fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف...

Upload: others

Post on 07-Jan-2020

10 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو
Page 2: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو
Page 3: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو
Page 4: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

3

توطئة

يحف���ل العال���م العربي بالعديد م���ن الصراعات العرقية التي تمث���ل تهديدًا بالغًا لالستقرار السياس���ي والسالم الداخلي لدوله، كما تهيئ الش���تعال األزمات والنزاعات على المس���توى اإلقليمي مع دول الجوار. وإلى جانب مش���كالت األقليات القائمة داخل العديد من الدول العربية حال العراق والسودان ولبنان، هناك مشكالت األقليات العربية في دول الجوار مثل مش���كلة صوماليي أوجادين في إثيوبيا، ومش���كلة عرب األحواز في إيران، و مش���كلة عرب اإلس���كندرونة في تركيا. وهي مش���كالت كلها من شأنها تعكير صفو أجواء الس���الم وتهديد االستقرار السياس���ي بالمنطقة العربية نظرًا لما تؤدي إليه غاليًا من صراعات مس���لحة دامية. على أية حال فإنه لغرض إقامة هذه المحاضرة وفي ظل قيود الوقت والغرض منها ال يس���عنا إال أن نعرض في هذا السياق لبعض من أبرز الصراعات العرقية، وقد آثرنا أن نعرض للصراعات األكثر تعقيدًا وهي تلك المتعلقة بكل من المشكلة الكردية ومشكالت السودان العرقية، بما يقتضيه ذلك من التعرض بداية

لبعض المفاهيم النظرية ذات الصلة

خطة المحاضرة: تتأسس المحاضرة على أربعة محاور على النحو التالي:

المحور األول: المصطلحات ذات الصلة:

الجماعة العرقية

األقلية

الحركة العرقية

المحور الثاني: ظاهرة الحركات العرقية في العالم المعاصر

المحور الثالث: نماذج للصراعات العرقية بالعالم العربي وتأثيرها على السالم:

المشكلة الكردية

الصراعات العرقية في السودان )مشكلة الجنوب – مشكلة دارفور(

المحور الرابع: الصراعات العرقية في العالم العربي: الحلول

Page 5: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

4

المحور األول: المصطلحات ذات الصلة

الجماعة العرقية:هي تجمع بش���ري يرتبط أفراده فيما بينهم من خالل روابط فيزيقية أو بيولوجية )كوحدة األصل أو الس���اللة أو السمات الجسمانية(، أو ثقافية )حال وحدة اللغة أو الدين أو الثقافة(، ويعيش هذا التجمع في ظل مجتمع سياس���ي أرحب مش���كاًل إلطار ثقافي حض���اري مغاير لإلطار الثقاف���ي الحضاري لباق���ي المجتمع، ويكون أف���راد هذا التجمع مدركي���ن لتمايز مقومات هويته���م وذاتيتهم، عاملين دومًا من أج���ل الحفاظ على هذه

المقومات في مواجهة عوامل الضعف والتحلل.

عوامل بقاء الجماعات العرقية

العضوية اإلجبارية لكل من يولد ألبوين يحمالن عضوية الجماعة.. 1

الت���زاوج الداخلي: ح���رص أبناء الجماع���ة من الذكور على ال���زواج من إناث . 2يحملن عضوية الجماعة.

الوع���ي العرقي )إدراك األفراد عوامل التمايز– الحفاظ على مقومات الهوية – . 3التنشئة االجتماعية(.

تصنيف الجماعات العرقية

حسب مقومات الهوية:

جماعات ساللية )مثل األكراد والتركمان في العراق(.

جماعات لغوية )مثل الفرنسيين في كندا(.

جماعات دينية )حال المسلمين في الهند(.

حسب األوضاع السياسية واالقتصادية واالجتماعية للجماعة:

جماعات مسيطرة )السنهال في سريالنكا مثاًل(.

جماعات غير مسيطرة )التاميل في سريالنكا(.

وهو تصنيف يكاد يتطابق مع تصنيفها إلى: جماعات أغلبية - جماعات أقلية.

Page 6: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

5

األقلية

هي الجماع���ة أو الجماعات العرقية ذات الكم األقل في مجتمعها والتي تتمايز عن غيرها من الس���كان من حيث الساللة أو السمات الفيزيقية أو اللغة أو الدين أو الثقافة، ويك���ون أفرادها مدركين لمقومات ذاتيتهم وتمايزهم؛ س���اعين دومًا إلى الحفاظ عليها، وغالب���ًا ما تكون هذه الجماعات في وضع غير مس���يطر، كما يعاني كثير منها –بدرجات متفاوتة – من االضطهاد أو االس���تبعاد أو التمييز في شتى قطاعات المجتمع السياسية

واالجتماعية واالقتصادية والثقافية.

قد ينطوي المجتمع على أقلية واحدة )حال سريالنكا بأغلبية سنهال وأقلية تاميل( وق���د يضم أكثر من أقلية )مث���ل الصين أغلبية هان وأقليات تبت ومنغول وش���ان وتاي وإيجور وغيرها. والهند أغلبية هندوس وأقليات مس���لمون وسيخ ومسيحيون وبوذيون

وغيرها(.

األصل في األقليات أنها جماعات غير مسيطرة )هناك استثناءات حال أقلية التوتسي في روندا(.

يعاني كثير من األقليات من االضطهاد واالستبعاد والتمييز من قبل جماعات األغلبية )مثل أقلية الروهينجيا الس���لمة في ميانمار( ومع ذلك هناك أقليات تتمتع بالمساواة في

مجتمعاتها )مثل األقلية الفرنسية المتمركزة في إقليم كيبيك الكندي(.

الحركة العرقية

هي حركة سياس���ية اجتماعية منظمة تنشأ في إطار جماعة عرقية غير مسيطرة )غالب���ًا أقلي���ة(، ويكون لهذه الحركة برنامج عمل ينطوي عل���ى ما تصبو إليه من أهداف وما تتوس���ل به من وس���ائل بغية بل���وغ هذه األهداف؛ التي قد تتمث���ل في إعمال مبدأ المس���اواة بصدد عالقة الجماعة بالجماعات األخرى الس���يما المس���يطرة منها، كما قد تس���تهدف الحركة ف���ي بعض األحيان تحقيق نوع من الحك���م الذاتي لجماعتها على اإلقليم الذي تقطنه، ذلك فضاًل عن أن ثمة حركات قد تتغيا االرتقاء بجماعتها إلى تبوؤ موقع الس���يطرة في مجتمعها، غير أن أغلب الح���ركات ترمي إلى انفصال الجماعة عن المجتمع السياسي الذي توجد به وإقامة دولة مستقلة تجسد هويتها، أو االنضمام غلى

Page 7: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

6

دولة مجاورة تش���اركها ذات المقومات العرقية، وفي سبيل تحقيق أهدافها تلجأ الحركة غلى وسائل عديدة بعضها ذو طابع سلمي وبعضها يرتكز إلى العنف.

أنواع الحركات العرقية حسب أهدافها

ح��ركات انفصالية: وهي الحركات التي ترمي إلى انفصال الجماعة عن المجتمع السياس���ي الذي توجد به وإقامة دولة مس���تقلة تجس���د هويتها )حال حركة الباس���ك في إس���بانيا والحركة الكردي���ة في تركيا(، أو االنضمام إلى دولة مجاورة تش���اركها ذات المقومات العرقية )مثل حركة مس���لمي جامو وكش���مير الراغبة في انفصال اإلقليم عن

الهند واالنضمام به إلى باكستان(.

ح��ركات ارتقائي��ة: وهي تس���تهدف أهدافًا تتعل���ق باالرتقاء بالوضع السياس���ي لجماعته���ا، و تت���راوح هذه األهداف بين: إعمال مبدأ المس���اواة بص���دد عالقة الجماعة بالجماعات األخرى الس���يما المسيطرة منها)حال حركة مس���لمي أراكان أو الروهينجيا

في ميانمار(.

تطبي���ق الفيدرالية أو تحقيق نوع من الحك���م الذاتي لجماعتها على اإلقليم الذي تقطن���ه )مثل بع���ض الحركات ف���ي كردفان الس���ودانية(، تبوؤ جماعته���ا العرقية موقع الس���يطرة في مجتمعها )حركات اس���تعالئية( )حال كل من المارون والس���نة والشيعة

والدروز في لبنان – الهوتو في رواندا(.

وسائل الحركات العرقية

وسائل سلمية: إنشاء األحزاب السياسية – عرض القضية في المحافل الدولية.

وس��ائل عنفية: الحرب النظامية – حرب العصابات )ح���رب الكر والفر( – عمليات االختطاف واالغتيال والتصفية الجسدية للساسة المناوئين – تفجير المنشآت السيما الحيوي���ة منها داخ���ل البالد – اختطاف الطائرات – االعتداء على المقار الدبلوماس���ية

والقنصلية وممتلكات الدولة في الخارج.

Page 8: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

7

المحور الثاني: ظاهرة الحركات العرقية في العالم المعاصر

تمث���ل ظاه���رة الحركات العرقية المرتبطة بمش���كالت األقلي���ات واحدة من أبرز الظواه���ر التي يحفل بها العالم المعاصر. وتش���ير مالحظة الواق���ع الدولي إلى أن ثمة سمات خمس تكاد تشترك فيها كافة الحركات العرقية المعاصرة، أما السمة األولى فهي ارتباط وجود هذه الحركات بالمجتمعات متنوعة العرقيات سواء أكانت هذه المجتمعات تق���ع ضمن العالم الثالث حال كل من العراق، والس���ودان، وس���ريالنكا، والهند، وإثيوبيا،

وغيرها، أو كانت تنتمي إلى العالم المتقدم مثل بريطانيا وإسبانيا وكندا.

والمجتم���ع متعدد العرقيات هو كل مجتم���ع ينطوي على أكثر من جماعة عرقية ال ترغب في العيش المش���ترك تحت راية دول���ة واحدة. وفي األغلب األعم من مثل هذه المجتمعات يس���ود عدم المس���اواة بين الجماعات العرقية المشكلة للمجتمع، إذ بينما توجد جماعات عرقية في وضع مس���يطر تعتلي س���دة الحكم ويتبوأ أفرادها قمة الهرم االجتماعي واالقتصادي فإن ثمة جماعات أخرى تكون في وضع غير مسيطر بمنأى عن الس���لطة ويقبع أفرادها في مواقع اجتماعية متدنية، كما يش���كلون الفئة األقل ثراء في مجتمعهم، ذلك فضال عن أن كثيرًا من الجماعات غير المسيطرة )غالبًا األقليات( يعاني م���ن االضطهاد أو التمييز أو االس���تبعاد من جانب الجماعات المس���يطرة في مجتمعه، ومن هنا تتولد مش���اعر الس���خط واالس���تياء لدى أفراد الجماعات غير المسيطرة من جراء أوضاعهم المتدنية من جهة، ومن جهة أخرى كنتيجة لوجودهم في مجتمع يضم جماع���ات عرقية مغاي���رة ال تربطهم بها أية رابطة موضوعية) كوح���دة اللغة أو األصل أو

الدين(، أو روحية )حال الرغبة في الحياة المشتركة(.

وفي ظل هكذا أوضاع تظهر داخل هذه الجماعات غير المس���يطرة حركات سياسية اجتماعية منظمة ترمي إلى: إما تخليص الجماعة من نير الالمس���اواة واالضطهاد، وإما االنفص���ال بها عن مجتم���ع ال يعبر عن هويتها العرقية، وتلكم ه���ي مايعرف بالحركات

العرقية على نحو ما أشرنا سلفًا.

ثم تأتي السمة الثانية من سمات ظاهرة الحركات العرقية في العالم المعاصر وهي أن الح���ركات العرقية في الغالب هي حركات انفصالية، بمعنى أن كاًل منها تس���تهدف

Page 9: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

8

انفصال بني جلدتها بإقليمهم عن الدولة التي يخضعون لها بغية إنش���اء دولة مستقلة تجمع شتاتهم وتعبر عن هويتهم، أو االنضمام بذلك اإلقليم إلى دولة مجاورة تشاركهم ذات الهوية العرقية، ولعل من أظهر أمثلة الحركات العرقية االنفصالية في العالم المعاصر كال من حركة نمور التاميل في س���ريالنكا، وحركة مس���لمي جامو وكشمير في الهند، وحركة صوماليي أوجادين في إثيوبيا وحركة الباس���ك)منظمة إيتا( في إس���بانيا، وحركة الشين فين في أيرلندا الشمالية بالمملكة المتحدة، وحركات جنوب السودان، والحركات

الكردية داخل كل من العراق وتركيا وإيران وغيرها الكثير.

وأما السمة الثالثة من سمات ظاهرة الحركات العرقية فتتمثل في غلبة طابع العنف على وس���ائل الحركات العرقية، ففي س���بيل بلوغ غاياتها ال تدخر هذه الحركات أيا من وس���ائل العنف س���واء تمثلت هذه الوس���ائل في الحرب النظامية أو حرب العصابات أو التطهي���ر العرقي أو عمليات التخري���ب واالغتيال أو االختطاف أو المظاهرات ذات الطابع العنفي وغيرها. ولعل من أظهر أمثلة ذلك ما أسفرت عنه الصراعات العرقية في السودان من مصرع ما يقرب من ثالثة ماليين نس���مة خ���الل الفترة )1983م – 2005م(، وكذلك ما أس���فر عنه الصراع العرقي بين جماعتي الهوتو والتوتس���ي في رواندا من سقوط قرابة الملي���ون قتيل خالل ع���ام 1994م وحده وهو الحدث الذي ع���رف بمذبحة القرن. وعلى الصعيد العربي يش���ار إلى أن الصراع العرقي الطائفي في لبنان ألقى بالبالد في اتون حرب أهلية استمرت قرابة الخمسة عسر عامًا )1975م – 1990م( أسفرت عن مصرع زهاء مائة ألف ش���خص من أبناء تلك الدولة العربية الصغيرة البالغ عدد س���كانها وقت ذاك

3ماليين نسمة.

