1153

68

Upload: kotob-arabia

Post on 14-Nov-2014

514 views

Category:

Education


6 download

DESCRIPTION

 

TRANSCRIPT

Page 1: 1153
Page 2: 1153

إحســاس امـرأة

.إحساسي ميت

كنت تتوهم أنها ... لم تصدقها حينما قالت لك ذلك

تحاول الفرار من أسر نظراتك وخاصة أنها لم تنكر أو تؤكد

قد تحركت قليال ناحيتك لكن -محب–أن مشاعرها بعد

زواجك وأوالدك وخطيبها كلها أشياء جعلتها هذه المرة تكتم

فردت ذراعيك أمامها ... حاولت معها كثيرا ... وال تستسلم

... أغلقت كل طرق الهروب منك وإليك أمام وجهها ...

.. لكنها كانت تقول لك دائما

.ا إحساسي ميت وفوق هذا فأنني محصنة نفسي جيد

حينما جمعكما جلسة مصارحة بين الحصص في

المدرسة التي تعمالن بها بحت لها بحبك الذي اخترق كل

لم تنكر .. قواعد وقوانين اللعبة األزلية بين الرجل والمرأة

أنها كانت سعيدة وهي تسمعك كأنها كانت تعلم مسبقا أن هذا

ست هو اليوم الذي حددته لكي تعلن لها فيه عن حبك فلب

أجمل ثيابها وتزينت وتعطرت وكأنها تهئ نفسها للزفاف

حين هاجم مشرف اليوم مجلسكما البعيد عن ... عليك

وجلوسها معك )١-١(األعين عنفها بشدة لتركها حصة فصل

Page 3: 1153

طبقا لقوانني امللكية الفكريةא אא

א .אא

א א أو عـرب االنرتنـت(א اى أو املدجمــة األقــراص أو مكتبــات االلكرتونيــةلل

א )أخرىوسيلة אא.

.א א

Page 4: 1153

هل كنت تثور في ! كنت ال تعرف ماذا تفعل حيالها؟...

وجه المشرف فيكشف كل شئ ؟ أم تجلس تهدهد قلبها

.ب من ضغط كلماتك الحانية عليهالمضطر

وحياة مريم ابنتك تقول !كيف عرفت عني كل هذا ؟

! لي ؟

لكن كل ما كـان ... لم تشأ أن تخبرها كيف عرفت

يشغلك هو ماذا عرفت ؟ وهل هو صحيح أم ال ؟

يظل رفضها القاطع بان شيئا من كل هذا لم يحدث

إلى عقلك مطلقا معلقا على حافة أذنيك وال تريد أن تدخله

كنت متيقنا أنها تحبك رغم علمك األكيد أن تجربة حبها ...

األخير مع محب كانت قد دمرتها تماما حتى أنك كنت تشير

إلى صدرها وتحديدا إلى ذلك الجزء الذي يرقد فيه قلبها

-:الصغير وتقول

. هنا يوجد قطعة من الفحم الخام

كك تكمل ال تضحك كعادتها وال ترد عليك بل تتر

حديثك ألن ذلك يشجيها ويعذبها كثيرا ذلك العذاب الذي

كل يوم كانت تأتي إلى المدرسة ... تعودت عليه منذ زمن

Page 5: 1153

منهكة القوى وعندما كنت تسألها عما ... خائرة ... متعبة

-:بها كانت ترد بال مباالة

فقد نمت باألمس فـي الرابعـة ... ال شئ ... أبدا

. صباحا

- رغما عنك–نت تفغر فاك وتنطق حينما ك

بصيحات التعجب واالستغراب وتتساءل فيما تنفق كل هذا

-:الوقت كانت تعاجلك

فيمن ال أعرف ؟ ... كنت جالسة في السرير أفكر

األنيقة وطقم / حين كان تصدمك مالبسها الغالية

الذهب الالمع الذي كانت تزين به معصميها وجيدها

وهو يزين بنصرها األيمن كنت تقول ويصعقك خاتم الزواج

: لها

هل تحبينه هو اآلخر ؟

!مــن ؟

. صاحب هذا الخاتم

-:كانت تنظر إليك ثم تنظر إلى الخاتم وتقول لك

.كله سواء.... أحبه أو ال أحبه لم تعد تفرق

Page 6: 1153

كنت تقول لها دائما فكري في خطيبك فهو الحياة

كانت ... ه اآلن والوجود واألمل للتخلص من كل ما تعاني

-:تنظر إليك باستهزاء وتقول

جده ؟ لم يعد هناك أمال في ما األمل ؟ وكيف أ

!!حياتي

جمال ... تحاول أن تذكرها بالنعيم الذي ترتع فيه

تحسدها عليه البنات ،ومال غير متوافر لكثيرات وشهادة

ومكانة كبيرة في قريتها الصغيرة ) بكالوريوس تربية(عليا

عندما كنت تهم باستكمال ....يبها الدكتور أيضا لها ولخط

-:حديثك كانت تقاطعك بحدة

... المهم .... كل هذا ال يهم

رغم أنك ال تقاطع حديثها حتى تعرف عنها أكثر إال

أنها ال تكمل حديثها وتتركك وحيدا تنهش قلبك وعقلك الحيرة

. والتساؤالت

هي؟ ماذا تريد من حياتها؟ من وجودها ؟ ماذا تريد

دائما كنت تعجز عن إيجاد أي إجابة ألي تساؤل من

كل هذه التساؤالت فكنت تعاود الكرة مرة أخرى وتلقى

بنفسك في بحرها المضطرب عل يحدث ما تتمناه منذ زمن

Page 7: 1153

وتحملك إحدى موجاته إلى بر الحقيقة أو ترسلك على شاطئ

. ا المحترقآمان يفسر لك لغز قلبه

انتهي العام الدراسي سريعا كما بدأ وجاءت اإلجازة

عندما حل ... الصيفية الطويلة المملة واقترب موعد زفافها

لم تتوان لحظة في ... اليوم بعينه دعتك لحضور هذا الحفل

تلبية دعوتها فقد كنت تتوق لرؤيتها في ثياب الزفاف وكنت

من الخارج قبل موعد تتوق أيضا لرؤية زوجها الذي عاد

عندما حضرت حفل الزفاف . الزفاف بأسبوعين كاملين

وفعلت مع زوجها مثلهما فعل باقي المدعوون من أحضان

وقبالت المست يدك يدها الباردة رغم الجو الخانق في إحدى

حين رمتك بنظرتها الجارحة التي .. ليالي سبتمبر الحارة

تها أنه بالفعل اخترقت جدار قلبك حتى أدمته تأكدت وق

ومات منذ زمن ليس بقصير عندما قابلتها ... إحساسها مات

بعد مرور شهر كامل على زواجها وهجرة –بفعل فاعلة

صدقت أخيرا .. زوجها إلى البالد البعيدة وتركها وحيدة

وتأكدت أكثر أن إحساسها مات بالحقيقة مات وأعادت على

-:مسامعك جملتها القديمة

.إحساسي ميت

Page 8: 1153

لم تشأ أن ترد عليها بل تركتها مع صديقتها

ولم تعرف إلى أين تذهب ؟ ,وصديقتك الفاعلة

مرة أخرى...... د ريالسنــفي المساء وبعد أن انتهت سندريال من جميع أعمال

المنزل الكثيرة جلست لتستريح قليال فوجدت أن زوجة أبيها

ترقت تنتحي هي وابنتها جانبا وهى تهمس فى أذنيها فاس

-:السمع إليهما حيث كانت زوجة أبيها تقول ألبنتها

أن األمير سوف يقيم حفال كبيرا فى مساء الغد لذا

يجب أن تكوني أجمل فتاة فى الحفل حيث أن األمير سوف

.يختار زوجته فى هذا الحفل

أخذت سندريال تعقد المقارنات بينها وبين أبنة زوجة

تصب فى مصلحة أبنة زوجة أبيها وكانت جميع المقارنات

أما ... التي ترتدى أفخر الثياب ... األنيقة... أبيها الجميلة

هي فلم تر يوما هنيئا منذ وفاة أمها زادت أيامها شقاء

وتعبا تلك المرأة القاسية التي تزوجها أبوها والتي ال

من أعمال المنزل المرهقة رغم سنها الصغير، كذلك اترحمه

ها بشراء احتياجات المنزل المتعددة من السوق إرهاقها ل

كل ذلك جعلها ال تهتم بنفسها أو بمالبسها أو ... البعيدة

Page 9: 1153

طافت مع المقارنات التي كانت ... نظافتها الشخصية

تعقدها سندريال بينها وبين أبنة زوجة أبيها الكثير من

اإلهانات اليومية التي تصب على رأسها مع مطلع كل صباح

الليل و يكسو الدنيا بظالمه المعتاد لنتهي إال عندما يحوال ت

حيث تأوي إلى فراشها الخشن تحدق في سقف الحجرة الذي

تنعى حظها ل رأسها بين الحين واآلخر تظىيتساقط عل

التعس طيلة الليل حتى يفج عليها نور الصباح الذي يعد

.بمثابة األذن ببدء يوما آخر من التعب والشقاء

التي ) الفازة ( حينما كانت تقوم بتنظيف تذكرت

كانت تزين مدخل المنزل ووقعت منها رغما عنها وكسرت

فلم تسلم طوال شهر بأكمله من إهانات مضاعفة سواء من

زوجة أبيها أو من أبنتها أو حتى من أبيها الذي كان يحنو

عليها بين فينة وأخرى أنضم إليهما في كيل االتهامات

واإلهانات التي كانت تتقبلها من أي أحد إال أبيها باإلهمال

تواردت فى ذهنها مشاهد حياتها القاسية منذ وفاة أمها ...

تحسست أماكن الحروق الكثيرة التي تغطى جميع أنحاء ...

