web viewالإعجاز العلمي إلى أين (ص: 16) [ويمكن تعريف المعجزة...

36
؟ ن ي ى أ ل أ ي م ل ع ل أ از ج ع ألإ ي م ل ع ل أ از ج ع لإ ل ة ي م ي و ق ت الإت ق م از ي لط ر أ ص ا ن ن ي مان ي ل س ن ي ساعد م : د. ف ل و م ل أ: ات ي= ك ل ل ل=ة م ألكا ازةE س ألإ از: ي= لط أ مان ي ل= س ن ي س=اعد م د. از ج= ع لإ ل ة ي= م ي و ق ت الإت ق= م( ؟ ن ي ى أ ل أ ي م ل ع ل أ از ج= ع ألإ) ي م ل ع ل أ. ة ي ن اE ي ل أ عة ب لط ، أ ي وز ج ل أ ن ي ، دأز أ مةِ ّ د قُ م ن ي ى أ ل أ ي م ل ع ل أ از ج== ع ألإص:( 7 ة ي=X ألإ =ون ك ن ن ر أ[ = ظ ن ل ام أ ق= م ن ال: أ ق= ت ن أ =وت ص ألإ ن ا أ ف= ل=د[ ) م ل و =لإم أ س ل ة أ ي= ل ع ي ب = ن ل ه=ا أ ب يَ ّ ج=د ت وأ، ع ر بq = ي م ل و ه=ا أ ي ف =وأ ع ر ب وأء س لإم؛ س ل ة أ ي ل ع ي ب ن ل وم أ ق ها ك دز ما ن م]. وم ق ل أ ن م ب ل ط ب ب ن و كا أً دأء ي ن أ ب ن وها،= كا ص عاز ت م ل و ومة أ ق ها ض ها، عاز بَ ّ جد ت ن ن ي ى أ ل أ ي م ل ع ل أ از ج ع ألإص:( 11 عة ب ط ن= س ي اء لإ ي= ن ن لإ ل =ون ك ن ي أل=د عادة ل أ رق خ ن أ أ هد ي ف ق ج لوأ[ ) ي عل ل=ط ت خ م لإ ه ر ب = غ طاغة س =و أ ل ل=ة، وً ا ق ت ص=د ب ة و ي= ن ي لً دأ ي=q ن ا ل=ة ن ل د أ ي= ع ن م ة ي= ؛ لإً ا ق= ل مط ل ج ل أ ن م ح=د أ]. ر م اس ألإ ي ل أ ن ي ى أ ل أ ي م ل ع ل أ از ج==== ع ألإص:( 12 ات ن=X = أ أت ر = ج ع م( وع = ص و م ي ف ة ل= ة ي=¤ ن ي ل أ س ح ت م= ا م ن م= ا أ ك[ ) [ 1 ]

Upload: vutruc

Post on 07-Feb-2018

221 views

Category:

Documents


4 download

TRANSCRIPT

Page 1: Web viewالإعجاز العلمي إلى أين (ص: 16) [ويمكن تعريف المعجزة بالآتي: آية النبي المختصَّة به

╝اإلعجاز العلمي إلى أين؟

مقاالت تقويمية لإلعجاز العلميالمؤلف: د. مساعد بن سليمان بن ناصر الطيار

اإلعج,,از العلمي د. مس��اعد بن س��ليمان الطي��ار: اإلشارة الكاملة للكت,,اب: ، دار ابن الج��وزي، الطبع��ةإلى أين؟ )مق,,االت تقويمي,,ة لإلعج,,از العلمي(

الثانية.مقدمة

( ]لذا فإن األص��وب أن يق��ال: إن مق��ام7)ص: اإلعجاز العلمي إلى أين النظر أن تكون اآلية مما يدركها قوم النبي عليه السالم؛ سواء برعوا فيه��ا أو لم يبرعوا، تحدى بها النبي عليه السالم أو لم يتحد بها، عارض��ها قوم��ه أو لم

يعارضوها، كانت ابتداء أو كانت بطلب من القوم.[( ]والحق في هذا أن خرق العادة الذي11 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

يكون لألنبياء ال يستطيعه أحد من الخلق مطلقا؛ ألنه من عند الله تأييدا لنبي��هوتصديقا له، ولو استطاعه غيرهم الختلط على الناس األمر.[

( ]كم��ا أن مم��ا يحس��ن التنب��ه ل��ه في12 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين موضوع )معجزات � آيات � األنبياء( أنه��ا ليس��ت هي الطري��ق الوحي��د إلثب��ات نبوة األنبياء، لذا تجد أن أغلب الن��اس يؤمن��ون ب��دون أن يظه��ر لهم البره��ان والحجة على معجزة من المعجزات، ومما يدل على ذلك األمثلة على ذلك ما وقع من أسئلة هرقل )مل��ك ال��روم( ألبي س��فيان، فق��د اس��تدل هرق��ل على صدق النبي صلى الله عليه وسلم بأحواله، واألحوال من أعظم ما يمكن في��ه معرفة الكاذب من الصادق. واليوم ت�رى �� وقبل�ه ك��ذلك �� فئام�ا من الن��اس يؤمنون برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يكن طريق إيمانهم به هو المعجزات، بل كان إيمانهم بأقل من ذل��ك بكث��ير، وه��ذا مع��روف مش��تهر

بين من يدعون الكفار إلى توحيد الله وتعبيد الناس له.[( ]أم��ا ال��ذي يوج��د في ك��ل س��ورة بال13 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

استثناء فهو الوجه المتحدى به، وهو ما يتعل��ق ب��النظم الع��ربي له��ذا الق��رآن )لغة وبالغة وأس��لوبا( ب��أي اص��طالح اص��طلح علي��ه العلم��اء؛ كق��ول بعض��هم: اإلعج��از البالغي، وق��ول آخ��رين: اإلعج��از البي��اني ... إلخ، ف��إن مرجعه��ا إلى

النظم العربي المتميز لهذا القرآن الكريم.[ :( ]وبعض دالئل الصدق )أنواع اإلعجاز(16، 15اإلعجاز العلمي إلى أين )ص

ليست مختصة بالقرآن، بل هي مرتبط��ة بكالم الل��ه س��بحانه وتع��الى، س��واء[1]

Page 2: Web viewالإعجاز العلمي إلى أين (ص: 16) [ويمكن تعريف المعجزة بالآتي: آية النبي المختصَّة به

حف(، أو على أكان كالم الله النازل على إبراهيم عليه الصالة والس��الم )الص�� موسى عليه الصالة والسالم )التوراة(، أو على عيسى عليه الص��الة والس��الم )اإلنجيل(، أو على غيرهم من األنبياء؛ لذا فإن ما يحكيه بعض المعاصرين من وج��وه إعج��از جدي��دة؛ ك��إطالق مص��طلح )اإلعج��از العق��دي( أو )اإلعج��از التشريعي( أو )اإلعجاز العلمي( أو غيرها = فإنها غير مختصة بالقرآن وحده،بل هي عامة في كالم الله النازل على رسله الكرام عليهم الصالة والسالم.[

:( ]ويمكن تعريف المعجزة باآلتي: آية النبي16اإلعجاز العلمي إلى أين )ص المختصة به، الخارقة للعادة، التي ال يقدر الخلق على اإلتي��ان بمثله��ا، الدال��ة على صدق النبي تارة، وعلى غير ذل��ك ت��ارة. وإني ألس��أل الل��ه أن يغف��ر لي ولوالدي وألهل بي�تي، وأن يس�ددني ويب��ارك لي في وق��تي، وأن يجعل�ني من

خدم كتابه الكريم، إنه سميع مجيب.[المقالة األولى: اإلعجاز العلمي في القرآن

( ]إن اإلعج��از العلمي ي��دخل في20،�� 19 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين ما يسمى باإلعجاز الغيبيي، وهو فرع منه، إذ مآله اإلخبار بما غاب عن الناس فترة من الزمن، ثم علمه المعاصرون. وإذا تحقق ذلك، فليعلم أن هذا النوع من اإلعجاز ليس مما يختص به القرآن وح�ده، ب�ل ه�و موج�ود في ك�ل كتب الله الس��ابقة؛ ألن اإلخب��ار في ه��ذه الكتب عن الحق��ائق الكوني��ة ال يمكن أن يختلف البتة. وعدم وجود ما يط��ابق علم الق��رآن في كتبهم ال��تي بين ي��ديهم

إنما هو لتحريفهم لها، فلينتبه لذلك.[( ]إن قصارى األمر في مسألة اإلعجاز20 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

العلمي أن الحقيقة الكونية التي خلقها الل��ه، وافقت الحقيق��ة القرآني��ة ال��تي تكلم بها الله، وهذا هو األصل؛ ألن المتكلم عن الحقيق�ة الكوني��ة المخ�بر به�ا هو خالقه�ا، فال يمكن أن يختلف��ا البت�ة. وك��ل م�ا في األم�ر أن ه��ذه الحقيق�ةحقين الكونية كانت غائبة من جهة تفاصيلها عن السابقين، فمن الله على الال بمعرفة هذه التفاصيل، فكشفوا عنها، وأثبتوا حقيقة م��ا ج��اء في الق��رآن من صدق، فكان اكتشاف ذلك من دالئ��ل ص��دق الق��رآن ال��ذي أخ��بر عنه��ا بدق��ة بالغ��ة، لم تظه��ر تفاص��يلها إال في ه��ذا العص��ر ال��ذي نب��غ في��ه س��وق البحث التجري��بي ال��ذي ص��ارت دولت��ه إلى الكف��ار دون المس��لمين، فص��اروا إذا م��ا اكتشفوا أمرا جديدا عليهم س�ارع المعتن�ون باإلعج�از العلمي إلثب�ات وج�وده

في نصوص القرآن.[( ]إن في نس��بة اإلعج��از، أو التفس��ير21 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

إلى »العلمي« خلل كب��ير، وأث��ر من آث��ار التغ��ريب الفك��ري، فه��ذه التس��مية منطلقة من تقسيم العلوم إلى أدبية وعلمية، كم��ا ه��و الح��ال في الم��دارس الثانوية سابقا، وفي الجامعات حتى اليوم، وفي ذل��ك رف��ع من ش��أن العل��وم

[2]

Page 3: Web viewالإعجاز العلمي إلى أين (ص: 16) [ويمكن تعريف المعجزة بالآتي: آية النبي المختصَّة به

التجريبية على غيرها من العلوم النظري��ة ال��تي ت�دخل فيه��ا عل��وم الش�ريعة. وإذا كان هذا يسمى باإلعجاز العلمي، فم��اذا يس��مى اإلعج��از اللغ��وي، أليس إعجازا علميا، أليست اللغة علما، وقل مثل ذلك في وجوه اإلعجاز المحكي��ة.روا ال شك أنها علوم، لكنها غير العلم الذي يريده الدنيويون الغربيون الذين أث في حياة الناس اليوم، وص��ارت الس��يادة لهم. ومم�ا يؤس�ف علي��ه أن يتبعهم فضالء من المس��لمين في ه��ذا المص��طلح دون التنب��ه لم��ا تحت��ه من الخط��ر