وتتعين اإلش���ارة إلى أن أس���هم ترتفع خيار العنف في الصراع���ات العرقية نظرًا لتعاظم أهمية أهداف طرفي الصراع، حيث تكون المس���ألة بالنسبة إلى الدولة مسألة أمن قومي ال يجوز معها التنازل عن جزء من كيانها، وفي المقابل تكون القضية بالنسبة

إلى الحركة العرقية مسألة هوية وأيضًا ال يجوز التنازل بصددها أو المساومة عليها.

في حين تتمثل السمة الرابعة من سمات ظاهرة الحركات العرقية في كونها تمثل تهديدًا بالغًا لالستقرار السياسي في المجتمعات التي توجد بها، ويتأسس ذلك بطبيعة الحال على كونها، كما أش���رنا س���لفًا، حركات انفصالية األهداف عنفية الوس���ائل بصفة أساس���ية. ولعل ما يؤكد ذلك ما أحدثته هذه الحركات من آثار ش���ديدة الس���لبية داخل

Page 10: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

9

مجتمعاتها، فبفعلها تمزقت أوصال االتحاد الس���وفييتي ويوغوسالفيا وتشيكوسلوفاكيا، وفق���د كل من إندونيس���يا والس���ودان وإثيوبيا والباكس���تان أجزاء ال يس���تهان بها من أراضيه، وعانت كل من لبنان والهند وروسيا االتحادية والصين وبوروندي ورواندا وتركيا وس���ريالنكا وإس���بانيا والمملكة المتحدة وغيرها الكثير من ج���راء اضطرابات متالحقة

وصلت في بعض األحوال إلى حد الحرب األهلية)لبنان 1975م – 1990م مثال(.

وأما السمة الخامسة من سمات ظاهرة الحركات العرقية فتتمثل في أنه برغم كون هذه الحركات حركات داخلية في األساس إال أنها كثيرًا ما تستتبع آثارًا دولية، كما كثيرا ما تغذيها ونكرسها وتجذرها أطراف خارجية ترتبط بمصالح ما مع األقليات المتمردة؛ إذ كثيراً ما تؤدي مش���كالت األقليات إلى صراعات دولية حال الصراع الهندي الباكس���تاني حول جامو وكشمير، والصراع التركي اليوناني حول قبرص، وعداء الصين للهند من جراء مساندة الهند لحركة التبت االنفصالية بزعامة الداالي الما، والصراع اإلثيوبي الصومالي حول أوجادين، والصراع والتوافق أحيانًا التركي العراقي اإليراني بصدد مشكالت األكراد، وهن���اك بصدد التغذي���ة الخارجية للصراعات العرقية المس���اعي األمريكية والبريطانية واإلس���رائيلية واإلثيوبية واألوغندي���ة لدعم الحركات االنفصالية في جنوب الس���ودان، والمس���اعي المش���ابهة في دارفور، والتدخالت الخارجية المتعددة في لبنان، واليفوتنا في هذا الصدد أن نش���ير إلى أن انغماس إثيوبيا في األزمة الصومالية خالل الس���نوات القليلة المنصرم���ة كان مرده إلى صراع الدولتين التاريخي حول إقليم أوجادين الخاضع للس���يطرة اإلثيوبية برغم أن غالبية س���كانه صوماليو األصل، إنه الصراع الذي كان قد أدى إلى حرب األوجادين الش���هيرة بين الدولتين المتجاورتين خالل عقد السبعينيات والت���ي تدخلت فيها أطراف عديدة حال االتحاد الس���وفييتي وكوبا وهما الدولتان اللتان مدتا يد العون لنظام مانجستو هيال ماريام الشيوعي في إثيوبيا وقتذاك. وإلى جانب ما تقدم فقد أضحت الصراعات العرقية )أو مشكالت األقليات( في ظل عالم ما بعد الحرب الباردة محاًل الهتمام المنظمات الدولية، والرأي العام العالمي بعد أن ظلت لحقب طويلة ينظر إليها باعتبارها ش���ئونًا داخلية ال يتعين لآلخرين أن يتدخلوا فيها، وعلى نحو أدى بالبعض إلى القول بأن الصراعات العرقية قد أذابت الفارق بين ما هو شأن دولي يمكن للجماعة الدولية أن تتدخل فيه وما هو ش���أن داخلي ظل ردحًا طوياًل يمثل خطًا أحمر

أمام التدخل الدولي.

Page 11: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

10

المحور الثالث:نماذج للصراعات العرقية بالعالم العربي وتأثيرها على االستقرار السياسي

المشكلة الكردية

تعريف بالمشكلة

يمثل األكراد إحدى الس���الالت التي عاش���ت بمنطقة آس���يا الصغرى منذ عشرات العقود، وإن كان ليس ثمة اتفاق بين الباحثين حول كنه هذه الس���اللة؛ فالبعض يقول بأصوله���ا اآلرية، والبعض اآلخر يصنفها ضمن األجناس الهندو أوربية، ويرى فريق ثالث بأن األكراد هم أحفاد الميديين الذين جاءوا إلى المنطقة في القرن السابع قبل الميالد، وهناك رأي رابع بأنهم أحفاد قبائل كردوخ التي وفدت إلى المنطقة قبل بضعة قرون من ميالد السيد المسيح، وثمة رأي خامس أنهم ينحدرون من قبيلة كوتي، وسادس أنهم هم ش���عب اإلكريتي القديم، وس���ابع وليس أخير بأنهم هم شعب كوت، وكلها شعوب

وفدت إلى المنطقة قبل ميالد المسيح ببضعة قرون.

وعل���ى منوال الخالف حول األصل الس���اللي لألكراد يثور الخالف حول مس���احة إقليم كردس���تان )أرض األكراد(، ويمكن القول أنها تبل���غ حوالي 500 ألف كيلو متر مربع. مقسمة حاليًا بين عدة دول هي تركيا وإيران والعراق )وهي تضم المساحات األكبر من كردس���تان(، ثم سوريا وأرمينيا. و وقد جاء هذا التقسيم للجسد الكدري نتيجة حدثين تاريخيين هامين هما: معركة تش���الديران عام 1514 بين تركيا العثمانية وإيران الصفوية والتي كنتيجة لها تم تقسيم كردس���تان بين الدولتين الكبيرتين، وهو التقسيم الذي تم إقراره رسميًا بمقتضى اتفاقية وقعتها الدولتان في عام 1639. وأما الحدث الثاني فقد تمث���ل في اتفاقيات س���ايكس بيكو عام 1916 والتي بمقتضاها ت���م االتفاق بين كل من إنجلترا وفرنسا )ثم اإلمبراطورية الروسية فيما بعد ( على تقسيم كردستان ضمن اتفاق شامل على اقتسام أقاليم الدولة العثمانية من قبل الدول الثالث الكبرى المتحالفة في

الحرب العالمية األولى.

وكذلك ليس ثمة اتفاق حول عدد األكراد وإن كانت التقديرات تش���ير بأنه يتراوح بين 25 و 30 مليون نس���مة موزعين على ذات ال���دول: تركيا وإيران والعراق )وبها الكم األكبر من األكراد(، ثم س���وريا و أرمينيا. واألكراد في غالبيتهم الساحقة من المسلمين

Page 12: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

11

الس���نة، ولكنهم كما قلنا يختلفون س���الليًا عن كافة الش���عوب التي تتقاسم أراضيهم، كم���ا أنهم يتحدثون لغة أصيل���ة وأصلية خاصة بهم هي اللغة الكردية التي تنتمي إلى مجموعة اللغات الهندو أوربية مثل الفارس���ية والبلوشية والطاجيكية وغيرها. ويتحدث

األكراد لغتهم بلهجات عدة أهمها: الكورمانجي والصوراني.

أظهر الحركات العرقية الكردية على الساحة حاليًا

يتمثل اظهر هذه الحركات في حزب العمال الكردستاني في كردستان تركيا والذي أسسه ويترأسه حاليًا الزعيم الكردي السجين عبد اهلل أوجالن.

والحزب الديمقراطي الكردس���تاني )بزعامة مصطف���ى البارزاني ( واالتحاد الوطني الكردستاني )بزعامة جالل طالباني وهو الرئيس العراقي الحالي( في كردستان العراق.

الهدف الرئيسي للحركات العرقية الكردية

يمك���ن القول ب���أن الهدف النهائي لكاف���ة الحركات العرقي���ة الكردية يتمثل في االنفص���ال باألكراد عن الدول التي تضمهم وإقامة دولة كردس���تان التي تجس���د الهوية

الكردية.

المشكلة الكردية وتهديد السالم في المنطقة العربية ال يمك���ن أن نعالج المش���كلة الكردية في العراق بمع���زل عن دول الجوار العربية )ممثلة في س���وريا( وغير العربية )ممثلة في تركيا وإيران(. فالمشكلة كان لها دومًا أثرها عل���ى العالقات الدولية بين هذه الدول قاطبة كما كانت تمثل تهديدًا للس���الم في تلك المنطقة برمتها، س���واء عل���ى الصعيد الداخلي للدول المعنية به���ا، أو حتى على صعيد العالقات فيما بين هذه الدول. لذلك يتعين حين نتعرض بالتحليل للمش���كلة الكردية

أن نعالجها بصورة كلية.

عل��ى الصعي��د الداخلي في تركيا: ق���ام األكراد بما يربو على 15 ث���ورة وانتفاضة مسلحة خالل الفترة )1788 - 1939( كانت آخرها ثورة درسيم )1936 - 1938( بزعامة سيد رضا الذي كان قد نجح في تجنيد حوالي ثالثين الف مس���لح كردي تحت قيادته راحوا يصبون جام غضبهم على القوات والمنشآت التركية، غير أن هذه الثورة تلقت ضربتين

Page 13: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

12

قاصمتين في عام 1937 تمثلتا في القبض على سيد رضا وإعدامه من قبل القوات التركية، وتوقيع اتفاقية س���عد آباد بين كل من تركيا والعراق وإيران، والتي اس���تهدفت التصدي المش���ترك للخطر الكردي. ومن ثم تم إخماد ثورة درسيم تمامًا في عام 1938 وتعرض األكراد بعدها إلجراءات انتقامية عنيفة، حيث قتل وش���رد اآلالف منهم ودمر العديد من قراهم، ومحيت كلمات كرد وكردس���تان من القواميس الكردية، وظلت الحكومة التركية على نهجها في اإلش���ارة إليهم بأتراك الجبال. يش���ار إلى أن البعض يقدر عدد القتلى في ثورات األكراد خالل العش���رينيات والثالثينيات بمئات اآلالف. يش���ار كذلك إلى أن معاهدة س���يفر 1921 كانت قد أعطت األكراد ح���ق تقرير المصير على أراضيهم، لكن هذا األم���ر لم ينفذ ككل االتفاقية الت���ي مزقها أتاتورك وأبدلها بمعاهدة لوزان 1923 والتي لم تش���ر إلى القضية الكردية ال من قريب وال من بعيد، األمر الذي أصاب األكراد باإلحباط ومن ثم التمرد المسلح في مواجهة حكم أتاتورك الذي لم يأل جهدًا في سحق األكراد ونفيه���م من موطنهم وتوطين مئات اآلالف منهم في األناضول. )يش���ار إلى أن رئيس ال���وزراء التركي الحالي رجب طيب أردوغان اعتذر في نوفمبر 2011 عن مذبحة درس���يم

واصفًا إياها بأنها واحدة من أكثر األحداث مأساوية في تاريخ تركيا(.

حزب العمال الكردستاني

يمث���ل حركة انفصالية ظهرت إلى حيز الوجود في نهاية الس���بعينيات من القرن الماضي على يد عبد اهلل أوجالن، الذي نجح بمس���اعدة س���وريا في إنش���اء ميلشيات مس���لحة نفذت مئات العملي���ات العنيفة في مواجهة المنش���آت العس���كرية والمدنية الحكومي���ة في تركيا خ���الل عقدي الثمانينيات والتس���عينيات، وفيما يلي بيان ببعض

هذه العمليات واألعوام التي نفذت خاللها:

Page 14: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

13

السنة عدد العمليات المسلحة التي تم تنفيذها1990 8011991 1651992 35831993 21611994 1881

يشار إلى قيام الحزب بمهاجمة المنشآت التركية في الخارج وعلى سبيل المثال طالت هجماته المسلحة عام 1993 السفارات والقنصليات والمصارف التركية في أكثر

من ثالثين مدينة داخل كل من ألمانيا وفرنسا وسويسرا والدانمارك والسويد.

تلقى الحزب ضربة قاصمة باعتقال وس���جن زعيم���ه عبد اهلل أوجالن على إثر عملية استخباراتية تركية غربية في عام 1999.

