sustech.edusustech.edu/staff_publications/20120426095547910.pdf · ٢ ﻡﺎـﻜﺤﻷﺍ ﻥﻤ...

27
١ ﺃﺤﻜـﺎﻡ ﻤﺴـﺄﻟﺔ ﻭﻫﻲ ﺃﻻ ﹰ، ﻭﺤﺩﻴﺜﺎ ﻗﺩﻴﻤﺎ ﺠﺩﻻ ﺃﺜﺎﺭﺕ ﺍﻷﻫﻤﻴﺔ ﻤﻥ ﺩﺭﺠﺔ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﻫﺫﻩ ﺘﺘﻨﺎﻭل ﺍﻟﺸـﺭﻴﻌﺔ ﺘﻌﺒﺩﻴﺔ ﻫﻰ ﺃﻡ ﻤﻌﻠﻠﺔ ﻫﻲ ﻫل ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ. ﻋﻨﻬﻡ ﻟﻠﺤﺭﺝ ﻭﺩﻓﻌﺎ ﺍﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺘﻭﺴﻌﺔ ﺠﺎﺀﺕ ﺇﻨﻤﺎ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺃﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﻭﻗﺩﻤﺕ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ، ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺃﻗﺴﺎﻡ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺒﻴﻨﺕ. ﻓـﻰ ﻭﺃﺩﻟﺘﻬﻡ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﻨﺼﻭﺹ ﺘﻌﻠﻴل ﻤﺴﺄﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﻤﺫﺍﻫﺏ ﻭﺸﺭﻭﻁﻬﺎ، ﺍﻟﻌﻠﺔ ﺘﻌﺭﻴﻑ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺒﻴﻨﺕ ﻭﻜﺫﺍ ﻫـﺫﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ. ABSTRACT This study addresses a question of high importance that has caused controversy in the past and recently, this question of does Islamic Asharia is devotional or reasoned. The study clarified the sections of legal prousions, and proved that Sharia is used to expansion the charge and pushed them and hardship. The study showed as well as the defination of perpecos (Allal) and conditions, and the view of sceientist in explanation of the issue of legal provisions and the texts of their cuidence of this issue. PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

Upload: others

Post on 05-Sep-2019

14 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

١

الشـريعة تتناول هذه الدراسة مسألة على درجة من األهمية أثارت جدال قديما وحديثا، أال وهي مسـألة أحكـام.اإلسالمية هل هي معللة أم هى تعبدية

.بينت الدراسة أقسام األحكام الشرعية، وقدمت األدلة على أن الشريعة إنما جاءت توسعة على المكلفين ودفعا للحرج عنهم

هـذه وكذا بينت الدراسة تعريف العلة وشروطها، ومذاهب العلماء في مسألة تعليل نصوص األحكام الشرعية وأدلتهم فـى . المسألة

ABSTRACT

This study addresses a question of high importance that has caused controversy in the past and recently, this question of does Islamic Asharia is devotional or reasoned.

The study clarified the sections of legal prousions, and proved that Sharia is used to expansion the charge and pushed them and hardship. The study showed as well as the defination of perpecos (Allal) and conditions, and the view of sceientist in explanation of the issue of legal provisions and the texts of their cuidence of this issue.

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

٢

،التكليف العلة،الحكمة.

أحكام الشـريعة (تتناول هذه الدراسة موضوعا مهما هو شـريعة فبينت الدراسة التعريف بال). بين التعليل والتعبد

وكذا تم بيان أقسام . وأنها إنما وضعها اهللا رحمة بالناساألحكام الشرعية ومعنى الحكم، وأقسامه، وأن األحكام ما شرعت إال توسعة على المكلفين ودفعا لما يتوقـع مـن نزول الحرج بهم، كما تم أيضا تقديم األدلة على ذلـك،

والحكمة وبيان الفـرق كذلك بينت الدراسة تعريف العلةتناولـت . بينهما، وشروط العلة المتفق والمختلف عليها

الدراسة أيضا بيان أن األحكام الشرعية معللة وأن ذلـك منهج القرآن والسـنة، ومسـلك الصـحابة والتـابعين

.وتابعيهم، وبينت الدراسة أقوال العلماء في ذلك

يين فـي تعليـل وبينت الدراسة أيضا مذاهب األصـول وكذا بيان األدلة –رأي ابن حزم الظاهري –النصوص

وكذلك بينت الدراسة مذهب . التي استدل بها والرد عليهالجمهور وأقوالهم في مسائل تعليل نصـوص األحكـام

وبينت أن مذهبهم في ذلك هو . الشرعية، وأدلتهم في ذلكأثـر واشتملت الدراسة كـذلك علـى بيـان . الصواب

ثـم خاتمـة . االختالف في المسائل الفقهية بذكر بعضها .البحث وقائمة بالمصادر والمراجع

:الدراسة

تفضل اهللا سبحانه وتعالى على عباده بالخلق، ولم يتركهم .سدى، بل بعث إليهم بالرسل وأنزل لهم الكتاب

وهؤالء الرسل جميعهم جاءوا من عند اهللا بـدين واحـد الشريعة مـا : (متفقة في أصولها قال ابن األثيروشرائع

شرع لهم : سنه اهللا لعباده من الدين وافترضه عليهم، يقاليشرع شرعا فهو شارع، وقد شرع اهللا الدين شـرعا إذ

. )١()أظهره وبينه

:تعريف الشريعة

عبارة عن األحكام التـي :" عرف البعض الشريعة بأنها ليكونوا مؤمنين عاملين على ما يسـعدهم سنها اهللا لعباده

وأما شرع الدين فهو وضعه وإنزاله ". في الدنيا واآلخرة

وجلمن عند اهللا تعالى كما قال عز: M M L K J

Q P O NL )٢(.

فكل ما جاءت به الرسل من عند اهللا فهو متحد األصـل، منه ما يتعلق بمصلحة ثابتة ال تخضع لظروف الزمـان والمكان كوجوب اإليمان والصالة والعدل والصدق، ومنه ما يتعلق بمصلحة تخضع لظـروف الزمـان والمكـان واختالف األحوال، فهذه المصـلحة تختلـف بـاختالف

فيعتريها التبديل والتغيير، فأصل الـدين واحـد، األجيال .)٣(وإنما االختالف في الشرائع والمناهج

الشرائع كلها في أصـولها وإن تباينـت : (قال ابن القيم متفقة مركوز حسنها في العقول، ولو وقعت على غير ما

.)٤()هي عليه لخرجت عن الحكمة، والمصلحة، والرحمة

. ٢٣١ص- ٢جـ - النھایة - ابن األثیر) ١( .٨ص - تاریخ التشریع اإلسالمي - محمد علي السایس) ٢( . ٨٥ص - ١جـ - حجة اهللا البالغة - ولي اهللا الدھلوي ) ٣( . ٢ص - ٢جـ - مفتاح دار السعادة - ابن القیم ) ٤(

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

٢

وجل أن يشرع لعباده من األحكـام واقتضت مشيئته عزما فيه صالح أمرهم في حياتهم ومعادهم، وأن يضع لهم

. )٥(من النظم والقوانين ما يحقق لهم الخير والمصلحة

والغاية التي رسمها اهللا لعباده من تلك الشـرائع واحـدة يقول الدكتور عبد . وهي حصول السعادة لهم في الدارين

القصد الذي يعتبر في المرتبة األولـى، أي ب: (اهللا درازهـو : وهذا القصـد األول . ويكون ما عداه كالتفصيل له

.)٦()كونها وضعت لمصالح العباد في الدارين

ومما ال شك فيه أن هداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور هدف وغاية هذه الشريعة الخاتمة بما تضمنت

ز وجل في حق رسولنا صلى من نظم وأحكام، قال اهللا ع

M e d c b a `L : اهللا عليه وسـلم وأكد اهللا عز وجل مصلحة المسلمين التي جاء بهـا ، ) ٧(

/ M 6 5 4 3 2 1 0 :القرآن بقوله

? > = < ; : 9 8 7)٨(.

ومما تعلق باألحكام الجزئيـة مـن مصـالح، دنيويـة

M ° ¯ ® ¬ « ª :قـال تعـالى . وأخروية

² ±³ º ¹ ¸ ¶ µ ´»

¾ ½ ¼¿ Ä Ã Â Á ÀL )ــي . )٩ وفـ

ــيام M 9 8 7 6 5 4 3 :الصـ

A @ ? > = < ; :L )١٠(.

. ٧٥ص - المقاصد العامة للشریعة - یوسف العالم ) ٥( . ٥ص ٢- جـ - لى الموافقاتالتوضیح ع - الشاطبي) ٦( ) .١٠٧(سورة األنبیاء اآلیة )٧( ) .٩(سورة اإلسراء اآلیة )٨( ) .٤٥(سورة العنكبوت اآلیة )٩( ) .١٨٣(سورة البقرة اآلیة ) ١٠(

فاهللا سبحانه وتعالى لم يترك عباده سدى، بل أنعم عليهم بإرسال الرسل إليهم مبشرين ومنـذرين، بعد نعمة الخلق

وأنزل معهم الكتب المتضمنة لهداية العباد إلـى الحـق والخير والسعادة في الدارين، وجميـع األحكـام الكليـة والجزئية تهدف إلى تحقيق مصالحهم وقد اتفقـت كلمـة العلماء على أن أحكام اهللا تعالى قائمـة علـى رعايـة

.)١١(المصالح

نقسم األحكام الشرعية إلى أحكام معقولة المعنى سواء وت أكانت عبادية أو عادية، وأحكام غير معقولـة المعنـى

عبادية كانت أو عادية

وما ال يعقل معناه من األحكام يطلق عليه حكم ذو معنى تعبدي، نظرا لتوقف العقـل عـن إدراك ذاك المعنـى

عبديـة ال تـدرك، معان ت: فالمعاني إذن قسمان. الخاص .ومعان معقولة يمكن إدراكها

فان معقولية األحكام والمتمثلة في كونها أقـرب إلـى القبول وأبعد عن الحرج، أما كونها أقرب إلى القبـول،

المكلفين إلى اإليمان بجدواها فألن معقولية األحكام تدعوـ ي وعدالتها، إذ تنفي هذه المعقولية إمكان وقوع العبث ف

~ � ¡ ¢ £ M :قال تعالى. التشريع

§ ¦ ¥ ¤L)١٢ (.

معقولـة ـم غائيـةفارتباط األحكام الشرعية غالبا بحكومدركة حافز للمكلفين على امتثال هذه األحكـام نظـرا لمعقوليتها، وتكوينها القناعات بجـدوى هـذا التشـريع

.وفائدته

. ٣ص - ٢جـ - الموافقات - الشاطبي )١١( ) .١١٥(سورة المؤمنین اآلیة ) ١٢(

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

٣

عد عن الحرج، فألنها تنفـي وأما كون معقولية األحكام أبصفة التحكم والتسلط عن هذه األحكام، وإنما مقصوده أن يتحقق سلطان التشريع في نفوسهم بالرغبة ال بـاإلكراه،

إذ قصـد : (واالختيار ال باالضطرار، يقـول الشـاطبي الشارع من المكلف أن يكون عبدا هللا اختيارا كمـا هـو

ولو كان التشريع تحكميا النتفـى )١٣()عبد له اضطرارا .، واختيارا يصدر عن قناعة ورضا كون تنفيذه طواعية

وأن كون األصل في األحكام الشرعية المعقولية ال يعني إهمال معنى التعبد فيها ، فاألحكـام الشـرعية معقولـة وتعبدية في آن واحد، وليس في هذا تناقض وال تعارض،

معقولة من جهة إمكانية الوقـوف علـى حكمـة إذ إنها إن : تشريعها في الغالب، وتعبدية من وجوه أخرى منهـا

على المكلف امتثال األمر الشرعي ، سواء أعقل معنـاه المقصود أم لم يعقله، وأنه إذا فهم لخطاب الشارع حكمة مستقلة في شرع الحكم، فال يلزم من ذلك أن ال يكون ثم

. )١٤(أخرى ومصلحة ثانية وثالثة وأكثرحكمة

وعلى ذلك فال يصح القطع بأن ال مصلحة للحكم إال مـا ظهر لنا ، إذ هو قطع على غيب بال دليل، وذلك غيـر جائز، فقد بقي لنا إمكان حكمة أخرى شرع لها الحكـم، فصرنا من تلك الجهة واقفين على التعبد ، رغم وقوفنـا

.على حكمة معقولة

:معنى الحكم

هو خطاب اهللا تعالى المتعلق بأفعال المكلفين باالقتضـاء وهـذا تعريـف جمهـور . )١٥(أو التخيير أو الوضع

. ٢٥٠ص - قواعد المقاصد - ني ، الكیال١٤٣ص ١جـ - الموافقات - الشاطبي )١٣( . ٣١٧ص ٢جـ. المرجع نفسھ ) ١٤( . ٣٨ص ١جـ- أصول الفقھ اإلسالمي - وھبة الزحیلي )١٥(

فقد جعلوا الحكم علما على نفس خطاب )١٦(األصوليينالشارع، وأما عند الفقهاء فان الحكم هو الصفة الشرعية

وصف به أفعال وهو الذي ت التي هي أثر لذلك الخطاب، .العباد

هو النصوص الشرعية نفسـها، : فالحكم عند األصوليينوعند الفقهاء هـو األثـر الـذي تقتضـيه النصـوص

