التفسير اإلسالمي للقرآن عند»جولدتسيهر«عرض وتعليق

(1)حيدر حب الله

تحرير وتنظيم: الشيخ سعيد نوراالمدخل

جذب الفكر اإلسالمي إلى نفسه عبر الت44اريخ الكث44ير من العلم44اء والباحثين، حتى اشتغل عليه غير المؤم44نين ب44ه، فظه44رت دراس44ات

ة من العلماء الغربيين ح44ول اإلس44الم والعل44وم اإلس44المية ال44تيكثيرعرفت في العالم اإلسالمي بأعمال المستشرقين ودراساتهم.

وبم44ا أن ه44ذه الدراس44ات تط44رح ع44ادة آفاق44ا جدي44دة من البحث العلمي فهي ج4444ديرة باالهتم4444ام، باإلض4444افة إلى أن بعض ه4444ذه الدراسات يمتلك بسبب الغزو الثقافي وتقدم الغرب في الكثير منة للش4باب، فعلى الجوانب المادية للحياة، يمتلك جذابية كثيرة خاص4 المؤسسة الدينية أن تهتم بها وتقومها، لكي تتم االستفادة من ذل44ك به44دف تط44وير الفك44ر اإلس44المي، ال أن نتبعه44ا تبعي44ة عمي44اء، وال أن

نرفضها رفضا باتا. سوف أحاول هنا أن أعرف كيف ق44رأ أح44د المستش44رقين الكب44ار تجربة المسلمين في تفسير القرآن الكريم، لنع44رف نظ44رتهم تج44اه الم44ذاهب التفس44يرية، ونقومه44ا ق44در المس44تطاع، لكن إذا أردن44ا أن444ه ال يمكن رص444د دراس444ات نك444ون واقعيين، علين444ا أن نق444ر بأن المستشرقين حول التفسير والمذاهب التفس44يرية عن44د المس44لمين في كلمة مختصرة، حيث إن عدد الكتب التي كتبت في هذا المجال من قبلهم ليس444ت قليل444ة، ل444ذلك س444وف نبحث المس444ألة عن444د المستشرق جولدتسيهر )غولدزيهر(، حيث تع44د دراس44ته واح44دة من أهم الدراسات ال44تي ق44دمت خالل الق44رنين الماض44يين في الوس44ط

االستشراقي. بداي44ة، س44وف نع44رف به44ذه الشخص44ية »اجن44اس جولدتس44يهر« المستشرق المجري المعروف والذي يعد أح44د أك44بر المستش44رقين

عام)( 1 إيران، في القرآني االتجاه مجمع في المحاضرة هذه راجعها 2008القيت ثم وتحريرها، بتقريرها نورا سعيد الشيخ قام وقد ، م. ) والتوضيحات ) التعديالت بعض عليها مجريا ، الله حب الشيخ المحاضر

1

في تاريخ الغرب، وقبل ذلك علين44ا التع44رض لمقدم44ة، نتح44دث فيه44ا عن موق44ف المس44لمين تج44اه المستش44رقين ودراس44اتهم، ومن ثم ننتق44ل إلى ع44رض م44وجز عن المستش44رق »جولدتس44يهر« وأهم44ق دراساته، لننتقل بعد ذلك إلى إطاللة على بعض النقاط التي تتعل بدراسته لتفس44ير الق44رآن عن44د المس44لمين، ونكتفي ببعض العن44اوين

الفرعية حتى ال نطيل، وعلى هذا فخطتنا في البحث هي:

أوال: المقدمةسوف نتحدث في هذه المقدمة عن نقطتين:

موقف المسلمين تجاه المستشرقين.النقطة األولى: إطاللة ع44ابرة على المستش44رق المع44روفالنقطة الثانية:

»جولدتسيهر«.

أ 4 موقف المسلمين من االستشراقوالمستشرقين

انقس4444م المس4444لمون إلى ثالث4444ة اتجاه4444ات في م4444وقفهم منالمستشرقين:

2

المستشرقين تجاه المسلمين موقف » جولدتسيهر » على عابرة إطاللة

وأعمالهالمقدمة

» تاريخ » مطالعة في جولدتسيهر منهجالقرآن تفسير

النقطة األولى

» التشاؤومية» ونظرته جولدتسيهرالشيعة تجاه

النقطة الثانية

االتجاه األول: الرفض المطلق الموق44ف األول تج44اه المستش44رقين، ه44و ال44رفض المطل44ق لك44ل44ه ي44رى أن االستش44راق يس44اوي م44ؤامرة اس44تعمارية جه44ودهم؛ ألن

امبريالية غربية لتدمير اإلسالم ثقافيا وتحطيم المسلمين.

السبب في هذا الموقف هو أن الكث44ير من المستش44رقين، ك44انوا م44وظفين في بعث44ات ال44دول االس44تعمارية، والي44وم أيض44ا بعض44هم موظف في وزارات الخارجية ونحوه44ا وي44أتون إلى بالد المس44لمين، ويس44تخدمون إمكان44ات ه44ذه ال44وزارات لوض44ع دراس44ات عن البالد

اإلسالمية مثل إيران، والعراق، وسوريا، وغيرها. يتعام44ل ه44ذا االتج44اه م44ع المؤلف44ات والدراس44ات ال44تي ق44دمها المستشرقون تعامال دفاعيا، حيث اعتبر ظاهرة االستشراق ظاهرة44ة 44ة دفاعي هجومية من طرف اآلخر، فالمطلوب مني أن أقوم بعملي

تجاهه.

االتجاه الثاني: القبول المطلق االتج44اه الث44اني ه44و عكس االتج44اه األول تمام44ا، حيث يعتق44د أن المستشرقين يمثلون قمة الفكر والمعرف44ة والتط44ور، وق44د س44بقونا

3

م4و4ق4ف4 ا4ل4م4س4ل4م4ي4ن4

ا4ل4ر4ف4ض4 ا4ل4م4ط4ل4

ق4

ا4ل4ق4ب4و4ل4 ا4ل4م4ط4ل4

ا4ال4ت4ج4ا4ه4 ق4ا4ل4و4س4ط4

ي4

االستشراق4

المؤامرة

كثيرا في دراسة اإلسالم وقدموا دراسات رائعة في ذلك، حتى نجد44رين المس44لمين والع44رب أك44ثر م44ا يكتب44ون ه44و في كثيرا من المفك الحقيقة ترجمات غير حرفية للدراسات التي كتبه44ا المستش44رقون، فنج44د شخص44ا يكتب دراس44ة في موض44وع معين ويجم44ع فيه44ا آراء

المستشرقين، غاية ما في األمر يكتبها بلغته وأسلوبه.44ة التام44ة للم44دارس وخالص44ة موق44ف ه44ذا االتج44اه ه44و التبعي االستش444راقية، اعتق444ادا منهم ب444أنهم س444بقونا في دراس444ة ال444دين والقرآن، وهم أكثر منا خبرة في هذا المج44ال، إذا الب44د لن44ا أن نأخ4ذ

مناهجهم ونتبع سبلهم.

)االتجاه الثاني(

االتجاه الثالث: االتجاه الوسطيل بين المستش44رقين، وسط هذه المعمعة يقف اتجاه ثالث، يفص44 ويمكن اعتب444اره اتجاه444ا وس444طيا، حيث ي444رى ل444زوم التمي444يز بين44ا، وك44ذلك ي44رى ض44رورة التمي44يز بين المستش44رقين تمي44يزا تاريخي

الدوافع والمناهج. فالمستشرقون عبر التاريخ ليسوا علىأما التمييز التاريخي:

وتيرة واحدة، بل علينا أن نفصل بين المستشرقين الذين عرفوا ما قبل نهاية حقبة االستعمار أي تقريبا إلى أواس44ط الق44رن العش44رين، وبين الذين عرفوا بعدها؛ ألن االستشراق في فترة االس44تعمار نش44أ44ة، فالمستش44رقون في تل44ك الف44ترة ألغ44راض اس44تعمارية وامبريالي ك444انوا يقوم444ون بالدراس444ات االستش444راقية لتحقي444ق أغ444راض المس44تعمرين ومص44الحهم، فال يمكن االعتم44اد على ش44يء من ه44ذه

الدراسات. م فص44اعدا فق44د اختل44ف وض44ع االستش44راق، حيث1950أم44ا من

تحول إلى مدارس أكاديمية مستقلة في الغرب، ولم يع44د مؤسس44ة تابعة لوزارة االس44تعمار أو وزارة الخارجي44ة، فيمكن أن نس44تفيد من

دراساته.

