:نﺎﺴﻧاو نآﺮﻘﻟا ﺔﻴﺒﺴﻜﻟاو ﺔﻴﻨﻳﻮﻜﺘﻟا...

16
اﻟﻤﺤـﻮر207 ﺃﻛﺎﺩﻳﻤﻲ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻣﻮﻻﻱ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ، ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ. ﺳﻌﺖ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻹﻧﺴــﺎﻧﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱٍ ، ﻭﺑﻨﺎﺀ ﻓﻜﺮ«ّ ﻟﻠﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻹﻧﺴــﺎﻧﻴ» ﺇﻟﻰ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻛﻠﻲ ﻟﻤﺎ ﻳﺨﺘﺰﻧﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﻔﺮﻳﺪ،ٍ ﻋﻦ ﺟﻮﺍﺏً ﻋﻨﻬﺎ، ﺑﺤﺜﺎ ﻣﻮﺿﻮﻋﻲ ﻋﻠﻤﻲ ﺟﺪ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮﻫﺎ، ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﻣﺎ ﺳــﻌﺖ ﺇﻟﻴﻪُ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻤﺮ ﺍﻷﺭﺽ، ﻣﻨﺬ ﺃﻥ ﻭ ﻟﻸﺩﻳﺎﻥ، ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻮﺍﺯﻱ ﺑﺤﺜﻪ(ّ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴ) ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻫﻮ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﻠﺖّ ﺔ ﺷﻜّ ﻋﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﷲ ﻭﺣﻘﻴﻘﺔ ﺧﻠﻘﻪ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ، ﻓﺤﺎﺟﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻔﻄﺮﻳ َ ْ ِ ﻟﺪﻯ ﺍﻹﻧﺴــﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺳــﺒﺐ ﻭﺟﻮﺩﻩ، ﻭﻣً ﻛﺒﻴﺮﺍً ﻫﺎﺟﺴــﺎ ﻜﺮ ـ ﻭﻛﺎﺋﻦ ﺃﺧﻼﻗﻲّ ﻣﺼﻴﺮﻩ، ﺩﻓﻌﺖ ﺍﻹﻧﺴــﺎﻥ ـ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻮ ﺟﻮﻫﺮ ﻣﻔ ﻬﻤﻪ ﻟﻤﺼــﺪﺭﻩ، ﻭﻓﻬﻤﻪ ﻟﻌﻼﻗﺘﻪ ﻣﻊّ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺴــﺎﺅﻝ ﻋﻦ ﻣﺎﻫﻴﺘﻪ، ﻭﻋﻦ ﺗﻔٍ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ، ﻭﺩﻭﺭﻩ ﻓﻴﻬﺎ. ﻭﻗﺪ ﺗﺮﻙ ﻟﻨﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﻋﺼﻮﺭ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﺗﺪﻭﻳﻨﺎﺕﺃﻟﻮﺍﺡ» ، ﺑﺪﺃﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻟﻮﺍﺡ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻴﻦ، ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻷﻣﺮ ﻣﻊً ﻗﺪﻳﻤﺔٍ ﻭﻛﺘﺎﺑﺎﺕ، ﺃﻭ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻵﻥ ﺑﺎﻟﻌﺮﺍﻕ ﺃﻭ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﻬﺮﻳﻦ، ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺪﻭﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ« ﺳﻮﻣﺮﻣﻠﺤﻤﺔ» ﺔ، ﻭﺍﻟﻤﺴﻤﺎﺓ ﺑـّ ﻟﻮﺣﺔ ﻃﻴﻨﻴ12 ، ﻭﺍﻟﻤﺆﻟﻔﺔ ﻣﻦ«ﻧﻴﻨﻮﻯ» ﻭﺟﺪﺕ ﻓﻲ ﻖ ﻭﺃﻃﻮﺍﺭﻩ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩﻳﺔ.ْ َ ﻋﻦ ﺍﻟﺨً ﻡ ﻟﻨﺎ ﺗﺼﻮﺭﺍّ ، ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪ1 « ﺟﻠﺠﺎﻣﺶ ﻭﻥ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻗﻄﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻲُ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺩ«ﻣﻠﺤﻤﺔ ﺟﻠﺠﺎﻣﺶ» ـ1 اﻧﺴﺎن: اﻟﻘﺮآن وا اﻟﺼﻔﺎت اﻟﺘﻜﻮﻳﻨﻴﺔ واﻟﻜﺴﺒﻴﺔ

Upload: others

Post on 07-May-2020

8 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: :نﺎﺴﻧاو نآﺮﻘﻟا ﺔﻴﺒﺴﻜﻟاو ﺔﻴﻨﻳﻮﻜﺘﻟا تﺎﻔﺼﻟا · .12 «ﻞﺻﻷﺍ ﻚﻟﺫ ﻦﻣ ﺓﺭﺪﺤﻨﻤﻟﺍ ﻉﻮﻨﻤﻟﺍﻭ

المحـور

207

■ أكاديمي في جامعة السلطان موالي سليمان، المغرب.

سعت العلوم اإلنســانية منذ القرن التاسع عشر الميالدي إلى تقديم تفسير كلي «للظاهرة اإلنســانية»، وبناء فكر علمي موضوعي عنها، بحثا عن جواب لما يختزنه هذا الكائن الفريد، الذي عمر األرض، منذ أن وجد على ظهرها، غير أن ما ســعت إليه هذه العلوم هو جزء من (المهمة األساسية) لألديان، التي توازي بحثه عن معرفة اهللا وحقيقة خلقه لإلنسان، فحاجة اإلنسان الفطرية شكلت هاجســا كبيرا لدى اإلنســان في الكشف عن ســبب وجوده، ومن ثممصيره، دفعت اإلنســان ـ من حيث هو جوهر مفكر ـ وكائن أخالقي إلى التســاؤل عن ماهيته، وعن تفهمه لمصــدره، وفهمه لعالقته مع الطبيعة، ودوره فيها. وقد ترك لنا اإلنسان في عصور سابقة تدوينات وكتابات قديمة، بدأها على ألواح من الطين، كما هو األمر مع «ألواح سومر»، أو ما يعرف اآلن بالعراق أو بين النهرين، من المدونات التي ـ «ملحمة وجدت في «نينوى»، والمؤلفة من 12 لوحة طينية، والمسماة ب

جلجامش» 1، التي تقدم لنا تصورا عن الخلق وأطواره الوجودية.

