− ١ −

− ٢ −

أبيض

− ٣ −

אאא א

املادي غري املبارش التعويض املادي عن الرضر األديب أو«موضوع البحث هوتعريـف املصـطلحات وقد تضمن البحث الناتج عن اجلناية أو الشكو الكيدية

رر ـلضـا«رر ثـم عـرف مفهـوم ـفعرف التعويض وعرف الضـ ,املتعلقة بالبحثـرف مفهـوم اجلنايـة ومفهـوم الشـكو ,وذكرت أنواعه ورشوطه »األديب كام ع .الكيدية

ــ ــن الض ــويض ع ــم التع ــرق البحــث إىل حك ــان اآلراء ـوتط رر األديب ببيكـام ,رر والتعـويض عـن آثـارهـوموقف الفقهاء األقدمني من هذا الضـ,وأدلتها

.باحث أنه الصواب الأر اشتمل البحث عىل مناقشات لألقوال وترجيح ملاى احلـال ـوتضمن البحث وقفات مع بعض اآلراء االجتهاديـة التـي اقتضـ

الوقوف عندهاالناتج عـن وتطرق البحث إىل حكم التعويض عن الرضر املادي غري املبارش

عن املدة التي تعطل فيهـا كسـب جناية أو شكو كيدية,وشمل حكم التعويض ت يف تعطله عن العمـل وفوتـت عليـه فرصـة كانت اجلناية تسبب ني عليه إذاجامل

الكسب املرشوع,وكذا التعويض عن منع منفعة أد منعها إىل اإلرضار باإلنسان .سواء يف جسمه أو ممتلكاته

وعرض يف البحث حكم التعويض عن رضر غري مبارش وقع عىل املمتلكات منفعـة وكذا حكم التعويض عن فوات,فأد إىل نقص قيمة العني بعد إصالحها

.انعقد سبب وجودها كام تطرق البحث إىل حكـم التعـويض عـن األرضار التـي تلحـق اإلنسـان

والتعويض عن نفقـات إجـراءات التقـايض ودفـع ,بسبب املامطلة يف اخلصومات أجور املحاماة إذا ترتبت عىل دعاو يراد هبا اإلرضار باآلخرين

− ٤ −

أبيض

− ٥ −

א العاملني والصالة والسالم عىل نبينا حممد املبعوث رمحة للعاملني احلمد هللا رب

.وعىل آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان واهتد هبدهيم إىل يوم الدينوحتـافظ عـىل كرامتـه ,اءت رشيعة اإلسالم لـتحفظ اإلنسـانفقد ج :وبعد

لـق مكانته باعتباره خملوقا كرمه اهللا وفضـله عـىل كثـري ممـن خ وترفع شأنه وتعيل .تفضيال

ورفعـه وإزالتـه بعـد رر قبـل الوقـوع,ـرع بمنع الضــوجاءت تعليامت الشر أو ـوكام اهتمت تلك التعليامت باملحافظة عىل جسـم اإلنسـان أن يضـ الوقوع,

عليه بأي نوع من أنواع االعتداء فكذلك اهتمت باملحافظـة عـىل اجلانـب يعتدوإذا كـان الربـا االنتقـاص منـه, املعنوي عند اإلنسان فمنعت من اإلرضار به أو

ومـن األمـور يمثل خطورة بالغة فإن أربى الربا استطالة الرجل يف عـرض أخيـهاملادي الذي يمثل االعتـداء :املؤكدة أن الرشيعة اإلسالمية حرمت الرضر بنوعيه

واملعنوي الذي يمثـل االعتـداء عـىل كيانـه ومشـاعره ,عىل جسم اإلنسان وماله .ونفسيته

حرمت الرشيعة أن يؤمل اإلنسان غريه يف جسمه وماله فقد حرمت أيضا وكام .أن يؤمله يف مشاعره وعواطفه وكرامته

وجعلت الرشيعة عقوبات ووضعت تعويضات عىل من اعتـد عـىل غـريه كـام وضـعت عقوبـات عـىل مـن اعتـد عـىل أعـراض النـاس رر مـادي,ـبض

لقـذف وبعضـها تـرك وبعض تلك العقوبات حدود مقدرة كحـد ا ومشاعرهم, .يمنع الرضر تقديره للقضاة املجتهدين ليضعوا من العقوبة ما

البحث حماولة لكشف حكم مهم يتعلق باجلانب املعنوي عند اإلنسان وهذااملادي غري املبارش الناتج عن اجلناية أو التعويض املادي عن الرضر األديب أو(وهو

.)الشكو الكيدية

− ٦ −

كل فصل مبحثان ومطالب وقد جعلته من فصلني وحتترر األديب النـاتج عـن اجلنايـة أو ـالتعويض املادي عـن الضـ:الفصل األول الشكو الكيدية

.لتعريف باملصطلحات وبيان األنواعا :املبحث األول .مفهوم التعويض والرضر: طلب األولامل .هوم الرضر األديب وأنواعه ورشوطهمف: املطلب الثاين .مفهوم اجلناية والشكو الكيدية :املطلب الثالث

.حكم التعويض املادي عن الرضر األديب الواقع عىل النفس: املبحث الثاين .آراء العلامء يف التعويض املادي عن الرضر األديب: املطلب األول .األدلة: املطلب الثاين .املناقشة والرتجيح: املطلب الثالث التعويض عن الرضر املادي غري املبارش الناتج عـن اجلنايـة أو:صل الثاينالف

.الشكو الكيديةدي غري املبـارش الواقـع عـىل املا التعويض املادي عن الرضر: املبحث األول .النفس

وتسـببت ,ترتك أثرا باجلسم التعويض عن اجلناية التي ال :املطلب األول .يف رضر أديب

.لتي يؤدي منعها إىل هالك اإلنسانمنع املنافع ا:لثايناملطلب ا التعويض املادي عن الشكو الكيدية التي ترتب عليهـا : املطلب الثالث .رضر

املادي غري املبـارش الواقـع عـىل ررـالتعويض املادي عن الض: املبحث الثاين .املمتلكات

.نقص قيمة العني بعد إصالحها: ولاملطلب األ

− ٧ −

.التعويض عن فوات املنفعة :املطلب الثاين التعويض عن منع االنتفاع وعن تلف العني بسبب حـبس : املطلب الثالث .املالك .التعويض عن أثر املامطلة يف اخلصومات :املطلب الرابع

وأسأل اهللا التوفيق والسداد إنه نعم املوىل ونعم النصري حممد سنان اجلالل/كتبه د

ول الفقه املشارك بكلية الرشيعة والقانون بجامعة صنعاءأستاذ أص

− ٨ −

أبيض

− ٩ −

الفصل األول التعويض املادي عن الضرر األدبي بسبب اجلناية

أو الشكوى الكيديةאא

אאא مفهوم التعويض والرضر :املطلب األول

مفهوم التعويض: األول الفرع :التعريف اللغوي يطلق التعويض لغة عىل البدل, فالعوض يف اللغة هو البدل واخللف, تقول

: , واعتاض منـه)١(إذا أعطيته بدل ما ذهب منه: عضت فالنا أو أعضته أو عوضته .)٢(أعطاه إياه بدل ما ذهب منه:أخذ العوض وعاضه بكذا عوضا

جاء . )٣(عوضته تعويضا أي أعطاه العوض: مصدر عوض يقال: والتعويض .)٤(أخذ العوض:وتعوض منه واعتاض, واملستقبل التعويض: يف لسان العرب

: التعريف االصطالحيبمعنى »التعويض«مل يشتهر عند فقهاء الرشيعة األقدمني استخدام مصطلح

املراد جرب الرضر الذي حلق بالغري, لكنهم استخدموا لفظا آخر يشمل هذا املعنى :ويطلق الفقهاء هذا اللفظ عىل معنيني »الضامن« وهو »التعويض«من لفظ

وهـو بعيـد عـن ,عىل الكفالة وهذا هو الغالب األعـم يف اسـتعامهلم :األول .املعنى املراد من مفهوم التعويض

عىل معنى قريب من املعنى املراد »الضامن«يطلق الفقهاء أحيانا لفظ :والثاين .من التعويض

.٢/٣٥٠والقاموس املحيط ) عوض(مادة ٧/١٩٢لسان العرب ) ١( .٢/٦٣٧املعجم الوسيط ) ٢( .٢/٤٣٨املصباح املنري ) ٣( .٧/١٩٢لسان العرب ) ٤(

− ١٠ −

:فمن إطالقهم الضامن بمعنى الكفالة وردت التعريفات اآلتية للضامن .)١(ضم ذمة الضامن إىل ذمة املضمون عنه يف التزام احلق −١ .)٢(شغل ذمة أخر باحلق −٢٣− ٣(ضم ذمة إىل أخر( .

فقـد ورد يف »التعـويض«أما اإلطالق اآلخر للضامن وهو القريب من معنى :كتعريفات الفقهاء ومن ذل

. )٤(عبارة عن رد مثل اهلالك أو قيمته: الضامن −١ . )٥(عبارة عن غرامة التالف: الضامن −٢رر بقـدر ـهو إجياب مثل التالف إن أمكـن أو قيمتـه نفيـا للضـ: الضامن −٣ . )٦(اإلمكانمل يشتهر كثريا عنـد الفقهـاء األقـدمني »التعويض«ىل الرغم من أن لفظ ـوع

وممـا ,بمعنى إعطاء البدل »التعويض«تخداماهتم إطالق إال أنه وجد يف بعض اس :ورد من ذلك

ما جاء يف بعض الفتاو أن ما وسـع بـه املسـجد مـن الربـاع ال جيـب أن « وأما ما كان حبسا عـىل غـري , يعوض فيه ثمن إال ما كان ملكا أو حبسا عىل معني

)٧(.»معني فال يلزم تعويضه أي دفع ثمن ما فيه ا يؤدي إىل نفس مدلول التعويضـلفظ −ه اهللا ـرمح − )٨(لقيمدم ابن اـتخـواس

.٥/٧٠املغني البن قدامة ) ١( ٣/٣٢٩حاشية الدسوقي عىل الرشح الكبري للدردير ) ٢( .٣/٤٢٩حتفة احلبيب عىل رشح اخلطيب ) ٣( .٤/٧غمز عيون البصائر ) ٤( ٥/٣٥٧نيل األوطار ) ٥( .٧/١٦٨بدائع الصنائع ) ٦( .٤/٩٢وحاشية الدسوقي عىل الرشح الكبري ٤/١٢٨حاشية الصاوي عىل الرشح الصغري ) ٧(هو شمس الدين أبو عبد اهللا حممد بن أيب بكر بن أيوب احلافظ األصويل الفقيـه, الزم شـيخ اإلسـالم ابـن تيميـة ) ٨(

= . وأخذ عنه العلم

− ١١ −

.)١( »مقابلة املتلف من مال اآلدمي«وقال عنه إنه » التغريم«وهو كام استخدم بعض العبارات التي يمكن اعتبارها حتديدا ملعنى التعويض فقد

. )٢( )تغريم اجلاين نظري ما أتلفه(ذكر مــن عبــارات الفقهــاء أن التعــويض يفهــم«: وجــاء يف املوســوعة الفقهيــة

. )٣( »اصطالحا هو دفع ما وجب من بدل مايل بسبب إحلاق رضر بالغريللداللة عـىل » الضامن«ومما سبق يتضح أن الفقهاء األقدمني يستعملون لفظ

.مصطلح التعويضوقد ذكر الشيخ عىل اخلفيف أن الضامن بمعناه األعم يف لسـان الفقهـاء هـو

واملراد ثبوته فيها مطلوبا أداؤه, وفاء به من مال أو عملـبام جيب الة ـذمـل الغـش .)٤(رشعا عند حتقق رشط أدائه

وذكر يف موضع آخر أن الفقهاء يطلقون اسم الضامن كثريا عىل ما جيـب مـن .)٥(مال عوضا عام تلف من مال

وإذا كانت هذه هي وجهة الفقهاء األقدمني يف استعامل مصطلح الضامن فإن للداللـة عـىل » الضـامن«لباحثني املعارصين قد درجوا عىل اسـتخدام مصـطلح ا

.معنى التعويض :فقد عرف الدكتور حممد فوزي فيض اهللا الضامن بأنه

. )٦(شغل الذمة بحق أو بتعويض عن رضر

هــ ٦٩١زاد املعاد وإعالم املوقعني وغريها تويف سنة: وبرع يف العلوم واملعارف وصنف العديد من املصنفات منها = .ترمجته

وشـذرات الـذهب ٤/٢١والـدرر الكامنـة مطبعـة املـدين نرشـ دار الكتـب احلديثـة ١٤/٢٣٤يف البداية والنهاية ٦/١٦٨.

.٢/١١٧إعالم املوقعني ) ١( .٢/١٢٣املرجع السابق ) ٢( .١٣/٣٥املوسوعة الفقهية الكويتية ) ٣( .٨/الضامن يف الفقه اإلسالمي ص) ٤( .٩٢/املرجع السابق ص) ٥( .١٤/نظرية الضامن يف الفقه اإلسالمي ص) ٦(

− ١٢ −

شـغل الذمـة بحـق مـا يل أوجـب «كام عرفه الدكتور حممد أمحد رساج بأنـه الغري يف ماله أو بدنـه أو شـعوره سـواء نشـأ هـذا الشارع أداءه جربا لرضر حلق ب

الرضر بمخالفة العقد أو رشط من رشوطه بارتكاب فعل أو ترك حرمـه الشـارع )١(»ذاتا أو مآال

:أما الدكتور وهبة الزحييل فقد عرفه بأنهااللتزام بتعويض الغري عام حلقه مـن تلـف املـال أو ضـياع املنـافع أو عـن «

)٢(»يل احلادث بالنفس اإلنسانيةالرضر اجلزئي أو الكوإذا كان الفقهاء األقدمون مل يسـتخدموا مصـطلح التعـويض فـإن الفقهـاء

:يتناسب مع جرب الرضر املعارصين قد شاع عندهم هذا املصطلح وعرفوه بامتغطيـة الضــرر الواقـع بالتعـدي أو «فقد عرفه الدكتور وهبة الزحييل بأنـه )٣(»اخلطأ

:مد بوساق بقولهوعرفه الدكتور حمهو املال الذي حيكم به عىل من أوقع رضرا عىل غريه يف نفس أو : التعويض« )٤(»مال

بسـبب إحلـاق رضر هو دفع ما وجب من بـدل مـايل«ويف املوسوعة الفقهية )٥(»بالغري

أما الشيخ حممود شلتوت فقد توسع يف تفسري التعويض بحيث جعله شامال التعويض هو املال الذي حيكـم بـه عـىل مـن «ه بقوله للامل ولغري املال حيث عرف

)٦(»أوقع رضرا عىل غريه يف نفس أو مال أو رشف

.٤٧/ضامن العدوان يف الفقه اإلسالمي ص) ١( .١٥/نظرية الضامن للزحييل ص) ٢( .٨٧/ املرجع السابق ص) ٣( .١٥٥/التعويض عن الرضرص) ٤( .١٢/٣٥املوسوعة الفقهية) ٥( .٤١٥م ص ٢٠٠١اإلسالم عقيدة ورشيعة دار الرشوق الطبعة الثامنة عرشة ) ٦(

− ١٣ −

:مفهوم الرضر: الفرع الثاين : التعريف اللغوي

)١(اهلزال وسوء احلال: الرض بالفتح والضم ضد النفع, والرض بالضم .واملرضة خالف املنفعة , والرضر النقصان يدخل يف الشيئ

اهلـزال وسـوء : بالفتح ضد النفع والرض بالضم ر فقهاء اللغة أن الرض ويذك )٢(احلالوبالنظر يف املعاين اللغوية نجد أن الرضر يف اللغة يأيت لعدة معان أشهرها ما

كان ضد النفع ويأيت بمعنى سوء احلـال وشـدته واألذيـة والضـيق والـنقص يف )٣(األموال واألنفس

: التعريف االصطالحيتعـددت عبارات الفقهاء املتقدمني يف تعريف الرضر ومن تلك التعريفـات :ما ييل .)٤(إحلاق مفسدة بالغري مطلقا: الرضر −١وهذا عند التفريق بني )٥(أن يدخل عىل غريه رضرا بام ينتفع هو به:الرضر −٢

.الرضر والرضاربعضـهم أورد صاحب معني احلكام تفريقا بني الرضر والرضار فذكر أن −٣

ك ـاحبــر صـا يضــم: رارـك, والضـاحبـر صـينفعك ويض ما: ررـالض«: الـقوال ينفعك, فيكون الرضر ما قصد به اإلنسان منفعة وكان فيـه رضر عـىل غـريه,

.)٦(»والضـرار ما قصد به اإلرضار بغريه

.٤/٤٨٢لسان العرب ) ١( .املرجع السابق) ٢( .٢/٣٦٠واملصباح املنري ٢/٧٧ط والقاموس املحي ٤/٤٨٢ينظر املعاين اللغوية للرضر يف لسان العرب) ٣( .٦/٤٣١وفيض القدير رشح اجلامع الصغري١٦٩/رشح سنن ابن ماجة للسيوطي ص) ٤( .٢٦٧/جامع العلوم واحلكم ص) ٥( .٢١٢معني احلكام فيام يرتدد بني اخلصمني من األحكام ص ) ٦(

− ١٤ −

)١(هو الذي ال نفع فيه يوازيه أو يريب عليه وهو نقيض النفع: الرضر −٤ره مـن غـري أن تنتفـع, ـأن تضـ:رارـوقيـل الضـ«يف نيل األوطـاروجاء −٥ )٢(»أن ترضه وتنتفع أنت به: رـوالض )٣(وير بعض األصوليني أن الرضر أمل القلب −٦

, أن الضــرر أمل يف القلـب ألن الضــرب يسـمى رضرا )٤(وقد ذكـر الـرازيالبـد وتفويت منفعة اإلنسان يسمى رضرا والشتم واالستخفاف يسـمى رضرا و

وأمل القلـب , من جعل اللفظ اسام ملعنى مشرتك بني هذه الصور دفعـا لالشـرتاك .)٥(فوجب أن حيمل اللفظ عليه, معنى مشرتك

ونلحظ من خالل تعريفات الفقهاء للرضر أنه يطلق عىل كـل مـا يـؤدي إىل فكـل مـنهام يـؤدي إىل إحلـاق , إيذاء اإلنسان سواء كان أذ جسميا أو شـعوريا

.اإلنسانمفسدة ب :أما الفقهاء املعارصون فقد تناولوا تعريف الرضر بحسب وجهاهتم

كل أذ يصيب اإلنسان فيسبب لـه «فالشيخ عىل اخلفيف عرف الرضر بأنه خسارة مالية يف أمواله سواء كانت ناجتة عن نقصها أو نقص منافعها أو عن زوال

رر املـادي ـمـا الضـبعض أوصافها ونحو ذلك وهو أحد نوعي الضـرر املادي, أاآلخر فهو ما يصيب اإلنسان يف جسم من جراح يرتتب عليها تشويه فيه أو عجز

)٦(»عن العمل أو ضعف يف كسبهوقد انتقد تعريف الشيخ اخلفيف بأنه اقترص عىل الرضر املادي احليس واملايل

.فقط وأمهل الرضر الذي يصيب اإلنسان يف شعوره

.١/٨١أحكام القرآن البن العريب) ١( .٥/٣١٢نيل األوطار ) ٢( .٣/١٤٣ق٢املحصول ) ٣(هــ وصـنف العديـد مـن املصـنفات منهـا ٥٤٤ولد سنة » فخر الدين«حممد بن عمر بن احلسني الرازي امللقب بـ ) ٤(

وطبقات الشافعية البن ٤/٢٤٨هـ ترمجته يف وفيات األعيان ٦٠٦تويف سنة , املحصول يف األصول ورشح الوجيز .١٣/٥٥نهاية والبداية وال ٨/٨١م ١٩٦٤ط األوىل ,السبكي مطبعة احللبي

.٢/١٤٣ق١املحصول ) ٥( .٣٨/اخلفيف ص الضامن يف الفقه اإلسالمي لعيل) ٦(

− ١٥ −

أو هو كـل إيـذاء , إحلاق مفسدة بالغري«أنه وعرف بعض املعارصين الرضر ب .)١(»يلحق الشخص سواء أكان يف ماله أو جسمه أو عرضه أو عاطفته

رر األديب ـوهذا التعريف يشمل الرضر املـادي كتلـف املـال, ويشـمل الضـ .)٢(كاإلهانة التي متس كرامة اإلنسان أو تلحق به سمعة سيئة

:مد بو ساق بقولهوقريب من هذا التعريف عرفه الدكتور حمكل أذ يلحق الشخص سـواء أكـان يف مـال متقـوم حمـرتم أو : الرضر هو«

)٣(»جسم معصوم أو عرض مصون

:أما الدكتور أمحد موايف فقد اختار تعريفا للرضر وصفه بأنه جامع مانع فقال )٤(»هو اإلخالل بمصلحة مرشوعة للنفس أو الغري تعديا أو تعسفا أو إمهاال«

:أنواع الرضر: الثالفرع الثوالـذي هيمنـا هـو تقسـيمه باعتبـار , للرضر أنواع عديدة باعتبارات خمتلفـة

:طريقة حدوثه وتقسيمه باعتبار حملهفأما تقسيمه باعتبار طريقة حدوثه فهو ينقسـم إىل رضر مبـارش ورضر غـري

:مبارشوقـد تنـاول الفقهـاء حـدوث , أما النوع األول فهو الرضر بطريقة املبـارشة

:الرضر هبذه الطريقة فعرفوا املبارشة بعدة تعريفات سأتناول أمهها .)٥(إيصال اآللة بمحل التلف: املبارشة −١بمعنى أن ينسب إليه التلف يف العرف والعادة )٦(املبارشة إجياد علة التلف −٢

.مثل القتل واإلحراق

م ١٩٩٨دار القلـم دمشـق ط ,اواملـدخل الفقهـي العـام للزرقـ ٢٣نظرية الضـامن للـدكتور وهبـة الـزحييل ص ) ١(٢/٩٩٠.

.٢٣نظرية الضامن للزحييل ص ) ٢( .٢٨التعويض عن الرضر يف الفقه اإلسالمي ص ) ٣( .٩٧الرضر يف الفقه اإلسالمي للدكتور أمحد موايف ص ) ٤( .٧/١٦٥بدائع الصنائع ) ٥( .١/٣٧٩الوجيز للغزايل ) ٦(

− ١٦ −

والتلـف أن حيصل التلف بفعله من غري أن يتخلل بني فعله: حد املبارش −٣ .)١(فعل خمتار

فهذه التعريفات تفيد أن الرضر املبارش ما حيدث من فاعـل دون أن يتوسـط .بينه وبني حدوث الرضر فعل آخر غري األول

:أما النوع الثاين وهو الرضر غري املبارش فقد عرف بام ييلما حيصل اهلالك عنده بعلة أخر إذا كان السبب هو املقتضـي : التسبب −١فالتلف )٢(ع بتلك العلة كحفر البئر يف حمل عدوانا فترتد فيها هبيمة أو غريهالوقو

.)٣(مل حيدث بحقيقة الفعل وهو احلفر ألن احلفر متصل باملكان ال بالواقع يف البئرإجياد ما حيصل اهلالك عنده لكن بعلة أخر إذا كان السـبب ممـا يقصـد −٢

.)٤(لتوقع تلك العلةالذي حصل التلف بفعله وختلل بني فعله والتلف فعل هو: حد املتسبب −٣ .)٥(خمتار

أن الرضر غري املبارش هو ما كان ناجتا ليس عن السبب : وخالصة التعريفات .)٦(األصيل مبارشة بل عن علة أخرة متوقع حدوثها غالبا

: وأما تقسيم الرضر باعتبار حمله فهو منقسم إىل نوعني :الرضر املادي: النوع األول

.وهو الرضر الذي يصيب اإلنسان يف جسمه أو مالهفالرضر اجلسمي هو ما يصيب اإلنسان يف جسمه من جـراح يرتتـب عليهـا

بدن: وحمل هذا الضـرر )٧(بهـل أو ضعف يف كسـن العمـز عـه أو عجـه فيـويـتش

.١/٤٦٦وغمز عيون البصائر ٤/٢٧الفروق للقرايف ) ١( .٤/٢٧الفروق للقرايف ) ٢( .٤/٢١١م ١٩٧٤وت لبنان دار الكتاب العريب بري,كشف األرسار رشح أصول البزدوي لعالء الدين البخاري) ٣( .١/٣٧٩الوجيز للغزايل ) ٤( .١٤٦٦غمز عيون البصائر ص ) ٥(والضـامن يف الفقـه ٢٧−٢٦ونظريـة الضـامن للـزحييل ص ٦٤رر ملحمـد بوسـاق صـينظر التعويض عن الضـ) ٦(

.٥٨اإلسالمي للخفيف ص .٣٨/الضامن يف الفقه اإلسالمي للخفيف ص) ٧(

− ١٧ −

سواء كان بإتالف النفس أو بقطع عضو من األعضاء أو بتعطيل معنـى , اإلنسان .)١(عاين كإذهاب منفعة السمع أو البرص أو بعاهة تقعد اإلنسان عن العملمن امل

وهـو كـل أذ يصـيب اإلنسـان , وأما الرضر املادي الثاين فهو الرضر املايلفيسبب له خسارة مالية يف أمواله سواء كانت ناجتة عن نقصها أو نقص منافعها أو

ه نقص يف قيمتهـا عـام عن زوال بعض أوصافها ونحو ذلك من كل ما يرتتب علي .)٢(كانت عليه قبل حدوث ذلك الرضر

, وهذا النوع يشمل كل ما كان حمله املال سواء كان حيوانا أم منقوال أم عقاراوسواء كان الرضر الذي حلق به إتالفا تاما للذات أم تعطيال لـبعض الصـفات أم

صـاحبه حدوث نقص فيها أو تعييب أو باسـتيالء عليـه والتعـدي عـىل حيـازة .)٣(بحيث خيرج املال عن االنتفاع به املنفعة املطلوبة

الضــرر األديب أو املعنـوي وهـو موضـوع بحثنـا وسـأفرده يف : النوع الثاين مطلب مستقل :مفهوم الرضر األديب وأنواعه ورشوطه: املطلب الثاين : مفهوم الرضر األديب: الفرع األول

ــويرر األديب أو املعـالضــ«مل يكــن مصــطلح ــا »ن ــد فقهائن مســتعمال لاألقدمني, وإن كانوا قـد تكلمـوا يف مضـمونه أثنـاء تنـاوهلم للـديات واألروش وأنواع الضامن, فقد حتدث الفقهاء عن جريرة القذف وهي جريمة متس العـرض

لكـنهم مل ,يصـل إىل القـذف والرشف, كام حتدثوا عن عقوبة السب والشتم مما ال .»لرضر األديب أو املعنويا«يفردوا مسمى خاصا باسم

رر األديب أو املعنـوي مـن حيـث تأصـيله ـوالفقهاء املعارصون تناولوا الضـ رـثم تناولوه من حيث العقوبة عليـه, وهـل تقتصـ وربطه بقواعد الترشيع أوال,

.١١٨وضامن العدوان للدكتور حممد رساج ص ٣٨بوساق ص التعويض عن الرضر ملحمد) ١( .٣٨الضامن يف الفقه اإلسالمي للخفيف ص ) ٢( .١١٨وضامن العدوان ص ٤٠التعويض عن الرضر للدكتور حممد بوساق ص ) ٣(

− ١٨ −

رور بعوض ـعىل عقوبة تعزيرية غري مالية? أم أنه يمكن التعويض عام أصاب املض مايل?