جسدها الصغير تلك الحروق التي كانت تقوم بها زوجة

ال ... أبيها وابنتها كلما أخطأت أو رأت زوجة أبيها ذلك

Page 10: 1153

مطلقا أن تنسى مشهد قطعة الحديد المتوهجة التي عتستطي

كانت تتناولها زوجة أبيها في نشوة غريبة وتدفنها فى أي

كانت تحتمل كل ذلك ...مكان يقابلها من جسدها الرقيق

واكثر من أجل أبيها الذي تحبه كثيرا ولكن هاهو أبوها ينضم

ها أو يخفف إليهما فلم تعد تجد أي صدر حنون يعطف علي

. المبرحة آالمهامن

انكسرت روحها حتى أصبحت مثل مالبسها رثة

تماما ولم تعد لديها أى رغبة اآلن في أي شئ سوى في

الموت فهو الوحيد الذي سيخلصها مما هي فيه من عذابات

. أن تنتهي دطويلة ال تري

ها وهى تقول استيقظت على صوت زوجة أبي

-:البنتها

ي اآلن حتـى تسـتطيعي االسـتيقاظ يجب أن تنام

مبكرا لكي تشترى فستانك

أنا أريدك في أبهى ... الجديد والحذاء الجديد أيضا

.صورة

ضحكت سندريال بينها وبين نفسها بعدها تمددت على

سريرها البالي وفردت غطاءها المخرق بفتحات كثيرة تبرد

Page 11: 1153

النوم من يلتحف به أكثر مما يدفئه حاولت أن تنام لكن

استعصى عليها هذه الليلة مثلها مثل ليالي كثيرة مضت لم

سرحت سندريال في حالها وشردت بعيدا ... يغمض لها جفن

-:حتى جاءها صوت غريب من داخلها ينادى عليها بحدة

نإياك أن تفعلي ما تفكـري ... سندريال... سندريال

فأنت هكذا أجمل وأفضل بكثير من زوجـة ... فيه

.بنتهاأبيك وا

كيف؟

بهدوئك وصبرك وطول أناتـك وجمـال روحـك

الوثابة وأشياء أخرى كثيرة ال تمتلكها وال تستطيع

.أن تمتلكها زوجة أبيك وابنتها ألنها من عند اهللا

زوجة أبى أو ابنتها ؟ه الذي املكه وال تمتلكاما هذ

فقط اصـبري وكـوني ... كل شئ جميل تمتلكينه

.ن وسوف تنالين ما تبغيعلى أيمانك باهللا وبنفسك

قطع الصوت فجأة ظهـور السـاحرة بوميضـها

المبهر والصوت العالي الذي أحدثته مـن جـراء

هبوطها على األرض وبعد أن أفاقت سندريال مـن

-:دهشتها قالت لها الساحرة

Page 12: 1153

هل تفكرين في حفل الغد ؟ وهل تريـدين الفـوز

قالت لها سندريال مـن بـين ضـحكتها . باألمير

.هتة وهى تنظر إلى مالبسها الرثةالبا

لغد وأيضا أفكر في الفوز بـاألمير أفكر في حفل ا

!!!!!............

-:قالت الساحرة بحزم

ولم ال فأنت لست أقل من أبنة زوجة أبيـك كمـا

اآلن وأحذرك بشدة فيه نأنني اعلم تماما ما تفكري

. القيام به نمن مغبة ما تنتوي

الساحرة وتحذيرها الشديد تجاهلت سندريال كالم

واعتبرته كأنه لم يكن وتركتها وراحت تفكر فيما ستفعله فى

في صباح اليوم التالي بدأت سندريال عملها اليومي ٠الغد

كالمعتاد في حين ذهبت زوجة أبيها وأبنتها إلى سوق المدينة

لشراء احتياجاتهما لالستعداد لحفل األمير الذي سوف يقام

.فى قصره الفخم الذي يوجد على مشارف البلدة مساء الليلة

بدأت سندريال عملها بجدية ونشاط غير معهودين

فيها وكأن روحا جديدة دبت فى جسدها النحيل أعطته من

من إنجاز جميع أعمال المنزل في وقت قليل االقوة ما أمكنه

Page 13: 1153

جدا وكأن هذا اليوم هو أخر يوم عمل لها فى هذا المنزل

ها أيضا تعد نفسها بالفعل للزفاف على األمير الموحش وكأن

والتخلص من هذا الكابوس الذي يجثم على صدرها طيلة

.السنوات الماضية

مر الوقت سريعا وعادت زوجة أبيها وابنتها من

السوق وفى حجرة نوم األبنة التي كان بابها مواربا أخذت

سندريال تختلس النظرات وتسترق السمع لما يدور فى

الداخل فقد كانت أبنة زوجة أبيها تستعرض ألمها ما اشترته

من مالبس على جسدها الممتلئ وكانت تستشير أمها فى

كان .. أنسب الفساتين التي تظهر حسنها وجمالها أكثر

الغيظ قد تملك سندريال أكثر وأكثر كلما استبدلت أبنة زوجة

حائط بأكمله فى كانت المرآة التي تمأل.. أبيها فستانا بأخر

اختمرت الفكرة ... أبدا بحجرة نوم أبنة زوجة أبيها ال تكذ

فى عقل سندريال الصغير واعتزمت على تنفيذها فى أقرب

لبت سندريال بسرعة نداء زوجة أبيها و ... وقت ممكن

انتهت من تنظيف وتلميع ... أخذت تقوم بعمل ما طلبته منها

تقوم بكى الفستان الجديد الحذاء الجديد وبعد ذلك أخذت

الذي تعمدت سندريال ترك المكواة عليه فترة طويلة

Page 14: 1153

وتذرعت بحجة قيامها بأكثر من عمل فى وقت واحد حتى

.أحترق الفستان ولم يعد مالئما لالرتداء

ثارت زوجة أبيها وكذلك ثارت ابنتها على هذا

رته اإلهمال الجسيم الذي تسبب في احتراق أفضل فستان اشت

ولم تستبعد أبنة زوجة أبيها شبهة التعمد فى إحراق الفستان

من اإلهانات والضرب – كالمعتاد –نالت سندريال ...

ويفيض عنها أيضا ولم يهدئ من روع أبنة االمبرح ما يكفيه

زوجة أبيها سوى أنها وجدت فستانا آخر يصلح لحضور

استكمال باقي لم تهتز سندريال ولم تتراجع عن ... الحفل به

فمع اقتراب موعد .. خطتها التي اعتزمت على تنفيذها كاملة

بداية الحفل واقتراب انتهاء زوجة أبيها وأبنتها من

لحضور الحفل إال انهما فوجئا باختفاء الحذاء ااستعداداتهم

الجديد، ورغم بحثهما المستمر عنه وسؤالهما الملح لسندريال

نها أخر يد لمسته عندما عن مكان وجود الحذاء وخاصة أ

قامت بتنظيفه إال أنهما لم يعثرا عليه وباءت جميع

لم يتبق … محاوالتهما بالفشل الذريع فى العثور على الحذاء

من الوقت الكثير على بداية الحفل ؛ فقررت زوجة أبيها

وابنتها الذهاب سريعا إلى المدينة لشراء حذاء آخر حتى

Page 15: 1153

انتهزت سندريال الفرصة ... ل يستطيعا اللحاق بموعد الحف

بعد أن خال المنزل عليها تماما فأخرجت الحذاء من مخبئه

.الذي دسته فيه وارتدته

رغم أنه لم يكن مقاسها تماما ثم قامت بمعالجة

الفائقة في االفستان من الحرق الذي أحدثته فيه ورغم مهارته

لى مازالت واضحة عقمعالجة الحرق إال إن أثار االحترا

.الفستان لم تبال سندريال

ارتدت سندريال الفستان ثم تعطرت بعطر زوجة

أبيها الذي كان يحضره أبوها من المدينة خصيصا لها، كما

وضعت الكثير من المساحيق التي كانت تراقب أبنة زوجة

أبيها وهى تضعها كلما كانت تستعد للخروج فى مثل هذه

جأتها الساحرة وقالت لها المناسبات وعندما همت بالخروج فا

-:بتحد كبير

. تحملي النتيجة أذن ... نفذت ما فكرت فيه

في محاولة أخيرة من السندريال لكي تستميل الساحرة

إليها قالت لها فى صوت

واهن مصطنع حتى تصعب على الساحرة وتعذرها

-:فيما فعلته

Page 16: 1153

.لقد كانا قساة جدا على

انهما حرماك من الكثير أعلم ذلك تماما وأعلم أيضا

من حقوقك ولكن ما كان يجب عليـك أن تقـابلي

اإلساءة باإلساءة بل بالحسنى والمعروف وان مـا

خطأ كبير وعلى المخطئ أن يتحمل نتيجـة هفعلتي

.خطئه

.لكن هذا من حقي

.ليس حقك

كيف ليس حقي ؟ أليس هذا الفستان من نقود أبى؟

تى أيضا ؟ هل لو كان أليس هذا الحذاء من نقود أب

أمي على قيد الحياة حتى اآلن كنت سـأعاني مـا

اآلن؟ ألم اكن أنا التي سوف تكون مكان هذه هأعاني

االبنة القاسية؟

ولكنك أخذت شيئا ليس من حقك كما انك أخفيـت

الحذاء وقمت بإحراق الفستان وكلها أعمال ما كان

قـة يجب أن تقومي بها وأنت الفتاة الوديعـة الرقي

-:قالت سندريال بحدة .

Page 17: 1153

لقد ذقت طعم الحرمـان سـنوات ... هذه أشيائي

.طويلة

نعم ذقت طعم الحرمان سنوات ولكن هـذا لـيس

٠مبررا لتلك األفعال المشينة التي قمت بها

وماذا كنت تريدني أن أفعل ؟

أن تصبري قليال وكان اهللا سوف يعولك ويعطيـك

كثيـر لكنـك من نعمه التي ال تحصى الكثيـر وال

تعجلت أجر اهللا و أردت أن تحصلين عليه بنفسك

.وهو ما أوقعك فى هذا الخطأ الكبير

سندريال فاغرة فاها تستمع إلى كالم الساحرة فى

غير اقتناع، واصلت الساحرة

-:كالمها غير عابئة برد فعل سندريال

لقد قمت بتحذيرك أكثر من مـرة وكنـت سـوف

وبشـكل ن تريـدي أساعدك في الحصول على مـا

أفضل من ذلك بكثير كمكافأة من اهللا عز وجل على

صبرك وجلدك ولكنك لم تستمعي إلى تحـذيراتي

ولم ترضي بقضاء اهللا وقدره وتصرفت كما شئت

.أنت فتحملي النتيجة

Page 18: 1153

سندريال بعد أن نفد صبرها على الساحرة ولغوها

الكثير الذي ليس من

-:ورائه طائل

أتحمل أي نتيجة مهمـا تكـون نعم س ... سأتحمل

قاسية فلن أقاسي أكثر مما قاسيت وأذهبي اآلن إلى

حيث آتيت واتركيني في حـالي انعـم باللحظـة

.السعيدة التي اقتنصتها من فم األسد كما يقولون

اختفت الساحرة من أمامها فهجم عليها صوتها

وكان يجب عليها أن تالداخلي ينهرها بشدة على ما فعل

ية السماء لها فبالتأكيد كانت سوف تكون هدية تنتظر هد

عليه وكرر الصوت عليها ترائعة وأغلى بكثير مما حصل

بأن نتيجة ذلك لن تكون فى صالحها مطلقا رغم قسوة زوجة

.أبيها وأبنتها ومعهما قسوة أبيها

نحت سندريال كل هذا الهراء على حد زعمها جانبا

ودة زوجة أبيها وابنتها وخرجت مسرعة للحاق بالحفل قبل ع

.من المدينة

كانت سندريال في أبهى صورة ساعدتها في ذلك

. ومالمحها الدقيقة وصفحة وجهها الرائقة ءبشرتها البيضا

Page 19: 1153

عندما وصلت إلى مكان الحفل لفتت نظر جميع المدعوين من

علية القوم بمن فيهم األمير نفسه الذي سارع إليها وحياها

... اها بحفاوة بالغة للمشاركة فى الحفلتحية خاصة جدا ودع

... اندهشت كثيرا لهذه الحفاوة فلم تكن تنتظر أكثر من ذلك

بعد أن تناولت الكثير من الطعام الذي حرمت منه فى بيت

أبيها سارع األمير بتقديم كوب من عصير البرتقال المنعش

لها الذي شربته بأكمله، بعدها بدأت الموسيقى تتصاعد من

ءتسابق جميع المدعوين بال استثنا... جاء القصر كله أر

للرقص معها ولكنها اختارت األمير لكي يشاركها الرقص

الذي تعلمته أيام عزها األولى التي عاشتها في حياة والدتها

ظلت ترقص وترقص مع األمير فى نشوة غريبة وهى ...

