علم الكالم في اللحظة الراهنةأهميته، أدواته، وتطويره

(1)حيدر حب الله

تحرير وتنظيم: الشيخ سعيد نوراأوال: في ضرورة فتح باب االجتهاد في علم الكالم يعتبر علم الكالم من أحد الفروع األساس88ية للمعرف88ة اإلس88المية، وهو من العلوم األولى ال88تي نش88أت في ت88اريخ اإلس88الم في الق88رن الهج88ري األول، قب88ل أن ينش88أ علم أص88ول الفق88ه وعلم الفلس88فة، وك88ذلك قب88ل نش88وء علم الت88اريخ اإلس88المي وعلم الرج88ال وعلم الحديث. لقد ولد علم الكالم من رحم الخالف88ات السياس88ية الح88ادة بين المسلمين في ظ88ل وق88ائع زمن عثم88ان بن عف88ان وم88ا بع88دها، وكذلك في حرب الخوارج مع اإلمام علي×، حيث ظه88رت القض88ايا

الكالمية، ووقعت النزاعات األقدم واألسبق في تاريخ اإلسالم. لعل بإمكاننا 8 إلى ح88د م88ا 888 أن نق88ول: إن علم الكالم ق88د ش88هد ظه888ور أولى مس888ائله في إط888ار الخالف ح888ول قض888ية اإلمام888ة والحاكمية، وحول قضية الخليفة الحق بعد رس88ول الل88ه‘، ثم تط88ور هذا العلم، وصار يستوعب في اهتماماته مختلف القضايا االعتقادي88ة من وجود الله، إلى توحيده، إلى صفاته وأسمائه، إلى عدله، م88رورا

بالنبوات وقضايا اإلمامة، وصوال إلى قضايا اآلخرة والمعاد.88ة متع88ددة، وفي بعض88ها ش88هد وقد مر علم الكالم بمراحل تاريخي8ه ش88هد في بعض88ها اآلخ8ر رك88ودا، بحيث ق88د ازدهارا عظيما، غ88ير أن نالحظ أحيانا مرور قرن أو قرنين أو ثالثة دون أن يش88هد ه88ذا العلم تطورا ملحوظا، فيما نجد قرونا اخر يبدو فيها علم الكالم ق88د ش88هد تط88ورا كب88يرا واتس88اعا عظيم88ا في مباحث88ه ومناهج88ه، الس88يما في

القرون الهجرية الثمانية األولى. وكم88ا نعلم ف88إن علم الكالم ظ88ل ع88بر الت88اريخ ذا ط88ابع دف88اعي،88ة، والج88واب عن اإلش88كاليات يه88دف لل88دفاع عن المعتق88دات الديني والتحديات التي تطرح على الدين عموما أو على اإلسالم خصوص88ا،

158)( القيت هذه المحاضرة في مقر الجالية اإلفريقية في إيران، بت88اريخ 1 م، وق88د ق88ام الش88يخ س88عيد ن88ورا بتقريره88ا وتحريره88ا، ثم راجعه88ا2013 8 12

المحاضر )الشيخ حب الله(، مجريا عليها بعض التعديالت والتوضيحات.

1

ولذلك كانت هناك عالقة متبادلة بين هذه اإلش88كاليات وبين مب88احثعلم الكالم ووجوده وحياته ونموه.

من هنا، بدأ هذا العلم يأخ88ذ طابع88ا مختلف88ا بع88د أن ش88هد الع88الم تطورا ملحوظا على صعيد العلوم اإلنس88انية، من88ذ الق88رن الس88ادس عشر الميالدي، وبشكل خاص م88ع الق88رن العش88رين؛ ألن التح88ديات التي واجهها العالم المسلم في مختلف بلدان المسلمين ظهرت لها أش88كال جدي88دة، وظه88رت تس88اؤالت وانتق88ادات جدي88دة، وكم88ا أن8888ة األولى أراد أن يص8888وغ العقي8888دة المتكلم في الق8888رون الهجري اإلسالمية انطالقا من العقل والنقل معا، ليدفع ما يراه شبهة ونق88دا على الدين، كذلك الحال بالنس88بة إلى المتكلم الجدي88د، فق88د س88عى888ة أيض888ا كي يص888وغ علم الكالم اإلس888المي والمنظوم888ة االعتقادي اإلس88المية بطريق88ة تس88تطيع أن تبع88د الش88بهات عنه88ا في ظ88ل

اإلشكاليات التي صار يواجهها العالم اإلسالمي في القرن األخير. له8ذا، الح8ظ بعض العلم8اء 88 ومنهم بعض المعاص8رين 88 أن علم الكالم في فترة القرون األربعة األخيرة قبل القرن العش88رين، ك88ان شبه راكد، حيث ال نجد تطورات ملفتة للنظ88ر في مس88يرته، قياس88ا88ة األولى، وعلى س88بيل بم88ا ك88انت علي88ه الح88ال في الق88رون الهجري المثال لو أخذنا القرن الرابع والخامس الهجريين، فسنجد تط88ورات كالمية عظيم8ة على ي8د شخص8يات كالمي88ة بارع8ة كالش8يخ المفي8د، والقاض88ي عب88د الجب88ار المع88تزلي، والش88يخ الطوس88ي، وأبي بك88ر الب88اقالني، والس88يد المرتض88ى وغ88يرهم، لكن الق88رون األخ88يرة قب88ل القرن العشرين، قليال ما نجد فيها شخصيات ب88ارزة من المتكلمين، خالف88ا لم88ا هي الح88ال علي88ه في س88ائر العل88وم اإلس88المية كالفق88ه

واألصول والفلسفة وغيرها. ولهذا يعتبر بعض العلماء 8 مثل الشيخ محمد تقي مصباح ال88يزدي حفظه الله 8 أن علم الكالم في فترة )الثالثة 8 األربعة( ق88رون قب88ل

، وكأنه قد غط في(1)القرن العشرين قد كسد سوقه، حسب تعبيره88ه اس88تيقظ أم88ام موج88ة سبات عميق، كأنما نام أو أخذ قيلول88ة، لكن88ة، من اإلشكاالت على الدين التي فرضتها الحضارة والثقاف88ة الغربي

وفرضها الوعي والفهم والفكر الجديد. من هن88ا، يط88رح بعض88هم ض88رورة أن نعي88د ت88رتيب وتنظيم ه88ذه المنظومة الكالمية التي نملكها، بحيث تستطيع أن تس88توعب جمي88ع اإلشكاالت والتحديات التي ط88رحت في الق88رون األخ88يرة، فلم تع88د اليوم »شبهة اآلكل والمأكول« بشكلها القديم تمثل تح88ديا أساس88يا للدين، بل نتيجة تطور العلوم الطبيعية واإلنسانية ظهرت تس88اؤالت

258)( انظر: محمد تقي مص8باح ال8يزدي، دروس في العقي8دة اإلس8المية: 1م.2006، نشر المشرق للثقافة، إيران، الطبعة األولى، 26

2

أعم88ق وأخط88ر بكث88ير، وينبغي لعلم الكالم اإلس88المي أن يس88توعبها

استيعابا علميا وبلغة معاصرة أيضا. بل إن االهتمام والتجديد في المنظومة الكالمية مقدم !!! من حيث الرتب!!ة !!! على أي تط!!وير في الفق!!ه أو في

وذلك لسبب بسيط، أال وه88و أن علم الكالم يق88ع في رتب88ةأصوله؛ متقدمة على العلوم الشرعية، حيث يمس البنية التحتي88ة لقض88اياها،88ة في علم الكالم بإمكانه88ا أن ت88ترك ت88أثيرا عظيم88ا على ف88أي نظري مختلف أبواب العلوم الشرعية، وعلى سبيل المثال لو أخذنا نظرية العصمة سنجد عالقة وطيدة بينها وبين حجية السنة الش88ريفة، ف88إذا قال المتكلم بأن النبي‘ غير معصوم في غير التبليغ 888 كم88ا ق88ال ب88ه بعض المسلمين 8 فقد يترك ذلك تأثيرا كبيرا على إمكانية االحتج88اج

بفعل النبي‘ في علوم الشريعة. إذن، قضايا علم الكالم مقدمة من حيث الرتبة على قضايا عل88وم الشريعة، فإذا أردنا أن ندخل مجال التجديد في العل88وم اإلس88المية، فينبغي أن نعرف أن علم الكالم يحظى بأهمية كبيرة نظ88را لتقدم88هاس وب88الغ األهمي88ة في منظوم88ة العل88وم الرت88بي ولموقع88ه الحس88 اإلس88المية، وله88ذا ي88رى الكث88ير من العلم88اء والب88احثين في الق88رن العشرين أن التجديد في الفقه أو في األص88ول ال يص88ح بمع88زل عن التجدي888د والبحث في قض888ايا علم الكالم كاف888ة، ف888إن االجته888ادات الشرعية في علوم الفق88ه واألص88ول تنب88ني على نت88ائج مب88احث علم

