العالم العربي بحاجة إلى معاهدة ويستفاليا جديدة

التنمية والطاقة النووية من أجل السالم

العالم العربي بحاجة إلى معاهدة ويستفاليا جديدة

التنمية والطاقة النووية من أجل السالم

EIR-Arabic

إكزكتف إنتلجنس ريفيو

2006 October

احملتويات

1. دعوة إلى مؤمتر مدريد جديد للسالم

2. لبنان بحاجة إلى العدالة والسالم وليس النفاق

3. مبادرات ليندون للسالم في الشرق األوسط خالل 30 عام

4. ما هي معاهدة سالم ويستفاليا 1648؟

5. خطاب ليندون الروش في مركز زايد في أبوظبي:»الشرق األوسط باعتباره مفترق طرق استراتيجي«

6. السالم من خالل التنمية والطاقة النووية للدول العربية والشرق األوسط: طريق احلرير اجلديد وخطة الواحة

EIR-ARABIC

www.nysol.se/arabic

E-mail: eirarabic@nysol.se

احلاجة إلى »مؤمتر مدريد« جديد للسالم

الروش يؤيد اقتراح يوسي بيلني لعقد مؤمتر مدريد جديد للسالم في منطقة الشرق األوسط

في 13 أغسطس 2006، وبعد إعالن وقف إطالق النار بني لبنان وإسرائيل، دعا السياسي األمريكي ليندون الروش الستغالل هذه

النافذة الصغيرة والفرصة القصيرة لفتح حوار عاملي إلعادة عملية السالم في كل الشرق األوسط إلى املسار الصحيح. إذ حذر الروش من أن هناك قوى كثيرة حتاول جاهدة اآلن إلفشال االتفاق الذي مت التوصل

إليه واالستمرار في هذه احلرب التي كان الهدف منها أساسا فتح جبهات مع سوريا وإيران.

في هذا السياق أعلن الروش عن تأييده الكامل لالقتراح املقدم من قبل الوزير اإلسرائيلي االسبق يوسي بيلني حول عقد »مؤمتر مدريد

2« لتطبيق اتفاقية سالم شاملة ملنطقة الشرق األوسط ومن ضمن ذلك تأسيس دولة فلسطينية كاملة السيادة في الضفة الغربية

وقطاع غزة. وقد كان مؤمتر مدريد األول قد عقد عام 1991 مببادرة من الرئيس األمريكي السابق جورج بوش األب جلمع جميع أطراف النزاع

العربي اإلسرائيلي، مما متخض عنه اتفاقية أوسلو في عام 1993. فيما بعد ذلك تابع الرئيس كلنتون نفس املسار، لكن عملية السالم برمتها

انهارت بعد ان تنازل رئيس الوزراء اإلسرائيلي السابق إيهود باراك لطلب أرييل شارون دخول احلرم القدسي الشريف مما أدى إلى اندالع

انتفاضة األقصى وانهيار العملية برمتها.

وحث الروش على العمل فورا على مبادرة بيلني »ألن هناك قوى تعمل اليوم في االجتاه املعاكس باندفاع محموم.«

وقال الروش أن الوقت املناسب إلجناح معاهدة سالم شامل هو اليوم، ألن »األمور في حالة حركة« بعد صدور قرار مجلس األمن 1701 وتبنيها من قبل كل من احلكومة اللبنانية واإلسرائيلية. وأضاف

الروش: »إننا لدينا فرصة اآلن للخروج من احلرب. إنني أعرف يوسي بيلني جيدا وأنا متأكد ان بيلني يعني ما يقوله. إنه ال يقدم حل

الدولتني فحسب وهو الشيء الوحيد الذي سيؤدي للنجاح. لكنه أيضاً يعرف أنه يجب أن يكون هناك أساس اقتصادي صلب لكي يكون

السالم دائما.

وأشار الروش من أن اخلطر األكبر في الوقت احلالي يكمن في إثارة »حرب المتناضرة عاملية، يلعب فيها الشرق األوسط دور الفتيل«.

لكنه حذر أيضا من التفاؤل املفرط جتاه قرار مجلس األمن األخير ودعم احلكومتني اللبنانية و اإلسرائيلية له«.

وبرر الروش ذلك بقوله: »ان خطر احلرب لم ينتهي بعد، كما يدل على ذلك األحداث اجلارية في العراق و أفغانستان«. وأشار الروش ايضاً إلى

إحدى فوائد جناح كبير في عملية السالم في الشرق االوسط هي أن ذلك سوف يساعد على »إخراج الواليات املتحدة وجيشها من

الفشل الرهيب الدارة بوش في افغانستان. لم يكن هناك اي نصر في افغانستان. بوش و تشيني منيا بخسارة رهيبة«.

توثيق ظهر اقتراح بيلني في مقالة عنوانها »جلنة صباح اليوم الثاني« والتي

نشرت في جريدة هاآريتز اإلسرائيلية بتاريخ 13 أغسطس. وينبه بيلني

إلى أن إيهود اوملرت سوف يصفع مبطالبات لعقد جلنة للتحقيق في كارثة اجتياح لبنان الشهر املاضي، لذا يجب على أوملرت نفسه البدء بوضع جلنة. لكن ما حتتاجه إسرائيل هو حترك فعلي وواضح من اجل

السالم.

يوسي بيلني الذي كان مفاوضا رئيسيا في محادثات أوسلو، والذي كان أيضا من املشاركني في احملادثات التي نضمها الرئيس االمريكي االسبق

بيل كلينتون، قال في مقالته:

)مقتطفات مترجمة من مقالة بيلني(

»إن محاولة عقد مؤمتر مدريد ثاني سوف تكون خطوة سياسية كبيرة ودراماتيكية، وستتقبلها على األقل أوليا غالبية عظمى من

الشعب اإلسرائيلي والكنيست«.

»مؤمتر مدريد االول الذي عقد في اكتوبر عام 1991 غير معالم الشرق االوسط و سمح ألول مرة في التاريخ مبحادثات مباشرة بني إسرائيل و سوريا و لبنان وأيضاً وفد أردني فلسطيني من اجل معاهدة سالم.

النقاش أدى بعد ثالثة سنني إلى معاهدة اسرائيلية اردنية و التي أصبحت ممكنة بسبب معاهدة أوسلو بني إسرائيل ومنظمة التحرير

الفلسطينية.«

»احملادثات مع لبنان كانت معتمدة بشكل كامل على احملادثات مع سورية، ولذلك السبب لم تتوصل إلى نتيجة. احملادثات مع سورية،

والتي توقفت في 1996 و أكملت في 1999، كانت قد توقفت مرة أخرى بعد أن توصل كال الطرفني التفاقات حلل كل املشاكل املطروحة على األجندة ما عدى قضية الساحل الشمال شرقي من بحيرة طبرية.«

»صحيح أن أمور رهيبة جدا قد وقعت منذ ذلك الوقت: االنتفاضة الثانية، وفوز حماس في االنتخابات، وأحداث 11 سبتمبر ، بروز التطرف

اإليراني، والصراع في غزة بعد فك االرتباط،، واحلرب الثانية في لبنان. لكن كانت هناك أيضا تطورات إيجابية. فقد خرجت سورية من

لبنان ومت إسقاط نظام صدام حسني، وفؤاد السنيورة اصبح رئيس وزراء لبنان، واستعداد بشار األسد ومحمود عباس لبدأ احملادثات مع

إسرائيل، وكل ذلك يخلق ظروفا أفضل لعقد مؤمتر مدريد ثاني، أكثر من املؤمتر االول«.

»ويجب أن نضيف إلى أن الفجوات التي كانت موجودة في محادثات الوضع النهائي قد مت تقليصها بشكل كبير في اخلمسة عشر سنة املاضية. في إسرائيل اليوم هناك شبه إجماع على دولة فلسطينية ورئيس وزراء إسرائيل مستعد لالستغناء عن 90 في املئة من أراضي الضفة الغربية من طرف واحد. أن كل من وثيقة كلينتون ومقترح

بوش وخارطة الطريق وقرار قمة اجلامعة العربية في 2002 في بيروت ومبادرات جنيف كلها ترسم صورة واضحة التفاقية فلسطينية

إسرائيلية دائمة. كما أن احملادثات السرية و العلنية مع السوريني منذ 1991 حتدد أيضاً معالم شبه كاملة التفاقية إسرائيلية سورية.«

»في 1991 كانت الواليات املتحدة هي التي استثمرت جهودها في إقناع إسرائيل للمشاركة في مؤمتر مثل هذا. هذه املرة سوف يكون

الدور على أوملرت إلقناع بوش بأن مسألة إخراج سوريا من »محور الشر« والسالم مع لبنان وإنهاء الصراع الفلسطيني اإلسرائيلي هي

خطوات عملية التي من املمكن إن جنحت أن تنقذ الشرق األوسط.

حركة الروش تنتقد مؤمتر »مانحي لبنان« في ستوكهولم

لبنان يحتاج إلى العدالة وسالم ويستفالي وليس إلى النفاق السخي

وزعت حركة الروش فرع السويد في 31 أغسطس بيانا سياسيا باللغة االجنليزية والسويدية في العاصمة السويدية ستوكهولم أمام

مكان انعقاد مؤمتر الدول املانحة للبنان. وهذه بعض النقاط املهمة منه باللغة العربية:

دعا رئيس الوزراء السويدي يوران بيرسون الي مؤمتر للمانحني في استوكهولم بتاريخ 31 أغسطس وذلك حتت شعار »إعادة اعمار

لبنان«. ال حاجة للقول أن هذا املؤمتر سيمنى بالفشل الذريع مثله مثل املؤمترات التي عقدت قبل ذلك من اجل أفغانستان والعراق

وبوسنيا. إذا كانت هناك جدية في إعادة اعمار لبنان، فاألحرى أن يتم طرد صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من لبنان وإسقاط أو

جتميد كل الديون عن لبنان. يبلغ إجمالي الديون العامة املترتبة على لبنان حوالي 40 مليار دوالر )ما يعادل 200% من إجمالي الناجت احمللي(

ومعظمها ديون غير مشروعة في الواقع جاءت نتيجة الهجمات اإلسرائيلية املتكررة عليه ونتيجة للسياسات اخلاطئة للحكومات

السابقة التي متت ممارستها باالتفاق مع صندوق النقد الدولي والدول الدائنة في نادي باريس والتي فرضت على لبنان في السنني املاضية.

ويدفع لبنان حوالي 4 مليارات دوالر سنويا كخدمة ديون فقط. هذا في بلد تعداده خمسة ماليني نسمة فقط وعانى ويعاني من ثالثني سنة

من احلروب. منظمو مؤمتر املانحني يتوقعون أن يجمعوا حوالي 500 مليون دوالر. حتى وإن افترضنا أن هذا سيحصل فذلك سيكون مبلغا سخيفا مقارنة مبا يدفعه لبنان نفسه للبنوك األجنبية واملؤسسات

املالية العاملية كفوائد وخدمة ديون ومقارنة كذلك مبا يحتاجه لبنان حقيقة إلعادة البناء. لذلك، على ما يبدو أن غرض رئيس الوزراء

السويدي الذي يقود احلزب االشتراكي الدميقراطي و النخبة السويدية أن يسلطوا األضواء على قبل أسبوعيني فقط من موعد االنتخابات الوطنية ليظهروا أمام الناخبني باعتباره هو وحكومته قادة عامليني

يسعون إلى السالم واالعمار في العالم. لكن في احلقيقة ما يفعله بيرسون والداعمون له هو حماية مصالح النخبة االوليجاركية املالية

العاملية التي تسيطر وتدير سياسات صندوق النقد الدولي و البنك الدولي.

باستخدام موارده املالية الذاتية )إذا لم يتم ابتالعها من قبل البنوك واملؤسسات العاملية( والدعم الفني والتقني من اخلارج ميكن ألبناء

لبنان أن يعيدوا بناء البلد. أما إذا أراد طرف أن مينح لبنان منحة مالية بدون فائدة أو شروط مذلة، فذلك ال بأس به. حتى وإن كانت هناك

حاجة إلى اعتمادات مالية وقروض فمن غير األخالقي استخدام الشروط املوضوعة من قبل صندوق النقد الدولي والبنوك العاملية

ملنح هذه القروض، بل يجب أن تكون قروض واعتمادات بني حكومات دول قومية ذات سيادة بفائدة بسيطة أو بدون فائدة على فترة زمنية

طويلة.

لكن ذلك لن يكفي، إذ ال ميكن التعامل مع لبنان وكأنه جزيرة وادعة

في محيط آمن. فذلك سيكون من قبيل الكذب على الذات واآلخرين.

لقد حان الوقت لقول احلقيقة, وتقدمي األفكار العظيمة احلقيقية لتحقيق سالم عادل وتنمية. إن الهدنة بني لبنان و إسرائيل وفقا لقرار مجلس األمن الدولي 1701 بالرغم من هشاشته يفتح نافذة صغيرة

لفرصة حتقيق سالم شامل في جنوب غرب أسيا، وإمكانية إيقاف القوى العاملية التي أرادت أن تدفع إسرائيل إلى القيام بهجوم انتحاري ضد لبنان يعقبه هجوم علي سوريا وبالتالي إيران مما يؤدي إلى إشعال فتيل حرب عاملية ثالثة ذات صبغة دينية دموية. هذه الفرصة يجب أن

تفّعل حاال لتحقيق السالم.

ما نعنيه بالسالم هنا هو سالم دائم علي منوذج »معاهدة سالم ويستفاليا« في 1648 والتي وضعت حدا »حلرب الثالثني عام« ومائة

عام من الصراع الديني الدموي الذي دمر معظم أجزاء أوربا في حينه. في ذلك الوقت لم يعد هناك مجال لطرح أسئلة مثل »من هو البادئ«

أو »على من يقع اللوم« الكاثوليك ام البروتستانت؟ املشاركني في املفاوضات وضعوا نصب أعينهم معانات شعوبهم، وكيفية ضمان

السالم والتقدم لألجيال القادمة باعتبارها األولوية املطلقة. هذا من منطلق مفهوم احملبة )Agape( أي احلب احلقيقي للحقيقة والعدالة، وهو املبدأ السامي الذي يجب أن يحدد العالقات بني األمم. لذلك نصت

معاهدة سالم ويستفاليا على أن »يعمل كل طرف بروح السالم والصداقة وبجد وإخالص على حتقيق فائدة وكرامة ومصلحة الطرف

اآلخر«. مبدأ »مصلحة الطرف اآلخر« ينبغي أن يكون األساس ألي مفاوضات جديدة بني الدول العربية وإسرائيل.

