بسم اهلل الرمحن الرحيم

كتاب العلم

وهو الكتاب األول من ربع العبادات

كتاب العلم وفيه سبعة أبواب:

الباب األول: يف فضل العلم والتعليم والتعلم.

الباب الثاين: يف فرض العني وفرض الكفاية من العلوم وبيان حد الفقه والكالم من علم الدين وبيان علم اآلخرة وعلم الدنيا.

الباب الثالث: فيما تعده العامة من علوم الدين وليس منه وفيه بيان جنس العلم املذموم وقدره.

الباب الرابع: يف آفات املناظرة وسبب اشتغال الناس باخلالف واجلدل.

الباب اخلامس: يف آداب املعلم واملتعلم.

بني علماء الدنيا واآلخرة.الباب السادس: يف آفات العلم والعلماء والعالمات الفارقة

الباب السابع: يف العقل وفضله وأقسامه وما جاء فيه من األخبار.

الباب األول

يف فضل العلم والتعليم والتعلم وشواهده من النقل والعقل

فضيلة العلم

(81: 3)آل عمران بالقسط﴾شواهدها من القرآن قوله عز وجل: ﴿شهد اهلل أنه ال إله إال هو واملالئكة وأولو العلم قائما فانظر كيف بدأ سبحانه وتعاىل بنفسه وثىن باملالئكة وثلث بأهل العلم وناهيك هبذا شرفا وفضال وجالء ونبال وقال اهلل

قال ابن عباس رضي اهلل عنهما: للعلماء (88)اجملادلة: تعاىل: ﴿يرفع اهلل الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات﴾ق املؤمنني بسبعمائة درجة ما بني الدرجتني مسرية مخسمائة عام. وقال عز وجل: ﴿قل هل يستوي الذين درجات فو

يعلمون والذين ال يعلمون﴾ وقال تعاىل: ﴿إمنا خيشى اهلل من عباده العلماء﴾ وقال تعاىل: ﴿قل كفى باهلل شهيدا بيين لم من الكتاب أنا آتيك به﴾ تنبيها على أنه اقتدر بقوة وبينكم ومن عنده علم الكتاب﴾ وقال تعاىل: ﴿قال الذي عنده ع

العلم. وقال عز وجل: ﴿وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب اهلل خري ملن آمن وعمل صاحلا﴾ بني أن عظم قدر اآلخرة إىل الرسول وإىل يعلم بالعلم. وقال تعاىل: ﴿وتلك األمثال نضرهبا للناس وما يعقلها إال العاملون﴾ وقال تعاىل: ﴿ولو ردوه

أويل األمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم﴾ رد حكمه يف الوقائع إىل استنباطهم وأحلق رتبتهم برتبة األنبياء يف كشف حكم اهلل. وقيل يف قوله تعاىل: ﴿ يا بين آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم﴾ يعين العلم ﴿وريشا﴾ يعين اليقني

عين احلياء. وقال عز وجل: ﴿ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم﴾ وقال تعاىل: ﴿فلنقصن عليهم ﴿ولباس التقوى﴾ يعلمه البيان﴾ ¤ بعلم﴾ وقال عز وجل: ﴿بل هو آيات بينات يف صدور الذين أوتوا العلم﴾ وقال تعاىل: ﴿خلق اإلنسان

وإمنا ذكر ذلك يف معرض االمتنان.

صلى وقال [1]: )من يرد اهلل به خريا يفقهه يف الدين ويلهمه رشده( عليه وسلمصلى اهللفقال رسول اهلل وأما األخبار ومعلوم أنه ال رتبة فوق النبوة وال شرف فوق شرف الوراثة لتلك الرتبة. وقال [2]: )العلماء ورثة األنبياء(اهلل عليه وسلم

وأي منصب يزيد على منصب من تشتغل مالئكة [3]: )يستغفر للعامل ما يف السموات واألرض(صلى اهلل عليه وسلم: )إن احلكمة تزيد الشريف شرفا وترفع اململوك حىت يدرك صلى اهلل عليه وسلمالسموات واألرض باالستغفار له. وقال

: )خصلتان ال صلى اهلل عليه وسلموقد نبه هبذا على مثراته يف الدنيا ومعلوم أن اآلخرة خري وأبقى. وقال [4]مدارك امللوك(شكن يف احلديث لنفاق بعض فقهاء الزمان فإنه ما أراد به الفقه وال ت [5]يكونان يف منافق حسن مست وفقه يف الدين(

الذي ظننته وسيأيت معىن الفقه وأدىن درجات الفقيه أن يعلم أن اآلخرة خري من الدنيا وهذه املعرفة إذا صدقت وغلبت عليه إن احتيج إليه نفع وإن استغىن عنه : )أفضل الناس املؤمن العامل الذي صلى اهلل عليه وسلمبرىء هبا من النفاق والرياء. وقال

صلى اهلل . وقال [7]: )اإلميان عريان ولباسه التقوى وزينته احلياء ومثرته العلم(صلى اهلل عليه وسلموقال [6]أغىن نفسه(: )أقرب الناس من درجة النبوة أهل العلم واجلهاد أما أهل العلم فدلوا الناس على ما جاءت به الرسل وأما أهل عليه وسلم

: )ملوت قبيلة أيسر من موت صلى اهلل عليه وسلم. وقال [8]اجلهاد فجاهدوا بأسيافهم على ما جاءت به الرسل(فخيارهم يف اجلاهلية خيارهم يف اإلسالم إذا . وقال عليه الصالة والسالم: )الناس معادن كمعادن الذهب والفضة [9]عامل(

. [10]فقهوا(

: )من حفظ صلى اهلل عليه وسلم. وقال [11]: )يوزن يوم القيامة مداد العلماء بدم الشهداء(صلى اهلل عليه وسلموقال : اهلل عليه وسلمصلى . وقال [12]على أميت أربعني حديثا من السنة حىت يؤديها إليهم كنت له شفيعا وشهيدا يوم القيامة(

: )من تفقه يف صلى اهلل عليه وسلم. وقال [13])من محل من أميت أربعني حديثا لقي اهلل عز وجل يوم القيامة فقيها عاملا(: )أوحى اهلل عز وجل صلى اهلل عليه وسلم. وقال [14]قه من حيث ال حيتسب(دين اهلل عز وجل كفاه اهلل تعاىل ما أمهه ورز

: )العامل أمني اهلل سبحانه يف صلى اهلل عليه وسلم. وقال [15]إىل إبراهيم عليه السالم يا إبراهيم إين عليم أحب كل عليم(

وإذا فسدوا فسد الناس األمراء : )صنفان من أميت إذا صلحوا صلح الناس صلى اهلل عليه وسلم. وقال [16]األرض(: )إذا أتى علي يوم ال أزداد فيه علما يقربين إىل اهلل عز وجل فال بورك يل يف صلى اهلل عليه وسلم. وقال [17]والفقهاء(

: )يف تفضيل العلم على العبادة والشهادة فضل العامل على العابد صلى اهلل عليه وسلم. وقال [18]طلوع مشس ذلك اليوم(، فانظر كيف جعل العلم مقارنا لدرجة النبوة وكيف حط رتبة العمل اجملرد عن [19]كفضلي على أدىن رجل من أصحايب(

: )فضل صلى اهلل عليه وسلمالعلم وإن كان العابد ال خيلو عن علم بالعبادة اليت يواظب عليها ولواله مل تكن عبادة. وقال : )يشفع يوم القيامة ثالثة صلى اهلل عليه وسلم. وقال [20]ائر الكواكب(العامل على العابد كفضل القمر ليلة البدر على س

، فأعظم مبرتبة هي تلو النبوة وفوق الشهادة مع ما ورد يف فضل الشهادة وقال رسول [21]األنبياء مث العلماء مث الشهداء(: )ما عبد اهلل تعاىل بشيء أفضل من فقه يف الدين ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد صلى اهلل عليه وسلماهلل

. [22]ولكل شيء عماد وعماد هذا الدين الفقه(

املؤمن العامل : )فضلصلى اهلل عليه وسلم. وقال [23]: )خري دينكم أيسره وخري العبادة الفقه(صلى اهلل عليه وسلموقال : )إنكم أصبحتم يف زمن كثري فقهاؤه قليل قراؤه وخطباؤه صلى اهلل عليه وسلم. وقال [24]على املؤمن العابد بسبعني درجة(

م وسيأيت على الناس زمان قليل فقهاؤه كثري خطباؤه قليل معطوه كثري قليل سائلوه كثري معطوه العمل فيه خري من العلر : )بني العامل والعابد مائة درجة بني كل درجتني حضصلى اهلل عليه وسلم. وقال [25]سائلوه العلم فيه خري من العمل(

. وقيل: يا رسول اهلل أي األعمال أفضل؟ فقال: )العلم باهلل عز وجل( فقيل: أي العلم [26]اجلواد املضمر سبعني سنة(صلى اهلل عليه سأل عن العمل وجتيب عن العلم، فقال : )العلم باهلل سبحانه( فقيل له: نصلى اهلل عليه وسلمتريد؟ قال

: صلى اهلل عليه وسلم. وقال [27]: )إن قليل العمل ينفع مع العلم باهلل، وإن كثري العمل ال ينفع مع اجلهل باهلل(وسلمبحانه العباد يوم القيامة مث يبعث العلماء مث يقول: يا معشر العلماء، إين مل أضع علمي فيكم إال لعلمي بكم )يبعث اهلل س