والخطأ.[( ]وهنا مس��ألة مهم��ة، وهي: من24،�� 23 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

الذي يثبت أن هذه القضية صارت حقيقة ال فرضية؟ أي: من هو المرج��ع في، أتكفي فيه��ا دراس��ة بحثي��ة، أتحت��اج إلى ذل��ك؟ أيكفي أن يح��دث به��ا مختصين؟ ه��ذه المس��ألة من أولى م��ا يجب أن يعت��ني ب��ه من إجم��اع من المختص�� يريدون تفسير القرآن بالحقائق التي أثبته��ا البحث التجري��بي المعاص��ر. وفي نظري أن هذا هو أول م��ا يجب على الب��احث تأص��يله وتأكي��د ثبوت��ه من جه��ة البحث التجريبي، فإذا ثبت ذلك له، انتق��ل من يري��د الح��ديث عن م��ا يس��مىم التفسير وأصوله لئال يشتطوا باإلعجاز العلمي إلى المرحلة الثانية، وهي تعل

في تفسيراتهم، أو يلووا أعناق النصوص إلى ما يريدون.[ر، فإن��ه ال يمكن��ه24 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين ( ]أما بالنسبة للمفس

أن ينكر ما يحكم بثبوته من حقائق العلم التجريبي؛ ألنه ال يملك األدوات التي يص���ل به���ا إلى أن يثبت أو ينك���ر، وه���ذه األدوات متكامل���ة عن���د الب���احثين التجريبيين، وإن من يأخذها عنهم، فإنما يأخذها ثقة منه فيهم ال غ��ير. وعم��لر هنا أن يرى صحة انطباق تلك القض�ية على م�ا ج�اء في الق�رآن من المفس جهة داللة اللغة والس��ياق وغيره��ا؛ أي: أن عمل��ه عم��ل تفس��يري بحت، وه��و يمتلك أدواته بخالف كثير ممن كتب في اإلعجاز العلمي الذين ال يملكون تلك

األدوات.[را اعتم��د في تفس��يره25 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين (: ]فلو أن مفس

على نظري��ة من النظري��ات ال��تي ثبت بطالنه��ا الحق��ا، ف��إن النتيج��ة أن ه��ذا، وال عالقة للق��رآن ب��ه، فالخط��أ خط��أ المفس��ر، وليس تفسير ضعيف ال يصحر بمعنى شاذ، فهل ينال الخطأ في القرآن قطعا. وهذا يشبه ما لو فسر مفس القرآن خطأ منه، وهل يقال: إن الخط��أ من الق��رآن؟ ال ش��ك أن األم��ر ليس

كذلك.[(: ]إن موضوع اإلعج��از العلمي طوي��ل25 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

جدا، ولس��ت ممن ي��رده جمل��ة وتفص��يال، لكن��ني أدع��و إلى تص��حيح مس��اره،د وتضخيم كما هو الحاص��ل الي��وم، ح��تى ووضعه في مكانه الطبيعي دون تزيى ل��ه ذل��ك؟ لق��د أس��لم لقد جعله بعضهم الطريق الوحيد ل��دعوة الكف��ار، وأن كثير منهم في ه��ذا العص�ر �� وال زال�وا يس�لمون بم�ا يعرف�ه كث�ير ممن خ�بر

[3]

Page 4: Web viewالإعجاز العلمي إلى أين (ص: 16) [ويمكن تعريف المعجزة بالآتي: آية النبي المختصَّة به

إسالمهم � ولم يكن إسالمهم بس��بب م��ا ورد في الق��رآن من حق��ائق وافقه��االبحث التجريبي.[

(: ]إن أي تفس��ير ج��اء بع��د تفس��ير26 )ص: اإلعج,,از العلمي إلى أين السلف، فإنه ال يقبل إال بضوابط، وهذه الضوابط: أن ال ين��اقض )أي: يبط��ل( ما جاء عن السلف )أعني: الصحابة والتابعين وأتباع التابعين(. وذلك ألن فهم السلف حجة يحتكم إليه، وال تجوز مناقضته البتة، فمن ج��اء بتفس��ير بع��دهم، سواء أكان مصدره لغة، أو بحثا تجريبيا، فإنه ال يقبل إن كان ين��اقض ق��ولهم. ف��إن قلت: إن��ه ي��رد عن الس��لف في تفس��ير اآلي��ة اختالف، فكي��ف العم��ل؟ فالجواب: إن االختالف الوارد عنهم أغلبه اختالف تن��وع، وليس بين��ه تض��اد إال

في القليل منه. :أن تقبل األقوال ال��واردة عنهم على س��بيل1والقاعدة في اختالف التنوع -

- أن يرجح أحد أق��والهم2التنوع ما دام ليس في قبولها جميعا ما يمنع ذلك. على سبيل القول األولى واألرجح دون اطراح غيره وترك��ه بالكلي��ة؛ ألن��ه ق��د يستفاد من��ه في موض��ع آخ��ر. والقاع��دة في اختالف التض��اد ال��وارد بينهم أن يرجح أحدها على سبيل التعيين ال التنوع؛ ألنه ال يمكن القول به��ا مع��ا، فل��زم

الترجيح، وهو هنا تصحيح لقول، وترك لآلخر.[ر ب��ه27 )ص: اإلعج,,از العلمي إلى أين (: ]أن يك���ون المع���نى المفس���

صحيحا. وهو على قسمين: األول: أن يكون المعنى من جهة اللغة، وهذا ال بد أن يثبت لغة، وأي تفسير بمعنى لم يثبت من جهة اللغ��ة، فإن��ه م��ردود، كمنر ال��ذرة ال��واردة في الق��رآن بال��ذرة في علم الكيمي��اء، وه��ذا مص��طلح يفس�� حادث ال يثبت في اللغة. الث��اني: أن يك��ون المع��نى خ��ارج إط��ار اللغ��ة، كمنر خل��ق األط��وار بأنه��ا األط��وار الدارويني��ة. وه��ذا مخ��الف لم��ا ج��اء في يفس�� الشريعة، وهو غير صحيح في نفسه؛ لذا ال يصح التفسير ب��ه، وبم��ا ه��و مثل��ه

البتة.[(: ]ال ش��ك أن م��ا ذك��ره الس��لف أولى30 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

��ل ه��ذا الق�ول وأقوى، والثاني � وإن كان محتمال � ال يرقى إلى قوت�ه، وإن قب المعاصر على سبيل التنوع، فاألول هو المقدم بال ريب. ووجه قوته ك��ائن في أمور: األول: أن ما قاله السلف مدرك في كل حين، منذ أن نزل ال��وحي به��ا إلى اليوم، أما ما ذكره المعاصرون، فكان خفيا على الن��اس ح��تى ظه��ر لهم أمر هذا المعنى هذا اليوم. الثاني: أن التنبيه على امتناع اإليمان عنهم بامتناع ص��عود اإلنس��ان إلى الس��ماء أق��وى وأولى من التنبي��ه على تش��بيه الح��رج والضيق الذي يجده الكافر في نفس�ه بم�ا يج��ده من ص��عد طبق��ات الس�ماء. فالحرج والضيق مدرك منه بخالف امتن��اع اإليم��ان ال��ذي يخفى س��بيله، وه��و

الذي جاء التنبيه عليه في اآلية، وذلك من دقيق مسلك قدر الله سبحانه.[(: ]ومم��ا يظه��ر من طريق��ة ع��رض31 )ص: اإلعج,,از العلمي إلى أين

[4]

Page 5: Web viewالإعجاز العلمي إلى أين (ص: 16) [ويمكن تعريف المعجزة بالآتي: آية النبي المختصَّة به

أصحاب هذا االتجاه لما توصلوا إلي��ه من مع��ان جدي��دة أنهم يقص��رون مع��نى اآلية على ما فهموه، دون أن ينصوا على ذلك صراحة، وهذا مزل��ق خط��ير ال ينتبه إليه كثير من الفضالء الذين دخلوا في ه��ذا المي��دان. ب�ل إنهم يتفوه��ون بكالم يل��زم من��ه تجهي��ل الص��حابة وتص��غير عق��ولهم، وإني ألج��زم أن ه��ؤالء الفض��الء ل��و تنبه��وا له��ذا الالزم لع��دلوا عب��اراتهم، لكن طريق��ة البحث ال��تي

سلكوها جعلتهم ال ينتبهون إلى هذا المزلق الخطير.[(: ]إن وج��د إش��ارة في الق��رآن لبعض34 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

هذه المسائل المرتبطة بالعلوم التجريبي��ة فإنه��ا لم تكن هي المقص��د األول، ولم ينزل القرآن من أجلها، وإذا وازنت بين المعلوم��ات العقدي��ة والش��رعية، ظهر لك أن المعلومات العقدية والشرعية � أي: كيف يعرف��ون ربهم، وكي��ف يعبدون��ه ��� هي األص��ل الم��راد ب��إنزال الق��رآن، وهي ال��تي تكفل الل��ه ببيانه��ا للناس، أما المعلومات الدنيوية بما فيها العلوم التجريبية فهي موكولة للناس كم��ا س��بق، وإن ج��اءت فإنه��ا تجيء مرتبط��ة بالدالل��ة على حكم عق��دي أو شرعي، فهي جاءت تبعا وليس أص��الة؛ أي: أن الق��رآن لم يقص��د أن ي��ذكرها على أنها حقيقة علمي��ة مج��ردة، ب��ل ليس��تدل به��ا على توحي��د الل��ه وأحقيت��ه

بالعبادة، أو على حكم تشريعي، أو على إثبات اليوم اآلخر.[(: ]موقف المس��لم من قض��ايا العل��وم35 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

التجريبية المذكورة في القرآن: اإليمان بالقضية الكونية التي ذكره��ا الق��رآن، ب��ل يكفي وروده��ا في الق��رآن، بخالف القض��ايا ال يحت��اج إلى إدراك الحس، سواء أكانت هذه القضايا م��ذكورة العلمية التي يحتاج اإليمان بها إلى الحس في الق��رآن أم لم تكن م��ذكورة. المس��لم مط��الب باألخ��ذ بظ��واهر الق��رآن، وأخذه به��ا يجعل��ه يس��لم من التحري��ف أو التك��ذيب به��ا، ول��و ك��انت مخالف��ة لقضايا العلم التجريبي المعاصر. فإذا عارضت النظريات العلمية، ولو سميت حقائق علمية فإنه ال يلزم اإليمان بها، بل يقف المسلم عند ظ��واهر الق��رآن؛

