files.zadapps.info · web viewللملك، وهو المتصرف بجميع هذا الخلق،...

39
م ي ح ر ل ا ن م ح ر ل له ا م الس ب دة ي ق ع ل وا ج ح ل ا ت ب س ل ا ;pma&مان ث ع ن ب الد+ / خ+ ج ي& س ل ا، ن عي م ح3 ه ا ب ح6 صه و6 ل9 ى ا علد، و6 م ح م ا+ 6 ي? ي ي+ ن، ن لي6 س ر م لء وا ا يI ي+ ن3 الأ+ رف& ش3 ى ا عل لأم س ل وا لأة ص ل ، وا ن مي ل عا ل ا له رب مد ل ح ل ا عد. ب وZ ارك 6 ي ن- ه6 ل ال ن3 ا ا6 ً ع ي م ح م عل+ ب ن ح+ ن،- ى ل ا6 ع ب وZ ارك 6 ي ن- ه6 ل د ال 6 ي ح و ت ن ع، ج ح ل ا ى+ ف د 6 ي ح و ت ل ا ن ع ا+ يh ي ن د6 : خ وة+ 6 خk الأ ا6 ه ي3 ا م، ي ك ح ل ه ا3 مائ6 س3 ا ن م- ل 6 خ و+ ز6 ع- ه6 ل ال نk ا+ ذk ؛ اا6 ه م ل ع ب ه6 م ث{ عظ ه6 م ك ح ل ها ع ر& 6 شا6 م+ نk ا+ اس، ف+ ي ل ل ع3 ئ را& ش ل رع ا& ش دما+ ي ع- ى ل عا ب و ، ولأ ه6 م ك ح ل لأk ء ا ا+ 6 ص ق ى+ 6 ض ق ب ، ولأ ه6 م ك ح ل لأk ا اً 3 ي ي& 6 س رع& 6 ش ب لأ- ل خ و+ ز ع- له ل ه+ خ س را ة ب ن ا& ث ه+ ف ص مه ك ح ل ا+ ، ف مه ك ح ل ه ا+ وصاف3 ا ن م و. مه ك ح ل لأk اً لأ ع+ ف ل ع+ ف ب ، ولأ مه ك ح ل لأk ا اً ر م3 ر ا م3 ا ث ى لk ا ن3 مي ط ي ه 6 ب ل ف نk ا+ 6 ى ف+ ن6 ع م ل ا ا+ د6 د ه 6 ي ع ل ا ن ق ي ن ا+ ذk ، ا-ه6أل ل خ ل 6 خ- دارة ف3 ا ى+ ف م ي ك خ و ه عاله، و+ ف3 اله وا و ق3 ا ى+ ف م ي ك خ له ال+ ف ى. ل عا ب وZ ارك ي ن- ه حكام رئ3 ا ن ب ر ي6 خ¥ ت م ل ل ا3 او6 س ب اءل6 س ت ن، ولأZك ك& 6 س ت ن لأ+ ف ه، 6 ب ل ف ى+ ف ة+ 6 ب ي+ ن3 ما ط و ه ب ع ر& 6 ش لم ا ا6 حك3 الأ ى ث+ 6 ض ه ر& 6 ورئ تZك6 ل+ ذ نk ا+ 6 فّ مَ & ث ن م و ا+ اذ6 م ل ؟ و ه+ 6 زف ع ى+ ف+ ف 6 ف+ ب ا+ اذ6 م ل ؟ وً عا ي6 س ت بI لي ا 6 ث+ وف6 ط+ ي ا+ اذ6 م ل ا؟ و+ د6 ك- ل 6 خ و+ ز6 ع- ه6 ل رع ال& 6 ش ا+ اذ6 م ل: ون6 ل و ف ب ا6 م+ ث ي خ ها؟. ي- ل خ و+ ز ع- له ال ا+ رث م3 ا ى لن ا ه ف زب لط ة ا+ هد يZ اسك+ ي م ل ة ا+ هد ى+ ف ول ج+ ن د 6 ح ن ه+ 6 ئk ا+ ال ف6 ع+ ف3 والأ وال 6 ق3 الأ ن م ه 6 ب+ ف ا+ 6 ي ل- ل 6 خ و+ ز6 ع- ه6 ل رعه ال& 6 ش ا6 م م ه6 عال+ ف3 ا ى+ ف ، و ج ح ل وال ا 6 ق3 ا ى+ فل6 م3 ا ث ن م ول: 6 ق3 ا. ج ح لل ا ما ع3 ع ا ي م ح ها لي ع دور ث ى لن ى ا ل و3 الأ ة+ ر كي ر ل و ا ه د ي ح و ت ل او6 ه لأ و+ ف 6 ي ك، ن مي لا6 ع ل وس ا+ 6 ف+ ب ى+ فراذ، و+6 ف3 وس الأ+ 6 ف+ ب ى+ ف ه 6 ب? ي يh ي¥ ن رة، و 6 يز ق ب د، و ي ح و ت ل س ا ب ر ك ث ى عل دور ث ج ح لل ا ما ع3 ل ا ك د، 6 ي ح و ت ل ى ا لk ا ون ع د ءوا ث ا م خ ه كل+ ق،- لأم س ل وا لأة ص ل م ا ه لي ع- ل س ر ل له ا ال& ت ع ب له خ3 ا ن م ي+ ر الد يI ب ك ل ل ا ص3 الأ ه:6 وم ف ل ول 6 ف ب اء 6 خ ى ن+ 6 نل6 ك} ُ ةُ ر66 ْ يَ + عٍ ه66 َ ل k اْ ن مْ مُ كَ ل ا66 َ مَ َ ّ وا اُ د66 ُ يْ عا{ وم 6 ف ب، وZك6 اس+ ي م ل ة ا+ د6 ه ى+ ف دور 6 د ث 6 ي ع ل ا ان6 ا ك+ ذk ، وا1

Upload: others

Post on 22-Apr-2020

8 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: files.zadapps.info · Web viewللملك، وهو المتصرف بجميع هذا الخلق، وإذا استحضر العبد هذا المعنى فإنه لا يخاف أحدا

بسم الله الرحمن الرحيمالحج والعقيدة

الشيخ/ خالد بن عثمان السبت الحمد لله رب العالمين، والصالة والسالم على أشرف األنبياء والمرسلين، نبينا محم��د،

وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد. أيها اإلخوة: حديثنا عن التوحي��د في الحج، عن توحي��د الل��ه -تب��ارك وتع��الى-، نحن نعلم جميعا أن الل��ه -تب��ارك وتع��الى- عن��دما ش��رع الش��رائع للن��اس، فإنم��ا ش��رعها لحكم��ة عظيم��ة يعلمه��ا؛ إذ إن الل��ه -ع��ز وج��ل- من أس��مائه الحكيم، ومن أوص��افه الحكم��ة، فالحكمة صفة ثابتة راسخة لله -عز وجل- ال يشرع شيئا إال لحكمة، وال يقضي قضاء إال

لحكمة، وال يأمر أمرا إال لحكمة، وال يفعل فعال إال لحكمة. فالله حكيم في أقواله وأفعاله، وهو حكيم في أقداره -جل جالل�ه-، إذا تيقن العب��د ه��ذا

المعنى فإن قلبه يطمئن إلى أحكام ربه -تبارك وتعالى. ومن ثم فإن ذلك يورثه رضى باألحكام الش��رعية وطمأنين��ة في قلب��ه، فال يتش��كك، وال يتساءل تساؤل المتحيرين حينم�ا يقول�ون: لم��اذا ش��رع الل��ه -ع�ز وج�ل- ك�ذا؟ ولم�اذا نطوف بالبيت سبعا؟ ولماذا نق��ف في عرف��ة؟ ولم��اذا نج��ول في ه��ذه المناس��ك به��ذه

الطريقة التي أمرنا الله -عز وجل- بها؟. أقول: من تأمل في أقوال الحج، وفي أفعاله مما شرعه الل��ه -ع��ز وج��ل- لن��ا في��ه من األقوال واألفعال فإنه يجد التوحيد ه�و الرك�يزة األولى ال�تي ت�دور عليه�ا جمي�ع أعم�ال

الحج. كل أعمال الحج تدور على تكريس التوحيد، وتقريره، وتثبيته في نف��وس األف��راد، وفي نفوس العالمين، كيف ال وهو األص��ل الكب��ير ال��ذي من أجل��ه بعث الل��ه الرس��ل -عليهم الص��الة والس��الم-، فكلهم ج��اءوا ي��دعون إلى التوحي��د، ك��ل ن��بي ج��اء يق��ول لقوم��ه:

�ل��ه غي��ره{ ن إ ، وإذا ك��ان العب��د ي��دور في ه��ذه المناس��ك،}اعبدوا الله ما لكم م� ويقوم بأعمال الحج، ويردد تلك الكلمات التي يرددها عند إحرامه، أو في أي مق��ام من مقامات المناسك، دون أن يستشعر هذا المعنى فإن أفعاله وأقوال��ه تبقى غ��ير م��ؤثرة في نفسه، سيكون أثرها منع�دما، أو يك��ون أثره�ا ض��عيفا، ومن ثم ف�إن س��لوك الح��اج وقلبه قد ال يتغير كثيرا في أثناء المناسك، أو بع��د المناس��ك، فيع��ود فالن ه��و فالن، لم يخبت قلبه، ولم ت�زك نفس�ه، ولم تتغ�ير؛ ألن�ه ي�ردد أش�ياء ال يفهمه�ا، وال يستش�عرها،

ويفعل أشياء لربما لم يدرك حقيقتها، وما ترمو إليه، ومن ثم فإنها ال تؤثر فيه. نستطيع أن نقول ونحن مطمئنون كل االطمئنان: إن التوحيد هو األصل األس��اس ال�ذي تدور عليه جميع أقوال الحاج، وجميع أفعاله، مما أمره الله -عز وج�ل- ب�ه أن يقول�ه أو

أن يفعله. ولسنا نبالغ حينما نقرر هذه الحقيق��ة، إن جمي��ع أق��وال الحج توحي��د، وإن جمي��ع أفع��الالحج توحيد، بل إن القرآن من أوله إلى آخره كله توحيد، ولهذا قال اإلمام الش��افعي - رحمه الله-: جميع ما تقوله األمة ش��رح للس��نة، وجمي��ع الس��نة ش��رح للق��رآن، وجمي��ع

.(1)القرآن شرح أسماء الله الحسنى وصفاته العليا وقال أيضا جماعة من أهل العلم كابن القيم وغيره، كما في ش��رح العقي��دة الطحاوي��ة

قالوا أقواال تشبه هذا. الحج مدرس��ة لتث��بيت التوحي��د، مدرس��ة لتقري��ر ه��ذا األص��ل الكب��ير في نفوس��نا، وفي

أعماقنا، وفي مجتمعنا، وهو مدرسة لتقرير التوحيد بين األمة جميعا. غالب سور القرآن، بل جميع سور القرآن شرح ألنواع التوحيد الثالثة، توحي��د األلوهي��ة،

(.1/6)( البرهان في علوم القرآن، للزركشي )11

Page 2: files.zadapps.info · Web viewللملك، وهو المتصرف بجميع هذا الخلق، وإذا استحضر العبد هذا المعنى فإنه لا يخاف أحدا

وتوحيد الربوبي��ة، وتوحي��د األس��ماء والص��فات، والق��رآن من أول��ه إلى آخ��ره يش��رحها،ويبينها بطرق متعددة.

ذلك أن القرآن إما خبر عن الله وأسمائه وص��فاته وأفعال��ه، فه��ذا ه��و التوحي��د العلمي الخبري، وإما دعوة إلى توحيد الله وحده ال ش��ريك ل�ه، وخل��ع م�ا يعب��د من دون�ه، فه�و التوحي�د اإلرادي الطل�بي، وإم�ا أم�ر ونهي وإل�زام بطاعت�ه، ف�ذلك من حق�وق التوحي�د ومكمالته، وإما خبر عن إكرامه ألهل التوحيد، وما فعل بهم في الدنيا، وما يك��رمهم ب��ه في العقبى فهو جزاء توحيده، وإما خبر عن أهل الشرك، وم��ا فع��ل بهم في ال��دنيا من النكال، وما يحل بهم في العقبى من العذاب والسالسل واألغالل، فهذا جزاء من خ��رج

عن حكم التوحيد. فالقرآن كله في التوحيد وحقوق أهله، والثناء عليهم، وفي ش��أن ذم اإلش��راك وعقوب��ة

أهله وجزائهم.االستجابة ألمر الله بالحج توحيد له:

هذه الجموع التي تتحرك في هذه األيام لتنطلق إلى بيت الله الحرام، ما الذي يح��دوهاإلى ترك األهل واألموال واألوطان، وترك الزوجات واألوالد؟.

االذي يحدوها هو االستجابة ألمر الله -تبارك وتعالى-، الله -عز وجل- يق��ول: }ي��ا أيه�سول� إ�ذا دعاكم ل�ما يحي�يكم واعلموا أن الله يبوا ل�له� ول�لر الذ�ين آمنوا استج�

�ليه� تحشرون{ [.24]األنفال: يحول بين المرء� وقلب�ه� وأنه إ فاالستجابة لله -عز وجل- التي أمرنا الل��ه -تب��ارك وتع��الى- به��ا تش��مل االس��تجابة إلى اإليمان، وإلى دين الله -تبارك وتعالى-، فهو أمر للناس بال��دخول في اإلس��الم، كم��ا أن هذه االستجابة التي أمرنا الله -عز وجل- بها هي أمر للدخول في جمي��ع ش��رائع ال��دين

التي شرعها الله -عز وجل- لنا. وإن إبراهيم حينم�ا أم��ره الل��ه -تب��ارك وتع�الى- أن ي�ؤذن في الن��اس ب�الحج، ق�ال ل��ه:ن ك��ل فج ر ي��أت�ين م� ام� }وأذن ف�ي الناس� ب�الحج يأتوك ر�جاالE وعلى ك��ل ض��

ا على ك�ل[27]الحج: عم�يق{ ، أي: يأتونك على األقدام، إجاب�ة ل�دعوتك، ويأتون�ك أيض� ضامر، وهو البعير أو الفرس، أو الدابة المضمرة ال��تي أض��ناها ط��ول الس��فر، فأص��ابها شيء من الضعف والهزال؛ نظرا لتت��ابع المس��ير، والتعب ال��ذي عانت��ه في قط��ع ه��ذه

الفيافي والقفار، حتى وصلت الى تلك الديار؛ استجابة ألمر الله -تبارك وتعالى. فأقول: هذه االستجابة ال شك أنها توحيد، كيف ال تكون توحيدا وقد ترك العبد ما وراءه

وما دونه، إرضاء لربه -تبارك وتعالى؟!. فهذا انقياد في قلب العبد وانقياد في جوارحه وسائر بدنه، حيث إنه قدم طلبا لمرض��اةالل���������������������������������ه -ج���������������������������������ل جالل���������������������������������ه.