الكالم.88ه يع88ني أنن88ا بتن88ا بحاج88ة بع88د ق88رون أربع88ة من الرك88ود، ه88ذا كل لمواجهة اإلشكاليات الجديدة التي طرحه88ا وج88ود الغ88رب في حي88اة البشر، بما يملك الغ88رب من أدوات وع88دد علمي88ة ومعرفي88ة ونم88ط

تفكير مختلف، وهذا لن يحصل إال بتطوير علم الكالم. لكن التطوير هذه الم88رة لن يك88ون بمج88رد نش88ر ه88ذا العلم، ب88ل88ة، نحتاج إلى تغيير جذري يالمس البنيات التحتية والمنظومة الكالمي األم88ر ال88ذي لن يحص88ل إال عن طري88ق فتح ب88اب االجته88اد في علم88ة 88ل لتق88ديم منظوم88ة كالمي 88ر وتحل الكالم لتأتي عقول جدي88دة وتفك جديدة تختلف في مسائلها ومناهجه8ا، بحيث تس88تطيع أن تس88توعب

جميع اإلشكاليات الحديثة.88ة أو فال يكفي الي88وم أن نتح88دث عن ت88دريس المب88احث الكالمي نش88رها بين الن88اس، ونحن ن88دعو إلى تط88وير علم الكالم، ب88ل لكي ننهض بهذا العلم بين المسلمين، نحن بحاجة إلى فتح باب االجته88اد88ة ط88ور الفق88ه، فيه، فكما أن فتح باب االجتهاد في المس88ائل الفقهي إلى أن أصبح مفخرة لإلس88الم والمس88لمين بس88بب ه88ذه التط88ورات الكبيرة التي ش88هدها ع88بر الت88اريخ، وكم88ا أن فتح ب88اب االجته88اد في علم أصول الفقه طور علم األصول ولم يؤخره، وص88ار ل88دينا الي88وم

3

عمالقة في هذا العلم، كذلك الحال في فتح ب88اب االجته88اد في علمالكالم.

فلكي يصبح هذا العلم قادرا اليوم على مواجه88ة التح88ديات ال88تي تنال من الدين، علينا أن نفتح باب االجتهاد فيه بكل ما تحم88ل ه88ذه88ه إذا لم يكن ب88اب االجته88اد في القض88ايا الكلم88ة من المع88اني؛ ألن الكالمي88ة مفتوح88ا، فس88وف يقتص88ر ال88درس الكالمي على مج88رد88ة، وسيص88بح المتكلم يعت88اش التلقين وع88رض اآلراء وتك88رار األدل ويقتات على موائد المتكلمين في العصور السابقة كالش88يخ المفي88د والعالمة الحلي وغيرهما من العلماء، أم88ا إذا فتح ب88اب االجته88اد في علم الكالم فس88يتطور ه88ذا العلم، وسنش88هد ل88ه اتس88اعا كب88يرا من حيث الكم والكيف؛ ألن تضارب اآلراء واختالفها من ش88أنه أن يق88دم

العلم 8 أي علم 8 إلى األمام. علينا أن نعلم أن القول بلزوم فتح باب االجتهاد يالزم تحقق الظروف والش!!روط الالزم!!ة ل!!ه، ومن جمل!!ة ه!!ذه الشروط األساسية، هو االعتراف باجته!!ادات المجته!!دين

، ف88إذا لم نفتح المج88ال لآلراء المختلف88ة فلن نس88تطيعاآلخ!!رينمشاهدة تطور ملحوظ.

إن تط88ور العل88وم بحاج88ة إلى ال88تراكم المع88رفي ع88بر األجي88ال المتعددة من العلماء والب88احثين، األم88ر ال88ذي ال يحص88ل إال ب88احترام88ات المختلف88ة في فض88اء فك88ري ه88ادىء بعي88دا عن األفك88ار والنظريبات، ب88ل علين88ا أن نش88جع اآلخ88رين على إب88داء آرائهم مهم88ا التعص88 اختلفنا معهم، ونحاول أن نصل إلى أفضل الحل88ول بالمش88اركة م88ع

العقل الجمعي. إذا نظرنا إلى الفقه واألصول بوصفهما من أكثر العلوم اإلسالمية تط88ورا ع8بر الت88اريخ، لوج8دنا أن اح88ترام اآلراء المختلف88ة ه8و ال88ذي ساهم كث88يرا في تط88وير ه88ذين العلمين، ففك88رة »للفقي88ه المجته88د88أت األرض88ية المناس88بة لتحم88ل اآلراء المخطئ أج88ر« هي ال88تي هي

المختلفة، ومن ثم تطور الفقه واألصول. لو كان الفقهاء يتعاملون مع مخالفيهم تعامل النبذ والرفض، لم88ا شهد الفقه واألص88ول ه88ذا التط88ور ال88ذي نش88اهده الي88وم، إنن88ا نج88د الفقهاء في كثير من األحيان يذكرون أقوال مخالفيهم بك88ل اح88ترام وأحيانا مع مزيد من التأييد، ثم يحاولون الجواب عليها، وهذا ما أدى

إلى تطورهما إلى أبعد الحدود. لوال تض88ارب اإلخب88اريين م88ع األص88وليين، م88ا ظه88رت ه88ذه الكتب الضخمة في علم األصول، ولوال تضارب صاحب الكفاية م88ع الش88يخ األنص88اري لم88ا تتط88ور علم األص88ول إلى ه88ذه الدرج88ة، ول88وال ردود العلماء األص88وليين الثالث88ة )المحق88ق الع88راقي، والمحق88ق الن88ائيني،

4

والمحقق اإلصفهاني( على الجيل الذي سبقهم من الشيخ األنصاري

وصاحب الكفاية، ما تطور علم األصول كما نشهده اليوم.88ة الس88ائدة، 88ة يخ88الف فيه88ا النظري فإذا جاء شخص بنظرية كالمي وب88دل أن ن88دخل مع88ه في ح88وار ه88ادئ ومنتج، أنزلن88ا علي88ه اللعن

والطرد، فعلينا أن ال نتوقع تطورا جذريا سويا في علم الكالم. ليس هذا بمعنى فوضوية البحث الكالمي كم!!ا يتص!!وره

88ة والموض88وعية فيبعض، بل على الكل أن يلتزم بالمع88ايير العلمي البحث ح88تى نتج88ه نح88و مزي88د من التعمي88ق والتوس88يع في القض88ايا88ة، ومن 88ا مرفق88ا باألدل الكالمية، فالكل يستطيع أن يعطي رأيا كالمي

حق اآلخرين أيضا أن ينتقدوه باألدلة العلمية. كما ال يع88ني ه88ذا إض88الل الن88اس؛ ألن المقص88ود فتح المج88ال في األوساط العلمية كم88ا هي الح88ال في العل88وم الش88رعية، حيث نج88د مباحث خالفية كثيرة في األوساط والكتب التخصصية ال يعرف عنها

غير المتخصصين شيئا. فما نج88ده في بعض األوس88اط من ممارس88ة أس88اليب التهوي88ل أو المنع أو الحظر في حق اآلخ88ر الفك88ري، ليس لص88الح تط88ور الفك88ر اإلسالمي، وإنما يوجب ذلك طرد األفكار وعقمه88ا، فعلين88ا أن نل88تزم

في المباحث الفكرية بالحلم وسعة الصدر تجاه اآلخرين. بهذا الحق الذي نعطيه للمجتهد األول في إبداء رأيه وبذاك الحق الذي نعطيه للمجتهد الثاني الذي ين88اقش ال88رأي األول، يتط88ور علم الكالم، وتصبح لدينا ثروة معرفية كبيرة في القضايا الكالمية ق88ادرة

على أن تواجه اإلشكاليات والتحديات القائمة.إذن:

! إن االهتمام بعلم الكالم وتطويره وتجدي!!ده، مق!!دم1 رتبة على التطوير والتجديد واالهتم!!ام بعل!!وم الش!!ريعة؛

ألن علم الكالم متقدم رتبة على هذه العلوم. ! إن تطوير علم الكالم وتقويته ودعمه في الحوزات2

العلمية وفي المؤسسة الدينية والمراكز البحثية ال يكونإال بفتح باب االجتهاد في القضايا الكالمية.

! إن فتح ب!!اب االجته!!اد يق!!وم على مب!!دأ )االع!!تراف3 بح!!ق اآلخ!!ر(، فالمجته!!د في الكالم يب!!دي رأي!!ه مس!!ندا ومرفقا بالدليل، ويع!!ترف بح!!ق المختلفين مع!!ه في رده ونقده باألدلة العلمية، وليس بأساليب التهويل، أو المنع، أو الحظ!!ر، أو اإلخ!!راج من ال!!دين أو الم!!ذهب، أو رف!!ع سالح »مخالفة اإلجماع أو الش!!هرة أو التس!!الم«، به!!دف

محاصرة األفكار الكالمية الجديدة.