4

االستشراق4

التبعية التامة4

إذن، البد لنا أن نفصل تاريخيا بين أواسط القرن العش44رين فم44ا قبله )أي حقبة االستعمار( وما بعد أواس44ط الق44رن العش44رين، حيث تحولت ظ44اهرة االستش4راق إلى أكاديمي44ات مس4تقلة أو تخصص44ات

علمية داخل الجامعات، وال عالقة لها بالوزارات. فهن44اك من يعتق44د ب44أن المعي44ار هيأما التمي##يز في المنهج:

444ة، فال يمكن أن نتعام444ل معهم ص444حة أفك444ارهم ونتاج444اتهم العلمي بخلفيات مسبقة، ب44ل علين44ا أن ننظ44ر إلى أفك44ارهم ونتاج44اتهم، من44ة بحيث نقب44ل منهم دون أي خلفية مسبقة تجاهها، ال خلفية انبطاحي كل ما يقولون، وال خلفية عدائية ومتش44نجة بحيث ال نقب44ل منهم أي

شيء يقولونه، حتى لو جاءوا عليه بشواهد علمية ومنطقية. وكما يقول الح44ديث الش44ريف: »الحكم44ة ض44الة الم44ؤمن فحيثم44ا

، علين44ا أن ننظ44ر إلى دراس44ات(1)وج44د أح44دكم ض44الته فليأخ44ذها«44ة غ44ير منح44ازة ال إلى اليمين وال إلى اليس44ار، المستش44رقين بعقلي

فنأخذ ما أصابوا فيه ونستفيد منه، ونترك ما أخطأوا فيه. هذه هي أهم االتجاهات الموجودة في أوس44اطنا اإلس44المية تج44اه المستشرقين وأعمالهم، ويمكنني القول بأن االتجاه الثالث 444 ال44ذي أميل إلي44ه شخص44يا 444 أخ44ذ في الف44ترات األخ44يرة يس44ود الكث44ير من

األوساط المهتمة بدراسة الفكر االستشراقي.

ب 4 إطاللة عابرة على شخصية »جولدتسيهر«أجناس جولدتسيهر مفكر مستشرق مج44ري يه44ودي، ول44د ع44ام )

م(، ويعد من أكبر علم44اء االستش44راق1921م( وتوفي عام )1850 م( ص44احب كت44اب1930في ت44اريخ أوروب44ا، مث44ل ثي44ودور نولدك44ه )

44ر عن44ه ب444»ش44يخ المستش44رقين أو ش44يخ »تاريخ القرآن«، ال44ذي يعبالمستشرقين األلمان«.

كان لدى جولدتسيهر 4 كما يقال 4 مكتبة تضم أربعين ألف كت4اب،4ة، وك44ذلك 4ة إض4افة إلى اللغ4ات األوروبي وكان ض4ليعا باللغ4ة العربي

كت44اب كله44ا300اللغة التركية واللغة الفارسية، وقد ألف أك44ثر من حول اإلسالم، ومن أبرزها:

### »الظ##اهريون« أو الظاهري##ة م##ذهبهم وت##اريخهم:1 درس في44ه الم44ذهب الظ44اهري في اإلس44الم، وال44ذي يع44د ابن ح44زم

ه4( أحد أبرز أعالمه.456الظاهري ) وه44و من أخط44ر ## »العقي#دة والش#ريعة من اإلس#الم«:2كتبه.44ل مح44ور # »مذاهب التفسير اإلسالمي«:3 وهو ال44ذي يمث

500كالمنا هنا، وقد صدر هذا الكتاب بالعربية عن دار »إق44رأ« في الكافي)( 1 .167: 8الكليني،

5

ص44فحة، وك44ان في البداي44ة مجموع44ة من المحاض44رات، ثم جمعه44التصدر على شكل كتاب، سرعان ما أخذ رواجا كبيرا.

انقسم العلماء والمفكرون تجاه »جولدتس44يهر«، ففري44ق 444 مث44ل44ه رج44ل2002ال44دكتور عب44د ال44رحمن ب44دوي ) م( 444 ك44ان يق44ول بأن

اس44تعماري امبري44الي خ44بيث، وفري44ق آخ44ر 444 مث44ل ال44دكتور نجيب م( 4 صاحب كتاب »المستشرقون« المع44روف في1982العقيقي )

ثالثة مجلدات، يق4ول ه4و رج4ل من أبع4د المستش4رقين عن اله4وىواتباع الرأي، وهو رجل منصف.

44ه من لكن الشيء الذي يهمن44ا في دراس44ة »جولدتس44يهر« ه44و أن الشخصيات التي اهتمت اهتماما بالغا برصد األفك44ار الموج44ودة في اإلسالم واليهودية وما يمثل مش44تركا بينهم44ا، حيث ك44ان ي44دعي ب44أن هناك الكثير من األفكار الموجودة في اإلسالم قد أخ44ذها الرس44ول‘ من اليهودية، لذلك نجد في كتبه عن44دما يش44ير إلى حكم من أحك44ام44ه مح44رم في الت44وراة أيض44ا، وعلى اإلس44الم يض44يف بين قوس44ين أن سبيل المثال يقول: إن محمدا‘ قد حرم لحم الخ44نزير )وه44و مح44رم في التوراة في المكان الفالني( كما حرم كذا وكذا )وهو محرم في التوراة(، فيحاول دائما أن يقول ب44أن الكث44ير من الش44رائع والعقائ44د44ة، حيث اطل44ع على التي جاء بها الرسول‘ إنم44ا أتى به44ا من اليهودي

اليهودية في شبه الجزيرة العربية، وأخذ تلك األفكار. وق44د ت44أثر أك44ثر المستش44رقين به44ذه الفك44رة ال44تي ابت44دعها »جولدتس44يهر«، وليس فق44ط المستش44رقون، ب44ل ح44تى كث44ير من المسلمين تأثر بهذه الفكرة، وعلى سبيل المث44ال الب44احث الس44وري

م(، ك44ان يص44ر2007األن44ثروبولوجي ال44دكتور ت44ركي علي الربيع44و ) دائم444ا على أن يج444د عناص444ر التش444ابه والتق444ارب بين اإلس444الم والكلدانيين، وما بين اإلس44الم واليهودي44ة وبين اإلس44الم والنص44رانية، وبين اإلسالم واآلشورية؛ لكي يقول بأن الرسول‘ أتى بهذه األفك44ار4ة وفي من الديانات ال4تي ك4انت موج4ودة في ش44به الجزي4رة العربي

شمال الجزيرة أي سوريا والعراق.ص »جولدتس44يهر« كتاب44ه »م44ذاهب التفس44ير اإلس44المي« خص44 لدراسة كيفية مطالعة المسلمين وقراءتهم للقرآن الك44ريم، وهن44اك44ق الكث44ير من األفك44ار في ه44ذا الكت44اب تحت44اج إلى النق44د، وق44د عل مترجم هذا الكتاب أحيانا تعليقات نقدية في أس44فل الكت44اب بش44كل44ق أن طفيف، فإذا شاهد أن المؤلف قد حمل على رسول الله‘ يعل ه44ذا اف44تراء على الرس44ول‘.. لكنن44ا ال نج44د الكث44ير من الدراس44اتر كث44يرا في المستش4رقين المستقلة فيما كتبه ه4ذا الرج4ل ال4ذي أث44رين المس44لمين، 44روا في كث44ير من المفك فيما بعد، وهم ب44دورهم أث

السيما العلمانيين وأمثالهم.