أعلن أوجالن مؤخرًا )أبريل 2013( من محبس���ه عن مبادرة لوقف العنف على إثر مفاوضات طويلة مع الحكومة التركية لم يعرف حتى اآلن محتوى االتفاق الذي

أنجزته.

على الصعيد الداخلي في العراق:

ق���ام األكراد بالعديد من الثورات واالنتفاضات المس���لحة ف���ي مواجهة الحكومات العراقية المتعاقبة، وفيما يلي عرض موجز ألبرز هذه االنتفاضات:

انتفاضة المال مصطفى البارزاني الثانية )1961 - 1975(

وص���ل عدد البش���مركة المقاتلين تحت راية البارزاني خالل بعض س���نوات هذه انتفاضة إلى نحو 75 ألف مقاتل. وكان من أش���د أحداث هذه االنتفاضة عنفًا و دموية ما ح���دث عام 1963 حين قامت الق���وات الجوية العراقية بقصف المناطق الكردية على نحو أدى إل���ى تدمير 167 قري���ة كردية ومصرع ما يقرب من 800 ك���ردي. كذلك يقدر البعض خسائر الطرفين خالل الفترة )مارس 1974 - مارس 1975( بنحو 60 ألف قتيل وجريح من

العسكريين الحكوميين واألكراد.

Page 15: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

14

يش���ار كذلك إلى أن إيران دعمت هذه االنتفاضة بقوة مستخدمة الورقة الكردية للضغط على الحكومة العراقية لتقديم تنازالت في منطقة ش���ط العرب المتنازع عليها بين الطرفين. وقد اضطر مصطفى البارزاني إلى وقف القتال بعد تخلي إيران عن دعمه على إثر توقيعها اتفاقية الجزائر التي بمقتضاها تمت تصفية مش���كلة ش���ط العرب مع

الحكومة العراقية.

وعلى إثر هذه االنتكاسة فر نحو 35 ألفًا من البشمركة و150 ألفًا من الشيوخ والنساء واألطفال األكراد إلى إيران هريًا من بطش الحكومة العراقية التي قامت خالل السنوات الالحقة بتهجير عش���رات اآلالف من األكراد من كردستان، وإخالء ما يربو عل 1200 قرية

كردية من سكانها في محافظات أربيل والسليمانية والموصل وديالي.

االنتفاضة الكردية في الثمانينيات )في سياق الحرب العراقية اإليرانية(

وه���ي االنتفاض���ة المدعومة من الجيش اإليراني ال���ذي كان يخوض غمار الحرب وقتذاك في مواجهة الجيش العراقي، وقد نجح البش���مركة بمساعدة الجيش اإليراني عام 1988 في الس���يطرة على حوالي 1400 كيلو متر مربع من األراضي الكردستانية، األمر الذي قابه الجيش العراقي بكل عنف وقسوة مستخدمًا أشد األسلحة فتكًا بما في ذلك األس���لحة الكيماوية التي اس���تخدمها في إحراق مدينة حلبجة الكردية، وهي المحرقة الشهيرة التي أسفرت عن مصرع زهاء 5000 كردي، وفرار عشرات اآلالف إلى إيران وتركيا

كالجئين.

االنتفاضة الكردية عام 1991 )بمواكبة الهجوم األمريكي الغربي على العراق(

حيث نجح األكراد في الس���يطرة على العديد من مناطق كردس���تان الجنوبية بما ف���ي ذلك كركوك الغنية بالنفط و التي يرفض العراقيون اعتبارها مدينة كردية، غير أن جحافل جيش صدام سرعان ما اجتاحت كردستان وسيطرت على كركوك والسليمانية قبل أن يصدر مجلس األمن قراره في 5 أبريل 1991 بوقف إطالق النار، فاضطر صدام إلى اإلذعان واتخذ بعده قراراً بعزل كردس���تان إداريًا وف���رض الحصار االقتصادي عليها، وهو

الوضع الذي ظل قائمًا حتى الغزو األمريكي للعراق في عام 2003.

Page 16: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

15

كانت هذه الفترة قد ش���هدت خالفات عنيفة وصلت أحيانًا إلى حد االقتتال المسلح بي���ن الحزبين الكرديين الكبيرين )الحزب الديمقراطي الكردس���تاني واالتحاد الوطني

الكردستاني(.

الدعم الكردي للواليات المتحدة في غزو العراق 2003

كان���ت الوالي���ات المتحدة قد نجحت مع بداية األلفية ف���ي تحقيق المصالحة بين طرفي الصراع في كردستان، وبالتالي توحيد الصف الكردي على نحو هيأ لألكراد تقديم خدم���ات عظيمة األثر للجيش األمريكي الذي غزا الع���راق في ربيع عام 2003، وهو الغزو ال���ذي انته���ى باحتالل العراق، ومن ثم إجراء انتخابات ش���املة عام 2005 حصل في ظلها األك���راد على ربع مقاعد الجمعية الوطنية )البرلم���ان العراقي(، كما تم وبمباركة وضغط أمريكيي���ن تنصيب جالل الطالباني رئيس���ًا للبالد، في حين أصبح مس���عود البارازاني رئيس���ًا لحكومة كردستان التي حصلت على الحكم الذاتي الموسع بمقتضى الدستور

الجديد الذي تم إقراره في أكتوبر من ذات العام )2005(.

الوضع اآلن أن حكومة كردستان تتعامل أحيانًا كدول مستقلة، من ذلك إنزال العلم العراقي من فوق بعض المنش���آت العامة باإلقليم، بل و عقد بعض االتفاقيات لتصدير النف���ط مع بع���ض الحكومات األوربي���ة دون الرجوع للحكومة في بغ���داد. وتظل قضية كرك���وك وإصرار حكومة اإلقليم على اعتبارا جزءًا من كردس���تان عاماًل آخر يضيف إلى

احتماالت عودة الصراع المسلح من جديد بين األكراد والحكومة العراقية.

المشكلة الكردية كمهدد للسالم على الصعيد اإلقليمي

نش���ير هنا إلى النقاط التالية: اس���تخدام الورقة الكردية من جانب إيران في تهديد األم���ن القومي العراقي أكثر من مرة )قبل توقيع اتفاقية الجزائر عام1975 – أثناء الحرب

العراقية اإليرانية في الثمانينيات(.

جرى السوريون )من خالل دعم أوجالن وحزبه منذ تأسيسه في نهاية السبعينيات( على اس���تخدام ورقة المش���كلة الكردية كأداة للضغط على تركيا عسى أن يقدم األتراك لهم بعض التنازالت فيما يتصل بخالفات الدولتين حول اقتسام مياه نهر الفرات، وهي الخالفات التي نجمت عن ش���روع تركيا في بناء العديد من الس���دود على ذلك النهر

Page 17: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

16

في إطار المش���روع الضخم المعروف بمش���روع منطقة جنوب األناضول)جواب( والذي خصصت له ميزانية ضخمة بلغت 30 مليار دوالر، ولم يكترث األتراك بما جره المشروع على سوريا من مشكالت جمة؛ وأكدوا دومًا سيادتهم على المياه وحقهم المطلق فيها.

وعلى س���بيل المثال صرح س���ليمان ديميريل رئيس الوزراء األسبق قائال في هذا الصدد: » ال يمكن ألي من س���وريا أو العراق أن تدعي حقًا في األنهار التركية أكثر مما تس���تطيع أنقره أن تدعي حقا في نفطهما. إنها مسألة سيادة، نحن نملك الحق في أن نفعل ما نشاء. منابع الماء تركية، ومنابع النفط عائدة إليهما. نحن ال نزعم أن لنا حصة

في ثرواتهما النفطية؛ وهما ال تستطيعان المطالبة بحصة من الموارد المائية«.

وعل���ى صعي���د ثالث كانت هناك - كما أس���لفنا اإلش���ارة - القضي���ة األخرى التي طالما كرس���ت التوتر ف���ي أجواء العالقات بين الدولتين؛ والمتعلقة بلواء اإلس���كندرونة الواق���ع حاليًا ضمن األراضي التركية ويطل���ق عليه األتراك إقليم هاتاي، في حين يعتبره

السوريون تاريخيًا جزءًا ال يتجزأ من األراضي السورية وحقا أصيال لبالدهم.

وارتباطا بكل ما تقدم فقد ش���هدت األع���وام )1996، 1997، 1998( بصفة خاصة تدهورًا حادَا في العالقات التركية السورية، ولم يتردد الساسة األتراك في تهديد سوريا بالحرب في أكثر من مناس���بة، فعلى سبيل المثال راح رئيس الوزراء مسعود يلماظ في خطاب له ألقاه في اإلس���كندرونة )هاتاي( في أبريل 1997؛ يتوعد الس���وريين قائال: »إن بعض جيراننا يوفرون المأوى ألولئك الذين يس���عون لتدمير وحدة بالدنا. .. فإما أن يضع ذلك الجار حدًا لهذا الوضع ؛ وإما أنه سيعاقب بكل تأكيد إن عاجاًل أو آجاًل على تلك العداوة...

نحن األتراك شعب صبور ولكن عندما ينفد صبرنا سيكون رد فعلنا عنيفًا«.

وفي ذات الش���هر ألقى األتراك بمزيد من ضغوطهم على السوريين متهمين إياهم بتدبير عمليات تخريبية في هاتاي وبحشد الجيوش على طول الحدود مع تركيا، وواكب ذلك اإلعالن بأن تركيا ستشارك في تدريبات عسكرية مشتركة مع القوات اإلسرائيلية واألمريكية في شرقي البحر المتوسط خالل شهر نوفمبر 1997 وبلغ التدهور ذروته في عام 1998 حين وقفت الدولتان على شفا الصراع المسلح الدامي؛ إذ هدد األتراك باجتياح س���وريا إن لم يقم الس���وريون بتس���ليم أوجالن، وتحت وطأة الضغوط التركية الهائلة اضطرت سوريا إلى إخراج الزعيم الكردي من أراضيها، حيث تمكنت المخابرات التركية

Page 18: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

17

- في وقت الحق و بمس���اعدات استخباراتية أمريكية إسرائيلية - من القبض عليه في فبراي���ر 1999 بكينيا التي كانت محطته األخيرة ف���ي رحلة تنقل خاللها بين العديد من

الدول على إثر مغادرته سوريا.

كما سبق أن أشرنا استخدم األمريكيون ذات الورقة الكردية في إسقاط نظام صدام حسين واحتالل العراق في عام 2003.

الصراعات العرقية في السودان

بلغت مساحة الدولة الس���ودانية الموحدة حوالي 2505813 كيلو متر مربع، وبلغ عدد س���كانها حس���ب تعداد 1983 أكثر من 21.5 مليون نس���مة. وقد انطوى التجمع البشري الس���وداني على تن���وع عرقي هائل ضم أكثر م���ن 750 جماعة عرقي���ة )قبيلة(، كما بلغ عدد اللغات المتداولة داخل الس���ودان حوال���ي 114 لغة مكتوبة بخالف اختالف اللهجات الت���ي يقدر البعض عدده���ا بما يقرب من 600 لهجة. وفي حي���ن انحدر حوالي 40 % من الس���ودانيين من أص���ول عربية حامية س���امية، انتمى الباقون إلى أص���ول أفريقية من

زنجية وسودانية ونوبية وغيرها.

يشير المؤرخون أن السودان كدولة هكذا حالها لم تكن موجودة في التاريخ وأنها كي���ان صنعه محمد علي وأوالده من خ���الل غزواتهم األفريقية خالل الفترة )1821: 1875(

والتي استهدفت الوصول إلى منابع النيل.

مشكلة جنوب السودان

أما عن إقليم جنوب السودان فبلغت مساحته حوالي 650000 كيلو متر مربع موزعة على ثالث مديريات كبرى هي المديرية االستوائية ومديرية بحر الغزال ومديرية أعالي النيل. وقد بلغ عدد سكان الجنوب حسب اإلحصاء المشار إليه حوالي 5.4 مليون نسمة ينتمون إلى مئات الجماعات العرقية المنتمية س���الليًا إل���ى أصول أفريقية ويتحدثون عشرات اللغات واللهجات. ومن أشهر قبائل الجنوب: الدينكا والشلوك والنوير واألزاندي والبونج���و واألنواك. أما عن ديانات الجنوبيين فيش���ير آخر إحصاء في هذا الصدد أجراه مجلس الكنائس العالمي عام 1981 إلى أن 65 % من الجنوبيين يعتنقون ديانات أرضية وثنية، في حين يدين حوالي 18 % من الجنوبيين باإلسالم، و17 % بالمسيحية. ويشير

Page 19: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

18

التاريخ إلى أن قبائل الجنوب لم تكن أبدًا على قلب رجل واحد وإنما كانت في صراعات دائمة وكثيرًا ما احتكمت إلى قانون الدم.

أصل المشكلة يتمث���ل ف���ي التناف���ر األفرو عرب���ي بين الجنوبيي���ن والش���ماليين؛ حيث يعتبر الجنوبيون أنفس���هم أفارقة، ويعتبر الشماليون أنفسهم عربًا، وقد تعمق هذا التنافر في نفوس الجنوبيين نتيجة عاملين: السياسة الجنوبية التي اتبعها المستعمر اإلنجليزي

والقائمة على عزل الجنوب جغرافيًا واقتصاديًا وحضاريًا وثقافيًا وتعليميًا عن الشمال.

