما يق .باألخص

احلبل سبق الوهم إىل العكس وحكم بأنه مؤذ فإذا أدرك وسببه أنه أدرك املؤذي وهو متصور بصورة حبل مربقش،لشبهه األصفر٦٢صر عن أكل اخلبيكان العقل مكذبا به، بل االنسان قد ينف واخليال وإن فينفر الطبع تابعا للوهم

الوهم وذلك لسبق العقل مكذبا به، فيكاد يتقيأ عند قول القائل إنه عذرة، يتعذر عليه تناوله مع كون ،٦٣بالعذرةمستقذر، بل يف الطبع ما هو أعظم رأى الرطب األصفر حكم بأنه ر فإذاصفإىل العكس فإنه أدرك املستقذر رطبا أ

ويبلغ إىل حد لو والزنوج ملا كان يقرتن قبح املسمى به يؤثر يف الطبع اليت تطلق عليها اهلنود من هذا فإن األساميبالعكس، فإذا أدرك سم فيحكمالقبيح مقرونا ]ذا اإل األتراك والروم لنفر الطبع عنه، ألنه أدرك الوهم مسى به أمجل

غفل عنه ألن إقدام اخللقفال ينبغي أن ي لوهذا مع وضوحه للعق. املسمى ونفر الطبع سم حكم بالقبح علىاإلرف فال يقوى عليه إال أولياء العقل الص وأما اتباع. تابع ملثل هذه األوهام وإحجامهم يف أقواهلم وعقائدهم وأفعاهلم

االعتقادات فأورد على فهم وقواهم على اتباعه، وإن أردت أن جترب هذا يف تعاىل الذين أراهم هللا احلق حقا هللارضي هللا عنه لنفر وامتنع فلو قلت له إنه مذهب األشعري املعتزيل مسألة معقولة جلية فيسارع إىل قبوهلا، العامي

الظن باألشعري، إذ كان قبح ذلك يف نفسه منذ بعني ما صدق به مهما كان سيء عن القبول وانقلب مكذبا فينفر عن قبوله بعد التصديق قول له إن هذا قول املعتزيلعند العامي األشعري مث ت وكذلك تقرر أمرا معقوال .الصبا

فإ�م مل يفارقوا ،سم العلمإب أكثر من رأيته من املتومسني ولست أقول هذا طبع العوام بل طبع. التكذيبىلإويعود طلبون طريقاملذهب تقليد الدليل فهم يف نظرهم ال يطلبون احلق بل ي أضافوا إىل تقليد بل،العوام يف أصل التقليد

قالوا قد ظفرنا بالدليل، عقائدهم نصرة ما اعتقدوه حقا بالسماع والتقليد، فإن صادفوا يف نظرهم ما يؤكد احليلة يفن ذو فيضعون االعتقاد املتلقف بالتقليد أصال وينب شبهة، ضعف مذهبهم قالوا قد عرضت لناوإن ظهر هلم ما ي

الدليل إىل وهو أن ال يعتقد شيئا أصال وينظر،يوافقه، وإمنا احلق ضدهوبالدليل كل ما بالشبهة كل ما خيالفه،بتقدمي اإللفه والتخلق بأخالق منذ واالستقباح ويسمي مقتضاه حقا ونقيضه باطال وكل ذلك منشؤه االستحسان

ن احلسنفقد رجع كالمكم إىل أ: فإن قيل. االشكاالت املثارات سهل عليك دفع فإذا وقفت على هذه. الصبا فائدة له فيه ويستقبح ما له فيه واملخالفة لألغراض، وحنن نرى العاقل يستحسن ما ال والقبيح يرجعان إىل املوافقة

أنه رمبا ال ولو بشربة ماء مع حيوانا مشرفا على اهلالك استحسن إنقاذه أما االستحسان فمن رأى إنسانا أو. فائدة بل ميكن أن يقدر انتفاء ،ثناء ى من الناس حىت ينتظر عليهأمبر يف الدنيا وال هوالشرع وال يتوقع منه غرضا يعتقد

)املعجم العريب األساسي(نوع من احللوى يصنع من دقيق ومتر ومسن 62 )املعجم الوجيز(الغائط 63

الغزايل

97

وأما الذي يستقبح مع . بتحسني هذا وتقبيح ذلك جهة االنقاذ على جهة االمهال كل غرض ومع ذلك يرجحنه الصرب ستحسن مي الكفر بالسيف والشرع قد رخص له يف اطالقها، فإنه قد مل على كلمةكالذي حي األغراض،

نقضه ويف على نقض عهد، وال ضرر عليه يف ل بالسيفأو الذي ال يعتقد الشرع ومح . وترك النطق به على السيف نسان األخالق والعادات رأى وإذا تتبع اإل...بالعهد واالمتناع من النقض الوفاء به هالكه، فإنه يستحسن الوفاء

عن أسرار أخالق الذاهلني هو غلط املغرتين بظاهر األمور،هذا خارجة عن احلصر، فهذا هو السبب الذي شواهدالوهم واخليال الذي هو وأمثاله يرجع إىل طاعة النفس حبكم الفطرة والطبع مبجرد النفوس، اجلاهلني بأن هذا امليل

إذا ختيل والتخيالت حبكم اجراء العادات، حىت لقت قوى النفس مطيعة لألوهامحيكم العقل ولكن خ غلط أشداقه، وذلك بطاعة القوة اليت سخرها هللا بالرؤية سال يف احلال لعابه وحتلبت نسان طعاما طيبا بالتذكر أواإل

التخيل وإن كان الشخص للتخيل والوهم، فإن شأ�ا أن تنبعث حبسب تعاىل إلفاضة اللعاب املعني على املضغجمامعتها، وكذلك يتخيل الصورة اجلميلة اليت يشتهي .ريريد اإلقدام على األكل بصوم أو بسبب آخ عاملا بأنه ليس

وثارت إىل جتاويف األعصاب ومأل`ا، انبعثت القوة الناشرة آللة الفعل وساقت الرياح فكما ثبت ذلك يف اخليالحبكم العقل لالمتناع عن الفعل يف الوقاع، وذلك كله مع التحقيق القوة املأمورة بصب املذي الرطب املعني على

حبكم طرد العادة مطيعة مسخرة حتت حكم اخليال، والوهم ساعد هللا تعاىل خلق هذه القوى ولكن. لك الوقتذذلك راجع إىل وكل. على اآلخر يساعده، فهذا وأمثاله منشأ الغلط يف سبب ترجيح أحد جانيب الفعل العقل أو مل

حتت السيف البتة بل رمبا يستقبح عاقليستقبحه ال األغراض، فأما النطق بكلمة الكفر وإن كان كذلك فالأحدمها، اعتقاده أن الثواب على الصرب واالستسالم أكثر، واآلخر ما :سببان صرار فلهصرار، فإن استحسن اإلاإل

يعلم أنه ال يطيقهم فكم من شجاع ميتطي منت اخلطر ويتهجم على عدد.الثناء عليه بصالبته يف الدين ينتظر منوكذلك االمتناع عن نقض العهد بسببه ثناء اخللق .موته مبا يعتاضه عنه من لذة الثناء واحلمد بعدويستحقر ما يناله

ثناء فسببه در حيث ال ينتظرفإن ق . مر األوقات ملا فيها من مصاحل الناس وتواصيهم به على على من يفي بالعهد،املقرون باملكروه قرون باللذيذ لذيذ، كما أنوامل من حيث أنه مل يزل مقرونا بالثناء الذي هو لذيذ، حكم الوهم

أسرار هذا الفصل، وإمنا يعرف قدره من طال يف فهذا ما حيتمله هذا املختصر من بث .مكروه كما سبق يف األمثلة ندعي أنه جيوز: الدعوى األوىل. إليها املقدمة إجياز الكالم يف الدعاوى فلنرجع املعقوالت نظره، وقد استفدنا ]ذه

ال يكلفهم، وإذا كلفهم فلم فلم يكن ذلك واجبا عليه، وإذا خلقهم فله أن تعاىل أن ال خيلق اخللق، وإذا خلق� فإنا بينا أن .مفهوم والتكليف واجب، غري،اخللق وقالت طائفة من املعتزلة جيب عليه. واجبا عليه يكن ذلك

اجال وإما آجال، أو ما يكون نقيضه حمال، والضرر حمال ع ينال تاركه ضرر، إما املفهوم عندنا من لفظ الواجب مايؤدي ذلك إىل خالف ما سبق ترك التكليف وترك اخللق لزوم حمال، إال أن يقال كان يف وليس. هللا تعاىل يف حق

رضت اإلرادة إذا ف فهذا حق وهو ]ذا التأويل واجب، فإن العلم يف األزل وما سبقت به املشيئة يف األزل، بهعليه ذلك إمنا جيب: فإن قيل. واملعلوم واجبا ال حمالة متعلقا بالشيء، كان حصول املراد رضوجودة، أو العلم إذا ف م

الغزايل

98

واحلكم املعلل يف قولكم لفائدة اخللق للتعليل، الكالم: ترجع إىل اخلالق سبحانه وتعاىل، قلنا لفائدة اخللق ال لفائدة معىن قولكم إنه جيب لفائدة اخللق وما معىن فما.كم فال يعنيكم ذكر العلةاحل هو الوجوب، وحنن نطالبكم بتفهيم

معىن رابعا ففسروه أوال مث اذكروا املعاين الثالثة، وهي منعدمة، فإن أردمت الوجوب وحنن ال نفهم من الوجوب إالغريه مل جيب عليه إذا مل فائدةفائدة، وكذا يف التكليف، ولكن ما فيه فإنا رمبا ال ننكر أن للخلق يف اخللق علته،

الكالم يف اخللق ال يف أنا نقول إمنا يستقيم هذا وهذا ال خمرج عنه أبدا، على. فائدة يف فائدة غريه يكن لهوأما خيلقهم يف اجلنة متنعمني، من غري هم وضرر وغم وأمل، املوجود بل يف أن التكليف، وال يستقيم يف هذا اخللق

ليتين مل أك وقال آخر ليتين كنت نسيا منسيا،: فالعقالء كلهم قد متنوا العدم، وقال بعضهم اخللق املوجود هذاوهذا قول . طائر ليتين كنت ذلك الطائر يشري إىل شيئا، وقال آخر ليتين كنت تبنة رفعها من األرض، قال آخر

دم التكليف بأن يكون مجادا أو طائرا، يتمىن عدم اخللق وبعضهم يتمىن ع فبعضهم األنبياء واألولياء وهم العقالء،نفي الكلفة، والتكليف للخلق يف التكليف فائدة وإمنا معىن الفائدة: شعري كيف يستجيز العاقل يف أن يقول فليت

: وكان قادرا على إيصاله إليهم بغري تكليف، فإن قيل الفائدة، ظر إىل الثواب فهويف عينه إلزام كلفة وهو أمل، وإن ن با� تعاىل من أن االستعاذة: ألذ وأوقع من أن يكون باالمتنان واالبتداء، واجلواب باستحقاق كان اب إذا كانالثو

اخلروج من نعمته أوىل من وتقدير اللذة يف عقل ينتهي إىل التكرب على هللا عز وجل والرتفع من احتمال منتهالعقالء من خيطر بباله مثل هذه الوساوس، ومن منعدوليت شعري كيف ي .االستعاذة با� من الشيطان الرجيم

هذا لو سلم أن .أخس من أن يناظر أو خياطبغري تقدم تعب وتكليف املقام أبد اآلباد يف اجلنة من يستثقلوجدها ستحق الثواب من أينالطاعة اليت ]ا ي مث ليت شعري. يكون مستحقا، وسنبني نقيضه الثواب بعد التكليف

وهل لكل ذلك مصدر إال فضل وقدرته وإرادته وصحة أعضائه وحضور أسبابه؟ هلا سبب سوى وجودهالعبد؟ وهليسرتزق فينبغي أنهذا النمط، بالكلية، فإن هذا الكالم من فنعوذ با� من االخنالع عن غريزة العقل.ونعمته هللا

تعاىل أن يكلف العباد ما يطيقونه وما ال إن �: الدعوى الثانية .هللا تعاىل عقال لصاحبه وال يشتغل مبناظرتهوهو أنه كالم وله ومعتقد أهل السنة أن التكليف له حقيقة يف نفسه نكار ذلك،إوذهب املعتزلة إىل يطيقونه،

فال املكلف وشرطه أن يكون فامها للكالم وال شرط فيه إال كونه متكلما، وله مورد وهو ف،كل ـ مصدر وهو املمتعلق وهو املكلف به وشرطه أن وال تكليفا، والتكليف نوع خطاب وله مع اجلماد وا¾نون خطابا يسمى الكالم يفهم مع من لتحقيق الكالم فإن التكليف كالم، فإذا صدر ممن فقط، وأما كونه ممكنا فليس بشرط يكون مفهوما دعاء مسي التماسا، وإن كان فوقه مسي ثلهب مسي تكليفا، وإن كان مب دون املخاط املخاط فهم وكانيفهم فيما ي

وبرهان جواز ذلك أن استحالته ال األسامي ختتلف عليه باختالف النسبة، وهذه.وسؤاال، فاالقتضاء يف ذاته واحدوباطل أن يكون امتناعه السواد والبياض، أو كان ألجل االستقباح، أن تكون المتناع تصور ذاته، كاجتماع ختلو إما ...فرض جمتمعا والبياض ال ميكن أن ي فإن السوادلذاته،

الغزايل

99

عنه الرابع إثبات نبوة نبينا حممد صلى هللا عليه وسلم وإثبات ما أخرب هو القطب

: أبواب وفيه أربعة .يف اثبات نبوة نبينا صلى هللا عليه وسلم: الباب األول . وفصالن القرب حق، وفيه مقدمة ط وامليزان وعذابن ما جاء به من احلشر والنشر والصراأبيان يف: الباب الثاين

. فيه نظر يف ثالثة أطراف: الباب الثالث اليت ينبغي أن يعول عليها يف تكفريه من الفرق ومن ال جيب، واالشارة إىل القوانني يف بيان من جيب: الرابع الباب

.التكفري، وبه اختتام الكتاب ثالثة لإثبات نبوته، على اخلصوص، وإمنا نفتقر إىل.وسلم حممد صلى هللا عليه يف اثبات نبوة نبينا :الباب األول

ظاهر البطالن فإ�م أنه رسول إىل العرب فقط ال إىل غريهم، وهذا حيث ذهبوا إىل: األوىل، العيسوية الفرقة: فرقوبعث رسوله ث إىل الثقلني،ادعى هو أنه رسول مبعو رسوال حقا، ومعلوم أن الرسول ال يكذب، وقد اعرتفوا بكونه

انكروا فإ�م: الفرقة الثانية، اليهود . فما قالوه حمال متناقض،العجم وتواتر ذلك منه إىل كسرى وقيصر وسائر ملوكالسالم، فأنكروا نبوة حممد وعيسى صدقه ال خبصوص نظر فيه ويف معجزاته، بل زعموا أنه ال نيب بعد موسى عليه

يقصرون عن عيسى ألنه رمبا يقصر فهمهم عن درك إعجاز القرآن وال أن تثبت عليهم نبوةفينبغي .عليهما السالمستدل على ي على التفريق بني من فيقال هلم ما الذي محلكم،درك إعجاز إحياء املوتى وإبراء األكمه واألبرص

: البتة، إال أ�م ضلوا بشبهتنيإليه سبيال ثعبانا ؟ وال جيدون ستدل بقلب العصاصدقه بإحياء املوتى وبني من ي والثانية لفهم بعض ألنه يدل على البدء والتغيري وذلك حمال على هللا تعاىل، النسخ حمال يف نفسه :إحدامها، قوهلم

واألرض، وإنه قال إين خامت دامت السموات عليكم بديين ما: قد قال موسى عليه السالم: امللحدة أن يقولواوهو عبارة عن اخلطاب الدال على ارتفاع احلكم الثابت املشروط بفهم النسخ، األوىل فبطال�اأما الشبهة. األنبياء

النيب ليس بناسخ فإن ورود. فهم اختالف أحكام الشرائع فهكذا ينبغي أن ي ...خطاب يرفعه بعد حلقوق استمراره تغري قبلة وحتليل حمرم وغري ذلك،ولكن يف بعض األحكام ك مبجرد بعثته، وال يف معظم األحكام، لشرع من قبله

وال على،االستبانة بعد اجلهل وال على،وهذه املصاحل ختتلف باألعصار واألحوال فليس فيه ما يدل على التغريزمن موسى مل ينكروا وجود أنه مل يكن شريعة من لدن آدم إىل مث هذا إمنا يستمر لليهود إذ لو اعتقدوا. التناقض

القطع لم على وكل ذلك إنكار ما ع ،موسى وشرعه ما، وال يتميزون فيه عمن ينكر نبوةوشرعه نوح وإبراهيمقالوه عن موسى ملا ظهرت املعجزات على أحدمها، أنه لو صح ما. من وجهني وأما الشبهة الثانية فسخيفة. بالتواتر

هو أيضا مصدق له،ق هللا باملعجزة من يكذب موسى و صد ي ذلك تصديق بالضرورة، فكيف يد عيسى، فإنلزمهم يف أنكروا شيئا منهم وجودا أو تنكرون إحياء املوتى دليال على صدق املتحدي؟ فإن أفتنكرون معجزة عيسى

الغزايل

100

نقل إليهم من موسى عليه السالم قوله لزمهم تكذيب من شرع موسى لزوما ال جيدون عنه حميصا، وإذا اعرتفوا به إمنا لقنوها بعد بعثة نبينا حممد عليه السالم وبعد وفاته، ولو كانت هذه الشبهةأن :والثاين. إين خامت األنبياءمبوسى عليه السالم قا مصد لوا بالسيف على االسالم، وكان رسولنا عليه السالمـ اليهود ]ا وقد مح صحيحة الحتج

ذلك، وما الذي صرفهم عنه ومعلوم عليه من التوارة عرض ما على اليهود بالتوراة يف حكم الرجم وغريه، فالوحاك مع ألن ذلك لو كان لكان مفحما ال جواب عنه ولتواتر نقله، ومعلوم أ�م مل يرتكوه قطعا أن اليهود مل حيتجوا به

وأمواهلم ونسائهم، فإذا ثبت ولقد كانوا حيرصون على الطعن يف شرعه بكل ممكن محاية لدمائهم،القدرة عليهالفرقة الثالثة، وهم جيوزون النسخ ولكنهم . نثبتها على النصارى بتنا نبوة نبينا عليه السالم مباعليهم نبوة عيسى أث

األوىل، الطريقة :ويف إثبات نبوته باملعجزة طريقتان. من حيث أ�م ينكرون معجزته يف القرآن نبينا ينكرون نبوةاستشهاده على صدقه على وجه دي النيب عندبتح ال معىن للمعجزة إال ما يقرتن: التمسك بالقرآن، فإنا نقولبالفصاحة وإغراقهم فيها متواتر، وعدم املعارضة معلوم، العرب مع شغفهم وحتديه علىيعجز اخللق عن معارضته،

ال اجلارية بينهم، فإذا دوا بشعرهم وعورضوا ظهرت املعارضات واملناقضاتالشعراء ملا حت ، فإن أرذللظهر إذ لو كانميكن انكار حرصهم على دفع على طريق الفصاحة وال وال ميكن إنكار اقتدار العربكار حتديه بالقرآن ميكن إن

وقهرهم، وال ميكن إنكار عجزهم أل�م لو سطوة املسلمني ودمهم وماهلم وختلصا من نبوته بكل ممكن محاية لدينهمفعلوا لظهر ذلك هلالك عن نفسه يشتغل بدفعه، ولوبأن القادر على دفع ا فإن العادة قاضية بالضرورة ،قدروا لفعلوا

. التطويل مما يورث اليقني فال حاجة إىل وكل ذلك،مقدمات بعضها بالتواتر وبعضها جباري العادات فهذه. لق ون قابل بعيسى فإنه ميكن أن ي ،ذلك يقدر النصراين على إنكار شيء من ومبثل هذا الطريق تثبت نبوة عيسى وال

يقال عورض ومل يظهر، وجود إحياء املوتى أو عدم املعارضة أو حياء املوتى أوإبالنبوة أو استشهاده ب يهفينكر حتدوالفصاحة ما وجه إعجاز القرآن؟ قلنا اجلزالة: قيل فإن.يقدر عليها املعرتف بأصل النبوات وكل ذلك جماحدات ال

وسائر صنوف كالمهم، واجلمع خطبهم وأشعارهماخلارج عن مناهج كالم العرب يف مع النظم العجيب واملنهاجوخطب حكم فيها باجلزالة، رى للعرب أشعارنعم رمبا ي ،هذا النظم وهذه اجلزالة معجز خارج عن مقدور البشر بني

ولكن من غري جزالة بل مع ركاكةبعد تعلمه من القرآن، املعارضة مراعاة هذا النظم نقل عن بعض من قصدورمبا ي فهذا. وخرطوم طويل الفيل وما أدراك ما الفيل له ذنب وثيل: الكذاب حيث قال عن ترهات مسيلمةكما حيكى

القرآن فقد قضى كافة العرب منها وأما جزالة]ا، وأمثاله رمبا يقدر عليه مع ركاكة يستغثها الفصحاء ويستهزؤونوخارج عن مقدور البشر من هذين فصاحته، فهذا إذا معجز بطعن يف العجب ومل ينقل عن واحد منهم تشبث

معارضة لعل العرب اشتغلت باحملاربة والقتال فلم تعرج على: ، فإن قيلهذين الوجهني اجتماع الوجهني، أعين منما ذكروه هوس، فإن دفع حتدي أن القرآن ولو قصدت لقدرت عليه، أو منعتها العوائق عن االشتغال به، واجلواب

العرب من املسلمني باألسر والقتل والسيب وشن جرى على الدفع بالسيف مع مااملتحدي بنظم كالم أهون منعن فإن انصرافهم عن املعارضة مل يكن إال بصرف من هللا تعاىل، والصرف دافع غرضنا، الغارات، مث ما ذكروه غري

الغزايل

101

يقدر أحد من البشر والأحرك أصبعي ، فلو قال نيب آية صدقي أين يف هذا اليوماملعتاد من أعظم املعجزات املقدورم على احلركة مع سالمة األعضاء من ثبت صدقه، وكان فقد على معارضيت، فلم يعارضه أحد يف ذلك اليوم، قدر

داعيتهم وصرفهم عن املعارضة من أعظم املعجزات، مهما كانت رض وجود القدرة ففقدف وإن. أعظم املعجزات فهذا طريق تقدير. على الضرورة على رقا]م وأمواهلم، وذلك كله معلومباستيالء النيب حاجتهم ماسة إىل الدفع

إال مبعارضتهم مبثله يف معجزات هذه األمور اجلليلة فال تشتغل نكار شيء منإنبوته على النصارى، ومهما تشبثوا بعليه، كانشقاق ظهرتجبملة من األفعال اخلارقة للعادات اليت أن تثبت نبوته: الطريقة الثانية .عيسى عليه السالم

يف كفه، وتكثري الطعام القليل، وغريه من وتفجر املاء من بني أصابعه، وتسبيح احلصى القمر، ونطق العجماء،ذلك : قلنا. مبلغ التواتر آحاد هذه الوقائع مل يبلغ نقلها: فإن قيل .خوارق العادات، وكل ذلك دليل على صدقه

علي رضوان هللا عليه مبلغ التواتر، وهذا كما أن شجاعة ا كان ا¾موع بالغا فال يقدح يف العرض مهم أيضا إن سلمجمموع علم منتلك الوقائع مل تثبت تواترا، ولكن ي بالضرورة على القطع تواترا، وآحاد وسخاوة حامت معلومان

ها مبلغ التواتر، البالغة مجلت الشجاعة والسخاوة، فكذلك هذه األحوال العجيبة اآلحاد على القطع ثبوت صفة: فيقال. ال مجلتها وال آحادها هذه األمور مل تتواتر عندي :فإن قال قائل من النصارى. يسرتيب فيها مسلم أصال النصارى وزعم أنه مل تتواتر عنده معجزات عيسى، وإن تواترت من األقطار ومل خيالط ولو احناز يهودي إىل قطر

خيالط القوم ينبغي أن: يقال ، فبماذا ينفصلون عنه؟ وال انفصال عنه إال أنوهم مهتمون به فعلى لسان النصارىعنده األخبار، وكذا املتصامم، فهذا أيضا عذرنا ال تتواتر الذين تواتر ذلك بينهم حىت يتواتر ذلك إليك، فإن األصم

. على هذا الوجه التواتر عند إنكار واحد منهم: املقدمة أما . وفيه مقدمة وفصالن،جبوازها العقل وقضى ق بأمور ورد ]ا الشرع يف بيان وجوب التصديالباب الثاين

ما علم بالشرع دون العقل، وإىلعلم بدليل العقل دون الشرع، وإىل ما ي ينقسم إىل ما ي علم بالضرورةفهو أن ما ال ي وعلمه وارادته، فإن كل وقدرته ثحد ـ أما املعلوم بدليل العقل دون الشرع فهو حدث العامل ووجود امل. علم ]ماي

فكل ما . ثبت الشرعثبت كالم النفس مل ي فإن مل ي ،الكالم ت الشرع، إذ الشرع يبىن علىثب ت مل ي ثب ذلك ما مل ي اخرتناه ال ونفس الكالم أيضا فيما،يستحيل إثباته بكالم النفس وما يستند إليه النفس يتقدم يف الرتبة على كالم

من موافق العقول، وإمنا املعلوم مبجرد السمع فتخصيص أحد اجلائزين بالوقوع فإن ذلك وأما...اته بالشرعثبإ ميكنوالثواب والعقاب وأمثاهلما، وأما إليه بسماع كاحلشر والنشر وحنن نعلم من الوحي،هلامإعرف من هللا تعاىل بوحي و ي

الرؤية وانفراد هللا يف الرتبة عن إثبات كالم هللا تعاىل كمسألةومتأخر هو واقع يف جمال العقل املعلوم ]ما فكل مازا له العقل جمو نظر، فإن كانكلما ورد السمع به ي احلركات واألغراض كلها وما جيري هذا ا¾رى، مث تعاىل خبلق

تمال، وجب ومستندها ال يتطرق إليها اح ،األدلة السمعية قاطعة يف متنها وجب التصديق به قطعا إن كانتالظنية كسائر بىن على األدلةالتصديق باللسان والقلب عمل ي ]ا ظنا إن كانت ظنية، فإن وجوب التصديقخالقا لشيء من األشياء وعرض من إنكار الصحابة على من يدعي كون العبد فنحن نعلم قطعا .األعمال

الغزايل

102

فال يكون ومعلوم أنه عام قابل للتخصيص،"خالق كل شيء" وكانوا ينكرون ذلك مبجرد قوله تعاىل األعراض،ينكرون اليت ذكرناها، ونعلم أ�م كانوا صارت املسألة قطعية بالبحث على الطرق العقلية عمومه إال مظنونا، إمنا

إىل املدارك الظنية إال يف الفقهيات بل عتقد ]م أ�م مل يلتفتواأن ي ذلك قبل البحث عن الطرق العقلية وال ينبغيتأويل ما ورد السمع وأما ما قضى العقل باستحالته فيجب فيه. والقولية أيضا يف التصديقات االعتقادية عتربوهاا

صحيحة، أحاديث التشبيه أكثرها غري وظواهرتصور أن يشمل السمع على قاطع خمالف للمعقول، ي وال،بهذلك فلم يقض فيه باستحالة وال شيء منتوقف العقل يف ، فإنوالصحيح منها ليس بقاطع بل هو قابل للتأويل

وجوب التصديق انفكاك العقل عن القضاء باإلحالة، وليس فيكفي يف،السمع جواز وجب التصديق أيضا ألدلة: القائل قول لتجويز، وبني الرتبتني فرق رمبا يزل ذهن البليد حىت ال يدرك الفرق بني على القضاء يشرتط اشتماله

بني السماء واألرض، إذ األول جائز على ال أدري إنه حمال أم جائز، وبينهما ما: ز، وبني قولهاعلم أن األمر جائ والثاين عدم معرفة باالحالة، ووجوب التصديق جائز يف ،معرفة باجلواز هللا تعاىل والثاين غري جائز، فإن األول

احلشر والنشر به من عقل مبا جاء الشرع ففي بيان قضاء الالفصل األولأما . فهذه هي املقدمة مجيعا القسمنيدلت عليه القواطع الشرعية، وهو ممكن بدليل اخللق وقد عىن به إعادة أما احلشر في .وعذاب القرب والصراط وامليزان

االبتداء السابق، والقادر يسمى إعادة باالضافة إىل وإمنا،فإن االعادة خلق ثان وال فرق بينه وبني االبتداء .االبتداء وأما عذاب القرب ...}قل حيييها الذي أنشأها أول مرة{:بقوله عادة وهو املعينعلى اإل نشاء واالبتداء قادرعلى اإل

باالستعاذة منه وسلم وعن الصحابة رضي هللا عنهم إذ تواتر عن النيب صلى هللا عليه،قواطع الشرع فقد دلت عليهوحاق بآل فرعون سوء العذاب {:عليه قوله تعاىل ودل،�ما ليعذبانإ: بقربين واشتهر قوله عند املرور،يف األدعية

ووجه إمكانه ظاهر، وإمنا تنكره املعتزلة . فيجب التصديق به اآلية، وهو ممكن، ،}النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ، وهذا السباع وتأكله وإن امليت رمبا تفرتسه،شخص امليت مشاهدة وهو غري معذب حيث يقولون إنا نرى من

الباطن كيف للعقاب جزء من القلب أو من واملدرك،أما مشاهدة الشخص فهو مشاهدة لظواهر اجلسم .هوسالنائم ال يشاهد ما يدركه النائم ظاهر البدن، بل الناظر إىل ظاهر وليس من ضرورة العذاب ظهور حركة يف،كان

وآالمه ولذاته من لو انتبه النائم وأخرب عن مشاهداتهوغريه، و االحتالم ومن األمل عند ختيل الضرب من اللذة عندوأما .جسمه، كمشاهدة إنكار املعتزلة لعذاب القرب نكار اغرتارا بسكون ظاهرلبادر إىل اإل مل جير له عهد بالنوم

، فماإىل جزء يدرك العذاب ممكن عادة احلياةإالباب أن يكون بطن السبع قربا، ف الذي تأكله السباع فغاية ما يفلورود الشرع به وامكانه، ونكري فحق، والتصديق به واجب وأما سؤال منكر.كل متأمل يدرك األمل من مجيع بدنه

صوت، وال يستدعي منه إال فهما، وال يستدعي الفهم إال تفهيما بصوت أو بغري فإن ذلك ال يستدعي منهما إالعليه، حياء جزء يفهم السؤال وجييب ممكن مقدورإن قلبه، و جبميع بدنه بل جبزء من باط واإلنسان ال يفهم حياة،

ما يف السؤال وال صوت امليت يف اجلواب، نسمع فيبقى قول القائل إنا نرى امليت وال نشاهد منكرا ونكريا وال صو يل جوابهالنيب صلى هللا عليه وسلم جلربيل عليه السالم ومساعه كالمه ومساع جرب فهذا يلزمه منه أن ينكر مشاهدة

الغزايل

103

الصوت ومشاهدة مساعا لذلك يستطيع مصدق الشرع أن ينكر ذلك، إذ ليس فيه إال أن هللا تعاىل خلق له والوقد كانت تكون عنده حاضرة يف وقت هللا تعاىل عنها لق للحاضرين عنده وال لعائشة رضيلذلك الشخص، ومل خي ويلزم منه أيضا إنكار.سعة القدرة، وقد فرغنا عن إبطالهوإنكار نكار هذا مصدره اإلحلادإظهور بركات الوحي، ف

النائم نكار كل من مسع مناإل ويسمعه من األصوات اهلائلة املزعجة، ولوال التجربة لبادر إىل ما يشاهده النائم ضافة إىل خلقباإل املستحقرة اتساع القدرة هلذه األمور حكاية أحواله، فتعسا ملن ضاقت حوصلته عن تقدير

ينفر طباع أهل الضالل عن التصديق والسبب الذي. فيهما من العجائب السموات واألرض وما بينهما، مع ماأوال أن ،من نطفة قذرة مع ما فيه من العجائب واآليات ]ذه األمور بعينه منفر عن التصديق خبلق االنسان

وأما امليزان فهو . ينكر مبجرد االستبعاد بغي أنفإذا ما ال برهان على إحالته ال ين املشاهدة تضطره إىل التصديقاألعمال وهي كيف توزن: فإن قيل. وهو ممكن فوجب التصديق به أيضا حق وقد دلت عليه قواطع السمع،

الستحالة إعادة امليزان كان حماال درت إعاد`ا وخلقها يف جسمواملعدوم ال يوزن؟ وإن ق أعراض وقد انعدمت،طاعته يف جسم امليزان؟ أيتحرك ]ا امليزان فيكون ذلك حركة امليزان لق حركة يد االنسان وهيمث كيف خت . األعراض

إن حترك فتكون احلركة قد فاتت جبسم ليس هو متحركا ]ا، وهو حمال؟ مث أم ال تتحرك،االنسان ال حركة يدا ال بقدر مراتب األجور، فر فيتفاوت البدن يزيد إمثها على حركة جبرء من بمن امليزان بقدر طول احلركات وكثر

وزن صحائف ت ":صلى هللا عليه وسلم عن هذا فقال سئل النيب قد: فنقول. حركة مجيع البدن فراسخ فهذا حماليكتبون األعمال يف صحائف هي أجسام، فإذا وضعت يف امليزان خلق هللا تعاىل يف األعمال فإن الكرام الكاتبني

: وما معىن احملاسبة؟ قلنا فأي فائدة يف هذا ؟: فإن قيل ". الطاعات وهو على ما يشاء قديرميال بقدر رتبة كفتها عد يف أن تكونمث أي ب . قد دللنا على هذامث. }وهو يسألون ال يسأل عما يفعل{:فائدة ال نطلب لفعل هللا تعاىل

على ، ومن يعزمباللطف تجاوز عنهأو ي ]ا بالعدل ىز العبد مقدار أعماله ويعلم أنه جم يشاهدالفائدة فيه أن مقدار جنايته بأوضح الطرق ليعلم أنه يف فهعر يبعد أن ي معاقبة وكيله جبنايته يف أمواله أو يعزم على اإلبراء فمن أين

وأما . بت الفائدة ألفعال هللا تعاىل، وقد سبق بطالن ذلكل إن ط هذا. متفضل عقوبته عادل ويف التجاوز عنهاخللق يرده فإنه عبارة عن جسر ممدود على منت جهنم. حق، والتصديق به واجب، ألنه ممكن فهو أيضا الصراط

أدق من يو ميكن ذلك وفيما ر كيف : فإن قيل،}وقفوهم إ�م مسؤولون{كافة، فإذا توافوا عليه قيل للمالئكة نكر قدرة هللا تعاىل، فالكالم معه يف هذا إن صدر ممن ي الشعر وأحد من السيف، فكيف ميكن املرور عليه؟ قلنا

وإن صدر من معرتف بالقدرة فليس املشي على هذا بأعجب من املشي يف. عنها فرغنا إثبات عموم قدرته وقد قدرة املشي على اهلواء وال خيلق يف ذاته هويا إىل والرب تعاىل قادر على خلق قدرة عليه، ومعناه أن خيلق له اهلواء،

يف: الفصل الثاين. بكل حال فإذا أمكن هذا يف اهلواء فالصراط أثبت من اهلواء هلواء احنراف،أسفل، وال يف ااملعتقدات املختصرة فرأيت اإلعراض عن ذكرها أوىل ألن حنت ]ا املعتقداتاالعتذار عن اإلخالل بفصول ش

إخطارها بالبال، ر اليت ال حاجة إىلأما األمو . االعتقاد حقها أن ال تشتمل إال على املهم الذي ال بد منه يف صحة

الغزايل

104

بأحكامها، فاخلوض فيها حبث عن حقائق األمور وهي يف عدم معرفتها وعدم العلم وإن خطرت بالبال فال معصيةالشك عن نفسه املهم أن ينفي االنساناالعتقاد، وكل ذلك ليس مبهم يف الدين، بل غري الئقة مبا يراد منه `ذيب

على الطاعات هلا تأثري يف تأكيد طمأنينة النفس إىل االعتقاد التقليدي املواظبة إن: فأقول. ..يف ذات هللا تعاىلرتة الطاعة ويف وقت الف املواظبة على النفس، وهذا أمر ال يعرفه إال من سرب أحوال نفسه وراقبها يف وقت ورسوخه يف

، حىت أن مل أنسة ملعتقداته، ويتأكد به طمأنينتهالع بسبب املواظبة على والحظ تفاوت احلال يف باطنه، فإنه يزداد وتشكيكه ممن مل تطل ل تغيريهحاو ـ على العمل مبوجب اعتقاده أعصا نفسا على امل الذي طالت منه املواظبة داملعتق

مسح رأسه وتفقد أمره على يتيم فإن أقدم على مواظبته، بل العادات تقضي ]ا، فإن من يعتقد الرمحة يف قلبه الرمحة، ومن يتواضع بقلبه لغريه فإذا عمل مبوجبه مبوجب الرمحة زيادة تأكيد يف دف يف قلبه عند ممارسة العملصا

باملواظبة على أفعال هي مقتضى تعظيم دناولذلك تعب ،التعظيم والتواضع يف قلبه ساجدا له أو مقبال يده ازداد ...وبتعظيم القل من الركوع والسجود ليزداد بسببها القلب

من اإلمامة أيضا ليس من املهمات، وليس أيضا من فن املعقوالت فيها النظر يف.االمامة يفالباب الثالث !إذا أخطأ أصاب، فكيف واملعرض عن اخلوض فيها أسلم من اخلائض بل وإن،مث إ�ا مثار للتعصبات الفقهيات،

يقطع ذلك دابر االختالف كما قالت بعض ليفة كيفهال قلتم إن التنصيص واجب من النيب واخل: فإن قيل... ومل ينص عمر ،كان واجبا لنص عليه الرسول عليه السالم، ومل ينص هو لو ألنه: اإلمامية إذ ادعوا أنه واجب، قلنا

مادة فإن البيعة تقطع...إمامة أبو بكر وإمامة عثمان وإمامة علي رضي هللا عنهم بالتفويض ثبتت بل،أيضا عنهم، وقد توليا البيعة، وكثرته يف زمان االختالف يف زمان أيب بكر وعثمان رضي هللا الف والدليل عليه عدماالخت

السنة يف الصحابة واخللفاء يف شرح عقيدة أهل: الطرف الثالث. توىل بالنص علي رضي هللا عنه ومعتقد اإلمامية أنهفمن مبالغ يف الثناء حىت يدعي ،واخللفاء إسراف يف أطراف اعلم أن للناس يف الصحابة. الراشدين رضي هللا عنهم فال تكونن من الفريقني واسلك طريق. اللسان بذم الصحابة متهجم على الطعن بطلق العصمة لألئمة، ومنهم

يب بتزكية الن واألنصار وتواترت األخبار واعلم أن كتاب هللا مشتمل على الثناء على املهاجرين .االقتصاد يف االعتقادخري الناس قرين : وكقوله،بأيهم اقتديتم اهتديتم كقوله أصحايب كالنجوم صلى هللا عليه وسلم إياهم بألفاظ خمتلفة،

هذا االعتقاد يف فينبغي أن تستصحب .وورد عليه ثناء خاص يف حقه يطول نقله وما من واحد إال.يلو�م مث الذينع بالتعصب يف ر تـ خم فأكثر ما ينقل الف مقتضى حسن الظن، كما حيكى عن أحوال خت،وال تسيء الظن ]م حقهم

ال يتسع العقل لتجويز اخلطأ والسهو فيه، ومحل ومل جيز ما وما ثبت نقله فالتأويل متطرق إليه،حقهم وال أصل له واملشهور من قتال معاوية مع علي ومسري عائشه رضي هللا عنهم إىل. يصيبوه وإن مل أفعاهلم على قصد اخلري

األمور ال تبقى على والظن بعائشة أ�ا كانت تطلب تطفئة الفتنة ولكن خرج األمر من الضبط، فأواخر ،البصرةكى وما حي ،تأويل وظن فيما كان يتعاطاه على وفق طلب أوائلها، بل تنسل عن الضبط، والظن مبعاوية أنه كان

الختالف أكثره اخرتاعات الروافض واخلوارج وأرباب وا،بالباطل خمتلط فالصحيح منه،سوى هذا من روايات اآلحاد

الغزايل

105

فما .ستنبط له تأويال في فينبغي أن تالزم اإلنكار يف كل ما مل يثبت، وما ثبت. الفنون اخلائضون يف هذه الفضول بني أن تسيء الظن مبسلم وتطعن واعلم أنك يف هذا املقام .لعل له تأويال وعذرا مل أطلع عليه: تعذر عليك فقل

واخلطأ يف حسن الظن باملسلمالطعن وأنت خمطئ مثال، حتسن الظن به وتكف لسانك عن أو،عليه وتكون كاذبا من شئت أو أيب هلب أو فلو سكت إنسان مثال عن لعن ابليس أو لعن أيب جهل ،أسلم من الصواب بالطعن فيهم

بريء عند هللا تعاىل منه فقد مسلم مبا هوهفوة بالطعن يف ولو هفامن األشرار طول عمره مل يضره السكوت، عما هو به لتعظيم الشرع الزجر عن الغيبة، مع أنه إخبار علم يف الناس ال حيل النطقما ي تعرض للهالك، بل أكثر

آثر مالزمته السكوت وحسن يالحظ هذه الفصول ومل يكن يف طبعه ميل إىل الفضول فمن. متحقق يف املغتاب فأما اخللفاء ،عامة هذا حكم الصحابة. السلف الصاحلني ني وإطالق اللسان بالثناء على مجيعبكافة املسلم الظن

قولنا كرتتيبهم يف اإلمامة، وهذا ملكان أن غريهم، وترتيبهم يف الفضل عند أهل السنة الراشدون فهم أفضل منغيب ال يطلع عليه إال هللا ورسوله إن هللا تعاىل يف اآلخرة أرفع، وهذا ن حمله عندأمعناه فالن أفضل من فالن أن

الرتتيب، بل من صاحب الشرع متواترة مقتضية للفضيلة على هذا نصوص قاطعةىدعوال ميكن أن ي ،أطلعه عليهواقتحام ثنائه عليهم رمي يف عماية واستنباط حكم الرتجيحات يف الفضل من دقائق. مجيعهم املنقول الثناء على

أيضا وغايته رجم ظن، فكم من شخص تعاىل باألعمال مشكل عرف الفضل عند هللا، وي عنهأمر آخر أغنانا هللا لق خفي يف باطنه، وكم من مزين بالعبادات الظاهرة وهو يف وخ مبكان ليس يف قلبه متحرم الظاهر وهو عند هللا

إال عرف الفضلال ي بت أنهولكن إذا ث. يف باطنه فال مطلع على السرائر إال هللا تعاىل هللا خلبث مستكن سخطتفاوت الفضائل الصحابة املالزمون يدل على وأوىل الناس بالسماع ما،عرف من النيب إال بالسماع وال ي ،بالوحي

أمجعوا على تقدمي أيب بكر، مث نص أبو بكر على عمر، مث أمجعوا بعده ألحوال النيب صلى هللا عليه وسلم، وهم قدوكان األغراض، ظن منهم اخليانة يف دين هللا تعاىل لغرض منوليس ي . ضي هللا عنهمعلى علي ر مث على عثمان،

أهل السنة هذا الرتتيب يف هذا اعتقد ستدل به على مراتبهم يف الفضل، ومنإمجاعهم على ذلك من أحسن ما ي فهذا ما أردنا . ا الرتتيبالصحابة وأهل اإلمجاع يف هذ رف به مستندع الفضل مث حبثوا عن األخبار فوجدوا فيها ما

. اإلمامة وهللا أعلم وأحكم عليه من أحكام أن نقتصرللفرق يف هذا مبالغات وتعصبات، فرمبا انتهى بعض الطوائف اعلم أن.الفرق بيان من جيب تكفريه من الباب الرابع

فاعلم قبل كل شيء أن هذه هعزى إليها، فإذا أردت أن تعرف سبيل احلق فيالفرقة اليت ي تكفري كل فرقة سوى إىلمعلومة بأدلة مسعية وتارة تكون تارة تكونفعال، فإ�ا مسألة فقهية، أعين احلكم بتكفري من قال قوال وتعاطى

الشخص إن هذا: وال ميكن تفهيم هذا إال بعد تفهيم قولنا ،جمال لدليل العقل فيها البتة مظنونة باالجتهاد، والوأنه يف النار على التأبيد، وعن يرجع إىل اإلخبار عن مستقره يف الدار اآلخرة وذلككافر والكشف عن معناه،

إىل غري ذلك من ن من نكاح مسلمة وال عصمة لدمه وماله،ك مي يف الدنيا وأنه ال جيب القصاص بقتله وال حكمهكون عرف بأدلة العقل أن ي جهل، وجيوز إخبار عن قول صادر منه وهو كذب، أو اعتقاد وهو األحكام، وفيه أيضا

الغزايل

106

للتكفري أمر آخر، ومعناه كونه مسلطا هذا الكذب واجلهل موجبا القول كذبا وكون االعتقاد جهال، ولكن كونخملد يف مسلطا على سفك دمه وأخذ أمواله ومبيحا إلطالق القول أنه على سفك دمه وأخذ أمواله، ومعىن كونه

ث ر اجلنة وغري مكتـ أو املكذب خملد يف وز عندنا أن يرد الشرع بأن الكذاب أو اجلاهلالنار؛ وهذه األمور شرعية وجي أن يرد بأن الكذب صدق وأن اجلهل زليس جيو نعم.بالعكس أيضا وجيوز أن يرد،ن ماله ودمه معصومأبكفره، و

الشرع سببا إلبطالاملسألة بل املطلوب أن هذا اجلهل والكذب هل جعله املطلوب ]ذه علم، وذلك ليس هوفهو كافر بعد أو مسلم؟ أي الشهادة واحلكم بأنه خملد يف النار؟ وهو كنظرنا يف أن الصيب إذا تكلم بكلميت عصمته

يف قلبه وهو حق، هل جعله الشرع سببا لعصمة دمه وجد هذا اللفظ الذي صدر منه وهو صدق، واالعتقاد الذي فإذا معرفة.صف قوله بأنه كذب أو اعتقاده بأنه جهل، فليس إىل الشرعفأما و .وماله أم ال؟ وهذا إىل الشرع

وجيوز الفتوى يف ذلك .شرعيا وأما معرفة كونه كافر أو مسلما فليس إال،واجلهل جيوز أن يكون عقليا الكذبكل حكم شرعي قررنا يف أصول الفقه وفروعه أن فإذا تقرر هذا األصل فقد بالقطع مرة وبالظن واالجتهاد أخرى،

الشخص الشرع من إمجاع أو نقل أو بقياس على أصل، وكذلك كون فإما أن يعرفه بأصل من أصول يدعيه مدع كل من كذب حممدا صلى هللا عليه واألصل املقطوع به أن.أو بقياس على ذلك األصل درك بأصلكافرا إما أن ي

إال أن التكذيب . مجلة األحكام الدم واملال يف احلياة، إىلوسلم فهو كافر أي خملد يف النار بعد املوت، ومستباح .على مراتب

وغريهم، فتكفريهم منصوص من ا¾وس وعبدة األوثان تكذيب اليهود والنصارى وأهل امللل كلهم:الرتبة األوىل . كامللحق به األمة، وهو األصل وما عداه عليه يف الكتاب وجممع عليه بني

بطريق وهذا ملحق باملنصوص. املنكرين لصانع العامل املنكرين ألصل النبوات، والدهرية يب الربامهة تكذ:الرتبة الثانيةوالدهرية بالتكفري أوىل من النصارى واليهود، غريه من األنبياء، أعين الربامهة، فكانوا األوىل، ألن هؤالء كذبوه وكذبوا ومن ضرورة إنكار النبوة، ويلتحق ]ذه ألنبياء إنكار املرسلأضافوا إىل تكذيب ا أوىل بالتكفري من الربامهة أل�م

. إال بعد بطالن قوله أصلها أو نبوة نبينا حممد على اخلصوص الرتبة كل من قال قوال ال تثبت النبوة يف ن ولك،النيب، ولكن يعتقدون أمورا ختالف نصوص الشرع يصدقون بالصانع والنبوة ويصدقون الذين:الرتبة الثالثة