اةمة.. نسأل اهلل حسن اخل[28]ومل أضع علمي فيكم ألعذبكم، اذهبوا فقد غفرت لكم(

، العلم خري من املال، العلم حيرسك وأنت حترس كميلرضي اهلل عنه لكميل: يا علي بن أبي طالب فقد قال وأما اآلثاراملال، والعلم حاكم واملال حمكوم عليه، واملال تنقصه النفقة والعلم يزكو باإلنفاق، وقال علي أيضا رضي اهلل عنه: العامل

اجملاهد، وإذا مات العامل ثلم يف اإلسالم ثلمة ال يسدها إال خلف منه، وقال رضي هلل عنه نظما:أفضل من الصائم القائم

ـــم على اهلدى ملن استهدى أدالهء ما الفخر إال ألهل العلم إنه

واجلاهلون ألهل العلم أعداء وقدر كل امرىء ما كان حيـسنه

به أبــــدا النهاس موتى وأهل العلم أحياء ففز بعلم تعش حيا

: ليس شيء أعز من العلم، امللوك حكام على الناس والعلماء حكام على امللوك، وقال ابن عباس رضي أبو األسود وقال لك معه.اهلل عنهما: خري سليمان بن داود عليهما السالم بني العلم واملال وامللك فاختار العلم فأعطي املال وامل

: من الناس؟ فقال: العلماء قيل: فمن امللوك؟ قال: الزهاد. قيل: فمن السفلة؟ قال: الذين يأكلون الدنيا ابن المباركوسئل بالدين ومل جيعل غري العامل من الناس ألن اخلاصية اليت يتميز هبا الناس عن سائر البهائم هو العلم؛ فاإلنسان إنسان مبا هو

ذلك بقوة شخصه، فإن اجلمل أقوى منه، وال بعظمه فإن الفيل أعظم منه، وال بشجاعته فإن السبع شريف ألجله، وليسمنه، بل مل خيلق [29]أشجع منه، وال بأكله فإن الثور أوسع بطنا منه، وال ليجامع فإن أخس العصافري أقوى على السفاد

إال للعلم. وقال بعض العلماء: ليت شعري أي شيء أدرك من فاته العلم، وأي شيء فاته من أدرك العلم. وقال عليه .[30]الصالة والسالم: )من أويت القرآن فرأى أن أحدا أويت خريا منه فقد حقر ما عظم اهلل تعاىل(

رمحه اهلل: أليس املريض إذا منع الطعام والشراب والدواء ميوت؟ قالوا: بلى، قال: كذلك القلب إذا منع فتح الموصليوقال م واحلكمة وهبما حياته، كما أن غذاء اجلسد الطعام، عنه احلكمة والعلم ثالثة أيام ميوت. ولقد صدق فإن غذاء القلب العل

ومن فقد العلم فقلبه مريض وموته الزم ولكنه ال يشعر به؛ إذ حب الدنيا وشغله هبا أبطل إحساسه؛ كما أن غلبة اخلوف ؛ فإذا حط املوت عنه أعباء الدنيا أحسه هبالكه وحتسر حتسرا عظيما مث ال [31]واقعاقد تبطل أمل اجلراح يف احلال وإن كان

ينفعه وذلك كإحساس اآلمن خوفه واملفيق من سكره مبا أصابه من اجلراحات يف حالة السكر أو اخلوف، فنعوذ باهلل من يوم .[32]فإن الناس نيام فإذا ماتوا انتبهواكشف الغطاء

رضي اهلل ابن مسعودرمحه اهلل: يوزن مداد العلماء بدم الشهداء فريجح مداد العلماء بدم الشهداء. وقال الحسنوقال عنه: عليكم بالعلم قبل أن يرفع ورفعه موت رواته، فوالذي نفسي بيده ليودن رجال قتلوا يف سبيل اهلل شهداء أن يبعثهم اهلل علماء ملا يرون من كرامتهم، فإن أحدا مل يولد عاملا وإمنا العلم بالتعلم. وقال ابن عباس رضي اهلل عنهما: تذاكر العلم بعض

ن إحيائها. وكذلك عن أيب هريرة رضي اهلل عنه وأمحد بن حنبل رمحه اهلل. وقال احلسن يف قوله تعاىل: ﴿ربنا ليلة أحب إيل مإن احلسنة يف الدنيا هي العلم والعبادة ويف (811. سورة التوبة: اآلية 108)سورة البقرة: اآلية آتنا يف الدنيا حسنة ويف اآلخرة حسنة﴾

كماء أي األشياء تقتين قال األشياء اليت إذا غرقت سفينتك سبحت معك يعين العلم وقيل اآلخرة هي اجلنة وقيل لبعض احلأراد بغرق السفينة هالك بدنه باملوت وقال بعضهم من اختذ احلكمة جلاما اختذه الناس إماما ومن عرف باحلكمة الحظته

العيون بالوقار.

عمرسب إليه ولو يف شيء حقري فرح ومن رفع عنه حزن وقال رمحة اهلل عليه من شرف العلم أن كل من ن الشافعيوقال رضي اهلل عنه يا أيها الناس عليكم بالعلم فإن هلل سبحانه رداء حيبه فمن طلب بابا من العلم رداه اهلل عز وجل بردائه فإن

رمحه اهلل كاد نحف األ أذنب ذنبا استعتبه ثالث مرات لئال يسلبه رداءه ذلك وإن تطاول به ذلك الذنب حىت ميوت وقالاشرتاين موالي بثلثمائة درهم سامل بن أيب اجلعدالعلماء أن يكونوا أربابا وكل عز مل يوطد بعلم فإىل ذل مصريه وقال

وأعتقين فقلت بأي شيء أحرتف فاحرتفت بالعلم فما ةمت يل سنة حىت أتاين أمري املدينة زائرا فلم آذن له.

يل أيب بالعراق عليك بالعلم فإنك إن افتقرت كان لك ماال وإن استغنيت كان لك مجاال كتب إ الزبري بن أيب بكروقال وحكى ذلك يف وصايا لقمان البنه قال يا بين جالس العلماء وزامحهم بركبتيك فإن اهلل سبحانه حييي القلوب بنور احلكمة

حلوت يف املاء والطري يف اهلواء ويفقد وجهه وال كما حييي األرض بوابل السماء. وقال بعض احلكماء إذا مات العامل بكاه ا رمحه اهلل العلم ذكر وال حتبه إال ذكران الرجال. الزهريينسى ذكره. وقال

فضيلة التعلم

وقوله عز وجل (811)سورة التوبة: اآلية فقوله تعاىل: ﴿فلوال نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا يف الدين﴾أما اآليات (7، وسورة األنبياء: اآلية 33)سورة النحل: اآلية ﴿فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ال تعلمون﴾

. وقال [33]: )من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك اهلل به طريقا إىل اجلنة( صلى اهلل عليه وسلمفقوله وأما األخبار: )ألن صلى اهلل عليه وسلم. وقال [34]: )إن املالئكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاء مبا يصنع( صلى اهلل عليه وسلم

: )باب من العلم يتعلمه الرجل صلى اهلل عليه وسلم. وقال [35]خري من أن تصلي مائة ركعة( تغدو فتتعلم بابا من العلم: صلى اهلل عليه وسلم. وقال [37]: )اطلبوا العلم ولو بالصني(صلى اهلل عليه وسلم. وقال [36]خري له من الدنيا وما فيها(

م خزائن مفاتيحها السؤال أال فاسألوا فإنه يؤجر فيه : )العلصلى اهلل عليه وسلم)طلب العلم فريضة على كل مسلم( وقال : )ال ينبغي للجاهل أن يسكت على جهله وال صلى اهلل عليه وسلم. وقال [38]أربعة السائل والعامل واملستمع واحملب هلم(

. ويف حديث أيب ذر رضي اهلل عنه: )حضور جملس عامل أفضل من صالة ألف ركعة [39]سكت على علمه(للعامل أن ي: )وهل ينفع عليه وسلم صلى اهللوعيادة ألف مريض وشهود ألف جنازة( فقيل: يا رسول اهلل، ومن قراءة القرآن؟ فقال

. وقال عليه الصالة والسالم: )من جاءه املوت وهو يطلب العلم ليحيي به اإلسالم فبينه وبني [40]القرآن إال بالعلم( .[41]األنبياء يف اجلنة درجة واحدة(

رضي اهلل عنهما: ذللت طالبا فعززت مطلوبا. وكذلك قال ابن أيب مليكة رمحه اهلل: ما رأيت ابن عباس وأما اآلثار؛ فقالابن الناس لسانا، وإذا أفىت فأكثر الناس علما. وقال، إذا رأيته رأيت أحسن الناس وجها، وإذا تكلم فأعرب ابن عباسمثل

رمحه اهلل: عجبت ملن مل يطلب العلم كيف تدعوه نفسه إىل مكرمة؟ وقال بعض احلكماء: إين ال أرحم رجاال كرمحيت املبارك ألحد رجلني: رجل يطلب العلم وال يفهم، ورجل يفهم العلم وال يطلبه.