ألن المؤمن مطالب باإليمان بنصوص القرآن ال غير.[(: ]ومن ثم ف��إن عن��دنا أم��رين:37،�� 36 )ص: اإلعج,,از العلمي إلى أين

األول: العناية بالبحث التجريبي والنظر في هذا الك��ون والت��دبر في��ه لنن��افس بذلك أعداء الل��ه ال��ذين تق��دموا علين��ا في ه��ذا المج��ال. الث��اني: العناي��ة بم��ا يسمى باإلعجاز العلمي إلثبات صحة ه��ذا ال��دين ألولئ��ك ال��ذين ال يؤمن��ون إال بالحقائق المادية، ودعوتهم إلى اإلسالم، وذلك أنه لما كان هذا العص��ر عص��ر ثورة العلوم التجريبية الدنيوية، فإن تقديم هذه التفسيرات الموافقة لما ثبت في هذه العل��وم للن��اس دع��وة لهم له��ذا ال��دين الح��ق. وه��ذا وال��دعوة به�ذه القضايا � إن ثبتت ثبوتا يقينيا � حق لكن األمر يحتاج إلى ضبط م��دى الحاج��ة

زها؟[ للدعوة بهذه التفسيرات العلمية للقرآن، وهل أثبتت نجاحها وتمي(: ]ونق��ول: إنن��ا نف��رح بإس��الم علم��اء37 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

[5]

Page 6: Web viewالإعجاز العلمي إلى أين (ص: 16) [ويمكن تعريف المعجزة بالآتي: آية النبي المختصَّة به

ه ألم��ور؛ منه��ا: أن مث��ل وباحثين من الغرب والش��رق، لكنن��ا بحاج��ة إلى التنب هؤالء يحتاجون إلى تعزيز اإليمان في قلوبهم، ومتابعة أحوالهم بعد إسالمهم، والحرص على تثقيفهم في دينهم الجديد؛ ألن المقصود من ال��دعوة إلى الل��ه

تعبيد الناس لله، وليس مجرد إقناعهم بأن اإلسالم دين حق.[(: ]وإذا بقي همن��ا منص��با على العناي��ة38 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

بما يسمى باإلعجاز العلمي إلثبات صحة هذا الدين ألولئك الذين ال يؤمنون إال بالحقائق المادية، فإننا سنبقى عال��ة على الغ��رب ننتظ��ر من��ه ك��ل جدي��د في العلوم، ثم نبحث ما يوافقه في شرعنا، وال يخف��اك م��ا دخ��ل علين��ا من ه��ذه العلوم مما هو مخالف لشرعنا، وما ذاك إال بسبب أن موقفنا نحن المسلمين موق��ف التلمي��ذ الض��عيف المتلقي ال��ذي يش�عر أن��ه ال ش��يء عن��ده يمكن أن

يقدمه.[المقالة الثانية: تقويم المفاهيم في مصطلح اإلعجاز العلمي

(: ]إن من تكلم عن اإلعج���از العلمي44 )ص: اإلعج,,از العلمي إلى أين ا ��� في معظم��ه � ، وت��راه يجعل��ه خاص�� يحرص على جعله نوعا جديدا مس��تقال باآليات الكوني��ة، والعل��وم التجريبي��ة، ويظه��ر أن ع��دم معرف��ة تل��ك الحقيق��ة الكونية على الوجه الذي عرفها به المعاص��رون، وكونه��ا ج��اءت موافق��ة لم��ا في القرآن = إعجاز. وإذا تأملت هذا النوع المحكي من اإلعجاز وجدته جزءا من أن��واع اإلعج��از ال��ذي حك��اه العلم��اء الس��ابقون، وه��و )اإلعج��از الغي��بي(، فاإلخبار بهذه األمور التي لم تكن معروفة معرف��ة تامة بتفاص��يلها آن��ذاك، ثم ظهور معرفتها التفصيلية إنما هو من هذا الب��اب، فم��ا ال��ذي أوجب تخص��يص

هذه اآليات دون غيرها من آيات الغيبيات بهذا المصطلح؟![(: ]أن ه��ذه الخصيص��ة ��� وهي اإلخب��ار45 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

عن اآليات الكونية � ليست من خصوصيات القرآن، بل هي في كل كتب اللهم به��ذا ال��وحي لألنبي��اء ه��و التي تحدثت عن كونه ال محالة في ذلك، ف��المتكل خالق الكون، والحقيق��ة الكوني��ة ال يمكن أن تختل��ف في ه��ذا ال��وحي، س��واء أكان نازال على موسى عليه السالم، أم كان نازال على محمد صلى الله علي��ه وسلم. وال شك � أيضا � أن الفرق بين الق��رآن وغ��يره من الكتب ه��و حفظ��ه سليما من التحريف والتبديل الذي طال ما بقي من كتب الله � سبحانه � إلى أنبيائه. كما يالحظ أيضا أن بعض ما وجد من تراث السابقين من تلك العل��وم كان صحيحا، وال زالت ال تعرف طريقة وص�ولهم إلي�ه �� م�ع ص�حة نت�ائجهم �

فهل يعد سبقهم إلى هذا من اإلعجاز؟[(: ]ول���و تخلص ه���ؤالء من س���لطان46 )ص: اإلعج,,از العلمي إلى أين

ف � مصطلح )المعجزة واإلعجاز( لوجدوا بديال ينطبق على بحوثهم ب��دون تكل كما هو ظاهر في تعريفاتهم � فلو جعل��وا ح��ديثهم منص��با على )دالئ��ل ص��دق

[6]

Page 7: Web viewالإعجاز العلمي إلى أين (ص: 16) [ويمكن تعريف المعجزة بالآتي: آية النبي المختصَّة به

ة( لك��ان ه��ذا أولى وأنف��ع من االرتب��اط بمفه��وم اإلعج��از ن أخبار القرآن والس الذي يصعب تطبيقه على مباحثهم. ولعل��ك تالح��ظ أن )دالئ��ل ص��دق الق��رآنروا عن��ه في نهاي��ة تع��ريفهم ة( هي نتيج��ة أبح��اثهم ه��ذه، وه��و م��ا عب ن والس��ة( أدل على مقص��ودهم، ن لإلعجاز. وهذا المصطلح )دالئل صدق القرآن والس��

نوه بيانا شافيا.[ وألصق ببحوثهم من مصطلح اإلعجاز الذي لم يبي(: ]أم��ا كونه��ا في أه��ل مك��ة، فه��ذا ال47 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

نزاع فيه البتة، ويكون المعنى كما رجح الط��بري، ق��ال: »وأولى الق��ولين في ذلك بالصواب القول األول، وهو ما قاله السدي، وذلك أن الله عز وجل وع��د نبيه صلى الله عليه وسلم أن يري هؤالء المشركين الذين ك��انوا ب��ه مك��ذبين آيات في اآلفاق، وغير معقول أن يكون تهددهم ب�أن ي�ريهم م�ا هم رأوه، ب�ل الواجب أن يكون ذلك وعدا من��ه لهم أن ي��ريهم م��ا لم يكون��وا رأوه من قب��ل ظهور نبي الله صلى الله عليه وسلم على أطراف بلدهم وعلى بلدهم، فأم��ا النجوم والشمس والقمر، فقد كانوا يرونها كثيرا قبل وبعد، وال وجه لته�ددهم

(.[462: 20بأنه يريهم ذلك«. تفسير الطبري، ط. دار هجر )(: ]أن الله سبحانه وتعالى قد تح��داهم49 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

بأن يأتوا بسورة، وال��ذي ينتظم في الس��ورة وال ينخ��رم ه��و التح��دي ب��النظم والبيان دون سائر األنواع المقحمة في اإلعجاز القرآني. فأنت ال تجد إعج��ازا )غيبيا( في كل سورة، وال تجد إعجازا )علميا( في كل سورة، وال تجد إعج��ازا )تشريعيا( في كل سورة، لكن ال يمكن أن تخل��و س��ورة من اإلعج��از الك��ائن

في النظم والبيان العربي.[(: ]الح��ديث في ذل��ك ن��افع، لكن ينتب��ه58 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

ألم��ور: األول: أن ال يس��مى البحث في قض��ايا العلم التجري��بي به��ذا االس��م )اإلعجاز العلمي(. الثاني: أن ال ينطلق في الحديث من الق��رآن ألج��ل إثب��ات أن القرآن قد تحدث عن هذه القضية أو تلك. الثالث: أن ينطلق في الح��ديث عن هذه األمور من باب بيان عظم�ة الل�ه في خلق�ه، وإن ج�اءت اآلي�ات في البحث عن عظم��ة الل��ه في خلق��ه فمجيئه��ا على س��بيل االستش��هاد ال على

سبيل تقرير ما فيها من أمور متعلقة بالبحوث التجريبية.[(: ]لقد فتن أقوام بالتقدم الم��ادي في73 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

العلوم التجريبية والتطبيقية، وظهر في حي�اتهم المختلف�ة آث�ار ه�ذا االفتت�ان، وصار بعض المسلمين أسيرا لما يصدر من الغرب؛ ك��أي أم��ة منهزم��ة تنظ��ر إلى ما عند هازمها، ف��تزدري م��ا عن��دها من العلم، س��واء ش��عر ه��ؤالء أم لم

يشعروا.[ :(: ]وإذا تأملت ما يقوم ب��ه بعض من خ��اض73اإلعجاز العلمي إلى أين )ص

غمار اإلعجاز العلمي وجدت أن حاله كهذا الحال، فهو يدخل إلى تفسير آيات الق��رآن وفي ذهن��ه معلوم��ات س��ابقة ق��د مألت فك��ره وعقل��ه، ف��يرى من

[7]

Page 8: Web viewالإعجاز العلمي إلى أين (ص: 16) [ويمكن تعريف المعجزة بالآتي: آية النبي المختصَّة به

النصوص ما يظن أنه يوافق ما عنده من معلومات في العلم ال��ذي يتخص��ص به، فيحملها على ما عنده من هذه المعلومات، وقد يص��يب في بعض��ها، كم��ا

قد يخطئ في بعضها اآلخر.[(: ]وأذكر على سبيل التذكير أن األم��ر74 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

- أن يكون المنطلق من الق��رآن الك��ريم1يجب أن ينطلق من األمور اآلتية: - األخذ بمأثور السلف في التفسير، وفهم مرادهم2إلى تقرير هذه القضايا.