. )١٧(الشرعية

تكليفي ووضعي، ولكل قسـم : وينقسم الحكم إلى قسمين ب فعل من فالحكم التكليفي هو ما اقتضى طل. منهما أقسام

و تخييره بين الفعل والكـف ، أالمكلف، أو كفه عن فعلهي اإليجاب وهـو الخطـاب : فيكون خمسة انواع. عنه

والندب هو الخطاب . الدال على طلب الفعل طلبا جازماالدال على طلب الفعل طلبا غير جازم، والتحـريم هـو الخطاب الدال على طلب الكف عن الفعل طلبا جازمـا،

ل على طلب الكف عن الفعـل والكراهة هي الخطاب الداطلبا غير جازم، واإلباحة هي الخطاب الدال على تخيير

.المكلف بين الفعل والترك

أما الحكم الوضعي هو ما اقتضى وضـع شـيء سـببا لشيء، أو شرطا له، أو مانعا منه وإنما سمي هذا النوع

النه يقتضـي وضـع أمـور تـرتبط : بالحكم الوضعياألخرى كاألســـباب للمســـببات أو الشـــروط بـــ

.)١٨(للمشروطات

من شروط التكليف القدرة على الفعل المكلف به، فما ال . قدرة عليه ال يصح التكليف به شرعا، وإن جاز عقـال

.٥ص - إرشاد الفحول- ني ا، الشوك٤٩ص ١جـ - اإلحكام - اآلمدي )١٦( . ٤١ص- ١جـ - أصول الفقھ اإلسالمي - وھبة الزحیلي )١٧( . ٤٣ص- ١جـ - أصول الفقھ اإلسالمي- وھبة الزحیلي )١٨(

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

٤

مثل األوصاف التي طبع عليها االنسان كالشـهوة إلـى دور الطعام والشراب، ال يطلب برفعها، فان ذلك غير مق

.لإلنسان

أما ما كان داخال تحت كسبه قطعا، وهذا ما عليه معظم األفعال المكلف بها التي ال ريب في دخولها تحت قدرته

.)١٩(وكسبه

، وال )٢٠(إن الشارع ال يقصد التكليف بالشاق من التكاليفخالف في أن الشارع قاصد إلى التكليف بما يلـزم فيـه

ال يقصد نفس المشقة، بل يقصد ما كلفة ومشقة ما، ولكنهوإذا كانت . )٢١(في ذلك من المصالح العائدة على المكلف

المشقة خارجة عن المعتاد، بحيث يحصل للمكلـف بهـا فساد ديني، أو دنيوي، فمقصود الشارع فيها الرفع على

.)٢٢( الجملة

فاألحكام ما شرعت إال توسعة على المكلفين ورفعا لمـا يقـول . يتوقع من نزول الحرج بهم في حـال فقـدانها

ودورانها على التوسعة والتيسير ورفع الحرج : الشاطبي

M V U T S R: قال تعالى . )٢٣(والضيق

] \ [ Z Y X W

a ` _L )دل فاآلية الكريمة ت .)٢٤على نفي الحرج في الدين، حيث وردت كلمـة الحـرج

اق النفي أصوليا تدل نكرة في سياق النفي، والنكرة في سينفي عموم الحرج صغر أو ، فأرشد ذلك على على العموم

رق أو جلكبسواء أكان حسيا واقعا في األبـدان . )٢٥(، د

.٤٣ص - المقاصد العامة للشریعة اإلسالمیة - یوسف العالم )١٩( . ١٢١ص ٢جـ - الموافقات - الشاطبي )٢٠( . ١٢٤ص ٢جـ - المرجع نفسھ ) ٢١( . ١٥٦ص ٢جـ - المصدر نفسھ ) ٢٢( . ٢٤ص ٤جـ - المصدر نفسھ ) ٢٣( ) .٦(سورة المائدة اآلیة ) ٢٤( . ٣٧٥ص - ٤جـ - المحرر الوجیز - ابن عطیة )٢٥(

رين مرفوع فـي أو نفسيا واقعا على المشاعر، وكال األم .الشريعة اإلسالمية

M 8 7 ¯ ® ¬ « ª © ¨ §

¶ µ ´ ³ ² ± °

¸L )٢٦( .

فاآلية الكريمة نص صريح في إرادة اليسر باألمة ورفع وإرادة اليسـر تعبيـر عـن الحـرج . )٢٧(العسر عنها

.المرفوع في الشريعة جملة وتفصيال

لوال ان أشق على أمتي " : (عليه وسلمصلى اهللا "ويقول فيرشد هذا الحديث )٢٨()ألمرتهم بالسواك عند كل صالة

إلى قصد الشارع إلى رفع الحرج عن األمة مـن جهـة ترك اإللزام بما يكون مظنة إلدخال المشقة عليها، ومـن ذلك السواك، إذ ترك النبي صلى اهللا عليه وسلم األمر به

لى المكلفين ومراعاة لحالهم، وأبقى الحكم على تيسيرا ع .)٢٩(الندب دون الوجوب

كذلك نقل اإلمام الشاطبي اإلجماع على عدم وقوع الحرج في التكليف، وهذا دليل على عدم قصد الشارع إليه، ولو

.)٣٠(كان واقعا لحصل في الشريعة التناقض واالختالف

ن توجيه قصد الشارع إلى من خالل النصوص السابقة تبالتيسير ورفع الحرج عن المكلفين قوال وعمال من خالل األحكام العملية التي راعت ظروف المكلفين الطارئة، بما

نختم ذلك . يرفع عنهم المشقة أو يخفضها على أقل تقدير

) .١٨٥(سورة البقرة اآلیة ) ٢٦( . ٤٢ص - ٢جـ - البحر المحیط - ن اأبو حی )٢٧( ) .٢٥٢(برقم ١٤٣ص - ٣جـ - صحیح مسلم بشرح النووي - النووي )٢٨( . ١٤٣ص ٣جـ. المرجع نفسھ ) ٢٩( . ١٢٢ص - ٢جـ - الموافقات - الشاطبي )٣٠(

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

٥

األدلة على دفع الحرج عن هذه األمـة : (بقول الشاطبي .)٣١()بلغت مبلغ القطع

هي اسم لما يتغير به حال الشيء بحصوله فيه، : في اللغةفيقال للمرض علة، الن الجسم يتغير حاله بحصوله فيـه

، وعلـل )عـالت (من القوة إلى الضعف، وتجمع على .)٣٢(وأعالل

علل بعد نهل، : وقيل هي الشرب بعد الشرب تباعا، يقاليعله إذا سقاه السقية الثانية، وأعل الكلمـة بمعنـى وعلة

.)٣٣(أبدى الحجة وتمسك بها: عللها ، وتعلل الرجل تعلال

فهي إما أن تكون المرض ألن تأثيرها في الحكم كتـأثير المرض في ذات المريض، أو هي معاودة الشرب مـرة

.بعد مرة

حكم عنـده هي ما شرع ال: أما في اصطالح األصوليين .)٣٤(تحقيقا للمصلحة أو هي الوصف المعرف للحكم

معناه : فالوصف هو المعنى القائم بالغير والمعرف للحكمالذي جعل عالمة عليه من غير تأثير فيـه، وال باعـث

أنـه معـروف أي : عليه، فمعنى كون اإلسكار مثال علة .عالمة على حرمة السكر

الحكمة الباعثة على تشريع الحكم مـن تحصـيل : األولمثـل . مصلحة يراد تحققها أو دفع مفسدة ينبغي تجنبها

حصول المنفعة للمتعاقدين المترتبة على إباحـة البيـع،

. ٣٤٠ص - ١جـ. المصدر نفسھ ) ٣١( . ١٤٥٩ص - ٢جـ - محیط المحیط - ني ابطرس البست )٣٢( . ٤٦٧ص- ١١جـ. باب الالم ، فصل العین - ن العرب الس - ابن منبور )٣٣( . ٦٤٦ص - ١جـ- أصول الفقھ اإلسالمي - وھبة الزحیلي )٣٤(

وحفظ األنساب المترتب على تحريم الزنا ووجوب الحد خمـر على فاعله، وحفظ األموال المترتب على تحريم ال

ووجوب الحد بشربه، وحفظ األمـوال المترتـب علـى تحريم السرقة ووجوب القطع، وحفظ األرواح المترتـب على تحريم القتل العمد العدوان، ووجوب القصاص على

.مرتكبه ونحوه

إن مقياس إعتبارالمصلحة والمفسدة هو تقـدير الشـارع هوائهم الحكيم ، وليس بحسب ما يتخيله الناس على وفق أ

وأغراضهم، فان الناس يهـدفون أحيانـا إلـى مراعـاة مصالحهم الخاصة ونبذ المصالح العامة أو جعلهـا فـي

فإذا قام التشـريع . ة ثانوية تراعى في حدود ضيقةمرتبوفقا لمعايير الناس انقلبت األوضاع وعم الفساد، أو كان

غيير والتبديل، بل التشريع دائما قلقا مضطربا عرضة للتوتأثرت المصالح الخاصة نفسها بذلك، وإذا سادت النزعة . الجماعية أيضا في التشريعات ذابت مصالح األشخاص

فكان من رحمة اهللا بالناس في التشريع أن قصـد حفـظ قـال . )٣٥(التوازن بين مصالح المجتمع ومصالح األفراد

كلها راجعة إلى مصالح التكاليف : (العز بن عبد السالم العباد في دنياهم وأخراهم ، واهللا غني عن عباده الكـل،

) وال تنفعه طاعة الطائعين وال تضره معصية العاصـين )٣٦( .

الـذي )٣٨(المنضـبط )٣٧(الوصف الظـاهر : الثاني إما بجلـب . بتحقيق مصلحة الناس) ٣٩(يناسب الحكم

اإليجاب والقبـول مثل . النفع لهم أو دفع الشر عنهم

. ٦٤٨ص - ١جـ - أصول الفقھ اإلسالمي - وھبة الزحیلي )٣٥( . ٦٢ص - ٢جـ - قواعد األحكام - العز بن عبد السالم )٣٦( .الصفة الواضحة التي یمكن إدراكھا في المحل الذي ورد فیھ الحكم أي ) ٣٧( .أي الذي ینطبق على كل األفراد على حد سواء ) ٣٨( .أي ارتباط الحكم بھ محققا لمصلحة العباد غالبا ) ٣٩(

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

٦

هما علة لعقد البيع، فهما أمر ظاهر منضبط يترتـب على تشريع الحكم عند وجوده وهو نقل الملـك فـي البدلين ومصلحة للمتعاقدين وسـد لحاجتهمـا بـدفع

.الحرج عنهما

والسرقة والزنا والقتل والعدوان كل منها وصف ظـاهر ـ ريم، منضبط يترتب على تشريع الحكم عنده وهو التح

هي المحافظـة : ووجوب الحد، والقصاص، والمصلحة فتطلق العلة علـى .) ٤٠(على األموال واألنساب واألرواح

كل من الحكمة والوصف الظاهر، فيقال علـة وجـوب الجلد في الزنا أما حفظ األنساب أو نفس الزنـا، إال إن علماء األصول خصصوا اسم العلة بالوصف الظـاهر،

كمة وأمفهي ما يترتب على الحكـم مـن جلـب : ا الحوقـرر جمهـور . مصلحة أو نفع أو دفع مفسدة أو ضر

، عليل يكون بالوصف الظاهر المنضبطاألصوليين أن الت، أم كـان كالرضا والسخط الظاهرينسواء أكان معقوال

محسوسا كالقتل والسرقة، أم عرفيا كالحسن والقبح، فمثل ومسـألة . )٤١(لعلة هي مناط الحكم عنـد الشـارع هذه ا

، من المسائل التي أثارها المعتزلـة التحسين والتقبيح هي هل في األفعال صفات حسن أو قبح جعلت : ومدارها هو

الشارع يأمر بها وينهى عنها ؟ فلوال ما في الصدق مـن صفة لما أمر به ، ولوال ما في الكذب من صفة لما نهى

لشارع بأمره بالصدق جعله حسنا، وبنهيـه أو ان اعنه، .عن الكذب جعله قبيحا

اكم في الحقيقة إال اتفق أهل السنة والمعتزلة على أنه ال حإلى واجب، ، واتفقوا على أن األفعال تنقسم اهللا عز وجل

. ١٤ص ٣جـ - إعالم الموقعین- ابن القیم )٤٠( ١جـ - الموافقات - طبيالشا . ٦٣ص ٢- جـ - التلویح على التوضیح - ني االتفتاز )٤١(

. ٣١٤ص

، ومكروه، وان الحسن والقـبح ومندوب، ومباح، ومحرملفته وبمعنى صـفة الكمـال بمعنى مالءمة الطبع أو مخا

، م وقبح الجهل ال خالف فيه بيـنهم والنقص كحسن العلوأيضا حكى اتفاقهم على أن فعل البهائم وما يلحق به ال

، واختلفوا فـي اتصـاف )٤٢(يوصف بالحسن، وال بالقبحأفعال العباد بالحسن والقبح بذواتها ، وفي إدراك العقـل

ذاتية لألفعـال قبـل ورود فيها بناء على تلك الصفات الالشرع، فذهب المعتزلة إلى أن األفعال في ذواتهـا مـع قطع النظر عن أوامر الشرع ونواهيه متصفة بالحسـن والقبح، وأرادوا بالقبح كون الفعل بحيث يستحق فاعلـه الذم عند الفعل، والحسن كونه بحيث ال يستحق فاعله ذلك