عن باحلق لكالل أفهام اخللق قصد مبا ذكره إال صالح اخللق ولكن مل يقدر على التصريح يقولون أن النيب حمق وما والتعذيب ،حلشر األجساد إنكارهم: ثالثة مسائل وهي وجيب القطع بتكفريهم يف. دركه، وهؤالء هم الفالسفة

وتفصيل قوهلم إن هللا ال يعلم اجلزئيات: واألخرى. روب وامللبوسواملش العني واملأكول بالنار، والتنعيم يف اجلنة باحلورإن العامل قدمي وإن هللا تعاىل قوهلم: والثالثة .وإمنا يعلم الكليات، وإمنا اجلزئيات تعلمها املالئكة السماوية احلوادث

وهؤالء إذا أوردوا عليهم. تساوينياملعلول، وإال فلم تر يف الوجود إال م العلة على متقدم على العامل بالرتبة مثل تقدماحلسية وهذا كفر صريح، ل هلم ذلك باللذاتث القرآن زعموا أن اللذات العقلية تقصر األفهام عن دركها، فم آيات

القرآن واستبعاد للرشد من قول الرسل، فإنه إذا جاز والقول به إبطال لفائدة الشرائع وسد لباب االهتداء بنور

الغزايل

107

قالوا تصور أن يكون كذبا، وإمناالثقة بأقواهلم فما من قول يصدر عنهم إال وي بطلت ل املصاحلعليهم الكذب ألجمن كذب رسول هللا فهو من الشرع أن رف قطعا فلم قلتم مع ذلك بأ�م كفرة؟ قلنا ألنه ع : فإن قيل. ملصلحة ذلك

. الكالم عن كونه كذبا خيرج فاسدة وذلك ال كافر وهؤالء مكذبون مث معاملون للكذب مبعاذير الفالسفة، وهم الذين يصدقون وال جيوزون الكذب ملصلحة وغري والفرق كلها سوى هة املعتزلة واملشب :الرتبة الرابعة

التأويل، فهؤالء أمرهم يف حمل ولكنهم خمطئون يف،بالتعليل ملصلحة الكذب بل بالتأويل مصلحة، وال يشتغلوناستباحة الدماء واألموال فإن. جد إليه سبيال إليه االحرتاز من التكفري ما و مييل احملصلوالذي ينبغي أن . االجتهاد

ترك ألف كافر يف احلياة أهون واخلطأ يفحممد رسول هللا خطأ، املصلني إىل القبلة املصرحني بقول ال إله إال هللا منال إله أمرت أن أقاتل الناس حىت يقولوا": وقد قال صلى هللا عليه وسلم. حمجمة من دم مسلم من اخلطأ يف سفك

وهذه الفرق منقسمون إىل مسرفني. "إال حبقها قالوها فقد عصموا مين دماءهم وأمواهلم إال هللا حممد رسول هللا، فإذااملسائل وعلى بعض الفرق مث ا¾تهد يرى تكفريهم وقد يكون ظنه يف بعض وغالة، وإىل مقتصدين باإلضافة إليهم،

هذا إمنا حيركهم التعصب واألحقاد، فإن أكثر اخلائضني يف وتفصيل آحاد تلك املسائل يطول مث يثري الفنت .أظهرللتكفري، فال ومل يثبت لنا أن اخلطأ يف التأويل موجب للرسول، وهؤالء ليسوا مكذبني أصال واتباع تكفري املكذبوهذا القدر . دفع ذلك إال بقاطعقطعا، فال ي ه إال هللالعصمة مستفادة من قول ال إل وثبت أنبد من دليل عليه،

الربهان إما أصل أو قياس على أصل، فإن،يف التكفري ليس عن برهان كاف يف التنبيه على أن إسراف من بالغ يف معىن الكذب أصال فيبقى حتت عموم العصمة بكلمة الصريح ومن ليس مبكذب فليس واألصل هو التكذيب

. الشهادةاملعلومة بالتواتر من رسول هللا ر أصال من أصول الشرعياتنك ترك التكذيب الصريح ولكن ي من:رتبة اخلامسةال

لست أعلم : عليه القرآن واألخبار قال غري واجبة، فإذا قرئ الصلوات اخلمس: صلى هللا عليه وسلم، كقول القائل نا معرتف بوجوب احلج ولكن ال أدري أين مكة وأينأ: وكمن يقول .فلعله غلط وحتريف صدر هذا من رسول هللا،

ووصفها النيب عليه السالم أن البلد الذي تستقبله الناس وحيجونه هل هي البلد اليت حجها الكعبة، وال أدريالتصريح، وإال فاملتواترات تشرتك يف دركها حمرتز عن م بكفره ألنه مكذب ولكنهك فهذا أيضا ينبغي أن حي . القرآن

لوا البصائر من النظار إال أ فإن ذلك خيتص لدركه ،يقوله كبطالن مذهب املعتزلة وليس بطالن ما،وام واخلواصالعيتواتر عنده، ولسنا هذا الشخص قريب العهد باالسالم ومل يتواتر عنده بعد هذه األمور فيمهله إىل أن يكون أن

غزوات النيب صلى هللا عليه وسلم املتواترة أو أنكر من غزوةنكفره ألنه أنكر أمرا معلوما بالتواتر، وإنه لو أنكر مل يلزم تكفريه ألنه ليس تكذيبا يف أصل من أصول،وجود أيب بكر وخالفته أنكر نكاحه حفصة بنت عمر، أو

ة يف فإن لنا نظر مجاع،مبخالفة اإل خبالف احلج والصالة وأركان اإلسالم، ولسنا نكفره،الدين مما جيب التصديق بهمجاع عبارة عن التطابق مجاع حجة قاطعة وإمنا اإلاإل كثرية يف كون ر ألصل االمجاع، ألن الشبهتكفري النظام املنك

تطابق على األخبار غري حمسوس، وتطابق العدد الكبري على األخبار غري رأي نظري وهذا الذي حنن فيه على

الغزايل

108

العلم والعقد على رأي واحد نظري ال يوجب ابق أهل احلقالتواتر املوجب للعلم الضروري، وتط حمسوس على سبيلالنظار الذين حكموا به، بل ستدل على حدوث العامل بتواتر األخبار مني ولذلك ال جيوز أن.إال من جهة الشرع

. إال يف احملسوسات ال تواتر ولكن، بالتواتر من أصول الدين أن ال يصرح بالتكذيب وال يكذب أيضا أمرا معلوما على القطع:الرتبة السادسة

مجاع حجة قاطعة يف كون اإل مثال، إذ أنكر٦٤فأما التواتر فال يشهد له كالنظام مجاع،م صحته إال اإلل ر ما ع نك م دليل عقلي قطعي وال شرعي متواتر ال حيتمل مجاعليس يدل على استحالة اخلطأ على أهل اإل: وقال،أصله

فإنا نعلم ،بزعمه، وهو يف قوله خارق إلمجاع التابعني واآليات له تأويل من األخبارالتأويل، فكلما تستشهد به وهذا يف فقد أنكر اإلمجاع وخرق اإلمجاع،عليه الصحابة حق مقطوع به ال ميكن خالفه أن ما أمجع إمجاعهم على

،يكون ذلك املمهد للعذر فيكاد مجاع حجةحمل االجتهاد، ويل فيه نظر، إذ االشكاالت كثرية يف وجه كون اإلبعث رسول بعد نبينا حممد صلى هللا جيوز أن ي : وهو أن قائال لو قال،تح هذا الباب اجنر إىل أمور شنيعةولكن لو ف

العقل فإن،مجاع ال حمالة ومستند استحالة ذلك عند البحث تستمد من اإل،التوقف يف تكفريه عليه وسلم، فيبعديعجز هذا القائل عن تأويله فال ،خامت النبيني: ومن قوله تعاىل،ال نيب بعدي: ن قوله وما نقل فيه م،ال حييله

وقوله ال نيب بعدي ،قالوا النبيني عام، فال يبعد ختصيص العام الرسل، فإن خامت النبيني أراد به أويل العزم من: فيقولفهذا وأمثاله .أنواع اهلذيان لرسول إىل غري ذلك من والنيب أعلى رتبة من ا،وفرق بني النيب والرسول به الرسول، مل يرد

التشبيه قضينا باحتماالت أبعد من هذه ومل يف تأويل ظواهر فإنا،ال ميكن أن ندعي استحالته من حيث جمرد اللفظهذا القائل أن األمة فهمت باإلمجاع من هذا اللفظ ومن قرائن أحواله للنصوص، ولكن الرد على يكن ذلك مبطال

إال منكر فمنكر هذا ال يكون.تأويل وال ختصيص ه أفهم عدم نيب بعده أبدا وعدم رسول هللا أبدا وأنه ليس فيهأننظر، وا¾تهد يف مجيع ذلك حيكم متقاربة مشتبكة يفتقر كل واحد منها إىل اإلمجاع، وعند هذا يتفرع مسائل

وقد نرجع إىل هذه املراتب .يت عليها التكفريأصول اليت يمعاقد األ والغرض اآلن حترير.ظنه يقينا وإثباتا مبوجبالسجود : فإن قيل. الرتب، فاملقصود التأصيل دون التفصيل فرع إال ويندرج حتت رتبة من هذه وال يعرتض،الستة

ال، فإن الكفر يف :ال يدخل حتت هذه الروابط، فهل هو أصل آخر؟ قلنا يدي الصنم كفر، وهو فعل جمرد بنيالصنم عرف اعتقاده تعظيم ولكن ي ،وسلم والقرآن الصنم، وذلك تكذيب لرسول هللا صلى هللا عليه اده تعظيماعتق

داللة قاطعة كالسجود حيث ال حيتمل أن تارة بتصريح لفظه، وتارة باإلشارة إن كان أخرسا، وتارة بفعل يدل عليهوهذا . عرف بالقرائنوذلك ي عنه أو غري معتقد تعظيمه،وهو غافل السجود � وإمنا الصنم بني يديه كاحلائط يكون

ستدل على اعتقاد التصديق ؟ فليس هذا إذنأي هل ي كم باسالمه،صلى جبماعتنا هل حي كنظرنا أن الكافر إذا أوردناه من حيث أن الفقهاء مل وإمنا،ولنقتصر على هذا القدر يف تعريف مدارك التكفري .نظرا خارجا عما ذكرناه

املعجم العريب ( متكلم معتزيل نشأ بالبصرة وتويف ببغداد، رأس فرقة النظامية، أخذ عنه اجلاحظ ،) م٨٤٥/ ه٢٣١: ت(ابراهيم بن سيار 64

)األساسي

الغزايل

109

ومل ينبه بعضهم ]ا لقرب املسألة من إذ مل يكن ذلك من فنهم، يتعرضوا له واملتكلمون مل ينظروا فيه نظرا فقهيا، للتكفري من حيث أ�ا أكاذيب وجهاالت نظر عقلي، ولكن النظر من يف األسباب املوجبة الفقهيات، ألن النظر

. لود يف النار نظر فقهي وهو املطلوباجلهاالت مقتضية بطالن العصمة وإمنا اخل حيث أن تلكاملستغىن عنه، اخلارج من والفضول ولنختم الكتاب ]ذا، فقد أظهرنا االقتصاد يف االعتقاد وحذفنا احلشو

على اجللي الواضح الذي ال تقصر أكثر األفهام عن دركه، أوردناه أمهات العقائد، وقواعدها، واقتصرنا من أدلة ما� رب العاملني دت إلينا أعمالنا، واحلمدجيعله وباال علينا، وأن يضعه يف ميزان الصاحلات إذا ر الأ فنسأل هللا تعاىل

.آمني وصلى هللا على حممد خامت النبيني وعلى آله وسلم تسليما كثريا

الغزايل

110

فيصل التفرقة بني اإلسالم والزندقة

تغناما لتوفيقه، ومعونته، وطاعته، واستعصاما من خذالنه، أمحد هللا تعاىل استسالما لعزته، واستتماما لنعمته، واس انقيادا لنبوته، واستجالبا ،وأصلي على حممد عبده ورسوله، وخري خليقته .ومعصيته، واستدرارا لسوابغ نعمته

.وعلى آله، وأصحابه، وعرتته.لشفاعته، وقضاء حلق رسالته، واعتصاما بيمن سريرته، ونقيبته

الشرع والبحث عن احلق : الفصل األولفإين رأيتك أيها األخ املشفق، والصديق املتعصب، موغر الصدر، منقسم الفكر ملا قرع مسعك من طعن ... أما بعد

طائفة من احلسدة، على بعض كتبنا املصنفة يف أسرار معامالت الدين وزعمهم أن فيها ما خيالف مذهب ومباينته ولو يف ، وأن العدول عن مذهب األشعري، ولو يف قيد شرب كفر ،األصحاب املتقدمني، واملشايخ املتكلمني

.شيء نزر ضالل وخسرفهون أيها األخ املشفق املتعصب على نفسك، وال تضق به صدرك، وفل من غربك قليال، واصرب على ما

فأي .و الضالل ال يعرفيقولون واهجرهم هجرا مجيال، واستحقر من ال حيسد وال يقذف، واستصغر من بالكفر أإنه جمنون من : أكمل وأعقل من سيد املرسلني صلى هللا عليه وسلم؟ وقد قالوا) يقصد داعية إىل احلق(داع

وإياك أن تشتغل !! وأي كالم أجل وأصدق من كالم رب العاملني؟ وقد قالوا إنه أساطري األولني!! ا¾انني :أما مسعت ما قيل .مطمع، وتصوت يف مسمعخبصامهم، وتطمع يف إفحامهم، فتطمع يف غري

كل العداوات قد ترجى سالمتها إال عداوة من عاداك من حسدوإن كان كرب {:أو ما مسعت قوله تعاىل .ولو كان فيه مطمع ألحد من الناس، ملا تلي على أجلهم رتبة آيات اليأس

ا يف السماء، فتأتيهم بآية، ولو شاء هللا جلمعهم عليك إعراضهم، فإن استطعت أن تبتغي نفقا يف األرض، أو سلمإمنا : ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا{:وقوله تعاىل .}على اهلدى فال تكونن من اجلاهلني

ذين ولو نزلنا عليك كتابا يف قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال ال{:وقوله تعاىل.}سكرت أبصارنا بل حنن قوم مسحورونولو أننا نزلنا إليهم املالئكة، وكلمهم املوتى، وحشرنا عليهم كل شيء {:وقوله تعاىل .}كفروا إن هذا إال سحر مبني

.}قبال ما كانوا ليؤمنوا إال أن يشاء هللا ولكن أكثرهم جيهلونة بطلب اجلاه واعلم أن حقيقة الكفر واإلميان وحدمها، واحلق والضالل وسرمها، ال ينجلي للقلوب املدنس

،لت بالرياضة الكاملة ثانيا ق مث ص ،هرت من وسخ أوضار الدنيا أوال بل إمنا ينكشف ذلك لقلوب ط ، واملال وحبهماحىت فاض ،ينت مبالزمة حدود الشرع خامسا مث ز ،رابعا ذيت بالفكر الصائبمث غ ،رت بالذكر الصايف ثالثا نو مث

وصار مصباح اإلميان يف زجاجة قلبه، مشرق األنوار، يكاد ،وصارت كأ�ا مرآة جملوةعليها النور من مشكاة النبوة، .زيته يضيء ومل مل متسسه نار

الغزايل

111

!!! وقبلتهم درامههم ودنانريهم !!! ومعبودهم سالطينهم !!إهلهم هواهم وأىن تتجلى أسرار امللكوت لقوم !!! وذكرهم وساوسهم !!! خدمتهم أغنياءهموعباد`م !!وإراد`م جاههم وشهوا`م !!! وشريعتهم رعونتهم

فهؤالء من أين تتميز هلم ظلمة الكفر من !!! وفكرهم استنباط احليل، ملا تقتضيه حشمتهم !!! وكنزهم سواسهموإمنا بضاعتهم يف العلم، أم بكمال علمي؟ .ضياء اإلميان؟ أبإهلام إهلي؟ ومل يفرغوا القلوب من كدورات الدنيا لقبوهلا

هذا املطلب أنفس وأعز من أن يدرك باملىن، أو ينال !! هيهات!! هيهات . النجاسة، وماء الزعفران وأمثاهلمامسألةفأعرض عمن توىل عن ذكرنا ومل يرد إال احلياة الدنيا، {.فاشتغل أنت بشأنك، وال تضيع فيهم بقية زمانك .باهلوينا

.}و أعلم مبن اهتدىذلك مبلغهم من العلم، إن ربك أعلم مبن ضل عن سبيله وه

التكفري بسبب االختالف املذهيب ناتج عن التقليد وال أساس له: الفصل الثاين من صدرك، وصدر من هو يف حالك، ممن ال حتركه غواية احلسود، وال ٦٥فأما أنت إن أردت أن تنتزع هذه احلسكة

فخاطب نفسك ، كر، وهيجها نظرتقيده عماية التقليد، بل تعطشه إىل االستبصار حلزازة إشكال أثارها ف فإن زعم أن حد الكفر ما خيالف مذهب األشعري، أو مذهب املعتزيل، ،)أي تعريفه(وصاحبك، وطالبه حبد الكفرفهو أعمى من العميان، فال تضيع بإصالحه ، قد قيده التقليد، فاعلم أنه غر بليد،أو مذهب احلنبلي أو غريهم

إذ ال جيد بني نفسه وبني سائر املقلدين املخالفني ،مقابلة دعواه بدعوى خصومهوناهيك حجة يف إفحامه، .الزمان، ويزعم أن خمالفته يف كل ورد وصدر، ٦٦له فرقا وفصال ولعل صاحبه مييل، من بني سائر املذاهب، إىل األشعري

باقالين إذ خالفه يف صفة فسأله من أين ثبت له أن يكون احلق وقفا عليه حىت قضى بكفر ال. كفر من الكفر اجلليومل صار الباقالين أوىل بالكفر مبخالفته . البقاء � تعاىل وزعم أنه ليس هو وصفا � تعاىل زائدا على الذات

األشعري من األشعري مبخالفته الباقالين؟ ومل صار احلق وقفا على أحدمها دون الثاين؟ أكان ذلك ألجل السبق يف أم ألجل التفاوت يف الفضل والعلم؟ فبأي ؛ فليكن احلق للسابق عليه،ري غريه من املعتزلة فقد سبق األشع؟الزمان

فإن رخص للباقالين يف ميزان ومكيال قدر درجات الفضل حىت الح له أن ال أفضل يف الوجود من متبوعه ومقلده؟قالنسي وغريهم؟ وما مدرك التخصيص ]ذه خمالفته فلم حجر على غريه ؟ وما الفرق بني الباقالين والكرابيسي وال

الرخصة؟ وإن زعم أن خالف الباقالين يرجع إىل لفظ ال حتقيق وراءه كما تعسùف بتكلفه بعض املتعصبني زاعما أ�ما مجيعا متوافقان على دوام الوجود، واخلالف يف أن ذلك يرجع إىل الذات أو إىل وصف زائد عليه، خالف

)املعجم الوجيز(احلسك نبات له مثرة خشنة تتعلق بأصواف الغنم وأوبار اإلبل 65 بغداد، تتلمذ للجبائي املعتزيل مث ، ولد بالبصرة مث انتقل إىل)م٩٤١ -٨٧٣/ ه٣٣٠ -٢٦٠(أبو احلسن علي بن أيب موسى األشعري 66

، واألشعرية أو هو السائد يف ذلك العصره كان مذهبخرج على مذهب املعتزلة الختالفه معه يف مسألة الصالح والصلح وأسس مذهبا كالميا، و املعجم العريب ( بالعقل حتصل وبالسمع حتب األشاعرة فرقة من املتكلمني ينتسبون إىل األشعري وخيالفون املعتزلة يف آرائهم، ويقولون إن معرفة هللا

)األساسي

الغزايل

112

فيه الصفات وهو معرتف بأن هللا تعاىل عامل حميط نيوجب التشديد، فما باله يشدد القول على املعتزيل يف قريب ال جبميع املعلومات، قادر على مجيع املمكنات، وإمنا خيالف األشعري يف أنه عامل وقادر بالذات أو بصفة زائدة؟ فما

فإن سبحانه وتعاىل يف النظر يف نفيهما وإثبا`ما؟الفرق بني اخلالفني؟ وأي مطلب أجل وأخطر من صفات احلققال إمنا أكفر املعتزيل ألنه يزعم أن الذات الواحدة تصدر منها فائدة العلم والقدرة واحلياة، وهذه صفات خمتلفة

باله ال يستبعد باحلد واحلقيقة، واحلقائق املختلفة تستحيل أن توصف باالحتاد أو تقوم مقامها الذات الواحدة، فمامن األشعري قوله إن الكالم صفة زائدة قائمة بذات هللا تعاىل ومع كونه واحدا هو توراة وإجنيل وزبور وقرآن، وهو

وكيف ال وحد اخلرب ما يتطرق إليه التصديق والتكذيب وال يتطرق . وهذه حقائق خمتلفة،أمر و�ي وخرب واستخبار والتكذيب وال يتطرق، فيجتمع النفي ،كيف تكون حقيقة واحدة يتطرق إليها التصديقف. إىل األمر والنهيكذل

واإلثبات على شيء واحد؟ . فاعلم أنه ليس من أهل النظر وإمنا هو مقلد،فإذا ختبط يف جواب هذا أو عجز عن كشف الغطاء فيه

ولو كان أهال له كان مستتبعا ال . جوشرط املقلد أن يسكت ويسكت عنه، ألنه قاصر عن سلوك طريق احلجا حاجة فذلك منه فضول واملشتغل به صار كضارب يف حديد بارد . تابعا، وإماما ال مأموما

فإن خاض املقلد يف امل

صلح العطار ما أفسد الدهر ؟ وهل ي ،وطالب لصالح الفاسد من النظار بعينه، فهو إىل الكفر والتناقض ولعلك إن أنصفت علمت أن من جعل احلق وقفا على واحد

وال يلزم الكفر إال ،ال يثبت اإلميان إال مبوافقته أما الكفر فألنه نزله منزلة النيب املعصوم من الزلل الذي .أقربوأما التناقض فهو أن كل واحد من النظار يوجب النظر، وأنك ال ترى يف نظرك إال ما رأيت، وكل ما .مبخالفته

وأي فرق بني من يقول قلدين يف مذهيب، وبني من يقول قلدين يف مذهيب ودليلي مجيعا، وهل هذا إال .ه حجةرأيت التناقض؟

التكفري يقع على من يكذب الرسول صلى هللا عليه وسلم: الفصل الثالث

ذلك طويل، فاعلم أن شرح .لعلك تشتهي أن تعرف حد الكفر، بعد أن تتناقض عليك حدود أصناف املقلدينومدركه غامض، ولكين أعطيك عالمة صحيحة فتطردها وتعكسها، لتتخذ مطمح نظرك، وترعوي بسببها عن

ال إله إال هللا، حممد : تكفري الفرق، وتطويل اللسان يف أهل اإلسالم، وإن اختلفت طرقهم ماداموا متمسكني بقول .رسول هللا، صادقني ]ا، غري مناقضني هلا

تصديقه يف : واإلميان . هو تكذيب الرسول، عليه الصالة والسالم، يف شيء مما جاء به:الكفر :فأقولكافر بالطريق : والربمهي .فاليهودي والنصراين كافران لتكذيبهما للرسول عليه الصالة والسالم .مجيع ما جاء به

.أنكر مع رسولنا املرسل سائر الرسلوالدهري كافر بالطريق األوىل ألنه .األوىل ألنه أنكر مع رسولنا سائر املرسلنيومدركه شرعي، .إذ معناه إباحة الدم واحلكم باخللود يف الناروهذا ألن الكفر حكم شرعي كالرق واحلرية مثال،

الغزايل

113

وقد وردت النصوص يف اليهود والنصارى، والتحق ]م بالطريق األوىل .وإما بقياس على منصوص ،إما بنص دركفي وكل مكذب للرسل ،فكل كافر مكذب للرسل .وكلهم مشركون مكذبون للرسل ،الزنادقة والدهريةالربامهة والثنوية و

.فهذه هي العالمة املطردة املنعكسة.فهو كافر

للوجود مخسة مراتب : الفصل الرابع كذيب اعلم أن الذي ذكرناه مع ظهوره، حتته غور، بل حتته كل الغور، ألن كل فرقة تكفر خمالفها، وتنسبه إىل ت

فاحلنبلي يكفر األشعري، زاعما أنه كذب الرسول يف إثبات الفوق � تعاىل ويف .الرسول عليه الصالة والسالمواألشعري .}ليس كمثله شيء{ب الرسول يف أنه واألشعري يكفره زاعما أنه مشبه وكذ .االستواء على العرش

واملعتزيل يكفر .ويف إثبات العلم والقدرة والصفات له، تعاىليكفر املعتزيل زاعما أنه كذب الرسول يف جواز رؤية هللاوال ينجيك من هذه الورطة إال .األشعري، زاعما أن إثبات الصفات تكثري للقدماء، وتكذيب للرسول يف التوحيد

فينكشف لك غلو هذه الفرق، وإسرافها يف تكفري بعضها .حد التكذيب والتصديق، وحقيقتهما فيه أن تعرف .عضا ب

االعرتاف بوجود ما أخرب الرسول صلى هللا وحقيقته .خرب ـ التصديق إمنا يتطرق إىل اخلرب، بل إىل امل: فأقولفإن .إال أن للوجود مخس مراتب، وألجل الغفلة عنها نسبت كل فرقة خمالفها إىل التكذيب .عليه وسلم عن وجوده

عرتف بوجود ما أخرب الرسول عليه الصالة والسالم عن فمن ا .ذايت، وحسي، وخيايل، وعقلي، وشبهي: الوجود .وجوده، بوجه من هذه الوجوه اخلمسة فليس مبكذب على اإلطالق

.فلنشرح هذه األصناف اخلمسة، ولنذكر مثاهلا يف التأويالتفهو الوجود احلقيقي الثابت خارج احلس والعقل، ولكن يأخذ احلس والعقل عنه : الوجود الذايتأما

والنبات، وهو ظاهر بل هو املعروف الذي ال وهذا كوجود السموات واألرض واحليوان ،ه إدراكا فيسمى أخذ صورة، .يعرف األكثرون للوجود معىن سواه

من العني، مما ال وجود ، واملراد إحدى احلواس،فهو ما يتمثل يف القوة الباصرة مثال : الوجود احلسيوأما الذي يشاهده النائم، ) كاحللم(يف احلس وخيتص به احلاس، وال يشاركه غريه، وذلك له خارج العني، فيكون موجودا

كما اكما يشاهده املريض املتيقظ، إذ قد تتمثل له صورة، وال وجود هلا خارج حسه، حىت يشاهده) اخليال(بل ة صورة مجيلة حماكية بل قد تتمثل لألنبياء واألولياء يف اليقظة والصح .شاهد سائر املوجودات اخلارجة عن حسه

جلواهر املالئكة، ينتهي إليهم الوحي واإلهلام بواسطتها، فيتلقون من أمر الغيب يف اليقظة ما يتلقاه غريهم يف النوم، وكما أنه عليه الصالة والسالم رأى جربيل .}فتمثل هلا بشرا سويا {:وذلك لشدة صفاء باطنهم، كما قال تعاىل

وكما يرى رسول هللا صلى . ما رآه يف صورته إال مرتني، وكان يراه يف صور خمتلفة يتمثل ]اعليه السالم كثريا، ولكن

الغزايل

114

وال تكون رؤيته ."من رآين يف النوم، فقد رآين حقا، فإن الشيطان ال يتمثل يب": هللا عليه وسلم يف املنام، وقد قال .ى سبيل وجوده يف حس النائم فقطمبعىن انتقال شخصه من روضة املدينة إىل موضع النائم، بل هي عل

فهو صورة هذه احملسوسات إذا غابت عن حسك، فإنك تقدر على أن خترتع يف : الوجود اخليايلوأما وإن كنت مغمضا عينيك، حىت كأنك تشاهده، وهو موجود بكمال صورته يف ) فرس(و) فيل(خيالك صورة

.دماغك ال يف اخلارجفيتلقى العقل جمرد معناه، دون أن يثبت ، ن للشيء روح وحقيقة ومعىنفهو أن يكو : الوجود العقليوأما

وهلا معىن هو حقيقتها، وهي القدرة ، صورته يف خيال أو حس أو خارج، كاليد مثال فإن هلا صورة حمسوسة ومتخيلةا ما يتلقاه ذ وهنقش به العلوم،وللقلم صورة، ولكن حقيقته ما ت .والقدرة على البطش هي اليد العقلية، على البطش

.وغري ذلك من الصور اخليالية واحلسية) خشب(و) قصب(العقل من غري أن يكون مقرونا بصورة ال يف اخلارج، وال ،فهو أن ال يكون نفس الشيء موجودا، ال بصورته وال حبقيقته: الوجود الشبهيوأما

آخر يشبهه يف خاصة من خواصه، وصفة من ولكن يكون املوجود شيئا .يف احلس، وال يف اخليال، وال يف العقل .وستفهم هذا إذا ذكرت له مثاله يف التأويالت.صفاته

.فهذه مراتب وجود األشياء

ب اخلمسة وأمثلتها يف التأويلتاملرا: فصل : امسع اآلن أمثلة هذه الدرجات يف التأويالت

تؤول، وهو الوجود املطلق اهر، وال ي فال حيتاج إىل مثال، وهو الذي جيري على الظ: الذايتأما الوجود فإنه جيري على .وذلك كإخبار الرسول صلى هللا عليه وسلم عن العرش، والكرسي، والسموات السبع .احلقيقي

.دركدركت باحلس واخليال أم مل ت ظاهره، وال يتؤول، إذ هذه أجسام موجودة يف نفسها، أ قول الرسول صلى هللا : أحدمها،ة، وأكتفي منها مبثالنيفأمثلته يف التأويالت كثري : الوجود احلسيوأما

فإن من قام عنده الربهان على ."يؤتى باملوت يوم القيامة يف صورة كبش أملح فيذبح بني اجلنة والنار": عليه وسلمنزل اخلرب على أن أهل القيامة وأن قلب العرض جسما مستحيل غري مقدور، ي ، أن املوت عرض، أو عدم عرض

يشاهدون ذلك ويعتقدون أنه املوت، ويكون ذلك موجودا يف حسهم، ال يف اخلارج، ويكون سببا حلصول اليقني ومن مل يقم عنده هذا الربهان، فعساه يعتقد أن نفس املوت .باليأس من املوت بعد ذلك، إذ املذبوح ميئوس منه

.ذبحينقلب كبشا يف ذاته وي فمن قام ."عرضت علي اجلنة يف عرض هذا احلائط". صلى هللا عليه وسلمقول رسول هللا: املثال الثاين

عنده الربهان على أن األجسام ال تتداخل، وأن الصغري ال يسع الكبري، محل ذلك على أن نفس اجلنة مل تنتقل إىل ا يف احلائط، حىت كأنه يشاهدها كبري يف جرم د مثال شيء شاه تنع أن ي وال مي .احلائط، لكن متثل للحس صور

الغزايل

115

إذ تدرك التفرقة بني .صغري، كما تشاهد السماء يف مرآة صغرية، ويكون ذلك إبصارا مفارقا ¾رد ختيل صورة اجلنة .وبني أن تغمض عينيك فتدرك صورة السماء يف املرآة على سبيل التخيل، أن ترى صورة السماء يف املرآة

كأين أنظر إىل يونس بن مىت عليه عباءتان " :ليه وسلمفمثاله قوله صلى هللا ع: الوجود اخليايلوأما والظاهر أن هذا إنباء عن متثيل الصورة يف ."لبيك يا يونس: قطوانيتان، يليب وجتيبه اجلبال، وهللا تعاىل يقول له

خياله، إذ كان وجود هذه احلالة سابقا على وجود رسول هللا صلى هللا عليه وسلم، وقد انعدم ذلك، فلم يكن ولكن .متثل هذا يف حسه حىت صار يشاهده كما يشاهد النائم الصور: وال يبعد أن يقال أيضا .موجودا يف احلال

.والغرض التفهيم باملثال، ال عني هذه الصورة .شعر بأنه مل يكن حقيقة النظر، بل كالنظر ي "كأين أنظر": قولهوكل ما .تمثل يف حمل اإلبصار، فيكون ذلك مشاهدةن ي تصور أتمثل يف حمل اخليال، في فكل ما ي ،وعلى اجلملة

.تصور فيه التخيلتميز بالربهان استحالة املشاهدة فيما ي ي من خيرج من ": أحدمها قوله صلى هللا عليه وسلم،قنع منها مبثالنيافأمثلته كثرية، ف: الوجود العقليوأما

. بالطول والعرض واملساحة،هر هذا يشري إىل أنه عشرة أمثاهلافإن ظا ."النار يعطى من اجلنة عشرة أمثال هذه الدنيافكيف .إن اجلنة يف السماء، كما دلت عليه ظواهر األخبار: مث قد يتعجب فيقول .وهو التفاوت احلسي واخليايل

د به تفاوت املرا: وقد يقطع املتأول هذا التعجب، فيقول .تتسع السماء لعشرة أمثال الدنيا، والسماء أيضا من الدنياأي يف روح املالية ومعناها ، هذه اجلوهرة، أضعاف الفرس: كما يقال مثال .معنوي عقلي، ال حسي وال خيايل

.املدرك عقال، دون مساحتها املدركة باحلس والتخيلاىل فقد أثبت � تع ."إن هللا مخر طينة آدم بيده أربعني صباحا ": قوله صلى هللا عليه وسلم: املثال الثاين

ثبت � سبحانه يدا فإنه ي ،� تعاىل، هي جارحة حمسوسة أو متخيلة) يد(ومن قام عنده الربهان على استحالة .يدا اأعين أنه ي .روحانية عقلية فعل، بطش وي إن روح اليد ومعناها، ما به ي .ثبت معىن اليد وحقيقتها وروحها دون صور

، أول ما خلق هللا العقل": نع بواسطة مالئكته، كما قال عليه الصالة والسالمنع، وهللا تعاىل يعطي وميعطى ومي وي وال ميكن أن يكون املراد بذلك العقل عرضا، كما يعتقده املتكلمون، إذ ال ميكن أن ."بك أعطي وبك أمنع: فقال

قل األشياء جبوهره يكون العرض أول خملوق، بل يكون عبارة عن ذات ملك من املالئكة يسمى عقال، من حيث يعنقش به حقائق العلوم يف ألواح قلوب األنبياء واألولياء ورمبا يسمى قلما، باعتبار أنه ت .من غري حاجة إىل تعلم

، فإن مل يرجع ذلك إىل "أن أول ما خلق هللا تعاىل القلم": وسائر املالئكة، وحيا وإهلاما، فإنه ورد يف حديث آخر ،باعتبار ذلك) عقال (فيسمى : وجيوز أن يكون لشيء واحد أمساء كثرية، باعتبارات خمتلفة .العقل، تناقض احلديثان

باعتبار إضافته إىل ما يصدر منه من ) قلما (و ،باعتبار نسبته إىل هللا تعاىل يف كونه واسطة بينه وبني اخللق) ملكا(وذا (و ،باعتبار ما أودع من األسرار) أمينا (و ،باعتبار ذاته) روحا (كما يسمى جربيل .نقش العلوم باإلهلام والوحي

) مطاعا (و ،باعتبار قرب منزلته) مكينا عند ذي العرش(و ،باعتبار كمال قوته) شديد القوى(و ،باعتبار قدرته) رةم

الغزايل

116

وكذلك .وهذا القائل يكون قد أثبت قلما ويدا عقليا، ال حسيا وخياليا .باعتبار كونه متبوعا يف حق بعض املالئكة .إما القدرة، أو غريها كما اختلف فيه املتكلمون: من ذهب إىل أن اليد عبارة عن صفة � تعاىل

.فمثاله الغضب، والشوق، والفرح، والصرب، وغري ذلك، مما ورد يف حق هللا تعاىل: الوجود الشبهيوأما فمن قام عنده الربهان . عن نقصان وأملوهذا ال ينفك .فإن الغضب مثال حقيقته أنه غليان القلب إلرادة التشفي

نزله على ثبوت صفة أخرى يصدر ، ذاتيا وحسيا وخياليا وعقليا على استحالة ثبوت نفس الغضب � تعاىل، ثبوتا واإلرادة ال تناسب الغضب يف حقيقة ذاته، ولكن يف صفة من .منها ما يصدر من الغضب، كإرادة العقاب

.فهذه درجات التأويل. ن اآلثار يصدر عنها، وهو اإليالمالصفات تقار�ا، وأثر م

ضرورة التأويل مفروضة على مجيع الفرق: الفصل السادس وإمنا التكذيب .اعلم أن كل من نزل قوال من أقوال صاحب الشرع على درجة من هذه الدرجات فهو من املصدقني

ه، وإمنا هو مكذب حمض، وغرضه فيما قاله التلبيس أو أن ينفي مجيع هذه املعاين، ويزعم أن ما قاله ال معىن لر املؤولني ماداموا يالزمون قانون التأويل كما سنشري فوال يلزم ك .وذلك هو الكفر احملض والزندقة ،مصلحة الدنيا

محد فأبعد الناس عن التأويل أ .وكيف يلزم الكفر بالتأويل وما من فريق من أهل اإلسالم إال وهو مضطر إليه .إليهوأبعد التأويالت عن احلقيقة وأغر]ا أن جتعل الكالم جمازا أو استعارة، وهو الوجود العقلي، ،بن حنبل رمحة هللا عليه

واحلنبلي مضطر إليه وقائل به، فقد مسعت الثقات من أئمة احلنابلة ببغداد يقولون إن أمحد بن ،والوجود الشبهياحلجر األسود ميني هللا ": قول صلى هللا عليه وسلم: أحدها . أحاديث فقطحنبل رمحه هللا تعاىل صرح بتأويل ثالثة

قوله صلى : والثالث ،"قلب املؤمن بني إصبعني من أصابع الرمحن": قوله صلى هللا عليه وسلم: والثاين ،"يف األرضم الربهان عنده على فانظر اآلن كيف أول هذا؟ حيث قا ."س الرمحن من قبل اليمنف إين ألجد نـ ": هللا عليه وسلم، واحلجر األسود يقبل أيضا تقربا إىل هللا تعاىل، ل يف العادة تقربا إىل صاحبهاقب اليمني ت : فيقول، استحالة ظاهره

وهذا هو الوجود .فهو مثل اليمني ال يف ذاته وال يف صفات ذاته، ولكن يف عارض من عوارضه، فسمي لذلك ميينا وكذلك ملا .فانظر كيف اضطر إليه أبعد الناس عن التأويل .جوه التأويلو بهي، وهو أبعد الذي مسيناه الوجود الش

استحال عنده وجود اإلصبعني � تعاىل حسا، إذ من فتش عن صدره مل يشاهد فيه إصبعني، فتأوله على روح وقلب اإلنسان بني ملة ،شياءأعين أن روح اإلصبع ما به يتيسر تقليب األ .اإلصبعني، وهي اإلصبع العقلية الروحانية

وإمنا اقتصر أمحد بن حنبل رضي هللا .امللك وملة الشيطان، و]ما يقلب هللا تعاىل القلوب، فكىن باإلصبعني عنهماعنه على تأويل هذه األحاديث الثالثة، ألنه مل تظهر عنده االستحالة إال يف هذا القدر، ألنه مل يكن ممعنا يف النظر

واألشعري واملعتزيل لزيادة حبثهما .أمعن لظهر له ذلك يف االختصاص جبهة فوق وغريه مما مل يتأولهالعقلي، ولو وأقرب الناس إىل احلنابلة يف أمور اآلخرة األشعرية وفقهم هللا، فإ�م قرروا فيها أكثر .جتاوزا إىل تأويل ظواهر كثرية

يضطرون أيضا إىل تأويل ،ـ أعين األشعرية،تأويالت، وهم مع هذاواملعتزلة أشد منهم توغال يف ال .الظواهر إال يسريا

الغزايل

117

وكما ورد يف وزن األعمال بامليزان، فإن ،"إنه يؤتى باملوت يف صورة كبش أملح": أمور، كما ذكرناه من قولها رد إىل وهذ .توزن صحائف األعمال وخيلق هللا فيها أوزانا بقدر درجات األعمال: األشعري أول وزن األعمال فقال

فليس . فإن الصحائف أجسام كتبت فيها رقوم تدل باالصطالح على أعمال هي أعراض،الوجود الشبهي البعيدواملعتزيل تأول نفس امليزان وجعله كناية عن سبب .املوزون إذن العمل، بل حمل نقش يدل باالصطالح على العمل

وليس الغرض تصحيح .التأويل بوزن الصحائفبه ينكشف لكل واحد مقدار عمله، وهو أبعد عن التعسف يف فهو مضطر إىل التأويل، إال أن جياوز احلد يف ،أحد التأويلني، بل أن تعلم أن كل فريق، وإن بالغ يف مالزمة الظواهر

واملوت وإن كان عرضا يستحيل فينتقل كبشا بطريق ،احلجر األسود ميني حتقيقا : الغباوة والتجاهل، فيقولومن .واألعمال، وإن كانت أعراضا، وقد عدمت، فينتقل إىل امليزان، ويكون فيها أعراض هي الثقل ،االنقالب

.ينتهي إىل هذا احلد من اجلهل، فقد اخنلع من ربقة العقل

شرط التأويل، الربهان القاطع: الفصل السابع

يف التأويل، وأن شيئا من ذلك ليس فامسع اآلن قانون التأويل، فقد علمت اتفاق الفرق على هذه الدرجات اخلمس والظاهر .واتفقوا أيضا على أن جواز ذلك موقوف على قيام الربهان على استحالة الظاهر .من حيز التكذيب

ثبت تضمن ما بعده، إذااألول هو الوجود الذايت، فإنه إذا ثبت تضمن اجلميع، فإن تعذر فالوجود احلسي، فإنهوال رخصة للعدول عن درجة إىل ما دو�ا .أو العقلي، وإن تعذر فالوجود الشبهي ا¾ازيفإن تعذر فالوجود اخليايل ال برهان على استحالة : إذ يقول احلنبلي .جع االختالف على التحقيق إىل الرباهنيإال بضرورة الربهان، فري

واحد ال يرضى مبا ذكره وكأن كل .ال برهان على استحالة الرؤية: ويقول األشعري . جبهة فوقالبارئاختصاص .اخلصم، وال يراه دليال قاطعا

نعم جيوز أن يسميه ضاال أو .ر كل فريق خصمه، بأن يراه غالطا يف الربهانف ك وكيفما كان فال ينبغي أن ي لسلف عهد من انه ابتدع قوال مل ي أوأما مبتدعا فمن حيث ،نه ضل عن الطريق عندهأ أما ضاال فمن حيث ،مبتدعا

وتصرحيه بتأويل ،رى بدعةفقول القائل ال ي ، رىالصاحل التصريح به، إذ املشهور فيما بني السلف أن هللا تعاىل ي ظهره وال يذكره، ألن السلف بل إن ظهر عنده أن تلك الرؤية معناها مشاهدة القلب، فينبغي أن ال ي .الرؤية بدعةت الفوق � تعاىل مشهور عند السلف، ومل يذكر أحد منهم أن خالق إثبا: لكن عند هذا يقول احلنبلي .مل يذكروه

وأن اجلهات الست خالية عنه، وأن نسبة جهة فوق ،العامل ليس متصال بالعامل وال منفصال وال داخال وال خارجا .حداث مقالة غري مأثورة عن السلفإإليه كنسبة جهة حتت، فهذا قول بدع، إذ البدعة عبارة عن

واحلق فيه االتباع والكف عن تغيري ، مقام عوام اخللق: أحدمها،هذا يتضح لك أن هاهنا مقامنيوعن الظاهر رأسا، واحلذر من إبداع التصريح بتأويل مل تصرح به الصحابة، وحسم باب السؤال رأسا، والزجر عن اخلوض

مر رضي هللا عنه أنه سأله سائل عن وي عن عكما ر .يف الكالم والبحث، واتباع ما تشابه من الكتاب والسنة

الغزايل

118

االستواء معلوم، : عن مالك رمحه هللا أنه سئل عن االستواء، فقاليو وكما ر .آيتني متعارضتني، فعاله بالدرة

.واإلميان به واجب، والكيفية جمهولة، والسؤال عنه بدعةي أن يكون حبثهم بقدر الضرورة، املقام الثاين بني النظار الذي اضطربت عقائدهم املأثورة املروية، فينبغ

فإن .ر بعضهم بعضا بأن يراه غالطا فيما يعتقده برهانا كف وتركهم الظاهر بضرورة الربهان القاطع، وال ينبغي أن ي وليكن للربهان بينهم قانون متفق عليه يعرتف كلهم به، فإ�م إذا مل يتفقوا يف ،ذلك ليس أمرا هينا سهل املدرك

تصور وهي اليت ال ي "القسطاس املستقيم" وقد ذكرنا املوازين اخلمسة يف كتاب . ميكنهم رفع اخلالف بالوزنامليزان ملواحملصلون هلا يسهل عليهم عقد ، اخلالف فيها بعد فهمها أصال، بل يعرتف كل من فهمها بأ�ا مدارك اليقني قطعا

إما لقصور ،ال يستحيل منهم االختالف أيضا ولكن .اإلنصاف واالنتصاف، وكشف الغطاء ورفع االختالفوإما يف رجوعهم إىل حمض القرحية والطبع، دون الوزن بامليزان، كالذي يرجع بعد متام ، بعضهم عن إدراك متام شروطه

وإما الختالفهم يف .تعلم العروض يف الشعر إىل الذوق، الستثقاله عرض كل شعر على العروض، ال يبعد أن يغلط .ليت هي مقدمات الرباهني، فإن من العلوم اليت هي أصول الرباهني، جتريبية وتواترية، وغريهاالعلوم ا

والناس خيتلفون يف التجربة والتواتر، فقد يتواتر عند واحد ما ال يتواتر عند غريه، وقد يتوىل جتربة ما ال مات املشهورة احملمودة بالضروريات وإما اللتباس الكل ،إما اللتباس قضايا الوهم بقضايا العقل ،يتواله غريه

ولكن باجلملة إذا حصلوا تلك املوازين وحققوها، أمكنهم ."حمك النظر"واألوليات، كما فصلنا ذلك يف كتاب .الوقوف عند ترك العناد على مواقع الغلط على يسر

تأويل أصول العقائد بدون برهان قاطع يؤدي إىل التكفري: الفصل الثامن

ر أيضا إىل كفره يف كل مقام، باد يبادر إىل التأويل بغلبات الظنون من غري برهان قاطع، وال ينبغي أن ي من الناس مننظر إليه، فإن كان تأويله يف أمر ال يتعلق بأصول العقائد ومهما`ا فال نكفره، وذلك كقول بعض الصوفية إن بل ي

غري ظاهرها، بل هي جواهر نورانية }هذا ريب{:س وقولهاملراد برؤية اخلليل عليه السالم الكوكب والقمر والشمملكية، ونورانيتها عقلية ال حسية، وهلا درجات يف الكمال ونسبة ما بينها يف التفاوت، كنسبة الكوكب والقمر

له، حىت حيتاج إىل أن يشاهد إويستدل عليه بأن اخلليل عليه السالم، أجل من أن يعتقد يف جسم أنه .والشمسل بأنه د أفرتى أنه لو مل يأفل أكان يتخذه إهلا لو مل يعرف استحالة اإلهلية من حيث كونه جسما مقدرا؟ واست .أفوله

دل بأن هللا تعاىل قال رى؟ واست كيف ميكن أن يكون أول ما رآه الكوكب، والشمس هي األظهر، وهي أول ما ي توهم ذلك بعد فكيف ميكن أن ي ،ى هذا القولمث حك، }وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات واألرض{:أوال

إنه كان صبيا ملا : فقد قيل) هو أجل من ذلك: (أما قوله .كشف امللكوت له؟ وهذه دالالت ظنية وليست براهنيجرى له ذلك، وال يبعد أن خيطر ملن سيكون نبيا يف صباه مثل هذا اخلاطر، مث يتجاوزه على قرب، وال يبعد أن