- إتقان اللغة من جهة المفردات3فيه، ومعرفة وجوه التفسير التي ذكروها. ومن جهة األساليب، لمعرف��ة كيفي��ة اس��تنباط عالق��ة القض��ايا الم��ذكورة في العلم التجريبي أو غيره باآلية وبتفسير السلف، إذ قد تكون القضية المستدل لها مناقضة لسياق اآلية ومعناها، أو مناقضة لتفسير السلف أو مندرجة تحت

قول عندهم، أو تكون محدثة لقول جديد مغاير غير مناقض.[(: ]وه���ذا ال���ذي ذك���ره من ك���ون75 )ص: اإلعج,,,از العلمي إلى أين

المعجزات متعددة للقرآن، وكونها تظهر لألجي��ال في��ه نظ��ر من ع��دة وج��وه: األول: أنه غير الزم تنوع اإلعجاز في الق��رآن على حس��ب العص��ور، فم��ا زال المسلمون جيال بعد جيل، وقرنا بعد قرن، لم يظهر لهم وجوه إعجاز جدي��دة، بل بقوا على ما ذكره السابقون من وجوه اإلعجاز، ولم تظهر األنواع الحادثة � كاإلعجاز العلمي والتاريخي والنفسي وغيرها � إال في هذا العص��ر، ف��دعوى أن يظهر للقرآن في كل قرن وجيل وجه من اإلعجاز دعوى ال يوافقها ت��اريخ المسلمين. أما دعوى أنه سيظهر ل��ه أن��واع أخ��رى من اإلعج��از تتناس��ب م��ع األجيال القادمة، فتلك في علم الغيب، والله أعلم بغيب��ه. الث��اني: أن التقلي��ل من فهم المعاصرين لوجه اإلعجاز الذي وقع به التحدي، وهو ما ك��ان طريق��ه لغة العرب في��ه تنقص أله��ل ه��ذا العص��ر، ف��إن ك��ان المتكلم ال ي��درك ذل��ك، فليس يع��ني ه��ذا أن غ��يره ال يدرك��ه. كم��ا أن ه��ذه الوج��وه اإلعجازي��ة ال��تي��دعى يذكرونها ال يدركها إال قلة من الناس، فالباحثون في ذل��ك العلم ال��ذي ي للقرآن اإلعجاز فيه هم الذين يدركونه ويعرفونه تمام المعرف��ة، أم��ا غ��يرهم،فهم يسلمون ألصحابه المتكلمين فيه، خصوصا إذا أوتوا حسن بيان وعرض.[

(: ]إن المج��ال ال يتس��ع لمقدم��ة ال ب��د86 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين منه��ا، ف��أكتفي باإلش��ارة إليه��ا، وهي منزل��ة علم الس��لف وتفس��يره، وقيمت��ه بالنسبة لتفسيرات المتأخرين، وتلك قضية مهمة غفل عنه��ا كث��ير ممن دخ��ل في اإلعج��از العلمي، فف��رح بم��ا أوتي من العلم، وظن ��� جهال من��ه ��� أن تفسيرات السلف تفسيرات ساذجة، وليس فيها قيم�ة علمي�ة، وتل�ك بلي�ة بال

ريب.[ :(: ]إن المجال ال يتس��ع لمقدم��ة ال ب��د88،�� 86اإلعجاز العلمي إلى أين )ص

منه��ا، ف��أكتفي باإلش��ارة إليه��ا، وهي منزل��ة علم الس��لف وتفس��يره، وقيمت��ه بالنسبة لتفسيرات المتأخرين، وتلك قضية مهمة غفل عنه��ا كث��ير ممن دخ��ل

[8]

Page 9: Web viewالإعجاز العلمي إلى أين (ص: 16) [ويمكن تعريف المعجزة بالآتي: آية النبي المختصَّة به

في اإلعج��از العلمي، فف��رح بم��ا أوتي من العلم، وظن ��� جهال من��ه ��� أن تفسيرات السلف تفسيرات ساذجة، وليس فيها قيم�ة علمي�ة، وتل�ك بلي�ة بال ريب. وأق��ول: إن المق�ام ال�ذي يجب علين��ا أن نقوم��ه أم��ام تفس��ير الس��لفل في أمور: األول: معرفة ما من الله عليهم به من التقدم في اإلس��الم، يتمث واإلحاط��ة بعلم الش��ريعة، واإلدراك لمع��اني كالم الل��ه مم��ا نحت��اج ��� نحن المتأخرين � إلى أن ندرك مرامي تفسيراتهم، ودقة أقوالهم في ذلك. الثاني: أن نفهم كالم السلف ونعرفه، لكي ال نتعجل في رده. الثالث: أن نب��ني علي��ه وال ننقضه. الراب��ع: أن نعلم أن اختالفهم ��� في الغ��الب ��� اختالف تن��وع، وق��د يكون راجعا إلى قول، وقد يكون راجعا إلى قولين أو أك��ثر. ف��إن ك��ان راجع��ا إلى قول، فقد يكون القول المعاصر داخال في أحد أقوالهم، وقد يكون معنى جديدا. فإن كان معنى جديدا فضابط قبول��ه أن ال ينقض ق��ولهم، وي��رده. وإن كان راجعا إلى أكثر من قول، فإما أن نختار من أقوالهم، وإما أن نأتي ب��رأي جديد يكون مع أق��والهم على س�بيل التن��وع ال المناقض�ة. وه��ذا المق�ام، في��ه سعة في اختيار قول واإلعراض عن األق��وال األخ��رى، لكن ال يك��ون االختي��ار

والترك إال بعلم؛ ألنه قد يكون المتروك هو القول الصحيح.الخامس: أن عدم قولهم به��ذا مب��ني على مس��ألة مهم��ة، وهي التفري��ق بين

أمرين: األمر األول: أنه ال يوجد في القرآن م��ا لم يع��رف ل��ه الس��لف مع��نى صحيحا، وهذا يعني أنهم � بجمهورهم � فس��روا الق��رآن كل��ه، ولم يفت عليهم شيء من معانيه. األمر الثاني: أن للقرآن وجوه��ا غ�ير ال��تي ذكره��ا الس��لف، وأنه يجوز تفسير القرآن بالوجوه الصحيحة التي تحتملها اآلية، وهذا يعني أنه قد يرد عند المت��أخرين من وج��وه الق��رآن م��ا لم تكن دواعي��ه موج��ودة عن��د السلف، فيفس��ره المعاص��رون على م��ا ظه��ر عن��دهم من ال��دواعي، ويك��ون

تفسيرهم مقبوال إذا كان جاريا على أصول التفسير الصحيحة.[(: ]أراه في ض���وابط قب���ول ه���ذه89 )ص: اإلعج,,,از العلمي إلى أين

ر بها صحيحة في ذاتها، ف��إن ك��انت التفسيرات: أوال: أن تكون القضية المفس باطلة فال يصح أن يحمل القرآن عليها: وتظهر صحتها من ثالثة وجوه: الوج��ه األول: صحتها من جهة الوقوع. الوجه الثاني: داللة اللغة عليها. الوجه الثالث: عدم مناقضتها للشرع. أم��ا الوج��ه األول: فال يمكن أن يدرك��ه إال المتخص��ص بتلك الواقعة من فلكي أو طبيب، أو جيولوجي، أو غيرهم؛ كل في تخصص��ه. وما ذلك إال ألن العالم بالتفسير، أو بالشريعة لم يدرس ه��ذه العل��وم لي��درك صحة الواقعة من خالفها، لذا فإنه يعتمد على ما يذكره الع��الم بتل�ك الواقع�ة ثقة به في علمه، فإذا أخبر الط��بيب عن الظلم��ات الثالث بحس��ب م��ا وص��ل إلي��ه علم الطب اآلن، فإن��ه ال س��بيل للمفس��ر إلى إنك��ار ذل��ك، ب��ل ش��أنه

التصديق ثقة بالمخبر عن ذلك.[(: ]أم��ا الوج��ه الث��اني والث��الث: ف��إن90 )ص: اإلعج,,از العلمي إلى أين

[9]

Page 10: Web viewالإعجاز العلمي إلى أين (ص: 16) [ويمكن تعريف المعجزة بالآتي: آية النبي المختصَّة به

المفسر أقدر فيهما من العالم بالواقعة الكونية أو التجريبية، ويمكن��ه معرف��ة صحة داللة اللغة على تلك الواقعة، أو عدم مناقضتها للش��رع، وأض��رب علىر ال��ذرة في مث��ل قول��ه ذلك مثالين موجزين لض��يق المق��ام: األول: من فس����ره{ ا ي ر ة ش�� ة خيرا يره *ومن يعمل مثقال ذر تعالى: }فمن يعمل مثقال ذر

ة اإللكترونية، وذلك غير معروف في لغة العرب،8 -� 7]الزلزلة: [. بأنها الذرر قول��ه تع��الى: }وق��د خلقكم أط��وارا{ فال يصح التفسير بها. الثاني: من فس

[ بأنه��ا األط��وار الدارويني��ة في نظري��ة النش��وء واالرتق��اء، وتل��ك14]ن��وح: النظرية مصادمة للشرع، وهي باطلة مردودة.[

(: ]ثاني��ا: أن ال تن��اقض ق��ول الس��لف90 )ص: اإلعج,,از العلمي إلى أين )الصحابة والتابعين وأتب��اعهم(: وق��د مض�ت اإلش��ارة إلى تفص��يل الق�ول في ذل���ك، وأن المناقض���ة إنم���ا تك���ون في رد م���ا اتفق���وا علي���ه، أو رد جمي���ع تفسيراتهم؛ ألن من لوازم ذلك أن يكون في القرآن شيء من معاني��ه جهل��ه المسلمون منذ عهد الصحابة إلى وقت ظهور هذه القضية العلمية، واكتشاف وجه ارتباطها بمعنى اآلية، وهذا الزم باطل بال ريب، والقول بجهل الس��ابقين بمعنى اآلية مطلقا يدل على وج��ود خل��ل في تنظ��ير القض��ية. والص��واب في ذلك: أن يقبل م��ا قال��ه الس��لف، ويض��اف إلى أق��والهم م��ا تحتمل��ه اآلي��ة من

المعاني الصحيحة التي يحتملها السياق.[(: ]فقد تك��ون القض��ية ال��تي ثبتت في91 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

المكتشفات صحيحة ال ريب فيها، ولكن اآلية لها داللة عن��د الس��لف ال تواف��ق تلك القضية المكتشفة، فيأتي من يعت��ني به��ذا األس��لوب، فيجع��ل اآلي��ة ت��دل على ما ثبت في االكتشاف المعاصر، وقد تكون اآلية ال تدل عليه، فه��ل ي��دل��رد أن الم ومن ي دره لإلس�� رح ص�� ��ه يش�� ه أن يهدي ��رد الل قوله تع��الى: }فمن يه ��ذلك يجع��ل الل ماء ك عد في الس�� م��ا يص� قا حرج��ا كأن ي دره ض�� ه يجعل ص� يضل

ذين ال يؤمنون{ ]األنعام: جس على ال [ على ما اكتشف حديثا من أن125الرة األكسجين؟ اإلنسان إذا صعد في طبقات الجو العليا يضيق تنفسه بسبب قلفت قض��ية كوني��ة ص�حيحة، ذلك ما يحتاج إلى تحرير، ألن القضية ال��تي اكتش�� واآلية لها داللة، فهل من دالالتها هذه القضية؟ وأقول: إن كث��يرا من القض��ايا��ا، لكن األم��ر هن��ا في ص��حة دالل��ة التي ربطت بالقرآن تك��ون ق��د ثبتت علمي