من الطبيعي أن تعاد حقوق الشعب الفلسطيني خاصة واألراضي احملتلة وفق القرارات الدولية وتأسيس دولة فلسطينية حرة كاملة

السيادة، كشرط أساسي ألية عملية سالم.

احلل ممكن

في 13 أغسطس، وبعد إعالن وقف إطالق النار بني لبنان وإسرائيل، دعا السياسي األمريكي ليندون الروش الستغالل هذه النافذة الصغيرة

والفرصة القصيرة لفتح حوار عاملي إلعادة عملية السالم في كل الشرق األوسط إلى املسار الصحيح. إذ حذر الروش من أن هناك

قوى كثيرة حتاول جاهدة اآلن إلفشال االتفاق الذي مت التوصل إليه واالستمرار في هذه احلرب التي كان الهدف منها أساسا فتح جبهات

مع سوريا وإيران.

في هذا السياق أعلن الروش عن تأييده الكامل لالقتراح املقدم من قبل الوزير اإلسرائيلي االسبق يوسي بيلني حول عقد »مؤمتر مدريد 2«

لتطبيق اتفاقية سالم شاملة ملنطقة الشرق األوسط ومن ضمن ذلك تأسيس دولة فلسطينية كاملة السيادة في الضفة الغربية وقطاع غزة. وقد كان مؤمتر مدريد األول قد عقد عام 1991 مببادرة من الرئيس

األمريكي السابق جورج بوش األب جلمع جميع أطراف النزاع العربي اإلسرائيلي، مما متخض عنه اتفاقية أوسلو في عام 1993.

وحث الروش على العمل فورا على مبادرة بيلني »ألن هناك قوى تعمل اليوم في االجتاه املعاكس باندفاع محموم.«

وقال الروش أن الوقت املناسب إلجناح معاهدة سالم شامل هو اليوم، ألن »األمور في حالة حركة« بعد صدور قرار مجلس األمن 1701 وتبنيها من قبل كل من احلكومة اللبنانية واإلسرائيلية. وأضاف

الروش: »إننا لدينا فرصة اآلن للخروج من احلرب. إنني أعرف يوسي بيلني جيدا وأنا متأكد ان بيلني يعني ما يقوله. إنه ال يقدم حل

الدولتني فحسب وهو الشيء الوحيد الذي سيؤدي للنجاح. لكنه أيضاً يعرف أنه يجب أن يكون هناك أساس اقتصادي صلب لكي يكون

السالم دائما.

مذهب الروش

في أبريل من عام 2004 وعندما اشتد الوضع في العراق وفلسطني تأزما طرح ليندون الروش ما سماه »مذهب الروش« لسياسة خارجية

جديدة للواليات املتحدة في منطقة جنوب غرب آسيا. أهم النقاط الواردة فيه، والتي تنطبق أيضا على الوضع في لبنان واملنطقة اليوم

هي: 1. أي عملية سالم في املنطقة يجب أن تبنى على منوذج معاهدة

سالم ويستفاليا لعام 1648. ويعني ذلك احترام السيادة املطلقة لكل أمة واستقالليتها في اتخاذ قراراتها الداخلية، والتأسيس لتعاون

اقتصادي وتنمية مشركة تنأى عن اخلالفات والثارات القدمية وتنظر نحو املستقبل.

2. ضرورة سحب جميع القوات األجنبية احملتلة من العراق وأفغانستان وفلسطني ولبنان.

3. يجب التعامل مع كل منطقة جنوب غرب آسيا ككل كوحدة متكاملة سياسيا واقتصاديا ويدخل ضمن ذلك منطقة آسيا

الوسطى والقوقاز. ينبغي تعريف منطقة جنوب غربي آسيا باعتبارها حتدها أربعة دول أساسية التي ال ميكن االستغناء عن تعاونها املناسب

خللق منطقة استقرار وسط أمم وشعوب املنطقة ككل. هذه الدول هي: تركيا وسوريا وإيران ومصر. أما أمن الزاوية الشمالية الشرقية

للمنطقة هذه فيعتمد على حماية أجنحتها عن طريق ضمان عدم التدخل من قبل املصالح اخلارجية، وهذا عن طريق منع األطراف

اخلارجية من التدخل في املناقشات املتعلقة بالتعاون بني أرمينيا وأذربيجان وإيران.

4. إن أهم مسألتني اقتصاديتني في املنطقة هما املياه والطاقة. ففي املنطقة التي تقع فيها إسرائيل وفلسطني احملتلة، على سبيل املثال،

ليس هناك ما يكفي من املياه من املصادر املتوفرة اآلن لتمكني عدد السكان املتزايد هناك من العيش بسالم. إن الوسائل االصطناعية

مثل حتلية املياه على نطاق واسع الضرورية لزيادة كمية املياه الصاحلة لالستخدام للمنطقة وما يرافقها من توليد للطاقة الكهربائية

، بإمكانها ضمان الظروف املالئمة لسالم دائم في املنطقة عموما. إن استخدام الطاقة النووية أمر ال بد منه لشعوب املنطقة باعتبارها أعلى مستوى تقني النتاج الطاقة واحلرارة الضرورية لتحلية املياه.

)ميكن االطالع على »خطة الواحة« كاملة في هذا التقرير. ميكن حتقيق سالم دائم فقط إذا مت التعامل مع املنطقة في ظل وعلى صدى

معاهدة ويستفاليا، كمنطقة للتعاون لتنمية دول ذات سيادة.

إننا ندعم سيادة لبنان املطلقة على أراضيه وندعم استقالليته الكاملة. لكن هذا يعني أيضا استقاللية القرار والسياسة

االقتصادية للبنان وحتريره من الديون ومن سياسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي واملؤسسات املالية العاملية التي تخرب لبنان من

الداخل.

مبادرات ليندون الروش خالل 30 عام من اجل السالم والتنمية في الشرق األوسط.

هذا السجل التاريخي يظهر اجلهود البرامجية لليندون الروش وحركته السياسية بالنسبة للشرق األوسط، والتي كانت دائما مؤسسة

على مبدأ التطور االقتصادي في املصالح املتبادلة لكل أطراف الصراع )مبعنى آخر »مصلحة اآلخر«( الذي هو األساس الوحيد الذي ميكن أن ينجح السالم عليه. بالطبع يركز الروش دائماً هجومه على كل من

يعرقل هذه اإلمكانية مثل البريطانيني و السيناركيني واآلن إدارة بوش اجملنونة.

أبريل 1975

الروش و بعد ذهابه الى بغداد للقاء قادة سياسيني عرب، أعلن عن اقتراح من اجل السالم مبني على التطور االقتصادي للمنطقة و

International( »ذلك كجزء من اقتراحه لتأسيس »بنك تنمية عامليDevelopment Bank( إلعادة تنظيم النظام املالي واالقتصادي العاملي.

يفصل ذلك االقتراح خطة من اجل التطور الصناعي و الزراعي للمنطقة و ميتد ذلك من اخلليج إلى البحر األبيض املتوسط ومن

سوريا إلى أفغانستان. كتب الروش في اقتراحه :« إذا خرجت فكرة »بنك التنمية العاملي« إلى العلن فإن اجلناح املؤيد للسالم في حزب

العمل اإلسرائيلي سوف يصبح اجلناح املهيمن ... اإلسرائيليون وبعض الدول العربية الرئيسية بإمكانهم اآلن االتفاق على معايير دائمة

للمفاوضات تخص القضية الفلسطينية في سياق اتفاقيات فورية وقوية من اجل االشتراك في سياسات تطور. في هذا اإلطار، فإن يهود

الشرق األدنى سوف لن يسمحوا باستمرار بقاء أي قسم من العالم العربي في تخلف ظالم؛ هذا سيوجد أساسا نهائيا لتسوية القضية

الفلسطينية إلرضاء العرب واليهود عامة، وذلك يشمل بالطبع الفلسطينيني العرب.

نوفمبر 1975

معاونو الروش ينظمون ندوة في باريس لتقدمي خطة لتطوير الشرق األوسط إلى الدول العربية.

نوفمبر 1975

الروش يلتقي بالزعيم اإلسرائيلي آبا ايبان في نيويورك للتباحث حول اقتراحاته.

1977ـ 1978

الروش يعقد لقاءات متعددة مع رئيس املؤمتر اليهودي العاملي ناحوم جولدمان من اجل مناقشة اقتراحه االقتصادي للشرق االوسط .

اغسطس 1977

الروش يكتب مقالة »مستقبل للشرق األوسط« التي طبعت في مجلة ناشط السالم اإلسرائيلي ماكسيم غيالن من باريس واسمها

»إسرائيل وفلسطني« )Israel & Palestine(. قال الروش في تلك املقالة: »عموما، من غير مفاوضات مباشرة بني إسرائيل و منظمة

التحرير الفلسطينية ال ميكن أن يكون هناك تسوية في الشرق األوسط في املستقبل املنظور. القاعدة األساسية للتسوية في

الشرق األوسط هي التطور االقتصادي كما أشرنا من قبل. أي تعامل آخر غير ذلك مع املشكلة سوف يفشل ويتحول إلى مهزلة وحرب

محتملة«.

مارس 1978

الروش يصدر تقييما استراتيجيا بعنوان :«حل ماكيافيلي إلسرائيل« الذي يؤكد على: »بدون برنامج للتنمية االقتصادية الشاملة ال ميكن إيجاد أساس سياسي للسالم في املنطقة. وفي حديثه عن األعمال

اإلجرامية التي اقترفتها إسرائيل ضد لبنان والفلسطينيني قال الروش :«امتحان معدن الراعي يكون في القدرة على النظر مباشرة في

وجه الكم الهائل من الشر الذي اقترفه اإلسرائيليون في اعتداءهم على لبنان، واستعداد اإلسرائيليني إللقاء العالم أجمع في »حرب

ارماجدون« جديدة بدالً من أن يجربوا أن ينظروا إلى العربي كإنسان، وعندما نرى الرعب كامال، مع ذلك سنهز رؤسنا ونقول أن هذا احلل

)اقتراح الروش( قد أصبح واجبا على إسرائيل أكثر من أي وقت مضى.

ربيع 1980

حملة الروش الرئاسية توزع بيانا بعنوان »سياسة الواليات املتحدة للشرق األوسط«

ديسمبر 1982

ممثلو الروش يسافرون إلى مصر ليناقشوا مقترحات للتنمية االقتصادية. وزير الزراعة املصري يوسف والي يرحب بنداء مؤسسة

»إكزكتف إنتلجنس ريفيو« ألن تصبح مصر )يابان الشرق االوسط(؛ مضيفا انه من الغباء السير وراء أوامر صندوق النقد الدولي وكأنه

اإلجنيل أو القرآن.

ديسمبر 1983

الروش يدعو اإلسرائيليني للعمل مع زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات من اجل إحالل السالم في املنطقة.

»ياسر عرفات في احلقيقة قائد ملا هو في الواقع حكومة في املهجر للفلسطينيني العرب. إذا كنا نريد أن نتعامل مع الشعب

الفلسطيني العربي بنجاح فيجب أن نتعامل مع قيادة ياسر عرفات.«

الروش أصدر أيضا اقتراحا لبدء تطوير سياسة تنمية اقتصادية بعيدة املدى لدولة إسرائيل والتي وزعت هناك بشكل كبي من قبل ممثلي

الروش الذين سافروا إلى هناك خصيصا لهذا الغرض.

1984

زيارة ممثلي الروش إسرائيل ثالث مرات للحديث عن اقتراح التنمية.

أغسطس 1986

الروش يدعم بشكل كامل اقتراح الزعيم اإلسرائيلي شمعون بيريز خلطة مارشال شاملة للشرق األوسط. »ما قدمه السيد بيريز و ما

قدمه املسؤولون املصريون في اقتراح موازي كخطة مارشال جديدة يتعامل مع مشكلتني ملحتني يعاني منها كل من إسرائيل و الدول

العربية املعتدلة وباألخص مصر وهما: التأثير السلبي لتفاقم الديون التي تدفع نحو الركود وهي ديون ال ميكن دفعها والتأثير النفسي على

الشعوب و االستقرار السياسي اآلتي من االنحطاط االقتصادي في كل من إسرائيل و الدول العربية ... املشكلة قد تفاقمت إلى حدودها

القصوى بسبب سياسات »الشروط« لصندوق النقد الدولي.

أغسطس 1988

حملة الروش الرئاسية تصدر منشور »سياسة طارئة للشرق األوسط« الذي يتم نشره بشكل واسع في املنطقة.

يوليو 1990

الروش يحذر من جهود بريطانية وإسرائيلية إلشعال حرب شرق أوسطية جديدة، ويصدر »خطة الواحة« وينادي مرة أخرى لبرنامج

طارئ لتطوير الشرق األوسط اقتصادياً . )جاء هذا التحذير قبل اسابيع فقط من اجتياح الكويت من قبل اجليش العراقي(.

سبتمبر 1990

في تقرير خاص صادر من مجلة )إكزكتف إنتلجنس ريفيو( عنوانه » ازمة بوش في اخلليج: بداية حرب عاملية ثالثة« أكد الروش مرة أخرى

أنه »بدون سياسة تنمية اقتصادية فإن العرب واإلسرائيليني ليس لديهم أي أساس مشترك لالتفاق السياسي وال مصالح مشتركة«

أبريل 1991

حملة الروش توزع تقريرا بعنوان: »طالبوا بتنمية الشرق األوسط. أوقفوا نظام بوش العاملي اجلديد لإلبادة اجلماعية«.

ديسمبر 1991

حتت إشراف ليندون الروش و زوجته هيلغا الروش، اصدر معهد شيلر اقتراحا سياسيا بعنوان: »من اجل عقد أممي رابع من التنمية احلقيقية: حل ملموس الزمة االنهيار االقتصادي في العالم: مذكرة مفتوحة للجلسة السادسة واألربعني االعتيادية للجمعية العامة

لألمم املتحدة«. تضمنت املذكرة خطة الواحة لالروش.

6 مارس 1992

إعالن في صفحة كاملة في واشنطن تاميز بعنوان »الروش كان على حق، مشاريع كبرى لتطوير العالم« من بني املشاريع الثمانية عشر

املدرجة في اإلعالن كان هناك مشروع خطة الواحة للشرق األوسط.

يوليو 1992

ممثلو الروش يزورون األردن ويوزعون اقتراح الروش للتنمية االقتصادية.