،[196]البق��رة: }وأت�موا الحج والعمرة ل�له�{ وتأمل أمر الله -عز وجل- حينما ق��ال: واألمر بإتمام العبادة أم��ر بابت��دائها، كم��ا هي القاع��دة المعروف��ة من قواع��د التفس��ير،

، فهذا أمر باإلخالص، فإن إتم��ام الحج والعم��رة يك��ون}وأت�موا الحج والعمرة ل�له�{ لله وحده ال شريك له، ال طلبا لمحمدة الخل��ق، أو أن يلقب��وه بأن��ه ح��اج، أو أن يتح��دث��ذكر في الناس عن مآثره وفضائله، وكم حجة حجها، فيعد ذلك في آث��اره بع��د ذل��ك، وي ترجمته، ليس هذا المراد، إنما يكون الحج لله وحده ال شريك ل��ه، فه��ذه الجم��وع تل��بي

نداء الله -عز وجل- وتمأل الفضاء تكبيرا، وتلبية، تعج بذلك طلبا لمرضاة ربها. إنها ال ترفع صوتا تن��ادي ب��ه لمص��لحة زعيم من الزعم��اء، أو لطائف��ة من الطوائ��ف، أو لح��زب من األح��زاب، أو لش��عار من الش��عارات، إنه��ا ت��ردد ش��يئا واح��دا وه��و التوحي��د الخالص لله -تبارك وتعالى-، تجتمع أجناس البشر من أعماق الق��ارات الخمس تحقيق��ا

لهذا النداء، تلبية لهذا األمر الرباني الذي أمرهم الله -عز وجل- به . تأمل ما في الحج من األقوال واألذكار من أوله إلى آخره تجد أن التوحيد ه��و األس��اس

2

Page 3: files.zadapps.info · Web viewللملك، وهو المتصرف بجميع هذا الخلق، وإذا استحضر العبد هذا المعنى فإنه لا يخاف أحدا

الذي تدور عليه من أولها إلى آخرها . ذكر الله -عز وجل- هو المقصود األعظم لهذه العبادات التي شرعت لن��ا، ويتجلى ذل��ك

م الله� ف�ي أيامفي الحج غاي��ة التجلي ع لهم وي��ذكروا اس�� هدوا من��اف� }ل�يش��فذكر الله -عز وجل- هذا علة من علل شرع الحج للناس.[، 28]الحج: معلومات{

وفي حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: عن النبي -ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم- ))إنما جعل رمي الجمار والسعي بين الصفا والمروة إلقامة ذك��رأنه قال:

.(1)الله(( فذكر الله هو المقصود األول، وه��و المقص��ود األعظم ال��ذي يتجلى في عبادتن��ا الس��يما

في التوحيد، فترتبط القلوب بذكر الله -عز وجل- وتعمر به في سائر أيام المناسك.التلبية ومعانيها:

ومن هذا الذكر الذي نردده، ونقوله إذا أردنا الحج، هو ما نقوله ألول وهل��ة حينم��ا نري��د أن نعقد اإلحرام، إنه شعار التوحيد "لبيك حجة، ال رياء فيها وال سمعة" أو نقول: "لبي��ك

عمرة ال رياء فيها وال سمعة". نقول ذلك مذكرين ألنفسنا باإلخالص لربنا ومليكنا -جل جالله-، والنبي -صلى الله علي��ه وسلم- كما في صحيح مسلم من ح��ديث ج��ابر -رض��ي الل��ه عن��ه- حينم��ا وص��ف إهالل

))فأهل بالتوحيد، لبيك اللهم لبيك، لبي��كالرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: .(2)ال شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك ال شريك لك((

ويقول أنس -رضي الله عنه- في وصفه إلهالل رس��ول الل��ه -ص��لى الل�ه علي��ه وس��لم-.(3)))اللهم حجة ال رياء فيها، وال سمعة((

وفي هذا تذكير للنفس بالتوحيد عند أول خطوة نخطوها حينما نريد الحج والعمرة. ))العجأفض��ل الحج:ثم انظ��ر إلى التلبي��ة ال��تي يردده��ا الح��اج بع��د إهالل��ه بالتوحي��د،

، والعج هو رفع الصوت بالتلبية، حينما يقول الحاج، ويبح صوته، ويردد: لبي��ك(4)والثج((اللهم لبيك، لبيك ال شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك ال شريك لك.

فهذه التلبية كلها توحيد، من أولها إلى آخرها، كلها توحي��د، كله��ا أس��اس ال��دين وأص��لهوفيها نبذ لإلشراك بجميع صوره وأشكاله.

فالواجب علينا جميعا أن نستشعر هذه المعاني، وما دلت عليه هذه التلبية، وأن نع��رف مضمونها وحقيقتها ومعناها، وأن تكون هذه التلبي��ة ح��افزا لن��ا على ل��زوم اإلخالص فيجميع أعمالنا وأقوالنا في الحج، وأن تكون حافرا لن��ا على أن نستش��عر مراقب��ة الل��ه - تبارك وتعالى- وأنه معنا، وأنه يرانا، وبالتالي فإن اإلنسان يكف جوارحه عم��ا ال يرض��ي الله -تبارك وتعالى- ويحمل نفسه على االمتثال واالنقي��اد لك��ل أم��ر أم�ره الل��ه -تب�ارك

وتعالى- به. هذه التلبية إذا استشعر اإلنسان معناها ذلت نفس��ه، وص��ار قلب��ه مخبت��ا منكس��را لرب��ه

ومليكه -جل جالله.هذه التلبية ترسيخ وتأكيد لعقيدة التوحيد في نفوس أصحابه.

وقد ذكر العلماء للتلبية معاني متعددة، فبأي هذه المعاني فسرناها نجد أن التوحيد ه��و (، والترم��ذي، أب��واب1888(، رقم: )2/179)( أخرجه أب��و داود، كت��اب المناس��ك، ب��اب في الرم��ل )1

(، رقم: )3/237الحج عن رسول الله -صلى الله علي��ه وس��لم-، ب��اب م��ا ج��اء كي��ف ت��رمى الجم��ار )902.)

(.1218(، رقم: )2/886)( أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي -صلى الله عليه وسلم- )2(.2890(، رقم: )2/965)( أخرجه ابن ماجه، كتاب المناسك، باب الحج على الرحل )3 )( أخرجه الترمذي، أبواب الحج عن رسول الله -صلى الل��ه علي��ه وس��لم-، ب��اب م��ا ج��اء في فض��ل4

(،2/967(، وابن ماجه، كت��اب المناس��ك، ب��اب م��ا ي��وجب الحج )827(، رقم: )3/180التلبية والنحر )(.2896رقم: )

3

Page 4: files.zadapps.info · Web viewللملك، وهو المتصرف بجميع هذا الخلق، وإذا استحضر العبد هذا المعنى فإنه لا يخاف أحدا

المدار الذي يدور عليه هذا المعنى الذي فسروها به. من فسرها باإلجابة فإنك إذا قلت: لبيك اللهم لبيك، إنم��ا تق��ول إجاب��ة ل��ك بع��د إجاب��ة، وإنما تجيب داعيا دع��اك، وال يمكن أن يج��اب من ال يتكلم، وال ي��أمر، وال ينهى، وه��ذا ال

شك من معاني التوحيد. وإذا قلنا: إن المعنى يدور على االنقياد، فإذا قلت: لبيك اللهم لبيك، أي: انقيادا لك بع��د انقياد، مأخوذ من لببت الرج��ل إذا قبض��ت على تالبيب��ه، والمع��نى: انق��دت ل��ك ي��ا رب،

ب بردائه وقبض على تالبيبه. وسعت نفسي لك، خاضعة، ذليلة، كما يفعل بمن لب وإذا فسرنا التلبية باإلقامة فإننا نقول: إنها مأخوذة من لب بالمكان، إذا أقام به ولزمه، فكأنك تقول: أنا مقيم على طاعتك يا رب، مالزم له��ا، فتتض��من ال��تزام دوام العبودي��ة

لله -تبارك وتعالى. ��ة ا لك بعد حب، من قولهم: ام��رأة لب وإذا قلنا: إن المعنى هو المحبة، فكأنك تقول: حب

ا له. إذا كانت محبة لولدها، وال تقول ألحد لبيك إال إذا كنت محب وإذا فسرناها باإلخالص، فكأنما أخذت من لب الشيء، وهو خالص��ه، ومن�ه لب الرج�ل،

وهو عقله وقلبه. وإذا فسرت باالقتراب فكأنها مأخوذة من اإللباب الذي هو بمعنى االقتراب، أي: أقترب

إليك اقترابا بعد اقتراب يا رب. هذه التلبية -بجميع هذه المعاني وبأيها فس��رناها- هي ش��عار مل��ة التوحي��د، ش��عار مل��ة

إبراهيم -عليه الصالة والسالم. هي شعار التوحيد الذي هو روح الحج ومقصوده األعظم، بل روح جمي��ع العب��ادات كم��ا

أسلفنا، وهذه التلبية من تأملها فإنه يجد أنها تشتمل على حمد الله -عز وجل-. إذا قلت: لبيك اللهم لبيك: إجابة لك بعد إجابة، إخالصا لك بعد إخالص، انقي��ادا ل��ك بع��د

انقياد، أو غير ذلك من المعاني. لبيك اللهم لبيك، لبيك ال شريك لك لبيك، فأنت تنفي جمي��ع الش��ركاء عن الل��ه -تب��ارك

وتعالى- وهذا هو الشق األول من كلمة التوحيد ال إله إال الله. فأقول: يقول الحاج: لبيك اللهم لبيك، لبيك ال شريك لك لبيك، إن الحم��د، والحم��د هن��ا مع��رف ب���"ال" الدال��ة على االس��تغراق والش��مول والعم��وم، كأن��ك تق��ول: إن جمي��ع المحامد لك يا رب، وال يمكن أن تستغرق جميع المحامد إال لمن ك��ان موص��وفا بجمي��ع أوصاف الكمال، من أولها إلى آخرها، وال يمكن أن يتصف بصفات الكمال جميعا إال من كان هو الرب اإلل�ه المعب��ود، ال�ذي خل��ق الخل��ق، وأس��دى إليهم جمي��ع النعم الظ�اهرة

والباطنة، ال يمكن أن تنسب جميع المحامد إال لمن استكمل جميع أوصاف الكماالت. ثم إذا قلت: إن الحمد والنعمة، فهذا إقرار منك بإنعام الله -عز وج��ل- وإفض��اله علي��ك مما يحدوك إلى شكره على هذه النعم ظاهرا وباطنا، أن تش��كره بقلب��ك، وأن تش��كره

بلسانك، وأن تشكره بجميع جوارحك، بتعبيدها لربها وخالقها -سبحانه وتعالى. ا ف��ة، فه��ذا أيض�� ا دخلت عليه��ا "ال" المعر وحينما تقول: إن الحمد والنعمة، النعمة أيض�� يفيد معنى االستغراق والعموم والشمول، فكل النعم إنما أسداها ربنا -تبارك وتع��الى-، المطر من الله، هذه المراكب التي نركبها هي من الله، هذه النعم التي تتقلب به��ا من المساكن وجميع المآك��ل والمش��ارب والمالبس، وم��ا إلى ذل��ك، كله��ا من الل��ه -تب��ارك

ر في طاعته، والزلفى إليه -جل جالله-، فهو مولي النعم. وتعالى-، فينبغي أن تسخ هذه التلبية فيها اعتراف بأن الملك جميعا لله الواح��د القه��ار، "إن الحم��د والنعم��ة ل��ك والملك"، أي: أن الملك لك وحدك ال شريك لك، وهذا يتجلى في الي�وم اآلخ�ر في ي�وم القيامة، حيث ال يدعي أحد الملك مع الله -عز وجل- وهو أعظم يوم، أعظم من جمي��ع

{أيام الدنيا، وله��ذا ق��ال الل��ه -ع��ز وج��ل- في س��ورة الفاتح��ة: }مال�ك� ي��وم� ال��دين� ، مع أن الله مالك ليوم الدين، ومالك ألي��ام ال��دنيا، وه��و المل��ك، لكن��ه خص[4]الفاتحة:

4

Page 5: files.zadapps.info · Web viewللملك، وهو المتصرف بجميع هذا الخلق، وإذا استحضر العبد هذا المعنى فإنه لا يخاف أحدا

}ل�من� الملك اليوم ل�له�يوم الدين لعظمته؛ وألنه ال يدعي أحد الملك في ذلك اليوم، ار�{ د� القه .[16]غافر: الواح�

فإذا كان الله -عز وجل- هو المالك ليوم الدين فهو لما دون��ه أمل��ك -س��بحانه وتع��الى-،وإذا كان هو الملك ليوم الدين فهو لما دون يوم الدين ال شك أنه ملك وأي ملك.