وأما رؤية الكوكب أوال، فقد روي أنه كان .فول على احلدوث عنه أظهر من داللة التقدير واجلسميةتكون داللة األ

الغزايل

119

، }وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات واألرض{:وأما قوله تعاىل أوال .حمبوسا يف صباه يف غار وإمنا خرج بالليل .بدايتهفيجوز أن يكون هللا تعاىل، قد ذكر حال �ايته، مث رجع إىل ذكر

فهذا جنس تأويلهم، وقد تأولوا .فهذه وأمثاهلا ظنون يظنها براهني من ال يعرف حقيقة الربهان وشرطهولعل الظن يف مثل هذه األمور اليت ال .}وألق ما يف ميينك{،}اخلع نعليك{:يف قوله تعاىل) النعلني(و) العصا(

.عبد كفر فيه وال ي اد، فال ي تتعلق بأصول االعتقاد جيري جمرى الربهان يف أصول االعتقع به خاصة صاحبه يف كل ما مل يؤثر عن بد نعم إن كان فتح هذا الباب يؤدي إىل تشويش قلوب العوام في

إذ كيف خيلو خلق كثري من عاقل يعلم أن ،السامري مؤول) عجل(ويقرب منه قول الباطنية إن ،السلف ذكره أيضا ظن، إذ ال يستحيل أن تنتهي طائفة من الناس إليه كعبدة األصنام، املتخذ من الذهب ال يكون إهلا؟ وهذا

.وكونه نادرا ال يورث يقينا وأما ما يتعلق من هذا اجلنس بأصول العقائد املهمة، فيجب تكفري من يغري الظاهر بغري برهان قاطع،

م واستبعادات من غري برهان قاطع، كالذي ينكر حشر األجساد، وينكر العقوبات احلسية يف اآلخرة بظنون وأوهاوذكر عظيم الضرر يف الدين فيجب ،فيجب تكفريه قطعا، إذ ال برهان على استحالة رد األرواح إىل األجساد

إن هللا تعاىل ال يعلم إال : وكذلك جيب تكفري من قال منهم .وهو مذهب أكثر الفالسفة ،تكفري كل ما تعلق به فأما األمور اجلزئية املتعلقة باألشخاص فال يعلمها، ألن ذلك تكذيب للرسول ،تال يعلم إال الكليا أو ،نفسه

إذ أدلة القرآن واألخبار على تفهيم .وليس من قبيل الدرجات اليت ذكرناها يف التأويل ،صلى هللا عليه وسلم قطعا حد ال يقبل التأويل وهم حشر األجساد، وتفهيم تعلق علم هللا تعاىل بتفصيل كل ما جيري على األشخاص، جماوز

ملا كان صالح اخللق يف أن يعتقدوا حشر األجساد لقصور عقوهلم : ولكن قالوا .معرتفون بأن هذا ليس من التأويلوكان صالحهم يف أن يعتقدوا أن هللا تعاىل عامل مبا جيري عليهم ورقيب عليهم ليورث ذلك ،عن فهم املعاد العقليالسالم أن يفهمهم ذلك، وليس بكاذب من أصلح غريه فقال ما الصالة و للرسول عليهجاز ،رغبة ورهبة يف قلو]م

. ألنه تصريح بالكذب، مث طلب عذر يف أنه مل يكذب،وهذا القول باطل قطعا .وإن مل يكن كما قاله فيه صالحه .وجيب إجالل منصب النبوة عن هذه الرذيلة، ففي الصدق وإصالح اخللق به مندوحة عن الكذب

وهذه أول درجات الزندقة، وهي رتبة بني االعتزال وبني الزندقة املطلقة، فإن املعتزلة يقرب منهاجهم من ز الكذب على الرسول عليه السالم مبثل هذا العذر، و هو أن املعتزيل ال جي ،منهاج الفالسفة إال يف هذا األمر الواحد

سفي ال يقتصر يف جماوزته للظاهر على ما يقبل التأويل على والفل .بل يؤول الظاهر مهما ظهر به بالربهان خالفه .قرب أو على بعد

وأما إثبات .وتنكر الصانع للعامل أصال ورأسا ،وأما الزندقة املطلقة فهي أن تنكر أصل املعاد عقليا وحسيا العلوم، فهي زندقة مقيدة وإثبات الصانع مع نفي علمه بتفاصيل ،املعاد بنوع عقلي مع نفي اآلالم واللذات احلسية

.بنوع اعرتاف بصدق األنبياء

الغزايل

120

ستفرتق أميت بضعا وسبعني فرقة، ": أن هؤالء هم املرادون بقوله عليه السالم،والعلم عند هللا، وظاهر ظينوظاهر احلديث يدل على أنه أراد به . الرواياتبعضهذا لفظ احلديث يف . وهي فرقة،"كلهم يف اجلنة، إال الزنادقة

والذين ينكرون أصل املعاد وأصل . ومن مل يعرتف بنبوته فليس من أمته،"ق أميترت ستف"من أمته، إذ قال ) الزنادقة(إذ يزعمون أن املوت عدم حمض، وأن العامل مل يزل كذلك موجودا بنفسه من غري .الصانع، فليسوا معرتفني بنبوته

فإذن ال معىن .فال ميكن نسبتهم إىل األمة. ن األنبياء إىل التلبيسصانع، وال يؤمنون با� وال باليوم اآلخر، وينسبو .لزندقة هذه األمة إال ما ذكرناه

مفهوم الضرر: التكفري بني االعتبارات النظرية والشرعية: الفصل التاسع

املذاهب، وذكر ر به وما ال يكفر به، يستدعي تفصيال طويال يفتقر إىل ذكر كل املقاالت و كف اعلم أن شرح ما ي وذلك ال حيويه جملدات، وال تتسع لشرح ذلك .شبهة كل واحد ودليل، ووجه بعده عن الظاهر، ووجه تأويله

.فاقنع اآلن بوصية وقانون .أوقايتن تكف لسانك عن أهل القبلة ما أمكنك، ماداموا قائلني ال إله إال هللا حممد رسول هللا، أف: الوصيةأما

، فإن التكفري املناقضة جتويزهم الكذب على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بعذر أو غري عذرو ،غري مناقضني هلا .والسكوت ال خطر فيه، فيه خطر

.وقسم يتعلق بالفروع، قسم يتعلق بأصول القواعد: فهو أن تعلم أن النظريات قسمان: القانونأما ، إال ال تكفري يف الفروع أصال واعلم أنه .وما عداه فروع، اآلخراإلميان با�، وبرسوله، وباليوم : وأصول اإلميان ثالثة

لكن يف بعضها ختطئة .لم من الرسول صلى هللا عليه وسلم بالتواتر أن ينكر أصال دينيا ع وهي .يف مسألة واحدة اإلمامة وتعيينها واعلم أن اخلطأ يف .ويف بعضها تبديع كاخلطأ املتعلق باإلمامة وأحوال الصحابة ،كما يف الفقهيات

.فقد أنكر ابن كيسان أصل وجوب اإلمامة، وال يلزم تكفريه .وشروطها وما يتعلق به، ال يوجب شيئ منه تكفريا وال إىل خصومهم ،مون أمر اإلمامة، وجيعلون اإلميان باإلمام مقرونا باإلميان با� ورسولهعظ لتفت إىل قوم ي وال ي

إذ ليس يف واحد من القولني تكذيب للرسول صلى هللا .فكل ذلك إسراف . يف اإلمامةاملكفرين هلم مبجرد مذهبهمالبيت الذي : فلو قال قائل مثال .د التكذيب، وجب التكفري، وإن كان من الفروعج عليه وسلم أصال، ومهما و

ولو .لى هللا عليه وسلم خالفه، إذ قد ثبت تواترا عن رسول هللا صمبكة ليس الكعبة اليت أمر هللا حبجها، فهذا كفرعلم قطعا أنه معاند يف أنكر شهادة الرسول صلى هللا عليه وسلم لذلك البيت بأنه الكعبة مل ينفعه إنكاره، بل ي

وكذلك من نسب عائشة رضي هللا عنها إىل .إنكاره، إال أن يكون قريب عهد باإلسالم ومل يتواتر عنده ذلكوالتواتر . ألن هذا وأمثاله ال ميكن إال بتكذيب الرسول أو إنكار التواتر،اء`ا فهو كافرالفاحشة، وقد نزل القرآن برب

ولو أنكر .نعم لو أنكر ما ثبت بأخبار اآلحاد فال يلزمه به الكفر .ينكره اإلنسان بلسانه، وال ميكن أن جيهله بقلبه

الغزايل

121

ة، فيه غموض يعرفه احملصلون لعلم أصول ألن معرفة كون اإلمجاع حجة قاطع،ما ثبت باإلمجاع، فهذا فيه نظر .وأنكر النظام كون اإلمجاع حجة أصال، فصار كون اإلمجاع حجة خمتلفا فيه .الفقه

.فهذا حكم الفروعتصور أن يقوم برهان على ، وكل ما مل حيتمل التأويل يف نفسه، وتواتر نقله، ومل ي األصول الثالثةوأما

ثاله ما ذكرناه من حشر األجساد، واجلنة والنار، وإحاطة علم هللا بتفاصيل وم .خالفه، فمخالفته تكذيب حمض .فإن كان قاطعا، وجب القول به: وما يتطرق إليه احتمال التأويل، ولو با¾از البعيد، فننظر فيه إىل الربهان .األمور

الربهان قطعيا، لكن يفيد ظنا مل يكنإن و .ولكن إن كان يف إظهاره مع العوام ضرر، لقصور فهمهم، فإظهاره بدعةوأما ما .علم ضرره يف الدين، كنفي املعتزلة الرؤية عن هللا تعاىل، فهذه بدعة، وليس بكفرغالبا، وكان مع ذلك ال ي

ما يدعيه ومن جنس ذلك .كفركفر، وحيتمل أن ال ي مل أن ي تحيظهر له ضرر، فيقع يف حمل االجتهاد والنظر، في أنه قد بلغ حالة بينه وبني هللا تعاىل، أسقطت عنه الصالة، وأحلت له شرب اخلمر تصوفيدعي البعض من

وقتل .فهذا ممن ال شك يف وجوب قتله، وإن كان يف احلكم خبلوده يف النار نظر .واملعاصي، وأكل مال السلطانوضرر هذا فوق .حة ال ينسدمثل هذا أفضل من قتل مائة كافر، إذ ضرره يف الدين أعظم، وينفتح به باب من اإلبا

وأما هذا فإنه يهدم الشرع من الشرع، ويزعم ،ضرر من يقول باإلباحة مطلقا، فإنه مينع عن اإلصغاء إليه ظهور كفرهورمبا يزعم أنه .إذ خصص عموم التكليفات مبن ليس له مثل درجته يف الدينأنه مل يرتكب فيه إال ختصيص عموم،

ويتداعى هذا إىل أن يدعي كل فاسق مثل حاله، وينحل اهره، وهو بباطنه بريء عنها، يالبس ويقارف املعاصي بظ .به عصام الدين

التكفري حكم شرعي، يرجع إىل بل .ك قطعا يف كل مقامدر ظن أن التكفري ونفيه ينبغي أن ي وال ينبغي أن ي وتارة ، درك بيقني فتارة ي ،األحكام الشرعيةفمأخذه كمأخذ سائر .واحلكم باخللود يف النار وسفك الدم إباحة املالواملبادرة إىل التكفري إمنا تغلب على .ومهما حصل تردد، فالوقف فيه عن التكفري أوىل، رتدد فيهوتارة ي ، بظن غالب

ف قد خيالف نصا متواترا، ويزعم وال بد من التنبيه على قاعدة أخرى، وهي أن املخال .طباع من يغلب عليهم اجلهلكر تأويله ال انقداح له أصال يف اللسان، ال على بعد وال على قرب، فذلك كفر، وصاحبه أنه مؤول، ولكن ذ

مثاله ما رأيت يف كالم بعض الباطنية إن هللا تعاىل واحد، مبعىن أنه يعطي الوحدة .ب، وإن كان يزعم أنه مؤولكذ م وأما أن يكون واحدا يف نفسه .د غريهوج وموجود، مبعىن أنه ي ،وعامل، مبعىن أنه يعطي العلم لغريه وخيلقه، وخيلقها

محل الواحد على إجياد الوحدة، ليس من التأويل يف ألن ،وهذا كفر صراح .وموجودا وعاملا، على معىن اتصافه، فال ألنه ،، وأربعا ه الوحدة لسمي ثالثا ولو كان خالق الوحدة يسمى خالقا خللق .شيء وال حتتمله لغة العرب أصال

.فأمثلة هذه املقاالت، تكذيبات، عرب عنها بالتأويالت .خلق األعداد أيضا

شروط التواتر واإلمجاع والربهان: الفصل العاشر

الغزايل

122

ل به عن د أن النص الشرعي الذي ع : أحدها ،قد فهمت من هذه التكفريات أن النظر يف التكفري يتعلق بأمورومعرفة ما يقبل التأويل وما ال يقبل قريب أم بعيد؟) تأويله( أم ال؟ فإن احتمل، فهل ظاهره، هل حيتمل التأويلال يستقل به إال املاهر احلاذق يف علم اللغة، العارف بأصول اللغة، مث بعادة العرب يف التأويل، ليس باهلني، بل

.االستعمال يف استعارا`ا، وجتوزا`ا، ومنهاجها يف ضرب األمثاليف النص املرتوك، أنه ثبت تواترا ؟ أو آحادا ؟ أو باإلمجاع ا¾رد؟ فإن ثبت تواترا، فهل على شرط : الثاين

وحد التواتر ما ال ميكن الشك فيه، كالعلم بوجود األنبياء، ووجود .ن املستفيض متواترا ظ التواتر أم ال؟ إذ رمبا ي تصور أن يكون قد فهل ي .ا، عصرا بعد عصر، إىل زمان النبوةوأنه متواتر يف األعصار كله، البالد املشهورة وغريها

أما يف غري القرآن .وشرط التواتر أن ال حيتمل ذلك، كما يف القرآننقص عدد التواتر يف عصر من األعصار؟ ك ذلك جيدا، وال يستقل بإدراكه إال الباحثون عن كتب التواريخ، وأحوال القرون املاضية، وكتبدر ض م غم في

،صل به العلمإذ قد يوجد عدد التواتر يف كل عصر وال حي .األحاديث، وأحوال الرجال وأغراضهم يف نقل املقاالتولذلك . إذ كان يتصور أن يكون للجمع الكثري رابطة يف التوافق، السيما بعد وقوع التعصب بني أرباب املذاهب

هللا عنه يف اإلمامة لتواتره عندهم ، وتواتـر عند خصومهم ض يدعون النص على علي بن أيب طالب رضي فترى الروا . لشدة توافق الروافض على إقامة أكاذيبهم واتباعها،الف ما تواتر عندهميف أشياء كثرية خ

شرطه أن جيتمع أهل احلل والعقد يف صعيد وأما ما يستند إىل اإلمجاع فدرك ذلك من أغمض األشياء، إذ .لى أمر واحد اتفاقا بلفظ صريح، مث يستمروا عليه، مرة عند قوم، وإىل متام انقراض العصر عند قومواحد، فيتفقوا ع

تنع الرجوع أو يكاتبهم إمام يف أقطار األرض فيأخذ فتاويهم يف زمان واحد، حبيث تتفق أقواهلم اتفاقا صرحيا، حىت مي إذا جاز يف ذلك الوقت أن : فر؟ ألن من الناس من قالكمث النظر يف أن من خالف بعده هل ي .عنه واخلالف بعده

.تنع على واحد منهم أن رجع بعد ذلك وهذا غامض أيضا حمل توافقهم على اتفاق، وال مي خيتلفوا، في النظر يف أن صاحب املقال هل تواتر عنده اخلرب؟ أو هل بلغه اإلمجاع؟ إذ كل من يولد ال تكون : الثالث

عرف وإمنا ي .ك ذلك شيئا فشيئا در وإمنا ي .وال مواضع اإلمجاع عنده متميزة عن مواضع اخلالف ،األمور عنده متواترةمث ال حيصل العلم يف ذلك مبطالعة تصنيف، وال ، ذلك من مطالعة الكتب املصنفة يف االختالف واإلمجاع للسلف

ه هللا، كتابا يف مسائل اإلمجاع، وأنكر وقد صنف أبو بكر الفارسي، رمح .تصنيفني، إذ ال حيصل تواتر اإلمجاع بهفإذن من خالف اإلمجاع، ومل يثبت عنده بعد فهو جاهل خمطئ، .عليه كثري منه، وخولف يف بعض تلك املسائل

.واالستقالل مبعرفة التحقيق يف هذا ليس بيسري .وليس مبكذب، فال ميكن تكفريهط الربهان ال و ومعرفة شر أهو على شرط الربهان أم ال؟: النظر يف دليله الباعث على خمالفة الظاهر: الرابع

وتكل . أمنوذج منه"حمك النظر" وكتاب "القسطاس املستقيم"ميكن شرحها إال يف جملدات، وما ذكرنا يف كتاب خص قرحية فقهاء الزمان عن قصر شرط الربهان على االستيفاء، والبد من معرفة ذلك، فإن الربهان إذا كان قاطعا، ر

. فإذا مل يكن قاطعا مل يرخص إال يف تأويل قريب سابق إىل الفهم.وإذا كان بعيدا يف التأويل

الغزايل

123

فإن ما ال يعظم ضرره يف الدين فاألمر م ضررها يف الدين أم ال؟عظ هل ي ،يف أن ذكر تلك املقالة: اخلامسإن اإلمام خمتف يف سرداب، وإنه ينتظر فيه أسهل، وإن كان القول شنيعا وظاهر البطالن كقول اإلمامية املنتظرة

فإنه قول كاذب، ظاهر البطالن، شنيع جدا، ولكن ال ضرر فيه على الدين، إمنا الضرر على األمحق املعتقد ،خروجهواملقصود ،وهذا مثال .لذلك، إذ خيرج كل يوم من بلده الستقبال اإلمام حىت يدخل الليل، فريجع إىل بيته خاسئا

.ر بكل هذيان وإن كان ظاهر البطالنكف أن ي أنه ال ينبغيفإذا فهمت أن النظر يف التكفري موقوف على مجيع هذه املقامات اليت ال يستقل بآحادها املربزون، علمت

وكيف يستقل الفقيه مبجرد الفقه ]ذا اخلطب .أن املبادر إىل تكفري من خيالف األشعري أو غريه، جاهل جمازففإذا رأيت الفقيه الذي بضاعته جمرد الفقه، خيوض يف ع من أرباع الفقه يصادف هذه العلوم؟العظيم؟ ويف أي رب

التكفري والتضليل، فأعرض عنه، وال تشغل به قلبك ولسانك، فإن التحدي بالعلوم غريزة يف الطبع، ال يصرب عنه . اخلالف بني اخللقاجلهال، وألجله كثر اخلالف بني الناس، ولو ينكث من األيدي من ال يدري، لقل

نقد الكالم ومتجيد النور اإلهلي: احلادي عشر الفصلمن ال يعرف الكالم معرفتنا، ومل "روا عوام املسلمني، وزعموا أن من أشد الناس غلوا وإسرافا، طائفة من املتكلمني كف

وجعلوا ،أوال ، الواسعة على عبادهفهؤالء ضيقوا رمحة هللا ."يعرف األدلة الشرعية بأدلتنا اليت حررناها، فهو كافرإذ ظهر هلم يف عصر رسول هللا .ثانيا ، مث جهلوا ما تواتر من السنة.اجلنة وقفا على شرذمة يسرية من املتكلمني

صلى هللا عليه وسلم، وعصر الصحابة رضي هللا عنهم، حكمهم بإسالم طوائف من أجالف العرب، كانوا ك در ومن ظن أن م .بادة الوثن، ومل يشتغلوا بعلم الدليل، ولو اشتغلوا به مل يفهموهبع) قبل إسالمهم(مشغولني

اإلميان نور يقذفه هللا يف قلوب عبيده، الكالم واألدلة ا¾ردة والتقسيمات املرتتبة، فقد ابتدع، بل )هو (اإلميانوتارة مبشاهدة ، رة بسبب رؤيا يف املناموتا، عطية وهدية من عنده، تارة ببينة من الباطن ال ميكنه التعبري عنها

، فقد جاء أعرايب إىل النيب صلى هللا وتارة بقرينة حال، حال رجل متدين وسراية نوره إليه عند صحبته وجمالسته فلما وقع بصره على طلعته البهية، زادها هللا شرفا وكرامة، فرآها تتألأل منها أنوار النبوة، عليه وسلم جاحدا به منكرا

وهذا وأمثاله أكثر من أن حتصى، ومل .، وسأله أن يعرض عليه اإلسالم، فأسلموهللا ما هذا بوجه كذاب: قالكان يبدو نور اإلميان مبثل هذه القرائن يف قلوeم، ملعة بيضاء، مث يشتغل واحد منهم بالكالم وتعلم األدلة، بل

.الوة القرآن وتصفية القلوبال تزال تزداد إشراقا مبشاهدة تلك األحوال العظيمة وتقل عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم، أو عن الصحابة رضي هللا عنهم، إحضار مىت ن !! فليت شعري، حادث وما ال خيلو عن احلوادث،الدليل على أن العامل حادث أنه ال خيلو عن األعراض: أعرايب أسلم، وقوله له

زائدة على الذات، ال هي هو، وال هي غريه، إىل غري ذلك من رسوم وأن هللا تعاىل عامل بعلم، وقادر بقدرة بل كان ال تنكشف ملحمة ،ولست أقول مل جتر هذه األلفاظ ومل جير أيضا ما معناه معىن هذه األلفاظ .املتكلمني

الغزايل

124

ومجاعة من األسارى يسلمون واحدا بعد طول الزمان،إال عن مجاعة من األجالف يسلمون حتت ظالل السيوف .وكانوا إذا نطقوا بكلمة الشهادة علموا الصالة والزكاة وردوا إىل صناعتهم من رعاية الغنم وغريها ،أو على القرب

ولكن ،نعم لست أنكر أنه جيوز أن يكون ذكر أدلة املتكلمني أحد أسباب اإلميان يف حق بعض الناسفأما الكالم احملرر .معرض الوعظ كما يشتمل عليه القرآنبل األنفع يف .ليس ذلك مبقصور عليه وهو أيضا نادر

،صنعة جدل ليعجز عنه العامي ال لكونه حقا يف نفسهشعر نفوس املستمعني بأنه فيه على رسم املتكلمني فإنه ي ن ولذلك ال ترى جملس مناظرة للمتكلمني وال للفقهاء ينكشف ع .ورمبا يكون ذلك سببا لرسوخ العناد يف قلبه

وجتري . واحد انتقل من االعتزال أو بدعة إىل غريه، وال عن مذهب الشافعي إىل مذهب أيب حنيفة وال على العكسولذلك مل جتر عادة السلف بالدعوة ]ذه ا¾ادالت بل .هذه االنتقاالت بأسباب أخر، حىت يف القتال بالسيف

.لشددوا القول على من خيوض يف الكالم ويشتغل بالبحث والسؤا حرام لكثرة اآلفة فيه، إال ألحد "الكالم"وإذا تركنا املداهنة ومراقبة اجلانب صرحنا بأن اخلوض يف

رجل وقعت له شبهة ليست تزول عن قلبه بكالم قريب وعظي وال خبرب نقلي عن رسول هللا صلى هللا :شخصنيدواء له يف مرضه، فيستعمل معه ذلك وخيرس عليه وسلم، فيجوز أن يكون القول املرتب الكالمي رافعا شبهته، و

ضه وتستنزله ر عنه مسع الصحيح الذي ليس به ذلك املرض، فإنه يوشك أن حيرك يف نفسه إشكاال ويثري له شبهة مت خص كامل العقل راسخ القدم يف الدين، ثابت اإلميان بأنوار اليقني، يريد ش: والثاين .عن اعتقاده ا¾زوم الصحيح

ل هذه الصنعة ليداوي ]ا مريضا إذا وقعت له شبهة، وليفحم ]ا مبتدعا إذا نبغ، وليحرس به معتقده إذا ص أن حي ما يزيل به الشك ويدرأ الشبهة يف رفتعلم ذلك ]ذا العزم كان من فروض الكفايات، وتعلم قد .قصد مبتدع إغواءه

.تقاده ا¾زوم بطريق آخر سواهحق املشكل فرض عني، إذا مل ميكن إعادة اعواحلق الصريح أن كل من اعتقد ما جاء به الرسول عليه الصالة والسالم واشتمل عليه القرآن، اعتقادا

ف على الزوال بكل شر بل اإلميان املستفاد من الدليل الكالمي ضعيف جدا م .جزما، فهو مؤمن وإن مل يعرف أدلته أو احلاصل بعد البلوغ بقرائن ،ان العوام احلاصل يف قلو]م يف الصبا بتواتر السماعبل اإلميان الراسخ إمي. شبهة

ومتام تأكده يلزمه العبادة والذكر، فإن من متادت به العبادة إىل حقيقة التقوى وتطهري .أحوال ال ميكن التعبري عنها وصارت األمور اليت كان قد أخذها ،ار املعرفةالباطن عن كدورات الدنيا، ومالزمة ذكر هللا تعاىل دائما، جتلت له أنو

ل إال بعد احنالل عقدة اعتقادات، وانشراح الصدر ص حقيقة املعرفة اليت ال حت ،تقليدا عنه، كاملعاينة واملشاهدة وذلكيه كما سئل صلى هللا عل. }فهو على نور من ربه{،}فمن يرد هللا أن يهديه يشرح صدره لإلسالم{ .بنور هللا تعاىل

التجايف عن دار الغرور، ": فقيل ما عالمته؟ قال،"نور يقذفه يف قلب املؤمن": شرح الصدر، فقالوسلم عن معىن علم املتكلم املقبل على الدنيا املتهالك عليها، غري مدرك حقيقة املعرفة، ولو أدركها فبهذا ي ".واإلنابة إىل دار اخللود

.لتجاىف عن دار الغرور قطعا

الغزايل

125

قضايا النجاة والشفاعة والرمحة اإلهلية: لثاين عشرالفصل اأنت تأخذ التكفري من التكذيب للنصوص الشرعية، والشارع صلوات هللا عليه هو الذي ضيق الرمحة : لعلك تقول

يا آدم : يقول هللا تعاىل آلدم عليه السالم يوم القيامة": السالمو الصالة، إذ قال عليه"املتكلم"على اخللق، دون وقال عليه ."من كل ألف، تسعمائة وتسع وتسعني: يارب من كم؟ فيقول: فيقول.بعث من ذريتك بعث النارا

أن احلديث األول صحيح، : اجلواب ."ستفرتق أميت على نيف وسبعني فرقة، الناجية منها واحدة": الصالة والسالم ،رتكون فيها بقدر معاصيهمعرضون عليها وي دخلون النار وي به، أ�م كفار خملدون، بل إ�م ي ولكن ليس املعين

بعث "مث .}وإن منكم إال واردها{:وكذلك قال هللا تعاىل .واملعصوم من املعاصي ال يكون يف األلف إال واحدا صرفوا عن طريق جهنم بالشفاعة، كما وردت به األخبار عبارة عمن استوجب النار بذنوبه، وجيوز أن ي "النار

فمنهم ما روي عن عائشة .صى وهي أكثر من أن حت ،الكثرية الدالة على سعة رمحة هللا تعاىلوتشهد له األخبار فباتغيته فإذا هو يف مشربة يصلي، فرأيت ،فقدت النيب صلى هللا عليه وسلم ذات ليلة: رضي هللا عنها أ�ا قالت

أرأيت األنوار : قال. عائشة يا رسول هللامهيم، من هذه؟ قلت أنا : فلما قضى صالته قال. على رأسه أنوارا ثالثةدخل اجلنة من تاين من ريب يف النور األول فبشرين أن هللا تعاىل ي أإن آت ": قال. نعم يا رسول هللا: الثالثة؟ قلت

مث أتاين يف النور الثاين آت من ريب فبشرين أن هللا تعاىل يدخل اجلنة من . أميت سبعني ألفا بغري حساب وال عذابتاين يف النور الثالث آت من ريب أمث . يت مكان كل واحد من السبعني ألفا سبعني ألفا بغري حساب وال عذابأم

لفا بغري حساب وال أفبشرين أن هللا تعاىل يدخل من أميت مكان كل واحد من السبعني ألفا املضاعفة سبعني فهذا ."م وال يصليو من األعراب من ال يصون لكم ميكل": قال. ال تبلغ أمتك هذاأفقلت يا رسول هللا . "عذاب

.فهذا يف أمة حممد صلى هللا عليه وسلم خاصة .وأمثاله من األخبار الدالة على سعة رمحة هللا تعاىل كثري عرضون على النار إما عرضة إن الرمحة تشمل كثريا من األمم السالفة، وإن كان أكثرهم ي : وأنا أقول

إن أكثر نصارى : بل أقول. ساعة، وإما يف مدة، حىت يطلق عليهم اسم بعث النارخفيفة، حىت يف حلظة، أو يفأعين الذين هم يف أقاصي الروم والرتك ومل تبلغهم ،الروم والرتك يف هذا الزمان تشملهم الرمحة إن شاء هللا تعاىل

: وصنف . فهم معذورونمل يبلغهم اسم حممد صلى هللا عليه وسلم أصال،: صنف،، فإ�م ثالثة أصنافالدعوةبلغهم امسه ونعته، وما ظهر عليه من املعجزات، وهم ا¾اورون لبالد اإلسالم واملخالطون هلم، وهم الكفار

ثالث بني الدرجتني، بلغهم اسم حممد صلى هللا عليه وسلم، ومل يبلغهم نعته وصفته، بل مسعوا : وصنف .امللحدوندعى النبوة، كما مسع صبياننا أن كذابا يقال له املقفع ادعى أن هللا بعثه إه حممد أيضا منذ الصبا أن كذابا ملبسا امس

فهؤالء عندي يف معىن الصنف األول، فإ�م مع أ�م مسعوا امسه، مسعوا ضد أوصافه، وهذا ال ،وحتدى بالنبوة كاذبا .حيرك داعية النظر يف الطلب

اهلالكة منها ": فالرواية خمتلفة متاما فيه، فقد روي،"واحدةالناجية منها ": وأما احلديث اآلخر، وهو قولهبل الذي .عرض على النار وال حتتاج إىل الشفاعة هي اليت ال ت "الناجية"ومعىن .ولكن األشهر تلك الرواية ،"واحدة

الغزايل

126

كلها يف ": ويف رواية .تزع بالشفاعة من خمالبهمتتعلق به الزبانية لتجره إىل النار، فليس بناج على اإلطالق، وإن ان وميكن أن تكون الروايات كلها صحيحة فتكون اهلالكة واحدة، وهي اليت ختلد يف .، وهي فرقة"اجلنة، إال الزنادقة

وتكون الناجية .رجى له بعد اهلالك خريالنار، ويكون اهلالك عبارة عمن وقع اليأس عن صالحه، ألن اهلالك ال ي ذب، فليس بناج إذن، ومن ري حساب وال شفاعة، ألن من نوقش احلساب فقد ع وهي اليت تدخل اجلنة بغ: واحدة

وهذان طريقان، ومها عبارة عن شر اخللق .رض للمذلة، فليس بناج أيضا على اإلطالقعرض للشفاعة فقد ع لنار، مث ومنهم من يقرب من ا، ب باحلساب فقطفمنهم من يعذ .وباقي الفرق كلهم بني هاتني الدرجتني .وخريه

رج على قدر خطاياهم يف عقائدهم وبدعتهم وعلى كثرة معاصيهم دخل النار مث خي ومنهم من ي ، صرف بالشفاعةي زت الكذب على و فأما اهلالكة املخلدة يف النار من هذه الفرق، فهي فرقة واحدة، وهي اليت كذبت وج .وقلتها

به بعدما قرع مسعه بالتواتر عن خروجه سائر األمم فمن كذ وأما من .رسول هللا صلى هللا عليه وسلم باملصلحةوصفته ومعجزاته اخلارقة للعادة، كشق القمر وتسبيح احلصا ونبع املاء من بني أصابعه والقرآن املعجز الذي حتدى به

التصديق، فإذا قرع ذلك مسعه فأعرض عنه وتوىل ومل ينظر فيه وال يتأمل ومل يبادر إىل،أهل الفصاحة وعجزوا عنهمن قرع مسعه هذا، فال بد أن تنبعث فيه داعية الطلب ليستبني : بل أقول .فهذا هو اجلاحد الكاذب، وهو الكافر

فإن مل تنبعث فيه هذه .حقيقة األمر إن كان من أهل الدين ومل يكن من الذين استحبوا احلياة الدنيا على اآلخرة وإن انبعثت الداعية، فقصر عن .اخلوف وخطر أمر الدين وذلك كفرالداعية، فذلك لركونه إىل الدنيا وخلوه عن

بل ذو اإلميان با� واليوم اآلخر، من أهل كل ملة، ال ميكنه أن يفرت عن الطلب بعد ظهور .الطلب، فهو أيضا كفر التحقيق، فهو أيضا ر، فأدركه املوت قبل متامقص فإن اشتغل بالنظر والطلب ومل ي ،املخايل باألسباب اخلارقة للعادة

واعلم أن ،ع رمحة هللا الواسعة، وال تزن األمور اإلهلية باملوازين املختصرة الرمسيةفاستوس .مغفور له مث له الرمحة الواسعةفكما أن أكثر أهل الدنيا يف نعمة وسالمة، . }ما خلقكم وال بعثكم إال كنفس واحدة{ فـ،اآلخرة قريب من الدنيا

. مثال، الختارها، وإمنا املعذب الذي يتمىن املوت نادر،ها، إذ لو خري بينها وبني اإلماتة واإلعدامأو يف حالة يغبطفإن صفة الرمحة ال تتغري .فكذلك املخلدون يف النار باإلضافة إىل الناجني، واملخرجني منها يف اآلخرة، نادر

ولوال هذا ملا كان لقوله عليه الصالة والسالم . الكباختالف أحوالنا وإمنا الدنيا واآلخرة عبارتان عن اختالف أحو أنا هللا ال إله إال أنا سبقت رمحيت غضيب، فمن شهد أن ال : أول ما خط هللا يف الكتاب األول ": معىن حيث قال

."إله إال هللا وأن حممدا رسول هللا فله اجلنةأسباب ومكاشفات سوى ما عندهم من واعلم أن أهل البصائر قد انكشف هلم سبق الرمحة ومشوهلا ب

فأبشر برمحة هللا وبالنجاة املطلقة إن مجعت بني اإلميان والعمل الصاحل، .األخبار واآلثار، ولكن ذكر ذلك يطول يف بعض أوإن كنت صاحب يقني يف أهل التصديق، وصاحب خط .وباهلالك املطلق إذا خلوت عنهما مجيعواعلم أنك بني أن .حب خلط يف األعمال فال تطمع يف النجاة املطلقةالتأويل، أو صاحب شك فيهما، أو صا

الغزايل

127

فاجتهد أن يغنيك هللا .ى، وبني أن يشفع فيك من تيقنت صدقه يف مجيع ما جاء به أو غريه ل ب مدة مث خت عذ ت .بفضله عن شفاعة الشفعاء، فإن األمر يف ذلك خمطر

مأخذ التكفري: الفصل الثالث عشر

: فيقال له .وأن اجلاهل با� كافر والعارف به مؤمن .ظن بعض الناس أن مأخذ التكفري من العقل ال من الشرعقد وإن أراد به أن املفهوم من الشارع أن .احلكم بإباحة الدم واخللود يف النار، حكم شرعي ال معىن له قبل ورود الشرع

مث إن خصص ذلك .ن اجلاهل بالرسول وباآلخرة أيضا كافر أل،اجلاهل با� هو الكافر، فهذا ال ميكن حصره فيهوإن جعل املخطئ يف .ده يف الصفات فرمبا سوعد عليهر اجلهل بذات هللا تعاىل، جبحد وجوده أو وحدانيته، ومل يط

على ومن نفى الكالم وصفا زائدا ،الصفات أيضا جاهال أو كافرا، لزمه تكفري من نفى صفة البقاء وصفة القدموأثبت إرادة حادثة ال يف ، ومن أثبت اجلهة، ومن نفى جواز الرؤية، ومن نفى السمع والبصر زائدا على العلم، العلم

وباجلملة يلزمه التكفري يف كل مسألة تتعلق بصفات هللا، وذلك حكم ال .وتكفري املخالفني فيه ،ذاته وال يف حمل جيد لذلك فصال ومردا، وال وجه له إال الضبط بالتكذيب، صص ببعض الصفات دون بعض، ملمستند له وإن خ

مث ال يبعد أن يقع الشك والنظر يف بعض املسائل، من مجلة .ليعم املكذب بالرسول وباملعاد، وخيرج منه املؤوللة فقد عرفت أن هذه مسأ . فيه بالظن، وموجب االجتهادىقضالتأويل أو التكذيب، حىت يكون التأويل بعيدا، وي

.اجتهاد

الغلط ال يعرض مرتكبه إىل التكفري: الفصل الرابع عشرعلي : فإن قال قائل.وهذا ال مأخذ له . ومن ال يكفرين فال،كفر من يكفرين من الفرقمن الناس من قال إمنا أ

فر، ال يصري كافرا، وإمنا رضي هللا عنه أوىل باإلمامة، إذا مل يكن كفر فبأن خيطئ صاحبه ويظن أن املخالف فيه كار بإثبات اجلهة، فلم يكفر بأن يغلط أو يظن أن نايف اجلهة كف وكذلك احلنبلي إذا مل ي .هو خطأ يف مسألة شرعية

إذا قذف أحد املسلمني صاحبة بالكفر فقد باء : " وأما قول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم .مكذب وليس مبتأولفمن عرف من غريه أنه مصدق لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم، مث . ره مع معرفته حبالهكف ي معناه أن، "به أحدمها

إذ قد يظن . ب الرسول فهذا غلط منه يف حال شخص واحدره لظنه أنه كذ فأما إن كف .ره فيكون املكفر كافرا كف ي .به أنه كافر مكذب وليس كذلك، وهذا ال يكون كفرا

فدناك ]ذه الرتديدات التنبيه على أعظم الغور يف هذه القاعدة، وعلى القانون الذي أن يـتبع فيه،فقد أ فاقنع به، والسالم

الغزايل

128

الترب املسبوك يف نصيحة امللوك

اإلميان أصول •o األصل األول قاعدة االعتقاد الذي هو أصل اإلميان o نزيه اخلالق تعاىلاألصل الثاين يف ت o األصل الرابع يف العلم o األصل اخلامس والسادس يف أنه مسيع بصري o األصل السابع يف الكالم o األصل الثامن يف أفعاله تعاىل o يف ذكر اآلخرةاألصل التاسع o األصل العاشر يف ذكر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم

أصول العدل واإلنصاف عشرة •o األصل األول o األصل الثالث o األصل الرابع o األصل اخلامس o األصل السادس o األصل السابع o األصل الثامن o األصل التاسع o األصل العاشر

بيان العينني اللتني مها مشرب شجرة اإلميان •o العني األوىل يف معرفة الدنيا ومل أوجد فيها اإلنسان o العني الثانية معرفة النفس األخري

احلكاية األوىل � احلكاية الثانية � احلكاية الثالثة �

الغزايل

129

احلكاية الرابعة � احلكاية اخلامسة �

يف ذكر العدل والسياسة وذكر امللوك وسريهم •o عسسحكاية عن عمر بن اخلطاب يطوف مع ال o حكاية لعمر بن عبد العزيز مع خازن لبيت املال o حكاية رجل انقطع من قافلة احلج وضل الطريق o حكاية عن املأمون ووالته o حكاية عن يزدجر بن شهريار o ة عن أزدشريحكاي o حكاية عن ملوك العجم

الباب الثاين يف سياسة الوزارة وسرية الوزراء •o حكاية عن سليمان عليه السالم

اب وآداeمت الباب الثالث يف ذكر الك •o حكاية لشاهنشاه مع وزرائه

الباب الرابع يف مسو مهم امللوك •o حكاية عن األمري عمارة بن محزة o حكاية جلعفر بن موسى اهلادي o حكاية النو شروان مع ندمي له o كاية تفاخر عبدينح

الباب اخلامس يف ذكر حلم احلكماء • الباب السادس يف شرف العقل والعقالء •

o حكاية عن اخلليفة املنصور o حكاية لسليمان عليه السالم

لسابع يف ذكر النساءالباب ا •o حكاية لفاسق مع امرأة عفيفة o حكاية للحسن البصري مع رابعة العدوية o حكاية لفاطمة الزهراء o حكاية خلسرو بن أبرويز

الغزايل

130

أصول اإلميان

اإلميان قاعدة االعتقاد الذي هو أصل:األصل األول

، وأنه ال شريك له فرد ال مثل له،العامل وهو خالق العامل ومجيع ما يف،وق ولك خالقاعلم أيها السلطان أنك خمل ، وجوده يف األبد واألزل وما للعدم إليه سبيل،وليس لبقائه فناء ،كان يف األزل وليس لكونه زوال ويكون مع األبد

. جود كل شيء به وجوده به وو ،أحد حمتاج إليه وليس له إىل أحد احتياج وهو موجود بذاته وكل

يف تنزيه اخلالق تعاىل:األصل الثاين

وأنه تعاىل منزه عن الكيف والكم ،حيل يف قالب وأنه ال ينزل وال، تعاىل ذكره ليس له صورة وال مثلالبارئاعلم أن يل والتمثيل وكلما خيطر يف الوهم واخليال والفكر من التخ، شيءهيشبه وأنه ال يشبه شيئا وال،وعن ملاذا وكمليس يف وأنه تعاىل جده، ألن ذلك من صفات املخلوقني وهو خالقها فال يوصف ]ا،منزه عن ذلك والتكيف فانه

وأنه ،وعرشه حتت قدرته وتسخريه ، وكل ما يف العامل فإنه حتت عرشه، فإن املكان ال حيصره،مكان وال على مكان . بل العرش ومحلته حيملهم لطفه وقدرته ش حبامل له وليس العر ،ها عن املكاننز تمقبل العرش كان

يف العلم:األصل الرابع

ألن ،إىل الثرى إال قد أحاط به علمه فليس شيء يف العال،وأنه تعاىل عامل بكل معلوم وعلمه حميط بكل شيءلقفار وقطرات األمطار وأنه تعاىل يعلم عدة رمال ا،وبقدرته كو�ا األشياء مجيعها بعلمه ظهرت وبإرادته خلقها

وأن مجيع ما . األفكار وما دارت عليه الرياح واهلواء يف علمه ظاهر مثل عدد جنوم السماء وورق األشجار وغوامض ، زيادة أو نقصان، نفع أو ضر، خري أو شر،صغري أو كبري ،يف العامل بإرادته ومشيئته وليس شيء من قليل أو كثري

لو اجتمع األنس واجلن واملالئكة والشياطني على أن . وتدبريه ومشيئته وتقديره كمه إال حب، صحة أوراحة أو تعب .ذلك ومل يقدروا نقصوا منها أو يزيدوا فيها بغري إرادته وحوله وقوته لعجزوا عنسكنوها أو ي ذرة أو ي حيركوا يف العامل

. ويكون أو هو كائن فإنه بتدبريه وأمره وتسخريه ن ومهما كا،رد مشيئتهوما شاء هللا كان وما ال يشاء ال يكون وال ت

يف أنه مسيع بصري:األصل اخلامس والسادس

وأنه بسمع واحد وبصر واحد يرى ،رص ب بصري لكل م ، فإنه مسيع لكل مسموع،وكما أنه عامل جبميع املعلومات وأن مسعه ليس بأذن وبصره ،ق األرضالدود حتت أطبا وال خيفى عن مسعه صوت،دبيب النملة يف الليلة املظلمة

. ليس بعني

الغزايل

131

يف الكالم:األصل السابع

وكما أنه عامل مريد . فانه حق وأمره كالمه وأن أمره تعاىل على مجيع اخللق نافذ واجب مهما أخربه من وعد ووعيدالتوراة واإلجنيل والزبور والقرآن و ،لسان وال فم وال أسنان وكالمه بغري حلق وال،قدير مسيع بصري فهو متكلم

وكما أن الكالم عند ،وكالمه صفته وكل صفاته قدمية . األنبياء عليهم السالم مجيعها كالمه والكتب املنزلة على . فكالم هللا منزه عن األصوات واحلروف اآلدمي حرف وصوت

يف أفعاله تعاىل:األصل الثامن

ومهما خلقه من تعب ،اخلالق الواحد وليس معه شريك وال خالق بل هو،وأن مجيع ما يف العامل خملوق له تعاىل ، ألن الظامل هو الذي يتصرف يف ملك غريه،أفعاله وال ميكن الظلم يف،ومرض وفقر وعجز وجهل فعدل منهبال وهو املالك ، وكل ما يكون وهو كائن فهو ملك لهه،وليس معه مالك سوا واخلالق تعاىل ال يتصرف إال يف ملكه

التسليم وما ألحد غري،وليس ألحد عليه اعرتاض بلم وكيف ولكن له احلكم واألمر يف كل أفعاله ،شبيه وال شريك . فيكون ففعله بغري آلة وعدة يقول للشيء كن،وكما أن علمه ال يصدر عن فكرة . نعه والرضا بقضائهوالنظر إىل ص

يف ذكر اآلخرة:األصل التاسع

ا من هذا العامل نزال للروح وجعل اجلسد م ،لق العامل من نوعني جسد وروحوأنه تعاىل خ وجعل ،لتأخذ زادا آلخر فإذا جاء ،املدة هو أجل تلك الروح من غري زيادة وال نقصان فآخر تلك،لكل روح مدة مقدرة تكون يف اجلسد

ومها، إىل جسده ليجيب سؤال منكر ونكريضع امليت يف قربه أعيدت روحهوإذا و ،واجلسد األجل فرق بني الروح . حيات وعقارب ب عذباه ومآل قربهشخصان هائالن عظيمان فيسأالنه من ربك ومن نبيك فإن استعجم ومل جي

نشر الصحف وتعرض األعمال على وت ،إىل اجلسد رد الروح ت ،ويوم القيامة يوم احلساب واملكافأة واملناقشة وا¾ازاة وتوزن أعماله يف ،أعماله ويشاهد أفعاله ويعلم مقدار طاعته ومعصيته ظر كل إنسان يف كتابه فريى فين،اخلالئق

فكل من كان يف هذا ،والصراط أدق من الشعرة وأحد من الشفرة . يؤمر باجلواز على الصراط مث،ميزان األعمال وإن مل ،واسرتاحة على الصراط وجازه يف راحة رب على الطريقة املستقيمة الصاحلة وسلوك احملجة الواضحة ع العامل

على الصراط وال نه ال جيد الطريقإواتبع هواه ف يكن على السرية احملمودة واألعمال الصاحلة الرشيدة وعصي مواله ،صدقهم والكل يوقفون على الصراط ويسألون عن أفعاهلم فيسأل الصادقون عن . يهتدي إىل اجلواز ويقع يف جهنم

اسبون بالرفق ومجاعة حي ،دخلون اجلنة بغري حسابفمن الناس قوم ي ،ن املراؤون واملنافقون ويفضحونوميتح ،يسحب الكفار إىل نار جهنم حبيث ال جيدون خالصا مث،اسبون بالصعوبة واملناقشة واحملاققة ومجاعة حي ،واملساحمة

الغزايل

132

وكل من ليس ،اعة األنبياء والعلماء واألكابر عفي عنه وكل من نالته شف،النار ويدخل أهل اجلنة ويؤمر بالعصاة إىل . ميانهإدخل اجلنة إن كان قد سلم معه مث ي ،عوقب مبقدار إمثه وعذب بقدر جرمه له شفيع

وسلم يف ذكر رسول هللا صلى هللا عليه:األصل العاشر

ماله منها ما هو سبب لسعادته ومنها ما هو وأع وجعل اإلنسان وأحواله واكتسابهوملا قدر هللا تعاىل هذا التقدير خلق هللا تعاىل حبكم فضله ورمحته وطوله ومنته ،ذلك من تلقاء نفسه واإلنسان ال يقدر أن يعرف،سبب لشقاوته

فأرسلهم إىل،كم هلم بالسعادة يف األزل وهم األنبياء عليهم الصالة والسالمأشخاص قد ح مالئكة وبعثهم إىلحممدا صلى هللا عليه وسلم وأرسل نبينا،هلم طرق السعادة والشقاوة لئال يكون للناس على هللا حجةاخللق ليوضحوا