ديسمبر 1993

رداٍ على إعالن اتفاقية أوسلو للسالم، قال الروش: »إنها حلظة تاريخية

مهمة مثل سقوط جدار برلني. األمر الطارئ هنا هو أنه يجب علينا التحرك بأقصى سرعة لتحقيق مشاريع للتنمية مثل قناة البحر

املتوسط والبحر امليت عبر غزة، ألننا إذا انتظرنا نهاية النقاشات فسوف ينجح أعداء السالم وأعداء اإلنسانية مثل هنري كيسينجر وأصدقاؤه عبر أشخاص مثل أريل شارون وعصابته في إغراق االتفاق

بالدم و الفوضى.

ابريل 1994

الروش يتحدث في معهد الدراسات الشرقية في موسكو عن خطة الواحة.

يونيو 2002

الروش يلقي كلمة في مركز زايد للتنسيق و املتابعة في أبوظبي مكرسة من اجل مسألة »النفط و الغاز في السياسة العاملية« . في

كلمته )انظر النص الكامل املرفق في هذا التقرير( املعنونة »الشرق األوسط باعتباره تقاطع طرق استراتيجيا« حتدث الروش عن الناحية

البيئية واالقتصادية واالستراتيجية ملنطقة جنوب غرب آسيا الغنية بالنفط وذلك من منظور الدور الذي ميكن أن تلعبه املنطقة كملتقى

طرق اقتصادي في االقتصاد العاملي، وإمكانية إعادة إحياء هذا الدور في ظل نظام نقدي عاملي جديد.

يونيو 2003

الروش يسافر إلى تركيا حيث حتدث عن إعادة تشكيل جنوب غرب آسيا من أجل السالم. إحدى كلماته كانت حتت عنوان »أورآسيا: مفتاح

جديد من اجل التطور و السالم العاملي«. وتتناول الكلمة دور املنطقة في مشروع اجلسر القاري األوراسيوي )أو طريق احلرير اجلديد(.

17 أبريل 2004

الروش يصدر تقريره السياسي: »جنوب غرب آسيا : مذهب الروش« الذي نشر في مجلة إكزكتف إنتلجنس ريفيو وترجم إلى عدة لغات www.nysol. منها العربية. لقراءة النص باللغة العربية طالع املوقع

se/arabic

مايو 2004

الروش يلقي كلمة عبر االنترنت لتجمع في واشنطن عنوانها: »مفاتيح السالم » جلنوب غرب آسيا، وأكد فيه احلاجة لطريقة تعامل

مع املنطقة وفق مبدأ معاهدة سالم ويستفاليا التي أنهت حرب الثالثني عام )1618ـ1648 ( الدينية وهذه الطريقة سوف حتافظ على

استقاللية الدول وتوقف احلروب الدينية بدون قصاص أو ثأر.

ما هي معاهدة سالم ويستفاليا 1648؟

إعداد وترجمة: حسني العسكري

معاهدة سالم ويستفاليا )The Peace of Westphalia(، التي تعرف أيضا باسم معاهدات مونستر وأوسنابروك، تشير إلى سلسلة

املعاهدات التي أنهت »حرب الثالثني عام« الدينية في أوربا، وهي احلرب كانت دائرة في واقع األمر ألكثر من مئة عام بني دول مختلفة في

أوربا تدين بالديانة البروتستانتية والكاثوليكية. لكن حروب املئة عام كانت حروبا متقطعة بني طرفني وأحيانا بني عدة أطراف، أما حرب

الثالثني عام فقد كانت حربا أوربية شاملة ضمت حتالفات بني عدة دول وامبراطوريات على امتداد القارة األوربية. تلك احلروب قضت على جزء

كبير من سكان أوربا الوسطى وأشاعت اخلراب واملوت والسلب والنهب في القارة باسم الدفاع عن البروتستانتية والكاثوليكية. حرب الثالثني عام امتدت من 1618 إلى توقيع املعاهدة في عام 1648. املعاهدة التي

مت توقيعها في 24 أكتوبر عام 1648 كانت بني االمبراطور الروماني املقدس )االمبراطورية الرومانية كانت تضم النمسا واملانيا وأجزاء

أخرى من وسط أوربا( فيرديناند الثالث واألمراء األملان اآلخرين وممثلني عن اجلمهورية الهولندية وفرنسا والسويد. أما معاهدة البيرينيز

املوقعة عام 1659 التي أنهت احلرب بني فرنسا وإسبانيا فإنها عادة ما تدرج ضمن سالم ويستفاليا.

تستعرض السياسية واملؤرخة األملانية هيلجا الروش املبادئ التي جاءت

بها هذه املعاهدة وذلك في محاضرة ألقتها حول احلرب في كوسوفو عام 1999وكيفية خلق جو سالم وتعاون بني شعوب البلقان انطالقا

من مبادئ معاهدة ويستفاليا، حيث تقول:

»بعد ثالثني عام كان هناك حجم هائل من الدمار. فقد مت تدمير حوالي 40% من أرواح وممتلكات سكان مدن وقرى أملانيا. ووصل الدمار في

بعض املناطق إلى أكثر من 66%. هذا الدمار اجتاح أوربا زمنا طويال. تلك كانت حربا تسمى دينية: اإلصالح ومناهضي اإلصالح. كان احلقد

بني كال اجلانبني مهوال... استمرت املفاوضات بني األطراف أربع سنني بني عام 1644 و1648، ومت بعدها اعتبار اجلميع البروتستانت والكاثوليك،

احلكومات اجلمهورية وامللكية متساويني في املفاوضات وفي املعاهدة«.

يبدأ البند رقم 1 من املعاهدة كالتالي: »على أن يكون هناك سالم مسيحي وعاملي وصداقة أبدية وحقيقية ومخلصة بني صاحب اجلاللة

األمبراطور املقدس وصاحب اجلاللة املسيحي بإخالص )ملك فرنسا( وصاحب اجلاللة .... )إلخ(. على أن هذا السالم وهذه الصداقة يجب أن تراعى وتبنى على درجة من اإلخالص واحلماسة بحيث يبذل كل طرف قصارى جهده لتحقيق فائدة وشرف ومصلحة الطرف اآلخر، وبحيث

ترى كل األطراف هذا السالم وهذه الصداقة في االمبراطورية الرومانية ومملكة فرنسا وهما يزدهران عن طريق التمسك بعالقة جيرة حسنة

ومخلصة«.

هل يعقل أن يصبح أعداء األمس أصدقاء اليوم؟ نعم، إذا خلصت النوايا، وإذا وضعوا نصب أعينهم محبة اهلل والناس أجمعني، وليس فقط بني بلدهم وجلدتهم وديانتهم. »مصلحة اآلخر« تصبح ألول مرة أولية لكل طرف، فكيف ميكن أن تعيش في رغد وجارك جائع، أو

كيف ميكنك أن تكون في أمان إذا كانت النار مشتعلة في بيت جارك؟ وهكذا هي احلال بني األمم أيضا.

أما البند رقم 2 من العاهدة فهو يذهب إلى أبعد من ذلك حيث يلغي كل الثارات والتعويضات، ليس ألن اجلرائم لم ترتكب، بل ألن العفو عنها قد يأتي بخير كثير ويجنب شرورا أبشع، فدورة االنتقام والثأر

دموية وال تقف عند حد. ينص البند رقم 2 على التالي:

»على أن يكون في هذا اجلانب وذاك نسيانا وسلوانا أو عفوا أبديا لكل ما مت ارتكابه منذ بدء هذه املشاكل في أي مكان وبأي شكل

متت بها ممارسة العداوات، بحيث ال يقوم أي شخص حتت أية ذريعة كانت مبمارسة أية أعمال عدائية أو التمسك بالعداوة أو التسبب بأية مشاكل لبعضهم البعض ال لألفراد وال لألمالك وال لألمن، ال

ألنفسهم وال لغيرهم، ال سرا وال عالنية، .....«

تعود هيلجا الروش لتصف هذا النص قائلة: »إن هذه فعال قنبلة، إذا فكرت في األمر مليا، ألن املعاهدة تتحدث عن السالم األبدي والصداقة

احلقيقية ونسيان املاضي إلى األبد. إن مفهوم العفو أو النسيان )Amnestia( في البند الثاني، هو ليس نفس املفهوم املعاصر للعفو

الذي يعني عدم معاقبة اإلجرام، بل هي الفكرة النبيلة للنسيان من أجل السالم.«

وتضيف هيلجا الروش: »قارن بني هذه الفكرة، }}في العفو يكمن جوهر السالم{{ )In Amnestia Consista Substantia Pacis( مع الفقرة اخلاصة بديون احلرب وتعويضاتها في معاهدة فيرساي عام 1919.

الفرق بني املفهومني هو السبب الكامن وراء كون معاهدة فيرساي لم تنتج نظاما سلميا، بل قادت مباشرة إلى احلرب العاملية الثانية، وهي ال تزال تنتج حروبا جديدة كما نرى في البلقان

اآلن.«

مبادئ أرستها املعاهدة للمرة األولى في التاريخ

تضمنت معاهدة ويستفاليا أربعة مبادئ أساسية:

1. مبدأ السيادة املطلقة للدولة الوطنية وما يصاحبها من حق أساسي لتقرير املصير السياسي.

2. مبدأ املساواة القانونية بني الدول الوطنية. فأصغر دولة مساوية ألكبر دولة مهما بلغ ضعفها أو قوتها، غناها أو فقرها.

3. مبدأ إلزامية املعاهدات بني الدول عامليا، حيث طرحت معاهدة ويستفاليا ألول مرة فكرة »القانون الدولي« امللزم لكل الدول.

4. مبدأ عدم التدخل من طرف دولة ما في الشؤون الداخلية لدولة أخرى.

ويظهر مما سبق أن كل هذه املبادئ أصبحت أسسا لتشريعات األمم املتحدة منذ تأسيسها.

أما املبدأ اخلامس، وهو ليس تشريعيا بقدر ما هو فكري ومهم، فهو فكرة أن األساس لتحقيق سالم دائم يجب على األطراف املنتصرة أن

تبدي الشهامة والتنازالت والتعاون. تلك كانت بداية لدستور عاملي حقيقي بني الشعوب، وبزوغ نظام عاملي جديد، وخطوة جبارة إلى

األمام للحضارة اإلنسانية.

باختصار، تؤمن معاهدة ويستفاليا لعام 1648 بأنه ليس هناك ما هو أهم من السيادة الوطنية لألمم.

من يعارض مبادئ املعاهدة اليوم

رمبا لن يستغرب عزيزنا القارئ، بعد طرح هذه املبادئ السامية لهذه املعاهدة التاريخية، أن يرى من هم أعداءها، ولرمبا عرفهم قبل أن

نذكرهم.

إن من أبرز وأشد املعارضني ملعاهدة سالم ويستفاليا واملباديء الويستفالية وأهمها السيادة القومية واستقاللية الدول، والذين لم

يتركوا فرصة سانحة في خطاب أو مقال ليهاجموها، هم على سبيل املثال: هنري كيسنجر، وزير اخلارجية األمريكية السابق، رئيس الوزراء

البريطاني توني بلير، الرئيس األمريكي جورج دبليو بوش، خافير سوالنا )عندما كان أمينا عام حللف النتو أيام شن احلرب على يوغسالفيا في

نهاية التسعينات(، وغيرهم من دعاة تدويل )عوملة( حقوق الشعوب وحرياتها وإتاحة اجملال للدول القوية الغاشمة بفرض »قيمها«

وسياساتها على الدول املستضعفة. لكن ال ننسى من بني املعارضني في العصر احلديث ملبادئ معاهدة ويستفاليا، أدولف هتلر حيث أدانها في كتابه »كفاحي« ألنها منعت أملانيا من أن تصبح دولة امبراطورية

استعمارية كبرى!

ما يجمع كل هؤالء هو والئهم لفكرة الدولة اإلمبريالية أو احلكومة العاملية. هذا يعني أن مجموعة من الدول الكبرى املتنفذة اقتصاديا

وعسكريا تعطي لنفسها احلق في رسم السياسات الداخلية واخلارجية للدول التي تعتبرها »دوال فاشلة«، كدول الشرق األوسط

مثال. وال يهم أن يتم ذلك حتت راية األمم املتحدة، طاملا تكون األمم املتحدة حتت سيطرة قوى إمبريالية كبرى تهدف إلى نزع السيادة عن

الدول الوطنية.

أما في اجملال االقتصادي فإن، مؤسسات عاملية كبرى متارس سياسة انتهاك السيادات القومية لكن عن طريق االقتصاد. وأبرز مثال

على ذلك هما مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العاملية. حيث تتدخل هذه املؤسسات في عقر دار الدول، خاصة الدول الفقيرة، وتنتهك سيادتها بدون سالح وتتدخل

في أدق تفاصيل رسم السياسة االقتصادية وامليزانية لتلك البلدان. وهناك أمثلة كثيرة من عاملنا العربي تتدخل فيها هذه املؤسسات بدرجة أو بأخرى في رسم السياسة االقتصادية مثل مصر واملغرب واجلزائر ولبنان واألردن. ومن أهم الشعارات املستعملة في انتهاك

سيادة واستقالل هذه الدول اقتصاديا هي »اإلصالحات االقتصادية« و »خصخصة الشركات احلكومية« و »حترير االقتصاد« وبيع ممتلكات البلد من املواد اخلام الطبيعية للشركات العاملية. حتى مياه الشرب

بدأت تخضع في بعض الدول لسيطرة شركات أجنبية عاملية تطالب بثمن لقاء تزويد هذا الشعب أو ذاك مبياه الشرب اآلتية من عيونه

وأنهاره وآباره.

إن السالم والتقدم ال ميكن أن يبنيا على أساس األفكار اإلمبريالية واالستعمارية التفوقية. إن في حرب الثالثني عام ومعاهدة سالم

ويستفاليا دروس كثيرة وعبر حتتاجها البشرية اليوم أكثر من أي وقت مضى. هذه هي األسباب التي تدفع شخصية عصرية مثل ليندون

الروش اليوم إلى التشديد على معاهدة مت توقيعها قبل قرون عديدة.

املصادر: 1. املوسوعة احلرة ويكيبيديا

2. كلمة لهيلجا الروش في مؤمتر حول احلرب في كوسوفو، نشرت في موقع معهد شيلر )www.schillerinstitute.org( عام 1999.