«ملحمة جلجامش» من الكتابات القديمة التي دون بعض من قطعها في العهد البابلي 1 ـ

■ ��ا����

وا.نسان: القرآن والكسبية التكوينية الصفات

Page 2: :نﺎﺴﻧاو نآﺮﻘﻟا ﺔﻴﺒﺴﻜﻟاو ﺔﻴﻨﻳﻮﻜﺘﻟا تﺎﻔﺼﻟا · .12 «ﻞﺻﻷﺍ ﻚﻟﺫ ﻦﻣ ﺓﺭﺪﺤﻨﻤﻟﺍ ﻉﻮﻨﻤﻟﺍﻭ

208

المحور

إن ما قدمته النصوص الدينية وبعض الكتابات في الشرق األقصى القديم ـ لمعرفة حقيقة اإلنســان ومصيره ـ وجه جهد اإلنسان المعاصر لكشف حقيقة وجوده األنطولوجي وغايته، ومادة تكوينه، ســاعده في ذلك تعــدد المقاربات والمداخل المعرفية، بفعل الثورة التي عرفتها العلوم اإلنسانية إبان القرن التاسع عشر، وظهور تيار يبحث عن اإلنسان، الذي قضت عليه أغالل الكهنوت، وقيود الكنيسة، وعصور الظالم في أوروبا، ليعلن عصر األنوار نهاية التسلط، والتبشير بإنســانية اإلنســان من خالل ظهور «النزعة اإلنســانية ـ L’humanisme» 2 أو األنسنة، التي ســعى روادها إلى التقدم باإلنســان، وتحريره من سلطة القيود الالهوتيــة، والكهنوتيــة، والعقليــة اإلحيائية، والثــورة على األنســاق الدينية الكنسية، والبحث عن سلطة أخرى لإلنسان، بذلك دخلت اإلنسانية ـ من خالل

القديم؛ أي في حدود القرنين السابع عشر، أو الثامن عشــر ق.م، كما وجدت ترجمات قديمة ألجزاء من هذه الملحمة إلى اللغة الحورية واللغة الحيثية (الختية)، وهي من اللغات الهندية ـ األوروبية، وقد دونــت مثل هذه الترجمات على ألواح من الطين كشــف عنها في التنقيبات التي جرت في آســيا الصغرى، ويرجع عهدها إلى النصف الثاني من األلف الثاني ق.م.، وهذا يبين بجالء أن ملحمة جلجامش البابليــة كانت تدرس وتترجم وتقلد في العصــور القديمة في جميع أنحاء الشرق األدنى القديم، وقد تم حتى اآلن الكشف عما يقارب نصف مجموع أسطرها البالغة زهاء 3500 سطر. ونشــر في عام 1930 باحث إنجليزي آخر ـ وهو األثري المختص بالدراسات األدبية اإلنسانية «كامبل تومسن» ـ نشرة فاخرة متقنة، احتوت جميع ما كان معروفا من النصوص الخاصة بهذه الملحمة. ثــم ظهرت من بعد ذلك ترجمتان جديدتــان متقنتان باللغة اإلنجليزية إحداهمــا ترجمة «الكســندر هايدل» المعنونــة «ملحمة جلجامــش وما يضاهيها فــي التوراة»

والترجمة األخرى بقلم «افرايم سيايزر» في مجموعة «نصوص الشرق األدنى القديم».راجع: كريمر صمويل، «من ألواح سومر»، ص 304 ـ 305.

النزعة اإلنسانية أو األنسنة هي حركة فكرية أيديولوجيا راجت في إيطاليا في النصف الثاني من 2 ـ ت منها إلى بقية بلدان أوروبا الغربية، وكانت من أهم عوامل إرساء القرن الرابع عشــر، وامتدالعلم والثقافة المحدثين. وهي باإلضافة إلى هذا البعد التاريخي ككل دعوة موضوعها اإلنسان، تؤكد فيه كرامته، وتجعله مقياس كل قيمة. وهي عند كونت ديانة تؤكد أن اإلنسانية ـ وليس اهللا ـ (Humanitas) هي األولى بالعبادة. وهي فلســفة عصر النهضة وإسهام مفكريه، وهي اشتقاق منالالتينية بمعنى تعهد اإلنسان لنفسه بالعلوم الليبرالية التي بها يكون جالء حقيقته كإنسان متميز

عن سائر الحيوانات.راجع: الحنفي؛ عبد المنعــم، «الموسوعة الفلسفية»، مكتبة مدبولي، (دون مكان النشر) ط 2،

1999م، ص 71.

Page 3: :نﺎﺴﻧاو نآﺮﻘﻟا ﺔﻴﺒﺴﻜﻟاو ﺔﻴﻨﻳﻮﻜﺘﻟا تﺎﻔﺼﻟا · .12 «ﻞﺻﻷﺍ ﻚﻟﺫ ﻦﻣ ﺓﺭﺪﺤﻨﻤﻟﺍ ﻉﻮﻨﻤﻟﺍﻭ

209

والكسبية التكوينية الصفات وا.نسان: القرآن

أوروبا القرن التاسع عشر ـ في صراع وتوتر حاد، وصل إلى حد «الخصومة بين المذهب المادي وبين الفلسفة المثالية والعقلية الكهنوتية. وقد بلغ التوتر قمته عندما أعلن كارل ماركس (Karl Marx) (1818م ـ 1883م) تفسيره المادي للتاريخ فهز صرح الكهنوت بجحده األديان» 3. وقد تعزز هذا بإعالن تشــارلس داروين (Charles Robert Darwin) (1809 ـ 1882م) لنظريته في كتابه «أصل األنواع» سنة

1859م، «فـقدمت نظريته في نشوء األنواع وتطورها باالنتخاب الطبيعي، تفسيرا بيولوجيا لما كان من اختصاص التأمالت الفلســفية والغيبيــات الالهوتية» 4، لتتبلور فرضية إمكانية تفســير الكون والوجود واإلنســان بالمادة، وبدأت تتسع

الهوة بين رجــال الدين ودعــاة المذهب الجديد، األمر الذي جعل إنسانيي عصر االنبعاث يستندون إلى سلطة خارجية، بينما ظل إنسانيو عصر األنوار يبحثون عن هذه الســلطة في ذواتهم، ولئن كانت الســلطة لدى أولئك سلطة مشــخصة؛ فقد أمست

لدى هؤالء سلطة مجردة، سلطة العقل اإلنساني 5.يقتــرن الحديث عن «اإلنســان» فــي القرآن الكريم في مواطن عديدة بسياق الضعف والنقصان؛ حيث يصفه القــرآن بـأنه: ضعيــف، هلوع، جزوع، منوع، لم يكن شــيئا، عجول، قتــور، كفور، كنود، ظلوم، جهول، يؤوس قنــوط، وغيرها من األوصاف

التي تكشف عن طبيعة اإلنسان في القرآن، فما داللة تلك الصفات؟وتحاول هذه الدراسة تقديم قراءة في صفات الضعف التي تعتري اإلنسان؛

عبد الرحمن؛ عائشــة، «القرآن وقضايا اإلنســـان»، دار العلم للماليين، بيروت ـ لبنان، ط 4، 3 ـ كانون الثاني 1981م، ص 209.

عبد الرحمن؛ عائشة، «القرآن وقضايا اإلنسان»، م.س، ص 209. 4 ـ العجيلي؛ محمد علي، «النزعة اإلنسانية في عصر التوحيدي، القرن الرابع الهجري»، منشورات 5 ـ وزارة الثقافة، الجمهورية العربية السورية، إحياء التراث العربي (133) سوريا ـ دمشق ـ 1428هـ/

2006م، (دون رقم ط)، ص 9.