وهلذا جعله خامت األنبياء فال نيب ،الكمال فلم يبق للزيادة فيه جمال فأوصل نبوته إىل درجة،آخرا وجعله بشريا ونذيرا أصحاب وجعل أصحابه خري،عه وجعله سيد األولني واآلخريننس واجلن بطاعته واتبااخلالئق من اإل وأمر،بعده

. األنبياء صلوات اó عليهم أمجعني

:ذكر فروع شجرة اإلميان

وما كان جاريا على ،اإلنسان من معرفة واعتقاد فذلك أصل اإلميان إعلم أيها السلطان أن كل ما كان يف قلب فإنه ال يثبت ،فإذا كان الفرع ذاويا دل على ضعف األصل . إلميانالطاعة والعدل فذلك فرع ا أعضائه السبعة من

ومهافروع اإلميان هي جتنب احملارم وأداء الفرائضواألعمال اليت هي . وعمل البدن عنوان إميان القلب، عند املوت ،راب والعفة عن احلرامالش أحدمها بينك وبني هللا تعاىل مثل الصوم والصالة واحلج والزكاة واجتناب شرب : قسمان

واألصل يف ذلك أن تعمل فيما بينك وبني . واألخرى بينك وبني اخللق وهي العدل يف الرعية والكف عن الظلم وأن تعمل فيما بينك وبني ،واالزدجار بزجره وما ختتار أن تعتمده عبيدك يف حقك اخلالق تعاىل من طاعة أمره

وأما ما يتعلق مبظامل ،أن ما كان بينك وبني اخلالق سبحانه فإن عفوه قريبواعلم .عمل معكما تؤثر أن ي الناس وال يسلم من هذا اخلطر أحد من امللوك ،عظيم الناس فإنه ال يتجاوز به عنك على كل حال يوم القيامة وخطره

. يطلب العدل واإلنصاف يوم القيامة إال ملك عمل بالعدل واإلنصاف ليعلم كيف

:واإلنصاف عشرةأصول العدل

من نعم هللا عز وجل من قام فإن الوالية نعمة.من ذلك هو أن تعرف أوال قدر الوالية وتعلم خطرها األصل األول ومن قصر عن النهوض حبقها حصل يف شقاوة ال شقاوة ،حبقها نال من السعادة ما ال �اية له وال سعادة بعده

عليه وسلم ليل على عظم قدرها وجاللة خطرها ما روي عن رسول هللا صلى هللاوالد . بعدها إال الكفر با� تعاىل

الغزايل

133

إذا كان " : وقال عليه الصالة والسالم . "سنة عدل السلطان يوما واحدا أحب إىل هللا من عبادة سبعني" : أنه قال وشاب ، رعيتهيف سلطان عادل : ال سبعة أناسإ وال يستظل بظله ،ملجأ إال ظل هللا يوم القيامة ال يبقى ظل وال

يف خلوته فأذرى ورجل ذكر هللا، ورجالن حتابا يف هللا، ورجل يكون يف السوق وقلبه يف املسجد،عبادة ربه نشأ يفجل يتصدق سرا ر و ،إين أخاف هللا ورجل دعته امرأة ذات حسن ومجال ومال إىل نفسها فقال،دمعه من مقلته

إليه السلطان العادل أحب الناس إىل هللا تعاىل وأقر]م " : وقال عليه الصالة والسالم . " بيمينه ومل تشعر ]ا مشاله والذي نفس حممد بيده إنه لريفع " : وقال عليه الصالة والسالم ." وأبغضهم إليه وأبعدهم منه السلطان اجلائر

فإذا . "سبعني ألف صالة ة يصليها تعدل وكل صال،للسلطان العادل إىل السماء من العمل مثل عمل مجلة الرعية ومن مل .ساعة من عمره جبميع عمر غريه وجيعل،عطى العبد درجة السلطنةعمة أجل من أن ي كان كذلك فال ن

ومما يدل على خطر الوالية . عليه أن جيعله هللا من مجلة أعدائه افيعرف قدر هذه النعمة واشتغل بظلمه وهواه خي هللا عليه وسلم أتى بعض األيام فلزم حقه باب الكعبة وكان يف البيت ابن عباس أن رسول هللا صلىما روي عن

وإذا ،الرمحة فارمحوهم إذا سألوكم : يا سادات قريش عاملوا رعاياكم وأتباعكم بثالثة أشياء" : فقال نفر من قريش ال يقبل هللا منه فرضا وال ،فعليه لعنة هللا ومالئكته ذا فمن مل يعمل ]،واعملوا مبا تقولون ،موكم فاعدلوا فيهمحك : وقال عليه الصالة والسالم ،"على الظاملني من حكم بني إثنني بظلم فلعنة هللا " : وقال عليه الصالة والسالم ." نفال

وقال عليه . ) متكرب للطمعيعين أنه ( " وفقري متكرب، وشيخ زان ، كاذبرجائ سلطان : ثالثة ال ينظر هللا إليهم " وكل ،تفتحون فيه جانيب الشرق والغرب ويصري يف أيديكم سيأيت عليكم يوم " : الصالة والسالم يوما للصحابةما " : وقال عليه الصالة والسالم . "من اتقى هللا وسلك سبيل التقوى وأدى األمانة عمال تلك األماكن يف النار إال

وقال عليه الصالة . "فغشهم ومل ينصح هلم ومل يشفق عليهم اال حرم هللا عليه اجلنة أمر رعيةمن عبد واله هللاوقال عليه الصالة . " أهل بيته فقد تبوأ مقعده من النارهكحفظ من ويل أمور املسلمني ومل حيفظهم " : والسالموقال عليه الصالة . "مبتدع غال يف الدين يتعدى احلدودظامل و ملك : رجالن من أميت حيرمان شفاعيت " : والسالممخسة قد غضب هللا عليهم " : وقال عليه الصالة والسالم . "السلطان الظامل أشد الناس عذابا يوم القيامة" : والسالم

،الظلم عنهم يرفع أمري قوم يطيعونه يأخذ حقه منهم وال ينصفهم من نفسه وال ،غضبه ومقرهم النار إن شاء أمضىورجل ال يأمر أهله وأوالده بطاعة هللا ،ورئيس قوم يطيعونه وال يساوي بني القوي والضعيف وحيكم بامليل واحملاباة

ورجل ظلم زوجته ، ورجل استأجر أجريا فتمم عمله ومنعه أجرته،أطعمهم وال يعلمهم أمور الدين وال يبايل من أينفصلى عن اجلنازة فلما دفن فتقدم رجل،بن اخلطاب رضي هللا عنه تبع يوما جنازةروى أن عمر وي ." يف صداقها

ن رمحته فإنه فقري إىل إ و ،عذبته فبحقك ألنه عصاك اللهم إن" : امليت وضع ذلك الرجل يده على القرب وقالفلما تكلم ]ذه الكلمات . "ا أو جابي٦٧تكن أمريا أو عريفا أو كابتا أوعوانيا وطويب لك أيها امليت إن مل،رمحتك

وقال النيب صلى . هذا اخلضر عليه السالم : فقال عمر،يوجد غاب شخصه عن عيون الناس فأمر عمر بطلبه فلم

جاسوس أو عني للسلطة على الناس 67

الغزايل

134

للعوانية فإ�م أقوام يعلقون من السماء بذوائبهم يف القيامة ويل لألمراء وويل للعرفاء وويل " : هللا عليه وسلمما من رجل ويل أمر " : وقال عليه الصالة والسالم . "النار يودون لو مل يعلموا عمال قط م إىلويسحبون على وجوهه

وإن كان ك الغل عنه فإن كان عمله صاحلا ف ،إال وجيء به يوم القيامة ويداه مغلولتان إىل عنقه عشرة من الناسالسماء ويل لقاضي األرض من قاضي" : هللا عنهوقال علي بن أيب طالب رضي . " عمله سيئا زيد عليه غل آخره

لكن ،يبدل حكما خلوف أو طمع حني يلقاه إال من عدل وقضى باحلق ومل حيكم باهلوى ومل ميل مع أقاربه ومل يؤتى بالوالة يوم القيامة" : وقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ." جيعل كتاب هللا مرآته ونصب عينيه وحيكم مبا فيه

مل ضربت عبادي فوق احلد : مث يقول ألحدهم . أنتم كنتم رعاة خليقيت وخزنة ملكي يف أرضي : فيقول هللا جل وعالمث . ال ينبغي أن يسبق غضبك غضيب : فيقول جل جالله . يا رب أل�م عصوك وخالفوك : فيقول ؟ الذي أمرت به

قال ٦٨...: فيقول تعاىل . يا رب رمحتهم : فيقول ؟احلد الذي أمرت بهمل ضربت عبادي أقل من : يقول لآلخرالوالة سواء كان صاحلا أو غري صاحل ألين مسعت رسول هللا صلي هللا أنا ال أثين على أحد من : حذيفة بن اليمان

هللا إىل الصراط أن فيوحي،يؤيت بالوالة العادلني والظاملني يوم القيامة فيوقفون على الصراط : يقول عليه وسلم ،أو أعار مسعه ألحد اخلصمني دون اآلخر ينفضهم إىل النار مثل من جار يف احلكم أو أخذ رشوة على القضاء

وقد جاء يف اخلرب أن داود عليه السالم . "حىت يصلوا إىل قرارها فيسقطون من الصراط فيهوون سبعني سنة يف النار فجاءه جربيل يف صورة ،ال يعرفه أحد وكان يسأل كل من يلقاه عن حال داود سرا ثكان خيرج ليال متنكرا حبي

. من كده وتعب يديه عم العبد إال أنه يأكل من بيت املال وال يأكل ن : فقال؟ ما تقول يف داود : له داود رجل فقال فعلمه هللا تعاىل صنعة . كدي وتعب يدي]ا من إهلي علمين صنعة آكل : فعاد داود إىل حمرابه باكيا حزينا وقال

لوتركت " : وكان يقول،يتداركه وكان عمر بن اخلطاب خيرج كل ليلة يطوف مع العسس حىت يرى خلال . ٦٩الزردفانظر أيها السلطان إىل عمر مع . "عنها يف القيامة لأسعنزا جرباء على جانب ساقية مل تدهن خلشيت أن أ

وأنت قد جلست ،وصالته كيف يتفكر ويتخوف من أهوال يوم القيامة وصل أحد إىل تقواهاحتياطه وعدله وما كنا ندعو هللا أن يرينا : قال عبد هللا بن عمر ومجاعة من أهل بيته . أهل واليتكنغافال ع الهيا عن أحوال رعيتك

املؤمنني كيف وجدت ربك وبأي يا أمري : فقلت،ثين عشر كأنه قد اغتسل وهو متلفعاعمر يف املنام فرأيته بعد ،منذ فارقتكم يف احلساب : فقال . إثنتا عشرة سنة : فقلت ؟ يا عبد هللا كم يل منذ فارقتك : فقال؟حسناتك جازاك

فهذا حال عمر ومل يكن له من دنياه شيء من أسباب الوالية . جواد كرمي وخفت أن أهلك إال أن هللا غفور رحيم . سوى درة

)املصنف(ناقصة يف أصل الكتاب 68 )املعجم العريب األساسي(صناعة الدروع وعدد احلروب 69

الغزايل

135

فلما دخل املدينة سأل ،ويشاهد فعاله لروم رسوال إىل عمر بن اخلطاب لينظر أحوالها أرسل قيصر ملك : حكايةفخرج الرسول يف طلبه فوجده . بل لنا أمري قد خرج إىل ظاهر املدينة ليس لنا ملك : قالوا؟ أين ملككم : أهلها وقال

وقد وضع درته كالوسادة حتت رأسه والعرق يسقط منه إىل أن بل احلار نائما يف الشمس على األرض فوق الرملقرار من رجل تكون مجيع ملوك األرض ال يقر هلم : وقال،على هذه احلالة وقع اخلشوع يف قلبه فلما رآه،األرض

. ئفا ال يزال ساهرا خا ال جرم أنه،نا جيورك ومل ،ولكنك يا عمر عدلت فأمنت فنمت ه،هيبته وتكون هذه حال . بعد هذا وأسلم ولكن سأعود،أشهد أن دينكم لدين احلق ولوال أين أتيت رسوال ألسلمت

يسلم الوايل اال مبقارنة وال،أيها السلطان خطر الوالية عظيم وخطبها جسيم والشرح يف ذلك طويلإىل رؤية العلماء وحيرص على أن يشتاق أبدا و ،األمر عمالء الدين ليعلموه طرق العدل ويسهلوا عليه خطر هذا

فإ�م يثنون عليك ويغرونك ويطلبون رضاك،من علماء السوء الذين حيرصون على الدنيا استماع نصحهم وأن حيذرم هو الذي ال يطمع ـ والعال . طمعا فيما يف يديك من خبث احلطام ووبيل احلرام ليحصلوا منه شيئا باملكر واحليل

: قال أن شقيقا البلخي دخل على هارون الرشيد فقال لهكما ي . واملقال صفك يف الوعظفيما عندك من املال ومنإن هللا تعاىل قد أجلسك مكان : فقال . أوصين : فقال له . أنا شقيق ولست بزاهد : فقال؟شقيق الزاهد أنتوق وأنه يطلب منك الفرق بني وأنه أعطاك موضع عمر بن اخلطاب الفار ه،يق وأنه يطلب منك مثل صدقد الص

وأعطاك،وأنه أقعدك موضع عثمان بن عفان ذي النورين وهو يطلب منك مثل حيائه وكرمه ،احلق والباطل مثله : فقال . زدين من وصيتك : فقال له . موضع علي بن أيب طالب وهو يطلب منك مثل العلم والعدل كما يطلب منه

وأعطاك ثالثة أشياء بيت املال والسوط تعرف جبهنم وأنه قد جعلك بواب تلك الداراعلم أنا � تعاىل دارا ،نعم ومن خالف ، فمن جاء حمتاجا فال متنعه من بيت املال،]ذه الثالثة وأمرك أن متنع اخللق من دخول النار،والسيف

فأنت الزعيم فإن مل تفعل ما أمرك، ومن قتل نفسا بغري حق فاقتله بالسيف بإذن ويل املقتول،بالسوط ر ربه فأدبهمأ وسائر العلماء يف العامل كمثل، إمنا مثلك كمثل معني املاء : فقال . زدين : فقال له . ألهل النار واملتقدم إىل البوار

. صفاء السواقي وإذا كان املعني كدرا ال ينفع، فإذا كان املعني صافيا ال يضر كدر السواقي،السواقي

أم {: بابه وجداه يتلو هذه اآلية زيارة الفضيل بن عياض فلما وصال إىللخرج هارون الرشيد والعباس ليال :حكاية اكتسبوا اخلطايا أيظن الذين : ومعناها ،}وعملوا الصاحلات حسب الذين إجرتحوا السيئات أن جنعلهم كالذين آمنـوا

كال ساء ما ،مؤمنون ويعملون األعمال املذمومة أن نسوي بينهم يف اآلخرة وبني الذين يعملون اخلريات وهممث أمر العباس أن يطرق عليه الباب فطرق بابه . إن كنا جئنا للموعظة فكفى ]ذه موعظة : فقال هارون . حيكمون

املؤمنني وافتح أطع أمري : فقال؟ ما يصنع عندي أمري املؤمنني : فقال الفضيل . ألمري املؤمنني افتح الباب : فقالبيده ليصافح ]ا الفضيل فلما فدخل الرشيد ومجل يطوف،وكان ليال واملصباح يتقد فأطفأه وفتح الباب . الباب

يا أمري املؤمنني استعد : مث قال له . تنج من العذاب يف القيامة الويل هلذه اليد الناعمة إن مل : وقعت يده عليه قال

الغزايل

136

فبكى هارون الرشيد بكاء . مع كل واحد مسلم على حدة يطلب منك إنصافك إياه جلواب هللا تعاىل فانه يوقفك ما جعلك هامان إال وجعلين : فقال الرشيد للعباس . مهال فقد قتلته : فقال له العباس . شديدا وضمه إىل صدره

فقال له . صداق أمي ومرياثها هذه من وجه حالل من : مث وضع الرشيد بني يديه ألف دينار وقال له . فرعون . فلم يقبلها وخرج من عنده . لقيه إيل وأنت ت أنا آمرك أن ترفع يديك عما فيها وتعود إىل خالقك : الفضيل

كل مسلم أكرب منك سنا : فقال . يل العدل صف : سأل عمر بن عبد العزيز حممد بن كعب القرظي فقال: ٧٠نكتة ،رمه وعاقب كل جمرم على قدر ج ، ومن كان مثلك فكن له أخا ،له أبا ومن كان أصغر منك فكن،فكن له ولدا

. سوطا واحدا على حقد منك فإن ذلك يصريك إىل النار وإياك أن تضرب مسلما

املؤمنني إين سافرت الصني وكان ملك يا أمري : عظين فقال : هحضر بعض الزهاد بني يدي خليفة فقال ل: نكتةوهللا ما أبكي لزوال مسعي وإمنا أبكي ملظلوم : يوما وهو يبكي الصني قد أصابه الصمم وذهب مسعه فسمعته يقول

من كانت له وأمر مناديا ينادي أال كل . فال أمسع استغاثته ولكن الشكر � إذ بصري سامل يقف ببايب يستغيثوأنصفه من فكان يركب الفيل فكل من رأى عليه ثوبا أمحر دعاه واستمع شكواه . ظالمة فليلبس ثوبا أمحر

نظر كيف امؤمن من أهل بيت النبوة ف فانظر يا أمري املؤمنني إىل شفقة ذلك الكافر على عباد هللا وأنت . خصمائه . تريد أن تكون شفقتك على رعيتك

عهد آدم إىل وقتنا هذا مل يبق من : عظين قال : حضر أبو قالبة جملس عمر بن عبد العزيز فقال له :نكتة أخرىإن كان هللا معك فممن ختاف وإن مل : فقال . زدين : فقال . أنت أول خليفة ميوت : فقال . زدين : فقال . خليفة سواك

. حسيب ما قلت : قال . تلتجىء يكن معك فإىل من

؟تنعمت يف الدنيا طويال فكيف حايل يف اآلخرة قد : كان سليمان بن عبد امللك خليفة فتفكر يوما وقال : حكمةفأنفذ له قليال . فطر عليه أنفذ يل شيئا من قوتك الذي ت : وزاهد أوانه وقال وأتى إىل أيب حازم وكان عامل أهل زمانه

فيقال ،فلما رأي سليمان ذلك أفطر الليلة الثالثة على تلك النخالة املشوية . طوري هذا ف : من خنالة وقد شواها فقالوكان واحد زمانه يف عدله . العزيز إنه يف تلك الليلة تغشى أهله فكان منها عبد العزيز وجاء منه عمر بن عبد

لك بربكة نيته وصيامه وأكله وقيل أن ذ،بن اخلطاب رضي هللا عنه وإنصافه وزهده وإحسانه وكان على طريقة عمر . من ذلك الطعام

)املعجم العريب األساسي(مسألة علمية دقيقة أخرجت بدقة النظر 70

الغزايل

137

اذكر الليلة اليت : غالما فقال يل كنت أضرب يوما : قال؟ ما كان سبب توبتك : ئل عمر بن عبد العزيزس :نكتة . قليب فعمل ذلك الكالم يف .تكون صبيحتها القيامة

الرمضاء احلارة وقد رفع حاف حاسر قائم علىرأى بعض األكابر هارون الرشيد يف عرفات وهو :نكتة أخرى . أعود إىل عصيانك ودأبك أن تعود إيل برمحتك إهلي أنت أنت وأنا أنا الذي دأيب كل يوم : يديه وهو يقول

. السماء انظروا إىل تضرع جبار األرض بني يدي جبار : فقال بعض الكرباء

منت فضع املوت حتت رأسك إذا : حازم املوعظة فقال له أبو حازمو أبسأل عمر بن عبد العزيز يوما :نكتة أخرىماال تريد أن يأتيك املوت وأنت عليه فاجتنبه فرمبا وكل ،وكل ما أحببت أن يأتيك املوت وأنت عليه مصر فالزمه

عظ ]ا ظ اليت و املواع فينبغي لصاحب الوالية أن جيعل هذه احلكاية نصب عينيه وأن يقبل . كان املوت منك قريبا امللوك مبثل هذه املواعظ وال يغروهم وال يدخروا وينبغي للعلماء أن يعظوا،ملا سأله أن يعظها فكلما رأى ع،غريه

وهللا سبحانه وتعاىل أعلم،مشارك هلم وكل من غرهم فهو،عنهم كلمة احلق

األصل الثالث

لكن،من ذلك ينبغي أن ال تقنع برفع يدك عن الظلم وأصحابك وعمالك ونوابك فال ترضى هلم ذب غلمانك . نفسك بالظلم فإنك تسأل عن ظلمهم كما تسأل عن ظلم

أما فإن أسعد الوالة من سعدت به " : كتب عمر بن اخلطاب رضي هللا عنه إىل عامله أيب موسى األشعري :نكتةكمثل دابة رأت وإمنا مثلك.سط فإن عمالك يقتدون بكوالتب فإياك. وإن أشقى الوالة من شقيت به رعيته،رعيته

كل :ويف التوراة . "ؤكلذبح وت حىت مسنت فكان مسنها سبب هالكها أل�ا بذلك السمن ت مرعى خمضرا فأكلت كثريا أن وينبغي للوايل . خذ به وعوقب عليهمنسوبا إليه وأ مه السلطان من عماله فسكت عنه كان ذلك الظلمظلم عل

فا�م يستنبطون ، وأكثر الناس يف خدمة شهوا`م،بدنيا غريه يعلم أنه ليس أحد أشد غبنا ممن باع دينه وآخرتهعنده نون الظلمس وكذلك العمال ألجل نصيبهم من الدنيا يغرون الوايل وحي . الشهوات احليل ليصلوا إىل مرادهم من

وهالك نفسه ألجل درهم عدو أشد عداوة ممن يسعى يف هالكك وأي.راضهمغفيلقونه يف النار ليصلوا إىل أوعماله للعدل وحيفظ أحوال ويف اجلملة ينبغي ملن أراد حفظ العدل على الرعية أن يرتب غلمانه . يكتسبه وحيصله

وذلك ،اطنهوال يتم له ذلك إال حبفظ العدل أوال من ب ،العمار وينظر فيها كما ينظر يف أحوال أهله وأوالده ومنزله بل جيعل شهوته وغضبه ، وال جيعل عقله ودينه أسرى شهوته وغضبه،عقله ودينه أن ال يسلط شهوته وغضبه على

وأن الشهوة والغضب ومن جند البارئ جلت قدرته،وجيب أن يعلم أن العقل من جوهر املالئكة . ودينه أسرى عقلهوأول ما تظهر مشس . أسرى جند الشيطان كيف يعدل يف غريهمفمن جيعل جند هللا ومالئكته . من جند الشيطان

الغزايل

138

ومن طلب الشعاع يف غري ،شعاعها إىل الرعية مث ينشر نورها يف أهل البيت وخواص امللك فيصل،العدل يف الصدرال وكم،واعلم أيها السلطان وتبني أن ظهور العدل من كمال العقل . نالي الشمس فقد طلب احملال وطمع فيما ال

مثال إذا كنت جتور على الناس ألجل . أن ترى األشياء على ما هي وتدرك حقائق باطنها وال تغرت بظاهرها العقل فإن كان مقصودك من الدنيا أكل الطعام الطيب فيجب أن ،مقصودك من الدنيا فينبغي أن تنظر أي شيء،الدنيا

التاج وإن كان مقصودك لبس،األكل من طباع البهائمشهوة ]يمة يف صورة آدمي ألن الشهوة إىل تعلم أن هذهضي غضبك على أن مت وإن كان مقصودك،فإنك امرأة يف صورة رجل ألن التزين والرعونة من أعمال النساء

وإن كان مقصودك أن ،طباع السباع أعدائك فأنت أسد أو سبع يف صورة آدمي ألن إحضار الغضب للقلب منعاقال لعلمت أن الذين خيدمونك إمنا هم خدم وغلمان فإنك لو كنت، صورة عاقلختدمك الناس فأنت جاهل يف

وعالمة ذلك أ�م لو مسعوا إرجافا بأن ،خدمتهم وسجودهم ألنفسهم ال لك نأ و ،لبطو�م وفروجهم وشهوا`م ا لذلك ويف أي موضع علموا الدرهم خدموا وسجدو ،منك وتعطى لسواك أعرضوا بأمجعهم عنك الوالية تؤخذ

والعاقل من نظر أرواح األشياء وحقائقها وال يغرت . فعلى احلقيقة ليست هذه خدمة وإمنا هي ضحكة،املوضع ومن مل يكن عاقال مل ، فكل من مل يتيقن ذلك فليس بعاقل،ه وأوضحناهنااألعمال ما ذكر وحقيقة هذه،بصورها

. العقل بب كان رأس مال السعادات كلها ومن مل يكن عادال مأواه جهنم فلهذا الس،عادال يكن

األصل الرابع

والغضب غول العقل ،الداعية إىل االنتقام ومن التكرب حيدث عليه السخط،إن الوايل يف األغلب يكون متكربا وإذا كان الغضب غالبا فينبغي أن مييل يف . ٧١ربع املهلكات وقد ذكرنا ذلك يف كتاب الغضب يف،وعدوه وآفته

ومىت جعلت، فإذا صار ذلك عادة لك ماثلت األنبياء واألولياء،ويتعود الكرم والتجاوز مور إىل جانب العفواأل . إمضاء الغضب عادة ماثلت السباع والدواب

مسع خربا قبل ا يا أمري املؤمنني : فقال يقال أن أبا جعفر املنصور أمر بقتل رجل واملبارك بن الفضل حاضر :حكايةع اخلالئق يف إذا كان يوم القيامة ومج : : هللا صلى هللا عليه وسلم أنه قال روى احلسن البصري عن رسول .لهأن تقتين قد إأطلقوه ف فقال، فال يقوم إال من عفا عن الناس، نادي مناد من كان له عند هللا يد فليقم،واحد صعيد

إذا ذكرك أحد بشيء وقال " : السالم يحىي بن زكريا عليهماوأكثر ما يكون قال عيسى عليه السالم ل . " عفوت عنه ،" فإنه يزيد يف ديوان أعمالك وأنت مسرتيح،من ذكر الشكر وإن قال فيك كذبا فازدد،فيك صحيحا فاشكر هللا

وي فقيل إن فالنا رجل ق،كر عند رسول هللا صلى هللا عليه وسلم رجلوذ . ديوانك يعين أن حسناته تكتب لك يفالقوي " : الصالة السالم فقال عليه، يقوى بكل أحد وما صارع أحدا إال صرعه : كيف ذاك فقالوا : شجاع فقال

"إحياء علوم الدين"من كتاب 71

الغزايل

139

من:ثالث من كانت فيه فقد كمل إميانه " : وقال عليه الصالة والسالم . "الشجاع من قهر نفسه ال من صرع غريهق ل ال تعتمد على خ " : وقال عمر ابن اخلطاب . "املقدرة وعفا عند ، وأنصف يف حال رضاه وغضبه،كظم غيظه

. "الغضب رجل حىت جتربه عند

فأخذ طبقا مملوأ من التمر اجلين ،قيل عن احلسن بن علي رضي هللا عنهما أنه بلغه عن رجل كالم يكرهه: حكاية وما : ر إىل احلسني ومعه الطبق فقالالرجل وفتح الباب فنظ فقام، فطرق الباب،ومحله بنفسه إىل دار ذلك الرجل

. نك أهديت إيل حسناتك فقابلت ]ذاأنه بلغين عنك إخذه ف : قال ؟هذا يا ابن بنت رسول هللا

فقصده غلمانه ، إىل املسجد فسبه رجلماخرج زين العابدين علي بن احلسني رضي هللا عنه: حكاية أخرى يا هذا أنا أكثر مما : إىل ذلك الرجل وقال مث التفت، كفوا أيديكم عنه : قالنه فنهاهم زين العابدين و و ليضربوه ويؤذ

فخجل واستحىي فخلع عليه . فإن كان لك حاجة يف ذكره ذكرته لك،عرفته وما ال تعرفه مين أكثر مما قد،تقولهللا رسول هللا صلى أشهد أن هذا الشاب ولد : وأمر له بألف درهم فمضي الرجل وهو يقول زين العابدين قميصه

أما مسعت : له زين العابدين روى أن زين العابدين استدعى غالما له وناداه مرتني فلم جيبه فقالوي . عليه وسلم أمنت وعرفت طهارة أخالقك : قال؟إجابيت علي فما محلك على تركك : قال. بلى قد مسعت : فقال؟ندائي

روى عنه أنه كان له غالم فعمد إىل شاة فكسر رجلها فقال وي . مين عبدي نأم احلمد � الذي : فقال.فتكاسلتأذهب فأنت حر ، وهو إبليس،مكظ من الذي عل ي ما أنا أغ : قال. فعلته عمدا ألغيظك : قال؟فعلت هذا مل : له

ا فما أبايل،عقبة وبني جهنم يا هذا بيين : روى أن رجال سبه فقال له زين العابدينوي . لوجه هللا تعاىل ، إن أنا أجزدرجة قد يبلغ الرجل حبلمه وعفوه " : وقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم . وإن أنا مل أجزها فأنا أكثر مما تقول

س روى أن إبليوي . "أهل منزله ويكون رجل يكتب يف جريدة اجلائرين وال والية له وال حكم إال على،الصائم القائم وما الثالثة : أشياء وتطلب يل من هللا حاجة واحدة فقال يا موسى أعلمك ثالثة : رأى موسى عليه السالم فقال

فإن احلردان يكون خفيف الرأس وأنا ألعب به كما يلعب الصبيان ٧٢الغضب واحلرد حذر مناأشياء فقال يا موسى للخلق شركا حذر من النساء فإين ما نصبتا و ،دينهحذر من البخل فإين أفسد على البخيل دنياه و او ،بالكرة

اليكظمه مأل هللا قلبه من كظم غيظه وهو قادر على أن " : وقال عليه الصالة والسالم . اعتمد عليه مثل النساء الصالة وقال عليه . " ألبسه هللا تعاىل حلل الكرامة ومن مل يلبس ثوبا طويال خوفا من التكرب واخليالء،باإلمياندخل أ علمين عمال : جاء رجل إىل النيب صلى هللا عليه وسلم فقالو . "ويل ملن يغضب وينسى غضب هللا " : والسالم

عنك ذنوب استغفر هللا قبل صالة العصر سبعني مرة لتكفر" : قال؟ مث ماذا : قال . "ال تغضب" : فقال.اجلنة به . ألبيك : قال.ذنوب سبعني سنة وما ألمي : قال. ألمك : فقال.بعني سنة ما يل ذنوب س : فقال".سبعني سنة

)املعجم الوجيز(الغضب 72

الغزايل

140

وروى ابن مسعود أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم . نعم : قال. ألخوتك : قال. وما أليب ذنوب سبعني سنة : قالصلى هللا يت ذلك لرسول هللاك فح . يعين أ�ا ليست بإنصاف، ما هذه القسمة : ماال فقال له رجل كان يقسم يوما

. موسى فإنه أوذي فصرب على األذى رحم هللا أخي : عليه وسلم فغضب وامحر وجهه ومل يقل شيئا سوى أن قال فإن مل يؤثر ،ثر فيه هذا القدرأإميا�م ثابتا فهذه اجلملة من احلكايات واألخبار تقنع يف نصيحة الوالة إذا كان أصل

. اإلميان وإنه ما بقي من إميا�م إال احلديث باللسان قد أخلوا قلو]م منما ذكرناه فيهم ف

األصل اخلامس

فكل ما ال ترضاه ،ن الوايل سواكأو نك واحد من مجلة الرعيةأقدر عرض عليك ت إنك يف كل واقعة تصل إليك وت نت رعيتك وغششت أهل قد خ مبا ال ترضاه لنفسك ف وإن رضيت هلم،لنفسك ال ترضى به ألحد من املسلمني

: األمني جربيل عليه السالم فقال طبوي أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كان قاعدا يوم بدر يف ظل فهر . واليتكمن أحب النجاة " : وقال عليه الصالة والسالم . فعوتب ]ذا القدر ؟ يا حممد أتقعد يف الظل وأصحابك يف الشمس

به وكل ما ال يرضى،اجلنة فينبغي أن يكون حبيث إذا جاءه املوت وجد كلمة الشهادة بلسانه إىلمن النار والدخولمن هللا من أصبح يف قلبه مهة سوى هللا فليس " : وقال عليه الصالة والسالم . " لنفسه ال يرضى به ألحد من املسلمني

. " ومن مل يشفق على املسلمني فليس منهم،يف شيء

صل السادساأل

ومىت كان ألحد من املسلمني إليك . وأحذر من هذا اخلطر،أن ال حتتقر انتظار أرباب احلوائج ووقوفهم ببابك . حوائج املسلمني أفضل من نوافل العبادات قضاءحاجة فال تشتغل عن قضائها بنوافل العبادات فإن

األصل السابع

لكن تستعمل القناعة يف ،األطعمة الطيبة بس الثياب الفاخرة وأكلأن ال تعود نفسك االشتغال بالشهوات من ل . مجيع األشياء فال عدل بال قناعة

مسعت : قال؟حالي شيئا تكرهه هل رأيت من : سأل عمر بن اخلطاب رضي هللا عنه بعض الصاحلني فقال: نكتة . ال : فقال؟ غري هذين شيء : فقال.لنهارلليل واآلخر ل أنك وضعن على مائدتك رغيفني وأن لك قميصني أحدمها

. وهللا إن هذين ال يكونان أبدا : قال

الغزايل

141

األصل الثامن

كل وال " : قال صلى هللا عليه وسلم . والعنف إنك مىت أمكنك أن تعمل األمور بالرفق واللطف فال تعملها بالشدةبرعيته اللهم الطف بكل وال يلطف " : دعا عليه الصالة والسالم يوما و . "به يوم القيامة ال يرفق برعيته ال يرفق هللا

. "واعنف على كل وال يعنف على رعيته

ما التدبري يف النجاة : العلماء كان هشام بن عبد امللك من خلفاء بين أمية فسأل يوما أبا حازم وكان من : نكتة من يقدر : قال . ن تضعه يف موضع حقأمن وجه حالل و ي تأخذه أن تأخذ الدرهم الذ : قال؟من أمور اخلالفة

. النريان من يرغب يف نعيم اجلنان ويرهب من عذاب : قال؟ هذاىعل

األصل التاسع

خري أميت الذين حيبونكم " : وسلم ألصحابه قال النيب صلى هللا عليه.أن جتتهد أن ترضى عنك رعيتك مبوافقة الشرع وينبغي للوايل أن ال يغرت بكل من وصل إليه ،وتبغضو�م ويلعنونكم وتلعنو�م شر أميت الذين يبغضونكم و ،وحتبو�م

خوفه منه بل ينبغي ثين عليه إمنا يفعل ذلك من وأن الذي ي ، وأن ال يعتقد أن الرعية مثله راضون عنه،عليه وأثىن . "الناس سنةترتيب معتمدين يسألون عن حاله من الرعية ليعلم عيبه من أل

األصل العاشر

كان عمر ابن . ال يضر سخطه فإن من سخط خبالف الشرع،ن ال يطلب رضا أحد من الناس مبخالفة الشرعأ ، والبد لكل من يؤخذ منه احلق أن يسخط،ساخط إين ألصبح ونصف اخللق علي" : اخلطاب رضي هللا عنه يقول

كتب معاوية إىل عائشة رضي . "جهال من ترك احلق ألجل رضا اخللق سوأكثر النا .وال ميكن أن يرضى اخلصمنيمن طلب رضا " : هللا صلى هللا عليه وسلم يقولل مسعت رسو : إليه تقول فكتبت.هللا عنهما أن عظيين عظة خمتصرة

هللا عليه سخط ومن طلب رضا الناس بسخط هللا تعاىل،يف سخط الناس رضي هللا عنه وأرضى عنه الناس هللا تعاىل ، ومينع األجري أجرته،ويطعمهم احلرام ، مثل أن ال يأمرهم بالطاعة وال يعلمهم أمور الدين،وأسخط اخللق عليه

".الناس سخط هللا عليه وأسخط عليه،واملرأة مهرها

بيان العينني اللتني مها مشرب شجرة اإلميان

. للعلم تستمد الشجرة منهما املاء اعلم أن هناك عيننيوإذ قد عرفت أصول شجرة اإلميان وعرفت فروعها ف

الغزايل

142

اإلنسان وجد فيها يف معرفة الدنيا ومل أ :العني األوىل

مسافر فأول منازله بطن أمه وآخر منازله حلد واإلنسان،الدنيا منزلة وليست بدار قراراعلم يا سلطان العامل أن وكل شهر ينقضي منه ،فكل سنة تنقضي من اإلنسان فكاملرحلة . دهابع وإمنا وطنه وقراره ومكثه واستقراره،قربه

وكل نفس كخطوة، سوف يقطعه٧٣ وكل يوم فكفر، وكل أسبوع فكقرية تلقاه،ريقهطاملسافر يف فكاسرتاحةا فين فيه . وبقدر كل نفس يتنفسه يقرب من اآلخرة،خيطوها ا وهذه الدنيا قنطرة فمن عمر القنطرة واستعجل بعمار

يشتغل يف دنياه إال وإمنا العاقل الذي ال . وكان جاهال غري عاقل،ونسى املنزلة اليت هي مصريه ومكانه ،زمانهكفايته كان مسا ناقعا ويتمىن أن تكون مجيع خزائنه ومهما مجعه فوق، ويكتفي منها بقدر احلاجة،الستعداده ملعاده

ومجيع ما ،ولو مجع مهما مجع فإن نصيبه ما يأكله ويلبسه ال سواه ،ا فضة وال ذهب وسائر ذخائره رمادا وترابا القد مجع ن كانإ ، فحالهلا حساب وحرامها عذاب،يكون عليه حسرة وندامة ويصعب عليه نزعه عند موته خيلفه

ا إميانه صحيحا سامل كانإن و . وإن كان قد مجع من حرام وجب عليه العذاب،لب منه احلساباملال من حالل ط واعلم أيها السلطان أن راحة . كرمي غفور رحيم فإن هللا جواد،حلضرة الديان فال وجه ليأسه من الرمحة والرضوان

وبسببها تفوت راحة اآلخرة اليت هي الدائمة الباقية ،مشوب بالنصب غص بالتعبن وأكثرها م ،الدنيا أيام قالئل . دائمة بال انقضاء لى العاقل أن يصرب يف هذه األيام القالئل لينال راحةفيسهل ع ،�اية له وال فناء لك الذي الـ وامل

،ألف ليلة بال تعب وال نصب لو كان لإلنسان معشوقة وقيل له إن صربت عنها هذه الليلة سلمت إليك :نكتة عليه صربه على البعد لكن يهون،عظيما وصربه عنها أليما فإنه كان عشقه هلا،وإن كنت تزورها فإنك ال تراها أبدا

وال ألن اآلخرة ال �اية هلا، بل الدنيا ليست بشيء يف جنب اآلخرة وال شبه بينهما،اآلخرة عنها ليلة واحدة لينال . يدرك بالوهم طوهلا

. ةالدنيا وقد أوضحنا حاهلا على عشرة أمثل وقد أفردنا يف صفة الدنيا كتابا لكنا نقتنع اآلن مبا نورده من حال*

املثال األول يف بيان سحر الدنيا

وأول سحرها أ�ا تريك أ�ا ساكنة ،وماروت أحذروا الدنيا فإ�ا أسحر من هاروت " :قد قال صلى هللا عليه وسلم التدريج ذرة ى وإمنا تتسلسل عل،هاربة منك نافرة عنك على الدوام لتها وهي وإذا تأملتها خ ،عندك مستقرة معك

عمر اإلنسان مير بالتدريج وكذلك،ثل الظل إذا رأيته حسبته ساكنا وهو مير دائما ومثل الدنيا م . " فسا ن ذرة ونفسا رب عنك. وينقص كل حلظة، الدوامىعل ولذلك . وذاهل ال تشعر،وأنت غافل ال خترب وكذلك الدنيا تودعك و

: قال بعض الشعراء يف املعين

)املعجم الوجيز(القرية الصغرية : الكفر 73

الغزايل

143

]ا اللذات إال كالسراب ** ت وما الدنيا وإن كثرت وطاب

وميضي ذاهبا مر السحاب ** مير نعيمها بعد التذاذ

تنتقل عنك وأ�ا ال،دةساع ريك أ�ا لك م وت ،ظهر لك حمبة لتعشقهاحرها أ�ا ت ومن س : املثال الثاين من ذلكإىل داعة للرجال حىت إذا رأوها عشقوها ودعتهمومثلها مثل امرأة فاجرة خ . مث تعود عدوة لك على غفلة،إىل غريك

. بيتها فاغتالتهم وأهلكتهم

كم كان لك من : هرمة فقال هلا رأى عيسى عليه السالم الدنيا يف بعض مكاشفاته وهي على صورة عجوز :نكتةيا عجبا ومن : فقال.يتهم بل أنا قتلتهم وأفن : فقالت؟طلقوك ماتوا أم : فقال عيسى. ال حيصون كثرة : فقالت؟زوج

. وهم فيك راغبون وعليك يقتتلون ومبن مضى ال يعتربون ، هذا صنعك بأهلك،دواهيك

باطنها لتغر اجلاهل مبا زين ظاهرها مبحاسنه وختفي حمنتها وقواتلها يفومن سحرها أ�ا ت : املثال الثالث من ذلكوتلبس حسن الثياب وتتزين وتتجمل لتفنت اخللق في وجهها ومثلها كمثل عجوز قبيحة املنظر خت،يرى من ظاهرها

وعاينوه هالقوا عنها إزارها ندموا على حمبتها ملا شاهدوه من فضائحأو فإذا كشفوا عنها غطاءها ومخارها،من بعد وحشة قبيحة مشوهة زرقاء العني وقد جاء يف اخلرب أن الدنيا يؤتى ]ا يوم القيامة يف صورة عجوز . من قبائحها

فيقال هلم هذه الدنيا اليت ،نعوذ با� من هذه القبيحة املشوهة الوجه قد كشرت عن أنيا]ا فإذا رآها اخلالئق قالوا ، وتقطعون أرحامكم وتغرتون زخرفها،وألجلها كنتم تتحاقدون وتسفكون الدماء بغري حق ،كنتم عليها تتحاسدون

. أحبايب فيؤمر ]م فيلقون يف نار جهنم إهلي أين : يؤمر ]ا إىل النار فتقول مث

مدة عدمه وكم يكون،إن اإلنسان حيسب كم كان يف األزل قبل أن يوجد يف الدنيا: املثال الرابع من ذلكفيعلم أن مثال الدنيا كطريق املسافر ، وكم قدر هذه املدة اليت بني األبد واألزل وهي مدة حياته يف الدنيا،باملوت

وكل ، وكل يوم كميل،فرسخك وكل شهر ، وأن كل سنة كمنزل،معدودة خره اللحد وفيما بينهما منازلأوله املهد وآ وهو قاعد ذاهل وساكن غافل كأنه ،فيبقى لواحد من طريقه فرسخ وآلخر أكثر وهو يسري دائما ،نفس كخطوة . الرتاب صل بعد عشرة أيام حتت ورمبا حي،وقد اشتغل بتدبري أعمال ال حيتاج إليها بعد عشر سنني ،مقيم ال يربح

الفضائح اليت اعلم أن مثل الدنيا تتحف أهلها فيها بشهوا`م ولذا`م من األمور: املثال اخلامس من ذلكأن هاضت معدته فرأى فضيحته من كمثل إنسان أكل فوق حاجته من طعام حلو مسني إىل،يشاهدو�ا يف اآلخرة

وكذلك كلما . بعد ذهاب لذته وبقاء فضيحته من هالك معدته فندم،ازه وحاجتههالك معدته ونتونة نفسه وكره بر كمن كان ، مبثل ذلك عند نزعه خروج روحهىبتلوي ،ف اإلنسان لذات الدنيا وتبني له ذلك كانت عاقبته أصعبأل

الغزايل

144

أصعب ممن ليس له إال كان أمل فراق روحه عليه ،وكروم وبساتني وفارقه عم كثرية وذهب وفضة وجوار وغلمانله ن . ميوت ألن تلك احملبة صفة القلب والقلب حباله ال،األمل والعذاب ال يزول باملوت بل يزيد فإن ذلك،القليل

غلها وأن ش ،خمتصرة اعلم أيها السلطان أن أمور الدنيا أول ما تبدو يظنها اإلنسان قريبة: املثال السادس من ذلك فإن عيسى عليه ،وينفق فيه بضاعة العمر أشغاهلا وأحواهلا أمر يتسلسل منه أمر ورمبا كان من بعض ،ال يدوم

فال يزال يشرب حىت يهلك وال ،كلما ازداد شربا ازداد عطشا وهلبا ،طالب الدنيا كشارب ماء البحر : السالم قال كذلك ال ميكن من دخل ،ناله البللي ن خاض البحر أن الملكما ال ميكن " : قال النيب صلى هللا عليه وسلمو . يروى

. " يف أمور الدنيا أن ال يتدنس

يزين داره ومن عادة املضيف أن،مثل من حصل يف الدنيا كمثل ضيف دعي إىل مائدة: املثال السابع من ذلكاجلوهر طبقا من ذهب مملوءا ب ويضع بني يدي أضيافه، ويدعو إليها قوما بعد قوم وفوجا بعد فوج،لألضياف

مث يعاودون الطبق وا¾مرة حباهلما ملالكهما ،ويناهلم طيب رائحتها وجممرة من فضة من عود وخبور ليتطيبوا ويتبخرواوتطيب وانصرف فمن كان عاقال عارفا برسم الدعوات وضع من ذلك البخور على النار . دعاهم ليدعو غريهم كما

ومن كان أبله أمحق توهم أن . البيت وربه ما بطيبة من قلبه وشكر لصاحبومل يطمع أن يتناول الطبق وا¾مرة وتركهن من ك فلما هم باخلروج أخذ الطبق وا¾مرة فلم مي ،يريدون أن يهبومها له عدا له وهمذلك الطبق وا¾مرة قد أ

املسافر ودار يا كمثل طريق فالدن،واستعادومها منه فضاق صدره وتعب قلبه وطلب األقالة إذ ظهر ذنبه اخلروج ]ما . الضيافة ليتزودوا منها لطريقهم وال يطمعوا يف الدار

اآلخرة وإمهاهلا كمثل قوم ركبوا مركبا مثل أهل الدنيا واشتغاهلم بأشغاهلم واهتمامهم بأحواهلا ونسيان: املثال الثامنكث لئال ـ اجلزيرة واملالح يناديهم ال تطيلوا امل فنزلوا إىل،وقضاء احلاجة يف البحر فعدلوا إىل جزيرة ألجل الطهارة

وانتشروا يف نواحيها فمضوا وتفرقوا يف اجلزيرة،وال تشتغلوا بغري الوضوء والصالة فإن املركب سائر يفوت الوقتاكن فأصابوا األماكن خالية فجلسوا يف أطهر األم فالعقالء منهم مل ميكثوا وشرعوا يف الطهارة وعادوا إىل املركب

ا ، وأوفقها وأرفعها ومثارها وروضا`ا وأشجارها ومنهم قوم نظروا إىل عجائب تلك اجلزيرة ووقفوا يتنزهون يف زهروأحجارها فلما عادوا إىل املركب مل جيدوا موضعا وال ويسمعون طيب ترمن أطيارها ويتعجبون من حصبائها امللونة

ومنهم قوم مل يقنعوا بالنزهة ومل يقتصروا على الفرجة لكنهم مجعوا .،هامواضعه وأظلم رأوا متسعا فقعدوا يف أضيقيف أضيق املواضع ومحلوا ما تلك احلصباء امللونة مث محلوها معهم إىل املركب فلم جيدوا مكانا وال فرجة فقعدوا من

ك األحجار واسودت يومان حيت تغريت ألوان تل استصحبوا من تلك األحجار على أعناقهم فلم ميض إال يوم أومن الزحام ليلقوا ثقلها عن أعناقهم فندموا على ما فعلوا وحصلوا بثقل وفاح منها أكره رائحة ومل جيدوا خملصا