3. مصادر ومطالعات متفرقة

ترجمة خطاب السيد ليندون الروش في مؤمتر »النفط والغاز في السياسية الدولية« املنعقد برعاية مركز زايد للتنسيق واملتابعة

في أبو ظبي، 2-4 يونيو/ حزيران 2002

الشرق األوسط باعتباره مفترق طرق استراتيجي

ليندون الروش

الروش في مركز زايد

لقد وصل العالم إلى مفترق طرق في التاريخ احلديث. فإذا استمر العالم باملسير على طريق السياسات التي اختارتها حكومة بالدي

وبعض احلكومات األخرى حاليا فإن احلضارة ستغرق ملدة جيل أو أكثر في عصر ظالم عاملي شبيه بذلك الذي أصاب أوربا قبل حوالي 750

سنة. علينا أن ال نتظاهر بأن اخلطر غير موجود، ولكن علينا أيضا أن نلزم أنفسنا بتحقيق البديل املأمول الذي ستفضله احلكومات

احلكيمة. لذلك سأحتدث بصراحة ولكن أيضا بشيء من التفاؤل عن مفترق طرق آخر وهو الشرق األوسط.

بدأ تاريخ النفط في هذه املنطقة عندما وضعت البحرية البريطانية خططها ملا أصبح معروفا باحلرب العظمى لألعوام 1914- 1918.

عقدت تلك اإلمبراطورية النية على استخدام النفط املستخرج من هذه املنطقة لتوفر لقوتها البحرية الفائدة االستراتيجية األساسية

املتمثلة بالتحول إلى استخدام احملركات املشتغلة بالنفط عوضا عن تلك املشتغلة بالفحم في سفنها احلربية. منذ ذلك الوقت، كما

تعرف جميع األمم املمثلة هنا، هيمنت على هذه املنطقة صراعات القوى الكبرى للسيطرة على الفوائد االقتصادية ذات األهمية

االستراتيجية التي يوفرها النفط املستخرج في هذه املنطقة. لكن النفط لوحده لم يكن أبدا العامل الرئيسي في صياغة قدر منطقة

الشرق األوسط، فمنذ بداية العصور التاريخية املعروفة للحضارة اإلنسانية وقبل اكتشاف النفط بوقت طويل جدا كان الشرق األوسط

هو ملتقى الطرق االستراتيجي بني القارة األوراسيوية )أوربا وآسيا( وأفريقيا مشتركتني، كما هي احلال اليوم. بالبترول أو بدونه تبقى

األهمية االستراتيجية التاريخية للشرق األوسط كما هي. اآلن، هنالك خطط سيئة ومن ضمنها تلك اخلطط التي كانت

موضوع بحث بني حكومة بالدي واحلكومة الروسية بهدف االلتفاف حول االعتماد االستراتيجي احلالي للعالم على نفط الشرق األوسط

ومحاولة تفاديه. مثل هذه السياسة لن جتلب سوى عامل إضافي آخر من الفوضى إلى وضع عاملي مالي ونقدي واقتصادي قابل لالنفجار في

أية حلظة. إنني آلمل أن أمتكن من إقناع هذه القوى على التخلي عن مثل هذه النزعات االقتصادية واالستراتيجية الفاشلة.

في ظل أية منظومة عقالنية للشؤون االقتصادية والستراتيجية العاملية سيستمر نفط الشرق األوسط في لعب دور العنصر

االستثنائي إلمدادات النفط في االقتصاد العاملي على األقل ملدة جيل أو أكثر قادمة. هذا ما ستكون عليه احلال ألسباب اقتصادية ينبغي أن تكون واضحة للجميع. لكن مع ذلك، ومثلما هي احلال في جميع

شؤون العالم املعاصر ال ميكننا أن نكون من السذاجة بحيث نفترض أن القوى التي قد تكون عظمى أو مؤثرة ستتصرف بحكمة في

مواجهة احلقائق االستراتيجية للوضع احلالي جملرد أنها عظمى، خاصة في ظل الوضع اليائس للعالم اليوم.

إنني أركز هنا على موضوع النفط، لكنني أفعل ذلك ضمن سياق اخليارات الستراتيجية احملتمة تاريخيا لشرق أوسط محدد ضمن دوره القدمي واملستمر كمفترق طرق استراتيجي أساسي ألوراسيا. بعد

حتديد ذلك السياق سأعود إلى نقطة تركيزنا على موضوع البترول بحد ذاته محددا موقع عملية إنتاج وتسويق البترول باعتبارها عامال جوهريا ذا أهمية استراتيجية للشرق األوسط باعتباره منطقة ذات

مواصفات بيئية وثقافية خاصة. أركز اهتمامي على ثالثة عوامل مميزة ومتداخلة والتي يجب أخذها

بنظر االعتبار في محاولة توقع اآلفاق املستقبلية للمنطقة وبترولها أيضا. هذه العوامل الثالثة هي: العامل البيئي والعامل االقتصادي

والعامل السياسي االستراتيجي. بدايًة، انظروا إلى بيئة هذه املنطقة ماضيا ومستقبال ضمن اجملال احليوي )البيوسفير( للعالم، وكأمنا

تنظرون إليها من محطة فضائية تدور في مدار كوكب األرض. لننظر في مخيلتنا إلى العملية التاريخية الطويلة األمد لذوبان الكتلة اجلليدية األوراسيوية الكبرى عبر حوالي فترة 19000 عام املاضية

عندما كان مستوى احمليطات حوالي 400 قدم أدنى من مستوى اليوم. راقبوا عملية تطور منطقة البحر املتوسط عبر اآلالف من السنني

التي تلت ذلك. راقبوا املرحلة املتأخرة لتصحر املناطق التي كانت يوما ما غنية من الصحراء الكبرى واخلليج وآسيا الوسطى. يذكرنا املنظر البانورامي ملرور احلقب الزمنية بشكل مفيد جدا بحقيقة أن العامل

االقتصادي االستراتيجي األشد أهمية في منطقة الشرق األوسط هو ليس البترول بل املاء العذب. إن ما مييز ذلك اجلزء من حضارة هي

احلضارة اإلسالمية بشكل رئيسي واملمتدة من »سقف العالم« في آسيا عبر الشرق األوسط إلى شمال أفريقيا هو الصراع املستمر ضد

اجلفاف الذي استمر خالل الستة إلى الثمانية آالف سنة املاضية تقريبا.

اجلليد و الصحراء

لدينا اليوم القدرات العلمية التي متكننا من البدء بالسيطرة على هذه العملية ما بعد اجلليدية، إن لم نقل قلب بعض أثارها في اجتاه عكسي. ذلك هو التحدي االستراتيجي البيئي الرئيسي الذي يقف

عائقا في وجه حتقيق القدرات الكامنة العظيمة التي وجدت عبر القسم األكبر من األلفيتني املاضيتني في احلضارة العربية. بقدر ما نتمكن من اتخاذ خطوات مهمة نحو استخدام وتطوير طرق إنتاج

وتوزيع املياه العذبة سيمكن إدخال عوامل التنمية الرئيسية األخرى في العملية التنموية. في تلك احلالة سنرى القدرة االستراتيجية

الكامنة للشرق األوسط باعتباره ملتقى الطرق ألوراسيا. لذلك يجب دراسة أي توقع اقتصادي طويل األمد لآلفاق املستقبلية لبترول الشرق

األوسط في سياق ذلك التحدي. إن تطوير عملية إنتاج وإدارة املياه العذبة، وهو ما يتداخل مع دور

البترول، هو األساس الذي ال غنى عنه جلميع التوقعات املتفائلة األخرى لتنمية داخلية سلمية ومستقرة سياسيا للشرق األوسط كإقليم.

إذا افتقد الناس الوسائل األساسية للمعيشة فلن يكون هناك سالم، حيث سيعيش هؤالء مثل املوجات املتتابعة من »قراصنة البر« مثل

اإلمبراطورية املغولية التي اجتاحت أوربا والشرق األوسط عبر أوراسيا في املاضي. لن يكون هناك سالم بدون توفير كميات مناسبة من املياه.

مفهوم اجلسر البري

يأخذني هذا إلى القضية االقتصادية املركزية. لهذا السبب عليكم أن تنظروا إلى اعظم قدرات اقتصادية محتملة للشرق األوسط من خالل

دوره كملتقى طرق اقتصادي استراتيجي محوري للقارة األوراسيوية ككل. طاملا أن األهمية االستراتيجية لقناة السويس باعتبارها الرابط بني البحر املتوسط واحمليط الهندي مسألة واضحة، فإنني سأبني ملاذا

تكون الطرق البرية عبر الشرق األوسط أكثر أهمية بكثير كوسيلة نقل في قارة أوراسيا ككل وأيضا للربط بني أفريقيا وآسيا.

من احلقائق احلسابية البسيطة هي أن كلفة نقل منتج ما بحرا على سبيل املثال أو بوسائل أخرى يجب مقارنتها بكلفة إنتاج ذلك املنتج حتى نقطة انطالق ذلك املنتج في عملية النقل. لذلك منيل عادة إلى

نقل املنتجات مثل البترول واحلبوب التي لها سعر نسبي اقل لكل طن بواسطة وسائط النقل البحرية األكثر بطئاً واألرخص، كلما ازدادت كمية العمل املفيد، كقيمة مضافة، على املنتج في مراحل اإلنتاج اخملتلفة يؤدي ذلك إلى خفض نسبة تكاليف نقل تلك القيمة التي

ميثلها ذلك املنتج ككل. لذلك كلما أضيف املزيد من القيمة املضافة احلقيقية عبر اإلنتاج إلى مادة خام أو شبه مصنعة كلما ازدادت

الرفاهية النسبية التي يساهم بها تصدير املنتجات للبلد املصدر أو اإلقليم املصدر في تلك الدولة. هذا األمر كان مفهوما دائما من قبل

أعظم علماء االقتصاد في قارات أمريكا وأوربا منذ حوالي 150 عام.استمر النقل بواسطة البحار واألنهار حتى العصر احلديث بلعب دور أساسي في تقدم الظروف املادية حلياة بني البشر. هذا األمر استمر

إلى قبل 170 عام عندما خطط عالم االقتصاد األملاني األمريكي فريدريش ليست Friedrich List ما أصبح ثورة السكك احلديدية.

تسارع هذا التطور عندما مت بنجاح بناء نظام سكك احلديد العابرة للقارة األمريكية وهو تطور ذو أهمية جوهرية في بروز الواليات املتحدة

كقوة اقتصادية عظمى عاملية في ظل حكم الرئيس أبراهام لنكلن. بعد عام 1876 مت تبني نفس األساليب التي استخدمت في تطوير

شبكة السكك احلديدية العابرة للقارة األمريكية في كل من أملانيا وروسيا واليابان وأماكن أخرى من ضمنها الصني.

من األمور املعترف بها هي أن جهود ربط احمليط األطلسي باحمليط الهادي من الغرب نحو الشرق بواسطة سكك احلديد، مثلما قامت

الواليات املتحدة بذلك من شرقها نحو الغرب، هذه اجلهود أصبحت في نظر اإلمبراطورية البريطانية تهديدا للهيمنة االستراتيجية البحرية لإلمبراطورية على العالم ككل، واندلعت نتيجة لذلك حربان عامليتان

جيوسياسيتان في القرن العشرين. ال بد من االعتراف بأن هنالك جناحا طوباويا مؤثرا في الواليات املتحدة اليوم وهو مستعد إلشعال

حرب جيوسياسية عبر كل أرجاء القارة األوراسيوية بغرض منع حدوث أية تنمية داخلية للبر الرئيسي في آسيا وأفريقيا. هذه السياسات اجليوسياسية تتعارض مع كل تعريف عقالني ومنطقي للمصالح االقتصادية للواليات املتحدة التي تعاني اآلن من الدمار الذي جلبه

االنهيار النقدي واملالي العاملي. لألسف توجد هذه السياسات في بعض الدوائر ذات النفوذ الكبير حاليا.

مهما يكن مظهر السياسة األمريكية حاليا، فإن واقع األزمة االقتصادية العاملية اجلارية قد يفرض بعض التغييرات الكاسحة

في السياسة والفكر األمريكيني في املستقبل القريب. ليس هنالك أي أمل إلعادة إحياء اقتصاد الواليات املتحدة األمريكية من األزمة

االقتصادية العاملية احلالية بدون مثل هذا التعاون بالذات في التنمية االقتصادية املبنية على أساس تطوير وسائط النقل البرية في القارتني

األوراسيوية واألفريقية ككل. وإذا متكنت الواليات املتحدة من إيجاد حلول للكوارث املبكرة واملقبلة حتميا نتيجة سياساتها احلالية، فال

بد أن يكون للشرق األوسط دور خاص في تلك احللول. إن الطريق إلى حل لتلك األزمة االستراتيجية ال يكمن في النفط بحد

ذاته، ولكن في الطريقة التي سيستخدم بها إنتاج وتسويق النفط في خدمة املصالح العريضة والبعيدة األمد للمنطقة. احلكومات

املستقرة ضمن املنطقة والعالقات املستقرة مع األقاليم األخرى من العالم هي خط الدفاع األول للمنطقة ضد القوى العاملية وغيرها

من األخطار التي تهددها حاليا. الدور اجلوهري لتنمية النقل هو مثال رئيسي لإلجراءات املطلوبة لعملية الدفاع.

امليزة اخلاصة التي توفرها سكك احلديد احلديثة أو السكك ذات الرفع املغناطيسي مقارنة بالنقل البحري تكمن في احلقيقة األساسية

املعروفة بأنه )باستثناء بعض احلاالت النادرة جدا( ال تتطور املنتجات املنقولة بحرا أثناء عملية النقل. بينما في ظل ظروف صحيحة متثل ممرات النقل طويلة املدى املتمركزة حول الدور املركزي لسكك احلديد احلديثة أو سكك الرفع املغناطيسي في الواقع واسطة نقل ارخص

وأسرع من البحر. إذ كما هي احلال في املنظومة األصلية لسكك احلديد العابرة للقارة في الواليات املتحدة لم تكن هذه السكك مجرد

طرق للنقل، بل أن نظام النقل ذلك حّول منطقة مقفرة اقتصاديا إلى إقليم غني ذي تنمية اقتصادية قوية. في الواقع، أعطى معدل

كل كيلومتر من االستثمار في نظام النقل على اخلطوط الرئيسية والفرعية مردودا اقتصاديا لألمة في هيئة صافي إنتاج ثروة زراعية

وتعدينية وتصنيعية، وتعدى ذلك املردود بكثير كلفة االستثمار في بناء وصيانة نظام النقل.