عن الرضر األديب وعن التعويض عنه بمقابل مايل إال أن وحتدث القانونيونحديثهم يغلب فيه جتسيد اجلانب املادي وربطه بحياة اإلنسان وجعل كل شيئ يف

.ترصفاته مرتبطا باملادةوفقهاء الرشيعة األقدمون واملعارصون وإن حتدثوا عن التعويض والعقوبـة

األسمى وهو الكيان املحرتم يف اإلنسان, املالية إال أهنم يف احلقيقة يغلبون اجلانبريعة ـويأيت احلديث عن اجلانب املادي تبعا, ومل يدر يف خلد أحد مـن فقهـاء الشـ

,املعتربين قديام وحديثا أن العوض املايل ثمن لكرامـة اإلنسـان وعرضـه ورشفـهوحــني يقــول بعضــهم بفــرض تعــويض مــايل ,ختضــع للــثمن فهــذه األمــور ال

وقد يكـون التغـريم باملـال أوقـع ,ر إىل عقوبة عىل اجلاين أوال رور فهو نظـللمضرور فيتطلـب األمـر ـعليه, وثانيا هناك أرضار هلا أثر حمسوس ربـام تصـيب املضـ

.سنلحظه عند احلديث عن الرضر األديب تعويضا له عام أصابه, وهذا مامـابني التعويض عنـه لقد تناول الباحثون املعارصون الرضر األديب وتناولوا

فمنهم من توسـع يف مفهومـه حتـى إنـه ,كام أهنم اختلفوا يف مفهومه ,جميز ومانعأدخل بعض األمور املحسوسة وجعلها جزءا من الرضر األديب كام سـنر ذلـك

رر ـروا الضـوآخرون اقترصوا عىل اجلانب املعنوي ففس ,أثناء احلديث عن أنواعه .وأثره بام يصيب ذلك اجلانب

رر األديب باختصار ـم التعريفات التي سطرها املعارصون للضوسأتناول أه .يتناسب مع موضوع البحث

رر األديب أو املعنـوي هـو ـعـىل أن الضـ وهذه التعريفات يف جمملهـا تـدور األذ الذي يصيب الشخص يف عاطفته وشعوره ورشفه ويدخل إىل قلبه الغـم «

مابني متوسـع ومضـيق ومـن ثم تنوعت عباراهتم بعد ذلك يف التعريف »واحلزن :تلك التعريفات ما يأيت

− ١٩ −

كل أذ يصـيب اإلنسـان يف عرضـه أو عاطفتـه أو : الرضر املعنوي هو −١ . )١(شعوره, وسمي رضرا أدبيا أو معنويا ألنه غري مادي

هو الذي قد يصيب اجلسم فيحدث فيه تشوهيا :الرضر األديب أو املعنوي −٢يب الشـخص يف رشفـه أو يف اعتبـاره أو يف أو قد يصـ, فيه فيتأمل الشخص لذلك

.)٢(وباجلملة فهو عبارة عن األمل واحلزن الذي يصيب اإلنسان, عرضه أو عاطفتهالرضر األديب يتمثل فيام يصيب اإلنسان يف رشفه وعرضـه مـن فعـل أو −٣

وفيام يصيبه من أمل يف جسمه أو يف عاطفته ,قول يعد مهانة له كام يف القذف والسب .)٣(ال حيدث فيه أثرا أو من حتقري يف خماطبته أو امتهان يف معاملته من رضب

ال يف أمواهلم وإنام , الرضر املعنوي هو إحلاق مفسدة يف شخص اآلخرين −٤فيام يمس كرامتهم أو يؤذي شعورهم أو خيدش من رشفهم أو يـتهمهم يف ديـنهم

هـا اليـوم اسـم أو يسيئ إىل سمعتهم أو نحو ذلك مـن األرضار التـي يطلـق علي )٤(»األرضار األدبية«

الرضر املعنوي أو األديب هو أذ يصيب الشخص يف نفسيته أو رشفه أو −٥اعتباره أو مشاعره ومعتقداتـه النـاجم عـن أي اعتـداء أو إتـالف أو عمـل غـري

.)٥(مرشوع وقع عليهأما القانونيون فقد اتفق رأهيم أن الرضر األديب هو الذي يمس مصـلحة −٦

يصـيب الضــرر الـذي ال«نسان غري مالية,وقـد عرفـوا الضــرر األديب بأنـه لإل )٦(»الشخص يف ماله

.٢٩التعويض عن الرضر يف الفقه اإلسالمي ملحمد بو ساق ص ) ١( .٥٣نظرية الضامن للزحييل ص ) ٢( .٤٤ن يف الفقه اإلسالمي لعيل اخلفيف ص الضام) ٣( .٩٢نظرية الضامن يف الفقه اإلسالمي العام للدكتور حممد فوزي فيض اهللا ص ) ٤(رعية املنعقـدة يف ـالقره داغي يف بحثه املقـدم إىل نـدوة رئاسـة املحـاكم الشـ هذا هو التعريف املختار للدكتور عيل) ٥(

.م١٩٩٩أكتوبر .١/٨٦٤هوري ينظر الوسيط للسن) ٦(

− ٢٠ −

يفرقـون بـني ومن خالل التعريفات السـابقة نـدرك أن أغلـب البـاحثني ال فيجعلوهنام بمدلول واحد باستثناء الشيخ عـيل«والرضر املعنوي » الرضر األديب«

ما يصيب الشخص «يطلق عىل : ر األديباخلفيف الذي فرق بينهام واعترب أن الرضر ال حيـدث مـن رض ,وفيام يصيبه من أمل يف جسمه أو يف عاطفته,يف رشفه وعرضه

.»وامتهان فيه أثرا أو من حتقري, املتمثل يف تفويت مصلحة غري مالية ملتزم هبا«أما الرضر املعنوي عنده فهو

كالوديع يمتنع عن تسـليم الوديعـة ,كام يف التزام امتنع فيه امللتزم عن تنفيذ التزامهإىل مالكها واملستعري يمتنع عن تسـليم العاريـة إىل املعـري واملسـتأجر يمتنـع عـن تسليم العني املستأجرة إىل مؤجرها ونحو ذلك من كل ما ليس فيـه تفويـت مـال

)١(»عىل صاحب العنياملعنوي رر ـاخلفيف التفريق بني الضـرر األديب والض وإذا سلمنا للشيخ عيل

باعتبار أن ال مشاحة يف االصطالح لكنا ال نسلم له عدم اعتبار بعض هذه األمور ملسو هيلع هللا ىلص ولعل أوضح دليل عىل ذلك حادثة املخزوميـة التـي أمـر رسـول اهللا , أمواال

.د املتاعحفقد ثبت أهنا كانت جت )٢(بقطع يدهاعـل كام نلحظ أمرا آخر من خالل التعريفات وهو أن كثريا مـن البـاحثني ج

رر األديب أن األول يمـس مصـلحة ماليـة ـأساس التفرقة بني الرضر املادي والضلكـن بعـض البـاحثني مل يسـلم هبـذا )٣(للمرضور والثاين يمس مصلحة غري مالية

.)٤(اإلطالق

.٤٤الضامن يف الفقه اإلسالمي لعىل اخلفيف ص ) ١(ملسو هيلع هللا ىلص كانت امرأة خمزومية تسـتعري املتـاع وجتحـده فـأمر النبـي : رو مسلم من حديث عائشة ريض اهللا عنها قالت) ٢(

رقـم ٣/١٣٢٦ينظـر صـحيح مسـلم . وكذا رواه أبو داود والنسائي عـن ابـن عمـر ريض اهللا عـنهام , بقطع يدها ).٤٨٩٤(رقم ٨/٧٢وسنن النسائي ) ٤٣٩٥(رقم ٤/٥٥٥وسنن أيب داود ) ١٦٨٨(

.١/٨٦٤وممن ير ذلك السنهوري يف الوسيط ) ٣(رب ـذكر الدكتور حممد بو ساق أن املتأخرين أضافوا إىل فروع الرضر األديب ما يصيب اجلسم مـن أمل نتيجـة الضـ) ٤(

ا النوع اعتـربه املحـدثون رضرا معنويـا العتقـادهم بـأن األمل وهذ: قال, رح الذي يرتك أثرا وال يفوت منفعةـواجلرر يف الفقـه ـينظـر التعـويض عـن الضـ. ويف اعتبار هـذا النـوع رضرا أدبيـا نظـر : الـثم ق, وسـيئ غري حمسـش

.٣٣اإلسالمي ص

− ٢١ −

: أنواع الرضر األديب: الفرع الثاين رر وعـنـحتدث الباحثون يف الرضر األديب أو املعنوي عن أنواع هذا الضـ

:وتناولوا هذا اجلانب باعتبارات متعددة, الصور التي يتحقق فيها الرضر األديبفمنهم من حتدث عن صور األرضار األدبيـة باعتبـار العالقـة بـني اجلانـب

:املادي واألديب فجعلها عىل القسمني اآلتيني :أرضار أدبية متصلة بأرضار مادية −١

خص يف جسمه وما ينتج عنهـا ويمثلون لذلك باإلصابات التي تقع عىل الشفمن األمور املسلمة أن إصابة املجني عليه يف جسمه تسبب له أرضارا من أرضار,

مادية تشمل تكاليف العالج والعجز عن الكسب وفوات الفرصة املالية التي كان يمكن أن حيققها أثناء إصابته التي أعجزته, كام تسبب لـه أرضارا أدبيـة تتمثـل يف

ية والنفسية التي عاناها من وقت اإلصـابة, فهـو يعـاين نفسـيا مـن اآلالم اجلسم »املعـاق«تشويه جسده أو شعوره بالنقص بسبب اإلعاقة وما يتبعها من وصفه بـ

ونظرات العطف التي تالحقه يف كل مكان, وكذا ما يرتتب عىل حادثة من إصابة ر إلحـد روـالعمـل كفقـد املضـ اجلسم بتشويه مصحوب بنقص يف القدرة عىل

.عينيهكـام ,االعتداء عىل حق امللكيـة وحـق التـأليف :ومن أمثلتهم عىل هذا النوع

رور لعملـه ـيمثلون له باالعتداء عىل الرشف وما يرتتب عىل ذلك من فقـد املضـ .نتيجة لتلويث سمعته انتهـاك العـرض الـذي يـؤدي إىل :»االعتداء عىل الرشف«ولعل املقصود بـ تلويث سمعة اإلنسان

:أرضار أدبية جمردة −٢ويمثلون لذلك باآلالم النفسية التي يكابدها الوالـدان يف عـاطفتهام بسـبب

اإلهانـة التـي متـس كرامـة اإلنسـان : وجيعل بعضهم من هذا القبيل, فقد طفلهام

− ٢٢ −

سواء كـان ذلـك بالسـب أو بالقـذف وكـذا الوشـاية بـه ,وتلحق به سمعة سيئة .)١(للنيل من أمانته بدعو كيدية أو أن يتعرض تاجر

يسلم, فمـن ويالحظ أن دخول بعض األمثلة يف األرضار األدبية املجردة الأحلقت به سمعة سيئة تتعلق بأمانته الشك أن ذلك يؤدي إىل انرصاف الناس عنه فتكسد جتارته إن كان تاجرا وربام فقد وظيفتـه إن كـان موظفـا يف مرفـق عـام أو

.د تؤدي إىل خسارة مال بام سبق خاص, وكذا الشكو الكيدية قأما أكثرية الباحثني املعارصين فقد تبعوا الدكتور عبد الـرزاق السـنهوري يف

يث قسمها باعتبار األحوال التي يتحقق فيها حيم األرضار األدبية أو املعنوية تقس :الرضر األديب إىل أحوال فقال

:ويمكن إرجاع الرضر األديب إىل أحوال معينةفاجلروح والتلف الذي يصـيب اجلسـم واألمل ,أديب يصيب اجلسمرضر −١

قد يعقب من تشويه يف الوجه أو يف األعضاء أو يف اجلسـم الذي ينتج عن ذلك ما بوجه عام, كل هذا يكون رضرا ماديا وأدبيا إذا نتج عنه إنفاق املال يف العـالج أو

ب إذا مل ينـتج عنـه نقص يف القدرة عىل الكسب املادي, ويكون رضرا أدبيا فحسـ .ذلك

رضر أديب يصيب الرشف واالعتبار والعرض, فالقذف والسب وهتـك −٢كل هذه ,العرض وإيذاء السمعة بالتقوالت والتخرصات واالعتداء عىل الكرامة

هي ترض بسمعة املصاب وتؤذي رشفـه واعتبـاره بـني أعامل حتدث رضرا أدبيا إذ .الناسفانتزاع الطفل مـن حضـن ,شعور واحلنانرضر أديب يصيب العاطفة وال −٣

كل هـذه أعـامل تصـيب ,أمه وخطفه واالعتداء عىل األوالد أو الزوج أو الزوجةويلحق هبـذه , املرضور يف عاطفته وشعوره وتدخل إىل قلبه الغم واألسى واحلزن

.كل عمل يصيب الشخص يف معتقداته الدينية وشعوره األديب:األعامل

.٢٤−٢٣ونظرية الضامن للزحييل ص ٢٢−٢١ينظر التعويض عن الرضر األديب لباسل حممد يوسف قبها ص ) ١(

− ٢٣ −

فـإذا , ص من جمرد االعتداء عىل حـق ثابـت لـهرضر أديب يصيب الشخ −٤دخل شخص أرضا مملوكة آلخر بالرغم من معارضة املالك جاز هلذا أن يطالـب بتعويض عام أصابه من الرضر األديب من جراء االعتداء عـىل حقـه حتـى ولـو مل

.)١(يصبه رضر مادي من هذا االعتداء :رشوط الرضر األديب: الفرع الثالث

ئلون بالرضر األديب رشوطـا البـد منهـا حتـى يتحقـق الضــرر اشرتط القا : األديب وأمهها

أن يكون الضـرر حمققـا, أي أن يكـون واقعـا فعـال وموجـودا وثابتـا : أوالوتشهد عليه األدلة والقرائن والظروف املحيطة بحيث ال تـدع جمـاال للشـك بـل

.تمالوهذا يعني أن ال يكون الرضر حم,تصل إىل مرحلة الظن الغالبويعترب الرضر املستقبيل من األرضار املحققـة إذا تـوافرت األدلـة والقـرائن

.املؤكدة عىل وجوده حتى وإن تراخى وقوعه إىل زمن الحق هـو الـذي وقـع سـببه يف احلـال :والباحثون يعتربون الرضر املحقق الوقوع

الضــرر :هو وترتبت عليه آثاره بعده مبارشة, والرضر املحقق الوقوع يف املستقبلمبارشة بل تراخت إىل الـزمن هالذي وقع سببه يف احلال ومل ترتتب عليه آثاره بعد

.)٢(املستقبلويتمثل الرضر املتحقق فيمن قذف إنسانا أو شوه سمعته أو وجدت آالم من جــراء التعــدي عــىل جســم املجنــي عليه,والشــك أن هــذه األرضار موجــودة

.)٣(ع فيهاومشاهدة ويمكن تقدير الرضر الواق, أن يكون مبارشا فاملبارشة توجب التعويض ولو مل حيصل تعد: الرشط الثاين

أما إذا كان متسببا بحدوث الضـرر فال يلزمـه التعـويض إال إذا كـان متعـديا ومل .)٤(يتخلل بني السبب واملسبب فعل شخص آخر

.٨٦٥−١/٨٦٤الوسيط يف رشح القانون املدين للدكتور عبد الرزاق السنهوري ) ١( .٣٦قاعدة الرضر يزال وشموهلا للتعويض عن الرضر األديب للدكتور خالد عبد اهللا الشعيب ص : ينظر) ٢(رر ـيض عـن الضـوالتعو) منزل يف موقع الدكتور بدون صفحات(داغي القره التعويض عن الرضر املعنوي لعيل) ٣(

.٣١األديب لباسل حممد يوسف ص .٢٨−٢٧نظرية الضامن للزحييل ص ) ٤(

− ٢٤ −

أن يشتمل الضــرر عـىل إخـالل بمصـلحة أو حـق ثابـت : الشـرط الثالثور, ويعني ذلك أنه حيدث أثرا فعليا يرتتب عليه ضـياع حـق مـن حقـوق للمرض

اجه العلمي وحقـه احلرية الشخصية والكرامة اإلنسانية أومن حقوق ابتكاره وإنت .)١(مرشوع ءيف االنتفاع بيش

أن يكون الرضر املعنوي فاحشا : الرشط الرابعمـا تكـون فيـه :شوهذا الرشط اشرتطه الفقهاء قديام, وعنوا بالضـرر الفاح

.املشقة قوية بأن حيدث أثرا كبريا يف نفس املرضورولقد نص الفقهاء األقدمون عىل أن الرضر املنفي هو الذي ال يصرب عليه ممـا

.)٢(فعدم الصرب يدل عىل أن املشقة فيه قوية,وليس عىل إطالقه, ال يعتادكـان حمـتمال ويعني هذا الرشط أن ال تعويض عن الرضر املعنوي اليسري إذا

رر احلاصل مـن نحـو مواظبـة طـبخ ـعادة, وقد رصح الفقهاء بأنه ال اعتبار للض .)٣(ينترش بسببه دخان يترضر به جريان ال يطبخون لفقرهم وحاجتهم

يامحـار أو «ومما ذكره بعض األحناف للتمثيل بالرضر اليسري أنه ال تعزيـر بــام الناس, ويعزر إن كان املشتوم إن كان املشتوم من عو »ياكلب أو ياتيس أو ياثور

.)٤(من أرشاف الناس كالفقهاء ألنه يلحقهم الوحشة بذلكومع تعليل األحناف لعدم التعزير بأنه يعلم أن املشتوم ليس كذلك فهو ليس

لكنا ال نسلم لألحناف هـذا التفريـق إذا كـان , ثورا وال تيسا وال شيئا مما شتم بهفالسب املقذع يتساو فيه الناس مجيعا يف التأثر منـه مؤداه التعزير وعدم التعزير,

واملرضة بسببه وال ينبغي التفريق بني فئة وأخر, لكن ربام ينـال ذوو الوجهـات فينبغي أن يكون التعزير ملن , كالعلامء نصيبا أكرب من األمل نظرا ملنزلتهم ومكانتهم

.سبهم أكثر ممن سب غريهم ممن يقل تأثرهم

.القره داغي والتعويض عن الرضر املعنوي للدكتور عيل ٣٣التعويض عن الرضر األديب للدكتور باسل حممد ص ) ١( .٤/٣٩٢وهناية املحتاج مع حاشية الشربامليس ٥/١٩٨حتفة املحتاج مع حاشية العبادي ) ٢( .٢/٥٥٦والبهجة رشح التحفة ٧/٣٢٦فتح القدير البن اهلامم ) ٣( .٤/٧١الدر املختار مع حاشية ابن عابدين ) ٤(

− ٢٥ −

:مفهوم اجلناية والشكو الكيدية :املطلب الثالث : مفهوم اجلناية: الفرع األول

هي الذنب واجلرم وما يفعله اإلنسان مما يوجب عليـه العقـاب : اجلناية لغة وجتنـى , جره إليه: ويقال جنى الذنب عليه جناية, أو القصاص يف الدنيا واآلخرة

.)١(ادعى ذنبا مل يفعله:عليهسواء وقع الفعل عىل , اسم لفعل حمرم رشعا: قهيواجلناية يف االصطالح الف

لكن الفقهاء عرفوها بعدة تعريفـات نظـرا الخـتالف )٢(نفس أو مال أو غري ذلكفبعضـهم خيصـها بالفعـل املوجـب , وجهاهتم يف توسيع معنى اجلناية أو تضييقه

بينام ير آخرون بأهنا تطلـق , للقصاص وآخرون يرون أهنا االعتداء عىل األبدان .ىل ما هو أوسع من ذلكع

:وسأتناول بعض تلك التعريفات عند فقهاء املذاهباسم لفعل حمرم سواء كـان يف مـال : ففي املذهب احلنفي عرفت اجلناية بأهنا

الفعـل يف الـنفس : لكـن يف عـرف الفقهـاء يـراد بـإطالق اسـم اجلنايـة,أو نفس .)٣(واألطراف

ه الرجل عىل نفسه أو غريه مما يرض ما حيدث: اجلناية: ويف كتب املذهب املالكيــة هــي الفعــل املوجــب )٤(حــاال أو مــآال ــة أيضــا أن اجلناي وذكــر بعــض املالكي

.)٥(للقصاصالفعل والقطـع واجلـرح الـذي ال يزهـق وال : ويف كتب الشافعية اجلناية هي

.)٦(يبني

.٤/٣١٥والقاموس املحيط ١/١١٢واملصباح املنري ) جني(مادة ١٤/١٥٤لسان العرب ) ١( .١/٦٧الترشيع اجلنائي لعبد القادر عودة ) ٢( .٦/٩٧ احلقائق وتبيني ٦/٥٢٧حاشية ابن عابدين) ٣( .٦/٢٧٧مواهب اجلليل للحطاب ) ٤( .٣/٢٤٢الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي ) ٥( .٩/١٢٢روضة الطالبني ) ٦(

− ٢٦ −

كل فعل عـدوان عـىل نفـس أو مـال,: وجاء يف كتب احلنابلة أن اجلناية هي .)١( العرف خمصوصة بام حيصل فيه التعدي عىل األبدانلكنها يف

وبالنظر إىل التعريفات السابقة وغريها نجد أن أكثـر الفقهـاء تعـارفوا عـىل إطالق لفظ اجلناية عىل األفعال الواقعة عىل نفس اإلنسان أو أطرافه وهـي القتـل

جـرائم لفـظ اجلنايـة عـىل )٣(بينام يطلـق بعضـهم )٢(واجلرح والرضب واإلجهاض .)٤(احلدود والقصاص

.)٥(وير بعض الفقهاء أن اجلناية أعم من أن تكون قتال أو قطعا أو جرحا أن اجلنايـات متعـددة فهنـاك جنايـات عـىل األبـدان )٦(وقد ذكر ابـن رشـد

والنفوس واألعضاء وجنايات عىل الفروج وجنايات عىل األموال وجنايات عـىل رع مــن املــأكول ـســتباحة مــا حرمــه الشــاألعــراض وجنايــات بالتعــدي عــىل ا

.)٧(واملرشوب :مفهوم الشكو الكيدية: الفرع الثاين

تطرق الباحثون إىل الشكاو التي يقصد منهـا اإلرضار بـاآلخرين وجلـب .فع للشخص الشاكي بدون وجه حق فيهن

»الدعو الكيديـة«وتناول الباحثون هذا املوضوع يف كتاباهتم تارة بمسمى .»الشكو الكيدية« وتارة أخر بمسمى يف الغالب

.٥/٥٠٣وكشاف القناع ٩/٣١٩املغني البن قدامة ) ١( .٦/٩٧وتبيني احلقائق ٨/٣٢٦البحر الرائق ) ٢( .٢/٢٢٧ينظر تبرصة احلكام ) ٣( .١/٦٧الترشيع اجلنائي ) ٤( .٢٦٧فتح القريب املجيب يف رشح ألفاظ التقريب ص) ٥(هو أبو الوليد حممد بن أمحد بن حممد بن رشد فيلسوف فقيه صنف التحصيل يف اختالف مذاهب العلـامء ومنهـاج ) ٦(

بـابن األدلة يف األصول وبداية املجتهد وهناية املقتصد يف الفقه ويلقب بابن رشد احلفيد متييزا له عن جده املعـروفوشجرة النور الزكية, نرش دار الكتاب العريب صـورة ٢٨٤الديباج املذهب ص: هـ ترمجته يف٥٢٠رشد تويف عام

.١٤٦هـ املطبعة السلفية ص١٣٤٩عن الطبعة األوىل .٣٩٥−٢/٣٩٤بداية املجتهد ) ٧(

− ٢٧ −

ويالحظ أن املصطلحني يؤديان نفس املدلول رغم حماولة بعض الباحثني أن يغاير بينهام, كام يالحظ أن كثريا ممن كتب عن أحد املصطلحني يستخدم املصطلح

.مما يدل عىل أن مدلوهلام يف الذهن واحد ,اآلخرثـم » الكيـد«و» الشـكو«لمتـي وسأتناول التعريف اللغوي التفصـييل لك .»الدعو الكيدية«استنتج تعريفا جيمع الكلمتني مال حظا مصطلح

فقد جاء يف لسان العـرب شـكوت فالنـا أشـكوه : أما تعريف الشكو لغة .شكو وشكاية إذا أخربت عنه بسوء فعله بك

إظهار ما يصفك به غريك : الشكاية والشكية: وقد نقل عن بعض أهل اللغة .)١(ملكروهمن ا

. )٢(أخرب بإساءته إليه: شكا فالنا: ويف املعجم الوسيط :وأما التعريف االصطالحي فقد عرفت الشكو بأهنا

تعبري غري مقيد يصدر من املجني عليه أومن يمثله يوجه إىل هيئـة التحقيـق « أو االدعاء العام أو إىل أحد مأموري الضبط القضائي ويكشف بوضوح عن إرادة

)٣(»عليه يف حتريك الدعو اجلنائية ضد املتهم املجني :تعريف الكيد

.)٤(اخلبث واملكر: الكيد يف اللغة واالسـم ,خدعـه ومكـر بـه: كاده كيدا من بـاب بـاع: جاء يف املصباح املنري

.)٥(املكيدة :والكيد يف االصطالح .)٦(احليلة السيئة:وهو من اخللق ,إرادة مرضة الغري خفية

).شكا(مادة ١٤/٤٣٩لسان العرب ) ١( .١/٤٩٢املعجم الوسيط) ٢(هـ ١٤٣٢ يف حتريك بعض الدعاو اجلزائية ألمحد املحيميد رسالة ماجستري من جامعة نايف ينظر رشط الشكو) ٣(

.٨ص ).كيد(مادة ١/٣٤٦والقاموس املحيط ) كيد(مادة ٣/٣٨٢لسان العرب ) ٤( .٢/٥٤٥املصباح املنري) ٥( .١٨٩التعريفات للجرجاين ) ٦(

− ٢٨ −

: الكيديةتعريف الشكو مل أجد فيام اطلعت عليه يف كتب األقدمني تعريفا حمـددا للشـكو الكيديـة

.وإن كان األقدمون قد تناولوا عقوبة من رفع شكية يرض هبا غريهذكر يف فصل دعـاو الـتهم وهـي دعـو اجلنايـة −رمحه اهللا −فابن القيم

واختلفوا ,مل جتز عقوبته اتفاقاأن املتهم إن كان بريئا «واألفعال املحرمة ومما ذكره م له عىل قولني أصـحهام أنـه يعاقـب صـيانة لتسـلط أهـل الشــر : يف عقوبة املته . »والعدوان عىل أعراض الربآء

ثم ذكر عن بعض أهل العلم أن املدعي يؤدب إذا قصـد أذيـة املـدعى عليـه . )١(قصد األذية أومل يقصد,وعيبه وشتمه,وقال بعضهم يؤدب

من قام بشكية بعري حق أو ادعـى بـاطال فينبغـي أن : تبرصة احلكاموجاء يف .)٢(يؤدب وأقل ذلك باحلبس ليندفع بذلك أهل الباطل واللدد عن ذلك

فهذا تعبري رصيح عن الشكو الكيدية وعقوبته .»الشكو«التي هلا مدلول » الدعو«ولعل الفقهاء اكتفوا بتعريف

: يأيت ومن تعريف الدعو عند الفقهاء ما .)٣(هي إخبار عن وجوب حق عىل غريه عند حاكم −١ .)٤(إضافة اإلنسان إىل نفسه استحقاق شيئ يف يد غريه أو يف ذمته −٢

:أما القانونيون فقد عرفوا الدعو الكيدية بام يأيتهي التي مل يقصد هبا يف احلقيقة ونفس األمر املطالبـة بحـق أو الـدفاع عـن «

قصد جر اخلصم ببني للقضاء أن رفعها كان بسوء نية ووت,مصالح جدية مرشوعةإىل ساحة القضاء للتشهري به أو إلجبـاره عـىل رصف أعبـاء ماليـة كـان يف غنـى

)٥(»عنها

.١٤٧الطرق احلكمية ص) ١( .١/٥١حون تبرصة احلكام البن فر) ٢( .٦/٣٩٩مغني املحتاج ) ٣( .١٢/١٦٣املغني البن قدامة ) ٤( .١٤١التعسف يف التقايض إلبراهيم أمني النفياوي نرش دار النهضة العربية القاهرة الطبعة األوىل ص) ٥(

− ٢٩ −

أما الشكو الكيدية فقد عرفها بعض القانونيني من خالل تعريـف جريمـة :البالغ الكاذب فقال

ه موجـه إىل أحـد إخبار بواقعة غري صحيحة تستوجب عقاب من تسـند إليـ .)١(احلكام القضائيني أو اإلداريني ويقرتن بالقصد اجلنائي

وبعد النظر يف تعريف الدعو والكيد وكذا تعريف الشكو باإلضـافة إىل التعريفات املتقدمة للـدعو والشـكو الكيديـة يمكـن أن تسـتلخص تعريفـا

للشكو الكيدية يتمثل يف اآليت اطلة ووقائع كاذبة عن صدور فعل مشني مـن هي إخبار يتضمن اهتامات ب«

.»إنسان ورفع ذلك إىل جهة االختصاص بقصد اإلرضار بالغري واإلساءة إليه

.١٤دار الكتب القانونية مرص ص ,جريمة البالغ الكاذب لعيل عوض حسن) ١(

− ٣٠ −

أبيض

− ٣١ −

אא אאאא

אאא :رضر األديب الواقع عىل النفسآراء العلامء يف التعويض عن ال: املطلب األول

رر األديب حيسـن ـفبل أن أتناول اخلالف يف حكم التعويض عن الضـ :متهيد ذكر متهيد يبني حمل النزاع يف املسألة ويكون مقدمة للموضوع

إن هناك أمورا البد من مالحظتها قبل ذكر اخلالف −وباهللا التوفيق − فأقول :يأيت وأمهها ماناول الباحثون املعارصون أن الفقهاء األقدمني مل يتعرضوا يف كثريا ما يت: أوال

نصوص كالمهم للرضر األديب أو املعنوي,وهذا ما حاول املانعون للتعويض عن جـد يف املوسـوعة الفقهيـة عـن الضــرر الرضر األديب أن يثبتوه ويقرروه,فقـد و

بري حـادث ومل نجـد مل نجد أحدا من الفقهاء عرب هبذا وإنام هو تع«: األديب ما نصهيف الكتب الفقهية أن أحدا من الفقهاء تكلـم عـن التعـويض املـايل يف شـيئ مـن

.)١(»األرضار املعنويةو املعنـوي أ رر األديبـإفـراد الضـ وينبغي أن يفهم أن األقدمني إنـام أغفلـوا

بمسمى خاص, وال يعني عدم تناوهلم له بمسمى خاص أهنم مل يبحثوا مدلوله أو بل إنه ,التي تتحدث عنه فهذا خيالف الواقع املوجود يف الفقه اإلسالمي األحكام

رر ـمن غري املقبول أن فقهاء اإلسالم األجالء يغفلون هذا اجلانب املهم مـن الضـ .وهو يقع يف حياة الناس كثريا ويامرس أثناء احلياة العملية

وقـد ,الضامناجلانب يف أبواب اجلنايات والديات و إن الفقهاء تعرضوا هلذا :تعرضوا ألحكامه مابني القصاص والتعزير والعقوبات املالية

.١٣/٤٠تية املوسوعة الفقهية الكوي) ١(

− ٣٢ −

يف اجلراحات التي تندمل )١(فقد جاء يف املبسوط عن حممد بن احلسن الشيباين .عىل وجه ال يبقى هلا أثر أنه جتب حكومة عدل بقدر ما حلقه من األمل

ت فعليه ومن رضب عىل سن حتى اسودت أو امحرت أو اخرض«: وجاء فيهوعلـل ذلـك بـأن السـواد يف » إرش السن كامال ألن اجلامل واملنفعة يفوت بذلك

−رمحه اهللا − عن أيب حنيفة )٢(السن دليل موهتا فإذا اخرضت فقد رو أبو يوسف .)٣(أن فيها حكم عدل

إن )٤(والثـوري وقـال مالـك, ويف قطع حلمتي الثدي ديتهام«وجاء يف املغني .)٥(»يتهام وإال وجبت حكومة بقدر شينهذهب اللبن وجبت د

د أن هـؤالء الفقهـاء حتـدثوا عـن ـوص يفيــذه النصــل يف هــذا النقــوهاألرضار التي ال يبقى أثرها لكنها حتدث أرضارا معنوية عند اإلنسان ومنها نقص مجال جسمه أو األمل الذي يصيبه, وهذه األمور هلا تعلق بصـور األرضار األدبيـة

.التي تقدمت» ياخبيـث«أو » ياكـافر«أو » يافاسق«بل إن الفقهاء تعرضوا ملن سب آخر بـ

.)٦(وأوجبوا التعزير عىل الساب ألنه آذ املسبوب وأحلق به الشنيرر الـذي أسـامه ـوكالم الفقهاء عن هذا دليل واضح عىل تناوهلم عقوبة الض

ولكـنهم ,ملاديبغض النظر عن التعويض ا »الرضر األديب أو املعنوي« املتأخرون .تناولوا الرضر املعنوي وإن مل يسموه كذلك

حنيفـة وتفقـه هو حممد بن احلسن بن فرقد الشيباين صاحب أيب حنيفة فقيه جمتهد حمدث نشأ بالكوفة وجالس أبـا) ١( هــ ترمجتـه يف ١٨٩تـويف سـنة . اجلامع الكبري واجلامع الصـغري وغريهـا : بأيب يوسف وصنف عدة مصنفات منها

.١٦٣لفوائد البهية ص وا ١٠/٢٠٢والبداية والنهاية ٤/١٨٤وفيات األعيان ء لثالثة من اخللفـاء توىل القضا,الفقيه املجتهد, هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب قايض القضاة صاحب أيب حنيفة) ٢(

والبدايـة ٥/٤٢١ترمجته يف وفيات األعيـان ) هـ١٨٢(تويف سنة ,وغريها» واخلراج«والنوادر » مايلاأل«ألف كتاب .٢٢٥ة صوالفوائد البهي ١٠/١٨٠والنهاية

.٢٦/٨١املبسوط للرسخيس ) ٣(هبا وكان سيد زمانـه يف علـوم هو سفيان بن سعيد بن مرسوق الثوري أمري املؤمنني يف احلديث, ولد بالكوفة ونشأ) ٤(

واجلـواهر املضـيئة طبعـة ٦/٦٧١وطبقات ابن سعد ٢/٢٨٦ترمجته يف وفيات األعيان ) هـ١٦١(الدين تويف سنة .١/٢٥٠اهلند

.٩/٦٢٤غني امل) ٥(والرشح الكبري مـع حاشـية الدسـوقي ٤/٧١والدر املختار مع حاشية ابن عابدين ٥/٣٣٢اهلداية مع فتح القدير) ٦(

.٦/١١٢وكشاف القناع ٤/٣٣٠

− ٣٣ −

رر بكـل ـريعة اإلسـالمية حرمـت الضــمـن املعلـوم أن مبـادئ الشـ :ثانياأنواعه,والشك أن كثريا من صور األرضار األدبية تدخل يف الرضر الذي حرمتـه الرشيعة وجرمت فاعله بل ووضـعت لـه عقوبـات, فعـدم االعـرتاف بـه مجلـة

. رفع الرضر ودفعه وعقوبة مرتكبهينايف وجهة الرشيعة يف وتفصيالتقدم أن األرضار األدبيـة أو املعنويـة هلـا صـور, فهنـاك أرضار أدبيـة :ثالثا

متصلة بأرضار مادية وذلك كاالعتداء عـىل اجلسـم ممـا يسـبب تشـوهيا أو يظـل اجلهـل اإلنسان يعاين منه حتى بعد شفائه أوله انعكاسات ماليـة كاهتـام طبيـب ب

ر بمـورده املـايل, ـبالطب أو تاجر بأنه عديم األمانة مما يرصف الناس عنـه ويضـفهو يتعلق بالشعور والعاطفة ,وهناك نوع من األرضار األدبية يكون معنويا حمضا

.واحلناناملادية والذي يكون غري حمض ومن املعلوم أن النوع األول املتصل باألرضار

رر األديب كـام سـيأيت معنـا وقـد ـ للتعويض عـن الضـمن املانعني قد سلم به كثري :فاخلالف يكاد ينحرص يف أمرين ,سلموا به النطوائه عىل رضر مادي

عالقة له باجلانب املادي, بل هو وي املحض الذي الـرر املعنـيف الض :األولرور وفيهـا آالم نفسـية يظـل اإلنسـان يعـاين ـجمرد مشاعر وعواطف جيدها املض

ن منه ك أن األمل النفيس يف اإلنسان يسبب له رضرا المنها,وال ش و .يمكن أن هيرر األديب أو املعنـوي وسـلمنا ـلو سـلمنا بوجـود رضر يسـمى الضـ :الثاين

بتحريمه وعقوبة مرتكبه الذي أرضبه اآلخرين فهل العقوبة تعزيرية أم تعويضـية للمرضور?