. والحسن تتفاوت مراتبـه ، ثم القبح هو معنى الحرمة، وقالوا في إمكان العقل أن يستقرئ الجزئيـات، ويحكـم حكما كليا، على بعض األفعال بالحسن أو القبح لما بـدا من نفعها أو ضررها لمعظم المجتمع الذي يصل إليه أثر

بعض الفعل حتى يصل به األمر إلى القطع بتلك الصفة ، لغرقىء، وإنقاذ ا، والوفااألفعال كحسن العدل، والصدق

.)٤٣(ومساعدة البائسين

وذهب المعتزلة كذلك إلى أن أوامر الشرع ونواهيه مـا هي إال كاشفات ال مثبتة، فوجوب الصالة وحرمة الزنـا مثال أمران ثابتان بأنفسهما، ال بسبب األمر والنهى، بـل

نسبوا األفعـال إلـى هما كاشفان عنهما ومؤكدان، وإذا ن زادوا في تعريف القبح استحقاق العقاب آجـال، المكلفي

ويذهب بعضـهم إلـى أن . وقيدوا استحقاق الذم بالعاجلاألفعال تتصف بصفة الحسن والقبح لالعتبـارات التـي

قال . ستقراء التام للجزئيات غير ممكنتقترن بها، ألن اال

. ٢١ص - أصول الفقھ - ، محمد الخضري ٤١ص - ١جـ - اإلحكام - اآلمدي )٤٢( . ٤١ص ١جـ - اإلحكام - اآلمدي )٤٣(

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

٧

كل حكم يعلم للفعل بضرورة العقل : (القاضي عبد الجبارع ألن السمع فيه تسابه ، فال وجه إلضافته إلى السمأو باك

، وإنما يضاف إلى ذلك فيما ال يعلم لـوال يرد إذا مؤكداويراد بالمعلوم بضرورة العقل مثل حسـن . )٤٤()السمع

اإليمان وقبح الكفر، ويراد بالمعلوم باكتسابه مثل حسـن ال الصدق المضر وقبح الكذب النافع، ويراد بما ال يعلم لو

.)٤٥(السمع كالعبادات

أما أهل السنة فذهبوا إلى ان األفعال ال حسن لها وال قبح ، وحسـنها نى ، بل قبحها كونها منهيـا عنهـا بذلك المع

نها الشرع ، بخالفه، وليس لها في نفسها صفة يكشف ع .بل هما مستفادان منه

يـه، فاألفعال ال تحسن وال تقبح إال بأمر الشـارع ونه وليس لها في ذاته ، وال ألمر خارج عنها صفة تكتسـب

فما حسنه الشارع بأمره فهـو . بها اسم الحسن أو القبح .)٤٦(الحسن ، وما قبحه بنهيه فهو القبيح وال دخل للعقل

تستعمل مرادفا لقصد الشارع أو مقصوده عنـد الفقهـاء . فال فرق بينهمـا فيقال هذا مقصوده كذا أو حكمته كذا

وهذا ما يتبادر إلى الذهن فالحكم مـرتبط بهـا، ألنهـا وأكد ذلك الشيخ بدران أبـو . الباعث على تشريع الحكم

على أن جمهور الفقهاء كانوا يذهبون في : (العينين فيقولاجتهاداتهم إلى أن ما شرعه اهللا من أحكام، لم يشرعه اهللا

ع مضرة عنهم ، فلهذا إال لمصلحة جلب منفعة لهم أو دفكانت تلك المصلحة هي الغاية المقصودة من التشـريع،

. ١٠١ص - ١٧جـ - المغني - القاضي عبد الجبار )٤٤(نقال عن المقاصد العامة للشریعة اإلسالمیة ، یوسف ٢١ص- المنتھى - ابن الحاجب )٤٥(

. ٤٠ص- العالم . ٢٣ص - أصول الفقھ - محمد الخضري )٤٦(

مة الحكم فهـي الباعـث علـى أما حك.. وتسمى حكمة ، والمصلحة التي قصدها الشارع مـن شـرعه تشريعه .)٤٧()الحكم

)٤٨(:

شـرع هو أن الحكمة هي المعنى المقصود مـن : األولالحكم، وذلك هو المصلحة التي قصد الشـارع بتشـريع الحكم جلبها أو تكميلها أو المفسدة التي قصـد الشـارع

.بتشريع الحكم درءها أو تقليلها

المعنى المناسب لتشـريع الحكـم أي المقتضـي : الثاني .لتشريعه

، أو مرا خفيا ال تدرك بحاسة ظـاهرة فالحكمة قد تكون أ يختلف باختالف األحوال أو باختالف أمرا غير منضبط

إباحة البيوع، حكمتها دفع الحـرج عـن : فمثال. الناس، فقـد تكـون س بسد حاجاتهم ، والحاجة أمر خفـي النا

المعاوضة بالبيع لحاجة أو لغير حاجة وإباحة الفطر في رمضان، حكمتها دفع المشقة، والمشقة تختلف بـاختالف

.األحوال والناس

حكمتها دفع المفسدة : قصر الصالة في السفر ومشروعية التي هي المشقة، غير أن هذه المشـقة أمـر اعتبـاري يختلف بالنسبة لألشخاص والظروف واألزمان واألماكن ، فال يمكن جعل السفر مناطا للحكم وهو الترخيص فـي قصر الصالة ، ولكن لما كان السفر مظنة هذه المشقة ،

منضبط ، جعل السفر علة إلباحة القصر وهو أمر ظاهر .كما هو علة إلباحة الفطر

. ٢٤٣- ٢٤٢ص - أدلة التشریع المتعارضة - ن أبو العینین ابدر )٤٧( . ١٢ص - ٣جـ - اإلحكام - اآلمدي )٤٨(

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

٨

ونظرا لخفاء حكمة التشـريع أحيانـا، : (يقول الزحيلي وعدم انضباطها أحيانا أخرى قرر جمهور األصـوليين منع التعليل بالحكمة مطلقا سواء أكانت خفية أم ظاهرة،

تعليل وصف منضبطة أم غير منضبطة، وحينئذ يلتمس للظاهر منضبط يدور مع الحكمة أو يغلب وجودها عنده، أي أن المطلوب هو أن يكون الوصف مظنـة لتضـمنه

وعندئذ ينبني الحكم عليه ويرتبط وجوده بوجوده . الحكمةان : وهذا هو معنى قـول األصـوليين . وعدمه بعدمه

الحكم يدور مع علته ال مع حكمته وجودا وعدما، أي أنالحكم يوجد حيث توجد علته ، ولـو تخلفـت حكمتـه،

.) ٤٩()وينتفي حيث تنتفي علته، ولو وجدت حكمته

ورجح اآلمدي التفصيل فـإن كانـت الحكمـة ظـاهرة منضبطة بنفسها جاز التعليل بها وإن لم تكن كذلك فـال

:ز التعليل واستدل على ذلك باآلتييجو

مختلفة الصور واألشخاص إنها إذا كانت خفية مضطربة لحكم واألزمان واألحوال، فال يمكن معرفة ما هو مناط ا

، ولهـذا فانـا نعلـم أن والوقوف عليه إال بعسر وحرجالشارع إنما قضى بالترخص في السـفر دفعـا للمشـقة المضبوطة بالسفر الطويل إلى مقصد معين ولم يعلقهـا

هـذا بنفس المشقة، لما كانت مما يضطرب ويختلف، ولفانه لم يرخص للحمال المشقوق عليه في الحضـر وإن ظن أن مشقته تزيد على مشقة المسافر، وإن كـان فـي

.غاية الرفاهية لما كان ذلك مما يختلف ويضطرب

أن اإلجماع منعقد على تعليل األحكام باألوصاف الظاهرة المنضبطة المشتملة على احتمال الحكم، ولو كان التعليل

خفية مما يصح لما احتيج إلى التعليل بضوابط بالحكمة ال

. ٦٥٠ص - ١جـ - أصول الفقھ اإلسالمي- وھبة الزحیلي )٤٩(

هذه الحكمة والنظر إليها لعدم الحاجة إليها، ولما فيه من إن .زيادة الحرج بالبحث عن الحكمة، وعـن ضـابطها

التعليل بالحكمة المجردة إذا كانت خفية مضطربة ، مما يفضي إلى العسر والحرج في حق المكلف بالبحث عنها

M r :الحرج من في بقوله تعالى واإلطالع عليها و

v u t sw � ~ } | { z y x

¡¢ L )٥٠.(

، ق يتبين الفرق بـين الحكمـة والعلـة وبناء على ما سبفالحكمة هي الباعث على تشريع الحكم والغاية البعيـدة المقصودة منه، وهي المصلحة التي قصد الشارع بتشريع

ع ، أو المفسدة التي قصد الشـار الحكم تحقيقها أو تكميلها .بتشريع الحكم درؤها أو تقليلها

وأما العلة فهي األمر الظاهر المنضبط المعرف للحكـم الذي ينبني عليه الحكم وجودا وعدما ، ألن ربط الحكـم

فالسفر مثال علـة . به يحقق المقصود من تشريع الحكملجواز الفطر والقصر، وباعتبار أنـه وصـف ظـاهر منضبط علق الحكم به، غير إنه في الواقع هـو مظنـة

.)٥١(تحقق حكمة تشريع الحكم

وعلى أساس هذا المعنى لمصـطلح العلـة، تفـرع مصطلح التعليل بمعناه العـام وهـو تعليـل أحكـام

.)٥٢(الشريعة بجلب المصالح ودرء المفاسد

والتعليل في اصطالح علماء المنطـق تبيـين علـة تدل فيه بالعلة على المعلول الشيء ويطلق على ما يس

.)٥٣(ويسمى البرهان اللمي

.١٢ص - ٣جـ - اإلحكام –، اآلمدي ) ٨٧(سورة الحج اآلیة ) ٥٠( . ٦٥١ص - مرجع سابق –الزحیلي وھبة )٥١( . ١١ص - نظریة المقاصد - أحمد الریسوني )٥٢(

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

٩

أن للعلة شروطا كثيرة اتفق العلماء على بعضها واختلفوا .في البعض اآلخر

أن تكون العلة ظاهرة جلية أي واضحة يمكن إدراكها . ١أن تكون بحيث يمكن التحقق من وجودها أو عدمها، أي

فإذا كان الوصـف . مدركة بحاسة من الحواس الظاهرة : خفيا فال يصح التعليل به، فمثال التراضي بين المتبايعين

ال يصح ان يكون علة لنقل الملكية في العوضـين؛ ألن التراضي أمر قلبي، ال يمكن إدراكه، وإنمـا يتعـين ان

لـذي تكون العلة في نقل الملكيات هي اإليجاب والقبول ا .هو مظنة التراضي

أن تكون العلة منضبطة لها حقيقة واحدة ال تختلـف . ٢باختالف األشخاص، وال باختالف األحوال، وال باختالف

ذهب األكثرون إلى امتناع تعليـل : قال اآلمدي. البيئاتأما االخـتالف . )٥٤(الحكم بالحكمة المجردة عن الضابطبر وصفا مضبوطا في اليسير فال اعتبار له مثاله القتل يعت

حرمان القاتل من الميـراث، فـيمكن ان يقـاس عليـه .الوصية

أن تكون هناك مناسبة أو مالئمة بين الحكم والوصف . ٣فالوصف المناسب هو ما ثبت مناسبته . الذي اعتبر علة

للحكم شرعا مثل القتل علة مناسبة لمنع الميراث، إذ إن والموروث، وان أساس الميراث صلة تربط بين الوارث

القتل بال ريب ينافي هذه الصلة ويقطعهـا، واإلسـكار .وصف مناسب العتبار الخمر حرام

. ٩٥ص - تعلیل األحكام - محمد شلبي )٥٣( . ١١ص - مرجع سابقاإلحكام ) ٥٤(

، أي أال تكـون مقصـورة )٥٥(أن تكون العلة متعدية. ٤على األصل وانما تكون وصفا يمكن تحققه في عدة أفراد

مثاله ال يصـح تعليـل . ويمكن وجوده في غير األصل العنب المخمر ألن هذه العلة ال توجد الخمر بأنها عصير

نه يصح في غير الخمر بخالف ما إذا عللنا باإلسكار، فإيحرم : وكذلك ال يصح القول. ألنه يوجد فيها وفي غيرها

يحرم الخمر : ، كما ال يصح القولالربا في البر لكونه برالكونه خمرا، فان العلة فيهما قاصرة ال تتجـاوز محـل

.)٥٦(النص إلى غيره

وقد اتفق العلماء على التعليل بالعلـة الثابتـة بـنص أو إجماع، أما إذا كانت العلة ثابتة باالجتهـاد واالسـتنباط

-:وكانت قاصرة فاختلف العلماء فيها

إلـى أنـه )٥٩(والحنابلة )٥٨(والشافعية )٥٧(فذهب المالكيةيصح التعليل بالعلة القاصرة ، كتعليل حرمة الربا فـي

، الثمنية أي أنهما أثمان األشياء بالنقدية أوالذهب والفضة إلى منع التعليل بها )٦٠(وذهب األحناف. وكونهما نقدين

