ﺔﻴﺨﻳرﺎﺘﻟا ﺔﻳدﺎﻤﻟاو نوﺪﻠﺧ ﻦﺑا · 4 ﺐﺴﺣ...

25
اﺑﻦ ﺧﻠﺪون واﻟﻤﺎدﻳﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ إﻋﺪاد د. أﻳﻤﻦ ﻓﺘﺤﻲ اﻟﺤﺠﺎوي اﳉﺎﻣﻌﺔ اﻷردﻧﻴﺔ اﳌ ﺆﲤﺮ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﺪوﱄ "اﺑﻦ ﺧﻠﺪون: ﻋﻼﻣﺔ اﻟﺸﺮق واﻟﻐﺮب" ﻛﻠﻴﺔ اﻵداب ـ ﻗﺴﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎع ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻨﺠﺎح اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻧﺎﺑﻠﺲ ـ ﻓﻠﺴﻄﲔ ﺗﺸﺮﻳﻦ اﻷول2012

Upload: others

Post on 29-May-2020

2 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: ﺔﻴﺨﻳرﺎﺘﻟا ﺔﻳدﺎﻤﻟاو نوﺪﻠﺧ ﻦﺑا · 4 ﺐﺴﺣ ﺔﻴﻋﺎﻤﺘﺟﻻا ﺮﻫاﻮﻈﻟاو ﻊﻤﺘﺠﻤﻠﻟ ﺔﻴﻤﻠﻌﻟا ﺎﻨﺘﺳارد

ابن خلدون والمادية التاريخية

إعداد

د. أيمن فتحي الحجاوي

اجلامعة األردنية

العلمي الدويلؤمترامل

"ابن خلدون: عالمة الشرق والغرب"

كلية اآلداب ـ قسم االجتماع

جامعة النجاح الوطنية

نابلس ـ فلسطني

2012تشرين األول

Page 2: ﺔﻴﺨﻳرﺎﺘﻟا ﺔﻳدﺎﻤﻟاو نوﺪﻠﺧ ﻦﺑا · 4 ﺐﺴﺣ ﺔﻴﻋﺎﻤﺘﺟﻻا ﺮﻫاﻮﻈﻟاو ﻊﻤﺘﺠﻤﻠﻟ ﺔﻴﻤﻠﻌﻟا ﺎﻨﺘﺳارد

2

المحتوى

3 مقدمة

5 :ن ماركس وابن خلدونجوانب االتفاق بی

5 فلسفة التاریخ

7 :قضایا فكریة

7 المجتمع قبل الفرد

9 الحیاة مادة

11 العمل كمنشئ للقیمة

13 العصبیة والوعي الطبقي

15 الدولة والمجتمع

18 :جوانب المفارقة بین ابن خلدون وماركس

18 عالمات تالشي الدولة

20 المثقف والدور الثقافي

22 الحتمیة

23 ماركس الخلدوني / ابن خلدون الماركسي

25 المراجعالمصادر و

Page 3: ﺔﻴﺨﻳرﺎﺘﻟا ﺔﻳدﺎﻤﻟاو نوﺪﻠﺧ ﻦﺑا · 4 ﺐﺴﺣ ﺔﻴﻋﺎﻤﺘﺟﻻا ﺮﻫاﻮﻈﻟاو ﻊﻤﺘﺠﻤﻠﻟ ﺔﻴﻤﻠﻌﻟا ﺎﻨﺘﺳارد

3

:مقدمة

على السرقات العلمية واألسبقيةيتحول مسأليف األوساط الثقافية يكثر احلديث

ذا قصار توك ويبذل امل،املستوى احلضاري فإذا ما ،ى جهدهم إلثبات ما يذهبون إليه من أمرلون

وري عن عالن الفيبادر إىل اإل،ما يؤيد رأيه- أو يف تأويله-حدهم على نص فيه حصل أ

ا منه أنه ظن ،ا أخرىوبالسطحية أحيان ،احين ق املتعم باالنتقاء ،ليهاأنصاف احلقائق اليت توصل إ

.ا متثله خلفيته الثقافيةخيدم اجتاه ذا

اختذت من آراء كثريةفهناك ؛مثلة على ذلك ما يتعلق مبوضوع حبثنا هذاولعل من أبرز األ

فمن قائل بأن ماركس ،علتها شغلها الشاغلحبيث ج،قضية هلاماركسوابن خلدون املقارنة بني

استهوته ىل آخر إ،ننتجه ابن خلدو أطالعه على ما ن يكتشف ما اكتشفه لوال اما كان له أ

عنها بشكلها الناضج واملعرب ،املتجذرة يف التاريخسالمية الماركسية اإلبـالفكرة فراح ينادي

ة بتحف أ،احاديث املطابقة كلي ىل غري ذلك من األ... إ،المقدمةواملكتمل يف كتاب ،ظو املشا

.يديولوجية املطروحةا لألو املناقضة متام أ

مبقدار اهتمامه ،براز أوجه التشابه واالختالف بني النظريتنيإبا البحثال يهتم هذ

؛بالظروف اليت سامهت يف تكوين كل منهما

:صول ثالثة هيعن أالماركسيةصدرتلقد

ملانيةاألالفلسفة

جنليزي االقتصاد السياسي اإل

الفرنسيةاالشرتاكية

رتة السياسية يف فالسلطةطار احناللنة يف إتكو العصبية املأنظمة (بـ فقد اهتمت الخلدونيةأما

)ىل احلضرياالنتقال من العمران البدوي إ

ما إإال أنه ميكن القول ، مغربية عربيةخرىواألغربيةحدامها وإن كانت إ، هاتان املدرستان

ت االنحالالواالنتقائيةاالنحرافاتمن دتان يف علم االجتماع املتحررتاناملدرستان الوحي

.العقائدية

Page 4: ﺔﻴﺨﻳرﺎﺘﻟا ﺔﻳدﺎﻤﻟاو نوﺪﻠﺧ ﻦﺑا · 4 ﺐﺴﺣ ﺔﻴﻋﺎﻤﺘﺟﻻا ﺮﻫاﻮﻈﻟاو ﻊﻤﺘﺠﻤﻠﻟ ﺔﻴﻤﻠﻌﻟا ﺎﻨﺘﺳارد

4

جتماعية حسب ن ننطلق يف دراستنا العلمية للمجتمع والظواهر االينا أذا كان جيب علوإ

جةالقوى المنت ظهر أن ي حيث أن عامل اإلنتاج الذايت للكائن اإلنساين ؛المادية التاريخية

،لرابع عشرن ما قدمه ابن خلدون يف القرن افإ،ال يقبالن الفصل بينهمااجية نتالعالقات اإلو

ليس ،وما قدمه ماركس يف القرن التاسع عشر ميثالن األساس املتني الذي ميكن البناء عليه لفهم

تمعات املعاصرة واملعقدة أب،احلركة التارخيية للمجتمعات القدمية،فقط .ايض ل وا

Page 5: ﺔﻴﺨﻳرﺎﺘﻟا ﺔﻳدﺎﻤﻟاو نوﺪﻠﺧ ﻦﺑا · 4 ﺐﺴﺣ ﺔﻴﻋﺎﻤﺘﺟﻻا ﺮﻫاﻮﻈﻟاو ﻊﻤﺘﺠﻤﻠﻟ ﺔﻴﻤﻠﻌﻟا ﺎﻨﺘﺳارد

5

ب االتفاق بین ماركس وابن خلدونجوان :فلسفة التاریخ- أ

ان ما املدرستان الوحيدتمع ما بني املاركسية واخللدونية ألعل من النقاط البارزة اليت جت

فكل العلوم االجتماعية نشأت وتطورت يف اجلامعات ،طار اجلامعياللتان نشأتا وتطورتا خارج اإل

.باستثناء ما جاء به ماركس وابن خلدون،واملعاهد اجلامعية

نظمة العصبيةأن طار عوامل تكو إعاشها ابن خلدون يف انطلقت اخللدونية من حماولة

ا منسالمية انطالق لقد وجدت دولة املغرب العربية اإل،اليت نتجت عنها املؤسسات السياسية

سالمي وتطبيقات بروز حتالفات توحيد مجاعية على الصعيد موارد الفلسفة العامة والدين اإل

قال من العمران البدوي إىل من خالل االنت،يولوجييدقتصادي واالجتماعي واحلضاري واألاال

فترة والدة وانحالل السلطة السياسيةي يف أ،العمران احلضري

؛طالق قانون يتخذ صفة التعميموكما اجتهت املاركسية إىل حتليل التاريخ البشري إل

ع ، كذلك تعامل ابن خلدون مال نتاج صراع الطبقاتالتاريخ البشري بمجمله ما هو إ

.ومن مث بناء القانون،معن يف النظر والتحليل حملاولة التفسريبل كم ،ال كمؤرخ هلا،حداثاأل

ولعل ؟استنباطيأم،استقرائيهل هو ،سلوب ابن خلدونلقد كثر احلديث حول أ

دراك ولكن املدقق املتعمق لن يفوته إ،ىل نتاجه ليستعجل القول باالستقراءالناظر بسطحية إ