6

يدرس »جولدتسيهر« في هذا الكت44اب تفس44ير الق44رآن من وف44اة

م؛ ألن ه44ذا الكت44اب من1920رسول الل44ه‘ إلى عص44ره، أي قراب44ة أواخر الكتب التي ألفها، ويبدأ من الصحابة: ابن مس44عود، وعلي بن أبي طالب×، وابن عباس، وغيرهم إلى أن يصل إلى محم44د عب44ده، وجمال الدين األفغاني والحرك44ة اإلس44المية ال44تي ظه44رت في الهن44د نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العش44رين، ه44ذه هي الف44ترة الزمني44ة ال44تي يدرس44ها لتط44ور ق44راءة المس44لمين للق44رآن الك44ريم

وتفسيرهم له. سنحاول هنا دراسة نقطتين فقط في هذا الموضوع، وذلك ضمن

محورين: منهج »جولدتس44يهر« في مطالع44ة ت44اريخالمح##ور األول:

تفسير القرآن عند المسلمين. النظ4444رة التش4444اؤمية الهائل4444ة عن4444دالمح###ور الث###اني:

»جولدتسيهر« عن الشيعة والتشيع، وه44ذا موض44وع طوي44ل بح44دنفسه.

ثانيا: جولدتسيهر، ومطالعة تاريخ تفسير القرآن،منهج ونقد

سوف نقسم البحث في هذا المحور، إلى قسمين: إطاللة عابرة على منهج »جولدتس44يهر« فيالقسم األول:

مطالعته لت44اريخ تفس44ير الق44رآن الك44ريم، وم44ا س44جله على ه44ذهالتجربة اإلسالمية.

4444ة على م4444ا قدم4444هالقس###م الث###اني: مالحظ4444ات نقدي»جولدتسيهر«.

القسم األول: منهج »جولدتسيهر« في مطالعة تاريختفسير القرآن

بداي4444ة يجب أن نع4444رف ب4444أن الق4444رآن الك4444ريم ليس عن4444د44ه جولدتس44يهركتابا مقدس44ا، وه44ذا ش44يء واض44ح من كلمات44ه، ال ألن يهودي أو مسيحي، بل ألنه من األساس ليس يهتم بالدين، فال يهمه

ال القرآن وال التوراة وال اإلنجيل. ق44د يتص44ور بعض أن المستش44رقين كلهم رج44ال دين، لكن ه44ذا التصور ليس بصحيح، نعم الكثير من المستشرقين في الق44رون م44ا بين الحروب الصليبية والقرن التاس44ع عش44ر ك44انوا رج44ال دين، لكن منذ القرن التاسع عشر فصاعدا، ظهر جيل جديد من المستشرقين ربما ال يؤمنون ال ب44التوراة وال باإلنجي44ل وال ب44القرآن، إذا ال يص44ح أن نناقش »جولدتسيهر« بأنك تشكل على القرآن ك44ذا ونناقش44ك ب44أن

7

في التوراة كذا وكذا، بل بعض المستشرقين مثل »جولدتس44يهر« ال44ه ليس رج44ل دين ينبغي أن نحاوره أو نناقشه من ه44ذه الزاوي44ة؛ ألن

وربما ال يعنيه حتى أمر الديانة اليهودية أو المسيحية. إذن، علين44ا أن نناقش44ه إم44ا على أس44اس م44ا ي44ؤمن أو نق44دم مالحظات منهجية تتصل بالمنهج الذي تقوم عليه دراساته، وهذا م44ا نريد أن نركز عليه في هذا المختصر، ولذلك البد لنا أن نتح44دث في البداية عن منهجه في محاكمة المذاهب التفسيرية عند المسلمين،

ومن ثم نسجل بعض المالحظات النقدية على هذا المنهج. إن منهج44ه في محاكم44ة الم44ذاهب التفس44يرية عن44د المس44لمين

مركب من جزئين: من جهة يح44اول »جولدتس44يهر« # منهج تاريخي توصيفي: 1

أن يوصف األحداث والوقائع ال44تي وقعت في ت44اريخ المس44لمين فيقضية تفسير القرآن الكريم.

من جه44ة أخ44رى ال يكتفي بس44رد # منهج ت##اريخي تحليلي:2 األحداث، بل يحاول تحليلها وتفكيكه44ا أيض44ا؛ ليخ44رج بنت44ائج من ه44ذا

السرد التاريخي. إذن، هو في هذا الكتاب مؤرخ بالدرجة األولى، لكن مؤرخ علوم، حيث ي44ؤرخ ت44اريخ علم تفس44ير الق44رآن عن44د المس44لمين، مرفق44اف حرك44ة بالتحليالت والنت44ائج، وال يكتفي بس44رد األح44داث، ب44ل يوص44 التفسير في تاريخها ويق44وم بتحليله44ا وإيج44اد عالق44ات بينه44ا، ليخ44رج

بنتائج. والخطورة واألهمية تكمن في هذه النتائج. من النقاط المهمة ال##تي يس##جلها »جولدتس##يهر« على تفس##ير الق##رآن عن##د المس##لمين، هي ع##دم موض##وعية

، حيث يعتق44د ب44أن تفس44يرعمليات التفس##ير عن##د المس##لمين44ة، القرآن عن44دهم ع44بر الت44اريخ لم يكن بعي44دا عن الخالف44ات الفكري والسياس44ية و..، ب44ل ك44انت مت44أثرة ج44دا به44ذه الخالف44ات، فال يمكن

اعتبارها تفاسير حقيقية وإنما كانت تالعبا بالنص وتطويعا له. إن التفسير الموضوعي هو التفسير ال44ذي ليس في44ه إال طرف44ان: النص والمفسر، فإذا دخل عنصر ثالث في البين فسيخرج التفس44ير عن موض44وعيته، وينح44از إلى ه44ذا العنص44ر الخ44ارجي، وهن44ا يعتق44د »جولدتسيهر« أن تفاسير المسلمين لم تكن ثنائية الطرف ليجلس44ل قرين44ة ر، ويقوم بتحليله ويضع آي44ة تمث ر مع الكتاب المفس المفس44ة هي على آية أخرى ثم يخرج بنتيجة، بل كانت الص44راعات الخارجي التي تحكم عملية التفسير بين المسلمين خاصة األوائل منهم، حيث444ة، ك444انت ص444راعات عنيف444ة بينهم في مختل444ف القض444ايا الفكري والسياسية و..، خارج القرآن الكريم، فيذهب كل واحد إلى الق44رآن

الكريم ليثبت ما يدعيه ال أن يفهم القرآن كما هو.