تبتسم ابتسامات ذات مغزى النتصارها على كل من حاول

يحرمها من هذه اللحظة التي لن تعوض مرة أخرى فى أن

حياتها الخشنة بداية من زوجة أبيها القاسية التي كان يطل

عليها وجهها القبيح بين حين وآخر مرورا بأبنة زوجة أبيها

التي كانت تعاملها دائما على أنها خادمتها فقط ووجه

ظار الساحرة الماكر التي كانت تحاول أن تضللها بحجة انت

فرح السماء وصوال إلى صوت ضميرها المزعج الذي حاول

Page 20: 1153

أن يغتال فرحتها األخيرة بأنه ما كان يجب عليها أن تقوم بما

-: صوت األمير وهو يقول لها ىتنبهت إل. قامت به

من أنت ؟ أنا أول مرة أطالع فيها وجهك الحسـن

.هذا

-:ابتسمت فى زهو وافتخار وقالت له

ن أنا ؟ أو من أين أتيت ؟ دعنـا نفسك بم لال تشغ

.ننعم بتلك اللحظة الرائعة

أبتسم لها األمير وأخذ فى مواصلة الرقص الممتع

معها وفى غمرة اندماجهما فى الرقص على نغمات الموسيقى

الرائعة وضع األمير يده على جسدها فوقعت على مكان

احتراق الفستان وأخذ يتحسس موضع االحتراق حتى يتبين

شعرت ... الغريب الذي وقعت يده عليهء ذلك الشيوما ه

سندريال بالخوف من افتضاح أمرها وكشف األمير لحقيقتها

فهرولت إلى الخارج مسرعة حتى أنها لم تبالي بفردة الحذاء

. أحد االتي طارت من قدمها وواصلت تجرى حتى ال يلحقه

بعد أيام سمعت طرقات خفيفة على الباب وبعد أن

فردة الحذاء -ت أمامها حراس األمير ومعهم فتحت وجد

-التي تركتها في حديقة القصر عندما هربت من حفل األمير

Page 21: 1153

يبحثون عن صاحبتها حتى يتزوجها األمير فورا لذا طلبوا

منها أن تأتى بكل نساء المنزل حتى يقوموا بارتداء فردة

الحذاء ومن يكون الحذاء مقاسها تماما سوف تكون عروس

المنتظرة فجربت سندريال قياس الحذاء لكنه كان األمير

واسعا عليها ألنه ليس حذاءها وعندما حضرت أبنة زوجة

أبيها قامت بقياس الحذاء جاء مقاسها تماما فرحت كثيرا

ونادت على أمها لكي تخبرها بهذا الخبر السار جدا وذلك

فرح الحراس كثيرا بالعثور على صاحبة الحذاء التي كانوا

يبحثون عنها طيلة األيام الماضية وقالوا أن األمير سوف

.يفرح كثيرا بهذا الخبر السعيد

اغتمت سندريال وحصدت جراء صنيعها فلقد طار

األمير منها وطارت كل أحالمها وأنها سوف تقضى حياتها

انهمرت الدموع من .كلها في هذا الشقاء الذي لن ينتهي بعد

.وتبكى عينيها بغزارة وظلت تبكى

أفاقت سندريال من غفوتها الطويلة أخذت تفرك

عينيها حتى تنفض عنهما ذلك الكابوس الموحش ؛فهي لم

تفعل ذلك ولن تفعل ذلك مطلقا ، وهى قانعة بحياتها ومؤمنة

بقضاء ربها وقدره ، وأكثر إيمانا بأنه وراء كل غمامة

Page 22: 1153

د أن إشراقة شمس وانه مهما طالت هذه الغمامة إال انه الب

. تشرق الشمس يوما ما

-:طالعها وجه الساحرة البشوش حيث قالت لها

استعدى يا سندريال ألني سـوف أسـاعدك علـى

حضور حفل األمير ليلة غد حيث ستكونين أجمل

ما في الحفل ولكن عليك أن تتذكري انه عندما تدق

الساعة الثانية عشر مع منتصف الليل تماما يجـب

حفل والمكان كله وتعودي ألي المنزل أن تتركي ال

ابتسمت سندريال ابتسامة واسعة برغم انه ... فورا

مازال يصل إلى أذنيها حوار زوجة أبيها مع ابنتها

للذهاب في الصباح إلى المدينـة اعن استعداداتهم

لشراء ما تحتاجه أبنة زوجة أبيها من مالبس جديدة

فـل وحذاء جديد أيضا حتى تستطيع حضـور ح

األمير إال إنها سحبت غطاءها وراحت تحلم باليوم

.السعيد الذي سوف تزف فيه إلى األمير

Page 23: 1153

*البشهيـــة تلتصق قدماها بأرضية الطابق الثالث من المدرسة

تستند على السور الحديدي الذي يحول دون سقوط ...

تتأمل وتترك عينيها تسبح في الفضاء الواصل ... التالميذ

ال تشعر بوقع أقدامه رغم اقترابه جدا ... البشهية بينها وبين

. منها

.أنت اجمل كثيرا بدون النظارة

حوائط أسمنتية صنعها الصمت المطبق على المكان

-:أعاد الكالم عليها مرة أخرى... بين فمه وأذنيها

.أنت اجمل كثيرا بدون النظارة

اتسعت شفتاها بابتسامة باهتة وزاغت عينيها بين

بال إرادة تملك عليها ... صورته الماثلة أمامها وبين البشهية

لم تشأ أن ... ضحك ... توجيه أفعالها قامت بنزع نظارتها

تعرف لماذا ؟ لكن عيناها امتألت بالرعب عندما مر من أمام

رجعت ... الباب الخارجي أحد أقاربها وأخذ يحملق فيهما

.عدة خطوات للخلف

– مركز مطاي –منطقة تقع أمام المدرسة اإلعدادية بقرية منشأة منبال : بشهية ال *

تضم مقابر أهالي القرية

Page 24: 1153

التـي " الدبلة"مك هذه لماذا تخافين إال تعص

تزين بنصرك األيمن من مجرد الشك؟

. الشك مالذ وخاصة ألمثالي

ـ:لم يفهم معنى كالمها ولكنها عادت تقول

مثـل هـذه – أشارت إلى البشـهية –الشك مقبرة

أن تحتويني إحداها في يوم ىالمقابر الكثيرة التي أتمن

.قريب جدا

لماذا التشاؤم؟

ولماذا التفاؤل ؟

عرف بعد ذلك من إحدى زميالتها القريبات منها أنها

مرت بتجربة قاسية ولم تملك حيالها سوى أن توافق على

أول من يتقدم لها لتقطع الكثير من األلسنة التي بدأت تلوك

ورحل إلى بالد " الدبلة"فكان خطيبها الذي ألبسها ... سيرتها

رفاتها في وكانت هي بقايا أنثى تحاول أن تلملم... النفط

في صباح اليوم التالي كانت قدماها تلتصق . أقرب مقبرة

تستند على السور ...بأرضية الطابق الثالث من المدرسة

تتأمل ثم تترك عينيها تسبح في الفضاء الواصل ...الحديدي

Page 25: 1153

شعرت بوقع أقدامه بمجرد أن اقترب ...بينها وبين البشهية

. منها

. أنت أجمل بدون النظارة

لم تتسع شفتاها بأي ابتسامه ولم تزغ عينيها بين

وملكت أخيرا أرادتها ... صورته الماثلة أمامها وبين البشهية

لم تمتلئ عينيها بالرعب ... لم يضحك ... فلم تنزع نظارتها

ربيها من أمام الباب الخارجي على الرغم من مرور نفس ق

. للمدرسة وحملقته فيهما

. أنت أجمل بدون النظارة

لكنها لم تشأ أن ترد عليه ... سمعتها للمرة الثانية

......وراحت تتأمل في البشهية بعمق أكثر وأكثر و

من مذكــرات طفـل الساعة تقترب من الثانية عشرة من منتصف الليلة

المكان طرف بعيد جدا ... ر البارد األخيرة من شهر ديسمب

من المدينة المترامية األطراف وصوت أجراس الكنيسة يكاد

يصل إلى أذن طفل يحتل هذا المكان بجسده الضئيل يشاكس

يحاول ... النار التي تبعثر رمادها في وجهه الذابل ) راكية(

النفخ فيها عله يعيد لها الحياة أو تعيد له بعضا الدفء الذي

Page 26: 1153

ينظر بعيدا يتأمل وجه المدينة الشاحب الذي .ده منذ زمنفق

تكسوه سحابة ضبابية تماما وتلقى باقي ظاللها الرمادية على

... باقي جسد المدينة الواهن من بيوت متناثرة على أطرافه

الذي كاد أن يختنق ) الراكية(الضوء الشاحب المشبع بدخان

ى عينيه يحاول يكاد يصل إل) الراكية(من موت النار في

بصعوبة كبيرة أن يبعث داخله ببعض األمل الذي طار منه

جيش ... بشر كثيرون ... في إحدى ليالي ديسمبر األولى

قهقهات وقرقعات ... كبير مدجج بالسالح يشرخ جدار الليل

وأصوات مبهمة ال تجد أذنه أدنى ألفه لها أو يجد عقله مفاتيح

تبادلون لكمه بينهم وسط يركلون أباه وي... لحل رموزها

ساحة المعركة انتقلت من جسد ... بريق غريب يمأل أعينهم

... أبيه الهزيل إلى جسد أمه البض وجسد أخته البكر

ابتسامة رائعة كانت تمرح على شفاه أخته قتلتها نزوة أحدهم

النار تزداد موتا يحاول بطرف فستان زفاف ... في غفلة

أن -بعد ويصطحبه معه في كل مكانالذي لم تلبسه -أخته

لم تفلح ... يعيد بعض الحياة للنار التي ستذهب إلى العدم

أخذ نفسا عميقا من ... ماتت النار أخيرا ... محاوالته

ضرب بكفه ... الهواء المدنس بزفير المدججين بالسالح

Page 27: 1153

الصغير قلب النار عله ينبض مرة أخرى بعد موات مؤقت

ة مرة أخرى بعض أن طبعت إحدى لكنه أعادها بسرع

الجمرات قبل موتها النهائي قبلة ساخنة على أطراف أصابعه

من بعيد وفي ضوء أخر عمود إنارة يرقد على ... الرقيقة

فوهة القرية الح له شبحا ضخما فقفزت على شفتيه ابتسامة

السريعة النابضة بالخوف هواسعة أراحت القلب من ركضات

كل يوم كان ... ح يقترب منه أكثر وأكثر الشب... والوجع

أخوه يأتي له بالحلوى التي يعشقها ال يعرف لماذا لم يعد

يشترى له الحلوى منذ أن زارهم هؤالء المدججين

كان يذهب معه إلى المدرسة حيث كان يكبره !! .. بالسالح؟

بعدة أعوام وعند العودة يشتري له كل ما يريد ويتمني

– ونادرا ما كانت تحدث –مشكلة عندما كانت تحدث .