ه: ألن أتعلم مسألة أحب إيل من قيام ليلة. وقال أيضا: كن عاملا أو متعلما أو مستمعا وال رضي اهلل عن أبو الدرداءوقال رضي اهلل عنه: موت ألف عمر: جملس علم يكفر سبعني جملسا من جمالس اللهو. وقال عطاءتكن الرابع فتهلك. وقال

رضي اهلل عنه: طلب العلم أفضل الشافعيوقال عابد قائم الليل صائم النهار أهون من موت عامل بصري حبالل اهلل وحرامه.رمحه اهلل: كنت عند مالك أقرأ عليه العلم فدخل الظهر فجمعت الكتب ألصلي، فقال: ابن عبد الحكممن النافلة. وقال

رضي اهلل عنه: من رأى أن الغدو إىل أبو الدرداء يا هذا ما الذي قمت إليه بأفضل مما كنت فيه إذا صحت النية. وقال طلب العلم ليس جبهاد فقد نقص يف رأيه وعقله.

فضيلة التعليم

واملراد هو التعليم (811) سورة التوبة: اآلية فقوله عز وجل: ﴿ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم حيذرون﴾ أما اآليات:وهو (817) سورة آل عمران: اآلية واإلرشاد وقوله تعاىل: ﴿وإذ أخذ اهلل ميثاق الذين أوتوا الكتاب ليبيننه للناس وال يكتمونه﴾

قال وهو حترمي للكتمان كما (831) سورة البقرة: اآلية إجياب للتعليم وقوله تعاىل: ﴿وإن فريقا منهم ليكتمون احلق وهم يعلمون﴾ : )ما آتى اهلل عاملا علما إال صلى اهلل عليه وسلموقال (113) سورة البقرة: اآلية تعاىل يف الشهادة: ﴿ومن يكتمها فإنه آمث قلبه﴾

. وقال تعاىل: ﴿ومن أحسن قوال ممن دعا إىل [42]وأخذ عليه من امليثاق ما أخذ على النبيني أن يبينوه للناس وال يكتموه( (811) سورة النحل: اآلية وقال تعاىل: ﴿ادع إىل سبيل ربك باحلكمة واملوعظة احلسنة﴾ (33) سورة فصلت: اآلية اهلل وعمل صاحلا﴾

..(1وسورة اجلمعة، اآلية: 813، وسورة آل عمران، اآلية:818:و اآلية811) سورة البقرة: اآلية وقال تعاىل: ﴿ويعلمهم الكتاب واحلكمة﴾

ملا بعث معاذا رضي اهلل عنه إىل اليمن: )ألن يهدي اهلل بك رجال واحدا خري صلى اهلل عليه وسلمفقوله وأما األخبار:: )من تعلم بابا من العلم ليعلم الناس أعطي ثواب سبعني صلى اهلل عليه وسلم. وقال [43]لك من الدنيا وما فيها(

: )من علم وعمل وعلم فذلك يدعى عظيما يف ملكوت السموات(. وقال صلى اهلل عليه وسلم. وقال عيسى [44]صديقا(: )إذا كان يوم القيامة يقول اهلل سبحانه للعابدين واجملاهدين ادخلوا اجلنة فيقول العلماء صلى اهلل عليه وسلمرسول اهلل

فيشفعون مث يدخلون بفضل علمنا تعبدوا وجاهدوا فيقول اهلل عز وجل أنتم عندي كبعض مالئكيت اشفعوا تشفعوا : )إن اهلل صلى اهلل عليه وسلم، وهذا إمنا يكون بالعلم املتعدي بالتعليم ال العلم الالزم الذي ال يتعدى. وقال [45]اجلنة(

س بعد أن يؤتيهم إياه ولكن يذهب بذهاب العلماء فكلما ذهب عامل ذهب مبا معه عز وجل ال ينتزع العلم انتزاعا من النا: ليه وسلمصلى اهلل ع. وقال [46]من العلم حىت إذا مل يبق إال رؤساء جهاال إن سئلوا أفتوا بغري علم فيضلون ويضلون(

: )نعم العطية ونعم اهلدية صلى اهلل عليه وسلم. وقال [47])من علم علما فكتمه أجلمه اهلل يوم القيامة بلجام من نار(صلى اهلل عليه . وقال [48]لم تعلمه إياها تعدل عبادة سنة(كلمة حكمة تسمعها فتطوى عليها مث حتملها إىل أخ لك مس

: صلى اهلل عليه وسلم. وقال [49]: )الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إال ذكر اهلل سبحانه وما وااله أو معلما أو متعلما(وسلم)إن اهلل سبحانه ومالئكته وأهل مسواته وأرضه حىت النملة يف جحرها حىت احلوت يف البحر ليصلون على معلم الناس

صلى . وقال [51]: )ما أفاد املسلم أخاه فائدة أفضل من حديث حسن بلغه فبلهغه(صلى اهلل عليه وسلم. وقال [50]اخلري(صلى . وخرج رسول اهلل [52]فيعلمها ويعمل هبا خري له من عبادة سنة( : )كلمة من اخلري يسمعها املؤمناهلل عليه وسلمالء ذات يوم فرأى جملسني أحدمها يدعون اهلل عز وجل ويرغبون إليه والثاين يعلمون الناس فقال: )أما هؤ اهلل عليه وسلم

فيسألون اهلل تعاىل فإن شاء أعطاهم وإن شاء منعهم وأما هؤالء فيعلمون الناس وإمنا بعثت معلما مث عدل إليهم وجلس جل به من اهلدى والعلم كمثل الغيث الكثري أصاب أرضا : )مثل ما بعثين اهلل عز و صلى اهلل عليه وسلم. وقال [53]معهم(

فكانت منها بقعة قبلت املاء فأنبتت الكأل والعشب الكثري وكانت منها بقعة أمسكت املاء فنفع اهلل عز وجل هبا الناس ، فاألول ذكره مثال للمنتفع بعلمه [54]فشربوا منها وسقوا وزرعوا وكانت منها طائفة قيعان ال ةمسك ماء وال تنبت كأل(

: )إذا مات ابن آدم انقطع عمله إال من ثالث صلى اهلل عليه وسلموالثاين ذكره مثال للنافع والثالث للمحروم منهما. وقال : )ال حسد صلى اهلل عليه وسلم. وقال [56]: )الدال على اخلري كفاعله(صلى اهلل عليه وسلم. وقال [55]علم ينتفع به(

هلل عز وجل حكمة فهو يقضي هبا ويعلمها الناس ورجل آتاه اهلل ماال فسلطه على هلكته يف إال يف اثنتني رجل آتاه ا

سنيت ويعلمونا عباد : )على خلفائي رمحة اهلل قيل ومن خلفاؤك قال الذين حييونصلى اهلل عليه وسلم. وقال [57]اخلري( . [58]اهلل(

ابن عباسرضي اهلل عنه من حدث حديثا فعمل به فله مثل أجر من عمل ذلك العمل. وقال عمرفقد قال :وأما اآلثاررضي اهلل عنهما معلم الناس اخلري يستغفر له كل شيء حىت احلوت يف البحر. وقال بعض العلماء العامل يدخل فيما بني اهلل

رمحه اهلل قدم عسقالن فمكث ال يسأله إنسان فقال اكروا يل سفيان الثوري وبني خلقه فلينظر كيف يدخل. وروى أن رضي عطاءم وإمنا قال ذلك حرصا على فضيلة التعليم واستبقاء العلم به. وقال ألخرج من هذا البلد هذا بلد ميوت فيه العل

وهو يبكي فقلت ما يبكيك قال ليس أحد يسألين عن شيء وقال بعضهم العلماء سعيد بن املسيباهلل عنه دخلت على اء لصار الناس مثل البهائم رمحه اهلل لوال العلم احلسنسرج األزمنة كل واحد مصباح زمانه يستضيء به أهل عصره. وقال

إن هلذا العلم مثنا قيل وما هو قال أن عكرمةأي أنم بالتعليم خيرجون الناس من حد البهيمية إىل حد اإلنسانية. وقال تضعه فيمن حيسن محله وال يضيعه.

ذلك قال ألن آباءهم من آبائهم وأمهاهتم قيل وكيف صلى اهلل عليه وسلمالعلماء أرحم بأمة حممد حيىي بن معاذوقال وأمهاهتم حيفظونم من نار الدنيا وهم حيفظونم من نار اآلخرة وقيل أول العلم الصمت مث االستماع مث احلفظ مث العمل مث نشره وقيل علم علمك من جيهل وتعلم ممن يعلم ما جتهل فإنك إذا فعلت ذلك علمت ما جهلت وحفظت ما علمت.

والتعلم ورأيته أيضا مرفوعا )تعلموا العلم فإن تعلمه هلل خشية وطلبه عبادة ومدارسته تسبيح يف التعليم معاذ بن جبلوقال والبحث عنه جهاد وتعليمه من ال يعلمه صدقة وبذله ألهله قربة وهو األنيس يف الوحدة والصاحب يف اخللوة والدليل على

ب عند الغرباء ومنار سبيل اجلنة يرفع اهلل به أقواما فيجعلهم يف الدين واملصرب على السراء والضراء والوزير عند األخالء والقرياخلري قادة سادة هداة يقتدى هبم أدلة يف اخلري تقتص آثارهم وترمق أفعاهلم وترغب املالئكة يف خلتهم وبأجنحتها ةمسحهم

. [59](وكل رطب ويابس هلم يستغفر حىت حيتان البحر وهوامه وسباع الرب وأنعامه والسماء وجنومها

ألن العلم حياة القلوب من العمى ونور األبصار من الظلم وقوة األبدان من الضعف يبلغ به العبد منازل األبرار والدرجات العلى والتفكر فيه يعدل بالصيام ومدارسته بالقيام به يطاع اهلل عز وجل وبه يعبد وبه يوحد وبه ميجد وبه يتورع وبه توصل

م وهو إمام والعمل تابعه يلهمه السعداء وحيرمه األشقياء نسأل اهلل تعاىل حسن التوفيق يف األرحام وبه يعرف احلالل واحلراالشواهد العقلية اعلم أن املطلوب من هذا الباب معرفة فضيلة العلم ونفاسته وما مل تفهم الفضيلة يف نفسها ومل يتحقق املراد

ال فلقد ضل عن الطريق من طمع أن يعرف أن زيدا حكيم أم منها مل ميكن أن تعلم وجودها صفة للعلم أو لغريه من اخلصال وهو بعد مل يفهم معىن احلكمة وحقيقتها والفضيلة مأخوذة من الفضل وهي الزيادة فإذا تشارك شيئان يف أمر واختص

أحدمها مبزيد يقال فضله وله الفضل عليه مهما كانت زيادته فيما هو كمال ذلك الشيء.