:ففي حاالت عدة جند القانون يسبق ذكر احلدث؛ي يتجلى فيه املنهج االستنباطيالوضوح الذ

وسعذا كانت األمة وحشية كان ملكها أإ

الدعوة الدينية من غري عصبية ال تتم

من طبيعة امللك الرتف

طبيعية كما لألشخاصالدولة هلا أعمار

،78-77، ص ص 1983نور الدین حقیقي، الخلدونیة، منشورات عویدات، بیروت 26، ص 1972ركس، البیان الشیوعي، دار التقدم، موسكو، كارل ما

Page 6: ﺔﻴﺨﻳرﺎﺘﻟا ﺔﻳدﺎﻤﻟاو نوﺪﻠﺧ ﻦﺑا · 4 ﺐﺴﺣ ﺔﻴﻋﺎﻤﺘﺟﻻا ﺮﻫاﻮﻈﻟاو ﻊﻤﺘﺠﻤﻠﻟ ﺔﻴﻤﻠﻌﻟا ﺎﻨﺘﺳارد

6

ذا نزل بالدولة ال يرتفعاهلرم إ

ذا كان العلم فإ،ابن خلدون هو املنهج العلمينهج الذي يتبعهن املأميكن مالحظة كما

من ،شياءن وصف وتوضيح لماذا وكيف تحدث األالطريقة التي من خاللها يمك:عرف بأنهي

وهناك نظرية تبىن على ،فهناك جتربة استقرائية،النظرية و التجربة:خالل االعتماد على

،ىل القانون الذي يتخذ صفة التعميمإوصوال ،آخرط حيناوخترج لنا باالستنبا،االستقراء حينا

ا موضوعي ضاف ابن خلدون تحليال لقد أ:ويف هذا رد على من قال،وميكن التنبؤ من خالله

ولكنه استخدم معلومات من الدرجة ،ل الثقافة في القرون الوسطىا لتحو ووصفا اثنوجرافي

وهي مرحلة التفكري العلمي؛الثة من مراحل التفكرينه مل يصل املرحلة الث، أي أالثانية

علم التاريخما الفرق بني ؛الفلسفةىل مسألة إلفت النظر ن ي ولعل من الضروري هنا أ

؟طوار التفكريهي طور قدمي من أن يسميها كما حيلو للبعض أ وهل الفلسفة ،فلسفة التاريخ و

ومة أم العلالفلسف

ن نكتفي فلن يكفي أ،من الناحية اللغوية على األقل)أم(مةاذا جاز لنا البحث يف كل

؛دة للعلوما املول بأبتعريف الفلسفة

؛الوقوف أمام حدث ماتبدأ الفلسفة من النقطة اليت يقف فيها العقل متحريا ومندهشا

ولكن حني بدأت،نيوتنمن التفاحات قد سقطت على اآلالف من الناس قبل ن آالفا ال بد أ

ىل حلرية حماولة التفسري اليت قادت إمث تولد عن تلك ا،احلرية أمام ذلك السقوط ابتدأت الفلسفة

ومل يعد فلسفة ،لم الفيزياءا من عوبعد االكتشاف أصبح القانون جزء ،اكتشاف قانون اجلاذبية

ذ)ن االندهاش واحلرية قد انتهياأل( مام لفكر أاا تستوقفأل،ا تظل الفلسفة أوسع من العلمو

هول هول يف املعلوم ...،ا هل الفلسفة هي ،ولكنمث يتولد عنها العلم الذي حياول إدخال ا

؟دة فقطاملول

Rodney Stark. Sociology, 9th edition .thomson .USA. 2003 , p 24 Nancy F.Partner , History and Histriograph , Encarta Reference Library ,2003

Page 7: ﺔﻴﺨﻳرﺎﺘﻟا ﺔﻳدﺎﻤﻟاو نوﺪﻠﺧ ﻦﺑا · 4 ﺐﺴﺣ ﺔﻴﻋﺎﻤﺘﺟﻻا ﺮﻫاﻮﻈﻟاو ﻊﻤﺘﺠﻤﻠﻟ ﺔﻴﻤﻠﻌﻟا ﺎﻨﺘﺳارد

7

ذهب :أي:الشيءنقول: أم ،)م م أ(اللغة العربية جاءت من اجلذر يف )أم(ن كلمة إ

ومنها ،جهنم بأعمالهم ؤ ن الكافر يـ أي أ 9ة / اآليالقارعةسورة )ه هاويةفأم (:ومنها قوله تعاىل،ليهإ

فال بد لكل علم من أن ،أم العلومذا كانت الفلسفة هي... فإ،اإلمام الذي يؤمت به:اأيض

.ليهاأي يذهب إ،هام ؤ يـ

ن يتبعها أثناء أصول اليت ميكن للمؤرخ إن علم التاريخ يكاد يقتصر على اإلملام باأل

ما السبب ؛التارخييةحداثاريخ فهي الوقوف بتساؤل أمام األفلسفة التماأ،تسجيله لألحداث

؟الكامن وراء حدوثها

؛خلدونومن قبله ابن ،فخرج للعامل بتلك النظرية الشمولية،ماركس التاريخف لقد فلس

المقدمةفجاءت ،ىل فلسفتهبل جتاوز ذلك إ،ار تسجيل أحداثهطمل يرض حبصر التاريخ يف إ

.يد مل تعرفه كتب التاريخ من قبلهبعلم جد

:قضایا فكریة-ب

:المجتمع قبل الفرد-1

من األسبق على ؟ولمن األ؛ليةقضية التساؤل عن األو من القضايا املثرية للبحث

تمع ؟اآلخر، الفرد أم ا

الإ جند االتفاق الواضح ،ذا استطلعنا آراء كل من ماركس وابن خلدون يف هذا ا

عيد النظر يف جممل التفكري وهذا سي ،وىل كانت للمجتمع وليس للفردنهما على أن النشأة األبي

.منطلقا لصنع املعرفة واحتكار احلقيقةاملتخذ من التأويل لنصوص الكتب املقدسة امليثولوجي

فإن ابن خلدون قد وصل ،التفسري الديين هلذه القضيةذا كان ماركس قد اكتفى بنفيإ

نسان بني اإلىل املقارنة املباشرةها إحني ابتدأ بتفسري النشأة األوىل للعمران برد ،بعدأى ىل مدإ

جعل حظوظ ،وقسم القدر بينها،لما ركب اهللا سبحانه الطباع في الحيوانات كلها؛واحليوان

أعظم فقدرة الفرس مثال ؛نساناإلكثير من الحيوانات العجم من القدرة أكمل من حظ

Page 8: ﺔﻴﺨﻳرﺎﺘﻟا ﺔﻳدﺎﻤﻟاو نوﺪﻠﺧ ﻦﺑا · 4 ﺐﺴﺣ ﺔﻴﻋﺎﻤﺘﺟﻻا ﺮﻫاﻮﻈﻟاو ﻊﻤﺘﺠﻤﻠﻟ ﺔﻴﻤﻠﻌﻟا ﺎﻨﺘﺳارد

8

درته من قضعاف ذا قدرة الحمار والثور، وقدرة األسد والفيل أوك،نسانمن قدرة اإلبكثير

ا يختص بمدافعته ما ا في الحيوان جعل لكل واحد منها عضو ولما كان العدوان طبيعي ...

فاليد مهيأة ،واليدا من ذلك كله الفكرنسان عوض وجعل لإل،يصل إليه من عادية غيره

ل له اآلالت التي تنوب له عن الجوارح المعدة في والصنائع تحص ،رللصنائع بخدمة الفك

والسيوف النائبة عن ،مثل الرماح التي تنوب عن القرون الناطحة،سائر الحيوانات للدفاع

لى غير ذلكإ،س النائبة عن البشرات الجاسيةوالترا،المخالب الجارحة

ال ميكن ،ون احليواننسان دقدرات املتوفرة لإلأدركنا أن هذه ال،ىل هذه املقارنةإذا نظرنا إ

إن قوت يوم من الحنطة مثال ال ؛منهاان تنتج بعض أاتة اإلمكانوال جلماعة متواضعلفرد واحد

وكل واحد من هذه األعمال الثالثة ،يتحصل إال بعالج كثير من الطحن والعجن والطبخ

وهب أنه ،من حداد ونجار وفاخورييحتاج إلى مواعين وآالت التتم إال بصناعات متعددة

؛يأكله حبا من غير عالج فهو أيضا يحتاج في تحصيله حبا إلى أعمال أخرى أكثر من هذه

ويحتاج كل واحد من ،من الزراعة والحصاد والدراس الذي يخرج الحب من غالف السنبل

كله أو ببعضه ويستحيل أن تفي بذلك،هذه آالت متعددة وصنائع كثيرة أكثر من األولى

من ذا كان توفري قوت يوم واحد، إ…فال بد من اجتماع أبناء جنسه لتحصيله،قدرة الواحد

؟ذن بتوفري السالحفكيف إ،احلنطة حيتاج كل هذا

،جابة أمام سؤال كهذاليقصر عن اإل،ا للفكر واليدن كان ممتلك وإ،إن الوجود الفردي

،وامل املباشرة الكاحبة للتصريح مبا يف النفس من هواجس وأفكارقية الدينية من العرمبا كانت الت و