ومنهم قوم وقفوا مع عجائب تلك اجلزيرة وتنزهوا ويف الرجوع مل ،أعناقهم إذ كانوا بتحصيلها اشتغلوا األحجار على

الغزايل

145

املنادي ومل يسمعوا فمنهم من ا عنه وانقطعوا يف أماكنهم وختلفوا إذ مل يصيحوا إىليتفكروا حىت سار املركب فبعدو شه الضباع اهلالكون هم الكفار والقوم املتخلفون،فالقوم املتقدمون هم القوم املؤمنون املتقون . أكلته السباع و

ذلك بأ�م { : كما قال عز من قائل، إليهاوركنوا املشركون الذين نسوا هللا ونسوا اآلخرة سلموا كليتهم إىل الدنياوأما اجلماعة املتوسطون فهم العصاة الذين حفظوا أصل اإلميان ، أي ركنوا إليها ،}احلياة الدنيا على اآلخرة استحبواوحاجته إىل أن غلبت بغناه ونعمته ومنهم من متتع مع فقره فمنهم من متتع ،مل يكفوا أيديهم عن الدنيا لكنهم

. أوزارهم وكثرت أوساخهم وأوضارهم

قد جعنا فليمض واحد : فقالوا كان يف زمن عيسى عليه السالم ثالثة سائرين يف طريق فوجدوا كنزا : تاسعاملثال اليف الطعام ليأكال منه صواب أن أجعل هلما مسا قاتال ال : فمضى أحدهم ليأتيهم بطعام فقال . منا ويبتاع لنا طعاما

واتفق الرجالن اآلخران أنه إذا وصل إليهما قتاله وانفردا . فيموتا وانفرد بالكنز دو�ما ففعل ذلك وسم الطعامبذلك فاجتاز عيسى عليه السالم . فلما وصل ومعه الطعام املسموم قتاله وأكال من الطعام فماتا . دونه بالكنز

. . . . كيف قتلت هؤالء الثالثة وبقيت من بعدهم ويل لطالب الدنيا من هذه الدنيا : املوضع فقال للحواريني

معرفة النفس األخري:العني الثانية

. حال الدنيا ومتسكوا بتأميل العمر الطويل طائفة نظروا إىل شاهد : اعلم يا سلطان العامل أن بين آدم طائفتانمصريهم وكيف خيرجون من الدنيا ائفة عقالء جعلوا النفس األخري نصب أعينهم لينظروا إىل ماذا يكونوط

الدنيا يف قبورهم وما الذي يرتكونه ألعدائهم من بعدهم ويبقى وما الذي ينزل معهم من،ويفارقو�ا وإميا�م ساملقلوب أل�م كثريا أزعجوا،مللوك وأهل الدنيا أوجب وهي على ا،وهذه الفكرة واجبة على اخللق .عليهم وباله ونكاله

فإن حبضرة احلق تعاىل غالما ،قلو]م الرعب اخلالئق وأنفذوا إىل الناس الغلمان بالسيئات وأفزعوا اخلليقة وأدخلوا يف وصاحب هم ذهبا وفضة وطعاما عل وكل موكلي امللوك يأخذون ج ،وتشتيته امسه عزرائيل ال مهرب ألحد من مطالبته

عنده وسائر موكلي السالطني تنفع عندهم الشفاعة وهذا املوكل ال تنفع،عال يأخذ سوى الروح ج هذا التوكيل ال ،املوكل ال ميهل نفسا واحدا وكلني ميهلون من يوكلون إليه اليوم والليلة والساعة وهذاـ ومجيع امل،شفاعة شافع

. حكايات حواله مخسوعجائب أحواله كثرية إال أنا نذكر من أ

أراد أن ملك عظيم روى أنه كان، وكان من علماء اليهود وأسلم،وهو ما رواه وهب بن منبه: احلكاية األوىل أمراءه وحجابه وكرباء دولته رتبة بالركوب ليظهر فأمر،ي اخللق عجائبه وزينتهر يركب يوما يف مجلة أهل مملكته وي

الثياب وأمر بعرض خيوله املعروفة وعتاقه املوصوفة فاختار من مجلتها جوادا اخر فأمر بإحضار ف.للناس سلطنته فجاء ،وجتربه وجعل يركض احلصان يف عسكره ويفتخر بتيهه،السبق فركبه باملركب والطوق املرصع باجلوهر يعرف

وجعل يركض ،مثلييف العامل فقال يف نفسه من،إبليس فوضع فمه يف منخره ونفخ هواء الكرب يف أنف أنفته

الغزايل

146

فوقف بني يديه رجل عليه ثياب رثة فسلم ،وعجبه وفخره بالكربياء ويزهو باخليالء وال ينظر إىل أحد من تيهه وكربه . إرفع يدك فإنك ال تدري بعنان من قد أمسكت : على عنان فرسه فقال له امللك فقبض ، عليه فلم يرد عليه سالمه

أنا : فقال . أذنك فأصغى إليه بسمعه إ�ا سر وال أقوهلا إال يف : فقال . اذكر حاجتك : فقال . يل إليك حاجة : فقال كال ال تعود : فقال . بقدر ما أعود إىل بييت وأودع أوالدي وزوجيت أمهلين : فقال.ملك املوت أريد أن أقبض روحك

وعاد ملك املوت من هناك . الفرس فخر ميتا وأخذ روحه وهو على ظهر،فإنك قد فنيت مدة عمرك تراهم أبدا : فقال الصاحل، يل إليك حاجة وهي سر : فقال،عليه فرد عليه السالم فأتى رجال صاحلا قد رضي ربه عليه فسلم

الرتقب مرحبا بك احلمد � على جميئك فإين كنت كثري : أنا ملك املوت فقال : فقال ،قل حاجتك يف أذين .إن كان لك شغل فاقضه : فقال له ملك املوت.ولقد طالت علي غيبتك وكنت مشتاقا إىل قدومك ،لوصولك

أنا سجدت إذا: ؟ قالحتب أن أقبض روحك كيف : فقال. ليس يل شغل أهم عندي من لقاء ريب عز وجل : فقال . ونقله اىل رمحة ربه جل وعال فخذ روحي وأنا ساجد ففعل ملك املوت ما أمره به

هللا تعاىل من متاع الدنيا لريفه وي أنه كان ملك كثري املال قد مجع ماال عظيما من كل نوع خلقهر : احلكاية الثانيةقصرا عاليا مرتفعا ساميا يصلح للملوك واألمراء واألكابر فجمع نعما طائلة وبين،نفسه ويتفرغ ألكل ما مجعه

وأمر ببعض . وأقام عليه الغلمان األجالد واحلرسة واألجناد والبوابني كما أرادبابني حمكمني وركب عليه،والعظماء ،وأصحابه وخدمه ليأكلوا عنده وينالوا رفده ومجع أهل مملكته وحشمه،صطنع له من أطيب الطعاماأليام أن ي

اآلن أفرغي بالك وكلي ف، يا نفس قد مجعت نعم الدنيا بأسرها : وقال ،وجلس على سرير مملكته واتكأ عل وسادتهفلم يفرغ مما حدث به نفسه حىت أتى رجل من ظاهر القصر عليه . بالعمر الطويل واحلظ اجلزيل هذه النعم مهنأة

هائلة حبيث فجاء وطرق الباب طرقة عظيمة،خلقة وخمالته يف عنقه معلقة على هيئة سائل يسأل الطعام ثياب رثة يا ضعيف ما هذا احلرص وسوء : وقالوا ووثبوا إىل الباب وصاحوا بالطارقتزعزع القصر وتزلزل وخاف الغلمان

. قولوا لصاحبكم ليخرج إيل فلي إليه شغل مهم وأمر ملم : هلم فقال، اصرب حىت نأكل ونطعمك مما يفضل،األدب فلما عرفوه من .رت أنتم عرفوه ما ذك : فقال ؟فقالوا تنح أيها الضعيف من أنت حىت تأمر صاحبنا باخلروج إليك

إلزموا أماكنكم فأنا : بالعصي والسالح وقصدوه ليحاربوا فصاح ]م صيحة وقال الطرقة األوىل فنهضوا من أماكنهم قولوا له : امللك فقال، فارتعدت فرائضهم وبطلت عن احلركة جوارحهم ورعبت قلو]م وطاشت عقوهلم،املوت ملك

النعم اليت ما آخذ إال أنت وال أتيت إال ألجلك ألفرق بينك وبني هذه : قالف . ليأخذ بدال مين وعوضا عين فاليوم صار ،وكنت أظن أنه ينفعين لعن هللا هذا املال الذي غرين وأضرين ومنعين عن عبادة ريب : فقال . خولتها

ألي شيء تلعنين إلعن نفسك : فأنطق هللا املال حىت قال . حسريت وبالئي وخرجت صفر اليدين منه وبقي ألعدائيالفقراء وتتزكي يب على تعاىل خلقين وإياك من تراب وجعلين يف يدك لتتزود يب إىل آخرتك وتتصدق يب على فإن هللا

وأنت مجعتين وخزنتين ويف ،عونا ىف اليوم اآلخر الضعفاء ولتعمر يب الربط واملساجد واجلسور والقناطر ألكون لك

الغزايل

147

فأي ذنب يل حىت ، عدائك وأنت حبسرتك وضرائكفاآلن تركتين أل ،كر حقي بل كفرتين أنفقتين ومل تش،هواك .تلعنين

يف بعض األيام جالسا على رة وكانب كان يف زمن بين إسرائيل جبار من اجلبا : قال يزيد الرقاشي: احلكاية الثالثةلة فلشدة خوفه من هجومه وهيبة قدومه وهيئة هائ سرير ملكه فرأى رجال قد دخل من باب الدار ذا صورة منكرة

صاحب الدار وأنا الذي ال حيجبين : فقال؟الرجل ومن أمرك بالدخول إىل داري من أنت أيها : وثب يف وجهه وقالمن وال أرهب من سياسة سلطان وال يفزعين جبار وال ألحد،أحتاج يف دخويل على ملك إىل إذن حاجب وال . نعم : قال.أنت ملك املوت : ذا الكالم خر على وجهه ووقعت الرعدة يف جسده فقال لهفلما مسع ه . قبضيت فرار

وأطلب العذر من ريب وأرد األموال اليت أودعتها أقسم با� عليك أال ما أمهلتين يوما واحدا ألتوب من ذنيب : قال : فقال؟ام عمرك حمسوبة وأوقاته مثبوتة مكتوبةكيف أمهلك وأي : فقال . اآلخرة خزانيت فال أحتمل مشقة عذا]ا يف

أنفاسك ومل يبق لك نفس وقد استوفيت، إن الساعات يف احلساب وقد عربت وأنت غافل : فقال . أمهلين ساعةمث : قال. مايل عمل : فقال . عملك ال يكون عندك سوى : من يكون عندي إذا نقلتين إىل حلدي قال : فقال . واحد ولو علموا ما يصري إليه من سخط ربه ،وارتفع خل مملكتهدا وعال الضجيج من ع روحه فخر من سريره ووققبض

. لكان بكاؤهم اكثر وعويلهم أوفر

نظره ويطيل بصره إىل قال أن ملك املوت دخل على سليمان بن داود عليهما السالم فجعل حيدي : احلكاية الرابعة . ملك املوت : فقال؟ذلك الرجل الذي دخل يب هللا من كانن يا : ذلك الرجل فلما خرج قال،رجل من ندمائه

تأمر الريح أن حتملين يف هذه : فقال؟ كيف أخلصك : فقال . أخاف أن يريد قبض روحي فخلصين من يده : فقالت واحلال فعاد ملك املوت فأمر سليمان الريح فحملته يف الوق . بالد اهلند لعله يضل عين وال جيدين الساعة إىلذلك الرجل ألي سبب كنت تطيل النظر إىل : سليمان بن داود عليهما السالم فلما دخل عليه قال له ودخل على

عنها إىل أن اتفق حبمل الريح له إىل كنت أتعجب منه ألين أمرت أن أقبض روحه يف أرض اهلند وكان بعيدا : قال . هناك فكان ما قدره هللا تعاىل

حفروا قبور موتاهم على روى أن ذا القرنني مر بقوم ال ميلكون شيئا من أسباب الدنيا وقدي : احلكاية اخلامسة وما هلم ،وينظفو�ا وينخرو�ا ويزورو�ا ويعبدون هللا فيها وهم كل يوم يتعمدون تلك القبور يكنسو�ا،أبواب دورهم

فجاء ذو . وله ما يل : وقال،إليهم ذو القرنني رجال فدعا ملكهم فلم جيبهفبعث . األرض طعام إال احلشيش ونبات : قال.وال فضة وال أرى عندكم شيئا من نعم الدنيا كيف حالكم فإين ال أرى لكم شيئا من ذهب : القرنني وقال

فننظر إليها لتكون نصب أعيننا : ل فقا؟ مل حفرمت القبور على أبوابكم : وقال . قط ألن نعم الدنيا ال يشبع منها أحد : ومل تأكلون احلشيش فقال : فقال.عبادة ربنا ويتجدد لنا ذكر املوت ويربد حب الدنيا يف قلوبنا فال نشتغل ]ا عن

الغزايل

148

مث مد يده إىل طاقة فاخرج منها . للحيوانات وألن لذة الطعام ال تتجاوز احللق ألنا كرهنا أن جنعل بطوننا قبورا كان صاحب هذا : قال؟يا ذا القرنني أتعرف من كان صاحب هذا : رأس آدمي فوضعه بني يديه وقالقحف

الدنيا وكان يظلم رعيته وجيور عليهم وعلى الضعفاء ويستفرغ زمانه يف مجع حطام الدنيا القحف ملكا من ملوك : وقال له،فوضعه بني يديه ج قحفا آخر مث مد يده إىل الطاقة وأخر ،فقبض هللا روحه وجعل النار مقره وهذا رأسه

مشفقا على رعيته حمبا ألهل مملكته فقبض هللا روحه كان هذا ملكا عادال : قال؟أتعرف من كان صاحب هذا ؟ ترى أى هذين الرأسني يكون هذا الرأس : وضع يده على رأس ذي القرنني وقال مث انه،وأسكنه جنته ورفع درجته

ألن الناس : قال؟ ومل : قال . هيهات ما يل رغبة يف ذلك : ني بكاء شديدا وضمه إىل صدره فقالالقرن فبكى ذو . وكلهم أصدقائي بسبب القناعة والصعلكة فا� تعاىل معك مجيعا أعداؤك بسبب املال واململكة

لة املغرتبني ال حيبون واعلم أن أهل الغف . فاآلن جيب أن تعرف حكايات النفس األخري وتتيقن معرفتهاوقد جاء يف اخلرب أن . يربد حب الدنيا يف قلو]م وتتنغص عليهم لذة مأكوهلم ومشرو]م استماع حديث املوت لئال

ومن نسي املوت وغفل عن ذكره كان قربه حفرة ،من رياض اجلنة من أكثر ذكر املوت وظلمة اللحد كان قربه روضة هللا عليه وسلم يوما يصف أجر الشهداء وثواب السعداء الذين قتلوا يف معركة حربصلى وكان رسول هللا.من النار

فقال عليه الصالة ؟شهيدا يا رسول هللا هل ينال ثواب الشهداء من مل ميت : الكفار فقالت عائشة رضي هللا عنها : وقال عليه الصالة والسالم . " هممثل أجر الشهداء ودرجت من ذكر املوت يف كل يوم عشرين مرة كان له " : والسالم

من أعقل الناس : سئل عليه الصالة والسالم . "ويربد الدنيا يف القلوب أكثر من ذكر املوت فإنه ميحو الذنوب " ".له شرف الدنيا وكرامة اآلخرة وأحزمهم أحسنهم له استعدادا ،الناس أكثرهم للموت ذكرا أعقل" : فقال؟وأحزمهم

ذكر النفس األخري سهلت عليه أمور دنياه وقوي أصل شجرة اإلميان يف عرف الدنيا كما ذكره وكرر يف قلبهفمن وهللا جلت قدرته وعلت كلمته . ومنت فروع شجرة اإلميان عنده ولقي هللا وإميانه سامل،النمو والزيادة قلبه وأخذ يف

سن إىل عباد هللا وبريته فإن يف رعيته ه وجيتهد يف آخرته وحي على ما هي علي ينور بصرية سلطان العامل لريى األشياءاملؤمنني كان آمنا يوم ومن شفع فيه من هؤالء اخلالئق من،من اخلالئق إذا عدل فيهم كان الكل شفعاءه ألف ألف

يع وإذا صار الشف،عظيم اخلطر شديد الغرر وعاد أمره، وإن ظلمهم كان الكل خصماءه،القيامة من العذاب . خصما أشكل األمر

يف ذكر العدل والسياسة وذكر امللوك وسريهم

األنبياء عليهم الصالة والسالم ليبينوا للعباد على اعلم وتيقن أن هللا سبحانه وتعاىل اختار من بين آدم طائفتني وهمكهم ل وم ،اء بعضهم على بعض العباد من اعتدض واختار امللوك لف،معرفته السبيل ويوضحوا هلم إىل،عبادته الدليل

سمع يف كما ي ، وأحلهم أشرف حمل بقدرته،اإلبرام والنقض فربط ]م مصاحل خلقه يف معايشهم حبكمته أزمة

الغزايل

149

فإنه جيب فينبغي أن يعلم أن من أعطاه هللا درجة امللوك وجعله ظله يف األرض . السلطان ظل هللا يف أرضه:األخباريا أيها الذين آمنوا أطيعوا {: قال هللا تعاىل . هم متابعته وطاعته وال جيوز هلم معصيته ومنازعتهعلى اخللق حمبته ويلزم

هم فيما عوالسالطني وأن يطي فينبغي لكل من آتاه هللا الدين أن حيب امللوك ،}األمر منكم هللا وأطيعوا الرسول وأويللك { : يؤيت ملكه من يشاء كما قال يف حمكم تنزليه واململكة وأنه ويعلم أن هللا تعاىل يعطي السلطنة ،يأمرون

تؤيت امل

لك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك اخلري إنك من تشاءوالسلطان . }على كل شيء قدير وتنزع امل

ألن النيب ،الظامل شؤم ال يبقى ملكه وال يدوم والسلطان ، العباد وحذر من اجلور والفسادالعادل من عدل بنيويف التواريخ أن ا¾وس ملكوا العامل أربعة . "يبقى مع الكفر وال يبقى مع الظلم امللك " : صلى هللا عليه وسلم يقولالظلم �م ما كانوا يرونأو ،الرعية وحفظهم بالسوية وإمنا دامت اململكة بعدهلم يف ،فيهم آالف سنة وكانت اململكة

وقد جاء يف اخلرب أن هللا جل ذكره أوحى إىل . وعمروا بعدهلم البالد وأنصفوا العباد،واجلور يف دينهم وملتهم جائزعلم أن فينبغي أن ت . نه قومك عن سب ملوك العجم فإ�م عمروا الدنيا وأوطنوها عباديأ داود عليه السالم أن

عادال عمرت الدنيا وأمنت الرعايا كما كانت عليه يف عهد فإذا كان السلطان، عمارة الدنيا وخرا]ا من امللوك وإذا كان السلطان جائرا خربت الدنيا كما كانت يف عهد الضحاك . وكسرى أنو شروان أزدشري وأفريدون و]رام كور

العجم وأزاحوهم عن بالدهم إىل أن استوىل أهل اإلسالم وغلبوا،وهكذاوافراسيان وبرزدكنها اخلاطىء وأمثال هؤالء الصالة والسالم وذلك يف عهد خالفة عمر بن وقويت دولة دين اإلسالم بربكة نبينا حممد عليه،وعن امللك

وأ�م ،ضوملوك األر فأعلم وتيقن أن هؤالء امللوك الذين ذكرناهم كانوا أصحاب الدنيا . اخلطاب رضي هللا عنهأمساؤهم ومسا`م كما عددناه من أفعاهلم وأوردناه من ومضوا وبقيت،بلغوا من الدنيا مرادهم وصرفوا باللذات أوقا`م

فكل إنسان يذكر بالذي كان يفعله وينسب إليه ما ،احلديث الذي يبقي بعدهم الناس إمنا هم لتعلم أن ،خصاهلم وأن يبقى عن نفسه العيوب،فيجب على اإلنسان أن يزرع بذر اإلحسان . إن خريا فخري وإن شرا فشر ،كان يعمله

لئال يذكر بالقبيح وقد حل ليبقى بعدهم حسن اإلسم وصاحل الرسم ، ال سيما امللوك،الفاحشات واخلطايا املوبقات : كما قال الشاعر،بالضريح

موإن بدا منك فعد واند** اهرب من الذنب وتب يا فـىت

ومن مساوي الدهر خف تسلم** وانف عن نفسك ما شا�ا

فكن حديثا حسنا تغنم ** وبعدك يبقى الذكر ال غريه

العقالء قراءة أخبار امللوك والنظر يف أحوال هذه فواجب على،كر الرجال بعدهم حيا`م الثانية يف الدنيايقال أن ذ . طاحل فإ�ا ال يبقى عليها صاحل وال يسلم فيها، وأن ال يعقلوا قلو]م بأمانيها،بالؤها والكثريالدنيا القليل وفاؤها

تعاىل حاكم عادل ال بد أن ينصف البارئ و ، فإن أمر اخلصوم صعب هائل،وليجتهد العاقل أن ال يكثر خصومه

الغزايل

150

بأسرها أن جتعل الناس خصوما ألجلها كما تساوي الدنيا فال،يوم القيامة بني اخلصوم ويأخذ من الظامل للمظلوم . جاء يف احلكاية

علي الدقاق رمحه هللا وكان زاهدا كان أبو علي بن إلياس إسفهسالر نيسابور فحضر يوما عند الشيخ أيب: حكايةأسألك مسألة وأريد أيها األمري : فقال له أبو علي . عظين : فقعد على ركبتيه بني يديه وقال له ،زمانه وعامل أوانه

املال : فقال؟ما أحب إليك املال أو العدوه أيها األمري أي : فقال . أجل أجيبك : فقال . نفاق اجلواب عنها بغرياألمري ودمعت فبكى. كيف ترتك ما حتبه بعدك وتصطحب العدو الذي ال حتبه معك : فقال . أحب إيل من العدو

. ذه نعم املوعظة ه : عيناه وقال

. إهلي أرين عدلك وإنصافك : مناجاته كان موسى عليه السالم يناجي ربه عز وجل على الطور فقال يف :حكايةقصد العني إ : فقال . أقدر على الصرب بتوفيقك : فقال . أنت رجل عجول حاد جريء ال تقدر أن تصرب : فقال له

زاء تلك العني وقعد إفمضى موسى وصعد إىل تل ب . بالغيوب يزائها وانظر إىل قدريت وعلمإالفالنية واختف بفارس فنزل عن فرسه وتوضأ من العني وشرب من مائها وحل من وسطه مهيانا فيه ألف فوصل إىل العني،خمتفيا العني وأخذ فجاء صيب صغري فشرب من، مث ركب ونسى اهلميان يف موضعه وسار،فوضعه إىل جانبه وصلى دينارفذكر الفارس اهلميان فعاد من ، فجاء بعد الصيب شيخ أعمى فشرب من املاء وتوضأ ووقف يف الصالة،اناهلمي

مهيانا فيه ألف دينار يف هذا املوضع هذه الساعة وما جاء إىل إين نسيت : طريقه إىل العني فوجد الشيخ فلزمه وقالكالمه وجذب فغضب الفارس من؟ف أبصرت مهيانك تعلم أين رجل أعمى فكي : فقال األعمى . هذا املكان سواك

إهلي وسيدي قد : قال موسى فعند ذلك.السيف فضرب األعمى فقتله وفتشه عن اهلميان فلم جيده فمضى وتركه : تعاىل يقولالبارئ يا موسى : عليه السالم وقال فهبط جربيل؟نفد صربي وأنت عادل فعرفين كيف هذه األحوال

الصيب كان وذلك أن أبا،أما الصيب الصغري الذي أخذ اهلميان فأخذ حقه وملكه . تعلم سرار أعلم ما الأنا عامل األوأما ذلك األعمى فإنه قبل أن . حقه أجريا لذلك الفارس فاجتمع عليه بقدر ما يف اهلميان فالذي أخذه الصيب

فلما علم موسى . وعدلنا وإنصافنا دقيق،قهووصل كل ذي حق إىل ح ،عمى قتل أبا ذلك الفارس فقد اقتص منهي . ذلك حتري واستغفر

من الظامل فتصن وأنه ي،ذكره ال خيفي عليه شيء وهذه احلكاية أوردناها ليعلم العقالء ويتصور األلباء أن هللا جل أي شيء أنت به أكثر : سئل ذو القرنني فقيل له . ندري من أين أتانا ولكن حنن غافلون عما جاءنا ال،يف الدنيا

وقال النيب . بأكثر من إحسانهوالثاين أن أكاىفء من أحسن إيل .،أحدمها العدل واإلنصاف شيئان : سرورا فقالكل شيء حىت إنه حيب إنسانا إذا ذبح شاة أن ميهي هلا إن هللا تعاىل حيب اإلحسان يف " : صلى هللا عليه وسلم

أفضل من إن هللا تعاىل مل خيلق شيئا يف األرض" : وقال موسى عليه السالم . "الذبح املدية ليعجل خالصها من أمل

الغزايل

151

إن للمحسنني " : وقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم . " والعدل ميزان هللا يف أرضه من تعلق به أوصله اجلنة،العدل أراد : قال ،}امليزان أال تطغوا يف { تفسري هذه اآلية وقال قتادة يف . " حىت احملسن إىل أهله وأتباعه،منازل يف اجلنةاألرض أوحى إليه أربع إن هللا تعاىل ملا أهبط آدم إىل " : عمر أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال وعن.به العدل وهي كلمة يل وكلمة لك وكلمة بيين ،األربع ذريتك هذه الكلماتعلمك وعلم مجيع أ يا آدم : وقال،كلمات

. وأما اليت هي لك فأنا أجازيك بعملك . أما الكلمة اليت يل فهي أن تعبدين ال تشرك يب شيئا . وبينك وبني الناسناس فهي أن تعدل فيهم وأما الكلمة اليت بينك وبني ال . وأما الكلمة اليت هي بيين وبينك فمنك الدعاء ومين اإلجابة

فأما . غفر لصاحبهوظلم ي ، وظلم ال يدوم،غفر لصاحبه ظلم ال ي : الظلم ثالثة أضرب : وقال قتادة . "بينهم وتنصفوأما الظلم الذي ال يدوم . }عظيم م إن الشرك لظل{ : قال هللا تعاىل،غفر لصاحبه فهو الشرك با� تعاىلالذي ال ي

يرجع مث، فهو ظلم العبد نفسه بارتكاب الذنوب،غفر لصاحبهوأما الظلم الذي ي . فهو ظلم العباد بعضهم لبعض . فإن هللا يغفر له برمحته ويدخله اجلنة بفضله،إىل ربه

وجيتنب اهلوى والبدعة واملنكر والشبهة أن يهتم فيجب ،الدين وامللك توأمان مثل أخوين ولدا من بطن واحد :نكتةديده وزجره ووعيدهواليته من ي وإن علم أن يف،وكل ما يرجع بنقصان الشرع ،تهم بدينه ومذهبه أمر بإحضاره و

ز ع وي ،عليه العقاب ونفاه عن واليته ليطهر الوالية من إغوائه وبدعته وختلو من أهل األهواء فإن تاب وإال أوقعاحلق وإعادة رونق السنة النبوية وجيتهد يف إعزاز، ويستدمي عمارة الثغور بإنفاذ العساكر واحلماة إليها،سالماإل

، ويعلو قدره و]اؤه ومنزلته،اف سطوته أعداوه وخت ،اخللق هيبته م يفعظ وت ،حمد عند هللا طريقتهوالسرية املرضية لت فينبغي للملك ،وجيب أن يعلم أن صالح الناس يف حسن سرية امللك . دهم عند أنداظ ع ويـ ،ويكرب يف عني أضداده

األشياء املذمومة واألفعال وال يشارك رعيته يف،يف أمور الرعية ويقف على قليلها وكثريها وعظيمها وحقريها أن ينظر ويعاقب على ،رديء الوبيلالفعل ال وأن يثيب على الفعل اجلميل ومينع من،وجيب عليه احرتام الصاحلني . املشؤومة

ومىت كان السلطان . الناس يف اخلريات وحيذروا من السيئات وال حيايب من أصر على املعصية لريغب،ارتكاب القبيحوقالت احلكماء أن طباع . أفسد يف سائر بالده،على مراده وكان ال ينهي املفسد عن فساده ويرتكه،بال سياسة

فإ�م يتعلمون ،ينتحلون ويركبون الفساد وتضيق أعينهم اقتداء بالكرباء ألن العامة إمنا،الرعية نتيجة طباع امللوككان مصروف اهلمة أال ترى أنه قد ذكر يف التواريخ أن الوليد بن عبد امللك من بين أمية . طباعهم منهم ويلزمون

األوطار واملهمات كل وطيب املطعم وقضاءوكان سليمان بن عبد امللك مهته يف كثرة األ. إىل العمارة وإىل الزراعةعلم أ ما كنت : قال حممد بن علي بن الفضل . والزهادة وكانت مهة عمر بن عبد العزيز يف العبادة.وبلوغ الشهوات

واهتموا عادة ملوكها حىت رأيت الناس يف أيام الوليد قد اشتغلوا بعمارة الكروم والبساتني أن طباع الرعية جتري علىاألكل وطيب املطعم حىت كان ورأيتهم يف زمن سليمان ابن عبد امللك قد اهتموا بكثرة،وعمارة القصور ناء الدوربب

يف أيام عمر بن عبد العزيز قد اشتغلوا بالعبادة ورأيتهم،الرجل يسأل صاحبه أي لون اصطنعت وما الذي أكلت .اخلريات وإعطاء الصدقات أعمالو وتفرغوا لتالوة القرآن

الغزايل

152

رجل أرضا فوجد فيها كنزا فمضى سريعا ذكروا أن يف زمن امللك العادل كسرى انو شروان ابتاع رجل من : حكاية ال : فقال.ومل أعلم ما فيها والكنز الذي وجدته فهو لك ومبارك عليك إمنا بعتك : فقال،إىل البائع وأخربه بذلك

بذلك وقال هل ففرح انو شروان،ذه الدعوى إىل امللك العادل انو شروان فرتافعا ].يف أموال الناس أريده وال أطمعن أ و ،أن يكون بينكما قرابة وصلة فقال انو شروان أحب. وقال اآلخر يل بنت، فقال أحدمها يل ابن؟لكما أوالد

.ضيا ما رسم هلما ففعال ما أمر به وترا.ليكون لكما ولولديكما تزوجا الولد بالبنت وتنفقا هذا الكنز يف جهازمها ولكنهما ملا علما أن ملكهما عادل طلبا ،زمن سلطان جائر لقال كل واحد منهما الكنز يل ولو أن الرجلني كانا يف

وما يعلم أنه ،نافق فكل أحد حيمل إىل السوق ما يعلم أنه فيه،وقالت احلكماء امللك كالسوق . احلق وآثرا الصدقوالعدل والصدق ن الزهدأوالرجالن اللذان وجدا الكنز وترافعا إىل السلطان علما . كاسد ال حيمله إىل ذلك السوق

ما جيري على وأما اآلن يف هذا الزمان فكل . فلذلك محاله إليه وعرضاه عليه،عند امللك وأن احلق عنده نفاق يعز ،أمانة بيحو األفعال ذوو خيانة وقلةننا رديئو األعمال قأكما ،فهو جزاؤنا واستحقاقنا يد أمرائنا وألسنة والتنا

عائدة فقد صح ]ذا احلديث أن أفعال اخللق ،" كما تكونوا يول عليكم " . فأمراؤنا ظلمة جائرون وغشمة معتدونبطة فإن ذلك دليل عة وغ وراحة ود صف بعض البالد بالعمارة وأن أهله يف أمان أما ترى أنه إذا و ،إىل أفعال امللك

فقد صح ما قالته ، وأن ليس ذلك من الرعية،أهل واليته مللك وعقله وسداده وحسن نيته يف رعيته ومععلى عدل اوكان من سياسة . "الناس على دين ملوكهم " وقد جاء يف اخلرب أيضا . ) منهم بزما�م الناس مبلوكهم أشبه ( احلكماء

ب وبقي مهما بقي يف موضعه مل يقدر أحد على إزالته من ذه انو شروان أن لو أن رجال ألقى يف مكان محال من أيها امللك ال تركن لألشرار فتخرب : وزير انو شروان متقدما عنده فقال له يوما وكان يونان،مكانه إال صاحبه

فكتب انو .الدنيا واليتك وتفقر رعيتك فيصري حينئذ ملكك إىل اخلراب وسلطانك إىل الفقر ويقبح إمسك يفسوى أرض سبخة ال تقبل الزرع صلبت خربت أنه قد بقى يف مجيع مملكيت أرض خراب إن أ : ان إىل عمالهشرو

وكان امللوك يف ذلك الزمان . والثاين جوره ، أحدمها عجز امللك : وخراب األرض من شيئني . عامل تلك األرض . اململكة يتفاخرون بالعمارة ويتحاسدون على إجتماع

فقال له يونان تريد أن .امللوك املتقدمني أل أنو شروان العادل يوما وزيره يونان وقال أريد أن ختربين بسريةس :حكاية ما وجدت هلم يف : فقال يونان. فقال أنو شروان أمدحهم بالثالثة؟واحد أمدحهم بثالثة أشياء أم بشيئني أم بشيء

وال رأيت هلم يف حال من األحوال ،رأيت هلم بشيء جهال وال ،عمل من األعمال قط كذبا شغل من األشغال والوكانوا دائما حيذرون ، وعملهرياخل كانوا دائما يسارعون إىل: فقال يونان.فقال أنوشروان أمدحهم بالشيئني . غضبا

على مما كانت كانت سلطنتهم وجرأ`م على أنفسهم أكثر: فقال.فقال أمدحهم بشيء واحد . من أعمال الشربعدنا وميلكون تاجنا وختتنا ويذكروننا كما فطلب أنو شروان الكأس وقال وهلذا سرور بالكرام الذين يأتون.غريهم

يعيش فيها فيعرب وأشقى الناس من إغرت مبلكه وعمر الدنيا وهو ال يدري كيف ينبغي أن . نذكر حنن من تقدمنا

الغزايل

153

وإمنا كان قصد أولئك امللوك وإجتهادهم يف عمارة . عذاب املؤبددنياه بالتعب وحيصل يف آخراه بالندم السرمد وال . بعدهم طيب الذكر مدى األيام والدهر الدنيا ليبقى فيها

ويعفورجني ملك هندوستان يف كان ألنو شروان كرم يعرف ]زاركام فإجتمع يوما فيه قيصر ملك الروم :حكايةفقال قيصر الروم ليس شيء يف هذه الدنيا أجود من فعل . حكمةضيافة أنو شروان فتكلم كل واحد منهم بكلمة

و شروان نفقال أ . الصاحل والذكر الطيب فإنه يذكر به صاحبه دائما فيقال بعده مل ال نكون حنن مثله اخلري واإلسم .اخلري نلت املراد وإذا عملت ،إذا تفكرت يف اخلري عملت اخلري فقال قيصر.تعالوا حىت نفعل اخلري ونتفكر يف اخلري

فقال .ن أخفيناها ندمناإ و ،ن ذكرناها خجلناإ و ،هللا من فكرة إن حنن أظهرناها استحييناها فقال يعفورجني أعاذنا .أهال لقضاء حاجته قال أحب األشياء إىل أن أقضي حاجة من رآين؟قيصر ألنو شروان أي شيء أحب إليك

. كالمهم أخاف ملوكا كان هذافقال قيصر بل أنا أحب أن ال أذنب حىت ال

م مع رعيتهم يا سلطان اإلسالم فيجب أن تسمع أقوال هؤالء وتنظر أعماهلم أنظر كيف كانت سريم وطيب خربهم وذكرهم نظر فيها من نعت عدهلم وما ي ،وتقرأ حكايا`م من الكتب وإنصافهم وحسن سري

. اجلاري على ألسنة اخللق إىل يوم القيامة

إىل حد أقام فيه احلد والعقاب ألمري املؤمنني عمر بن اخلطاب رضي هللا عنه من العدل والسياسةكان وال متدوا ،أرزاقكم وكان إذا أنفذ عماال إىل أعمال قال هلم إشرتوا دوابكم وأسلحتكم من . على ولده حىت مات

قال عبد الرمحن ابن عوف دعاين عمر بن . ائجاحلو وال تغلقوا أبوابكم دون أرباب،أيديكم إىل بيت مال املسلمني فمضيت ،سرق شيء من متاعهمبباب املدينة قافلة وأخاف عليهم إذا ناموا أن ي قد نزلاخلطاب ذات ليلة وقال

وقال عمر رضي هللا عنه جيب علي أن أسافر . وصلنا قال يل من أنت مث جعل حيرس القافلة طول ليلته فلما،معه فينبغي أن ،األرض ألن ]ا ضعفاء ال يقدرن على قصدي يف حوائجهم لبعد املكان الناس يف أقطارألقضي حوائج

م وأقضي حوائج املسلمني فال يكون يف سين أطوف عمر أبرك من هذه البالد ألشاهد أحوال العمال وأسري سري . السنة

قال ،أتأذن يل أن أصاحبك فتبعته وقلتقال زيد بن أسلم رأيت ليلة عمر بن اخلطاب يطوف مع العسس :حكاية فقصدنا النار فرأينا إمرأة أرملة ،يكون قد نزل هناك مسافر فقلنا رمبا، فلما خرجنا من املدينة رأينا نارا من بعد.نعم

اهلي أنصفين من عمر وخذ يل منه :يبكون وقد وضعت هلم قدرا على النار وهي تقول ومعها ثالثة أطفال وهمأدنو إليك فلما مسع عمر بن اخلطاب ذلك تقدم وسلم عليها وقال أتأذنني أن.إنه شبعان وحنن جياعف باحلق

مين ومنهم اجلهد واجلوع وقد منعهم فتقدم وسأهلا عن حاهلا وحال جياع وقد بلغ.ن دنوت خبري فبسم هللاإفقالت . ألشاغلهم به ليظنوا أنه طعام فيصربواتركت فيها ماء : فقالت؟ فقال عمر وأي شيء يف هذه القدر.عن اهلجوع

الغزايل

154

إىل دكان الدقيق فإبتاع منه ملء جراب مث قال زياد فعاد أمري املؤمنني وقصد دكان الدسم فإبتاع منه دمسا ومضىإن فقال ،فقلت يا أمري املؤمنني ناولنيه ألمحله عنك . واألطفال وضع اجلميع على كاهله ومضى به يطلب املرأة

يبكي إىل وجعل يسعى وهو؟حيمل عين ذنويب ومن حيول بيين وبني دعاء تلك املرأة واألطفال علي فمنمحلته عينمن الدقيق وشيئا من الدسم فوضعهما فأخذ عمر جزأ. جزاك هللا عنا خري اجلزاء:أن وصلنا إىل املرأة فقالت املرأة

ماد يسقط على وجهه وحماسنه إىل أن إنطبخت القدر نفخها والر وكلما أرادت أن ختمد،يف القدر وجعل يوقد النارفإنه أيتها املرأة ال تدعني على عمر: فقال عمر.وقال للمرأة كلي فأكلت املرأة واألطفال ،فوضع الطبيخ يف القصعة

ه عن فإن أبا بكر رضي هللا،وأول من دعي بأمري املؤمنني عمر بن اخلطاب . مل يكن عنده منك وال من أطفالك خربيا خليفة خليفة رسول هللا فلما وصل األمر إىل عمر كانوا يقولون،دعوه خبليفة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم

وإن دعومتوين أمري املؤمنني فأنا ذلك عمر بن ،أمريكم فقال يا أيها املؤمنون مسوين أمريا فإين،فكان يطول ذلك . اخلطاب

األمر إذا مل يكن له شيء يتقوت فقال كان يف أول؟ عمر يف بيت املالسئل خازن بيت املال هل إنبسط: حكايةوخطب يوما فقال أيها الناس قد كان . إىل بيت املال به أخذ قليال برسم القوت فإذا حصل عنده شيء أعاده

واآلن ،ئهمهللا عليه وسلم فكنا نعرف به ظاهر الناس وباطنهم وجيدهم وردي عهد رسول هللا صلىلىالوحي ينزل عوعمايل أن ال نأخذ وأنا على اجلهد،الوحي عنا فنحن ننظر من كل أحد إىل عالنيته وهللا أعلم بسريرته قد إنقطع

فإن شئت أن تعلم أن عدل السلطان وتقيته سبب جلميل ذكره ونيل فخره . عطي شيئا بغري حقنشيئا بغري حق وال إال له ىمدحه وحممدته وال يدع مل يكن ألحد من بين أمية وبين مروان مثلفإنظر يف أخبار عمر بن عبد العزيز فإنه

. السرية تقي السريرة وال يثين إال عليه ألنه كان عادال تقيا كرميا حسن

فاختاروا منهم رجال خلطابه فقال فوفد عليه قوم من العرب،كان يف زمن عمر بن عبد العزيز قحط عظيم :حكاية وراحتنا يف ،عظيمة وقد يبست جلودنا على أجسادنا لفقد الطعام نا أتيناك من ضرورةإأمري املؤمنني ذلك الرجل يا

،فإن كان � فا� غين عنه . ما أن يكون � أو لعباد هللا أو لكإ : خيلو من ثالثة أقسام وهذا املال ال.بيت املالفتغرغرت عينا عمر ابن عبد . علينا إن هللا جيزي املتصدقنيلك فتصدق به ن كانإ و ،وإن كان لعباد هللا فآ`م إياه

فهم األعرايب باخلروج فقال له عمر .حبوائجهم فقضيت من بيت املال وأمر،العزيز بالدموع وقال هو كما ذكرت .تعاىل فأوصل كالمي وارفع حاجيت إىل هللا،كما أوصلت إيل حوائج عباد هللا وأمسعتين كالمهم ،حلراأيها اإلنسان

.يف عبادك إهلي أصنع مع عمر ابن عبد العزيز كصنيعه :فحول األعرايب وجهه قبل السماء وقال

الغزايل

155

فجاء غالم له ،يف ضوء السراج يقال أن عمر بن عبد العزيز كان ينظر ليال فيقصص الرعية وروزنا`م :حكايةفإن هذا الدهن من بيت مال املسلمني فال وحدثين أطفيء السراج :فحدثه يف سبب كان يتعلق ببيته فقال له عمر

. كذا يكون حذر السلطان وتوقيه إذا كان عادال كما جاء يف احلكاية . املسلمني شغالأجيوز إستعماله إال يف

جئنه يوم عرفة وقلن له غدا العيد وكان لعمر بنات،كان لعمر بن عبد العزيز غالم وكان خازنا لبيت املال: حكاية وبكني ، ال أقل من ثياب بيضاء تلبسنها،املؤمنني ونراكن عريانات الرعية وبنا`م يلمننا وقلن أننت بنات أمريونساء يا أمري املؤمنني : فقال اخلازن.فدعا غالمه اخلازن وقال له أعطين مشاهريت لشهر واحد فضاق صدر عمر،عنده

عم ما قلت ن :وقال فتحري عمر، فتأخذ مشاهرة شهر أتظن أن لك عمر شهر،تأخذ املشاهرة من بيت املال سلفا . فإن اجلنة ال يدخلها أحد إال مبشقة اكظمن شهواتكن : مث التفت إىل بناته وقال،أيها الغالم بارك هللا فيك

هو أن تساوي بني ا¾هول والعدل التام.ملا كان األمراء كذلك كان حواشيهم وخدعهم على قاعد`م :حكمة وتنظر أيضا بعني واحدة وال تفضل ،واحد يف الدعاوي عرف وبني احملتشم صاحب اجلاه املعروف يف مقامالذي ال ي

وال حيرق عاقل ، فإن اجلوهر واخلزف يف اآلخرة بسعر واحد،خر غينفقري واآل أحدمها على اآلخر ألجل أن أحدمهاصدر السالطني دعوى فينبغي أن يقوم منوإذا كان لرجل ضعيف على سلطان من . حلشمة األغيار نفسه بالنار

حي من احلق ويعمل تيس وال،مملكته ويعمل حبكم هللا تعاىل وينصف ذلك العبد الضعيف ويرضيه وال حييف عليهعلى آخر حق أن يساحمه ومين به عليه كان للملك وحقيقة ذلك إن .}إن هللا يأمر بالعدل واإلحسان{ بقول هللا

فقد جاء عن النيب صلى هللا عليه . سئل عنه يوم القيامةويعملوا بسريته لئال ي ويأمر عماله الثقات أن يقتدوا مبثاله . وكل إنسان يسئل عن رعيته واحلال على هذه الصفة واملآل وسلم أنه قال كل راع يسئل عن غنمه

مر املنادي أن ينادي أينزله أن ي ل بن أمحد أمري خراسان نزل مبرو وكان رمسه يف كل موضعيقال أن إمساعي :حكايةخة قوم فتناول من البطيخ قدرا بمن اخلرنبدية ودخل مط فمضى رجل.يف العسكر إن اجلند ما هلم يف الرعية شغل

؟ له ما محلك على أن آذيت رعييت فقال،حضر بني يديهواستغاثوا فأمر بإحضاره فأ يسريا فجاءوا إىل باب امللك . مث أمر به فقطعت يده، ال أقدر ألجل خطئك على دخول النار: قال.أخطأت :قال

وكان يصل كل وقت إىل ،موليان كى عن إمساعيل الساماين يف كتاب سري امللوك أنه كان ينزل حبذاءحي : حكايةاحلجاب ويزيح البواب ليجيء كل من له ظالمة ويقف ع وكان يرف،مدينة كغد ويأمر املنادي أن ينادي يف الناس

مث ،وكان يقضي بني اخلصوم مثل احلكام إىل أن تفي الدعاوي . احلاجة على جانب البساط وخياطبه ويعود مقضيبذلتهما وأنت إهلي هذا جهدي وطاقيت قد : موضعه ويقبض على حماسنه ويوجه وجهه حنو السماء ويقول يقوم منأنصفت أنا واحدا من وما ،ظلمت تعلم نييت وال أعلم على أي عبد من عبادك حفت وال أليهم،سرارعامل األفلما كان نقي النية مجيل الطوية ال جرم عال أمره وارتفع قدره . أعلم هلي من ذلك ما الإ فأغفر يل يا ،أصحايب

الغزايل

156

تعاىل بعمرو بن ك العدل واألنصاف ظفره هللا وبربكة ذل.عسكره ألف فارس معتدين بالسالح مقنعني باحلديد وكانكثرية يل خبراسان أموال : ن عمرو ابن ليث أنفذ إليه من السجن فقالإمث . ليث حىت قبض عليه وفتح خراسان

وقال إىل اآلن مل يستقم فلما مسع إمساعيل ذلك ضحك،وأنا أسلم اجلميع إليك وأطلقين من السجن ،وكنوز موفورة يفواملآمث اليت ارتكبها يف عنقي ويتخلص من ثقل أوزارها ، يريد أن جيعل املظامل اليت احتقبها،بن ليثمعي عمرو ا

املؤمنني مث أنه أخرجه من السجن وأنفذه رسوال إىل بغداد فنال من أمري . قولوا له مايل يف مالك حاجة ،القيامةوبقيت اململكة يف عنصر السامانية . نا فارغ البال حسن احلالوجلس إمساعيل يف مملكته خبراسان آم . اخللع والتشريق

قال رسول هللا . إىل أصاغرهم وصبيا�م ظلموا اخللق وتعدوا احلق فزال ملكهم فلما إنتقل األمر.مائة وثالثني سنةمن " :صالة والسالموقال عليه ال . " من عبادة سبعني سنة عدل السلطان يوما واحدا خري " :صلى هللا عليه وسلم نإ فـقل للناس ما `وى إستماعا وال تقتل : كما قال الشاعر "والزمه الغم ل عليه سيف الغلبةسل سيف اجلور س

: من السماء مثل النخالة فقال جاء يف اخلرب أن داود عليه السالم كان ينظر يوما فرأى شيئا ينزل.اخرتت البقاء . اجلائرين نزهلا على بيوتال هذه لعنيت أ ق؟إهلي ما هذا