ضل من احلمار مبعىن أنه يشاركه يف قوة احلمل ويزيد عليه بقوة الكر والفر وشدة العدو وحسن الصورة كما يقال الفرس أففلو فرض محار اختص بسلعة زائدة مل يقل إنه أفضل ألن تلك زيادة يف اجلسم ونقصان يف املعىن وليست من الكمال يف

خيف عليك أن العلم فضيلة إن أخذته باإلضافة إىل شيء واحليوان مطلوب ملعناه وصفاته ال جلسمه فإذا فهمت هذا مل

سائر األوصاف كما أن للفرس فضيلة إن أخذته باإلضافة إىل سائر احليوانات بل شدة العدو فضيلة يف الفرس وليست ة فضيلة على اإلطالق والعلم فضيلة يف ذاته وعلى اإلطالق من غري إضافة فإنه وصف كمال اهلل سبحانه وبه شرف املالئك

واألنبياء بل الكيس من اخليل خري من البليد فهي فضيلة على اإلطالق من غري إضافة.

واعلم أن الشيء النفيس املرغوب فيه ينقسم إىل ما يطلب لغريه وإىل ما يطلب لذاته وإىل ما يطلب لغريه ولذاته مجيعا فما دنانري فإنما حجران ال منفعة هلما ولوال أن اهلل يطلب لذاته أشرف وأفضل مما يطلب لغريه واملطلوب لغريه الدراهم وال

سبحانه وتعاىل يسر قضاء احلاجات هبما لكانا واحلصباء مبثابة واحدة والذي يطلب لذاته فالسعادة يف اآلخرة ولذة النظر لوجه اهلل تعاىل والذي يطلب لذاته ولغريه.

مة للبدن عن األمل ومطلوبة للمشي هبا والتوصل إىل فكسالمة البدن فإن سالمة الرجل مثال مطلوبة من حيث إنا سالاملآرب واحلاجات وهبذا االعتبار إذا نظرت إىل العلم رأيته لذيذا يف نفسه فيكون مطلوبا لذاته ووجدته وسيلة إىل دار اآلخرة

دمي السعادة األبدية وأفضل وسعادهتا وذريعة إىل القرب من اهلل تعاىل وال يتوصل إليه إال به وأعظم األشياء رتبة يف حق اآل األشياء ما هو وسيلة إليها ولن يتوصل إليها إال بالعلم والعمل وال يتوصل إىل العمل إال بالعلم بكيفية العمل.

فأصل السعادة يف الدنيا واآلخرة هو العلم فهو إذن أفضل األعمال وكيف ال وقد تعرف فضيلة الشيء أيضا بشرف مثرته. العلم القرب من رب العاملني وااللتحاق بأفق املالئكة ومقارنة املأل األعلى هذا يف اآلخرة. وأما يف الدنيا وقد عرفت أن مثرة

فالعز والوقار ونفوذ احلكم على امللوك ولزوم االحرتام يف الطباع؛ حىت إن أغبياء الرتك وأجالف العرب يصادفون طباعهم علم مستفاد من التجربة؛ بل البهيمة بطبعها توقر اإلنسان لشعورها بتمييز جمبولة على التوقري لشيوخهم الختصاصهم مبزيد

اإلنسان بكمال جماوز لدرجتها.

هذه فضيلة العلم مطلقا مث ختتلف العلوم كما سيأيت بيانه وتتفاوت ال حمالة فضائلها بتفاوهتا وأما فضيلة التعليم والتعلم األمور كان تعلمه طلبا لألفضل فكان تعليمه إفادة لألفضل. وبيانه أن مقاصد فظاهرة مما ذكرناه؛ فإن العلم إذا كان أفضل

اخللق جمموعة يف الدين والدنيا وال نظام للدين إال بنظام الدنيا؛ فإن الدنيا مزرعة اآلخرة وهي اآللة املوصلة إىل اهلل عز وجل دنيا إال بأعمال اآلدميني وأعماهلم وحرفهم وصناعاهتم ملن اختذها آلة ومنزال ملن يتخذها مستقرا ووطنا. وليس ينتظم أمر ال

تنحصر يف ثالثة أقسام:

أصول ال قوام للعامل دونا وهي أربعة الزراعة وهي للمطعم واحلياكة وهي للملبس والبناء وهو للمسكن والسياسة أحدها وهي للتأليف واالجتماع والتعاون على أسباب املعيشة وضبطها.

ئة لكل واحدة من هذه الصناعات وخادمة هلا كاحلدادة فإنا ختدم الزراعة ومجلة من الصناعات بإعداد ما هي مهي الثاين آالهتا كاحلالجة والغزل فإنا ختدم احلياكة بإعداد عملها.

ما هي متممة لألصول ومزينة كالطحن واخلبز للزراعة وكالقصارة واخلياطة للحياكة. الثالث

إما أصولأمر العامل األرضي مثل أجزاء الشخص باإلضافة إىل مجلته فإنا ثالثة أضرب أيضا وذلك باإلضافة إىل قوام هلا ومزينة كاألظفار وإما مكملة هلا كاملعدة والعروق والشرايني واألعصاب واألوردة وإما خادمةكالقلب والكبد والدماغ

لسياسة بالتأليف واالستصالح ولذلك تستدعى هذه واألصابع واحلاجبني. وأشرف هذه الصناعات أصوهلا وأشرف أصوهلا االصناعة من الكمال فيمن يتكفل هبا ما ال يستدعيه سائر الصناعات. ولذلك يستخدم ال حمالة صاحب هذه الصناعة

سائر الصناع والسياسة يف استصالح اخللق وإرشادهم إىل الطريق املستقيم املنجي يف الدنيا واآلخرة على أربع مراتب:

وهي العليا سياسة األنبياء عليهم السالم وحكمهم على اخلاصة والعامة مجيعا يف ظاهرهم وباطنهم. وىلاأل

اخللفاء وامللوك والسالطني وحكمهم على اخلاصة والعامة مجيعا ولكن على ظاهرهم ال على باطنهم. والثانية

كمهم على باطن اخلاصة فقط وال يرتفع فهم العامة على العلماء باهلل عز وجل وبدينه الذين هم ورثة األنبياء وح والثالثة االستفادة منهم وال تنتهي قوهتم إىل التصرف يف ظواهرهم باإللزام واملنع والشرع.

الوعاظ وحكمهم على بواطن العوام فقط. والرابعة

مومة املهلكة وإرشادهم إىل فأشرف هذه الصناعات األربع بعد النبوة إفادة العلم وهتذيب نفوس الناس عن األخالق املذاألخالق احملمودة املسعدة وهو املراد بالتعليم وإمنا قلنا إن هذا أفضل من سائر احلرف والصناعات ألن شرف الصناعات يعرف بثالثة أمور إما بااللتفات إىل الغريزة اليت هبا يتوصل إىل معرفتها كفضل العقول العقلية على اللغوية إذ تدرك احلكمة

قل واللغة بالسمع والعقل أشرف من السمع. وإما بالنظر إىل عموم النفع كفضل الزراعة على الصياغة. وإما مبالحظة بالع احملل الذي فيه التصرف كفضل الصياغة على الدباغة إذ حمل أحدمها الذهب وحمل اآلخر جلد امليتة.

إمنا تدرك بكمال العقل وصفاء الذكاء والعقل أشرف صفات فقه طريق اآلخرة وليس خيفى أن العلوم الدينية وهياإلنسان كما سيأيت بيانه إذ به تقبل أمانة اهلل وبه يتوصل إىل جوار اهلل سبحانه وأما عموم النفع فال يسرتاب فيه فإن نفعه

موجود على األرض ومثرته سعادة اآلخرة وأما شرف احملل فكيف خيفى واملعلم متصرف يف قلوب البشر ونفوسهم وأشرفجنس اإلنس وأشرف جزء من جواهر اإلنسان قلبه واملعلم مشتغل بتكميله وجتليته وتطهريه وسياقته إىل القرب من اهلل عز وجل فتعليم العلم من وجه عبادة هلل تعاىل ومن وجه خالفة هلل تعاىل وهو من أجل خالفة اهلل فإن اهلل تعاىل قد فتح على

لذي هو أخص صفاته فهو كاخلازن ألنفس خزائنه مث هو مأذون له يف اإلنفاق منه على كل حمتاج إليه قلب العامل العلم افأي رتبة أجل من كون العبد واسطة بني ربه سبحانه وبني خلقه يف تقريبهم إىل اهلل زلفى وسياقتهم إىل جنة املأوى جعلنا

اهلل منهم بكرمه وصلى اهلل على كل عبد مصطفى.