هذه بعض المعاني التي دلت عليها هذه التلبية، وفي الجمل��ة أنت حينم��ا تردده��ا كأن��ك تقول: يا رب أجيبك إجابة بعد إجابة، فأنا خاضع لك، منقاد ألمرك، مستعد لم��ا حملت��ني من األمانات، طاعة لك، واستسالما، دون إكراه وال ت��ردد، ف��يرهف ش��عور االنس��ان إذا فهم هذا المعنى، ويشعر بالتجرد لله -عز وجل- وأنه ترك ما وراءه تلبية ألمر ربه -ج��ل جالله-، فأورث��ه ذل��ك من المع��اني في قلب��ه، وف��اض ذل��ك على جوارح�ه من الس�كينة، والخشوع، واإلخبات والذل لربه -تبارك وتعالى- فاض عليه من المعاني في ذل��ك م��ا اليقادر قدره، فتمتلئ قلوب الحجاج الذين يفقهون هذه المع�اني عبودي��ة وتس�ليما لل�ه -

جل جالله. ما أجدرنا أن نتذكر أن هدير التلبية، وهدير الحجاج ب�"لبيك اللهم لبيك"، ال�ذي يض�ج ب�ه الفضاء، وتنطلق به حن��اجر الن��اس، أن��ه عن��وان لتوج��ه المؤم��نين الص��ادقين إلى ع��الم الغيب والشهادة، هو إعالن مدو، واعتراف ب��أن الل��ه ه��و ربهم، وإلههم ومليكهم، ال إل��ه

غيره، وال معبود سواه. إن هذا المعنى إذا استقر في نفس اإلنسان، والزمه، ودام عليه، فإن ذلك يحمل��ه على

ركوب األخطار، وعلى بذل النفس والنفيس، طلبا لما عند الله -عز وجل. فيهون أمامه حطام الدنيا بأجمعها، ال تستهويه شهواتها وملذاتها، فتقعده عن محبوب��ات الرب -جل جالله، إنه حداء يحدو السالكين إلى الله -ع�ز وج�ل- إلى مزي��د من القرب�ة،

والزلفى لله الواحد القهار. أيها اإلخوة، لما كانت هذه المعاني مستقرة في نفوس المؤمنين، استطاعوا أن يفتحوا المشارق والمغارب في أوقات يسيرة، ولما ثقلت نفوس الناس، واشتدت وطأة ال��دنيا عليها، وأثقلتهم شهواتهم، وعالئقهم باألوالد والزوج��ات واألم��وال والحط��ام ص��اروا في

مؤخرة الركب. صار الواحد منهم يستكثر البذل القلي��ل في س��بيل نص��رة ال�دين، وإع�زاز كلم�ة الل��ه -

تبارك وتعالى. ثم تأملوا ألفاظ هذه التلبية، لبيك اللهم لبيك، الله دع��اهم، فق��الوا ل��ه: إجاب��ة ل��ك بع��د

إجابة، أجابوه، ومن دعا غيره من الكرام فإنه يكون في ضيافته ويكرمه. فينبغي على العبد أن يستحضر أنه في ضيافة الله -عز وجل- فيت��أدب ب��اآلداب الالئق��ة،

ويحفظ لسانه، ونظره وجوارحه عن كل ما ال يليق بهذه الضيافة. هل يستحضر الحجاج مثل هذه المعاني فيتأدبوا؟، الواقع أننا ننسى كثيرا، ونغفل كثيرا، ولربما ال نفهم كثيرا من هذه المعاني، ومن ثم ينطلق لسان الحاج بالس��باب والش��تائم والمهاترات، واألمور التي ال تليق، وتمتد عينه إلى النظر إلى ما حرم الله -ع��ز وج��ل-، وتمتد جوارحه إلى ما ال يحل، بل لربما واقع بعض م��ا ال يلي��ق تحت بيت الل��ه الح��رام، وهو يطوف بأشرف مكان، وهو في أطهر بقعة، وهو يطوف بالكعبة، هل هذا يستحضر

هذه المعاني؟ هل هذا يوقن بأن الله -عز وجل- يراه ويطلع عليه؟. حينما نقول: لبيك اللهم لبيك، ينبغي أن نتذكر ذلك جميعا، وأن ال تك��ون مج��رد كلم��ات

نرددها بألسنتنا، دون أن تكون واقعا يعمر قلوبنا، ويظهر على جوارحنا. كان أهل الجاهلية يلبسون الحق بالباطل، ويخلطون التوحيد باإلش��راك، يقول�ون: لبي��ك

اللهم لبيك، إال شريكا لك، تملكه وما ملك. أما أهل اإليمان ف��إن الل��ه علمهم أن يقول��وا: "لببي��ك اللهم لبي��ك، لبي��ك ال ش��ريك ل��ك لبيك"، ه��ذا إعالن ممن دخ��ل في ه��ذا النس��ك إعالن بالتوحي��د، وإق��رار واع��تراف ب��أن

5

Page 6: files.zadapps.info · Web viewللملك، وهو المتصرف بجميع هذا الخلق، وإذا استحضر العبد هذا المعنى فإنه لا يخاف أحدا

الملك لله، وأن النعمة جميعا هي من الله، وأن الله هو المالك للملك، وه��و المتص��رف بجميع هذا الخلق، وإذا استحضر العبد هذا المعنى فإنه ال يخاف أحدا إال الله -عز وجل- وال يرجو غير الله، ويستيقن جيدا أن التوكل ينبغي أن يكون على الله، وأن طلب المدد��ا من الل��ه -ع��ز وج��ل- وليس من أح��د من بالنص��ر والع��ون والتوفي��ق يك��ون مطلوب المخلوقين، الشفاء عند الله، والغنى عند الله، والولد إنم��ا الل��ه ي��رزق ب��ه، وليس عن��د

أحد من المخلوقين قليل وال كثير من هذه األمور. ثم انظر إلى ما جاء من بعض العبارات في التلبية مم��ا ورد عن بعض الس��لف -رحمهم

، أي: إسعادا ل��ك بع��د إس��عاد ي��ا رب، ومس��ارعة في طاعت��ك))لبيك وسعديك((الله-: ك��ل خ��ير ه��و من��ك وبتوفيق��ك وفض��لك،))والخير بي��ديك((وطلب رضاك بعد مسارعة،

ليس بنا نعمة إال وهي من الله -جل جالله. مهما يكن من خير فمرده إلى الله، وفي تعريف الخير ب�"ال" في "والخير بي��ديك" أي:

.(1)))والرغباء إليك والعمل((جميع الخير في يدي الله -تبارك وتعالى- غبى إليك والعمل((وفي بعض الروايات: ، والمع��نى: الض��راعة والمس��ألة إنم��ا(2)))والر

هي إليك يا الله، فأنت المقصود في الح��وائج، وأنت الحقي��ق باإلجاب��ة، وأنت المقص��ود بما نعمل من طاعات، فتقبل منا أعمالنا وارحم ضراعتنا، وأجب سؤالنا، واغف��ر لن��ا م��ا

قدمنا وما أخرنا، إنك أنت الغفور الرحيم. هذه هي التلبية، وهذه هي معانيها، فحري بالمؤمن أن يستش��عرها، ثم نحن ن��ردد ه��ذه التلبية بين المناسك، نرددها حتى نصل إلى الكعبة، ونرددها أيضا كما في صحيح مسلم

.(3)عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه أنهم لبوا وهم خارجون إلى عرفات وكذلك حينما خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- وأفاض من عرفات إلى مزدلف��ة ك��ان

يلبي في طريقه، واستمر في التلبية حتى رمي جمرة العقبة. ثم تأمل ما يقوله المسلم حينما يصل إلى المسجد الح��رام، حينم��ا يض��ع رجل��ه لي��دخل

))بسم الل��ه،هذا المسجد فإنه يق��ول م��ا يق��ال عن��د ال��دخول إلى س��ائر المس��اجد: والس��الم على رس��ول الل��ه، اللهم اغف��ر لي ذن��وبي وافتح لي أب��واب

، وهذا ال شك أنه توحيد، فهو يدخل يقول: بسم الله، أو يقول: أعوذ بالل��ه(4)رحمتك((العظيم، واالستعاذة لون من ألوان التوحيد.

))أع��وذ بالل��ه العظيم، وبوجه��ه الك��ريم، وس��لطانه الق��ديم منيق��ول: . (5)الشيطان الرجيم((

هذا كله من التوحيد، االستعاذة توحيد، والدعاء توحيد.معنى التكبير ودالالته:

ثم إذا وصل إلى الكعبة، وأراد أن يستلم الحجر األسود ليبدأ بالطواف فإنه يكبر، ويكبر عند كل شوط حينما يحاذي الحجر األسود، يقول: الله أكبر، أو يقول: بس��م الل��ه والل��ه

أكبر. كما يردد هذا التكبير على الصفا، ويردده على المروة، ويكبر عن��د رمي الجم�ار، ويك��برفي أيام التشريق: الله أكبر، الله أكبر، ال إله إال الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

(.1184(، رقم: )2/841)( أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب التلبية وصفتها ووقتها )1(.7/49(، وشرح السنة للبغوي )512(، رقم: )376)( السنن المأثورة للشافعي )ص: 2)( أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب التلبية والتكبير في الذهاب من منى إلى عرفات في يوم عرفة )3

(.1284(، رقم: )2/933(، رقم: )1/253)( أخرجه ابن ماجه، كتاب المساجد والجماعات، باب الدعاء عند دخ��ول المس��جد )4

771.)(، رقم: )1/127)( أخرجه أبو داود، كتاب الصالة، ب��اب فيم��ا يقول��ه الرج��ل عن��د دخول��ه المس��جد )5

466.)6

Page 7: files.zadapps.info · Web viewللملك، وهو المتصرف بجميع هذا الخلق، وإذا استحضر العبد هذا المعنى فإنه لا يخاف أحدا

ما معنى هذا التكبير؟ وما داللته؟ التكبير هو رأس الذكر، الل��ه أك��بر: ه��و أك��بر من ك��لشيء، أكبر من جميع ما في هذه الدنيا، مما يدعونا إليها ويشدنا إلى تطلبها.

الله -عز وجل- أكبر من أمالكنا، وأموالنا، وأهلنا، وهو أكبر من كل شيء نستعظمه فيهذا الوجود، الله أكبر من كل شيء، ومن ثم فإن كل شيء هو دون الله -جل جالله.

وإذا استقر ه�ذا المع�نى في النفس فإن�ه إذا س�مع الم�ؤذن يق�ول: "الل��ه أك�بر"، وه�و يالعب ولده، أو يشتغل ببعض مهنت��ه، أو بم��ا يس��تهويه من أموال��ه، أو غ��ير ذل��ك، فإن��ه

يترك ما بيده؛ ألن الله أكبر مما هو مشتغل به، مما يحبه قلبه. التكبير هو أول ما أمر به النبي -صلى الله عليه وس�لم- فيم�ا ن�زل علي��ه في الرس�الة:

.[3 - 1]المدثر: }يا أيها المدثر * قم فأنذ�ر * وربك فكبر{ فإذا كبر الداعية، واستحضر معنى هذا التكبير فإنه ال يخاف من أح��د في تبلي��غ دعوت��ه،

]األح��زاب: }الذ�ين يبلغون ر�ساالت� الله� ويخشونه وال يخشون أح��دEا إ�ال الله{39].

الله أكبر: كلمة عظيمة، تحيي موات النفوس الهامدة، لصوتها أثر مجلجل كبير، يعرف��هالكفار عند اللقاء، يعرفونه معرفة جيدة، هي سيف في الحروب ال يثلم.

وقد حدثنا النبي -صلى الله عليه وسلم-عن مدينة تفتح في آخر الزم��ان، أنه��ا تفتح في ))فإذا جاءوه��ا نزل��وا، فلم يق��اتلوا بس��الح ولم يرم��وا بس��هم،هذه الكلمة:

قالوا: ال إله إال الله والله أكبر، فيسقط أحد جانبيها، ثم يقولوا الثانية: ال إله إال الله والله أكبر، فيسقط جانبها اآلخر، ثم يقولوا الثالث��ة: ال إل��ه إال

. رواه مسلم.(1)الله والله أكبر، فيفرج لهم، فيدخلوها فيغنموا(( فه�و أم�ر مش�اهد مع�روف ت�رى آث�اره إلى يومن�ا ه�ذا عن�د لق�اء الع�دو، حينم�ا يهت��ف المجاهدون بقولهم: الله أكبر فيتضعضع العدو، وتخت��ل ص��فوفه، ويمأل قل��وبهم الخ��وف

))نصرتوالوجل واالرتباك والرعب، كيف ال والنبي -صلى الل��ه علي��ه وس��لم- يق��ول: . (2)؟بالرعب مسيرة شهر((

شمول الدعاء ما بين الركن اليماني والحجر:نةEوحينما نردد ما بين الركن اليماني، والحجر األس��ود: }ربن�ا آت�ن��ا ف�ي ال�دنيا حس��

نا عذاب النار�{ رة� حسنةE وق� . [201]البقرة: وف�ي اآلخ� فهذا كله توحيد، هو دعاء نتوجه به إلى الله -تبارك وتعالى- أن يؤتينا حسنة ش��املة في

}ربن��ا آت�ن��ا ف�يالدنيا، فكل المسار والطيبات في هذه الحياة الدنيا داخلة في قولك: }Eكل ما تطلب��ه النف�وس من الطيب��ات فإن��ه داخ��ل في ذل��ك، وإذا قلت:الدنيا حسنة

}Eرة� حسنة يدخل في ذلك جميع نعيم اآلخرة.}وف�ي اآلخ�اشتمال سورة الكافرون واإلخالص على التوحيد:

ثم إذا فرغ العبد من الطواف يتوجه إلى مقام إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- فيص��لي ركعتين، يقرأ في األولى بسورة الكافرون، ويقرأ في الثاني��ة بس��ورة اإلخالص، وهات��ان السورتان كما هو معلوم تشتمالن على التوحيد، بل م��دار الس��ورتين على التوحي��د، أن

}قل ي��اتتبرأ في األولى من المشركين، ومن دين المشركين، ومن عبادتهم، فتقول: رون * ال أعب��د م��ا تعب��دون{ ، ال أعب��د في الح��ال م��ا[2،�� 1]الك��افرون: أيها الكاف�

، أنتم تعب��دون[3]الك��افرون: }م��ا أعب��د{ ، في الح��ال }وال أنتم عاب�دون{تعبدون، ، في المس��تقبل، لن أتح��ول إلى عب��ادتكم،[4]الك��افرون: }وال أنا عاب�د{آلهة أخرى،

، لن[5،�� 4]الك��افرون: }وال أنا عاب���د م��ا عب��دتم * وال أنتم عاب���دون م��ا أعب��د{تتحولوا في المستقبل لتعبدوا إلهي.