5

بعد أن علمنا ضرورة التجديد في علم الكالم وض88رورة فتح ب88اب88ات الوص88ول االجتهاد فيه، علينا أن نبرمج لهذا التجدي88د ون88درس آلي

إلى مرحلة جديدة، من هنا سوف نتناول الموضوع في محورين:المحور األول: أدوات المجتهد في علم الكالم.

المح!!ور الث!!اني: من الخط!!وات العملي!!ة لتط!!وير علمالكالم.

ونختم 8 إن شاء الل88ه 88 بع8د ذل8ك بخاتم8ة ن8ذكر فيه8ا الخالص8اتوالنتائج.

ثانيا: أدوات المجتهد في علم الكالم يحتاج المجتهد في علم الكالم 8 وهو الذي يستطيع أن يبدي رأي8ا، ويناقش أدلة اآلخرين ويقدم أدلة بديلة 8 إلى أدوات أساسية، تمام88ا كالنجار الذي يحتاج لمجموعة أدوات، فيجب أن توضع ه88ذه األدوات أمام المتكلم، لتمكنه من البحث في القضايا الكالمية الجديدة، وقد يكون عمل المتكلم من هذه الناحي88ة أص88عب من عم88ل الفيلس88وف

وإن كان كالهما معنيا بالمنظومة االعتقادية.وأكتفي هنا بذكر ثالث أدوات أساسية، هي:

6

في التجديد ضروةالكالم علم

باب فتح ضرورةعلم في االجتهاد

الكالماالعتراف ضرورة

المباحث في باآلخرالكالمية

ا!أل!د!و!ا!ت! ا!ل!ض!ر!و!ر!ي!ة!

ا8ال8ه8ت8م8ا8م8 ب8ا8ل8ع8ل8و8م8 ا8إل8ن8س8ا8ن8ي8ة8

د8ر8ا8س8ة8 م8ن8ا8ه8ج8 ا8ل8ت8ف8ك8ي8ر8

ا8ل8ت8ا8ر8ي8خ8

أ 8 التاريخ )التراث(88ة 888 غ88ير مع88ني إن الفيلسوف 8 خاصة في سياق الفلسفة العقلي88ه يبحث انطالق88ا من الب88ديهيات وي88رتب األقيس88ة ع88ادة بالت88اريخ؛ ألن والبراهين، فينطلق من نظريات أساسية كأص88الة الوج88ود أو أص88الة الماهية، ليب88ني علىه88ا نظري88ات اخ88ر كالوح88دة التش88كيكية و.. ح88تى يرسم لنا لوحة ضخمة عن العالم، ويبين فيها نقطة البداية والنهاية، ونقط88ة ق88وس الص88عود في األعلى 888 بحس88ب تس88ميتهم 888 وق88وس

النزول في األسفل، فال يحتاج الفيلسوف عادة إلى التاريخ. أم88ا المتكلم فال يمكن88ه أن يص88بح مجته88دا في علم الكالم إال أن يكون ذا ثقافة وخبرة في التاريخ؛ ألن بعض الموضوعات األساس88ية

العمدة في نشاط المتكلم تقوم على القضايا التاريخية. وعلى سبيل المثال قضايا النبوة واإلمامة ترتبط في جزئها الكبير88ة، فال يمكن للمتكلم أن يتكلم عن مس88ألة النب88وة بالوث88ائق التاريخي

الخاصة واإلمامة الخاصة دون أن يكون خبيرا في التاريخ.88ل مث88ل ال يمكن للمتكلم أن يجلس في زاوية بيته أو مكتبته ليحل هذه القضايا الكالمية على طريق88ة الفيلس88وف، ب88ل ه88و بحاج88ة إلى مطالعة جميع الوثائق التاريخية المرتبطة بهذا الموضوع؛ ليعرف ما حص88ل بع88د وف88اة الرس88ول‘ من أح88داث ح88تى يحكم بص88حة ه88ذه

النظرية في اإلمامة أو صحة تلك النظرية في الخالفة. نعم، بعض القض88ايا العام88ة كض88رورة النب88وة العام88ة أو اإلمام88ة الخاصة، ال يتعلق بالت88اريخ، لكن مس88ألة النب88وة واإلمام88ة ال تنتهي88ان عند هذا الحد، بل على المتكلم أن يكمل المسير ليثبت النبي الحقفنا سلس88لة األنبي88اء واألوص88ياء واإلمام الحق على أرض الواقع، ليعر

بعد رسول الله‘ بأسمائهم وصفاتهم. ال يمكن للمتكلم أن يك888ون ل888ه رأي في ه888ذا المج888ال دون أن يتمسك بقضايا علم التاريخ وعلم الح88ديث، وبش88كل ع88ام الحص88يلة التراثية الواصلة إلينا، بينما الفيلسوف في راحة من أمره، ال يحت88اج إلى البحث التاريخي، أما المتكلم فهو مجبر على أن تكون له ثقافةص في قض88ايا علم تاريخية، فك88ل من يري88د في أوس88اطنا أن يتخص88 الكالم ، فهو مطالب بأن تكون له ثقافة تاريخية 8 ب88المعنى الواس88ع88ق للكلمة 8 حتى يتمكن من الوصول إلى مجموع88ة نت88ائج فيم88ا يتعل

بقضية النبوات واإلمامة على سبيل المثال ال الحصر. إذن، الثقافة التاريخية اليوم حاجة أساسية في نش!!اط

المتكلم.

7

ب 8 دراسة مناهج التفكير888ه يعت888بر ال888دفاع عن العقائ888د الديني888ة ومواجه888ة المع888روف أن اإلش8888كاليات، المهم8888ة األس8888اس لعلم الكالم، لكن التح8888ديات واإلشكاالت على الدين ال تنحصر اليوم بالقضايا الجزئية، ب88ل هن88اك88ة لمنظوم88ة الكث88ير من اإلش88كاالت ال88تي ترتب88ط بالج88ذور المعرفي88ة، بحيث ال يس88تطيع المتكلم 888 بوص88فه المح88امي المف88اهيم الديني والمدافع عن القيم العقائدية الدينية 8 أن يجيب عن ه88ذه التح88دياتإال بخبرة واسعة بهذه القضايا التي تقع على رأسها مناهج التفكير.

888ة اإلس888المية في األعم األغلب على تنب888ني المنظوم888ة العقائدي المنطق الص88وري )األرس88طي(، بينم88ا الي88وم ظه88رت من88اهج تفك88ير جديدة في الع88الم تختل88ف م88ع ه88ذا المنط88ق اختالف88ا ج88ذريا، وه88ذهة 888 جمي88ع المناهج عمت 8 بسبب عددها المعرفية وجاذبيته88ا الخاص88 البالد اإلسالمية بحيث صارت جزءا من أدبياتها، وعلى سبيل المث88ال

( الذي ال يقبل بمعارف غير حسية، ق88دPositivismالمنطق الوضعي) دخل بقوة في المدارس والجامع88ات بحيث ي88تربى أوالد المس88لمين منذ صغرهم عليه، وهو يختلف كثيرا عن من88اهج الق88دماء في تن88اول8ة، ف8إذا أراد المتكلم أن يفهم اآلخ8رين وإش8كاالتهم، القضايا الكالمي

فإن عليه أن يتعرف بالدرجة األولى على مناهجهم في التفكير. عن88دما ت88أتي الي88وم الفلس88فة الوض88عية وتغ88زو الع88الم اإلس88المي لتقول: إن قواعد منطق أرسطو باطلة، بينما نب88ني نحن علم الكالمه على قواع88د ه88ذا المنط88ق في األقيس88ة والعك88وس والتن88اقض كل وغيره888ا، كي888ف يمكن للمتكلم الي888وم أن ي888دافع عن منهج البحث

الديني، إذا لم يكن خبيرا بالمنطقيات، أي مناهج التفكير؟ عندما أقول: يجب أن يكون خبيرا في المنطقيات، ال أعني ب88ذلك أن يكون خبيرا في كتاب »المنطق« للشيخ المظف88ر، أو في كت88اب »النجاة« أو في »منطق الشفاء« البن سينا، بل أعني من ذل88ك أن يكون خبيرا في جميع مناهج التفكير القديمة والجديدة من المنط8ق الصوري، إلى المنطق الديالكتيكي، والمنطق التجري88بي، والمنط88ق

الرياضي، والمنطق االستقرائي وغير ذلك.لوا إذا لم يستطع المتكلم المعاصر أن يفهم الي88وم آخ88ر م88ا توص88 إليه في مجال نقد المنطق الذي تقوم علي88ه الدراس88ات اإلس88المية، فكيف يمكن88ه أن ي88دافع عن العقائ88د اإلس88المية؟! فعلى المتكلم أن يك88ون متخصص88ا في ه88ذا المج88ال أو ال أق88ل علي88ه أن يمل88ك ثقاف88ة واس88عة في88ه، ح88تى يس88تطيع أن يفهم اآلخ88ر عن88دما يناقش88نا كي88ف يناقش؟ حتى ال يقع تائها أمام إشكاالت يسجلها زيد أو عم88رو ممن ينتمون إلى الفك88ر اآلخ88ر، وال يفهم عليهم م88اذا يقول88ون أو يفهمهم