جابتها على الت ميكن االستناد يف إؤ سيخرج بتسا،سألة املتعلقة بتلك املقارنةن باملولكن املتمع

يف وسط جد ذا و فإذا كان اإلنسان ال ميكن له البقاء إال إ؛ملنطقي الذي اتبعه ابن خلدوناملنهج ا

تمع على الفردهو العمود الفقري لعلم االجتماع القائم علوهذا(نساين إ ... )ى أسبقية ا

؟وىلفكيف إذن كانت النشأة األ

،47-46، ص ص1996عبد الرحمن بن خلدون، المقدمة، دار الجلیل، بیروت 46المرجع السابق، ص

Page 9: ﺔﻴﺨﻳرﺎﺘﻟا ﺔﻳدﺎﻤﻟاو نوﺪﻠﺧ ﻦﺑا · 4 ﺐﺴﺣ ﺔﻴﻋﺎﻤﺘﺟﻻا ﺮﻫاﻮﻈﻟاو ﻊﻤﺘﺠﻤﻠﻟ ﺔﻴﻤﻠﻌﻟا ﺎﻨﺘﺳارد

9

القضايا ولكنها من ،لهم س ن قضية كهذه رمبا ستحرف هذا البحث عن مساره الذي ر إ

اليت قدمها كل ضاءات االسرتشاد باإلد دخوله ار ميكن ملن أ،ن بنفق مظلمشبه ما تكو اهلامة اليت أ

ال من ماركس وابن خلدون يف هذا ا

:الحياة مادة-2

ا اجلاهزة اليت تلعب دور )تماأو املسل (ر هو تلك العموميات ن من أخطر ما يعيق الفكإ

ا للمحتوى ا أو مناقض ا حني يكون حمتواها اللفظي منحرف خصوص ،ا يف توجيه السلوكساسي أ

،احلمد هللا:فسيبادر بالقول؟كيف جتد احلياة :اا معدم ذا سألت فقري إ:ثالعلى سبيل املف؛املعنوي

،)مر منكموأويل األ...(؛جابات جاهزة كذلكفستجد إ،وإذا سألته عن األوضاع السياسية

...)يرمحناتسلط علينا بذنوبنا من ال خيافك والاللهم ال(

والفساد ،ليهلفقر له أسباب مادية تؤدي إفا؛زيف الوعيا من نوع د ن عبارات كهذه تع إ

تيان املظلومون على الظاملني عناء اإلالسياسي يستمد شرعية استمراره من خالل املربرات اليت يوفر

االتلف جمرد-حىتأو- ليت بلورت العبارة ان نقف عند القصةأولعل من الضروري هنا ،ظ

ىل ذهب ليشكو إ،أرضهح الذي سلب القيصر فذلك الفال،)الدين أفيون الشعوب(؛الشهرية

،صرب على هذا الظلمما ذا وأنه إ،فأقنعه الراهب أن الدنيا هي جنة الظاملني،اهب يف الكنيسةالر

.فسوف يكون جزاؤه اجلنة يف السماء

فيون إنه قد أعطى ذلك الفالح جرعة من األ:يقول ماركس؟ماذا فعل الراهب،رىت

.رت له ذلكن السماء قد قد ولكي تتشكل لديه قناعة أ،ب حبقهلطاره لكي ال ي وخد

فإذا ؛أو من جمرد شطحة فلسفية،اغمن الفر المادية المحضة للحياة مل تأت فكرة

ـاملتمثلة بنسايناإلتفكريحول مراحل تطور الوجست كونتأاستحضرنا هنا ما جاء به

ن لكل مرحلة وظيفة هامة متناسقة مع فسنجد أ)علميةواملرحلة ال،قيةامليتافيزي،املرحلة اخلرافية(

امستوى التفكري اال فاإلنسان يف املرحلة األوىل مل يكن لديه من ؛جتماعي الذي يتخلله زما

،29، ص 1996غسان كنفاني، فارس فارس، دار اآلداب، بیروت ،115، ص 1997السید عبد العاطي، اسس علم االجتماع، دار المعرفة الجامعیة، االسكندریة

Page 10: ﺔﻴﺨﻳرﺎﺘﻟا ﺔﻳدﺎﻤﻟاو نوﺪﻠﺧ ﻦﺑا · 4 ﺐﺴﺣ ﺔﻴﻋﺎﻤﺘﺟﻻا ﺮﻫاﻮﻈﻟاو ﻊﻤﺘﺠﻤﻠﻟ ﺔﻴﻤﻠﻌﻟا ﺎﻨﺘﺳارد

10

وإن كانت أطياف ، ك انتقل إىل املرحلة الثانيةولكنه حني فعل ذل،سباب ما يؤهله لتجاوزهااأل

ولكن ما معىن أن ينتقل الفكر إىل املرحلة ،تفكريه اجلمعيوىل ستظل عالقة يف ذهنه و املرحلة األ

؟مرحلة الربط بني السبب واملسبب؛الثالثة

لتني كل ما علق يف الذهن من املرح - وبشكل تلقائي-لغي كهذا سي تقاال ن انإ

ع للرجو معها ال جمال؛يقينية صارمةمام حالةوقف الفكر أسي )احلياة مادة(إن مبدأ ،قتنيالساب

دخل سي ،ن الرتاجع عن مرحلة التفكري العلميإ:وبعبارة أدق،لتني السابقتنيىل أي من املرحإ

يف مسألة التفسري سطورة أي دورمل يعد لكل من اخلرافة أو األ؛ةجابلإلطأالفكر يف الطريق اخل

)عصر الصناعة ومرحلة الرأمسالية(يف عصر كهذا

لبناء التحتياوكل مرحلة من مراحل ،الفوقيء البنايقع يف الدين بالنسبة ملاركس

فما هو احليز الذي ،د البناء الفوقي املتناسب معهاوج ست ،عرب التاريخنتاجعالقات اإلـاملتمثل ب

؟مرحلة الربط بني السبب واملسبب؛سيشغله الدين يف املرحلة العلمية

ال)املفكر املسلم(ماذا لدى ابن خلدون ؟ليطرحه يف هذا ا

ه ملاركس أخف وطأة من ذلك الذي وجه البن ج ن يكون االنتقاد الذي و من الطبيعي أ

وروبا تسري لقد كانت أ،حركة تغيري متسارعةفاألول قد طرح أفكاره يف وقت كان يشهد؛خلدون

فقد طرح آراءه يف وقت كان ،أما الثاين،ا الكثري من املفكرين والفالسفةا يف طريق ميهد هلم قد

الف ما هو ا ألي فكر خي م أيض بل واملهاج فقط هو السائد واملسيطر، ليس ،مود الفكرياجل

لى عصر ا بالنسبة إخصوص ،جديد شيء خطيرن اكتشاف علمإيقول اجلابري:؛متعارف عليه

لم يتركوا للمتأخرين ما يضيفونه ن القدماء وأ،س فيه يعتقدون أن العلوم قد اكتملتكان النا

العلم والمعرفةلى ميدان إ

م ابن خلدون فقــد نعتــه ،بــالكثري مــن الــتهم)حــىت مــن املفكــرين العــرب املعاصــرين(لقد ا

حــىت وصــل األمــر بــالبعض ،ةلــاملنحــرف عــن امل الخــارجوأطلق عليه آخــرون صــفة ،الزندقةبـالبعض

.الشعوبيةىل حصره يف دائرة إ

103، ص1992روت، محمد عابد الجابري، فكر ابن خلدون ـ العصبیة والدولة، مركز دراسات الوحدة العربیة، بی

Page 11: ﺔﻴﺨﻳرﺎﺘﻟا ﺔﻳدﺎﻤﻟاو نوﺪﻠﺧ ﻦﺑا · 4 ﺐﺴﺣ ﺔﻴﻋﺎﻤﺘﺟﻻا ﺮﻫاﻮﻈﻟاو ﻊﻤﺘﺠﻤﻠﻟ ﺔﻴﻤﻠﻌﻟا ﺎﻨﺘﺳارد

11

كانت داعية ومغرية ولكنها ،زت عصرها قد جتاو لن نقول إ،د قدم ابن خلدون آراءلق

؛بذلك التجاوز

فالكسب المرتبط بجهد الفرد ال يستدل عليه بالرزق ،الرزق غير الكسب

والمساواة بين االثنين نوع من ،والمرتبط بجهد اآلخرر من اهللا المقد

الجهل الناشئ عن عدم القدرة على التفريق

فما معىن ،ف الشاهديخلوالشاهد ال،نسان خليفة اهللا في األرضاإل

نسان الضعيف االستناد على قاعدة فهم طبيعة اإلا بعد خصوص ؟الغياب هنا

والذي امتلك ما ال متلكه سائر ،من الناحية الفسيولوجية مقارنة باحليوان

املخلوقات حني نفخ اهللا فيه من روحه

حتى ،القاضي في فاس أفضل حاال من القاضي بتلمسان أو وهران

وتراه يسأل أشياء لو سألها في ،ول هناك أفضل من المتسول هناالمتس

ليس ،لذلك ينزع الفقراء إليها،ف ... والقاهرة أفضل من فاسوهران لعن

، وكأن مستوى بل ألنها أوفر عمرانا،ألن أهلها أفضل وأكرم وأدين

ات فوقية خالق بناءوالدين واأل،هو البناء التحيت-بلغة ماركس -العمران هنا

.مسببة ال مسببة،تابعة

دخل الفكر يف حالة واليت ت مما ال يتسع هلا نطاق هذا البحث هذه املسائل وغريها ...