قرارات لجنة الس���ودنة )عام 1954( خالل فترة االستعداد الستقالل السودان والتي اعتبرها الجنوبيون مجحفة بهم ومتحيزة للشماليين.

الحركة العرقية الجنوبية )1955 - 1972( )الحرب األهلية قدر السودان(

حين اس���تقلت الدولة الس���ودانية في 1 يناير 1956 كانت تحمل في بطنها جنين الح���رب األهلية، حيث ظهرت أول حركة عرقية في البالد قبل االس���تقالل وتحديدًا في أغس���طس عام 1955 ؛على إثر إشاعة عن مقتل جندي جنوبي على يد آخر شمالي ثار لها الجن���ود الجنوبيون وهاجموا المقار الحكومية والقوات الش���مالية قبل أن يفروا إلى األدغ���ال مكونين جيش ح���رب عصابات عرف باألنيانيا ثم س���رعان ما تَكون له جناح سياس���ي تمثل في منظمة االتحاد الوطني الس���وداني األفريقي )سانو(. وهي منظمة انفصالية ظلت تناضل حتى عام 1972 في سبيل انفصال الجنوب السوداني وإقامة دولة مس���تقلة تجسد الهوية الزنجية. ولم تفلح كافة السياس���ات التي انتهجتها الحكومات الس���ودانية المتعاقب���ة في حل القضية إلى أن جاء الرئي���س النميري الذي تمكن وبعد مفاوض���ات مضنية مع الجنوبيين من إيجاد الح���ل المتمثل في اتفاقية أديس أبابا لعام 1972، الت���ي بمقتضاه���ا حصل الجنوبيون على حكم ذاتي موس���ع وأنش���أوا حكومتهم المحلية وانتخبوا برلمانهم وأقاموا نظامًا تعدديًا في وقت كان الش���مال يرزح فيه تحت حكم الحزب الواحد )االتحاد االش���تراكي السوداني(، فكان الجنوب أقرب ما يكون إلى

دولة داخل دولة.

Page 20: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

19

الخالصة أن اتفاقية أديس أبابا نجحت في توطين السالم في البالد لمدة تربو على عش���رة أعوام تلتها، بعد صراع مس���لح دام استمر سبعة عشر عامًا حصدت خاللها عش���رات اآلالف من األرواح، وش���رد مئات اآلالف من المدنيين، ودمرت العش���رات من القرى والمرافق، وعمقت أسباب الحقد والكراهية بين أبناء السودان، وعطلت مسيرتهم

نحو الوحدة الوطنية واالستقالل والتنمية.

حركة الجيش الشعبي لتحرير السودان بزعامة جون جارانج )1983 - 2011(

تأسست هذه الحركة االنفصالية الجديدة على يد جون جارانج الذي كان ضابطًا س���ابقًا في األنيانيا، وكان ذلك في عام 1983 وفي ظل تململ الجنوبيين من سياس���ات حكوم���ة النميري الرامية إلى إقامة ثالث حكوم���ات محلية في واليات الجنوب الثالث، على نحو اعتبره الجنوبيون إعمااًل لسياسة فرق تسد. ففي مايو من ذلك العام رفضت إحدى الفرق العسكرية الجنوبية تنفيذ قرار بنقلها للخدمة في الشمال، وفر أفرادها إلى األحراش حيث التقاهم جارانج وكون منهم ما يعرف باألنيانيا2، قبل أن يتحول مسمى التنظيم إلى الجيش الشعبي لتحرير السودان. وعلى الرغم من تأكيد جارانج على أن هدف تنظيمه ليس انفصاليًا إال أنه كان واضحًا للكافة غير ذلك حيث كان يشترط على حكومة الخرطوم ش���روطًا تعجيزية لحل األزمة، وبالتالي ب���دا األمر وكأنه يجبرها على

فصل الجنوب من تلقاء نفسها.

وعل����ى الرغم من ظه����ور حركات عرقي����ة انفصالية أخرى ف����ي الجنوب ظلت حركة جارانج ه����ي األقوى واألمضى تأثيرًا بحيث بدت وكأنها المعبر الحقيقي عن

طموحات الجنوبيين.

اس���تمر الصراع المسلح الدامي في السودان حتى عام 2005 حين تم التوقيع على اتف���اق مجحف بحكومة الخرطوم هو اتفاق نيفاش���ا وهو االتف���اق الذي أجبرت حكومة البش���ير عل���ى توقيعه تحت وطأة ضغوط أمريكية وغربية عنيف���ة. وقد تم التوقيع على االتفاق في 10 يناير 2005 بمنتجع نيفاش���ا بالقرب من العاصمة الكينية نيروبي وبحضور العديد من األطراف الدولية منها الرئيس���ان األوغندي والكيني، وأمين الجامعة العربية عمرو موس���ى، ورئيس االتحاد األفريقي وقتذاك الرئيس النيجيري أوباسونجو، ووزير الخارجي���ة األمريكي كولن ب���اول. وكان فحوى االتفاق وقف إط���الق النار بين الطرفين

Page 21: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

20

المتصارعين في الس���ودان، وتعيي���ن جارانج نائبًا لرئي���س الجمهورية، وتمتع الجنوب بحكم ذاتي موس���ع لمدة ست سنوات يتم بعدها استفتاؤهم على االختيار بين البقاء ضمن الس���ودان الموحد أو االنفصال وإقامة دولة مستقلة. وبعد مرور ثالثة أسابيع على توقي���ع االتفاق لقي جارانج مصرعه في حادث طائرة وحل محله نائبه س���يلفا كير. وفي األجل المحدد من عام 2011 أجري االستفتاء المتفق عليه، وجاءت نتيجته بموافقة األغلبية الكاسحة من الجنوبيين على االنفصال، وهكذا سلخ الجنوب عن السودان وظهرت إلى حيز الوجود دولة جديدة هي دولة جنوب السودان وعاصمتها جوبا، ورئيسها سيلفا كير.

الحركات العرقية واالستقرار السياسي في الداخل السوداني )1955: 2011(

تش���ير التقديرات إلى أن الصراع الجنوبي الشمالي خالل الفترة المذكورة أسفر عن مصرع زهاء خمسة ماليين سوداني ما بين قتيل في الحرب األهلية وهالك نتيجة للمجاعات والكوارث اإلنسانية التي نجمت عن تلك الحرب. كما أسفرت الحرب األهلية طويلة األم���د هذه عن تدمير المئات من القرى ومش���روعات البني���ة التحتية، وعطلت كافة الجه���ود التنموية، وحالت دون اإلفادة من اإلمكانات والموارد الطبيعية الهائلة التي

تمتلكها البالد.

الحركات العرقية السودانية واالستقرار اإلقليمي )1955 - 2011(

تس���بب الص���راع العرقي طويل األمد ف���ي العديد من الصراع���ات اإلقليمية بين الس���ودان وجيرانه، فكان هناك الصراع مع إثيوبيا الس���يما خالل عهدي هيالسالس���ي ومانجس���تو هيالماريام حيث كان إثيوبيا تدعم دومًا االنفصاليين السودانيين في حين

كانت الخرطوم تدعم الحركة االنفصالية اإلريترية )حتى استقالل إريتريا عام 1993(.

كذلك كان هناك الصراع األوغندي السوداني جراء دعم أوغندا للحركات االنفصالية الس���ودانية وتدريب مقاتليها وإمدادها بالسالح، في الوقت الذي كانت حكومة الخرطوم تدعم حركة جيش الرب المتمردة المسلحة المناوئة لحكومة كمباال. والغريب أنه بعد اس���تقالل إريتريا راح نظام أسياسي أفورقي يدعم االنفصاليين الجنوبيين السودانيين فردت حكومة الخرطوم بتقديم الدعم لجبهة التحرير اإلسالمي اإلريترية المناوئة لنظام أفورقي. كذلك فإن تلك المشكلة فتحت المجال أما القوى المعادية للنظام السوداني ذي الخلفية اإلسالمية للعبث باألمن القومي من خالل التدخل االستخباراتي واللوجستي

Page 22: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

21

في جنوب الس���ودان، وكان من أبرز القوى الفاعلة في هذا الخصوص كل من الواليات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل.

حتى بعد اس���تقالل الجنوب لم يس���تتب الس���الم في البالد؛ إذ سرعان ما ظهر إل���ى حيز الوجود ص���راع حدودي بين دولتي الس���ودان يتعلق بالس���يطرة على العديد من المناطق في مقدمتها منطقة أبيي ش���ديدة الغن���ى بالنفط. من ناحية أخرى ال زال لحكومة الخرطوم أنصارها في الجنوب الذين تستخدمهم من آن آلخر في إثارة القالقل لحكومة جوبا. كما أن بقايا أنصار الجيش الشعبي اليزالون يثيرون القالقل في واليات

الشمال وخصوصًا كردفان ودارفور.

هن���اك خط���ر حقيقي على األمن القومي لكل من الس���ودان ومصر من جراء إصرار حكومة جوبا على انتهاج سياس���ات )تبدو وكأنها انتقامي���ة( معادية للدولتين منها على سبيل المثال مس���ارعتها بإقامة عالقات دبلوماس���ية كاملة مع إسرائيل، وإعالن عزمها التوقي���ع على اتفاقي���ة عنتيبي التي دعت إليه���ا إثيوبيا وبعض ال���دول النيلية األخرى والمتعلقة بإعادة توزيع مياه النيل، وهي االتفاقية التي تعتبرها كل من مصر والس���ودان مجحف���ة بحقوقهما التاريخية في مياه النهر، وبالتالي فهي تمثل بنظرهما تهديدًا بالغًا

ألمنهما القومي.

مشكلة دارفور

تمثل مشكلة دارفور واحدة من أظهر المشكالت الدولية المعاصرة وأكثرها تعقيدًا وأبرزها داللة، ذلك بأن جذور هذه المشكلة تضرب بعيدًا في أعماق مجتمع ينطوي على تنوع عرقي هائل ألقى به في أتون الحرب األهلية لسنوات طوال ربما تكون هي ذاتها س���نوات عمر الكيان السوداني. لقد جاءت هذه المشكلة لتشكل اختبارًا جديدًا وقاسيًا لوحدة الدولة السودانية التي لما تزل تعاني من جراء تمرد جنوبها وكأن الحرب األهلية ه���ي قدر الس���ودانيين الذين ما كادوا يزيحون عن صدورهم � ول���و مؤقتًا � ذلك الحجر الضخم المتمث���ل بالحرب في الجنوب، لكي يجابهوا بحرب أخرى ال تقل عنها ضراوة

في الغرب.

Page 23: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

22

إقليم دارفور: الجغرافيا و الديموجرافيا والموارد

يق���ع إقليم دارفور في غرب الس���ودان ويتاخ���م ثالث دول أفريقي���ة هي ليبيا في الش���مال، وتشاد في الغرب، وأفريقيا الوس���طى في الجنوب الغربي. أما بصدد مساحة اإلقليم فقد تباينت الدراس���ات في تحديدها بشكل الفت، حيث يقدرها البعض � على س���بيل المث���ال � بربع مليون كيلو مت���ر مربع، في حين يذكر البع���ض اآلخر أنها تعادل مساحة فرنسا )أي زهاء 550 ألف كيلومتر مربع (، أما الموسوعة البريطانية فتقدر مساحة دارفور بمائًة وسبعين ألف ميل مربع ) أي ما يعادل تقريبا 440 ألف كيلو متر مربع(، وأخيرا وليس آخراً تش���ير بعض مصادر الحزب الشيوعي الس���وداني إلى أن مساحة اإلقليم تعادل خمس مساحة السودان وبناء عليه مساحة األراضي الدارفورية بمائتي ألف ميل

مربع ) أي ما يعادل 518 ألف كيلو متر مربع (.

وهك���ذا تبدو جلية صعوبة مهمة أي باحث يريد أن يدلو بدلوه في مش���كلة دارفور ذل���ك بأن���ه إذا كان االختالف بين حول حقيقة موضوعية كمس���احة اإلقلي���م، فما بالنا بعش���رات الحقائق المتداخلة والملتبس���ة والتي هي في ذات طبيعة تقديرية ومراوغة كتلك التي تحيط بتلك المشكلة وتداعياتها. على أي���ة حال فإن���ه يمكن الق���ول بأن مس���احة إقليم دارفور � حس���ب أغلب المراجع � ربما تتجاوز الخمس���مائة ألف كيلومتر مربع. ولقد قسم اإلقليم إداريًا � منذ عام 1994 � إلى ثالث واليات هي والية شمال دارفور )وعاصمتها الفاشر(، ووالية جنوب دارفور )وعاصمتها نياال(، ووالية غرب دارفور )وعاصمتها الجنينة (، ويقوم على شأن كل من هذه الواليات الثالث وال تعينه الحكومة السودانية.

أما على الصعيد الديموجرافي فإن عدد سكان اإلقليم يبلغ � حسب إحصاء عام 1994 الرسمي � زهاء الستة ماليين نسمة يتألفون مما يقرب من مائة جماعة عرقية )قبيلة(. ومن بين هذه القبائل ما هو ذو أصول أفريقية، ومنها ما هو ذو أصول عربية. وعلى حين تمتهن غالبية أبناء القبائ���ل األفريقية في دارفور مهنة الزراعة، ويمثل الرعي مهنة أبناء

القبائل العربية في غالبيتهم.