األديب أو ررـيف الضـ فإذا حررنـا النـزاع سـنجد أوال أن اخلـالف يف جمملـهوثانيا حصل اخلالف عىل العقوبة عىل هذا الرضر فمن قائل إهنا املعنوي املحض,

إن باإلمكـان :ومن قائـل ,عقوبة تعزيرية يعاقب القايض اجلاين باحلبس أو باجللدرور ليخفف أملـه ـأن تكون العقوبة عىل اجلاين عبارة عن تعويض مايل يعطاه املض

.النفيس

− ٣٤ −

ناء عرض األقوال أن هناك من أوجب عقوبة عىل اجلاين لكنها غري وسنجد أثوهناك من أجاز التعـويض املـايل عـن ,تعويضية فال ينال املرضور ماال مقابل أمله

.الرضر األديب شأنه شأن الرضر املادي الذي يمكن أن يعوض به املرضوره تعلـق بقي هناك جانب ينبغي أن يلحظ وهو متصل بالعقوبة التعزيريـة ولـ

سلمنا بالعقوبة التعزيرية عىل اجلاين يف الرضر األديب فهل لو بمحل النزاع وهو أناوإذا أجيز التعزير بالغرامة املالية فهل يمكـن ,يمكن أن يكون التعزير بغرامة مالية

أن تؤول إىل املرضور أم تصري إىل خزينة املحكمة?رر ـلتعويض املادي عـن الضـوبعد هذا التمهيد فإن اآلراء خمتلفة يف جواز ا

األقـوال وأذكـر األدلـة − بعـون اهللا −رض املتقدم وسأستعرض األديب وفق الع : واملناقشة يف الفروع اآلتية

:القائلون باجلواز: الفرع األول رر ـذهب جمموعـة مـن املعـارصين إىل جـواز التعـويض املـادي عـن الضـ

فهـو ينطـوي عـىل ,يف التعـويضاألديب,وهؤالء يرون أن الرضر األديب كاملـادي رر ـاعتداء عىل حق وجيب تقرير الضامن له وجيوز للمرضور أخذ املال مقابل الض

.احلاصل له بسبب اجلناية من مرتكبهاتأبى تقـدير التعـويض عـن رع الـوير أصحاب هذا الرأي أن قواعد الش

عنوي وأقـر بـه رر املـالرضر األديب أو املعنوي وأن الفقه اإلسالمي فد عرف الض .وإن مل يسمه هبذا االسم

الدكتور وهبة الزحييل فقد ذكر أن بعض الفقهاء ير : وممن قال هبذا القول وهذا الرأي هو املتفق يف تقـديرنا مـع «: لزوم التعويض عن الرضر األديب ثم قال

الروح العامة للنصوص الرشعية التي متنع الضـرر بجميـع أنواعـه وتـرمم آثـاره .)١(»املصالح حسب كل زمان ومكان وتساير

.٥٤نظرية الضامن أو أحكام املسؤولية املدنية واجلنائية يف الفقه اإلسالمي ص ) ١(

− ٣٥ −

وتطرق الدكتور الزحييل إىل االعتداء عىل حق املؤلف فذكر أهنا رسقة موجبة .)١(لضامن حق املؤلف وتعويضه عن الرضر األديب الذي أصابه

أما حق املؤلف الذي يدخل حتت عنوان قـانوين جديـد وهـو احلـق «: وقالأســاس االستصــالح أو املصــلحة األديب فهــو مضــمون يف تقــديرنا رشعــا عــىل

واملؤلف قد بذل فيكون أحق الناس به, سواء فيام يمثل اجلانب املـادي ... املرسلةوهو الفائدة املادية التي يستفيدها من عمله أو اجلانب املعنوي وهو نسـبة العمـل

.)٢(»إليهرر املعنوي ـكام قال هبذا القول الدكتور حممد فوزي فيض اهللا فقد عرف الض

وتعريف الرضر الذي ذكرناه وهو إحلاق مفسدة باآلخرين يمكن أن (ثم قال عنه يشمل هذه األنواع من األرضار بل ربام كانت هذه األرضار أوقع وأبلغ يف الرضر

.)٣(األديب من األرضار املادية وأوىل منها بالتعويضزهر لنيل وقد نقل عدد من الباحثني عنه أنه قرر يف رسالته التي قدمها إىل األ

أنه رجح بقـوة » املسؤولية التقصريية بني الرشيعة والقانون«الدكتوراه املوسومة بـ .)٤(هذا الرأي واستدل له ورد عىل املخالفنيوالدكتور حممـد )٦(والدكتور خالد الشعيب )٥(كام قال به الشيخ حممود شلتوت

بوجوب التعويض أر أن القول«وقد قال الدكتور عىل القره داغي )٧(أمحد رساجعن الرضر املعنوي يتفق مع مبادئ الرشيعة وأن تأثري الرضر املعنـوي قـد يكـون

.)٨(»أشد من الرضر املادي

.٤/٢٨٦٢الفقه اإلسالمي وأدلته ) ١( .٤/٢٨٦١رجع السابقامل) ٢( .٩٢نظرية الضامن يف الفقه اإلسالمي العام ص) ٣(رر يف ـ,والدكتور أمحد موايف يف كتابه الضـ١٢٣−١٢٢ذكر ذلك الشيخ مصطفى الزرقا يف كتابه الفعل الضار ص ) ٤(

يف الفقـه رر األديب ومـد ضـامنه ـنقال عن الزرقا, والـدكتور عبـدا هللا النجـار يف الضـ٢/١٠٢٣الفقه اإلسالمي .٢/٨١والدكتور عبد العزيز املتيهي يف رسالته للدكتوراه ٣٤٨اإلسالمي ص

.٤١٥م ص٢٠٠١اإلسالم عقيدة ورشيعة دار الرشوق ط الثامنة عرشة ) ٥( .٢٩قاعدة الرضر يزال وشموهلا للتعويض عن الرضر األديب ص) ٦( .٣٧٥ضامن العدوان يف الفقه اإلسالمي ص) ٧( .عن الرضراملعنويبحث التعويض ) ٨(

− ٣٦ −

: ورجح هذا الرأي الدكتور حممد بن عبد العزيز أبو عبـاه وقـال يف ترجيحـهوخالصة ما يراه الباحث يف هذه املسألة مع هذا اخلالف يف التعويض املـايل عـن «

ر األديب أن التعزير بأخذ املال جائز رشعا وأنه ليس يف ذلك خمالفة ملا قرر اهللا الرض .)١(»ورسوله

وإذا أصـاب املضــرور : كام مال إىل هذا الرأي الدكتور فتحي الدريني وقال . )٢( رضر معنوي أو أديب فإن قواعد الرشع ال تأبى تقرير التعويض عنه

−رمحه اهللا −يم مفتي الديار السعودية ويظهر من كالم الشيخ حممد بن إبراهأنه ير جواز التغريم عن الرضر األديب, فقد أجـاب عـن سـؤال يتعلـق بـزواج

:األجنبي فقالنفيدكم بأننا نوافق عىل أنه جيب عند طلب نكاح األجنبـي مـن التأكـد مـن «

حسن سريته وسلوكه واالطالع عىل هويته وإقامته الرسمية وصحة جواز سـفره وجيب أخذ الكفيل القوي عليه لتغريمـه مجيـع التكـاليف األدبيـة , ه ومهنتهومال

.)٣(»واملالية إذا ثبت حصول خلل يف الرشوط السابقةوقد استنتج الدكتور حممد أبو عباه أن الشيخ حممد بن إبـراهيم يـر جـواز

:وبنى استنتاجه هذا عىل أمور وهي, التعويض عن األرضار األدبية .ح بذكر التكاليف األدبية بعينها أن الشيخ رص −١ .والعطف يقتيض املغايرة , عطف عىل التكاليف األدبية التكاليف املالية −٢والتغريم هو التعويض فال ينرصف إىل التعزير; وذلك ألنه ,ذكر التغريم −٣

وهذا يؤكد عىل أن التغريم هلذه التكاليف هـو مـن ,اشرتط وجود الكفيل القوي .وليس من قبيل التعزيرقبيل التعويض

رار الكوارث الطبيعيـة يف النظـام السـعودي ـالقته بتعويض أضـالمي وعـرر يف الفقه اإلسـن الضـويض عـالتع) ١(

.١٤٥ص م ١٩٨٨/هــ١٤٠٨نظرية التعسف يف استعامل احلق يف الفقه اإلسالمي طبـع مؤسسـة الرسـالة الطبعـة الرابعـة ) ٢(

.٢٩٠صحممد بن إبراهيم آل الشيخ مجع وترتيب وحتقيق حممـد بـن عبـد الـرمحن بـن قاسـم فتاو ورسائل سامحة الشيخ) ٣(

.هـ١٣٩٩الطبعة األوىل مطبعة احلكومة ١٠/٦٣

− ٣٧ −

رط عنـدما ـوهـذا الشـ,اشرتط حسن السرية والسلوك للمتقدم للزواج −٤ .)١(مالية حيصل خلل فيه تكون األرضار الناجتة عنه أدبية ال

»التكـاليف«وهذه االستنتاجات يف حملها وهلا وجاهة قوية لوال أن التعبري بـ .»ضاملعنوي املح الرضر«يبعد األمر قليال عن موضوع

رر األديب أن يستنبطوا ـوقد حاول هؤالء القائلون بجواز التعويض عن الضمن كالم الفقهاء األقدمني ما يظهر موافقـة أولئـك الفقهـاء عـىل التعـويض عـن

:الرضرفقد نقلوا عن أيب يوسف وحممد بن احلسن ما يفيد التعـويض عـن الضــرر

.)٢(وجب حكم عدلاألديب يف األمل اجلسامين وأن إذهاب مجال السن يفـيمن قطـع حلمتـي الثـديني أن فـيهام −رمحه اهللا −)٣(وتقدم نقل ابن قدامة

الدية ونقل عن مالك والثوري إن ذهب اللبن وجبت ديتهام وإال وجبت حكومة .)٤(بقدر شينه

ونص الشافعية عىل أنه لو جرحه وبرئ ومل ينقص أصال أنه يعزر فقط إحلاقا .)٥(فرض القايض شيئا باجتهادهباللطم والرضب وقيل ي

وسبق أن هذه النقوالت عن هؤالء الفقهاء تدل عىل أهنم جييزون التعـويض .عن الرضر املعنوي يف اجلملة

ون فإن الغالبية مـنهم يقولـون بجـواز التعـويض املـادي عـن ـونيـا القانـأم .رر األديبـالض

.١٣١التعويض عن الرضر يف الفقه اإلسالمي ص) ١( .٦/٥٥٣والدر املختار مع حاشية ابن عابدين ٢٦/٨١املبسوط ) ٢(كان إماما حجة متبحرا يف ,بن قدامة املقديس ثم الدمشقي امللقب بموفق الدينهو اإلمام عبد اهللا بن أمحد بن حممد ) ٣(

املغنــي والكــايف واملقنــع ولــه يف :العلــوم عــرف بالزهــد والــورع وصــنف العديــد مــن املصــنفات يف الفقــه منهــاوذيـل طبقـات ٥/٧٩م ١٩٦٣هـ نرمجته يف العرب مطبعة حكومة الكويـت ٦٢٠روضة الناظر تويف سنة :األصول

.١٣/٩٩والبداية والنهاية ٢/١٣٣احلنابلة البن رجب .٩/٦٢٤املغني ) ٤( .٢/١٧٣فتح الوهاب برشح منهج الطالب لزكريا األنصاري ) ٥(

− ٣٨ −

.)١(»لتعويض باملالوالرضر األديب قابل ل«: وقد قال عبد الرزاق السنهوريرر ـويف مرص استقر الفقه والقضاء عىل جواز التعويض عـن الضـ«: كام قال

.)٢(»األديبوكـذا القـانون األردين رقـم ) ٢٢٢(وقد نص القانون املرصي يف املادة رقـم

وقانون املعـامالت املدنيـة السـوداين ) ٢٦٧و٢٦٦(م يف املادة١٩٧٦لسنة ) ٤٣(نصت هذه القوانني عـىل جـواز التعـويض ) ١٥٣و ١٥٢(م يف املادة ١٩٨٤لسنة

.عن الرضر األديب وقد ذكر الدكتور الصديق الرضير نصوص مواد القوانني املـذكورة ثـم قـال

.)٣(»وهذه القوانني الثالثة مستمدة من الفقه اإلسالمي«: بعد ذلك :القائلون بمنع التعويض املادي عن الرضر األديب: الفرع الثاين

عة من الفقهـاء املعـارصين منـع التعـويض املـادي عـن الضــرر ير جمموــذا ,األديب ــة ه ــر ملقابل ــر الزاج ــعت التعزي ـــريعة وض ــرون أن الش ــؤالء ي وه .وليس التعويض املايل ,الرضر

رر األديب ـفقـد ذكـر الضـ, الشـيخ عـىل اخلفيـف: وممن ذهب إىل هذا املنـعالثـاين والثالـث فلـيس فـيهام وأما النوعـان«: واملعنوي وفرق بينهام ثم قال عنهام

إن «: وقال يف موضع آخر )٤(»تعويض مايل عىل ما تقيض به قواعد الفقه اإلسالميوعـىل هـذا مل «: قال كام )٥(»رر األديبـالفقه اإلسالمي ال يرتب التعويض عن الض

. )٦(»جيب التعويض يف الرضر األديب لقول أننا النر مربراوخالصة ا« :كام رأ املنع الشيخ مصطفى الزرقا وقال

).٥٧٨(فقرة ١/٨٦٥الوسيط للسنهوري) ١( .١/٨٦٧الوسيط ) ٢( .٦٤ص ) ٢(املجلد ) ١٢(بحث الرشط اجلزائي للصديق الرضير يف جملة جممع الفقه العدد ) ٣( .٤٥−٤٤الضامن يف الفقه اإلسالمي ص ) ٤( .٢٠املرجع السابق ص ) ٥( .١٥٩نفس املرجع ص ) ٦(

− ٣٩ −

استصالحيا ملعاجلة اإلرضار األديب بالتعويض املايل مادامت الشـريعة قد فتحـت .)١(»جماال واسعا لقمعه بالزواجر التقديرية

رر ـوعرض الزرقا جريمة القذف واآليات الواردة بشـأهنا ثـم ذكـر أن الضـريعة وأنـه قـد ـنظر الش األديب بالقياس الرشعي واالجتامعي, له اعتباره املتميز يف

يكون بحسب نوعيته أشد وأعظم يف امليزان الرشعي من األرضار املادية الكرب ,فمرتكبه يستحق اجلزاء يف الدنيا واآلخـرة, لكـن النصـوص بمنطوقهـا تفيـد أن

. )٢(موجب الرضر األديب هو العقوبة ال التعويض املايلوكـذا الـدكتور الصـديق )٣(اقوممن رأ املنع الدكتور حممد بن املدين بـو سـ

.)٤()الرشط اجلزائي(الرضير يف بحثه عن التعـويض عـن (وقد جاء يف املوسوعة الفقهية الكويتية عنـد احلـديث عـن

):األرضار املعنويةومل نجد يف الكتـب , وإنام هو تعبري حادث,مل نجد أحدا من الفقهاء عرب هبذا«

ويض املـايل يف شـيئ مـن األرضار الفقهية أن أحدا من الفقهـاء تكلـم عـن التعـ )٥( »املعنوية

رر األديب عىل إثر بحوث ـبمنع التعويض عن الض جممع الفقهكام صدر قرار :ونص قرار املجمع, قدمت عن الرشط اجلزائي يف املامطلة يف الديون

الرضر الذي جيوز التعويض عنه يشمل الرضر املايل الفعيل وما حلق «: خامساوال يشمل الرضر األديب أو , رة حقيقية وما فاته من كسب مؤكداملرضور من خسا

. )٦( »املعنوي

.١٢٤الفعل الضار ص ) ١( .٢٠−١٩املرجع السابق ص) ٢( .٣٨−٣٣التعويض عن الرضر يف الفقه اإلسالمي ص) ٣( .٧٦,٦٢ص ) ٢(جزء) ١٢(جملة جممع الفقه العدد ) ٤( .١٣/٤٠يتية املوسوعة الفقهية الكو) ٥(ــم ) ٦( ــه رق ــع الفق ــرار جمم ــ ٣/١٢ ١٠٩ق ــة عش ــه الثاني ــاض رة ـيف دورت ــدة بالري ــرة٢٥املنعق ــاد اآلخ − مج

.٣٠٦صفحة ٢هـ جملة املجمع العدد الثاين عرش اجلزء ١٤٢١رجب١

− ٤٠ −

وقد حاول أصحاب هذا الرأي أن يستنبطوا من كالم الفقهـاء األقـدمني مـا :يؤيد وجهتهم

جاء يف كتب الفقهاء عن اإلمام أيب حنيفة وعن الشافعي وما جـاء فنقلوا ما املعنوي املتمثل هنـا يف األمل الـذي يصـيب يف كتب احلنابلة من عدم اعتبار الرضر

.وسأعرض هذه النقوالت أثناء عرض األدلة إن شاء اهللا,املجني عليه :األدلة مع املناقشة: املطلب الثاين

:أدلة القائلني باجلواز :الفرع األولاستدل القائلون بجواز التعويض عن الرضر األديب بأدلة من الكتاب والسنة

وهذه األدلة بعضـها عامـة ,الصحابة وأقوال الفقهاء وبأدلة عقلية واإلمجاع وآثاررر وأوجبـت عليـه عقوبـات ـوبعضها خاصة وكلها تفيد أن الرشيعة منعت الض

.وحرصت عىل رفعه بعد الوقوعباآليات الواردة يف حتريم االعتـداء عـىل أما األدلة من الكتاب فقد استدلوا

.فساد يف األرضاملال والنفس والعرض والنهي عن الوهذه اآليات تثبت أن كـل مـا هـو رضر فهـو حمـرم يوجـب عقـاب اهللا يف , اآلخرة,وقد جعل اهللا لبعضها عقوبات يف الدنيا مقـدرة بالقصـاص أو باحلـدود

ومما هو معلوم أن كل مـا أوجـب , وترك احلديث عن العقوبات الدنيوية ملعظمهاوإزالة مـا جيـره مـن , لزاجرة يف الدنياعقابا يف اآلخرة جيب أن توضع له التدابري ا

.)١(آثار وأرضار :ومن تلك اآليات

﴾: قوله تعاىل م ـيك ل ع تـد ـا اع ثـل م يه بم ل وا ع تد اع م ف يك ل ع تد ن اع م ﴿فوقبتم به ﴿: وقوله تعاىل). ١٩٤: البقرة( ا ع ثل م اقبوا بم ع بتم ف اق إن ع : النحل(﴾ و

ا﴿: وقوله تعاىل). ١٢٦ ه ثل يئة م يئة س اء س ز ج ).٤٠: الشور(﴾ و

).موقع الدكتور بدون صفحات(التعويض عن الرضر املعنوي للقره داغي ) ١(

− ٤١ −

أن اهللا عز وجل أوجب املامثلة يف العقاب : ووجه الداللة يف اآليات الكريمة ردعا للمعتدين وجربا لرضر املترضرين, وال تتحقق املامثلة يف كل صور العقـاب

ن تتحقق فيه مـن القصـاص واجلـروح, أمـا حـني ولذا تكون املامثلة فيام يمكن أرر ـتتعذر املامثلة فإن بدهلا يكون هو األرش وحكومة العدل, وهذا يتأتى يف الض

إذ ال يمكن أن متس كرامة املسيئ بمثل ما مس به املعنوي الذي تتعذر فيه املامثلة,سهم,ولذا غريه وإال كان ذلك إشاعة للفحشاء بني الناس وترسيخا ملعناها يف نفو .)١(كان التعويض يف الرضر املعنوي بالبدل عن املثل وهو التعويض باملال

وهـذا املصـطلح » حكومـة العـدل«وقد ورد يف وجه االستدالل مصـطلح يرتدد كثريا يف موضوع تقـدير العقوبـات والتعـويض وبخاصـة التعـويض عـن

, ير جزاء عـىل فعـلويدور معناه عىل التقدير الذي جيتهد فيه احلاكم لتقر ,الرضر :وقد عرف بتعريفات عديدة منها

)٢(االجتهاد وإعامل الفكر فيام يستحقه املجني عليه من اجلاين −١األرش غري املقدر يف الرشع باالعتداء عىل ما دون النفس مـن جـراح أو −٢

.)٣(تعطيل وغريمها, ويرتك أمر تقديره للحاكم بمعرفة أهل اخلربة العدولما جيب يف جنايـة لـيس «وسوعة الفقهية أن حكومة العدل هي جاء يف امل −٣

)٤(»فاألرش أعم منها, فيها مقدار معني من املال وهي نوع من األرش :وأما من السنة فقد استدلوا بأدلة ومنها

.)٥(»الرضر وال رضارملسو هيلع هللا ىلص «قول النبي −١

.٣٥٩−٣٥٨الرضر األديب للنجار ص ) ١( .٤/٣٨١نرش دار املعارف ) حاشية الصاوي(وبلغة السالك ألقرب املسالك ٨/٣٤حاشية العدوي عىل اخلريش ) ٢( .٧/٥٧٠٢الفقه اإلسالمي وأدلته ) ٣( .٣/١٠٤املوسوعة الفقهية ) ٤(ى أن ـقضملسو هيلع هللا ىلص هللا أن رسول ا«بلفظ − −احلديث أصل يف هذا الباب وقد رواه ابن ماجة عن عبادة بن الصامت ) ٥(

ال «مام أمحـد بلفـظ إلورواه ا »رضار رضر وال ال«كام رواه عن ابن عباس رىض اهللا عنهام بلفظ» ال رضر وال رضارمن ضار ضاره اهللا ومن » ال رضر وال رضار«بلفظ − −كام رواه احلاكم عن أيب سعيد اخلدري » رضر وال إرضار

= ه اح اإلسناد عىل رشط مسلم ورواه اإلمام مالك يف املوطأ كـام روصحي:ال عنه احلاكمـاق اهللا عليه, وقـاق شـش

− ٤٢ −

نكرة ورد يف سياق النفي فهو عـام» رضر«وجه الداللة من احلديث أن لفظ , ويشمل الضـرر اخلـاص والضــرر العـام, يشمل كل ما يطلق عليه اسم الرضر

والرضر األديب أحد أنواع الرضر املنهي عنه فهو داخل يف نطاق التحريم الذي دل نفى الرضر مطلقا سواء كان ماديا أو معنويا, فكام أنه ملسو هيلع هللا ىلص ألن النبي ,عليه احلديث

وز إيقـاع الضــرر املعنـوي, وإذا كـان ال جيوز إيقاع الضـرر املادي فكذلك ال جيحمرما كان واجب الضامن كغريه من األرضار التي تعاضـدت أدلـة الشــرع عـىل

رر املادي اجلـزاء سـواء أكـان ــفالشارع قد رتب عىل الض )١(جواز التعويض عنهارر املعنـوي اجلـزاء بـال ـعقوبة جسدية أم مالية فكذلك ينبغي أن يرتب عىل الضـ

.)٢(فرق .)٣(أن احلديث عام فقرصه عىل الرضر املادي ختصيص بال خمصص وبام

رر عاما ـيدل قطعا عىل نفي الض» ال«كام أن ورود احلديث بعد نفي اجلنس بـ .ومطلقا وعىل رفعه قبل الوقوع بطرق الوقاية ورفعه بعد الوقوع بإزالة آثاره

يف زجـر وبني أن ال خـالف, وقد اعرتض الشيخ الزرقا عىل هذا االستداللفالرشيعة أخذت , املعتدين ولكن ليس بالرضورة أن يكون الزجر بالتعويض املايل .)٤(يف مبدأ الزجر بعقوبة التعزير ال بالتعويض املايل يف الرضر األديب

ويمكن أن يناقش رأي الشـيخ الزرقـا بـأن مبـدأ الزجـر بعقوبـة قـد أقرتـه فال يمنع أن يكـون التعـويض , رشعاالرشيعة, كام أن العقوبة بالتعزير املايل مقرة

.عن الرضر األديب من باب عقوبة التعزير باملال

=ثم قـال» رواه مالك يف املوطأ مرسال«: وقال عنه اإلمام النووي, الدارقطني يف سننه والبيهقي يف السنن الكرب : ٣/٤٠٨واحلديث صححه األلباين يف إرواء الغليل » وله طرق يقوي بعضها بعضا

واملسـتدرك ١/٣١٣و ٥/٣٢٧ومسـند أمحـد ) ٢٣٤١(و حـديث) ٢٣٤٠(حديث ٢/٧٨٤ماجة ينظر سنن ابن واألربعـني النوويـة مـع رشحهـا جـامع العلـوم ٦/١١٤والسنن الكرب للبيهقـي ٢/٧٤٥واملوطأ ٥٨−٢/٥٧

.٢٦٥واحلكم ص ــويض عــن الضــ) ١( ــاه ص ـالتع ــه اإلســالمي ملحمــد أبوعب ــدكتور ـوالضــ ,١٣٣رر يف الفق ــد اهللا رر األديب لل عب

٣٦٣−٣٦٢النجارص .٣١قاعدة الرضر يزال للدكتور خالد الشعيب ص ) ٢( .١٢٥الفعل الضار ص) ٣( .١٢٥الفعل الضار ) ٤(

− ٤٣ −

كــل املســلم عــىل املســلم حــرام دمــه ومالــه ملسو هيلع هللا ىلص «اســتدلوابقول النبــي −٣إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حـرام كحرمـة ملسو هيلع هللا ىلص «وبقوله )١(»وعرضه

.)٢(»يومكم هذا يف بلدكم هذا يف شهركم هذاحرم عىل املسلم عرض أخيه املسلم, والعـرض ملسو هيلع هللا ىلص أن النبي : ووجه الداللة

هو موطن الرشف يف اإلنسان أو ما به قوام رشفه واعتباره مما يتعلق بكيانه األديب,وقد جاء حتريم العرض يف احلديث معطوفا عىل أمرين ال خيالف فقيه عـىل تقـدير

رض له حكـم مـا مبدأ التعويض فيهام إمجاال, فدل ذلك عىل أن املعطوف وهو الع .)٣(عطف عليه يف الضامن بالتعويض

استدلوا بام أخرجه أبو داود من حديث عائشـة ريض اهللا عنهـا أن النبـي −٤ربه أبـو جهـم ـبعث أباجهم بن حذيفة مصدقا فالجه رجـل يف صـدقته فضـملسو هيلع هللا ىلص

لكم كذا وكذا : ملسو هيلع هللا ىلصالقود يا رسول اهللا, فقال النبي : فقالواملسو هيلع هللا ىلص فشجه فأتوا النبي لكم كذا وكذا فرضوا, فقال : لكم كذا وكذا فلم يرضوا, فقال: فقال, ضوافلم يرفخطـب ,نعم:فقالوا, إين خاطب العشية عىل الناس وخمربهم برضاكم: ملسو هيلع هللا ىلصالنبي

إن هؤالء الليثيني أتوين يريدون القود فعرضت عليهم كـذا : فقالملسو هيلع هللا ىلص رسول اهللا أن ملسو هيلع هللا ىلص أمرهم النبـي فـ, ال, فهـم املهـاجرون هبـم: أرضيتم? قالوا, وكذا فرضوا

نعم,قال إين خاطـب :يكفوا عنهم فكفوا ثم دعاهم فزادهم فقال أرضينم ? قالواأرضـيتم? :فقـالملسو هيلع هللا ىلص نعـم, فخطـب النبـي : عىل الناس وخمربهم برضاكم قـالوا

.)٤(نعم:قالوا

وسـنن أيب داود )٢٥٦٤(حـديث رقـم ٤/١٩٨٦ينظر صحيح مسـلم. احلديث رواه مسلم وأبو داود والرتمذي ) ١( ).١٩٢٧(حديث ٤/٣٢٤وسنن الرتمذي ) ٤٨٨٢(حديث٥/١٩٥

).١٦٧٩(حديث ٣/١٣٠٦وصحيح مسلم ) ١٦٥٢(حديث ٢/٦١٩ينظر صحيح البخاري . متفق عليه ) ٢( .٣٦٣ الرضر األديب لعبد اهللا مربوك النجار ص) ٣(والنسائي يف ) ٤٥٣٤(حديث ٤/٦٧٢احلديث رواه أبو داود يف كتاب الديات باب العامل يصاب عىل يديه خطأ ) ٤(

وابن ماجـه يف كتـاب الـديات بـاب اجلـارح ٤٧٧٨(حديث ٨/٣٥عىل يديه كتاب القسامة باب السلطان يصاب ):٤٥٣٤(حـديث ٣/٣٦٦واحلديث قال عنـه األلبـاين يف إرواء الغليـل ) ٢٦٣٨(حديث ٢/٨٨١يفتدي بالقود

.)٢٦٢٨(حديث ٢/٩٦إسناده صحيح كام صححه يف صحيح ابن ماجة

− ٤٤ −

ووجه الداللة أن هؤالء القوم صوحلوا عىل الفعل الضار الذي أحدث رضرا ه مرة بعد مرة ولو كان الواجب األرش فقط دون حلوا عليويف نفس املشجوج وص

الحق لكم فيـه وإنـام حقكـم يف : حني رفضوا مراراملسو هيلع هللا ىلص التعويض لقال هلم النبي .)١(األرشمن كانت لـه مظلمـة «: أنه قالملسو هيلع هللا ىلص لوا أيضا بام ورد عن رسول اهللادتاس −٥

.)٢(»همألخيه من عرضه أو شيئ فليتحلله منه اليوم قبل أن ال يكون دينار وال دروهذا يمكن أن يستفاد منه مرشوعية التحلل من املظلمة سواء تعلقـت تلـك املظلمة بالعرض أي بام يصيب اإلنسـان يف رشفـه أو كرامتـه أو سـمعته أو بغـري

وما يف ذيل احلديث أن يكون ذلك قبل أن ال يكون هناك دينـار وال درهـم,,ذلكهـم منهـا أن التحلـل يمكـن أن وهذه اإلشارة إىل الدينار والـدرهم يمكـن أن يف

يكون بالدينار والدرهم وهو التعويض أو مرشوعية أخذ العوض عن حق أو مال .وهو يف اخلرب املساس بالعرض

)٣(»من ترك حقا فلمورثه«: أنه قالملسو هيلع هللا ىلص جاء عن رسول اهللا −٦هبذا اللفظ وذكر أنه لـيس عـىل عمومـه −رمحه اهللا −)٤(وقد استشهد القرايف

بل الضابط ملا ينتقل «: ما ينتقل إىل الوارث ومنها ما ال ينتقل ثم قال فمن احلقوق )٥(»إليه ما كان متعلقا باملال أو يدفع رضرا عـن الـوارث يف عرضـه بتخفيـف أملـه

.بحد القذف وقصاص األطراف واجلراح واملنافع )٦(ومثل له يف هتذيب الفروق

.٣٦٥ربوك النجارصوالرضر األديب لعبد اهللا م ١/٣٢١إعالم املوقعني ) ١( .٢٣١٧حديث رقم ٢/٨٦٥صحيح البخاري) ٢(كثريا ما يذكره الفقهاء به ويستشهدون به يف كتبهم وقد قال ابن امللقن يف البـدر » من ترك حقا«احلديث هبذا اللفظ ) ٣(

ن لكـن سـلف واضـحا يف بـاب الضـام: قال عنه ٧/١٢املنري يف ختريج األحاديث واآلثار الواردة يف الرشح الكبريثـم » صـحيح"وقال عنه » من ترك ماال«بلفظ ) ١٤٣٣(رقم ٥/٢٥٨وذكره يف إرواء الغليل » من ترك ماال«بلفظ

−هكذا قال األلبـاين . أخرجه البخاري ومسلم وابن ماجة» ومن ترك ماال فلورثته«قال وهو من حديث أيب هريرة .»من ترك ماال«لكن الرواية يف الصحيحني , −رمحه اهللا

ومن مؤلفاته نفائس األصـول رشح ,كان إماما بارعا يف الفقه واألصول, هو أمحد بن إدريس شهاب الدين القرايف) ٤(وشـجرة ١/٢٣٦هـ ترمجته يف الـديباج املـذهب٦٨٤املحصول وتنقيح الفصول ورشحه, وكتاب الفروق تويف سنة

.٢/٨٦والفتح املبني ١/٨٨النور الزكية ).١٩٧(الفرق ٢٧٦−٣/٢٧٥الفروق للقرايف ) ٥()٣/٢٨٤) ٦.