هي من القضايا اهلامة اليت مجعت بني ماركس وابن خلدون،من العصف الذهين

:نشئ للقیمةالعمل كم -ج

كيف وملاذا ؛يهدف إىل تفسري التغري االجتماعي وإعطاء نظرية عن التاريخكان ماركس

تمعات لقد آمن أن ذلك يكون من خالل ؟وما احلال الذي ستكون عليه يف املستقبل،تتغري ا

التاريخ البشري (أن البيان الشيوعييف نجلزإوماركسالصراع بني الطبقات . لقد أعلن

401ابن خلدون، مرجع سابق، ص

Page 12: ﺔﻴﺨﻳرﺎﺘﻟا ﺔﻳدﺎﻤﻟاو نوﺪﻠﺧ ﻦﺑا · 4 ﺐﺴﺣ ﺔﻴﻋﺎﻤﺘﺟﻻا ﺮﻫاﻮﻈﻟاو ﻊﻤﺘﺠﻤﻠﻟ ﺔﻴﻤﻠﻌﻟا ﺎﻨﺘﺳارد

12

تمعات ألن تدخل يف )اع الطبقاتبمجمله ما هو إال نتاج صر وهذا الصراع هو الذي دفع ا

.شكل آخر

رأى ماركس أنه ال يوجد جواب حمدد للسؤال عن كيفية وجود عدة طبقات يف جمتمع

تمع،ما اىل أربع االمبراطورية الرومانيةلقد قسم ،اجلواب يعتمد على ما وأين هو ذلك ا

وهذا ينطبق على كثري من مناطق أوروبا يف العصور )والعبيد،اطننياملو ،النبالء،البطارقة(طبقات

تمعات املتحضرة ال بد هلا أن تنقسم إىل طبقتني فقط،الوسطى :ولكن ماركس توقع أن ا

.البلوريتارياوالبرجوازية

تمع الرأمسايل حلر املرتكز على امللكية هو الذي ميلك االقتصاد ا،حسب ماركس،ا

،الرأمساليةنمتثالاللتانمثلها مثل الواليات املتحدة وكندا،كل أمم غرب أوروبا عليه فإن، و الفردية

م باجتاه تكوين طبقتسوف تتد إلى ؛المجتمع ككل سوف ينقسم إلى معسكرين:نيرج جمتمعا

البرجوازية والبلوريتاريا:طبقتين بينهما مواجهة مباشرة

هي اليت البرجوازية فـ،وسائل اإلنتاجعلى أساسلقد عرف ماركس الطبقتني املذكورتني

فهي ال متلك أي شيء من تلك البلوريتارياأما املال) ة إىل رأسدوات واآلالت، إضافمتلك(األ

فة فالربجوازية موظ ؛لذلك فهي الطبقة الفقرية،وعليها أن تبيع جهدها للربجوازية،الوسائل

.فةوالبلوريتاريا موظ

ن ال نسااإل، فصرح بأنتقسيمه للبشر عرب التاريخلى العمل ونوعيته يفارتكز ماركس ع

ى يعيش حياة بدائية تعتمد علففي املراحل األوىل من عمر البشرية كان ،ال بالعمليصبح إنسانا إ

فقد ابتدأ حني،لتاريخن الصراع هو احملرك لوحيث أ،)الطبيعةود به العيش على ما جت(االلتقاط

)قطاعيوناإل(ض ر من ميلكون األ؛ا تشكلت طبقتانوهن،رضن بالزراعة وامتالك األنسااإلابتدأ

حتولت حيث ،ت مع الثورة الصناعيةأما املرحلة الثالثة فقد ابتدأ،)الفالحون(ميلكون ومن ال

إىل املصنعيف ظل وجوديدي العاملةوأدت كثرة األ،الطبقة العاملة من زراعية إىل صناعية

من ميلكون ؛نشئ طبقتنيالذي سي مراأل،فائض القيمةـ حداث ما يعرف بتاج وإمضاعفة اإلن

ا )الطبقة الربجوازية:الرأمساليون(نتاج أدوات اإل .)طبقة البلوريتاريا:العمال(ومن ال ميلكو

26كارل ماركس، البیان الشیوعي، ص 28المرجع السابق، ص

Page 13: ﺔﻴﺨﻳرﺎﺘﻟا ﺔﻳدﺎﻤﻟاو نوﺪﻠﺧ ﻦﺑا · 4 ﺐﺴﺣ ﺔﻴﻋﺎﻤﺘﺟﻻا ﺮﻫاﻮﻈﻟاو ﻊﻤﺘﺠﻤﻠﻟ ﺔﻴﻤﻠﻌﻟا ﺎﻨﺘﺳارد

13

ا احملصلة وحسب هذا التقسيم ميكن النظر إىل عملية التفاعل االجتماعي على أ

كما أنه ال ميكن للوعي أن يتشكل ،الذي حيدد الطبقةهوذن إفالعمل ،نتاجالطبيعية لعالقات اإل

.نتاجإال يف ضوء عالقة الفرد بعملية اإل

فالعمران؛العمرانن نوعية العمل هي اليت حتدد شكلجند أ،إذا رجعنا إىل ابن خلدون

على لبدويالعمران اوحيث يقتصر ،الحمايةوالغذاء:على توفري حاجتنيالبشري يعتمد

ويزدهر ويتنامى العمران،منهالكماليىل ينتقل إالعمران الحضريجند أن ،من املعاشروريالض

.عمال داخلهمبقدار تنامي وازدهار األ

؛على طريقة املعاش لكل فئة من هذه الفئاتاعتمد ابن خلدون يف هذا التقسيم

سبب في اجتماعهم هو ن الل هو باختالف نحلتهم من المعاش ألجيااختالف األ

؛عمال العمران البدويأهيوهذه،تمثل بالرعي والزراعة، فاملعاش الضروري يصيلهتح

قوات واملالبس األ،الرفه(أما الكمايل ،الزراعةر د الم وألصحاب ،لرعيارب الو فألصحاب

لوجود ،ريحلضفيقتصر على أصحاب العمران ا)...،البيوت والقصور الفخمة،لتأنقا،الفاخرة

.مكاناتالصناعة وتوافر اإل

ا لالصطالح طبق -االستعمال الخلدوني لمفهوم العمران يدل ننالحظ هنا أ

بالعمران ، وكأمنا وتمدن،حضارة،ديموغرافيا، ثقافة،سكان،على: شعب- والمعاصرة

م االقتصادية والفكرية والعقائديةتتحدد هوية األفراد واأل وكأن العمران هو البناء ،مم ونوعية حيا

ليها الفرد يف ل تتحدد مالمح الفئة اليت ينتمي إالتحيت باملفهوم املاركسي احلديث، وبنوعية العم

تمع ولكن طبيعة املعاش ونوع العمل يف ،وال احلضري كذلك،افالبدوي مل خيلق ليكون بدوي ،ا

،نسانيةتصلة ملسرية اإليف السلسلة املناسن املاهية اليت سيكون عليها الالعمران مها اللذان حيددا

ولى في تاريخ الفكر البشري التي يعرض فيها دور العمل كمنشئ المرة األلقد كانت

للقيمة

:العصبیة والوعي الطبقي-د

132ابن خلدون، مرجع سابق، ص ،24، ص1984محمد عزیز الحبابي، ابن خلدون معاصرا، دار الحداثة، بیروت20، ص1974راھیم، دار المغرب العربي، تونس، سفتیالنا باتسییفا، نظریات ابن خلدون، ترجمة: رضوان اب

Page 14: ﺔﻴﺨﻳرﺎﺘﻟا ﺔﻳدﺎﻤﻟاو نوﺪﻠﺧ ﻦﺑا · 4 ﺐﺴﺣ ﺔﻴﻋﺎﻤﺘﺟﻻا ﺮﻫاﻮﻈﻟاو ﻊﻤﺘﺠﻤﻠﻟ ﺔﻴﻤﻠﻌﻟا ﺎﻨﺘﺳارد

14

نا نفسيا هاما من مكونات ضمن ماركس مكو ،باإلضافة إىل البعد املادي للمجتمع

معلى الناس أن يكو ؛الطبقة م ،نوا واعني بالظروف اليت حتيط عليهم االلتفات إىل اهتماما

أما أهم ،الوعي الطبقيبـ مسى ماركس ذلك،باإلضافة إىل معرفتهم بعدوهم الطبقي،الطبيعية

وإىل أي مدى سيقودهم ذلك الوعي ،عناصر نظريته فقد كان مركزا على مدى وعي البلوريتاريا

شكل لدى ماركس هو أن يتومن أكثر األمور اليت كانت تقلق ،لشيوعيةللنجاح يف حتقيق الثورة ا