بينهما كانوا يقولون له في كل مرة أنه األكبر ويجب عليه

لم يعد يذهب ... طاعته واحترامه مثلما يطيع ويحترم أبيه

للمدرسة كما أنه لم يعد يرى أخيه الذي اصطحبوه معهم

هؤالء المدججين بالسالح عندما اعترض عليهم بشدة على ما

لمحة من حياة ولت برقت في ذهنه مع ... افعلوه بهم جميع

لم يمل من نفخ النار علها ... بعض ذكريات تمني أن تعود

Page 28: 1153

تنبض بالحياة مرة أخرى لكنها ال تستجيب لمحاوالته

المتكررة لكن مع أخر محاولة مجهدة إلعادة النار إلى ما

... كانت عليه شعر بتيار بارد من الهواء يصطدم بوجهه

رفع رأسه وجده ... النار لهذا التيار المنعشتعجب الستجابة

أمامه بزيه األحمر المعتاد وغطاء رأسه الجميل الطويل

لحيته البيضاء وشاربه الكث األبيض يعكسان ضوءا مبهجا .

هداياه " بقجة"يلقى خلف ظهره ... على وجهه المبتسم

ابتسم له فكشف من بين شعر الشارب واللحية ... الرائعة

مد الشيخ يده إلى وجهه ... ن من األسنان الالمعة عن صفي

ليسمح دموعه التي طفرت رغما عنه قال له بصوت حنون

-:لم يعد يسمع مثله

.. أعلم أنك تنتظر أخاك الكبير بعد ضياع الجميـع

أصبر فإن أخاك رهن قضية ال ذنب له فيها ولكنهـا

انـتقض .قضيته وقضيتك أنت أيضا أيها البـريء

أة وعاد يقول وهو يلوح بيده تجـاه األرض الشيخ فج

-:البراح أمامه

وقضية كل إنسان في هذه األرض المنكسرة الـذي

.... فض غشاء بكارتها قهرا

Page 29: 1153

-:نظر إليه الطفل بفرح وهتف قائال

كثيرا ما تمنيت أن أراك ... أخيرا جئت لي ... أنت

وز فكثيرا ما شوقتني إليك جدتي العج ... وأن أقابلك

وهي تحكي لي حكاياتها الجميلة عنك وعن عطاياك

.... و....اإللهية وعن الناس واألرض واألعداء و

وأين جدتك اآلن ؟

حقيقي ال تعلم أنت أين جـدتي اآلن ؟ وأن كنـت ال

!!تعلم فكيف علمت بغياب أخي وضياع الجميع؟

يا أبني أنا سجل حي ينبض بالوجود لكل طفل فـي

وأرسـم ... أمسح الدمعـة ... رةهذه األرض المنكس

البسمة التائهة في ثنايا نجمة داود التي تكـاد تخنـق

. بسداسيتها المقيتة الجميع في هذه األرض المقدسة

ابتسم الطفل وأخذت الكلمات تندفع من بين شفتيه

-:الجافتين

رغم أنها ... لقد ذهبت جدتي إلى المالئكة واألبرار

. أنا أيضاذهبت دون أرادتها وإرادتي

-:ضحك الشيخ وأرسل إلى الطفل حروفه الناعمة

Page 30: 1153

طالما أنها عند المالئكة واألبرار فال تخف عليها إذن

.والتحزن أيضا

بعدها سحب الشيخ دفترا أبيض وقلما أبيض وقال

-:للطفل

قل لي ما تريد أن تحكيه للتاريخ وأنا أسجله .. اآلن

ل أقابله في مثل هذه فأنا أفعل ذلك مع كل طف ... لك

.المناسبة من كل عام

لم يتردد الطفل لحظة فانفتحت فوهة فمه وانطلقت

الكلمات بال قيود حكى له عن بقع الدم الحمراء التي رآها

تلطخ فستان زفاف أخته وعندما وجد جحوظ عينيه من فرط

الدهشة سحب الفستان من مكمنه أسفل مقعدته وأراه البقع

كذلك . يرت مع فعل الزمن وجه الفستان الباسمالكثيرة التي غ

حكى له عن أخيه وأحالمه العريضة التي رحلت عن مخدعه

برحيله مع هؤالء المدججين، وعن جدته الغالية التي كانت

تجلس معه على عتبة الدار الخارجية تحكي له عن جده

المغتصب قبل أن / الغاشم/ وشجاعته في مواجهة الباطل

عنوة ،وعن أمه التي أصابها العمى بمجرد يخطفها الموت

في جوفها الطاهر وما لبثت ةأن ألقى أحدهم بحيواناته المدنس

Page 31: 1153

أن لحقت بجدته، وعن أبيه الذي لم يجد أحدهم شيئا يشبع فيه

رغبته الشاذة سواه فأستسلم له بوداعه غريبة ،وبعد أن رحلوا

اح علق نفسه على أحد أفرع الشجرة التي زرعها ذات صب

لتظلل عليهم وتحميهم من المختبئ لهم في نية الزمن الغادرة

ابتسم ثم حكى له عنه وعن زمالئه األطفال الذين كانوا ...

يرشقون بالحجارة وجه الحقيقة المزيف حتى يدمى، وحكى

التي رحلت مع أهلها هربا من " راندا"له أيضا عن زميلته

تزينت بها أيدي األرض الشراقى واألغالل الحديدية التي

توقف الطفل ونظر إلى الشيخ الذي ... الجميع دون استثناء

ابتلت لحيته البيضاء بالدموع حتى فاضت عنها وأخذت

بعد أن ... تتساقط بغزارة على صفحات دفتره األبيض

انتهى الشيخ من تسجيل كل شئ طوى دفتره المبلل ثم دفع

-:إلى الطفل بكره حديدية وقال له

هديتي لك هذا العام فاحتفظ بها علها تنفعك هذه هي

بعدها هب الشيخ واقفا وعندما أدار ظهـره ... يوما

للطفل انطفأت النار تماما وهمدت حتى من دخانهـا

في هذا الوقت تماما خرج المصلون مـن الكنيسـة .

صوت أذان الفجر القادم مـن مئذنـة أحـد ميدشنه

Page 32: 1153

صـوب الطفـل اتجهوا جميعا ... المساجد القريبة

مباشرة وأحاطوا به فيما يشبه الدائرة واحتفلوا معـه

بميالد فجر العام الجديد بينما هو راح يلقي بـالكرة

الحديدية في الهواء إلى أعلى ثم يتلقفها بيديه التي لم

. تعد رقيقة بعد

ليــل أبــديليل طويل بارد،وعذاب طويل به تجلد ذاتها

يأتي أبدا رغم محاوالتها ووجودها، ونهار ال يريد أن

.المستمرة لنزعه من ليلها األبدي

. اإلنسان يعيش مرة واحدة وليس مرتين

هكذا قال لها في إحدى المرات القليلة التي جمعتهما

معا في مدرسة قريتها التي عملت فيها لمدة عام دراسي واحد

ا كلماته كانت دائما ترن في إذنيها وتتجسد في حياته... فقط

... في أفعال كثيرة كانت تقوم بها وهي غير راضية عنها

ودون -كان متزوجا ولديه أوالده الذين يعلن دائما بمناسبة

أنه يحبهم، وهي كانت في بداية أيام خطوبتها ألول –مناسبة

منقذ طرق بابها بعد أن علمت تماما أن فارسها المغوار قد

تقوم له قائمة بعد سقط من فوق جواده األبيض وكسر ولن

Page 33: 1153

ذلك، كما أنه الذ بالفرار إلى القاهرة لتحسين أحواله المعيشية

دفعها ثرائها إلى أن تطمع في شئ واحد فقط منه هو أن ...