8

فما نراه من اهتمام المسلمين بتفس44ير الق44رآن الك44ريم ليس إال ظاهر القضية، وتكمن خلف هذا الظاهر الجمي44ل ص44راعات عدي44دة، من الصراعات الكالمية والسياسية )بين السلطة 4 مدرسة الخالف44ة44ة، وإن 4 وبين معارضيها من الشيعة والخوارج(، والص44راعات الفقهي444ة في الحقيق444ة ترج444ع إلى ك444انت الكث444ير من الص444راعات الفقهيصراعات سياسية، وإن بدت وكأنها خالفات في قضايا فقهية عادية. بع44د ظه44ور ه44ذه المع44ارك العنيف44ة بين المس44لمين في مختل44ف القضايا، كان يريد كل واحد منهم أن ينتصر على خصمه، لكن كي44ف

ذلك؟44ة هي حض44ارة النص، يع44ني النص ه44و يق44ال: إن الحض44ارة العربي السلطة المطلقة، فالقرآن والسنة هما السلطة المطلقة، أن44ا آخ44ذ شرعيتي من القرآن والسنة وأنت إذا أردت أن تأخ44ذ ش44رعيتك في مجتمع المسلمين، فيجب عليك أن ترجع إليهم44ا، من هن44ا ذهب ك44ل فري44ق من المس44لمين إلى الق44رآن ليأخ44ذ من44ه م44ا ينتص44ر ب44ه علىره، ب44ل جلس مع44ه خص44مه، فه44و لم يجلس م44ع الق44رآن لكي يفس44

ليستفيد منه ويذهب إلى خصمه فينتصر عليه. إذن، العالقة بين المسلمين والقرآن خرجت من كونها

ثنائية الطرف وأصبحت ثالثية األطراف المكونة من:ر.1 # المفس # الصراعات بين الفرق اإلسالمية.2 # النص/القرآن.3

هذا كالم في غاية الحساسية؛ ألن معناه أن كل عمليات التفسير التي قام بها المسلمون 444 ال أق44ل في الق44رون األربع44ة أو الخمس44ة الهجرية األولى 4 هي في الحقيقة عمليات تالعب بالنصوص وتطويع

9

القرآن4 تفسير

الصراعابين تالفرق اإلسالمي

ة

المفسرالقرآن

44ة واالقتص44ادية 44وا مش44اكلهم السياس44ية واالجتماعي لها؛ ألجل أن يحل وغيرها فيما بينهم، وليس للقرآن فيها ناقة وال جمل. هكذا صور لن44ا

»جولدتسيهر« تاريخ تفسير القرآن عند المسلمين. من جانب آخر، يدعي »جولدتسيهر« بأن الق4رآن ال يش4تمل على معلومات كثيرة كما ي44دعي المس44لمون، وإنم44ا يق44دم لن44ا معلوم44ات44ة البس44يطة، وينق44ل طفيفة، فهو يتحدث عن بعض القض44ايا األخالقي بعض القصص عن األنبياء^، والكثير منها كان موجودا في ال44ديانات

السماوية السابقة، وإنما محمد‘ جمعها في مكان واحد.44بر الق44رآن ح44دثا مهم44ا بالنس44بة إلى الع44رب ال44ذين نعم، ربما اعت44ه بع44د ذل44ك نض44ب ولم يع44د في44ه حاري، لكن كانوا يعيش44ون في الص44 عط4اء، والمس4لمون فيم4ا بع4د انفتح4وا على حض4ارات ض4خمة في الع4444الم من الهن4444د إلى الف4444رس وإلى ال4444روم وإلى غيره4444ا من الحضارات، فواجهوا مشكالت جديدة، كبعض المش44اكل االقتص44ادية44ة 44ة وفكري على إث44ر حص44ولهم على الغن44ائم و..، ومش44اكل اجتماعي نتيجة التقاء ثقافات مختلف44ة، ب44ل متض44ادة في بعض األحي44ان، وهن44ا44وا ه44ذه المش44اكل فص44وروا لن44ا ب44أن حاول علماء المسلمين أن يحل القرآن فيه كل ش44يء، لكن الحقيق44ة هي أنهم هم ق44اموا بأنفس44هم ببناء أنظمة قانونية وفلسفية وكالمية وتاريخية، ثم أخ44ذوا ينس44بونها إلى القرآن إلعطائها الشرعية، هذا كل ما في األمر، فما نج44ده من األنظمة القانونية والفقهية و.. التي تنسب إلى القرآن الكريم ليس

إال جهود المسلمين أنفسهم ال أن القرآن جاء بها. إذن، »جولدتسيهر« نحى بهذه الطريقة القرآن جانب4ا، واعت4بر أن القضية هي المسلم وليس اإلس44الم، حيث ك44ان يري44د المس44لم ح44ل مش44اكله وه44و ال44ذي ق44ام بحله44ا في الحقيق44ة، لكن لكي يعطي الشرعية لحله هذا، ذهب إلى القرآن ليأخ44ذ من44ه الش44رعية فنس44ب مشروعه إليه، إذا، المسلم هو صاحب هذه المشاريع الك44برى ال44تي

نجدها عبر التاريخ، ال القرآن وال اإلسالم. هذه خالص4ة ق4راءة »جولدتس4يهر« لت44اريخ تفس44ير الق44رآن عن44د المسلمين، وسوف ننتق44ل في القس44م الث44اني من البحث إلى بعض

المالحظات النقدية على كالمه هذا.

القسم الثاني: رؤية »جولدتسيهر«، مالحظات نقدية بعد أن تحدثنا عن منهج »جولدتسيهر« فيم44ا قدم44ه من محاكم44ة لتفاسير المسلمين، ننتقل في هذا القسم إلى مالحظتين أساسيتين

على هذا المنهج الذي حكم كل كتاب »جولدتسيهر«: »جولدتس444يهر« حينم444ا اعت444بر تفاس444يرالمالحظ###ة األولى:

المس44لمين تالعب44ا ب44النص وتطويع44ا ل44ه لم يق44ل لن44ا م44ا ه44و المنهج الصحيح لتفسير القرآن؛ ألن الحكم على أي شيء، س44واء بالس44لب

10

أم باإليج4444اب بحاج4444ة إلى معي4444ار نقيس األم4444ور علي4444ه، لكن »جولدتسيهر« ال يقدم لنا أي معيار للمنهج الصحيح لتفسير الق44رآن

لكي نقوم بتقويم تفاسير المسلمين في ضوئه. لنفرض أن القرآن ليس من عن4د الل44ه، لكن في نهاي4ة المط4اف44ف أي كتاب يحتاج إلى طريقة لتفسيره، لكي نعرف ماذا أراد المؤل من كالمه، ولنفترض أن محمدا هو الذي ألف هذا القرآن، لكن ه44ذا ال يعني أنه ال توجد معاني من وراء كلماته، ففي نهاية المط44اف ل44ه مقاصد يريدها من خالل هذا الكتاب، وهنا كان على »جولدتس44يهر« أن يبين في البداية المنهج الص44حيح لفهم الق44رآن الك44ريم، ثم ي44أتي44ه قف4ز إلى تفاسير المسلمين ويحكم عليها بالسلب أو اإليجاب، لكن مباشرة 4 بدل ذلك 4 إلى الحكم بعدم موضوعية تفاسير المسلمين، دون أن يحاكمها محاكمة علمية ع44بر عرض44ها على المنهج الص44حيح

للتفسير. إذن، أول نقص وقع فيه »جولدتس44يهر«، ه44و ع44دم تبيين44ه المنهج الصحيح لفهم الق44رآن الك44ريم. وم44ا ادع44اه من ك44ون الق44رآن كالم44ا بشريا جاء به محمد من عنده، ال يستطيع أن يغنيه عن بي44ان المنهج الصحيح لفهم القرآن؛ ألن هذه ال4دعوى ال تخ44رج الق44رآن عن كون44ه

كالما ذا معاني أرادها المتكلم.44ة المف44روض أن ن44بين في البداي44ة، المنهج من الناحي44ة المنهجي الصحيح لتفسير القرآن، ثم بع44د ذل44ك نع44رض ك44ل من44اهج التفس44ير التي استخدمها المسلمون على هذا المنهج الصحيح لنقول: إن ه44ذا المنهج ك4ان يري4د أن يط4وع النص، وذاك ك4ان يري4د أن يتالعب ب4ه، وه44ذا المنهج ك44ان أمين44ا في تفس44يره، فال يص44ح ونحن نق44رأ تجرب44ة تفسير امتدت أربعة عشر قرنا أن نلغي افتراض أن هذا الكتاب ل44ه مع44اني، ومن دون أن ن44بين المنهج الص44حيح لتفس44ير النص نح44اكم المذاهب التفسيرية ونحكم عليها باالنحيازية، بل البد من وضع منهج لغوي لتفسير القرآن لنحاكم على ض44وء ه44ذا المنهج اللغ44وي س44ائر