الثاينالباب

يف العلم احملمود واملذموم وأقسامهما وأحكامهما وفيه بيان ما هو فرض عني وما هو فرض كفاية وبيان أن موقع الكالم والفقه من علم الدين إىل أي حد هو وتفضيل علم اآلخرة.

بيان العلم الذي هو فرض عين

: )اطلبوا العلم صلى اهلل عليه وسلملم( وقال أيضا : )طلب العلم فريضة على كل مسصلى اهلل عليه وسلمقال رسول اهلل ولو بالصني(، واختلف الناس يف العلم الذي هو فرض على كل مسلم فتفرقوا فيه أكثر من عشرين فرقة وال نطيل بنقل التفصيل ولكن حاصله أن كل فريق نزل الوجوب على العلم الذي هو بصدده. فقال املتكلمون: هو علم الكالم، إذ به

درك التوحيد ويعلم به ذات اهلل سبحانه وصفاته. وقال الفقهاء: هو علم الفقه، إذ به تعرف العبادات واحلالل واحلرام وما يحيرم من املعامالت وما حيل، وعنوا به ما حيتاج إليه اآلحاد دون الوقائع النادرة. وقال املفسرون واحملدثون: هو علم الكتاب

العلوم كلها. والسنة، إذ هبما يتوصل إىل

وقال املتصوفة: املراد به هذا العلم، فقال بعضهم: هو علم العبد حباله ومقامه من اهلل عز وجل، وقال بعضهم: هو العلم باإلخالص وآفات النفوس وةمييز ملة امللك من ملة الشيطان، وقال بعضهم: هو علم الباطن وذلك جيب على أقوام

ظ عن عمومه. خمصوصني هم أهل ذلك وصرفوا اللف

: )بين اإلسالم صلى اهلل عليه وسلم: هو العلم مبا يتضمنه احلديث الذي فيه مباين اإلسالم وهو قوله أبو طالب املكيوقال . ألن الواجب هذه اخلمس فيجب العلم بكيفية العمل فيها [60]على مخس شهادة أن ال إله إال اهلل إىل آخر احلديث(

وبكيفية الوجوب والذي ينبغي أن يقطع به احملصل وال يسرتيب فيه ما سنذكره وهو أن العلم كما قدمناه يف خطبة الكتاب كلف العبد العاقل البالغ العمل هبا ينقسم إىل علم معاملة وعلم مكاشفة وليس املراد هبذا العلم إال علم املعاملة واملعاملة اليت

ثالثة اعتقاد وفعل وترك فإذا بلغ الرجل العاقل باالحتالم أو السن ضحوة نار مثال فأول واجب عليه تعلم كلميت الشهادة وفهم معنامها وهو قول )ال إله إال اهلل حممد رسول اهلل( وليس جيب عليه أن حيصل كشف ذلك لنفسه بالنظر والبحث

األدلة بل يكفيه أن يصدق به ويعتقده جزما من غري اختالج ريب واضطراب نفس وذلك قد حيصل مبجرد التقليد وحتريرمن أجالف العرب بالتصديق واإلقرار من غري صلى اهلل عليه وسلموالسماع من غري حبث وال برهان إذ اكتفى رسول اهلل

[61]تعلم دليل.

فإذا فعل ذلك فقد أدى واجب الوقت وكان العلم الذي هو فرض عني عليه يف الوقت تعلم الكلمتني وفهمهما وليس يلزمه وارض أمر وراء هذا يف الوقت بدليل أنه لو مات عقيب ذلك مات مطيعا هلل عز وجل غري عاص له وإمنا جيب غري ذلك بع

تعرض وليس ذلك ضروريا يف حق كل شخص بل يتصور االنفكاك وتلك العوارض إما أن تكون يف الفعل وإما يف الرتك وإما يف االعتقاد. أما الفعل: فبأن يعيش من ضحوة ناره إىل وقت الظهر فيتجدد عليه بدخول وقت الظهر تعلم الطهارة

وقت زوال الشمس مل يتمكن من ةمام التعلم والعمل يف الوقت بل خيرج والصالة فإن كان صحيحا وكان حبيث لو صرب إىل الوقت لو اشتغل بالتعلم فال يبعد أن يقال: الظاهر بقاؤه فيجب عليه تقدمي التعلم على الوقت وحيتمل أن يقال: وجوب

اش إىل رمضان جتدد العلم الذي هو شرط العمل بعد وجوب العمل فال جيب قبل الزوال وهكذا يف بقية الصلوات فإن عبسببه وجوب تعلم الصوم: وهو أن وقته من الصبح إىل غروب الشمس وأن الواجب فيه النية واإلمساك عن األكل والشرب والوقاع وأن ذلك يتمادى إىل رؤية اهلالل أو شاهدين فإن جتدد له مال أو كان له مال عند بلوغه لزمه تعلم ما جيب عليه

ه يف احلال إمنا يلزمه عند ةمام احلول من وقت اإلسالم فإن مل ميلك إال اإلبل مل يلزمه إال تعلم زكاة من الزكاة ولكن ال يلزماإلبل وكذلك يف سائر األصناف فإذا دخل يف أشهر احلج فال يلزمه املبادرة إىل علم احلج مع أن فعله على الرتاخي فال

ينبهوه على أن احلج فرض على الرتاخي على كل من ملك الزاد يكون تعلمه على الفور ولكن ينبغي لعلماء اإلسالم أن والراحلة إذا كان هو مالكا حىت رمبا يرى احلزم لنفسه يف املبادرة فعند ذلك إذا عزم عليه لزمه تعلم كيفية احلج ومل يلزمه إال

عني ويف حترمي السكوت عن تعلم أركانه وواجباته دون نوافله فإن فعل ذلك نفل فعلمه أيضا نفل فال يكون تعلمه فرض التنبيه على وجوب أصل احلج يف احلال نظر يليق بالفقه، وهكذا التدريج يف علم سائر األفعال اليت هي فرض عني.

وأما الرتوك فيجب تعلم علم ذلك حبسب ما يتجدد من احلال وذلك خيتلف حبال الشخص إذ ال جيب على األبكم تعلم األعمى تعلم ما حيرم من النظر وال على البدوي تعلم ما حيرم اجللوس فيه من املساكن فذلك ما حيرم من الكالم وال على

أيضا واجب حبسب ما يقتضيه احلال فما يعلم أنه ينفك عنه ال جيب تعلمه وما هو مالبس له جيب تنبيهه عليه كما لو كان حمرم فيجب تعريفه بذلك وما ليس مالبسا له ولكنه عند اإلسالم البسا للحرير أو جالسا يف الغصب أو ناظرا إىل غري ذي

بصدد التعرض له على القرب كاألكل والشرب فيجب تعليمه حىت إذا كان يف بلد يتعاطى فيه شرب اخلمر وأكل حلم اخلنزير فيجب تعليمه ذلك وتنبيهه عليه وما وجب تعليمه وجب عليه تعلمه.

حبسب اخلواطر فإن خطر له شك يف املعاين اليت تدل عليها كلمتا الشهادة وأما االعتقادات وأعمال القلوب فيجب علمها فيجب عليه تعلم ما يتوصل به إىل إزالة الشك فإن مل خيطر له ذلك ومات قبل أن يعتقد أن كالم اهلل سبحانه قدمي وأنه

إمجاعا ولكن هذه اخلواطر مرئي وأنه ليس حمال للحوادث إىل غري ذلك مما يذكر يف املعتقدات فقد مات على اإلسالماملوجبة لالعتقادات بعضها خيطر بالطبع وبعضها خيطر بالسماع من أهل البلد فإن كان يف بلد شاع فيه الكالم وتناطق الناس بالبدع فينبغي أن يصان يف أول بلوغه عنها بتلقني احلق فإنه لو ألقى إليه الباطل لوجبت إزالته عن قلبه ورمبا عسر

ه لو كان هذا املسلم تاجرا وقد شاع يف البلد معاملة الربا وجب عليه تعلم احلذر من الربا وهذا هو احلق يف ذلك كما أنالعلم الذي هو فرض عني ومعناه العلم بكيفية العمل الواجب فمن علم العلم الواجب ووقت وجوبه فقد علم العلم الذي

ة امللك حق أيضا ولكن يف حق من يتصدى له فإذا كان الغالب هو فرض عني وما ذكره الصوفية من فهم خواطر العدو وملأن اإلنسان ال ينفك عن دواعي الشر والرياء واحلسد فيلزمه أن يتعلم من علم ربع املهلكات ما يرى نفسه حمتاجا إليه وكيف

املرء )ثالث مهلكات شح مطاع وهوى متبع وإعجاب صلى اهلل عليه وسلم:ال جيب عليه وقد قال رسول اهلل . [62]بنفسه(

وال ينفك عنها بشر وبقية ما سنذكره من مذمومات أحوال القلب كالكرب والعجب وأخواهتا تتبع هذه الثالث املهلكات دودها ومعرفة أسباهبا ومعرفة عالماهتا ومعرفة عالجها فإن من ال يعرف الشر وإزالتها فرض عني وال ميكن إزالتها إال مبعرفة ح

يقع فيه والعالج هو مقابلة السبب بضده وكيف ميكن دون معرفة السبب واملسبب وأكثر ما ذكرناه يف ربع املهلكات من إلقائه إليه إذا مل يكن قد انتقل عن ملة فروض األعيان وقد تركها الناس كافة اشتغاال مبا ال يعىن ومما ال ينبغي أن يبادر يف

إىل ملة أخرى اإلميان باجلنة والنار واحلشر والنشر حىت يؤمن به ويصدق وهو من تتمة كلميت الشهادة فإنه بعد التصديق ا فله بكونه عليه السالم رسوال ينبغي أن يفهم الرسالة اليت هو مبلغها وهو أن من أطاع اهلل ورسوله فله اجلنة ومن عصامه

النار فإذا انتبهت هلذا التدريج علمت أن املذهب احلق هو هذا وحتققت أن كل عبد هو يف جماري أحواله يف يومه وليلته ال خيلو من وقائع يف عبادته ومعامالته عن جتدد لوازم عليه فيلزمه السؤال عن كل ما يقع له من النوادر ويلزمه املبادرة إىل تعلم

صلى اهلل القرب غالبا فإذا تبني أنه عليه الصالة والسالم إمنا أراد بالعلم املعرف باأللف والالم يف قوله ما يتوقع وقوعه على)طلب العلم فريضة على كل مسلم(؛ علم العمل الذي هو مشهور الوجوب على املسلمني ال غري؛ فقد اتضح عليه وسلم:

وجه التدريج ووقت وجوبه، واهلل أعلم.