بشكل خاطئ؟

8

ولكي يتض88ح األم88ر أك88ثر، نش88ير إلى أنم88وذجين من اإلش88كاالت88ة اإلس88المية؛ ل88نرى م88دى ت88أثير المعاصرة حول المنظوم88ة العقائدي

التعرف على المناهج الجديدة في التعامل مع الموقف. المث!!ال األول: نظري!!ة القبض والبس!!ط لل!!دكتور عب!!د

الكريم سروش من النظريات التي طرحت مؤخرا في األوساط اإلسالمية نظرية القبض والبس88ط ال88تي طرحه88ا بش88كل ج88اد ال88دكتور عب88د الك88ريم88ه طرحه88ا في سروش، وإن كانت مثارة قبل ذل88ك في الغ88رب، لكن88ة تق88ول: إن المعرف88ة األوساط الشيعية بلغة تناسبها، فه88ذه النظري متغيرة، ونحن ال نستطيع أن نتحدث عن معرفة متعالية عن الزمان

والمكان و..ة في إي88ران، طرحت هذه النظرية في األوس88اط الش88يعية، خاص88 وأثارت جدال كبيرا في حينه، األمر الذي دفع بعض العلم88اء للج88واب عنها، فتصدى بعضهم للرد بالفع8ل، وألف أح8د العلم8اء آن8ذاك كتاب8ا كب88يرا في رد نظري8ة القبض والبس8ط، وه8و من أوائ8ل الكتب ال8تي كتبت في رد هذه النظرية. لقد ق88ال ه88ذا الع88الم الجلي88ل في كتاب88ه88ة 88ر المعرف88ة الديني 88ة القبض والبس88ط ال88تي تثبت تغي هذا بأن نظري باطلة؛ وذلك لسبب بسيط، وهو أن المعرفة وجود ذه88ني، والوج8ود

الذهني مجرد، والمجرد ال يتغير، فالمعرفة الدينية ال تتغير. يبدو لي أن هذا الجواب نشأ عن عدم اطالع قائل88ه على المن88اهج88ة الفكرية الحديثة، حيث ال يقصد الدكتور س88روش من ه88ذه النظري88ه ال ينظ88ر إلى 88رة، ألن أن المعرف88ة بم88ا له88ا من وج88ود ذه88ني متغي المعرفة من زاوية أنطولوجية )وجودية(، وإنما ينظر إليها من زاوية88ة(، ويري88د أن يق88ول: إن المعرف88ة بم88ا أنه88ا إيبس88تمولوجية )معرفي88ر 88رة، فتتغي متأثرة بالظروف الزمانية والمكانية، وهي ظ88روف متغي

المعرفة تبعا لتغير تلك الظروف. لقد علق الشيخ رضا أستادي في إح88دى الن88دوات ال88تي انعق88دت في الحوزة العلمية في قم على ما ذكره هذا الع88الم الناق88د، فق88ال بأن هذا الن88وع من اإلش88كاالت أوجب أن نتع88رض للس88خرية، فيجب88ة تنتمي إلى فض88اء ثق88افي آخ88ر، أو فض88اء علينا قب88ل أن ن88رد نظري فك88ري أو منهجي آخ8ر، أن ن88درس المن88اهج، كي ال نق88ع في أخط8اء

فادحة.المثال الثاني: تأثر المعرفة الدينية بالمعارف البشرية

في سياق نظرية القبض والبسط تحدث عبد الكريم سروش عن88ة مت88أثرة بالمعرف88ة البش88رية، وأن الح88وزات ال أن المعرف88ة الديني88ة تستطيع أن تحسم األم88ور من دون أن ترج88ع إلى العل88وم الطبيعي واإلنس88انية، فكتب أح88د العلم88اء الب88ارزين كتاب88ا خصص88ه لل88رد على نظرية »القبض والبسط«، وأف88رد أك88ثر من مئ88ة وخمس88ين ص88فحة

9

إلثبات أن علماءنا المتقدمين كانوا يهتمون بعلوم الفلك والرياضياتوالطب.

لكن ال عالقة بين هذا الموضوع والنظرية التي طرحه88ا س88روش،88ه ال يري88د أن يق88ول: إن علم88اء المس88لمين لم يهتم88وا ب88العلوم إن88ة، وإنم88ا يري88د أن يق8ول ب8أن العل88وم الديني88ة تت88أثر ب88العلوم الطبيعي88رة تبع88ا لتط88ور أدوات 88ة واإلنس88انية، وبم88ا أنه88ا عل88وم متغي الطبيعي المعرفة عند البشر، فإن العلوم الدينية أيضا تتغير ع88بر ال88زمن، فال

يوجد علم ديني مقدس متعال عن التغيير. بما أننا بعيدون عن المناهج الجديدة في التفك88ير، ق88د ال نس88تطيع أن نفهم األم88ور بوض88وح، فال نس88تطيع أن نفهم اآلخ88ر الفك88ري كي ندخل معه في حوار علمي منتج، وقد نقع في أخطاء فادحة قد تجر

علينا سخرية اآلخرين. ل888ذلك، نج888د أن بعض الكتب األولى ال888تي كتبت في رد نظري888ة »القبض والبسط« قد بان عليه88ا الض88عف؛ ألن ال88ذين تص88دوا لل88رد عليها لم يتعرفوا بعد على المن88اهج الجدي88دة للتفك88ير، لكن م88ا كتب بعد ذلك ك88ان أك88ثر توفيق88ا؛ ألن بعض ال88ذين كتب88وا بع88د ذل88ك ك88انوا88ة القبض والبس88ط 88ة، وق88رأوا أص88ول نظري يتقن88ون اللغ88ة اإلنجليزي88ة، ومن ثم كتب88وا ردا عليه88ا، أي إنهم اطلع88وا على باللغ88ات األجنبي88ة من ج88ذوره، ثم المنهج والمنطق ال88ذي ق88امت علي88ه ه88ذه النظري

بدأوا برده ونقده، هذا هو العمل الصحيح. وعلي88ه، ال يس88تطيع المتكلم المعاص88ر أن ينتق88د دون أن يتع88رف88ة لتفك88يرهم، على من88اهج تفك88ير اآلخ88رين، وعلى األص88ول المنطقي

غير أن!!هوعلى الفضاء الفكري والزم88ني لبح88وثهم وموض88وعاتهم، ولألس!!ف الش!!ديد ف!!إن الكث!!ير من العلم!!اء المس!!لمين يتصور بأن الكل يفكر كما يفكر هو، وأن مع!!ايير اإلقن!!اع

واالقتناع واحدة بين الجميع، وهذا ليس صحيحا. إن الطالب في الحوزات العلمية ينمو منذ البداية على أن الع88الم كله يفكر كما ه88و مكت88وب في كت88اب »المنط88ق« للش88يخ المظف88ر، هذه وجه88ة نظ88ر، ولكن على أرض الواق88ع، األم88ر ليس ك88ذلك، ب88ل هناك أمم من الناس ومدارس فكرية تفكر بطريقة مختلف88ة 888 على األقل هي تدعي ذلك 8 ف88إذا أردن88ا أن نفهم اآلخ88رين قب88ل أن نق88وم888ا بنق888دهم أو قب888ولهم، فعلين888ا أن نفهم كالمهم، ليس فهم888ا لغوي فحسب، بل فهم فكري وسياقي وأركيول8وجي، وه8ذا لن يحص88ل إال

من خالل التعرف على مناهجهم في التفكير. إذن، المتكلم المعاصر ال88ذي يري88د أن يس88تجيب للتح88ديات ال88تي تواجه الدين، عليه أن يدرس مناهج التفكير المختلفة، ليعرف كي88ف تفكر الم8دارس األخ8رى؟ وم8ا هي المن8اهج ال8تي يعتم8دون عليه8ا؟ حتى يعرف كيف ي88رد عليهم أو كي88ف يقب88ل منهم؟ وأين الخط88أ في

10

كالمهم؟ وماذا أرادوا من هذه النقطة أو تلك؟ ذلك كله لكي ال نق88ع في مث88ل ه88ذه األخط88اء ال88تي وق88ع فيه88ا بعض العلم88اء من حيث ال

يشعرون.