املؤمنني إن هللا قد أعطاك الدنيا فأعط دخل شبيب بن شيبة يوما على املهدى فقال يا أمري : نصيحة وموعظة فإنه إذا نامت ،العدل : فقال؟ الرعيةىعطالذي ينبغي أن ت فقال املهدي وما.رعيتك قسطا من طيب عيشك

،بعدها ومن ليلة ال يوم،حذر يا أمري املؤمنني من يوم ال ليلة بعدها :وقال . يف قربك نك منت آمنا الرعية يف أمن م ،تقي يف الناس من رجل فحل نفسك بالتقوى وزينها فلن يعار ،ي بالعدلاز فإنك جت ،وأعدل ما استطعت

تبلى يد املعروف . مل يزلاملال فاحظ ]ا تربح كثريا ورأس ،وليس

جدت فيه هذه اخلصال وإن و من: فقال؟دعي أحد ملكا غري هللا تعاىلرسطاطاليس هل جيوز أن ي أسئل : حكمة ألن امللوك إمنا كانوا ملوكا بالظل اإلهلي وضياء ،ناسبها العلم والعدل والسخاء واحللم والرقة وما :٧٤ كانت عارية

دم الدولة وشرف األصل والدولة اليت كانت يف حمتدهم وأصوهلم فبذلكلعلم وق العقل وا احلس وطهارة النفس وتزايدالعقل والعلم وحدة ،شيئا وهو الظل اإلهلي يظهر يف ستة عشر ] فرابرذي [ ومعىن قوهلم .كانوا ملوكا وسالطني

ين وحسن اخللق وإنصاف الضعيف والشجاعة واإلقدام والتأ الذكاء وتدارك األشياء والصور التامة واألملعية والفروسية واإلحتمال واملدارة يف مكا�ا والرأى والتدبري يف األمور واإلكثار من قراءة األخبار وحمبة الرعية وإظهار الزعامة

هذه الدنيا بقية دول ألن،وحفظ سري امللوك والفحص عن األحوال واألعمال اليت اعتمدوها امللوك وعملوا ]ا، ولآلخرة كنز وللدنيا كنز . ذكر كل إنسان بفعلهي كوها مث مضوا وانقضوا وصاروا تذكارا للناساملتقدمني الذين متل

. اآلخرة العمل الصاحل واكتساب األجر وكنز ، هذه الدنيا حسن الثناء وطيب الذكركنز

)املعجم الوجيز(ما تعطيه لغريك على أن يعيده إليك 74

الغزايل

157

تعاىل مقدمي عسكره إن هللا فقال رجل من،كان االسكندر يف بعض األيام قد ركب يف مركب مملكته: حكمةليس ذكر الرجال بعدهم بكثرة : فقال.ذكر ]م بعدكفت أعطاك ملكا عظيما فاستكثر من النساء لتكثر أوالدك

. ورجل غلب رجال الدنيا ال جيوز أن تغلبه النساء،النية األوالد لكن حبسن السرية وعدل

إذا عدل :رسطاطاليسأ فقال؟عدلما أفضل للملوك الشجاعة أم الهرسطاطاليس أيأسأل اإلسكندر : حكمة . السلطان مل حيتج إىل شجاعة

فجاء يف بعض األيام ،حقري عزل اإلسكندر عامال من عماله من عمل كثري خطري وواله أمر عمل خفيف: حكايةشرف الرجال ال ت ،أطال هللا بقاء امللك فقال؟سكندر كيف جتد عملك فقال له اال،ذلك الرجل إىل الدركاه

فأحسن . السرية واإلنصاف والعدل وجتنب اإلسراف وذلك حبسن،شرف بالرجالألعمال بل األعمال ت با . األسكندر مقاله وأعاد إليه أعماله

. يستقر العامل مركب من العدل فإذا جاء اجلور ال يثبت وال :قال سقراط: حكمة

األطراف مع دفع العدو حفظ : بثالثة أشياء فقال.سئل بزرمجهر فقيل بأي شيء يظهر عز امللك: حكمة أخرى وإن كانت ،جار السلطان خاف أهل األطراف ألنه كلما. وحب أهل الفضل، وإكرام العلماء وإعزازهم،عن احلوزة

. كانت النعم قليلة إنساغت مع األمن كما جاء يف احلكاية وإن،نعمهم كثرية فإ�ا مع اخلوف ال تنساغ

يسري إىل أن وصل إىل خيمة فجعل،نقطع رجل من قافلة احلج وضل الطريق ووقع يف الوحليقال أنه إ: حكاية فقالت العجوز ،احلاج على العجوز وطلب منها طعاما فسلم،فرأى إمراة عجوزا ورأى على باب اخليمة كلبا نائما

أنا ال أجسر أن :ل الرجل فقا.طعمكأاحليات بقدر كفايتك ألشوي لك منها و امض إىل ذلك الوادى واصطد من فأخذا من احليات بقدر،ياه وتبعهما الكلبإ فلما مضت و .فقالت العجوز أنا أتصيد معك .أصطاد احليات

يهلك من اجلوع واهلزال فأتت العجوز وجعلت تشوي له احليات فلم ير احلاج من األكل بدا وخاف أن،كفايتهما فمضى إىل العني فوجد ماء ماحلا .فأشرب فقالت له دونك والعني، مث أنه عطش وطلب منها املاء ليشرب،فأكل

.العجوز وقال أعجب منك أيتها العجوز ومن مقامك يف هذا املوضع وعاد إىل،مرا ومل جيد من شربه بدا فشربالعذبة فقال يكون يف بالدنا الدور الرحيبة الواسعة والفواكه اللذيذة اليانعة واملياه فقالت كيف تكون بالدكم

فقل يل هل ،فقالت العجوز قد مسعت هذا كله . واألطعمة الطيبة واللحوم السمينة والغنم الكثرية والعيون الغزيرة وإذا كان لكم ذنب أخذ أموالكم واستأصل أحوالكم وأخرجكم عن ،عليكم تكونون حتت يد سلطان جيور

للطيف والعيش الظريف والنعم اللذيذة مع اجلور فقالت إذا يعود ذلك الطعام ا.يكون ذلك فقال قد؟مسرتكمبعد نعمة اإلسالم الصحة أو ما مسعت أن أجل النعم ، وتعود أطعمتنا مع األمن درياقا نافعا ،والظلم مسا ناقعا

الغزايل

158

وأن يكون مع السياسة ،بالسياسة فيجب على السلطان أن يعمل،واألمن إمنا يكون مع سياسة السلطان . واألمن وسلطان هذا .حبيث إذا رأته الرعية خافوا ولو كانوا بعيدا وجيب أن تكون هيبته، ألن السلطان خليفة هللا،عادال

فإن زماننا هذا زمان ذوي ،ن أناس هذا الزمان ليسوا كاملتقدمنيإ ،ى سياسة وأمت هيبةعأو الزمان ينبغي أن يكون لهيبة فال شك السلطان منهم ضعيفا أو كان غري ذي سياسة وه وإذا كان .،الوقاحة والسفهاء وأهل القسوة والشحناء

السلطان مائة عام وال جور ويف األمثال جور. وأن اخللل يعود إىل الدين والدنيا،ذلك يكون سبب خراب البالد أنجاء يف هللا عليها سلطانا جائرا وملكا قاهرا كما وإذا جارت الرعية سلط.الرعية بعضهم على بعض سنة واحدة

. احلكاية

وال جتر على عباد هللا كل هذا ا اتق هللاهأعطي احلجاج بن يوسف الثقفي يف بعض األيام قصة مكتوب في: حكاية فإن أنا مت فال ،إن هللا سلطين عليكم بأعمالكمالناس أيها: فرقى احلجاج املنرب وكان فصيحا فقال.اجلور

. فإن هللا تعاىل خلق أمثايل كثريا وإذا مل أكن أنا كان من هو أكثر مين،ئةالسي ختلصون من اجلور مع هذه األعمال

: قال الشاعر

وال ظامل إال سيبلى بأظلم ** وما من يد إال يد هللا فوقها

وأما السلطان الذي ال . نو اخلطاؤ فقال من أمنه الطاهرون وخاف منه،سئل بزرمجهر أي امللوك أطهر: حكمة أال .بل يكون اخللق عليه ساخطني مث يذكرونه كل وقت بالقبيح سة له فليس له يف أعني الناس خطر وال حملسيا

من عوام الوالية وتوىل عليها وأراد أن يطلب احلساب من الرعية أول ما يكلمهم باهليبة ترى أن اإلنسان إذا كان كان أليب سفيان .ويف هذا الباب حكاية عجيبة . األوىلويظهر جاهه بالسياسة لعلمه أن الرعية إمنا ينظرونه بالعني

فلما . وكان قد ولد يف أيام اجلاهلية ونفاه وتربأ منه وقال ما هو يل بولد،زياد بن أبيه ىبن احلارث ولد وكان يدعابثني يفسدون أهل العراق قوما ع فلما وصل إىل العراق وجد.وصل األمر إىل معاوية قربه وأدناه وواله والية العراق

وهللا لئن خرج أحد بعد العشاء : مث قال بعد خطبته،خطبة ويسرقون فقصد زيارة املسجد اجلامع ورقى املنرب وخطب فلما كان يف الليلة الرابعة .مث أمر مناديا بذلك ثالثة أيام . فليعلم الشاهد الغائب اآلخرة آلخذن رأسه عن جسده

فسأله زياد ،وهو قائم فركب وجعل يطوف حمال البلد فرأى إعرابيا ومعه غنم لهزياد وقد مضى من الليل ثلثه خرج فقال له زياد .مكاين إىل أن أصبح وأبيع غنمي فقال أتيت مساء ومل أجد موضعا أستقر فيه فنزلت؟ما تصنع هاهنا

فسد سياسيت وتنكسر يذيع اخلرب عين أن زيادا يقول ما ال يفعل فت ن أطلقتك خفت أنإأنا أعلم إنك صادق و فلما أصبح من . وجعل يسري فكل من رآه ضرب عنقه وحز رأسه،مما هنا مث ضرب عنقه واجلنة خري لك،هيبيت

زعوا ملا رأوا من جو فتهوله الناس،قد أخذ رؤوس ألف ومخسمائة رجل مث جعلها على باب داره مثل البيدر الغد كانيقدر أحد بعد ذلك أن خيرج من منزله فلم،ائة رجل فأخذ رؤوسهم كان الليل خرج وطاف فلقي ثالمثفلما. فعله

الغزايل

159

رق دكانه بالليل ومهما س أيها الناس ال يغلق أحد منكم:فلما كان يوم اجلمعة رقى املنرب وقال . بعد العشاء اآلخرة رجل صرييف وقال فلما كان من الغد أتاه،الليلة فلم جيسر أحد منهم أن يغلق دكانه تلكي،منكم كان غرامته عل

فحلفه وغرم له ، فقال نعم؟فقال له زياد تقدر أن حتلف على صحة قولك ،رق مين البارحة أربعمائة دينارقد س لصالة اجلمعة فلما كان يف اجلمعة الثانية اجتمع الناس.وقال له اكتم هذا األمر وال تشعر به أحدا ،أربعمائة دينار

فإن رددمت ذلك ،دينارا وأنتم كلكم حاضرون أنه قد سرق من دكان الصرييف أربعمائة اعلموا :وصعد زياد املنرب وقالفقد أمرت أن ال ميكن أحد منكم أن خيرج من اجلامع وأمرت بقتلكم وإن مل تردوا ذلك،فقد عاد إىل الرجل ماله

هب الذي كان سرقه فأمر فرد الذ،احلال لوموا من كان يتهمونه بالسرقه وقدموه بني يديه ففي.يف هذه الساعة فأمر أن يرتك فيها ،األزد فقيل حملة بين،نه سأل بعد ذلك أي حملة يف البصرة ليس فيها أمنإمث . بصلبه يف احلال

أياما ملقى حباله ومل يكن ألحد جسارة أن يقربه وال يرفعه فبقي،ثوب ديباح له قيمة ثقيلة ليال حبيث ال يراه أحد ، أوال أهلكت خلقا كثريا ،بعد ذلك أن السياسة خري األشياء إال أنك مل ترحم املسلمني أقاربه فقال له.من مكانه

أصا]م كان من شؤم ومن شؤم خمالفتهم مل ينتهوا والذي،فقال قد أخذت عليهم احلجة قبل ذلك بثالثة أيام . أعماهلم

اخلمر وضرب الكرة والصوجلان والصيد رد وشرب وال ينبغي للسلطان أن يشتغل دائما بلعب الشطرنج والن:فصل فإن امللوك . فإذا فات الوقت عاد الربح خسرانا ،عمل وقتا فإن لكل،ألن ذلك مينعه ويشغله عن أمور الرعية

وقسم للنظر يف الرعية وإنصاف املظلومني،قسم منها لطاعة هللا وعبادته ، أقسام القدماء قسموا النهار أربعة ،واألوامر وكتابة الكتب وإرسال الرسل العلماء والعقالء ولتدبري األمور وسياسة اجلمهور وتنفيذ املراسمواجللوس بني

. وقسم للصيد ولعب الشطرنج والكرة،احلظوظ من الفرح والسرور وقسم لألكل والشرب والتزود من الدنيا وأخذ

ويف ،ففي النصف األول كان يقضي حوائج الناس . كور قسم �اره قسمني وجعله شطرين يقال أن ]رام : حكمةوكان أنو شروان العادل . ويقال أنه يف مجيع عمره ما أشتغل يوما تاما بعمل واحد.الراحة النصف الثاين كان يطلب

فكل بيت ال خيرج منه دخان ،يف البلد فينظروا إىل بيوت الناس مر أصحابه الثقات أن يصعدوا إىل أعلى مكانأيوجيب . فكان حيمل ويزيل مهوهم،موا امللكل فإن كانوا يف غم أع،أولئك القوم وما خطبهم ا وسألوا عن حالنزلو

.بغري حق على السلطان أن ال يرضى لغلمانه أن يتناولوا شيئا من الرعية

ه ثالثة آالف خراسان خلع علي يقال أن املأمون وىل يوما أربعة نفر واليات فأعطى لواحد منهم منشور: حكاية ستدعى ا مث ،اآلخر والية ارمينية وأعطاه خلعة مثلها ووىل، ووىل اآلخر والية مصر وخلع عليه خلعة مثلها،دينار

فإنه بلغين أن خلعهم ما كانت تبلغ أكثر من ؟كان مللوك العجم مثل هذه اخللع يومئذ موبذان وقال يا دهقان هل أ�م ) أحدها ( ،لكم هللا بقاء أمري املؤمنني كان مللوك العجم ثالثة ليست أطال : فقال املوبذان.آالف درهم أربعة

الغزايل

160

أ�م كانوا يأخذون من موضع جيوز األخذ منه ) والثاين ( .كانوا يأخذون ما يأخذونه من الرعية بقدر ويعطونه بقدر فقال املأمون صدقت ومل يعد عليه . أ�م ما كان خيافهم إال أهل الريب ) والثالث ( .عطىويعطون ملن ينبغي أن ي

،وجد صورته وهي مبائها ما بليت وألجل هذا ملا كشف املأمون تربة كسرى أنو شروان وفتح تابوته وفتشه . جوابا ياقوت أمحر كثري الثمن ما رأى املأمون قبله فصا مثله وكان واخلامت يف يده،والثياب جبد`ا ما تغريت وال خلقت

فأمر أن يغطى بثوب نسج من.ومعىن ذلك األجود أكرب وليس األجود أكرب . مه به ه مه نهعلى فصه مكتوب ببإهالك فلما علم به أعاده وأمر، وكان مع املأمون خادم فأخذ اخلامت من أصبع كسرى ومل يشعر املأمون.الذهب وأنه فتح تربة كسرى وأخذ خامته ،ا نباش وقال كاد يفضحين حبيث يقال عين إىل يوم القيامة إن املأمون كان،اخلادم

. من أصبعه

أوضحوا يل من احلكمة سبيال فقال،يما من حكمائه وكان قد عزم على سفركسأل االسكندر يوما ح :حكاية دخل قلبك حب شيء وال بغضه ألن أيها امللك ال ت :فقال كبري احلكماء . تقن فيه أعمايلحكم فيه أشغاىل وأ أ

واجهد أن ،صاحبا ومشريا واجعل العقل،ختذه وزيرا اعمل الفكر و ا و ،بهل وإمنا مسي قلبا لتق، كإمسهالقلب خاصته فإذا فعلت ذلك ،واحملابة يف وقت العدل واإلنصاف وجتنب امليل،تكون متيقظا وال تشرع يف عمل أمر بغري مشورة

ن ال يكون طائشا أكون امللك وقورا حليما و وينبغي أن ي،بإختيارك جرت األشياء على آثارك وتصرفت فيهاامللوك واحلرص يف العلماء والبخل يف احلدة يف : وهي يف ثالثة أقبح،قالت احلكماء ثالثة أشياء قبيحة . عجوال

. األغنياء

يكون معك ينبغي يا ملك العامل أن : فقال. شروان وصايا ومواعظوكتب الوزير يونان إىل امللك العادل أن :حكايةوينبغي يا ملك الزمان أن تنفي عنك احلسد والكرب وضيق الصدر . العقل والعدل والصرب واحلياء : أربعة أشياء دائمة

واعلم يا ملك الزمان أن الذين كانوا قبلك من امللوك مضوا والذين يأتون من بعدك مل .ويريد به البخل والعداوة . ان حمييك ومشتاقيكيصلوا فاحتهد أن يكون مجيع ملوك الزم

يسري يف الرياض املخضرة ويشاهد فجعل،رجةفيقال أن أنو شروان ركب يوما من أيام الربيع على سبيل ال :حكايةفرسه وسجد شكرا لربه وخر ساجدا ووضع خده على الرتاب فنزل عن،األشجار املثمرة وينظر إىل الكروم العامرة

فاملنة . إن خصب السنني من عدل السالطني وحسن نيتهم إىل رعيتهم:ال ألصحابهق فلما رفع رأسه،زمانا طويال . ذلك ألنه جربه يف األوقات وإمنا قال.� تعاىل الذي أظهر حسن نيتنا يف سائر األشياء

القرب عسكره خلف الصيد فرأى ضيعة ب يقال أن أنو شروان امللك العادل خرج يوما إىل الصيد فإنفرد من :حكاية فخرجت صبية فأبصرته مث عادت إىل ،وطلب ماء ليشرب وكان قد عطش فقصد الضيعة وأتى باب دار قوم،منه

فرأى فيه ترابا وقذى ،ومزجت ما عصرته منها باملاء ووضعته يف القدح البيت فدقت قصبة واحدة من قصب السكر

الغزايل

161

يا ( فقالت، أي نعم املاء لوال قذى كدره ) دناسسا ( وقال للصبية ،قليال حىت انتهى آلخره فشرب منه قليال ولو مل يكن فيه القذى ،العطش رأيتك شديد: فقالت؟ ومل فعلت ذاك: فقال. أنا عمدا ألقيت فيه القذى ) شرهيك

مث قال هلا من . كالمها وعلم أ�ا قالته عن ذكاء وفطنة فتعجب أنو شروان من.لشربته نوبة واحدة وقد يضرك شربه إذا عاد يأمر بزيادة اخلراج هشروان وأضمر يف نفسه أن فتعجب أنو. فقالت من قصبة واحدة؟كم عصرت ذلك املاء

وطلب ماء فخرجت إليه مث عاد إىل تلك الناحية بعد وقت آخر واجتاز على ذلك الباب منفردا . على تلك الناحية ؟ستعجلها أنو شروان وقال ألي شيء أبطأتاف عليه مث عادت لتخرج املاء فأبطأت،تلك الصبية بعينها فعرفته

وقد دققت ثالث قصبات ومل خيرج منها قدر ما كان خيرج من ألنه مل خيرج من قصبة واحدة قدر حاجتك:قالت فقد قيل أنه إذا تغريت نية ، فقالت سببه تغري نية السلطان؟وما سبب ذلك العجز فقال أنو شروان.قصبة واحدة

ما فضحك أنو شروان وعجب من قول الصبية وأزال من نفسه؟وم طارت بركتهم وقلت خريا`معلى ق السلطان . كان أضمره هلم وتزوج الصبية حلسن ذكائها وفصاحة كالمها

فكتب إليه احلسن ،بأصحابك ين ملا توىل األمر عمر بن عبد العزيز كتب إىل احلسن البصري أن أع : إشارة لطيفة وال جيوز للسلطان أن يسلم وزارته ،يرغب فيك وأما طالب اآلخرة فال، الدنيا فال ينصح لك أما طالب:البصري

سلم األعمال إىل ذلك الرجل فقد أفسد ملكه وظهر له اخللل الوافر فإن،وال عمال من أعماله إىل من ليس بأهل وإذا ،احلائط ر التخلخل من أساس البيت إذا ما حان خرابه ظه : كما قال الشاعر،جانب من كل وجه ومن كل

لك غري رجاله ولوا األمور لكل فدم ساقط إذا خدمت : خدم امللوك أن يكون كما قال الشاعر وينبغي ملن.توىل امل

وأما من تبسط مع .ملبس وأدخل إذا ما دخلت أعمى واخرج إذا ما خرجت أخرس عز أامللوك فالبس من التوقي ومثل من : كقول الشاعر، فليس لالنبساط معهم يف خدمتهم وجه،فقد ظلم نفسه ولو كان ولد السلطان السلطان

أو كرجل يف البحر بني ،معها تبسط مع السلطان كمثل احلواء الذي يكون دهره مع احليات يأكل معها وينام . التماسيح اليت تبلع الناس فال يزال خماطرا

خادم وال ولد وال احرتام إال من فإ�م ليس هلم صديق وال قرابة وال،ن ابتلى بصحبة السالطنيقيل ويل مل :حكمةحاجتهم منه مل يبق هلم عنده مودة ومل يبق له عندهم وفاء وال فإذا أخذوا،كانوا حمتاجني إليه لعلمه أو لشجاعته

قال سفيان ال تصحب . ذنوب غريهمستعظمون صغاري يستصغرون كبار ذنو]م و ،رياء وأكثر أشغاهلم،حياء . أتعبك وإن خالفته قتلك وأعطيك السلطان وإياك وخدمته ألنك إن كنت له مطيعا

فقال شهريار لبهرام ،الدخول يقال أن يزدجر بن شهريار دخل على والده يف وقت مل يكن ألحد إذن يف: حكايةوكان عمر يزدجرد يومئذ . وضه فالنا احلرلدركاه وأقم ع ا أمض وأضرب احلاجب الفالين ثالثنني خشبة واطرده عن

فعاد يزدجرد يف بعض األيام وأراد أن يدخل على والده ،الباب زل ذلك احلاجب األول عن فع .ثالث عشرة سنة

الغزايل

162

وقال إن عدت ورأيتك ههنا ضربتك ستني خشبة ثالثني ،يف صدره ورده على عقبه شهريار فجعل احلاجب يده إيل املعزول وثالثني لئال تعود تدخل على امللك يف غري وقت اآلذن وإن كنت ولده لئال جتلب ألجل احلاجب

كثريا من األرواح ألن،وأصلح األشياء للملك أن ال يباشر األسباب بنفسه وحيفظ ناموسه . الضرب واهلوان والطردوال ينبغي للملك أن . فسه وال جيور على الناسوكذا ينبغي أن ال جيور على ن . يتعلق بروحه وصالح الرعية يف حياته

وجيب عليه أن ينيم على فراشه كل ليلة غريه ويتحول بنفسه عن ذلك . جيازف يف األشغال وال يتساهل فيها . جاء يف احلكاية حىت إذا قصده عدو التالف نفسه وجد يف مكانه غريه فال تصل يد عدوه إليه كما،املوضع

خلص ]ريب أرواح مجاعة عيبا أل وإن كان هريب، ا�زم خسروبن ابرويز من ]رام جور وقال خربتيقال أنه: حكايةواملقصود من املقال أن زماننا هذا غري موافق والناس . بسبيب ألوف من اخلالئق هلكتكتمن أصحايب ألين إن هل

يف أمثال . السوء جيوز اإلمهال والتغافل بني أناس وال ،الفعل وعاقل امللوك مشغولون بالدنيا وحب املال فيه بني قبيح وقد كان ،املثل يضرب يف من له أصل ومن ال أصل له وهذا ،) العبد يقرع بالعصا واحلر تكفيه اإلشارة ( العرب

وهو عمر بن ،مجيع أهل الدنيا ويسخرهم بدرة كان حيملها على عاتقه ن فيه رجل واحدللناس وقت وزمان يؤم ولبدا ولو عوملوا بتلك املعاملة مل حيتملوا،والفضل يف ذلك الزمان للوقت والرعية مشغولون ، رضي هللا عنهاخلطاب

كل إنسان بشغله ويأمن لكن ينبغي للسلطان يف هذا الوقت أن يكون له أمت سياسة وهيبة ليشتغل . فيها الفساداملؤمنني على بن أىب طالب سئل أمري : لقارىء والسامعوحنن اآلن نورد خربا يستفيد به ا . الناس بعضهم من بعض

اخلرب املعروف أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ملا فقال؟كرم هللا وجهه ألي شيء ال تنفع املوعظة هؤالء اخللقة فقال قوم من الصحابة أشار إىل ثالث.الثالث وقال ال تسألوين عن حال أولئك أوصى عند وفاته أشار بأصابعه

ثالمثائة سنة فال يعين إذا مضت،قوم إىل ثالث سنني وقال قوم إىل ثالثني سنة وقال قوم ثالمثائة سنة أشهر وقالال تسألوين عن حال أولئك فكيف ينفع فإذا قال النيب صلى هللا عليه وسلم.تسألوين عن حال أولئك الرجال

واليوم العلماء نيام ،العلماء أيقاظا لك الوقت نياما وكانكان الناس يف ذوسئل عن هذا السؤال فقال . الوعظ فيهمأما زماننا هذا فهو الزمان الذي هلك فيه اخلالئق مجيعهم وقد . فأي نفع لكالم النائم مع امليت،واخللق موتى

اعة على الط ال هيبة مل يثبتواو وإذا مل يكن فيه للسلطان سياسة على اخلالئق .أعمال الناس ونيا`م خبثتوقوة اخلاص والعام وفيه يكون وقد قال النيب صلى هللا عليه وسلم العدل من الدين وفيه صالح السلطان . والصالح

كتاب الذي أنزل ال{ : وقال عز وجل يف موضع آخر . العدل خري الرعية وأمنهم وعافيتهم وكل األعمال توزن مبيزان ورأيه ، وبيته مقر ذوي الدين والفضل،للعدل وأحق الناس باجلاه واململكة من كان يف قلبه مكان.}باحلق وامليزان

قد رتبت أبوابه ، والقلب خازن قصده ، يده خزانة جوده،ومشورته وصحبته مع العقالء،من أرباب الدين والعقل ومن ،واألمر الدين كان عند رعيته مهيبا عظيم القدرم أمر كل ملك عظ :البصرى قال احلسن .عدله أبدا لطلب

: الشاعر كما قال.ف اخللق به واختاروا أن يكونوا معارفهعرف هللا تعاىل تعر

الغزايل

163

آثر كل اخللق عرفاته** من عرف اó تعاىل امسه

معرفة اخلالق سبحانه** طويب ملن أول ما حازه

إذا زرع الرحيان ونبت بينه ،حفظ بستانه قال بزر مجهر ينبغي للملك أن ال يكون يف مملكته أقل من البستاين يفقال أفالطون عالمة السلطان أن يكون قويا يف . أماكن الرحيان ستعجل يف قلع احلشيش كيال يضبطااحلشيش

حلوا يف قلوب ، شريفا يف نفسه، يكون عاقال يف ملكهنأ و ، مفكرا يف رأيه وتدبريه بقلبه،الزما لصمته ،نفسهوكل . صلبا يف دينه وعزمه،هو أقدم منه خبريا بأعمال من، جمربا لعهد من تقدمه، رفيقا يف سائر أعماله،الرعية

إذا كان وال جيد العائب له معيبا ،مهيبا ملك جتمعت فيه هذه اخلالل وحصلت له هذه اخلصال كان يف عني عدوه وإن كان عدوه قويا فإنه يظفر به وينتصر عليه مثاله قول هللا عز وجل ،امللك يرى أن حوله وقوته با� جلت قدرته

.}فئة كثرية بإذن هللا كم من فئة قليلة غلبت {

لذي يدوم ملكه أن يكون الدين والعقل منه حيني يف قلبه ليكون يف السلطان ا قال سقراط احلكيم عالمة : نكتةيكون فضله غزيرا وبيته وأن،ن العلماء وأن يكون طالبا للعلم ليعلم م ، وأن يكون العقل قريبا ،الرعية حمبوبا قلوب

تطليب العيوب لتبعد عنه وأن يبعد عن مملكته م ، ويريب األدباء ليتفرع عنه األدباء،م عند الفضالءظ ع كبريا ليـ ويتلف أقرباؤه على ،هلكته وتسرع إليه دواعي،وكل ملك مل يكن له مثل هذه اخلصال ال يفرح مبملكته . العيوب

.يده وجلساؤه ألن القيل يظهر من عدم العقل

حت صلح إن صلكأن الزمان: فقال؟ يا أبا حيىي كيف الزمان:سأل معاوية األحنف بن قيس فقال :إشارة وحكمةالعدل ألن،وقال األحنف بن قيس أن الدنيا عمرت بالعدل فكذلك خترب باجلور . الزمان وإن فسدت فسد الزمان

وقال . من مسرية ألف فرسخ واجلور يرتاكم ظالمه ويسود قتامه،يصفو نوره وتلوح تباشريه من مسرية ألف فرسخ ألن السلطان العادل صالح العباد ،العادل لغري السلطان لو كان دعائي مستجابا مل أدع به :الفضيل بن عياض

. "املقسطون على منابر اللؤلؤ يوم القيامة" :عليه صلوات هللا وسالمه وقد جاء يف اخلرب عن سيد البشر،وزينة البالد

سرقت ومل فقال أيها امللك فقدم بني يديه لص،ع احلجابفر كان االسكندر يوما على ختت مملكته وقد : حكاية . وال يطلب قلبك الصلب وال يريده،صلباالسكندر ال جرم ت فقال له.يكن يل شهوة السرقة ومل يطلبها قليب

وينظر غاية النظر فيما يأمر به من السياسة لينفذ ذلك يف أصحابه مثل وزيره فواجب على السلطان أن يعدل

الغزايل

164

ويغرب ٧٥بالرباطيل عليهىغطعدله ونظره وحسن تأمله ي ألن كثريا من سياسة السلطان و ،ونائبه وعامله وحاجبهاونه،وقته . ايةكيف تدارك ذلك كما جاء يف احل فينبغي أن جيتهد غاية االجتهاد. وذلك من تغافل امللك و

أنه تقي صاحل وما كان كان للملك كستاشب وزير امسه راشت روش و]ذا االسم كان يظن كستاشب: حكايةخلليفة امللك أن الرعية قد بطرت اآلن من ومل يكن خيرب حاله فقال راشت روش.أحد يقدح فيهيسمع فيه كالم

واآلن قد قامت منهم رائحة الفساد .إذا عدل السلطان جارت الرعية وقد قيل،كثرة عدلنا فيهم وقلة تأديبنا هلمارتشى ان كل من ألزمه اخلليفة أن يؤدبه مث إنه ك.ونزجرهم ونبعد املعتدين ونقرب الصاحلني وجيب علينا أن نؤد]م

فظهر لكستاشب .األموال إىل أن ضعفت الرعية وضاقت ]ا األحوال وخلت اخلزائن من،منه راشت روش وأطلقهفركب يوما يف شغل عليه وسار يف الربية فرأى من .عدو فاعترب خزائنه فلم جيد فيها شيئا يصلح به أمور عسكره

فلما قرب من اخليمة خرج إليه شاب ،مضروبة واألغنام نيام ورأى كلبا مصلوبا فرأى خيمة،بعد قطيع غنم فقصدههذا الكلب خربنا عن حالأ فقال كستاشب .عليه وسأله النزول فأكرمه وقدم بني يديه ما حضر كما وجب فسلم والذئبة كل ، معها ويقوم معهاينام نامي فصادف ذئبة فكانغ قال يا موالنا كان هذا الكلب أمينا يل على أ.وصلبه

تفكر أاأليام صاحب املوضع وطلب مين حق املرعى فقعدت فجاء يف بعض،يوم تأيت من الغنم رأسا بعد رأس ورأيت ذئبا أخذ شاة والكلب ساكت مكانه فعلمت أنه كان ،احلساب حسب حساب الغنم وهي تنقص يفأو

أغنامنا وقال رعيتنا،جعل يتفكر يف نفسهو فاعترب كستاشب .صلبتهكان خيون أمانته فلزمته و نهأسبب تلف الغنم و يف الوزجمات فإذا مجيعها فرجع إىل دراه فجعل ينظر.فيجب أن نسأل حنن أيضا عنها لنصل إىل حقيقة أمرها

ومن خان يف الزاد بقي ،الفساد بقي بغري زاد فضرب مثال وقال من اغرت باالسم من ذوي،شفاعات راشت روش . مث أمر بصلب الوزير،بال روح

وكان عمرو به حفيا ومن مجلة حمبته له ،بأيب جعفر بن زيدويه يقال أنه كان لعمرو بن ليث نسيب يعرف : حكايةنفذ عمرو من كل حاجة أ ف،كل سنة مائة مجل محر الوبر على كل مجل محل من احلوائج أنه كان يصله من هراة يف

الما غجعفر قد بطح فقيل لعمرو بن ليث أن أبا.وسع عليه يف مطبخه وقال لي ،ن زيدويهإىل دار أيب جعفر ب محال فقال يا أبا جعفر اخرت من هذه السيوف ،ضر مث أمر بكل سيف يف خزائنه فأمر أن حي ،له وقد ضربه عشرين خشبة

فقال اخرت اآلن منها سيفني .وينتقي إىل أن أفرد منها مائة سيف فجعل أبو جعفر يتخري،أجودها واعزله ناحية فقال أبو جعفر أيها األمري. فقال عمرو ارسم اآلن أن جيعال يف قراب واحد.سيفني أجودها فاختار أبوجعفر منها

.بلد واحد فقال عمرو بن ليث فكيف ميكن أن يكون أمريان يف؟كيف ميكن أن يكون سيفان يف قراب واحد ،ليث لوال حق القرابة ما جئت بيتك فقال عمرو بن.التمس العفو واإلقالةفعلم أبو جعفر أنه أخطأ فقبل األرض و

. فخل عن هذا األمر لنا فقد عفونا هذه النوبة عنك

)املعجم الوجيز(الرشاوى 75

الغزايل

165

فكيف يقدر على رد العوام اىل ،صالح خواصه ومنعهم عن الظلمإقال ازدشري إذا كان امللك عاجزا عن : حكمةلك وأفسد للرعية من فالعرب تقول أنه ليس شيء أضيع للم .}األقربني وأنذر عشريتك { : قال هللا تعاىل.الصالح

وإذا كان امللك سهل احلجاب مل يكن للعمال أن جيوروا . جاباإلذن يف الدخول وتكاثر احلجاب وصعوبة احل تعذر ومن سهولة احلجاب يكون للملك على سائر العمال ،لى بعضوخافت الرعية من جور بعضهم ع، على الرعايا

ويسرتيح من اهلموم احلادثة عن ،باقية ال جيوز للسلطان أن يكون غافال لتكون اهليبة من ناموس اململكة . اطالع . الغفلة

قبان ال الذين حوله كع وكان٧٦قابقال أرسطاطاليس خري امللوك من كان يف حدة نظره على مثال الع : حكمةفكرة يف العاقبة وكان املقربون منه وخواص دولته يعين إذا كان السلطان جيد النظر ذا يقظة باألمور ذا،كاجليف

. واستقامت أمور أهل واليته انتظمت أحوال مملكته،]ذه الصفة

، أو أفسد حرمه،لكهمن قدح يف م : قال أبرويز ثالثة ال جيوز للملك التجاوز عنهم وال يصفح عن ذنو]م :حكمة ، والناساألشياء تتجمل بالناس ويقال أن مجيع،قال سفيان الثوري خري امللوك من جالس أهل العلم . أو أفشى سره

فإن العلم بقاء العز ودوامه والعقل بقاء ،والعلم وليس شيء خريا من العقل،يتجملون بالعلم وتعلو أقدراهم بالعقلالعفة واألدب والتقى واألمانة : ع العلم والعقل فيه فقد اجتمعت فيه اثنتا عشرة خصلةومن اجتم ، السرور ونظامه

. وهذه من خواص آداب امللك،واحللم واملدارة يف مكا�ا والصحة واحلياء والرمحة وحسن اخللق والوفاء والصرب فإذا ، ومع االجتهاد الدولة،وةاحلال ومع الصباحة، كما أن مع النعمة الشكر،وينبغي أن يكون مع العقل العلم . جاءت الدولة حصل املراد مجيعه

كره وملك كرمان وفارس امسه وذ قال عبد هللا بن ظاهر أن يعقوب بن ليث عال أمره وارتفع قدره وظهر: حكاية فمن أين نك كنت رجال صفارا أاملعتمد فكتب إليه املعتمد وكان اخلليفة يف ذلك الزمان.وخورستان وقصر الواق

. إليه يعقوب جوابا وقال إن املوىل الذي آتاين الدولة آتاين التدبري فكتب؟ت تدبري امللكمتعل

مادام بساط العدل قال؟قال عبد هللا بن طاهر يوما ألبيه كم تبقى هذه الدولة فينا وتبقى يف بيتنا : حكمة . اإلنصاف مبسوطا يف هذه اإليوانو

فقال وزيره إن هذا ،بالعدد الكاملة آخر خلفاء بين أمية عرض العسكر فكان ثالمثائة ألف رجلأن مروان: حكاية وإذا نزل القضاء السماوي وإن ،انقضت املدة مل تنفع العدة اسكت فإنه إذا: فقال له مروان.ملن أعظم اجليوش

)املعجم الوجيز(طائر من كواسر الطري قوي املخالب حاد البصر 76

الغزايل

166

تفي وملن وفت الدنيا حىت،نزع منافال بد أن ت ولو ملكنا الدنيا بأسرها ،بان قليال حقريا كان العسكر عظيما كثريا . لنا

فخذ زادا ،لشارب وال تبقى لصاحب الدنيا ال تصفو :قال أبو احلسن االهوازي يف كتاب الفرائد والقالئد: حكمةا ويقال أنه كان على قرب يعقوب بن ليث مكتوبا هذه األبيات عمله . فال يبقى يوم عليك وال غد،من يومك لغدك

ومل .كأ�م مل جيلسوا يف ا¾الس ، سالم على أهل القبور الدوارس : موته وأمر أن تكتب على قربه وهي هذه قبل فقد جاءين املوت املهول بسكرة فلم تغن عين ألف.يأكلوا ما بني رطب ويابس ومل،يشربوا من بارد املاء شربة

وما كنت .خراسان حنويها وأطراف فارس واعترب بنا وال تك يف الدنيا هديت بآنس زائر القرب اتعظ فيا .آالف فارس .الدنيا وطيب نعيمها كأن مل يكن يعقوب فيها جبالس عن ملك العراق بآيس سالم على

لبت لمت إىل غريك وس انتقلت الدولة عنك وس ي سببكان قد زال عنه امللك فقيل أل سئل ملك : سؤال وجوابكابر أالعمال على وتولييت آلصاغر،يي وعلمي وغفليت عن املشورةأ ورضاي بر ،فقال الغرتاري بالدولة والقوة ؟منك

والتباطؤ والوقفة يف مكان ،وقت احلاجة إليها وقلة تفكري يف احليلة وإعماهلا، وتضييعي احليلة يف وقتها،األعمال الرسل اخلونة الذين خيونون يف:وقيل أي االشرار أكثر شرا فقال . احلوائج واالشتغال عن قضاء،جلة والفرصةالع

الدماء وكم هزموا كم سفكوا من،حقهم كما قال ازدشري يف،طماعهم فكل خراب اململكة منهم أجل الرسالة أل وكم من عهود نقضوها ،كذبوها خبيانتهم ن ميني وكم م،حرار وكم هتكوا من أستار ذوي احلرمات األ،من اجليوشالعجم يتحرزن وما كانوا ينفذون رسوال إال بعد أن جيربوه وكان ملوك. وكم اجتاحوا من األموال،بقلة أما�م

. وميتحنوه

أن يعينهم ال سيما يف أوقات جيب على السلطان أنه مىت وقعت رعيته يف ضائقة أو حصلوا يف شدة وفاقه: فصل فينبغي حينئذ للسلطان أن يعينهم ،االكتساب على جزون عن التعيش وال يقدرون حيث حي ،القحط وغالء األسعار

ن أحدا من حشمه وخدعه وأتباعه أن جيور على رعيته لئال يضعف ميك وال،بالطعام ويساعدهم من خزائنه باملال وتعود،يواند ويقل حاصل ال،فينكسر إرتفاع السلطان ،غري واليته ويتحولوا إىل سوى مملكته الناس وينتقلوا إىل

جل هذا كان امللوك وأل . ويدعى عليه،كر امللك ويقبح ذ ،املنفعة على ذوي االحتكار الذين يسرون بغالء األسعار . خزائنهم ويساعدو�م من ذخائرهم ودفائنهم املتقدون حيذرون من هذا غاية احلذر ويراعون الرعايا من

ثاين يف سياسة الوزارة وسرية الوزراءالباب ال

ألنه ال ميكن ألحد من امللوك أن ،كافيا عادال اعلم أن السلطان يرتفع ذكره ويعلو قدره بالوزير إذا كان صاحلا أال ترى أن النيب صلى هللا عليه وسلم مع . ومن انفرد برأيه زل من غري شك ،يصرف زمانه ويدير سلطانه بغري وزير

الغزايل

167

وشاورهم { : وفصاحته أمره هللا تعاىل باملشاورة ألصحابه العقالء العلماء فقال عز من قائل قدره وعظم درجتهجاللة هارون أخي اشدد به أزري واجعل يل وزيرا من أهلي{ : وأخرب يف موضع آخر عن موسى عليه السالم . }األمر يف

. السالم عن الوزراء واحتاجوا اليهم كان غريهم من الناس أحوج وإذا مل يستغن األنبياء عليهم .}واشركه يف أمريمره ليدبر معه أ،املتقن األمني الصاحل التدبري سئل ازدشري بن بابك أي األصحاب أصلح للملك فقال الوزير العاقل

إذا ظهرت منه زلة وجدت منه هفوة : أحدها . وعلى السلطان أن يعامل الوزير بثالثة أشياء . ويشري اليه مبا يف نفسه إذا سأله : الثالث ، إذا استغىن يف خدمته وأينع ظله يف دولته ال يطمع يف ماله وثروته : الثاين ،ال يعاجله بالعقوبة

،من ثالثة أشياء وهي مىت أحب أن يراه ال مينعه من رؤيته وينبغي أن ال مينعه.حاجة ال يتوقف يف قضاء حاجته ألن الوزير الصاحل حافظ سر السلطان ومدبر ، وال يكتم عنه شيئا من سره،مفسد وأن ال يسمع يف حقه كالم

على األعمال واستماع وله الكالم، وزينة اململكة وشدة اهليبة والقدرة،اململكة وعمارة الواليات واخلزائن أحوالوقال . باالستماع له وتفخيم القدر وتعظيم األمر وهو أحق الناس، وبه يكون سرور امللك وقمع أعدائه،األجوبة

وينبغي للوزير أن يكون مائال يف األمور . يوافقك عليه أكرم وزيرك ألنه إذا رآك على أمر ال جيوز أن:لقمان البنه وإذا كان سلطانه حسن االعتقاد مشفقا على العباد كان له عونا على ذلك وأمره ،شرإىل اخلري متوقيا من ال

قليال قليال بألطف وجه وإذا كان سلطانه ذا حنق أو كان غري ذي سياسة كان على الوزير أن يرشده،باالزديادعلم أنه ال وينبغي أن ي .الدنيا بامللكن دوام أ و ،بالوزير علم أن دوام امللك وينبغي أن ي .ويهديه إىل الطريق احملمودةوسئل ]رام جور إىل كم حيتاج السلطان حىت . ويعلم أنه أول إنسان حيتاج إليه السلطان جيوز له أن يهتم بغري اخلري

رأيه الوزير الصاحل ليظهر إليه سره ويدبر معه : فقال إىل ستة من األصحاب ؟ بالسرور دولته تتم سلطنته وتتكاملاحلصني واملال الكثري الذي والسيف القاطع والسالح، والفرس اجلواد لينجيه يوم احلاجة إىل النجاة،سوس أمرهوي

والطباخ اخلبري ،احلسناء لتكون مؤنسة لقلبه مزيلة لكربه والزوجة،خيف محله ويثقل مثنه كاجلوهر واللؤلؤ والياقوت . بلطفه الذي إذا أمسك شيئا دبره

الوزير األمني والكاتب : احتفظ ]م حقيق على امللك أن يكون طالبا ألربعة فإذا وجدهم : زدشريقال ا: حكمة وإذا كان احلاجب مشفقا دل على ،دل على عقل امللك ورزانته وإذا كان الكاتب عاملا .العامل واحلاجب املشفق . حلا دل على انتظام األمر وصالحه وإذا كان الندمي صا،يغضب على أهل مملكته رضا امللك عن رعيته ومل

وال ينفع ،الناصحني املساعدين قال موبذان يف عهد أنو شروان أنه ال ميكن حفظ السلطنة إال باألصحاب: حكمة ومعىن تقوى السلطان وصدقه ،يكون األصل جيدا مث الفرع نه ينبغي أنفإ ،خري األصحاب إال إذا كان امللك تقيا

وأن ، يأمر بالصحة بأقواله وأفعاله ليصح بصحته سائر حشمه ورعيته،األمور حا يف سائروصحته أن يكون صحي وأن ال ،تعاىل وأن يرى أن قوته وقدرته وظفره بأعدائه ونصرته ووصوله إىل مرداه من هللا،با� تعاىل يكون واثقا

.شي عليه اهلالكيعجب بنفسه فإن أعجب خ

الغزايل

168

إىل نالريح يف اجلو فنظر سليما السالم كان جالسا على سرير ملكه وقد محلتهن سليمان عليه أيقال : حكاية للسرير ن فقال سليما،وسياسته فاضطرب السرير وهم باالنقالب مملكته وطاعة اإلنس واجلن وانقيادهم لعظيم هيبته

حىت إن هللا ال يغري ما بقوم { : كما قال عز من قائل،استقم أنت حىت نستقيم حنن : فنطق السرير وقال،استقم وجيب أن يكون الوزير عاملا .) اجلد أمن العثار من سلك منهج ( وقال أبو عبيدة يف أمثاله .}يغريوا ما بأنفسهم

علمه الناس من جتارب األيام ال والذي يت،عاقال ال يكون يف التجربة كالشيخ ألن الشاب وإن كان،عاقال شيخا الوزير إىل مخسة وحيتاج. والزين جيب أن يكون صاحلا طاهرا من الشني،نا والوزير زين السلط،من املشايخ تعلم إالي

والعلم حىت تتضح له ،وجه املخرج منه التيقظ ليظهر يف كل أمر يدخل فيه له:حمد خربته وحتسن سريتهأشياء لت والصدق لئال يعمل مع أحد غري ،غري موضع اخلوف والشجاعة حىت ال خياف من شيء يف،ةاألمور احلقيقي

قال أزدشري بابك جيب أن يكون الوزير ساكنا متمهال شجاعا . املوت وكتمان سر السلطان إىل أن يدركه،الصحيح ومع ،الكالم إذا حسن ومتكلما ، مستحييا صامتا حيث حيسن الصمت،الصدر حسن املقال مليح الوجه واسع

،وال بد من حسن االعتقاد ،ذلك جيب أن يكون تقيا حسن املذهب ليطهر نفسه وينفي عنها كل ما ال يليق وخياف عليه من تصاريف ،لينظر عواقب األمور متيقظا ،وينبغي أن يكون ذا جتارب ليسهل األمور على امللك

كان وزيره له حمبا وعليه مشفقا كان ذلك الوزير كثري األعداء ملك وكل. ويتحفظ أن يصيبه عيب الزمان،الدهورليحسده ، وال جيوز للسلطان أن يسمع يف وزيره كالم احملرضني عليه الساعني به إليه،من أصدقائه وكان أعداؤه أكثر