− ٤٥ −

مرشوعية أخذ العـوض استنتجه القرايف من احلديث واضح الداللة عىل وما .عن املساس بالعرض

من أظهر ما استدل به القائلون بالتعويض عن الرضر األديب مـا أخرجـه −٧إن اهللا تبـارك «: قـال − −ابن حبان يف صحيحه من حديث عبد اهللا بن سـالم

زيد بن سعنة قال زيد بن سعنة إنه مل يبق من عالمـات النبـوة وتعاىل ملا أراد هد: حني نظرت إليه إال اثنتني مل أخربمها منـهملسو هيلع هللا ىلص وقد عرفتها يف وجه حممد شيئ إال

فكنـت أتلطـف لـه ألن ,إال حلـام عليه شدة اجلهل هيسبق حلمه جهله, وال يزيدفقلت له يا حممد هل لك أن تبيعني مترا معلوما . . أخالطه فأعرف حلمه وجهله,

هيـودي ولكـن أبيعـك متـرا ال يـا : من حائط بني فالن إىل أجل كذا وكذا, فقـالفأطلقت ملسو هيلع هللا ىلص معلوما إىل أجل كذا وال أسمي حائط بني فالن, فقلت نعم فبايعني

فأعطيته ثامنني مثقاال من ذهب يف متر معلـوم إىل أجـل كـذا ) كيس النقود(مهياين فلام كان قبل حمل األجل بيومني أو ثالثة خرج رسـول : قال زيد بن سعنة.. وكذا

من األنصار ومعه أبو بكر وعمر ونفـر مـن أصـحابه فلـام يف جنازة رجلملسو هيلع هللا ىلص اهللا فأخذت بمجـاميع قميصـه ونظـرت ,صىل عىل اجلنازة دنا من جدار فجلس إليه

أال تقضيني يا حممد حقي فواهللا مـا علمـتكم بنـي عبـد :إليه بوجه غليظ ثم قلتاملطلب بمطل ولقد كان يل بمخالطتكم علم, قال ونظرت إىل عمـر بـن اخلطـاب

أي عـدو اهللا :اه تدوران يف وجهه كالفلك املستدير ثـم رمـاين ببرصـه وقـالوعينأتقول لرسول اهللا ما أسمع وتفعل به ما أر, فوالذي بعثه باحلق لوال مـا أحـاذر

ورسول اهللا ينظر إىل عمر يف سكون وتؤدة ثـم ,فوته لضـربت بسيفي هذا عنقكأمرين بحسـن األداء وتـأمره أن تـ, ا أحوج إىل غري هذا منـك يـاعمرـإنا كن: الـق

اعا ـرين صــشـاذهب به ياعمر فاقضه حقه وزده ع) طلب الدين(بحسن التباعة فقلت ما هذه الزيادة? قال أمـرين رسـول اهللا أن أزيـدك من غريه مكان ما رعته,

.)١(»مكان ما رعتك

حـديث رقـم ١/٥٢١بنحقيـق شـعيب األرنـؤوط ) اإلحسان يف تقريب صحيح ابـن حبـان(صحيح ابن حبان ) ١( = وقال عنه ٦٠٥−٣/٦٠٤واملستدرك للحاكم ) ١١٢٨٤(حديث رقم ٦/٨٦ر للبيهقيـنن الكبـوالس) ٢٨٨(

− ٤٦ −

− −أمر عمـر بـن اخلطـاب ملسو هيلع هللا ىلص ووجه الداللة من احلديث أن النبي −٨يل عرشين صاعا من متر مقابل الروع الذي سببه لـه, والـروع رضر بالتعويض املا

.فدل ذلك عىل مرشوعية التعويض عن الرضر املعنوي, معنويوهذا احلديث يكاد يكون نصا رصحيا عىل التعويض املايل عن الرضر األديب,

لعل حديث عبد اهللا بن سـالم هـو الـنص «: حتى إن الدكتور خالد الشعيب قالي افتقده الفقهاء املعارصون وجعلهم يستدلون بالقواعد العامة لبيان الرشعي الذ

.)١(»حكم هذه املسألة :وأما من اإلمجاع يف − −فقد ذكر القائلون بجواز التعويض عن الرضر األديب قضاء عثامن

وهـذا القضـاء )٢(رجل رضب رجال حتى أحدث فقىض عىل اجلـاين بثلـث الديـة بأن الدية ال جتب إال إلتالف منفعة أو عضو وليس يف خمالف للقياس الذي يقيض

إن هذه القضية مظنة الشهرة ومل ينقل : وقالوا,القضية املحكوم فيها شيئ من ذلك .)٣(خالفها فيكون إمجاعا

خيـرج توصـيفه بالتعويض بسـبب رضر ال − −إن حكم عثامن :كام قالوا .)٤(فكان إمجاعاعن كونه رضرا أدبيا ومل خيالفه أحد من الصحابة .إذ ال تتوفر دواعيه وال مقتضياته,ويبدو يل أن دعو اإلمجاع هنا غري سديدة

واستدلوا أيضا بآثار السلف من الصحابة والتـابعني يف عـدد مـن احلـوادث التي حصلت يف زماهنم وكان هلم فتاو ومواقف يفهم منهـا قبـوهلم للتعـويض

:يأيتعن الرضر األديب, ومن تلك احلوادث ما

وقال عنه املزي يف هتذيب الكـامل نشــر » احلديثهذا حديث صحيح اإلسناد ومل خيرجاه وهو من غرر «: احلاكم= .هذا حديث حسن مشهور: ١٥٢٠رقم ٣٤٧−٧/٣٤٣م ١٩٨٠مؤسسة الرسالة بريوت ط األوىل

.٣٠قاعدة الرضر يزال وشموهلا للتعويض عن الرضر املعنوي للدكتور الشعيب ص ) ١( .عظميبتحقيق األ) ١٨٢٤٤(حديث ١٠/٢٤املصنف لعبد الرزاق الصنعاين ) ٢( .٩/٥٨٢ينظر املغني البن قدامة ) ٣( .٣٧٠الرضر األديب للنجار ) ٤(

− ٤٧ −

. )١(ورد أن عمر وعثامن ريض اهللا عنهام كانا يعاقبان عىل اهلجاء −١والعقاب عىل اهلجاء يقتيض أن يكون السب والقذف وغريمها مـن األفعـال

.)٢(الضارة التي تنال من رشف اإلنسان واعتباره حمل الضامن بالتعويض, يا خبيـث: لقال يف الرجل يقول للرج − −جـاء يف األثـر أن عليـا −٢

.)٣(يعزره الوايل بام رأ, ليس عليه حد معلوم: يا فاسق, قالوقـد )٤(للحطيئة حني هجا الزبرقان بن بدر − −اشتهرت عقوبة عمر −٣

سبق ما يف اهلجاء من إساءة تؤدي إىل رضر معنويفبيـنام هـي يف − −استدلوا بحادثة املرأة املغيبة التي اسـتدعاها عمـر −٤فزعت فرضهبا الطلق فألقت ولدها فامت, فاستشار عمر أصحاب النبـي الطريق

ؤدب ووال وصمت عـيل ـيئ إنام أنت مـم أن ليس عليك شـار بعضهـأشـ, فملسو هيلع هللا ىلص− − إن كانوا قالوا برأهيم فقد أطـاعوا : ما تقول? فقال: فأقبل عليه عمر وقال

عليك فإنك أفزعتها أر أن ديته ,رأهيم وإن كانوا قالوا يف هواك فلم ينصحوا لك .)٥(وألقت ولدها يف سبيلك فعمل عمر بقوله وأمره أن يقسمها يف قريش

رآ الضـامن ألنـه هـو املتسـبب يف اخلـوف − −أن عليا : ووجه الداللة واإلفزاع, والشك أن اإلفزاع واخلوف مها من قبيل الرضر األديب

حت ?فال بـىل قك حتى سلنأمل أخ: رجالن فقال أحدمها لآلخرتالحى −٥ولكن مل يكن يل عليك شهود, فالتفت إىل احلارضين وقال اشهدوا عىل ما قال ثم

فقال خينقه )٦(رفع أمره إىل عمر بن عبد العزيز فأرسل يف ذلك إىل سعيد بن املسيب .)٧(حتى حيدث أو يفتدي منه,فافتد منه بأربعني بعريا

).١٧١٥١(حديث ٨/٤٤١السنن الكرب للبيهقي ) ١( .١٣٧−١٣٦ص التعويض عن الرضر يف الفقه اإلسالمي ملحمد ابوعباه) ٢() ٢٩٥٦٧(ث حـدي ١٠/١٣٢وجاء يف مصنف ابن أيب شـيبة ) ١٧١٥٠(حديث ٨/٤٤٠السنن الكرب للبيهقي ) ٣(

»هن فواحش وفيهن عقوبة وال تقولوهن فتعودوهن«: قال عىل: بلفظ .٥٢ينظر الفعل الضارص) ٤( ).١٨٠١٠(حديث٩/٤٥٨املصنف لعبد الرزاق ) ٥(هو اإلمام سعيد بن املسيب بن حزن سيد التابعني وأحد الفقهاء السبعة باملدينة, مجع بني احلديث والفقـه والزهـد ) ٦(

وشـذرات ٤/٢١٧هـ ترمجته يف سري أعـالم النـبالء٩٣تويف سنة , أيب هريرة وكان متزوجا بابنته والورع رو عن .٥/١١٩وطبقات ابن سعد ١/١٠٢الذهب

.٣٢٠−١/٣١٩إعالم املوقعني ) ٧(

− ٤٨ −

ولو كـان غـري ديب باملال,وهذا األثر يدل عىل جواز التعويض عن الرضر األجائز ملا وجب الفداء يف احلكم باملال حيث إن الضــرر مل يـرتك أي أثـر مـادي يف

وقد اعرتض الشيخ مصـطفى الزرقـا عـىل االسـتدالل هبـذه اآلثـار عـىل اجلسم أن اخللفـاء الراشـدين عـاقبوا عـىل أور ,رر األديبـالتعويض املادي عـن الضـريق التعويض املـايل,ومل يوجـد أحـد مـن الصـحابة اإلرضار األديب,لكن بغري ط

.)١(يقول بالتعويض املايل عن مثل هذا الرضر :وأما من أقوال الفقهاء

فقد تشبث القائلون بالتعويض عن الرضر األديب بنقوالت عن فقهاء سابقني وبعض هذه النقوالت تفيد التعويض عـن األمل , تفيد التعويض عن الرضر األديب

جلرح إذا بـرئ ومل يـرتك أثـرا وهـو مافســر بالضــرر األديب,ومـن الناشئ عن ا .النقوالت ما تفيد أهنم رتبوا من األحكام ما يقطعه ويرفعه

:يأيت فمن تلك النقوالت ماجاء يف اهلداية أن من شج رجال فالتحمت ومل يبق هلا أثـر ونبـت الشـعر −١

حجتـه يف ذلـك أن جيب عليه أرش األمل وهو حكومة عـدل عنـد أيب يوسـف, و .)٢(الشني إن زال فاألمل احلاصل مل يكن قد زال فيجب تقويمه

ير حممد بن احلسن صاحب أيب حنيفـة أنـه جيـب يف اجلراحـات التـي −٢ .)٣(تندمل عىل وجه ال يبقى أثر, حكومة تقدر باحلق املصاب من األمل

مل يبق ة أو جرح حاصل برضب وإذا التحمت شج :جاء يف الدر املختار −٣عليه أرش األمل وهي : وقال أبو يوسف) عند اإلمام أيب حنيفة( له أثر فال شيئ فيه

.)٤(حكومة عدل

.٥٢الفعل الضار ص ) ١( .٥/٥١٥والدر املختار ١٧١وينظر جممع الضامنات ص ٤/٣٣٢اهلداية ) ٢( .٢٦/٨١املبسوط ) ٣( .٢٦/٨١, وينظر املبسوط ٦/٥٥٣الدر املختار) ٤(

− ٤٩ −

جاء يف كتب الشافعية أن من جرح شخصا ثم بـرئ ومل يبـق بعـد الـربء −٤يعـزر فقـط إحلاقـا :فإن القايض يفرض شيئا للمجروح باجتهـاده, وقيـل,نقص

.)١(للجرح باللطم والرضبل ابن قدامة يف املغني أن قطع حلمتي الثـديني عنـد مالـك والثـوري نق −٥

.)٢(شينه ريوجب ديتهام إن ذهب اللبن, وإال وجبت حكومة بقدأي (جاء يف الدر املختار أنه لو رضبه ومل يبق أثـر فإنـه ال شـيئ يف ذلـك −٦

.)٣(عليه أرش األمل وهي حكومة عدل :وقال أبو يوسف) ليس يف ذلك أرش مايلمما رتب الفقهاء من أحكـام عـىل الضــرر املعنـوي مـا رصح بـه فقهـاء −٧رر سـبها وسـب ـومـن الضـ رر,ـبأن للزوجة طلب التطليـق مـن الضـ )٤(املالكية

أبيها,والسب رضر معنوي وقد رتـب عليـه املالكيـة الطـالق إذا طلبتـه الزوجـة .بسبب ما حلق من رضر

بأن اجلار يمنـع مـن فـتح نافـذة إذا )٥(رصح الفقهاء من املالكية واحلنابلة −٨كانت ترشف عىل حريم جاره ويقىض بسدها, فالضـرر هنـا وهـو االطـالع عـىل حريم اجلار رضر معنوي حيث إن اجلار يتأذ نفسيا من اطالع اآلخرين عىل مـا

.يف بيتهللزوجة املتنازلة عن قسمها أخذ عوض عن ذلـك وهـذا )٦(أجاز الفقهاء −٩

مه الزوج هو عوض يف مقابل رضر معنوي إذ نزوهلا عن حقهـا العوض الذي يقد .يسبب هلا وحدة ووحشة وأملا نفسيا وهذا هو الرضر املعنوي

.٢/١٧٣فتح الوهاب برشح منهج الطالب لزكريا األنصاري ) ١( .٩/٦٢٤املغني ) ٢( .٦/٥٨٦الدر املختار مع حاشية ابن عابدين ) ٣( .٢/٣٤٥ينظر حاشية الدسوقي عىل الرشح الكبري) ٤( .٣/٣٥٨ومطالب أويل النهى ٦/٥٩ورشح اخلريش عىل خمترص خليل ٣/٣٦٩حاشية الدسوقي ) ٥( .٥/٤٠٥وتفسري القرطبي ٢/٣٤١الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي) ٦(

− ٥٠ −

إىل وجوب متعة للمرأة املطلقة قبل الـدخول, )١(ذهب كثري من الفقهاء −١٠وهذه املتعة بمثابة تعويض عن الرضر املعنوي الذي يصيب املـرأة املطلقـة حيـث

م نفسية كثرية بسبب خوفها من إشاعات قد تنترش بني الناس مما يـؤثر تصاب بآالفاملتعة هنا تعويض عام أصاهبا وجـرب هلـا عـن , عىل سمعتها ويرصف الناس عنها

إحياشها بالفراق, بل إن يف فرض نصف املهر يف حالة الطالق قبل الدخول يعتـرب .)٢(داخال يف هذا املجال

وارد عىل اعتبارهم للرضر املعنوي وإجـازهتم وهذه النقوالت عن الفقهاء تت .للتعويض عنه حتى ولو مل تكن التسمية هبذا املسمى

لكن املانعني للتعويض عن الرضر املعنـوي اعرتضـوا عـىل هـذه النقـوالت رر ـإن األمثلة الفقهية التـي استشـهدوا هبـا عـن الضـ: وإفادهتا للتعويض وقالوا

يئ فـاألمل والشـني وفـوات الزينـة الطبيعيـة األديب ليست من الرضر األديب يف شكلها أرضار مادية ال نزاع يف جواز التعويض املايل عنها وال تصلح ,بفقدان الشعر

.)٣(بحال لالحتجاج هبا رشعا عىل التعويض املايل عن الرضر األديبوسف ليس هـو وقالوا إن األمل الذي نقل الفقهاء التعويض عنه يف كالم أيب ي

نه ناتج عن فعل مادي فكان هـذا مسـوغا للتعـويض عنـه إخالصا إذ رضرا أدبيا باعتباره رضرا ماديا يؤدي إىل خسارة ماليـة,فهو يـؤدي إىل تعطيـل العمـل وفيـه

.)٤(أجرة الطبيب وثمن الدواء فهذا ليس رضرا معنوياكام قالوا إن ما وصفتموه بأنه رضر أديب هـو يف حقيقتـه رضر مـادي يمكـن

رب واللطـم ولـو مل ـومن ذلك إيقاع األمل بالضـ, واعد الرشعيةتعويضه وفق الق .يرتك أثرا وكذا نقص مجال عضو من األعضاء

.٣/٢٠٠وتفسري القرطبي ٢/٩٧ينظر بداية املجتهد ) ١( ).موقع الدكتور بدون صفحات(التعويض عن الرضر املعنوي للقره داغي) ٢( .١٢٣الفعل الضار ) ٣(والتعويض عن األرضار املرتتبة عـىل املامطلـة ٣٧−٣٦اإلسالمي ملحمد بوساق ص التعويض عن الرضر يف الفقه) ٤(

.٥٥للدكتور سلامن الدخيل ص

− ٥١ −

والرضر األديب الذي له انعكاسات مالية يقبل التعويض كأي رضر مايل مثل اهتام طبيب باجلهل بالطب أو تاجر بأنه عديم األمانة أو أنه عىل وشك اإلفـالس

.)١(تعامل معه ويرض بمورده املايلمما يرصف الناس عن الوعندما حتدث الدكتور الرضير عن نصـوص الفقهـاء اعـرتض عليهـا بأهنـا

تفوت مجاال أو منفعة أوحتدث أملانصوص تدل عىل اجلراحات التي ترتك شينا أو فيها حكومة العدل وإن كان فيها معنـى التعـويض فهـي يف احلقيقـة عقوبـة عـىل

.)٢(اجلاين كالدية :رد املجيزون عىل هذا االعرتاض بأمرينوقد إذا كان األمل والشني وفوات الزينة وغريها تستحق التعـويض يكـون :األول

أما وصـفها ,هذا تسليام بأنه جيوز أن يرد عليها التعويض باملال وذلك هو املقصودبأهنا أرضار مالية وليست أرضارا أدبية فذلك لن يغري من احلكم شـيئا فهـي عنـد

.ين تعترب من األرضار األدبيةاملجيزورد بصدد االسـتدالل عـىل جـواز التعـويض عـن القول بأن كل ما: الثاينيسـتقيم مـع األمثلـة التـي ذكرهـا ال يب بأنه ليس من الضــرر األديب الرضر األد

املجيزون كام ورد عن عمر وعثامن وعيل ريض اهللا عنهم فقد وردت تلك األمثلـة تبارها من قبيل املال الذي جيوز االعتياض عنه ومع بخصوص أرضار ال يمكن اع

رغم أن الوصف الغالب عليهـا ذلك فقد قرر الفقهاء جواز التعويض عنه باملال, .)٣(وصفها بأهنا أرضار أدبية باملعنى الذي يراه املجيزون

:األدلة العقلية :يأيت استدل القائلون بالتعويض عن الرضر األديب بأدلة عقلية ومنها ما

إن الرضر األديب ال يقل يف النفس من ناحية حتقق األمل الـذي يبعثـه عـن −١وإذا كـان , الرضر املايل, بل إن الرضر املايل قد يكـون أهـون مـن الضــرر األديب

.١٢٤−١٢٣الفعل الضار ص) ١( .٨٦−٨٥ص )٢( اجلزء) ١٢(الرشط اجلزائي يف جملة جممع الفقه العدد :بحث الصديق الرضير) ٢( .٣٧٥−٣٧٤الرضر األديب للنجار ص ) ٣(

− ٥٢ −

التعويض عن املادي ألجل ختفيف األمل يف نفس املرضور وحمو بقاياه يف نفسه فإنه .)١(ن األديباليستساغ االقتصار عىل الرضر املادي دو

رر األديب سـوف يفـتح البـاب ـإن القول بعدم جواز التعويض عن الض −٢للتعدي عىل أعراض الناس وسوف يشجع املعتدين عىل اإلرضار بالناس ومن ثم يكون تقرير التعويض عنه باملال زاجرا ورادعا هلم كام سيكون ذلك ذريعة حلفـظ

.)٢(أعراض الناس ومنع التطاول عليهمأن يناقش هذا االستدالل بأن هناك عقوبة تعزيرية يمكن أن تفرض ويمكن

.عىل من تعد عىل أعراض الناس وهي كافية يف الزجرريعة ـوالش, رر األديبـإن قواعد الرشع ال تأبى تقدير التعويض عن الض −٣

قد رشعت احلد جلريمة القذف وهو رضر معنوي أديب فال مـانع أن يعـوض عـن .)٣(التي هي دون ذلك باملال إزالة للرضر بقدر اإلمكان األرضار املعنوية

يف زماننا هذا قد يكون التعزير بأخذ املال يف األرضار األدبية أو املعنويـة −٤إن يف هـذه :ولعل مـن احلـق أن يقـال,أمىض يف العقاب وأحسن يف حتقيق النتائج

بالعقوبـات فلـيكن حـق اهللا, حق اهللا وحق العبـد: األرضار األدبية جيتمع حقانالواقعة عىل اجلسم والـنفس عـىل حسـب األحـوال ولـيكن حـق العبـد بفـرض

.)٤(الغرامات املالية ولكل منهام أثره القوي يف الزجر والتأديبملا كانت الرشيعة تقر التعزير عن الرضر األديب وهي مـن قبيـل التعزيـر −٥يراه أقمع للفسـاد إىل مااملال فإنه يكون للحاكم أن يلجأ يف أساليب التعزير بأخذ

.)٥(وأبلغ يف اإلصالح

.٣٧١يب للنجار ص الرضر األد) ١( .٣٧١والرضر األديب للنجار ص ١٣٩التعويض عن الرضر يف الفقه اإلسالمي ملحمد أبوعباه ص ) ٢( .٢٩٠نظرية التعسف يف استعامل احلق لفتحي الدريني ص ) ٣( كالمها عن املسؤولية التقصريية ملحمد فـوزي فـيض اهللا٨١/ودعاو التعويض للمتيهي ١٢٣الفعل الضار ص ) ٤(

.١٤٤ص .٢/١٠٢٥الرضر يف الفقه اإلسالمي للدكتور أمحد موايف) ٥(

− ٥٣ −

الواجب يف الرضر املعنوي أو األديب هـو التعزيـر ومـن أنواعـه التعزيـر −٦خيرج عن التعزيـر رر األديب الـوالتعويض باملال عن الض,باملال وهو مقرر رشعا

.)١(باملال املقرر رشعاألن النـزاع يف وقد نوقش هـذا االسـتدالل بأنـه خـارج عـن حمـل النـزاع ;

تعويض املترضر رضرا أدبيا باملال أما التعزير باملال الذي ذكرمتـوه فمـورده بيـت بينام التعويض هو للمترضر مقابل مـا حلقـه مـن املال ومرصفه مصالح املسلمني,

قيمته, والسمعة والرشف ليست من األشياء رضر مادي يمكن أن يقابل بمثله أو .)٢(املتقومة باملالالتعزير بأخذ املال هو من باب العقوبة وليس من باب التعـويض عـن ثم إن

.)٣(الرضرويمكن أن يرد عىل هذا االعرتاض بأن النزاع هو يف فرض غرامة ماليـة عـىل الرضر األديب وقد سلمتم هبا أما كوهنا تسلم للمرضور أو لبيت املال فهذا ال يغري

. اد القايضاحلكم بجواز التعويض,ويمكن أن يرد إىل اجته :أدلة املانعني : الفرع الثاين

:وأمهها مايأيت,استدل املانعون للتعويض عن الرضر األديب بأدلةإن الرضر األديب اخلايل من اآلثار املالية هو من األمور االعتبارية اعتبـارا −١

وينبغي أن , حمضا كالرشف والسمعة ومن ثم كان غري صالح للتعويض عنه باملال .)٤(اعد التعزير الرشعيخيضع لقو

وقد نوقش هذا االستدالل بأن مقصود الشارع من التعـويض هـو املواسـاة للمرضور ورفع ما أحدثه الرضر من حزن يف نفسه وهذا املعنى موجود يف الرضر

.)٥(األديب كام هو موجود يف الرضر املادي عىل حد سواء

.٢٥نظرية الضامن للدكتور وهبة الزحييل ص ) ١( .٥٥والتعويض عن األرضار املرتتبة عىل املامطلة يف الديون للدكتو رسلامن الدخيل ص ١٢٤الفعل الضار ص ) ٢( .٣٧التعويض عن الرضر ملحمد بوساق ص ) ٣( .١٢٦ل الضار الفع) ٤( .٣٨٢الرضر األديب للنجار ص) ٥(

− ٥٤ −

ترب من باب األخذ عىل إن التعويض عام يشني اإلنسان يف عرضه باملال يع −٢وهذا ال جيوز, ولذلك ال جيوز أن يصالح املقذوف مـن قذفـه عـىل ,العرض ماال

.)١(وجعلها حمل تعويض مايل أمر تأباه الفطر السليمة,مال فاألعراض هلا مكانتهافام يؤخذ ليس يف مقابل التنازل عن العرض وإنـام , ونوقش هذا بأنه ال يسلم

واملال يساعد عىل هذا االنجبـار كـام يف الديـة فهـي جـرب ,ألجل جرب ما به من أمل .أصاب أهل القتيل أو املرضور

ومن جانب آخر فال يسلم أن املال حقري ال يصلح هلذا الدور, فالشــرع قـد جعل له دورا كبريا يف دية النفس واألعضاء ولو مل يكن له هذا الدور ملا جعلـه اهللا

املال قوام احلياة وقد قدمـه اهللا عـىل الـنفس يف تعاىل دية لقتل إنسان مسلم,ثم إن .)٢(كثري من آيات القرآن

عىل أن مسألة مصاحلة املقذوف باملال وإن قال اجلمهور بعدم جواز ذلك إال من املالكيـة أن )٣(فقد رأ بعض الفقهاء ومنهم أشهب, أن هذا مل يكن حمل اتفاق

ومـا جـاز , ز العفو فيها كالســرقةاحلدود التي ال جيوز الصلح فيها هي ما ال جيو ., ومن املعلوم أن الصلح قد يكون عىل مال)٤(العفو فيه جاز فيه الصلحاليقبل الفـداء وهـو جممـع عليـه يف الزنـا «: عن احلد )٥(قال احلافظ بن حجر

)٦(»واختلف يف القذف والصحيح أنه كغريه,والرسقة واحلرابة ورشب املسكر

.٣٤التعويض عن الرضر يف الفقه اإلسالمي ملحمد بو ساق ص ) ١( ).كتور بدون صفحاتدموقع ال(التعويض عن الرضر املعنوي للقره داغي ) ٢(لنسائي كان فقيهـا أشهب بن عبد العزيز بن داود املرصي الفقيه صاحب اإلمام مالك كان ثقة رو له أبو داود وا) ٣(

ووفيـات األعيـان ٥٩وشـجرة النـور الزكيـة ص ٩٨ترمجته يف الديباج املذهب ص) ٢٠٤(حسن الرأي تويف سنة ١/٢١٥.