ج 8 االهتمام بالعلوم اإلنسانية يحتاج المتكلم المعاص88ر إلى االهتم88ام ب88العلوم اإلنس88انية؛ إذ ق88د دخل العالم بقوة اليوم في مدار العل88وم اإلنس88انية، ال88تي تق88ع على88ة في كث88ير من األحي88ان، فظه88رت تماس مباشر م88ع القض88ايا الديني تح88ديات كب88يرة بالنس88بة إلى الفك88ر ال88ديني في قض88ايا العل88وم اإلنس88انية، وعلى المتكلم المس88لم أن يجيب عن ه88ذه اإلش88كاالت88ات الجدي88دة في العل88وم 88ة إزاء النظري وي88دافع عن القض88ايا الديني اإلنسانية كعلم االجتماع وعلم النفس وغيرهما، أو أن عليه أن ينتفع بمنجزات العلوم اإلنسانية المقبول88ة لدي88ه لمزي88د من وعي القض88ايا

الدينية. لق88د اختلفت األم88ور كث88يرا بع88د أن دخ88ل الع88الم في الق88رنة بع88د الح88رب العالمي88ة الثاني88ة واتج88ه نح88و العل88وم العشرين، خاص888ة، ول88ذلك نج88د اإلنسانية بع88د أن ك88ان مهتم88ا أك88ثر ب88العلوم الطبيعي المفكر المسلم في القرن التاس88ع عش88ر وأوائ88ل الق88رن العش88رين88ة ال88ذي تح88ول إلى مش88كلة لل88دين، كان همه تطور العل88وم الطبيعي ولذلك إذا الحظنا كتب التفسير التي كتبت في تلك الفترة 88 الق8رن التاسع عشر وأوائل القرن العش88رين 888 س88نجدها ك88انت تهتم كث88يرا بإثبات أن القرآن يشتمل على الكيمي88اء والفيزي88اء والطب وحق88ائق الفلك وعلوم األحي88اء وغ88ير ذل88ك، ح88تى أنهم ألف88وا كتب88ا موس88وعية88ة؛ ألن ض88خمة كي يثبت88وا أن في الق88رآن جمي88ع العل88وم الطبيعي88ا 88ة، حيث ك88انت تظه88ر يومي مش88كلتهم ك88انت م88ع العل88وم الطبيعي نظريات جدي88دة تش88عر المتكلم المعاص88ر بأنه88ا تع88ارض المنظوم88ة88ة واإلس88الم، العقائدية اإلسالمية، فأراد أن يوفق بين العلوم الطبيعي لكن بع88د أن دخ88ل الع88الم في الق88رن العش88رين، تح88ولت األم88ور88ة وصارت العلوم اإلنسانية تحظى بأهمي88ة أك88بر من العل88وم الطبيعي خاصة م88ا بع88د الحداث88ة، فظه88رت نظري88ات جدي88دة في قض88ايا علم االجتم88اع، وعلم النفس وعلم الت88اريخ وعلم اللغ88ة، والهرمنوطيق88ا

وغير ذلك. من هنا، ظهرت اليوم تح88ديات كث88يرة وكب88يرة في قض8ايا العل88وم اإلنسانية التي تشعر اإلنس88ان بأنه88ا ق88د تق88ع في مقاب88ل المنظوم88ة الفكرية اإلسالمية، بل والدينية عموم88ا، فعلى المتكلم المعاص88ر أن88ات ح88تى يس88تطيع يتعرف على العلوم اإلنسانية ويفهم تل88ك النظري أن ي88دافع عن العقائ88د اإلس88المية أو يتعم88ق في فهمه88ا، وكم88ا كتب الس88يد جم88ال ال88دين )األفغ88اني( ردا على ال88دهريين، مس88تندا إلى

11

88ة والفلس88فية، ك88ذلك المتكلم الي88وم ه88و معطي88ات العل88وم الطبيعي بحاجة إلى أن يفهم المشاكل ال88تي تواج88ه ال88دين من خالل العل88وم

اإلنسانية. بل قد تكون األمور اليوم أصعب من الماضي؛ ألن قض8ايا العل88وم اإلنسانية تدخل في كثير من مجاالت الحياة وتؤثر على نمط حياتن88ا من حيث ال نشعر، وقد نجد في يوم من األيام أن النظ88ام التعليمي88ات غربي88ة وال88تربوي واإلعالمي و.. كله88ا ب88اتت تق88وم على نظري علمانية تقع في مقابل المنظومة االعتقادية اإلسالمية، فرص8د مث8ل

هذه النظريات يحظى بأهمية بالغة. وعلى سبيل المثال، إذا كشف المتكلم المعاص88ر أن نظم التعليم والتربية وكذلك اإلعالم و.. في بالده كلها تبتني على نظرية فروي88د، أي النظرية التي تعتقد بأن كل تفكير اإلنسان يرج88ع إلى الجنس أو كما يسميه فرويد العقل السفلي، وأن هذا العقل العلوي الذي نحن نتكلم عنه، إنما هي صورة مغشوش88ة عن ذل88ك العق88ل ال88ذي وض88ع على وجهه الغطاء، والوجه الحقيقي لهذا العقل في أعماقنا إنما هو88ة ال88تي ب88نيت على أساس88ها ه88ذه األغ88راض الجنس88ية، وهي النظري النش88اطات النفس88ية في بالد المس88لمين أيض88ا، فم88ا ال88ذي على المتكلم المعاصر أن يفعله؟ كيف يستطيع أن يواجه أو يتعام88ل م88ع

مثل هذه النظريات إذا لم يكن مطلعا على العلوم اإلنسانية؟ عندما يواجه المتكلم المسلم قض88ايا العل88وم اإلنس88انية، علي88ه أن يتخذ موقفا منها، األمر الذي يتطلب منه أن يكون مطلعا عليه88ا، وال نق8888ول: يجب على المتكلم أن يك8888ون متخصص8888ا في الت8888اريخ أو88ف الل88ه نفس88ا إال وس88عها 888 لكن متخصصا في علم النفس 8 وال يكل عليه أن يكون مطلعا على ما يجري في تلك العل88وم ال88تي تع88د من

أساسيات النقد على اإلسالم أو النقد على الدين عموما. لكي ننهض بعلم الكالم ونط88وره نحت88اج إلىوبعبارة م!!وجزة:

فتح باب االجته88اد في ه88ذا العلم، والمجته88د في علم الكالم بحاج88ة88ات إلى أدوات أساسية وعلى رأسها: علوم التاريخ وعل88وم المنطقي والمناهج والعلوم اإلنسانية، فكلما تفتحت آفاقن88ا في ه88ذه العل88وم، أمكنن88ا أن نص88وغ دفاع88ا أفض88ل عن ال88دين من ال88دفاع ال88ذي يمكن تقديم88ه ونحن ال نع88رف ش88يئا عن الت88اريخ أو المن88اهج أو العل88وم

اإلنسانية. من هن!!ا، أق!!ترح دوم!!ا على طالب العل!!وم الديني!!ة أن يكون لدى كل واحد منهم ! إلى جانب تخصصه الح!!وزوي ! تخصص جامعي واح!!د في الح!!د األدنى مرتب!!ط ب!!العلوم اإلنس!!!!انية في الت!!!!اريخ أو المن!!!!اهج أو المنطقي!!!!ات والفلس!!فة الحديث!!ة أو االجتم!!اع أو مقارن!!ة األدي!!ان أو

وهو أمر مقدور جدا، فلم يع88د يمكن النه88وض ب88دون ذل88ك،غيرها،

12

بل بالفعل فإن حركة الجمع بين الدرس الحوزوي والج88امعي ب88اتتع ناشطة جدا في العقود األخيرة والحمد لله، لكنها تحت88اج إلى توس88

في طبيعة االختصاصات.

األدوات الضرورية لتطوير علم )(الكالم

ثالثا: من الخطوات الضرورية لتطوير علم الكالم بع88د أن تح88دثنا عن بعض األدوات الالزم88ة لتط88وير علم الكالم، علين88ا أن ن88برمج ه88ذا التط88وير من خالل تحدي88د بعض الخط88وات الض88رورية ال88تي علين88ا أن نق88وم به88ا، وس88أكتفي هن88ا ب88ذكر خمس

خطوات أساسية، وهي:(الخطوات الضرورية لتطوير علم الكالم)

13

العلوم اإلنسانية

مناهج

التفكير

الخطوة المعاصرة األولى حس تقوية

الخطوة التطبيقية الثانية 8 الميدانية باإلشكاليات االهتمام

الخطوة المناطقية الثالثة الكالمية بالتحديات االهتمام

الخطوة الموازية الرابعة األعمال عن االحتراز

الخطوة الخامسة

علم في التقليدية المباحث ببعض االهتمامالكالم

الخطوة األولى: تقوية حس المعاصرة الخطوة األولى التي علينا أن نقوم بها لتطوير علم الكالم، خاصة على صعيد المؤسسة الدينية، هو ما أسميه: تقوية حس المعاصرة،88ة مث88ل اللمس والبص88ر والس88مع فكم88ا أن لإلنس88ان ح88واس ظاهري والذوق والشم، هناك حس باطني يجب أن يتك88ون ل88دينا وه88و حس المعاصرة، بأن تهمنا القضايا المعاصرة ونرص88دها بش88كل متن88اوب، كأنن88ا نمل88ك أجه88زة كش88ف وإن88ذار حساس88ة )رادارات( بالقض88ايا المعاصرة التي تتعلق بال88دين، فأينم88ا ط88رحت قض88ية جدي88دة تمسون به88ا، ال88دين، نلتقطه88ا مباش88رة، ونش88عر في أعماقن88ا بأنن88ا مع88ني وتستفزنا للتفكير، ال يمكن اليوم أن نكتفي بما طرح قبل ألف عام، ونترك جميع اإلشكاالت المعاصرة، صحيح أن ما طرح في الماض88ي أيض88ا مهم ونحن مع8نيون به8ا ولكن ه8ذا ال يع8ني أن ن88ترك قض88ايانا