غري رشيدة مة امللك خلة مذمو يف حىت إذا رأى ،وجيب أن يكون الوزير حممود الطريقة . أصدقاؤه وتنكبت أعداؤهعلى ما ال يريده ومسع ما يكرهه منه من ألن امللك إذا كان،رده إىل العادة املستقيمة احلميدة من غري غلظة شديدة

: البارىء تعاىل ملا أرسل موسى إىل فرعون بأمره قال عز من قائل والدليل على ذلك أن.التقريع عمل شرا من ذلكلعدوه قوال لينا فالناس أجدر أن وإذا كان احلق سبحانه وتعاىل أمر نبيه عليه السالم أن يقول ،}لينا فقوال له قوال {

وإذا كان الوزير حمبا للملك صحيح . جيوز للوزير أن حيقد مبا يريد شن كالمه فال وإن كان السلطان خي ،يلينوا أقواهلم�م أ وال جيوز أن يعلم الوزير وسائر خاصة امللك . وأمره باملالزمة لذلك،على ذلك عال كان له عونا حسن الف املقال .على الناس فاملنة حينئذ تصلح أن تكون له،فعلوه من حسن فإن ذلك بإقبال امللك وبربكة ظله انفعل مهما

. والثاين من نية امللك الرديئة الفاسدة زير اخلائنوأعظم فساد ينشأ يف دولة امللك يكون من أمرين أحدمها من الو القتال يف موضع ميكن أن ينصلح احلال بغري شر الوزراء من جرأ السلطان على احلرب وجرأه على :قال أنو شروان

. األموال وفيها تبذل كرائم النفوس ومصونات األرواح ألن احلرب يف سائر األحوال تفين ذخائر،حرب

خشونة فهو خري مما تقضيه كل أمر ينقضي على يد غريك بال حرب وال : تاب وصايا أرسطاطاليسيف ك: حكمةتتأت األمور باالحتيال والتدبري وان مل،�م مىت أمكنهم أن حياربوا بالكتب فليحاربواأوترتيب الوزراء . بيدك

عسكر عفوا عن جنود اجلند وال يستعجلوا ومىت ا�زم،والنوال فليحتالوا يف تأتيها بعطاء األموال وبذل الصالتمائة رجل يف و ، فإن الرجل يصري رجال يف أربعني سنة،حياء القتلىإاألحياء وال ميكن بقتلهم ألنه قد ميكن قتل

الغزايل

169

ويفديه ن يفكهأ أصحاب امللك كان على الوزير نحد من اجلند مأسر ن أ إ و ،رجل يصلح خلدمة امللوك يكونالوزير أن حيفظ أرزاق اجلند كل وعلى.ع اجلند بصنيعه فتقوى قلو]م إذا باشروا حرو]موخيلصه ويشرتيه ليسم

ن خياطبهم بأحسن كالم ويلني هلم يف اخلطاب أو ، الت احلربآن يدرب الرجال الشجعان بأ و ،إنسان على قدره ومن سعادة السلطان .ف األعوامقتلوا كثريا من الوزراء يف قدمي األيام وسال ن اجلند قدإ ف،ويلطف ]م يف اجلواب

إذا أراد هللا " : وقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم . ل هللا له وزيرا صاحلا ومشريا ناصحا سه طالعه وتوحده أن ي ومين . "قيض له وزيرا نصيحا صادقا صبيحا إن نسي ذكره وإن إستعان به أعانه بأمري خريا

ومن عجائب .وزمان ووقت وأوان سبحانه وتعاىل يظهر قدرته يف كل حنيقال مؤلف الكتاب إن هللاوكان حتت .،يف الكرم والعطاء وبذل املعروف والسخاء الزمان حديث الربامكة الذين مل يوجد هلم يف الدنيا نظري

لوك رونق وال نضارة إىل ومل يبق خلدمة امل،أحوال الوزراء وبعد انقراضهم فسدت.حكمهم الواليات الوافرة املرتفعات آل سلجوق وظل دولتهم إىل النظام وأوصلهم إىل درجة الوزراء املتقدمني وأرفع حبيث أنه أن أوجد هللا تعاىل بركات

إال هو مشمول بإحسا�م دباء وأبناء السبيل الغرباء من شريف ووضيعمل يبق أحد يف الدنيا من أهل الفضل واألهذا ليعلم من يقرأ كتابنا هذا الفرق بني الصاحل وغري د من خريهم حمروما وإمنا ذكرنامغمور بامتنا�م ومل يكن أح

. الصاحل

منا زينة الدنيا إ و .كل جوهر ببعض ألن جوهر الناس أجل من، ال تقاس األشياء بعضها : قال بزرمجهر: حكمة وأنه يؤيت كل أحد ما يصلح له ،ملن يشاءالصالح وهو واهب،نسب إىل اخلطأ تعاىل ال ي البارئ و ،مجيعها بالناس

وأن ،همق وأن حيفظوا رسوم املتقدمني وطرائ،ومدبرو دولتهم على هذه الصفة فينبغي أن يكون وزراء امللوك.ويليق بهب الرسم وحيملوا الرعية حبس وليعرفوا،تيا�اإاألموال اليت تؤخذ من الرعية يف أوقا`ا وأحيا�ا وعند وجو]ا و يلتمسواا طاقتها وال جيوز أن حيرصوا على تناول أموال ، قاتل العصفور وأن يكونوا يف تصيدهم كصائد الكركي ال،وقدر

وجيب عليهم استمالة قلوب الرعية واحلشم ]بات ،فالطمع يف ذلك مشؤوم غري جائز املواريث مادام الوارث موجودا الدنيا وينالوا ليحسن ذكرهم يف، وصالحهم منوط بصالح الرعيةوالنعم ليعلموا أن كفايتهم ومسو مرتبتهم الفوائد

. جزيل الثواب يف العقىب

تاب وآداeمالباب الثالث يف ذكر الك

هللا نومن فضل القلم وشرفه أ . واملاضي عادة السالفإقالت العلماء ليس شيء أفضل من القلم ألنه به ميكن اقرأ وربك األكرم الذي علم بالقلم علم { : وقال تعاىل . }يسطرون ن والقلم وما { : قسم به فقال عز من قائلأتعاىل

فجرى مبا هو سائر إىل ا خلق هللا تعاىل القلمأول م " :وقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم . }ما مل يعلم اإلنسان

الغزايل

170

على اجعلين { : السالم قال عبد هللا بن عباس يف تفسري هذه اآلية حكاية عن يوسف عليه . احلديث،"يوم القيامة . ن القلم صائغ الكالموقال إ . معناه كاتب حاسب:قال ،}خزائن األرض إين حفيظ عليم

القلم طبيب :قال جالينوس . صناعة والقلم صائغ واخلط، القلم معدن والعقل جوهر: قال ابن املعتز : حكمة ، والسيف حتت القلم، السيف والقلم، الدنيا حتت شيئني"قال اسكندر . القلم طلسم كبري:قال بليناس . الكالمجمربا للزمان فانه ما ومهما كان الرجل،عرف رأي كل إنسان من قريب وبعيد وبه ي ،أدب املتعملني وبضاعتهم والقلم

ومعلوم أيضا أن يف هذه املدة القريبة ،معلومة ألن مدة عمر اإلنسان،مل ينظر يف الكتب ال يكون كامل العقلالسيف والقلم حاكمان يف مجيع . ومعلوم أيضا كم ميكنه أن حيفظ بقلبه ،والعمر قصري كم ميكنه أن يدرك بتجربته

تاب فال جيوز هلم أن يعرفوا أكثر من حدود الكتابة ليصلحواوأما الك . الدنيا ولوال السيف والقلم ما قدمت،األشياءعد املاء وقربه األول ب . بعشرة أشياء ينبغي أن يكون الكاتب عاملا : وقالت احلكماء وامللوك القدماء . خلدمة االكابر

وسري الشمس ،زيادة الليل والنهار ونقصا�ما يف الصيف والشتاء ومعرفة،فتاء ومعرفة استخراج اإل،ت األرضحت وحساب اهلندسة والتقومي واختيارات األيام وما، واحلساب باألصابع،االجتماع واالستقبال ومعرفة،والقمر والنجوم

ومع هذا كله ينبغي . والقوايف وعلم الشعر،لشمالاجلنوب و ومعرفة ريح ا، ومعرفة الطب واألدوية،يصلح للمزارعني ومهما كان يف قلبه أظهره ،برباية القلم وتدبريه وقطه ورفعه وخطه عاملا ،أن يكون الكاتب خفيف الروح طيب اللقاء

ما حيكى ك، ويعطي كل حرف حقه،وأن يكون اخلط مبنيا . نفسه أن يكون جمتمعا متصال ن حيرسأ و ،بسنان قلمهسم بسني عامل فكتب إىل عمرو بن العاص كتابا مل يظهرهاملؤمنني عمر بن اخلطاب رضي هللا عن مريأنه كان أل

وأول ما ينبغي . بعد ذلك إىل عملك فاستدعاه عمرو وقال له اظهر أوال سني بسم هللا مث توجه،هللا الرمحن الرحيم فإن اخلط على كل حال جييء ،اخلط ويعرف أن يربي قلمه إذا كان حيسنللكاتب أن يعلم براية القلم فإن اإلنسان

. صاحلا

فاجتمع الوزراء على تنكيسه ،لصاحب إمساعيل بن عبادالتهم مجكان لشاهنشاه عشرة من الوزراء وكان يف : حكايةهنشاه مجعهم وقال فلما علم بذلك شا.يربي قلمه ن الصاحب ال يقدر أنإ وقالوا ،واتفقوا على التضريب عليه

وأن أيب علمين الوزارة ومل ،حىت تتجاسروا أن تتحدثوا عين حبضرة شاهنشاه الصاحب أي أدب فيكم ليس يل مثلهجز اجلماعة ع ف؟الرأس وهل فيكم من يقدر أن يكتب كتابا تاما بقلم مكسور، أقل أديب براية القلم،التجارة يعلمين

وكتب به درجا تاما فأقر اجلماعة فأخذ الصاحب قلما وكسر رأسه. فقال له شاهنشاه اكتب أنت.عن ذلك والقلم احملرف من جانبه .كان مستقيما أصفر اللون رقيق الوسط وأجود األقالم ما.بفضله واعرتفوا بسداده ونبله

وخري ،ب األيسر واللسان الدري جيب أن يكون قلمه حمرفا من اجلان،العريب والفارسي والعربي مين يصلح للخطاأل جيب ، وسطه دقيق،غليظ وال رقيق األقالم ما وصفه حيىي بن جعفر الربمكي يف كتاب كتبه إىل حيىي بن ليث قلم ال

ن تكون براية القلم على شكل منقار الكركي حمرفا من أو ،أن تكون السكني اليت يربى ]ا األقالم يف غاية احلدة

الغزايل

171

نقاش فارسية خفيفة وجيب أن تكون األ،ط الذي يقط عليه يف غاية الصالبةاملق وينبغي أن يكون،ميناجلانب األيشبه بعضها وأن تكون صور احلروف،نه يتوحش بذلك اخلطن جيوز مده ألأوالكاغد صقيال متساويا و الوزنري املؤمنني علي موكان عبد هللا بن رافع كاتبا أل . وال يقدر ذلك إال حكيم عاقل أو من تعودت بذلك أنامله،بعضا

ووسع ما فقال كنت أكتب يوما فقال يل أمري املؤمنني ألق دواتك وأطل جلفة قلمك، هللا وجهه بن أيب طالب كرملغلمانه لتكون أقالمكم حبرية فإن مل وكان عبد هللا بن جبلة كاتبا حمسنا فقال.بني السطور وامجع ما بني احلروف

نفاذ كتاب بغري ختم فإن كرم الكتاب إ وال جيوز ،لئال تنعقد األمور عقد األقالم واقطعوا،تكن حبرية فلتكن صفرا وأمر النيب صلى هللا . أي خمتوم ،}كرمي أين ألقي إيل كتاب { : وقال عبد هللا بن عباس يف تفسري قوله تعاىل . ختمه

وكان عليه ثالثة ، فختمه خبامته املبارك،ال يريدون كتابا بغري ختم �مإ وقال ،كتب كتابا إىل العجم ي عليه وسلم أن . هللا أسطر حممد رسول

كتابا إىل النجاشي رماه على الرتاب مث روى صخر بن عمرو أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ملا كتب:خرب وقال صلى .مل يسلم ال جرم أنه،ب كتابا إىل كسرى أنوشروان مل يلقه على الرتابوملا كت . أنفذه فال جرم أنه أسلم

قرأ تب الكتاب فلي وإذا ك ،بوا الكتاب فإن الرتاب مباركوقال تر . بوا كتبكم فإنه أجنح حلوائجكمهللا عليه وسلم تر وأن،يكون الكالم قصريا واملعىن طويال وينبغي أن جيتهد الكاتب أن . فإن رأى فيه خطأ تدراكه وأصلحه ،قبل طيه

ويف باب الكتابة كالم طويل كثري . وأن حيرتز من األلفاظ الثقيلة الغثة ليكون كاتبها حممودا ،ال يكرر كلمة يكتبها . ]ذا القدر فقد قيل خري الكالم ما قل ودل وجل ومل ميل ان ذكرناه طال الكتاب ونقتنع منه

و مهم امللوكالباب الرابع يف مس

فاين ما رأيت أسقط لقدم ،دينء اهلمة اجتهد أن ال تكون:قال أمري املؤمنني عمر بن اخلطاب رضي هللا عنه ذل ان أذهلإو يريد إن أعز نفسه عال أمره.املرء حيث وضع نفسه :وقال عمرو بن العاص . اإلنسان من تداين مهته

،�م يعرفون قدر أنفسهم فيعزو�األ فإن أنفة القلب من مهم االكابر،فسهوتفسري معىن اهلمة أن يرفع ن . وهان قدرهراذل وال يشرع يف عمل ما عزاز املرء نفسه أن ال خيتلط باألإو . نفسه رفع قدر أحد حىت يكون هو الرافع لقدروال ي

ليتعلمها منهم الوزراء اخلصلةنفة للملوك ألن هللا ركب فيهم واهلمة واأل.عاب بهملثله أن يعمله وال ما ي ال جيوز . والندماء كما جاء يف احلكاية

للملك أن يهب ما دون األلف فقال أمحد بن اخلصيب ال جيوز،أمر أبو الدوانيق لرجل خبمسمائة درهم: حكايةائة فقال هارون ليعط مخسم وكان هارون الرشيد يوما راكبا يف موكبه فسقط فرس رجل من عسكره . عدادمن األ : فقال؟يل بعينكإالرشيد أي خطأ بدا مين حىت أشرت فلما نزلوا قال، فأشار إليه حيىي بعينه وقال هذا خطأ،درهم

فقال الرشيد فإن اتفق أمر ال جيوز أن .عدادامللوك أقل من األلف من األ ال جيوز أن جيري على لسان أحد من

الغزايل

172

فيدفع إليه فرس على جاري ، قل ليعطى فرسا :؟ قالمن مخسمائة درهم مثل هذا فكيف يقال يعطى فيه أكثر وذلك أن املأمون ،وهلذا خلع املأمون ولده من والية عهده . وتكون قد نزهت مهتك عن ذكر احلقري،والرسم العادة

وصل إىل يا غالم قد رأيت بباب الرصافة بقال حسنا فخذ نصف درهم :العباس فسمعه يقول لغالمه اجتاز حبجرةفأنت ال تصلح لوالية العهد وتدبري فناداه املأمون من اآلن علمت أن للدرهم نصفا .الرصافة وائتين بشيء منهباب

. اململكة وال يأيت منك صالح وال فالح

فاجتهد أن ال يكون عطاؤك أقل من حد من ولدك شيئا يف وصية نامة أزدشري لولده إذا أردت أن `ب أل: حكمةعقابه به وأوالده أ تزول حاجته ويستغين ،الشخص الذي `به أو قيمة بلد أو رستاق يستغين بهدخل والية أو قرية

نك ال ترغب يف التجارة بوجه أواجتهد .حياء ال يف حساب األمواتاأل فيحصل بذلك يف حساب،ما عاشوا . يدل على دناءة مهة امللك من الوجود فإن ذلك

أنه وصل من جانب البحر جتار سابور وزير فكتب إليه كتابا يذكر فيهلملك هرمز بنلكان يقال أنه: حكمة واآلن قد حضر ،ابتعت منهم برسم اخلزانة مببلغ ألف دينار نينأ و ،معهم اللؤلؤ والياقوت واجلواهر النفيسة القيمة

مائة ألف :ه وقالفكتب هرمز جواب . بربح كثري فإن رغب موالنا فلريسم مبا يرى فالن التاجر وهو يطلب اجلوهر وال تعد ملثل هذا الكالم ،رغب فيها بوجه من الوجوه لنفسكت وال ،أعيننا خطر ومائة ألف مثلها وأمثاهلا ليس هلا يف

،مسهإ ويزري حبسن ،امللك فإن ذلك يسقط قيمة،يف أموالنا درمها واحدا وال دانقا فردا من أرباح التجارة وال ختلط . وفاته ويضر بصيته يف حال حياته وبعد،مسهويعود بقبح قاعدته ور

اخلليفة املنصور وكان يوم نظره يف أن األمري عمارة بن محزة كان يف بعض األيام جالسا يف جملسيكح : حكاية عمارة بن محزة اغتصب ضياعي وابتز : فقال؟من ظلمك : فقال.نا مظلومأ فنهض رجل على قدميه وقال ،املظامل

ن إ يا أمري املؤمنني : فقال عمارة. خصمه للمحاكمةيمن مقامه ويساو فأمره املنصور أن يقوم.ملكي وعقاري بيع مكاين الذيأ وما ، ومايل حاجة يف حماكمته، وإن كانت يل فقد وهبتها له،أنازعه فيها كانت الضياع له فما

ة والنهمة على م اهل.ومروءته شرف نفسه فتعجب األكابر احلاضرون من علو مهته و . به أمري بضياع وال غريهاأكرمين وآخر بالعبادة والقناعة ، وآخر بالعلم،الطعام فواحد بالسخاء وإطعام، وكل إنسان له منهما نصيب،شكل واحد

وأما اهلمة بالسخاء وبذل املال واسداء النوال فينبغي أن . بطلب الزيادة وآخر،والزهادة وترك الدنيا وطلب العقىب . ء يف احلكايةجا تكون كما

فلما قرب ،فرأى على باب الدار رجال يقال أن حيىي بن خالد خرج يوما من دار اخلالفة راكبا إىل داره: حكاية فأمر حيىي أن . وقد جعلت هللا وسيليت اليك،حمتاج إىل ما يف يدك يا أبا جعفر أنا:�ض قائما وسلم عليه وقال

فبقي على . وأن يكون طعامه من طعامه املختص به،إليه يف كل يوم ألف درهمن حيمل أو ،يفرد له موضع يف داره

الغزايل

173

فقيل .وانصرف فأخذ الرجل الدراهم، فلما انقضى الشهر كان قد وصل إليه ثالثون ألف درهم،شهرا كامال ذلك . قطعت عنه ضيافيت وهللا لو أقام مدة عمره وطول دهره ما منعته صليت وال: فقال،ليحىي يف ذلك

،باللؤلؤ واجلواهر النفيسة نو شروان ندمي وكان يف جملس الشراب جام من ذهب مرصعنه كان ألإيقال : حكاية فلم جيده فنادى يا أهل ا¾لس قد ،الشرايب وطلب اجلام فجاء،نو شروان فرآه وهو خيفيهأفسرقه الندمي ونظر اليه

فقال أنو شروان مكنهم من اخلروج فإن الذي سرق . اجلامخيرجن أحد حىت يرد ضاع لنا جام مرصع باجلواهر فالحسان ينكر اإل ولكن من، فأين كان السخاء وعلو اهلمة كانت الراحة واخلري. والذي رآه ال يقر عليه،يرده اجلام ال

. لهوحيجد االمتنان ال أصل

.من لؤم األصل وقبح اخلالل واحتقار الناس،قال بعض احلكماء اجالل األكابر من الكرم وحسن اخلالل: حكمة

الباب اخلامس يف ذكر حلم احلكماء

مثل من أعطاه هللا احلكمة وهو :قال سقراط .أما احلكمة فإ�ا عطاء من هللا جلت قدرته يؤتيها من يشاء من عباده ،والنصبللدنيا وللمال الكثري كمثل من يكون يف صحة وسالمة فيبيعها بالتعب يعرف قدرها وهو حبرصه يعمل

قال ابن املقفع كان مللوك اهلند كتب كثرية حبيث كانت . احلكمة الراحة والعالء ومثرة املال التعب والبالء فإن مثرةكلمات فاختصروها على أربعة ،مروا حكماءهم أن خيتصروها فاتفق العلماء يف اختصارهاأ ف،الفيلة مل علىحت

،ىل وقت اجلوعإاالمساك عن الطعام والثالثة للنفس وهي، وهي الطاعة والثانية للرعية،أحدها للملوك وهي العدل . نسان وهي أن ال ينظر اىل غري نفسهوالرابعة لإل

ورجل يدري وال يدري ،فاتبعوه ويدري أنه يدري فذلك عامل، رجل يدري : قال بعض احلكماء الناس أربعة: حكمة ورجل ال يدري وال يدري أنه ال يدري ،فأرشدوه ي فذلك مسرتشد ورجل ال يدري أنه ال يدر ،روهوذلك ناس فذك

. فذلك جاهل فاحذروه

. األمل قال؟ فقيل أي شيء أبعد. فقال األجل؟سئل بعض احلكماء أي شي أقرب: حكمة

. دك درمهك ملعاشك ودينك ملعا،بعدمها شيئان إذا حفظتهما ال تبايل مبا ضيعت : قال لقمان احلكيم لولده: حكمة

ختريب العامر أسهل من قال ألن،عل العدو صديقا ي شيء ميكن أن جي سأل أنو شروان بزر مجهر أل: حكمةوقال صحة اجلسم خري من . كان مكسورا وكسر الزجاج إذا كان صحيحا أسهل من تصحيحه إذا،عمارة اخلراب

الغزايل

174

وخمالفة اهلوى يف ، من كظم احلزنوكظم الشهوات خري ،وترك الذنب خري من االستغفار ،شرب األدوية . االستكبار خري من دخول النار

: هذه الكلمات الست وهي علم الناسكان رجل من احلكماء املتقدمني يطوف البالد عدة سنني وكان ي : حكمةجاهال مل ومن كان ،له صرب فما له سالمة يف دينه ومن ليس،من ليس له علم فليس له عز يف الدنيا وال يف اآلخرة

ومن ال طاعة له فما ، ومن ال سخاء له فما له من ماله نصيب،عند هللا كرامة ومن ال تقوى له فما له،ينتفع بعمله . حجة له عند هللا

والعز مع ،والعز مع احلرص ، العز يف خدمة السلطان: فقال،سئل بزر مجهر أي عز يكون بالذل متصال : حكمة . السفه

ويستخدموا يف مشقات األشغال حبيث ال ن يؤمروا بكثرة األعمالأ فقال ب،هل مجهر مباذا يؤدب البـ سئل بزر: حكمةهانتهم واحتقارهم ليعرفوا وضاعة إ ب: فقال،خساءومباذا يؤدب األ قيل.ىل الفضول طريقا وال فراغا إعل هلم جي

فقال الذي يهب ؟من الكرميوسئل أيضا . جهم قال بالتوقف يف قضاء حوائ،حرارقيل فبماذا يؤدب األ . أقدارهم . ذكر أنه وهبوال ي

ثالثة هي أعز من : فقال.يبالون عطي الناس فيه أرواحهم والقيل له أيكون شيء أعز من الروح حبيث ت : حكمة زينة :قال ف،وسئل أيضا يف أي شيء يكون العلم والكرم والشجاعة . الدين والعقل واخلالص من الشدائد،الروح . وزينة الشجاعة العفو عند القدرة،شر وزينة الكرم الب ،الصدق العلم

واملرأة اليت ال ، واجلار املسيء اجلوار،املال كثرة العيال مع قلة : قال يونان الوزير أربعة أشياء من عظيم البالء: حكمةمخسة منها بالقضاء والقدر : ها مخسة وعشرون وجها واتفق أهل الدنيا على أن أعمال اخلالئق كل . تقية هلا وال وقار

بالكسب واالجتهاد وهي العلم والكتابة والفروسية ومخسة منها،لك واحلياةـ وهي طلب الزوجة والولد واملال وامللعادة ومخسة منها با ، ومخسة منها بالطبع وهي الوفاء واملداراة والتواضع والسخاء ،ودخول اجلنة والنجاة من النار

يب اخللق وعلو ومخسة منها باإلرث وهي اجلمال وط ، والبول والتغوط وهي املشي يف الطريق واألكل والنوم واجلماع . والدناءة اهلمة والتكرب

، واألمري املشفق،والصاحب املوافق ، والولد السليم األعضاء، الطعام السائغ : ستة أشياء تساوي الدنيا: حكمة . والعقل التام، النظاموالكالم الصحيح

الغزايل

175

، واملرأة احلسناء عند األعمى،املاحلة واملطر يف السباخ، السراج يف الشمس : قال احلكيم مخسة أشياء ضائعة:حكمة . سبحانه يف صدر الظامل وكالم هللا،والطعام الطيب يقدم بني يدي الشبعان

الفانية ومعلمي سبب حيايت ل ان أيب سبب حيايتسئل االسكندر مل تكرم معلمك فوق كرامة أبيك فقا: حكمة . الباقية

وما ،أرواحنا وأشباحنا لنجتهد فيه سأل قوم من احلكماء بزر مجهر فقالوا عرفنا من أبواب احلكمة ما ينفع: حكمةنقص ربعة ت أو نظروتيقنوا أن أربعة من األشياء تزيد يف نور العني وحتد ال فقال اعلموا،يضرنا فيه وما يضرنا للبعد عنه

زله وأربعة ت ،نورها وأربعة يصح ]ا ،وأربعة أشياء حتيي القلب وأربعة متيتهن ،سمن اجلسم وختصبه وأربعة تضعفه ووالشراب الصايف أما األربعة اليت تزيد يف نور العني فهي اخلضرة واملاء اجلاري . البدن اجلسم دائما وأربعة تكسر

على الرأس والنظر وأما األربعة اليت تنقصه فهي أكل املاحل واللحم القديد وصب املاء .،ابوالنظر ايل وجوه األحبمن وأما األربعة اليت تسمن اجلسم وختصبه فهي الثوب الناعم وخلو البال . الدائم يف عني الشمس ورؤية العدو

زله فأكل اللحم القديد وكثرة اجلماعوأما األربعة اليت ت، األحزان والرائحة الزكية والنوم يف املكان الساخن ضعفه واألشياء قته وحفظ مقاديرو اجلسم فأكل الطعام يف اوأما األربعة اليت يصح ] . وطول املكث يف احلمام ونوم العشايا

وأما األربعة اليت تكسر البدن دائما فسلوك الطريق الصعب ، ة األعمال الشاقة وترك احلزن على غري موجببوجمانفالعقل النافع واألستاذ وأما األربعة اليت حتيي القلب.الفرس احلرون واملشي على التعب وجمامعة العجائز وركوب

وأما األربعة اليت متيته فربد الزمهرير وحر السموم والدخان ، العامل والشريك األمني والزوجة املوافقة والصديق املساعد . وخمافة العدو الكريه

ونار من ، وأذن من خرب، وأنثى من ذكر،نظر عني من : سقراط مخسة أشياء ال يشبع منها مخس قال : حكمة . وعامل من علم،حطب

والدين ، استماع احلسن ممن ال قيمة له فقال أمر األشياء.سئل حكيم ما أمر األشياء يف الدنيا وما أحالها: حكمة . الم الطيب واليساروالك وأحلى األشياء الولد، وضائقة اليد، الفادح

. مرض الروح وموت يف حسرة فقيل ما العشق فقال، ما الغىن فقال القناعة والرضا سئل حكيم : حكمة

والصاحب القدمي ، األصيل أوثق الصديق :فقال.سطاطاليس أي صديق أوثق وأي صاحب أشفقأ سئل : حكمة . وتدبري العقالء أفضل ،أشفق

الغزايل

176

قائل األخبار وطالب استماع األخبار ومتلقي من:م احلكيم فنت الدنيا تنشأ من ثالثة نفر قال أبو القاس : حكمة . الندامة وهؤالء الثالثة ال خيلصون من،األخبار

، والشفقة مع ارتكاب الغضب،الشهوات أكل احلالل مع اتباع: قيل ثالثة أشياء ال جتتمع مع ثالثة : حكمة . وصدق املقال مع كثرة الكالم

وبعادته أبله أي يتجاوز عن اجليد ،متقدما وبقلبه، قال احلكيم ينبغي أن ال يكون االنسان لقلبه خادما : حكمة ال :حنف بن قيسقال األو .غري حكيم فإنه قد يصيب الغرض حكمة وينبغي أن يسمع كالم احلكمة من،والرديء

. وال زعامة لسيء اخللق،روءة لدينء وال م، وال راحة حلسود،لكذوب وال وفاء،صديق مللول

فأما عافية الدين . األهلةعافية اجلسم وعافي العوايف أربعة وهي عافية الدين وعافية املال: قال بزر مجهر : حكمة إنعام : وعافية املال يف ثالثة أشياء . وأن ال حتسد أحدا ، وأن تعمل بأوامر الشرع،أن ال تابع اهلوى : ففي ثالثة أشياء

قالل من واإل،قالل من الكالم واإل، قلة الكالم:وعافية اجلسم يف ثالثة . احلق من املال خراجإ و ، وأداء األمانة،النظروسئل حامت األصم ألي شيء ال . وحفظ طاعة هللا تعاىل، وحسن العشرة، القناعة:وعافية األهل يف ثالثة . النوم

، واجلهد الدائم، والصاحب املوافق، املعلم الناصح : فاتكم مخسة أشياء ألنكم : جند ما وجده املتقدمون فقال . والزمان املساعد، والكسب احلالل

. بالرأي قال أبو القاسم احلكيم هالك العبد يف شيئني املعصية واالنفراد: حكمة

وقيل ال تطلب صحبة من . والعوام احلسدة،لهالب والقراء، العلماء املضلني : قال احلكيم بالء اخللق من ثالثة : حكمة . وقال احلكيم شيئان غريبان يف هذا الزمان الدين والفقر . وال تطلب وفاء من خسيس األصل،طامع

جيب أن يكون حبيث إذا علمه أحدها سرك : ن حفظتها كنت من مجلة الرجالإربعة أحوال أقال احلكيم : حكمةوالثالث أن تعامل الناس مبا لو ،بك الناس جاز لك نيتك جيب أن تكون حبيث لو اقتدى والثاين عال،الناس رضيت

. والرابع أن تكون حالتك للناس حبيث لو كانت لك رضيت ]ا ، عاملوك به اخرتته لنفسك

وأن ، التكربالفقراء بعني التواضع ال بعني أن تنظر وهي :قال احلكيم ينبغي أن تنظر ثالثة أشياء بعني ثالثة: حكمة . وأن تنظر النساء بعني الشفقة ال بعني الشهوة ،احلسد تنظر األغنياء بعني النصح ال بعني

الغزايل

177

�ا نتيجة مخسة أ و ،واحلرص واحلسد رب يف التوراة مكتوب أن أم املعاصي ثالثة الك : قال وهب بن منبه: حكمة :وقال من خلص من ثالثة أشياء فمأواه اجلنة وهي . سالنا األكل والنوم وراحة اجلسم وحب الدنيا ومدح،أشياء

. مل يلمه وإذا رأى يف أحد عيبا ، وأن خيفف مؤونته عن الناس،إذا أحسن مل مين باحسانه ،واملالمة املنة واملؤونة

ما : له فسأله احلجاج وقال،فطنة وعلما ن ابن القرية دخل على احلجاج وكان من أكابر أهل زمانهأيقال : حكمة فقال ما. الثقة بقضاء هللا والصرب على املكاره: قال؟فقال ما الرضى . ياس من الرمحة البطر بالنعمة واإل: قال؟الكفر . كظم الغيظ واالحتمال ملا يراد: قال؟فقال ما الصرب . ظهار الرمحة عند القدرة والرضى عند الغضبإ : قال؟احللم

قال . قال الصرب على اجلوع والعري عن اللباس؟قال ما القناعة . يق وقضاء احلقوق حفظ الصد: قال؟فقال ما الكرم . صابة األشياء الكبرية باآللة الصغرية احلقريةإ : قال؟فقال ما الرفق . استعظام الصغري واستكثار القليل: قال؟ما الغىن

عداء والكفار قال احلملة يف وجوه األ؟جاعةقال ما الش . الوقوف على رأس من هو دونك: قال؟فقال ما احلميةاملراد ترك: قال؟ فقال ما العدل.رضاء الرجالإ صدق املقال و : قال؟فقال ما العقل . الفرار والثبات يف موضع

املرض : قال؟فقال ما الذل . املساواة عند الدعاوي بني الناس: قال؟نصاففقال ما اإل . وصحة السرية واالعتقاد قال ؟فقال ما األمانة . حدة الشهوة عند الرجال: قال؟فقال ما احلرص . اليد واالنكسار من قلة الرزقمن خلو

وإدراك األشياء على قال التفكر؟ قال فما الفهم. قال الرتاخي مع القدرة؟ ما اخليانة : فقال . قضاء الواجب . حقائقها

ومن تأمر ،دع اليهاعلى مائدة مل ي جلوس الرجل:حا]ا وهي مثانية جتلب الذل على أص: قال احلكيم : حكمة وحمتقر ،واملصغي اىل حديث اثنني مل يدخاله بينهما ،عدائهأ والطامع يف االحسان من ،على صاحب البيت

. ومن صادق من ليس بأهل،تكلم عند من ال يستمع ومن، ومن جلس فوق مرتبته،السلطان

وانه إذا إخواملنقطع عن ، األمور الكسالن إذا فاتته:حون خبمس مث يندمون بعدها مخسة يفر :قال احلكيم: حكمة سئل بزر مجهر هل يقلب املال .ومن ابتلى حكمة، انتهازها دائه مث عجز عنأومن أمكنته فرصة على ، نالته شدة

. فقال من قلب املال قلبه فليس بعامل قلوب العلماء من الرجال

. العتاب الظاهر خري من احلقد الباطن : قال احلكيم : حكمة

غذاء الروح كما أن الطعام غذاء والفرح،ن الوجع مرض اجلسدأ احلزن مرض الروح كما : قال احلكيم : حكمةك إياي اال أن امحر وجهي ع من فقال احلكيم مل يكن من،وطلب حكيم من رجل أن يدينه دينارا فلم يفعل . اجلسد

. لف مرةأمطالبتك مرة بل ولوأعطيتين مل يصفر وجهي من،دةمن احلياء مرة واح

الغزايل

178

وال جتالس جليس ،احلسد لتخلص من احلزن جتنب : جتنب أربعة أشياء ختلص من أربعة أشياء: قال احلكيم : حكمة وال جتمع املال وقد خلصت من ،وقد خلصت من النار وال ترتكب املعاصي،السوء وقد ختلصت من املالمة

. اوةالعد

الباب السادس يف شرف العقل والعقالء

وعزيت فقال،رر فأدب مث قال له أدب ،لقب أل ف وقال له أقب ،وتعاىل خلق العقل على أحسن صورة إن هللا سبحانه والدليل على . أعاقب وبك، وبك أحاسب، وبك أعطي، بك آخذ،ا أحسن منكئوجاليل ما خلقت يف خلقي شي

كما جاء يف حمكم التنزيل ، ومها األمر والنهي،موقوفان على العقل تعاىل على العباد شيئني وكالمهاصحة هذا أن � واملعقل املنيع القلعة ، واشتقاق العقل من العقال.وهم ذوو العقول ،}األلباب فاتقوا هللا يا أويل { : قوله جل ذكره

ا و على سئل حكيم الفرس مل مسي العاقل عاقال فقال . حكامهاإرأس اجلبل ال يصل إليها يد أحد المتناعها وقو لن يسابق اىل فعأ و ،ن يتواضع ملن دونهأ و ،وهي أن يتجاوز عن ذنب من ظلمه ، ]ا للعاقل أربع عالمات يعرف

وإذا وقع يف ،يف موضعه ن العلم ويعرف منفعة الكالمن يتكلم عأ و ،ن يذكر ربه دائما أ و ،اخلري ملن هو أعلى منه وأن ،دونه ويعسف مبن،وكذلك اجلاهل له عالمات وهو أن جيور على الناس ويظلمهم . شدة التجأ اىل هللا تعاىل وإذا ،يف شدة أهلك نفسه وإذا وقع، وأن يسكت عن خطأ، وأن يتكلم بغري علم،تقدمنييتكرب على الزعماء وامل

. مال اخلري لفت عنها وجههرأى أع

ن إ و ،ن وقع أقامهإ و ،إن انكسر صححه ، ما رأيت لإلنسان لباسا أشرف من العقل : قال سعيد بن جبري : حكمةن افتقر أغناه وأول شيء حيتاج إليه البليغ العلم إ و ،منها وإن سقط يف هوة جذبه بضبعه منها واستنقذه،ذل أعزه

. احلكاية املمتزج بالعقل كما جاء يف

فكان له يف كل أسبوع يومان ،مجيع العلوم علم من املأمون يفأنه ما كان يف خلفاء بين العباس إ يقال : حكاية فدخل يف بعض األيام اىل ،الفقهاء واملناظرون والعلماء واملتكلمون وكان جيتمع عنده.جيلس فيهما ملناظرة الفقهاء

فلما،ة فجلس يف أواخر الناس وقعد من وراء الفقهاء يف مكان جمهولعليه ثياب بياض رث جملسه رجل غريبو نكتة غريبة أزيادة لطيفة فكل من وجد،ابتدأوا يف املسائل وكان رمسهم يديرون املسألة على مجاعة أهل ا¾لس

فأمر أن فاستحسنه املأمون ،فتكلم بكالم عجيب ن وصلت اىل ذلك الرجل الغريبأىل إ فدارت املسألة .ذكرهايرفع اىل فأمر أن،فلما وصلت الثالثة أجاب جبواب أحسن من أجوبة الفقهاء كلهم . يرفع اىل أعلى من تلك املرتبة

املأمون أن فأمر،فلما وصلت الثالثة أجاب جبواب أحسن وأصوب من اجلوابيني األولني . أعلى من تلك املرتبة مث �ض الفقهاء ،الطعام فأكلوا حضر مث أ ،ر املاء وغسلوا أيديهمحضقضت املناظرة أ ن فلما ا.جيلس قريبا منه

مث عيب جملس الشراب . ووعده باالحسان إليه واإلنعام عليه وقرب املأمون ذلك الرجل وأدناه وطيب قلبه،وخرجوا

الغزايل

179

ري املؤمننين أذن أمإفلما وصل الدور اىل الرجل �ض قائما وقال . ونضد وحضر الندماء املالح ودارت الراحالعبد كان يف جملس نأقد علم الرأي العايل زاده هللا علوا : فقال. قل ما تشاء: فقال،تكلمت بكلمة واحدة

يسري من العقل الذي أبداه جعله مرفوعا على ن أمري املؤمنني بقدرأ و ،الشريف من جماهيل الناس ووضعاء اجلالس وإن العبد إذا شرب الشراب تباعد عنه العقل وقرب منه اجلهل ،ا مهتهاليه درجة غريه وبلغ به الغاية اليت مل تسم

يفرق بينه وبني فإن رأى الرأي العايل أن ال،عني الناس كما كان ذليال أ ووقع يف ،فعاد اىل تلك الدرجة لب أدبهوس ادته وحسن شيمه فعل وفضله وكرمه وسيهمبن بعد القلةه وكثر ،ذلك القدر اليسري من العقل الذي أعزه بعد الذلة

مبائة ألف درهم ووفره وأمر له٧٧مدحه وشكره وأجلسه يف رتبتهفلما مسع املأمون منه ذلك . متطوال وأنعم متفضال الفقهاء حىت صار أرفع منهم درجة وأعلى ومحله على فرس وأعطاه ثياب جتمل وكان كل جملس يرفعه على مجاعة

ن اجلهل إدرجة عالية ومرتبة سامية و ألجل نعت العقل ألن العقل يوصل صاحبه اىلوإمنا أوردنا هذه احلكاية . منزلة . حيط صاحبه عن درجته ويهبط به من علو مكانته

. بعلمه ما مل يكن العقل لعلمه مصاحبا مهما كان الرجل عاملا فانه ال ينتفع: قال لقمان احلكيم : حكمة

وسرور الروح العقل ألن به ثبات . والفهم وجنوده التمييز واحلفظ،وله جنود العقل أمري : قالت العلماء : حكمةام م والعاقل ال يغتم أبدا ألنه ال يفعل ما يوجب االغت،ينبسط يف مجيع اجلسد والروح سراج نوره العقل مث،اجلسم

. يف أمر ال جيوز ملثله االهتمام به وال يشرع

فلوال هذه العقود الختلط اجليد ، سداد وعقد بني ثالثة وعشرين شيئا :ل فقا؟ سئل احلكيم ما العقل : حكمة وبني ، وبني اإلسالم والغفلة،والتهور وبني احلقد،ميان والكفر وبني اإل،أوال هو عقد بني التوحيد والشرك . بالردىء

وبني ، وبني التواضع والتكرب،ة وبني حسن اخللق والقباح،والبخل وبني الكرم، وبني العاقبة والبالء،اليقني والشكالظلمة وبني، وبني الرزانة واخلفة، وبني احلق والباطل، وبني احلياء والوقاحة،العلم واجلهل وبني،الصداقة والعداوة

وبني السنة ، وبني النصيحة واحلسد،والغفلة وبني ذكر هللا تعاىل، وبني الطاعة واملعصية، وبني الكرامة والزلة،والضياءوقال صاحب الكتاب رمحه هللا تعاىل مجيع حماسن الدنيا يف . واحلمق وبني احللم، وبني الرمحة والقساوة،لبدعةوا

. العلوم واألعمال مرجعها اىل العقل كما جاء يف احلكاية العقل وسائر

ر مأان بلد ففالح لسليم روي أن الريح محلت كرسي سليمان بن داود عليهما السالم وجعلت تسري به: حكاية واحلسن واجلمال ، أجرة اجتهاد يوم واحد درهم : مكتوبا فنزل على باب ذلك البلد فرأى على بابه، الريح أن حتطه

ما يف يوم مائتا مثقال والتدبري ، والعلم أسري، ومجيع األشياء منوط بالعلم،صى قيمتهوعلم ساعة واحدة ال حت ، أجر

)املصنف(، وال حول وال قوة إال با� على كالم الرجل العاقل" أمري املؤمنني"هذا هو كل رد فعل 77

الغزايل

180

قيمته فيجب لتعلم أيها األخ كنه العقل ونفاسته وعلو.تاه خريا كثريا أ العقل فقد تاه هللاأن م و ،العقل توأمان مع . جلت قدرتهالبارئعليك أيها العاقل احلمد والشكر لواهب الشكر

الباب السابع يف ذكر النساء

. "وأبرك املرأة احلرة فإ�ا أطهرعليكم ب " :قال عليه الصالة والسالم . خري النساء وأبركهن احلسناء الولود اخلفيفة املهرقال صاحب . "شرار النساء واحذورا خيارهن التجئوا اىل هللا عز وجل من " :وقال عمر بن اخلطاب رضي هللا عنه

وإذا ،]ا فعليه باملرأة الدينة فذات الدين خري وأبرك من أراد صالحه وتدبريه ومل جيد املرأة احلسناء يلهوالكتاب وبربكة الديانة يوجد كل ،ال معها بركةو ال دين هلا فما هلا أصل اليت ألن املرأة،أبرك انة أتى املال وكانجاءت الدي

له نعمة كبرية وحال كان مبدينة مرو رجل امسه نوح بن مرمي وكان رئيس مرو وقاضيها وكان : كما يف حكاية .خري ،من األكابر والرؤساء وذوي النعمة والثروة خطبها مجاعة وكانت له ابنة ذات حسن ومجال و]اء وكمال قد ،موفورة

وكان له .ن زوجتها لفالن أسخطت فالنا إ وقال ،ومل يدر أليهم يزوجها فلم ينعم ]ا ألحد منهم وحتري يف أمرها فقال للغالم أريد أن متضي وحتفظ ، وكان له كرم عامر األشجار والفاكهة والثمار،امسه مبارك غالم هندي تقي

فقال له سيده ، فناوله عنقودا من العنب فوجده حامضا ،ناولين عنقود عنب لينظره فقال له يا مباركوذهب. الكرم ؟احلامض فقال له سيده ما السبب يف أنك ال تناولين من هذا الكثري غري،فناوله عنقودا حامضا أعطين غري هذا

شهر كامل ما تعرف سبحان هللا لك يف هذا الكرم: فقال له سيده.فقال ألين ال أعلم أحامض هو أم حلو ؟ فقال له مل ال أكلت منه.أحامض أم حلو نين ما ذقته ومل أعلمأ فقال وحقك أيها السيد ؟احلامض من احللو

فعجب القاضي منه فقال له حفظ هللا عليك .كنت أخونك ألنك أمرتين حبفظه ومل تأمرين بأكله فما:فقال فقال له القاضي أيها الغالم قد وقع يل رغبة فيك وينبغي أن تفعل ما ،غزير العقل ي أن الغالم وعلم القاض.أمانتك

كثري من الرؤساء إعلم أن يل بنتا مجيلة وقد خطبها : فقال القاضي. فقال الغالم أنا مطيع � ولك.به آمركالكفار يف زمن اجلاهلية كانوا يريدون األصل إن : فقال الغالم. وال أعلم ملن أزوجها فأشر علي مبا ترى،تقدمنيوامل

ويف عهد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كان ،يطلبون احلسن واجلمال واليهود والنصارى،والنسب والبيت واحلسبي فقال القاض.تريد فاخرت من هذه األربعة ما،أما ويف زماننا هذا فالناس يطلبون املال ، والتقى الناس يطلبون الدين

فقال الغالم أيها السيد أنا عبد رقيق هندي أسود أبتعتين . قد اخرتت الدين واألمانة وجربت منك العفة والصيانةاىل املنزل قال فلما صارا، فقال له القاضي قم بنا إىل البيت لندبر هذا األمر؟تزوجين بإبنتك وترضاين مبالك كيف

؟صالحه وأريد أن أزوجه ابنيت فما تقولني تقي وقد رغبت يفن دي القاضي لزوجته اعلمي أن هذا الغالم اهلندي فجاءت املرأة اىل الصبية وأدت إليها .وأخربها وأعيد عليك جوا]ا ولكن أمضي اىل الصبية،فقالت األمر إليكفزوج .ركمامهما أمرمتاين به فعلته وال أخرج من حتت حكمكما وال أعاندكما باملخالفة بل أب :رسالة أبيها فقالت

الغزايل

181

وهو معروف يف مجيع العامل وهو ،هللا فأولدها املبارك ولدا ومساه عبد،القاضي ابنته باملبارك واعطامها ماال عظيما . روىتدث عنه حت فما دامت الدنيا ،األحاديث ويةا ور ، والزاهد،عبد هللا بن املبارك صاحب العلم

فإن املال يعود وباال وال ،ال تطلب ذات الصيت واملالنعم أيها األخ إذا تزوجت فاطلب ذات الدين و نة ي وارغب فيها بنية أ�ا د ،وختطبها ألجل بلوغ الشهوة وإذا أردت أن تطلب زوجة فال تطلبها.تعطيكه املرأة

. وتكون لك سرتا من النار وصاحلة لتكون يف خدرك وطاعتك

عنده ما يضيفهم به وما كان ميلك سوى م عشرة من العلماء ومل يكننزل بعبد هللا بن املبارك يف بعض األيا: حكاية سبحان : فقالت له زوجته،وطبخ منه وقدمه بني يدي أضيافه فذبح ذلك الفرس،حيج عليها سنة ويغزو سنةفرس

هرها فدخل سريعا اىل بيته وأخرج من متاع بيته بقدر م؟الفرس من الدنيا فلم ذحبته هللا ما كنت متلك سوى هذامام إرجل وقال له يا فأتاه بعد ذلك بأيام. امرأة تبغض األضياف ال تصلح لنا: وقال،وطلقها يف وقته وساعته