إذ ال فائدة من التعليل ألن أساس القياس هو العلـة، وال تصح العلة أساسا للقياس إال إذا كانت متعدية أي أمـرا

.غير خاص باألصل ويمكن وجوده في غيره

ع القياس وهـو محـل اتفـاق عنـد إن قصور العلة يمن الجميع، إال إن الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة التمسوا فائدة للتعليل بالعلة القاصرة غير فائـدة تعديـه الحكم، وهي أن التعليل بالعلة القاصرة يفيد المكلف فـي

وھي ما تجاوزت المحل الذي وجدت فیھ إلى غیره من المحالت : العلة المتعدیة ) ٥٥(

الذي وجدت فیھ ، سواء أكأنت وھي التي لم تتجاوز المحل: األخرى ، وعلة قاصرة .منصوصة أم مستنبطة

. ٢٠ص - مرجع سابق –، اإلحكام ٩٨ص - ٢جـ - المستصفى - الغزالي )٥٦( . ٢١٧ص - ٢جـ - شرح العضد على مختصر المنتھى) ٥٧( . ٩٨ص - مرجع سابق ، المستصفى ٢٠ص - مرجع سابق –اإلحكام ) ٥٨( . ٣١٦ص - ٢جـ - روضة الناظر - ابن قدامة )٥٩( . ١٥٨ص ٢جـ. أصول الفقھ ، السرخسي ) ٦٠(

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

١٠

يا على وجـه المصـلحة ووفـق معرفة كون الحكم مبنإلى قبوله ويكون التعليل باعثا ، فتكون النفس أميل الحكمة

على االمتثال والطاعة، وأيضا فان معرفة اقتصار الحكم على محمل النص وانتفائـه عـن غيـره مـن أعظـم

.)٦١(الفوائد

أال تكون العلة مثبتة حكما في الفرع يخالف النص أو .٥، ك فال عبرة بها وال التفات إليهااإلجماع ، فإن كانت كذل

نبنى عليها يعتبر قياسا فاسدا، يقول الكمال والقياس الذي إمن شروط العلة أال تخالف نصا ، بان تفيـد : ابن الهمام

اشتراك األوالد : ومثاله. )٦٢(في الفرع حكما يخالف نصافي البنوة يعتبر وصفا مناسبا للمسـاواة بـين الـذكور واإلناث في حصة اإلرث من والدهم، غير ان الشـارع

M e d c :وصـف بقولـه تعـالى ألغى هـذا ال

fg j i hL)٦٣( .

والصحيح : (اختلفوا في تعليل الحكم بعلتين، قال الغزالي عندنا جوازه ألن العلة الشرعية عالمة، وال يمتنع نصب عالمتين على شيء واحد ، فإن من لمس ومس وبال في

وضوؤه، ومن أرضعتها زوجة أخيك وقت واحد ينتقض وأختك حرمت عليك ألنك خالها وعمها، والنكـاح فعـل واحد، وال يمكن ان يحال إلى الخؤولة دون العمومـة أو بعكسه، وال يقال تحريمان وحكمان، بل تحريم لـه حـد

.) ٦٤()واحد وحقيقة واحدة

. ٣١٧ص - ، روضة الناظر مرجع سابق ٢٠ص - مرجع سابق –اإلحكام ) ٦١( . ٢٢ص ٤جـ - تیسیر التحریر - ابن الھمام ) ٦٢( ) .١١(سورة النساء اآلیة )٦٣( . ٣٤٢ص - المستصفي مرجع سابق )٦٤(

... وذكر صاحب مسلم الثبوت أنه قد منع التعليل بعلتين .)٦٥(الحق عند الجمهور جوازه:وقال

اختلفوا في العلة الواحدة الشرعية هل تكون علة لحكمين شرعيين أوال ؟

المختار جوازه ألن العلة بمعنى اإلمارة أو : (قال اآلمديإن العلة قد يعلـل بهـا : (وقال البيضاوي. )٦٦()الباعث

معلول واحد، وقد يعلل بها معلوالن متماثالن ، كالقتـل ادر من زيد أو عمرو فانه يوجب القصاص على كل الص

وقد يعلل بها معلوالن مختلفان كـالحيض . واحد منهما فانه علة لتحريم القـراءة ومـس المصـحف والصـوم

. )٦٧()والصالة

في جواز تعليل حكم األصل بعلة متـأخرة )٦٨(واختلفواعن ذلك الحكم في الوجود، وذلك كتعليل إثبات الواليـة

إن الوالية ، فلصغير الذي عرض له الجنونب على الأل .ثابتة قبل عرض الجنون

يعد تعليل األحكام هو مسلك نصوص القـرآن والسـنة، ومسلك الصحابة والتابعين وتابعيهم، على أن أحكـام اهللا معللة بمصالح العباد ولم يظهـر الخـالف فـي تعليـل

الثالث الهجري، النصوص بغرض التعدية إال في القرن عندما نادى داود بن علي األصفهاني إمـام الظاهريـة

هـ رحمه اهللا بمنع تعليل النصـوص ٢٧٠المتوفي سنة الشرعية ونادى بالعمل بالنص الشرعي وحده من غيـر

. ٢٣٥ص ٢جـ - فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت )٦٥( . ٢٢ص - مرجع سابق –حكام اإل) ٦٦( . ٢٩٩ص - ٤جـ - نھایة السول - البیضاوي ) ٦٧( . ٢٣ص - مرجع سابق–اإلحكام ) ٦٨(

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

١١

بحث عن علة الحكم، وبالتالي من غير تعدية له إلى غير .)٦٩(موضع النص

تعليالت القـرآن وقد أورد ابن القيم عشرات األمثلة من والقرآن وسنة رسول اهللا صلى اهللا عليه : (وقال. والسنة

وسلم مملوءان من تعليل األحكـام بـالحكم والمصـالح، وتعليل الخلق بهما، والتنبيه على وجوه الحكم التي ألجلها

ولو كـان . شرع تلك األحكام وألجلها خلق تلك األعيان، مائتين لسقناه نحو مائة موضع أو هذا في القرآن والسنة

.)٧٠()ولكنه يزيد على ألف موضع بطرق متنوعة

إن من سير أحوال الصحابة رضي : (يقول إمام الحرمين اهللا عليهم وهم القدوة واألسوة في النظر لم تـر لواحـد

ستشوار تمهيـد أصـل، واستشـاره منهم في مجالس االوقـال شـاه ولـي اهللا . )٧١()، ثم بناء الواقعة عليهمعنى

ولم يكن العمدة عنـد الصـحابة إال وجـدان : (الدهلويثم بعد ... االطمئنان من غير التفات إلى طرق االستدالل

وفاته صلى اهللا عليه وسلم تفرقوا في البالد وصار كـل واحد منهم مقتدى به في بلد من بالد اإلسـالم، فكثـرت الوقائع ودارت المسائل فاستفتوا فيها فأجاب كل واحـد

ا حفظه واستنبط، وإن لم يجد فيمـا حفظـه أو حسب ماستنبط ما يصلح للجواب، اجتهد برأيه وعرف العلة التي علق رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم الحكم عليهـا فـي منصوصاته فطرد الحكم حيثما وجدها، ال يألو جهدا في

.)٧٢()موافقة غرضه عليه الصالة والسالم

. ٢٠٦ص - ١جـ - الملل والنحل - الشھرستاني ) ٦٩( . ٢٢ص ٢جـ. ، مفتاح دار السعادة ١٩٦ص - ١جـ - إعالم الموقعین - ابن القیم ) ٧٠(عن المقاصد العامة للشریعة ، یوسف ، نقال ٩١٣ص - البرھان - إمام الحرمین ) ٧١(

. ١٢٥ص. العالم . ٦ص ١جـ - مرجع سابق - حجة اهللا البالغة )٧٢(

اهللا عليهم ثم سـار وهكذا كانت أحوال الصحابة رضوانالذين يلونهم ثم الذين يلونهم على منـوالهم فـي الفهـم واالستنباط، وتعليل النصوص الشرعية لغرض التعديـة كان أمرا مسلما وسائغا طيلـة القـرن األول والثـاني

.الهجري ولم يوجد من ينكر ذلك

وتعليل النصوص بغرض التعدية لم يظهر فيه خالف رن الثالث الهجري، وإن كان النظـام إال في أثناء الق

من المعتزلة أنكر القياس ولكن إنكاره لم يأخذ طـابع وقد وجد إنكار عليه من جميـع . المذهب الجماعي

.)٧٣(أئمة المعتزلة بعده وأنكروا عليه وردوا عليه

في ركود إلى ] الظاهري[بقي مذهب داود األصفهاني نـي هــ فع ٤٥٦أن جاء ابن حزم المتـوفي سـنة

بدراسته وتدريسه ثم تمكن فيه، فكتب كتابيه الشهيرين إن : وذكر صاحب جمع الجوامع) اإلحكام، والمحلى(

داود الظاهري يقول بالقياس الجلي بخالف ابن حزم .)٧٤(فانه يمنع جميع أنواع القياس

أما الشيعة اإلمامية ففرقوا بين القياس الذي تكون العلـة علته ثابتة بالنص، فـاألول فيه مستنبطة، والقياس الذي

أنكروه والثاني قالوا به على خالف بينهم فـي أن ذلـك قياس أو تعميم للنص بطريق الداللة اللفظية الحقيقيـة أو العرفية وبعضهم لم يفرق بين منصوص العلة ومستنبطها

.فكال النوعين مردود ال يؤخذ وال يعول عليه

صوص إال انهم ال فالشيعة اإلمامية مع قبولهم بتناهي النيرتبون على ذلك ضرورة االجتهاد بـالرأي، والقيـاس وتعليل النصوص، بل يرون أن وجود معصوم يمنحه اهللا

. ١١٨ص - ٢جـ - أصول الفقھ - السرخسي )٧٣( . ٢٤٢ص ٢جـ - جمع الجوامع ) ٧٤(

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

١٢

العلم اإللهي، مع ما لديه من ميراث النبوة الذي أودعـه عند أوصيائه وكل وصي " صلى اهللا عليه وسلم"الرسول

على ذلك فهـم –حسب قولهم – )٧٥(يعهد به إلى اآلخرمع القول القائل برد القيـاس ومنـع التعليـل إذ إتبـاع

.المعصوم أولى

نسب اإلمام الشاطبي إلى الرازي إنكار التعليل إنكارا باتا وزعم الرازي أن أحكام اهللا ليست معللة بعلة البتة : فقال

والمعتمـد : وقال في موضع آخر )٧٦(كما أن أفعاله كذلكوضعت لمصالح العباد هو إنا استقرينا من الشريعة أنها

. )٧٧(استقراء ال ينازع فيه الرازي وال غيره

، )٧٨(وتابع الشاطبي في نسبة نفي التعليل بعض الكتـاب وأن الرازي إنما ينكر التعليل الفلسفي أي تعليل األفعـال

.أما تعليل األحكام فهو ال ينكره وإنما يقول به

عائد إلى إنه تعالى، انما شرع األحكام ألمر: قال الرازيإما ان يكون مصلحة العبـد أو : العبد، والعائد إلى العبد

مفسدته، أو يكون ال مصلحته وال مفسدته، والقسم الثاني باطل باتفاق العقالء، فتعين األول، فثبت أنه )٧٩(والثالث

وقـال فـي . )٨٠(تعالى إنما شرع األحكام لمصالح العبادا األحكـام إنا لما تأملنـا الشـرائع وجـدن : موضع آخر

والمصالح متقارنين ال ينفك أحدهما عن اآلخـر، وذلـك معلوم بعد استقراء أوضاع الشرائع وإذا كان كذلك كـان العلم بحصول هذا مقتضيا ظن حصول اآلخر وبالعكس،

. مرجع سابق–، المقاصد العامة للشریعة ١١٨ص. أصل الشیعة وأصولھا )٧٥(

. ٢٠٦ص ١جـ - سابقمرجع –، الملل والنحل ١٢٧ص . ٦ص- ٢جـ - مرجع سابق–الموافقات )٧٦( ١٢٦ص ٢جـ. المرجع نفسھ )٧٧(وجھة . ، وأحمد الخلمیشي وغیرھم ٣ص. منھم عالل الفاسي ، مقاصد الشریعة )٧٨(

. ٢٨٦ص. نظر ، أحمد الخلمیشي ث أن ن، ویقصد بالقسم الثالانسي أن تكون الشریعة شرعت لمفسدة االانالقسم الث) ٧٩(

.تكون ال لمصلحة وال لمفسدة . ١٧٣ص - ٥جـ - المحصول - الرازي )٨٠(

من غير أن يكون أحدهما مؤثرا فـي اآلخـر، وداعيـا .)٨١(إليه

فمن خالل النصوص السابقة التـي يوردهـا الـرازي صرح بها يتبين أنه ال ينكر تعليل األحكام بالمصلحة، وي

بل يقرره ويقول به وأنما الذي ينكره الرازي أن يكـون ارتباط األحكام بالمصلحة على جهة الوجوب والحتم كما قالت المعتزلة، فاهللا سبحانه وتعالى إذ يقيم مصالح العباد

م بأحكامه، فإنما يقيمها علـى جهـة التفضـل، ال الحـت واإللزام، بمعنى أنه ال يجب على اهللا سـبحانه وتعـالى

وانتهي الرازي إلى القـول . مراعاة المصالح في أحكامهبانعقاد اإلجماع على أن الشرائع مصالح، إما وجوبا كما