وتعتبر قبيلة الفور واحدة من أكبر القبائل الدارفورية األفريقية، كما أنا القبيلة التي منها يس���تمد إقليم )دارفور( مس���ماه والذي يعني أرض الفور أو ديار الفور. وإلى جانب هذه القبيلة توجد العشرات من القبائل الدارفورية األفريقية األخرى لعل من أشهرها كاًل

Page 24: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

23

من البارني والمساليت، والتاما، والجبل، واألرانجا، والزغاوة، والرزيقات. أما أشهر القبائل الدارفوري���ة ذات األصول العربية فتأتي في مقدمتها كل من قبائل التعايش���ة، والحبانية، والمجاميد، والبني حلبه. وتدين باإلس���الم كافة القبائل الدارفورية على اختالف لغاتها

ولهجاتها، وهي تستخدم اللغة العربية كلغة للتواصل فيما بينها.

أما على صعيد الموارد فإن دارفور يعد إقليمًا جد غني بثرواته الطبيعية، إذ تنطوي تربت���ه على كميات كبي���رة من خام النحاس، كما ينتج بالمش���اركة م���ع إقليم كردفان المج���اور م���ا يقرب من خم���س إنتاج العالم م���ن الصمغ العربي. واأله���م من ذلك أن اإلقلي���م غني بخام اليورانيوم وهو الخام الذي يعد عصب أي برنامج نووي س���لميًا كان أو عسكريًا. ويش���ار هنا إلى أن إحدى الدراسات الصادرة مؤخرًا عن مكتب الكونجرس بخصوص الشأن السوداني قد أكدت اكتشاف اليورانيوم خالل السنوات القليلة الماضية ف���ي مناطق جبال النوبة وحفرات و كردفان باإلضافة إل���ى إقليم دارفور. و فوق كل ذلك وقبله من حيث األهمية فقد توالت االكتش���افات النفطية بدارفور منذ تسعينيات القرن الماض���ي، بحيث بات اإلقليم يش���كل بالفعل منطقة غنية بذلك الخام اإلس���تراتيجي عظي���م األهمية. ولعل من أواخر االكتش���افات ف���ي هذا الصدد ذلك ال���ذي أعلنت عنه الحكومة الس���ودانية � حس���ب وكالة رويترز � في عام 2005 من أن شركة ABCO )التي تمتلك ش���ركة Cliveden السويسرية 37% من أسهمها( قد بدأت التنقيب عن النفط

في دارفور بعد ما أظهرت الدراسات المبدئية وجود كميات هائلة من الخام باإلقليم.

وال يفوتنا ونحن بصدد نفط دارفور أن نش���ير إلى أن الحكومة الس���ودانية منحت الصين نصيب األس���د فيما يتصل بامتيازات التنقيب عن الخام بمختلف مناطق البالد بم���ا فيها دارفور، وبالتالي فقد تجاهل الس���ودانيون المعني األول بأمر النفط في العالم المعاص���ر والمتمثل بطبيعة الحال في الواليات المتح���دة. وتلكم هي الحقيقة التي قد تعطي تفس���يرًا مقنعًا النغماس العمالقين األمريكي والصيني في مشكلة دارفور على

النحو الذي سنعرض له في صفحات تالية.

مشكلة دارفور: األسباب والجذور واألطراف و التداعيات

تش���ير مالحظة التاريخ الدارفورى إلى أن أبناء اإلقليم عربًا و أفارقة عاش���وا لعقود طويلة تظللهم أجواء الس���الم، ويسود عالقاتهم المتبادلة التماسك والتعاون والتسامح.

Page 25: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

24

غي���ر أن هذه األجواء راحت تأخذ في التبدل منذ ثمانينيات القرن العش���رين من جراء الش���عور بش���ح الموارد وتزايد مع���دالت الفقر والفاقة في صف���وف الدارفوريين على إثر موج���ات الجفاف والتصحر التي اجتاحت اإلقلي���م وتعاقبت عليه مذاك. وبناء على ذلك يمكننا القول بأن مشكلة دارفور ارتبط ظهورها منذ البداية بأسباب تتعلق بالصراع على الموارد أكثر من كونها أس���بابًا ذات طابع عرقي ساللي. وتلكم ها الحقيقة التي تؤكدها العديد من الدراس���ات والتقارير التي انصبت على المشكلة فعلى سبيل المثال ورد في تقري���ر لألمم المتحدة صدر ف���ي يونيو 2007 ما مفاده ) إن الجفاف يمثل أحد األس���باب الرئيس���ية الندالع الصراع في دارفور باألساس، حيث دفع س���كان دارفور من مزارعين ورع���اة رحل إلى التقات���ل من أجل الموارد المائية القليلة(. كم���ا جاء في التقرير األممي ال���ذي أعده برنامج البيئة التابع للمنظمة الدولية: ) إن التنافس على موارد النفط والغاز والماء و الخش���ب و األرض هو المس���ئول عن إذكاء واس���تمرار القتال ليس في دارفور وحدها بل في أقاليم أخرى من الس���ودان (. كذلك فقد ذكر األمين العام لألمم المتحدة بان جي مون في مقال له نش���رته الواش���نطن بوس���ت مواكبًا للتقرير األممي: ) إن التغيير المناخي يتحمل جزءًا من المس���ئولية عن تفجر الصراع في دارفور(. إلى جانب ما تقدم فقد أكد تقرير لجنة التحقيق الدولية بش���أن دارفور المؤرخ في 18 سبتمبر 2004 على أن الجفاف والتصحر في السبعينيات الثمانينيات وندرة الموارد هي سبب الصراع وارتباطًا بما تق���دم فإن اإلرهاصات األولى لمش���كلة دارفور بين المزارعين والرعاة. تمثل���ت في تصاعد التوتر بين قبيلة الفور األفريقية وعدد م���ن القبائل البدوية العربية منذ سنوات الثمانينيات، حيث أنشأ الفور تجمعًا عرف بالحزام األفريقي، وبدأت القبائل العربية تدعو إلى ما يعرف بتجمع العرب، ومن هنا بدأ � كما يقول البعض � التفريق بين ما هو عربي وما هو أفريقي داخل دارفور. وشيئًا فشيئًا راحت مشاعر السخط والغضب إزاء حكوم���ة الخرطوم تم���أل صدور الدارفوريين األفارقة، إذ راحوا يحملونها المس���ئولية عن تردي األوضاع المعيش���ية في اإلقليم ويتهمونها بتجاهله في خططها التنموية، بل وبمحاباة أبناء القبائل العربية على حس���ابهم. لكي تتغ���ول النعرة العرقية األفروعربية بمرور الوقت وتظهر في أوساط الدارفوريين األفارقة حركات عرقية عديدة راحت تسعى إلى رفع ما تراه ظلمًا وغبنًا طالما مورس إزاء بني جلدتها من قبل كاف الحكومات التي

تعاقبت على حكم السودان منذ استقالله.

Page 26: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

25

ولقد أس���هم في تفاقم التمرد في اإلقليم ش���عور الدارفوريين األفارقة بأن حكومة الخرطوم كرس���ت كل اهتمامها إليجاد الحلول لمش���كلة الجن���وب، وغضت الطرف عن دارفور ومش���كالته المعقدة المتنامية. لذل���ك فإنه لم يكن من قبيل الصدفة � كما يقول البعض � أن تطفو مش���كلة دارفور � بقوة � على س���طح األحداث مع بداية عام 2003، حيث كانت الحكومة الس���ودانية منغمسة تمامًا في المفاوضات مع جون جارانج، وبدأت تلوح في األفق بش���ائر اقتراب تسوية مش���كلة الجنوب، وبالتالي فقد كان على الدارفوريين

األفارقة تصعيد تمردهم بغية لفت األنظار إلى مشكالتهم المتجاهلة.

وارتباط���ًا بما تقدم فقد اندلع���ت االضطرابات باإلقليم بدءاً م���ن فبراير 2003 حيث أعلنت مجموعات من الطالب والناشطين تمردها على الحكومة المركزية، متهمة إياها بالتمييز ضد دارفور واس���تبعاده تنمويًا. واش���تعلت األح���داث حينما قتل المتمردون 75 جنديًا حكوميًا وسرقوا كميات كبيرة من األسلحة و الذخائر، ودمروا أربع طائرات حربية

مروحية، واثنتين من طائرات أنطونوف Antonov المملوكة للجيش السوداني.

وبطبيع���ة الحال لم تكن ه���ذه العملية وليدة اللحظة، كما أنها لم تأت من فراغ وال هي كانت عملية اس���تثنائية وال عش���وائية، وإنما كانت عملي���ة منظمة مثلت الحلقة األولى في مسلس���ل عنف ال يزال إقليم دارفور يعيش���ه بكل مأساويته مذاك. وها هي النعرة العرقية األفروعربية تطل بوجهها القبيح في ذلك اإلقليم الذي طالما مثل نموذجًا للتسامح وتجس���يدًا لفكرة اإلخوة اإلسالمية. لقد انتقلت عدوى التنافر األفروعربي من جنوب الس���ودان إلى غربه، لكي تطفو على س���طح األحداث في دارفور حركات عرقية عديدة في أوساط أبناء القبائل األفريقية والعربية على السواء. وهي حركات لجأت كلها إلى العنف في سبيل إنجاز أهدافها وبرامجها، إذ راح أبناء دارفور أفارقة وعربًا يمتشقون س���يوفهم في مواجهة بعضهم البعض وس���ط اتهامات متبادلة بالمسئولية عما يجري. ويتمثل أبرز هذه الحركات الدارفورية األفريقية في كل من جبهة تحرير السودان وحركة العدل و المس���اواة، في حين تمثل الميلش���يا المعروفة بالجنجوي���د التنظيم األبرز في صف���وف أبن���اء القبائل الدارفورية العربي���ة. وفيما يلي نعرف بكل م���ن هذه التنظيمات

ودورها باعتبارها أطرافًا رئيسية في مأساة دارفور.

Page 27: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

26

حركة / جيش تحرير السودان

ظه���رت هذه الحركة إلى حيز الوجود على إثر اجتماع لمجموعة موس���عة من أبناء قبيلت���ي الفور والزغاوة عقد بمنطقة )أبو جمرة( في ش���مال دارف���ور بتاريخ 21 يوليو 2001، حيث أقسم المجتمعون يمينًا صارمًا على المصحف بالعمل معًا على إحباط ما أسموه سياس���ات القائلين بس���يادة العرب في دارفور. وتأسست الحركة فعليًا في نوفمبر 2001 و أطلقت على نفس���ها في البداية جبهة تحرير دارفور، حيث تبنى مؤسس���وها في بادئ األم���ر هدفًا انفصاليًا، غير أنها تراجعت بمرور الوقت عن فكرة االنفصال وغيرت اس���مها في 14 مارس 2003 إلى حركة تحرير الس���ودان، كما قد يش���ار إليها أيضًا بجيش تحرير الس���ودان. وق���د أصدرت الحركة آنذاك ما يعرف ببيان م���ارس الذي أكدت فيه على أن حكومات الس���ودان خالل مرحلة ما بعد االس���تقالل اتبعت سياسات قوامها التهميش والتمييز العنصري واالستغالل وإثارة الفرقة، على نحو أدى إلى اضطراب أجواء التعايش الس���لمي بين الجماعتين العربي���ة و األفريقية في اإلقليم. وأضاف الموقعون على بيان مارس أن هدف هذه الحركة / الجيش هو إيجاد سودان ديمقراطي موحد على أساس

جديد من المساواة وفصل الدين عن الدولة.