.٧/٣٢٥م ١٩٩٤والذخرية للقرايف نرش دار الغرب اإلسالمي الطبعة األوىل ٢/٤٩تبرصة احلكام ) ٤(أقبل عىل احلديث ورحل إىل اليمن واحلجـاز صـنف العديـد هو أمحد بن عىل بن حممد العسقالين من أئمة العلم ) ١٥(

هـ ترمجته يف الضوء الالمـع ٨٨٢فتح الباري رشح البخاري واإلصابة والدرر الكامنة تويف سنة :من املصنفات منهاوالبدر الطالع للشـوكاين مطبعـة ٧/٢٧٠وشذرات الذهب ٢/٣٦للسخاو منشورات دار مكتبة احلياة بريوت

.١/٨٧هـ ١٣٤٨وىل السعادة ط األ .١٢/١٤١فتح الباري ) ٦(

− ٥٥ −

غري حمسوس وال يمكن ءخسارة مالية وهو يش عنوي ليس فيهالرضر امل −٣فقبول مبدأ التعويض املايل عـن األرضار )١(تقديره وال يرتك آثارا ظاهرة يف اجلسم

ينضـبط بضـابط, األدبية له حمذور واضح هو أن مقدار الرضر اعتباطي حمض ال .)٢(بينام حترص الرشيعة عىل التكافؤ املوضوعي بني الرضر والتعويض

تعويض باملال يقوم عىل اجلرب بالتعويض وذلك بإحالل مال حمل مال ثم إن الفـاقـد مكـافئ لـرد احلال إىل ما كانت عليه, إزالة للضـرر وجربا للنقص وذلـك ال يتحقق إال بإحالل مال مكافئ له كام يكون التعويض بـدال عـن القصـاص إذا

.)٣(تعذر إجراؤه,وهذا ما ال يتحقق يف الرضر األديبنوقش هذا االستدالل بأنه ال يسلم أن رشف اإلنسان وسـمعته ليسـت وقد

مما يعوض بامل; ذلك أن رشفه وسمعته يمثالن حقا من أسـمى حقـوق اإلنسـان وأعظمها خطرا يف حياته, واألمل الذي يصيب اإلنسان بسبب التعدي عىل سمعته

تصـار عـىل واعتباره قد يكون أقو من األمل الذي يصيبه بسـبب رضر مايل,فاالق .التعويض عىل األمل الذي يصيبه برضر مايل وإخراج الرضر األديب غري سديد

ثم إن الغرض من التعويض ليس إحداث تقابل بني قيم ماليـة مفقـودة مـن رر ـجراء الرضر وإحالل مال آخر حملها,وإنام الغرض من التعويض حمو آثار الض

ود يف الرضر األديب بقدر مـا وهذا موج,من نفس املرضور وختفيف األمل من نفسه .)٤(هو موجود يف الرضر املادي

أما أن مقدار التعويض عن الرضر األديب ال ينضبط بضابط فيمكن معاجلتـه بام عالج به الفقهاء األشباه والنظائر التي ليس هلا حتديد موضـوعي مثـل اجلـراح

كومة العدل التي ليس فيها قصاص وال دية حمددة فعاجلهـا الفقهاء من خـالل ح

.٣٤التعويض عن الرضر ملحمد بوساق ) ١( .١٢٤الفعل الضار ) ٢(رر يف الفقه اإلسـالمي ملحمـد بوسـاق ـويض عن الضـوالتع ٤٥ي اخلفيف صـالمي لعلـه اإلسـالضامن يف الفق) ٣(

.٣٥−٣٤ص .٣٧٦الرضر األديب للنجار ) ٤(

− ٥٦ −

ثم لو سلمنا عدم إمكان الضبط التام فهذا ال , −أي تقدير القاضـي واجتهـاده −رر ـينبغي أن يكون دافعا لرفض التعويض مطلقا بل ينبغي البحث عـن درء الضـ

رر ـومن املعلوم أن درء الرضر املمكن مطلوب مادام درء كل الض بقدر اإلمكان, .غري ممكن

كـن دفـع مجيـع الظلـم مذا مل يإ« − رمحه اهللا − )١(يميةيقول شيخ اإلسالم بن ت )٣(»ويمكن أن يرجع إىل أهل اخلربة للتقدير املمكن )٢(يدفع املمكن منه

التعويض يقصد به اجلرب واإلزالة وإعطاء املال يف هذا النوع ال يرفعه وال −٤ا إىل مـا يزيله,فأخذ املال فيه عند جرح الشعور أو ثلم الرشف ال يعـود بـه كالمهـ

.)٤(كانا عليه من سالمةوجياب عن هذا بأنه ال يسلم أن الغاية من التعويض منحرصة يف إعادة احلال

رع هو ـوما يطلبه الش,إىل ما كان عليه متاما ألن هذا النوع من اجلرب يصعب حتقيقه .جرب الرضر وحموه بأي صورة ممكنة

ور عبد الرزاق السنهوري أن وللقانونيني هنا مناقشة ال بأس هبا إذ ير الدكتال تقبل التعويض وأن تقدير التعـويض فيـه ) األديب(القول بأن طبيعة هذا الرضر

مستعيص فمبني عىل لبس يف فهم معنى التعويض, إذ ال يقصـد بـالتعويض حمـوه رر األديب ال يمحـى وال يـزول بتعـويض مـادي, ـوإزالته من الوجود وإال فالضستحدث املرضور لنفسه بديال عام أصابه من الضـرر ولكن يقصد بالتعويض أن ي

األديب فاخلسارة ال تزول ولكن يقوم إىل جانبها كسب يعـوض عنهـا وعـىل هـذا

له باع طويـل يف حلليم بن عبد السالم بن تيمية شيخ اإلسالم اإلمام الفقيه املجتهد الزاهد الورع,هو أمحد بن عبد ا) ١(تعارض العقل والنقل ورفع املالم عن األئمـة :وصنف العديد من املصنفات منها ,الرد عىل املبتدعة وأهل األهواء

تـويف سـنة . اواه يف سـبعة وثالثـني جملـدا ومجعـت فتـ األعالم واقتضاء الرصاط املستقيم ومنهـاج السـنة النبويـةوالشـهادة الزكيـة ملرعـي الكرمـي, ٢/٣٨٧وذيل طبقات احلنابلة ١٤/١٣٥ترمجته يف البداية والنهاية ) هـ٧٢٧(

.٦٣م ص ١٩٨٣/هـ ١٤٠٤طبع مؤسسة الرسالة بريوت الطبعة األوىل .٢٣واحلسبة يف اإلسالم ص ٢٨/٧٧جمموع فتاو ابن تيمية ) ٢( ).موقع الدكتور بدون صفحات(لتعويض عن الرضر املعنوي للقره داغي ا) ٣( .٤٥الضامن للخفيف ) ٤(

− ٥٧ −

فمـن أصـيب يف رشفـه واعتبـاره جـاز أن , املعنى يمكن تعويض الضـرر األديبيعوض عن ذلك بام يرد اعتباره بني الناس حتى لو كان التعويض مبلغـا ضـئيال,

يب يف عاطفته وشعوره إذا حصل عىل تعويض مايل فتح له املـال أبـواب ومن أصاملواساة تكفكف من شجنه, واألمل الذي يصيب اجلسم يسكن من أوجاعـه مـال يناله املرضور يرفه به عن نفسه, أما تقدير مبلغ التعويض فليس بأشد مشـقة مـن

يض سو تقـدير تقدير التعويض يف بعض أنواع الرضر املادي وما يطلب من القا .)١(مبلغ يكفي عوضا عن الرضر األديب دون غلو يف التقدير وال إرساف

عـىل −رمحـه اهللا −من أدلة املانعني ما اعرتض به الشيخ مصطفى الزرقـا −٥من القانون األردين والتي تقرر احلكم بتعـويض مـايل ) ٢٦٧(من املادة)٢(الفقرة

.وت املصابللزوج واألقارب عام يصيبهم من رضر أديب بم :ييل وقد اعرتض الزرقا عىل هذه املادة بام

حـدود لـه فـوق تعترب خمالفة رشعية صارخة بإضافتها تعويضا آخر ال :أوالريعة حسـمت اخلـالف يف املوضـوع ـبيـنام الشـ »رر األديبـالض« الدية حتت اسم

.وحددت مقدار الدية يف اجلناية عىل النفسمام القايض لالعتباط والـتحكم يف تقـدير ثانيا فتحت الباب عىل مرصاعيه أ

ــؤد إىل األقــارب لتعويضــهم عــام ــة ي ــادة عــىل الدي تعــويض أديب مزعــوم زيأن يستشعرون به من أمل بسبب موت املرضور,وبناء عىل هذه العلة جيوز للقـايض

حيكم بالتعويض مراعيا ظروف العائلة يف تعيني أحظ أفرادها من احلزن والفجيعة .)٢(فة لطريقة الدية الرشعيةويف ذلك خمال

وقد رد املجيزون عىل هذا بأن ما ذكر صواب إال أنه يمكن تالفيه من خـالل اوز قواعده الشـرعية التـي ـي بحيث ال تتجـرر األدبـن الضـويض عـتنظيم التعويقرص التعويض عىل غـري مـا ورد فيـه نـص مـن ارع,ـا تقدير عن الشـورد فيه

.١/٨٦٧الوسيط للسنهوري ) ١( .١٢٧−١٢٦الفعل الضار ) ٢(

− ٥٨ −

ما ورد فيه نـص مـن الشـارع أو تقـدير فإنـه يكـون هـو الشارع أو تنظيم له,أما .)١(الواجب االتباع

وأر أن يرد عىل الزيادة عىل الدية بأنه يمكن أن يقترص التعويض للشخص املرضور نفسه وال ينتقـل إىل الورثـة, عـىل أن هنـاك بعـض املعـارصين أجـازوا

يـف والـدكتور تعويضا عن الرضر بجانب الدية واألرش ومنهم الشيخ عىل اخلف .حممد رساج

املوضوع أثنـاء املناقشـة ولنا وقفة إن شاء اهللا مع رأي الشيخ اخلفيف يف هذا .والرتجيحريعة لـإلرضار األديب وحـد ـالنصوص الرشعية أكدت عىل حتـريم الشـ −٦

ريعة يف ـلكن األسلوب الذي اتبعته الش,القذف يف الرشيعة مثال واضح عىل ذلكيب إنام هو التعزير الزاجر وليس التعويض املايل, ولذلك فـال معاجلة اإلرضار األد

يوجد مربر استصالحي ملعاجلة الرضر األديب بالتعويض املادي طاملـا قـد فتحـت .)٢(الرشيعة جماال واسعا يف التعزير

وقد نوقش هذا االستدالل بأن القائلني بجواز التعويض عن الضــرر األديب يها حكم مقدر من الرشع, ويقرصون التعويض عىل يستثنون احلاالت التي ورد ف

رر ـاحلاالت التي مل يرد فيها من الرشع حكم مقدر أو عقاب وكانـت حمققـة الضـثـم إن هـذا )٣(ألهنا تدخل ضمن السلطة التقديرية التي ترك للحـاكم النظـر فيهـا

ررـيصلح دليال للقائلني بالتعويض, فام دام أن الشـريعة أقرت عقوبـة عـىل الضـاألديب يف جريمة القذف فال مانع أن يعاقب عىل األرضار األدبيـة التـي هـي دون

.القذف بعقوبة مرتوكة إىل القايض باألسلوب الذي يراه ممكناملن أرض بغـريه أدبيـا لوجـب أن ) العقوبة املالية(لو سلمنا بالتعزير املايل −٧

وليس هو ,به املجيزونوهذا ال يقول ,يذهب إىل خزينة الدولة وليس إىل املترضر .)٤(مراد املستدلني بجواز التعزير املايل رشعا

.٣٨٢الرضر األديب للنجار ص) ١( .١٢٤الفعل الضار ) ٢( .٣٧٥الرضر األديب للنجار) ٣( .١٢٤الفعل الضار ) ٤(

− ٥٩ −

وقد اعرتض عىل هذا االستدالل بأن اهلدف من التعويض هو حتقيق املامثلـة رر ـبني التعويض والرضر وملا كان ذلك غري ممكن يف إطـار التعـويض عـن الضـ

الشـارع يف الديـة األديب فإن اهلدف يصبح هو مواساة املرضور اقتداء بـام رسـمه ر ـاب املال إليه أوىل, دفعا للرضر وقطعا لدابر الشـون ذهـن ثم يكـوم ,واألرش

.من النفوسرض بغريه رضرا أدبيـا فـإذا سـلمنا أملهم هو جواز تغريم اجلاين الذي ثم إن ا

لة أخر ختضع لنظر احلاكم وما يمليه العـرف أبذلك فإن توجيه املال املدفوع مس .)١(السائداستدلوا بام نقل عن الفقهاء من نقوالت تبني أهنم مل حيكمـوا بـالتعويض −٨

وإنام أسقطوا األرش يف بعضها وحكموا بـالتعزير يف حـاالت , عن الرضر األديبأخر.

:ومن تلك النقوالتأنه لو لطم شخصا عىل وجهـه فلـم يـؤثر −رمحه اهللا −ذكره ابن قدامة ما −

.)٢(فال ضامن عليهأن من شج رجال فالتحمت ومل يبق أثر −رمحه اهللا−عن أيب حنيفة روي ما −

وقد علـل أصـحابه ذلـك بـأن الشـني الوجـب , ونبت الشعر فإن األرش يسقط .)٣(لألرش قد زال

إن القول بلـزوم حكومـة األمل غـري سـديد ألن جمـرد األمل )٤(قال الكاساين − .)٥(الضامن له يف الرشع,كمن رضب رجال وجيعا

.٣٧٧جار الرضر األديب للن) ١( .٩/٦٦٦املغني ) ٢( .١٠/٢٩٦اهلداية مع فتح القدير ) ٣() هــ٥٨٧( تـويف سـنة,بدائع الصنائع:عالء الدين أبو بكر بن مسعود بن أمحد الكاساين الفقيه احلنفي من مصنفاته) ٤(

.٣/٧٥دار إحياء الرتاث العريب بريوت ,ومعجم املؤلفني ٢/٢٤٤ترمجته يف اجلواهر املضيئة .٧/٣١٦ائع الصنائع بد) ٥(

− ٦٠ −

.. من آذ غريه بقول أو فعل يعـزر« )١(يف األشباه والنظائر البن نجيمجاء − )٢( »ولو بغمز العني

وإذا ظهر كذب املدعي يف دعواه بـام يـؤذي بـه املـدعى «: وقال يف اإلقناع − )٣(»عليه عزر لكذبه وأذاه

وإذا رضب رجل رجال رضبا مل يذهب له شعرا ومل يغري لـه «: جاء يف األم − )٤(»ه آمله فال حكومة عليه فيه,ويعزر الضاربأن برشا غري

:يف إمكانية زيادة تعويض عىل الدية −رمحه اهللا −رأي الشيخ عىل اخلفيف اشتهر رأي الشيخ عىل اخلفيف يف إنكاره التعويض عن الضـرر األديب وقال

إن قواعد الفقه اإلسالمي تقيض بعدم التعـويض املـايل عـن «: كام تقدم النقل عنهإن الفقـه اإلسـالمي ال يرتـب «: كام قال )٥(»األديب وكذلك الرضر املعنوي الرضر

)٦(»التعويض عن الرضر األديبلكنه من جانب آخر رأ أن الديات واألروش ليست تعويضا كامال فيمكن أن يزاد تعويض مايل لكي ختفف آالم املجنـي عليـه ورضره ويـذهب عنـه بقـدر

.اإلمكان غيظ القلوب وحقد النفوسوير اخلفيف أن للامل يف هذا السبيل أثره الطيب املعروف يف ختفيف اآلالم وشفاء مايف الصدور إذ يؤدي ذلك إىل أذ لدافعه بنقص ماله ومنافع ملن دفع إليه

)٧(يطيب هبا عيشه وجيد فيها معونتهوتساءل الشـيخ اخلفيـف إذا مل تكـن الـديات واألروش تعويضـا كـامال أو

ل للمجني عليه أن يطلب تعويضا آخـر مـع الـديات واألروش تعويضا حمضا فه

البحـر : مـن تصـانيفه ,فقيـه أصـويل,املرصي احلنفـي» ابن نجيم«زين الدين إبراهيم بن حممد بن حممد املشهور بـ) ١(ــنة ــويف س ــا ت ــائر وغريه ــباه والنظ ــدقائق واألش ــز ال ــق رشح كن ـــ٩٧٠الرائ ــذهب .ه ــذرات ال ــه يف ش ترمجت

.٣/١٥٤م ١٩٧٩ريوت ط الثانية والكواكب السائرة للغزي, دار اآلفاق اجلديدة ب٨/٣٥٨ .١٨٨األشباه والنظائر البن نجيم ) ٢( .٤/٢٧٣اإلقناع ) ٣( .٦/٨٩األم ) ٤( .٤٥−٤٤الضامن لعىل اخلفيف ) ٥( .٢٠املرجع السابق ص ) ٦( .٣١٠−٣٠٩الضامن يف الفقه اإلسالمي) ٧(

− ٦١ −

املوضوع رصاحة وكل ثم أجاب بأن الفقهاء مل يتعرضوا هلذا عام أصابه من رضر?ر ـوفسـ ,ما أثر عنهم أنه ليس للمجني عليـه أن يتجـاوز املقـادير املقـررة رشعـا

تباره زيـادة بأن الظاهر أهنم يريدون بذلك منع التجاوز باع :اخلفيف كالمهم هذا .يف الديات املقررة من الشارع

يمنع القول بأن ينال املجني عليه تعويضـا ماليـا ينظـر فيـه إىل أنه الأثم ر :حدث, وأيد رأيه بام ييل تعويض ما

إن بعض الفقهاء ذهبوا إىل جواز زيادة التعويضات املقدرة مـن الشـارع −١ذا مل يكـن تقـديرها مانعـا مـن إ,بطريق التعزير إذا اقتضت مصلحة املجتمع ذلك

فإذا رؤي أن ثمة رضرا كبريا نزل باملجني عليه بسبب هذه اجلريمة الزيادة عليها,فليس من العدل عدم مراعاته والتسوية بني جريمتني إحـدامها مل حتـدث رضرا ذا

وكيـف يمكـن أن نتصـور حتقيـق التامثـل يف ,بال وأخر أحدثت رضرا عظـياممة واجلزاء يف حني أن اجلزاء فيهام واحد واجلريمة فيهام خمتلفة الصورتني بني اجلري

.ومتفاوتة وكذلك رضرها إن التعويض باملال يف الفقه اإلسـالمي جيـب أن يكـون عـن رضر مـايل −٢

يتحقق غالبا يف أحوال الديات واألروش, ال يتمثل يف فقد مال كان قائام وذلك مافقه اإلسالمي,ولكن إذا أمكن إقامة الضـامن تقيض به نظرية الضامن يف ال وهذا ما

عىل نظرية أخر وهي ختفيف األمل من املصـاب وإرضـاء نفسـه واعـتالل الغـل يدفع إليه إرضاء له أمكن حينئذ عىل هـذا واحلقد من قلبه وذلك ما يقوم به املال,

.األساس القول بجواز التعويض عن رضر مل يالحظ يف فرض الدية وتقديرهاأن الرشيعة أقرت الدية وسط البادية حيث يعيش أهلها من الرعي يؤيد هذا

ونتاج احليوان والنعم وثامر النخيل وما أشبهها دون نظر إىل الصناعة والعمل عىل مستو الناس مجيعا, إذ مل يكن رضر اجلرائم يف هذا الوسط يتعد إىل غـري األمل,

وقهـا وواجباهتـا ممـا جعـل أما يف عرصنا فقد تضاعفت فيه متطلبات احليـاة وحقيقـف عنـد األرضار وكـان رضر اجلريمـة ال غالب الناس يعـيش مـن عملهـم,

− ٦٢ −

اجلسامنية أو النفسية بل كثريا مـا يتجاوزهـا إىل أرضار ماديـة حتـول دون العمـل .وكسب املال مما كان متوفرا للمجني عليه من قبل

بته تلك األرضار من العدل أن يكون ملن أصا يرويف مثل هذه األحوال قد . )١(أن يطالب بتعويض عنها فوق ما يعطاه من دية

هذا هو رأي الشيخ اخلفيف يف موضوع التعويض عـن رضر يعطـاه املجنـي قشـته وسنقف عىل منا ,عليه زيادة عن املقدرات من الشارع يف الديات واألروش

.يف الفرع اآليت إن شاء اهللا :املناقشة والرتجيح: املطلب الثالث

:مناقشة األقوال :الفرع األول بعد عرض األقوال وأدلتها أقف بعض الوقفات ألصل بعدها إىل ما تـرجح

لدي يف موضوع التعويض عن الرضر األديبرر ـأن الشقة بني املجيزين للتعويض املادي عن الضـ :أما الوقفة األوىل فهي

ون بكثري من صـور األديب واملانعني منه ليست ببعيدة وبخاصة وأن املانعني يسلمالرضر األديب التي يعتربوهنا داخلة يف الرضر املادي,سواء كان جسـميا أم ماليـا, فلم يبق إال الرضر األديب املحض,ويكاد ينعدم رضر أديب حمض وال يوجـد إال يف حاالت نادرة,فمن املألوف أن اإلنسان حني يصاب برضر يف مشاعره أو عواطفه

سية وقد يتعالج عـن أمراضـه النفسـية بأضـعاف مـا ينعكس ذلك عىل حالته النفيتعالج عن األمراض اجلسمية,وهلذا يستبعد وجود رضر أديب حقيقي حمض ليس

.له أثرمما الشك فيه أن الرشيعة اإلسالمية بترشيعاهتا احلكيمة العادلة :الوقفة الثانية

من جسم نه مكونإإذ :راعت الرضر املعنوي باعتباره يصيب أحد أجزاء اإلنسان ,حفـظ الـنفس :روريةـريعة الضـولقد كان من مقاصد الش مادة وروح, ,ونفس

.٣١١ −٣١٠الضامن يف الفقه اإلسالمي ص ) ١(

− ٦٣ −

عليه, ويشمل حفـظ مشـاعره وعرضـه ولـذا وحفظها يشمل اجلسم فال يعتدوهـي أحـد رع حدا يف جريمة القذف,ـحرم الرشع السب والقذف بل جعل الش

حـض فهـي تصـيب رر األديب املـاألرضار املعنوية األدبية التي تقـرتب مـن الضـ .مشاعره وجترح نفسيته وال عالقة هلا باألرضار املالية إال بتأويل بعيد

رضار بـاآلخرين هـي رع عـىل اإلـمن املعلوم أن عقوبات الش: الوقفة الثالثةقـد جيدونـه يف أنفسـهم نتصار للمترضرين,وكذا تسليتهم ونزع ماردع للجناة وا

,تلحظ هذه احلكمـة يف كـل األرضار جراء اجلناية التي وقعت عليهم,وينبغي أن :وأعنـي ,يفرق بـني املـتامثالت رع احلكيم الـسواء كانت مادية أم معنوية, فالش

رر ـالتامثل يف الرضر عىل فرض االستواء يف تأثري الرضر,وإال فكثري من صور الضرع ـاألديب تفوق واقعيا األرضار املادية,وبناء عىل ذلك فاحلاالت التـي نـص الشـ

ر فيـه عـىل مـاـعقوباهتا فيام له تعلق باألرضار املادية كحد القذف مثال نقتص عىلوأما ما أقر الرشع رضره ووضع عقوبة يف جنسه وسكت عن حتديد ,قرره الرشع

يعني انتفاء العقوبة,فهـذا يتنـاىف مـع العقوبة فإنا نعترب أن سكوته عن التحديد الجتهاد املجتهـدين ليقـرروا هـل هـي حكمة الرشع, لكن العقوبة ترك حتديدها ال

ثم لو كانت تعزيرية فهل األوىل أن يكـون التعزيـر باملـال أم ,تعزيرية أم تعويضيةبغريه, ثم هل يسلم املال إىل املترضر أم إىل خزينة الدولة ?وأر أننا طاملـا سـلمنا

رور فهـو صـاحب ـفـإن األوىل تسـليمها للمضـ −ولـو تعزيـرا −بالعقوبة املاليةواألمل وقع عليه,وحتى نزيح ما يف نفسـه وننتـزع سـخيمة غيظـه ينبغـي أن ,احلق

.ولذلك فإن األروشات والديات تسلم إليه,نعوضه عام أصابهال نسلم بام ذهب إليه الشيخ مصطفى الزرقا من أنه ال يوجد : الوقفة الرابعة

الرشـيعة طاملا أن ,مربر استصالحي من معاجلة األرضار األدبية بالعقوبات املالية .وضعت البديل وهو التعزير

ويف موجود,» املصلحة املرسلة«بة املتمثل هنا يف ـلك املناسـة أن مسـواحلقيق

− ٦٤ −

فهـو مضـمون يف تقـديرنا «: ذلك يقول الدكتور وهبة الزحييل عـن احلـق األديب )١(»رشعا عىل أساس االستصالح أو املصلحة املرسلة

الداللة عىل وجوب عقوبـة وجـزاء إننا لو غضينا النظر عن مسلك النص يف ﴿: اجلاين الذي تدل عليه اآليات القرآنية بعمومها مثل قولـه تعـاىل تـد ـن اع م ف

م يك ل ع تد ا اع ثل م يه بم ل وا ع تد اع م ف يك ل إن ﴿: وقوله تعـاىل) ١٩٤البقرة (﴾ ع ووقبتم ا ع ثل م اقبوا بم ع بتم ف اق ـيئة : وقوله تعـاىل) ١٢٦النحل (﴾ به ع اء س ـز ج ﴿و

ا﴾ ثله يئة م والرضر األديب داخل يف عموم هـذه اآليـات فهـي ) ٤٠: الشور( سفلو جتاوزنا مسـلك الـنص عـىل العليـة لكـان )٢(دالة عليه سواء بالنص أو باإليامء

.ر األديبمسلك املناسبة هو الطريق األمثل لتقرير التعويض عن الرضومســلك املناســبة عنــد األصــوليني هــو مــن الطــرق املعقولــة ويعــرب عنــه

ويسـمى » رعايـة املقاصـد«وبــ» االسـتدالل«وبــ» املصـلحة«وبــ» اإلخالـة«بـاملناسـب «ويتحقـق هنـا )٣(ألنه إبـداء منـاط احلكـم» ختريج املناط«: استخراجها

له دليل خاص باالعتبار الوصف الذي مل يشهد«ويعرفه األصوليون بأنه » املرسلولكن ترتيب احلكم عىل وفقه أي بنـاء احلكـم عليـه حيقـق مصـلحة , أو باإللغاء

تشهد هلا عمومات الرشيعة من حيث اجلملة, فهو من حيث إنه حيقق مصلحة من جنس مصالح الرشيعة يكون مناسبا ومن حيـث إنـه خـال عـن دليـل يشـهد لـه

وهو )٤(وهذا هو الذي يسمى باملصلحة املرسلةباالعتبار أو باإللغاء يكون مرسال, )٥(»حجة عند املالكية واحلنابلة وغريهم

.٤/٢٨٦٢ الفقه اإلسالمي وأدلته) ١( أن ذكـره مـع : من جهة اللفظ,ووجه داللتـه اإليامء هو أن يدل عىل العلية بااللتزام ألنه يفهمها من جهة املعنى ال) ٢(

.٥/١٧٩ينظر البحر املحيط للزركيش . احلكم يمنع أن يكون ال لفائدة .٥/٢٠٦البحر املحيط للزركيش ) ٣( .٢١١الوجيز للدكتور عبد الكريم زيدان ص ) ٤(ر مكتبـة الكليـات األزهريـة ودار الفكـر ط األوىل ـقال القرايف عن أقسام املناسـب يف رشح تنقـيح الفصـول نشـ) ٥(

:٣٩٣م ص١٩٧٣ = »والذي جهل أمره هو املصلحة املرسلة التي نحن نقول هبا, وعند التحقيق هي عامة يف املذاهب«

− ٦٥ −

جتاوزنا مسلك النص عىل العليه ونظرنا إىل املعنى املقصود من مرشوعية ولولوجدنا أنـه أحـد االحـتامالت الثالثـة »ررـالتعويض عن الض«الضامن وهو هنا

:اآلتيةألن الشـخص حـني ,رر باآلخرينـق الضإما جمرد زجر الناس عن إحلا −١

يعلم برتتب تعويض مادي عليه نتيجة لفعله الضار سـيجعله متحـرزا عـن هـذا .وهبذا تقل األفعال الضارة يف املجتمع الفعل وعن األفعال التي تفيض إليه,

املـادي احلاصـل عـن طريـق : وإما جرب رضر الشخص املترضر بشكليه −٢واجلرب املعنـوي وذلـك عـن طريـق شـفاء غـيظ هـذا التعويض باملثل أو بالقيمة

مصلحة نفسية للمتضـرر : الشخص املتضـرر, ويف هذا النوع من اجلرب مصلحتانبسكون نفسه وهدوء ثائرته,ومصلحة عامة باستتباب األمن والتوقف عن الفعل

.ورد الفعل املؤدي إىل مفاسد متضاعفة كال املعنيني مقصودا للشارع وإما جمموع وصفي الزجر واجلرب بأن يكون −٣

.من رشع احلكم بالضامن الذي هو هنا التعويضلوجـدنا القـول بـأن )١(ولو دققنا النظر وقمنا بمامرسة مهمة السرب والتقسـيم

وجيب ,الضامن رشع حلكمة الزجر فقط غري صائب ألن الضامن جيب عىل املخطئرامـة املتلفـات ال حتـى إن غ,تضمني الصبي املميز وهو ليس مـن أهـل العقوبـة

و أتلف الصبي أو املجنون أو الغافل أو غريهم ممـن ـل لـا التكليف بـرتط فيهـيش )٢(ال تكليف عليه شيئا وجب ضامنه

الذي الشك فيه أن ملالك ترجيحـا عـىل غـريه مـن :دقيق العيد قوله عن املصالح املرسلةونقل الزركيش عن ابن =

ولكـن هلـذين تـرجيح يف ,يكاد خيلـو غريمهـا عـن اعتبـاره يف اجلملـة النوع يليه أمحد بن حنبل وال الفقهاء يف هذا .٦/٧٧ينظر البحر املحيط للزركيش. االستعامل عىل غريمها

حرص األوصاف التي يظن صالحيتها علـة يف األصـل,وقد :والتقسيم, يصلح للعلية أو ال اختبار الوصف: السرب) ١(أطلق األصوليون جمموع السرب والتقسيم عىل حرص األوصاف التي توجد يف األصل والتي تصلح للعليـة يف بـادئ

٢/٢٩٩ق٢ حصـولوامل ٤/١٤٢ينظـر رشح الكوكـب املنـري . األمر ثم إبطال ما ال يصلح منهـا وتعيـني البـاقيرشاد الفحول نرش دار الفكر مطبوع مع رشح العبادي عىل رشح املحيل عىل الورقات ص إو ٢/٢٩٥واملستصفى

٢١٣. .٥/١٨٦م ١٩٧٢هـ١٣٩٢ينظر رشح مسلم للنووي دار الفكر بريوت عن الطبعة الثانية ) ٢(

− ٦٦ −

ال نســلم أن الضــامن مــن حيــث هــو ضــامن « )١(ويف ذلــك يقــول اآلمــديعقوبة,ولذا جيب يف مال الصبي واملجنون وليسا أهـال للعقوبة,وكـذا جيـب عـىل

والواجـب ال .. يف املخمصة إذا أكل مال غريه مع أن األكل واجب عليـهاملضطر )٢(»عقوبة عىل فعله

كذلك جعل املعنى املقصود من الضامن اجلرب املحض غري سـديد ألن بعـض حاالت الضامن تسلمها العاقلة مع أن األصل أن يكون الضامن عىل اجلـاين نفسـه

ة و ألن اهللا يقول ر از ر و ز ال ت ﴾﴿و ر ر أخ ).١٨ فاطر( زويبقى معنا أن حكمة الضامن فيام نحن فيه من التعويض املادي عن الضــرر

رور عوضـا عـام ـي أن يستحق املضــوذلك يقتض ,الزجر واجلرب معا: األديب هي .)٣(أصابه من الرضر

كذلك ال نسلم للدكتور حممد بن املدين بوساق نفيه القاطع حني حتدث عـن لن يستطيع من يدعي ذلك أن يأيت بمثال واحد فيه تعـويض « فقال الرضر األديب

)٤(»أي يفرض عىل اجلاين ويعطى إىل املترضر جربا ملا أصابه من الرضر املعنويوهذا القطع غري سليم فقـد أوردوا دلـيال اعتـربوه نصـا يف املوضـوع وهـو

وفيـه ,دلـةحديث عبد اهللا بن سالم يف قصة زيد بن سعنة وقد تقدم عند ذكـر األرين صـاعا مـن التمـر ـأن يعطيه عش − −عمر بن اخلطاب ملسو هيلع هللا ىلص أمر رسول اهللا

.مقابل إفزاعه له, وهذا يكاد يكون نصا عىل التعويض عن الرضر األديب :وقفة مع الشيخ اخلفيف

.يف رأيه املتقدم −رمحه اهللا−أما الوقفة اخلامسة فهي مع الشيخ عىل اخلفيف

ديد من املصنفات منها اإلحكـام يف أصـول صنف الع,أبو احلسن عىل بن أيب عيل بن حممد اآلمدي الفقيه األصويل) ١( .١/١٣٧وطبقات األسنوي ٣/٢٩٣ترمجته يف وفيات األعيان ) هـ٦٣١(تويف سنة.األحكام وأبكار األفكار

.١٦/ ٣اإلحكام لآلمدي حتقيق عبد الرزاق عفيفي نرش املكتب اإلسالمي بريوت ) ٢(, للـدكتور أيمـن صـالح» وجباتـه يف الفقـه اإلسـالميحكمة ضامن الفعل الضار وأثرها يف حتديد م«ينظر بحث ) ٣(

.وما بعدها) ١٢٦(صفحة ) م٢٠٠٢(سنة ) ٤(العدد) ١٧(منشور يف جملة مؤته للبحوث والدراسات املجلد .٣٨التعويض عن الرضر يف الفقه اإلسالمي ص) ٤(

− ٦٧ −

اداته ـه ولـه اجتهــال الفقـروفة يف جمـه املعـاتـهامـه إسـيخ اخلفيف لـوالشالقيمة وينطلق يف اجتهاداته من منطلـق رشعـي يراعـي فيـه االنضـباط وتـوخي

ويل بعـض امللحوظـات يف اجتهـاده املتعلـق الرجحان لكن احلق أحـق أن يتبـع, بزيادة تعويض عن الديات, باعتبار هذا املوضوع له صلة وثيقة بالتعويض املادي

.رر األديبـعن الض :يأيت وأهم هذه امللحوظات ما

رر األديب يف املجـاالت التـي ـالشيخ اخلفيف ينكر التعويض عن الضـ: أوالثبت الرضر فيها فعال ومل ينقل عن الشارع حتديد للعقوبة,بينام يقر إضافة تعويض

ومـع أن التي جعل الشارع فيها عقوبة حمـددة كالـديات واألروش, عن األرضار هذا فيه إشكال من حيث إنه اجتهاد يف املقدرات فقد اصطدم برأي كثري ممن ير

ن مـن إ إذ رر األديب كالشـيخ الزرقـا وغـريه;ـمثل رأيه يف منع التعويض عن الضأسباب منعهم للتعويض املادي عن الرضر األديب أنه سيؤدي يف النهاية يف بعـض

.كام تقدم عرضهصوره إىل زيادة عن الديات املقدرة يف الرشع,علل الشيخ اخليف زيادة التعويض يف جمال الديات واألروش بتخفيف : ثانيا

أمل املجني عليه وختفيف رضره وإذهاب غيظ القلوب وحقد النفوس وبأن املال له أثره الطيب يف ختفيف اآلالم مـن حيـث نقـص مـال اجلـاين ومـن حيـث املنـافع

.للمجني عليه مما جيعله يطيب عيشه بذلكرر األديب,فـام ـاملعنى نفسه هو الذي حلظه القائلون بالتعويض عن الض وهذا

بال ختفيف اآلالم وإزالة احلقد والغل روعيت يف الرضر املادي اجلسمي ومل تـراع وال يمكـن رر املـادي أضـعافا مضـاعفة,ـيف الرضر املعنوي الذي قد يفوق الضـ

الم هـو يف التعـويض الزائـد عـن القول بأننا أمام حتديد وتقدير من الرشع, فالك .املقدر رشعابنى الشيخ اخلفيف رأيه أن التعويض الذي يزاد عىل الديات واألروش : ثالثا

املقدرة رشعا يمكن أن يقام عىل نظرية أخر وهي ختفيـف اآلالم عـىل املصـاب

− ٦٨ −

وهذه هي فكرة املجيـزين للتعـويض وإرضاء نفسه وإزالة الغل واحلقد من قلبه,ريعة أقـرت ـفهم يرون أن هناك رضرا أصـاب شخصـا والشـ,ر األديبعن الرض