.)٨٢(هو قول المعتزلة أو تفضال كما هو قولنا

بل أن ابن القيم عد الرازي من المدافعين عن التعليل وقـد : يـاس فقال عند رده على منكري التعليل والق

بحسـب أفهـامهم ... اختلفت أجوبـة األصـوليين ومعرفتهم بأسرار الشريعة فأجـاب ابـن الخطيـب

غالب أحكـام الشـريعة معللـة : بأن قال ] الرازي[برعاية المصالح المعلومة والخصم إنما بين خـالف

رة وورود الصـور النـاد . ذلك في صور قليلة جدا على خالف الغالب ال يقدح في حصول الظن كما أن الغيم الرطب إذا لم يمطر نادرا ال يقدح فـي نـزول

.)٨٣(المطر منه

. ١٧٩ص ٥جـ. المرجع نفسھ ) ٨١( . ٢١٩ص - مرجع سابق–المحصول ) ٨٢(وابن الخطیب نسبة إلى والد اإلمام . ٧٥ص ٢جـ - إعالم الموقعین- ابن القیم )٨٣(

.ن خطیب مدینة الري الفارسیةاالرازي الذي ك

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

١٣

اتفق جميع العلماء على أن أحكام اهللا سـبحانه وتعـالى مبنية على مراعاة مصالح العباد وقد اختلفوا في أنه هل

لنصوص الشرعية التعليـل أم التعبـد إلـى األصل في ا :مذهبين

: النص موجب إن األصل عدم التعليل ، ألنللحكم بطبيعته ال بعلته ، إذ أن العلل الشرعية ليست من مدلوالت النص ، وبالتعليل ينتقل الحكم من الصيغة إلى

جـاز العلة أو معنى الحكم ، كاالنتقال من الحقيقة إلى الموذلك ال يكون إال بدليل ، ألن معرفـة صـيغة الـنص تتوقف على السماع توقف معرفة الحقيقة عليه، ومعرفة المعنى الشرعي من النص ال تتوقف عليـه ، كمعرفـة

العمـل : وملخص هذا القول ان األصل هـو . المجازبصيغة النص دون معناه، فال يجوز ترك هـذا األصـل

ال يجوز ترك الحقيقـة إال بـدليل وتغييره إال بدليل كماوبالرجوع إلـى مـا قـرره . ل بهذا الرأي الظاهريةقا

نكرون أصل التعليل الظاهرية في هذه المسألة نجد أنهم ي، وبالنظر إلى األدلة التي استندوا إليها في جملة وتفصيال

دحض حجج الخصم يظهر لنا أنهـم يحملـون جمهـور .مونهم بما لم يلتزموهيقولوه ويلزاألصوليين ما لم

فابن حزم الظاهري الذي يحتج ويستدل على بطالن أصل إن العلة : تعليل الشريعة بالمصالح يقول في تعريفه للعلة .)٨٤(اسم لكل صفة توجب أمرا ما، إيجابا ضروريا

وبناءا على هذا التعريف للعلة ينكر على الجمهور قولهم هذا المدلول الذي حدده بتعليل الشريعة ، حيث أنها وفق

توجب أن يكون تعليل الشريعة أمرا ضروريا واجبا على قـال فـي . اهللا سبحانه، وتعالى اهللا عن ذلك علوا كبيرا

.١٢٨ص - ٨جـ - ابن حزم - اإلحكام) ٨٤(

أي من يقول بتعليل الشـريعة –فيخرج : (موضع آخر إلى ما ال يحل اعتقـاده مـن أن الشـرائع –وأحكامها

.)٨٥()اشرعها اهللا لعلل أوجبت عليه أن يشرعه

فابن حزم نحا بالمسألة عن جانبها األصولي ذلك أن العلة هي العلة العقلية التـي يقصـدها : التي عرفها ابن حزم

الفالسفة وهي ما يوجب الشيء لذاته ككون النـار علـة اإلحراق ، والثلج علة التبريد، وليست هي العلة الشرعية التي قصدها جمهور األصـوليين، بـل أن األصـوليين يؤكدون دائما على استبعاد أن يكون القول بالتعليل موجبا على اهللا أو ملزما له بأمر، بل تفضـال منـه سـبحانه

.وتعالى

) ٨٦(وكذلك عرف الجمهور العلة بأنها المعرفـة للحكـم

إلبعاد شبهة التأثير واإليجاب بذاتها، واحتياطا في تنزيه فإذا كان مراد ابن . اهللا تعالى عن كل ما ال يليق بجالله

حزم من نفي تعليل الشريعة تنزيه اهللا تعالى، فـالجميع .يتفق معه على هذا المفهوم

فعلماء السنة يقولون بعلل جعلية جعلها اهللا بمشـيئته، ال يلزمه منها شيء ومن هنا فهم يقولون برعاية المصـالح من اهللا تفضال وإحسانا، ال وجوبا وضرورة، فأما مفهوم

.ارهعلة عنده فالجميع متفق معه على انكال

وابن حزم الذي ينكر أن تكون أحكام الشريعة شـرعت لعلة لما يترتب على ذلك من محظور وفق المعنى الذي حدده لمصطلح العلة نجده ال يستبعد أن يكـون الحكـم الشرعي قد شرع لسبب، ويعني بالسبب كل أمـر فعـل

.١٢٨ص ٨جـ - المرجع نفسھ) ٨٥( .١٢٧ص ٥- جـ - المحصول - الرازي )٨٦(

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

١٤

وعلى ذلـك . )٨٧(فعلهالمختار فعال من أجله لو شاء لم يفان عنصر الحتم واإللزام الموجود في العلة منتف فـي

ولسنا ننكر أن يكون اهللا : السبب ، ولهذا يقول ابن حزم تعالى جعل األشياء سببا لبعض ما شرع من الشرائع، بل

.)٨٨(نقر ذلك ونثبته حيث جاء به النص

فالفرق عند ابن حزم بين العلة والسبب، هـو أن العلـة وجبة ضرورة لمعلومها ، بينما السبب ال إيجاب فيه وال م

اضطرار، فيبقى فاعل السبب مختارا، إن شاء فعله، وإن .شاء لم يفعله، وإن وجد السبب

وبهذا المعنى فهو يقر أن الشارع ربط بعـض األحكـام ويجعل الموت على اإليمان : بأسباب وقد مثل لذلك بقولهالسرقة بصفة معينـة سـببا سببا لدخول الجنة، ويجعل

. )٨٩(للقطع

وعلى قول ابن حزم فان عنصر الحتم واإللزام الموجود ولسنا ننكر أن يكون : في العلة منتف في السبب ، يقول

اهللا تعالى جعل األشياء سببا لبعض ما شرع من الشرائع، . )٩٠(بل نقر ذلك ونثبته حيث جاء به النص

، ولكن كم قد شرع لسببينكر أن يكون الح وابن حزم اليشترط في السبب بعض الشروط مما يجعل الفرق بينـه

:وبين الجمهور قريب بعض الشيء فمن هذه الشروط

منها إال إذا جاء إن هذه األسباب ال يجوز أن يقال بشيء .منصوصا صراحة، فال اجتهاد وال استنباط في ذلك

.١٢٨ص ٨جـ - اإلحكام –ابن حزم )٨٧( - قواعد المقاصد - ينعبد الرحمن الكیال - ١٣٠ص - مرجع سابق - اإلحكام) ٨٨(

. ١٣١ص .١٠٠ص - ٨جـ - المرجع نفسھ )٨٩( .١٢٨ص - ٨جـ- المرجع نفسھ ) ٩٠(

أفعـال وأعلم أن األسباب كلها منفية عن : يقول ابن حزم اهللا تعالى كلها وعن أحكامه ، حاشا ما نص عليه تعالى،

.)٩١(أو رسوله صلى اهللا عليه وسلم

إن هذه األسباب المنصوصـة ، ال يجـوز تعديتها إلى غير محل النص، أي ال يجـوز القيـاس

.عليها

هذا الربط المنصوص بين بعض األحكام وبعض األسباب قصد إلى جلب ليس وراءه حكمة أو غرض، أي ليس فيه

.)٩٢(وانما هي مشيئة اهللا وكفى. مصلحة أو درء مفسدة

ويمكن أن ينقص الخالف إذا أخـذ مفهـوم ابـن حـزم وأما الغرض فهو : الذي يعرفه بقوله) الغرض(لمصطلح

فالغرض .. األمر الذي يجري إليه الفاعل ويقصده بفعله فالغضـب هـو .. من االنتصار إطفاء الغضب وإزالته

وإزالة الغضب هو الغـرض فـي . بب في االنتصارالسإذا : وابن حزم بهذا المثال يريد أن يقـول . )٩٣(االنتصار

كانت بعض األحكام الشرعية لهـا أسـباب، واألحكـام مسببات لها، فان بعض هذه المسببات قد يكون للشـارع فيها أغراض، يرمي إلى تحقيقها من خالل المسببات، أي

وكأن ابن حزم بهذا يقترب من ! دا أن لها أهدافا ومقاص :الجمهور، ولكنه يضع لذلك قيودا منها

هو المتمثل في النزعة الظاهرية كلها، وقـد : القيد األولوأما الغرض في أفعاله تعالى وشرائعه، : عبر عنها بقوله

أي ليسـت . )٩٤(فليس هو شيئا غير ما ظهر منها فقـط

. ١٣١ص - ٨جـ - نفسھ المرجع) ٩١( .١٩٢ص - نظریة المقاصد - ، الریسوني ١٠٠ص- المرجع نفسھ )٩٢( . ١٠٠ص- مرجع سابق - اإلحكام )٩٣( . ١٠٣ص - ٨جـ - المرجع نفسھ) ٩٤(

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

١٥

بر واالستنباط هناك أغراض يتوصل إليها عن طريق التد أو عن طريق االستقراء أو من التعليل العام

هو حصر هذه األغـراض فـي اآلخـرة، : والقيد الثانيأن يعتبر بهـا : فالغرض في بعض األحكام الشرعية هو

المعتبرون، وفي بعضها أن يدخل الجنة من شاء إدخالـه ثم أضاف . ) ٩٥(فيها وأن يدخل النار من شاء إدخاله فيها

وكل ما ذكرنا من غرضه تعالى في االعتبار، : موضحاومن إدخاله الجنة من شاء ، ومن إدخاله النار من شاء، وتسبيبه ما شاء لما شاء ، فكل ذلك أفعال مـن أفعالـه، وأحكام من أحكامه ، ال سبب لها أصال ، وال غرض له

M À :فيها البتة غير ظهورها وتكوينها فقط قال تعـالى

Ä Ã Â Á ÆÅL)ولوال انـه تعـالى . )٩٦نص على أنه أراد منا االعتبار وأراد إدخال الجنة مـن

، وأهم دليل استدل به ابن حزم فـي )٩٧(شاء ، ما قلنا به

M Ä Ã Â : إنكار التعليل هو اآلية الكريمـة Á À

Æ ÅL)فـأخبر اهللا تعـالى : يقول ابن حزم . )٩٨وإذا ). لم(يجري فيها بالفرق بيننا وبينه ، وأن أفعاله ال

لـم : لم يحل لنا أن نسأله عن شيء من أحكامه وأفعاله كان هذا؟ فقد بطلت األسباب جملة ، وسقطت العلل البتة، إال ما نص اهللا تعالى عليه انه فعل أمر كذا ألجل كـذا،

لم : وهذا أيضا مما ال يسأل عنه، فال يحل ألحد أن يقول حكم ولم يكن لغيره؟ ألن من فعـل كان هذا السبب لهذا ال

هذا السؤال فقد عصى اهللا وألحد في الدين ، وخالف قوله

. ١٠٤ص - مرجع سابق–اإلحكام ) ٩٥( ) .٢٣(اآلیة - بیاءنسورة اال) ٩٦( . ١٠٤ص - مرجع سابق–اإلحكام ) ٩٧( ) .٢٣(اآلیة - األنبیاء سورة) ٩٨(

فمن سأل اهللا عما يفعل فهـو ) لا يسأل عما يفعل(تعالى .)٩٩(فاسق

وفي موضع آخر ينتقد موقف القياسيين الباحثين عن لـم : وهم دائما يسألون ربهـم : (علل األحكام بقوله

نعوذ باهللا من ! كذا ؟ كانهم لم يقرءوا هذه اآلية فعلت إن القيـاس (وقال في موضع آخـر . )١٠٠()الخذالن

وتعليل األحكام دين إبليس وانه مخـالف لـدين اهللا . )١٠١()تعالى

وقد رد الشيخ محمد أبي زهرة على وجه استدالل ابـن : يقول أبو زهرة. حزم أنه خلط بين أفعال اهللا وأحكامه

ن اهللا سبحانه وتعالى ال يسأل عن أفعاله وال ذلك أل(... . يسأل عن أقواله ، ألنه ليس ألحد سلطان بجوار سلطانه

إنه مالك الملك ذو الجالل واإلكرام ، فلـيس ألحـد ان يستطيل فيسأل عن علة أفعاله تعالى ألنه الحكيم العلـيم الخبير ، ولكن هل يقتضي هذا النهي عن أن يبحث عـن

لشريعة ؟ إني أرى أن الفارق كبير بـين النصوص في األن : علة النصوص الشرعية وعلـة أفعـال اهللا تعـالى