خطوات المسلمين في مجال تفسير القرآن الكريم.44ه لم إذن، الخطأ األساس في ادع44اء »جولدتس44يهر« ه44ذا، ه44و أن يقدم لنا معي44ارا لتق44ويم التفاس44ير، وذهب مباش44رة إلى الق44ول ب44أن جميع تفاسير المسلمين كانت انحيازية وغير موضوعية، فما قام به44وحي ب44أن المس44لمين في الحقيقة مصادرة وقفز على المراح44ل، لي هم من ص44نعوا ه44ذه المنظوم44ات الض44خمة في مختل44ف العل44وم اإلسالمية من الفقه واألصول إلى علوم القرآن والح44ديث و..، وأم44ا

رسول الله‘ فلم يأت إال بخمس أو أربع نقاط ال أكثر! يصر »جولدتسيهر« في كتابه هذا »م44ذاهبالمالحظة الثانية:

التفسير اإلسالمي« وفي سائر كتب44ه، على أن الق44رآن في الحقيق44ة إنما يحمل معلومات بسيطة، لكن المسلمين فيم44ا بع44د ص44وروا لن44ا

11

أن القرآن فيه معلومات كثيرة، وفيه ما ال نهاية من المعاني، وه44ذا44اتهم 44ؤا األرض44ية المناس44بة لتحمي44ل نظري ليس إال من أج44ل أن يهي44ة أو الجديدة على القرآن، حتى يستطيعوا أن ينسبوا إليه ك44ل نظري فك44رة جدي44دة يص44لون إليه44ا، إلى درج44ة ادعى بعض44هم أن الق44رآن44ة أيض44ا ك44الطب والفيزي44اء والكيمي44اء يش44تمل على العل44وم الطبيعي

وغيرها من العلوم. وللجواب على هذا الكالم، ينبغي أن نش44ير إلى نقط44تين مهم44تين

جدا: إن النص موج444ود يحت4444وي على سلس444لةالنقط###ة األولى:

إلى طي ص44فحة منه44اص44فحات متراكم44ة، كلم44ا عم44د اإلنس44ان انكشفت له صفحة أخرى، ويشهد لذلك 4 عن44د بعض الب44احثين 444 أن الواقع الذي تحكي عن44ه النص44وص ه44و اآلخ44ر ذو ص44فحات متراكم44ة بعضها فوق بعض، وتبعا لذلك يتحتم أن يكون النص الح44اكي ك44ذلك

أيضا.44ارة، وتتعزز هذه الخصوصية في النصوص المنبثقة عن عقول جب السيما إذا ضممنا إلى ذلك ال تناهيه4ا المع4رفي في الحق44ل اللفظي والص44ياغي من أمث44ال كب44ار الش44عراء واألدب44اء، فض44ال عن كلم44ات الرسل واألنبياء واألئمة عليهم جميعا أفضل الصالة والسالم. فكي44ف

بكالم الباري جل وعال؟!44ة اإلس44المية نفس44ها فيم44ا يخص 44ده النص44وص الديني وهذا م44ا تؤك القرآن الكريم من أنه نزل على سبعة أحرف وأنه ذو بط4ون س4بعة

، أو ما ورد من أن بعض السور كسورة اإلخالص وأواخر(1)أو سبعين ، أو م4ا(2)سورة الحديد قد ن4زلت ألن4اس متعمقين في آخ4ر الزم4ان

، وهكذا..(3)ورد بلسان: »رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه« ووفقا لذلك، فإن النص الديني ليس بسيط المدلول، وإنما هو ذو44ر، وبالت44الي ففي44ه مداليل متعددة متداخلة مس44تبطنة م44ا ش44ئت فعب44ة أن يك44ون مج44تزء الفهم أي أن يتم فهم44ه بص44ورة مج44تزءة قابلي ومتوزعة على األذهان المدركة والقارئة له بش44كل متفاض44ل، وه44ذا يع44ني 444 بض44م م44ا تق44دم في أول الكالم في ه44ذا المب44نى 444 أن م44ا يستنتجه كل فهم من هذه األفهام ليس هو تمام الحقيقة، وإنما ه44و

بعضها. في ظل ما تقدم في النقطة األولى، نس44تطيعالنقطة الثانية:

أن نحدد مكانة فهم اإلنس44ان الع44ربي في زمن الن44بي‘، حيث تص44ور »جولدتسيهر« أن ما فهمه اإلنسان العربي آنذاك ه44و نهاي44ة مع44انى القرآن الكريم ومداليله، فبما أنها ك44انت في البداي44ة ض44ئيلة 444 على

1 : القرآن)( تف4سير في البرهان الصافي 421 19: 1راجع وتفسير .463 59: 1؛

2 : الكافي)( الكليني، : 91: 1راجع التوحيد والصدوق، .283؛

الكافي)( 3 : 403: 1الكليني، والتبصرة اإلمامة والصدوق، .179؛

12

األقل قياسا بما جاء به المسلمون فيم44ا بع44د 444 ف44القرآن الك44ريم ال

يدل إال على تلك المعلومات المحدودة.ن أن م44ا فهم44ه اإلنس44ان الع44ربي الع44ادي ال44ذي ك44ان لكنه قد ت44بي موجودا في حي44اة الرس4ول‘ وفي الف4ترة ال4تي أعقبت حيات4ه، ليس تمام مداليله وإنما جزء من معاني القرآن الك44ريم، فال م44انع من أن يكتشف سائر المسلمين فيما بعد مداليل أعمق من النص الق44رآني

ويبنوا من خاللها منظومات فكرية وعقائدية و.. وما يقال من أن المعيار في فهم القرآن، التخاطب العرفي حين نزوله ال يمنع من صحة ه44ذه الم44داليل المستكش44فة؛ ألن المقص44ود من هذا الكالم عدم مخالفة الفهم الجديد والتخ44اطب الع44رفي حين نزول القرآن، وليس المقصود لزوم المطابقة بين م44ا نفهم44ه وفهم

العرب آنذاك فعال وتحققا. على األقل لم يبين لنا »جولدتسيهر« كيف عرف أن الفهم ال44ذي فهمه العرب آنذاك هو نهاية الفهم؟ هذه مصادرة مهمة جدا قام بها »جولدتسيهر« مفترضا أن ما فهمه المسملون األوائل إنما هو تمام مع4اني الق44رآن، ومن ثم حكم بب44ذلك ببطالن جمي44ع التفاس44ير ال4تي

ظهرت فيما بعد. نحن نوافق معه في أن المسلمين األوائل فهموا مقدارا مح44دودا من القرآن الك44ريم، لكن كي44ف يس44تطيع أن ي44برهن »جولدتس44يهر« على أن ما فهمه المسلمون في تلك الفترة كان تمام المعاني التي يعطيها هذا الكتاب؟ هو لم يقدم لنا أي منهج تفسيري لكي يؤكد أن هذه هي تمام المعاني ال44تي يخفيه44ا الكت44اب الك44ريم، وم44ا ج44اء من

التفاسير فيما بعد كله من صنع المسلمين. فما ادعاه »جولدتسيهر« من انسداد باب فهم القرآن بعد رسول الله‘، يفتقر إلى الدليل، ب44ل يخ44الف المقتض44ى الط44بيعي للنص44وص خاصة النصوص الدينية ولم يدلنا من الناحية المنهجية على الطريقة التي انتقد فيها التفاس44ير الالحق44ة ال44تي كش44فت 444 حس44ب زعمه4ا 4

بطون القرآن ومدلوالت أعمق مما فهمه المسلمون األوائل. فإذا أراد أن يثبت صحة كالمه هذا، ك44ان علي44ه أن يض44ع لن44ا نق44دا44ه لكل التفاسير التي كشفت مدلوالت أعمق للقرآن فيم44ا بع44د، لكن لم يفع44ل ذل44ك، وإنم44ا اكتفى بمج44رد االدع44اء األولي ب44أن الق44رآن ال يحوي شيئا، لكن إذا جئنا بتحليالت لغوية وبالغي44ة معمق44ة وق44دمناها ل444»جولدتس44يهر«، ال يب44دي لن44ا كي44ف فهم أن ه44ذه التحليالت كله44ا44ه لم خاطئة، وإنما يدعي أنه لم يقصدها محمد، أم44ا كي44ف ع44رف أن يقصدها مع أن الكالم دال عليها بزعم قائل44ه، فه44ذا م44ا ال يبين44ه لن44ا،

وهذه أيضا هفوة منهجية أساسية وقع فيها »جولدتسيهر«.