)( أخرجه مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ال تقوم الساعة حتى يمر الرج��ل بق��بر الرج��ل،1(.2920(، رقم: )4/2238فيتمنى أن يكون مكان الميت من البالء )

(.335(، رقم: )1/74)( أخرجه البخاري، كتاب التيمم )27

Page 8: files.zadapps.info · Web viewللملك، وهو المتصرف بجميع هذا الخلق، وإذا استحضر العبد هذا المعنى فإنه لا يخاف أحدا

:فه��و قط��ع للطري��ق عليهم في طلب مداهن��ة رس��ول الل��ه -ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم-ن في������������������ده�نون{ [.9]القلم: }ودوا ل������������������و ت������������������ده�

}قل ه��و الله، فهذه هي صفة الرحمن، [1]اإلخالص: }قل هو الله أحد{وإذا قرأ: مد{ واح��د ال ش��ريك ل��ه، في إلهيت��ه وربوبيت��ه، وأس��مائه وص��فاته، أحد{ }الله الص��

، الذي تصمد إليه جميع الخالئق في حوائجها ورغائبها، فهو فرد يفتق��ر إلي��ه[2]اإلخالص: كل مخلوق، ال قوام للخلق بحال من األحوال إال بإقامة الله -عز وجل لهم، وله��ذا ك��ان هو الحي القيوم -سبحانه وتعالى- القائم بنفسه، المقيم غ��يره، ول��وال إقام��ة الل��ه -ع��ز وج��ل- للخل��ق، لم يكن لهم بق��اء في ه��ذه الحي��اة، فهات��ان الس��ورتان م��دارهما على

التوحيد واإلخالص. اش��تمال األذك��ار ال��وارد ذكره��ا عن��د الس��عي بين الص��فا والم��روة على

التوحيد: }إ�نثم يتوجه العبد بعد ذلك إلى الصفا، ويقرأ قول الله -عز وجل- وهو يصعد الص��فا:

ن شعائ�ر� الله� فمن حج البيت أو� اعتمر فال جناح عليه� أن فا والمروة م� الصما{ ، فحينما يقرأ هذه اآلية يذكر نفسه أنه حينم��ا يس��عى بين[158]البقرة: يطوف ب�ه�

هذين الجبلين، إنما يسعى عبودية لربه ومليكه -جل جالله- ال يسعى تعظيم��ا للص��خور، وال يسعى تعظيما لشيء من حطام هذه الدنيا، وإنما يسعى ألن الله أمره وتعبده به��ذا

السعي، الصفا والمروة من شعائر الله، فهو يفعل ذلك تحقيقا لهذه العبودية. ثم بعد ذلك يتوجه إلى القبلة حينما يصعد الصفا ويك��بر رب��ه -تب��ارك وتع��الى- ويوح��ده،

))ال إله إال الله وحده ال شريك له، له الملك وله الحم��د، وه��و علىويقول: ))ال إله إال الل��ه وهذا توحي��د ال يحت��اج من��ا إلى ش��رح، ويق��ول: كل شيء قدير((

.(1)أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم األحزاب وحده(( بنص��رة عب��اده المؤم��نين، أنج��ز))ال إله إال الله وحده أنجز وعده((إعالن للتوحيد

وعده ونصر عبده -صلى الله عليه وسلم- ويمكن أن يقال: إن "عب��د" هن��ا مض��اف إلىأي: ونصر عباده.))ونصر عبده(( المعرفة -ضمير الهاء-،

األحزاب هم جموع الكفر، الذين تجمع��وا، وتحزب��وا، على))وهزم األحزاب وحده(( رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأص�حابه في المدين��ة النبوي�ة، في وقع�ة األح�زاب

المعروفة. حينما نردد هذا الكالم فإنه يفيض على النفس شعورا أكيدا بأن النصر من الل��ه -تب��ارك وتعالى-، وأن المدد منه وحده، وأن القوة والمعونة إنم��ا تك��ون ب��اللجوء إلي��ه وإحس��ان

}إ�ن تنصرواالصلة به، وأن تكون أمورنا مع الل��ه -ع��ز وج��ل- على قاع��دة النص��رة: .[7]محمد: الله ينصركم ويثبت أقدامكم{

لن يكون النصر باالستخذاء للعدو، ولن يكون النص��ر ب��إغراق األم��ة بش��هواتها ومل��ذاتهاالتي حرمها الله -عز وجل.

النصر ال يكون لألمة الالهية المترفة، التي تقدم شهوات النفوس على محبوبات الل��ه - تبارك وتعالى-، حينما يردد جميع الحجاج ال��ذين ج��اءوا من جمي��ع اآلف��اق ه��ذا المع��نى:

هو وحده الذي ه�زم األح�زاب، م�ا ه�زمتهم))نصر عبده، وهزم االحزاب وحده((�ذالمالئكة، وال هزمتهم جموع المؤم��نين، إنم��ا ال��ذي ه��زمهم ه��و الل��ه، }وما رميت إ

}إ�ن ينصركم الله فال غ��ال�ب لكم وإ�ن،�� [17]األنف��ال: رميت ولك�ن الله رمى{ن��ون{ ن بع��د�ه� وعلى الله� فليتوكل� المؤم� ركم م� يخذلكم فمن ذا الذ�ي ينص��

. [160]آل عمران: هذه عقيدة تك��ون راس��خة في نفس الم��ؤمن، ومن ثم فإن��ه ال يلتفت إلى الش��رق، وال

إلى الغرب، يطلب منهم النصرة، والعون، والمدد.(.1218(، رقم: )2/886)( أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي -صلى الله عليه وسلم- )1

8

Page 9: files.zadapps.info · Web viewللملك، وهو المتصرف بجميع هذا الخلق، وإذا استحضر العبد هذا المعنى فإنه لا يخاف أحدا

إذا عرف العبد أن النصر من الله -عز وجل- وأنه هو الذي هزم األح��زاب فإن��ه ال يتك��لإال على الله.

تجابالله حينما أنزل المالئكة، وأخبر عن إنزالهم قال: تغ�يثون ربكم فاس� }إ�ذ تس�رى{ ين * وم��ا جعل��ه الله إ�ال بش�� ن المالئ�كة� م��رد�ف� دكم ب�ألف م� لكم أني مم�

، نزول المالئكة هو بشرى فقط، وقد قرر الله هذا المعنى ب��أقوى ص��يغ[10،�� 9]األنفال: }وما جعله الله إ�ال بشرى ول�تطمئ�ن ب�ه� قلوبكم وم��االحصر: النفي واالستثناء،

ند� الله� إ�ن الله عز�يز حك�يم{ ن ع� .[10]األنفال: النصر إ�ال م� فنزول المالئكة هو للبشارة مع أن الملك الواحد يستطيع أن يدمر جميع جم��وع الع��دو،م المؤم��نين أن وبارجاته، وحامالت الطائرات لربم��ا بريش��ة من جناح��ه، ولكن الل��ه يعل انتظار النصر إنما يكون من الله، وليس من المالئكة، فالمالئكة ال يملك��ون لكم نص��را،

}ل�تطمئ�ن قل��وبكم ب���ه� وم��اإنما أنزلهم الله -عز وجل- لطمأنينة القلوب، للبش��رى ند� الله� العز�يز� الحك�يم�{ ن ع� . [126]آل عمران: النصر إ�ال م�

فالذي يملك العزة هو الذي يملك النصر، فيستشعر الحاج أن ربه الذي يعبده أنه عزي��زقوي، منيع الجناب، يملك النفع والضر، ويملك تحطيم العدو.

فينبغي أن نتوجه إليه وحده ال شريك له، وأن نحسن الصلة به -جل جالله-، وأال نحارب��هبمساخطه، ثم نحن بعد ذلك نطلب النصر والتمكين في األرض.

}يا أيها الذ�ين آمن��وا اذك��روا ن�عم��ةالله -عز وجل- يقول في تصوير هذا المعنى: ا وجن��ودEا لم تروه��ا وك��ان Eم ر�يح الله� عليكم إ�ذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليه��ذ نكم وإ فل م� ن أس�� ن ف��وق�كم وم� ا * إ�ذ ج��اءوكم م� Eير الله ب�م��ا تعمل��ون بص���ر وتظنون ب�الله� الظنون��ا* هنال���ك ار وبلغت� القل��وب الحن��اج� زاغت� األبص��

نون وزلز�لوا ز�لزاالE شد�يدEا{ [.11، 9]األحزاب: ابتل�ي المؤم� فهذه المعاني نستحضرها ونحن على الصفا، ونستحضرها ونحن على المروة، كل ذل��ك من أجل تقرير هذه المعاني في نفوسنا، فتؤمن بقوة الله وغلبته وقه�ره، ويمل��ك ذل�ك قلوبنا، ومن ثم فإن هذه القلوب ال تضعف أمام العدو، وال تستخذي ل��ه، وال تخاف��ه، وال تقدم له شيئا من التنازالت التي به��ا ي��ذهب ريحه��ا وقوته��ا، وتك��ون عرض��ة لك��ل آس��ر

وكاسر. حينما نقول مثل هذا الكالم نعلم أن الله هو الذي تكفل لنا بكل ما نحتاج إليه، تكفل لنا باألرزاق واألقوات، تكفل لنا بجميع ألوان المدد والعون الذي نحتاج إليه، وبالت��الي فإنن�ا

نيين� ونحننعلن بملء أفواهن��ا للك��افرين: ون ب�ن��ا إ�ال إ�ح��دى الحس�� }ه��ل تربص��نا معكم وا إ ند�ه� أو ب�أي��د�ينا فتربص�� ن ع� يبكم الله ب�عذاب م� نتربص ب�كم أن يص�

. [52]التوبة: متربصون{يبنا إ�ال م��ا كتب الله لن��ا ه��و موالن��ا وعلى الله� فليتوكل�ن���ردد: }لن يص���

نون{ ، ونعلم بعد ذلك أن ما عند الله -عز وج��ل- خ��ير وأبقى، وأم��ا[51]التوبة: المؤم� الذين لم تستقر هذه الحقيقة في نفوسهم فأفئدتهم هواء، فارغة، ممتلئة ب��الخوف من

المخلوقين، تملؤها الرهبة، يملؤها الذل والخنوع لعبيد من أمثالهم.الدعاء يوم عرفة:

))خيرثم بعد ذلك إذا ذهب الحاج إلى عرفة، النبي -ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم- يق��ول: الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير م��ا قلت أن��ا والن��بيون قبلي: ال إل��ه إال الل��ه

.(1)وحده ال شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير(( هذا إعالن في هذا المجمع الكبير لهذا التوحيد بأصرح عبارة ت��دل علي��ه: ال إل��ه إال الل��ه

وحده ال شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير".(، رقم: )5/572)( أخرجه الترمذي، أب��واب ال��دعوات عن رس��ول الل��ه -ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم- )1

3585.)9

Page 10: files.zadapps.info · Web viewللملك، وهو المتصرف بجميع هذا الخلق، وإذا استحضر العبد هذا المعنى فإنه لا يخاف أحدا

ن��ردد ه��ذه من أج��ل أن يك��ون التوحي��د ه��و ش��عارنا، وأن يتج��ذر في نفوس��نا في ه��ذه المجامع العظيمة، ومن ثم فإن ما يخالج النفوس من بعض المشاعر التي تن��افي ه��ذا التوحيد تتبدد وتتالشى، ويكون التوحيد هو المعنى الق��ائم، وه��و الش��عار الراس��خ ال��ذي

يذهب الحجاج به ويجيئون. نجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم؛ من أجل أن نتفرغ للضراعة لله -عز وجل-، والله يحب من دعاه، والدعاء نوع من أن��واع العب��ادة، ب��ل ه��و من أج��ل أن��واع العب��ادة، ومن

أفضلها، والله يحب من دعاه، ويحب من تضرع إليه وألح عليه بالدعاء.ذكر الله عند المشعر الحرام:

}ف��إ�ذاثم نتوج��ه من عرف��ة إلى مزدلف��ة مل��بين مك��برين، والل��ه -ع��ز وج��ل- يق��ول: ند المشعر� الحرام� واذكروه كما ه��داكم ن عرفات فاذكروا الله ع� أفضتم م�

الين{ ن الض ن قبل�ه� لم� .[198]البقرة: وإ�ن كنتم م� اذك��روه على ه��دايتكم، اذك��روه ذك��را محقق��ا، كم��ا أن��ه ه��داكم هداي��ة محقق��ة، أو

، أي: اذكروه كم��ا أن��ه ه��داكم إلى اإليم��ان، وعلمكم ذك��ره،}واذكروه كما هداكم{ وكيف تقولون في مثل هذه المقام��ات، وه��و م��ا فعل��ه رس��ول الل��ه -ص��لى الل��ه علي��ه وسلم- بأبي هو وأمي -عليه الصالة والسالم- حينما ركب القص��واء، ح��تى أتى المش��عر الحرام، فاستقبل القبلة، فدعا ربه، وكبره، وهلله، ووحده، فلم يزل واقفا ح��تى أس��فر

. (1)جدا حتى إن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى الفجر بغلس، من أجل أن يكون له متس��ع

للذكر واللهج بالدعاء حتى وقت اإلسفار، فهذا كله من التوحيد. وهو ما فعله أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، هكذا كانوا يفعلون، وكان ابن عمر ي��دفع أهل��ه إلى مزدلف��ة ليال -أع��نى الض��عفة- فيقف��ون عن��د المش��عر الح��رام بلي��ل،

.(2)فيذكرون الله ما بدا لهم، ثم يرجعون، كما في صحيح البخاريذكر الله أيام التشريق:

ثم يتوجهون إلى منى ملبين، مكبرين، ويبقون فيها أيام التشريق. ،[203]البق��رة: }واذكروا الله ف�ي أيام مع��دودات{وقد قال الله -عز وجل- فيها:

فاأليام المعدودات هي أيام التشريق، واأليام المعلومات هي أيام العشر التي نستقبلهامن هذه الليلة.

ككم ف��اذكروا الله ك��ذ�كر�كم آب��اءكمالله -عز وجل- يقول: }فإ�ذا قضيتم مناس�ا{ E[200]البقرة: أو أشد ذ�كر.