فبدال من التفكير في ربط نقطتني بواسطة خطة سكك طويل

أو نظام سكة ذات رفع مغناطيسي، فكروا في خط النقل باعتباره العمود الفقري املركزي ملمر تنمية عرضه 50 - 100 كيلومتر. وتسير

مبوازاة العمود الفقري هذا قنوات مياه وشبكات نقل الطاقة. وفي نقاط مناسبة على طول العمود الفقري يتم بناء مجمعات صناعية زراعية سكنية. وميكن أن توضع مراكز سكانية ثانوية أصغر من ذات

النوع ضمن نطاق املمر ذاته. ما استعرضته أمامكم باختصار اآلن هو املكافئ احلديث لألساليب التي أنتجت ثورة زراعية صناعية في

الواليات املتحدة قبل حوالي 150 عام.

ممر تنمية

ميكن حتقيق اكبر قدر من االستفادة من املوارد إذا قمنا بتركيز مصادر

النقل واملياه والطاقة ضمن ممرات تنمية. وميكن حتقيق أقصى قدر من االستفادة من مساحة األراضي املتوفرة عن طريق امليل إلى تركيز

التنمية ضمن تلك املمرات. وفي ظروف النمو املستمر سيمكن تفريع ممرات تنمية ثانوية من املمرات الرئيسية.

نفس هذه الطريقة ميكن استخدامها بالتوازي مع استخدام تكنولوجيات موجودة وأخرى ميكن حتقيقها لتغيير وضعية املناطق

الداخلية آلسيا وبضمنها الصحاري والبراري هناك. في ظل سياسات صحيحة يكون صافي تكلفة مثل ممرات التنمية هذه أقل من صفر. فبتدفق السلع على طول العمود الفقري

يتم توليد ثروة جديدة في داخل كل مجمع مركزي زراعي صناعي سكاني وعلى أطرافه على طول املمر.

واآلن لننظر إلى اجلزء الرئيسي من العالم العربي املمتد من احمليط األطلسي حتى حدود إيران وتركيا والقوقاز. لنركز انتباهنا على قناة

السويس وسيناء حيث تلتقي أفريقيا بآسيا. ركزوا على ما ينقل ويحمل بحريا بني البحر املتوسط واحمليط الهندي. انظروا إلى رقعة

املنطقة حيث ستتقاطع طرق ممرات تنمية عند مناطق طبيعية مناسبة متر عبر املوانئ. فكروا بحجم املواد اخلام والسلع شبه

املصنعة التي تتدفق نحو الشرق األوسط عن طريق البحر والبر من آسيا نحو الغرب ومن أوربا نحو الشرق.

إن الشرق األوسط اليوم هو ما كان عليه مبدئيا منذ آالف السنني وحتى بزمن طويل قبل بناء األهرامات العظيمة في مصر. لقد كان الشرق األوسط وال يزال أحد أعظم تقاطعات الطرق الطبيعية في

مسيرة تطور احلضارة اإلنسانية. أعود وأؤكد على أن كل مرة نقوم فيها بدمج املواد اخلام واألجزاء األولية

لنصنع منها سلع شبه مصنعة أو كاملة فإننا نقلص النسبة املئوية إلجمالي تكلفة تلك السلعة التي يتألف جزء منها من كلفة

النقل. ميثل الشرق األوسط مرة أخرى أحد املواقع األكثر طبيعية واستراتيجية لتركيز التجارة واإلنتاج. ال ينبغي للشرق األوسط أن

يكون مجرد أنبوب سلبي تنتقل السلع من خالله، إذ ينبغي أن يصبح مسرحا أساسيا ذا أهمية استراتيجية في مجمل العملية العاملية

إلنتاج الثروات.

ماذا سيحصل لبترول الشرق األوسط في ظل تلك الظروف؟سيحصل حتول طبيعي في أمناط االستهالك وسيزداد االستهالك

احمللي بزيادة التنمية اإلنتاجية. باإلضافة إلى ذلك سيوجد تركيز متزايد على استخدام النفط والغاز الطبيعي كمواد خام كيميائية

لتغذية الصناعات الكيميائية، وباألخص اإلنتاج في الشرق األوسط.

القضايا االستراتيجية

ما الذي ميكن توقعه إذن للتاريخ املقبل لنفط الشرق األوسط؟ علينا أن نسأل أنفسنا ثالثة أسئلة أساسية. أوال، ما هي البدائل املتوفرة؟

ثانيا، ما هي البدائل التي يحتمل أن يتم اختيارها ومن قبل من؟ ثالثا، هل ستكون النتيجة جناحا أم كارثة مثل اخلمسة وثالثني عام من

التغييرات املتتابعة للسياسات التي من خاللها أوصلت الواليات املتحدة األمريكية وأوربا العالم إلى الكارثة العاملية احملدقة بنا في

األفق؟إذا سادت القوى الذكية فإن العالم سيقارن فشل النظام املالي

العاملي ذي أسعار الصرف العائمة الذي هيمن من عام 1971 إلى 2000 بالنظام الناجح الذي ساد خالل األعوام 1945 - 1965 وهو النظام

النقدي واملالي ذو أسعار الصرف الثابتة. إذا سادت هذه القوى سيتم استنساخ أهم خاصية من خصائص نظام 1945 - 1965 إلطالق

إصالحات طارئة عامليا. في تلك احلالة سنؤسس في وقت قصير صيغة لنظام نقدي ومالي عاملي بأسعار صرف ثابتة ونظام احتياطي ذهب

جديد شبيه بفترة 1945- 1965. أثناء فترة امتدت حلوالي الثالثني سنة املاضية خربت الواليات املتحدة األمريكية واململكة املتحدة وغيرهما من القوى الصناعية النشيطة

بسبب الوهم الطوباوي الذي كان يسمى اجملتمع »ما بعد الصناعي« أو اجملتمع االستهالكي. أدت هذه السياسة الطوباوية إلى حتطيم النظام

النقدي واملالي العاملي القائم آنذاك بيد قيادة الواليات املتحدة عندما فكت ارتباطها في عام 1971 بالنظام النقدي واملالي الناجح الذي كان

قائما منذ عام 1945 إلى 1965. تبع ذلك طوفان من التدمير لألنظمة احملددة من قبل الدولة وهي األنظمة التي اعتمدت عليها التنمية

والرفاهية االقتصادية من قبل. واآلن، أصبح نظام ما بعد عام 1971 نظاما ماليا ونقديا مفلسا بال

أمل في إنقاذه. وينهار اآلن الوهم املسمى »االقتصاد اجلديد« إلى درجة اإلفالس احلتمي. لذلك فإن الواليات املتحدة األمريكية وبريطانيا اجريا تغييرا في السياسة العاملية قبل خمسة وثالثني عاما وقد ثبت اآلن

أن ذلك التغيير كان خطأً فضيعا. واآلن حان الوقت لتصحيح ذلك اخلطأ والعودة إلى املبادئ الصحيحة التي أثبتت جناحها وإلى التعاون

في تنظيم عملية االنتعاش االقتصادي العاملي املطلوب بسرعة.

TRIP

LE C

URVE

ي الث

لثر ا

ياه

التي ل

يانلب

م اس

لرا

في ظل الظروف احلالية من إفالس النظام املالي العاملي )وبينما

هنالك عملية جارية إلعادة تنظيم أصول مفلسة( سيكون هامش احلسم لالنتعاش االقتصادي هو خلق اعتمادات جديدة طويلة األجل بكلفة منخفضة، وضخ هذه االعتمادات بشكل أساسي إلى برامج

حيوية طويلة األمد لبناء البنية التحتية االقتصادية األساسية. هذه االستثمارات في البنية التحتية ستؤدي بالتالي إلى توسع التنمية الزراعية والصناعية. يجب تقدمي هذه االستثمارات بشكل عام من قبل الدول ذات السيادة الكاملة وفق شروط نسب فائدة بسيطة

لقروض ذات فترة استحقاق تبلغ ربع قرن أو أطول من ذلك. في مثل هذه الظروف يجب أن يتم رفع نسبة انتقال التقنيات

املتقدمة بشكل عظيم إلى األقاليم واملناطق احمللية التي تعاني من نقص حاد في التقنيات الكافية. وكجزء من هذا التطور سنحتاج إلى

اتفاقيات متوسطة وطويلة األجل على أسعار ثابتة نسبيا وعادلة ألنواع معينة من السلع، خاصة في التجارة العاملية. نظام األسعار

العادلة هذا سيتضمن مخزونات الطاقة مثل البترول الذي له عالقة حساسة جدا بتداول االعتمادات في العالم. السعر العادل يعني

السعر الذي تتمكن عنده الدولة املَُوّردة من االستمرار في املساهمة بشكل مربح في تزويد العالم بكمية ونوعية املنتج الذي يحتاج إليه

االقتصاد العاملي. إن استقرار أسعار املواد اخلام األساسية مثل البترول، باإلضافة إلى معدالت اسمية طويلة األجل ألسعار فائدة بسيطة

على تدفق االعتمادات األولية العاملية يعتبران ضرورة جوهرية إذا كان الغرض إيجاد عملية إعادة بناء دائمة.

يجب تبني هذه اإلجراءات ليس كمسألة ذوق بل كمسألة بقاء. أحيانا عندما تكون السفينة على وشك أن تغرق لن يقول أي مسافر عاقل:

»لكنني أرفض أن يراني الناس جالسا في طوف جناة.«قد يعترض البعض ويقول أننا نعيش في ظل ظروف حرب متسعة وليس في ظروف السلم التي مت في ظلها تأسيس النظام النقدي

لألعوام 1945 – 1965. هذا التنبيه صحيح بالطبع. لكن مع ذلك إذا لم تكن أمم العالم راغبة اآلن في تأسيس الشروط املؤسساتية الالزمة خللق سالم دائم وبضمن ذلك الشروط االقتصادية األساسية، في تلك

احلالة سيكون مستقبل احلضارة اإلنسانية في كل مكان مستقبال ميؤوسا منه تقريبا.

سيكون من األجدى الركوب في طوف النجاة. اخلطوة األولى هي أن ندرك أخيرا احلقيقة البسيطة بأن السفينة، أي النظام

العاملي النقدي املالي الذي تتجاذبه احلروب، تغرق بدون أمل في إنقاذها. حينذاك رمبا ستقوم احلكومات وآخرون غيرها بالقيام بالتحركات نحو

السالم والرفاهية، أي نحو طوف النجاة.

السالم من خالل التنمية والطاقة النوويةللدول العربية والشرق األوسط

1. طريق احلرير اجلديد

2. خطة الواحة

نطرح هنا مجموعة أفكار واقتراحات دأبت مؤسستنا )إكزكتف إنتلجنس ريفيو( ومؤسسها عالم االقتصاد األمريكي ليندون الروش

على الترويج لها في مختلف األقاليم والتكتالت االقتصادية الدولية. وهذه األفكار تتلخص في تأسيس نظام مالي جديد لتمويل بناء

مشروع اجلسر القاري االوراسيوي أو ما يسمى في آسيا اليوم »طريق احلرير اجلديد«. ونرى أن فيه ما ميكن للدول العربية أن حتققه اقتصادياً حتى تصبح جزءاً حيويا )مبعنى ال ميكن االستغناء عنه في االقتصاد

العاملي( من العملية االقتصادية العاملية. والبد من أن نوضح باختصار الفكر االقتصادي وراء هذه االقتراحات واألفكار الصادرة منا. ولتوضيح

موقفنا من علم االقتصاد ألن هذا العلم قد دخلت عليه أفكار وفلسفات وتفسيرات ال حصر لها.

إن علم االقتصاد ليس ما نراه على شاشات الفضائيات العربية من أرقام تصعد وتهبط في بورصات لندن ونيويورك ودبي والرياض، فسيرك

األرقام هذا ال عالقة له إطالقا مبستوى الرفاهية الذي وصلت إليه شعوب أوربا وأمريكا الشمالية ودول جنوب شرق آسيا. علم االقتصاد

كما اختصره ليندون الروش اختصاراً شديداً هو »زيادة سلطان اإلنسان على الطبيعة وفي الكون« وفق املرسوم اإللهي الذي أعطى اهلل

مبوجبه بني آدم اخلالفة في األرض وزودهم بالعقل الكتشاف أسرار اخللق وقوانني الكون لتسخيرها خلدمتهم كما يأمر الدين اإلسالمي احلنيف، أو كما تقول املسيحية حتى يكون »اإلنسان في صورة اإلله احلية على األرض«. ولالطالع على هذه النظرية بالتفصيل نشير الى

كتابات الروش وغيرها املتوفرة بلغات عديد، حتى نختصر املساحة في هذه املذكرة.

ونرى من واجبنا أن نطرح افضل االقتراحات التي من شأنها، حسب دراستنا التاريخية للتطورات والنظم االقتصادية العاملية، أن ترفع

الشعوب العربية الى مستوى اقتصادي رفيع وتضعها على مسيرة التقدم االقتصادي والعلمي التي سيشهدها العالم في هذا القرن

الوليد. وقد انطلقت هذه املسيرة من الشرق هذه املرة. وعلى العرب أن ال يفوتوا فرصة اللحاق بهذا الركب واتخاذ املوقع الذي يليق بهم فيه

باعتبارهم أصحاب وورثة إحدى أهم احلضارات في التاريخ البشري.