فمن املصلحة أن تكـون هـذه العقوبـة تعزيـرا ماليـا يـدفع إىل عقوبة عىل اجلاين,إن املقابلـة مل تتحقـق بـني :يمكن أن نقول هنا وال يف نفسه, املترضر حتى يزول ما

ل,فـإن املقابلـة الضامن ووجود الرضر الـذي مـن املفـرتض أن يتمثـل يف فقـد ماوجدت مع الرضر الواقع عىل النفس ويرتبط يف أغلب األحيـان بفقـد مـال,ومع ذلك فإنا عىل رأي الشيخ اخلفيـف سـنبني التعـويض عـىل نظريـة أخـر وهـي التخفيف عن املصاب وإرضاؤه وهذه زيادة عن املقابلة,ألن املقابلة قـد اعتـربت

.ملقابلةيف الدية واألرش والزيادة قامت عىل غري امعلــال زيـادة التعــويض عـن الــديات − أمــا قـول الشــيخ اخلفيـف :رابعـاإن الرشيعة أقرت الدية وسط البادية حيث كان أهلها يعيشون عـىل :−واألروش

فام كان أعامل متواضعة من الرعي ونتاج احليوان دون النظر إىل الصناعة والعمل,رنا فقد اختلفـت متطلبـات احليـاة ـأما يف عص رضر اجلرائم يتعد إىل غري األمل,

وصارت أرضار اجلريمة تؤثر عىل أعامل الناس بحيث تتجاوز األرضار اجلسـمية أو النفسية إىل أرضار مادية ختول ملن أصـابته األرضار أن يطلـب بتعـويض عنهـا

.فوق الديةل كـالم الشـيخ اخلفيـف عـىل السـالمة ألن ـب أن نحمــا جيـة أننـواحلقيقوإال فهـو ,نة وسليمة,فال يصح أن نحمل كالمه عىل ظـاهره املطلـقوجهته مأمو

فرصة سيجدها أولئك العابثون أن يصموا كثريا من الترشيعات بأهنـا رشعـت يف أما وقد تطور الزمن واختلفت البيآت فال بـد مـن البـدء يف بيئة هلا خصوصيتها, .مراجعة الترشيعات

ة ـرعيــرات شـديــا تقـت هلــي وضعــتلـك التـ :اتـريعــراد بالتشـواملأما األمور االجتهاديـة فإهنـا الشـك تتغـري بتغـري كالديات والكفارات وغريها,ولذلك نلمح تغري اجتهـادات الفقهـاء كاإلمـام ,الزمان واملكان وتتغري األعراف

.الشافعي وغريه

− ٦٩ −

ن بناء عىل التوسع يف هذه النظرة أن تتغري األحكام املقدرة حتت نظرية ـفيمك .ملصلحة أو أية نظرية أخرا

ولن يغيب عن أذهاننا كام مل يغيب عن الشيخ اخلفيف فتـو الفقيـه املـالكي حرصـا ,الذي أفتى أحد أمراء األندلس بتعني الصيام كفارة مجاعه يف هنار رمضان

منه عىل املصلحة الرشعية يف نظره, وقد شنع الفقهاء عليـه ألنـه اجتهـد يف مقـدر .رشعي بخالف مدلوله

يمكـن أن يقصـد أن تلـك العقوبـات ومما الشك فيه أن الشيخ اخلفيـف اللكنه ير أن هناك أرضارا أخر نشأت ووجدت وهـي عادت كافية, املقدرة ما

فمقتىض العـدل أن مغايرة لألرضار التي ترتبت عليها العقوبة املقدرة من الرشع, .توضع هلا عقوبة تعويضية إىل جانب الدية واألرش

.نحن أمام رضر مستقل وأمام جناية أخر البد هلا من جزاءإذن فوهنا يلتقي الشيخ اخلفيف مع القائلني بالتعويض عن الرضر األديب املـرتبط بالرضر املادي, وهـذا التعـويض عـن الرضـر األديب هـو الـذي يسـعف الشـيخ اخلفيف وخيفف غلواء رأيه يف زيادة تعويض عام هو مقدر يف الـديات واألروش,

إنا نبنيه عىل :حيث قال,فهذه هي النظرية األخر التي بنى عليها جواز التعويض .نظرية أخر وهي ختفيف اآلالم وإزالة الغل واحلقد من قلب املترضر

:الرأي املختار :الفرع الثاينبعد هذه اجلولة مع األقوال وبعد النظر يف األدلة واملناقشات توصلت إىل أن

:ادي عن الرضر األديب يقتيض التفصيل اآليتالراجح يف التعويض املبل التعويض عـن ,نستبعد التعويض املادي عن الرضر األديب يف الديون −١

والبد مـن البـت فيهـا مـن ,الرضر املادي جيب أن حياط باحلذر الشديد يف العقود .املادي احلقيقي جهة قضائية تقدر الرضر

نـص عـىل منـع التعـويض عـن ينبغي أن حيمل قرار جممع الفقه الـذي −٢الرضر األديب عىل التعـويض يف العقـود وبخاصـة عـىل املامطلـة يف الـديون إذ أن

− ٧٠ −

نجـده يف وهذا مـا »الرشط اجلزائي«القرار بني عىل إثر البحوث واملناقشات عن ديباجة القرارات املتعلقة هبـذا املوضـوع وكـذلك فقـرات القـرار, فقـد جـاء يف

:ديباجتهبعد اطالعه عىل البحوث الواردة . ..الفقه اإلسالمي الدويل جممع إن جملس

...عد استامعه إىل املناقشات قررإىل املجمع بخصوص موضوع الرشط اجلزائي وباملجلس لقراراته السابقة بشأن السلم نص القرار عىل تأكيد) ثانيا(ثم يف بند تأكيـده عـىل قـراره يف جيوز اشرتاط الزيادة يف الديون عند التـأخري وكـذا وأنه ال

.االستصناعنص عىل جواز أن يكون الرشط اجلزائي مقرتنا بالعقد األصيل ) ثالثا(ويف بنداملاليـة نص عىل جواز أن يكون الرشط اجلزائي يف مجيـع العقـود)رابعا( ثم يف بند

.ماعدا العقود التي يكون االلتزام األصيل فيها دينا فإن ذلك من الربا الرصيحالرضر الذي جيوز التعويض عنـه يشـمل الضــرر «فنصه ) خامسا(ند أما الب

املايل الفعيل وما حلق املضـرور من خسارة حقيقية, وما فاته من كسب مؤكد, وال وهذا ما يؤكد أن القرار خاص بالتعويض عـن )١(»يشمل الرضر األديب أو املعنوي

.الرضر يف جمال العقود املالية وليس عاما رر ـالض( التعويض عن الرضر األديب الذي له ارتباط باملادي أر جواز −٣

لكن ينبغي أن يتوسع يف جمال هذا الرضر ليشمل كل ما ينـتج ) األديب غري املحضي ـرر أمل نفســفإذا نتج عن هذا الض عنه أرضار تنعكس عىل حياة اإلنسان املادية,

الرضر فعال فيجب أن أد إىل أن يتعالج املرضور يف مرفق الصحة النفسية وثبت يعترب التعويض,وإذا ثبت بـالقرائن املؤكـدة والوقـائع املشـاهدة أن هنـاك رضرا

ر التـاجر متعامليـه أو ـأصاب شخصا عىل إثر دعايـة أو وشـاية أدت إىل أن خيسـ

رة املنعقـدة بالريـاض مـنـية عشيف دورة املجمع الثان) ٣/١٢) (١٠٩(ه اإلسالمي الدويل رقم ـع الفقـرار جممـق) ١(ر ـم جملة املجمـع العـدد الثـاين عشـ٢٠٠٠سبتمرب ٢٨ −٢٣هـ ١٤٢١هـ إىل غرة رجب ١٤٢١مجاد اآلخرة ٢٥ .٣٠٦−٣٠٥ص ) ٢(اجلزء

− ٧١ −

فال شـك أن هـذا ,الطبيب زواره املرىض أو املوظف وظيفته أو املدرسة تالميذها .وليس من العدل إلغاؤه أو إمهاله,رضر أديب مرتبط بجانب مادي

اجلانـب الـذي يشـل مهمـة − األديب غـري املحـض −ررـبل يشمل هذا الضدعايـة أو (ي عىل مسـتقبله,فلو فرضـنا أن هنـاك جنايـة ـاإلنسان يف احلياة ويقض

أدت إىل اضطراب نفسية اإلنسان فأصـبح حمبطـا ومل يسـتطع أن يواصـل ) وشايةويشمل أيضا من أقنع شخصا بفكر ضال أد بـه إىل ,دراسته بعد أن كان متفوقاينبغي أن يبعد عنها اجلانب املادي فمثل هذه أرضار ال,ترك دراسته ومفارقة أبويه

.حتى وإن كانت صورهتا أرضارا أدبية أو معنويةومع ترجيح التعويض املادي هنا فإين أر أيضـا أن يعطـى القـايض فرصـة

يـؤثر فيـه وذلك ألن بعض اجلناة ال,العوض املايلليجمع بني العقوبة التعزيرية و .احلكم بالتعويض املايل بقدر ما يؤثر فيه العقوبة التعزيرية من سجن وغريه

أما الرضر األديب املحض الذي مل حيدث أثرا ملموسا فـال يصـح أن يعـوض فمن شتم شخصا بالتعزير الذي يراه القايض, يوحتى تزال آثاره يكتف عنه ماديا,

تنال من العرض فإن الرشع وضع جزاء رادعا يف العقوبـات التعزيريـة يمة البشتىل ومن غري الالئق أن يطلب الشخص مبلغا ماليا عـ,التي تركت الجتهاد القضاة .الشتم الذي مل يؤثر عىل حياته

رر األديب املحض فلـيس ذلـك ـتعويض عىل مثل هذا الض وحني نقرر أن الن املرضور مل يتأثر, بل ألن هناك أسبابا هي يف صـالح ألن الرضر غري واقع وال أل

عويضـات ريع الـذي رشع العقوبـات والتـفام دمنا نميض يف إطار التشـ ,املرضورإذن فليس من احلفاظ عـىل ,نسان وسمعته ومكانتهإلألجل املحافظة عىل رشف ا

وما فهذا نقص لكرامتـه, ,كيان اإلنسان ومكانته أن نعوضه عن شتيمة بمبلغ مايليـؤدي إىل عوضناه يف املكان اآلخر إال ألن اجلناية أثرت عليه ماديا أو أفقدتـه مـا

أما هنا فال يوجد شـيئ مـن ذلـك فأخـذ التعـويض خسارة مال وصالح عيش, .املادي ينقص كرامة اإلنسان

− ٧٢ −

يتحقق بإعطاء املرضـور وهناك أمر آخر وهو أن شفاء النفس وإزالة الغل الالعكس متاما, فلرب رضر أديب حمض حيبس فيـه اجلـاين يومـا التعويض املادي بل

واحدا أفضل لنفسية املرضور من اآلالف املؤلفـة,ولنفرض أن إنسـانا غنيـا أو ذا آخر بسب أو شتم فال شك أن أكثر شيئ يس رر ويؤمل اجلـاين أن ـر املتضـجاه رض

املادي أو تعزيـررور بني التعويض ـحيبس اجلاين ولو ساعة من هنار,ولو خري املضاجلـــاين الغنـــي املرفـــه الختـــار تعزيـــر اجلـــاين,والعكس بالنســـبة إىل فاعـــل

هيمه أن يدفع املبالغ الطائلـة يف مقابـل باإلضافة إىل أن الشخص الغني ال,الرضر .وحينئذ مل متنع العقوبة اجلناية ,جنايته

,املحـضرر األديب غري ـوال يعرتض علينا بأن هذه املحاذير موجودة يف الض ,يؤمل اجلاين أن يدفع التعويض وقد يكون أشفى للمرضور أن يعزر اجلـاين فقد ال

له : إن للقايض أن جيمع بني العقوبة والتعويض املادي, وبعبارة أخر :ألنا نقول .احلق أن جيمع بني التعزير باحلبس والتعزير باملال إذا كانت املصلحة تقتيض ذلك

ادي عن الرضر األديب املحض الذي مل حيدث أثرا ومما يؤيد عدم التعويض املبل أحيانا يتأثر بـالفرح ,يكاد يتوقف تأثره أن اإلنسان يتأثر بام حوله وال: ملموسا

فاملشاعر ال ضـابط هلـا ثـم خيتلـف النـاس بالتـأثر ,فقد يبرش ببشارة فيغمى عليه .غريه يتأثر بام تأثر به فمنهم من يتأثر ألقل سبب وآخر ذو طبيعة قوية ال

األديب بام له صبغة مادية فيعوض عنـه وخري حل هلذا األمر أن يضبط الرضرففـي هـذا شـفاء اآلخـر, حتى ولو كانت الصبغة ضـعيفة باإلضـافة إىل التعزيـر

.للمرضور وقمع للجناة املعتدين

− ٧٣ −

الفصل الثاني التعويض عن الضرر املادي غري املباشر الناتج عن

يديةاجلناية أو الشكوى الك

אא אאאאא

אאאא :ترتك أثرا باجلسم التعويض عن اجلناية التي ال :املطلب األول

سبق احلديث عن آراء بعض الفقهاء يف موضـوع اجلنايـة التـي مل تـرتك أثـرا .قهاء من الرضر األديبوذلك أثناء احلديث عن موقف الف,باجلسم

وسأتعرض هنا باختصار هلذا املوضوع باعتبار أن الرضر الواقع عىل الـنفس كان رضرا ماديا غري مبارش يف تسببه بأرضار للمجني عليه فهل يلزم اجلاين إضافة إىل أجرة الطبيب وثمن الدواء تعويضا آخر عن أرضار أخر مثل اآلالم النفسية

فرصة الكسب عليه أثناء عالجه? التي حصلت له وكتفويتلقد اختلف الفقهاء فيم يلزم اجلاين يف اجلنايـة التـي مل تـرتك أثـرا يف اجلسـم

.لكنها تسببت يف أرضار للمجني عليهعـىل أن اجلـرح )١(وقبل عرض اخلالف حتسن اإلشارة إىل أن الفقهاء متفقون

.فإن فيه حكومة أي تعويض يقدر )٢(إذا شفي عىل شني :إذا اندمل اجلرح ومل يبق له أثر فقد اختلف الفقهاء إىل أقوالأما

.٢/٢٨٦الترشيع اجلنائي ) ١(املنـري واملصـباح ) شـني( مـادة١٣/٢٤٤لسـان العـرب :ينظـر. خالف الزين ويطلق الشني عىل العيـب : الشني) ٢(

١/٣٣٠.

− ٧٤ −

إذا برئ اجلرح عـىل غـري شـني فـال شـيئ فيـه وهـو قـول أيب : القول األول . )٢(وبعض املالكية )١(حنيفة

وقد استدل هؤالء بأن املوجب لألرش هو الشني الذي يلحق املجنـي عليـه .ل الشني بزوال أثرهبفعل اجلاين إضافة إىل زوال املنفعة,وقد زا

إن جمرد األمل ال يوجب شيئا ألنه ال قيمة ملجـرد األمل, فمـن رضب :كام قالواإنسانا رضبا مؤملا من غري جرح ال جيب عليه شيئ من األرش وكذا لو شتمه شتام

. )٣(يضمن شيئا يؤمل قلبه الأيب إذا برئ اجلرح عىل غري شني فالواجب أرش األمل وهو قول: القول الثاين

.)٤(يوسف وقد استدلوا بأن الشني وإن زال فاألمل احلاصل مازال, فيجب تقويمهإن الواجب حال برئ اجلرح عـىل غـري شـني أجـرة الطبيـب : القول الثالث

.)٥(وهذا منقول عن حممد بن احلسن من األحنافوهناك من األحناف من ير يف هذه احلالة حكومة تقدر باحلق املصاب مـن

.)٦(األملإذا مل ينقص اجلرح بعد االندمال بشيئ من املنفعة أو :للشافعية: القول الرابع

اجلامل فإنه يقدر باعتبار أقرب ما نقص فيه مـن حـاالت نقـص قيمتـه إىل وقـت .االندمال, لئال حتبط اجلناية

األول يعزر اجلـاين فقـط إحلاقـا : وأما إذا مل حيدث به نقص فللشافعية قوالنيفرض القايض شيئا : ذلك النسداد باب التقويم, والقول الثاينللجرح باللطم, و

.)٧(باجتهاده

.١٠/٢٩٦واهلداية مع فتح القدير ٦/٥٥٣وحاشية ابن عابدين ٦/١٣٨ينظر تبيني احلقائق ) ١(م ١٩٩٤هــ ١٤١٤ر دار الفكـر سـنة ـنشـ ,وحاشـية العـدوي عـىل كفايـة الطالـب ١٢٤رسالة ابن أيب زيد ص) ٢(٢/٣٠٥. .٦/١٣٨وتبيني احلقائق ٧/٣١٦بدائع الصنائع ) ٣( .٦/٥٥٣والدر املختار ٢٦/٨١املبسوط ) ٤( .٦/١٣٨تبيني احلقائق ) ٥( .٢٦/٨١املبسوط) ٦(وفـتح الوهـاب ٥/٣٣٢ومغني املحتـاج ٦/٣٣٧هـ ١٤١٧ينظر الوسيط للغزايل نرش دار السالم الطبعة األوىل ) ٧(

.٢/١٧٣برشح منهاج الطالب

− ٧٥ −

إن كانت اجلناية ال تنقص شـيئا بعـد االنـدمال فإهنـا تقـوم حـال :اخلامسســيالن الــدم فتجــب احلكومــة حــال رسيــان الــدم وهــذا قــول احلنابلــة وهــو

.املذهب,وهناك رواية أخر أنه ال شيئ عىل اجلايناجلناية مما ال تنقصه حال اجلنايـة وال بعـد االنـدمال أو زادتـه وأما إذا كانت

األول ال شيئ فيها عىل اجلـاين وهـو : حسنا كإصابة إصبع زائدة فللحنابلة قوالناملذهب; ألن احلكومة جلرب النقص وال نقص هنا فأشبه مـا لـو لطـم وجهـه فلـم

.يؤثر, وإن زادته حسنا فاجلاين حمسن بجنايتهيضمن اجلاين ألن هذا جزء من مضمون فلم يعر عـن ضـامن : ينوالقول الثا

.)١(كام لو أتلف مقدر األرش فازداد به مجاال أو مل ينقصه شيئاوما تقدم من قول الفقهاء إن اجلرح إذا برئ عىل غـري شـني لـيس فيـه شـيئ

أما التعزير فواجـب طبقـا للقواعـد العامـة ألن اجلنايـة , فمعناه أن ليس فيه مال .)٢(وكل اعتداء ليس فيه حد مقدر فيه تعزير,ءاعتدا

:ويبقى معنا أمرانإذا ترتب عىل هذه اجلناية رضر أديب للمجني عليه فهل يتم تعويضـه : األول

ماديا?فهل يعـوض عـن ,لو ترتب عىل اجلناية تعطل املجني عليه يف كسبه: والثاين

فوات فرصة الكسب التي ذهبت بسبب اجلناية?ول فقد مىض احلديث عنه يف الفصل األول, وقد توصـلت فيـه أما األمر األ

إىل أنه يعوض عن الرضر األديب الذي له ارتباط يف اجلانب املاديوأما املوضوع الثاين وهو التعويض عن املدة التي تعطل فيها كسـب املجنـي

بالتفصيل عىل التعويض عن فإن الفقهاء األقدمني مل يتعرضوا ,عليه بسبب اجلنايةملدة التي حصل فيها العجز عن الكسب بسبب اجلناية وإن كانوا قد حتـدثوا عـن ا

.سبب وجودها يف املسؤولية العقديةفوات املنفعة التي انعقد

.١٠/١١٧واإلنصاف للمرداوي ٩/٦٦١املغني البن قدامة ) ١(حكومة العـدل ومـا يوجبهـا مـن اجلراحـات يف الفقـه اإلسـالمي إعـداد :وينظر بحث ٢/٢٨٦جلنائيالترشيع ا) ٢(

.م٢٠١١الدكتور إسامعيل شندي منشور يف جملة جامعة اخلليل يف سنة

− ٧٦ −

لكية تعرضوا بإجيـاز هلـذه وهناك بعض النصوص عن الفقهاء األحناف واملا .املسألةالكسب فعىل رضب يد غريه فكرسها وعجز عن إذا«: جاء يف العقود الدرية

)١(»الضارب املداواة والنفقة إىل أن يربأنعم, رجل جرح رجـال فعجـز املجـروح عـن «وفيها أيضا إجابة عن سؤال

أقول ظاهره أن املراد «: ثم قال املؤلف» الكسب جتب عىل اجلارح النفقة واملداواةأن بالنفقة غري املداواة وهي أن ينفق عىل املجروح من طعـام ورشاب وكسـوة إىل

.)٢(»يربأرجـل جـرح رجـال فعجـز «: وجاء يف الدر املختار نقال عن جواهر الفتاو

رجل جاء بعوان «: وفيها» املجروح عن الكسب جيب عىل اجلارح النفقة واملداواةإىل رجل فرضبه العوان فعجز عن الكسب فمداواة املرضوب ونفقته عـىل الـذي

.)٣(حلسنوهذا مفرع عىل قول حممد بن ا» جاء بالعوانأي مـدة ,فعجز عن الكسب: قوله«وقد وضح يف احلاشية وقت العجز فقال

.)٤(»اجلرحإذا رضب يد غريه فكرسـها : ويف الفتاو النعمية«: كام جاء يف احلاشية أيضا

.)٥(»وعجز عن الكسب فعىل الضارب املداواة والنفقة إىل أن يربأ اين فوجب أن يضـمنه,وهذا القول معتمد عىل أن التفويت حصل بسبب اجل

ر إذا انجرب,ـقضـى يف الكس )٥(رحياـأن ش )٤(ريينـا روي عن حممد بن سـنده مـويس

.٢/٢٥٥العقود الدرية يف تنقيح الفتاو احلامدية ) ١( .املرجع السابق) ٢( .٦/٥٦٢الدر املختار مع حاشية ابن عابدين ) ٣( .٦/٥٦٢حاشية ابن عابدين ) ٤( .٦/٥٦٢حاشية ابن عابدين ) ٥(تفقه ورو احلديث واشتهر بالورع وتعبـري الرؤيـا تـويف سـنة , حممد بن سريين البرصي إمام وقته يف علوم الدين) ٤(

وفيـات ٢/٢٦٣م ١٩٧١وحلية األولياء مطبعـة السـعادة ط األوىل ٧/١٩٣هـ ترمجته يف طبقات ابن سعد ١١٠ .٤/١٨١عيان األ

, وكـان مـن كبـار التـابعني رشيح بن احلارث بن قيس الكندي, ويل القضاء لعمر فمن بعده مخسا وسـبعني سـنة,) ٥(هــ ٨٢وقيـل ٨٠ويف سـنة وأصله من أوالد الفرس الذين كانوا بـاليمن تـ, ومل يلقهملسو هيلع هللا ىلص ويقال إنه أدرك زمن النبي

.٤/١٠٠وسري أعالم النبالء ٢/٤٦٠وفيات األعيان ٦/١٣١طبقات ابن سعد :ترمجته يف

− ٧٧ −

.)١(يعطى أجرة الطبيب وقدر ما يشغله عن صنعته, ال يزيده ذلك إال شدة:قالأحدمها أن اجلاين يضمن تعطـل املجنـي عليـه مـن :أما املالكية فلهم وجهان

اجلاين ال يضمن ما يرتتب عىل اجلناية مـن تعطيـل عـن أن : والوجه الثاين ,العمل .)٢(العمل

أما الشافعية واحلنابلة فليس هلم رأي رصيح يف املسألة وإنام خرجت أقـواهلم عىل مسألة ضامن منافع احلر واملغصـوب, ويمكـن تلخـيص مـوقفهم مـن هـذه

ل اجلاين ماال يتحم: املسألة بأن األصح عند الشافعية وأحد الوجهني عند احلنابلةنتج عن اجلناية من تعطيل املجني عليه من الكسـب ألن هـذه املنـافع مل يسـتغلها اجلاين ومل يستوفها, وعىل الصحيح عند احلنابلة وأحـد الـوجهني عنـد الشـافعية يمكن القول بجواز حتمل اجلاين لتعطيل املجني عليه عن الكسب مدة انتظار الربء

.)٣(واحلكم باألرش أو احلكومة :منع املنافع التي يؤدي منعها إىل هالك اإلنسان: املطلب الثاين

وهـي االمتنـاع » اجلرائم السـلبية«: هذا النوع من الرضر يسميه املعارصون وهـي اإلتيـان بفعـل منهـي » اجلـرائم اإلجيابيـة«ويقابلهـا )٤(من فعـل مـأمور بـه

:عنه,وتنقسم هذه اجلرائم إىل قسمنية عن موقف سلبي حمض كأن يـر رجـل شخصـا جريمة سلبية ناجت:األول

أو يطلبـه شـخص مضـطر إىل ,ه حتى يموت مع القدرة عىل إنقـاذهـرق ويرتكـيغفلم يصـدر مـن ,طعام أو رشاب وعنده قدر زائد فلم يطعمه ومل يسقه حتى مات

اجلاين فعل معني يمكن نسبة املوت إليه وكل ما كان منه هو االمتناع عـن اإلنقـاذ . وعن اإلطعام

.١١/٨٩املحىل البن حزم ) ١( .٢/٥٨٦البهجة رشح التحفة ) ٢(للشيخ الدكتور عبد اهللا املطلق جملة »مسؤولية اجلاين عن عالج املجني عليه وضامن تعطله عن العمل«ينظر بحث ) ٣(

.وما بعدها ٢٨٧ص ) ٧٠(البحوث اإلسالمية العدد .١/٨٧ئي لعبد القادر عودة الترشيع اجلنا) ٤(

− ٧٨ −

كـأن يسـجن , جريمة سلبية ناجتـة مـن فعـل إجيـايب وموقـف سـلبي: الثاين, شخص آخر ويمنع عنه الطعـام والشــراب ملـدة يمـوت فيهـا الشـخص عـادة

, األول فعل إجيايب وهـو السـجن: فاجلريمة التي متثل الرضر مكونة من عنرصينمـدة والثاين موقف سلبي وهو االمتناع عن تقـديم الطعـام والرشـاب للسـجني

.يموت فيها الشخص عادة :وقد اتفق الفقهاء يف اجلملة عىل وجوب إنقاذ اإلنسان من اهلالك

املضطر للطعام ومن اشـتد جوعـه وعجـز عـن كسـب : جاء يف حتفة امللوك .)١(جيب عىل كل من علم بحاله إطعامه, قوته

واعلم أنه جيب ختليص املستهلك من نفـس أو مـال «: ويف حاشية الدسوقي )٢( .»قدر عليه ولو بدفع مال ملن

إن مل يكن املالك مضطرا لزمه إطعام املضطر مسلام كان «ويف روضة الطالبني .)٣( »أو ذميا أو مستأمناوإن مل يكن صاحب الطعام مضطرا إليه لزمه بذله ألنه يتعلق به «: ويف املبدع

.)٤( »إحياء نفس آدمي معصوم فلزمه بذله :التي جيري فيها الضامن ما يأيت ومن صور اجلرائم السلبية

إذا وجد شخص بحاجة إىل مساعدة لتبقى حياته ووجـد مـن يقـدم لـه −١العون وامتنع عن ذلك كأن يوجد إنسان يف الصحراء يف حال هلكة فجاء إىل قوم

.يطلب منهم الطعام والرشاب فمنعوا ذلك مما أد إىل وفاتهاب يف مـدة يمـوت فيهـا رـشخص سجن آخر ومنع عنه الطعـام والشـ −٢ .فامت, غالبا

.امتناع الطبيب عن إجراء عملية جراحية مما تسبب بوفاة املريض −٣

.٢٧٤هـ ص ١٤١٧الطبعة األوىل , حتفة امللوك نرش دار البشائر اإلسالمية) ١( .٢/١١١حاشية الدسوقي ) ٢( .٣/٢٨٥روضة الطالبني ) ٣( .٨/١٦م ١٩٩٧املبدع البن مفلح نرش دار الكتب العلمية الطبعة األوىل ) ٤(

− ٧٩ −

رر إىل ـوقد اختلف الفقهاء يف وجوب الضامن يف هذا الرتك املؤدي إىل الضـ :مذاهب

ويرون , فذهب املالكية إىل القول بوجوب الضامن عىل من ترك إغاثة املضطركل من ترك ختليص مضـطر يقـدر عـىل ختليصـه بقدراتـه أو لزوم التعويض عىل

بل إن املالكية ذهبوا إىل أن الضامن يكون بالقصـاص إذا )١(جاهه أو ماله فلم يفعل .)٢(تبني أن املمتنع قصد بامتناعه قتل من كان بحاجة إىل إبقاء حياته

راب ولـو قصـد ـفيقتص ممن منـع الطعـام والشـ«: جاء يف حاشية الدسوقيمن منع فضل مائه مسافرا عاملا بأنه الحيل له منعـه «: وفيها أيضا» التعذيب بذلك

.)٣(»قتل به وإن مل يرد قتله بيده وأنه يموت إن مل يسقهأمـا إذا وفرق بعض املالكية بني املمتنع إذا كان متأوال بامتناعه فتلزمه الدية,

.)٤(مل يكن متأوال فالقصاص القول بوجـوب الضـامن عـىل مـن تـرك وذهب الظاهرية مذهب املالكية يف

.)٥(إغاثة املضطراملضـطر (يف املسألة بـأن الـذين مل يسـقوه −رمحه اهللا − )٦(وقد فصل ابن حزم

إن كانوا يعلمون أنه ال ماء له البتة إال عندهم وال يمكنه إدراكه أصال حتى ) للامءاء حتـى يموتـوا يموت فهم قتلوه عمدا وعليهم القود بأن يمنعوه أي يمنعـوا املـ

كثروا أو قلوا, فإن كانوا ال يعلمون ذلك ويقدرون أنـه سـيدرك املـاء فهـم قتلـة .)٧(وعليهم الكفارة وعىل عواقلهم الدية ,خطأ

.٢/١١١الرشح الكبري مع حاشية الدسوقي ) ١( .٢/٢٣٨والفواكه الدواين عىل رسالة أيب زيد القريواين ٨/٧حاشية اخلريش) ٢( .٤/٢٤٢حاشية الدسوقي) ٣( .٢/١١١وحاشية الدسوقي ٢/٤٤٤م ١٩٨٩رشح منح اجلليل عىل خمترص خليل لعليش نرش دار الفكر بريوت ) ٤( .١١/١٨٥املحىل البن حزم ) ٥(وكـان حافظـا عاملـا بعلـوم احلـديث ,املذهب ثم انتقل إىل مذهب أهل الظاهرنشأ شافعي , عىل بن أمحد بن سعيد) ٦(

وفقهه مستنبطا لألحكام من الكتاب والسنة صنف مصنفات عديدة منها املحـىل يف الفقـه واإلحكـام يف األصـول راغـي والفـتح املبـني للم ١٢/٩١والبداية والنهايـة ٣/٣٢٥هـ ترمجته يف وفيات األعيان ٤٥٦تويف سنة ,وغريها

.١/٢٤٤م ١٩٧٤نرش حممد دمج ط الثانية .١٨٦−١١/١٨٥املحىل البن حزم ) ٧(

− ٨٠ −

وقد استدل عىل رأيـه بقولـه , −رمحه اهللا −وهذا تفصيل سليم من ابن حزم يه بم : تعاىل ل وا ع تد اع م ف يك ل ع تد ن اع م ﴾﴿ف م ـيك ل ع تـد ـا اع : البقـرة( ثـل مفمن كان قادرا عىل إنقاذ مسلم فتعمد أن ال يفعل إىل أن مات فإنـه يكـون ) ١٩٤

وإذا اعتـد عليـه فالواجـب بـنص القـرآن أن يـرد االعتـداء ,قد اعتـد عليـهبمثلــه,وملا أد ذلــك االعتــداء إىل مــوت املعتــد عليــه فيكــون الواجــب هــو

.)١(القصاصأن رجال أتى أهل ماء فاستسقاهم فلـم « استدل القائلون بالضامن بام جاء كام