ذكر الله -عز وجل- يتجلى في هذه الشعائر ال�تي نفعله�ا في أي��ام م��نى، حينم�ا ن��رمي الجمار، ونكبر عند رمي الجم��ار، نق��ول عن��د ك��ل جم��رة: الل��ه أك��بر، وك��ذلك عن��د ذبح

مالهدي، فإننا نسمي الله -عز وجل- ونكبره، والله -عز وجل- يقول: }وي��ذكروا اس��يم���ة� وهي أي���ام العش���ر الله� ف�ي أيام معلوم���ات{ ن به� }على م���ا رزقهم م�

، التي يذبحونها، وينحرونها هديا في تلك المشاعر، أو ي��ذبحها أه��ل[28]الحج: األنعام�{ األمصار في أمصارهم، وهي األضاحي، فإذا أراد اإلنس��ان أن يض��حي، أو أراد الح��اج أن ينحر هديه فإنه يكبر ربه -تبارك وتعالى-، فنح��ره توحي��د وعب��ادة؛ ألن ال��ذبح عب��ادة من العبادات صرفها لغير الله -عز وجل- من اإلشراك، وحينما يقول: بسم الله، والله أكبر،

فهذا توحيد.م الله� على م��اوالله -عز وجل- يقول: كEا ل�ي��ذكروا اس�� ة جعلنا منس�� }ول�كل أم

يمة� األنعام�{ ن به� [.34]الحج: رزقهم م�مويقول: يها خي�ر ف�اذكروا اس� ن شعائ�ر� الله� لكم ف� }والبدن جعلناها لكم م�

(.1218(، رقم: )2/886)( أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي -صلى الله عليه وسلم- )1(.1684(، رقم: )2/166)( انظر: صحيح البخاري، كتاب الحج، باب متى يدفع من جمع )2

10

Page 11: files.zadapps.info · Web viewللملك، وهو المتصرف بجميع هذا الخلق، وإذا استحضر العبد هذا المعنى فإنه لا يخاف أحدا

} .[36]الحج: الله� عليها صواف وعند أداء المناسك نكبر، ونهلل، ونردد في أيام التشريق: الله أكبر، الله أكبر، ال إله إال

الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد. وأيام التشريق كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- هي أيام أكل وشرب، والله -عز

ن��دوجل- يوجهنا إلى هذا الذكر بقوله: ن عرفات فاذكروا الله ع� }فإ�ذا أفضتم م�الين * ثم ن الض ن قبل�ه� لم� المشعر� الحرام� واذكروه كما هداكم وإ�ن كنتم م�يم * فإ�ذا روا الله إ�ن الله غفور رح� ن حيث أفاض الناس واستغف� أف�يضوا م�ن الناس� ا فم� Eد ذ�ك��ر ككم فاذكروا الله كذ�كر�كم آب��اءكم أو أش�� قضيتم مناس�نهم من ن خالق * وم� من يقول ربنا آت�ن��ا ف�ي ال��دنيا وم��ا ل��ه ف�ي اآلخ���رة� م�ن��ا ع��ذاب النار� * نةE وق� نةE وف�ي اآلخ���رة� حس�� يقول ربنا آت�نا ف�ي ال��دنيا حس��

} ساب� ا كسبوا والله سر�يع الح� م يب م� .[202 - 198]البقرة: أولئ�ك لهم نص� فهذه أذكار نرددها عند أدائنا لهذه المناسك، ونختم ذلك جميعا باالستغفار كما قال الله

يم{-عز وجل-: روا الله إ�ن الله غفور رح� .[199]البقرة: }واستغف� هي عبادة من أجل العبادات، ومع ذلك نختمها باالستغفار، لنجبر ما وقع فيها من الخللوالنقص، كما أننا إذا انصرفنا من الصالة المكتوبة فإننا نستغفر ثالثا، كم��ا ك��ان الن��بي -

صلى الله عليه وسلم- يفعل. }كانوا قل�يالE م�نوالله -عز وجل- ق��ال عن العاب��دين ال��ذين يحي��ون اللي��ل بالقي��ام:

رون{ .[18، 17]الذاريات: الليل� ما يهجعون * وب�األسحار� هم يستغف� يختمون قيامهم الليل باالستغفار، ال يسهرون الليل على مجون وفساد ومنكرات، وإنما

يحيون ليلهم بالقيام، ثم هم يختمونه بعد ذلك باالستغفار. فحري بنا أن نكثر من استغفار الله -عز وجل-، وإذا استشعرت هذا المعنى ف��إن العب��د ال يدلي على ربه بهذه األعمال التي عملها من الحج والعمرة، وسائر األعمال الصالحة،

ل��ةوإنما يستشعر أن الفضل لل��ه وح��ده، }والذ�ين يؤتون م��ا آت��وا وقل��وبهم وج�عون{ م راج� . [60]المؤمنون: أنهم إ�لى ربه�

وجلة خائفة، مشفقة أال يتقبل الله -عز وجل- منهم ه��ذه األعم��ال، يخ��اف اإلنس��ان أن يكون نصيبه من ه��ذا الحج ه��و الس��فر والتعب والس��هر، والج��والن في المناس��ك، وإذا

قال: لبيك اللهم لبيك، قيل له: ال لبيك وال سعديك.��اد الت��ابعين- ك��ان إذا أراد وكان علي بن الحسين زين العابدين -رحمه الله- وهو من عبئل عن ذل��ك، فق��ال: أن يلبي بالحج عند الميقات ارتعد واضطرب، وعلته الصفرة، فس��

. (1)أخاف إذا قلت: لبيك اللهم لبيك، أن يقال: ال لبيك وال سعديك فهل يستشعر اإلنس��ان ه��ذا المع��نى؟ فال يفتخ��ر أن��ه حج، وال يفتخ��ر أن��ه حج عش��رات الحجج، وإنما يستشعر أن الله هو الذي أكرمه، وأنعم عليه وهداه، ويس��ر ل��ه، ل��و ش��اء

الله -عز وجل- لسلبه ذلك جميعا. ثم أيضا انظر إلى الدعاء الذي يكون في هذه المقامات جميعا، فإن ال��دعاء يش��رع فيا يش��رع في عرف��ة، الطواف، وفي السعي، وعلى الصفا والمروة، كما أن ال��دعاء أيض��

وفي مزدلفة، وبعد رمي الجمرة األولى، وبعد رمي الجمرة الثانية.وهذا الدعاء كله توحيد؛ ألن الدعاء لون من ألوان العبادات .

وقفة تأمل مع بعض أعمال الحج:وإذا نظرنا إلى سائر األعمال األخرى التي نعملها في هذا الحج.

فتأمل حالك حينما تتجرد لإلحرام، إنه يشعر بالتجرد من كل شيء، بالتجرد من حظوظ النفس، ومن أهوائه��ا، ومن زخ��ارف ال��دنيا، ب��التجرد من األه��ل، ب��التجرد من ال��وطن،

ا واحدا، نلبي له وحده ال شريك له. بالتجرد من سائر ألوان المتاع، وإنما تقصد رب(.4/392)( سير أعالم النبالء )1

11

Page 12: files.zadapps.info · Web viewللملك، وهو المتصرف بجميع هذا الخلق، وإذا استحضر العبد هذا المعنى فإنه لا يخاف أحدا

ثم انظر إلى هذا اللباس الذي سيماه البياض، وهو أفضل اإلحرام. حينما يلبس هذا اإلنسان البي��اض في نقائ��ه وص��فائه فإن��ه ينعكس على قلب اإلنس��ان، ومعلوم أن الظاهر يؤثر في الباطن، والباطن والظاهر بينهما مالزم��ة ال تخفى، فلب��اس اإلنسان يؤثر فيه، ف��إذا لبس البي��اض، ف��إن ذل�ك ينعكس على باطن��ه، فيستش��عر نق��اء القلب، ولزوم ذل�ك، ويستش�عر بي�اض اإلخالص، وأال يك�دره ش�يء من ش��وائب الري�اء

واإلشراك. وفي هذا اإلحرام طرح للزينة، وإظهار للمسكنة والعبودي��ة والتواض��ع لل��ه -ع��ز وج��ل-، وفيه أيضا تذكر للموت، والمفارقة لهذه الحياة الدنيا، حينما تفارق األهل ت�ذكر الرحي�ل النهائي، وحينما تلبس مالبس اإلحرام، وتغتسل لإلحرام -وهو أم��ر مس��تحب ل��ه- ت��ذكر

حينما تغسل وتدرج في أكفانك في قطعتين من قماش سيماهما البياض. ثم حينما يحرم اإلنسان من الميقات هذا فيه تعبد لله -عز وجل-؛ حيث يح��رم من حيث

أمره الله -عز وجل- أن يحرم، ال يتعدى ذلك وال يتجاوزه، وال يحرم قبله.إنه التزام للعبودية التي رسمها الله -عز وجل- للمكلفين، ولو أننا التزمنا أوام��ر الل��ه - عز وج�ل- في ك��ل حياتن��ا كم��ا نل��تزم ذل��ك في أعمالن��ا في الحج ف��إن حياتن��ا س��تتغير،

سنكون عابدين لله -عز وجل- حقا.وحينما يقصد الحاج بيت الله الحرام، لماذا يقصد هذا البيت ؟ لماذا يقصد تلك البقاع؟. الله -عز وجل- يخلق ما يشاء ويختار، هذا اختي��ار كم��ا ق��ال الحاف��ظ ابن القيم -رحم��ه

.(1)الله- اختيار بعد الخلق والله -عز وج��ل- يحكم ال معقب لحكم��ه، فه��و -س��بحانه وتع��الى- خل��ق جمي��ع البق��اع،ا للمناس��ك، فيتوج�ه الن��اس إلى ه��ذا ويختار من هذه البقاع بقاعا شرفها، وجعلها مق��ار

عال��بيت، وكي��ف ال يتوجه��ون إلي��ه وه��و أول بيت وض��ع للن��اس، }إ�ن أول بيت وض���ة مباركEا وهدEى ل�لعالم�ين{ [.96]آل عمران: ل�لناس� للذ�ي ب�بك

ا وتطه�يرا، توع�د من هو أعظم بيت، وأشرف بيت مأله الله -عز وجل- تكريما وتقديس��هم به بإلحاد بظلم.

وأمر آخر يتعلق بالتوجه إلى هذا البيت: نحن حينما نستقبل هذه القبلة في يومنا وليلتنا في أقل األحوال خمس مرات، فإن القلوب تهفو إلى هذا البيت، فتتوجه إليه بالجوارح،

وتتوجه إليه هذه األجساد، من أجل أن تطوف به استجابة ألمر الله -عز وجل. ومن هنا يرتبط الناس بقبلتهم، فتكون وجهتم واح��دة، ال يلتفت��ون إلى غ��رب ك��افر، وال

يلتفتون إلى شرق كافر، إنما الوجهة وجهة واحدة، رسمها الله -عز وجل- لهذه األمة. ثم إن الله -عز وجل- حينما أمر إبراهيم وإسماعيل -عليهما السالم- ببن��اء ه�ذا ال�بيت،

يم مكانوبرفع قواعده، أرشد في ذلك إلى عمارته على التوحيد، �براه� أنا إل� }وإ�ذ بوكع� ين والر ائ�م� ين والق��� ر بيت�ي ل�لطائ�ف� يئEا وطه ر�ك ب�ي ش��� البيت� أن ال تش���

جود�{ .[26]الحج: السن��Eا واجنبن�ي وبن�ي أن نعب��د يم رب اجع��ل ه��ذا البل��د آم� �ب��راه� }وإ�ذ ق��ال إ

.[35]إبراهيم: األصنام{ ثم حينما نطوف في هذا البيت هو عبادة لله -عز وجل-، الط��واف يك��ون ب��البيت، ليس باألض��رحة، ليس بش��يء من القب��ور، ال باألولي��اء، وال بالص��الحين، وال بش��يء من ه��ذه األشجار، واألحجار، وما يقدسه الن��اس مم��ا اخ��ترعوه وابت��دعوه، فك��ل ذل��ك من قبي��ل

الشرك بالله -تبارك وتعالى-، التوحيد أن يكون الطواف ببيت الله الحرام. عبودية السعي بين الصفا والمروة:

كما صح في بعض الروايات تحرجوا من السعي-رضي الله عنهم-ثم السعي، الصحابة بين الصفا والمروة، وذلك أن الناس في جاهليتهم ك��انوا يس��عون بين الص��فا والم��روة،

(.1/40)( زاد المعاد في هدي خير العباد )112

Page 13: files.zadapps.info · Web viewللملك، وهو المتصرف بجميع هذا الخلق، وإذا استحضر العبد هذا المعنى فإنه لا يخاف أحدا

وكان على الصفا إساف ونائلة، أصنام يعظمها أهل اإلش��راك، فتح��رج أص��حاب رس��ول الله -صلى الله عليه وسلم- من السعي بين الصفا والمروة، يظنون أن ذل��ك من بقاي��ا

فا والم�روة م�نالجاهلية، ومن شعار المشركين، فأنزل الله -عز وج��ل-: }إ�ن الص�م��ا ومن شعائ�ر� الله� فمن حج البيت أو� اعتمر فال جناح علي��ه� أن يطوف ب�ه�

ا فإ�ن الله شاك�ر عل�يم{ Eع خير .(1)[158]البقرة: تطو إن التردد بين الصفا والمروة ال شك أنه عبودية لله -تبارك وتعالى-، وال يج��وز ألح��د أنا كانت هذه األش��ياء، إنم��ا يسعى بين قبرين، أو بين حجرين، أو بين شيئين يقدسهما، أي

السعي بين الصفا والمروة. ثم هذا اإلنسان حينما يسعى بين الصفا والمروة ماذا يستشعر؟ يستشعر ح��ال ه��اجر - رحمها الله- حينما كانت تسعى بين هذين الجبلين، وابنه�ا يتلم�ظ من الج��وع والعطش،

فأمدها الله -عز وجل- بألطافه، وجاء الملك، وضرب في األرض، فنبع بئر زمزم. فإذا تذكر الساعي هذا المعنى فإنه يثق بما عند الله، وأن تفريج الكرب��ات، ورف��ع اآلالم

والمضرات كله من الله -تبارك وتعالى. ما وقع لهذه األمة من الضعف والوهن، والهزائم المتالحقة، إنما الذي يكشفه ه��و الل��ه وحده ال شريك له، ال يكشفه أحد من المقبورين، وال أحد من األحياء، إنما يكش��فه ربن��ا

-جل جالله.عبودية تعظيم الشعائر:

ثم حينما نطوف بهذه األماكن، ونسعى بين الصفا والمروة، ونتردد بين هذه المش��اعر، }ذل���كالواقع أننا نعظم شعائر الله -عز وجل-، وتعظيم شعائر الله من تقوى القلوب،

ن��د ربه�{ وهي أعم��ال الحج[،30]الحج: ومن يعظم حرمات� الله� فهو خي��ر ل��ه ع�وا تفثهم وليوف��وا ن��ذورهم وليطوف��وا ب���البيت�في ه��ذه اآلي��ة، }ثم ليقض��

} [. 29]الحج: العت�يق�ن تق��وىوالل��ه -ع��ز وج��ل- يق��ول: عائ�ر الله� فإ�نه��ا م� }ذل���ك ومن يعظم ش��

} فقد س��معنا قب��ل س��نوات أح��د المنتس��بين لل��دعوة اإلس��المية -[،32]الحج: القلوب� لألسف الشديد، وهو يحمل انحرافات عجيبة- يقول في مثل هذه األيام، في أيام الحج، يقول: إن الذهاب للتمسح بالحجر األسود، والطواف بالكعبة، وبين الصفا والمروة لون من ألوان الوثنية، إنما ينبغي أن يكون العمل والس��عي بإص�الح الني��ات والمقاص��د، وأن