القرآن عليها، والله أعلم.[(: ]والنتيج��ة في مث��ل ه��ذه: أن تك��ون91 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

القضية المكتشفة صحيحة، وال تناقض تفس�ير الس�لف، لكن اآلي�ة ال تحتمله�ا وال ت��دل عليه��ا. وه��ذه المس��ألة ��� وهي ص��حة دالل��ة اآلي��ة على المكتش��فاتزاع الذي يحتاج إلى تحرير؛ إذ األق��وال العلمية � هي محور الخالف، ومحل الن

الباطلة المبنية على علم باطل ال يدل عليها القرآن قطعا.[(: ]ف��إنني ال زلت أدع��و إلى الت��ؤدة92 )ص: اإلعج,,از العلمي إلى أين

[10]

Page 11: Web viewالإعجاز العلمي إلى أين (ص: 16) [ويمكن تعريف المعجزة بالآتي: آية النبي المختصَّة به

ث في إثبات كون الق��رآن دل على ه��ذه المكتش��فات المعاص��رة، ألن��ه والتري - القول على الل��ه ب��أن1يبنى على ذلك أمور هي من األهمية بمكان، ومنها:

هذه القضية المكتشفة أحد مراداته في كالمه، وإذا كان ه��ذا الق��ول بال علم،ي م رب م��ا ح��ر فإنه من المحرمات التي ذكرها الل��ه في قول��ه تع��الى: }ق��ل إنه ركوا بالل الفواحش ما ظهر منها وما بطن واإلثم والبغي بغير الحق وأن تش��

ه ما ال تعلمون{ ل به سلطانا وأن تقولوا على الل - االعتم��اد على2ما لم ينز ربط هذه القضية في إثبات صحة الرسالة، مع أن ص��حتها تثبت بم��ا ه��و دون

- أن كثرة االستدالل بهذه القضايا على صحة الرسالة تجعل اإلس��الم3ذلك. دينا عقليا بحتا، فالداخل في��ه ال يمكن أن يقتن��ع ب��ه إال به��ذا األس��لوب، وذل��ك مخالف لطبيعة اإلسالم، فكثير ممن ربطوا اإلس��الم به��ذا العق��ل دون العق��ل الفطري وقعوا في الض��الل؛ ككث��ير من المتكلمين والفالس��فة ال��ذين عاش��وا

- أن��ه مم��ا ال يخفى على4في ظل اإلسالم؛ كابن سينا وابن رش��د وغ��يرهم. الباحثين في األمور الكونية والتجريبية أن العلم البشري ن��اقص، وأن��ه يتط��ور ��ا مرة بعد مرة، وال يأمنون أن ما يعدونه اليوم حقيقة يكون غ��دا تاريخ��ا علمي

لقضية أخرى، وال يكون الفهم السابق هو الصواب.[المقالة الثالثة: اإلعجاز العلمي

(: ]إن منهج التفسير الذي سار علي��ه103 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين العلم��اء، ونص علي��ه بعض��هم أن الق��ول ال��ذي قي��ل بع��د جي��ل الس��لف في طبقاتهم الثالث )الصحابة والتابعون وأتباعهم( يقبل بضوابط، وهي: أن يكون القول صحيحا في ذاته، وأن تحتمله اآلية، وأن ال يكون في الق��ول ب��ه إبط��ال لتفسير السلف، وأن ال يقتص��ر على ه��ذا الق��ول ح��تى ال يفهم أن غ��يره غ��ير صحيح، فإذا وافق قول هذه الضوابط فهو قول يدخل في محتمالت اآلية، وال

يلزم أن يكون هو القول الصحيح الوحيد، والله أعلم.[(: ]إن صدق كثيرين ممن ولج105،� 104 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

��ذكر في هذا الباب ال ينكر، وقيامهم بالدعوة إلى الله من هذا الس��بيل جه��د ي ويشكر، لكن كتاب ربنا � تبارك وتع��الى ��� أغلى وأعلى من أن نس��مح لمن الن لكالم الله بما يخالف ما جاءت ب��ه يحسن التفسير أن يجعل نفسه هو المبي الشريعة، أو أن نربط به هذه العلوم المعاصرة من أجل أن نثبت للع��الم أنن��ا

نملك من العلم ما لم يصلوا إليه.[لف في بحوث المقالة الرابعة: تصحيح طريقة معالجة تفسير الس

اإلعجاز العلمي(: ]أم��ا بع��د: ف��إن كت��اب الل��ه110،�� 109 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

تعالى نزل بلسان عربي مبين، وعلم��ه جي��ل الس��لف مجتمعين، فال يمكن أن

[11]

Page 12: Web viewالإعجاز العلمي إلى أين (ص: 16) [ويمكن تعريف المعجزة بالآتي: آية النبي المختصَّة به

يق��ال: إن آي��ة من��ه لم يق��ع لهم فيه��ا الفهم الص��حيح، ومن ق��ال: إن آي��ة لم يفهمها هؤالء، فإنه قد زعم النقص في البيان الرباني والنبوي على حد سواء،كم تعقلون{ ]يوس��ف: ا لعل ا أنزلناه قرآنا عربي فالله سبحانه وتعالى يقول }إن

كم تعقل��ون{ ]الزخ��رف: 2 ا لعل ا جعلناه قرآنا عربي [، ويق��ول:3[، ويقول: }إنكم تعقلون{ ]البقرة: ه لكم آياته لعل ن الل [، ويقول: }اعلم��وا242}كذلك يبي

كم تعقل��ون{ ]الحدي��د: ��ات لعل ا لكم اآلي ن ه يحيي األرض بعد موتها قد بي أن الله لوج��دوا في��ه17 ��ر الل ��د غي ��ان من عن رون القرآن ولو ك [، ويقول: }أفال يتدب

��وب82اختالفا كثيرا{ ]النساء: رون الق��رآن أم على قل ��دب [، ويق��ول: }أفال يت��ات24أقفالها{ ]محمد: روا الق��ول أم ج��اءهم م��ا لم ي ��دب [، ويق��ول: }أفلم ي

روا68آباءهم األولين{ ]المؤمنون: ��دب [، ويقول: }كتاب أنزلناه إليك مبارك لير أولو األلباب{ ]ص: [، وغيرها من اآليات ال��تي ت��دل على أن29آياته وليتذك

ر للن��اس فهم��ه ن كالمه بيانا واضحا ال لبس فيه وال إلغاز، وأن��ه يس�� الله قد بيرنا القرآن لل��ذكر فه��ل من م��دكر{ ]القم��ر: [،22كما قال تعالى: }ولقد يس

وه��ذا التيس��ير ال يمكن أن يك��ون لجي��ل مت��أخر دون الجي��ل المتق��دم منالسلف.[

(: ]التفسير: إن الق��رآن يحت��وي على112 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين عدد من العلوم، منها التفسير، وقد وقع خالف في تعريف التفسير، وأوضحها � والله أعلم �: بيان معاني القرآن الكريم. ألن مدلول التفسير من جهة اللغة هو البيان، والمراد من المفسر بيان المعاني، أما العلوم األخرى التي يحت��وي عليها القرآن فإنها ليست من التفسير؛ فعد اآلي �� مثال �� من عل�وم الق�رآن، لكنه ليس من التفسير؛ ألنه ال يبنى على معرفة عد اآلي فهم لمعنى آي��ة من اآليات، والمقصود أنه يحسن أن ننتبه إلى الفرق بين علوم القرآن المرتبط��ة بسوره وآياته، وعلم التفسير الذي هو بيان معانيه، فكل ما ل��ه أث��ر في بي��ان معانيه، فهو من العلوم التي ينبغي للمفسر االعتناء بها ليستطيع بيان مع��اني

القرآن على الوجه المرضي.[(: ]الس��لف: األص��ل اللغ��وي لكلم��ة112 )ص: اإلعج,,از العلمي إلى أين

السلف يدل على السبق والتقدم، فكل ما تقدمك فهو س��لف، وه��ذا اإلطالق اللغوي يشمل كل من سبقك من الناس، لذا إذا قلت: المفسر القرطبي من السلف، فإن ذلك قول صحيح من حيث اللغة. غير أن للعلماء اصطالحا خاصا في المراد بالسلف، وقد اختلفوا في تحديد الفترة الزمنية التي يق��ف عن��دها ه��ذا المص��طلح، والغ��الب في ذل��ك أنهم الص��حابة والت��ابعون وأتب��اعهم ممنة. والس��لف في مص��طلح المفس��رين ال يخ��رج عن ه��ذه ن التزم الكتاب والس�� الطبق��ات الثالث بدالل��ة أن��ك إذا رجعت إلى التفاس��ير ال��تي جمعت م��أثور السلف � كتفسير الطبري وابن أبي ح��اتم ��� تج��دها تعتم��د على م��ا نق��ل عن

هذه الطبقات الثالث، وتراها تقف عند طبقة أتباع التابعين.[[12]

Page 13: Web viewالإعجاز العلمي إلى أين (ص: 16) [ويمكن تعريف المعجزة بالآتي: آية النبي المختصَّة به

(: ]أص��ول التفس��ير: هي األس��س113 )ص: اإلعج,,از العلمي إلى أين العلمية التي يرجع إليها المفسر حال تفس��يره لكالم الل��ه وتحري��ره لالختالف في التفسير. وإن من أهم مسائل هذا العلم ثالثة أم��ور كلي��ة: األول: مص��ادرة وأق��وال الس�لف واللغ�ة(. ن التفسير )النقل والرأي(، وطرقه )الق�رآن والس� الث��اني: اإلجم��اع في التفس��ير، واالختالف في��ه )أنواع��ه، وأس��بابه، وط��رق المفسرين في التعبير عنه(. الث��الث: كيفي��ة التعام��ل م��ع اختالف المفس��رين

)قواعد الترجيح(.[(: ]من الكتب المتخصص��ة في ه��ذا113 )ص: اإلعج,,از العلمي إلى أين

- الف��وز2 - مقدمة في أصول التفسير، لش��يخ اإلس��الم ابن تيمي��ة. 1العلم: - التكمي��ل ألص��ول3الكبير في أصول التفسير، للعالمة ولي الل��ه ال��دهلوي.

التأويل، للمعلم المحقق عبد الحميد الف��راهي. وق��د ش��ارك المعاص��رون في - أصول التفسير1الكتابة تحت هذا العنوان، ومن هذه الكتب في هذا العلم:

- أصول التفسير ومناهجه، لألستاذ ال��دكتور فه�د بن2وقواعده، لخالد العك. - فص��ول في أص��ول التفس��ير، لل��دكتور مس��اعد بن3عبد الرحمن الرومي.