الوضع املالي والنقدي العاملي

يواجه عاملنا اليوم أزمة مالية ـ نقدية واقتصادية ال مثيل لها في التاريخ احلديث. علة هذه االزمة ظهرت بانهيار نظام »بريتون وودز«

في عام 1971 على يد الرئيس االمريكي ريتشارد نكسون، لكن سبب اشتدادها في السنني األخيرة هو أن حكومات دول مجموعة السبعة

الصناعية وبنوكها املركزية ومؤسساتها املالية حاولت منذ اندالع األزمة املالية اآلسيوية في صيف 1997 )التي بدورها نتجت عن

مضاربات املضاربني املاليني وقراصنة العملة مثل جورج سوروس الذين دمروا عمالت واقتصاديات دول جنوب شرق آسيا( حاولت سد الثغرة احلاصلة في هذا النظام بالتمسك بنفس املبادئ التي أدت باألساس

الى اندالع األزمة. هذه املبادئ هي التحول اجلنوني من اقتصاد إنتاج واستهالك السلع واخلدمات الصناعيةـ الزراعية الى اقتصاد التجارة

بالعمالت الورقية واألوراق املالية دون أن يكون هناك رابط ما بني عملية اإلنتاج والنظام املالي. فعلى سبيل املثال 99% من جتارة العملة

اليومية في العالم ال عالقة لها إطالقا ببيع وشراء السلع واخلدمات. أما فيما يخص األوراق املالية مثل اسهم الشركات واملشتقات املالية

فإن قيمتها اليوم تتجاوز 400 ترليون دوالر بينما ال يتجاوز مجموع الناجت القومي لكل أمم األرض مجتمعة 40 ترليون دوالر. وهذه املعامالت

املالية تترتب عليها فوائد، وهي بحد ذاتها ميكن اعتبارها التزامات مالية أو ديون. فمن أين يتم سدادها ومن يأتي املال لضمان استمرار

هذا النظام. احلل البسيط الذي اتخذته دول مجموعة السبعة وعلى رأسها

الواليات املتحدة األمريكية هو طبع األموال وضخها الى األسواق والبنوك، سواء أكانت أمواال ورقية أم إلكترونية. كما أصبحت الواليات

املتحدة املالذ األخير لصادرات دول آسيا وغيرها من األمم املنكوبة باألزمة. واصبح لدى الواليات املتحدة عجزاً جتاريا أمام دول العالم

وصل مستواه الى 800 مليار دوالر عام 2005. وطوال تلك الفترة كانت الواليات املتحدة تسد هذا العجز عن طريق استثمار بقية شعوب

العالم في السوق املالية األمريكية »املزدهرة«. ببساطة كانت أمريكا تعطي بقية العالم ورقاً مقابل الصادرات ويقوم املصدرون باستثمار

ذات الورق في داخل أمريكا. كما مت في آخر عام 1999 طبع كميات خيالية من الدوالرات بحجة اخلوف من انهيار أنظمة الكمبيوتر في

العالم عند التحول الى عام ألفني. لذلك قامت املصارف املركزية في العالم بطبع وجتهيز العمالت لتوزيعها وتداولها يدويا في حال تعطل أجهزتها اإللكترونية. وجاء عام ألفني ولم تتعطل أجهزة الكمبيوتر.

لكن األموال التي طبعت في أمريكا لم يتم إتالفها بل مت ضخها للتداول في أسواق املال. وقد خرج علينا »عباقرة« االقتصاد الغربيني في العامني األخيرين باختراع ما سمي »االقتصاد اجلديد«. واملقصود

باالقتصاد اجلديد هو املتاجرة باسهم شركات االتصاالت والهاتف واإلنترنت وتقنية املعلومات والكمبيوتر. وسمي هذا االقتصاد باجلديد

لتمييزه عن االقتصاد القدمي الذي يتطلب كميات كبيرة من الطاقة والعمالة والهياكل التحتية واملواد األولية، بخالف االقتصاد اجلديد

الذي معناه أن حتصل على املال الوفير دون أن تعرق. كل ذلك بضغطة زر.

وبالرغم من أننا ال ننكر املزايا التي تقدمها تقنيات االتصاالت احلديثة في النشاط البشري، إال أن القول أن باإلمكان أن نعيل ستة مليارات

إنسان عن طريق »املعلومات«، وان تقنية املعلومات ميكن أن تغنينا عن التنمية الصناعية والزراعية هو مجرد عملية سمسرة للبنوك

واملؤسسات املالية. وحلسن احلظ، انهارت هذه اخلرافة بانهيار اسهم هذه القطاعات اجلديدة في آخر عام 2000 وبداية عام 2001 كما حذرنا.

باختصار، النظام املالي والنقدي العاملي والقائمني عليه قد أفلسوا فعليا ولم يبق سوى وضعه في إجراءات إفالس قسرية من قبل

احلكومات ذات السيادة وإعالن إنشاء نظام مالي جديد على أسس جديدة يكون هدف االعتمادات والقروض املالية هو حتفيز النمو

االقتصادي احلقيقي وليس العكس. لذلك اقترح عالم االقتصاد ليندون الروش إنشاء نظام جديد سماه »بريتون وودز اجلديد« يحتوي على

النواحي االيجابية من النظام الذي انشأ عقب احلرب العاملية الثانية )لكن هذه املرة يجب أن يكون القرار فيه جلميع األمم ذات السيادة وليس

نادي املنتصرين في احلرب فقط( وإلغاء جميع الديون غير املشروعة. ويتطلب هذا ان يدعو الرئيس االمريكي الى انعقاد مؤمتر دولي يعلن فيه امام دول العالم ان النظام املالي احلالي نظام قاصر وينبغي بناء

نظام جديد على أسس جديدة إلنقاذ أمم العالم من الكارثة االقتصادية احمليقة بها. وضمن هذا النظام اجلديد يتم تثبيت قيم العمالت

ي يو

سوار

االسر

جلح ا

ترااق

الوطنية على اساس سلة سلع، كما يجب ان تصدر الدول الصناعية عتمادات وقروض بفائدة ال تتجاوز 1 أو 1 ونصف % وترتيب عقود جتارة

طويلة األمد بني الدول لتمكينها من املضي في عملية التنمية الصناعية والزراعية في العالم في سياق ما يسمى طريق احلرير اجلديد

أو اجلسر البري األوربي ـ اآلسيوي. )اخلريطة رقم 1(

طريق احلرير طريق التنمية العاملية اجلديد

كان طريق احلرير، الذي ميتد من أقاصي شرق الصني مروراً بآسيا الوسطى غرباً ـ أو الهند ـ وإيران والى شمال اجلزيرة العربية وتركيا

انتهاًء بأوربا، الشريان الرئيسي للتجارة العاملية وتالقح الثقافات واألديان ألكثر من ألفى عام. وكانت اعظم الفترات في عمر طريق

احلرير هي فترة عصر النهضة اإلسالمي ما بني القرن الثامن واحلادي عشر امليالدي ولغاية سقوط بغداد على يد املغول الغزاة عام 1258م.

إن بناء منظومة نقل أوربية ـ آسيوية على أساس إنشاء سكك حديد متطورة وعالية السرعة وطرق نقل ومشاريع مياه متتد من املوانئ األوربية على احمليط األطلسي الى املوانئ الصينية في الشرق على

احمليط الهادئ عبر الشرق األوسط وأوربا الشرقية وإنشاء مراكز زراعية وصناعية على طول هذه الشبكة ميثل اكبر مشروع علمي إمنائي في التاريخ البشري ميكنه أن يحول اقتصاد العالم من وضعه احلالي الى وضع ارفع وأسمى يليق بالعنصر البشري الذي وهبه اهلل اخلالفة في

األرض ليعمرها ويجعلها رمزاً خللود العقل املبدع.

ممرات التنمية

إن غرض خطوط سكك احلديد وشبكات النقل هذه هو ليس فقط نقل البضائع واملسافرين بل ألنها ميكن أن تلعب دور جسر للتنمية و »شريانا« يغذي األقاليم اخملتلفة التي مير بها. فسكك القطارات

ستشكل قلب ممر ميتد مسافة 150 كيلومتراً عرضاً ))انظر الصورة 1 ممرا التنمية ؟؟ديفيلومبينت كوريدور؟؟((. ويجتاز هذا املمر أغنى مناطق

العالم باملواد األولية والصناعة واملراكز السكانية الكبرى واملناطق التي تقع ضمن مخططات التنمية للمياه والصناعة والزراعة

واستخراج املواد األولية. إن وجود سكك احلديد سيساعد على نقل اآلالت واملكائن ذات التكنولوجيا املتقدمة الى تلك املناطق التي يتم

تشييد املشاريع فيها من بالد املنشأ سواء في أوربا أو شرق آسيا. كما يتم في نفس الوقت توفير وسيلة نقل اقتصادية وسريعة لنقل املواد

األولية والصناعات الثقيلة من والى مناطق التنمية.

إن اكبر مشكلة تواجهها الدول النامية في مجالي التجارة الداخلية واخلارجية هي انعدام البنية التحتية الفعالة لنقل منتجاتها ما بني

الدول النامية ذاتها. وإذا ألقيت نظرة فاحصة على خطوط سكك احلديد والطرق العامة في قارة أفريقيا فسترى أن معظم الطرق مبني

من داخل تلك الدول )من املناجم عادة( الى اقرب ميناء أو مخرج الى بحار العالم دون املرور بدولة جارة. إن هذا النظام يعطينا اصدق صورة عن طبيعة النظام االستعماري القدمي الذي أنشأته بريطانيا وفرنسا وهولندا، وكان الغرض منه نهب ثروات تلك الشعوب ومنع أي تعاون

إقليمي ما بني الدول املستعمرة سواء في فترة االستعمار أو ما بعدها. ومن ثم الق نظرة على أوربا الغربية بالذات، لترى الكثافة الهائلة

للطرق وسكك احلديدية وقنوات النقل النهري وغيرها من مشاريع البنية التحتية املشتركة.

كيف ميكن لألمم األفريقية أن تتحد وال توجد حتى طرق بسيطة تربط

ما بينها؟ وكيف ميكن للعرب أن يوحدوا كلمتهم » مبواجهة التحديات اخلارجية« وال توجد عندهم شبكة نقل توحدهم فيزياوياً؟

لذلك فإن من املتطلبات العاجلة للدول العربية هي البدء مبناقشة وتخطيط مشاريع تنمية البنية التحتية املشتركة ما بني الدول

العربية في اقرب وقت ممكن. وان يبدؤوا بطرح أفكارهم بخصوص بناء منظومة عربية مشتركة لسكك احلديد والطرق ومشاريع املياه

وتأسيس بنك عربي مشترك للتنمية يخصص 20-30 مليار دوالر لتلك املشاريع وتنفيذها في اقرب وقت. كما ميكن متويل املشاريع التي تساعد املكننة واخلبرات األوربية واألمريكية أو اآلسيوية في إنشاءها

بواسطة توقيع عقود »نفط مقابل تكنولوجيا« مع تلك الدول بدال من التمويل النقدي املباشر. كما يفترض توطني رأس املال العربي املغترب.

وال ميكن االعتماد على املؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ألنها، أوالً، غير قادرة أو غير راغبة في متويل مثل هذه

املشاريع، وثانياً ألن قروضها عادة ماتكون مشروطة بشروط تنتقص من السيادة القومية للدول.

وميكن للدول العربية املضي في هذا الطريق على مسارين متوازيني:1ـ طريق احلرير

2ـ خطة الواحة.

1ـ طريق احلرير

إن الشرق األوسط مبوقعه اجلغرافي يقع في وسط هذا اجلسر األوربي ـ اآلسيوي، وباإلضافة الى وجود اكبر خزين من املواد األولية للطاقة، فانه

ممر ملعظم التجارة الدولية. إذ متر من بني بالده عند قناة السويس والعقبة وباب املندب معظم املنتجات األولية واملصنعة بني آسيا وأوربا، ويجب أن تستخلص االستفادة القصوى املمكنة من هذه

اخلاصية. ولكن لكي يرتبط العرب بآسيا فال بد أوالً من بناء جسر للعالقات مع اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية التي أصبحت املفتاح

للجسر األوربي ـ اآلسيوي بعد أن أدركت احلكومة اإليرانية أهمية ربط اقتصادها مبثل هذه الفكرة العمالقة وأهمية دورها فيها. وقد افتتح

الرئيس اإليراني السابق هاشمي رفسنجاني ـ مبشاركة 12 رئيس دولة و 50 ممثالً عن حكومات من مختلف أصقاع العالم في 13 مايو 1996

خط سكة حديد يربط بني مدينة مشهد في الشمال الشرقي من إيران و واحة سرخس في تركمنستان.

اخلريطة رقم 2- الشرق األوسط وآسيا الوسطى

وآخر من سرخس الى تاجان في تركمنستان حيث متتد من هناك شبكة واسعة في جميع أنحاء االحتاد السوفيتي السابق شماالً

والى الصني شرقاً. وبهذا تكون إيران فعلياً قد ربطت الصني واسيا

بأوربا. إذ يرتبط نفس اخلط بطهران العاصمة والى الشرق نحو تركيا حيث تقوم إيران وتركيا بتحديث اخلط الواصل بني »تبريز« و »وان« في جنوب شرق األناضول ومن هناك الى أنقرة واسطنبول وأوربا. أما من

ناحية اجلنوب الشرقي فان العمل يجري حاليا في إيران لبناء خط سكة حديد يربط الشبكة اإليرانية )واسيا الوسطى وأوربا عبر إيران( بباكستان. وميتد هذا اخلط املزمع إنشاؤه من مدينة كرمان الى زاهدان في اجلنوب الشرقي عند احلدود مع باكستان. وعند اكتمال ذلك اخلط ستكون إيران قد ربطت أوربا بشبه القارة الهندية وجنوب شرق آسيا.

كما أن إيران وروسيا والهند قد فتحا خطا بريا-بحريا من روسيا عبر نهر الفوجلا وبحر قزوين مرورا باألراضي اإليرانية إلى ميناء شاه بهار في اجلنوب ومنه إلى الهند. ويختصر هذا اخلط النقل البحري مبدة

أسبوعني مقارنة باملرور بالبحر األسود واملتوسط ثم األحمر والبحر العربي.

أما بالنسبة للدول العربية فنرى أنها فضالً عن انقطاعها عن بعضها

البعض، فإنها منقطعة عن آسيا برياً، إذ اغفل العرب حقيقة أن اكبر كتلة سكانية في تاريخ العالم توجد شرق البالد العربية على

مسافة 2000 الى 3000 كيلومتر شرقا من بغداد، وهذه مسافة ميكن أن يقطعها قطار عالي السرعة خالل اقل من يومني. إن اكبر سوق

اقتصادية في عالم اليوم موجودة في تلك املنطقة وسيكون من عدم احلكمة أن ال يستغل العرب مثل هذه الفرصة التي توفرها إيران للربط

ما بينها وبني تلك السوق الستراتيجية. لقد بدأ العمل في إيران منذ مدة إلنشاء خط سكك حديد جديد من طهران الى مدينة باختران

)كرمانشاه( في غرب إيران ومن هناك سيستمر اخلط الى مدينة خسروي على احلدود مع العراق )خريطة 2 السابقة(. وفي نفس الوقت

يوجد في العراق حاليا خط سكة حديد ميتد من بغداد الى مقربة من احلدود اإليرانية عند مدينة خانقني على مسافة 200 كلم تقريبا

شمال شرق بغداد. إن هذه فرصة ذهبية تتوفر للعراق وإليران لفتح صفحة من التعاون االقتصادي وطي صفحة احلرب السوداء. إن الهدف

املعلن لبناء خط طهران ـ خسروي هو ربط العاصمة باإلقليم الذي يشمل مدينتي همدان وباختران اللتان متثالن إقليما صناعيا ناشئاً

حيث توجد صناعة احلديد والصلب والصناعات املتوسطة األخرى التي مت ويتم إنشاءها في ذلك اإلقليم، باإلضافة الى ربط اإلقليم باملنطقة

الشرقية قرب احلدود العراقية الغنية بالنفط والغاز الذي يشكل عماد إنتاج الطاقة للصناعة اإليرانية الناشئة. أما الهدف األكبر فهو ربط

شرق آسيا واسيا الوسطى عبر العراق بالدول العربية.