يكون السعي لعمارة الدنيا عمارة حقيقية بإقامة دولة االسالم. وال أدري ما دولة اإلسالم التي يريد أن يقيمها هذا المنحرف وه��و يص��ف أعظم ش��عائر الدين بأنه ضرب من ضروب الوثنية، فك��ان يق��ول أله��ل بل��ده: ليس عليكم أن ت��ذهبوا إلى الحج، ليس عليكم أن تنفق���وا األم���وال من أج���ل أن تطوف���وا بين ه���ذه البق���اع،

وتتمسحوا بحجر ال ينفع وال يضر؟. أقول: إن الذهاب إلى تلك البق��اع، والط��واف بالكعب��ة، والس��عي بين الص��فا والم��روة، ورمي الجمار، وما إلى ذلك، كل هذا من تعظيم حرم��ات الل��ه -ع��ز وج��ل- ومن تعظيم شعائر الله، والقلب الذي يعظم شعائر الله قلب عامر باإليمان، وإذا رأيت العب��د يعظم

الشعائر الدينية ويحبها، فإن ذلك يدل على تجذر اإليمان بالقلب. وإذا رأيته يحب أعياد المسلمين ويعظمها، ويلبس لها اللباس المالئم، ويستعد لها، فإن

ذلك يدل على تعمق اإليمان في قلبه. ا، ويس��مي أعيادن��ا بأعي��اد الن��وم، ف��إن ذل��ك ي��دل على وإذا رأيت��ه ال يرف��ع ل��ذلك رأس��

عائر الله فمن حج)( أخرجه البخاري، كتاب تفسير القرآن، ب��اب قول��ه: 1 فا والم��روة من ش�� }إن الص��اكر عليم{ ه ش�� [158 ]البق��رة: البيت أو اعتمر فال جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الل

(، ومسلم، كتاب الحج، باب بيان أن السعي بين الصفا والم��روة ركن ال يص��ح4495(، رقم: )6/23)(.1277(، رقم: )2/928الحج إال به )

13

Page 14: files.zadapps.info · Web viewللملك، وهو المتصرف بجميع هذا الخلق، وإذا استحضر العبد هذا المعنى فإنه لا يخاف أحدا

اضمحالل في إيمانه، وأنه ال يعظم الله، وال شعائر الله التعظيم المطلوب.عبودية االتباع واالنقياد والتسليم الكامل لله وحده:

في الحج تتجلى قضية االتباع واالنقياد والتسليم الكامل لله -جل جالله-، هناك أمور ق��د ال نعقلها، وليس من الضرورة أن نعقل كل شيء أمرنا الله -عز وج��ل- ب��ه، وأن ن��درك

معناه. قد يدركه بعضنا ويخفى على بعضنا، وهناك أمور استأثر الله -عز وجل- بعلمه��ا وتعب��دنابها، ونحن نسلم لله -عز وجل-؛ ألن قاعدة اإليمان ال تثبت إال على قدم التس��ليم لل��ه -

دواعز وجل- يما شجر بينهم ثم ال يج� نون حتى يحكموك ف� }فال وربك ال يؤم�ا قضيت ويسلموا تسل�يمEا{ م ا م� Eم حرج ه� .[65]النساء: ف�ي أنفس�

لم يخبرنا التاريخ والروايات الصحيحة المحفوظة عن أصحاب الن��بي -ص��لى الل��ه علي��هوسلم- أنهم كانوا يسألونه عن علة كذا، وعلة كذا، مما يفعلونه في هذه الشعائر.

ما كانوا يسألونه لماذا نطوف بالكعبة؟ لماذا نرمي الجمار وبسبعة أحجار؟ ولماذا أيضا نقف في عرفة؟ ولماذا نقف في المزدلفة؟ لماذا كان الوق��وف في عرف��ة إلى غ��روب الشمس؟ ولماذا كان الوقوف في المزدلفة إلى أن يسفر جدا؟، ما كانوا يسألونه هذه

السؤاالت. وكذلك لم يخبرنا الق��رآن، والن��بي -ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم- عن أتب��اع األنبي��اء -عليهم

الصالة والسالم- أنهم كانوا يتمحلون معهم في سؤالهم عن هذه األمور . الرسل أيها اإلخوة جاءوا بمحارات العقول، ولم ي��أتوا بمح��االت العق��ول، ج��اءوا ب��أمور صحيحة مبنية على حكمة وعلم من الله -عز وجل علمناها أو خفيت علينا، قد تتوق��ف

العقول في إدراك بعضها، فهذه محارات للعقول ولكنهم لم يأتوا بمحاالت العقول. سئل أعرابي بم عرفت أنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟، فقال: ما أمر بش��يء

إال قال العقل: ليته أمر به، وما نهى عن شيء إال قال العقل: ليته نهى عنه. فالواجب على اإلنسان أن يسلم لله -عز وجل- في أحكامه، وفي أقداره، وفي شرعه، وأن يفوض جميع األمور إلى الله، ويثق بأن ربه الذي شرع له الشرائع أنه عليم حكيم، شرعها بعلم راسخ، بعلم ثابت، سبحانه وتعالى أحاط بكل شيء علم��ا، هك��ذا ينبغي أن

يكون المؤمن. لقد سمعت من بعضهم يحدث عن صاحب له حج ثم رجع، وهو أس��تاذ ج��امعي، يق��ول: ذهبنا ووقفنا في عرفة وبتنا في مزدلفة، ثم جلس��نا ثالث��ة أي��ام في م��نى، ثم م��اذا بع��د ذلك؟، هذا لم يفقه الحج، ولم يعرف حقيقة العبودي��ة لل��ه -ج��ل جالل��ه-، أين ه��ذا ممن تذرف دموعهم في تلك المقامات، ويستشعرون فيه�ا من المع�اني م�ا ال يق�ادر ق�دره،

فيظهر أثر هذا الحج عليهم؟. عمر بن الخطاب حينما أراد أن يقبل الحجر، قال: "إني أعلم أنك حجر ال تضر وال تنفع،

. (1)ولوال أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك" فهذا كما قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- إذعان وتسليم من عم��ر في أم��ور ال��دين،

. (2)وحسن اتباع فيما لم يكشف له من المعاني وهي قاعدة كبيرة عظيمة في اتباع النبي-صلى الله عليه وسلم- فيما لم تبلغه عقولنا، أو فيما بلغته، ومبني العبودية كما يقول عنه الحاف��ظ ابن القيم -رحم��ه الل��ه- ه��و على

. (3)هذا األصل الكبير الذي هو االنقياد والتسليم ألوامر الله ولشرائعه نحن نضطبع في الطواف، ونرمل في األشواط الثالثة األولى منه، لم��اذا نض��طبع، وق��د اضطبع النبي -صلى الله عليه وسلم- لعلة، ولمعنى آنذاك، ثم زالت هذه العلة؟، لم��اذا

(.1597(، رقم: )2/149)( أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب ما ذكر في الحجر األسود )1(.3/463)( فتح الباري البن حجر )2(.17)( الوابل الصيب من الكلم الطيب )ص: 3

14

Page 15: files.zadapps.info · Web viewللملك، وهو المتصرف بجميع هذا الخلق، وإذا استحضر العبد هذا المعنى فإنه لا يخاف أحدا

نرمل، وقد رمل النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو اإلس��راع في المش��ي- لعل��ة آن��ذاكثم زالت؟.

��ا لمرض��اته، أن ي��دخلنا نفعل ذلك تسليما وانقيادا وطواعية وعبودية لله -عز وجل- طلب في رحمته، وأن يتقبل منا هذا الحج، لماذا نجري جريا سريعا؟، ك��ان الن��بي-ص��لى الل��ه عليه وسلم- يسرع بين العلمين، كان يسرع -صلى الله عليه وس��لم- ح��تى ي��دور إزاره من شدة السعي -عليه الصالة والسالم- لماذا يفعل ذلك؟، العبودية لله تبارك وتعالى.

نحن أمة عامرة عزيزة لها جذور عميقة في التاريخ: نحن حينما نقوم بهذه الفريضة نستشعر جملة من المع��اني، نحن أم��ة ع��امرة، ارفع��وا رءوس��كم، نحن أم��ة عزي��زة، له��ا ج��ذور عميق��ة في الت��اريخ، لن��ا رص��يد كب��ير في ه��ذا الطريق الذي نسير عليه، حيث سار عليه أكابر األنبي��اء -عليهم الص��الة والس��الم-، فهم أسالفنا، لسنا أمة مبتورة، ال رصيد لها، وال مس��تند من بعث األنبي��اء، والرس��االت ال��تي

جاءوا بها. إبراهيم -عليه الصالة والسالم- هو ال��ذي ب��نى ه�ذا ال��بيت، وه��و أول بيت وض��ع للن��اس

أعان��ه في ه��ذا-عليه الصالة والسالم-ليوحدوا الله -عز وجل- حق توحيده، وإسماعيل يعالبن��اء، ك��ان يب��ني مع��ه ال��بيت، وي��ردد مع��ه: م� �نك أنت الس�� نا إ }ربن��ا تقبل م�

، وإسماعيل -عليه الصالة والسالم- هو جدنا. [127]البقرة: العل�يم{ نحن حينما نذهب إلى تلك األماكن نتذكر إبراهيم -صلى الل��ه علي��ه وس��لم- وه��و يرف��ع

يعال��بيت م��ع اس��ماعيل، وي��رددان ه��ذا ال��دعاء: م� �نك أنت الس�� نا إ }ربن��ا تقبل م� ، يقومان بعمل كب��ير جلي��ل، ب��أمر الل��ه -ع��ز وج��ل- وم��ع ذل��ك[127]البق��رة: العل�يم{

يدعوان أن يتقبل الله -عز وجل- منهما. ثم بعد ذلك حينما يذكر إبراهيم -عليه الص��الة والس��الم- البن��ه ووحي��ده إس��ماعيل تل��ك

اء اللهالرؤيا: أنه يذبحه، فيقول له إسماعيل: دن�ي إ�ن ش�� تج� }افعل م��ا ت��ؤمر س��اب�ر�ين{ ن الص . [102]الصافات: م�

هذه هي العبودية الحقيقية، هؤالء هم سلفنا -عليهم الصالة والسالم-، فحينما نتردد في تلك المقامات والمشاعر والمنازل نتذكر هؤالء األطهار األبرار، نتذكر نبين��ا -ص��لى الل��ه

عليه وسلم- ونتذكر سائر األنبياء. لما مر النبي -صلى الله عليه وسلم- بوادي األزرق في طريقه -عليه الص��الة والس��الم-

فق��الوا: وادي))أي واد ه��ذا؟((إلى مك��ة، كم��ا في ص��حيح مس��لم س��أل أص��حابه: ))كأني أنظ��ر إلى موس��ى -ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم- واض��عEااألزرق، فقال:

ا به��ذا ال��وادي(( ق��ال: ثمإصبعيه في أذنيه، له جؤار إلى الله بالتلبية، م��ارى -أو لفت- فق��ال:))أي ثنية هذه؟((سرنا حتى أتينا على ثنية، فقال: ق��الوا: هرش��

))كأني أنظر إلى يونس على ناقة حمراء، عليه جبة صوف، خط��ام ناقت��ها بهذا الوادي ملبيEا(( .(1)ليف خلبة، مار

حينما يمر اإلنسان بمنى، ويرى مسجد الخيف يتذكر أن النبي -صلى الله علي��ه وس��لم-ا . (2)أخبرنا أنه صلى فيه سبعون نبي

نحن امتداد لهؤالء جميعا، فلم��اذا نس��تخذي؟، ولم��اذا ن��ذل؟ ولم��اذا نس��تحي من إعالن مبادئنا، ون��داري بعض الس�ؤاالت بابتس�امة ت��دل على خن��وع وخج��ل من إقام��ة ال�دين،

وتحقيق العبودية لله رب العالمين؟. تذكر يا عبد الله وأنت في تل��ك المش�اعر والبط��اح ت��ذكر أولئ�ك الرج�ال ال�ذين فتح�وا

)( أخرج��ه مس��لم، كت��اب اإليم��ان، ب��اب اإلس��راء برس��ول الل��ه -ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم- إلى1(.166(، رقم: )1/152السموات، وفرض الصلوات )

(، والط���براني في المعجم الكب���ير )4169(، رقم: )2/653)( أخرج���ه الح���اكم في المس���تدرك )2(.12283(، رقم: )11/452

15

Page 16: files.zadapps.info · Web viewللملك، وهو المتصرف بجميع هذا الخلق، وإذا استحضر العبد هذا المعنى فإنه لا يخاف أحدا

الدنيا، أولئك األبطال، أولئك المجاهدين، أولئك ال��ذين عم��ر الل��ه -ع��ز وج��ل- بهم ه��ذه الحياة، ونحن نعيش على بقية مآثرهم في العز والمجد، ونعيش على بقية من م��آثرهم

في هذه البالد التي فتحوها. بلدة عظمى وفي آثارها *** أنفع الذكرى لقوم يعقلونشب في بطحائها خير الورى *** وشبا في أفقها أسمح دين

هذا كله يتردد في نفس الحاج، وهو يجول هنا وهناك. ثم إنه يستشعر ارتباطا بينه وبين ما حوله من مدر وشجر وحجر حينما يلبي هذا الحاج،

))ما من مسلم يلبي إال لبىفالنبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا بقوله الصادق: من عن يمينه، أو عن ش��ماله من حج��ر، أو ش��جر، أو م��در، ح��تى تنقط��ع

.(1)األرض من هاهنا وهاهنا(( يعني: عما يمينه وشماله، فهذه المخلوقات كلها مطيع��ة لل��ه -تب��ارك وتع��الى- والك��ون

كله منقاد، وعابد له ومسبح. إنما الذي يستعصي، ويتمرد على طاعة الله -عز وجل- هو هذا المخل��وق الض��عيف من

))أذن لي أن أحدث عن مل��كالجن واإلنس، النبي -صلى الله عليه وسلم- يق��ول: من مالئك��ة الل��ه من حمل��ة الع��رش، إن م��ا بين ش��حمة أذن��ه إلى عاتق��ه

. (2)مسيرة سبعمائة عام(( مدة طيران الطير ما بين شحمة أذنه وعاتقه سبعمائة عام، ما حجم هذا الملك؟، وه��و

عابد منقاد لله -تبارك وتعالى. تذكر يوم المحشر:

ثم في الحج أيه��ا اإلخ��وان نت��ذكر إذا رأين��ا تل��ك الجم��وع الغف��يرة الهائل��ة، نت��ذكر ي��وم المحشر، وأي يوم هو، حينما تجتمع هذه الجموع من جميع هذه األجن��اس واألل��وان في صعيد واحد، في يوم عرفة، أو حينم��ا ت��راهم في الكعب��ة، أو حينم��ا ت��راهم عن��د جم��رة

العقبة، نتذكر اليوم الذي نعرض فيه على الله ال تخفى منا خافية.استشعار عظمة الله وقدرته:

ثم نتذكر عظمة الله وقدرته وخلق��ه، ونت��ذكر إبداع��ه في ه��ذا الخل��ق العجيب، فحينم��ا تنظر إلى هؤالء الحجيج، وقد ازدحموا ال ترى إال وجوههم عند جمرة العقبة، صبهم الله صبة واحدة، األنف في محله والعينان في محلهما، والفم في محله، ثم كل واح��د منهم يتميز عن اآلخر بهيئته وصورته، فال يشتبه منهم اثنان، وال يلتبس منهم في البنان اثنان،

هذا كله يدل على عظمة خالقنا وقدرته -جل جالله. فيستصغر العبد نفسه، ويستصغر الدنيا التي شغلته عن طاعة هذا الرب -ج��ل جالل��ه-، ويتواضع، هؤالء كلهم عبيد لله -عز وجل- صبة واح��دة، انظ��ر إليهم من أعلى وأنت في سطح الحرم وهم يطوفون، الوجوه نقط صغيرة، يحركون هذا اإلحرام بين حين وآخ��ر، كأنهم الذر، فيهم لربما من يرى نفسه، فيهم المتكبر، وفيهم من يعتز بأرص��دته الهائل��ة في البنوك، وفيهم من يعتز بما عنده من المصانع والمت��اجر والم��راكب، وفيهم من ق��د يفتن الكثير من الن��اس بحس�نه وجمال�ه، وإذا نظ�رت إليهم من بعي�د ع�رفت ض�عفهم،

وعرفت مسكنتهم، وعرفت عظمة الله -عز وجل. الحج رمز لوحدة األمة:

ثم إن هذا الحج رمز لوح��دة األم��ة الواح��دة، االجتم��اع ال��ذي ال يك��ون إال على التوحي��د الخالص, االجتماع ال يك��ون على الباط��ل، ال يك��ون على ال��تراب، وال يك��ون على ش��عار جاهلي، إنما يكون االجتماع على التوحيد، تجتمع األمة جميعا في مكان واح��د، يلبس��ون

)( أخرجه الترمذي، أبواب الحج عن رسول الله -صلى الل��ه علي��ه وس��لم-، ب��اب م��ا ج��اء في فض��ل1.(828(، رقم: )3/180التلبية والنحر )

(.4727(، رقم: )4/232)( أخرجه أبو داود، كتاب السنة، باب في الجهمية )216

Page 17: files.zadapps.info · Web viewللملك، وهو المتصرف بجميع هذا الخلق، وإذا استحضر العبد هذا المعنى فإنه لا يخاف أحدا

لباسا واحدا، ويرددون هتافا واحدا: "لبيك اللهم لبيك، لبيك ال شريك لك لبيك". ��رد الجمي��ع هذا دليل وبرهان على أن المرشح الوحيد لجمع هذه األمة هو التوحيد، أن ي

إلى الفطرة، إلى توحيد الله -عز وجل. وكم ض��يعت تل��ك الش��عارات الزائف��ة األم��ة!، وكم قطعته��ا إلى أح��زاب وإلى أوص��ال متن��اثرة، يلعب على تناقض��اتها الع��دو، في��أتي من أبع��د نقط��ة في المغ��رب، ويض��رب بالعمق، عبثا بمقوماتها ومقدراتها، كل ذلك على حساب هذه التناقض��ات واالختالف��ات،

والتشرذم والشعارات المنحرفة التي استهوت كثيرا من الناس. عندما ينظ��ر اإلنس��ان إلى ه��ذه الجم��وع ال��تي ج��اءت من ك��ل مك��ان، يتكلم��ون س��ائر األلسنة، يتحدثون سائر اللغات، وقد توحدوا في زيهم وخط��واتهم وتنقالتهم، يرتف��ع في نفسه األمل أن األمة يمكن أن تجتمع مرة أخرى، فتكون قوة ضاربة تزلزل أعداء الل��ه

))نص��رت-ع��ز وج��ل- ويض��طرب من في المش��رق، ومن في المغ��رب خوف��ا منه��ا، . (1)بالرعب مسيرة شهر((

من مقاصد الشريعة إظهار قوة المؤمنين ووحدتهم: ثم تأملوا في سائر هذه األعمال ال��تي نعمله��ا، ه��ذا الرم��ل ال��ذي يك��ون في الط��واف،وهذا االضطباع، لماذا نفعله؟، لماذا فعله النبي -صلى الله عليه وسلم-؟، ق��دم الن��بي - صلى الله عليه وسلم- فسمع أن المشركين ي��رددون أن قوم��ا يق��دمون، وق��د أوهنتهم حمى ي��ثرب، ي��رددون أن ه��ؤالء ق��د أض��عفهم وأنهكم الم��رض، فهم ق��وم يغلب عليهم الوهن، والعجاف، والضعف، والنح��ول، واله��زال، فم��اذا فع��ل الن��بي -ص��لى الل��ه علي��ه

وسلم-؟. أمر أصحابه أن يضطبعوا ل�يرى الك�افرون مظه�را من مظ�اهر ق�وتهم، في أعض�ادهم، وأن يرملوا في األش��واط الثالث��ة في الط��واف، وعل��ل ذل��ك بقول��ه: -ص��لى الل��ه علي��ه

. (2)))ال يرى القوم فيكم غميزة((وسلم-: ��ا، فيش��متون بكم، ويفهم من ه��ذا: أن اإلس��الم يقص��د ال يرى القوم فيكم ض��عفا، ووهن إظه��ار ق��وة المؤم��نين، ووح��دة المؤم��نين، فمن الخط��أ الف��ادح أن نعلن تناقض��اتنا واختالفاتنا، فيضحك منا العدو، ويضحك منا الشامت والمتشفي، كما ص��ارت حالن��ا في هذه األيام، اختالفات، وتناقض��ات، وآراء، وبعض��نا يق��ع في ع��رض اآلخ��ر، ول��و أن أه��ل السنة دفنوا خالفاتهم، وتباحثوها فيما بينهم دون أن يظهروها ليشمت بها عدوهم، ف��إن

هذا هو الحكمة، بل هو عين الصواب. رمي الجمار مراغمة للشيطان وتجديد للعهد بعداوته:

حينما نرمي الجمار، نحن بذلك نجدد ع��داوتنا للش��يطان، نحن ال ن��رمي الش��يطان فه��وليس موجودا في ذلك المكان.

وإنما نحن نفعل ذلك مراغمة له، وتجديدا للعهد بعداوته، حينما ن�رجم به�ذه الجم�ار -أو نرمي هذه الجمار- نحن نتأسى بإبراهيم -صلى الله عليه وسلم- ونتب��ع ملت��ه، كم��ا ج�اء

. (3)عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: "الشيطان ترجمون، وملة أبيكم تتبعون" وفي هذه األعمال جميعا تحقيق للعبودية الكاملة لله -ع��ز وج��ل- بأنواعه��ا في األق��والواألفعال التي تكون بالجوارح، واألعمال القلبية، كل ذلك يتحقق بفعل هذه المناسك.

اجتماع العبادات المالية والبدنية في الحج: الحج فرصة عظيمة لتحقيق هذا المعنى، في��ه جمي��ع العب��ادات، في��ه العب��ادات المالي��ة، وفيه أنواع العبادات البدنية، فيه الصالة والطواف، وفيه التكب��ير والتهلي��ل، وفي��ه النح��ر

والذبح ، وفيه السعي، وفيه الوقوف، وغير ذلك مما ال يجتمع في غيره. (.335(، )1/74)( أخرجه البخاري، كتاب التيمم، )1(.2782(، رقم: )4/498)( أخرجه أحمد )2(.5/506(، والبيهقي في شعب اإليمان )1713(، رقم: )1/638)( أخرجه الحاكم في المستدرك )3

17

Page 18: files.zadapps.info · Web viewللملك، وهو المتصرف بجميع هذا الخلق، وإذا استحضر العبد هذا المعنى فإنه لا يخاف أحدا

وهذه كلها من ألوان العبوديات لله -عز وجل. حينما نذبح النسك هذا تقرب إلى لله -عز وجل- بعبادة هي من أج��ل العب��ادات، يجتم��ع فيها عبادة بدني��ة، وعب��ادة مالي��ة، له��ذا ينبغي لإلنس��ان أن يبحث عن أس��منها وأفض��لها وأطيبها لحما، وأغالها ثمنا، ال يرى ذلك من قبيل المغرم الذي يرهق كاهل��ه، فكث��ير من المس��لمين في مث��ل ه��ذه األي��ام يس��ألون عن النس��ك ال��ذي ليس في��ه اله��دي، فه��ل

استشعر هؤالء هذا المعنى؟. عائ�ر� الله� لكم ف�يه��ا خي��روالله -عز وجل- يقول: }والبدن جعلناه��ا لكم م�ن ش��

نه��ا وأطع�م��وا فاذكروا اسم الله� عليها صواف فإ�ذا وجبت جنوبها فكل��وا م�رناها لكم لعلكم تشكرون * لن ينال الله لحومها القان�ع والمعتر كذل�ك سخرها لكم ل�تكبروا الله على خ نكم ك��ذل�ك س�� وال د�ماؤها ولك�ن يناله التقوى م�

ن�ين{ ر� المحس� [.37، 36]الحج: ما هداكم وبش ومن هنا نعلم أيضا أن الذبح عبادة ال يجوز أن تص��رف لغ�ير الل��ه -ع��ز وج��ل- ومن ذبح لغير الله فقد كفر أو أشرك، ال يجوز الذبح عند األض��رحة، وال يج��وز ال��ذبح عن��د ش��يء يعظم، وال يجوز الذبح عند اس��تقبال العظم��اء والرؤس��اء والمل��وك، ف��إن ه��ذا ش��يء ال

يصلح إال لله -تبارك وتعالى.الحلق والتقصير لون من ألوان العبودية:

الحلق في تلك المقامات لون من ألوان العبودية، وإعالن الذل والرق لله -ع��ز وج��ل-، إن حلق الشعر بقصد الذل والتعبد إنه إعالن للفاقة لمن حلقت له شعرك، وله��ذا ف��إن عباد القبور لربما يحلقون رءوسهم عند األض��رحة، والع��دو إذا ظف��ر بخص��مه، وأراد أن��ا لفقرن��ا، وذلن��ا، يذله فإنه يحلق رأسه، نحن نحلق رءوسنا طواعية لله -عز وجل- إعالن

وعبوديتنا، ومسكنتنا لربنا وخالقنا -جل جالله. فهل استحضرت هذا المعنى وأنت تحلق رأسك؟.

عبودية المراقبة في الحج: ثم انظر إلى حال الن��اس في الحج حينم��ا يتقي��دون ب��اإلحرام عن��د الميق��ات، م��ا ال��ذي يقيدهم؟، حينما يبدءون بالطواف من الحجر األسود، ويطوفون سبعة أشواط بال زي��ادة وال نقصان، حينما يبدأ السعي من الصفا ويسعى سبعة أشواط مع ما يلحقه من العن��اء والتعب، حينما يذهب إلى عرفة في اليوم التاسع، حينما يذهب إلى مزدلفة بعد غ��روب الش��مس، م��ا ال��ذي يجع��ل الن��اس يرقب��ون الش��مس ح��تى يغيب قرص��ها، ثم تنطل��ق جح��افلهم مك��برة مهلل��ة ملبي��ة إلى مزدلف��ة؟ م��ا ال��ذي يجعلهم يرقب��ون اإلس��فار، ثم

ينصرفون ملبين إلى منى؟. ما الذي يجعلهم يرم��ون الجم��رات بس��بع حص��يات من غ��ير زي��ادة وال نقص؟ م��ا ال��ذي يجعلهم يسألون؟، إنه المراقبة لل��ه -ع��ز وج�ل-، ليس هن��اك أح��د يحص��ي عليهم ع�دد األحجار التي رموها، أو من أين ب��دءوا في ه��ذا الط�واف، أو في ه�ذا الس��عي، أو م�تى انصرفوا من عرفات، لماذا يقفون من مغيب الشمس؟ لو أن الواحد منهم خرج وذهب

إلى مزدلفة لن يجد من يسأله: لماذا خرجت في هذا الوقت؟. أقول: هم يراقبون الله -عز وج��ل- في ذل��ك كل��ه، ومن هن��ا أق��ول: إن الحج ي��ربي في نفس المؤمن المراقبة، فاستحضر هذا المعنى، راقب ربك في كل حال من أحوالك، ال تكن ممن إذا خال بمحارم الله -عز وجل- انتهكها، الذي يراقب الل��ه –ع��ز وج��ل- يخاف��ه بين الناس، ويخافه إذا خال، وه��و أح��د المع��اني في تفس��ير قول��ه –تب��ارك وتع��الى- عن

{ المؤم��نين: ن��ون ب���الغيب� أي، في ح��ال الغيب، وك��ذلك[،�� 3]البق��رة: }الذ�ين يؤم� يؤمنون بما غاب عن حس�هم فلم ي��روه ب��أعينهم، أو تدرك��ه حواس��هم، وفي ه��ذا تربي��ة

ن الحجللضمير، والله -عز وجل- يقول: }الحج أشهر معلومات فمن فرض ف�يه�} دال ف�ي الحج [. 197]البقرة: فال رفث وال فسوق وال ج�

18

Page 19: files.zadapps.info · Web viewللملك، وهو المتصرف بجميع هذا الخلق، وإذا استحضر العبد هذا المعنى فإنه لا يخاف أحدا

ن خي��ر يعلم��ه الله{ويربي نفوسهم لهذا المعنى، يقول: ]البق��رة: }وما تفعل��وا م� ، فالله -عز وجل- هو الرقيب عليهم، ولو أن النفوس تربت على هذه المراقبة لم[197

تمتد الجوارح إلى شيء من الحرام، ولم ينتهك العبد شيئا مم�ا ح��رم الل�ه –ع�ز وج�ل- عليه، ولساد الناس األمن والطمأنين��ة، ف��أمنوا على أعراض��هم، وأمن��وا على أم��والهم،

وعاشوا حياة هنية.عبودية الشكر في الحج:

هذا الحج ينمي في نفوسنا عبودية أخ��رى، وهي عبودي��ة الش��كر لل��ه -ع��ز وج��ل-، أنت حينما ينعم الله -عز وجل- عليك ببلوغ ه��ذه المناس��ك وبإكماله��ا، فه��ذه نعم��ة عظيم��ة تستوجب منك شكرا باللسان والقلب وبالجوارح، وحينما ترى ه�ؤالء الن��اس، وم��ا فيهم من الجهل تشكر ربك على نعم��ة العلم، وحينم��ا ت��رى م��ا فيهم من الض��عف والم��رض واإلعواز والفقر، تشكر ربك على ما أنعم عليك من الغنى والعافية، وحينما ت��رى ه��ؤالء

الناس في ضيق وزحام، تشكر ربك على ما أوالك من نعمة المساكن في وطنك. هناك أشياء يسيرة قد ال نعرف قدرها إال عند فقدها، حينما تلبس هذا اإلحرام تذكر م��ا أعطاك الله –عز وجل- من ألوان الزينة في اللباس، وهكذا نجد أن الحج ينمي عبودي��ة

الشكر، وهي عبودية قلبية بدنية من أجل العبادات. في أعمالنا هذه جميعEا تحقيق لشهادة أن محمدEا رسول الله –ص��لى الل��ه

عليه وسلم-..(1)))خذوا عني مناسككم((حينما يقول النبي –صلى الله عليه وسلم-:

نفعل هذه المناسك على وفق ما شرع الله -عز وجل-، فهذا تحقيق لشهادة أن محمدارسول الله –صلى الله عليه وسلم.