وتعد هذه الحركة هي األقوى و األمضى تأثيرًا واألكثر عددًا واألقوى مراسًا واألفضل تس���ليحًا بين س���ائر التنظيمات الدارفورية. ويتمثل أبرز قادتها في كل من عبد الواحد الن���ور الذي ينتمي إلى قبيلة الفور، وميني ميناوي أحد أبناء قبيلة الزغاوة. ويعتبر النور القائد األب���رز داخل الحركة بل وداخل س���ائر التنظيمات الدارفوري���ة، وتدين له بالوالء غالبية القبائل األفريقية الس���يما أبناء قبيلة الفور والتي هي كبرى هذه القبائل. ويتميز بموقفه المتشدد من الحكومة السودانية، وبرفضه الدائم التصالح معها. في حين اتخذ مين���اوى موقفًا مغايرًا في هذا الصدد، حيث دخل بالفعل في مفاوضات جدية مع حكومة الخرطوم استضافتها العاصمة النيجيرية أبوجا. وكان من جراء هذا التباين في المواقف أن انقسمت حركة تحرير السودان � على إثر مؤتمرها في حسكنيتة ) أكتوبر � نوفمبر 2005( إل���ى جناحين هما جناح الفور بقي���ادة عبد الواحد النور والذي تمركز في جبل مرة، وجناح الزغاوة في شمال وشرق وجنوب دارفور بزعامة ميني ميناوي)21(.وارتباطًا بما تقدم رفض عبد الواحد النور التوقيع على ما يعرف باتفاق سالم دارفور في آخر لحظة وبدون مبرر واضح أو مقنع برغم أنه خاض جوالتها التفاوضية الس���بع المس���بقة. وهو االتفاق ال���ذي أنجزه ميناوي مع حكوم���ة الخرطوم، وتم التوقيع عليه ف���ي 5مايو 2006 بالعاصمة

Page 28: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

27

النيجيرية أبوجا من قبل زعيم جناح الزغاوة بجيش تحرير السودان، ومجذوب الخليفة ممثاًل للحكومة الس���ودانية. وهو أيضا االتفاق الذي على إث���ر توقيعه فقد ميناوي عددًا كبير من أتباعه وال سيما من أبناء قبيلة الزغاوة التي ينتمي إليها، في حين تزايد أنصار عب���د الواحد النور، وتدعمت قوته كأبرز قيادة مناوئة للحكومة الس���ودانية داخل دارفور. وتجدر اإلش���ارة هنا إلى أن النور تأثر كثيرًا بش���خصية وأفكار الزعيم الجنوبي الراحل جون جارانج، ولعل ذلك يبدو جليًا من خالل المسمى الذي اختاره النور لحركته والذي يماثل ذات مسمى حركة جارانج، ذلك إلى جانب تبني الحركة الدارفورية لبرنامج يكاد يتطابق من حيث ما يحويه من غايات ووس���ائل ومقوالت مع برنامج الحركة الجنوبية بزعامة جارانج. كما أشارت بعض المصادر إلى أن الحركتين ارتبطتا بعالقات وثيقة على الصعي���د الميداني، حيث أمد جون جارانج حركة عبد الواحد النور باألس���لحة والذخائر حتى عام 2004، كما أن ثمة محاربين دارفوريين قد قاتلوا فعليًا في صفوف جيش جارانج، الذي طالما وصفه النور بالحليف اإلستراتيجي. كذلك فقد ارتبطت الحركتان والقيادتان بعالقات وثيقة مع النظام اإلريتري بقيادة أسياس���ي أفورقي، وهو الرجل الذي يعد واحدا من ألد أعداء نظام الرئيس عمر البش���ير وأكثرهم إثارة للمشاكل في مواجهته. وتشير بعض التقارير في هذا الصدد إلى أن الرئيس اإلريتري قدم مساعدات ال بأس بها لحركة عبد الواحد النور عبر حركة جون جارانج. و فوق كل ما تقدم فقد أقدم عبد الواحد النور على خطوة عظيمة الخطر والداللة، حيث ذهب في مطلع عام 2008 � حس���ب تصريحاته لوسائل اإلعالم الدولية � إلى فتح مكتب لحركته في إسرائيل، وراح يطالب بأن يسمح إلس���رائيل بافتتاح س���فارة لها في الخرطوم، كما أش���اد النور � في ثنايا تصريحاته هذه � بالدولة العبرية، ألنها حس���ب قوله أنقذت شبابًا سودانيين من اإلبادة، وذلك في إشارة

إلى قيام إسرائيل بمنح اللجوء السياسي لستمائة دارفوري.

ولم يكتف عبد الواحد بما تقدم وإنما قام بزيارة إسرائيل في أوائل فبراير 2009،وذكرت صحيف���ة هآرتس اإلس���رائيلية على موقعها اإللكتروني في 16 فبراي���ر 2009 أن الرجل زار الب���الد بناء على مبادرة ش���خصية منه، حيث حضر مع مجموعة م���ن اليهود األوربيين معظمهم فرنس���يون مهتمون بقضية دارفور، وش���ارك بالحضور في مؤتمر هرتزليا، كما التقى أثناء زيارته إلس���رائيل بعاموس جلعاد رئيس مكتب األمن السياس���ي في وزارة الدفاع اإلس���رائيلية. ونقلت الصحيفة عن وزارة الدفاع اإلسرائيلية القول بأنه » لمصلحة األم���ن القومي فق���د عقدت عدة اجتماعات، وليس من عاداتن���ا التعقيب على مثل هذه

Page 29: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

28

االجتماعات«. يذكر كذل���ك أن عبد الواحد النور أكد في تصريح لقناة الجزيرة اإلخبارية � ف���ي أعق���اب تلك الزيارة � أنه قام بالفعل بزيارة إس���رائيل، وأنه عازم على زيارتها مرات ومرات نظرًا لوجود ثمانية آالف الجئ س���وداني هناك، واعتبر النور بأنه ال وجود لعداوة بين حركته وإس���رائيل، وأكد أنه س���يقيم عالقات دبلوماس���ية كاملة معها، وسيفتح لها سفارة في الخرطوم وعديدًا من القنصليات في مدن سودانية أخرى، حيث إن برنامجه � حسب قوله � هو التطبيع الكامل مع إسرائيل السيما على الصعيد السياسي في حال وصوله إلى سدة الحكم في الخرطوم، وهو األمر الذي اعتبره قد بات قريب المنال. وفي لقاء مماثل مع قناة البي بي سي اإلخبارية العربية أذيع في 19 مارس 2009 أكد عبد الواحد الن���ور نفس مقوالته الس���ابقة ولم يتراجع عن أي منها مب���رزًا عزمه على التخلص مما أس���ماه النظام اإلسالمي المتطرف في الخرطوم، وإقامة سودان ليبرالي علماني، وشدد على عالقاته الوطيدة بدولة إس���رائيل. وتجدر اإلشارة أيضًا إلى أن عبد الواحد النور قد فر من في عام 2007 إلى العاصمة الفرنس���ية باريس حيث يقيم بها منذ ذلك التاريخ، وقد أش���ارت بعض التقارير الحكومية الفرنسية استغلت األمر واتخذت من النور تكئة

لنفوذ فرنسي في دارفور مواز للنفوذ األمريكي والبريطاني باإلقليم.

وتأسيسًا على كل ما تقدم يبقى من المشروع والمبرر ألي باحث جاد أن يتساءل: أال يع���د عبد الواحد النور أداة تس���تخدمها ق���وى خارجية معادية - تأتي إس���رائيل في

مقدمتها - لتنفيذ مخططاتها في السودان وتصفية حساباتها مع النظام السوداني ؟

أوقن بأن اإلجابة على هذا التساؤل الكبير تبدو جلية في ثنايا السرد السابق.

حركة العدل والمساواة:

تأسس���ت هذه الحركة عام 2001 على يد وزير دولة س���ابق يدين بالوالء لحس���ن التراب���ي يدع���ى خليل إبراهيم. حيث أصدرت في ذلك العام ما يعرف بالكتاب األس���ود والذي تركز حول إثبات التهميش الكلي لدارفور ومناطق أخرى من السودان، من حيث جهود التنمية االقتصادية واالجتماعية، بل ومن حيث النفوذ السياس���ي الممنوح ألبناء تلك المناطق من قبل حكومة الخرطوم. كما أكد الكتاب على وجود حال عدم توازن فيما يتصل بتوزيع الس���لطة والثروة في الس���ودان عمومًا. وقد بدأت حركة العدل والمساواة عملياتها الميدانية فعليًا في أوائل عام 2003، وهى حركة أصغر حجمًا وأقل بروزًا من حركة

Page 30: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

29

تحرير الس���ودان، وإن كانت تليها في المرتبة بين سائر التنظيمات الدارفورية المناوئة لحكوم���ة الخرطوم، ويتمثل أبرز أعمال العنف الت���ي قامت بها في الحركة في هجومها على مدينة أم درمان معلنة س���عيها لدخول الخرطوم خالل ش���هر مايو 2008 وهو الهجوم ال���ذي لم يحقق أهدافًا تذك���ر في الواقع، وإن كان لفت األنظار بش���دة إلى الحركة من الناحي���ة الدعائي���ة. وهي العملية التي على إثرها اتهم الرئيس البش���ير الحركة بتلقي أموااًل من إسرائيل. وترتكز الحركة إلى قاعدة عريضة تتمثل في قبيلة كوجي المتفرعة من الزغاوة، وبالرغم من كونها أضعف عسكريًا من حركة تحرير السودان إال أنها أبدت نضجًا سياس���يًا أكبر، كما أقامت هيكاًل تنظيميًا متميزاً. وتتبنى الحركة نهجًا إس���الميًا متأثرة في ذلك بفكر السياسي والمفكر السوداني اإلسالمي المعارض حسن الترابي. ونظ���رًا لتوجهها هذا فقد رفض عبد الواحد النور فكرة اندماج الحركة مع حركة / جيش تحرير السودان التي يرأسها، وعلى الرغم من أن الحركتين قاتلتا معًا في معركة الفاشر خالل المراحل األولى من الصراع إال أنهما تقاتلتا في أكثر من موقف آخر، وأصبح موقف عبد الواحد النور المعادي لحركة العدل والمساواة بائنًا للعيان، حيث صرح في أكثر من وس���يلة إعالمية أنه يعتبرها الذراع العس���كري لحزب المؤتمر الشعبي وزعيمه حسن الترابي، حيث تتبنى نهجه اإلس���المي الذي أضر بالسودان أشد الضرر، مؤكدًا استمرار حركة / جيش تحرير السودان في العمل منفردة وبالتعاون مع نظيراتها من التنظيمات العلمانية من أجل خلع ما أس���ماه حكومة البش���ير اإلس���المية المتطرفة، وإقامة سودان علماني ليبرالي يحقق الحياة الكريمة لكافة السودانيين على حد قوله. يشار كذلك إلى أن حركة العدل والمس���اواة رفضت التوقيع على اتفاقية أبوجا لعام 2006، غير أنها شاركت في الجوالت التفاوضية التي استضافتها مدينة سرت الليبية عام 2007 بشأن دارفور، كما شاركت الحركة في مفاوضات أروشا بتنزانيا في ذات العام، وهي المفاوضات التي تمت تحت رعاية األمم المتحدة وحضرها إثنا عشر فصياًل دارفوريًا مناوئًا لحكومة الخرطوم، واس���تهدفت إيجاد أرضية مشتركة للتفاوض مع الحكومة الس���ودانية في إطار التوصل إلى حل ش���امل للمشكلة، وهي كذلك الجوالت التفاوضية التي رفض عبد الواحد النور

بإصرار المشاركة فيها.

يش���ار كذل���ك إلى أن حرك���ة العدل والمس���اواة كانت كبرى الح���ركات الدارفورية المشاركة في التفاوض مع حكومة الخرطوم خالل جولة المفاوضات التي تمت بوساطة قطرية واس���تضافتها العاصمة الدوح���ة في فبراير 2009، والي أس���فرت عن توقيع اتفاقية

Page 31: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

30

حس���ن النوايا بين الطرفين السودانيين في السابع عش���ر من الشهر ذاته. ويشار هنا إلى الواليات المتحدة قد قللت من ش���أن اتفاق الدوحة واعتبرته � على لسان مندوبتها في األمم المتحدة س���وزان رايس � خطوة متواضعة في اتجاه السالم مع تأكيد الموقف األمريكي المتشدد من الرئيس البشير، وإصرارها على ضرورة تعامل مجلس األمن معه بنوع من الش���دة، وعدم التراخي بش���أن تنفيذ قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقاله )32(، والذي توقعت رايس صدوره قبل أن يصدر فعليًا في الرابع من مارس 2009 على نحو ما سنعرض له بتفصيل الحق. يشار كذلك إلى أن عبد الواحد النور المعروف بمواالته إلسرائيل وبالتالي الواليات المتحدة رفض منذ البداية المشاركة في مفاوضات الدوحة، ووصفه���ا في حديث له م���ع قناة البي بي س���ي العربية في 19 مارس بأنها مس���رحية إس���المية إسالمية. على أية حال فإنه على الرغم من أن حركة العدل والمساواة وقعت اتفاق حسن النوايا مع حكومة البشير إال أن رئيسها خليل إبراهيم سرعان ما أقدم على تصرف من شأنه أن يبعثر أوراق ذلك االتفاق، ويجعل تنفيذه أمرًا بعيد المنال حاله في ذلك حال اتفاق أبوجا وغيره مما س���ميت باتفاقات س���الم دارفور. ويتمثل ذلك التصرف ف���ي ترحيب خليل إبراهيم بقرار المحكمة الجنائي���ة الدولية القاضي باعتقال الرئيس البش���ير � كما أس���لفنا القول � في 4 مارس 2009، ولم يكتف إبراهيم بذلك وإنما أكد أن حركته س���تكون إحدى آلي���ات المحكمة لتنفيذ قرار االعتقال إن ل���م تكن هناك آليات

لتنفيذه.