فقل ،حزنا وغما واليوم تريد أن تقصد جملسك املسلمني يل بنت وقد توفيت أمها وهي يف كل يوم متزق دست ثيابنرب ذكر من هذا الباب ما تسلت به الصبية عن أمها فلما جلس على امل فلما.يف تسليتها شيئا لعل قلبها يرق

؟ وما حاجتك: قال. ولكن يل اليك حاجة، يا أبت قد تبت وال أعود أسخط هللا تعاىل:قالت تيعادت اىل البالتزوجين لغري عبد هللا بن أنت تقول دائما أرباب األحوال وأبناء الدنيا يطلبونك وخيطبونك فناشدك هللا :قالت

بعبد هللا بن املبارك ومحل اليه جهازا كثريا وماال كبريا وأنفذ اليه فزوجها أبوها، فإن كان ماله دنيا فإن لنا دنيا،باركاملكنت طلقت من نإ : فرأى عبد هللا يف بعض الليايل يف منامه قائال يقول.ليجاهد عليها يف سبيل هللا عشرة أفراس

لتعلم أن وضها أعطيناك عشرة أفراس وع وان كنت ذحبت فرسا واحدا فقد،كرا أجلنا عجوزا فقد أعطيناك صبية ب .حد فخسرأاحملسنني وما عاملنا احلسنة بعشر أمثاهلا عندنا وال يضيع عندنا أجر

وهيهات أن يقدر على املرأة العفيفة طامع ،واعلم أن ديانة املرأة وسرتها نعمة من نعم هللا تعاىل على عباده :فصل . ا جاء يف احلكايةكم

حكمي أأبواب الدار مجيعها و راد رجل فاسق أن يكابر امرأة عفيفة فقال هلا امضي وأغلقيأيقال أنه : حكاية أي : فقال،غالقها سوى باب واحدإاألبواب وأوثقت قد أغلقت سائر: فمضت املرأة مث عادت فقالت.اغالقها

وقد بقي الباب الذي بيين وبني اخلالق ،يت بيننا وبني اخللق قد أغلقتهاال تلك األبواب: فقالت؟األبواب ذلك البابالكالم قع يف نفس هذا لرجل من هذاو ف.ما قدرت عليه وال استطعت أن أغلقه وهو حباله مفتوح جلت عظمته

. اهليبة فاخلص � التوبة وأقلع عن ذنبه وعاد اىل طاعة ربه األعلى

الغزايل

182

فاجتازت عليه امرأة ذات رجل علوي بسمرقند يف بعض األيام قائما على باب دارهيقال أنه كان : حكاية مثلها فقالت ،ىل داخل الدار وهم أن يفسد معهاإوجذ]ا وكان الدرب خاليا فقبض العلوي على زند املرأة،حسن ومجال

ذا أنت وطئتين حراما إ: فقالت.ذكري ما تريدينأ فقال ،وافعل ما بدا لك جبين عنهاأله املرأة أسألك مسألة املرأة ال شك فقالت. فقال إنه يكون علويا ؟ولدا هل يكون ذلك الولد علويا أو خبيثا عاميا وحبلت منك وولدت

العلوي يف احلال ورفع يده عنها ونذر فخجل. ولو مل تكن خبيثا مل تفعل مثل هذا،أنك أنت من خبيثي العلوينيوينبغي أن يكون الرجل صاحب محية وغرية . حمرمة عليه نظرة فساد ىل امرأةإعود ينظر على نفسه � نذرا أنه ال ي

،ىل حد أنه ال جيوز للرجل األجنيب أن يسمع دق املرأة األجنبية باهلاونإالدين فإن احلمية من،على حرمه وناسهبأقل األشياء ب الرجال تتعلقدق رجل أجنيب باب الدار فال حيل للمرأة أن جتيبه بلني وسهولة ألن قلو وإذا

ا شبيها بصوت العجائز ن كان البد للمرأة أن جتيبه فلتضع أصبعها يف فمها ولتجبهإ و ،وأكثرها والجيوز ،ليصري صون رسول هللا صلى هللا عليه وآله أوجاء يف اخلرب . كان املنظور أعمى للنساء أن ينظرن اىل الرجال األجانب ولو

يا عائشة ال حيل" : فقال،عائشة رضي هللا عنها فرأى عبد هللا بن أم مكتوم قاعدا النساء وسلم دخل اىل بيت . "يهر ـ نك تإف ن كان ال يراكإ" : فقال. فقالت يا رسول هللا إنه أعمى".للمرأة أن تقعد عند غري ذي حمرم

فلما ،صحابهأهللا عنها يف مجاعة من ضييقال أن احلسن البصري رمحة هللا عليه قصد زيارة رابعة العدوية ر : حكاية ،متهلوا ساعة وجعلت الكساء بينها وبينهم سرتا وأذنت هلم : فقالت؟وصلوا الباب قالوا اتأذنني لنا يف الدخول

مرت بذلك يف قوله أ : فقالت؟ مل علقت بيننا وبينك سرتا : فقالوا،فأجابتهم من وراء السرت فدخلوا وسلموا عليهاال ينظر اىل امرأة أجنيبة حبال فإنه قبل أن جيازي به وواجب على الرجل أن .}فاسألوهن من وراء حجاب { : تعاىل

. كما جاء يف احلكاية يف اآلخرة جيازي به يف الدنيا

ذلك يف بعض األيام اىل فشكت،أن أدمت أناملهاكانت فاطمة رضي هللا عنها تطحن اجلاروشة اىل : حكاية فأتت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم .خادمة قويل ألبيك يبتع لك: فقال،بعلها علي بن أيب طالب كرم هللا وجهه

فقال عليه الصالة والسالم .ثقايلأشغايل وحتمل عين بعض أتعينين على يا رسول هللا إين مفتقرة اىل خادمة:وقالت فقال صلى. فقالت يا رسول هللا علمين؟خري لك من خادم وأعز من سبع مسوات وسبع أرضني أعلمك ما هوأال

ويف . "اال هللا وهللا اكرب اذا أردت فقويل قبل منامك ثالث مرات سبحان هللا واحلمد � وال إله" :هللا عليه وسلم ويف الليلة اليت كانت .رؤوسهم انكشفت أرجلهم طوا بهمل يكن هلم يف البيت إال كساء كانوا إذا غ�م أاألخبار

وما كان لفاطمة .رضي هللا عنه كان حتتها جلد شاة وكانا ينامان عليه ىل علي بن أيب طالبإفاطمة عروسا وزفت أبصاركم الجرم ينادي هلا يوم القيامة يا أهل املوقف غضوا.سوى كساء وخمدة من أدم حشوها ليف من متاع البيت

. ىت سيدة النساء فاطمة الزهراءح

الغزايل

183

وحبفظها ،مره وقت خلوته وجمامعته هلاأل اعتهاطكرامها له و إ حمبتها يف قلبه بلعز عند زوجها وتنو واملرأة ت وأن تكون عنده كامتة للسر حمتملة ،واكتنافها يف بيته وقلة خروجها من خدرها منافعه واجتنا]ا مضاره وتربيتها ولده

،ثقيلة ن ال تكلفه حاجةأ و ،فظ وقت طعامه ومهما علمت أن يشتهيه اصطنعته بطالقة وجه وبشرحت وأن،لألمرقال صاحب الكتاب . وحضوره ن حتفظ سر زوجها يف غيبتهأ و ،ن تسرت نفسها عند منامهاأ و ،ن ال تكون جلوجةأو

ومن أحب ،م واإلحسان واملدارةيتحفظوا ]ن من وجه الرح وأن،وواجب على الرجال أن يؤدوا حق النساء العورات املرأة ال تقدر أن تطلقه نأوهلا أ . رحيما هلا فليذكر عشرة أشياء من أحواهلا لينصفها ]ا أن يكون مشفقا على زوجته

�ا ما دامت أ و ،ذنه وهو يقدر على ذلكإن تأخذ شيئا بغري أ�ا ال تقدر أو ،ذن وهو قادر على ذلك مىت شاءإبغري بغري إذنه وهو �ا ال جيوز هلا أن خترج من البيتأ و ،تقدر على زوج سواه وهو يقدر على الزواج عليها اليف حباله

وأ�ا تفارق أمها وأباها ،وهو ال خيافها �ا ختاف منهأ و ،ن تعزي وهو ميكنه ذلكأ�ا ال ميكنها أ و ،جيوز له ذلكفلهذه . �ا تتلف نفسها إذا كان مريضا وهو اليغتم لو ماتتأ و ،الخيدمها دائما �ا ختدمه دائما وهوأومجيع أقار]ا و

فإن املرأة أسري ،النساء وال يظلمو�ن وال جيوروا عليهن الوجوه اليت ذكرناها جيب على العقالء أن يكونوا رمحاء على دبر برأيهن وال وبسبب نقص عقوهلن ال جيوز ألحد أن يت،مداراة النساء لنقص عقوهلن وجيب على الرجال .الرجل

ن كان كما جاء يف،يتلفت إىل أقواهلن . احلكاية ومن اعتمد على آرائهن ودبر نفسه مبشور

معه فجاء الصياد ومعه فكان يوما جالسا وشريين،يقال أن خسرو بن أبرويز كان حيب أكل السمك: حكاية . فقالت شريين بئس ما فعلت،بعة آالف درهمبأر مسكة كبرية فأهداها خلسرو ووضعها بني يديه فأعجبته فأمر له

وقال أعطاين مثل ما ،حشمك بعد هذا مثل هذه العطية احتقرها فقالت ألنك إذا أعطيت أحدا من؟فقال ومل فقالت شريين . وقد فات ذلك األمر، ولكن يقبح بامللك اسرتجاع ما وهبه،لقد صدقت فقال امللك.عطى الصيادأ

قال أنثى فإن، تدعو الصياد وتقول له هذه السمكة ذكر أم أنثى: فقالت؟ وكيف ذاك:قال ف.هذا احلال أنا أدبر فقال خسرو هذه ،ذكاء وفطنة فنودي الصياد وكان ذا.ن قال ذكر فقل إمنا أردت أنثىإ و ،فقل إمنا أردت ذكرا

. خنثى ال ذكر وال أنثى هذه السمكة،إقبال امللك فقبل الصياد األرض وقال أدام هللا؟السمكة ذكر أم أنثى فمضى الصياد إىل اخلازن وقبض منه مثانية آالف ،آالف درهم أخرى فضحك خسرو من كالمه وأمر له بأربعة

فوضع الصياد ،كان معه ومحلها على كاهله وهم باخلروج فوقع من اجلراب درهم واحد ووضعها يف جراب،درهمإىل خسة هذا الصياد يتأ فقالت شريين خلسروا أر ،ريين ينظران إليهعن كاهله واحنىن على الدرهم وامللك وش اجلراب

واحنىن على ذلك الدرهم فأخذه ومل يسهل عليه سقط منه درهم واحد فألقى عن عنقه مثانية آالف درهم،وسفالتهة فحرد خسرو من ذلك مث أعاد الصياد إليه وقال له يا ساقط اهلم .أن يرتكه فكان يأخذه بعض غلمان امللك

هذا املال عن عنقك ألجل درهم واحد وأسفت أن ترتكه فكان يتبلغ به بعض ألست بإنسان وضعت مثلرفعته عن وإمنا،الصياد األرض وقال أطال هللا إقبال امللك مل أرفع ذلك الدرهم خلطره عندي فقبل.الصعاليك

أحد بغري علم فيضع قدمه جييء فخشيت أن ،األرض ألن على أحد وجهيه اسم امللك وعلى وجهه اآلخر صورته

الغزايل

184

فعجب خسرو من كالمه وأمر له .املأخوذ ]ذا الذنب كون أناأعليه فيكون ذلك استخفافا باسم امللك وصورته فال يتدبر أحد برأي : وأمر خسرو مناديا ينادي،ومعه اثنا عشر ألف درهم بأربعة آالف درهم أخرى فعاد الصياد

ن خسر درمهه درمهنيتدبر بآرائهن فإن من،النساء قال صاحب الكتاب رضي هللا عنه عمارة . أو ائتمر مبشور وجيب على الرجل ،وقيل شاورهن وخالفوهن ،والعمارة ال تصح بغري رأي وتدبري الدنيا وتناسل بين آدم بالنساء

الغدر والعيب يقع يف وليزوج البنت ال سيما إذا بلغت لئال ،املتيقظ أن حيتاط يف خطبة النساء وطلبهن الفاضلكما قال ،وعلى احلقيقة كلما ينال الرجل من البالء اهلالك واحملن فبسبب النساء . ومرض الروح وتعب القلب

: الشاعر

من السلطان الرمحن أو خيشى** من فتنة النسوان قد يعصى الفىت

ه بأرخص األميان للروح من** اللص لوالهن مل يك بائعا

بالعصيان يف حمكم التنزيل ** منهن قـرع آدم مع يوسف

جذعان ومعلق بالشعر يف ** وكذاك هاروت ببابل منكس

عجائب النسوان يف السندباد** جمنون عامر هام من أجل النسا

منهن ال يأيت مدى األزمان ** يأيت والوفا كل البال منهن

الغزايل

185

املقصد األسىن يف شرح أمساء هللا احلسىن بسم هللا الرمحن الرحيم

فقد قال هللا ، احلمد � رب العاملني وصلى هللا على سيدنا حممد وءاله وصحبه الطاهرين وسلم وبعد: املقدمة} و� األمساء احلسىن فادعوه ]ا{:، وقال تعاىل)١١/سورة الشورى(} لسميع البصري ليس كمثله شىء وهو ا{:تعاىل

سورة (} قل ادعوا هللا أو ادعوا الرمحن أيùا ما تدعوا فـله األمساء احلسىن {:، وقال)١٨٠/سورة األعراف(إن � تعاىل تسعة وتسعني : " ومسلم عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أنه قال ، وروى البخاري )١١٠/اإلسراء

وقد فسر بعض أهل العلم بأن املراد أن يكون مستظهرا هلا مع ". من أحصاها دخل اجلنة ، مائة إال واحدا،امساإن : "قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم: هللا عنه قالاعتقاد معانيها، وروى الرتمذي يف سننه عن أيب هريرة رضي

هو هللا الذي ال إله إال هو ، وهو وتر حيب الوتر، من أحصاها دخل اجلنة، مائة إال واحدا،� تسعة وتسعني امساهيمن، العزيز، اجلبار، امل

لك، القدوس، السالم، املؤمن، امل

تكبـر، اخلالق، البارىء، املصور، الغفار، الرمحن، الرحيم، امل

، السميع، البصري، احلكم، ذل، امل عز

القهار، الوهاب، الرزاق، الفتاح، العليم، القابض، الباسط، اخلافض، الرافع، املقيت، احلسيب، اجلليل، العدل، اللطيف، اخلبري، احلليم، العظيم، الغفور،

الشكور، العلي، الكبري، احلفيظ، امل

جيد، الباعث، الشهيد، احلق، الوكيل، القوي، املتني، الويل، الكرمي، الرقيب، ا¾يب، الواسع، احلكيم، الودود، امل

حيي، املميت، احلي حصي، املبدىء، املعيد، امل

، القيوم، الواجد، املاجد، الواحد، الصمد، القادر، احلميد، امل

، الرءوف، املقتدر، املقدم، املؤخر، األول، اآلخر، الظاهر، الباطن، الوايل، املتعايل، الرب، التواب، املنتقم، العفو، النافع، النور، اهلادي، البديع، مالك امللك ذو اجلالل واإلكرام، املقسط، اجلامع، الغين ، املغين، املانع، الضار

، "املانع"بدل " الرافع: "لفظ حديث الفريايب، ويف رواية احلسن بن سفيان" الباقي، الوارث، الرشيد، الصبور، الكايف، وابن ماجه ورمزه )ت(ذي ورمزه فنذكرها مع مراعاة رواية الرتم". املقيت"بدل " املغيث: "يف رواية النصييب: وقيل

، )زج(؛ مع ذكر بعض ما ورد يف كتاب اشتقاق أمساء هللا احلسىن للزجاجي ورمزه )كم(، واحلاكم ورمزه )جه( .، طلبا لألجر واخلري والربكة بذكر أمساء هللا احلسىن)حل(وكتاب املنهاج للحليمي ورمزه

شرح أمساء هللا احلسىن هللا خالق {:أي من له األلوهية وهو أنه تعاىل مستحق للعبادة وهي �اية اخلشوع واخلضوع، قال هللا تعاىل: ـ هللا١

ت). ٦٢/سورة الزمر(} كل شىء

الغزايل

186

وهو الذي يرحم املؤمنني ، مشلت رمحته املؤمن والكافر يف الدنيا أي أن هللا،وهو من األمساء اخلاصة با�: ـ الرمحن ٢

ت). ٣/سورة الفاحتة(} الرمحن الرحيم {:فقط يف اآلخرة قال تعاىل ). ٤٣/سورة األحزاب (}وكان بالمؤمنني رحيما{: قال تعاىل،أي الذي يرحم املؤمنني فقط يف اآلخرة: ـ الرحيم ٣ ت الذي يعطيه للعبد يف الدنيا فهو حادث ـلك وأما امل،لك، وملكه أزيل أبديـ ي أن هللا موصوف بتمام املأ: ك لـ ـ امل٤

ت). ١١٤/سورة طه(} فـتـعاىل هللا الملك احلق {:يزول قال تعاىل كاحلاجة للمكان أو الزمان فهو خالقهما وما سوامها، ،فهو املنزه عن الشريك والولد وصفات اخللق : ـ القدوس ٥

ت). ٢٣/سورة احلشر(} الملك القدوس {: عن النقائص الطاهر من العيوب قال تعاىلـنزهارك وتعاىل املوهو تب } السالم المؤمن {: قال تعاىل،و الزوجية أي الذي سلم من كل عيب فال يوصف بالظلم أو الولدية أ: ـ السالم ٦ ت). ٢٣/سورة احلشر(

ت). ٢٣/سورة احلشر(}السالم المؤمن {:وهو الذي يصدق عباده وعده ويفي مبا ضمنه هلم قال تعاىل: ـ املؤمن ٧ سورة (} المهيمن {: قال تعاىل، أو اعتقاد أي الشاهد على خلقه مبا يكون منهم من قول أو فعل : ـ املهيمن ٨

ت). ٢٣/احلشر سورة (} وهو العزيز احلكيم {: قال تعاىل،هو القوي الذي ال يغلب ألنه تعاىل غالب على أمره : ـ العزيز ٩

ت). ٤/إبراهيم

سورة (} اجلبار المتكرب {: قال تعاىل،م على ما أراد أو الذي قـهره ،هو الذي جبـر مفاقر اخللق : ـ اجلبار ١٠ ت). ٢٣/احلشر

الغزايل

187

سورة (} اجلبار المتكرب {: قال تعاىل،هو العظيم املتعايل عن صفات اخللق القاهر لعتاة خلقه : ـ املتكرب ١١

ت). ٢٣/احلشر

هل من خالق غيـر {: قال تعاىل،م إىل الوجود فال خالق إال هو عز وجل هو مربز األشياء من العد : ـ اخلالق ١٢ ت). ٣/سورة فاطر(} هللا

ت). ٢٤/سورة احلشر(} البارئ {: أي أنه هو خلق اخللق ال عن مثال سبق قال تعاىل: ـ البارئ ١٣

االذي أنشأ خلقه على صور : ـ املصور ١٤ هو هللا اخلالق البارئ {: قال تعاىل، خمتلفة تـتميـز ]ا على اختالفها وكثر ت). ٢٤/سورة احلشر(} المصور

ت). ٥/سورة الزمر(} أال هو العزيز الغفار {: قال تعاىل،هو الذي يغفر الذنوب : ـ الغفار ١٥

ت). ١٦/سورة الرعد(} وهو الواحد القهار {: قال تعاىل،ذي قـهر املخلوقات باملوت هو ال: ـ القهار ١٦

العزيز {: قال تعاىل، أي يثيب الطائعني فضال منه وكرما،هو الذي جيود بالعطاء من غري استثابة : ـ الوهاب ١٧ ت). ٩/سورة ص(} الوهاب

} إن هللا هو الرزاق ذو القوة المتني {: قال تعاىل،ع رزقه املخلوقات كلهمهو املتكفل بالرزق وقد وس : ـ الرزاق ١٨

ت). ٥٨/سورة الذاريات(

: قال تعاىل،اهو الذي يفتح على خلقه ما انغلق عليهم من أمورهم فيـيسرها هلم فضال منه وكرم : ـ الفتاح ١٩ ت). ٢٦/سورة سبإ(} وهو الفتاح العليم {

: قال تعاىل، وال جيوز أن يسمى هللا عارفا،هو العامل بالسرائر واخلفيات اليت ال يدركها علم املخلوقات : ـ العليم ٢٠ ت). ٢٦/سورة النساء(} وهللا عليم حكيم {

الغزايل

188

} وهللا يـقبض ويـبسط {: قال تعاىل،هو الذي يقتـر الرزق حبكمته ويبسطه جبوده وكرمه : باسط ـ القابض ال٢٢ ـ ٢١

ت). ٢٤٥/سورة البقرة(

ت. هو الذي خيفض اجلبارين ويذل املتكربين ويرفع أولياءه بالطاعة فيعلي مراتبـهم: ـ اخلافض الرافع ٢٤ ـ ٢٣

أي أن هللا أعز أولياءه بالنعيم املقيم يف اجلنة وأذل الكافرين باخللود يف النار، ويف كتاب هللا : ـ املعز املذل ٢٦ ـ ٢٥ ت). ٢٦/سورة آل عمران(} وتعز من تشاء وتذل من تشاء{:عز وجل

: قال تعاىل، وهو مسيع الدعاء أي جميبه ،لة وال جارحة آ وال هو السامع للسر والنجوى بال كيف : ـ السميع ٢٧ ت). ٢٠/سورة غافر(} إن هللا هو السميع البصري {

سورة (} وهو السميع البصري {: قال تعاىل،لة وال جارحة آأي أنه تعاىل يرى املرئيات بال كيف وال : ـ البصري ٢٨ ت). ١١/الشورى

ر احلاكمني {: قال تعاىل،أي احلاكم بني اخللق يف اآلخرة وال حكم غريه وهو احلكم العدل : ـ احلكم ٢٩ } وهو خيـ

ت). ١٠٩/سورة يونس(

ت. هو املنزه عن الظلم واجلور ألن الظلم هو وضع الشىء يف غري موضعه : ـ العدل ٣٠

سورة (} وهو اللطيف اخلبري {: قال تعاىل،هو احملسن إىل عباده يف خفاء وسرت من حيث ال حيتسبون: يف ـ اللط٣١ ت). ١٠٣/األنعام

ومن أنكر ،هو املطلع على حقيقة األشياء فال ختفى على هللا خافية وهو عامل بالكليات واجلزئيات : ـ اخلبري ٣٢

ت). ٧٣/سورة األنعام(} وهو احلكيم اخلبري {: قال تعاىل،ذلك كفر

،هو ذو الصفح واألناة الذي ال يستفزه غضب وال عصيان العصاة، واحلليم هو الصفوح مع القدرة : ـ احلليم ٣٣ ت). ٥٩/سورة احلج(} وإن هللا لعليم حليم {:قال تعاىل

الغزايل

189

وهو العلي {: قال تعاىل، فا� أعظم قدرا من كل عظيم ،فهو عظيم الشأن منـزه عن صفات األجسام : العظيم ـ ٣٤

ت). ٤/سورة الشورى(} العظيم

ت). ٤٩/سورة احلجر(} أين أنا الغفور الرحيم {: قال تعاىل،هو الذي تكثر منه املغفرة : ـ الغفور ٣٥

اآلية } إن ربـنا لغفور شكور {: قال تعاىل،هو الذي يثيب على اليسري من الطاعة الكثري من الثواب : ـ الشكور ٣٦ ت). ٣٤/سورة فاطر(

ه عن املكان ألنه تعاىل منز ،هو الذي يعلو على خلقه بقهره وقدرته، ويستحيل وصفه بارتفاع املكان : ـ العلي ٣٧

). ٤/سورة الشورى(} وهو العلي العظيم {: قال تعاىل.العالء الرفعة: وهللا خالقه، قال ابن منظور يف لسان العرب ت

لي وهو الع {: قال تعاىل،وهللا أكرب معناه أن هللا أكرب من كل شىء قدراهو اجلليل كبري الشأن، : ـ الكبري ٣٨ ت). ٢٣/سورة سبإ(} الكبري

سورة (} وربك على كل شىء حفيظ {: قال تعاىل،معناه احلافظ ملن يشاء من الشر واألذى واهللكة : ـ احلفيظ ٣٩ ت). ٢١/سبإ

قيت ٤٠ ت). ٨٥/سورة النساء(} شىء مقيتاوكان هللا على كل {: قال تعاىل،هو املقتدر وهو رازق القوت : ـ امل

ت). ٦/سورة النساء(} وكفى با� حسيبا{: قال تعاىل،أي هو احملاسب للعباد مبا قدمت أيديهم: ـ احلسيب ٤١

ت. أي املوصوف باجلالل ورفعة القدر : ـ اجلليل ٤٢

ما {: قال تعاىل، ويتفضل باإلحسان من غري استثابة ، قبل االستحقاق هو الكثري اخلري فيبدأ بالنعمة : ـ الكرمي ٤٣ ت). ٦/سورة االنفطار(} غرك بربك الكرمي

الغزايل

190

ت). ١/سورة النساء(} إن هللا كان عليكم رقيبا{: قال تعاىل،هو احلافظ الذي ال يغيب عنه شىء : ـ الرقيب ٤٤

يب {: قال تعاىل، هو الذي جييب املضطر إذا دعاه ويغيث امللهوف إذا استغاث به: ـ ا¾يب ٤٥ سورة (} قريب جم ت). ٦١/هود

).٣٢/سورة النور(} وهللا واسع عليم {: قال تعاىل،هو الذي وسع رزقه مجيع خلقه : ـ الواسع ٤٦

حكم خللق األ: ـ احلكيم ٤٧} وهللا عليم حكيم {: قال تعاىل،شياء كما شاء ألنه تعاىل عامل بعواقب األمور هو امل

ت). ٢٦/سورة النساء(

سورة (} وهو الغفور الودود {: قال تعاىل،هو الذي يـود عباده الصاحلني فريضى عنهم ويتقبل أعماهلم: ـ الودود ٤٨ ت). ١٤/الربوج

يد {: قال تعاىل،هو الواسع الكرم العايل القدر : ا¾يد ـ ٤٩ يد جم ت). ٧٣/سورة هود(} إنه مح

عث من يف {: قال تعاىل،هو الذي يبعث اخللق بعد املوت وجيمعهم ليوم ال ريب فيه: ـ الباعث ٥٠ وأن هللا يـبـ ت). ٧/سورة احلج(} القبور

ت). ٧/سورة احلج(} إن هللا على كل شىء شهيد {: قال تعاىل،هو الذي ال يغيب عن علمه شىء : يد ـ الشه٥١

سورة (} ويـعلمون أن هللا هو احلق المبني {: قال تعاىل،هو الثابت الوجود الذي ال شك يف وجوده : ـ احلق ٥٢ ت). ٢٥/النور

ت). ٨١/سورة النساء(} وكفى با� وكيال {: قال تعاىل،هو الكفيل بأرزاق العباد والعامل بأحواهلم: وكيل ـ ال٥٣

، والقوة وال يقال هللا قوة أو قدرة إمنا هو ذو القوة والقدرة هو التام القدرة الذي ال يعجزه شىء، : ـ القوي ٥٤ ت). ٤٠/سورة احلج(} إن هللا لقوي عزيز {: قال تعاىل،مبعىن القدرة

الغزايل

191

سورة (} إن هللا هو الرزاق ذو القوة المتني {: قال تعاىل،هو الذي ال ميسه تـعب وال لغوب: ـ املتني ٥٥

ت). ٥٨/الذاريات

قال ،األنبياء وأتباعهم هم املنصورون يف املعىن ألن عاقبتهم محيدة هو الناصر ينصر عباده املؤمنني، ف: ـ الويل ٥٦ ت). ٢٨/سورة الشورى(} وهو الويل احلميد {:تعاىل

ت). ٢٦/سورة لقمان(} إن هللا هو الغين احلميد {: قال تعاىل،هو املستحق للحمد والثناء واملدح : ـ احلميد ٥٧

٥٨ ). ٢٨/ورة اجلنس(} وأحصى كل شىء عددا{: قال تعاىل،هو الذي أحصى كل شىء علما وعددا: حصي ـ امل

ت

هو الذي ابتدأ األشياء فأوجدها عن عدم، واملعيد هو الذي يعيد اخللق بعد احلياة إىل : د ــعيئ املـبد ـ امل٦٠ ـ ٥٩ ت). ١٣/سورة الربوج(} هو يـبدئ ويعيد {:ال تعاىل ق،املمات مث يعيده بعد املوت إىل احلياة

هو الذي حييي النطفة امليتة فيخرج منها النسمة احلية وحييي األجسام البالية بإعادة األرواح إليها عند : ييـح ـ امل٦١

.البعث

} قل هللا حيييكم مث مييتكم { : قال تعاىل،ألقوياء الذي مييت األحياء ويوهن باملوت قوة األصحاء ا: ـ املميت ٦٢ ت). ٢٦/سورة اجلاثية(

ومن وصف هللا مبعىن من معاين البشر : "هو الذي مل يـزل موجودا وباحلياة موصوفا، قال الطحاوي : ـ احلي ٦٣

ت). ٦٥/سورة غافر (}هو احلي ال إله إال هو {:قال تعاىل". فقد كفر

} هللا ال إله إال هو احلي القيوم {: قال تعاىل،هو الدائم الذي ال يتغري وهو القائم بتدبري أمور اخلالئق: ـ القيوم ٦٤ ت). ٢٥٥/سورة البقرة(

ت. اىل شيء هو الغين الذي ال يفتقر: ـ الواجد ٦٥

الغزايل

192

ت. القدر واسع الكرم هو عظيم : ـ املاجد٦٦

} وما من إله إال هللا الواحد القهار {: قال تعاىل،هو الواحد الذي ال ثاين له يف األزلية واأللوهية: ـ الواحد ٦٧ ت). ٦٥/سورة ص(

سورة (} هللا الصمد {: قال تعاىل،لهو الذي يصمد إليه يف األمور كلها ويقصد يف احلوائج والنواز : ـ الصمد ٦٨

ت). ٢/اإلخالص

إنه على كل {: قال تعاىل،هو الذي ال يعرتيه عجز وال فتور وهو القادر على كل شىء ال يعجزه شىء : ـ القادر ٦٩ ت). ٣٣/سورة األحقاف(} شىء قدير

). ٤٢/سورة القمر(}فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر {: قال تعاىل، شىء هو القادر الذي ال ميتنع عليه: ـ املقتدر ٧٠ ت

م املؤخر٧٢ ـ ٧١ هو املنزل لألشياء منازهلا يقدم ما يشاء منها ويؤخر ما يشاء حبكمته، روى البخاري : ـ املقد ت". ملقدم وأنت املؤخرأنت ا: "ومسلم يف الصحيح أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال

ت). ٣/سورة احلديد(} هو األول {: قال هللا تعاىل،هو األزيل القدمي الذي ليس له بداية : ـ األول ٧٣

سورة (} هو األول واآلخر {: قال تعاىل،هو الباقي بعد فناء اخللق وهو الدائم الذي ال �اية له: ـ اآلخر ٧٤ ت. )٣/احلديد

،هو الظاهر فوق كل شىء بالقهر والقوة والغلبة ال باملكان والصورة والكيفية فإ�ا من صفات اخللق : ـ الظاهر ٧٥

ت). ٣/سورة احلديد(} هو األول واآلخر والظاهر {:قال تعاىل

والظاهر {: قال تعاىل، وهو خالق الكيفيات والصور ،هو الذي ال يستويل عليه توهم الكيفية : ـ الباطن ٧٦ ت). ٣/سورة احلديد(} والباطن

الغزايل

193

ت. هو املالك لكل شىء ونافذ املشيئة يف كل شىء : ـ الوايل٧٧

سورة (} الكبري المتـعال {: قال تعاىل،هو املنزه عن صفات املخلوقني والقاهر خللقه بقدرته التامة : تعالـ ـ امل٧٨ ت). ٩/الرعد

إنه هو {: قال تعاىل،هو احملسن إىل عباده الذي عم بره وإحسانه مجيع خلقه فمنهم شاكر ومنهم كافر: ـ البـر ٧٩

ت). ٢٨/سورة الطور(} البـر الرحيم

ت). ١٠٤/سورة التوبة(}وأن هللا هو التـواب الرحيم {: قال تعاىل،كلما تكررتهو الذي يقبل التوبة : ـ التواب ٨٠

} وهللا عزيز ذو انتقام {: قال تعاىل،هو الذي يبالغ يف العقوبة ملن يشاء من الظاملني وهو احلكم العدل : ـ املنتقم ٨١ ت). ٤/سورة آل عمران(

سىء كرما وإحسانا: ـ العفو ٨٢

} إن هللا لعفو غفور {: قال تعاىل،هو الذي يصفح عن الذنوب ويرتك جمازاة امل

ت). ٦٠/سورة احلج(

ت). ٧/سورة النحل(} إن ربكم لرؤوف رحيم {: قال تعاىل،هو شديد الرمحة : ـ الرءوف ٨٣

قل اللهم مالك الملك {:الذي أعطاه لبعض عباده يف الدنيا، قال تعاىلـلك ي يعود إليه املالذ: لك ـ ـ مالك امل٨٤ الذي هو صفة له أزلية أبدية، ألن الذي وصف لكـ ، وليس هذا امل)٢٦/سورة آل عمران(} تـؤيت الملك من تشاء

كل شىء {:لك الذي فسر به البخاري وغريه وجه هللا يف قوله تعاىلـ هو امل) ٢٦(} لملك مالك ا{نفسه به بقوله ت. إال ملكه أي سلطانه) ٨٨/سورة القصص(} هالك إال وجهه

والنور أي أن هللا مستحق أن جيل فال جيحد وال يكفر به، وهو املكرم أهل واليته بالفوز : ـ ذو اجلالل واإلكرام ٨٥

قى وجه ربك ذو اجلالل واإل {: قال تعاىل،التام يوم القيامة ت). ٢٧/سورة الرمحن(} كرام ويـبـ

قسط ٨٦ ت. هو العادل يف حكمه املنزه عن الظلم واجلور ال يسأل عما يفعل: ـ امل

الغزايل

194

سورة (} ربـنا إنك جامع الناس ليـوم ال ريب فيه {: قال تعاىل،م ال ريب فيههو الذي جيمع اخلالئق ليو : ـ اجلامع ٨٧

ت). ٩/آل عمران

سورة (} وهللا الغين وأنتم الفقراء{: قال تعاىل،هو الذي استغىن عن خلقه واخلالئق تفتقر إليه: ـ الغين ٨٨ ت). ٣٨/حممد

سورة (} وأنه هو أغىن وأقـىن {:هو الذي جبـر مفاقر اخللق وساق إليهم أرزاقـهم، قال تعاىل: ـ املغين٨٩

ت). ٤٨/النجم

ت. هو الذي مينع من يشاء ما يشاء: ـ املانع ٩٠

ت. هو القادر على أن يضر من يشاء وينفع من يشاء : ـ الضار النافع ٩٢ ـ ٩١

سورة (} هللا نور السموات واألرض {: قال تعاىل،أي الذي بنوره أي ]دايته يهتدي ذو الغواية فريشد : ـ النور ٩٣، أي أن هللا تعاىل هادي أهل السموات واألرض لنور اإلميان، فا� تعاىل ليس نورا مبعىن الضوء بل هو )٣٥/النور

ت. الذي خلق النور

ويـهدي من يشاء إىل صراط {: قال تعاىل،هو الذي من على من شاء من عباده باهلداية والسداد: ـ اهلادي٩٤ ت). ٢٥/سورة يونس(} مستقيم

} وات واألرض بديع السم {: قال تعاىل،هو الذي خلق اخللق مبدعا له وخمرتعا ال على مثال سبق : ـ البديع ٩٥

ت). ١١٧/سورة البقرة(

قى وجه ربك ذو اجلالل {: قال تعاىل،هو الواجب البقاء الذي ال جيوز عليه خالفه عقال : ـ الباقي٩٦ ويـبـ ).٢٧/سورة الرمحن(} كرام واإل

ت).٢٣/سورة احلجر(} يي ومنيت وحنن الوارثون وإنا لنحن حن {: قال تعاىل،هو الباقي بعد فناء اخللق: ـ الوارث ٩٧

الغزايل

195

ت. هو الذي أرشد اخللق إىل مصاحلهم: ـ الرشيد ٩٨

. هو الذي ال يعاجل العصاة باالنتقام منهم بل يـؤخر ذلك إىل أجل مسمى وميهلهم إىل وقت معلوم : ـ الصبور ٩٩ ت

هو الواحد املنزه عن صفات املخلوقات، فا� ال شريك له يف األزلية، قال رسول هللا صلى هللا عليه : ـ األحد ١٠٠ جه). ١/سورة اإلخالص(} قل هو هللا أحد {:رواه البخاري، وقال تعاىل" كان هللا ومل يكن شىء غريه: "وسلم

} احلمد � رب العالمني {ال الرب أي باأللف والالم إال � عز وجل هو السيد املالك، وال يق: ـ الرب ١٠١

جه). ٢/سورة الفاحتة(

} وهو القاهر فـوق عباده {: قال تعاىل،فا� القاهر والقهار أي الغالب جلميع خلقه بقدرته وسلطانه : ـ القاهر ١٠٢ جه). ٦١/نعامسورة األ(

مث توبوا إليه إن ريب {: قال تعاىل،هو الذي يقابل الدعاء والسؤال بالعطاء والقبول بفضله ومنه وكرمه : ـ ا¾يب ١٠٣

يب ت، جه). ٦١/سورة هود(} قريب جم

أليس هللا {: قال تعاىل،الذي يكتـفى مبعونته عن غريه لم، وهو ـ هم ويدفع املـ هو الذي يكفي امل: ـ الكايف١٠٤ جه). ٣٦/سورة الزمر(} بكاف عبده

جه. الباقي: ـ الدائم ١٠٥

ومن أصدق {: قال تعاىل،هو الذي يصدق قوله ووعده فما أخرب هللا عن وقوعه فال بد من وقوعه : ـ الصادق ١٠٦

جه). ١٢٢/سورة النساء(} قيال من هللا

هو الذي أحاطت قدرته جبميع خلقه، وأحاط بكل شىء علما فال يغيب عن علمه شىء قال : ـ احمليط ١٠٧يط {:تعاىل زج). ٥٤/سورة فصلت(} أال إنه بكل شىء حم

الغزايل

196

جه). ٢٥/سورة النور(} مون أن هللا هو احلق المبني ويـعل {: قال تعاىل،مبعىن الظاهر: ــبني ـ امل١٠٨

: أي قريب بعلمه من خلقه، فاملطيع قريب من هللا بال كيف كما قال اإلمام أبو حنيفة، قال تعاىل: ـ القريب ١٠٩

يع قريب { كم). ٥٠/سورة سبإ(} إنه مس

} احلمد � فاطر السموات واألرض {: قال تعاىل،خللق أي اختـرعهم وأوجدهمهو الذي فطر ا: ـ الفاطر ١١٠ جه). ١/سورة فاطر(

م ١١١ كم ). ٧٨/سورة التوبة(} وأن هللا عالم الغيوب {: قال تعاىل،مبعىن العليم : ـ العال

فصل فيما جيوز أن يسمى هللا به وما ال جيوز

أي مل يرد اإلذن به شرعا، فال جيوز تسميته جسما أو جوهرا ألنه مل يرد ،ال جيوز تسمية هللا مبا مل يرد به توقيف

:قال احلافظ اللغوي مرتضى الزبيدي .ذلك يف الكتاب والسنة إذن به، هذا على القول بأن أمساءه تعاىل توقيفية وإن مل يرد ،ا يثبت مسعا اتصافه مبعناه وما يشعر باجلالل ومل يوهم نقصاوأما على القول جبواز إطالق املشتق مم"

د يف السمع ما يسوغ إطالقه، وألن ألنه مل يوج ، فخطأ أيضا،توقيف كما ذهبت إليه املعتزلة وأبو بكر الباقالين. اتصافه تعاىل مبعىن ذلك اللفظشرطه بعد السمع أن ال يوهم نقصا، فيكتفون حيث ال مسع بداللة العقل على

يعين الغزايل يف املقصد ( ،فومن قال بإطالق األلفاظ اليت هي أوصاف دون األمساء اجلارية جمرى األعالم كاملصن واسم اجلنس يقتضي النقص من حيث . فالشرط عنده كذلك فيما أجازه دون توقيف،)األسىن واإلمام الرازي

ه اليت يرتكب منها وهو أعظم مقتض للحدوث، فمن أطلقه عليه تعاىل فهو عاص، بل اقتضائية االفتقار إىل أجزائه عليه ر ك سم السبب والعلة وهو أظهر، فإن إطالقه عليه وهو غري م إقد كفره اإلمام ركن اإلسالم فيمن أطلق عليه

.اهـ". بعد علمه مبا فيه من اقتضاء النقص استخفاف بالربوبية وهو كفر إمجاعا باتفاق "ءاه" ألن ، اسم من أمساء هللا"ءاه"علم من ذلك حرمة إطالق الروح على هللا، وفساد قول بعض الناس في

فسد الصالة، وءاه من وقد قرر أهل املذاهب األربعة أن األنني والتأوه ي . علماء اللغة لفظ وضع للشكاية والتوجعسم من أمساء إوما يروى أن األنني .س اثنتني وعشرين كلمةمجلة ألفاظ األنني، وقد عدها الزبيدي يف شرح القامو

} و� األمساء احلسىن {: أخرجه الرافعي يف تاريخ قزوين بإسناد تالف وهو مناقض لقول هللا تعاىل،هللا فال أصل لهاء هللا تعاىل داال سم من أمسإ، فال جيوز أن يكون فسروا احلسىن بالدالة على الكمال، فقد )١٨٠/سورة األعراف(

الغزايل

197

، وذلك دليل أن وما يدل على العجز والشكاية والتوجع مستحيل أن يكون امسا � تعاىل. على خالف الكمال .احلديث املذكور موضوع

سم جامد ليس من األوصاف حىت إ ألن الروح ،وأما الروح فقد ورد يف بعض كتب املتصوفة امسا وال عربة بذلك وهللا منزه عن أن ،زايل، وألنه يدل على النقص ألن الروح جسم لطيف حمدث يتعلق بالبدنينطبق عليه قول الغ

وال جيوز أيضا إطالق الفم على هللا أو األذن أو حنو ذلك أل�ا من .يكون كذلك، وتعاىل هللا أن يسمى جسماه ما جيوز على األجسام من الفناء إذ لو كان جسما جلاز علي،ويستحيل أن يكون هللا تعاىل جسما .قبيل األجسام

ووجب له ما جيب لألجسام كاحلدوث، ولصحت األلوهية للشمس والقمر والسماء واملالئكة ،والتغري وحنو ذلك .واجلن وغري ذلك، وذلك حمال، وما أدى إىل احملال وهو كونه جسما حمال

قى وجه ربك ذو اجلالل واإل {: إطالقه على هللا مبعىن الذات كقوله تعاىلالقرآنوأما الوجه فقد ورد يف } كرام ويـبـوهنا يتعني تفسريه بالذات ألنه ورد مرفوعا موصوفا بذو اجلالل واإلكرام، وذو مرفوع أيضا ألن ).٢٧/سورة الرمحن(

وليس يف ذلك حجة للمجسمة .والذات املقدس هو املوصوف باجلالل واإلكرام .ة تتبع املوصوف يف اإلعرابالصفأما العني واليد إذا أضيفتا إىل هللا فال يراد ]ما اجلارحة اليت .الذين يعتقدون أن هللا تعاىل له وجه مبعىن اجلزء املعهود

ولكن يده : إ�ما صفتان ليستا جارحتني، قال أبو حنيفة،تقاد وغريهقال البيهقي يف كتابه االع .لإلنسان وحنوهوقال : "وقال البيهقي يف كتابه األمساء والصفات ما نصه .ليست جبارحة: صفته بال كيف، وقال يف الفقه األبسط

والضعف، ليس فيما يضاف إىل هللا من صفة اليدين مشال ألن الشمال حمل النقص: أبو سليمان اخلطايب رمحه هللا، وليس معىن اليد عندنا اجلارحة إمنا هو صفة جاء ]ا التوقيف فنحن نطلقها على ما "وكلتا يديه ميني: "وقد روي

جاءت وال نكيف، وننتهي إىل حيث انتهى بنا الكتاب واألخبار املأثورة الصحيحة وهو مذهب أهل السنة ، والرواية الصحيحة هي املوافقة ملا جاء يف ديث صحيحوأما الساق فلم يرد مضافا إىل هللا يف ح .واجلماعة

وقد فسر ابن عباس الساق بالكرب والشدة، ).٤٢/سورة القلم(} يـوم يكشف عن ساق {:الكتاب من قوله تعاىل للنار فتمتلئ وأما القدم والرجل فمعناه اجلماعة الذين يـقدمهم هللا .انتهى". وال يـعول على رواية ساقه بالضمري

ال تزال جهنم تقول هل من مزيد حىت يضع رب العزة فيها قدمه فتقول : "eم وذلك فيما رواه البخاري وغريهوكذلك ما ورد أن النار ال متتلئ حىت يضع هللا فيها رجله فتقول قط قط املراد بالرجل الفوج الذي ".قط قط

وال جيوز جعل القدم والرجل من باب الصفات بل اإلضافة .هلذا املعىنميأل هللا eم النار، ولغة العرب صاحلة ، وكذب قول هللا فمن جعل � قدما ورجال مبعىن اجلزء فقد جعل هللا مثل خلقه وذلك كفر. فيهما إضافة ملك

شىء يرد النار فهو خملوق ليس ، فقد أفهمنا أن كل)٩٩/سورة األنبياء(} لو كان هؤالء ءاهلة ما وردوها{: تعاىلوأما العني واليد والرضا والغضب وحنو ذلك مما جاء به الكتاب أو احلديث الثابت الصحيح اإلسناد املتفق .بإله

قال أبو .على توثيق رواته فمحمول على أنه صفة أزلية، خبالف ما أضيف إليه تعاىل إضافة ملك وتشريف كالروحيعين أن رضاه وغضبه ليس من االنفعاالت اليت ".ورضاه وغضبه من صفاته بال كيف: "ربحنيفة يف الفقه األك

الغزايل

198

وكذا يقال يف حمبته ملا حيب .حتدث يف ذاته تعاىل، ألنه لو كانت حتدث له صفة لكان ذاته حادثا وهذا مستحيل تعاىل من الصفات األزلية ليس وكراهيته ملا يكره ليس انفعاال حادثا يف ذاته بل مجيع ذلك وحنوه مما يضاف إليه

والتغري واالختالف يف األحوال من صفات : "قال أبو حنيفة .حادثا يف ذاته، هذا فيما يضاف إىل هللا على أنه صفةوهناك ما ال يصح أن يضاف إليه ال على معىن الصفة .أما ما يضاف إليه إضافة ملك فاألمر ظاهر .اهـ" املخلوقني

زعما منه أ�ا من اإلجنيل، وهو " كلمة خرجت من فم هللا: " كقول بعض املفرتين على هللا،وال على معىن امللكومن ذلك قول بعض املتهورين إن إطالق .نقلها من بعض هذه األناجيل احملرفة، وال يدري أنه ال يصح النقل منهاعىن األبوة احلقيقية، واحلق الذي ال حميد عنه األب على هللا كان يف اإلجنيل مبعىن أن هللا متويل املسيح بالعناية ال مب

وأما هذه الكتب احملرفة فال اعتماد على نقلها، وقد ألف .أنه مل يرد يف كتاب مساوي إطالق األب عليه تعاىلوقد ورد يف ".األصل األصيل يف حترمي النقل من التوراة واإلجنيل"احلافظ السخاوي يف الزجر عن ذلك كتابه املسمى

عن االعتماد على النقل من التوراة واإلجنيل بعد التحريف حديث أخرجه الطرباين وغريه بإسناد قريب من الزجر .احلسن على ما يفهم من كالم احلافظ ابن حجر