البحث عن علة النصوص في الشريعة تعرف للمراد منها .)١٠٢()والمطلوب فيها

: وكذلك استدل ابن حزم بدليل آخر وهو قولـه تعـالى

M£ ¢ ¡ � ~ } | { z y x¤ ¦ ¥

© ¨ §L )فـأخبر تعـالى أن : (يقول ابن حزم. )١٠٣البحث عن علة مراده تعالى ضالل ألنه ال بد من هـذا، أو من أن تكون اآلية نهيا عن البحث عن المعنى المراد،

. ١٠٣ص- مرجع سابق - اإلحكام ) ٩٩( . ١٢٥ص ٨جـ. المرجع نفسھ ) ١٠٠( . ١١٢ص ٨جـ. المرجع نفسھ ) ١٠١( . ٤٣٧ص. ابن حزم ، أبو زھرة ) ١٠٢( ) .٣١(سورة المدثر اآلیة ) ١٠٣(

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

١٦

وهذا خطأ ال يقوله مسلم ، بل البحث عن المعنى الـذي أراده اهللا تعالى فرض على كل طالب علم، وعلى كـل

كافية في النهي عن التعليـل وهذه... مسلم فيما يخصه .)١٠٤()فالمعلل بعد هذا عاص هللا. جملة

واستدالل ابن حزم باآليتين المذكورتين ال يسلم له، فقوله معنـاه أن اهللا ). لا يسأل عما يفعل وهم يسـألون (تعالى

سبحانه ال يحاسبه أحد على أفعاله، بخالف العباد، فانهم .ن، ويالمون، ويخطأونيسألون ويحاسبو

اهللا هو أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين وأصدق القائلين، فعلى هذا األساس تـأتي أفعالـه ... وهو العليم الخبير

فال مجال فيها لالستدراك أو االعتراض بهـذا . وأحكامه). لا يسأل عما يفعل وهم يسألون(فان اهللا سبحانه وتعالى

فهذا هو معنـى . سأل سؤال محاسبة أو اعتراضأي ال يالسؤال في اآلية ، وال شك ان توجيه هـذا السـؤال هللا

.تعالى كفر

وهنا يكمن عدم صحة استدالل ابن حزم في منع التعليل فالسؤال عـن . بمقتضى هذه اآلية وما شابهها من اآليات

علل األحكام الشرعية، ومثله السؤال عن أسرار وحكـم وهذا النوع من األسئلة . هو سؤال تفهم وتعلم أفعال اهللا

أو التساؤالت صدر عن األنبيـاء والصـالحين ، وورد .)١٠٥(ذكره وإقراره في القرآن الكريم

+ , M : فقد سألت المالئكة ربها سبحانه وتعـالى

5 4 3 2 1 0 / . -

6L )وسأل الخليل إبراهيم عليـه السـالم . )١٠٦

. ١١٢ص ٨جـ. اإلحكام ، - ابن حزم )١٠٤( . ١٩٧ص - نظریة المقاصد - الرسیوني )١٠٥( ) .٣٠(اآلیة سورة البقرة ) ١٠٦(

: قال القرطبي. )١٠٧(M & % $ ( ')L :فقالانما طلب المعاينة وذلك ان النفوس مستشرفة إلى رؤيـة

ثم علل عليه السالم سؤاله بالطمانينـة ... ما أخبرت به أي سألتك ليطمئن قلبي بحصول الفرق بين المعلـوم ...

.)١٠٨(برهانا، والمعلوم عيانا

ومن ذلك أيضا سؤال كل من زكريا ومريم عليهما السالم

M H فزكريا قال . لما جاءت كال منهما البشرى بالولد

R Q P O N M L K J IS T

Z Y X W V UL)١٠٩( .ومريم قالت M )

1 0 / . - , + *2L)ــا . ) ١١٠ ــل منهم فك، فـانطلق لسـانه ندهش وتحير أمام أمر اهللا وقدرتـه ا

باالستفهام لصاحب األمر سبحانه انه على كل شيء قدير وهذه األمثلة تتعلق بأفعـال اهللا ، أي . وبكل شيء عليم

ليست في مجال التشريع ومع ذلك صدرت مـن هـؤالء .)١١١(المقتدى بهم

:وفي مجال التشريع ورد في سبب نزول قوله تعالى

M w v u t s r

| { z y x

¡ � ~ }

¦ ¥ ¤ £ ¢

¯ ® ¬ « ª © ¨ §

² ± °L )إن أم سلمة قالت للنبي صلى . )١١٢

) .٢٦٠(سورة البقرة اآلیة ) ١٠٧( . ٢٩٧ص ٣جـ- الجامع ألحكام القرأن - القرطبي )١٠٨( ) .٤٠(اآلیة - ناسورة آل عمر) ١٠٩( ) .٤٧(اآلیة - ناسورة آل عمر) ١١٠( . ٢٠٠ص - مرجع سابق –نظریة المقاصد ) ١١١( ) .٣٥(اآلیة - سورة األحزاب) ١١٢(

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

١٧

نذكر في القرآن كما يذكر ما لنا ال (اهللا عليه وسلم . )١١٣(؟ فانزل اهللا هذه اآليةالرجال

فهذا السؤال وان كان قد وجه مباشرة إلى رسـول اهللا ال هو في الحقيقة موجه إلى اهللا جل جالله ، ولهذا إلى اهللا، ف

تولى اهللا تعالى بنفسه الجواب عنه ، ولم يكن هذا السؤال وهذا يؤكد إن السؤال كان بريئا من . محل إنكار وال لوم

كل شبهة ، صادقا في تطلب العلم ، والفهم، مع الرضـا .والتسليم في جميع الحاالت

ن سؤال وسؤال فالسـؤال فخالصة القول هو أنه يفرق بي من أفعالـه، أو إلـى أي الموجه إلى اهللا أو إلى فعل أي

إذا كـان . قول من أقواله ، أو أي حكـم مـن أحكامـه االعتراض أو اإلنكـار، أو االسـتهزاء أو : الغرض منه

المحاسبة، فهو ضالل وكفر، ومن هذا البـاب السـؤال منع البحث الوارد في اآلية التي استدل بها ابن حزم على

.عن علل األحكام

وأما إذا كان السؤال صادرا عن إيمان تام باهللا وصـفاته الكمالية وبعدله وحكمته على الخصوص، تحدوه الرغبة في الفهم والتعلم ويدفعه التطلع والتشوف إلى مزيد مـن اإلطالع على حكم اهللا في تشريعه وتدبيره، فهذا سـؤال

، ؤال محمود غيـر مـذموم ر عليه، بل سمشروع ال غبا. )١١٤(وذلك في حدود الممكن وفي حدود األدب الـالزم

وكما سبق القول فان األسئلة من هذا القبيل صدرت عن .المصطفين األخيار، المقتدى بهم وبنهجهم

، إال ويجـوز اء على ذلك فليس هنالك حكم شـرعي وبنالتساؤل عن حكمته ، كما يجوز البحث عنها بكل ما هيأه

. ٢١٤ص ٣جـ - د مسند اإلمام أحم - اإلمام أحمد )١١٣( . ١٩٩ص - مرجع سابق - نظریة المقاصد ) ١١٤(

فإذا وصلنا إلى شـيء . لملنا من وسائل البحث والع اهللامما تشهد له األدلة المعتبرة قلنا به، وإن لم نصل، سلمنا

.بحكمة اهللا أيا كانت

وفي مجال الشريعة وأحكامها، ال بد لكي يتقـدم فقهنـا ن للشريعة ، من أن ننطلق ونحن على يقين واطمئنان بأ

عدل كلها، ورحمة كلها، (: هذه الشريعة كما قال ابن القيم: وكما قال القرطبـي . )١١٥()ومصالح كلها، وحكمة كلها

ال خالف بين العقالء أن شرائع األنبيـاء قصـد بهـا ( . )١١٦()مصالح الخلق الدينية والدنيوية

: هو مذهب جمهور العلماء فانهم متفقـونعلى القول بتعليل نصوص األحكام الشرعية ولهـم فـي

.قوال ذلك أ

: إن األصل في النصوص التعليل بكل وصف صالحإلضافة الحكم إليه حتى يوجد مانع عن التعليل بـبعض األحيان، ألن األدلة الشرعية دلت على حجية القياس، من غير تفرقة بين نص ونص، فيكون التعليل هو األصل، إذ ال يتأتى القياس إال بمعرفة المعنى الذي صلح علة مـن

ولما صار التعليل أصال، وال يمكن التعليل بجميع . صالناألوصاف ، لتأديه إلى انسداد باب القياس ومنعـه، وال التعليل ببعض األوصاف دون بعض، للجهالـة وعـدم جواز ترجيح الشيء بال مرجح، صارت األوصاف كلها صالحة للتعليل بها، أي صار كل وصف صالحا للتعليل

كمخالفة نص أو إجماع أو معارضة به، إال إذا وجد مانع .أوصاف

. ٣ص ٣جـ - مرجع سابق - إعالم الموقعین) ١١٥( . ٦٤ص ٢جـ - الجامع ألحكام القرأن - القرطبي )١١٦(

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

١٨

، فإن الحديث لما كان حجـة : الحديث وذلك مثل رواية ، وإجماع ال يثبت الحديث إال بنقل الرواة والعمل به واجبا

الرواة على رواية كل حديث متعذر فصارت رواية كـل عدل حجة ال تترك إال بمانع كمخالفة دليل قطعـي مـن

.)١١٧(سق الراوينص أو إجماع أو ظهور ف

األصل في النصوص التعليل بوصف أو كونهـامعللة ، لكن ال بد من دليل يميز الوصف الذي هو علـة

قال به . من بين سائر األوصاف في كونه متعلق الحكم .)١١٨( جمهور األصوليين من الشافعية وبعض األحناف

وعللوا ذلك أنه ال يمكن التعليل بجميع األوصاف وال بكلواحد منها، ألن بعض األوصاف قاصر يؤدي إلى منـع القياس ، وبعضها متعد يوجب التعدية إلى الفرع ، فوجب

.التعليل بالبعض

كما أن الصحابة أجمعوا على أن علة الحكم هو الـبعض بدليل اختالفهم في الفروع ، الختالفهم في العلة، فال بـد

عليـل له من مميز، أي دليـل يوجـب التمييـز، ألن الت بالمجهول باطل، والواحد مـن جملـة األوصـاف هـو

.)١١٩(المتيقن، فيحتاج إلى تمييزه وبيانه

إن األصل في النصوص التعليل ، وأنه ال بد من، ال بد قبـل ميز الوصف الذي هو علة ، ومع ذلكدليل ي

التعليل والتمييز، من دليل يدل على أن النص الذي يراد ، )١٢٠(وإلى هذا الرأي ذهب الحنفية .استخراج علته معلل

أن الظاهر هو أن األصل في النصوص التعليـل، إنمـا

، شرح التلویح على التنقیح ٢٩٣ص ٣جـ. كشف األسرار على أصول البزدوي ) ١١٧( ٢٠ص ٢جـ - مرجع سابق–الموقعین ، إعالم ٦٤ص ٢جـ.ي انلصدر الشریعة والتفتاز

. ١٠٣ص - مرجع سابق- ، أصول الفقھ اإلسالمي . ٦٤ص ٢جـ. ، شرح التلویح ٢٩٥ص ٢جـ - كشف األسرار) ١١٨( .المرجع نفسھ ) ١١٩(- ٢جـ - أصول الفقھ- ، السرخسي ٢٠ص ٢جـ - مرجع سابق –إعالم الموقعین ) ١٢٠(

١١٨ص

يصلح للدفع دون اإللزام ولذلك نحتاج قبل الشروع فـي التعليل إلى إقامة الدليل على كون األصل أي النص الذي يراد تعليله معلل في الحال ، وليس بمقتصر على مورده

ك مثال استصحاب الحال، وذل. بل يعدي حكمه إلى غيرهفانه لما كان ثابتا بطريق الظاهر صح حجـة دافعـة ال ملزمة ، حتى ان حياة المفقود لما كانت ثابتـة بطريـق االستصحاب تجعل حجة لدفع االستحقاق ، حتى ال يورث ماله ، وال يصلح سببا لالستحقاق حتى لو مات قريبه ال

. )١٢١(يرثه المفقود ، الحتمال الموت

فالجمهور يلحقون الالحق من الوقائع بالسابق منهـا عن طريق القياس فيما ال نظير منصـوص عليـه، فالقياس عندهم هو أول طريق يلجأ إليه المجتهد فيما

.ال نص فيه

أما موقف من ال يرى تعليل النصوص والقياس مـن الوقائع المستجدة، فانه ال يتركها سدى ، بل يقولـون

لجميع السـابق والالحـق مـن ان النصوص شاملة الوقائع واألحداث بطريق عموميات األسماء اللغويـة

.)١٢٢(من غير احتياج إلى استنباط أو قياس

هر ومسلك الجمهور أسلم وأضبط من مسلك أهل الظا، وأحداث ولقـد وردت في استيعاب ما جد من وقائع

أدلة كثيرة ترشد إلى ان الشارع قد أقام شرعه لتحقيق ح ودفع المفاسد ، واعتبر إقامة المصلحة علة المصال

إلنشاء الحكم ، وال أدل على ذلك من بيانه سـبحانه نهـا لغاية إرسال الرسل وتشريع األحكام التي عبر ع

.في مواضع متعددة نصا صريحا

- مرجع سابق–إعالم الموقعین ، ٨٩٦ص - مرجع سابق- أصول الفقھ اإلسالمي) ١٢١( . ١٣٠ص. مقاصد الشریعة ، - عالل الفاسي . ٣٣٩ص

. ١٣٠ص - مرجع سابق–اإلحكام ) ١٢٢(

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

١٩

واستدل الجمهور فيما ذهبوا إليه بأدلة كثيرة نـذكر :بعض منها

.)١٢٣(M b a d cL :قوله تعالى

فالرحمة التي جعلت علة لرسالة النبي صلى اهللا عليه وسلم ال يمكن ان تقوم أو تتحقق إال إذا كانت الشريعة نفسها مقيمة لما يحقق مصلحة المكلفين على الجملـة ومانعة لما يلحق الفساد بهم، إذ ال تتصور الرحمـة بحال إذا لم تكفل الشريعة إقامـة المصـالح ومنـع

.المفاسد

فصارت إقامة المصالح ومنع المفاسد من مقتضـيات . الرحمة ولوازمها ، بحيث ال تتحقق واقعا إال بهما

ونلحظ هنا ان الرحمة كما أريد لها ان تكـون فـي جميع األحوال وعمومها بحيث ال تقتصر على الدنيا دون اآلخرة ، فكذلك أريد ان تكون شاملة للبشـرية

لتفيد ) العالمين(العموم جمعاء، ولهذا استعملت صيغةاستغراق المرسل إليهم وعمومهم، فهي رسالة تقـيم مصلحة االنسانية قاطبة في جميع أحوالها وأزمانهـا

.وأفرادها

? @ M E D C B A :قوله تعالى

Q P O N M L K J I H G F

Z Y X W V U T S R[

_ ^ ] \L )١٢٤(.