- التفس��ير أص��وله وض��وابطه، لألس��تاذ ال��دكتور علي بن4س��ليمان الطي��ار. 1سليمان العبيد. كما أن هناك كتابة في موضوع من موضوعاته، ومن ذل��ك:

-2- اختالف المفسرين أسبابه وآث��اره، لألس��تاذ ال��دكتور س��عود الفنيس��ان. - أس��باب اختالف المفس��رين،3قواع��د ال��ترجيح، لل��دكتور حس��ين الح��ربي.

- قواعد التفس��ير، لل��دكتور4لألستاذ الدكتور محمد بن عبد الرحمن الشايع. خالد السبت.[

(: ]قد أشار بعض العلماء إلى أهمي��ة115 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين معرفة علم السلف وما لهم في��ه من الفض��ل، ومن أنفس م��ا كتب في ذل��ك

كتاب )فضل علم السلف( البن رجب الحنبلي[ :(: ]وكذا الحال بالتابعين، الذين هم116،� 115اإلعجاز العلمي إلى أين )ص

أك��ثر طبق��ات الس��لف في التفس��ير، وع��ددهم في��ه كث��ير، لق��د س��ألوا عن التفسير، واستفصلوا فيما غمض عليهم، ولهم في ذلك أق��وال، ومن أش��هرها ما رواه الطبري بسنده عن الشعبي، قال: »والله ما من آية إال سألت عنه��ا، لكنه�ا الرواي�ة عن الل�ه تع�الى«. وروى بس�نده عن مجاه��د، ق��ال: »عرض�ت المصحف على ابن عباس ثالث عرضات من فاتحته إلى خاتمته، أوقف��ه عن��د

كل آية وأسأله عنها«.[(: ]لكن مم��ا يحس��ن ذك��ره هن��ا أن116 )ص: اإلعج,,از العلمي إلى أين

يعرف المفسر المعاصر أن اجتهاده في التفس�ير س�يكون في أم�رين: األم�ر األول: االختيار من أقوال المفسرين السابقين. األمر الثاني: اإلضافة على ماقاله السلف، ولكن يحرص على أن يكون مضيفا ال ناقضا ومبطال ألقوالهم.[

(: ]إن أي مفسر � كائنا من كان � إذا119 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين [13]

Page 14: Web viewالإعجاز العلمي إلى أين (ص: 16) [ويمكن تعريف المعجزة بالآتي: آية النبي المختصَّة به

أقدم على التفسير وهو غير عالم بطريقة التعامل م��ع تفس��ير الس��لف ح��ال االتفاق وحال االختالف، فإنه سيقع في تفسيره خلل بس��بب نقص علم��ه في هذا المجال، إال أن يكون ن�اقال ال رأي ل��ه، وبه�ذا يك�ون خارج��ا عن أن يك��ون

مفسرا.[(: ]وذهب بعض المعاص��رين إلى أن120 )ص: اإلعج,,از العلمي إلى أين

(، وهذا المعنى له أصل في اللغة، وه��و2الدحو هنا بمعنى جعل األرض كرة ) حقيقة كونية دلت عليها آيات قرآنية غير هذه اآلية، وبهذا يكون قد تحقق في

هذه القضية صحتها من جهة اللغة، وصحتها من جهة الواقع.[(: ]وعند تأمل ه��ذه األق��وال تج��د أن123 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

ذين كفروا{ ]األنبياء: [ تحتمل أمرين: األول:30الرؤية في قوله: }أولم ير ال أن الرؤية بمعنى العلم، وعلى هذا القول األول والث��اني والراب�ع، وه��ذا يع��ني أن االعتبار بهذه اآلية ي�أتي عن طري��ق العلم االس��تداللي. الث��اني: أن الرؤي�ة بصرية، وعليه القول الث��الث ال��ذي فس��ر الرت��ق بع��دم إن��زال المط��ر وبع��دم إنبات النبات، والفتق بإنزال المطر، وبإنبات النبات، وهذا مشاهد لك��ل واح��د من الناس، فهم يدركونه بأبصارهم، وعلى هذا يكون المراد العبرة باآلي��ة عن

طريق البصر.[(: ]وأق��رب أق��وال المفس��رين له��ذه125 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

النظرية القول األول، وه��و من ق��ال ب��أن الس��موات واألرض كانت��ا ملتزق��تين ففتقهما إلى سماء وأرض. وهذا يعني أن القول بهذه النظري��ة ��� على س��بيل التفسير � إنما هو تفصيل لمجمل هذا القول، وليس قوال حادثا جدي��دا، وإنم��ا الجديد فيه هذه التفاصيل التي ال زالت في ط��ور النظري��ة. وإذا ص��حت ه��ذه النظرية فصارت بمثابة الحقيقة ال��تي ال خالف فيه��ا، فإن��ه ال يمتن��ع أن تك��ون أحد المعاني المرادة بهذه الجملة من اآلية، مع بقاء احتمال األق��وال األخ��رى

في كونها مرادة كذلك، لكن ال زال أقوى األقوال ما ذكرت ترجيحه.[(: ]واعلم أن كل من نقص علم��ه، أو129 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

نقص اعتم��اده على المص��ادر الص��حيحة، فإن��ه س��يقع في الخط��أ ال محال��ة،علم، ولم يكن إلي��ه س��بيل، أما أن يك��ون وليس بمع��ذور إال إذا لم يس��تطع التفس��ير، حيح للت ب علم، وال يح��رص على تعلم األس��لوب الص�� بين علم��اء وطاللوك فليس ذلك بمعذور، بل إن العتب عليه مض��اعف، لع��دم حرص��ه على س��

بيل الصحيح لتفسير كالم الله، مع حرصه على الكالم فيه.[ الس(: ]إن ك���ل ق���ول يق���ال في134-131 )ص: اإلعج,,از العلمي إلى أين

التفسير يمكن أن يعلم صحيحه من خطئه، والقول الص��حيح تعلم ص��حته من - أن تدل عليه لغة العرب، وذل��ك في تفس��ير األلف��اظ أو الص��يغ أو1وجوه:

- أال يخالف مقطوعا به في الشريعة. فإن ما ال يوافق الش��ريعة2األساليب. ال يمكن أن تدل عليه آيات القرآن بحال.[

[14]

Page 15: Web viewالإعجاز العلمي إلى أين (ص: 16) [ويمكن تعريف المعجزة بالآتي: آية النبي المختصَّة به

(: ]فإن ما ال يواف��ق الش��ريعة134،� 133 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين ال يمكن أن تدل علي��ه آي��ات الق��رآن بح��ال، وذل��ك كمن يفس��ر قول��ه تع��الى:

[، بأنها األطوار الدارويني��ة، ونظري��ة دارون -14}وقد خلقكم أطوارا{ ]نوح: ماوية التي تجع��ل أص��ل اإلنس��ان رائع الس كما هو معلوم - مخالفة لجميع الش أبانا آدم عليه الس�الم. وك��ذا من يفس�ر الع�رش أو الكرس�ي بأح�د الك��واكب السيارة، وهذا مخالف أيضا لما ثبت في الشريعة من كون ه��ذه المخلوق��ات

فوق السموات، وأنها أكبر منها بكثير.[(: ]الض��ابط الث��اني: أن تحتم��ل اآلي��ة134 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

هذا القول الحادث: ويمكن معرفة ذلك بطرق، منها أن ت��دل علي��ه ب��أي وج��ه من وجوه الداللة: مطابقة أو تضمنا أو لزوما، أو مثاال لمع��نى لف��ظ ع��ام في اآلية، أو جزءا من مع��نى لف�ظ من األلف�اظ، أو غ�ير ذل�ك من ال�دالالت ال�تي

يذكرها العلماء من أصوليين وبالغيين ولغويين ومفسرين.[م بمواق��ع135 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين (: ]قوله تع��الى: }فال أقس��

جوم{ ]الواقعة: [ ورد فيها تفسيران للسلف: األول: أن المراد بالنجوم75الن نجوم القرآن، أنزل القرآن على رسول الل��ه ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم نجوم��ا متفرقة، وقد ورد ذلك عن ابن عباس، وعكرمة، ومجاهد. الث��اني: أن الم��راد بالنجوم نجوم السماء، واختلف القائلون بكون المراد بها نج��وم الس��ماء على عدة معاني: المعنى األول: فال أقس��م بمس��اقط النج��وم ومطالعه��ا، والم��راد مواقع طلوعها في أول الليل، ومواق��ع غروبه�ا في آخ��ر اللي��ل، وق��د ورد عن مجاهد، وقتادة. المعنى الثاني: بمنازل النجوم، والمراد بها المنازل المعروفة له��ذه النج��وم، ك��الثور والس��رطان والج��وزاء وغيره��ا، وق��د ورد عن قت��ادة. المع��نى الث��الث: بانتث��ار النج��وم عن��د قي��ام الس��اعة، وق��د ورد عن الحس��ن البصري. وإذا تأملت هذه األقوال وجدتها قد اختلفت في المراد ب��النجوم، ثم

اختلف القائلون بأنها نجوم السماء في المراد بمواقعها.[(: ]وكثير من المسائل التي يطرحه��ا139 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

ى المعتنون باإلعجاز العلمي تتصف بأن االطالع عليها محدود، وإدراكها ال يت��أت بس��هولة، ب��ل بمعالج��ة علمي��ة معقدة من خالل اآلالت والمعام�ل المتط��ورة. والمقصود أن القرآن ال��ذي ن�زل للن��اس كاف��ة ال يمكن أن ي�راد ب�ه بعض م�ا تدركه الخاصة فقط. وه��ذه الوج��وه ال��تي ذكرته��ا تجع��ل الق��ول به��ذا الق��ول المعاصر محل نظر في أن يك��ون م��رادا باآلي��ة، ف��االعتراض هن��ا على ربط��ه

باآلية وليس في صحته في ذاته.[(: ]تفس��ير الس��لف ش��امل للق��رآن139 )ص: اإلعج,,از العلمي إلى أين

كل��ه، وال يمكن أن يخ��رج الح��ق عنهم، أو يخفى عليهم فال يدركون��ه، ويدرك��ه المت��أخرون. والمع��نى أن ك��ل الق��رآن ك��ان معلوم��ا لهم بوج��ه من الوج��وه الصحيحة، وأن ما زاده المتأخرون من الوجوه ال يعني نقص علمهم ب��القرآن؛

[15]

Page 16: Web viewالإعجاز العلمي إلى أين (ص: 16) [ويمكن تعريف المعجزة بالآتي: آية النبي المختصَّة به

ألن موجب ذلك القول الذي ظه��ر للمت��أخرين لم يكن موج��ودا في عص��رهم كي يقال بجهلهم به. وعلى هذا فإنه ال يوجد في الق�رآن م�ا لم يعلم الس�لف معناه، وال يمتنع أن يظهر للمتأخرين وجوه صحيحة من التفسير؛ يجوز القول