الذي هو فرض كفايةبيان العلم

اعلم أن الفرض ال يتميز عن غريه إال بذكر أقسام العلوم، والعلوم باإلضافة إىل الغرض الذي حنن بصدده تنقسم إىل شرعية وغري شرعية؛ وأعين بالشرعية ما استفيد من األنبياء صلوات اهلل عليهم وسالمه، وال يرشد العقل إليه مثل احلساب، وال

، وال السماع مثل اللغة. فالعلوم اليت ليست بشرعية تنقسم إىل ما هو حممود وإىل ما هو مذموم وإىل ما التجربة مثل الطبهو مباح فاحملمود ما يرتبط به مصاحل أمور الدنيا كالطب واحلساب وذلك ينقسم إىل ما هو فرض كفاية وإىل ما هو فضيلة

قوام أمور الدنيا كالطب إذ هو ضروري يف حاجة بقاء األبدان وليس بفريضة أما فرض الكفاية فهو علم ال يستغىن عنه يفوكاحلساب فإنه ضروري يف املعامالت وقسمة الوصايا واملواريث وغريمها وهذه هي العلوم اليت لو خال البلد عمن يقوم هبا

حلساب من فروض حرج أهل البلد وإذا قام هبا واحد كفى وسقط الفرض عن اآلخرين فال يتعجب من قولنا إن الطب واالكفايات فإن أصول الصناعات أيضا من فروض الكفايات كالفالحة واحلياكة والسياسة بل احلجامة واخلياطة فإنه لو خال البلد من احلجام تسارع اهلالك إليهم وحرجوا بتعريضهم أنفسهم للهالك فإن الذي أنزل الداء أنزل الدواء وأرشد إىل

يه فال جيوز التعرض للهالك بإمهاله وأما ما يعد فضيلة ال فريضة فالتعمق يف دقائق احلساب استعماله وأعد األسباب لتعاطوحقائق الطب وغري ذلك مما يستغىن عنه ولكنه يفيد زيادة قوة يف القدر احملتاج إليه وأما املذموم فعلم السحر والطلسمات

يت ال سخف فيها وتواريخ األخبار وما جيري جمراه. وعلم الشعبذة والتلبيسات وأما املباح منه فالعلم باألشعار ال

وأما العلوم الشرعية وهي املقصودة بالبيان فهي حممودة كلها ولكن قد يلتبس هبا ما يظن أنا شرعية وتكون مذمومة فتنقسم إىل احملمودة واملذمومة أما احملمودة فلها أصول وفروع ومقدمات ومتممات وهي أربعة أضرب:

وإمجاع األمة وآثار الصحابة صلى اهلل عليه وسلماألصول وهي أربعة كتاب اهلل عز وجل وسنة رسول اهلل لالضرب األو واإلمجاع أصل من حيث إنه يدل على السنة فهو أصل يف الدرجة الثالثة وكذا األثر فإنه أيضا يدل على السنة ألن الصحابة

قرائن األحوال ما غاب عن غريهم عيانه ورمبا ال حتيط العبارات مبا أدرك رضي اهلل عنهم قد شاهدوا الوحي والتنزيل وأدركوا ببالقرائن فمن هذا الوجه رأى العلماء االقتداء هبم والتمسك بآثارهم وذلك بشرط خمصوص على وجه خمصوص عند من يراه

وال يليق بيانه هبذا الفن.

ألفاظها بل مبعان تنبه هلا العقول فاتسع بسببها الفهم حىت الفروع وهو ما فهم من هذه األصول ال مبوجب الضرب الثانيأنه اليقضي إذا كان .[63])ال يقضي القاضي وهو غضبان( عليه السالم:فهم من اللفظ امللفوظ به غريه كما فهم من قوله

خائفا أو جائعا أو متأملا مبرض. وهذا على ضربني:

يتعلق مبصاحل الدنيا وحيويه كتب الفقه واملتكفل به الفقهاء وهم علماء الدنيا. أحدمها

ما يتعلق مبصاحل اآلخرة وهو علم أحوال القلب وأخالقه احملمودة واملذمومة وما هو مرضي عند اهلل تعاىل وما هو والثاينومنه العلم مبا يرتشح من القلب إنحياء علوم الدين مكروه وهو الذي حيويه الشطر األخري من هذا الكتاب أعين مجلة كتاب

حيويه الشطر األول من هذا الكتاب. على اجلوارح يف عباداهتا وعاداهتا وهو الذي

املقدمات وهي اليت جتري منه جمرى اآلالت كعلم اللغة والنحو فإنما آلة لعلم كتاب اهلل تعاىل وسنة نبيه والضرب الثالثوليست اللغة والنحو من العلوم الشرعية يف أنفسهما ولكن يلزم اخلوض فيهما بسبب الشرع إذ جاءت صلى اهلل عليه وسلم

هذه الشريعة بلغة العرب وكل شريعة ال تظهر إال بلغة فيصري تعلم تلك اللغة آلة ومن اآلالت علم كتابة اخلط إال أن ذلك ولو تصور استقالل احلفظ جبميع ما يسمع الستغىن عن [64]أميا صلى اهلل عليه وسلمليس ضروريا إذ كان رسول اهلل

الكتابة ولكنه صار حبكم العجز يف الغالب ضروريا.

املتممات وذلك يف علم القرآن فإنه ينقسم إىل ما يتعلق باللفظ كتعلم القراءات وخمارج احلروف وإىل ما الضرب الرابعإذ اللغة مبجردها ال تستقل به وإىل ما يتعلق بأحكامه كمعرفة الناسخ يتعلق باملعىن كالتفسري فإن اعتماده أيضا على النقل

واملنسوخ والعام واخلاص والنص والظاهر وكيفية استعمال البعض منه مع البعض وهو العلم الذي يسمى أصول الفقه ويتناول السنة أيضا.

مساء الصحابة وصفاهتم والعلم بالعدالة يف الرواة والعلم وأما املتممات يف اآلثار واألخبار فالعلم بالرجال وأمسائهم وأنساهبم وأبأحواهلم ليميز الضعيف عن القوي والعلم بأعمارهم ليميز املرسل عن املسند وكذلك ما يتعلق به فهذه هي العلوم الشرعية

وكلها حممودة بل كلها من فروض الكفايات.

فإن قلت: مل أحلقت الفقه بعلم الدنيا؟

عز وجل أخرج آدم عليه السالم من الرتاب وأخرج ذريته من ساللة من طني ومن ماء دافق فأخرجهم من فاعلم أن اهلل األصالب إىل األرحام ومنها إىل الدنيا مث إىل القرب مث إىل العرض مث إىل اجلنة أو إىل النار فهذا مبدؤهم وهذا غايتهم وهذه

يصلح للتزود فلو تناولوها بالعدل النقطعت اخلصومات وتعطل الفقهاء منازهلم وخلق الدنيا زادا للمعاد ليتناول منها ما ولكنهم تناولوها بالشهوات فتولدت منها اخلصومات فمست احلاجة إىل سلطان يسوسهم واحتاج السلطان إىل قانون

ان الفقيه معلم يسوسهم به فالفقيه هو العامل بقانون السياسة وطريق التوسط بني اخللق إذا تنازعوا حبكم الشهوات فكالسلطان ومرشده إىل طرق سياسة اخللق وضبطهم لينتظم باستقامتهم أمورهم يف الدنيا ولعمري إنه متعلق أيضا بالدين لكن

ال بنفسه بل بواسطة الدنيا فإن الدنيا مزرعة اآلخرة وال يتم الدين إال بالدنيا.

أصل له فمهدوم وما ال حارس له فضائع وال يتم امللك والضبط وامللك والدين توأمان فالدين أصل والسلطان حارس وما ال إال بالسلطان وطريق الضبط يف فصل احلكومات بالفقه وكما أن سياسة اخللق بالسلطنة ليس من علم الدين يف الدرجة

ببذرقة حترس من األوىل بل هو معني على ما ال يتم الدين إال به فكذلك معرفة طريق السياسة فمعلوم أن احلج ال يتم إال العرب يف الطريق ولكن احلج شيء وسلوك الطريق إىل احلج شيء ثان والقيام باحلراسة اليت ال يتم احلج إال هبا شيء ثالث

ومعرفة طرق احلراسة وحيلها وقوانينها شيء رابع.