إن (� W�)�5 ا�J_�ص ا��>�J* و�1~ ا�����1ت ��� ا�D�ق األ5_ *+�+ا�+�>� ـ �����* W اإل!��ن و(_��ه ـ و2 �A62� اإل!��ن ا����+�+* و�2ده 9D�� ،W�<�Cاأل!<����2 وو(�دة WJ<��4، ����ه �� ذ�{ �4�د ا��+�ر�1ت وا���ا-) ا������*.

Page 4: :نﺎﺴﻧاو نآﺮﻘﻟا ﺔﻴﺒﺴﻜﻟاو ﺔﻴﻨﻳﻮﻜﺘﻟا تﺎﻔﺼﻟا · .12 «ﻞﺻﻷﺍ ﻚﻟﺫ ﻦﻣ ﺓﺭﺪﺤﻨﻤﻟﺍ ﻉﻮﻨﻤﻟﺍﻭ

210

المحور

وقد ميزنا بين مســتويين من الصفات؛ األولى، صفــات الضعف التكوينية في اإلنسان، وهي التي ترتبط باإلنسان من حيث هو إنسان، والثانية التي يكتسبها اإلنسان في الحياة، وهي القابلة للتجاوز بفضل الخصائص والمقومات الروحية

التي تميزه بعد نفخة الروح، التي أعطت لإلنسان بعدا آخر.

��* �� اإل!��ن Uوا� *�J<ت ا�;�9 ا�����@A 1 ـ

يصف القرآن اإلنسان بصفات الضعف والنقص المرتبطة بالجانب التكويني الجبلي في عدد مــن اآليات، من هــذه الصفات: الضعيف، الهلــوع، الجزوع، المنوع، العجول، اليؤوس والقنوط، الظلوم، الجهــول، الكنود، في كبد. وهذه

الصفات تبرز الجانب الجبلي في اإلنسان.

أوال: إنسان ضعيف 43 2 1 0 جاء وصف اإلنسان بالضعف في سورة النساء: ﴿ / 7 ﴾ [النســاء: 28]، «وقــد وردت هــذه اآلية في ســياق 6 5الحديث عن التخفيف عن اإلنسان، وهذا يعني أن اإلنسان عاجز عن القيام بكثير من األعمال» 6. ويختلف أهل التفســير في تحديد المراد بالضعف في اآلية؛ فهو عند الزمخشري «ال يصبر عن الشهوات وعلى مشاق الطاعات» 7؛ أي ابتدأناكم في أول األمر ضعافا، وذلك حــال الطفولة والنشء حتى بلغتم وقت االحتالم والشبيبة، وتلك حال القوة إلى االكتهال وبلوغ االشد؛ ثم رددتم إلى أصل حالكم وهو الضعف بالشــيخوخة والهــرم 8. ويحمل معنى الضعف كذلك على التخفيف عن اإلنســان في التكاليف، نجد ذلك عند الرازي في قوله: «المعنى أنه تعالى ـ لضعف اإلنسان ـ خفف تكليفه ولم يثقل، واألقرب

بوعود؛ أحمد، «اإلنســـان في القرآن»، منشورات الزمن، سلسلة شــرفات عدد 39 سنة 2014م، 6 ـ مطبعة بني أرناسن سال ـ المغرب، ص 122.

الزمخشــري؛ جار اهللا محمود، «الكشـــاف عن حقائق غوامض التنزيل»، دار الكتاب العربي، 7 ـ بيروت، ط 3، 1407هـ ، 501/1.

م.س، 486/3. 8 ـ

Page 5: :نﺎﺴﻧاو نآﺮﻘﻟا ﺔﻴﺒﺴﻜﻟاو ﺔﻴﻨﻳﻮﻜﺘﻟا تﺎﻔﺼﻟا · .12 «ﻞﺻﻷﺍ ﻚﻟﺫ ﻦﻣ ﺓﺭﺪﺤﻨﻤﻟﺍ ﻉﻮﻨﻤﻟﺍﻭ

211

والكسبية التكوينية الصفات وا.نسان: القرآن

عف في هذا الموضع ال على ضعف الخلقة، بل يحمل على كثرة أنه يحمل الضهوة واللذة» 9. والقرطبي حمله على ضعف اإلنسان في باع الشالدواعي إلى اتالشهوات والنساء خاصة 10. وذهب الطاهر بن عاشور إلى أن المراد «أنه كما أنشأكم أطوارا تبتدئ من الوهن وتنتهي إليه؛ فكذلك ينشئكم بعد الموت؛ إذ ليس ذلك بأعجب من اإلنشــاء األول وما لحقه من األطوار، ولهذا أخبر عنه

N M L K J I H ﴿ : 8 بقوله: (يخلق ما يشاء)» 11 في قوله ` _ ^] \ [ ZY X W V U T S R Q P Oa ﴾ [الــروم: 54]. وعنده «أن إنشاء أصل اإلنسان من األرض، وهي عنصر

ضعيف يقتضي مالزمة الضعــف لجميع األفراد المنحدرة من ذلك األصل» 12.

ثانيا: الهلوع والجزوع والمنوعجــاءت صفــة الهلــوع والجــزوع والمنوع في

R Q P ❁ N M L K ﴿ : 8 قوله[المعــارج: 19 ـ 21]. ﴾ X W V U ❁ Sوالهلع معناه: «شــدة الجــزع مع شــدة الحرص والضجر» 13، وأوله الزمخشري إلى «سرعة الجزع عند مس المكروه وســرعة المنع عند مس الخير،

من قولهم: ناقة هلواع: ســريعة الســير» 14. وزاد الزمخشــري «والمعنى: أن

الرازي؛ فخر الدين، «مفاتيح الغيب»، م.س، 55/10. 9 ـ القرطبي؛ شمس الدين، «الجامع ألحكام القرآن»، تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، دار 10 ـ

الكتب المصرية ـ القاهرة، ط 3، 1384هـ/1964م، ج 5، ص 148.ابن عاشور؛ الطاهر، «التحرير والتنوير»، الدار التونسية للنشر، ـ تونس، سنة 1984م، دون رقم 11 ـ

طبعة، 128/21.المرجع السابق، 124/27. 12 ـ

الطبري؛ محمد بن جرير، «جامع البيان في تأويل القرآن»، تحقيق أحمد محمد شاكر، مؤسسة 13 ـ الرسالة، ط 1، سنة 1420هـ/2000م، 265/23.