لكنه لم يفعل رغم ... يتقدم لها رسميا ويترك الباقي عليها

هذا الموضوع كرامته أو سحرصها المستمر على أال يم

حين ... قدره قد ينتقص قيد أنمله يشعر لمجرد شعور أن

برقت صورة منزله الطيني الراسي على حافة الترعة التي

تشطر البلدة إلى نصفين كان قراره بالفرار فلم تنفعه علوم

الهندسة التي تلقاها أو تشفع له أو حتى تعطيه الفرصة لكي

يطبق ما درسه فى كلية الهندسة على منزلهم النقود في حالة

-م منه فكلما رأته أو رآها تتداول في أيدي البشرفرار دائ

تهرب وكأنها تآمرت مع الزمن عليه –الذين ليس منهم

ضغطت التجربة على قلبها بشدة حتى .وعلى أسرته

اعتصرته فلم تجد بدا من الموافقة على ذلك الذي أنقذها من

... نظرات قاتلة كانت تحاصرها فى عيون كل من حولها

ثيات موافقتها على المنقذ أن الناس في القرية أعلنت في حي

يقولون عنه أنه طيب القلب لم تكن تريد من الدنيا أكثر من

كما أنه حاصل على " محب"قلب طيب بعد أن خانها قلب

بكالوريوس صيدلة ويعمل بالكويت بأجر عال جعل في

Page 34: 1153

استطاعته أن يقدم لها كيلو من الذهب الخالص عندما قام

لم يستطع هذا الكيلو أن يحرك مشاعرها نحوه بخطبتها لكن

فقد احترقت وخمدت ومات معها إحساسها الذي دفنته ءبشي

في مقبرة ذاتها منذ أن هرب فارسها من جحيم

قبل أن تمر بها األيام مسرعة ... وجودها أمامه كل حين

-:عادت كلماته ترن في أذنيها مرة أخرى

. مرتينيعيش مرة واحدة وليس... اإلنسان

تستعيدها بينها وبين نفسها في همس غير مسموع

وهي تقف في شرفة الطابق الثالث من المدرسة تتأمل المقابر

القريبة التي دفن فيها معظم أفراد عائلتها أخرهم خالها الذي

قفزت مباشرة من الطابق الثالث حتى ... كانت تحبه كثيرا

دخلت بال تفكير ...استقرت على فوهة أحد األقبية الخالية

مدت ذراعيها فوجدته ...تمددت داخل القبو وأغلقت جفنيها

ممددا بجوارها اقتربت منه بشفتيها تريد أن ترتشف من

استيقظت على نقرات أصابعه الحانية وهي ...رحيقه الكثير

توخز كتفها األيمن ابتسمت ووضعت يدها فوق فمه وقالت

-:له

. يناإلنسان يعيش مرة واحدة وليس مرت

Page 35: 1153

اقتربت منهما زميلة لهما في المدرسة كانت تعلم

األوالد طاعة اهللا وأصول الدين قالت وهي تبدل نظرها

-:بينهما في حسرة

إن اإلنسان يعيش مرة واحدة ولـيس ... هذا صحيح

مرتين ، والحياة رحلة قصيرة جدا مهما طالت لـذا

.يجب علينا إال نضيعها في معصية الخالق

بتسامة الخفيفة تمرح على شفتيها مرة عادت اال

أخرى وقالت له بعد أن ودعتهما زميلتهما وتمنت لهما

-:سالمتهما الروحية

مـاذا تفيـد أذن ... حياة بال أمل وإحساس ميـت

السالمة الروحية ؟

-:انصرف عنها متأمال المقابر فعادت تقول له

حبيب أحببته بكل جوارحي ، وأعطيته كل شـئ إال

ه عجز عن االرتباط بي ، وخطيب ال أحبه يطوق أن

وأخيـرا ... عنقي ومعصمي وكفى بقيود ال أطيقهـا

. هاها... المتزوج ... أنت

!!!أنـا

.نعم أنت

Page 36: 1153

!!وماذا عني ؟

يبدو أن إحساسي ما زالت فيه بقية من حياة يريد أن

يتشبث بها علها تعينه على مرار األيام القليلة الباقية

. في عمري

. السالمة الروحية أوال

حياة بال أمل وإحساس به بقية من حياة كنت أظنهـا

قد انتهت ماذا تفيد إذن السالمة الروحية؟

أدرك في التو أن اليأس تمكن منها تماما وأنها بالفعل

تحمل داخلها ذلك الجثمان الثقيل إلحساسها وحتى وأن كان

عادت إليه الحياة ينبض ببعض الحياة فهي لن تقبل به إال إذا

لم . مرت األيام بطيئة وحبه لها يكبر ويكبر داخله ... كاملة

تقف زوجته وأوالده حائال أمام هذا الطوفان من المشاعر

ففي إحدى المرات القليلة التي جمعتهما معا داخل جدران

رآها ألول مرة تضحك بجد ومن ... المدرسة اعترف لها

ي أخذ يتضخم ويتضخم حتى قلبها أيضا ورأى جسدها الذ

صارت عمالقة وعندما أرادت أن تحتويه بذراعيها ذكرها

انتفضت وارتعشت ... مشرف اليوم بموعد حصتها القادمة

أوصالها وذهبت لتلقى علمها على الطالب بعد أن أدركت

Page 37: 1153

تماما أن ثمة حياة جديدة أخذت تدب في داخلها،وأنه ألول

ود الحياة مرة أخرى لميت قد مرة تقتنع أنه من الممكن أن تع

نبضت الحياة في . مات منذ زمن ،أو قد أشرف على الموت

. جثمان إحساسها وارتعش لسماعه كلمات زميلها

عاشت أياما قليلة في حلمها الجديد تهدهد إحساسها

إال أن الموت - الذي ظنته رقادا أبديا-الذي قام من رقاده

اقتراب موعد زفافها إلى الحقيقي هاجمه مرة أخرى مع

فتم االغتيال على يد رجل ... خطيبها الذي لم تحببه قط ولن

لم يمر وقت ... الدين وبمباركة المدعوين بابتسامات مزيفة

طويل على واقعة االغتيال األخيرة حتى عاد زوجها مرة

لم يحتمل بعدها عنه فأرسل في ... أخرى للعمل في الكويت

جواز ... ا من اإلذعان فأذعنت مقهورة لم تجد بد... طلبها

... سفرها يحمل بين صفحاته شهادة غيابها للمرة األخيرة

عندما وطئت قدمها ألول مرة أرض المطار تجاهلت وجود

زوجها واتجهت مباشرة إلى مكتب صحة المدينة لتستخرج

شهادة وفاة جديدة إلحساسها ، بينما هو زميلها المتزوج

ن بالده يشاهد برنامجا وثائقيا عن دولة يجلس أمام تلفزيو

الكويت أعد خصيصا لالحتفال بذكرى تحرير األرض من

Page 38: 1153

حين شاهد البرجين الشهيرين السامقين في ... أيدي الغاشم

سماء العاصمة الكويتية اقترب من شاشة التلفزيون حتى

تطابقت شفتيه عليها تماما ثم طبع قبله حارة تسربت عبر

استقرت فوق قمة أحد البرجين فشكلت نتوءا بدا الشاشة حتى

واضحا للجميع، بعدها أخذ يداعب زوجته وطفلته في حنان

في الصباح وهي تقف في شرفة منزلها المطلة ... غريب

على الميدان الذي يحتل قلبه البرجين الشهيرين استرعي

انتباهها ذلك النتوء الغريب الذي يرقد أعلى قمة أحد البرجين

حاولت أن تدقق نظرها فيه جيدا حتى تعرف ما هو .. .

لم يعطها الفرصة حيث اهتز النتوء -أى النتوء-لكنه

اهتزازات عنيفة هزت معها جسد البرج كله وطار في الهواء

صوبها مباشرة حتى وصل إليها واستقر فوق شفتيها تماما

محدثا صوتا يشبه صوت احتكاك شفاه ذكر بشفاه أنثى في

ة غرام نادرة،إحساس غريب غمرها بحضن دافئ ذوب لحظ

.جبال الجليد الجاثمة فوق صدرها الصامد

وقتها عادت كلمات زميلها في المدرسة ترن في

-:أذنيها مرة أخرى

. اإلنسان يعيش مرة واحدة فقط وليس مرتين

Page 39: 1153

-:اتسعت شفتاها بابتسامة فياضة وقالت

فقط بل يـا حبيبـي ال يعيش مرة واحدة أو مرتين

الغائب من الممكن أن يعيش اإلنسان المحب مـرات

............... ومرات ومرات

قالتها وبعدها أسبلت عينيها وراحت تطير في

سموات لم تطأها قدم بشر من قبل وأخذت ترفرف بذراعيها

تشق موج السحاب األبيض في السماء حتى وصلت إلى

.حيث يوجد البرجين

للناس في الكويت كلها إال عن ذلك لم يكن حديث

النتوء الذي ظهر واختفى فجأة وعن ذلك الجسد الذي يشبه

األنثى الذي أخذ يطير ويطير حول البرجين حتى استقر

. مكان النتوء المختفي فوق قمة أحد البرجين الشهيرين

البنــات .للبنات طعم المر

اد هكذا قالت له بعد أن اقترب منها أكثر وأكثر وأر

.أن يتذوق طعمها الشهي

-:قاطعها بشدة

.ليس كل البنات

Page 40: 1153

.على األقل أنا

سبح في زرقة عينيها حتى وصل إلى شاطئ النن ،

تمدد تحت أشجار رمشها الظليلة بعدها سحب روحه

وافترشها أسفل قدميه ، حدد القبلة عن طريق موقع الشمس

ا نهرته في فضاء وجودها ، حاول أن يقترب منها أكثر لكنه

بشدة وحاولت طرده من حدقة عينيها التي كادت أن تنغلق

.عليه وتدهسه

ألست من البنات ؟

قفزت فوق بساط الريح الذي لفظه منذ قليل ومر

أمامها لتوه وأمرته أن يتجه بها نحو الشمس حتى تبني

لنفسها عشا من الجحيم تعيش فيه بقية حياتها المبعثرة في

اعها البساط دون نقاش واتجه بها نحو أط... قلوب كثيرين

. رغبتها األخيرة

.لم أجرب طعم الحب الحقيقي ولهذا فإن طعمي مر

!!الحب يذل البنت

هكذا قالت له بعد أن حاول استمالتها بأخر قصيدة

كان قد كتبها في زرقة عينيها الرائعة ونقاء صفحة خدها

. الرائقة

Page 41: 1153

.ليس كل البنات

. على األقل أنت

هرولت داخل غابة عينيه الكثيفة حتى فاجأها الوحش

الكامن فيهما فلم تستطع أن تكمل هرولتها ولم تعرف لقدمها

.طريقا للعودة فتوقفت ولم تحرك ساكنا

ألست من البنات ؟

إن البنات يولدن بإرث ثقيل . أنت مثل كل البنات

ى سن يزداد هذا اإلرث ثقال يوما بعد يوم حتى تصل البنت إل

تصاب الشباب وتتفتح عينيها على اآلخرين بال قيود داخلية ف

. نصفين بالشرخ الذي يشطرها إلى

مرت عليك تجربتين حب هي محصلة حياتك

.العاطفية

الشمس انهارت خلف األفق فأنهار معها عش الجحيم

الذي حاولت بناؤه داخل الشمس منذ قليل وتناثرت أشالؤهما

. أمامهما بال نهايةفوق مياه البحر الممتد

.لم أجرب طعم الحب الحقيقي ولهذا فإن طعمي مر

اسم لن تنسيه طيلة عمرك فعلى الرغم من أنه " رائد"