إال ثالثة أمري أو مأمور أو وحاصل فن الفقه معرفة طرق السياسة واحلراسة ويدل على ذلك ما روي مسندا: )ال يفيت الناس. فاألمري هو اإلمام وقد كانوا هم املفتون واملأمور نائبه واملتكلف غريمها وهو الذي يتقلد تلك العهدة من غري [65]متكلف(

عنهم حيرتزون عن الفتوى حىت كان حييل كل منهم على صاحبه وكانوا ال حيرتزون إذا حاجة وقد كان الصحابة رضي اهللسئلوا عن علم القرآن وطريق اآلخرة ويف بعض الروايات بدل املتكلف املرائي فإن من تقلد خطر الفتوى وهو غري متعني

للحاجة فال يقصد به إال طلب اجلاه واملال.

حكام اجلراحات واحلدود والغرامات وفصل اخلصومات فال يستقيم فيما يشتمل عليه ربع فإن قلت هذا إن استقام لك يف أ العبادات من الصيام والصالة وال فيما يشتمل عليه ربع العادات من املعامالت من بيان احلالل واحلرام؟

لصالة والزكاة واحلالل واحلرام فإذا فاعلم أن أقرب ما يتكلم الفقيه فيه من األعمال اليت هي أعمال اآلخرة ثالثة اإلسالم واتأملت منتهى نظر الفقيه فيها علمت أنه ال جياوز حدود الدنيا إىل اآلخرة وإذا عرفت هذا يف هذه الثالثة فهو يف غريها أظهر. أما اإلسالم فيتكلم الفقيه فيما يصح منه وفيما يفسد ويف شروطه وليس يلتفت فيه إال إىل اللسان وأما القلب

أرباب السيوف والسلطنة عنه حيث قال: )هال شققت عن صلى اهلل عليه وسلمرج عن والية الفقيه لعزل رسول اهلل فخا السيف. . للذي قتل من تكلم بكلمة اإلسالم معتذرا بأنه قال ذلك من خوف [66]قلبه؟(

بل حيكم الفقيه بصحة اإلسالم حتت ظالل السيوف مع أنه يعلم أن السيف مل يكشف له عن نيته ومل يدفع عن قلبه غشاوة اجلهل واحلرية ولكنه مثري على صاحب السيف فإن السيف ممتد إىل رقبته واليد ممتدة إىل ماله. وهذه الكلمة باللسان

: )أمرت أن أقاتل الناس حىت يقولوا صلى اهلل عليه وسلمال وذلك يف الدنيا ولذلك قال تعصم رقبته وماله ما دام له رقبة وم . جعل أثر ذلك يف الدم واملال. [67]ال إله إال اهلل فإذا قالوها فقد عصموا مين دماءهم وأمواهلم(

فال تنفع فيها األموال بل أنوار القلوب وأسرارها وإخالصها وليس ذلك من الفقه وإن خاض الفقيه فيه كان كما وأما اآلخرةلو خاض يف الكالم والطب وكان خارجا عن فنه وأما الصالة فالفقيه يفيت بالصحة إذا أتى بصورة األعمال مع ظاهر

ن كان غافال يف مجيع صالته من أوهلا إىل آخرها مشغوال بالتفكري يف حساب معامالته يف السوق إال عند التكبري الشروط وإوهذه الصالة ال تنفع يف اآلخرة كما أن القول باللسان يف اإلسالم ال ينفع ولكن الفقيه يفيت بالصحة أي أن ما فعله حصل

والتعزير فأما اخلشوع وإحضار القلب الذي هو عمل اآلخرة وبه ينفع العمل به امتثال صيغة األمر وانقطع به عنه القتل الظاهر ال يتعرض له الفقيه ولو تعرض له لكان خارجا عن فنه وأما الزكاة فالفقيه ينظر إىل ما يقطع به مطالبة السلطان حىت

إنه إذا امتنع عن أدائها فأخذها السلطان قهرا حكم بأنه برئت ذمته.

أليب حنيفةالقاضي كان يهب ماله لزوجته آخر احلول ويستوهب ماهلا إسقاطا للزكاة فحكي ذلك أبا يوسف وحكى أنرمحه اهلل فقال ذلك من فقهه وصدق فإن ذلك من فقه الدنيا ولكن مضرته يف اآلخرة أعظم من كل جناية ومثل هذا هو

العلم الضار.

له أربع مراتب: الورعن ولكن وأما احلالل واحلرام فالورع عن احلرام من الدي

الورع الذي يشرتط يف عدالة الشهادة وهو الذي خيرج برتكه اإلنسان عن أهلية الشهادة والقضاء والوالية وهو االحرتاز األوىل عن احلرام الظاهر.

: )دع ما يريبك إىل مصلى اهلل عليه وسلورع الصاحلني وهو التوقي من الشبهات اليت يتقابل فيها االحتماالت قال الثانية . [69]: )اإلمث حزاز القلوب(صلى اهلل عليه وسلم. وقال [68]ماال يريبك(

: )ال يكون الرجل من صلى اهلل عليه وسلمورع املتقني وهو ترك احلالل احملض الذي خياف منه أداؤه إىل احلرام قال الثالثةلك مثل التورع عن التحدث بأحوال الناس خيفة من االجنرار إىل . وذ[70]املتقني حىت يدع ما ال بأس به خمافة مما به بأس(

الغيبة والتورع عن أكل الشهوات خيفة من هيجان النشاط والبطر املؤدي إىل مقارفة احملظورات.

ورع الصديقني وهو اإلعراض عما سوى اهلل تعاىل خوفا من صرف ساعة من العمر إىل ما ال يفيد زيادة قرب عند اهلل الرابعة عز وجل وإن كان يعلم ويتحقق أنه ال يفضي إىل حرام.

فهذه الدرجات كلها خارجة عن نظر الفقيه إال الدرجة األوىل وهو ورع الشهود والقضاء وما يقدح يف العدالة والقيام بذلك . [71]فتوك(لوابصة: )استفت قلبك وإن أفتوك وإن أ صلى اهلل عليه وسلمال ينفي اإلمث يف اآلخرة قال رسول اهلل

والفقيه ال يتكلم يف حزازات القلوب وكيفية العمل هبا بل فيما يقدح يف العدالة فقط فإن مجيع نظر الفقيه مرتبط بالدنيا اليت فات القلب وأحكام اآلخرة فذلك يدخل يف كالمه على سبيل التطفل هبا صالح طريق اآلخرة فإن تكلم يف شيء من ص

كما قد يدخل يف كالمه شيء من الطب واحلساب والنجوم وعلم الكالم وكما تدخل احلكمة يف النحو والشعر.

وهو إمام يف علم الظاهر يقول إن طلب هذا ليس من زاد اآلخرة كيف وقد اتفقوا على أن الشرف يف سفيان الثوريوكان العلم العمل به فكيف يظن أنه علم الظهار واللعان والسلم واإلجارة والصرف ومن تعلم هذه األمور ليتقرب هبا إىل اهلل

لشرف هو تلك األعمال فإن قلت مل سويت بني الفقه والطب تعاىل فهو جمنون وإمنا العمل بالقلب واجلوارح يف الطاعات وا إذ الطب أيضا يتعلق بالدنيا وهو صحة اجلسد وذلك يتعلق به أيضا صالح الدين وهذه التسوية ختالف إمجاع املسلمني.

فاعلم أن التسوية غري الزمة بل بينهما فرق وأن الفقه أشرف منه من ثالثة أوجه:

هو مستفاد من النبوة خبالف الطب فإنه ليس من علم الشرع. أنه علم شرعي إذ أحدها

أنه ال يستغين عنه أحد من سالكي طريق اآلخرة ألبتة ال الصحيح وال املريض وأما الطب فال حيتاج إليه إال املرضى والثاين وهم األقلون.

در أعمال اجلوارح ومنشؤها صفات ألنه نظر يف أعمال اجلوارح ومص لعلم طريق اآلخرةأن علم الفقه جماور والثالث القلوب.

فاحملمود من األعمال يصدر عن األخالق احملمودة املنجية يف اآلخرة واملذموم يصدر من املذموم وليس خيفى اتصال اجلوارح بالقلب وأما الصحة واملرض فمنشؤمها صفاء يف املزاج واألخالط وذلك من أوصاف البدن ال من أوصاف القلب فمهما

.علم طريق اآلخرةالفقه إىل الطب ظهر شرفه وإذا أضيف علم طريق اآلخرة إىل الفقه ظهر أيضا شرف أضيف

تفصيال يشري إىل ترامجه وإن مل ميكن استقصاء تفاصيله: علم طريق اآلخرةفصل يل فإن قلت

: علم مكاشفة وعلم معاملةفاعلم أنه قسمان

وهو علم الباطن وذلك غاية العلوم فقد قال بعض العارفني من مل يكن له نصيب من هذا علم املكاشفة فالقسم األولالعلم أخاف عليه سوء اخلاةمة وأدىن نصيب منه التصديق به وتسليمه ألهله وقال آخر من كان فيه خصلتان مل يفتح له

يتحقق به وقد يتحقق بسائر العلوم وأقل بشيء من هذا العلم بدعة أو كرب وقيل من كان حمبا للدنيا أو مصرا على هوى مل عقوبة من ينكره أنه ال يذوق منه شيئا وينشد على قوله:

فذاك ذنب عقابه فيه وأرض ملن غاب عنك غيبته

وهو علم الصديقني واملقربني أعين علم املكاشفة فهو عبارة عن نور يظهر يف القلب عند تطهريه وتزكيته من صفاته املذمومة.