الزمخشري؛ جار اهللا محمود، «الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل»، م.س، 612/4. 14 ـ

>_9 ا�+�آن اإل!��ن �+J1_@�ت ا�;�9 وا� �!�U��1 *> ا���4�� �� ��د Uا� �J<ا����(� اآل>�ت، (� FGه ا�_@�ت: ا�;��9، ا�6��ع، ا�TUوع، ا���Jع، ا���Uل، وس وا�+�Jط، ا����م، ا���ٴ.� ا��6Uل، ا���Jد، �� 8

Page 6: :نﺎﺴﻧاو نآﺮﻘﻟا ﺔﻴﺒﺴﻜﻟاو ﺔﻴﻨﻳﻮﻜﺘﻟا تﺎﻔﺼﻟا · .12 «ﻞﺻﻷﺍ ﻚﻟﺫ ﻦﻣ ﺓﺭﺪﺤﻨﻤﻟﺍ ﻉﻮﻨﻤﻟﺍﻭ

212

المحور

اإلنســان ـ إليثاره الجزع والمنع وتمكنهما منه ورســوخهما فيه ـ كأنه مجبول عليهما مطبوع، وكأنه أمر خلقي وضروري غير اختياري، كقوله تعالى: ﴿ 3 ; ﴾ [األنبيــاء: 37]، والدليل عليه أنه : 9 8 76 5 4حين كان في البطن والمهد لم يكن به هلع» 15. وذهب ابن كثير إلى أن ســبب

R Q P ﴿ :ره بقوله فس نيئة، ثم هلع اإلنسان أنه مجبول على األخالق الدعب، وأيس أن ة الر فزع وجزع وانخلع قلبه من شد ر ؛ أي إذا مسه الض﴾ SX ﴾؛ أي إذا حصلت له نعمة من W V U ﴿ ،يحصل له بعد ذلك خير

اهللا بخل بها على غيره، ومنع حق اهللا تعالى فيها 16.

ثالثا: اإلنسان العجول P ON M L K J ﴿ : 8 وردت صفة «العجول» في قوله 76 5 4 R ﴾ [اإلســراء: 11] وأيضا في ســورة األنبياء ﴿ 3 Q; ﴾ [األنبيــاء: 37]. والعجول صيغــة مبالغة لفعل : 9 8(عجل)؛ قال ابن فارس: «العين والجيم والالم أصالن صحيحان، يدل أحدهما على اإلسراع، واآلخر على بعض الحيوان. فاألول: العجلة في األمر، يقال: هو عجل وعجل» 17، العجل والعجلة: الســرعة، خالف البطء 18. واإلنسان العجول ارتبط عند أهل التفســير بتكوين اإلنســان وخلقه، على اختالف في تأويلهم

وآرائهم في ذلك، والتي تنقسم إجماال إلى ثالثة آراء.األول: أن المراد بــه آدم ‰ عند خلقه؛ حيث يســتدلون برواية ابن عباس ^ أن آدم ‰ «حين هم بالنهوض قائمــا قبل أن تصل الروح إلى رجليه، وذلك أنه جاءتــه النفخة من قبل رأســه، فلما وصلــت إلى دماغه عطس، فقال: الحمد هللا. فقال اهللا: يرحمك ربك يــا آدم. فلما وصلت إلى

الزمخشري؛ جار اهللا محمود، «الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل»، م.س، 612/4. 15 ـ ابن كثير؛ أبو الفداء إســماعيل بن عمر، «تفســـير القرآن العظيم»، تحقيق، ســامي بن محمد 16 ـ

سالمة، دار طيبة، ط 2، 1420هـ/1999م، 236/8.ابن فارس؛ أحمد، «معجم مقاييس اللغة»، مادة (ع ج ل). 17 ـ

ابن منظور؛ محمد بن مكرم بن علي، «لسان العرب»، م.س، مادة (ع ج ل). 18 ـ

Page 7: :نﺎﺴﻧاو نآﺮﻘﻟا ﺔﻴﺒﺴﻜﻟاو ﺔﻴﻨﻳﻮﻜﺘﻟا تﺎﻔﺼﻟا · .12 «ﻞﺻﻷﺍ ﻚﻟﺫ ﻦﻣ ﺓﺭﺪﺤﻨﻤﻟﺍ ﻉﻮﻨﻤﻟﺍﻭ

213

والكسبية التكوينية الصفات وا.نسان: القرآن

عينيه فتحهما، فلما سرت إلى أعضائه وجسده جعل ينظر إليه ويعجبه، فهم بالنهوض قبل أن تصل إلى رجليه فلم يستطع وقال: يا رب عجل قبل الليل» 19. وهذه الرواية تطرح إشــكاال في تأويلها لصفة العجلــة التي جاء ذكرها في

القرآن؛ وهي وصف آدم بالنطق وهو لم يستو بعد.الثاني: إن المراد «باإلنسان الكافر، وأنه يدعو بالعذاب استهزاء ويستعجل

به، كما يدعو بالخير إذا مسته الشدة» 20.والثالث: أن «اإلنســان هنا مراد به الجنس؛ ألنه المناسب للتذييل؛ أي وما هؤالء الكافــرون الذين ال يؤمنون باآلخرة إال من نوع اإلنســان، وفي نوع

اإلنسان االستعجال، فإن (كان) تدل على أن اسمها متصف بخبرها اتصافا متمكنا» 21، كقوله تعالى: [الكهــف: 54]. ﴾ / . - , + ﴿فيكون المعنى المقصود أن اإلنســان «خلق من

عجل؛ أي من شأنه العجلة» 22.

رابعا: اليأس والقنوطوردت اإلشــارة إلــى صفتي «يئــوس وقنوط» في

§ ¦ ¥ القرآن في ســورتي اإلســراء ﴿ ¤ [اإلســراء: 83]، ﴾ ± ° ¯ ® ¬ «ª © ¨

W V U T S R Q P O ﴿ وفصلــتY ﴾ [فصلــت: 49]؛ ففي األولــى وردت صفة «يئوس» مفــردة، وفي الثانية X

n m ﴿ :«اقترنت بصفة «القنوط»، وجاءت في سورة (هود) مقترنة بصفة «الكفرw ﴾ [هــود: 9]، وهي من الصفات v u t s r q p o

ابن كثير؛ أبو الفداء إسماعيل بن عمر، «تفسير القرآن العظيم»، م.س، 49/5. 19 ـ الزمخشري؛ جار اهللا محمود، «الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل»، م.س، 651/2. 20 ـ

ابن عاشور؛ الطاهر، «التحرير والتنوير»، م.س، 42/15. 21 ـ الرازي؛ فخر الدين، «مفاتيح الغيب»، م.س، 145/22. 22 ـ

وردت A@* «ا���Uل» �� W��5 8 �� ��رة اإل��اء:

M L K J ﴿﴾ R Q P ON

وأ>;� �� ��رة األ! ��ء

76 5 4 3 ﴿ : 9 8; ﴾، وا���Uل .((U�) (�@� *j�� ) *j�A

Page 8: :نﺎﺴﻧاو نآﺮﻘﻟا ﺔﻴﺒﺴﻜﻟاو ﺔﻴﻨﻳﻮﻜﺘﻟا تﺎﻔﺼﻟا · .12 «ﻞﺻﻷﺍ ﻚﻟﺫ ﻦﻣ ﺓﺭﺪﺤﻨﻤﻟﺍ ﻉﻮﻨﻤﻟﺍﻭ