ومن خالل تضمينه ملفهوم،وهكذا نالحظ أن ماركس،الوعي الزائفبـالطبقة العاملة ما يعرف

،استطاع أن يدخل نظرية الثورة يف مفهوم الطبقة،الوعي الطبقي يف تعريف الطبقة االجتماعية

فالناس الذين هلم وضع ،غير قابلة لالختباروصحيحة نظريته لتكون وهذا ما أعطى املفتاح ل

تمع وال يعون وضعهم ال ميكن اعتبارهم طبقة كما أن الطبقة ال ميكن أن تستمر ،اقتصادي يف ا

ال يمكن لألفراد أن يكونوا طبقة إذا لم يكافحوا في مواجهة طبقة :دون كفاح ومواجهة

ومن مث تتجه للتنظيم ،على الطبقة أن تعي نفسها؛اجهة شيء حتميإن الكفاح واملو ؛مقابلة لهم

.لتصبح شيئا يف التاريخ

ا يف عمليــة انتقــال ا مركزيــتشــكل حمــور العصــبية جنــد أن ،إذا نظرنــا إىل مــا قدمــه ابــن خلــدون

ا يــكما أ ،ال يقوم بدون عصبيةالمـلكـ ف،طار التغري االجتماعيالدولة يف إ ؤدي ن ضعفها أو غيا

يــارهإ عشــريتك وأنــذر (قــال تعــاىل ،وحــىت الــدعوة الدينيــة ال تكــون بغــري عصــبية،ىل ضــعفه وا

سـورة ))35(فــأوىل لك أوىل مث )34لك فأوىل (أوىل (وقال تعاىل،214سورة الشعراء / اآلية )األقـربني

ن أال ميكــن ن احلــق وهــو حــق وكيــف أ،د مــا ذهــب إليــهبــن خلــدون عــدة أمثلــة تؤيــويضرب ا،القيامة

فــال ،نمــا يكــون بالعصــبيةوالغلــب إ،إن الرئاسة ال تكون إال بالغلــب؛عصبية تؤيدهيقوى بدون

ألن كــل ،غالبــة لعصــبياتهم واحــدة واحــدةن تكــون مــن عصــبية بــد فــي الرئاســة علــى القــوم أ

، مث نــراه يعلــن ذعــان واالتبــاعباإلت بغلــب عصــبية الــرئيس لهــم أقــرواذا احســعصــبية مــنهم إ

ر ع لوقتــه ومــود منــا هــو مضــي فإ،درك أمهيــة العصــبية يف الســعي إىل امللــكن ال يــن مــا بــأا صــرحي قانونــ

ومـــن هــذا البـــاب ؛ا القـــانون االجتمـــاعي الصــارمحلياتــه وحيـــاة مـــن تبعــه ممـــن مل يـــدركوا حقيقــة هـــذ

ا مــن المنتحلــين للعبــادة ن كثيــر فــإ،ر المنكــر مــن العامــة والفقهــاءأحــوال الثــوار القــائمين بتغييــ

145ابن خلدون، مرجع سابق، ص

Page 15: ﺔﻴﺨﻳرﺎﺘﻟا ﺔﻳدﺎﻤﻟاو نوﺪﻠﺧ ﻦﺑا · 4 ﺐﺴﺣ ﺔﻴﻋﺎﻤﺘﺟﻻا ﺮﻫاﻮﻈﻟاو ﻊﻤﺘﺠﻤﻠﻟ ﺔﻴﻤﻠﻌﻟا ﺎﻨﺘﺳارد

15

هل الجور من األمــراء داعــين إلــى تغييــر المنكــر لى القيام على أيذهبون إ،الدينوسلوك طرق

تبــاعهم والمتلثلثــون بهــمفيكثر أ،في الثواب عليه من اهللامر بالمعروف رجاء والنهي عنه واأل

حــوال الملــوك والــدول ألن أ،ضــون أنفســهم فــي ذلــك للمهالــكويعر ،مــن الغوغــاء والــدهماء

ائـــل ال المطالبـــة القويـــة التـــي مـــن ورائهـــا عصـــبية القبقويـــة ال يزحزحهـــا ويهـــدم بناءهـــا إراســـخة

لــى اهللا بالعشــائر علــيهم الصــالة والســالم فــي دعــوتهم إنبيــاء وهكــذا كــان حــال األ،والعشــائر

مــور علــى مســتقر لكنــه إنمــا أجــرى األ،ه لــو شــاءاهللا بالكون كلــوالعصائب وهم المؤيدون من

واهللا حكيم عليم،العادة

الحزب ـيشري إىل ما يعرف اآلن ب،يف تناوله ملوضوع العصبية، وكأن ابن خلدون

لى إن العصبية تؤدي إ؛م أولوياتهىل السلطة على رأس سليضع هدف الوصول إالذي السياسي

تحقيق فوظيفتها السياسية تنحصر في،ك ويزولوبضعفها يضعف المل،نشأة الملك وقوته

الملك واالحتفاظ به

كذلك ، و ماركسظرمن وجهة نخارج التاريخديه وعي طبقي هو ن من ال يتشكل لإ

.من وجهة نظر ابن خلدونىل امللك يف الوصول إالعصبيةدورال يؤمن بحال من

:الدولة والمجتمع-ـ ھ

الدولة والمجتمع بأنأرسطوخمالفني ملا صرح به لدونمع كل من ماركس وابن خجي

؛غير متطابقين

ومن ،الدولة قامت على التناقض بني احلياة العامة واحلياة اخلاصة:يقول ماركس

بل ،ن الدولة تقوماحلقيقة أ،بعضها بوساطة الدولةن احلياة املدنية ترتبط معإاخلرافة أن نقول

.املدنيةعلى احلياة،يتوقف قيامها

تمعات األذا تساءلنا عوإ فسنجده ،وروبية دائرة الدولة احلديثةن السبب وراء دخول ا

؛بالتحول الرأمسايل ووالدة الدميوقراطيةا ا وثيق ا ارتباط مرتبط

176المرجع السابق، ص ،743، ص 2، اآلداب2، م1990محمد الدقس، العصبیة الخلدونیة ووظیفتھا االجتماعیة والسیاسیة، مجلة جامعة الملك سعود

Page 16: ﺔﻴﺨﻳرﺎﺘﻟا ﺔﻳدﺎﻤﻟاو نوﺪﻠﺧ ﻦﺑا · 4 ﺐﺴﺣ ﺔﻴﻋﺎﻤﺘﺟﻻا ﺮﻫاﻮﻈﻟاو ﻊﻤﺘﺠﻤﻠﻟ ﺔﻴﻤﻠﻌﻟا ﺎﻨﺘﺳارد

16

تلك )الطاقة(لقد جاءت الثورة الصناعية اليت استطاعت أن متسك بزمام الطاقة ...

وأتى املصنع ليزلزل كل ،كله بل و وجه العامل،ليس وجه أوروبا فحسب،الروح اجلبارة اليت غريت

لقد ولدت الصيغة . وانتهاء باجليش،مرورا بسلطة الكنيسة،ابتداء من األسرة،النظم السائدة

،القادرة تلقائيا على استبعاد الجيش والكنيسة من قائمة المرشحين لتولي السلطةالرأمسالية

مؤسسة تعتمد على تحالف العمال مع أصحاب ،لى التصنيع والتجارةفالمجتمع القائم ع

، ومن هنا وليس في وسع العسكر أو رجال الدين أن يضربوا هذا التحالف،رأس المال

ـف،مل جتد يف غري الدميوقراطية حال لبقائها وضمانا ملصاحلهاأحزاباقتضت املصاحل إنشاء

فرضتها }بيئة {بل ،رأت على ذهن رجل مفكرط}فكرة {الديموقراطية الحزبية ليست

رعي عن سلطة املؤسسة الدينية وتولدت فيها سلطة رأس املال كبديل شظروف الثورة الصناعية

.اقطاع مع واإل

ينشأ استجابة حلاجة )لةالذي هو رأس الدو (ن امللك جند أ،إىل ابن خلدونذا عدنا إ

:مرينأنساين تتلخص يف إلفالضرورة اليت تقتضي االجتماع ا؛طبيعية

ىل الغذاءاحلاجة إ

ىل احلماية والدفاعاحلاجة إ

وكأن التطور الطبيعي كان ،ا اقتضته الضرورةا طبيعي نسان عن احليوان متايز لقد متايز اإل

يجعل ن دف إىل أكان طموح ابن خلدون يهلقد ،لذي سلكه التاريخ البشريالطريق املنطقي ا

فالعمران عند ابن ؛نسان النقرض نوعهإذ لوال اجتماع اإل، شوء واالرتقاءمن التاريخ قصة الن

مار العامل وحتقيق اخلالفة يف نساين الذي ينشأ عنه اعتاالجتماع الضروري للنوع اإلدون هوخل

هنا يعود ؟وحيميه من اخلطر الكامن فيه،ذلك التجمع اإلنساينولكن ما الذي حيفظ ... رضاأل

فاحليوان يعتدي بدافع البقاء ودفع ،إلنسانارنة مرة أخرى بني احليوان وااملقابن خلدون إىل