بها واعتمادها ما دامت ال تناقض قول السلف.[(: ]وج��ود الخط��أ في تفس��ير145،�� 144 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

آحاد السلف: أقول: إن وقوع الخطأ من الواحد منهم غير بعي��د، س��واء أك��ان في التفسير، أم في معرفة هذه القضايا كما هي في الواقع، إذ ق��د يتكلم��ون في ذل��ك باجته��ادهم، أو بم��ا وص��لهم من العلم المعاص��ر لهم. لكن الحكم بالخطأ ال يتأتى لكل واحد، وال بد من التريث حال الحكم بالخطأ على تفس��ير ما، وليس هناك ما يمنع من التخطئة إذا ثبت وقوع الخطأ، لكن الذي يحس��ن التنبه له أن بعض أقوالهم قد يكون لها وجه يجهله المخطئ، ولو حمل��ه على ذلك الوجه الذي ذكره الواحد من السلف لصح عن�ده، وه�ذا ب�اب في أص�ول التفسير مهم، وهو )توجيه أقوال السلف( فمن تعلم طرائ��ق توجي��ه أق��والهم وجد كثيرا منها له وجه معتبر، وإن كان غير راجح عند بعض العلم��اء، وألذك��ر

لك مثاال تهتدي به في هذا المقام.[(: ]واألسلوب الصحيح في مث��ل ه��ذا148 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

- أن يفهم ق��ول المفس��رين على وجه��ه، ويع��رف وجه��ه الص��حيح1المث��ال: -2الذي قالوا به، وذلك بتطابق ما قالوه مع معنى البرزخ والحجر المحجور.

أن يت��أدب في العب��ارات معهم، وال ي��ؤتى بعب��ارات تش��عر بالتص��غير لعلمهم - أن يجعل ما فهم�وه ص�حيحا �� إن ك�ان ق��وال واح�دا �� أو يخت�ار3وفهمهم.

الباحث من أقوالهم المختلفة المعنى الذي يظهر له أنه صحيح، وال يرمي كل - أن4ما عندهم من األقوال ويتركه��ا ألج��ل م��ا توص��ل إلي��ه العلم الح��ديث.

يجعل ما توصل إليه إضافة فحسب، وهي إضافة قابلة للص��واب والخط��أ، واليصلح الجزم بها كما هو الحال في مثل هذا المثال.[

(: ]ف��إن قلت: لم لم ت��ذكر ض��ابط150 )ص: اإلعج,,از العلمي إلى أين العق��ل هن��ا؟ أليس العق�ل ض��ابطا في معرف��ة الص�دق من الك��ذب؟ ف��أقول: العقل قرينة في معرف��ة الص��دق من الك��ذب، لكن هن��اك بعض األم��ور ال��تي تختلف فيها العقول من جه��ة القب��ول وعدم��ه، كم��ا أن هن��اك غ��رائب حكاه��ا الرسول صلى الله عليه وسلم، ولوال حكايته لها لما قبلتها العقول، فدل على أن العقل ليس ض��ابطا مطلق��ا؛ ألن��ه ق��د ي��أتي في بعض ه��ذه المروي��ات م��ا تستغربه العقول ال ما تحيله العقول، وليس من الصواب ردها لعدم مالءمته��اج عند عقل غ��يرك على تخ��ريج معق��ول مقب��ول، وس��يأتي لعقلك؛ إذ قد تتخر

ذكر مثال لذلك.[(: ]وإن رأى بعض من يطل��ع155،�� 154 )ص: اإلعج,,از العلمي إلى أين

رهم بأن األمر على مقالتي هذه تشديدا في مسألة اإلعجاز العلمي، فإني أذك[16]

Page 17: Web viewالإعجاز العلمي إلى أين (ص: 16) [ويمكن تعريف المعجزة بالآتي: آية النبي المختصَّة به

خطير، وإن وجد تشديد فإنه من باب الذب عن كت��اب الل��ه تع��الى، فال يج��وز لكل مسلم أن يقول في كالم الل��ه وتفس��يره م��ا يق��ول، وه��و ليس من أه��ل العلم، وال هو عارف بالتفسير وأص�وله، ف�إن الق�ول على الل�ه بغ�ير علم مني الف��واحش م��ا م رب م��ا ح��ر الكبائر التي حرمها الله، كما قال تعالى: }قل إنل به ه ما لم ينز ظهر منها وما بطن واإلثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالل

ه ما ال تعلمون{ ]األعراف: [، والتفس��ير ق��ول33سلطانا وأن تقولوا على اللر كالمه، فكأنه يقول: هذا ما قاله الل��ه وأراده بكالم��ه، على الله؛ ألن من فسع��وا في��ه، ومن ذل��ك ق��ول ل��ذا عظم بعض الس��لف ج��انب التفس��ير، وتور مسروق: »اتقوا التفسير، فإنما هو الرواية عن الله«، وقد كان ذلك المذهب ��� وه��و الت��ورع في التفس��ير ��� ب��ارزا في علم��اء الت��ابعين من أه��ل المدين��ة والكوف��ة، وال��ذين يري��دون تفس��ير كالم الل��ه بحاج��ة إلى أن يدرس��وا ه��ذا

المذهب، ويتأملونه قبل أن يلجوا إلى التفسير.[(: ]وإن من العجيب أن يطالب بعض155 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

الجادين في بحث اإلعجاز العلمي؛ يطالب المتكلمين فيه بأن ال يتكلموا فيم��ا ال يحسنون من العلم، فال يبيحون للطبيب أن يتكلم في اآلي��ات ال��تي تتح��دث عن الفلك ليبين وجوه اإلعجاز فيها، وال يبيحون للمهندس أن يتكلم في آي��ات الطب ليبين اإلعجاز فيها، ويأمرون باحترام التخصص، وال ت��رى كث��يرا منهم � مع كل أسف � يطالبون بالتعامل مع التفسير وأص��وله بمث��ل ه��ذه المطالب��ة، وكأن علم التفسير علم سهل ميسور يستطيعه ك��ل مثق��ف، وك��ل متخص��ص في العلوم التجريبي��ة والكوني��ة، ونحن ن��رى كي��ف يق��ع الخل��ل في فهم بعض اآليات ممن هم متخصص��ون في علم الش��ريعة، وليس��وا من أه��ل التفس��ير؟

فكيف الحال بهؤالء؟![نة؟ المقالة الخامسة: هل يصح أن ينسب اإلعجاز للس

(: ]إن أزم��ة المص��طلحات ال تك��اد159 )ص: اإلعج,,از العلمي إلى أين زاع، تنفك عن علم من العلوم، ونحن بحاجة إلى النظر فيها لتحري��ر مح��ل الن أو لما قد ي�ترتب عليه�ا من معلوم�ات فيه�ا خل�ل، ل�ذا ف��إن م�ا يق�ال: إن�ه ال مش���احة في االص���طالح = فإن���ه ليس على إطالق���ه، نعم، ال مش���احة فير حق��ائق األم��ور، وال ي�ترتب علي��ه معلوم��ات علمي��ة االصطالح إذا ك��ان ال يغي

خاطئة.[(: ]إذا رجعنا إلى تراثنا المتراكم عبر159 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

القرون، وجدنا علماءنا � رحمهم الله تعالى ��� ق��د كتب��وا في ه��ذا األم��ر، لكن تحت مسمى )دالئل النبوة( أو )أعالم النب��وة(، وه��و أق��ل في االس��تعمال من )دالئل النبوة(. ويذكرون في كتبهم هذه أم��ورا: األول: معج��زات نبين��ا محم��د صلى الله عليه وسلم. الثاني: أحوال��ه الدال��ة على ص��دقه. الث��الث: إخبارات��ه

[17]

Page 18: Web viewالإعجاز العلمي إلى أين (ص: 16) [ويمكن تعريف المعجزة بالآتي: آية النبي المختصَّة به

ب��الغيب، واإلش��ارة إلى وق��وع بعض م��ا أخ��بر ب��ه. ل��ذا ف��دالئل النب��وة فيه��ا المعجزات، وفيها غيرها مم��ا ي��دل على ص��دق نبين��ا محم��د ص��لى الل��ه علي��ه

وسلم.[ المقالة السادسة: تعريف اإلعجاز العلمي بالسبق هل هو دقيق في

التعبير عن مضمونه؟(: ]إن حقيق���ة الس���بق تكمن في169 )ص: اإلعج,,,از العلمي إلى أين

المجهود البشري البحت، وليس في ادعاء سبق الق��رآن للعلم المعاص��ر؛ ألني بال ريب، وال يمكن ألح��د أن يج��زم ب��أن ه��ذه القض��ية ادع��اء الس��بق ظن المعاصرة تفسير وتأويل آلية ما. وإنما يصح ادعاء السبق في حالين: األولى: أن تكون اآلية ظاهرة واضحة بال نزاع في أن الم��راد منه��ا م��ا اكتش��فه العلم المعاص��ر، وفي ه��ذه الحال��ة، ف��إن فهم الس��لف له��ا يخرجه��ا عن كونه��ا لم تكتشف إال بالعلوم المعاصرة المكتس��بة، ويب��دو أن��ه إذا وج��د أمثل��ة من ه��ذا النوع فإنه��ا خارج��ة عن كالم أه��ل اإلعج��از العلمي. الثاني��ة: إذا ق��ام الب��احث المسلم باكتشاف القضية المعاصرة، ثم اكتشفها الكافر بعده، فتل��ك حقيق��ة السبق. أما أن يعلق السبق � وكذا دعوى اإلخب��ار �� على قض�ية ظني��ة »وهي الزعم بأن اآلية تدل على ه��ذا االكتش��اف المعاص��ر«، فتل��ك مش��كلة علمي��ة

تحتاج إلى نظر وتأمل.[(: ]إذا ت��أملت مجموع��ة من170،�� 169 )ص: اإلعج,,از العلمي إلى أين

األحاديث النبوية التي نسب إليه��ا )اإلعج��از( ��� كم��ا ه��و الح��ال في التعري��ف األول ��� فإن��ك س��تالحظ أن دالل��ة الح��ديث النب��وي على القض��ية المكتش��فة المعاصرة أقوى من داللة اآلية التي تأتي مجملة � في كثير من األحيان � غير محددة الداللة على القضية بعينها، وألضرب ل�ذلك مث�اال: فيم�ا روى البخ�اري في صحيحه عن الن��بي ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم ق��ال: »إذا وق��ع ال��ذباب في شراب أحدكم، فليغمس��ه، ثم لينزع��ه، ف��إن في إح��دى جناحي��ه داء واألخ��رى شفاء«، فهذا صريح في الداللة، بخالف كثير من اآليات التي يستدل بها أه��ل