214

المحور

السلبية كتلك التي يصف بها القرآن اإلنسان. وصفة «يؤوس» صيغة مبالغة من اليأس: يء ييأس وييئس وهو القنوط 23، وهو كذلك «قطع الرجاء» 24. يئس من الش

وأما صفة القنوط ففسرها الزمخشري بقوله: «القنوط: أن يظهر عليه أثر اليأس؛ فيتضاءل وينكسر، أي: يقطع الرجاء من فضل اهللا وروحه، وهذه صفة

( ' & % $ # " الكافر بدليل قوله تعالى: ﴿ ! جنا فر [يوســف: 87]. وإذا ﴾ 5 4 3 2 1 0 / . - ,+ * )عنه بصحة بعد مرض، أو سعة بعد ضيق قال: هذا لي؛ أي: «هذا حقي وصل

إلي؛ ألني استوجبته بما عندي من خير وفضل وأعمال بر» 25.تبرز هذه الصفة الجانب النفسي لإلنسان، وهي غير مقتصرة على إنسان مخصوص؛ ألنه لم يأت في النــص ما يفيد التقيد، لهــذا فالصفة مرتبطة

بمطلق اإلنسان.

خامسا: الظلوم الجهول µ ´ ³ ² ± جاءت الصفتان في ســورة األحــزاب: ﴿ ° Ã ﴾ [األحزاب: 72]، Â Á À ¿¾ ½ ¼ » º ¹ ¸ ¶

. -, + * ) ( واقترنت في سورة إبراهيم بصفة «كفار» ﴿ ' 1 ﴾ [إبراهيم: 34]. 0 /

فاإلنسان جهول ظلوم «لما غلب عليه من القوة الغضبية والشهوية؛ فإن من فوائد العقل أن يكــون مهيمنا على القوتين، حافظا لهمــا عن التعدي ومجاوزة الحد، ومعظم مقصود التكليف تعديلهما وكسر سورتهما» 26. وهذا الوصف جاء من حمل اإلنســان األمانة على جهله بها، وظلمه لها؛ حيث لم يف بها لضعفه،

فوصف بالظلوم الجهول 27.ابن منظور؛ محمد بن مكرم بن علي، «لسان العرب»، م.س، مادة (يأس). 23 ـ

ابن فارس؛ أحمد، «معجم مقاييس اللغة»، م.س، مادة (يأس). 24 ـ الزمخشري؛ جار اهللا محمود، «الكشاف عن حقائق وغوامض التنزيل»، م.س، 205/4. 25 ـ

البيضاوي؛ ناصر الدين الشــيرازي، «التنزيل وأســـرار التأويل»، تحقيق، محمد عبد الرحمن 26 ـ المرعشلي، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، ط 1، 1418هـ ، 240/4.

الطبري؛ محمد بن جرير، «جامع البيان في تأويل القرآن»، ط. هجر، م.س، 205/19. 27 ـ

Page 9: :نﺎﺴﻧاو نآﺮﻘﻟا ﺔﻴﺒﺴﻜﻟاو ﺔﻴﻨﻳﻮﻜﺘﻟا تﺎﻔﺼﻟا · .12 «ﻞﺻﻷﺍ ﻚﻟﺫ ﻦﻣ ﺓﺭﺪﺤﻨﻤﻟﺍ ﻉﻮﻨﻤﻟﺍﻭ

215

والكسبية التكوينية الصفات وا.نسان: القرآن

سادسا: اإلنسان الكنود v ﴿ : 8 جاء وصف «اإلنســان» بالكنود في ســورة العاديات في قوله¤ ﴾ [العاديات: 6 ـ 8]. £ ¢ ¡ ❁ ~ } | { ❁ y x wـ «الكاف والكنود من «كند يكند كنودا؛ أي كفر النعمة قيل: هو الجحود» 28؛ فوالنون والدال: أصل صحيــح واحد يدل على القطــع» 29. وأصل الكنود: منع الحق والخير 30، وهو وصف عارض «يعرض لكل إنســان على تفاوت فيه، وال ل أهل الصالح؛ ألنه عارض ينشــأ عن إيثار المرء يســلم منه إال األنبياء وكمنفســه، وهو أمر في الجبلة ال تدفعه إال المراقبة النفســية وتذكر حق غيره.

وبذلك قد يذهل أو ينسى حق اهللا، واإلنسان يحسبذلك من نفسه في خطراته، ويتوانى أو يغفل عن مقاومتــه؛ ألنــه يشــتغل بإرضــاء داعية نفســه، ـن هذا الخلــق منها، واألنفــس متفاوتة في تمكـ

والعزائم متفاوتة في استطاعة مغالبته» 31.

سابعا: في كبدورد وصف اإلنســان بأنه خلــق (في كبد) في [البلد: 4]. ﴾ T S R Q P ﴿ البلد ســورة وهذه الصفة مرتبطة ـ أكثر من ســابقتها ـ بخلق

اإلنسان وتكوينه، فالكبد معناه «في شــدة» 32، و«الكاف والباء والدال: أصل صحيح يدل على شدة في شيء وقوة. من ذلك الكبد، وهي المشقة. يقال: لقي فالن من هذا األمر كبدا؛ أي: مشقة» 33. والمعنى الذي تشير إليه اآلية مرتبط

ابن منظور؛ محمد بن مكرم بن علي، «لسان العرب»، م.س، مادة (كند). 28 ـ ابن فارس؛ أحمد، «معجم مقاييس اللغة»، م.س، مادة (كند). 29 ـ

الرازي؛ فخر الدين، «مفاتيح الغيب»، م.س، 261/32. 30 ـ ابن عاشور؛ الطاهر، «التحرير والتنوير»، م.س، 503/30. 31 ـ

الطبري؛ محمد بن جرير، «جامع البيان في تأويل القرآن»، ط. هجر، م.س، 410/24. 32 ـ ابن فارس؛ أحمد، «معجم قاييس اللغة»، م.س، مادة (ك ب د). 33 ـ

��مs اإل!��ن �62ل��W (� ا�+�ة � ��C ���» �* وا��6D>*؛ �|ن ;jا�(� ��اN� ا��+) أن >��ن � ا�+���4، �� �J��6)���� ���6 �� ا����ي و(�Uوزة ا���، و(��� ��6�<��4 9��(+_�د ا���و�8� ��ر��64».

Page 10: :نﺎﺴﻧاو نآﺮﻘﻟا ﺔﻴﺒﺴﻜﻟاو ﺔﻴﻨﻳﻮﻜﺘﻟا تﺎﻔﺼﻟا · .12 «ﻞﺻﻷﺍ ﻚﻟﺫ ﻦﻣ ﺓﺭﺪﺤﻨﻤﻟﺍ ﻉﻮﻨﻤﻟﺍﻭ

216

المحور

بالمشقة التي يلقاها اإلنسان في الدنيا، وهي منسجمة مع خروج آدم ‰ من الجنة، لذلك حــذره اهللا قبل النزول مــن عدم االقتراب من الشــجرة حتى

U T S R Q P O N M L K ﴿ ال يتعرض للشــقاءV ﴾ [طه: 117]. فاإلنسان «خلق مغمورا في مكابدة المشاق والشدائد» 34.