اء ربه�والل��ه -ع��ز وج��ل- ال يقب��ل من العم��ل إال م��ا ش��رع، }فمن ك��ان يرج��و ل�ق��ا وال يشر�ك ب�ع�بادة� ربه� أحدEا{ Eصال�ح Eوالعمل الصالح[110]الكهف: فليعمل عمال ،

هو ما كان موافقا لشرع الله -عز وجل. فالحج يمكن أنفي الحج براءة من الشرك ومن أهله، ومخالفة للمشركين:

نقول: إنه الفريضة الوحيدة التي تتجلى فيها البراءة من المشركين. وما أحوجنا في هذه األيام لتحقيق هذه العبودية، البراءة من الشرك، ومن أهله، وال��تي

هي من صميم ال إله إال الله. حينما تقول: ال إله إال الله، فهذا نبذ لجميع ألوان اإلشراك، وكفر بجميع الطواغيت، وهو نبذ لجميع أهل اإلشراك، وهو إقرار للحق وتثبيت للتوحيد، ومحبة وتقريب ألهل االيمان

والتوحيد الخالص. هذه حقيقة ال إله إال الله، فالوالء وال��براء ه��و من ال إل��ه إال الل��ه، فح��ري بن��ا أن نلقنه��ا األجيال، وأن نحافظ على هذا األصل الكبير من أصول التوحيد واإليم�ان، وأن نثبت��ه في

نفوسنا، وفي نفوس أبنائنا، وأن نربي المجتمع على تحقيق هذا المعنى.ر�كونفي الحج تبرز المفاصلة عن أهل اإلشراك: �نما المش�� }يا أيها الذ�ين آمنوا إ

وف فتم عيلةE فس�� م هذا وإ�ن خ� د الحرام بعد عام�ه� نجس فال يقربوا المسج�ن فضل�ه� إ�ن شاء إ�ن الله عل�يم حك�يم{ [.28]التوبة: يغن�يكم الله م�

كان المشركون يحجون مع المسلمين، فنفاهم الله -عز وجل- عن ال��بيت، ومنعهم من دخول المسجد الحرام بأكمله، وفي البخاري من حديث أبي هري��رة –رض��ي الل��ه عن��ه- لما بعثهم النبي –صلى الله عليه وسلم- في حجة أبي بكر، في السنة التاسعة، أم��رهم

(، رقم: )5/204)( أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الحج، باب اإليض��اع في وادي محس��ر )1 (، وهو عن��د مس��لم بلف��ظ:721(، رقم: )1/461(، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله )9524

��ا، ))لتأخذوا مناسككم(( صحيح مسلم، كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة ي��وم النح��ر راكب(.1297(، رقم: )2/943وبيان قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لتأخذوا مناسككم" )

19

Page 20: files.zadapps.info · Web viewللملك، وهو المتصرف بجميع هذا الخلق، وإذا استحضر العبد هذا المعنى فإنه لا يخاف أحدا

. (1)))أن ال يحج بعد العام مشرك، وال يطوف بالبيت عريان((أن ينادوا: في الحج مخالفة لهدي الكفار في أعمالهم:

وهذا أمر مطلوب، وقد قال الحافظ ابن القيم -رحم��ه الل��ه-: اس��تقرت الش��ريعة على. (2)قصد مخالفة المشركين السيما في المناسك

))كونوا على مشاعركم، ف��إنكم على إرثالنبي –صلى الله عليه وسلم- يقول: .(3)من إرث إبراهيم((

وقد غيرت قريش بأهوائها كثيرا من دين إبراهيم، ومن شعائر الحج، فخ��الفهم الن��بي – صلى الله عليه وسلم-، خالفهم أوال ب��التزود، وك��ان بعض أه��ل الجاهلي��ة إذا ج��اءوا إلى الحج لم يتزودوا، ويدعون التوكل في ذلك على الل��ه –ع��ز وج��ل-، ف��أمر الل��ه ب��التزود،

اد� التقوى{ . [197]البقرة: }وتزودوا فإ�ن خير الز وخالفهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن شرع ألصحابه التمتع في الحج، وك��ان أه��ل الجاهلية يرون أن المتع�ة في الحج هي أفج��ر الفج�ور، وك�انوا يقول�ون: إذا ب�رأ ال�دبر،

. ال يرون العمرة في أشهر الحج.(4)وعفا األثر، وانسلخ صفر، حلت العمرة لمن اعتمر "إذا برأ الدبر"، يعني ما على ظهر البعير من الرحل والمتاع الذي يحم��ل علي��ه، "وعف��ا األثر" يعني: انمحت آثار األقدام في سيرها إلى بيت الل��ه الح��رام، يقول��ون: فإن��ه بع��د

ذلك تصح العمرة، وهذا من مختلقاتهم في جاهليتهم. أنهم في التلبي��ة –صلى الله عليه وس��لم-ومن هذه المخالفات التي خالفهم فيها النبي

كانوا يقولون: "لبي��ك ال ش��ريك ل�ك، إال ش��ريكا تملك��ه، وم��ا مل��ك" فعلمن��ا الش�ارع أننقول: "لبيك ال شريك لك لبيك"، وال نشرك مع الله -عز وجل- في هذه التلبية.

كما أن الشارع خالفهم حينما كانت قريش ال تقف في عرفة، كانوا يقف��ون عن��د ح��دود ظنوا أنه يقف عند ح��دود الح��رم، حيث –صلى الله عليه وسلم-الحرم، فلما دفع النبي

زين الشيطان لقريش أن يقفوا عند حدوده، وق�ال لهم: إنكم إن خ�رجتم من��ه اس��تهانبكم العرب، ولم يعظموا حرمكم.

فكانوا ال يقفون بعرفة، فدفع النبي –صلى الله عليه وس��لم- وخ��رج من ح��دود الح��رم، ووقف في عرفة كما هو معروف عنه –صلى الل��ه علي��ه وس��لم-، وكم��ا أم��ر الل��ه -ع��ز

ن حيث أفاض الناس{ وجل- بقوله: ، خالفا لدعواهم:[199]البقرة: }ثم أف�يضوا م� نحن قطين الحرم، نحن قواطن البيت، ال نج��اوز الح��رم، يش��رعون من عن��د أنفس��هم،

فخالفهم النبي –صلى الله عليه وسلم. وك��ذلك ك��انوا يخرج��ون من عرف��ات بع��د الظه��يرة، إذا ص��ارت الش��مس على رءوس الجبال كالعمائم على رءوس الرجال، فخالفهم الن��بي –ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم- وبقي

في عرفة حتى غاب قرص الشمس. كما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خالف المشركين في وقت الخروج من مزدلف��ة،رق ثب��ير -وه��و جب��ل- كيم��ا فكان المشركون يرقبون طل��وع الش��مس، ويقول��ون: "أش��

.(5)نغير" فال يخرجون إلى المنحر -إلى منى- حتى ترتفع الشمس بعد طلوعها، فتكون كالعم��ائم

على رءوس الرجال، تكون على الجبال كالعمائم على رءوس الرجال. (.369(، رقم: )1/83)( أخرجه البخاري، كتاب الصالة، باب ما يستر من العورة )1(.2/198)( زاد المعاد في هدي خير العباد )2 )( أخرجه الترمذي، أبواب الحج عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ب��اب م��ا ج��اء في الوق��وف3

(، وابن ماج�ه، كت�اب المناس�ك، ب��اب الموق��ف بعرف��ة )883(، رقم: )3/221بعرف��ات وال�دعاء به��ا )(.3011(، رقم: )2/1001

(.2/196)( زاد المعاد في هدي خير العباد )4(.2/198)( المصدر السابق )5

20

Page 21: files.zadapps.info · Web viewللملك، وهو المتصرف بجميع هذا الخلق، وإذا استحضر العبد هذا المعنى فإنه لا يخاف أحدا

فخ��رج الن��بي –ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم- من مزدلف��ة بع��دما أس��فر ج��دا، قب��ل طل��وعالشمس.

كما أن الشارع علمنا مخالفة المشركين بذكر الله -عز وجل- حيث كان المشركون إذا أفاضوا إلى منى كانوا يتفاخرون عند الجمار، يتف��اخرون بم��آثرهم، ويفتخ��رون بآب��ائهم،

}فاذكروا الله ك��ذ�كر�كمفعلمنا الل��ه -ع��ز وج��ل- أن ن��ذكره، وأن نك��ثر من ذك��ره، ا{ E[200]البقرة: آباءكم أو أشد ذ�كر.

كما أبطل النبي –صلى الله عليه وسلم- عوائد الجاهلية ورسومها، كما في خطبت��ه في. (1)))كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع((حجة الوداع:

وهذا كما يقول الشيخ تقي الدين ابن تيمية -رحمه الله-: "يدخل فيه ما كانوا علي��ه من العادات والعبادات، مثل دعواهم: ي��ا لفالن وي��ا لفالن، ومث��ل أعي��ادهم، وغ��ير ذل��ك من

.(2)أمورهم" فالنخوة باألعراق واألجناس، والتفاخر باألحساب واألنساب والقبائ�ل، ه�ذا ال مح�ل ل�ه،

ند الله� أتقاكم { ، وقد وضع النبي –صلى الل��ه علي��ه[13]الحجرات: }إ�ن أكرمكم ع� وسلم- تحت قدمه عادات أهل الجاهلية، وجميع ما كانوا يختصون به من ألوان العادات

في المالبس وغيرها. فحري بنا أن نتخلى عن جميع عادات أهل الجاهلية من المعاصرين من أعداء الله -ع��ز

وجل-، ونرضى بصبغة الله –عز وجل- التي صبغنا بها.في الحج قصد إغاظة المشركين:

فإننا حينما نبرز أعضادنا في الطواف، ونرمل في األشواط الثالثة منه إنم��ا نفع��ل ذل��كإلغاظة أعداء الله كما فعل النبي –صلى الله عليه وسلم.

وفيه تحقيق للوالء بين المؤمنين: يجتمعون في مكان واحد، يلبسون ثيابا واح��دة، يتحرك��ون حرك��ة متح��دة، يتنقل��ون من مكان إلى مكان في وقت آخر في نسك واحد، ال تج��د فرق��ا بين الكب��ير والص��غير، بين األمير والوضيع، بين الغني والفقير، كلهم يلبسون لبسا واحد، ويتنقل��ون انتق��اال واح��دا،ا فيم��ا يحت��اجون يحنو القوي على الضعيف والغني على الفق��ير ويس��عف بعض��هم بعض�� إليه، ويتسابق أهل الفضل والبذل، ويتنافسون في العطاء، وفي الجود في تلك األيام.

مراغمة الشيطان في الحج: ا من تحقي��ق التوحي��د والعبودي��ة لل��ه -ع��ز وج��ل- في الحج مراغم��ة ومم��ا يحص��ل أيض��

))م�ا رئي الش��يطان يوم�Eا ه�والشيطان، كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: فيه أصغر وال أدحر وال أحقر وال أغي��ظ من��ه في ي�وم عرف��ة، وم��ا ذاك إال ل�ما رأى من تنزل الرحمة، وتج��اوز الل��ه عن ال��ذنوب العظ��ام، إال م��ا أري

.(3)يوم بدر(( ف��أقول: ه��ذا إرغ��ام للش��يطان، نحن حينم��ا نل��بي دع��وة الل��ه –ع��ز وج��ل- ه��ذا إرغ��ام للشيطان، حينما نسجد لله -عز وج��ل- الش��يطان يول��ول، ويح��زن حيث دعي للس��جود فلم يسجد، فلعنه الله –عز وجل-، ودعي ابن آدم للسجود فسجد امتثاال، حينم��ا ن��رمي

الجمار، فنحن نرغم الشيطان بهذا العمل. وختاما: الحج من أوله إلى آخره كله توحيد، ولعله تجلى لكم هذا المعنى من خالل هذا

العرض. وأسأل الله -عز وجل- أن ينفعني وإياكم بما سمعنا، وأن يجعلنا وإي��اكم ه��داة مهت��دين،

(.1218(، رقم: )2/886)( أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي -صلى الله عليه وسلم- )1(.1/342)( اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم )2 (،5/498(، وال��بيهقي في ش��عب اإليم��ان )245(، رقم: )1/422)( أخرجه اإلمام مالك في الموطأ )3

(، عن طلحة بن عبد الله بن كريز مرسال.3775رقم: )21

Page 22: files.zadapps.info · Web viewللملك، وهو المتصرف بجميع هذا الخلق، وإذا استحضر العبد هذا المعنى فإنه لا يخاف أحدا

وأس��أل الل��ه -ع��ز وج��ل- أن يتقب��ل من��ا ومنهم ومنكم جميع��ا، وأن يعينن��ا وإي��اكم علىطاعته.

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

22