المعاصرة التي تبدو أهم بالنسبة إلينا. هذا الحس ال يخص األفراد، ب88ل بالدرج88ة األولى ه88و ض88رورة في المؤسسة الدينية بما فيها الحوزات العلمية والمعاهد والمؤسس88ات التي تهمها القضايا الدينية، فعلى المؤسسة الدينية برمتها أن ترصد جميع القض88ايا المعاص88رة دراس88ة ش88املة، ومن ثم ت88برمج للج88واب عنها ح88تى تس88تطيع أن ت88دافع عن المنظوم88ة العقائدي88ة اإلس88المية، وتط88ور وعين88ا به88ا، ال أن تق88ف مكتوف88ة األي88دي لت88أتي اآلالف من اإلشكاالت والتح88ديات وتغ88زو عالمن88ا اإلس88المي، وتأخ88ذ الكث88ير من الضحايا من شبابنا وفتياتنا، ونحن 8 بوص8فنا مؤسس8ة ديني8ة 88 نغ8طبات عمي88ق، أو نتع88الى عن الخ88وض في ح88وار م88ع واقعن88ا في س88

وعصرنا.88ة على وم88ع األس88ف نحن في الح88وزات العلمي88ة والمعاه88د الديني

فئتين: فري88ق متمحض في حس المعاص88رة 888 إنالفري!!ق األول:

صح التعبير 8 بحيث ال نجده مطلعا على التراث، وليس متخصصافي العلوم اإلسالمية التراثية.

فريق متخصص في التراث وال يمل88ك حسالفريق الثاني: المعاصرة إطالقا، ال يدري ما يجري من حوله، وإذا س88مع عش88ر معشار اإلشكاالت المعاصرة، يتفاجئ من وج88ود ه88ذا الن88وع من اإلشكاالت، فهو ال يعرف أن هناك في العالم الي88وم آالف الكتب ومواقع االن88ترنت، ب88ل فض88ائيات تابع88ة ل88ديانات أخ88رى، مهمته88ا

األساسية نقد المفاهيم الدينية اإلسالمية فحسب! ال يمكن تج88اوز ه88ذه اإلش88كاليات ع88بر وص88فها بأنه88ا مغرض88ة أو اس8تعمارية؛ ألنه8ا مهم8ا ك8انت أغراض8ها س88وف ت8ترك تأثيره8ا على األفراد والمجتمعات، المهم تلك المعطيات التي يق88دمونها، فعن88دما تأتي هذه الكتب والمواقع والفضائيات وتبث مئات اإلشكاليات التي

14

88ق ب88القرآن والس88نة والت88اريخ، وقض88ايا علم الكالم، في أذه88ان تتعل المسلمين 8 وهم أيتام محمد وآل8ه عليهم الس8الم 88 وي8ذهب الكث8ير من شبابنا وفتياتنا ضحايا نتيج88ة ع88دم مع88رفتهم الكامل88ة بالمف88اهيم

الدينية، فعلينا أن نتعامل معها، مهما كانت نواياها، شئنا أم أبينا. إذن، من الض88روري أن نخل88ق في داخلن88ا 888 نحن طالب العل88وم الدينية 8 هذا الحس، لنلتقط القضايا الجديدة التي تط88رح، ونحلله88ا، ونتأملها بدون توتر، وبهدوء تام، لنقوم بعد ذل88ك بتقويمه88ا، ه88ل هي

ة أو ال؟ وإذا كانت غير صحيحة فأين هي نقطة الضعف فيها؟صحيحوما شابه ذلك.

من هنا، قد نجد أن موضوعا قد ط88رح قب88ل س88بعين عام88ا، ونحن اليوم نتلقفه وبدأنا للت88و في الح88وزات العلمي88ة نكتب عن88ه رس88ائل ماجستير وأطاريح دكتوراه، ويظن الط88الب أن ه88ذا إش88كال جدي88د؛ ألن ال88ذين س88بقوه لم يتعرض88وا ل88ه، لم88اذا يحت88اج الموض88وع ال88ذي يشكل إشكالية على الدين إلى أن يمر بسبعين أو مائة عام لنش88هد

اهتماما به؟! ما السبب وراء ذلك؟! إن الس88بب ه88و أن حس المعاص88رة ض88عيف بعض الش88يء في المؤسسة الدينية، فنحتاج من جهة إلى جهد مضاعف لتنش88يط ه88ذا الحس بين طالب العلوم الدينية؛ ليطلعوا على ما يجري في العالم، ومن جهة أخرى نحتاج إلى تنش88يطه في المؤسس88ة الديني88ة نفس88هاوأجهزتها، لتركز إمكانياتها على الرصد واالهتمام بقضايا المعاصرة. إن من العلماء الذين وجدنا فيهم هذا الحس بقوة، الشيخ محم88د

ه8ذا الرج8ل ك88ان عالم8ة بم8ا للكلم8ة منم(، 1979& )ج8واد مغنية معنى، وهو من الرجال ال88ذين ن88ذروا أنفس88هم لل88ه بح88ق من وجه88ة نظري، وكما جاء في سيرة حياته، أن÷ حتى عندما كان رجال كب88يرا في السن، كان ينزل في بيروت يوما في األسبوع، ويذهب إلى ك88ل88ة المكتبات األساسية فيه88ا، ويجم88ع ك88ل الص88حف والمجالت الثقافي التي تنشر خالل األسبوع، ثم ي88أتي به88ا إلى ال88بيت ويقرأه88ا، وكلم88ا وج88د موض88وعا يتض88من إش88كاال على ال88دين أو الم88ذهب، ك88ان يب88دأ مباشرة بكتابة رد عليه، وكان يرسله إلى الص88حيفة نفس88ها، ول88ذلك ج88زء من كتب الش88يخ محم88د ج88واد مغني88ة ه88و في األص88ل مق88االت

نشرها في صحف عربية لبنانية ومصرية وغيرها.88ة، ب88ل لم يكن عمله هذا مقتصرا على الصحف والمجالت اللبناني8ة حيث أمكن88ه، كص88حيفة كان يتابع جمي88ع الص88حف والمجالت العربي األهرام المصرية، أو صحيفة كذا التونسية أو العراقية أو.. مما يعني

أن افقه وتواصله كان على مستوى العالم العربي. ومع األسف الشديد، قلة بين علمائن88ا ومفكرين88ا في تل88ك الف88ترة ممن كان مثل الش88يخ محم88د ج88واد مغني88ة، يهتم برص88د اإلش88كاالت والتحديات المعاصرة، ليلتقط أي إشكال جدي88د يط88رح، ويح88اول أن

15

يجيب عنه خدمة للدين، بحيث يك88ون ل88ه حض88ور في ه88ذه الص88حفالثقافية أو تلك.

هذا هو حس المعاص88رة، وحس المواكب88ة، ال88ذي يش88عر اإلنس88ان معه بأنه ابن اللحظة، وليس ابن القرن الرابع أو الخامس الهج88ري، دون أن نتنكر للتراث أو تاريخنا أبدا، لكن علينا أن نجمع بين التراث والعص88ر الحاض88ر، لنك88ون أك88ثر توفيق88ا في ال88دفاع عن المف88اهيم

الدينية. إذن، الخط!!وة األولى هي خل!!ق حس المعاص!!رة، وه!!ذا الحس هو الذي يمكننا من مواكبة ك!!ل تط!!ور جدي!!د، لكي

ال نتأخر في أداء مهمة الدفاع عن الدين أو فهمه.