لقد قدم القرآن اإلنســان من خالل صفات تشير إلى ضعف في تكوينه ، وهي وخلقه، وهي تخص مطلق اإلنسان؛ بحيث لم يرد ما يقيدها في النصفي الوقت ذاته تذكير له بحقيقته حتى ال يطغى وال يتجبر في الكون. وهذه الصفات فيها إجابة على تصور التوراة المحرفة لإلنسان الذي صارع (الرب) في حادثة يعقوب؛ ألن «اإلنسان» ضعيف بطبعه وخلقه، وكيف لمخلوق خلقه

اهللا 8 أن يصارعه.

*�8��2 ـ A@�ت ا�;�9 ا��� �* وا��يصف القرآن اإلنســان بصفات ضعف كســبية مرتبطة بسلوكه اإلنساني، وجاءت تلك الصفات في عدد من اآليات، وتشمل القتور، والطغيان، الخسران،

الكفران، نوردها على النحو التالي:

أوال: اإلنسان الكفرانجاء وصف القرآن لإلنسان بالكفر في ثالثة نصوص قرآنية، األول ذكرت فيه دون اقترانها بصفة أخرى، والثاني اقترنت الكلمة بالكفور المبين، والثالث

ذكرت مقترنة باليؤوس. $ # " النص األول: ورد في سورة اإلســراء في قوله 2 : ﴿ ! 4 ﴾ [اإلسراء: 67]. 3 2 10 / . - , +* ) ( ' & %

النص الثاني: جاء ذكره في ســورة الزخرف، واقترنت صفة الكفر فيها ﴾ ] \ [ ZY X W V U ﴿ : 8 قوله في بالمبين

[الزخرف: 15].

الزمخشري؛ جار اهللا محمود، «الكشاف عن حقائق وغوامض التنزيل»، م.س، 753/4. 34 ـ

Page 11: :نﺎﺴﻧاو نآﺮﻘﻟا ﺔﻴﺒﺴﻜﻟاو ﺔﻴﻨﻳﻮﻜﺘﻟا تﺎﻔﺼﻟا · .12 «ﻞﺻﻷﺍ ﻚﻟﺫ ﻦﻣ ﺓﺭﺪﺤﻨﻤﻟﺍ ﻉﻮﻨﻤﻟﺍﻭ

217

والكسبية التكوينية الصفات وا.نسان: القرآن

النص الثالث: ذكر في سورة هود، واقترنت فيه صفة الكفور باليؤوس v u t s r q p o n m ﴿ : 8 في قوله

w ﴾ [هود: 9].ـ «الكاف والفاء والراء أصل صحيح يدل على معنى والكفور: من (كفر)، فواحد، وهو الســتر والتغطية» 35. وهو نقيض اإليمــان، والكفور صيغة مبالغة،

تفيد أنه كفور لمن أنعم عليه؛ أي قليل الشكر لربه المتفضل عليه 36.ولم يحدد النص المقصود باإلنسان الكفور؛ أهو اإلنسان الكافر أم أنها

صفــة عامة لجنــس اإلنســان. وفي ذلــك يقول الطاهر بن عاشور «وذكر فعل (كان) إشارة إلى أن الكفران مســتقر فــي جبلة هــذا اإلنســان؟ ألن اإلنســان قلما يشــعر بما وراء عالم الحس؛ فإن الحواس تشــغله بمدركاتها عــن التفكر فيما عدا ذلــك مــن المعانــي المســتقرة فــي الحافظة والمستنبطة بالفكر» 37. ويالحظ على اآليات التي وصفت اإلنسان بالكفور أنها تقصد المعنى الذي يفيد اللفظ في اللغة، ككفــران النعم وجحودها،

وهذا يفهم منه أنها صفة فطرية في اإلنسان.

ثانيا: اإلنسان القتور m l k j i ﴿ :جاءت صفة (اإلنسان القتور) في سورة اإلسراءw ﴾ [اإلسراء: 100]. والقتور من v u ts r q p o nفعل (قتــر) «القاف والتاء والــراء أصل صحيح يدل علــى تجميع وتضييق... مقة من العيش. وقال الليث: القتر: واإلقتار: التضييق» 38. و«القتر والتقتير: الر

ابن فارس؛ أحمد، «معجم مقاييس اللغة»، م.س، مادة (كفر). 35 ـ الطبري؛ محمد بن جرير، «جامع البيان في تأويل آي القرآن»، ط. هجر، م.س، 339/12. 36 ـ

ابن عاشور؛ الطاهر، «التحرير والتنوير»، م.س، 161/15. 37 ـ ابن فارس؛ أحمد، «معجم مقاييس اللغة»، م.س، مادة (قتر). 38 ـ

�+� 5�م ا�+�آن اإل!��ن �(� -الل A@�ت �D4� إ� ،W+�/�WJ<��4 �� 9 و- p�>) �V4 �Gواإل!��ن؛ ��1^ �� >�د �Gو ، �Jا� �� �G��+< �) W� ��8F4 W4ذا Y5ا�� �� �j>< ال �� W�+�+�1 � �� ا���ن.U�< وال

Page 12: :نﺎﺴﻧاو نآﺮﻘﻟا ﺔﻴﺒﺴﻜﻟاو ﺔﻴﻨﻳﻮﻜﺘﻟا تﺎﻔﺼﻟا · .12 «ﻞﺻﻷﺍ ﻚﻟﺫ ﻦﻣ ﺓﺭﺪﺤﻨﻤﻟﺍ ﻉﻮﻨﻤﻟﺍﻭ

218

المحور

مقة في النفقة، قتر يقتر، بالضم، ويقتر، بالكسر، قترا وقتورا، كقعود، فهو الرقاتر وقتور، كصبور، وقتر عليهم تقتيــرا وأقتر إقتارا: ضيق في النفقة، وقرئ Ï ﴾، وقال الفراء: لم يقتروا عما يجب Î Í Ì ﴿ :بهما قوله تعالىعليهم من النفقة. وفاتته اللغة الثالثة، وهي: قتر على عياله يقتر ويقتر قترا وقتورا: ضيــق عليهم، فالقتــر والتقتيــر واإلقتار ثالث لغــات، صرح به في

المحكم» 39.د اآلية اإلنسان الذي ومعناه أن اإلنســان كان بخيال ممســكا 40. ولم تحدوصفته بهذه الصفة، إنما جاء وصف اإلنســان بالقتور ليخص مطلق اإلنسان، على عكس بعض التفاســير التي ذهبت إلــى أن المراد بالقتــور هنا (الكافر والمشرك) 41، وهناك من قال: إن «المراد بهذا اإلنسان المعهود السابق» 42. أما أصل هذا اإلقتار في اإلنسان فرجح الرازي أن «األصل في اإلنسان البخل؛ ألنه خلق محتاجا، والمحتاج ال بد أن يحب ما به يدفع الحاجة، وأن يمسكه لنفسه؛ إال أنه قد يجود به ألسباب من خارج، فثبت أن األصل في اإلنسان البخل. ثم إن اإلنســان إنما يبذل لطلب الثناء والحمد، وللخروج عن عهدة الواجب، فهو

في الحقيقة ما أنفق إال ليأخذ العوض، فهو في الحقيقة بخيل» 43.