ا وال يستخدمها فقط ،الغريزة وال يشكل ذلك اخلطر الذي يشكله اإلنسان الذي حيمل الغريزة ذا

فالسالح لدى اإلنسان الذي يدفع به الحيوان ال يمكنه أن يدفع به اآلخرين ،بدافع البقاء

187الصادق النیھوم، اإلسالم في األسر، ص 187السابق، ص المرجع ،80، ص1966تیسیر شیخ األرض، ابن خلدون، دار األنوار، بیروت 36محمد الطالبي، منھجیة ابن خلدون التاریخیة، دار الحداثة، بیروت، ص

Page 17: ﺔﻴﺨﻳرﺎﺘﻟا ﺔﻳدﺎﻤﻟاو نوﺪﻠﺧ ﻦﺑا · 4 ﺐﺴﺣ ﺔﻴﻋﺎﻤﺘﺟﻻا ﺮﻫاﻮﻈﻟاو ﻊﻤﺘﺠﻤﻠﻟ ﺔﻴﻤﻠﻌﻟا ﺎﻨﺘﺳارد

17

لذلك ال بد من وازع يعمل على التحكم في القوة ،اه موجود لديهم جميع ألن،من جنسه

،اجلراد(هذا الوازع قد يوجد لدى بعض احليوانات مثل . فال بد إذن من الملك،وضبطها

أما عند اإلنسان فهو موجود مبقتضى،الفطرةلكنه موجود مبقتضى )...،النحل،النمل

.السياسة

،احلاجـــة إىل الـــدفاع واحلمايـــة:يعيـــة اقتضـــتها حاجـــة أخـــرى هـــيالسياســـة إذن حاجـــة طب

ألول مرة في تاريخ العلوم في العصور الوسطى تفسر نشأة الملك على أنهــا وهكذا نرى أنه و

يف مســألة تطــابق الدولــة أرســطو، وهــذا خيــالف مــا ذهــب إليــه اســتجابة لحاجــة طبيعيــة واضــحة

تمــع تمع والدولــة عنــد ابــن خلــد،وا تمــع غــري ممكنــة بــدون ،ون غــري متطــابقنيفــا ولــو أن حيــاة ا

بحجــم العمــران ن مصــدر الســلطة فــي العمــران ال يــرتبط بــرأي ابــن خلــدون إ؛تنظــيم سياســي

المجتمعزمنية تطور الكل االجتماعي أو ا بيض وإنما يرتبط أ،الحضري فقط

بین ابن خلدون وماركسجوانب المفارقة

:شي الدولةعالمات تال- أ

47ابن خلدون، مرجع سابق، ص164سفتیالنا باتسییفا، العمران البشري في مقدمة ابن خلدون، ص 23ونیة، منشورات عویدات، باریس، صنور الدین حقیقي، الخلد

Page 18: ﺔﻴﺨﻳرﺎﺘﻟا ﺔﻳدﺎﻤﻟاو نوﺪﻠﺧ ﻦﺑا · 4 ﺐﺴﺣ ﺔﻴﻋﺎﻤﺘﺟﻻا ﺮﻫاﻮﻈﻟاو ﻊﻤﺘﺠﻤﻠﻟ ﺔﻴﻤﻠﻌﻟا ﺎﻨﺘﺳارد

18

يار الدولةن يظهر الفرق واضح ميكن أ ولعل هذا ،ا بني ابن خلدون وماركس يف مسألة ا

فاخلراب بنظر ابن خلدون ؛ىل مفهوم اخلراب عند كل منهمافرق ناتج عن االختالف يف النظرة إال

.ا بنظر ماركسخراب ال يعد

يث أن احلياة حمبذة ومقدمة وح،كأعمار األشخاصا أن للدول أعمار ابن خلدون يرى

ألن هناك ،هارال بد ستنارغم يقينه بأ،اء الدولةن اخلري يف بقإنه يرى أفعلى االحنالل واملوت،

يارهاي إعوامل طبيعية صارمة تؤد مث تقوى شوكتها حىت تصل ،عصبيةفالدولة تقوم عل ال؛ىل ا

األمر الذي سيؤدي ،للعصبيةف سريافقه ضعفن الرت فإ،وألن من طبيعة امللك الرتف،ىل امللكإ

يارإ .ىل اال

ويكاد القارئ ال يستوضح،اا واحد ن ابن خلدون يعترب الدولة والسلطة شيئ ا أالحظ هن

ىل حركة التاريخ إح له ابن خلدون حني يشري تايل الطبيعي الذي يلم ذلك الت - ال بصعوبةإ-

.العام

يار السلطة هو الغاإ،آخركس يتخذ شكالمر عند مار األ مسى اليت على ية األذ يعترب ا

تمعات أن تسعى إ فحركة التاريخ عنده تسري يف دائرة أوسع بكثري من النطاق الضيق لعمر ،ليهاا

الدولة الواحدة

:منهاتتالشى الدولة عند ابن خلدون تبعا لعوامل

تسلط الوزراء

العسف اجلبائي

خالقفساد األ

لظلمانتشار ا

ـف؛املاركسيبالتعبريمن البناء الفوقي ؛من رأس اهلرم- يف معظمها - ا تأيت إأي

ذلك أن الناس الذين يشعرون بأن أموالهم ذاهبة ال محالة وال ؛الظلم مؤذن بخراب العمران

فالرزق والكسب هما أساس ،ستنقبض أيديهم عن السعي،سبيل إلى تحصيلها واكتسابها

،120-117، ص ص 1998سالم حمیش، الخلدونیة في ضوء فلسفة التاریخ، دار الطلیعة، بیروت

Page 19: ﺔﻴﺨﻳرﺎﺘﻟا ﺔﻳدﺎﻤﻟاو نوﺪﻠﺧ ﻦﺑا · 4 ﺐﺴﺣ ﺔﻴﻋﺎﻤﺘﺟﻻا ﺮﻫاﻮﻈﻟاو ﻊﻤﺘﺠﻤﻠﻟ ﺔﻴﻤﻠﻌﻟا ﺎﻨﺘﺳارد

19

أعظم و ، وفسدت صورة العمران بفساد مادتها،ذهبا ذهب معاش الناسفإذا،العمران

الظلم التسلط على أموال الناس بشراء ما بين أيديهم بأبخس األثمان ثم فرض البضائع

عليهم بأرفع األثمان على وجه الغصب واإلكراه في الشراء والبيع

مــا يــدعو للعمــل أو الســفر وجلــب وتكســد التجــارة وال يوجــد ،وبــذلك تــنقص النــاس يف األســواق

ومــن ال شــغل لــه إال ،مــن ال حيلــة لــه ؛وال يبقــى إال صــنفان مــن النــاس،فريحــل القــادر،البضــائع

رفيهــاأمرنــاقـريــة نـهلــك أنأردنــاوإذا(االحتيــال علــى املفتقــر للحيلــة هــافحــق فيهــافـفســقوا متـ عليـ

17/ اآلية سورة االسراءتدمريا)دمرناهاف القول

:ـإن أشكال الظلم تتمثل ب

أخذ مللك الغري

غصب يف العمل

مطالبة بغري حق

فرض حق مل يفرضه الشرع

اعــات ويكثــر املــوت وقلــة ،فــالظلم يــؤدي إىل قلــة العمــل؛يف آخــر عمــر الدولــة تكثــر ا

فــال يســتطيع الفقــراء الشــراء ،نتــوج جلــأ التجــار إىل االحتكــاروإذا قــل امل،العمــل تقلــل منتــوج الــزرع

اعات ... مث يتلوها املوت فتنتشر ا

حيــث يبــدأ ،فتقل البيوت مث يرجــع النــاس للبــداوة،وهجر املدن يؤدي إىل خراب العمران

،فــإذا تراجــع العمــران وخــف الســاكن ؛لــه مــا هــو ضــروريالكمايل من العيش بالتالشــي ليحــل حم

ثم تقل األعمال ،وفقدت اإلجادة في البناء واإلحكام والمعاالة عليه بالتنميق،ت الصنائعقل

ويصـــير بنـــاؤهم ،فيقـــل جلـــب اآلالت مـــن الحجـــر والرخـــام وغيرهمـــا فتفقـــد،لعـــدم الســـاكن

فينقلونهــا مــن مصــنع إلــى مصــنع ألجــل خــالء أكثــر ،وتشــييدهم مــن اآلالت التــي فــي مبــانيهم

فال تزال تنقــل مــن قصــر إلــى ،لمنازل بقلة العمران وقصوره عما كان أوالالمصانع والقصور وا

فيعــودون إلــى البــداوة فــي البنــاء ،إلــى أن يفقــد الكثيــر منهــا جملــة،ومــن دار إلــى دار،قصــر

316ابن خلدون، مرجع سابق، ص 317المرجع السابق، ص

Page 20: ﺔﻴﺨﻳرﺎﺘﻟا ﺔﻳدﺎﻤﻟاو نوﺪﻠﺧ ﻦﺑا · 4 ﺐﺴﺣ ﺔﻴﻋﺎﻤﺘﺟﻻا ﺮﻫاﻮﻈﻟاو ﻊﻤﺘﺠﻤﻠﻟ ﺔﻴﻤﻠﻌﻟا ﺎﻨﺘﺳارد