يمت لك بقرابة وثيقة الصلة ويصغرك بعام إال أنك أحببتيه

Page 42: 1153

كثيرا منذ أن توضأت عيناك بنور وجهه الصبوح ، ومألت

أبيك وعمك أذنيك كلمات أمك عن االتفاق الذي جرى بين

نبتت " رائد لـ مريم ومريم لـ رائد"بخصوص زفافكما

مشاعرك الخضراء في أرض قلبك البكر وكلما كبر معك

.الحلم والمشاعر واقتربت الحقيقة

. رائد تركك وحيدة ألنه أحب زميلته في كلية الطب

يمتلك من حطام الدنيا شيئا " محب"لم يكن المهندس

مبنيا بالطوب اللبن ويقع على ... سوى منزال ريفيا بسيطا

شاطئ الترعة التي تشق البلد من ناحية الغرب، وكان يمتلك

مشاعر متوهجة لك وحفنة نقود ال تفي بالغرض ) حبة(أيضا

وال ترضي أبيك ،أما قلبك فقد ركع ساجدا في محرابه وأخذ

يتعبد في هيكله عله يتحرك يوما ويجني لك السعادة من

. راء الذين لم ينس يوما أنه واحدا منهمحقول الفق

!!كيف عرفت كل هذا ؟

البنت كتاب مفتوح لمن يريد أن يقرأ سطوره عليه

فقط االقتراب منها و يغترف من بحر أنوثتها حتى يشبع

. حلمها الخالي من أي اهتمام ذكرى

أقول لك الكثير أم يكفي هذا ؟

Page 43: 1153

نيها كلما رأت في يده خاتم الزواج ورنت في أذ

) بابا–بابا (كلمات ابنته عندما نادت عليه ذات مرة أمامها

تحسست ذلك النتوء البارز الذي نبت في خدها األيمن عندما

قبلت زوجته في إحدى المناسبات التي جمعتهما صدفة ،بعدها

. تهرول إلى الجبانات القريبة جدا من منزلهم وتبكي

. لم يعد لحم البنات مرا بل أكثر مرارا

أسدل الليل ستائره وعم الظالم الكون ولم يكن هناك

في العالم كله أي بقعة مضيئة سوى تلك البقعة التي تضمهما

يضيئها ذلك البريق الالمع الذي يشع من ... معا

.ظال معا حتى الح ضوء فجر يوم جديد...عينيهما

أغنية للصباح اآلتيدهد جلست على شاطئ وجدانها تغسل أحالمها وته

قلبها المنهك بأغنية قديمة كانت قد حفظتها فى سنوات

. . تراءت أمامها صورته بكامل هيئته ..بكارتها األولى

واصلت التغني عله يسمعها فلقد كان يقول لها دائما هذه

األغنية ال تعجبني إال بصوتك كانت تضحك ملء قلبها

: أخر مرة قال لها ..وتتعزز عليه في مواصلة التغني

.تغنى في وجودي وفى غيابي تغنى

Page 44: 1153

بكت وقتها ؟ وال تعرف أيضا لماذاال تعرف لماذا

وافقت على غيره عندما طرق بابها ؟

لقلب النادم على دقائق كانت تمألأسئلة تجهد ا

.مساحات الفراغ الشاسعة فى وجدانها الشفاف

ضحكت بمرارة ولكن الضحكة لم تغير كثيرا من

مها على المرآة تناولت بعض األلوان الصورة المنعكسة أما

المبعثرة على اللوح الزجاجي الذي يقبع أسفل المرآة وأخذت

-:همست فى حنق.. ترسم بها على وجهها

!! ما جدوى هذا اآلن ؟

تركت األلوان والمساحيق وضغطت على زر

التسجيل بعد أن وضعت شريطا تريد أن تماله بكالمها أو

أخذت تتغنى وتتغنى وهى ..صوتها فقط بأغنيتها التي يحبها ب

تدق بيدها على سطح أحد الكراسي الخشبية القريبة منها

عال صوتها حتى وصل الى حد الصراخ ؟ .. اندمجت

تنبهت وأدركت أن صوتها دونه ال شئ كما أنها دونه ال شئ

تناولت ألوان الرصاص المبعثرة فى كل مكان بعد أن سحبت

الكتاب الذي انتهت من قراءته إحدى األوراق من أسفل

Page 45: 1153

هذا الصباح وأخذت تعبث باأللوان على الورق وترسم ما

-:تذكرته حين قال لها.. تشاء وما تريد

.سوف تصبحين فنانة عظيمة

ألقت األلوان بعيدا ومزقت الورقة ، فقد خاب ظنه

دارت في حجرتها دورة كاملة ..فيها كما خاب ظنها فيه

مسحت بعينيها كل شئ .. ا خلف ظهرهاوهى تعقد ساعديه

سبحت .. فى الحجرة حتى وقعت على دفتر مذكراتها معه

في أوراقه حتى وصلت إلى شاطئ وجدانها غسلت أحالمها

الحزينة ،وأخذت تهدهد قلبها المنهك بأغنية جديدة للصباح

. األتي

ذات الرداء األبيضى يدلف إل.. الليل بدأ يرخي سدوله على المسكونة

منهك ومتعب جدا بعد يوم عمل شاق يبدأ من ..داخل المنزل

ال يشتكي وال .. يعمل ويعمل من أجلها..السادسة صباحا

يطاوعه لسانه للنطق بأية شكوى ألن هذا هو طريقه الذي

ما أن .. أختاره وهو الذي تحدي من أجلها الكثير و الكثير

يكة بثيابها يدخل المنزل إال ويجدها أمامه ملقاة على األر

المعتادة البيضاء والكاب ذات اللون األبيض أيضا والذي

Page 46: 1153

دار حولها دورة كاملة كمن يريد أن ..اعتاد أن يراها به دائما

يقول لها شيئا بادلته النظرات أخذت تطيل النظر إليه كأنها

-:تريد أن تقول له شيئا

!!ما كل هذا االستغراب واالندهاش؟.. ماذا حدث

ن الغيبوبة الفكرية التي أخذته فيها دوامتها؛ لم يفق م

طريقا واحدا ففهو يفكر فى كيفية التخلص منها وال يعر

للخالص؛ فأخذ يلعن اليوم الذي عرفها فيه عندما قدمها له

أحد زمالئه وهم فى الثانوية العامة،ويلعن تلك العالقة التي

هو يعشقها نشأت بينهما إنها عالقة غريبة جدا بينه وبينها؛ ف

عشق خاص وخاصة فى المساء مع كوب الشاي الثقيل بعد

جلس بعيدا عنها؛ فكانت بالنسبة له كل ..تناوله طعام العشاء

شئ فى حياته هي المستقبل وهى اإلحساس بالرجولة

طال الصمت وطال لم يفق إال على نبراتها .. واالستقالل

-:وهى تقول

؟ تعـالى ..ن ماذا يدور بخلدك؟ ما كل هذا السـرحا

اجلس بجواري أو تلقفني بيدك الحانية وامنحني قبلة

.الخلود

Page 47: 1153

-:رد عليها مفزوعا قائال

أنقبلة الخلود أتسمين هذه القبلة قبلة الخلود ؟ قولي

. شئت قبلة السموم قبلة الموت

أن الشمعة تحترق لكي تضـئ لآلخـرين فأال تعر

. هكذا أنا

ى أذنه مدة ضحك ضحكة مجلجلة رن صداها ف

-:تنظر إليه باستغراب وتعجب.. طويلة

لماذا تسخر مني هكذا ما الذي جعلك تكرهني بهـذا

الشكل ؟

-:عادت تقول

هل نسيت الماضي وذكرياته ؟وكلما وجـدتني مـع

زميل لك تغير على وتتلقفني بحنان يديك الذي اشعر

؟ بيننا هل نسيت كل هذا ؟ هل نسيتبه منذ أول لقاء

-:بتحدي وإصرار على المواجهة قال لها

وأنا اكثر نـدما .. نسيت كل شئ .. نعم نعم نسيت

على اليوم الذي عرفتك فيه صديقه بل شر صـديقة

.وشر عدوة لي

Page 48: 1153

هل وصلت بك الجرأة إلى هذا الحد؟ وطالما أنـك

هكذا أحب أن أعرفك نقطة صغيرة إنك لن تسـتطيع

ريقـي أن تتغلب على سحري ولن تستطيع أن تمنع ب

. من أن يومض فى أفق حياتك

هل هذا غرور أم ثقة زائدة منك ؟

أطلق األسماء كما يحلو لك ولكنى واثقة مـن كـل

.هذا

-: ضحك بسخرية وقال لها

سوف أستطيع طالما املك القوة واإلرادة والعزيمـة

وكل هذه األشياء تكفى للقضاء عليك وعلى بريقـك

.الزائف

-:تتكتمها وقالت لهضحكت ضحكة حاولت أن

.. مهندسـين .. يا ابني لن تستطيع هناك كثيـرين

حـاولوا أن . أساتذة فى الجامعـة .. أدباء .. أطباء

يفعلوا ما أنت عازم على فعله ولكنهم جميعا فشـلوا

.دون استثناء وعادوا متلهفين إلى مرة أخري

بدأت عالمات الغضب تظهر على وجه من حماقتها

-:هذه وقال لها

Page 49: 1153

سوف ترين وأتحداك بـأنني سـوف .. سوف ترين

. ابتعد عنك

سوف تخسر التحدي، وأنا فى النهاية التـي سـوف

تكسب؛ فعد لي اآلن وأنت محتفظ بكرامتك بدال مـن

.عودتك ذليال راكعا ، وفى كل الحاالت سوف تعود

وسـوف أطفـئ ..سوف اقهر بطولتك الزائفة تلك

بالموت فى سماء لمعانك الزائف الذي يومض ويشي

. حياتي

-:قالت بثقة شديدة

. العشرين ربيعانأرني إذ ماذا ستفعل بي أنت يا أب

-: قال لها وقد استشاط غصبا

ما كل هذا الغرور الذي تغرقين نفسك فيه أفيقي من

غرورك هذا وان كان يوجد بعض البسطاء وبعـض

الذين يشعرون بالنقص الذين يعيشون على رصـيف

حياة قد مجدوك هكذا وجعلوك مغرورة بهذا الشكل ال

فأنا قادر على أن أجعلك تعودين إلى وضعك ومكانك

. الطبيعي وهو النسيان والفناء

Page 50: 1153

نظرت إليه نظرات أشعلت الغيظ فى صدره وجعلته

-:يزداد نقما عليه فعاد يقول لها

ال لن أعود إليك أيتها الملعونة إن الوقوع فى براثنك

إلى هوتك السحيقة لهو من افظع الكوارث ال والعودة

لن أعود إليك مرة أخرى أيتها الملعونة ولن انفـث

أخذها من فوق األريكـة .. دخانك السام مرة أخرى

بعصبية ألقاها على األرض ثم داس فوقهـا بحذائـه

بعدها شعر .. وهو بنفس العصبية حتى حطمها تماما

ـ م تمـدد براحة عجيبة تجتاح جميع أنحاء جسـده ث

.باسترخاء

أحالم مؤجلةخيط من الدماء يصل ما بين قدميها إلى حافة السرير

في كل مرة تستيقظ إثر صرخة مكتومة تطلقها دون إرادتها

تهرول إليها أمها ومعها كوب الماء ، بعد أن تشربه ..

تبدأ في خلع رداء الدهشة لوتبسمل أمها على رأسها وتحوق

لها أو . تجد الدماء أو ما كان يحدثالمغلف بلباب النوم فال

. الوجوه التي الفتها فى كل مرة

Page 51: 1153

المرأة العجوز وفى يديها آلة حادة تقطر من دمائها (

الشيخ الطاعن الذي ذهبت إليه يوما تسأله في مسالة دينية –

تتعلق بالعفة والطهارة ،أمها التي تفجر وجهها بالبهجة

لمرأة العجوز مهمتها بسالم والسرور بعد أن أنهت اكوالضح

– وجه أبيها الذي اكتسى براحة غريبة لما تقوم به زوجته –

وجه زوجها الغضوب دائما و الذي حاول إقناعها بأن ما

يفعالنه على فراش الزوجية حالل وبعد أن اقتنعت لم تعطه

أي رجل من امرأة يمتلكها لذا تركها تعود إلى منزل هما يريد

والتي تتمنى أال يحدث لها ما ءها البري وجه أخت–أبيها

الطبيب الذي ترددت عليه كثيرا لكي يحاول أن –حدث معها

أبقراط ( يعالجها بالكالم والمهدئات ولكنة كاد أن يكسر قسم

عالجه بعد أن ) روشتة (معها لوال أنها ألقت في وجهه )

تركت أصابعها الساخنة على خده عالمات صعب عليه أن

التي ما أن تراها إال وتقوم " مريم" وجه الشيخة –ا ينساه

بوضع البخور فى النار التي أمامها وتأخذ فى قراءة التعاويذ

الحادتين تشعر " مريم"كلما نظرت إلى عيني الشيخة . الغريبة

٠)بأن روحها تكاد أن تهرب من جسدها

Page 52: 1153

معها بمجرد ثكلما حكت ألمها كل هذا وكل ما يحد

-:خ بهواء بارد فى وجهها وتقول لها تجدها تنفانغالق جفنيها

. عين وأصابتك يا ابنتي

ولماذا تكره !! ال تعرف لماذا ال تقتنع بكالم أمها ؟

رائحة البخور الذي تمأل به أمها حجرة نومها كل ليلة قبل أن

؟ مهاأ..تنام

.. كادت أن تصل الليل بالنهار .. سئمت الحياة

فى نومها بنات كثيرات يلبسن أصبحت ترى في يقظتها و

الرداء األبيض وشعرهن أسود فاحم يصل الرأس بالقدمين

ويرفعن رايات بيض وتحتل إحدى زواياها صورة اآللة

وهى تقطر من – التي استخدمتها المرأة العجوز –الحادة

وتحتل الزاوية األخرى صورة أختها البريئة وهى –دمها

–ويتين يحتل الحرفانما بين الزا... تصرخ دون رحمة

صورة البنات تلح عليها . المسافة الباقية –األلف واأللم

باستمرار وتستحثها على فعل شئ ما تريد أن تفعل ولكنها ال

تملك شئ سوى األحالم البيضاء اليقظة تعيش فيها وتتمنى أن

.. تتحقق يوما رغم تأكدها بأنها جميعا أحالم مع إيقاف التنفيذ

Page 53: 1153

وزهدت اليقظة ولكن للجسد حاجته من الراحة زهدت النوم

.وعند أول غفوة يهاجم مرقدها حلمها القديم

لوحات من دفتر الطبيعةفتي وفتاه وبينهما مساحة ليست بقليلة من األرض

المكسوة باألخضر النابت والورد والريحان والياسمين الذي

يحاول نشر عبيره في تلك المساحة التي اقتطعاها من جسد

. طفولية حائرة في براءة ما .. الطبيعة وابتسامة على الشفاه

ال تعرف لها شيئا محددا ترسو عليه ، يسمح برؤية تلك .