ثالثا: الخصومة والجدلجاء وصف اإلنســان بالخصيم والمجادل (أكثر شــيء جدال) في القرآن

الكريم في موضعين مختلفين، ذكرا في ثالثة نصوص:النص األول: ذكر في سورة النحل، ووصف فيه القرآن اإلنسان بالخصيم § ﴾ [النحل: 4]. ¦ ¥ ¤ £ ¢ ¡ المبين، في قوله 2 : ﴿ ے

الزبيدي؛ محمد بن محمد بن عبد الرزاق الحسيني، «تاج العروس من جواهر القاموس»، م.س، 39 ـ مادة (ق ت ر).

الطبري؛ محمد بن جرير، «جامع البيان في تأويل آي القرآن»، ط. هجر، م.س، 99/15. 40 ـ م.س، 98/15. 41 ـ

الرازي؛ فخر الدين، «مفاتيح الغيب»، م.س، 413/21. 42 ـ م.س، 413/21. 43 ـ

Page 13: :نﺎﺴﻧاو نآﺮﻘﻟا ﺔﻴﺒﺴﻜﻟاو ﺔﻴﻨﻳﻮﻜﺘﻟا تﺎﻔﺼﻟا · .12 «ﻞﺻﻷﺍ ﻚﻟﺫ ﻦﻣ ﺓﺭﺪﺤﻨﻤﻟﺍ ﻉﻮﻨﻤﻟﺍﻭ

219

والكسبية التكوينية الصفات وا.نسان: القرآن

^ ] \ [ Z Y X ﴿ :النص الثاني: ورد في سورة يسb ﴾ [يس: 77]. a ` _

النص الثالث: ذكرت فيه صفة (الجدل) وجاءت في ســورة الكهف: ﴿ ! / ﴾ [الكهف: 54]. . - , + *) ( ' & % $ # "والخصام من (خصم) «الخاء والصاد والميم أصالن: أحدهما المنازعة، والثاني جانب وعاء» 44. والخصومة تعني «الجدل. خاصمه خصاما ومخاصمة ة، والخصومة االســم مــن التخاصم فخصمــه يخصمه خصمــا: غلبه بالحج

والجمع كالخصــم، والخصيــم: واالختصــام... خصماء وخصمان» 45. قال ابن فارس في (الجدل) «جدل: الجيم والدال والالم: أصل واحد، وهو من باب اســتحكام الشــيء في استرســال يكون فيه، وتعود الــكالم» 46. ومراجعة الخصومــة وامتداد الخصومة التي وصف بها اإلنسان عند الزمخشري في اآليتين السابقين إلى معنيين: «أحدهما: فإذا هو منطيق مجادل عن نفسه مكافح للخصوم مبين للحجة، بعد ما كان نطفة من مني، جمادا ال حس به وال حركة، داللة على قدرته. والثاني: فإذا هو

خصيم لربه، منكر على خالقه، قائل: من يحيــي العظام وهي رميم؟! وصفا لإلنســان باإلفراط في الوقاحة والجهل، والتمادي في كفران النعمة» 47. وأما فها الطاهر بن عاشــور بقوله: «الجدل: المنازعة بمعاوضة صفة الجدل فيعرالقول؛ أي هو الكالم الذي يحاول به إبطال ما في كالم المخاطب من رأي أو عزم عليه؛ بالحجة أو باإلقناع أو بالباطل» 48. وهي صفة تم ذكرها في القرآن

ابن فارس؛ أحمد، «معجم مقاييس اللغة»، م.س، مادة (خصم). 44 ـ ابن منظور؛ محمد بن مكرم بن علي، «لسان العرب»، م.س، مادة (خصم). 45 ـ

ابن فارس؛ أحمد، «معجم مقاييس اللغة»، م.س، مادة (جدل). 46 ـ الزمخشري؛ جار اهللا محمود، «الكشاف عن حقائق وغوامض التنزيل» م.س، 593/2. 47 ـ

ابن عاشور؛ الطاهر، «التحرير والتنوير»، م.س، 348/15. 48 ـ

�2ء و9A اإل!��ن p�>) �V�� ��1+��ر ~�1 t�� ��اإل!��ن، � Y إ�� أن Gا��� ذ �ا��@���ا���اد ��1+��ر �JG (ا����� وا��D�ك)، و�JGك (� �5ل: إن «ا���اد F61ا .«p1اإل!��ن ا����6د ا���

Page 14: :نﺎﺴﻧاو نآﺮﻘﻟا ﺔﻴﺒﺴﻜﻟاو ﺔﻴﻨﻳﻮﻜﺘﻟا تﺎﻔﺼﻟا · .12 «ﻞﺻﻷﺍ ﻚﻟﺫ ﻦﻣ ﺓﺭﺪﺤﻨﻤﻟﺍ ﻉﻮﻨﻤﻟﺍﻭ

220

المحور

( ' & % $ # في أكثر من موضع، منها: قوله 8 : ﴿ " ) ( ' & % $ # " ( ﴾ [العنكبوت: 46]، وقولــه: ﴿ ! T A 3 ﴾ [المجادلة: 1]، كذلك: ﴿ @ 2 1 0 /. - , + *J ﴾ [هــود: 74]. وصفــة الجدل هنا I H G F E D Cيراد بها «مطلق الجدل، وبخاصة ما كان منه بباطل؛ أي إن كل إنسان في طبعه الحرص على إقناع المخالف بأحقيــة معتقده أو عمله. وســياق الكالم إرادة

الجدل الباطل» 49.إن صفة (الجدال) و(الخصام) في النصوص الثالثة السابقة ـ رغم أنها جاءت في مواطن متفرقة في القرآن ـ تقصد معنى واحدا، وتشير إلى الجانب

السلبي في اإلنسان، وتؤكد اآليات أنها صفة أكثر حضورا في اإلنسان.

رابعا: الطغيان ﴾ g f e d ﴿ :جاء وصف اإلنسان بالطغيان في ســورة العلق[العلق: 6]. والطغيان مــن «طغى يطغى طغيــا، ويطغو طغيانا: جــاوز القدر وارتفع وغال في الكفر» 50. قــال ابن فارس (طغى) «الطاء والغين والحرف المعتل أصل صحيح منقاس، وهو مجاوزة الحد في العصيان. يقال: هو طاغ. وطغى الســيل، إذا جاء بماء كثير... وطغى البحر: هاجــت أمواجه. وطغى الدم: تبيغ» 51. والطغيان معناه «التعاظم والكبر» 52، وهو عام في اآلية؛ إذ لم يرد ما يخصصه؛ «أي: من طبع اإلنســان أن يطغى إذا أحس من نفسه االســتغناء، والالم مفيدة االســتغراق العرف؛، أي أغلب النــاس في ذلك الزمان إال من عصمه خلقه أو دين... والتقدير: إن اإلنسان ليطغى لرؤيته

نفسه مستغنيا» 53.