20

فيعــود بنــاء المدينــة مثــل ،واتخــاذ الطــوب عوضــا عــن الحجــارة والقصــور عــن التنميــق بالكليــة

ثــم تمــر فــي التنــاقص إلــى أن تصــل غايتهــا مــن ،يماء البــداوةوتظهــر عليهــا ســ،القــرى والمــدر

الخراب

نتائج وليست هي )…،شكل السلطة،األخالق،الدين(ن إف،ما عند ماركسأ

العامل وهو (املرتكزة على العامل الوحيد للتغري )البناء التحيت(نتاج فعالقات اإل،مسببات

يارهي اليت تلعب الدور األوحد يف الب)ياالقتصاد ناء أو اال

:المثقف والدور الثقافي-ب

نتاجه الثقايف يف إىل الدور الذي يلعبه املثقف وإ،ولو جمرد إشارة،مل يشر ابن خلدون

،نواعهاا بذكر األمثلة األدبية على اختالف أجيده زاخر املقدمة املتصفح لكتاب و ،حركة التاريخ

ف ن مسك اخلتام لذلك املؤلحىت أ،لم الكالماك فصول أخرى لعوهن،فهناك فصول أفردت للغة

مل يتناول ولكن ابن خلدون،ندلسية من عيون الشعر وروائعهالضخم كان تلك النفحات األ

من وكأنه ،دب عنده نوع من الرفاهفاأل،املؤرخ املنتقيناوله بقلمدب بعني الباحث مبقدار ما تاأل

)أصحاب االجتاه القائل مببدأ (الفن للفن

ذا املباملا فهو مثقف عضوي ،فاملثقف له دور حموري عليه أن يؤديه،دأركسية ال تؤمن

ليهاملتزم بهموم الطبقة التي ينتمي إ

باعتبارهم من الفئة األشخاص الذين يمكن أن ننظر إليهم مهنيا هم :املثقفون

ى الفرد، فللفرد ا يف تشكيل الفكر لد، وكما أن للمجتمع دور المستغرقة في إنتاج األفكار

ا ففي،أيضا دوره يف طرح األفكار وإعادة تشكيلها يف الوسط االجتماعي الظروف اليت من شأ

ويف الوقت الذي متسك فيه السلطة السيف بيد والذهب باليد ،أن حتدث ختلخال يف البناء الثقايف

:األخرى، سيجد املثقف نفسه أمام خيارات ثالثة

.جانب السلطةالوقوف إىل -1

398المرجع السابق، ص Antonio Gramsci ,1979, The Prison Note book , Nowell Smith , NY , p 22 ،28، ص 1985روبرت بریم، المثقفون والسیاسة، ترجمة: عاطف فؤاد، دار المعارف، القاھرة

Page 21: ﺔﻴﺨﻳرﺎﺘﻟا ﺔﻳدﺎﻤﻟاو نوﺪﻠﺧ ﻦﺑا · 4 ﺐﺴﺣ ﺔﻴﻋﺎﻤﺘﺟﻻا ﺮﻫاﻮﻈﻟاو ﻊﻤﺘﺠﻤﻠﻟ ﺔﻴﻤﻠﻌﻟا ﺎﻨﺘﺳارد

21

ن يؤدي من شأنه أب غضب السلطة، وهذا عدم جتاهل الواقع مع جتن ؛توزيع الوالء-2

،ترضي السلطة من جهة؛إىل إنتاج أعمال حتمل فكرا ملفقا ينطوي على إشارات متناقضة

.وتداعب املشاعر املكبوتة لدى الساخطني من جهة أخرى

،ة كنتيجة طبيعية ناشئة عن االلتزام بقضايا الطبقة املسحوقةالوقوف بوجه السلط-3

؛ التطور الذي جيعل التطور الرأسماليالتي عادة ما تصاحب ظاهرة االستقطاب الطبقي ـتبعا ل

.أكثر اجنذابا حنو الطبقة احملرومةاملثقفنيبعض

ائمة بني مثقف وآخر. يشكل االجتاه الفكري العنصر املركزي يف حتديد العالقة الق

والتوافق التام بني األفكار مستحيل كاستحالة التناقض التام بينها، ولكن إذا قيست األمور

أصبح من السهل التمييز بني اجتاهني ثقافيني متناقضني؛ أحدمها يلتصق ،باملقياس الطبقي

الدور الذي يلعبه من التدقيق يف ، لذا ال بدوالثاين يقف مع الفئة احملرومة يف مواجهتها،بالسلطة

دب يكيفان أكثر فأكثر لتلبية متطلبات لفكر واألاام عال فـ ؟املثقف امللتصق بالسلطة

ال الذي يتحتم فيه تركيز التضامن واجلهد الفكرينيالسياسة حالة ففي،، لذا تصبح السياسة ا

:ومن هذه الوسائل،إلعادة إنتاج الواقعتأزم املوقف يلجأ أصحاب النفوذ إىل وسائل خمتلفة

الطرق القهرية

ا تزييف الوعي نشر أيديولوجية من شأ

:ويف حالة اخلطر يلجأون إىل

االستيعاب عن طريق شراء القادة املنادين بالتغيري

إحداث تغييرات شكلية، غالبا ما تكون مؤقتة المتصاص الغضب

سارا على النهج الهادف، رفـعا من مفاهيم أمة إذا ما ؛دب سالحانواألالثقافة

فهما من مفاهيم عصور اإلقطاع والبذخ )الفن للفن (بكاملها، أما الفن والثقافة المجردان

والرفاهية السطحية

36المرجع السابق، صP 22Mills . C. R . 1958 .Power , Politics , and People .ox .u . press NY 161، ص 1996حة، عمان، ابراھیم عثمان، مقدمة في علم االجتماع، منشورات جامعة القدس المفتو 39، ص 1981، االدب الفلسطیني المقاوم، مؤسسة االبحاث العربیة، بیروت، 1981،غسان كنفاني

Page 22: ﺔﻴﺨﻳرﺎﺘﻟا ﺔﻳدﺎﻤﻟاو نوﺪﻠﺧ ﻦﺑا · 4 ﺐﺴﺣ ﺔﻴﻋﺎﻤﺘﺟﻻا ﺮﻫاﻮﻈﻟاو ﻊﻤﺘﺠﻤﻠﻟ ﺔﻴﻤﻠﻌﻟا ﺎﻨﺘﺳارد

22

:الحتمیة-ج

فاحلتمية عند ،يف فكر كل من ماركس وابن خلدونالحتمية ح ملسألة هناك بروز واض

اصر ماركس م ما أ،)مل الوحيد الفاعل يف التغريالعا(قتصادي ا حممولة على العامل االأل،ح

ولكنها تتخفى وراء )ن طبيعة العمران هي احملرك للتغريأل(ا عند ابن خلدون فاحلتمية مادية أيض

ا ة فإأما الثاني،الجزئيةفة صحدامها تتخذ الوجدنا أن إ،وإذا قارنا بني احلتميتني. ستار العصبية

.كلية شاملة

وهي مقدار عمر (ن سنة و ة وعشر ط مقداره مائد ابن خلدون هلا متوس دورة التغري عن

بـ ومر،وااللتقاطمشاعلاـ الذي ابتدأ ب،مل التاريخ البشريفالدورة هي جم ما عند ماركس أ،)الفرد

.الشيوعيةالفرتة وسيعود مرة أخرى كما بدأ حني تبتدئ،الرأسماليةوصل إىلمث،قطاعاإل

نبؤ ىل التقادته إ،ا جرت قبلهحداث ألنه درس أ،د كان ابن خلدون أكثر واقعيةلق

ئ يف دائرة دخلته صرامة القانون العلمي املتنب أفقد ،أما ماركس.بعده-بالفعل - بأحداث جرت

.اليتوبيا

سية نظرية املاركنأل،ملسألة اليتوبيا هذهطالق العنان ولن نتجىن هنا على ماركس بإ

مني كرين املقد حبيث ال نغفل الفرق اهلام بني كل من الف ،قابلة للتطبيقوستبقى كانت علمية

ا على تارخيية القرآن معتمد ،لقد أبرز ابن خلدون خلفيته الدينية يف التفسري والتنبؤ

ستبقى كسلسلة ،لكوننن اهللا يف اة من س ن س الطرح القرآين حسبفالعمران والدمار ،الكرمي

ليدخل الكون يف مرحلة أخرى من البعث ،رض ومن عليهامتتابعة احللقات حىت يرث اهللا األ

ن البعث والقيامة مراحل حتدث باطراد فإ) هيجلاملرتكز على نظرية (أما عند ماركس. والقيامة

لتعطي املتواصلديالكتيك قانون النفيضمن ترتاكم وتتجمع ،عرب مسرية التاريخ بأشكال فرعية

، ليدخل اإلنسان نفسه يف اخللود، ألنه هو نفسه القادر على صنع جنته يف النهايةالشكل الكلي

بيديه.