االبتسامة انخفاض أعواد األخضر والورد والريحان

والياسمين وفى األعلى في تلك المنطقة التي تميل نحو

ى شمس ترسل ابتسامة هادئة كتلك المرسومة عل. .الشرق

الشفاه بطفولية حائرة فى براءة ما تريد أن توحي باللون

. المطلوب منها لحظة اإلحساس بالجسد .تأمل ثم سرح قليال. . . ركن فرشاته

شاب وشابة وبينهما مساحة ليست بقليلة من األرض

المكسوة باألخضر النامي في أطوال رائعة والياسمين الذي

مكان من تلك القطعة التي بدأ يبعثر ألوانه وروائحه في كل

جريئة . . وابتسامة على الشفاه . .اقتطعاها من جسد الطبيعة

Page 54: 1153

يمنع رؤيتها تلك األعواد . . تحس وال ترى . .مستقرة . .

المرتفعة من األخضر النامي فى أطوال رائعة ويزكى

اإلحساس بها تلك الرائحة الياسمينية التي تنقل لهما روعة

خر،وفى األعلى في تلك المنطقة اإلحساس بأن هناك أ

أو ناحية ءالمتأرجحة والتي ال تميل ناحية الشرق بشي

شمس ترسل ابتسامتها الجريئة في صخب ءالغرب بشي

عجيب تريد أن توحي باللون المطلوب منها لحظة إحساس

. باآلخر

.تأمل ثم سرح قليال. . . ركن فرشاته

ة من األرض رجل وامرأة وبينهما مساحة ليست بقليل

ضياع . . الجدباء التي تريد أن تقول شيئا وال تستطيع

األخضر وذبول الورد والريحان محاوالت الياسمين

المستميتة لجمع أريجه الذي بعثره في كل مكان حتى يستطيع

أن يعيد له الحياة أو بعض الحياة التي أفتقدها كلها أشياء

من رطبيعة للكثيأفقدت المنطقة التي اقتطعاها من جسد ال

يمنع . . جمالها وابتسامة على الشفاه ذابلة ال تحس وال ترى

اإلحساس بها ذلك التبلد الواضح على الجسدين ويمنع رؤيتها

تلك النظرة الكليلة التي ال تستطيع أن ترى شيئا أمامها رغم

Page 55: 1153

وفى األعلى . . صحراوية المساحات الممتدة على المدى

تميل نحو الغرب شمس ترسل ابتسامة في تلك الناحية التي

صفراء كالحة تريد أن توحي باللون المطلوب منها لحظة

اإلحساس بأن هناك شيئا ما قويا قادما وال محال من قدومه ،

وفى األسفل مبنى منخفض من أربعة حوائط وسقف أسمنتي

وباب حديدي يرغب في أن يفتح ويغلق سريعا وبجواره مبان

نخفضة أيضا بعثرت حولها أشجار صبار أخرى كثيرة م

صغيرة ذات حواف شائكة وعلى البعد يجلس شيخ طاعن فى

.السن يتلو آيات العزيز الحكيم

.بركن فرشاته وراح يتأمل اللوحات في هدوء عجي

العودة وقبل أن ينقل قدمه المتثاقلة على ٠٠٠متعبا كان

عد الذي أولى درجات السلم ألقى نظرة عابرة على المص

يحتل مساحة كبيرة فى مدخل العمارة المكسو بالرخام النادر

تنهد ) المصعد عاطل(وجده مغلقا وعليه الالفتة المعتادة

بعمق ثم ألقى نظرة عميقة إلى أعلى فذكرته دورانات السلم

الحلزوني بكثير مثلها قابلته طيلة حياته بكسل واضح أخذ يعد

الخامس وأخذ .. الرابع .. الثالث .. الثاني .. األول األدوار

Page 56: 1153

ابتسم ) ٢٠- ١٩-١٨ -١٧شقة( يعد معها أرقام الشقق

أخرج حلقة مفاتيحه وقبل أن يفتح الباب هاجمته .. بمرارة

المحن هرائحة كريهة انتفض لها قلبه الضعيف الذي أوهنت

خشي أن يكون قد حدث ما كان يفكر فيه قبل .. واأليام

خيه المريض قد تركه بمفرده مع قطته فأ.. ذهابه إلي البلدة

السيامي التي يحبها كثيرا وكان يقول أنها أخر شئ تبقى من

الحياة األولى الناعمة أنب نفسه وألقى باللوم على ذلك التاجر

.. الجشع الذي ال يقدر قيمة أرواح الناس مقابل تقديره للمال

-:همس فى ضيق واضح

الجشع الذي أخذ يماطل واهللا يا أخي لوال هذا التاجر

فى ثمن األرض وحرصي على اكتساب أكبر سـعر

ممكن لكي أوفر لك ثمن العالج ما تركته قط يأخـذ

هربت دمعه سـاخنة مـن .. أرضنا عزتنا وكرامتنا

-:مقلتيه وعاد يقول

واهللا يا أخي أشعر بأني لم أتركك أول البارحة فقـط

.لعن اهللا الجشع وأهله.. بل منذ ثالث سنوات

جحظت عيناه ؛ فالمفتاح الذي يجب أن .. فجاءة

بسرعة جرب غيره وغيره ..يفتح له لم يتحرك فى مجراه

Page 57: 1153

الرائحة أخذت تزداد .. ولكن لم تفلح أي محاولة منها

طرق على الباب .. مهاجمة ألنفه مما جعله يشعر بالغثيان

بشدة لعل أخيه يكون مستيقظا فيفتح له ولكن ال أحد يجيب

. عليه أحد دال ير.. عاود الطرق بشدة أكثر..عليه

الصاعدون والهابطون ينظرون إليه نظرة تكاد أن

تجاهلهم وتجاهل نظراتهم .. تنطق بالسؤال عما يحدث

رجع إلي الخلف وبسرعة اندفع نحو الباب حتى .. المتسائلة

دخل كالمجنون يبحث فى كل مكان .. انفتح له مرغما

جال فى معظم الحجرات لم .. حة الكريهة مستهديا بتلك الرائ

فتح باب غرفة أخيه بسرعة وتراجع من .. يجد فيها شيئا

هول المفاجأة فأخيه المريض ليس بالفراش وقطته السيامي

مسح ..ملقاة على األرض وهى مصدر الرائحة الكريهة

اصطدمت عيناه الدامعتان بصورة .. الحجرة بنظرة سريعة

رها صورة أمه الحانية التي كان دائما أبيه الباشا وبجوا

يرتمي فى حضنها الدافئ فى مثل هذه الظروف التي كثيرا

ما مرت عليه وخاصة فى أواخر أيام أبيه وكانت دائما

الحصين المنيع له ومعينه على الدهر وأهواله التي ذاق منها

.الكثير والكثير

Page 58: 1153

أين أنت اآلن يا أمي الحنون وأين حضنك الدافئ ؟

لم يخفف .. سؤال خرج بصعوبة من حلقه الجاف

من جفاف ريقه الذي يبتلعه بصعوبة شديدة سوى صورتها

.. التي تراءت فى ذهنه فقد كانت بعد أمه كل شئ فى حياته

كانت طبائعهما .. كانت تحبه مثله وأكثر..أبنة عمه هي

اتفقا على جميع ترتيبات حفل .. واحدة وخصالهما واحدة

كن القدر لم يمهلهما ؛ فقد حدث ما حدث وخطفت الزفاف ل

روحها سيارة مجنونة عندما كانت معه لشراء فستان الزفاف

ماتت أمام عينه ولم يسطع أن يفعل لها أي .. من وسط البلد

قفزت فى .. الذي لم يعد له شئ سواه .. شئ سوى البكاء

ل الخي.. الخدم الكثير .. ذهنه صورة حياتهم األولى الناعمة

السيارة الفارهة ، لقب .. المالبس الفاخرة .. األصيل

الذي كان يعشقه كثيرا ومازال عشقه يدوى فى " البرنس"

استوقفته ورقة .. أذنيه كلما ناداه به أحد أصدقائه القدامى

وشكلها المألوف لديه اطريقة طويه.. ملقاة أسفل صورة أبيه

ه يهرول إليها حيث أنها كانت من دفتر مذكرات أبيه جعلت

وبسرعة فتحها ومر عليها بلمحة خاطفة ليعرف .. ويلتقطها

. محتواها

Page 59: 1153

سمير / الصديق العزيز

لقد هاجمت نوبة المرض الشرسة أخيك وكعادتي

.. اليومية كل صباح كنت أمر على المنزل لكي اطمئن عليه

فوجدت أن التأخير أكثر من ذلك ليس فى صالحنا لذا فضلنا

قصى سرعة إلى لندن حتى ال تحدث أي مضاعفات السفر بأ

أرجو أن تطمئن وتدعو ألخيك .. قد تؤدى إلي نتائج عكسية

. بالعودة

ممدوح نجيب/ طبيب األسرة

اخرج منديال ورقيا لكي يجفف به دموعه ولكن

تعجب لماذا ال ي..المنديل عجز عن أداء تلك المهمة السهلة

يشم اآلن الرائحة الكريهة رغم وجود مصدرها أسفل قدميه

-:نظر إلى السماء وراح يقول من بين دموعه !! ؟

.يا رب تكتب لك العودة مرة أخرى يا أخي

ظل الذاكرةأراه ..تلتهمها سحابات حمقاء..الشمس تختفي فجأة

يستند ..خطواته متثاقلة..يسير على الجانب اآلخر من الشارع

وجه مألوف لدي .. على عصا نخر السوس أسفلها وأعالها

وان لم يكن هو فغيره ؛ فهم يملئون الشوارع والطرقات

Page 60: 1153

منهم من يطرق األبواب سائلين أصحابها ، ومنهم من يتخذ ..