حركة الجنجويد ) حركة المجاهدين(

تعني لفظة جنجويد � حسب تعبير أبناء دارفور � جان على جواد، وهي تستخدم داخل اإلقليم في اإلشارة إلى قطاع الطرق واللصوص المسلحين الذين يهاجمون األهالي والممتلكات من فوق ظهر حصان أو بعير، فيقضون مضجع اآلمنين، ويدمرون ممتلكاتهم، ويسلبون أموالهم. ومع بداية الصراع المسلح في دارفور خالل السنوات األخيرة ارتبطت هذه اللفظة بميلش���يا ظهرت في أوس���اط القبائل الدارفورية العربية أطلقت على نفسها مس���مى حركة المجاهدي���ن. وهي الحركة التي رفعت راية أبن���اء تلك القبائل وحملت س���يفهم في مواجهة الحركات المس���لحة ألبناء القبائل األفريقية الس���ابق اإلشارة إلي بعضها. وبطبيعة الحال برفض أبناء القبائل العربية في دارفور نعت حركتهم بالجنجويد بكل ما تشير إليه هذه اللفظة من صفات خسيسة يرون أنفسهم أبعد ما يكونون عنها،

Page 32: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

31

الس���يما وأنهم يعتبرون أنفس���هم حركة جهادية في مواجهة القوى الخارجية المتربصة بوطنهم و أذنابها في الداخل. غير أن مسمى الجنجويد ظل هو المسمى األكثر شيوعًا لتلك المليشيا على كافة األصعدة الدبلوماسية واإلعالمية، حيث تصر الواليات المتحدة وحليفاتها على استخدامه نظرًا لما ينطوي عليه من تحقير لتلك الميليشيا، والحط من ش���أنها، بما يجعلها محطًا للسخط واالزدراء من قبل جماعة الدول والرأي العام العالمي. ول���م تكتف الوالي���ات المتحدة بذلك وإنما راحت تكيل االتهامات للحكومة الس���ودانية بدعوى أنها من يقف وراء تأسيس تلك الحركة / الميلشيا، كما وأنها الداعم األساسي لها بكل صنوف الدعم بما في ذلك إمدادها بالسالح، وإقحام الجيش السوداني كمعضد له���ا في صراع دارفور الدامي، كما يصر األمريكيون على تحميل تلك الحركة ومن ورائها الحكومة الس���ودانية المس���ئولية الرئيس���ية عما أصاب إقليم دارفور وأبناءه من إزهاق لألرواح وتدمير للممتلكات، ليس هذا فحسب بل ويؤكدون ارتكابها لجرائم عديدة ضد اإلنسانية من شاكلة اغتصاب النساء وقتل المدنيين بل وتبني سياسة منهجية قوامها ممارس���ة أعمال التطهير العرقي واإلبادة الجماعية ف���ي مواجهة أبناء القبائل الدارفورية

األفريقية. وذلك كله على النحو الذي سنعرض له بتفصيل الحق.

تنظيمات دارفورية أخرى:

تش���ير مالحظة الواقع الدارفورى إلى تفش���ي ظاهرة االنقس���ام بل والتناحر في صف���وف الح���ركات المتصارعة داخله، على نح���و يجعله واقعًا بال���غ التعقيد يختلط فيه الحابل بالنابل، بحيث يس���تعصي عل���ى أي باحث الوقوف على حقيقته كاملة، أو حتى التوص���ل إلى حصر دقيق لتلك الحركات وتوجهاتها الحقيقية الس���يما في ظل الوالءات دائمة التغير في صفوفها. و بالرغم من أن ظاهرة االنقس���ام وتعدد وتبدل الوالءات هذه تب���دوا جلية في صفوف الح���ركات الدارفورية المنتمية للقبائ���ل األفريقية، إال أنه حتى التنظيمات العربية لم تس���تثن من هذه الظاهرة، وإن كانت معاناتها في هذا الصدد أقل م���ن معاناة نظيراتها الدارفورية األفريقية الت���ي لم تكن أبدًا على قلب رجل واحد. ولقد عبر عن هذه الظاهرة ألفا كوناري رئيس مفوضية االتحاد األفريقي أثناء محادثات سرت ف���ي 27 أكتوبر بقوله ) يرفض مس���لحو دارفور المناهض���ون للحكومة أن يطلق عليهم متم���ردون، فهم يرون أنهم يمثلون حركات مقاومة، ومع ذلك فهم دائمو االنقس���ام، في البداية كانت لدينا ثالث حركات اآلن لدينا عش���رون ولو تأخرنا عن صنع السالم لربما

Page 33: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

32

وصل العدد إلى أربعين أو ستين (. ويالحظ أن قادة بعض الفصائل الدارفورية األفريقية رفض���وا حضور مفاوضات س���رت ) وكذلك مفاوضات أروش���ا( ألس���باب ال تليق بكونهم زعم���اء حركات � على حد قولهم � مقاومة، يفترض فيهم الترفع عن الصغائر و الخالفات الش���خصية واالنشغال بالقضية الس���امية التي يؤكدون أنهم يناضلون من أجلها. فعلى س���بيل المثال رفض كل من عبد الواحد النور مؤس���س حركة تحرير الس���ودان وخالد إبراهيم قائد الجناح الثوري لحركة العدالة والمساواة الحضور إلى سرت ألسباب تتعلق بدع���وة بعض قادة الجماعات الدارفورية المتم���ردة يراها الرجالن ال تتمتع بتواجد قوي

على أرض الواقع في دارفور.

وتأسس���ًا عل���ى ما تقدم يمك���ن القول أن ثمة تع���ددًا واضحًا للحركات المس���لحة المتصارعة داخل دارفور، وهو تعدد يرتد في األس���اس إلى حالة االنقس���ام البائن التي أصاب���ت الحركات الث���الث األصلية والتي عرضنا له���ا بتفصيل س���ابق. وتؤكد التقارير أن ع���دد التنظيمات الدارفورية المس���لحة حاليًا يتجاوز الثالثي���ن تنظيمًا، فإلى جانب الحركات الثالث الكبرى نذكر على س���بيل المثال فصيل العقيد جبريل المنش���ق عن حركة العدالة والمساواة في مايو 2004، وهناك العديد من الفصائل التي انشقت عن جناح عبد الواحد النور في حركة / جيش تحرير الس���ودان، وهى الفصائل التي رفضت � في غالبيتها � نهج النور الممالئ إلس���رائيل، فهناك ما يعرف بحركة تحرير السودان ) قيادة الوحدة( وأبرز زعمائه س���يد ش���ريف جار النبي المقيم بهولندا حاليا، وهناك ما يسمى بجبهة الخالص الوطني التي تأسست في عام 2007 على يد عدد من قيادة حركة تحرير السودان الخارجين على عبد الواحد النور، وهناك كذلك الفصيل الذي يرأسه محجوب

حسين، وفصيل سليمان مرجان وغير ذلك الكثير.

أم���ا على صعيد الفصائ���ل العربية التي يش���ار إليها تقليديًا في الغ���رب باعتبارها موالية لحكومة الخرطوم ومدعومة من قبلها فلم تنجو هى األخرى من حمى االنقسام والتناحر وتش���ير إلى ذلك جولي فلينت المتخصصة في ش���ئون السودان بقولها: ) إن دارفور اليوم بات خضمًا معقدًا من الصراعات، وإذا نظرنا إلى األمر باعتباره مجرد مشكلة بين الحكومة والمتمردين فس���نكون قد أخطأنا وجهتنا (. وتضيق فلينت » أنا مستعدة للمراهنة على أن أغلب من ماتوا هذا العام )2007( في دارفور كانوا من المليشيات العربية والقوات الحكومية، لقد كان التقاتل األس���وأ هو الذي جرى بين الجماعات العربية التي

سلحتها الحكومة في الماضي وباتت اآلن تقاتل بعضها البعض«.

Page 34: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

33

تأثير الصراع العرقي في دارفور على االستقرار السياسي في السودان

ويبقى التساؤل ماذا كانت محصلة هذا الوضع الدارفوري المعقد المثقل باالنقسامات والتناحرات والسالح؟

لقد كان من ش���أن الحروب الدروس التي ش���هدها إقليم دارفور خالل الس���نوات السابقة أن أصيبت مرافقه � بطبيعة الحال � بقدر ال يستهان به من الدمار، كما أزهقت من جراء تلك الحرب أرواح اآلالف من أبنائه، وش���رد منهم ما يقدر بمئات اآلالف. لكن ككل ش���يء يتعلق بمش���كلة دارفور فإن هناك اختالفا بائنا حول تقدير حجم الخسائر التي مني بها اإلقليم سواء ما تعلق منها بالجانب البشري، أو حتى على صعيد الخسائر المادية. وارتباطًا بما تقدم تباين المحللون والساسة بصدد توصيف حقيقة ما يجري في

دارفور، وكذلك حول هوية الطرف أو األطراف المسئولة عن ذلك الذي يجري.

فعلى س���بيل المثال تش���ير إحدى الدراس���ات إلى أنه) خالل الس���تة عشر شهرًا األولى من الصراع الدارفوري قتل حوالي عش���رة آالف ش���خص وشرد 800 ألف، ودمرت أربعمائ���ة قرية بأكواخها، األم���ر الذي أدى إلى تصاعد االتهام���ات الغربية للرئيس عمر البش���ير بانتهاج سياس���ة اإلبادة الجماعية، وهي االتهامات التي أكدتها أيضًا المنظمات المس���يحية المنغمس���ة في اإلقليم (. ويالحظ في طيات ما تقدم أمران هامان تتعين اإلش���ارة إليهما ’ األمر األول أن الدول الغربية وعلى رأسها الواليات المتحدة راحت تؤكد منذ بداية الصراع على اتهام حكومة الرئيس البش���ير بارتكاب جريمة اإلبادة الجماعية، كم���ا أنها لم تقدم عل���ى توجيه أية انتقادات للحركات المناهض���ة لحكومة الخرطوم إال لمام���ا وبصيغ من قبيل انتهاكات وأعمال عنف. أما األمر الثاني فيتعلق بانغماس بعض المنظمات المس���يحية في الش���أن الدارفوري، وحرصها على تحميل حكومة الخرطوم المس���ئولية عما يجري باإلقليم المنكوب، وهو أمر يطرح التس���اؤالت حول حقيقة دور هذه المنظمات داخل إقليم ال يوجد بين قاطنيه من عرب وأفارقة من هو غير مس���لم، ولعلن���ا ال نك���ون مغالين إذا ما قلنا أن هذا الدور تحيط به الش���كوك ويكتنفه الغموض،

ويثير الريبة.

وباالنتق���ال إلى تقرير آخر فق���د أعلنت الواليات المتحدة في س���بتمبر 2004 أنه تم تدمير 574 قرية كما أن 157 أخرى تعرضت ألضرار كبيرة داخل دارفور منذ نشوء الصراع، واعتب���ر األمريكي���ون أن الحكومة الس���ودانية عاقبت مدنيي القرى الت���ي ينتمي إليها

Page 35: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

34

المتم���ردون، وأن القت���ل طال األطفال، كما أن النس���اء في تلك الق���رى تعرض لعمليات اغتص���اب جماعي من قبل الجنجويد. وكان كولن باول قد أعلن في بداية الش���هر ذاته وكان وقته���ا وزيرًا للخارجية األمريكية أن المعلومات الرس���مية الواردة من دارفور تؤكد � حسب قوله � حدوث إبادة جماعية، وبعدها بأسبوع استخدم الرئيس جورج دبليو بوش نف���س االصطالح ) اإلبادة الجماعية ( في خطاب له إل���ى األمين العام لألمم المتحدة. وهو اصطالح من شأن استخدامه � كما يقول البعض � أن يثير الجماعة الدولية، وينقل السودان إلى بؤرة اهتمام المنظمات الدولية ووسائل اإلعالم العالمية، كما يعطي المبرر

في الوقت ذاته للمطالبة بالتدخل الدولي في مواجهة حكومة الخرطوم.

وفي تقدير آخر حول محصلة الصراع الدارفوري يذكر البعض أن عدد القتلى خالل الس���نوات الثالث األولى من عمر ذلك الص���راع يبلغ حوالي 200 ألف، في حين يبلغ عدد المش���ردين مليونًا ونصف المليون، وهو ما دفع الواليات المتحدة حس���ب هذا المصدر إلى وصف الوضع في اإلقليم بأنه إبادة جماعية. ورد على ذلك الرئيس البش���ير مؤكدًا زيف هذا التصور األمريكي، معتبرًا أن في األمر مؤامرة على السودان من قبل ما أسماه االستعمار الجديد والصهيونية، وهو الكالم الذي � على حد قول صاحب هذا التقرير � لم يلق آذانًا صاغية إال لدى عرب دارفور، وش���عوب المنطقة العربية. وفي ذات اإلطار كانت منظمة الصحة العالمية قد أعلنت في تقرير لها نشر في أكتوبر 2004 أن عدد المشردين الدارفوريين يبلغ زهاء 1،8 مليون ش���خص، فر مائتا ألف منهم إلى دولة تشاد المجاورة كالجئين، كما أشار التقرير إلى أنه خالل الستة أشهر السابقة على نشر التقرير توفي

نحو سبعين ألفًا من النازحين ألسباب عديدة كاألمراض وسوء التغذية.

وينأى البعض بنفس���ه عن الخوض ف���ي ذلك الخضم من اإلحصاءات المتباينة بصدد الخس���ائر البش���رية الدارفورية فيذك���ر أن عدد القتلى من جراء الحرب حس���ب منظمة أطباء بال حدود يبلغ 73700، في حين أنه يبلغ حسب تقارير الخارجية األمريكية

حتى عام 2005 زهاء 172154 قتيل )47(.

ويالح���ظ هنا بوض���وح التباين الكبي���ر بين المصدري���ن، وميل التقارير الرس���مية األمريكية إلى اعتماد أرقام للقتلى قد تنطوي على المبالغة و التهويل. وتشير إحصائيات وكال����ة التنمية الدولية األمريكية � في الس����ياق ذاته � إلى أن ع����دد الذين فقدوا حياتهم ألسباب تتعلق بسوء التغذية وتفش����ي األمراض في صفوف النازحين داخل معسكرات

Page 36: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

35

اإلي����واء بدارفور قد بلغ زهاء 108588 ش����خصًا حتى يناي����ر 2005، يضاف إليهم ما يقرب من 25 ألفًا آخرين قضوا لنفس األس����باب في المناط����ق الدارفورية النائية. وفي مقالة حديثة الظهور يذكر أحد المحللين أن عدد النازحين في دارفور يبلغ نحو 2،2 مليون ش���خص،

في حين يذهب إلى القول بأن عدد القتلى يبلغ زهاء 300 ألف شخص.