.)٢( »الدية − −يسقوه حتى مات عطشا فأغرمهم عمر بن اخلطاب وذهب احلنفية إىل عدم وجوب الضـامن عـىل مـن ارتكـب جريمـة بطريـق

أن مناط التضمني ال يكـون عـن فعـل عـدمي كـالكف, ومنـاط : وقالوا, سلبيعندهم هو حدوث الرضر نتيجة لفعل إجيايب إما مبارشة وإما تسـببا ألن التضمني

.العدم ال ينتج إال العدم ويتضح من مذهب احلنفية أن أبا حنيفة ير أنه لو منع عنه الطعام والرشاب

أنه لـو عمـل ) أبو يوسف وحممد( فامت فإنه ال يضمن شيئا, بينام ير الصاحبانلبي بأن يكون حبس املجني عليه ثـم منـع عنـه الطعـام فعال إجيابيا مع الفعل الس .)٣(والرشاب فإنه يضمن الدية

أما الشافعية فإهنم يفرقون بني اجلناية السلبية التي يرافقها فعل إجيـايب وبـني اجلناية السلبية املحضة فريون أن اجلاين لو حبس املجني عليه ومنـع عنـه الطعـام

جوعا وعطشا فإن هذه جنايـة عمـد,أما والرشاب ومضت مدة يموت فيها غالبا .)٤(إذا مل يتم حبسه بل منع عنه الطعام والرشاب فال ضامن عليه

.١١/١٨٦املحىل ) ١(رقـم احلـديث ٩/٤١٢ومصـنف ابـن أيب شـيبة ) ١١٨٥(رقـم احلـديث ٦/٢٥٢ينظر السنن الكرب للبيهقـي ) ٢(

)٢٨٤٧٨.( .١٧٢وجممع الضامنات ص ٦/٥٤٣الدر املختار مع حاشية ابن عابدين ) ٣( .٥/٢١٥ينظر املنهاج مع رشحه مغني املحتاج ) ٤(

− ٨١ −

ويف : ثم قـال«وإن منعه الطعام فامت جوعا فال ضامن, )١(قال اإلمام النووي .)٢( ولو قيل يضمن كان مذهبا »احلاوي

م عن املضطر فإنه ير أن الضامن يف منع الطعا −رمحه اهللا −ومع أن النووي ير أن للمضطر أن يأخذه قهرا أو يقاتله عليه, فإذا قتل املضطر املالك فال ضامن

.)٣(أما إن قتل املالك املضطر يف الدفع عن طعامه لزمه القصاص,فيهووافق احلنابلة الشافعية يف التفريق بني اجلناية التـي رافقهـا حـبس ثـم منـع

وأما إذا كان الفعل جنايـة سـلبية ,ن هذا عمدللطعام والرشاب حتى مات فرأوا أ .)٤(حمضة كأن يمنعه الطعام والرشاب فال ضامن

ألنه مل ينجـه , إن القياس وجوب ضامنه: قال −رمحه اهللا − )٥(لكن أبا اخلطاب .)٦(من اهلالك فيضمنه كام لو منعه الطعام والرشاب

ا فعل إجيايب كأن حيبس أن اجلناية إذا رافقه :وأر أن الراجح يف هذه املسألة إنسان آخر ويمنع عنه الطعام والرشاب يف مـدة يمـوت فيهـا اإلنسـان غالبـا ثـم

فإن هذا الفعل الضار فيه القود وهي جناية واضـحة واجلـاين ,يموت املجني عليه .لضامن بالقصاص يف مثل هذه احلالةوال أر وجها ملن يقول بعدم ا ,ضامنباب عىل مرصاعيه للمجرمني أن يقتلوا النـاس والقول بعدم الضامن يفتح ال

.هبذه الطريقةأما إذا كانت اجلناية جمرد منع ملا يؤدي إىل إزالة احلياة سواء كان منعا للطعـام والرشاب أم منعا لنفع آخر كامتناع طبيب عن معاجلة مريض يف حالـة خطـرة أو

رشح صـحيح مسـلم : من مصنفاته,حيي بن رشف بن حسن أبو زكريا حمي الدين النووي الشافعي الفقيه املحدث) ١(

هــ ترمجتـه يف فـوات ٦٧٦تـويف سـنة .والروضة واملنهاج يف الفقه واملجموع رشح املهذب وصل فيه إىل باب الربا .١٣/٢٧٨والبداية والنهاية ٨/٣٩٥م ١٩٦٤وطبقات السبكي مطبعة احللبي ط األوىل ٤/٢٦٤الوفيات

.٤٠١وينظر خبايا الزوايا للزركيش ص ٣/٢٨٥روضة الطالبني ) ٢( .٣/٢٨٥روضة الطالني ) ٣( .٩/٥٨١واملغني البن قدامة ٦/٩ومطالب أويل النهى ٦/١٥و ٤/٥٠٨كشاف القناع ) ٤(التمهيـد يف أصـول الفقـه :من مصنفاته ,حلسن الكلوذاين احلنبيل كان فقيها خريا حسن اخللقحمفوظ بن أمحد بن ا) ٥(

والبدايـة ٢/٢٥٨هـ ترمجتـه يف طبقـات احلنابلـة البـن أيب يعـىل ٥١٠تويف سنة . واهلداية والتهذيب يف الفرائض .٤/٢٧وشذرات الذهب ١٢/١٨٠واهناية

.٩/٥٨١املغني البن قدامة) ٦(

− ٨٢ −

ذ والعلم بإمكانيـة امتناع مستشفى عن استقبال حالة حرجة مع القدرة عىل اإلنقا ,أما ضامن الديـة فهـو حمقـق ,فأر هنا أن املمتنع ضامن ,الوفاة إن مل يتم اإلنقاذ

لكن يرتك األمـر للقـايض ,وأما القصاص كام رآه املالكية والظاهرية فله وجاهتهفال شك أن احلاالت متغـايرة واألسـباب ,احلاالت التي يتجىل فيها السبب ليقدرمنع الطعام مثال ألن املالك حمتاج إليه وقد يكـون ألن الطبيـب فقد يكون ,خمتلفة

املمتنع امتنع ألنه غري خمول باملعاجلة وقد يكون عدم إسـعاف مـريض يف حـادث مروري للخوف من أن يتسبب يف زيادة الرضر أو للخوف من حتمل املسؤولية إذا

.مل يكن هو سبب يف احلادثه سلطة التقدير ومن حقه أن جيعل هذه هلذه األسباب ولغريها فإن القايض ل

.»شبه عمد«احلاالت يف مسألة االمتناع عن اإلنقـاذ » شبه عمد«ويظهر يل أن تصنيف األمر بكونه

.)١(بدون الفعل اإلجيايب هو الذي تطمئن إليه النفس :التعويض املادي عن أثر الشكو الكيدية التي ترتب عليها رضر :املطلب الثالث

شـكو كيديـة رر األديب الذي ينـتج عـن جنايـة أوـعن الض سبق احلديثارش الـذي ينـتج عـن التعويض عن الرضر املادي غري املب نتناول هنا باختصاروس

.الشكو الكيديةكـام ,ريعة اإلسالمية حرمـت اهتـام النـاس بالباطـلـفمام الشك فيه أن الش

مكـانتهم وإيـذائهم من حرمت نسبة السوء إىل الناس بقصد اإلرضار هبم والنيل .بالتشهري

ومـن « :يقـولملسو هيلع هللا ىلص سـمعت النبـي : لقد رو ابن عمر ريض اهللا عـنهام قـال نـهللا حتى ينزع,ومن قال يف مؤمزل يف سخط اـو يعلم مل يـل وهـاطـاصم يف بـخ

أحكامهـا وضـوابطها يف الفقـه اإلسـالمي للـدكتور عبـد املجيـد حممـود ,اجلرائم السـلبية: هذا املوضوعينظر يف) ١(

هــ ١٤٢٩الصالحني, بحث منشور يف جملة الرشيعة والقانون يف اجلامعة األردنية العدد السادس والثالثون شوال .١٥٩−١١٣م ص ٢٠٠٨

− ٨٣ −

.)١( »ليس فيه حبس يف ردغة اخلبال حتى يأيت باملخرجما من أعان : ملسو هيلع هللا ىلصقال رسول اهللا : كام جاء أيضا عن ابن عمر ريض اهللا عنهام قال .)٢(عىل خصومة بغري حق مل يزل يف سخط اهللا حتى ينزع

ووجه الداللة أن احلديثني أفادا الوعيد الشديد عىل من خاصم يف باطل وهو والشـكو الكيديـة هـي ,ملن أعان عىل خصومة بغـري حـق يعلم كام جاء الوعيدي يف االدعـاء يعـرض ـاملضـفقبوهلا ومساعدة الكائدين عـىل ,خماصمة بغري حق

وأيضا فإن التقول عىل املؤمن ونسبة فعـل قبـيح إليـه وهـو لسخط اهللا وعقوبته, .بريئ منه يستوجب عقاب اهللا وسخطه

ومـا احلكـم , فام هي العقوبة الدنيوية, وإذا كانت هذه هي العقوبة األخروية إذا ترتب عىل هذه الشكو رضر باملدعى عليه?

عـىل تأديـب املـدعي بالباطـل وتعزيـره إذا قصـد اإلرضار لقد اتفق الفقهاء من قام بشكية بغري حق أو ادعى بـاطال فينبغـي أن «: بالغري جاء يف تبرصة احلكام

.)٣(»يؤدبوإذا ظهر كذب املدعي يف دعواه بـام يـؤذي بـه املـدعى «: ويف كشاف القناع

.)٤(»عليه عزر لكذبه وأذاه للمدعي عليهر العقوبة التعزيرية بـام يقتضـيه اجتهـاده مـن تـوبيخ وقد ترك للقايض تقدي

للمدعى وإغالظ القول عليه أو الرضب واحلبس بحسب حساسية الرضر وحال .)٥(ألن املقصود هو الزجر وأحوال الناس خمتلفة فيه املدعي ;

٢/٧٠ومسـند أمحـد ) ١١٤٤١(رقـم ٦/١٣٥بيهقـي والسـنن الكـرب لل) ٣٥٩٧(رقـم ٤/٢٣سنن أيب داود ) ١(

وأرواء الغليـل ) ٦١٩٦(رقـم٢/١٠٦٥واحلديث صححه األلباين يف صـحيح اجلـامع الصـغري ٢/٢٧واملستدرك ).٢٣١٨(رقم ٧/٣٤٩

واحلـديث صـححه األلبـاين يف سلسـلة األحاديـث ,٤/٩٩واملسـتدرك ) ٢٣٢٠(رقـم ٢/٧٧٨سنن ابن ماجـة ) ٢( .٦٠٤٩رقم ٢/١٠٤٥يف صحيح اجلامع الصغريو) ١٠٢١(رقم٣/١٩الصحيحة

.١/٥١تبرصة احلكام ) ٣( .٦/١٢٨كشاف القناع ) ٤( .١٢٥ −٦/١٢٤وكشاف القناع ٥/٣٤٥وفتح القدير البن اهلامم ١٠/١٧٤روضة الطالبني : ينظر) ٥(

− ٨٤ −

أما إذا ترتب عىل هـذه الشـكو رضر مـادي للمـدعى عليـه فهـل يضـمن لتعويض?املدعي هذا الرضر?وهل يلزمه ا

رمحـه −فقد قال شيخ اإلسـالم ابـن تيميـة , لقد رأ مجهور الفقهاء الضامنمن غرم ماال بسبب كذب عليه عند ويل األمر فله تضمني الكاذب عليـه بـام −اهللا

.)١(غرمهان بسبب كذب عليه عند ويل األمر فلـه ـرم إنسـوإن غ«اع ـاف القنـويف كش

ظلمه, وله الرجوع عىل اآلخـذ منـه ألنـه تغريم الكاذب لتسببه يف −أي الغارم− .)٢(املبارش

لوغرم شخص بسبب كذلك عليه عند ويل األمر أو داللـة «: وجاء فيه أيضا .)٣( »عليه رجع الغارم عىل املتسبب بام غرمه لتسببه وقرار الضامن عىل اآلخذ ظلام

لــو غــرم بســبب كــذب عليــه عنــد ويل األمــر رجــع عــىل «: ويف اإلنصــاف .)٤(»الكاذب

عىل رجل بالرسقة فقطع يـده ثـم − −كام روي أن رجلني شهدا عند عىل ال أصدقكام : − −فقال عىل , إنام السارق هذا,ومهنا: فقاال, أتيا بعد ذلك بآخر

ولو أين أعلمكام فعلتام ذلك عمدا لقطعـت , عىل هذا اآلخر وأضمنكام دية األول . )٥( أيديكام

من قام بشكو كيدية إذا ترتب عىل شكواه فاجلمهور يرون وجوب تضمني فذهب أبو حنيفـة وأبـو ,رضر بالغري, أما األحناف فقد تعددت آراؤهم يف املسألة

يوسف إىل عدم إجياب الضامن تغليبا للمبـارشة عـىل التسـبب واكتفـاء بالعقوبـة وذهب حممد بن احلسن إىل وجوب الضامن بالسعاية وهو الذي رجحه , التعزيرية .)٦(ا احلنفيةمتأخرو

.٥٠٢االختيارات الفقهية ص ) ١( .٤/١١٦كشاف القناع ) ٢( .٣/٤١٩املرجع السابق ) ٣( .٦/٢١٩و , ٥/٢٧٧للمرداوي صافاإلن) ٤( .١٦/١٧٨ ينظر املبسوط) ٥( .١١٦والفتاو الغياثية ص ١٥٥ −١٥٤ينظر جممع الضامنات ص ) ٦(

− ٨٥ −

... سعى بأحد إىل سلطان بغري ذنب أصـال ضـمن«: جاء يف الفتاو الغياثية . )١(»كذا اختيار مشائخنا وال تأخذ بقول من قال بأن الساعي آثم وال شيئ عليه

كام جاء يف جممع الضامنات أن علامء األحناف أفتوا بأنه لو سعى إىل السلطان .)٢(فغرمه فإن الساعي يضمن

تقدم أن الشـكو الكيديـة إذا تسـببت يف رضر مـادي فـإن تخلص مماونس .اجلاين يضمن الرضر باإلضافة إىل العقوبة التعزيرية

كام أهنا إذا تسبب برضر أديب له عالقة بالرضر املادي بأن نتج عـن الشـكورضر مايل كفصل من العمل أو ابتعاد الناس عنه مما أد إىل خسـارته فقـد تقـدم

.قول الذي يؤيد التعويض املادي عن هذا الرضر األديب غري املحضرجحان الرع قـد وضـع عقوبـة لـبعض أنـواع الـدعو ـوينبغي أن يلحظ هنا أن الشوكـذا ,رف وذلـك مـا يتمثـل يف حـد القـذفـالكيدية التي متس األعراض والش

.وهذه األمور داخلة يف جماالت الدعاو الكيدية ,عقوبة شاهد الزور

.١١٦هـ ص ١٣٢١الفتاو الغياثية لداود اخلطيب املطبعة األمريية ببوالق ) ١( .١٥٥جممع الضامنات ص ) ٢(

− ٨٦ −

أبيض

− ٨٧ −

אא אאאא

אאא :نقص قيمة العني بعد إصالحها: املطلب األول

األصل أن ترد األموال التي حصلت اجلناية عليهـا بأعياهنـا عنـد اإلمكـان, .)١(لعهدة واملسؤوليةوهذا هو األصل العام املقرر يف الضامنات للتخلص من ا

ومما هو مقرر رشعا أن الرضر املوجب للتعويض هو الضـرر املـايل املاثـل يف وإذا حصـل نقـص يف )٢(نقص قيمة العني املعتد عليها بفعل صادر من املعتـدي

العني املتلفة فإن مجهور الفقهاء يرون أن الطريق ملعرفة النقصان هـو تقـويم املـال دوث ذلك الرضر وتقويمه بعد حدوثه, وما يوجد مـن الذي أصابه رضر قبل ح

.فرق بني القيمتني يلزم به من أحدث الرضروبناء عىل ذلك فلو حصلت جناية عىل سيارة مثال ثم قام اجلـاين بإصـالحها فحصل نقص يف قيمتها بسبب اجلنايـة ولـو بعـد اإلصـالح فـإن اجلـاين يضـمن

.الفرقمعرفة النقصان فهـو أن يقـوم صـحيحا وأما طريق «: جاء يف بدائع الصنائع

ويقوم وبه العيب فيجب قدر ما بيـنهام ألنـه ال يمكـن معرفـة النقصـان إال هبـذا )٣( .»الطريق

أن تقـوم العـني عـىل : عن طريقة جرب النقصان )٤(وقال العزب ن عبد السالم جرب التفاوت بني الصفتني بام بنيهلا ثم تقوم عىل أوصاف نقصاهنا في اف كامـأوص

.٩١لزحييل صوينظر نظرية الضامن ل ١/١٨٠قواعد األحكام ) ١( .٤٢الضامن للخفيف ) ٢( .٧/١٦٠بدائع الصنائع ) ٣(بـرع يف الفقـه وألصـول واحلـديث ,هو اإلمام عبد العزيز بن عبد السالم بن أيب القاسم بن احلسن سلطان العلامء) ٤(

= ٣/٣٥٠هـ ترمجته يف فوات الوفيـات ٦٦٠د الكرب والغاية وغريها تويف سنة ـواعـن مصنفاته القـري مـوالتفس

− ٨٨ −

. )١(وكذا لو عيب شيئا من األموال فإنه جيربه بام بني قيمته سليام ومعيبا... القيمتنيوبناء عىل أصل التضمني فإن الذي أحدث رضرا يف عني مبارشة أو بتسـبب يلزمه ضامن الرضر, فإن أمكن إصالحها وإعادهتا إىل حاهلا قبل حدوث الضــرر

ضامن عليه إذا مل ينقص منهـا شـيئ بعـد وال, لزم اجلاين إصالحها وردها إىل رهبا .)٢(اإلصالح, أما إذا حصل نقص فإنه يلزم جرب النقصان

وإذا كان مجهور الفقهاء يرون أن الطريق ملعرفة جرب النقصان هو تقويم املال الذي أصابه رضر قبل حدوث الرضر وتقويمه بعد حدوثه وما وجد من فرق بني

كام سبق بيانه, إال أن املالكية هلم طـريقتهم يف , القيمتني يلزم به من أحدث الرضرطريقة اجلرب فيام نقص بسبب اجلناية وقد نصوا عليها يف جرب نقص الثوب املقطوع

فريون أن تقدير النقص يف هاتني احلالتني يكون , والدابة املجروحة وما يف معنامهالضــرر نفقـات ومداواة الدابة فيتحمـل املتسـبب يف ا) إصالحه( بعد رفو الثوب

الدواء وأجرة الطبيب ثم تقوم الدابة بعد الربء كام يقوم الثوب بعد الرفو فام نقص .)٣(بعد ذلك لزم املتسبب دفعه إىل رب الثوب أو الدابة

فاملالكية يرون أن يتم النظر إىل أرش النقص قبل اإلصـالح فـإذا كـان عـىل ثـم يقـدر , مخسامئة: يكن مثالول ,ثم يقدر النقص بعد اإلصالح, ألفا:سبيل املثال

وعليه فيلزم املتسبب ستامئة, وقد راعـى املالكيـة يف , مائة: أجر اإلصالح وليكنتقدير أرش النقص هبذه الكيفية جانب الضامن حتى ال يظلم ألنه إذا ألـزم بغـرم

.)٤(أرش النقص قبل اإلصالح لزمه مقدار أكرب مما لو قدر بعد اإلصالح

م ١٩٧٠ومرآة اجلنان لليـافعي ط الثانيـة ٢/١٩٧م ١٩٧٠وطبقات األسنوي بتحقيق اجلبوري مطبعة اإلرشاد = .٤/١٥٣نرش مؤسسة األعلمي

.١/١٨٢قواعد األحكام ) ١( .٢١٤التعويض عن الرضر ملحمد بوساق ص) ٢(مـواق نشــر دار الكتـب العلميـة ط األوىل والتاج واإلكليل عىل خمتصـر خليـل لل ٢/٥٨٥البهجة رشح التحفة ) ٣(

.٣/٤٦١وحاشية الدسوقي ٧/٣٣٩م ١٩٩٤ .٢٢٤ينظر التعويض عن الرضر ملحمد بوساق ص) ٤(

− ٨٩ −

فإن رجع حلالته فـال شـيئ عليـه وإال غـرم مـا نقصـه « :وقد جاء يف البهجةفإذا كان أرش النقص قبـل الرفـو الثوب ونحوه بعد الرفو والرتقيع ال قبل ذلك,

درمهني وبعـده درمهـا واحـدا وأجـرة الرفـو نصـف درهـم فـإنام يلزمـه درهـم .)١(»ونصف

وإن نقصـت القيمـة فقـط لزمـه« :أما الشافعية فقد قالوا يف جـرب النقصـان )٢(.»األرش جربا له

ومما هو مقرر رشعا أن وقت التقدير بالنسبة لإلتالف هو يوم التلـف فيبنـى .عليه إرش النقص الذي حصل بعده

فإن أتلفه متلف ليس يف يده بأن أحرق دارا ليست «: قال العز بن عبد السالمك بقيمتـه يف يده أو قتل عبدا يف يد سيده أو أتلف دابة يف يد راكبها فإنـه جيـرب ذلـ

.)٣( »وقت إتالفه ألهنا هي التي فوهتا .)٤( »املتلف بال غصب يعترب قيمته يوم التلف وال خالف فيه«وقال ابن نجيم

وتعترب القيمة يـوم تلفـه يف بلـد غصـبه ألن ذلـك زمـن «ويف كشاف القناع .)٥(»وكذا متلف بال غصب. . الضامن وموضعه

:نفعة بسبب اجلنايةالتعويض عن فوات امل: املطلب الثاين, هو تفويت املنفعة التي انعقـد سـبب وجودهـا:املقصود بتفويت املنفعة هنا

فال تـدخل يف موضـوع التعـويض يف , تفويت منفعة النقد:وخيرج من هذه املنافع .ألن التعويض عن تفويت منفعة النقد يفيض إىل الربا,حديثنا

ها وحصلت جناية فعل لكن احلديث هنا عن املنفعة التي انعقد سبب وجودكأن حتصل جناية عىل سيارة فيتعطل االنتفـاع ,أو ترك تسببت يف إزالة هذه املنفعة

.٢/٥٨٥البهجة رشح التحفة ) ١( .٥/١٧٩هناية املحتاج للرميل ) ٢( .٥/١٧٩هناية املحتاج للرميل ) ٣( .٣٦٣األشباه والنظائر البن نجيم ص ) ٤( .٤/١٠٨القناع كشاف ) ٥(

− ٩٠ −

هبا فرتة من الزمن أو يتعذر االنتفاع هبا,أو يرتك العامل عمله يف مزرعة دون فسخ , فإذا حصـل الضــرر فهـل تكـون هـذه العقد فيؤدي هذا الرتك إىل هالك الزرع

لب هبا اجلاين?املنافع مضمونة يطا :وألزموا متلفها التعويض,ير الشافعية واحلنابلة أن املنافع أموال قطعا

فتجـرب يف العقـود «: قال العز بن عبد السـالم عـن املنفعـة املباحـة املتقومـةالفاسدة والصحيحة والفـوات حتـت األيـدي املعطلـة والتفويـت باالنتفـاع ألن

, فـال فـرق بـني جربهـا بـالعقود وجربهـا الشارع قد قومها ونزهلا منزلة األموالفمـن ,بالتفويت واإلتالف ألن املنافع هـي الغـرض األظهـر مـن مجيـع األمـوال

غصب قرية أو دارا قيمتها يف كل سنة ألف درهم وبقيت يف يده سبعني سنة ينتفع ولو مل تلزمه قيمتها لكان ذلك بعيدا عن العـدل ,هبا منافع تساوي أضعاف قيمتها

.)١(»لذي مل ترد رشيعة بمثله وال بام يقاربهواإلنصاف افكل من أتلفها أو فوهتـا , ويتفق احلنابلة مع الشافعية يف اعتبار املنافع أمواال

.)٢(فعليه ضامن أجرة املثلسواء باسـتخدامها أم , وقد رأ هؤالء ضامن املنافع لألموال املتقومة مطلقا

.بتعطيلها أجرة املثل منفعة الـدار والعبـد ونحومهـا وتضمن ب«: جاء يف مغني املحتاج

من كل ماله منفعة يستأجر عليها كالكتاب والدابة واملسك بالتفويت كأن يطـالع يف الكتاب ويركب الدابة أو يشم املسك, والفوات يف يد عادية بأن مل يفعل ذلـك ــمونة بالغصــب ــت مض ــة فكان ــافع متقوم ــدار ألن املن ــإغالق لل ــريه ك وال غ

.)٣(»كاألعيان امن املنافع يف الغصب وأهنا تضمنالم ابن تيمية عن ضـيخ اإلسـدث شـوحت

.٥/١٧٠وينظر هناية املحتاج . ١/١٨٣قواعد األحكام ) ١( .٤/١١١,١١٢كشاف القناع ) ٢( .٣/٣٥٣مغني املحتاج ) ٣(

− ٩١ −

ولو حبس املغصوب وقت حاجة مالكـه «: −رمحه اهللا −ولو بعد زمن بعيد فقال .)١(»إليه كمدة شبابه ثم رده يف مشيبه فتفويت تلك املنفعة ظلم يفتقر إىل جزاء

العامل العمل حتى فسد وإذا ترك«: وقال عن تفويت منفعة يف غري الغصبالثمر فينبغي أن جيب عليه ضامن نصيب املالك وينظر كم جييئ لـو عمـل بطريـق االجتهاد,كام يضمن لو يبس الشجر,وهذا ألن ترك العمل من غـري فسـخ العقـد

.)٢(»حرام ورضرووجهة هؤالء الذين اعتربوا املنافع أمواال مضمونة أن الشــرع عـدها مـاال

يف عقد الزواج, كام أن النـاس يعتـادون متوهلـا باالجتـار فيهـا, فجوز جعلها مهرافأعظم الناس جتارة هم الباعة ورأس ماهلم املنفعة, وأيضا فإن قيمة األشياء تقدر

.)٣(بمنافعها .أما املالكية فهم أيضا يعدون املنافع أمواال ويضمنون املعتدي قيمة املنفعة

من قيمـة املنفعـة ولـو مل يسـتعمل إذا املتعدي يضـ«: جاء يف الفواكه الدواين .)٤( »بل عطله املنفعة

فإذا قصد اجلاين االستيالء عىل ,ولكن املالكية يفرقون بني التفويت والفواتالعــني فإنــه يضــمنها وال يضــمن املنــافع إذا مل يســتعملها,وبناء عــىل ذلــك إذا مل

ه ال يضـمن العـني يستعمل العني فتلفت بآفة ساموية فإنه يعاقب عىل اجلناية لكنـفمـن اسـتوىل عـىل أرض ,أما لو استعملها فإنه يضمن العني واملنفعة, وال املنفعة

.)٥(وزرعها أو دار وسكنها أو أجرها فال بد من التعويض عن املنفعةوخــالف األحنــاف مجهــور العلــامء يف التعــويض عــن تفويــت املنــافع فلــم

وقد عرفوا املـال , تالفها أو فواهتايعتربوها أمواال ولذلك مل يوجبوا التعويض يف إ . )٦(»ما يميل إليه الطبع ويمكن ادخاره وقت احلاجة«بأنه

.٥٠٢االختيارات الفقهية ص) ١( .٤٨٩املرجع السابق ) ٢( .١٨١وينظر التعويض عن الرضر ملحمد بوساق ص ١/١٨٣قواعد األحكام ) ٣( .٢/١٧٦ رسالة القريواين الفواكه الدواين عىل) ٤( .٣/٤٤٨والرشح الكبري للدردير٦/١٤٨واخلريش ٢/١٧٦ينظر الفواكه الدواين ) ٥( .٤/٥٠١حاشية ابن عابدين ) ٦(

− ٩٢ −

.)٢(»املنافع التضمن باإلتالف« )١(وقد قال الرسخيساملنافع ليست بأموال متقومة عندنا حتـى ال تضـمن «وجاء يف بدائع الصنائع

. )٣( »بالغصب واإلتالفنفعة انعقد سبب وجودها بحيـث تأكـد ويرتجح يل وجوب التعويض عن م

الرضر من فوات املنفعة وحتققت اجلناية باعتداء فعيل أو ترك ملا يؤدي إىل تسـبب وقد قدمت يف أول املطلب أن هذا ال يشمل فـوات , يف فوات املنفعة عىل صاحبها

.منفعة النقود ألن تعويضها ذريعة إىل الرباالتعويض عن منع اإلنسـان مـن ويبقى لنا حديث متصل هبذا املوضوع وهو

.االنتفاع بامله أو حبسه حتى هيلك املال وسأتناوله يف املطلب التايلالتعويض عن منع االنتفاع بالعني وعن تلف املـال بسـبب حـبس : املطلب الثالث

:مالكهوتعرف » احليلولة بني اإلنسان وماله«منع االنتفاع بالعني يطلق عليه الفقهاء

: ااحليلولة بأهنهبـذا الغـري منع صاحب احلق من ممارسة حقه عىل نحـو يـؤدي إىل اإلرضار

.)٤(بترصف غري جائزفقـد احليلولة سببا من أسـباب الضـامن, −رمحه اهللا − )٥(وقد اعترب السيوطي

.)٦(عدد أسبابه وجعلها أربعة وجعل احليلولة القسم الرابع

مـن أشـهر مصـنفاته املبسـوط ولـه رشح ,حممد بن أمحد بن أيب سهل شمس األئمة فقيه أصويل من كبار األحناف) ١(ترمجتـه يف . ٤٩٠وقيـل ٤٨٣تـويف سـنة »يسـأصول الرسخـ«عرف بـخمترص الطحاوي وله يف األصول كتاب

.١/٢٦٤م نرش حممد دمج ١٩٧٤والفتح املبني للمراغي ط الثانية ١٥٨والفوائد البهية ٢/٢٨اجلواهر املضيئة .١١/٧٩املبسوط ) ٢( .٧/١٦٠بدائع الصنائع) ٣( .٣٢ص ونظرية الضامن للدكتور الزحييل ٢٦٤ينظر ضامن العدوان ص) ٤(لـه العديـد مـن , عبد الرمحن بن أيب بكر بن حممد السيوطي نشـأ يف القـاهرة ونبـغ يف الفقـه واألصـول والعربيـة) ٥(

هـ ترمجته يف الضوء الالمـع ٩١١الدر املنثور واملزهر واإلتقان واألشباه والنظائر وغريها تويف سنة : املصنفات منها .١/٣٢٨والبدر الطالع ٤/٦٥

.٣٦٢والنظائر صاألشباه ) ٦(

− ٩٣ −

)١(مل عـددا مـن التصــرفاتيشـ )احليلولة(ومنع اإلنسان من االنتفاع بامله

:ومنهااالستيالء عىل حق من حقوقه سواء كان عينـا أو منفعـة, وترجـع هـذه −١

.الصورة إىل الغصب وتأخذ أحكامه يف إجياب الضامنومن صور احليلولة أن حيبس املالك وحيال بينه وبني ملكـه حتـى يتلـف −٢ .املال

يرون تضـمني مـن حـال بـني ومجهور الفقهاء من املالكية واحلنابلة وغريهمسواء كان قاصدا بذلك إتالف مالـه أو غـري قاصـد ألنـه ,رجل وماله حتى تلف

واالعتداء عىل ذات الشخص بحبسه أشـد يف ,متسبب يف اإلتالف عدوانا باجلناية .)٢(العدوان وآمل يف الرضر من االعتداء عىل امللك

لف الضـامن عليـه وير بعض الشافعية أنه لو حبس املالك عن ماله حتى ت .)٣(ألنه مل يترصف يف املال وإنام ترصف يف املالك

وهؤالء يرون أن اجلناية وقعت عىل املالك ال عىل املال فيضمن الرضر الواقع .عىل ذات الشخص

أما احلنفية فإهنم ال يوجبون الضامن إال يف املنقولمن, ولـو حال بينه وبني أمالكه حتى تلفت مل يضـ«جاء يف جامع الفصولني . )٤(»فعل ذلك يف املنقول ضمن