13

)خالصة المالحظة الثانية(

اليص44ح أن نكتفي ب44المنهج الت44اريخي لدراس44ةوبعبارة موجزة: تفسير القرآن عند المسلمين، بل كان يفترض ب4»جولدتس44يهر« أن يض44م إلى المنهج الت44اريخي، المنهج المعي44اري أيض44ا، لي44دلنا على المعي44ار الص44حيح في ق44راءة الق4رآن وتفس44يره، لكي نع4رض س44ائر

القراءات على هذه القراءة الصحيحة.

ثالثا: »جولدتسيهر« ورؤيته التشاؤمية تجاهالشيعة

سأس44لط الض44وء في ه44ذا المح44ور على رؤي44ة »جولدتس44يهر« للشيعة والتشيع، حيث ك44ان ل44ه ك44أكثر المستش44رقين 444 إن لم يكن كلهم 444 نظ44رة تش44اؤمية تج44اه الش44يعة، بحيث ال نك44اد نق44رأ كتاب44ا لمستشرق 4 ولو كان منصفا 4 إال وك44انت ل44ه آراء متش44نجة وس44لبية تج44اه الش44يعة، واص44فا ه44ذا الم44ذهب بأوص44اف عجيب44ة غريب44ة، وال44ة قليل44ة من امث44ال ال44دكتور ه44نري كورب44ان ) يستثنى من هذا إال قل

م(.1978 وهذا األمر ل44ه أس44بابه، وأح44د أس44بابه األساس44ية انحص44ار مص44ادر المستشرقين في المصادر السنية، حيث ك44انوا يراجع44ون 444 لالطالع على الفك44ر اإلس44المي 444 المكتب44ات القريب44ة منهم، أي المكتب44ات الموج44ودة في الهن44د، ومص44ر، والمغ44رب الع44ربي، أي المن44اطق األساسية التي كانوا موجودين فيه4ا، وم44ا ك44انت هن44اك عالق44ات بين

14

ص4فح4ا4ت4 .1 ذو4 النص4م4تراكم4ة4

ع4د4م4 .2 المع4يا4رالفه4م4 م4خا4لف4ة4

ص4د4ور زم4ن4 العر4في4م4و4اف4قته4 ال النص4

الح4ر4ف4ية4

ا4ل4ن4ص4 ف4ه4م4ظ4ا4ه4ر4ة4

أ4و4 م4س4ت4م4ر4ة4ال4 ا4أل4ق4ل4 ع4لى4

ع4لى4 د4ل4ي4ل4ع4ق4م4ه4

44ة الش44يعية والمستش44رقين ودراس44اتهم، الح44وزات والمراك44ز الديني لذلك كانت معلوماتهم عن التشيع منحص44رة في المص44ادر الس44نية،

األمر الذي أدى إلى تشدد موقفهم السلبي تجاه الشيعة. ولع444ل من أك444ثر المستش444رقين تش444ددا تج444اه الش444يعة، ه444و »جولدتسيهر«، حيث ال يكاد يملك لفظا مشوها إال وأتى به لوص44ف هذه الطائفة، وفي هذا الكتاب »مذاهب التفسير اإلسالمي« أيض44ا، يتهم التفاسير الشيعية بالغنوصية والهرمسية معتمدا على التفس44ير المنس44وب إلى علي بن إب44راهيم القمي وتفس44ير الص44افي للفيض

الكاشاني. سأقف هنا عند نقطتين أساس44يتين في دراس44ته لتفس44ير الق44رآن

عند الشيعة: النقط####ة األولى: اإلش####كال المنهجي في كيفي####ة

دراسة التفاسير الشيعية. النقطة الثانية: اتهام التفاسير الش##يعية بالغنوص##ية

والهرمسية.

النقطة األولى: اإلشكال المنهجي في كيفية دراسةالتفاسير الشيعية

اعتم44د »جولدتس44يهر« في دراس44ة التفس44ير عن44د الش44يعة علىكتابين فقط، هما:

4 التفسير المنسوب إلى علي بن إبراهيم القمي )كان حيا عام1ه4(، باعتباره أنموذجا من تفاسير القرون الهجرية األولى.307 ه444(، باعتب44اره1091 444 تفس44ير الص44افي للفيض الكاش44اني )2

أنموذجا من تفاسير القرون الهجرية الالحقة. وقد وصف التفسير الشيعي # من خالل هذين الكتابين # بالغنوصية والهرمسية، لكن ادعاءه هذا يعاني من ثالث##ة

إشكاالت منهجية: اقتص44اره على اتج44اه واح4د من االتجاه4اتاإلشكال األول:

الشيعية. ع44دم انتباه44ه إلى الج44دل اإلم44امي ح44ولاإلشكال الثاني:

نسبة تفسير القمي إلى علي بن إبراهيم نفسه.44ة في ه44ذيناإلش##كال الث##الث: تجاه44ل العناص44ر اإليجابي

الكتابين. أما اإلشكال األول: فهو اقتصاره على اتجاه واح##د من

حيث إن »جولدتس44يهر« ال44ذي يعت44بر مناالتجاه##ات الش##يعية، رموز المستشرقين في الغرب، وكما قيل كانت مكتبت44ه الشخص44ية تضم أربعين ألف كتاب، فض44ال عن المكتب44ات الض44خمة ال44تي ك44انت

15

مت44وفرة عن44ده لدراس44ة اإلس44الم، إنم44ا يعتم44د على ه44ذين الكت44ابين للحكم على تفس44ير الق44رآن عن44د الش44يعة من وف44اة الرس44ول ‘ إلى

م، وه4444ذا المنهج بعي4444د عن1921زمان4444ه، أي إلى ح4444دود ع4444ام الموضوعية واإلنصاف في البحوث العلمية.

كيف يمكن أن نحكم على مذهب امتد أك44ثر من أل44ف س44نة، ول44ه مساهمات كثيرة في مختلف العلوم اإلسالمية، ومنها تفسير القرآن الك444ريم، فق444ط من خالل كت444ابين ال يمثالن إال اتجاه444ا واح444دا من االتجاهات المتعددة الموجودة في التفسير اإلمامي، علما بأن هذين الكتابين يتسمان بطابع روائي، إضافة إلى أنهم44ا ال يمثالن التفس44ير44ة الروائي أيضا عند الشيعة؛ ألن هناك الكثير من التفسيرات الروائي عند الشيعة تجاهلها »جولدتسيهر« في دراس44ته ه44ذه، وعلى س44بيل المثال في الفترة اإلخبارية التي امت44دت قراب44ة ق44رنين من ال44زمن،

كتب أكثر من سبعة وعشرين تفسيرا روائيا عند الشيعة اإلمامية. لم يتعرض »جولدتسيهر« لسائر الكتب التفسيرية عن44د الش44يعة،44ة عن44دهم، على س44بيل المث44ال والتي تمثل س44ائر االتجاه44ات الفكري

44ه كت44اب يع44د6تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي )ق ه4(، م44ع أن مرجع الكتب التفسيرية الش44يعية ح4تى عن44د أه44ل الس44نة، ف44إذا أراد أه4ل الس44نة أن يدرس44وا الموق44ف التفس4يري الش44يعي آلي44ة قرآني4ة ف4إنهم يراجع4ون مجم4ع البي4ان، وك4ذلك لم يتع4رض لكت4اب التبي44ان

ه44(، إض4افة إلى أن هن4اك الكث44ير من اآلراء460للشيخ الطوس4ي )التفسيرية التي ذكرها علماء الشيعة في ثنايا كتبهم المختلفة.