الخطوة الثانية: االهتمام باإلشكاالت الميدانية 8التطبيقية

ظهرت في الغرب مدرسة فكرية معروفة، شهدت رواجا عظيم88ا88ه لتهيمن الي88وم على في الق88رن العش88رين، وأخ88ذت تعم الع88الم كلالكثير من مس88احات التفك88ير الع88المي، وهي المدرس88ة الوض88عية )

Positivism88ة، هي القض88ية القابل88ة (، ال88تي ت88رى أن القض88ية العلميية لالختبار والتجربة بالحس ليس إال، وبهذا تخرج القضايا غير الحس8888ة، وعلى س88بيل المث88ال قض88ية »الطقس عن أن تكون قض88ايا علمي ممطر اليوم« قضية علمية؛ ألنها قابل88ة لالختب88ار ب88الحس والتجرب88ة،88ة أساس88ا؛ ألنه88ا غ88ير لكن قضية: »الله موجود« ليست قض88ية علمي قابل88ة لالختب88ار ع88بر الحس والتجرب88ة، فيجب إخراجه88ا من العل88وم، ومثلها الكثير من القضايا الدينية. هذه مدرس88ة بالغ8ة الخط8ورة في التفكير اإلنساني عالميا، وقد شهدت سلس88لة تجاذب88ات في الغ88رب88ا من88ذ س88بعينيات الق88رن وانتق88دت، لت88تراجع بعض الش88يء نظري

الماضي. انتشر هذا التفكير في جميع أرجاء األرض، ونحن المسلمين أيضا من حيث ال نشعر تأثرنا بها، إذ الكثير من شبابنا وفتياتن88ا الي88وم في88ة ي88تربون على روح ه88ذا التفك88ير، ألن الجامع88ات والمعاه88د العلمي88ة ع88ادة، 88ات الغربي النظريات العلمية األكثر رواجا اليوم هي النظري

وكثيرا ما بنيت على أساس هذا التفكير. إن رسوخ هذا النمط من التفكير في األذهان أدى إلى نوع جدي88د88ة 88ة؛ ألن الذهني من اإلشكاالت والتحديات أمام الدين والقضايا الديني الوضعية ترى أن صدق أي قضية رهين بص88دق النت88ائج المحسوس88ة له88ا، ف88إذا واج88ه الوض88عي قض88ية »اإلس88الم نظ88ام حي88اة« أو قض88ية88ز بين ع88ربي وأعجمي »اإلسالم حالل المشاكل« أو »اإلسالم ال يمي وال بين أبيض وأس88ود« أو غ88ير ذل88ك، فس88وف ي88ذهب مباش88رة إلى

16

أرض الواقع وما حققته التجرب88ة اإلس88المية من النت88ائج؛ ليحكم على صدق هذه القضايا أو كذبها، فيذهب إلى الدول التي تسمي نفس88ها

»إسالمية«، ليرى ماذا حققوا في الخارج؟ إذا قلن88ا: »إن اإلس88الم ه88و الح88ل، وإذا طبقن88اه س88تحل جمي88ع المشاكل«، فسوف يذهب مباش88رة إلى التج88ارب اإلس88المية ل88يرى النتائج الملموسة ويختبر صدق هذه القضية من خاللها، فيذهب إلى المملكة العربية السعودية ليرى ما ال88ذي حققت88ه الدول88ة اإلس88المية الس88عودية؟ م88ا ال88ذي يميزه88ا عن أوروب88ا؟ أو ي88ذهب إلى التجرب88ة األفغانية ليرى ما هي النتائج التي حصلت من تطبيق اإلس88الم فيه88ا،888ة أو الص888ومالية أو 888ة أو النيجيري أو ي888ذهب إلى التجرب888ة اإليراني الباكس88تانية أو..، ف88المهم عن88ده م88ا حص88ل مي88دانيا، أي النت88ائج الملموس88ة على أرض الواق88ع، وهي ال88تي تحكم بص88حة اإلس88الم أو88ه لم يع88د يقتن88ع ب88أن ص88حة المف88اهيم تتم ع88بر المنط88ق بطالنه؛ ألن وإقامة البراهين فحسب، وإنما صحة القضايا عنده رهين88ة بالتجرب88ة

والعمل. إذن، طريقة االقتناع اختلفت كثيرا، فبعد أن كان المخاطب يقتنع88ة، أص88بح الي8وم ال يب88الي به8ذه بإقام88ة ال8براهين والمق8دمات العلمي المقدمات، بل يبحث أكثر عن النتائج العينية والملموس88ة، فال يمكن أن نتكلم مع المخاطب المعاصر المتأثر بمث88ل ه88ذه النظري8ات كم8ا كنا نتكلم سابقا، فالدفاع عن القضايا الدينية الي88وم يحت88اج إلى آلي88ة88ة اإلش88كاالت وتجيب عنه88ا 88ة جدي88دة بإمكانه88ا أن تفهم نوعي كالمي

بطريقة تقنع المخاطب. 88ة، انطالق88ا ثمة إشكاالت كثيرة اليوم تس88جل على القض88ايا الديني

لناهاحلمن ه88ذه الفك88رة، وهي تبل88غ العش88رات ب88ل المئ88ات، فل88و س88نجدها ترج88ع له88ذه النقط88ة بال88ذات، حيث يرى88د المستش88كل أن

يحاكم القضايا الدينية من خالل التجربة.88ة اإلش88كاالت ال88تي تص88اغ الي88وم، وال88تي فعلينا أن ننتبه إلى نوعي88ة اإلش88كاالت ال88تي ك88انت تص88اغ س88ابقا، ح88تى تختل88ف عن نوعي اإلش88كاالت ال88تي ك88انت بين الفك88ر اإلس88المي وبين الش88يوعيين والماركسيين، كانت تختلف عن ه88ذه اإلش88كاالت؛ ألنه88ا ك88انت ذات88ة ط88ابع اس88تداللي منطقي وك88انت تن88اقش بالمق88دمات المنطقي وال8براهين، ومن ثم ك8ان بإمك88ان الكالم اإلس8المي أن ي8دخل معهم في ح88وار بره88اني ويخ88رج بس88الم من ه88ذه المعرك88ة، لكن نم88ط اإلشكاالت اليوم اختلف كثيرا، فال يمكن أن ن88دخل الح88وار م88ع تل88ك األدوات الس88ابقة وإال سنخس88ر المعرك88ة، فنحت88اج إلى البحث عن ط88رق أخ88رى لإلقن88اع تس88تطيع أن تقن88ع اآلخ88ر المت88أثر ب88المنطق

الوضعي، لندافع عن الساحة الدينية.

17

ولكي نتعرف على ه8ذه اإلش8كاالت ال ب8أس ب8أن نش8ير إلى أح8د النماذج، وهو ما سألني أح8دهم عن8ه في س8ؤال منش8ور في كت8ابي المتواض88ع »إض88اءات«، حيث ق88ال لي: م88اذا حققت دول88ة اإلم88ام علي× قياسا بدولة اليابان؟ دولة اليابان نجحت بمئات المرات أكثر مما نجح اإلمام علي×، فكيف نعتبره انموذجا مثاليا يقتدى به؟ ه88ذا

ليس سؤال شخص واحد، بل سؤال شريحة كبيرة من شبابنا. إن علينا أن نفكر في هذا النوع من اإلشكاالت، ح88تى نع88د الع88دة للج88واب عنه88ا، حيث ال يمكن الج88واب عنه88ا من خالل المق88دمات88ر به88ذه 88ة وإقام88ة ال88براهين؛ ألن المخ88اطب أساس88ا ال يفك المنطقي الطريقة، بل ال يقبل هذه الطريقة في التفكير، وهذا م88ا يحت88اج إلى

الكثير من العمل وتحليل القضايا والتأمل فيها. يسيطر المنطق الوضعي والتجربي اليوم على شريحة كبيرة من شبابنا وفتياتنا، وكلما فشلت حركة إسالمية 8 مع األسف 8 ازداد هذا النوع من اإلشكاالت، من هنا نج88د ه88ذا الن88وع من اإلش88كاالت أك88ثر انتش88ارا في البل88دان ال88تي أح88رزت الحرك88ة اإلس88المية االجتماعي88ة والسياسية فيها فشال، فنجد الشباب يش88كلون به88ذه الطريق88ة وفي كثير من األحيان بلغ88ة قاس88ية، وعلين88ا أن نس88توعب القس88وة ه88ذه، ونحلل المسألة بكل هدوء محاولين تبيين مناشئ الفشل هذا، ح88تى88ة اإلس88المية عن مرك88ز المش88كلة، وإال فعلين88ا في نبعد أصل النظري88ة لكي نق88وم بإص88الحها بعض األحيان النظر مجددا في عمق النظري

بنفسها.

الخطوة الثالثة: االهتمام بالتحديات الكالمية المناطقية كل منطقة لها مشاكلها الفكرية والكالمية التي ربما ال وجود له88ا في المن88اطق األخ88رى، والمتكلم اإلس88المي علي88ه أن يرص88د ه88ذه المشاكل المناطقية إضافة إلى المشاكل المشتركة؛ ألن الك88ل وإنون أك88ثر كانوا معنيين بأن يهتموا بالمشاكل المش88تركة، لكنهم مع88ني باالهتمام بالمشاكل المناطقية نتيجة توزيع األدوار، حيث ال يستطيعة إذا ك88انت الكل أن يرصد جميع المشاكل والتحديات الفكرية خاص88

في مناخ ال يعرفه. فعلى س88بيل المث88ال المتكلم اإلف88ريقي علي88ه أن يهتم بالمن88اخ الموجود في إفريقيا، ليعرف ما هي طبيع88ة المش88اكل ال88تي تواج88ه88ة في ه88ذه المنطق88ة، وه88و نم88ط تفك88ير الن88اس إزاء القض88ايا الديني بوصفه متكلما عليه أن يجيب عنها، ربما الكثير من المشاكل هن88اك ال وج8ود له8ا في الع8الم الع8ربي، وربم8ا يك88ون الكث88ير من مش8اكل

فبدل أن ننقل المشاكل غ!!يرالعالم العربي ال وجود له هناك، الموج!!!ودة، علين!!!ا أن نبحث عن المش!!!اكل الموج!!!ودة

ونحلها.