:فاآلية الكريمة تدل على رعاية المصالح من وجهين

) .١٠٧(نبیاء اآلیة سورة اال) ١٢٣( ) .٢٠٥- ٢٠٤(ن اسورة البقرة اآلیت) ١٢٤(

ان اهللا نعى على الناس الذين يسعون فـي األرضفسادا بإهالك الحرث، وهو الزرع، وإهالك النسل، وهو أطفال الحيوان في هذه اآلية ، وهو كناية عن إفسادهم لما

.)١٢٥(فيه قوام أحوال الناس وصالحهم

دين داللة على أنه يطلـب مـن ونعيه سبحانه على المفساالنسان أن يكون تصرفه في هذا العالم موافقا لصالح ما

تقتضيه الحكمة من خلقه

ن في ختام اآلية فقالأن اهللا بي) ـبحال ي اللـهوادوالفساد هو ضد الصالح، فإذا كـان سـبحانه ال ) الفس

لف ، ولذلك يحب الفساد فهو يحب الصالح بالمفهوم المخاأقام من التشريع ما يكفل تحقيق الصالح ومنع الفساد النه

.حب األول ويكره الثانيي

.)١٢٦( M b a ` _L :قوله تعالى

ولقد بين الفخر الرازي وجه الداللة في هذه اآلية علـى ومن كرم أحدا ثـم : رعاية المصالح ودرء المفاسد فقال

ئما ألفعال ذلك السعي مال سعى في تحصيل مطلوبه كان، ظن كون المكلف يقتضي ظـن العقالء، مستحسنا، فإذن

.)١٢٧(ان اهللا تعالى ال يشرع إال ما يكون مصلحة له

فاإلكرام يقتضي تشريع ما فيه صالح اإلنسان وسـعادته .)١٢٨(في الدارين

فاصيل األحكـام اآليات التي جاءت في معرض التعليل لت

§ ¨ © M¦ ¬ « ª :من مثل قولـه تعـالى

. ٢٧٠ص ٢جـ - التحریر والتنویر - ابن عاشور )١٢٥( ) .٧٠(سورة اإلسراء ، اآلیة ) ١٢٦( . ١٧٤ص - مرجع سابق –المحصول ) ١٢٧( . ١٣٣ص- مرجع سابق–قواعد المقاصد ) ١٢٨(

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

٢٠

¯ ®L )وقوله تعـالى . )١٢٩ :M } | { z

¡ � ~¢ L )١٣٠(.

فهذه اآليات الكريمة تدل داللة واضحة على قصد الشارع ولمـا دفـع . هممصلحة العباد ، ولوال ذلك لما يسر علي

.الحرج والعنت عنهم

وبناء على ما سبق فان الطرق التـي تعـرف مقاصـد الشارع من التشريع هي النص الصريح المعلل وعادات

. الشرع وتصرفاته واالهتداء بالصحابة في فهم التشـريع : وتفصيلها فيما يلي

M N: نص الصريح المعلل مثل قولـه تعـالى ال: أوال

T S R Q P OU X W VY

^ ] \ [ Z _L )وقوله تعالى . )١٣١: M :

E D C B A @ ? > = < ;

L )وقوله تعـالى . )١٣٢: M+ 0 / . - ,1 2

4 35 : 9 8 7 6L)فعللــت هــذه . )١٣٣المـؤمنين النصوص بما هو أطهـر وأزكـى لقلـوب

! " # $ % & M :وقوله تعالى.المؤمنات

- , + * ) ( ' 0 / .

; : 9 8 7 6 5 4 3 2 1

A @ ? > = <B F E D CL)فعلل . )١٣٤النهي عن الخمر بأنواع من المفاسد الدينيـة، والدنيويـة

شـربها، التي تكفي إلقناع من يسمع ويعقل بعدم جدوى

) .١٨٥(سورة البقرة اآلیة ) ١٢٩( ) .٧٨(سورة الحج اآلیة ) ١٣٠( ) .٢٠(سورة النور اآلیة ) ١٣١( ) .٣٢(سورة األحزاب اآلیة ) ١٣٢( ) .٢٨(اآلیة - سورة النور) ١٣٣( ) .٩١- ٩٠(ن ااآلیت - سورة المائدة) ١٣٤(

M Z Y X :وقوله تعـالى .ألن ضررها أكبر من نفعها

` _ ^ ] \ [ d c b a

n m l k j i h g f eo L فعلل حكم توزيع المال على هذه المصارف حتى . ) ١٣٥(

وغيـر . ال يكون المال متداوال بين األغنياء دون الفقراء .ذلك من األدلة الكثيرة التي جاءت على هذا المنوال

:نوعان، واالستقراء استقراء تصرفات الشارع: ثانيا

، استقراء األحكام التي عرفت عللهـا : النوع األول وهذا االستقراء في الواقع يؤول إلى اسـتقراء تلـك

، فان باستقراء العلل العلل المثبتة بطريق مسالك العلة .)١٣٦(يحصل العلم بمقاصد الشارع بسهولة

هو استقراء أدلة أحكام اشتركت في غايـة : النوع الثاني . )١٣٧(واحدة وباعث واحد

االهتداء بالصحابة رضوان اهللا عليهم ، واالقتداء : ثالثا بهم في فهم األحكام من الكتاب والسنة وتطبيقهـا علـى

م من صدق اإليمان، وفصاحة الوقائع، وذلك لما توفر فيه، ومشاهدتهم لمن كلف القرآناللسان، ومعاصرتهم لنزول

. )١٣٨(ببيان القرآن، بأفعاله وأقواله وتقريراته

وقد كانت الصحابة أفهم األمـة لمـراد : (يقول ابن القيمندنون حول معرفة مـراده، نبيها واتبع له، وإنما كانوا يد

) .٧(اآلیة - شرسورة الح) ١٣٥( مثل النھي عن نكاح المرأة على عمتھا أو خالتھا ألنھ جالب للقطیعة) ١٣٦(مثل النھي عن االحتكار علتھ إقالل السلع من األسواق وكذلك بیع الطعام بالطعام ) ١٣٧(

فأن رواج الطعام وتیسیر تناولھ ، مقصد من مقاصد . نسیئة ، والنھي عن بیع حاضر لباد .الشارع

. ١١٩ص - مرجع سابق–المقاصد العامة ) ١٣٨(

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

٢١

، ولم يكن أحد منهم يظهر له مراد رسـول اهللا ومقصوده .)١٣٩( )إلى غيره البتة صلى اهللا عليه وسلم ثم يعدل عنه

فقد فهموا من مصادر التشريع وموارده، ومداخل أحكامه ومخارجه ومجاريه، ومباعثه أن رسـول اهللا صـلى اهللا عليه وسلم كان يتبع المعاني ويتبع األحكـام واألسـباب المتقاضية لها من وجوه المصالح، فلـم يعولـوا علـى

.)١٤٠( المعاني إال لذلك

و األصل ، وبيان المعاني الشـرعية تعليل األحكام إذن هقـال . التي تظهر ارتباط الشريعة بالمصلحة هو األساس

أن أئمة الفقه مجمعة على أن : وأما اإلجماع فهو: اآلمديبحكم االتفـاق ... أحكام اهللا ال تخلوا من حكمة مقصودة

.)١٤١( والوقوع من غير وجوب، كقول أصحابنا

على المسألة السابقة التي ومن المسائل الفقهية التي تنبني اختلف فيها رأي الظاهرية مع الجمهور في مسائل كثيرة

: نذكر منها على سبيل المثال

ذهب الظاهرية إلى أن البائل في الماء الراكد، الـذي ال أما . يجري يحرم عليه الوضوء بذلك الماء واالغتسال به

إذا بال في إناء ثم صبه في ماء راكد ، أو بال في شـط نهر، ثم جرى البول في النهر، يجوز له ان يتوضأ هـو

لو بال : (قال ابن حزم. منه النه ما بال فيه، بل في غيرهفي ماء جار ثم أغلق صببه فركد جـاز لـه الوضـوء

ودلـيلهم . )١٤٢()واالغتسال منه ألنه لم يبل في ماء راكد

. ٢٦٥ص ١جـ - إعالم الموقعین- ابن القیم )١٣٩(مرجع ، نقال عن مقاصد الشریعة ١٣٧ص - مرجع سابق –حجة اهللا البالغة ) ١٤٠(

. ١٢١ص - سابق . ٢٨٥ص - مرجع سابق –اإلحكام ) ١٤١( . ٢٣ص ١جـ - بدایة المجتھد - ، ابن رشد ٢١٠ص ١جـ - المحلى - ابن حزم )١٤٢(

ال يبـولن :(في ذلك قول الرسول صلى اهللا عليه وسـلم .)١٤٣()ء الدائم ثم يتوضأ منهأحدكم في الما

إلى عدم إثبات الخيـار بتصـرية )١٤٤(ذهب الظاهرية البقرة، ألن الحديث ورد في اإلبل والغنم ، قال صلى اهللا

ال تصروا اإلبل والغنم فمن ابتاعها بعـد، : (عليه وسلم وبما أن الحديث وارد في اإلبل . )١٤٥()فأنه بخير النظرين

ا عداها بخالفهما، ألن الحكم والغنم فذاك داللة على أن م. )١٤٦(ثبت فيهما بالنص، والقياس ال تثبت بـه األحكـام

وهذا إهمال للمعاني يجافي روح الشريعة ومقاصـده إذ العلة هي الضرر الالحق بالمشتري، وهذا أمـر يشـمل

.اإلبل والغنم وغيرها من األنعام

وقف الظاهرية عند األصناف الستة التي ورد بها الحديث الربا، وأنكروا استنباط أي معنى أو علة يعدي الحكم في

فالحديث قد ورد في البر . )١٤٧(إلى غيرها من األصناف، قالوا كل ما عدا عير والتمر والملح والذهب والفضةوالش

.فهو على اإلباحة هذه األصناف

بينما ذهب جمهور الفقهاء إلى علة التحريم ، ولم يقفـوا بينما ذهب جمهور . اإلباحةعند تلك األصناف فهو على

الفقهاء إلى علة التحريم ، ولم يقفوا عند تلك األصـناف الستة التي ورد فيها الحديث ، بل عملوا على اسـتخراج

ها نـص، علة تنتظم تلك األصناف وغيرها مما لم يرد ب .تطبيقا للنص في أوسع مدى

) .٩٦(، ومسلم برقم ) ٢٣٩(أخرجھ البخاري برقم ) ١٤٣( - مرحع سابق–المغني . قال بذلك داود الظاھري كما نقل ابن قدامة عنھ ذلك ) ١٤٤(

. ٨٢صوالتصریة ھي حبس ) . ١٥١٥(، ومسلم برقم ) ٢١٥٠(أخرجھ البخاري برقم ) ١٤٥(

.اللبن تغریرا على المشتري . ٨٢ص - ق مرجع ساب –المغني ) ١٤٦( . ٤٦٧ص ٨جـ - ابن حزم - المحلى) ١٤٧(

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

٢٢

فذهب األحناف والحنابلة إلى ان العلـة هـي الكيـل أو وذهب المالكية إلى ان العلة . )١٤٨(ع اتحاد الجنسالوزن م

. )١٤٩(هي اتحاد الجنس مع كونها ممـا يقتـات ويـدخر وذهب الشافعية إلى ان علة التحريم اتحاد الجنس وفـي

. )١٥٠(غير الذهب والفضة كونها من المطعومات

وهكذا ذهب الجمهور إلى اعتبار معنى الـنص وعـدم للعدل في االجتهاد الوقوف على مجرد لفظه فقط ، إقامة