ويرتجح يل أن الشخص لو تسبب يف منع صاحب احلـق مـن االنتفـاع باملـه وحال بينه وبني ماله أنه يضمن التعويض بل إن املنع إذا كـان بحبسـه بغـري حـق

.٤٦٤ينظر ضامن العدوان ) ١(وهنايـة ٩/٥٨١واملغني البـن قدامـة ٦/١٤واخلريش ٣/٤٥٢وحاشية الدسوقي ٤٠٤يراجع لسان احلكام ص ) ٢(

.٥/١٥٣املحتاج .١١/٢٤٧فتح العزيز للغزايل نرش دار الفكر ) ٣(اللباب رشح الكتاب نرش دار الكتاب :حنافوينظر لرأي األ ٢/١١٧هـ١٣٠٠جامع الفصولني املطبعة األزهرية ) ٤(

.٢/١٨٩العريب

− ٩٤ −

فذلك أوىل يف التعويض,كام أن املال إذا هلك فإن املتسبب بحبس صاحبه يضـمن وكذلك أيضا لو استوىل عىل املال فتلـف املـال أو ,ىل جناية احلبساملال باإلضافة إ

.رسق فإنه يضمن :التعويض عن أثر املامطلة يف اخلصومات: املطلب الرابع

لقد حسمت قضية التعـويض عـن املامطلـة يف الـديون بقـرارات املجـامع ملامطلـة يف الفقهية وفتاو الفقهاء, إذ تم التوصل إىل حتريم التعويض املادي عن ا

.)١(الديون ألن ذلك ذريعة إىل الربا وفتح باب لشعبه ال يسدوتبقى مسألة التعويض عن مرصوفات الدعو ومصــروفات التقـايض يف اخلصومات وكذا قضية تعويض األرضار التي نتجت عن هذه الدعو, إذ حيدث

اخلصـم أن اإلنسان ألجل أن يصل إىل حقه يبذل جهدا ووقتا وماال بسبب تعنت أو بسبب أن خصمه رفع عليه دعو غري معتمدة عىل برهان وليس بالرضورة أن

مما ترتـب ,تكون شكو كيدية لكنها قد تكون دعو جمحفة يف حق املدعى عليهعليه رصف مبالغ مالية من نفقات ورسوم التقايض وأجرة املحامني وغـري ذلـك

.من األمور املعتربةوتبقى األمور األخر , فقد تقدم احلديث عنهاأما إذا كانت الشكو كيدية

غري الشكو الكيدية فام حكم التعويض عنها?إنا إذا نظرنا إىل التوجيهات الشــرعية يف منـع األرضار نجـد أن األدلـة قـد تواردت عىل أن جرب األرضار بالتعويض أمر مرشوع فالرضر سبب مـن أسـباب

ىل أمـوال النـاس وحقـوقهم ودرء الضامن وقد رشع الضامن من أجل املحافظة عوقـد تقـدمت , الرضر عليهم كام رشع أيضا من أجل جرب ما نقـص مـن أمـواهلم

األدلة عىل هذا ولعل أوضح دليـل يف الداللـة عـىل التعـويض عـن فـوات املـال ن ﴿: ماحكاه القرآن عن داود وسليامن عليهام السالم يف قوله تعاىل يام ل س ود و او د و

.٢ينظر بحث التعويض عن األرضار املرتتبة عىل املامطلة يف الديون للدكتور سلامن بن صالح الدخيل ص ) ١(

− ٩٥ −

ك ين إذ حي د ـاه ـم ش ه م ك ا حل نـ ك م و ـو ـنم الق ـت فيـه غ ش ف ث إذ ن ـر ن يف احل ) ٧٨(امن يام ل ا س ناه م ه ف ).٧٩−٧٨: األنبياء( ﴾..ف

فقد ذكر املفرسون أن غنم شخص رعت ليال حرث آخـر وأكلـت حمصـوله رث تعويضا لـه عـن وأتلفته فقىض داود عليه السالم أن الغنم تكون لصاحب احل

وحكـم فيهـا , الرضر الذي حلقه نظرا لتفريط أصحاهبا وتعويضا لصاحب الزرعسليامن عليه السالم بحكم موافق للصواب بأن أصحاب الغنم يـدفعون غـنمهم إىل صاحب احلرث فينتفع بدرها وصوفها ويقومون عىل بستان صـاحب احلـرث

.)١(دا ورجع كل منهم باملهحتى يعود حلاله األوىل فإذا عاد إىل حاله ترايسـتفاد لـزوم «: معلقا عىل هذه القصـة −رمحه اهللا −وقد قال الشيخ الزرقا

.)٢( »تعويض الرضر عن تعطل املال عىل صاحبهعـىل إزالـة مجيـع » رضر وال رضار ال«كام تقدم االستدالل باحلديث النبوي

.أنواع الرضرعــن أرضار الرتافــع يف وبنــاء عــىل ذلــك يمكــن القــول بجــواز التعــويض

اخلصومات التي تلحق الرضر نتيجـة تعطيـل األعـامل وتفويـت مصـالح حمققـة .ونفقات ومرصوفات مالية تتطلبها املرافعات القضائية

روعية التعـويض عـن ـوقد وردت نصوص عن فقهاء الرشيعة تدل عىل مش :هذه األرضار ومنها ما يأيت

عمن عليه دين فلم يوفه حتى − اهللارمحه −سئل شيخ اإلسالم بن تيمية −١ :طولب به عند احلاكم وغرم أجرة الرحلة هل الغرم عىل املدين فأجاب

إذا كان الذي عليه احلق قادرا عىل الوفاء ومنعه حتى أحوجه إىل الشكاية فام ( .)٣()غرمه بسبب ذلك فهو عىل الظامل املامطل إذا كان غرمه عىل الوجه املعتاد

.١١/٣٠٧م وتفسري القرطبي ١٩٦٩/هـ١٣٨٨ينظر تفسري ابن كثري دار إحياء الرتاث العريب بريوت ) ١( .٢١ار ص الفعل الض) ٢()٣ ( ٢٥−٣٠/٢٥جمموع الفتاو.

− ٩٦ −

لو مطل غريمه حتى أحوجه إىل الشكاية فـام غرمـه ( نصاف وورد يف اإل −٢−رمحه اهللا −بسبب ذلك يلزم املامطل, جزم به يف الفروع وقاله الشيخ تقي الدين

.)١()أيضاومن مطل غريمه حتى أحوجه إىل الشكاية فام غرمه بسبب ( ويف الفروع −٣

.)٢()ذلك لزم املامطلين رب احلق حتى شكى عليه فام غرمه ولو مطل املد:(ويف كشاف القناع −٤

. )٣()رب احلق فعىل املدين املامطل إذا غرمه عىل الوجه املعتادال (وأفتى الشيخ حممد بن إبراهيم حني سئل عن هذه املصـاريف فقـال −٥

. )٤( )مانع من اعتباره من باب التعزير إذا كانت هذه النفقات عىل الوجه املعتادص االسرتشاد عمن يتعمد املشـاغبة واإلرضار ويف فتو أخر بخصو −٦

, بغريه عن طريق املداعاة وما تستلزمه املداعاة من نفقات السفر واإلقامة ونحوهونفيدكم بأن للحاكم الرشعي االجتهاد يف مثل هذه األمور وتقرير مـا يـراه : قال

ملسلمني زاجرا من يتعمد اإلرضار بإخوانه ا,حمققا للعدل ومزيال للظلم والعدوانثـم نقـل كـالم شـيخ اإلسـالم املتقـدم « رادعا غريه ممن تسول هلم أنفسهم ذلك

)٥(.»ذكرهوالذي يظهر جواز التعويض عن هذه األرضار برشط حتقق الرضر وحصول التعدي من اخلصم الذي أجلأ صاحب احلق إىل الرتافع وتسبب يف إرضاره نتيجـة

رط أن يفـرض التعـويض ـوبشـ ,الكيدية جلوئه إىل الرتافع أو للدعو الباطلة أويكون التعويض عن فوات منفعة النقـود فقـد وبرشط أن ال,قاض نظر يف القضية

.جيوز تعويضها لشبهة الربا تقدم أن ال

.٥/٢٧٦اإلنصاف للمرداوي ) ١( .٦/٤٥٧ عبد اهللا الرتكي .الفروع وتصحيح الفروع حتقيق د) ٢( .٣/٤١٩كشاف القناع ) ٣( .١٢/٥٧فتاو ورسائل الشيخ حممد بن إبراهيم ) ٤( .١٢/٣٤٥فتاو ورسائل الشيخ حممد بن إبراهيم ) ٥(

− ٩٧ −

تيرس يل من مجع ونظر فإن أصبت فمن اهللا وإن أخطـأت فمنـي ومـن هذا ماوآخر دعوانـا أن احلمـد ,وأعوذ باهللا من الزلل وأسأله التوفيق والعون ,الشيطان

.هللا رب العاملني

− ٩٨ −

أبيض

− ٩٩ −

א وأعرض أهم النتائج التـي ,يف ختام البحث أسأل اهللا التوفيق وحسن اخلامتة

:توصلت إليها »التعـويض« السابقون مل يشـتهر عنـدهم اسـتخدام مصـطلحالفقهاء :أوال

.»الضامن« تخدموا لفظا آخر يشمل معناه وهولكنهم اس بمعنى جرب الرضر,الرضر الذي حرص الرشع عىل إزالته هـو كـل أذ يلحـق الشـخص : ثانيا

سواء كان يف مال حمرتم أو جسم معصوم أو عرض مصون,فيشمل الرضر املـادي .والرضر األديب

مسـتعمال لـد الفقهـاء »رر األديب أو املعنـويـالض« مل يكن مصطلح: ثالثايف حني أهنم حتـدثوا عـن مضـمونه أثنـاء تنـاوهلم للـديات واألروش ,األقدمني

.وأنواع الضامنعند التحقيق يف وجهات املـانعني واملجيـزين للتعـويض املـادي عـن :رابعا

رر األديب يسلم هبـا ـفأغلب حاالت الض,الرضر األديب نجد أن وجهاهتم متقاربةكام أهنم يسلمون بعقوبة التعزيـر عـن املانعون باعتبار أن هلا تعلقا بالرضر املادي,

املـايل فيـه بدفعـه األديب املحض,فلم يبق من موطن اخلالف إال إمكانيـة التعزيـر .يوجد رضر أديب حمض للمرضور,ونادرا ما

ترجح لد الباحث جواز التعويض املادي عن الرضر األديب الذي : خامسامـع »ألديب غـري املحـضرر اـالضـ« يطلـق عليـه له تعلق بالرضر املادي,وهو ما

نتج عنه رضر مايل سواء كـان رضورة أن يتوسع مفهوم هذا الرضر ليشمل كل مافقد وظيفة جتلب له كسبا أو ذهـاب متعـاملني كـانوا يـدرون عليـه بدفع مال أو

كحـق التـأليف وبـراءة االخـرتاع, دخال,أو السطو عىل أي امتياز لـه أثـر مـايل, .ية يف مماطلة الديون لذريعة الرباويستثني الباحث اخلسارة املال

يمكن أن ينزل القول بجواز التعويض املادي عن الرضر األديب عـىل :سادسا .الذي اعتمده أغلب الفقهاء واألصوليني »املناسب املرسل« مسلك

− ١٠٠ −

ير الباحث سالمة وجهة من ير جواز تعويض مادي زائد عىل ال: سابعاإذ التعويض املادي عـن رضر أديب حمقـق, بينام يمنع مقدرات الديات واألروش,

.الرأي حماذير يرتتب عىل هذاتوصل الباحث إىل جواز التعويض عـن أثـر شـكو كيديـة أدت إىل :ثامنا

باإلضافة إىل العقوبة التعزيرية ضياع وظيفة, بفقد مال أو رضر, سواء باجلسم أو .األخر بالسجن واجللد

ويض عن فـوات منفعـة انعقـد سـبب توصل الباحث إىل جواز التع :تاسعا .وجودها,ووجوب التعويض يف حال نقصان قيمة العني بعد إصالح الرضر

توصل الباحث إىل جواز التعويض عن النفقـات التـي ترتبـت عـىل : عارشاوذلك يف الدعاو التي تسببت يف نفقات سـفر ورسـوم ,املامطلة يف اخلصومات

. قصد التعدي من املتسببوذلك حني يظهر مقاضاة وأتعاب حمامني,

− ١٠١ −

אא١(א( تعليق حممد عبد القادر عطا ) ابن العريب(ملحمد بن عبد اهللا . أحكام القرآن ●

م٢٠٠٣/هـ١٤٢٤نرش دار الكتب العلمية الطبعة الثالثة مد البعيل حتقيق عىل حم,االختيارات الفقهية لشيخ اإلسالم أمحد بن عبد احلليم ابن تيمية ●

م ١٩٧٨/هـ١٣٩٧نرش دار املعرفة بريوت لبنان طبعة ملحمد نارص الدين األلباين .إرواء الغليل يف ختريج أحاديث منار السبيل ●

م ١٩٨٥/هـ١٤٠٥الطبعة الثانية /نرش املكتب اإلسالمي بريوت األشباه والنظائر لعبد الرمحن بن أيب بكر السيوطي ●

م١٩٩٠/هـ١٤١١الطبعة األوىل .ة نرش دار الكتب العلمي )ابن نجيم(األشباه والنظائر لزين الدين بن إبراهيم ●

م١٩٨٠هـ ١٤٠٠الطبعة ,نرش دار الكتب العلمية بريوتتعليق طـه عبـد الـرؤوف ) ابن القيم (ملحمد بن أيب بكر . إعالم املوقعني عن رب العاملني ●

دار اجليل بريوت لبنان ,سعداإلمام أمحد بن حنبل لرشف الدين موسى بن أمحـد احلجـاوي, حتقيـق عبـد اإلقناع يف فقه ●

لبنان −نرش دار املعرفة بريوت , اللطيف السبكي م١٩٩٠هـ١٤١٠لإلمام حممد بن إدريس الشافعي,نرش دار املعرفة بريوت سنة, األم ● عالء الدين عىل بن سليامن املرداوي ,اإلنصاف يف معرفة الراجح من اخلالف ●

نرش دار إحياء الرتاث العريب الطبعة الثانية بدون تاريخ مراجعـة الشـيخ عبـد , البحر املحيط يف أصول الفقه ملحمد بن عبد اهللا بن هبادر الزركيشـ ●

م ١٩٩٢/هـ١٤١٣طبعة وزارة األوقاف الكويتية الطبعة الثانية , القادر العاين لعالء الدين أيب بكر بن مسعود الكاساين ,ئع يف ترتيب الرشائعبدائع الصنا ●

م ١٩٨٦/هـ١٤٠٦الطبعة الثانية ,نرش دار الكتب العلمية )ابن رشد احلفيد(بداية املجتهد وهناية املقتصد ملحمد بن أمحد ●

م١٩٧٥/هـ١٣٩٥مطبعة مصطفى احللبي الطبعة الرابعة

راجع التي مل يتكرر ورودها واكتفيت بذكر الطبعة وسنة النرشـ يف هـوامش صـفحات البحـث عنـد مل أثبت هنا امل) ١( .ذكرها

− ١٠٢ −

نرش دار ابن كثري بريوت) ن كثرياب(إسامعيل بن عمر ,البداية والنهاية ● ) ابن امللقن(البدر املنري يف ختريج األحاديث واآلثار يف الرشح الكبري لعمر بن عيل ●

م٢٠٠٤نرش دار اهلجرة الرياض ط األوىل .حتقيق مصطفى أبو الغيط وعبد اهللا سليامن القادر شاهني نشـر حتقيق حممد عبد, لعىل بن عبد السالم التسويل, البهجة يف رشح التحفة ●

م١٩٩٨/هـ١٤١٨دار الكتب العلمية بريوت الطبعة األوىل )ابن فرحون(إلبراهيم بن عىل,تبرصة احلكام يف أصول األقضية ومناهج األحكام ●

م ١٩٨٦هـ١٤٠٦الطبعة األوىل ,نرش مكتبة الكليات األزهرية لعثامن بن عىل الزيلعي , تبيني احلقائق رشح كنز الدقائق ●

هـ ١٣١٣طبعة الكرب األمريية بوالق الطبعة األوىل امل حتفة احلبيب عىل رشح اخلطيب لسليامن بن حممد البجريمي ●

م الطبعة األوىل ١٩٩٦/هـ١٤١٧نرش دار الكتب العلمية بريوت ) ابن حجر اهليتمي(ألمحد بن حممد ,حتفة املحتاج يف رشح املنهاج ●

م١٩٨٣/هـ١٣٧٥ املكتبة التجارية الكرب عام نرش لعبد القادر عودة ,الترشيع اجلنائي ● م ٢٠٠/هـ١٤٢١مؤسسة الرسالة للطباعة والنرش,الطبعة الرابعة عرشة ● التعريفات لعىل بن حممد اجلرجاين ●

م١٩٨٣/هـ ١٤٠٣دار الكتب العلمية بريوت لبنان الطبعة األوىل بوساق . بن املدين للدكتور حممد,التعويض عن الرضر يف الفقه اإلسالمي ●

م ٢٠٠٧/هـ١٤٢٨كنوز إشبيليا الرياض الطبعة الثانية نرش دار ملحمد بن أمحد بن أيب بكر القرطبي ) اجلامع ألحكام القرآن(تفسري القرطبي ●

م١٩٨٥هـ١٤٠٥تصوير دار إحياء الرتاث العريب بريوت لعبد الرمحن بن أمحد بن رجب ,جامع العلوم واحلكم ●

م١٩٦٢/هـ١٣٨٢لبي الطبعة الثالثة مطبعة احل اجلواهر املضيئة يف طبقات احلنفية ملحمد بن حممد بن نرص اهللا ●

هـ ١٣٣٢مطبعة جملس دائرة املعارف باهلند الطبعة األوىل حممد بن أمحد بن عرفة الدسوقي حاشية الدسوقى عىل الرشح الكبري للدردير, ●

مع تقريرات الشيخ حممد عليش دار إحياء الكتب العربية لعيسى احللبي,

− ١٠٣ −

ملحمد أمني ابن عابدين)رد املحتار عىل الدر املختار(حاشية ابن عابدين ● م١٩٦٦هـ١٣٨٦مطبعة احللبي ط الثانية

) ابن تيمية(احلسبة يف اإلسالم,لشيخ اإلسالم أمحد بن عبد احلليم ● نرش دار الكتب العلمية الطبعة األوىل بدون تاريخ

حتقيـق حممـد أبـو ) ابن فرحون(ذهب يف معرفة أعيان املذهب إلبراهيم بن عىل الديباج امل ● نرش دار الرتاث للطبع والنرش بالقاهرة ,النور

)ابن رجب(ذيل طبقات احلنابلة لعبد الرمحن بن أمحد ● م ١٩٥٣/هـ١٣٧٢مطبعة السنة املحمدية سنة

نشـر دار الفكر, ن القريواينلعبد اهللا بن عبد الرمح, رسالة ابن أيب زيد القريواين ● هـ١٤٠٥نشـر املكتب اإلسالمي , لإلمام حيى بن رشف النووي,روضة الطالبني ● ملحمد نارص الدين األلباين ,سلسلة األحاديث الصحيحة ●

م ١٩٩٥,١٩٩٦الطبعة األوىل نرش مكتبة املعارف الرياض سنن أيب داود سليامن بن األشعث السجستاين ●

م١٩٦٩هـ ١٣٨٨ار احلديث سوريا الطبعة األوىل طبع د سنن الرتمذي أليب عيسى حممد بن عيسى حتقيق أمحد شاكر وحممد عبد الباقي ●

دار إحياء الرتاث العريب بريوت لبنان حتقيق حممد عبد القادر عطا ) البيهقي(السنن الكرب أمحد بن احلسني ●

م ٢٠٠٣هـ ١٤٢٤لثة دار الكتب العلمية بريوت الطبعة الثا نرش سنن ابن ماجة للحافظ حممد بن يزيد القزويني, حتقبق حممد فؤاد عبد الباقي ●

لبنان − نرش املكتبة العلمية بريوت سنن النسائي للحافظ أمحد بن شعيب بن عىل النسائي ترقيم عبد الفتاح أبوغدة ●

م ١٩٨٦/هـ١٤٠٦طبع دار البشائر بريوت الطبعة الثانية طبع مؤسسة الرسالة, حتقيق شعيب األرنؤط,أعالم النبالء ملحمد بن أمحد الذهبيسري ● ,شذرات الذهب يف أخبار من ذهب لعبد احلي بن أمحد ابن العامد ●

هـ ١٣٥٠طبع القديس بمرص سنة حتقيـق الـدكتور حممـد الـزحييل ) ابن النجار(رشح الكوكب املنري ملحمد بن أمحد الفتوحي ●

١٩٨٧هـ١٤٠٨بع دار الفكر دمشق الطبعة األوىل ونزيه محاد, ط

− ١٠٤ −

نرش دار الفكر بريوت, حممد بن عبد اهللا اخلريش,رشح خمترص خليل ● تعليق وترقيم مصطفى ديب البغا , صحيح البخاري حممد بن إسامعيل البخاري ●

م ١٩٨١/هـ١٤٠١نرش دار القلم الطبعة األوىل الدين األلباين, نشـر املكتب اإلسالميحممد نارص,صحيح اجلامع الصغري وزياداته ●حتقيـق شـعيب ,حممد بن حبـان)اإلحسان يف تقريب صحيح ابن حبان(صحيح ابن حبان ●

م ١٩٨٨−هـ ١٤٠٨نرش مؤسسة الرسالة بريوت الطبعة األوىل , األرنؤوط صحيح مسلم للحافظ مسلم بن احلجاج بن مسلم القشري حتقيق حممد فؤاد عبد الباقي ●

إحياء الرتاث العريب بريوت عن طبعة احللبي بالقاهرةدار الرضر األديب ومد ضامنه يف الفقه اإلسالمي والقانون للدكتور عبد اهللا مربوك النجار ●

م١٩٩٠/هـ١٤١١الطبعة األوىل ,نرش دار النهضة العربية بالقاهرة أمحد موايف للدكتور, الرضر يف الفقه اإلسالمي تعريفه أنواعه عالقاته ضوابطه ●

اخلرب, السعودية,دار ابن عفان للنرش والتوزيع ضامن العدوان يف الفقه اإلسالمي للدكتور حممد أمحد رساج ●

م ١٩٩٣/هـ١٤١٤الطبعة األوىل , املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشـر بريوت قاهرةطبع ونرش دار الفكر العريب ال, الضامن يف الفقه اإلسالمي للشيخ عىل اخلفيف ● طبقات ابن سعد, ملحمد بن سعد بن منيع, دار صادر بريوت ●, حتقيق حممـد مجيـل غـازي) ابن القيم(الطرق احلكمية لإلمام حممد بن أيب بكر بن أيوب ●

القاهرة, مطبعة املدين غمز عيون البصائر يف رشح األشباه والنظائر, ألمحد بن حممد مكي ●

م ١٩٨٥هـ١٤٠٥األوىل نرش دار الكتب العلمية الطبعة نشـر دار املعرفة) ابن عابدين(العقود الدرية يف تنقيح الفتاو احلامدية ملحمد أمني ●مجـع وترتيـب ,لشيخ اإلسالم أمحد بن عبد احلليم بن تيميـة) اوـوع الفتـجمم(او ـالفت ●

طبع مكتبة املعارف الرباط املغرب ,عبد الرمحن بن حممد قاسممجع وترتيب حممد بن عبد الـرمحن قاسـم مطبعـة ل الشيخ حممد بن إبراهيم,فتاو ورسائ ●

هـ١٣٩٩احلكومة الطبعة األوىل ترقيم حممـد ,فتح الباري رشح صحيح البخاري للحافظ أمحد بن عىل بن حجر العسقالين ●

هـ بإرشاف حمب الدين اخلطيب ١٣٧٩نشـر دار املعرفة بريوت , فؤاد عبد الباقي

− ١٠٥ −

نرش دار الفكر بدون طبعة) ابن اهلامم(ر رشح اهلداية ملحمد بن عبد الواحد فتح القدي ● فتح الوهاب برشح منهاج الطالب لزكريا بن حممد األنصاري ●

م ١٩٩٤/هـ١٤١٤نرش دار الفكر للطباعة والنرش مع هتذيب الفروق, نرش عامل الكتب بريوت, الفروق ألمحد بن إدريس القرايف ● م١٩٨٨والضامن فيه مصطفى أمحد الزرقا طبع دار القلم دمشق ط األوىل الفعل الضار ● نشـر دار الفكر دمشق الطبعة الرابعة, للدكتور وهبة الزحييل,الفقه اإلسالمي وأدلته ● طبع دار املعرفة بريوت , الفوائد البهية يف تراجم احلنفية ملحمد بن عبد احلي اللكنوي ● ابن أيب زيد القريواين ألمحد بن غانم بن سامل الفواكه الدواين عىل رسالة ●

م ١٩٩٥/هـ١٤١٥نرش دار الفكر بريوت −داراجليل) الفريوزآبادي(القاموس املحيط ملجد الدين حممد بن يعقوب ● بتعليق طه عبد الرؤوف سعد ,عز الدين بن عبد السالم, قواعد األحكام يف مصالح األنام ●

م١٩٩٣هـ ١٤١٤طبعة ,نرش مكتبة الكليات األزهرية ملنصور بن يونس البهويت, حتقيق هالل مصيلحي , كشاف القناع عن متن اإلقناع ●

هـ١٤٠٢نرش دار الفكر بريوت دار صادر بريوت) ابن منظور(لسان العرب جلامل الدين حممد بن مكرم ● م ١٩٩٣هـ١٤١٤نرش دار املعرفة , املبسوط ملحمد بن أمحد الرسخيس ● نرش دار الكتاب اإلسالمي ,امنات أليب حممد بن غانم بن حممد البغداديجممع الض ●املحصول يف علم األصول لإلمام فخر الدين حممد بن عمـر الـرازي حتقيـق الـدكتور طـه ●

مطابع الفرزدق بالرياض , جابر العلواين نرش دار الفكر بريوت ) ابن حزم(أبو حممد عىل بن أمحد ,املحىل باآلثار ● دار املعرفة بريوت لبنان ) احلاكم(تدرك لإلمام حممد بن عبد اهللا املس ● هـ١٣٢٤مطبعة األمريية بوالق ط األوىل ,املستصفى ملحمد بن حممد الغزايل ● مسند أمحد,اإلمام أمحد بن حنبل الشيباين ●

م١٩٧٨/هـ١٣٩٨دار الكتب العلمية بريوت لبنان الطبعة الثانية ب الرشح الكبري للرافعي, ألمحد بن حممد املقري الفيومياملصباح املنري يف غري ●

نرش املكتبة العلمية بريوت

− ١٠٦ −

مصنف ابن أيب شيبة عبد اهللا بن حممد بن أيب شيبه ● هـ ١٣٨٦املطبعة العزيزية بحيدر آباد اهلند

حتقيق حبيب األعظمي,عبد الرزاق بن مهام,مصنف عبد الرزاق الصنعاين ● هـ١٤٠٣الطبعة الثانية ,اهلند,لميمنشورات املجلس الع

مطالب أوىل النهى يف رشح غاية املنتهى, ملصطفى بن سعد ● م ١٩٩٤/هـ١٤١٥نرش املكتب اإلسالمي الطبعة الثانية طبع إدارة إحياء الرتاث اإلسالمي, قطر,املعجم الوسيط جممع اللغة العربية ●ر دار ـي نشــم, لعىل بن خليـل الطرابلسـمعني احلكام فيام يرتدد بني اخلصمني من األحكا ●

الفكر بدون تاريخ املغني يف فقه اإلمام أمحد بن حنبل, لعبد اهللا بن أمحد بن قدامة ●

هـ١٤٠٥الطبعة األوىل , الفكر بريوت نرش دار ملحمد بن أمحد اخلطيب الرشبيني,مغني املحتاج إىل معرفة ألفاظ املنهاج ●

م١٩٩٤/هـ١٤١٥وىل الطبعة األ ,نرش الكتب العلمية ) احلطاب(ملحمد بن حممد الطرابليس , مواهب اجلليل رشح خمترص خليل ●

م ١٩٩٢هـ١٤١٢الطبعة الثالثة ,نرش دار الفكر عن وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية بالكويت, املوسوعة الفقهية الكويتية ●

طبعة الوزارة الطبعة الثانيةللـدكتور وهبـة ولية املدنيـة واجلنائيـة يف الفقـه اإلسـالمي,نظرية الضامن أو أحكام املسؤ ●

م ١٩٨٢الزحييل, دار الفكر املعارص الطبعة الثانية نظرية الضامن يف الفقه اإلسالمي العام للدكتور حممد فوزي فيض اهللا ●

م ١٩٨٦هـ١٤٠٦مكتبة دار الرتاث الطبعة الثانية )الرميل(ن أيب العباس أمحد بن محزةهناية املحتاج إىل رشح املنهاج ملحمد ب ●

م ١٩٧٦هـ١٣٨٦مطبعة احللبي نيل األوطار ملحمد بن عىل الشوكاين حتقيق عصام الدين الصبابطي ●

م١٩٩٣/هـ١٤١٣نرش دار احلديث الطبعة األوىل حتقيق أمحد األرناؤوط وتركي مصطفى , الوايف بالوفيات خليل بن أيبك الصفدي ●

اث بريوت نرش دار إحياء الرت

− ١٠٧ −

حتقيق عـىل معـوض وعـادل عبـد ) الغزايل(الوجيز يف فقه اإلمام الشافعي ملحمد بن حممد ● م ١٩٩٧هـ١٤١٨طبع رشكة دار األرقم بريوت الطبعة األوىل ,املوجود

الوجيز يف أصول الفقه, للشيخ الدكتور عبد الكريم زيدان ● م٢٠٠٠هـ١٤٢١الطبعة السابعة ,مؤسسة الرسالة للطباعة والنرش

الوسيط يف رشح القانون املدين اجلديد لعبد الرزاق أمحد السنهوري ● نرش دار القلم ,دار إحياء الرتاث العريب بريوت لبنان

حتقيق الدكتور إحسان عباس ,وفيات األعيان ألمحد بن حممد بن خلكان ● م١٩٧٧هـ ١٣٩٧طبع دار صادر بريوت :البحوث العلمية والرسائل

ض عن األرضار املرتتبة عىل املامطلة يف الـديون إعـداد الـدكتور سـلامن بـن صـالح التعوي ● الدخيل مكتبة مشكاة

التعويض عن الرضر األديب دراسة مقارنة إعـداد حممـد يوسـف هبـا رسـالة ماجسـتري يف ● ٢٠٠٨جامعة النجاح فلسطني

لندوة رئاسـة املحـاكم التعويض عن الرضر املعنوي للدكتور عىل القره داغي بحث مقدم ● منزل يف موقع الدكتور بدون صفحات, م١٩٩٩القطرية املنعقدة يف أكتوبر

رر املعنـوي وعالقتـه بتعـويض أرضار الكـوارث الطبيعيـة يف النظـام ـالتعويض عن الض ●السعودي إعداد حممد عبد العزيز أبو عباه رسالة ماجستري من جامعة نايف العربية للعلوم

هـ ١٤٣٢األمنية اجلرائم السلبية أحكامها وضوابطها يف الفقه اإلسالمي إعداد الدكتور عبـد املجيـد حممـد ●

الصالحني منشور يف جملة الرشيعة والقانون يف اجلامعة األردنية العدد السادس والثالثـون م ٢٠٠٨هـ١٤٢٩شوال

إعـداد الـدكتور , حكمة ضامن الفعل الضار وأثرها يف حتديد موجباته يف الفقه اإلسـالمي ●سـنة ) ٤(العـدد) ١٧(منشور يف جملـة مؤتـة للبحـوث والدراسـات املجلـد ,أيمن صالح

وما بعدها ١٢٦م ص ٢٠٠٢قاعدة الرضر يزال وشموهلا للتعويض عن الرضر املعنوي إعـداد الـدكتور خالـد عبـد اهللا ●

الشعيب منشور يف جملة الرشيعة والدراسات اإلسالمية الكويتاين عن عالج املجني عليه وضامن تعطله عن العمـل إعـداد الشـيخ الـدكتور مسؤولية اجل ●

.وما بعدها٢٨٧ص) ٧٠(عبد اهللا املطلق منشور يف جملة البحوث اإلسالمية العدد

− ١٠٨ −

أبيض