18

عدم وجود التخطيط في ه88ذه الناحي88ة ق88د ي88ؤدي إلى مث88ل ه88ذه المشكلة، فبدل أن نأتي بموضوع ليس له وجود في هذه المناطق، ثم نطرحه فنخلق مشكلة جديدة، ونزيد الطين بلة، علين88ا أن نبحث عن المش88اكل الموج88ودة في ك88ل منطق88ة ونح88اول حله88ا، فعلىالمتكلم المعاصر أن يكون مهتما بالمشاكل الموجودة في منطقته. إذن، الخطوة الثالثة التي علينا القيام بها، هي القدرة على رص88د المشاكل المشتركة بين المسلمين في العالم على مستوى القضاياة، أي المش88اكل 88ة إلى ج88انب المش88اكل الخاص88 88ة والكالمي الفكري المتعلقة بقوميات أو لغات أو مناطق جغرافية خاصة، وه88ذا الجم88ع هو الذي يوزع أدوارن88ا وال يش88تت طاقاتن88ا وال يورطن88ا في اس88تهالك

عبثي لها.

الخطوة الرابعة: االحتراز عن األعمال الموازية تحتاج المؤسسة الدينية إلى أجهزة للتنسيق فيما بينها ح88تى تهتم8ة دون أن ته8در الطاق8ات في نقط8ة معين8ة بجميع المشاكل الفكري وحول مسألة معينة، وهذا ما يحص88ل كث88يرا لألس88ف في المؤسس88ة الدينية، حيث يعمل أشخاص مختلفون على موض88وع معين من دون تنسيق فيما بينهم، األمر الذي يؤدي إلى ظاهرة األعم88ال الموازي88ة، فتعم88ل ثالث مؤسس88ات على تحقي88ق كت88اب واح88د، ويكتب أربع88ة أشخاص في نفس ال88وقت كتاب88ا في موض88وع معين من دون اطالع

بعضهم على اآلخر. ونتيجة ذلك أننا نالحظ اليوم أن نسبة ربم88ا س88تين في المئ88ة من88ة الي88وم ت88ذهب نح88و النق8اش م88ع التي88ارات 88ة اإلمامي الجهود الكالمي السلفية، في حين تشكل التيارات السلفية تحديا فكريا بنسبة أق88ل من ستين في المئة، وه88ذا يع88ني أنن88ا نص88ب جهودن88ا على نقط88ة ال تحتاج إلى هذا القدر من الجهود، بل إلى قدر أق88ل، ول88و أنن88ا حملن88ا سياس88ة اس88تراتيجية متناس88قة، لم88ا أه88درنا الطاق88ات في أعم88ال88ه، ب88ل يحت88اج تكرارية وال صرفنا الجهود في مكان ال يحتاج له88ذا كل

لما هو أقل منه.

الخطوة الخامسة: االهتمام ببعض المباحث التقليديةفي علم الكالم

ثمة بعض المباحث التقليدية في علم الكالم أخذت تحظى بأهمية كبيرة اليوم، وهي مع األسف في بحوثنا الكالمية قليلة، وتحت88اج إلى مزيد من االهتمام بها من قبل الباحثين والعلماء، وسأذكر أنموذجين

من هذه المباحث المهمة: ! مسألة المعاد:1

19

عندما نراجع الكتب الكالمية نج88د أن المب88احث المتعلق88ة بالمع88اد88ة، حيث ك88انوا قليل88ة، وهي في الغ88الب تعتم88د النص88وص القرآني يعتمدون في قضية المع88اد على الق88رآن الك88ريم والس88نة الش88ريفة88ة، فص88ارت بعض الكتب أكثر من اعتم88ادهم على المعطي88ات العقلي الكالمي88ة في قض88ية المع88اد أش88به بتفس88ير الق88رآن منه88ا بالمب88احث

الكالمية. بينم88ا الي88وم تح88ول المع88اد إلى مس88ألة معق88دة وإش88كالية، وعلى سبيل المثال مسألة الخلود وتناسب الذنب والعق88اب من المس88ائل التي أثارت جدال واس88عا الي88وم، على س88بيل المث88ال كي88ف يمكن أن نجم88ع بين الع88دل اإللهي واإلخالد في الن88ار؟ وكي88ف يمكن أن نقب88ل بأن يعصي شخص مدة محدودة من الزمان لكنه بسببها يع88ذب في

النار خالدا إلى ما ال نهاية؟! هذا اإلشكال ليس جديدا، لكنه اليوم يأخذ رواجا كبيرا، ويكررون88ه ويعيدونه بهدف إثبات ظلم ال8دين لإلنس8ان، وع8دم إنس8انية ال8دين، وأن هذا االله الذي صوروه لنا هو ظالم جائر )والعي88اذ بالل88ه(، وه88ذا

موضوع مهم. ! مسألة النبوة2

إن الكثير من اإلشكاالت التي توجه اليوم إلى ال88دين قائم88ة على إثبات صدقية األنبياء، حيث ب88دأنا نش88هد هن88ا وهن88اك من ينك88ر نب88وة بعض األنبياء، بل بعض88هم ح88اول التش88كيك في وج88ودهم كم88ا يق88ال بالنسبة إلى نبي الله موسى وعيسى، فه8ذه أص8بحت قض88ية مهم8ة

جدا. بل إن نقد الدين التاريخي صار حالة عامة اليوم وأنصار الم88ذهب الربوبي أخذوا بالتوسع تدريجيا، وأفكارهم قائم88ة على نق88د األدي88ان التي أتى بها األنبي88اء ع88بر نق88د أص88ل فك88رة النب88وة، والتش88كيك في

وجودها.

الخالصة والنتائج إن علم الكالم 8 كأي علم من العلوم 8 ش88هد تح88والت وتط88ورات عديدة عبر التاريخ، فم88ني ب88تراجع في ف88ترة م88ا، وش88هد تنامي88ا في فترة أخرى، وهذا أمر طبيعي جدا، لكنن88ا إذا أردن88ا الي88وم أن نش88هد تطور الكالم اإلسالمي مجددا فعلينا أن نفتح باب االجتهاد فيه، وهذا

لن يحصل إال من خالل االعتراف باآلخر واحترامه. والمجته!!د الكالمي الي!!وم بحاج!!ة إلى أدوات أساس!!ية،

منها:الوعي التاريخي.

دراسة مناهج التفكير.االهتمام بالعلوم اإلنسانية.

20

ذلك كله ليستطيع أن يجيب على اإلشكاليات المعاصرة.

كم!!ا يحت!!اج تط!!وير علم الكالم إلى القي!!ام بخط!!واتأساسية، منها:

تقوية حس المعاصرة.االهتمام بالمشاكل الميدانية.

االهتمام بالمشاكل المناطقية.االحتراز عن األعمال الموازية.

االهتمام ببعض المباحث الكالمية القديمة ال!!تي أخ!!ذترواجا من جديد كمسألة المعاد والنبوة.

فعلينا أن نفتح عيوننا ونأخذ هذه األم88ور بعين االعتب88ار ليك88ون م88ا نقدمه مفيدا، وأن ال يكون في نهاي88ة المط88اف مج88رد كت88اب يوض88ع على رف88وف المكتب88ات، ال يق88دم وال ي88ؤخر ش88يئا في ص88نع ال88وعي

الثقافي للشباب المسلم. وأقترح على الذين لديهم رسائل ماجستير أو دكتوراه أن يختاروا موضوعات تجيب على مشكلة قائمة، وليس على قضايا فرض88ية أو ترفية، وعلى سبيل المثال »أصالة الوجود بين مال هادي ومال ص88درا دراسة مقارنة«، هذا موضوع جيد، لكن في الظروف الراهن88ة ه88ذه القضية ال تشكل تحديا لإلسالم أو الدين، بينما قضية مث88ل »الخل88ود في العذاب ومقاربتها من زاوية منطق العدل االلهي« موضوع مهم جدا على مستوى التح88ديات ال88تي تواج88ه ال88دين، ال أري88د أن أبخس88ة مهم88ة، لكن األشياء حقها، فكل هذه المب88احث من الناحي88ة العلمي علينا أن نعطف نظرنا نحو هذا النوع من الموضوعات التي تتعام88ل مع اإلشكاليات المعاصرة، عمال بفقه األولويات وتق88ديما لألهم على

المهم.

21