غطاء رأسه ممزق من ..من الشارع مسرحا اللتقاط الرزق

بقايا نوم جميع نواحيه عيناه قاحلتان غائرتان تبدو فيهما

مالبسه لعب فيها الزمن لعبته تختلط فيها .. سنوات مضت

لحيته طويلة .. األلوان حسب عدد الرقع الموجودة فيها

بيضاء جعلتها عوالق األيام أشبه ما تكون بلون

ال يبالي .. يسير حافي القدمين .. شاربه كث .. الطين

لف أتواري خ.. أتابعه.. منظره يجذبني.. برودة األرض

إحدى األشجار التي يزخر بها الشارع ؛ فالشارع خالي تماما

يمد .. من المنازل ماعدا فيال رائعة الجمال ترقد في نهايته

ال أحد .. تعود كما مدت خاوية .. يده سائال اهللا في الناس

برودة .. الناس يتناقص عددهم .. يعيره اهتماما ولو بنظرة

هرولون لمنازلهم ؛فهي يجعلهم ي.. وموت الشمس.. الجو

قطرات المطر أخذت .. المكان اآلمن الوحيد لهم اآلن

ما زلت أتابع ذلك العجوز .. وتثاقل ءتتساقط ببطي

يمدها مرة أخرى لكنها لم .. يمد يده ثانية تعود خاوية..سالبائ

هناك من وضع بعض .. تكون خاوية تماما هذه المرة

ال يقنع .. ية معتادةيضعها في جيبه بطريقة آل.. القروش

Page 61: 1153

يترك مكانة يسير بقدميه الحافيتين يشق .. بتلك القروش

طريقه وسط بركة مياه تراكمت بفعل توالى سقوط قطرات

فضولي .. أتابعه بنظراتي ..المطر التي أخذت فى االزدياد

ما زلت .. وصل إلي الفيال ..يمنعني من العودة إلي المنزل

ربما ..لم يشأ الدخول .. خارجي وقف أمام بابها ال.. أرقبه

عاد يسأل بعض الناس الذين لم يعودوا .. ليطمئن للمكان

أو أمر مالبسه ..ال أحد يهمه أمره ..يتركونه .. لمنازلهم بعد

الجميع هدفهم الهروب من هذا الزمهرير .. الممزقة

يرسل ناظريه .. سال ييئ.. المتساقط الذي أخذ يشتد ويشتد

مني أن يجد أناسا في الشارع فهم مصدر يت.. في كل مكان

تلفت انتباهي بنظراتها الحزينة الممتلئة .. رزقه الوحيد

بالشفقة و التي ترسلها عبر نافذتها حيث تقف كمن تترقب

أتفرس وجهها .. يجذبني جمالها الهادئ .. عودة حبيب غائب

كنت أبادل النظرات .. عدت أمارس هوايتي .. المالئكي

ولكن سحرها شدني إلي .. البائس هذا العجوزبينها وبين

تنبهت فهذا رجل .. ذهبت بخيالي بعيدا. شواطئ األحالم

يضع في يده ورقة مالية .. يحن ويشفق علي ذلك العجوز

.. أعتقد أنها جنيها كامال .. كبيرة لمحت طرفها عن بعد

Page 62: 1153

وبالطبع لم يرني .. فجأة بعد أن راقب العجوز الطريق جيدا

واتجه ناحية الباب الداخلي للفيال تحسس .. ترك عصاه..

شككت في األمر؛ فربما يكون هذا هو .. شاربه ولحيته

لكن يديه المعروقتين التي تطرق الباب !! حبيبها المنتظر

لم تشأ أن .. بوهن تمحي أي فكرة تراودني بهذا الخصوص

سألته.. اقتربت من خلف الباب .. عرفت أن هو .. تفتح له

.. جاوبته ..محتاج لقطعة خبز تسد رمقي.. رد عليها ..

جميع من فى المنزل ذهبوا إلى أعمالهم وأنا .. لكني بمفردي

رد عليها أحتاج لقطعة خبز تسد .. هنا ألستعد لالمتحانات

صوته الواهن ونبراته المستعطفة حركت نوازع .. رمقي

تفتح له ..أسرعت دون أرادتها .. الخير واإلحسان بداخلها

.. تجبيه ثانية .. يعاود الطلب .. الباب يطلب منها تجبيه

.. كل هذا وهو يشيعها بنظرات جائعة نهمة من خلفها

رأيتها تحضر له .. اقتربت من النافذة لكي أمارس هوايتي

بمفردك أنت ؟ ردت .. سألها بمكر .. حذاء وبالطو ليسترانه

.. ت برأسه األفكار تالعب.. قد قلت لك منذ قليل .. عليه

لمعت .. أقترب أكثر .. خافت .. تراجعت اقترب منها

تساءلت بيني وبين نفسي .. ال يبالي .. عينيها ببريق الخوف

Page 63: 1153

اقترب منها .. ماذا يريد أن يفعل ؟ جاءتني اإلجابة سريعة

أكثر وأكثر وفجأة أنقض عليها لم يبال بصرخاتها وال

داخلي نوازع النخوة لماذا ماتتفال أعر.. توسالتها

علي " مصطفي"ربت .. والمروءة ؟ نال منها ومن جسدها

كتفي من الخلف وقال لي تأخرت عليك ، لكن لماذا أنت

مختبئ وراء الشجرة هكذا ؟ نظرت إليه طويال ثم رفعت

رأسي للسماء رأيت الشمس لم تغب بعد والسماء صافية إال

ء ،والعجوز مكانه لم من بعض البقع التي تزيدها جماال وبها

يتحرك بعد ، والفيال مازالت تكتحل بها عيناي،والناس

.كثيرون في الشارع يذهبون ويجيئون رأحوال القد

سرا واحدا لسعادته ، لكنه فيجرى سعيدا، ال يعر

اليوم .. فهو يريد أن يعرف .. كان متلهفا على بائع الصحف

الذي ولد فيه ، هو أخر أيام شهر يوليو وهو نفس الشهر

نعم .. وهو نفس الشهر الذي سوف تزف فيه من أحبها

لم يعبأ بأي شئ .. عرف كل ذلك عندما كان فى الجامعة

أخذ يجرى .. حوله ، كل هدفه متركزا على بائع الصحف

Page 64: 1153

!! والسعادة ترفرف فى أفقه ، وهذه أيضا ال يعرف سرا لها

ة ألجلها ؟هل السعادة التي تسبق الحزن ، أم هي سعاد

راندا ، نعمة ، ميرفت ، ( توالت فى ذهنه األسماء

مقرونة باألحداث ، ) فيفيان ، رائد، محب ،عماد ، رفيق

يحاول جاهدا أن يجد العالقة الترابطية بين هذه األسماء وبين

فكل المعالم ذابت فى ..!! األحداث التي يمر بها ال يعرف

أصبح كل شئ .. نها بي ذهنه فاقدا حاسة معرفة الحدود

. والشيء الواحد أصبح له كل شئ .. بالنسبة له شيء واحد

فها هو بائع الصحف يلوح بيده عن .. أخيرا وصل إلى هدفه

) جمهورية.. أهرام .. أخبار ( بعد وينطق بصوته المألوف

سارع إليه وأعطاه ثمن الصحيفة ، منتزعا إياها من يده

نظر إليه البائع نظرة !! دة كالذي ما أن نال ضالته المنشو

لم يعير تلك النظرات أدنى .. بمليئة بالتعجب واالستغرا

اهتمام ، أخذ جانبا وبلهفة المشتاق تطلع صفحات الصحيفة

تساءل .. بشكل يوحي بأنه يريد أن يصل إلي صفحة بعينها

بينه وبين نفسه من المفروض أن تكون صورتها فى هذه

!!؟) اتصفحة االجتماعي(الصفحة

Page 65: 1153

.. عاد بذاكرته إلى الوراء كمن يريد أن يتذكر شيء

انه كان يشترى الصحف كل يوم طوال هذا الشهر ألنها هي

الطريق الوحيد أمامه لكي يعرف أخبارها ، معتمدا على

هكذا كان يوهم نفسه بأنه من ) حظك اليوم(دائرة البروج

كار كانت الهواجس واألف..الممكن أن يعرف كل أخبارها

.. تتوالى على ذهنه ويعقبها الوسواس تلو الوسواس ةالمخيف

أخذ يقلب صفحات , هي األخرى لم يشأ أن يعيرها اهتمامه

. وصل إلي .. الصحيفة بعصبية شديدة واضطراب ملحوظ

جحظت عيناه فجأة وكاد أن يسقط على ) صفحة الحوادث(

.. صورتها .. يا إلهي إنها هي .. األرض من فرط الدهشة

ال .. إني أكاد أن أسمع صوتها يناديني .. وجهها ..مالمحها

الدهشة خدرت لسانه !! ليس من المعقول أن يحدث هذا ..

وعينيه حتى أنه استطاع أن يرى الصورة بصعوبة ، وأن

وفاة عروس (يقرأ الخبر بصعوبة أشد ؛ فقد كان الخبر يقول

.. امدة هوت الصحيفة من بين يديه كجثة ه) ليلة زفافها

. وغاب هو مع الذكرى

Page 66: 1153

حكايـات بدريــة حين ...تعشق ... تهيم ... تحلم ... ككل البنات هي

حين ... تراها يدخلك إحساسا ما بأنك يوما سوف تمتلكها

تجلس معك وتحكي لك ال تستطيع أن تنزل بصرك عن

تحكي لك عن أخيها ... عينيها المكحلتين بالوجود كله

وزميلها " سيد محمد أحمد"وصديقها " خيري "وحبيبها" حسن"

تحكي لك عن البالطو " ... حسن رفاعي"في بنك الدم

األبيض وغرفة العمليات في مستشفى مطاي المركزي وعن

.جرح المريض الذي ينزف

حين تنتهي من حكاياتها ال تجد لك سوى باب صغير

مفتوحا على مصراعيه في أقصى عينها اليمنى وعند

ك العبور منه تمنعك وتذكرك بأخر حكاياتها عندما محاولت

-:تحطم قلبها للمرة األلف عندما قال لها خيري

إنك أجمل مما أتصور ولكني ال أستطيع أن أسـعدك

أو أتقدم لك ألني في بداية حياتي كما تعلمين فأرحلي

. حيث توجد سعادتك وتنالي مكانتك

يدك على تبكي وقتها ال تجد ما تفعله سوى أن تضع

خدك وتحاول أن تمنع أخر دمعة ساخنة تحاول الهروب من

Page 67: 1153

مقلتيك وتحاول أن تساعد نفسك على االنتظار حتى يحين

موعد مجيئها الثاني لكي تحكي لك عن متاعب مالئكة

. الرحمة

الرائحـــةاندست وسط الزحام الذي يمأل الميدان الكبير الذي

" القاهرة"حبوبة األولى يحتل مساحة ليست بقليلة في قلب الم

سألت عن المبنى الضخم الذي يسمى باسم الميدان ...

أشار لها أحد الذين مرت عليهم بسؤالها »مجمع التحرير«

هاجمتها رائحة ... دخلت ... وجدته أمامها ... عن المكان

ليست غريبة عليها أو على أنفها جعلتها تتقزز وتريد أن تتقيأ

نفس الرائحة تسكن أنفها منذ نعومة . ما تناولته هذا الصباح

استنشقتها في مكتب ناظر مدرستها االبتدائية ... أظافرها

وصاحبت أنفها الرقيق في المدرسة ... وكذلك وكيله

وحتى تلك المساحة ... اإلعدادية والثانوية والجامعة أيضا

الزمنية الممتدة ما بين إنهاء دراستها وبين استالمها للعمل لم

فوجدتها تهاجم أنفها في ديوان ... عنها تلك الرائحة تتخل

مديرية التربية والتعليم عندما أخبروها بالحصول على فرصة

عمل وقبلها في ديوان مديرية القوى العاملة، وكذلك وجدتها

Page 68: 1153

في مكتب السجل المدني عندما ذهبت الستبدال بطاقتها

ة تشم وفي كل مر.. ومهنتها من عاطلة إلى موظفة حكومية

... ثوال يحد... فيها هذه الرائحة تشعر بأنها تريد أن تتقيأ

عند الباب ... نزلت من المبنى الضخم بعد إنهاء أوراقها

الخارجي له هاجمتها الرائحة مرة أخرى ولكن بوحشية أعظم

انزوت جانبا وعلى إحدى .... مما سبق خرجت سريعا

. تقيأت أخيرا... حوائط المبني