Page 23: ﺔﻴﺨﻳرﺎﺘﻟا ﺔﻳدﺎﻤﻟاو نوﺪﻠﺧ ﻦﺑا · 4 ﺐﺴﺣ ﺔﻴﻋﺎﻤﺘﺟﻻا ﺮﻫاﻮﻈﻟاو ﻊﻤﺘﺠﻤﻠﻟ ﺔﻴﻤﻠﻌﻟا ﺎﻨﺘﺳارد

23

ابن خلدون الماركسي-ماركس الخلدوني

ي تقسيم عزل عن أصبية مبعينشأ بفضل ال- عند ابن خلدون-النظام السياسي

الفردي العصبية وجدان مجعي لدى الكائنف،تمعابقي لفئاتطتقسيموأللعمل

تمع إىل فئات أو خنب أتقسيموبالتايل ال يلزم )ضرورة وجود وبقاء( قد نهرغم أ،و طبقاتا

يف الفرتة اليت يبدأ ناء تفكك العصبية ثوخنبة السلطة أبني مجاعة البدوي حيدث نوع من القطيعة

.ستستأثر به النخبةستبداله بالعمران احلضري الذي احنالل العمران البدوي الفيها

السلطة احلامسة ناما عند ماركس فإ،ة البن خلدونهي احلامسة بالنسبالسلطة احلضرية

السلطة االقتصادية هي

وبكل ما ،الدين،ن نميز البشر عن الحيوانات بالوعينستطيع أيقول ماركس:

تمييز ذواتهم حتى يشرعوا ب،نتاج وسائل وجودهما بإالناس أنفسهم ما إن يبدأو ف...،نريده

ر فالبش،ة تنظيمهم الجسديجاءت نتيج،ماماأللىإنها خطوة إ،عن ذوات الحيوان

حياتهم المادية- بطرقة غير مباشرة -نتاجهم وسائل وجودهم ينتجون بإ

ذ إ،فصل عنهرية مالزمة للوجود االجتماعي وال تنلطة احلضما ابن خلدون فيعترب السأ

،يديولوجيةوأعية وحضارية ا املقياسني املتصلني لتكوين نظم توحيد اقتصادية واجتمايشكالن مع

طار العصبية تماعية واإلنتاج الذايت للكائنات اإلنسانية نفسها يف إتتناول شروط احلياة االج

.والنخبة النامجة عنها

؛بطبقتني رئيستني متضادتنيخنتاج اليت تعاقبت عرب التارياإلشكال أحيصر ماركس

وبني الطبقة النب،جهة بني طبقة املزارعني ومريب املاشية املستعبدين من ناحيةفاملوافة على شر يلة امل

ـبما يسمى زتهذه املواجهة أفر ،من ناحية أخرىجهزة الدولةاإلنتاج واملستأثرة بفائضه بفعل أ

واملواجهة بني العبيد ،يران والصني القدميةإمصر و الذي كانت متثله سيوينتاج اآلاإلشكل

والتعارض،يق نتاج الر اإلشكلأفرزتالرومانيةو االمرباطوريةنان أسيادهم كما كانت حال اليو وأ

خالل العصر الوسيط حددت وروبا الغربية ا يف أمثلما حدث قدمي طاعيني والفالحني قبني اإل

الذين ميلكون وسائل الربجوازينيديثة بني الرأمساليني جهة احلوااملأما،قطاعياإلنتاج اإلشكل

،45، ص 1971كارل ماركس، االیدیولوجیة االلمانیة، دار التقدم، موسكو

Page 24: ﺔﻴﺨﻳرﺎﺘﻟا ﺔﻳدﺎﻤﻟاو نوﺪﻠﺧ ﻦﺑا · 4 ﺐﺴﺣ ﺔﻴﻋﺎﻤﺘﺟﻻا ﺮﻫاﻮﻈﻟاو ﻊﻤﺘﺠﻤﻠﻟ ﺔﻴﻤﻠﻌﻟا ﺎﻨﺘﺳارد

24

سامهة يف تكوين وامل،جرا على بيع طاقتها اإلنتاجية لقاء أة اقتصادي ه ر نتاج وبني الربوليتاريا املك اإل

.اإلنتاج الرأسماليشكل تحددفقد ،الاملرأسفائض

القرن كان ماركس قد جاء يف ولو،نتاجا يف حتديد شكل اإلا هام لقد لعب الزمن دور

انعدام وإذا طرحنا للنقاش مسألة ،كثر مما جاء به ابن خلدونملا استطاع أن يأيت بأ،الرابع عشر

؟طارها التارخييخارج إن توجد فهل من املمكن للربجوازية أ،البرجوازية تاريخيا

ضات السياسية جهاتعاقب اإلسباب الكامنة وراء حاول ابن خلدون أن يقف على األ

ا املتتاليةاليت تفرزها العصبيات املتنافسة خالل ىل يؤدي إن ميكن له أالعامل الذي ولكن ،دورا

ن يف زمننا هذا أورمبا لن خيتلف اثنان ،اكان غائب امة تلك الدو اءدر على إاالقالتناقض احلقيقي

ول النامية يف أيامنا هذه هي اليت الد(ن ا أذا كان صحيح فإ،البرجوازيةهوالغائبالعامل ذلك

د ن الربجوازية ال توج أن نعرف أفمن املهم ،)مس مقاطعات خالية من الربجوازيةكانت باأل

.جيادهاتساهم يف إال بد من ظروف موضوعية ذ إ؛ها بنفسهانفس

ال ،كارل ماركس ةخلدوني أو،ابن خلدونةماركسي ن من يشغل نفسه بالتساؤل حول إ

ال من ولد إن تفالربوليتاريا ال ميكن هلا أ؛ال عالقة له بأي منهمانه مبقياس املادية التارخيية أيدرك

،تاريخخارج العلى أساس العصبية هو نظام-حىت اآلن -والنظام القائم ،رحم العصر الرأمسايل

.أو يف طريقه للخروج منه

المراجعالمصادر والمصحف الشریف

دار الجلیل، بیروتالمقدمةھجري)، 808د الرحمن (ابن خلدون، عب ،.

) جیبیلینا، دار التقدم، موسكو0أ0، ترجمة: سالسیاسةم)،0ق322أرسطو.

،ترجمة: رضوان ابراھیم، العمران البشري في مقدمة ابن خلدون، 1974باتسییفا، سفتیالنا ،

.دار المغرب العربي، تونس

ییفا فتیالنا، ،باتس دوننظری، 1974س ن خل رب ات اب راھیم، دار المغ وان اب ة: رض ، ترجم

.العربي، تونس

Page 25: ﺔﻴﺨﻳرﺎﺘﻟا ﺔﻳدﺎﻤﻟاو نوﺪﻠﺧ ﻦﺑا · 4 ﺐﺴﺣ ﺔﻴﻋﺎﻤﺘﺟﻻا ﺮﻫاﻮﻈﻟاو ﻊﻤﺘﺠﻤﻠﻟ ﺔﻴﻤﻠﻌﻟا ﺎﻨﺘﺳارد

25

،ترجمة: عاطف فؤاد، دار المعارف، القاھرةالمثقفون والسیاسة، 1985بریم، روبرت ،.

،دة العصبیة والدولة–فكر ابن خلدون ، 1992الجابري، محمد عابد ات الوح ، مركز دراس

.العربیة، بیروت

دار الحداثة، بیروتابن خلدون معاصرا، 1984زیز، الحبابي، محمد ع ،.

،منشورات عویدات، باریسالخلدونیة،1983حقیقي، نور الدین ،.

،دار الطلیعة، بیروتالخلدونیة في ضوء فلسفة التاریخ، 1998حمیش، سالم ،.

،یة، 1990الدقس، محمد ة والسیاس ا االجتماعی ة ووظیفتھ بیة الخلدونی ة جاالعص ة ، مجل مع

.2، اآلداب2الملك سعود، م

،دار المعرفة الجامعیة، االسكندریةأسس علم االجتماع، 1997السید، عبد العاطي ،.

دار األنوار، بیروتابن خلدون، 1966، تیسیر، شیخ األرض ،.

،دار الحداثة، بیروتمنھجیة ابن خلدون التاریخیة، 1981الطالبي، محمد ،.

منشورات جامعة القدس المفتوحة، عمانمقدمة في علم االجتماع، 1996رھیم، عثمان، اب ،.

،مؤسسة األبحاث العربیة، بیروتاألدب الفلسطیني المقاوم، 1981كنفاني، غسان ،.

،دار اآلداب، بیروتفارس فارس، 1996غسان، كنفاني ،.

،دار التقدم، موسكوعيالبیان الشیو، 1972كارل وفردریك، ماركس وإنجلز ،.

،دار التقدم، موسكواألیدیولوجیة األلمانیة، 1971ماركس، كارل ،.

،منشورات ریاض الریس، لندناإلسالم في االسر، 1991النیھوم، الصادق ،.

Gramce,Antonio ,1971, The Prison Note book , Nowell,Smith, NY Mills . C. R . 1958 .Power , Politics , and People .ox .u . press, NY Partner. Nancy F , History and Histriograph , Encarta Reference Library ,2003

Stark , Rodney. Sociology, 9th edition .2003,thomson .USA