أما بالنسبة للعراق وباقي الدول العربية فإنها ستكسب الكثير اقتصاديا وسياسيا عبر الدخول الى السوق اآلسيوية. وال ميكن ألحد أن يجادل فضائل مثل هذه الستراتيجية وفوائدها لالقتصاد العربي

باإلضافة الى ما جتلبه من التعاون بني العرب وإيران لتوطيد االستقرار السياسي واألمني. حتى من الناحية السياحية سيوفر إنشاء مثل

هذه الشبكة املتطورة من خطوط النقل وسيلة نقل فعالة ورخيصة ملئات املاليني من املسلمني الذين يرومون زيارة املقدسات اإلسالمية

في العراق واجلزيرة العربية وشمال أفريقيا. إن اكبر عدد من املسلمني ال يوجد في البالد العربية بل في شرقها من إيران والى الصني.

وستكون هذه املسألة من أهم العوامل لتوطيد وتقوية عالقات االخوة والتعاون احلقيقي بني سكان األمم اإلسالمية الذين يشكلون خمس سكان األرض. إن استقبال مئات املاليني من هؤالء الزوار في

األراضي العربية اإلسالمية وتوفير النقل واخلدمات لهم سيكون من املشاريع االقتصادية »السياحية« املهمة، حتى وان أخذنا بنظر االعتبار محدودية دخل املواطن اآلسيوي املسلم. كما سيؤدي ذلك الى تشغيل

عشرات اآلالف من العرب في ذلك اجملال باإلضافة الى مجال تطوير

وصيانة بنية النقل تلك.

مساهمة »املثلث اإلنتاجي«

املثلث اإلنتاجي

أما من ناحية فكرة ربط العالم العربي بأوربا فان إنشاء »طريق احلرير« سيكون من أهم العوامل املشجعة لألوربيني للمساهمة في ذلك

املشروع. لكن أهم شرط لتحقيق املقترحات املذكورة هنا هو تطبيق برنامج الروش لتنمية البنية التحتية »للمثلث اإلنتاجي« حيث متثل

مدن باريس وبرلني وفيينا زوايا ذلك املثلث الذي تتواجد فيه اكبر كثافة صناعية تكنولوجية على سطح األرض. كما وإن مصير تنمية الشرق األوسط مرتبطة بخلق »معجزة اقتصادية« في وسط أوربا عن طريق

بناء منظومة متطورة من وسائط النقل من سكك حديد عالية السرعة وسكك قطارات ذات الرفع املغناطيسي )ماغليف( وغيرها.

لذلك يتوجب على أوربا القارية بالتعاون مع اليابان أن توفر هامش التكنولوجيا املطلوبة لتنمية الشرق األوسط ويتضمن ذلك إنتاج

وحدات توليد الطاقة التقليدية والنووية وحتلية املياه على نطاق واسع خالل الـ 15-20 سنة القادمة. ففي هذا السياق يجب حتسني كفاءة

البنية التحتية للنقل بني شمال أفريقيا والشرق األوسط الى منطقة املثلث اإلنتاجي في أوربا. ويجب أن يتضمن ذلك ربط شمال أفريقيا بإسبانيا عند مضيق جبل طارق وبناء جسر من صقلية الى تونس

وبناء خطوط سكك حديد حديثة الى اسطنبول والبحر األسود.

ومن بني مكونات شبكة النقل هذه:

1( بناء طريق نقل عبر مضيق جبل طارق.

2( متديد شبكة خطوط قطارات نقل السلع والركاب من وسط أوربا حول البحر املتوسط بهيئة دائرة مغلقة: عبر جبل طارق الى ساحل

شمال أفريقيا وعبر قناة السويس الى فلسطني واألردن وسوريا ولبنان. ومن تركيا الى أوربا مجدداً.

3( إجراء عمليات حتسني شاملة خلطوط السكك املمتدة من تركيا الى العراق وإيران والى آسيا.

4( تطوير البنية التحتية في إقليم البحر األسود تهيئًة لتحسني خطوط السكك ونقاط الربط البحرية الى املراكز الصناعية في

أوكرانيا، عن طريق »ذراع الدانوب« الى مركز أوربا والى منطقة القوقاز.

5( حتسني املواصالت البحرية وخطوط األنابيب بني صقلية وتونس، واالحتفاظ بخيار بناء نفق حتت البحر مستقبالً.

املشاريع العربية املقترحة

إن أحد أهم األهداف في الوقت الراهن هو إكمال خطوط السكك والطرق السريعة على اخلطوط الرئيسية التالية:

1ـ إسطنبول - املوصل - بغداد - البصرة - الكويت- الظهران )املنامة(

- الدوحة ـ أبو ظبي - دبي - مسقط - صاللة - عدن ))خط برلني بغداد((

2ـ طهران ـ بغداد ـ حلب ـ دمشق )بيروت - طرابلس - صور( ـ عمان ـ الضفة الغربية - غزة ـ اإلسكندرية ))قطار الشرق السريع((

3ـ بغداد ـ النجف ـ احلائل ـ املدينة املنورة ـ جدة))طريق زبيدة((

4ـ اسطنبول ـ حلب ـ دمشق ـ عمان ـ جدة ـ مكة ـ جيزان ـ احلديدة ـ مخا ))طريق احلجاز((

5ـ اإلسكندرية ـ القاهرة ـ أسوان ـ اخلرطوم ـ أديس أبابا ـ جيبوتي ))خط النيل((

6ـ اإلسكندرية ـ طرابلس ـ صفاقس ـ تونس ـ اجلزائر ـ وجدة ـ فاس ـ طنجة ـ الرباط. ))طريق املغرب((

7ـ كما يفترض تطوير خطوط العبارات البحرية عبر البحر األحمر )جدة ـ بور سودان و مخا ـ عصب( واخلليج )بندر عباس وجزيرة قشم

الى كل من اإلمارات العربية والبحرين وعمان( والبحر األبيض املتوسط بني دول املغرب العربي وجنوب املتوسط.

وبالتوازي مع هذه اخلطوط يجب بناء شبكة مشتركة لنقل الكهرباء ومن أنابيب غاز طبيعي ونفط بني هذه الدول. وقد وقعت مصر واألردن

ولبنان وسوريا اتفاقاً لبناء شبكة نقل غاز من مصر. كما توجد شبكة نقل طاقة كهربائية بني هذه الدول. وميكن متديدها الى العراق وتركيا

وإيران ودول اخلليج. كما يتم بطبيعة احلال بناء مصافي نفط في

املراكز العمرانية والصناعية احليوية.

إن على دعاة الوحدة العربية أن يكملوا هذه املشاريع أوالً قبل إطالق اخلطابات وان يبذل املهندسون والفنيون العرب جهودهم ويستحثوا

مخيلتهم في كيفية إجناز هذه املشاريع. أما رأس املال العربي فيجب أن يسخر إلجناز مثل هذه املشاريع وان يجعلها األولية القصوى.

إن إنشاء هذه املشاريع وتوظيف طاقات الفكر العربي فيها سيكون الثورة التقنية العربية الكبرى حقاً في أواخر القرن العشرين في

سبيل العبور نحو القرن املقبل قوة عاملية كبرى في مجال االقتصاد والتكنولوجيا.

إن البدء بإكمال العمل على اجلزء السوري األردني من خط سكة احلجاز القدمية وربطها بوادي األردن واملشاريع التنموية القائمة هناك

متزامناً مع أعمال تطوير مينائي طرابلس وحيفا والعقبة سيخلق منطقة مشتركة للنمو االقتصادي السريع. ومن شأن ذلك أن يحدد األسس واملصالح املشتركة والصحيحة لفرض السالم العادل على

إسرائيل. باإلضافة الى ذلك فان التعاون املباشر بني قناة السويس وميناء العقبة سيكون مفيداً لبناء منطقة تنمية ساحلية على

الطرف الغربي للجزيرة العربية من العقبة والى جدة وعدن. وأن يقابلها على الساحل األفريقي للبحر األحمر حزام تنمية من

السويس والى جيبوتي. كما وان املشروع العمالق الذي افتتحه الرئيس املصري حسني مبارك في أكتوبر املتمثل ببناء قناة توشكي لنقل

املياه الى منخفض توشكي في غرب وادي النيل هو منوذج مثالي لالستفادة من الثروات الطبيعية إلحداث ثورة اقتصادية في الشرق

األوسط. إن مشروع الوادي اجلديد يعد بالكثير ملصر والشرق األوسط إذ انه سيكفل االكتفاء الذاتي من الغذاء ملصر، حيث ستتم زيادة

استغالل األراضي املزروعة من مصر من 4% الى 30% وهذه نقلة نوعية ستغير طبيعة املنطقة العربية وشمال أفريقيا اقتصاديا وسياسيا. كما وسيمكن بناء مدن بأكملها في الوادي اجلديد ويجب ربط الوادي

ببقية مصر بشبكة حديثة من السكك احلديد والطرق وشبكات الكهرباء واملواصالت. كما أن الوادي اجلديد سيكون إقليما واعدا

للصناعة أيضا على غرار مشروع »وادي تينيسي اوثورتي« في الواليات املتحدة الذي بدأه فرانكلن روزفلت في الثالثينات ليحدث ثورة صناعية

ويحول وادي تينيسي الى اكبر منطقة صناعية ـ زراعية في الواليات املتحدة. كما ويوجد مشروع استصالح سيناء وحتويلها من صحراء

الى ارض خضراء. وباكتمال مشروع قناة السالم سيمكن إضافة 400 ألف فدان من األراضي الزراعية القتصاد مصر. وسيكون االمتداد الطبيعي غرباً من مشروع تنمية القطارة املصري والوادي اجلديد هو بناء خط سكك حديد عبر املغرب العربي من اإلسكندرية الى وهران

وطنجة مبوازاة ساحل البحر املتوسط. كما يجب بناء وصلة من خطوط السكك من النيل الى مشروع تنمية بحيرة تشاد في إفريقيا

الوسطى. أما بالنسبة ملشاريع البنية التحتية للنقل واملياه املطروحة في السودان، فإنها بقليل من الدعم العربي والدولي ستحول السودان

الى سلة اخلبز العربي واألفريقي املوعودة.

كما وستكون نتيجة إنشاء خط عبارات بني جنوب إيطاليا وصقلية الى ميناء طرابلس، باإلضافة الى حفر نفقني عند جبل طارق ومضيق

الدردنيل في شرق املتوسط )على نفس منوذج نفق القنال اإلجنليزي بني فرنسا وبريطانيا( ، تأسيس ثالث نقاط ربط من بنى النقل التحتية

احلديثة بني الشرق األوسط وأفريقيا واملثلث اإلنتاجي املقترح.

وعموماً، يجب أن تكون خطوط السكك العربية ذات مسارين على

األقل ويجب تطويرها مستقبالً الى ثالثة وأربعة مسارات في سبيل توفير شبكات النقل املستقبلية التي ينبغي لها أن تعمر مائة عام.

كما ينبغي أن تزداد أعداد السكك املشتغلة بالكهرباء وان يتم توسيع السكك من مقياس عرض 1000 ملم الى املستوى األوربي بقياس

1,435 ملم الضروري لربط الشبكة األوربية باملغربية والعربية. فإذا مت إجناز ذلك بدقة فان االستثمارات املركزة على البنية التحتية للنقل،

مع التشديد على ضرورة القطارات احلديثة والعالية السرعة، ستبني األساس ملنطقة كبرى للتعاون بني أوربا وأفريقيا والشرق األوسط الذي

من شأنه أن يحول البحر املتوسط الى بحيرة للتنمية والسالم.

2- خطة الواحة: حرب على الصحراء

إن خطة الواحة كما حددها االقتصادي األميركي ليندون الروش تشير الى برنامج واسع يشمل املشاريع املقترحة حالياً ملعاجلة املياه والنقل

ومشاريع أخرى، مضافاً إليها االستخدام واسع النطاق للطاقة النووية والتقليدية في حتلية املياه، باإلضافة الى تأسيس مشاريع شق

القنوات ونقل الطاقة وإيجاد مصادر جديدة للمياه العذبة في أرجاء الشرق األوسط واملغرب العربي عن طريق إنشاء ممرات استراتيجية

للتنمية على نطاق ميكن معه إضافة كميات من املياه لـ »انهار أردن« جديدة اصطناعية. وهذا يعني أن بوجود اإلمكانيات الزراعية

والصناعية وما يتعلق بهما من الهياكل التحتية االجتماعية - اإلسكان واملدارس واخلدمات الصحية واملدن واملراكز الثقافية – ميكن

إيجاد الدعامات األساسية لتنمية وسالم دائمني.

إن ما نقدمه هنا هو صورة موجزة للمشاريع ذات األولوية للمنطقة باإلضافة الى عرض موجز للسبل التي من شأنها أن توفر الوسائل

األساسية لتحقيق هذه املشاريع.

الطاقة إلنتاج املياه

لننظر أوال الى ما ميكن أن نفعله بالطاقة النووية. نأخذ حالة افتراضية: مستعمرة صناعية - زراعية في وسط صحراء في موقع

غير مناسب إليصال املياه إليها من مجموعة مشاريع إدارة مياه عذبة موجودة في الظرف احلالي. لكن هذا املوقع متاخم ملياه ماحلة من

البحر.

نأخذ في هذه احلالة عدد من وحدات مفاعالت نووية عالية احلرارة مبردة بالغاز )هاي متبرتشر رياكتر( من النوع الذي ميكن إنتاجه اليوم في املانيا وروسيا والصني وافريقيا اجلنوبية، ونضع هذه الوحدات في

محطة توليد طاقة بإنتاجية 1-2 جيغاواط من الطاقة الكهربائية و 1-2 جيغاواط إضافية من الطاقة احلرارية. ثم نستخدم جزء من الناجت الكهربائي واحلراري لتحلية مياه البحر إلنتاج كميات من املياه العذبة مبستوى 70 - 100 متر مكعب في الثانية. وبهذا تتوفر كمية من املياه العذبة الكافية ألغراض الري احمللية واالحتياجات الصناعية ملستعمرة

زراعية - صناعية ذات اكتفاء ذاتي يبلغ سكانها مليون نسمة في وسط الصحراء! أما بقية الطاقة الكهربائية فنستخدمها في ضخ

املياه بني البحر وموقع مستعمرتنا. وميكن لوحدات أخرى من املفاعالت أن تغطي حاجات املستعمرة للكهرباء ومتطلبات الصناعة والتبريد

والتدفئة. وهذا اجملمع املتمركز حول مصادر طاقة نووية بأكمله هو صيغة محدثة خملططات صممت في أعوام اخلمسينات وكان يطلق

عليها مختصر »نيوبليكس«.