إذ ليس من العدل التفريق بين المتماثالت في الحكم، رغم االتفاق في الوصف، فتتبع معاني األحكام إذن أمر تحتمه

.عدلطبيعة التشريع القائمة على النصفة وال

ورد في الحديث عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم قوله رب والحدأة الفأرة والعق:خمس من الدواب يقتلن في الحرم

. )١٥١(والغراب والكلب العقور

فذهب اإلمام مالك إلى ان العلة في الكلـب العقـور كونه مما يعدو على الناس، ويهـددهم بـاالفتراس، ومثل هذا المعنى يتحقق في غير الكلب العقور مـن

وغيرهـا ... السباع ، كالفهد والنمر واألسد والذئب .)١٥٢(مما يعدو

لتي لم يأخذ أصحابها بمعـاني ومن المسائل المعاصرة امثل ما ذهب إليه . النصوص وانما وقفوا عند ظواهرها

بعض المعاصرين من حرمة التصـوير الفوتـوغرافي، مستندين في قولهم هذا على النصوص العامة الواردة في وعيد المصورين ، وحملهم هذه األلفـاظ العامـة علـى

من تلك عمومها اللغوي دون بحث عن معناها الشرعي ،

.١٢٤ص ٤جـ- المغني - ، ابن قدامة ١٤٦ص ٦جـ - فتح القدیر - ابن الھمام )١٤٨( .١٢٩ص ٢جـ - بدایة المجتھد - ابن رشد )١٤٩( . ٤٤٣ص ٩جـ - المجموع - النووي )١٥٠( ).١١٩٩(، ومسلم برقم ) ٣٣١٥(أخرجھ البخاري برقم ) ١٥١( . ٤٤٨ص ٢جـ - بدایة المجتھد - ابن رشد )١٥٢(

إن أصحاب هـذه ( النصوص قوله صلى اهللا عليه وسلم )١٥٣()الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم أحيوا ما خلقتم

أشد الناس عذابا يوم القيامة :(وقوله صلى اهللا عليه وسلمفأخذا بعموم هـذا اللفـظ واسـتدالال . )١٥٤()المصورون

وعلى بعمومه اللغوي، قالوا بتحريم جميع أنواع التصويرأي وجه كان، بل يجب إتالف الصور وطمسها وإخـالء

.)١٥٥(البيوت منها

فمن قالوا بحرمة التصوير وقفوا على ظواهر األلفاظ ولم يلتفتوا إلى معنى النهي والحكمة منه، فالنهي متوجه إلى

قـال . التصوير الذي فيه مضاهاة لفعل الخالق جل وعالحال ، ألن فيه فصنعته حرام بكل : النووي في التصوير

لتلك العلة اسـتثنى مـن . )١٥٦(مضاهاة لخلق اهللا تعالىالتصوير المحرم تصوير الشجر والجبال وغير ذلك مما ليس فيه صورة حيوان، ذلك أن مثل هذه بعيدة عن معنى المضاهاة والتعظيم التي جعلت مناطا للتحريم، ومعنـى

والتصوير الفوتوغرافي عبارة عن حبس الظـل . للنهيالوسائط المعلومة ألرباب هذه الصناعة ، وإذا كان قـد ب

أطلق عليه لفظ مصور فهو أبعد ما يكون عـن حقيقـة المضاهاة المقصودة من النهي عن التصوير، واأللفـاظ تفهم على ضوء معانيها وعللها، فالتصوير الفوتوغرافي غير مشمول بذاك النهي، لعدم تحقق العلة، إذ ال يتخـذ

لمضاهاة أو المشاركة للخـالق سـبحانه، ذاك التصوير ل. خاصة إذا كان التصوير لمعاملة رسمية أو غاية معنوية

على أن حكم التصوير الوارد في النص قد يشمل حاالت من الصور الفوتوغرافية إذا تحقق فيهـا معنـى النهـي

) .٦١٠٩(حدیث رقم - ٥٣٣ص ١جـ- فتح الباري - ني ابن حجر العسقال )١٥٣( ) .٢١٠٦(صحیح مسلم ، برقم ) ١٥٤(التبصیر بتحریم أنواع التصویر ، مجلة كلیة - ھـ ١٤٠٠- ناصالح الفوز. أنظر د) ١٥٥(

. ٥ص - ني اأصول الدین ، جامعة محمد بن سعود ، العدد الث . ٨١ص ١٤جـ. ح النووي على مسلم شر) ١٥٦(

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

٢٣

المتمثل في المضاهاة ، فحينئذ ينسحب عليها الحكم نفسه .)١٥٧(هي المضاهاةلتحقق علة النهي فيها و

:خلص الباحث إلى النتائج التالية

إن الشريعة تفضل اهللا بها على خلقه تفضال منه سبحانه •إن الشريعة هي عبارة عن األحكام التي سـنها . وتعالى

على ما يسعدهم في اهللا لعباده ليكونوا مؤمنين عاملين .الدنيا واآلخرة

خراج الناس من الظلمات أن هدف وغاية الشريعة هو إ • .إلى النور

ان األحكام الشرعية تنقسم إلى أحكام معقولـة المعنـى • معللة، وأحكام غير معقولة المعنى تعبدية

إن الحكم هو خطاب اهللا تعالى المتعلق بأفعال المكلفـين •تكليفي وأنه ينقسم إلى . باالقتضاء أو التخيير أو الوضع

. ووضعي

وانها . ان العلة هي ما شرع الحكم عنده تحقيقا للمصلحة •تطلق على الحكمة الباعثة على الفعل وعلـى الوصـف

أنه ال حاكم إال اهللا عـز وجـل وأن .الظاهر المنضبط الحكمة تستعمل مرادفا لقصد الشارع أو مقصوده عنـد

لقا سواء الفقهاء ، وأن الجمهور منع التعليل بالحكمة مط .ة أم ظاهرة منضبطة أم غير منضبطةأكانت خفي

. ٢٦٦ص. مرجع سابق - قواعد المقاصد ) ١٥٧(

أن هنالك اختالفا بين الحكمة والعلة وأن الجمهور اشترط • .شروطا للعلة بعضها متفق عليه وبعضها مختلف فيه

أن تعليل األحكام هو مسلك نصوص القـران والسـنة • . مسلك الصحابة والتابعين وتابعيهو

.للة بمصالح العبادأحكام اهللا مع ان •

وانـه مـع . إن اإلمام الرازي ال ينكر تعليل األحكـام • الجمهور في ذلك

إن ابن حزم الظاهري ينكر تعليل األحكام ورأيه في ذلك • .غير سديد

إن مذهب جمهور العلماء متفقون على القـول بتعليـل •وان لذلك أثرا في اسـتنباط . نصوص األحكام الشرعية

معانيهـا وعـدم ة على ضوء النصوص واألحكام الفقهيـ . الوقوف على ظواهرها ى توسـيع وفي ذلك عمل عل

، إقامة للعدل في االجتهاد، تطبيق النص إلى أوسع مدىالحكم، رغم إذ ليس من العدل التفريق بين المتماثالت في

.االتفاق في الوصف، والعلة المقتضية لذاك

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

٨٩

.القرآن الكريم •

النهاية في غريـب -مجد الدين أبو السعادات بن األثير .١دار إحيـاء -تحقيق محمود الطنـاجي -الحديث واألثر .بيروت -الكتب العربية

دار المعرفـة -حجة اهللا البالغة -شاه ولي اهللا الدهلوي .٢ .للطباعة والنشر ، بيروت

دار الكتـب -مفتـاح دار السـعادة -ابن قيم الجوزية .٣ .بيروت -العلمية

المقاصد العامة للشـريعة -م١٩٩١-يوسف حامد العالم .٤الواليـات -المعهد العالمي للفكـر اإلسـالمي -١ط -

.المتحدة األمريكية

ر اد-تحقيق عبد اهللا دراز-اسحق الشاطبي الموافقات أبو .٥ .المعرفة ، بيروت

٢ط -أصول الفقه اإلسالمي -م٢٠٠١-وهبة الزحيلي .٦ .دمشق -دار الفكر-

اإلحكـام فـي أصـول -م ١٩٨٣-سيف الدين اآلمدي .٧ .بيروت -دار الكتب العلمية-األحكام

-اإلحكام في أصول األحكام-أبو محمد بن علي بن حزم .٨ .مصر-مطبعة اإلمام -تحقيق أحمد شاكر

-دار المعرفة -إرشاد الفحول -محمد بن علي الشوكاني .٩ .بيروت

المحرر الـوجيز -م١٩٨٨-محمد عبد الحق بن عطية .١٠تحقيق عبـد اهللا االنصـاري -في تفسير الكتاب العزيز .، قطر ١ط -والسيد عبد العال إبراهيم

-محـيط البحـر ال -م١٩٩٢-أبو حيان محمد بن يوسف .١١ .دار الفكر ، بيروت -ميلمراجعة صوفي أحمد ج

دار -صـحيح مسـلم شـرح - يحيى بن شرف النووي .١٢ .بيروت -الفكر

-دار صـادر -سان العـرب ل -جمال الدين بن منظور .١٣ .بيروت

ق طـه عبـد تحقي -قواعد األحكام -العز بن عبد السالم .١٤ .بيروت -دار الجيل -الرؤوف سعد

-مسعود بن عمر التفتـازاني د الدين سعصدر الشريعة .١٥دار الكتب العلمية ، -ح على التنقيحالتلويح على التوضي

.بيروت

دار الحـديث، -أصول الفقه -م٢٠٠٢-محمد الخضري .١٦ .القاهرة

المؤسسة العامة للطباعـة -المغني -القاضي عبد الجبار .١٧ .والنشر

ول واألمل في علمي األصول منتهى الوص- اجبابن الح .١٨ .دار الكتب العلمية، بيروت -٢ط -والجدل

ع المتعارضـة أدلـة التشـري -بدران أبو العينين بدران .١٩مؤسسـة شـباب الجامعـة، -ووجوه التـرجيح بينهـا

.اإلسكندرية

نظرية المقاصد عند اإلمـام -م١٩٩٧-أحمد الريسوني .٢٠ .مصر -دار الكلمة -١ط -الشاطبي

مطبعـة -تعليل األحكام -م١٩٤٧-محمد مصطفى شلبي .٢١ .األزهر

المستصفى من علـم -بو حامد محمد بن محمد الغزاليأ .٢٢ . بيروت -دار صادر -األصول

. ٢جـ. شرح العضد على مختصر المنتهى .٢٣

-دار الكتب العلمية -روضة الناظر -ابن قدامة المقدسي .٢٤ .بيروت

أصـول -م١٩٧٣ -أبوبكر محمد بن أحمـد السرخسـي .٢٥ .بيروت -تحقيق أبو الوفا األفغاني، دار المعرفة-الفقه

دار الكتـب -تيسـير التحريـر -ابن الهمام اإلسكندري .٢٦ .بيروت -العلمية

فواتح الرحمـوت بشـرح -محب الدين بن عبد الشكور .٢٧ .مسلم الثبوت

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

٩٠

هــ ١٣٤٣ -عمر البيضـاوي ناصر الدين عبد اهللا بن .٢٨-المطبعة السلفية-نهاية السول في شرح منهاج األصول

.القاهرة

-٢ط -الملل والنحل -نيمحمد بن عبد الكريم الشهرستا .٢٩ .مطبعة االنجلو المصرية

.بيروت -دار الجيل-عالم الموقعين إ -ابن قيم الجوزية .٣٠

.البرهان -امام الحرمين .٣١

الحاشـية علـى جمـع -حمن الشـربيني الشيخ عبد الر .٣٢ .بيروت -دار الكتب العلمية -الجوامع

نشر مكتبـة الوحـدة -مقاصد الشريعة -عالل الفاسي .٣٣ .المغرب-العربية

ـ -م١٩٨٨-أحمد الخلميشي .٣٤ مطبعـة -١ط -روجهة نظ .النجاح، المغرب

المحصول -م١٩٩٢-عمر الرازيفخر الدين محمد بن .٣٥ ٢-ط -تحقيق طه جـابر فيـاض -في علم أصول الفقه

.بيروت -الرسالةمؤسسة

الجامع ألحكـام -االنصاري أبو عبد اهللا محمد بن أحمد .٣٦ .مؤسسة مناهل العرفان -القرآن

دار -أحمـد بـن حنبـل مسند اإلمـام - حنبلأحمد بن .٣٧ .بيروت -صادر

كشف األسـرار علـى -م١٩٧٤-عبد العزيز البخاري .٣٨ .بيروت -دار الكتاب العربي -أصول البرزدوي

-والتنـوير التحرير -م١٩٨٤-محمد الطاهر بن عاشور .٣٩ .تونس -الدار التونسية

المطبعـة -المحلى -هـ١٣٥٢-أبو محمد علي بن حزم .٤٠ .ر، مصالمنيرية

دار -المغني ومعه الشرح الكبيـر -ابن قدامة المقدسي .٤١ .دمشق-الفكر

دار -المقتصدبداية المجتهد ونهاية -أبو الوليد ابن رشد .٤٢ .دمشق -الفكر

قواعد المقاصد -م٢٠٠١-عبد الرحمن إبراهيم الكيالني .٤٣ .دمشق -دار الفكر -٢ط -عند اإلمام الشاطبي

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com

٩١

PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com