ابن عاشور؛ الطاهر، «التحرير والتنوير»، م.س، 349/15 49 ـ ابن منظور؛ محمد بن مكرم بن علي، «لسان العرب»، م.س، مادة (طغى). 50 ـ

ابن فارس؛ أحمد، «معجم مقاييس اللغة»، م.س، مادة (طغى). 51 ـ ابن عاشور؛ الطاهر، «التحرير والتنوير»، م.س، 444/30. 52 ـ ابن عاشور؛ الطاهر، «التحرير والتنوير»، م.س، 444/30. 53 ـ

Page 15: :نﺎﺴﻧاو نآﺮﻘﻟا ﺔﻴﺒﺴﻜﻟاو ﺔﻴﻨﻳﻮﻜﺘﻟا تﺎﻔﺼﻟا · .12 «ﻞﺻﻷﺍ ﻚﻟﺫ ﻦﻣ ﺓﺭﺪﺤﻨﻤﻟﺍ ﻉﻮﻨﻤﻟﺍﻭ

221

والكسبية التكوينية الصفات وا.نسان: القرآن

لقد جعل القرآن «الطغيان» صفة ذم، أمر اإلنسان باجتنابها؛ ألنها تؤدي إلى الهالك والخروج عن االعتدال، وأورد القرآن نموذجا لإلنســان الطاغي

6 5 ❁ 3 2 1 0 / . ❁ , + * ) المتمثل في فرعون: ﴿ ) I H ❁ F E ❁ C B A ❁ ? > ❁ < ; : ❁ 8 7K ﴾ [النازعات: 17 ـ 24]. ويجسد طغيان فرعون نموذجا من الطغيان الذي Jوصفت اآلية به اإلنسان، وهو طغيان سياسي واجتماعي، «وقد تمثل في كثير من الصفات المذمومة أوردها القرآن في قصة فرعون في أكثر من أربعين موضعا. وهذه الصفات وإن كانــت لفرعون فهي قابلــة ألن توجد فــي كل طاغية حمل

مســؤولية جماعة من الناس، حزبا أو دولة، وهي: العناد، العلــو والتكبر فــي األرض، ادعاء امتالك الحقيقة، والتشــهير بالمخالف واحتقاره، وشــراء بالباطل، والجــدال والمناصــب، بالمــال الذمم واحتقار اآلخرين مع أكل حقوقهم، وسلب ممتلكاتهم

وإراداتهم، واسترخاص دمائهم وإذاللهم» 54.

خامسا: الخسرورد وصف اإلنسان بالخسر في سورة العصر

* ) ( ❁ & % $ # ❁ ! ﴿0 ﴾ [1 ـ 3]. / . - , +

والخسران من «الخاء والســين والراء أصل واحد يدل على النقص» 55، والخســر: «مصدر، وهو ضد الربح في التجارة، اســتعير ـ في اآلية ـ لسوء العاقبة لمن يظن لنفسه عاقبة حسنة، وتلك هي العاقبة الدائمة، وهي عاقبة اإلنسان في آخرته من نعيم أو عذاب» 56، والمعنى: أن الناس لفي خسران في

بوعود؛ أحمد، «اإلنسان في القرآن دراسة فلسفية مقارنة»، مرجع سابق، ص 143 ـ 144. 54 ـ ابن فارس؛ أحمد، «معجم مقاييس اللغة»، م.س، مادة (خسر). 55 ـ

ابن عاشور؛ الطاهر، «التحرير والتنوير»، م.س، 531/30. 56 ـ

إن A@* (ا�U�ال) و(ا�V_�م) ـ ر�C أ!�6 *5�@�) �b�2ءت �� (�ا �J�) �_+4 آن ـ�ا�+ �� �!�Uا� �وا�ا، و�D4� إ� � �� اإل!��ن، �ا�� *@A �6!8� اآل>�ت أ و�4ٴ;�را �� اإل!��ن. �S8أ

Page 16: :نﺎﺴﻧاو نآﺮﻘﻟا ﺔﻴﺒﺴﻜﻟاو ﺔﻴﻨﻳﻮﻜﺘﻟا تﺎﻔﺼﻟا · .12 «ﻞﺻﻷﺍ ﻚﻟﺫ ﻦﻣ ﺓﺭﺪﺤﻨﻤﻟﺍ ﻉﻮﻨﻤﻟﺍﻭ

222

المحور

مســاعيهم وصرف أعمارهم في مطالبهم 57، وفي «خســران من تجارتهم إال الصالحين وحدهم؛ ألنهم اشتروا اآلخرة بالدنيا، فربحوا وسعدوا، ومن عداهم تجروا خالف تجارتهم، فوقعوا في الخسارة والشقاوة وتواصوا بالحق باألمر الثابت الذي ال يســوغ إنكاره، وهو الخير كله: من توحيد اهللا وطاعته، واتباع

كتبه ورسله، والزهد في الدنيا، والرغبة في اآلخرة» 58.

��Vا� (� � ���

قدم القرآن اإلنسان بصفات منها ما هو تكويني جبلي، قابل للتغيير، ومنها ما هو كسبي سلوكي (مرتبط بكسب اإلنسان في الحياة)، وهي صفات سلبية، تعوق أداء رسالته التكلفية، غير أن هذه الصفات ترد في القرآن دون تحديد لنوع اإلنســان الذي يخطابه القرآن بهــذه الصفات، فهي عامة في اإلنســان ه نظرة (مسلما، أو كافرا، أو منافقا، مختلف اإلنسان). رغم هذا ال يمكن عدالقرآن لإلنســان أنها رؤية ســلبية، ألن هناك آيات أخرى تؤكد على تشريفه

وتكريمه، ووصف اإلنسان بما فيه من ضعف ونقصان ليس ذما له.والخالصة أنه إذا نظرنا إلى التقسيم السابق (الصفات الجبلية والصفات السلوكية) حيث صنفنا صفة الكفر ضمن الصفات الكسبية، ال الفطرية، يمكن أن تشــكل هذه القراءة مدخــال لتجاوز بعض اإلشــكاالت الدينيــة والقضايا المعاصرة من قبيل (حرية المعتقد)، وبعض اإلشكاالت التي أنتجها علم الكالم؛

(اإلنسان حر أم مختار؟ ومسؤولية اإلنسان عن أفعاله).

البيضاوي؛ ناصر الدين الشيرازي، «التنزيل وأسرار التأويل»، م.س، 336/5. 57 ـ الزمخشري؛ جار اهللا محمود، «الكشاف عن حقائق وغوامض التنزيل»، م.س، 793/4. 58 ـ