اإلعجاز العلمي.[(: ]فل��و ثبت يقين��ا أن الك��ون يتم��دد،170 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

فإن السؤال الذي يقع هنا: هل داللة اآلية على تمدد الكون ظنية أو قطعي��ة؟ ال شك أن هذه الداللة ظنية؛ ألن من يقول به�ذا التفس�ير ال يمكن��ه أن يج��زم في إثبات هذه الداللة. وإذا كانت الداللة ظنية، فإن دعوى السبق تبقى ظنية

أيضا.[(: ]هل ينقص فهمنا للقرآن إذا172، 171 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

لم نقل باإلعجاز العلمي؟ والجواب مبني على التفصيل السابق، فم��ا دام أن السلف لم ينقص فهمهم للقرآن � وهم ال يعرفون هذا النوع من العلم � فمن

[18]

Page 19: Web viewالإعجاز العلمي إلى أين (ص: 16) [ويمكن تعريف المعجزة بالآتي: آية النبي المختصَّة به

باب أولى أال ينقص فهمنا نحن. ومن هنا، فلو اقتصر المفسر على م��ا وص��لهك ب��الحق بال ريب، وخ��رج من عه��دة من تفس��ير الس��لف، فإن��ه ق��د تمس�� المساءلة، بخالف من تعرض لإلعجاز العلمي )الظني الداللة(، فإن��ه ال يس��لم من ذلك بأن يقال له: من أين علمت أن هذا هو مراد الله؟ أما األول فيقول: علمته من كون األمة خلفا عن سلف تناقلت هذه األقوال بال نكير، واعتمدتها في التفس��ير، ولم يجعل��وا م��ا ج��اء عن س��لفهم ب��اطال، ولم ي��تركوه وراءهمرون في التفسير إلى بيان أقرب األق��وال أو ظهريا، وإن احتاج العلماء المحر أوالها بالصحة والصواب من األق��وال المختلف��ة في تفس��ير س��لفهم اعتم��دوا القواعد العلمية، وبينوا ذلك بالطرق المعتبرة عند أولي العلم بالتفسير. وهذا ح��ق ظ��اهر بال ريب، وإن ك��ان ق��د يخفى عن بعض من يتكلم في اإلعج��از العلمي لغلبة هذا الموضوع عليه، وتمكنه من نفسه، حتى يظن أن ما جاء به

فإنه حق ال شك فيه. وال يخفاك أن من ظن هذا الظن فإنه مخطئ.[ المقالة الثامنة: التفسير باإلعجاز العلمي قائم على الظن

واالحتمال، وليس على اليقين(: ]لقد بقي تفس��ير الق��رآن بم��ا ورد187 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين

في كتب العلوم التجريبية والكونية يسمى بالتفسير العلمي، وهو اجته��اد في ربط بعض ظواهر الكون المكتشفة حديثا بالقرآن، وإبراز أن الق��رآن ق��د دل عليه��ا، وه��ذه النتيج��ة ال تختل��ف عن االنتق��ال من تس��مية ه��ذه الظ��اهرة التفسيرية الجديدة باسم اإلعج��از العلمي، فه��ذا يفس��ر، وذاك يفس��ر، وإنم��ار به نظرية أو حقيقة. وفي كال الح��التين )أي: كون��ه االختالف في كون المفس تفسيرا علميا أو إعجازا علميا( ال يختلف الحال في أن تفسير القرآن به��ذا أو

ذاك إنما هو تفسير احتمالي ظني.[(: ]إن النتيج��ة ال��تي يري��د أن يص��ل189 )ص: اإلعج,,از العلمي إلى أين

إليها الشيخ الفاض��ل أن )أدنى( في اآلي��ة بمع��نى )أخفض(، والس��ؤال الق��ائم كاآلتي: هل يمكن )الجزم( بأن هذا المعنى مراد من اآلية؟ إذا كان نعم، فم��ا الدليل؟ وإذا كان ال، فإن معنى هذا أن داللة اآلية على ه��ذا االكتش��اف ال��ذي يقال بأنه حقيقة علمية داللة احتمالي��ة ظني��ة، وم��ا دام دالل��ة احتمالي��ة ظني��ة

فأين مقام اإلعجاز؟![ :(: ]وال يخفى على من ينظ��ر في190،�� 189اإلعج��از العلمي إلى أين )ص

كالم بعض المعتنين باإلعجاز من إيراد تفسيراتهم باإلعج��از العلمي على أنه��ارون بعبارات توهم هذا، ومن ذلك قول الشيخ الفاض��ل هن��ا: حق مطلق، ويعبيغلبون{ }في أدنى وم *في أدنى األرض وهم من بع��د غلبهم س�� }غلبت ال��ر

[ أي: في تلك البقعة المنخفضة .. فكيف عرف محمد3 - 2األرض{ ]الروم: صلى الله عليه وسلم ومن أخ��بره ب��ذلك؟ فقول��ه ه��ذا يل��زم من��ه أن محم��دا

[19]

Page 20: Web viewالإعجاز العلمي إلى أين (ص: 16) [ويمكن تعريف المعجزة بالآتي: آية النبي المختصَّة به

صلى الله عليه وسلم عرف ه��ذا المع��نى، ولكنن��ا ال نج��د فيم��ا بين ي��دينا من كتب التفسير أي إشارة لمعرفته صلى الل��ه علي��ه وس��لم به��ذا المع��نى. وإذا كان ال نجد أي إشارة في كتب التفسير لمعرفته صلى الله عليه وس��لم به��ذا المعنى، فإن هذا التعبير من الشيخ عبد الله ادعاء على نبينا محمد صلى الله

عليه وسلم، وهذا ال يجوز إال ببرهان.[الخاتمة

(: ]إن موض����وع اإلعج����از العلمي191 )ص: اإلعج,,,از العلمي إلى أين موضوع طويل، وهو بحاجة إلى مناقشات تأصيلية؛ ألنه يمس بيان كالم الل��ه، إذ من يحمل ما جد من العلوم على كتاب الل��ه، فإن��ه يق��ول: ه��ذا م��راد الل��ه بهذه اآلية، وال شك أن هذا فيه خطر عظيم، يحسن بالمسلم الوق��وف عن��ده

طويال قبل الحكم بذلك.[(: ]إن حاج��ة من يتكلم في اإلعج��از191 )ص: اإلعج,,از العلمي إلى أين

العلمي من غ��ير المتخصص��ين في الش��ريعة؛ إن ح��اجتهم إلى تعلم أص��ولر ه���ذه القض���ايا الموج���ودة في العلم التفس���ير أهم من أن يتعلم المفس��� المعاص��ر، وال يع��ني ه��ذا أن المفس��ر المعاص��ر ال يحتاجه��ا، لكن الم��راد أن الموازنة في األهمية تدل على حاجة من يريد بيان اإلعج��از ال من يري��د بي��ان

معاني القرآن.[فهرس الفوائد العلمية )الصفحة / الفائدة(

(:202، 201 )ص: اإلعجاز العلمي إلى أين6ال يلزم من عدم حكاية آيات األنبياء عليهم السالم لنا عدم وجودها - 6اآلية مما يدركها قوم النبي عليه السالم سواء برعوا فيها أم لم يبرعوا - 10اشتراط التحدي في تسمية المعجزة ليس بسديد - 12آيات األنبياء ليست هي الطريق الوحيد إلثبات نبوة األنبياء - 19اإلعجاز العلمي يدخل تحت التفسير بالرأي - 24المفسر أق��در في الرب��ط بين م��ا ورد في الق��رآن وم��ا ي��رد في البحث -

التجريبي المعاصر من الباحث التجريبي26االختالف الوارد عن السلف أغلبه اختالف تنوع - 26اختالف التضاد الوارد بين السلف يرجح أح��دهما على س��بيل التع��يين ال -

التنوع34ة الكونية ال يرتبط بالمعتقد وال األفكار ن - العلم بالس35القرآن يذكر القضية العلمية مجملة غير مفصلة بخالف التجريبي ال��ذي -

ينحو إلى التفصيل51التحدي الحقيقي يقوم على من يملك أدوات التحدي دون من يفقدها -

[20]

Page 21: Web viewالإعجاز العلمي إلى أين (ص: 16) [ويمكن تعريف المعجزة بالآتي: آية النبي المختصَّة به

53االصطالح إذا حمل معنى باطال أو فاسدا فإن فيه مشاحة بال ريب - 74إتق��ان اللغ��ة من جه��ة المف��ردات ومن جه��ة األس��اليب لمعرف��ة كيفي��ة -

استنباط عالقة القضايا المذكورة في العلم التجريبي أو غيره باآلية وبتفس��يرالسلف

87 - ال يوجد في القرآن ما لم يعرف السلف له معنى صحيحا98دالئل صدق القرآن ال يمكن أن تحصر - 99ال��دعوة باإلعج��از العلمي هي أح��د ط��رق ال��دعوة وليس ه��و طريقه��ا -

الوحيد في هذا العصر100تفسير كالم الله عز وجل باب خطير ال يحق لإلنسان أن يلجه إال بع��د -

أن يتأهل لذلك103تفسير القرآن بما صح واحتملته اآليات من ه��ذه العل��وم المعاص��رة ال -

يدل على جهل السلف115 ��- - الوثوق بمعرفة السلف وتفس��يرهم لجمي��ع الق��رآن وأنهم لم116

يخرجوا عن الفهم الصحيح في تفسيرهم130إذا ج��از احتم��ال اآلي��ة ألك��ثر من مع��نى فإنم��ا ذل��ك ألن المفس��ر ال -

يستطيع الجزم في حال االحتمال بأن هذا هو م��راد الل��ه دون ذاك؛ ألن أدل��ةالترجيح قد تستوي في نظره

139كثير من المسائل التي يطرحها المعتنون باإلعجاز العلمي تتصف ب��أن - االطالع عليها محدود وإدراكها ال يتأتى بسهولة

139لف( وليست لفرد منهم - العصمة لمجموعهم )الس148معرفة كيفية تعامل الس��لف م��ع اإلس��رائيليات يعت��بر أص��ال مهم��ا من -

أصول التفسير154اتقوا التفسير فإنما هو الرواية عن الله - 155الدعوة إلى تصحيح المس�ار في بح��وث اإلعج��از العلمي للتواف��ق م�ع -

المنهج التفسيري الصحيح162إن كانت تفاصيل بعض ما أخبر به النبي صلى الل��ه علي��ه وس��لم غ��ير -

مدرك��ة للص��حابة كم��ا ي��رى من ع��رف اإلعج��از العلمي، ف��إن ه��ذا لم ي��ؤخرالصحابة ومن بعدهم عن العمل بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم

171األمة ال يمكن أن تجتمع على ضاللة - 171من اعتمد على المكتشفات المعاصرة وأعرض عن قول السلف فإنه -

قد أخطأ الصواب بال ريبالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

[21]