ويشار كذلك إلى أن كبير مسئولي األمم المتحدة للشئون اإلنسانية جون هولمز في خطاب له أمام مجلس األمن ألقاه في أبريل 2008 قد قدر عدد ضحايا الصراع الدارفوري بحوالي 300 ألف قتيل، لكن مندوب الس���ودان لدى األمم المتحدة رد باستهجان مؤكدًا أن بالده تقدر عدد قتلى الصراع بنحو عشرة آالف قضوا جراء القتال نافيًا في ذات الوقت

أن يكون اإلقليم قد شهد حدوث مجاعات أو تفشي أوبئة.

وأضاف المندوب السوداني أن تصريحات هولمز ال تساعد القضية وليست صحيحة وال معقول���ة، وأردف أنه ينبغي عليه أن يبلغنا بمن أجرى هذه الدراس���ة، ومن كلفه بها،

وكيف تم إجراؤها.

و الغريب أن هولمز صرح الحقًا فيما يش���به التراجع أنه لم يكن يحاول تقديم رقم دقيق، ووصف رقم الثالثمائة ألف بأنه تقدير اس���تقرائي نظري باالستناد إلى أن العدد األصلي المقدر بنحو مائتي ألف استند إلى دراسة لمنظمة الصحة العالمية مضى عليها

عامان، إذ صدرت في عام 2006.

وأخيرًا وليس آخرًا فإنه ال يفوتنا في هذا المقام أن نعرض ألهم ما ورد بتقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور الصادر في 25 يناير 2005، وهو التقرير الذي قدم لألمين العام لألمم المتحدة عماًل بقرار مجلس األمن رقم 1564 لعام 2004، وقد تركز التقرير على حالة الص���راع الدارفوري خالل الفترة الممتدة من فبراير 2003 إلى يناير 2005. وقد أكدت اللجنة من خالل تقريرها هذا مس���ئولية حكومة السودان _ وما أسماه معدو التقرير ميلشيات الجنجوي���د _ عن حدوث انتهاكات خطيرة للقانون الدولي لحقوق اإلنس���ان، وللقانون اإلنس���اني الدولي تشكل جرائم حرب طبقًا للقانون الدولي. وعلى وجه الخصوص فقد تبين للجنة � حس���ب التقرير � أن قوات الحكومة والميلشيات شنت هجمات عشوائية ش���ملت قتل المدنيين والتعذيب واالختفاءات القسرية وتدمير القرى واالغتصاب وغيره

من أشكال العنف الجنسي والتشريد القسري في جميع أرجاء دارفور.

Page 37: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

36

وكانت األغلبية الس���احقة من ضحايا هذه االنتهاكات � حس���ب التقرير � من قبائل الف���ور والزغاوة والمس���اليت والجبل واألرنجا وغيرها من القبائل المس���ماة باألفريقية. واتهمت اللجنة � في تقريرها � الحكومة السودانية والمليشيات الدارفورية العربية التي

أسمتها الجنجويد بأنها نفذت كل هذه االنتهاكات على نطاق واسع وبصورة منهجية.

وبرغم أن اللجنة برأت في تقريرها الحكومة الس���ودانية من تهمة اإلبادة الجماعية إال أنها أشارت إلى أنه ربما يكون هناك مسئولون حكوميون ارتكبوا أعمااًل بنية اإلبادة الجماعية، إال أن إثبات صحة ذلك ال يتس���نى إال لمحكمة مختصة وعلى أس���اس كل حال���ة على ح���دة. ويضيف التقرير ) ومع ذلك فهذا ال يقلل م���ن خطورة الجرائم الدولية التي ارتكبتها الحكومة، والمليشيات التابعة لها كالجرائم ضد اإلنسانية، وجرائم الحرب

والتي ال تقل فظاعة وخطورة عن جريمة اإلبادة الجماعية.

أما بصدد الحركات المتمردة فقد أش���ار التقرير على استحياء إال أن حركتي جيش تحرير الس���ودان والعدل والمس���اواة ارتكبتا أعمال عنف ولكنهما � حس���ب التقرير � لم

ترتكبا انتهاكات بشكل منهجي ومنتشر، وأن انتهاكاتها قد تشكل جرائم حرب.

يش���ار كذلك إلى أن اللجنة أعلنت في تقريرها هذا رفضها لما ذكره المس���ئولون السودانيون لها من أن أي هجمات شنتها القوات المسلحة الحكومية في دارفور كانت ألغ���راض التصدي للتمرد واقتضتها حتميات عس���كرية. و ف���وق كل ما تقدم فقد أوصت اللجنة بشدة بأن يحيل مجلس األمن الحالة في دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية

فوراً.

عل���ى أية ح���ال فإنه يالح���ظ أن اللجنة قد اس���تخدمت صيغ التوكيد ف���ي إدانتها للحكومة السودانية وما يسمى بمليشيات الجنجويد في حين استخدمت لفظات من قبيل ق���د وربما فيما يتصل بانتهاكات المتمردين، كما أنه���ا اعتبرت انتهاكات الحكومة وما يس���مى بالجنجويد خروقات منهجية واس���عة النطاق، في الوقت الذي اعتبرت فيه خروق���ات المتمردي���ن محدودة وغير منهجية، وذلك كله برغ���م اعتماد اللجنة في إعداد

تقريرها بصفة أساسية على شهادات من أسمتهم شهود العيان.

يش���ار كذلك إلى أن الحكومة الس���ودانية ظل���ت تؤكد دومًا زيف كاف���ة االدعاءات بارتكابه���ا جرائم ضد اإلنس���انية، كما كذب الرئيس الس���وداني في أكثر من مناس���بة

Page 38: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

37

التقاري���ر المتعلقة بوقوع عمليات اغتصاب جماعي داخل دارفور، مؤكدًا على أن مثل هذا األمر ال يتماشى مع الشيم الكريمة التي يتمتع بها الدارفوريون.

وجملة القول في ش���أن كل ما تقدم أن هناك تباينا واضحًا بين المعنيين بالصراع الدارفوري س���واء فيما يتعلق بحجم الخس���ائر البش���رية و المادي���ة التي نجمت عن ه���ذا الصراع، أو حتى بصدد توصي���ف حقيقة ما يجري داخل اإلقليم إال أنه يالحظ ميل الواليات المتحدة إلى األخذ بالتقارير التي تشير إلى تعاظم حجم الخسائر كما تحمل الحكومة الس���ودانية المس���ئولية كاملة عن ذلك، ليس هذا فحسب بل وراحت تتهمها من���ذ البدايات األول���ى للصراع بتبني عملية إبادة جماعية ف���ي دارفور، وبالتالي فقد راح األمريكيون ينددون دومًا بالحكومة السودانية، ويحاصرونها بالعقوبات، ويحرضون عليها

جماعة الدول ويستمطرون عليها اإلدانات من األمم المتحدة.

Page 39: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

38

المحور الرابع: الصراعات العرقية في العالم العربي: الحلول

نطرح فيما يلي بعض العناوين العريضة كأفكار للمناقش���ة في إطار اختيار أحدها أو بعضها كحل للمشكالت العرقية التي يعاني منها العالم العربي على النحو المتقدم:

المواطنة والحكم الرشيد.. 1

بث الفكرتين القومية واإلسالمية.. . 2

الجهود المبذولة في إطار العالقات العربية العربية والتنظيمات االقليمية العربية.. 3

التنمية.. 4

المحاصصة السياسية .. 5

الفيدرالية والحكم الذاتي.. 6

السماح باالنفصال. . 7

مصادر المحاضرة الرئيسية:

أحم���د وهبان، الصراع���ات العرقية واس���تقرار العالم المعاصر: دراس���ة في األقليات والجماعات والحركات العرقية )اإلسكندرية، أليكس لتكنولوجيا المعلومات، 2007(.

أحم���د وهبان، السياس���ة األمريكية تجاه مش���كلة دارفور بين اعتب���ارات المصلحة ودعاوى األخالقية )الخرطوم، مركز دراسات اإلسالم والعالم المعاصر، 2011(.

تمت بحمد اهلل

Page 40: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

السيرة الذاتية االسم: د / أحمد محمد محمد وهبان تاريخ ومحل الميالد: 10/ 6/ 1965 – جمهورية مصر العربية. الوظيفة الحالية: أستاذ مش���ارك بكلية الحقوق والعلوم السياسية � جامعة

الملك سعود بالرياض - المملكة العربية السعودية.أس���تاذ العلوم السياس���ية المش���ارك بكلية التجارة � جامعة اإلس���كندرية �

جمهورية مصر العربية.التخصص العام: العلوم السياسية. التخصص الدقيق: العالقات الدولية. حصل على درجة دكتور الفلسفة في العلوم السياسية من جامعة اإلسكندرية

عام 1996.حاصل على جائزة الدولة التشجيعية - جمهورية مصر العربية )2001(. حاض���ر طالب مرحل��ة البكالوريوس ومراح���ل الدراس���ات العليا بجامعة

اإلسكندرية وبعض الجامعات العربية في موضوعات مقررات عديدة أهمها:

مدخل العلوم السياسية.. 1

النظرية العامة للعالقات الدولية.. 2

تاريخ الفكر السياسي.. 3

التنمية السياسية.. 4

سياسات خارجية معاصرة.. 5

التاريخ الدبلوماسي.. 6

مشكالت سياسية دولية.. 7

العالقات الدولية في اإلسالم.. 8

تطور السياسة الدولية.. 9

النظرية السياسية.. 10

مقدمة في العالقات الدولية.. 11

تحليل السياسة العامة.. 12

نظام الحكم في اإلسالم. 13

لتنظيم العالمي. 14

Page 41: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو

له العديد من الكتب واألبحاث والدراسات المنشورة منها:

العالقات األمريكية األوربية بين التحالف و المصلحة ) مكتبة نهضة الشرق، . 1القاهرة 1995(.

الصراعات العرقية واستقرار العالم المعاصر: دراسة في الجماعات و الحركات . 2و األقليات العرقي���ة )دار الجامعة الجديدة، والدار الجامعية »خمس طبعات«،

اإلسكندرية، 1997، 1999، 2001 2003،2007(.ظاهرة التخلف السياس���ي: رؤية جديدة للواقع السياس���ة في العالم الثالث . 3

)مجلة كلية التجارة، جامعة اإلسكندرية، 1999(.لتخلف السياس���ي وغايات التنمية السياسية )دار الجامعة الجديدة، و الدار . 4

الجامعي���ة، وأليكس لتكنولوجي���ا المعلومات، اإلس���كندرية »ثالث طبعات« .) 2004 ،2003 ،1999

التاريخ الدبلوماسي: العالقات السياسية بين القوى الكبرى 1815 – 1990 )دار . 5الجامعة الجديدة، الدار الجامعية، أليكس لتكنولوجيا المعلومات، اإلسكندرية

»خمس طبعات« 2000، 2001، 2003، 2004،2006 ( - باالشتراك.الفكر السياس���ي للم���اوردي: رؤية معاص���رة )مجلة كلية التج���ارة – جامعة . 6

اإلسكندرية، 2000(.الماوردي: رائد الفكر السياسي اإلسالمي )دار الجامعة الجديدة، اإلسكندرية، . 7

.)2001حلف شمال األطلنطي: العالقات األمريكية األوربية بين التحالف و المصلحة . 8

1945 – 2000 )دار الجامعة الجديدة، اإلسكندرية، 2001 ( – باالشتراك.الصراع الهندي الباكس���تاني في مرحلة الحرب التقليدية ) مجلة كلية الحقوق، . 9

جامعة اإلسكندرية، 2001(الص���راع الهندي الباكس���تاني و الخيار النووي ) مجلة كلي���ة التجارة، جامعة . 10

اإلسكندرية، 2002 (.مدخل العلوم السياسية، )دار خوارزم، القاهرة، 2002 ( – باالشتراك.. 11مقدم���ة إل���ى العالقات السياس���ية الدولية )أليك���س لتكنولوجي���ا المعلومات، . 12

اإلسكندرية، 2004(- باالشتراك. الصراع الهندي الباكس���تاني بين الحرب التقليدية والخيار النووي ) أليكس . 13

لتكنولوجيا المعلومات، اإلسكندرية، 2005(.مدخل العلوم السياسية، ) أليكس لتكنولوجيا المعلومات، 2007( � باالشتراك.. 14تحليل إدارة الصراع الدولي: دراسة مسحية لألدبيات المعاصرة )مجلة عالم . 15

الفكر- الكويت، أبريل 2008 (.السياس���ة األمريكية تجاه مش���كلة دارفور بين اعتب���ارات المصلحة ودعاوى . 16

األخالقية )مجلة كلية التجارة بدمنهور، جامعة اإلسكندرية، يناير 2009م(.17 .www.kotobarabia.com :نشر العديد من هذه المؤلفات إلكترونيًا على

Page 42: fac.ksu.edu.safac.ksu.edu.sa/sites/default/files/lsrt_lrqy_wlstqrr...،نادو سلا بونج يف ةيلاصفنلاا تاكرحلا معدل ة يدنغولأاو ةيبويثلإاو