إن عشرة مراكز كبرى لتحلية املياه باستخدام وحدات من هذه

املفاعالت قادرة على إنتاج نسب من املياه العذبة تساوي في كمياتها انهارا طبيعية - نظام نهري من صنع اإلنسان!

خطة الواحة

على سبيل املثال توجد في تصاميم شركة جنرال أتوميك حملطات طاقة أربع وحدات )كل واحدة منها تنتج 135 ميغاواط من الكهرباء(

مبنية حتت سطح األرض وتعطي صافي إنتاج من الطاقة يقدر بـ 466 ميغاواط/ ساعة تستخدم في عملية تقطير ومضي متعدد املراحل

لتحلية مياه البحر. يتطلب األمر 22 وحدة من هذا النوع لتزويد كمية من املياه تساوي الكمية احلالية املقدرة بـ 3500 مليون متر مكعب

من املياه املوجودة في حوض نهر األردن. وميكن اليوم بناء وحدات حتلية مياه بأكملها، بضمنها مصادر الطاقة النووية، ببساطة علي أحزمة التجميع في املصانع. وميكن نقل هذه الوحدات الى مواقع التشغيل على منصات عائمة لغرض نقلها ونصبها بسرعة. إن التكنولوجيا

املطلوبة ومعظم العمل في تطوير هذه الوحدات بكميات كبيرة موجود منذ سنني.

وحيثما توفرت مصادر الطاقة التقليدية مثل الغاز الطبيعي بقيمة منخفضة فيجب استثمارها للحد األقصى. فاململكة العربية

السعودية التي حتلى 70% من احتياجاتها ملياه الشرب من البحر ضربت مثاال رائعا ملثل هذا النوع من املشاريع كما ال تزال لديها

مشاريع كبرى أخرى قيد البناء أو التخطيط.

األنهار والبحيرات االصطناعية

تتمركز أهم املشاريع في منطقة الشرق األوسط حول مقترحات لبناء قنوات لربط البحر امليت أما بالبحر البيض املتوسط أو البحر األحمر

أو بكليهما ليصبح قناًة، حيث ميكن إنشاء وحدات حتلية مياه تشتغل بالطاقة النووية أو باستخدام انحدار املياه الى حوض البحر امليت

لتوليد الطاقة الكهرومائية على طول تلك القناة لتوفر قاعدة ملصادر املياه ولتكون قاعدة االنطالق الى ممرات للتنمية في املنطقة كلها.

وتوضح ))اخلريطة رقم 3 (( بصورة تخطيطية الطرق احملتملة لتلك القنوات ومواقع محطات الطاقة النووية.

كما توجد مشاريع نقل املياه مثل مشروع النهر العظيم في ليبيا

الذي يوفر كميات هائلة من املياه حلاجات سكان املدن الليبية، أو مشروع نقل املياه من حوض الديسي في جنوب األردن الى املدن

األردنية الكبرى. وتوجد خطط حالياً لنقل املياه من حوض نهر زائير

الى بحيرة تشاد لتوفير املياه الضرورية ملنع جفاف البحيرة وتصحر املنطقة حواليها )وتوجد خطة متكاملة لهذا املشروع باسم »ترانس

أكوا«(. كما أن خططاً الستغالل أقصى كمية من نهري النيل األزرق واألبيض وتطوير مجاريهما ال تزال موجودة على لوحة التخطيط مثل

مشروع قناة جونغلي في جنوب السودان.

وميكن للمياه املاحلة التي يجري حتويلها من البحار الى األراضي أن تخدم مجموعة أغراض. أوال، تزويد محطات حتلية املياه واملصانع

اخملتلفة الواقعة على أطراف القنوات باملياه. ثانياً، توفر هذه القنوات طريق نقل. وثالثاً، حتسن هذه البحيرات دورة املياه في اجلو كما أن لها

فوائد هايدروستاتية للمياه اجلوفية.

وميكننا أن نبني مجمعات سكانية »نيوبليكس« على امتداد القنوات لتوفير املياه العذبة املطلوبة خملتلف األغراض مثل الزراعة احملمية في

الصحراء وتصنيع األغذية وصناعة الكيماويات والتعدين واإلسكان.

إن إنشاء مجموعة من اجملمعات هذه في األراضي الفلسطينية سيكون كفيال بتحويلها الى قوة صناعية - زراعية مهمة في املنطقة

نظرا للكثافة السكانية العالية في تلك املناطق ووجود القدرات البشرية ذات الكفاءة الفنية العالية القادرة على إدارة اقتصاد صناعي

متطور. كما سيؤدي ذلك الى استقالل الفلسطينيني اقتصاديا وتفادي الضغط واالبتزاز السياسي.

إن القابلية على تزويد املياه العذبة بالصورة املذكورة يتضمن فوائد مستقبلية لتحسن املناخ في املنطقة. إذ سيؤدي تبخر املياه من

البحيرات واخلزانات باإلضافة الى النتح من النباتات واملؤثرات األخرى التي تنتج عن الزراعة املكثفة واسعة النطاق واملروية اصطناعياً في الصحراء الى حتسني عملية توليد األمطار بدرجة كبيرة. وإذا

اخذ باالعتبار أن عملية توسيع وتنمية موارد املياه والزراعة ستزداد بالتوازي مع تزايد كميات األمطار فان العملية هذه ستكتسب

تعجيالً ذاتياً. وستميل املناطق املتصحرة الى االختفاء ليحل محلها مناخ متوسطي عندما تزداد كمية املياه في دورتها الطبيعية بني اجلو

والبحر واألرض وتزايد مساحة احلياة النباتية.

إن املوضوع املذكور أعاله ميكن أن يوصف على انه حرب على الصحراء. املاء العذب هو الذخيرة األساسية في املعركة، أما »اجلنود على

اجلبهة األمامية« فهم عمال البناء واملهندسون الذين يبنون القنوات والبلديات واجملمعات الصناعية وخطوط السكك والفالحون الذين

يعملون في البيوت الزجاجية واألراضي املروية التي »انتزعت« من الصحراء. أما في »اخلطوط اخللفية« فيقف عمال الصناعات واملهندسون الذين يوفرون العدة الالزمة للحرب: احلديد والفوالذ

واخلرسانات اإلسمنتية واألنابيب ومعدات إنتاج الطاقة وحتلية املياه واجلرافات واجلرارات والبيوت اجلاهزة. وكل قطعة ارض جديدة يتم

انتزاعها من الصحراء يجب تعزيزها واستعمارها وحتويلها الى قاعدة للتوسع. أما معيار القوة هنا فهو مقدار الطاقة الفائضة املفيدة

التي ميكن تزويدها لكل كيلومتر مربع مقسمة على معدل السكان الستخدامها في تكثيف النشاطات الزراعية والصناعية وبناء البنية التحتية. وكما هي احلال في احلرب التقليدية فان كثافة القوة النارية

)الطاقة( تكون عامل احلسم. ففي وجه خصم كبير مثل صحراء شمال أفريقيا أو اجلزيرة العربية سيكون من غير احلكمة عدم اللجوء

الى اشد مصادر الطاقة كثافة؛ الطاقة النووية. إن القابلية على استخدام هذه »األسلحة« ذات التكنولوجيا املتطورة يعتمد على

مستوى التعليم والتدريب واإلمكانيات العلمية لصيانتها وحتديثها.

استنتاجات

لقد طرح ليندون الروش خطة الواحة على بعض حكومات الشرق األوسط في عام 1975 كأساس للسالم في املنطقة، وحذرها من أن

عدم اتباع منهج حتقيق السالم عن طريق التنمية االقتصادية املبنية على التعاون إلجناز مثل هذه املشاريع التكنولوجية العمالقة وحتسني

املستوى احلياتي لشعوب املنطقة، فان الشرق األوسط سيكون ساحة للحروب بالنيابة عن القوى الكبرى ومسرحا ملؤامرات دولية ال مصلحة

للعرب أو لإلسرائيليني فيها. طبعاً لم يستمع الساسة في املنطقة لهذا املنطق، أما النعدام البصيرة والثقة، أو لضغوط مورست عليهم

من قبل أقطاب السياسة في أمريكا وبريطانيا واالحتاد السوفيتي. وبقي الشرق األوسط يخرج من حرب أهلية ليدخل في حرب إقليمية،

مستنزفًة الطاقات البشرية والطبيعية ليس لسبب سوى إدامة صراع ال معنى له حلساب قوى خارجية ومصالح غربية ال ترى في

تطوير اقتصاديات العالم الثالث وزيادة نسبة السكان فيه إال تهديدا ألمنها القومي كما أشار مجلس األمن القومي األمريكي الذي اصدر

مذكرة بإشراف هنري كيسنجر عام 1974 بعنوان: »مذكرة دراسة األمن القومي رقم 200: تأثيرات النمو السكاني العاملي على األمن

القومي األمريكي ومصاحله عبر البحار«. وقد حدد عدة شعوب باعتبار منو السكان فيها تهديداً وتضمنت القائمة دولة عربية هي مصر.

أما اليوم فان األمة العربية وشعوب الشرق األوسط تقف أمام نفس االمتحان برغم اجلروح والصعاب التي خلفتها حرب اخلليج األخيرة وتدمير العراق عن طريق القصف اجلوي واحلصار االقتصادي الظالم

وجتويع شعبه في محاولة لتدمير إمكانياته وإلغاء دوره اإلقليمي اقتصاديا وسياسياً بحجة »احتواء نظام بغداد« ومن ثم االحتالل عام

2003 وما رافقها وتالها من تدمير البشر واملادة.

مالحظات

البد من االشارة الى مجموعة من املشاريع التي بدء العمل على إنشائها فعال وقد كتبنا عنها في مجلتنا األسبوعية مثل:

ـ مشروع قطار الشرق السريع من مصر الى رفح وبناء جسر عبر قناة السويس الى سيناء. )قام قسم الدراسات االسيوية التابع لكلية

االقتصاد في جامعة القاهرة مبجموعة دراسات وبحوث حول مشروع طريق احلرير اجلديد وعقد مؤمتر في بورسعيد في عام 2000 لشرح

ابعاد هذا املشروع وتأثيره على املصالح املصرية والعربية(.

ـ عدة مشاريع سكك حديد في السودان وربط السودان باثيوبيا. كما ان دراسات جدوى قائمة حاليا لربط السودان بافريقيا الوسطى

)طرحت هذه االفكار في ندوة نظمتها مؤسستنا في اخلرطوم بالتعاون مع وزارة االعالم السودانية ومركز الدراسات الستراتيجية

باخلرطوم في شهر يناير 2001. وقد نشرت محاضر اجللسات في مجلتنا االسبوعية(.

ـ متت دراسة اجلدوى في عام 2000 في اململكة العربية السعودية لبناء شبكة سكك حديد تغطي جميع ارجاء اململكة من اخلليج الى البحر

االحمر. ولم يتقرر موعد البدء بالتنفيذ بعد وقد اكتشفنا سبب املشكلة املتمثل بلجوء احلكومة السعودية إلى مؤسسات مالية

أجنبية خاصة لدراسة املوضوع مثل مجموعة الزار فرير السيناركية

التي اقترحت تخصيص هذه املشاريع واالعتماد على رأس املال اخلاص واألجنبي في متويل املشاريع بدال من قيام احلكومة بتمويلها من املال

العام، وقد استغرقت هذه العملية عدة سنني تأخر فيها االقتصاد السعودي كثيرا. وكان احلل االمثل واالسرع هو التمويل الداخلي

الوطني املشترك احلكومي واخلاص.

ـ جتري االن دراسة جدوى لبناء خط سكة حديد على الساحل الليبي لربط املدن الليبية الساحلية مع كل من مصر وتونس.

ـ مت مشروع الربط بني املوصل وحلب في صيف عام 2000. وكان قد سبقه بعام اعادة تشغيل خط اسطنبول ـ حلب، و سوريا ـ األردن.

ـ وقعت ايران وسوريا في عام 2000 اتفاقية للنقل والترانزيت عبر شبكة سكك احلديد العراقية. واليزال التفاوض جارياً بني االطراف

الثالثة لتنفيذ االتفاق.

ـ بحثت دولتا قطر والبحرين في عام 2005 مع املستشار األملاني جيرهارد شرودر مشروع بناء خط قطار مغناطيسي بني البلدين وقد

يتضمن املشروع بناء جسر بينهما. وميكن توسيع ذلك اخلط ليشمل بقية دول اخلليج واملشرق العربي.

ـ كما اشرنا اعاله، قامت مصر واالردن وسوريا ولبنان بالبدء بتنفيذ مشروع شبكة نقل الغاز الطبيعي بينها. كما كانت قد فرغت من

تنفيذ مشروع الربط الكهربائي.

الطاقة النووية

ـ تنفذ اململكة املغربية بالتعاون مع الصني مشروعاً جتريبياً في جنوب البالد لتحلية املياه باستخدام الطاقة النووية. ويتم بناء مفاعل

جتريبي بطاقة 10 ميغاوات.

ـ تقوم إيران وروسيا بوضع اللمسات األخيرة ملفاعل بوشهر بطاقة أكثر من ألف ميجاواط والذي مقرر له أن يبدأ التشغيل في عام 2007

ـ قررت احلكومة املصرية في سبتمبر 2006 اللجوء إلى اخليار النووي كبديل حقيقي لنقص الطاقة والتنمية املستقبلية، وهي خطوة

جبارة، ولو أنها تأخرت أكثر من 20 عام، حيث كانت حركة الروش قد درست مع احلكومة املصرية هذه املشاريع في بداية الثمانينات. )أنظر موضوع التسلسل الزمني ملبادرات الروش للسالم في الشرق األوسط

املرفق مع هذه النشرة(.

اطلب نسخة مجانية واحدة من مجلتنا باللغة اإلجنليزية.

ابعث لنا عنوانك البريدي فقط

اتصل مبحرر املوقع العربي

eirarabic@nysol.se

هل تريد توجيه سؤال أو تعليق لالروش مباشرة، الرجاء الكتابة باللغة االجنليزية

asklarouche@larouchepac.com

www.larouchepub.com

www.nysol.se/arabic