فلماذا أتجاهل كل تلك التفاسير وأضع يدي على تفسيرين فقط، ثم أقوم تفسير الشيعة على أساسهما؟ حتى لو ك44ان ه44ذا التفس44ير44ة ال يح44ق من رموز التفاسير عند الشيعة، لكن من الناحي44ة المنهجي له هذا، إذ هو اختزال للتفسير الش44يعي ال44ذي ل44ه م44دارس مختلف44ة

بمدرسة واحدة أو مدرستين، وذلك أيضا بنظرة ناقصة. إذن، انتقاء كتابين روائيين في حقبتين مختلفتين، متج44اهال وج44ود عشرات الكتب التفسيرية األخرى الروائي4ة وغيره4ا، ه4ذا أول خط4أ

منهجي وقع فيه »جولدتسيهر«. وأما اإلشكال الث##اني: فه##و الج##دل ح##ول نس##بة كت##اب

فالمستش44رقون من أك44ثر الن44اس خ44برةتفس##ير القمي إلي##ه، ون في مج44ال البيوغرافي44ا، بقض44ية الكتب ونس44خها، وهم المختص44 ويدرس44ون النس44خ المختلف44ة للكتب وص44حة انتس44ابها إلى مؤلفيه44ا، وهم الذين بدأوا عملية تحقيق كتب المسلمين 4 مع األسف الش44ديد 4 ونحن المسلمون أخذنا منهم ظ44اهرة التحقي44ق والتص44حيح وب44دأت

تروج في بالدنا. ومع ذلك نج44د »جولدتس44يهر« يعتم44د بش44كل أس44اس على كت44اب تفس44ير القمي ال44ذي هن44اك خالف في نس44بته إلى علي بن إب44راهيم

16

القمي عند الشيعة أنفسهم، وال أريد أن أنفي نسبته إليه، وإن كنت أعتقد شخصيا بذلك وبعدم وج44ود دلي44ل على تص44حيح النس44بة، كم44ا بحثته مفصال في كتابي »منطق النقد الس44ندي«؛ ألن ه44ذه القض44ية44ه للقمي وه44و ع44الم مثار جدل واسع بين الشيعة، بين من يعتقد بأن44ه مؤلف من تفس44يرين: أح44دهما للقمي كب44ير، وبين من يعتق44د بأن

اإلمامي، والثاني ألبي الجارود الزيدي. وال يصح ل4»جولدتسيهر« أن ينتقي كتاب44ا من ه44ذا الن44وع ويح44اكم التفسير الشيعي على أساسه رغم وجود ج44دل بين علم44اء الرج44ال والبيوغرافيا والتراجم في ص44حة نس44بته إلى ص44احبه، ولم ي44ذكر لن44ا4د نس4بة الكت4اب إلى ص4احبه، كي نق4ول »جولدتسيهر« دراس44ة تؤك ربم44ا ه44و ق44ام بدراس44ة وأثبت ص44حة انتس44ابه إلى علي بن إب44راهيم

القمي. لقد كان بإمكانه أن يختار كتابا آخر، مثل تفس44ير العياش44ي، وه44و من الكتب الشيعية الروائية المعروفة، ونس44بته إلى ص44احبه ليس44ت محل جدل عندنا، وليس فيها نقاش يذكر، وإن كانت النس44خة ال44تي

بين أيدينا ناقصة وفيها كالم. وأما اإلشكال الث##الث: فه##و تجاه##ل العناص##ر اإليجابي##ة

حيث طرح »جولدتسيهر« هذا الموضوعفي هذين التفسيرين،44ة خالي44ان من بطريقة وكأن هذين األنموذجين من التفاس44ير اإلمامي44ة والغنوص44ية، 44ة، وكله44ا تتح44دث عن األم44ور الباطني العناصر اإليجابي بينم44ا إذا راج44ع اإلنس44ان ه44ذين الكت44ابين 444 أي تفس44يري القمي والصافي 4 بعقلية محايدة، سيجد الكثير من العناصر اإليجابية ال44تي

تجاهلها »جولدتسيهر«. إذن، فالخطأ المنهجي الذي وق44ع في44ه »جولدتس44يهر«، يكمن في

ثالثة أمور: اقتصاره على كتابين يمثالن أنموذجا من نماذج التفسير عن44دأ #

الشيعة وهو التفسير الروائي. اختياره كتابا هناك نقاش جاد على المس4توى الت4اريخي فيب #

نسبته إلى مؤلفه.تجاهله العناصر اإليجابية في التفسيرين المشار إليهما.ج #

وه44ذا ن44وع من التس44اهل في التعام44ل م44ع موض44وع في غاي44ةالحساسية.

النقطة الثانية: اتهام التفاسير الشيعية بالغنوصيةوالهرمسية

من االتهامات التي يوجهها المستشرقون للش44يعة، وال44تي نج44دها بكثرة في دراساتهم بحيث أصبحت عنوانا رائجا بينهم، اته44امهم لهم

17

بالغنوصية والهرمسية، فالشيعة عندهم مذهب ص44وفي ب44اطني غ44ير عقالني. إنهم يص44ورون العقي44دة الش44يعية بطريق44ة يخ44اف اإلنس44ان منها، ويرى أنه من المستحيل إقامة البره44ان عليه44ا، كم44ا يص44ورون للق44ارئ أن الص44ورة ال44تي ينس44جها الش44يعة ألئمتهم وعقي44دتهم هي صورة خيالية، ون44وع من م44زج األدب بالش44عر وباألي44ديولوجيا 444 كم44ا نعبر اليوم 4 وفي هذه المرة يتهم »جولدتسيهر« التفاسير الش44يعية

في كتابه »مذاهب التفسير اإلسالمي« بهذه التهمة الرائجة. وال يقف األمر عند المستشرقين، بل بعض النقاد العرب من أهل الس44نة 444 وأيض44ا ممن هم ليس44وا محس44وبين على الس44نة ب44المعنى44ر المغ44ربي ال44دكتور محم44د عاب44د الج44ابري ) ال44ديني 444 مث44ل المفك

م(، يس44جلون ه44ذه النقط44ة على الفك44ر الش44يعي، ح44تى أن2010 الجابري يشن هجوما عنيفا على هنري كوربان، ويستغرب كي44ف أن مستش44رقا كب44يرا مثل44ه ذهب ليقتن44ع بفك44ر ه44ؤالء، واص44فا العقي44دة الشيعية بالالمعقول الشيعي، ومعتبرا إياها خي44االت وأوهام44ا خارج44ة

عن إطار العقل والعقالنية. في هذا السياق، يأتي »جولدتسيهر« ليتهم هذه الم44رة التفاس44يرر اآلي44ات القرآني44ة 44ة، معت44برا أنه44ا تفس44 الشيعية بالغنوص44ية والباطنير جمي44ع اآلي44ات ال44تي تتح44دث عن المن44افقين بنظرة صوفية، وتفس44 بمخالفيهم كالخلفاء الثالثة و.. وتفسر جميع اآليات التي تتحدث عن المؤم44نين بأئم44ة أه44ل ال44بيت، فتفاس44يرهم كله44ا تخ44دم مص44الحهم

الخاصة وبطريقة صوفية. هذا إشكاله األساس على التفاس44ير الش44يعية، وينبغي أن نس44جل44ة علي44ه وعلى مث44ل تفك44ير ال44دكتور الج44ابري، بعي44دا عن نقطة نقدي الشيعة الباطنية والزيدي44ة واإلس44ماعيلية، وسنش44ير باختص44ار ش44ديد

إلى مالحظتين أساسيتين: المالحظ###ة األولى: تجاه###ل الدراس###ات العقلي###ة في

التشيع إن التشيع كالكثير من المذاهب اإلس44المية ذو اتجاه44ات متع44ددة، فال يمكن أن نحكم على الكل من خالل بعضهم، والتص44وف ليس إال اتجاها من اتجاهات الشيعة، حيث رفضه الكثير منهم، فكي44ف يمكن أن أحكم على عقائد مذهب وأعبر عنه44ا بأنه44ا الالمعق44ول 444 وأص44بح هذا االصطالح سائدا الي44وم للتعب44ير عن العقائ44د الش44يعية 444 دون أن أقرأ الدراسات العقلية لهذا المذهب؟ وعلى سبيل المثال، الجابري الذي استخدم مصطلح الالمعقول الشيعي، إنما اطل44ع على الك44افي وبعض كتاب4444ات المالص4444درا، ومن خاللهم4444ا حكم على التش4444يع44ة، وك44ذلك »جولدتس44يهر« إنم44ا درس تفس44ير القمي بالالمعقولي وتفسير الص44افي، وحكم على جمي44ع التفاس44ير الش44يعية بالغنوص44ية

والهرمسية، وهذا خلل منهجي واضح.

18

إذا أردن44ا أن نحكم على م44ذهب امت44د أك44ثر من أل44ف ق44رن ول44ه امتدادات طويل44ة في مختل44ف العل44وم اإلس44المية، فعلين44ا أن نراج44ع مجم44ل االتجاه44ات الموج44ودة في44ه، لنطل44ق األحك44ام على حجمه44ا الطبيعي، لق44د ك44ان على »جولدتس44يهر« أن يرج44ع إلى أمث44ال ب44ني نوبخت، وابن الجنيد اإلسكافي، والشيخ المفيد، والس44يد المرتض44ى، والشيخ الطوسي، والخواجة نصير الدين الطوسي، والعالمة الحلي،44ة، وغيرهم الكثير من علماء اإلمامية الذين يحمل44ون نزع44ات عقالني وص444وال إلى عص444ره؛ ليس444تطيع أن يحكم من خالل ه444ذه النظ444رة

الشمولية حكما أقرب إلى الواقع. إن كت44اب تفس44ير القمي وتفس44ير الص44افي ال يمثالن إال اتجاه44ا واح444دا من االتجاه444ات المختلف444ة في الفك444ر اإلم444امي، أال وهي المدرسة الروائية وذل44ك أيض44ا بص44ورة ناقص44ة، فمن المتوق44ع أن ال44ة، بينم44ا هن44اك المدرس44ة الكالمي44ة الش44يعية نجد فيهما بحوثا منطقي

وخ444رجت الكث444ير من العلم444اء،ال444تي ب444دأت من444ذ زمن األئم444ة^44رين، ممن ل44ديهم أبح44اث كالمي44ة كث44يرة وعميق44ة، فال يمكن والمفك اعتبارهم من المتصوفة؛ ألن الغنوصية قائمة 4 في أحسن حاالته44ا 444ة ش44هودية، لكن الكتب الكالمي44ة ه44ذه مليئ44ة على تج44ارب روحي

44ة، وح44تى ل44و افترض44نا أنهم ال يقتنع44ون به44ذهب44البراهين المنطقي البراهين، لكنها في نهاية المط44اف تق44ع في النط44اق العقالني، حيث44ة، فال يص44ح أن تتركب من مقدمات ونتائج منظم44ة بطريق44ة منطقي44روا عن ه44ذا الم44ذهب ب44الالعقالني، كم44ا نص44ف بعض ب44اطنيي يعب

الشيعة من غير اإلمامية. إذن، هذا الخطأ األس44اس ينس44ف مجم44ل دراس44ة »جولدتس44يهر«44ة، حيث ال يمكن أن نحكم في التفسير الشيعي من الناحية المنهجي44ار من تياراته44ا على مدرسة فكرية معينة برمتها من خالل دراسة تي

أو تعبير من تعابيرها. المالحظ###ة الثاني###ة: حص###ر الغنوص###ية والتص###وف في

التشيع كلما تحدث هؤالء الناقدين عن الشيعة فإنهم يتهمونهم بالغنوصية والتص44وف، وك44أن ت44اريخ الف44رق اإلس44المية يحص44ر التص44وف في الشيعة، وقد حاول فع44ل ش44يء من ذل44ك ال44دكتور كام44ل مص44طفى

م( في كتابه »التصوف والتشيع«، ورد علي44ه الس44يد2006الشيبي )44ة1983هاشم معروف الحسني ) م(، مع أن كل الدراسات التاريخي

والوثائق تش44ير إلى أن الم44ذاهب الص44وفية ك44انت في بعض الحقب الزمنية موجودة في األوساط غير الشيعية بأحجام ونسب أكبر مما

هو موجود عند الشيعة.44ة ال44تي تحكمن44ا أحيان44ا؟! إنهم يتهم44ون التش44يع ما ه44ذه االزدواجي بالتصوف بسبب وجود طائفة صوفية بينهم، لكنهم ال يصفون س44ائر

19

المذاهب اإلسالمية التي تتوغل فيها االتجاهات الص44وفية إلى ج44انب ه##ذا خط##أ وخل##ل منهجي آخ##ر فيغيره44ا بالص44فة نفس44ها؟!

قراءة اآلخرين للمذهب الشيعي.

كلمة أخيرة قمنا بجولة مختصرة في بعض النقاط ال44تي س44جلها المستش44رق المعروف »جولدتسيهر« في كتابه »م44ذاهب التفس44ير اإلس44المي«،44ة واض44حة، حيث اكتفى ب44المنهج ورأينا كيف وق44ع في أخط44اء منهجي4ة إلى التوصيفي 4 الت4اريخي، وقف4ز في دراس44ته من مف4ردات جزئي الحكم الكلي على تجرب44ة المس44لمين في تفس44ير الق44رآن ليتهمه44ا44ة من دون أن يتع44رض لمعي44ار تفس44ير الق44رآن الك44ريم، باالنحيازي وكذلك حكم على مذهب التشيع بالغنوصية من خالل دراس44ة اتج44اه

واحد من اتجاهاته. هذه نظرة موجزة ونافذة أطللن44ا من خالله44ا على بعض م44ا كتب44ه هذا المستشرق في مجال التفسير عند المسلمين، عل ذلك يك44ون دافع44ا لق44راءة بعض كتاب44ات المستش44رقين وال44رد والتعلي44ق عليه44ا، سواء كان نقدا أم تعديال أم تقويما أم تمحيصا أم تأييدا؛ ألن كتاب44ات المستشرقين بدأت تأخذ مكان44ة عظيم44ة عن44د كث44ير من المس44لمين وغيرهم في دراسة اإلسالم، وقد ترجمت الكثير من هذه الدراسات إلى اللغة العربية، وأحدثت أحيانا ضجة كب44يرة بين المس44لمين مث44ل طباع44ة كت44اب »ت44اريخ الق44رآن« للمستش44رق المع44روف »نولدك44ه« ال44ذي أح44دث ض44جة في الع44الم الع44ربي، وينبغي أن يك44ون لعلمائن44ا وفقهائنا وعلماء التفسير والقرآنيات منا ولطالبن44ا أيض44ا في رس44ائل

الماجستير والدكتوراه دراسات حول هذه الكتب وغيرها. فحري بنا أن نشتغل بهذه الدراسات، ونوليها قدرا من االهتم44ام، ونس44اهم في نش44ر تعليق44ات عليه44ا، ح44تى ال تأخ44ذ مجراه44ا ونحن جالسون متفرجين، ثم بعد ذلك إذا وقعت الواقع44ة، نص44اب بص44دمة

الواقع.

20