وينكشف من ذلك النور أمور كثرية كان يسمع من قبل أمساءها فيتوهم هلا معاين جمملة غري متضحة فتتضح إذ ذاك حىت انه وبصفاته الباقيات التامات وبأفعاله وحبكمه يف خلق الدنيا واآلخرة ووجه ترتيبه حتصل املعرفة احلقيقية بذات اهلل سبح

لآلخرة على الدنيا. واملعرفة مبعىن النبوة والنيب ومعىن الوحي ومعىن الشيطان ومعىن لفظ املالئكة والشياطني وكيفية معاداة ي إليهم واملعرفة مبلكوت السموات واألرض ومعرفة القلب الشياطني لإلنسان وكيفية ظهور امللك لألنبياء وكيفية وصول الوح

امللك وملة الشيطان ومعرفة اآلخرة واجلنة والنار [72]وكيفية تصادم جنود املالئكة والشياطني فيه ومعرفة الفرق بني ملة القرب والصراط وامليزان واحلساب. وعذاب

وإن الدار اآلخرة هلي [ومعىن قوله تعاىل: (83)االسراء: ]اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا[ومعىن قوله تعاىل: يف ومعىن لقاء اهلل عز وجل والنظر إىل وجهه الكرمي، ومعىن القرب منه والنزول (13)العنكبوت: ]احليوان لو كانوا يعلمون

جواره، ومعىن حصول السعادة مبرافقة املأل األعلى ومقارنة املالئكة والنبيني، ومعىن تفاوت درجات أهل اجلنان حىت يرى بعضهم البعض كما يرى الكوكب الدري يف جوف السماء إىل غري ذلك مما يطول تفصيله.

م يرى أن مجيع ذلك أمثلة وأن الذي أعده اهلل إذ للناس يف معاين هذه األمور بعد التصديق بأصوهلا مقامات شىت فبعضه( وأنه ليس مع اخللق من اجلنة إال الصفات ما ال عني رأت وال أذن مسعت وال خطر على قلب بشرلعباده الصاحلني )

واألمساء. وبعضهم يرى أن بعضها أمثلة وبعضها يوافق حقائقها املفهومة من ألفاظها. وكذا يرى بعضهم أن منتهى معرفة اهلل اهلل عز وجل االعرتاف بالعجز عن معرفته. وبعضهم يدعي أمورا عظيمة يف املعرفة باهلل عز وجل. وبعضهم يقول حد معرفة

عز وجل ما انتهى إليه اعتقاد مجيع العوام. وهو أنه موجود عامل قادر مسيع بصري متكلم.

فنعين بعلم املكاشفة أن يرتفع الغطاء حىت تتضح له جلية احلق يف هذه األمور اتضاحا جيري جمرى العيان الذي ال يشك بعلم طريق صدؤها وخبثها بقاذورات الدنيا. وإمنا نعين فيه. وهذا ممكن يف جوهر اإلنسان لوال أن مرآة القلب قد تراكم

العلم بكيفية تصقيل هذه املرأة عن هذه اخلبائث اليت هي احلجاب عن اهلل سبحانه وتعاىل، وعن معرفة صفاته اآلخرة وأفعاله.

يع أحواهلم فبقدر ما وإمنا تصفيتها وتطهريها بالكف عن الشهوات واالقتداء باألنبياء صلوات اهلل وسالمه عليهم يف مجينجلي من القلب وحياذي به شطر احلق يتألأل فيه حقائقه. وال سبيل إليه إال بالرياضة اليت يأيت تفصيلها يف موضعها وبالعلم والتعليم. وهذه هي العلوم اليت ال تسطر يف الكتب وال يتحدث هبا من أنعم اهلل عليه بشيء منها، إال مع أهله وهو

لى سبيل املذاكرة وبطريق األسرار. املشارك فيه، ع

بقوله: )إن من العلم كهيئة املكنون ال يعلمه إال أهل املعرفة باهلل صلى اهلل عليه وسلمالذي أراده العلم اخلفيوهذا هو عز وجل مل حيقره إذ تعاىل فإذا نطقوا به مل جيهله إال أهل االغرتار باهلل تعاىل فال حتقروا عاملا آتاه اهلل تعاىل علما منه فإن اهلل

. [73]آتاه إياه(

منها فكالصرب والشكر واخلوف والرجاء والرضا أما ما حيمد فهو علم أحوال القلب؛ علم املعاملةوهو وأما القسم الثاين والسخاء ومعرفة املنة هلل تعاىل يف مجيع األحوال واإلحسان وحسن الظن وحسن اخللق وحسن والزهد والتقوى والقناعة

املعاشرة والصدق واإلخالص فمعرفة حقائق هذه األحوال وحدودها وأسباهبا اليت با تكتسب ومثرهتا وعالمتها ومعاجلة ما ضعف منها حىت يقوى وما زال حىت يعود من علم اآلخرة.

خوف الفقر وسخط املقدور والغل واحلقد واحلسد والغش وطلب العلو وحب الثناء وحب طول البقاء يف الدنيا ف وأما ما يذمللتمتع والكرب والرياء والغضب واألنفة والعداوة والبغضاء والطمع والبخل والرغبة والبذخ واألشر والبطر وتعظيم األغنياء

املباهاة واالستكبار عن احلق واخلوض فيما ال يعىن وحب كثرة الكالم واالستهانة بالفقراء والفخر واخليالء والتنافس و والصلف والتزين للخلق واملداهنة والعجب واالشتغال عن عيوب النفس بعيوب الناس وزوال احلزن من القلب وخروج اخلشية

عداوة السر واألمن من مكر منه وشدة االنتصار للنفس إذا ناهلا الذل وضعف االنتصار للحق واختاذ إخوان العالنية على اهلل سبحانه وتعاىل يف سلب ما أعطى واالتكال على الطاعة واملكر واخليانة واملخادعة وطول األمل والقسوة والفظاظة

والفرح بالدنيا واألسف على فواهتا واألنس باملخلوقني والوحشة لفراقهم واجلفاء والطيش والعجلة وقلة احلياء وقلة الرمحة.

مثاهلا من صفات القلب مغارس الفواحش ومنابت األعمال احملظورة. فهذه وأ

وأضدادها وهي األخالق احملمودة منبع الطاعات والقربات فالعلم حبدود هذه األمور وحقائقها وأسباهبا ومثراهتا وعالجها هو علماء اآلخرة.وهو فرض عني يف فتوى علم اآلخرة

يف اآلخرة كما أن املعرض عن األعمال الظاهرة هالك بسيف سالطني الدنيا حبكم فاملعرض عنها هالك بسطوة ملك امللوك فتوى فقهاء الدنيا فنظر الفقهاء يف فروض العني باإلضافة إىل صالح الدنيا وهذا باإلضافة إىل صالح اآلخرة ولو سئل فقيه

از عن الرياء لتوقف فيه مع أنه فرض عن معىن من هذه املعاين حىت عن اإلخالص مثال أو عن التوكل أو عن وجه االحرت عينه الذي يف إمهاله هالكه يف اآلخرة ولو سألته عن اللعان والظهار والسبق والرمي لسرد عليك جملدات من التفريعات الدقيقة اليت تنقضي الدهور وال حيتاج إىل شيء منها وإن احتيج مل ختل البلد عمن يقوم هبا ويكفيه مؤنة التعب فيها فال

زال يتعب فيها ليال ونارا، ويف حفظه ودرسه يغفل عما هو مهم يف نفسه يف الدين وإذا روجع فيه قال اشتغلت به ألنه ي علم الدين وفرض الكفاية، ويلبس على نفسه وعلى غريه يف تعلمه.

والفطن يعلم أنه لو كان غرضه أداء حق األمر يف فرض الكفاية لقدم عليه فرض العني بل قدم عليه كثريا من فروض الكفايات فكم من بلدة ليس فيها طبيب إال من أهل الذمة وال جيوز قبول شهادهتم فيما يتعلق باألطباء من أحكام الفقه مث

فقه ال سيما اخلالفيات واجلدليات والبلد مشحون من الفقهاء مبن يشتغل ال نرى أحدا يشتغل به ويتهاترون على علم البالفتوى واجلواب عن الوقائع فليت شعري كيف يرخص فقهاء الدين يف االشتغال بفرض كفاية قد قام به مجاعة وإمهال ما

يازة مال األيتام وتقلد القضاء ال قائم به هل هلذا سبب إال أن الطب ليس يتيسر الوصول به إىل تويل األوقاف والوصايا وحواحلكومة والتقدم به على األفران والتسلط به على األعداء هيهات هيهات قد اندرس علم الدين بتلبيس العلماء السوء فاهلل تعاىل املستعان وإليه املالذ يف أن يعيذنا من هذا الغرور الذي يسخط الرمحن ويضحك الشيطان وقد كان أهل الورع من

رضي اهلل عنه جيلس بني يدي شيبان الراعي اإلمام الشافعيالظاهر مقرين بفضل علماء الباطن وأرباب القلوب كان علماء كما يقعد الصيب يف املكتب ويسأله كيف يفعل يف كذا وكذا فيقال له مثلك يسأل هذا البدوي فيقول إن هذا وفق ملا

أغفلناه.

ومل يكن يف علم الظاهر مبنزلتهما وكانا معروف الكرخيخيتلفان إىل معني حيىي بنرضي اهلل عنه و أمحد بن حنبلوكان ملا قيل له كيف نفعل إذا جاءنا أمر مل جنده يف كتاب وال سنة فقال صلى اهلل عليه وسلميسأالنه وكيف وقد قال رسول اهلل

. ولذلك قيل علماء الظاهر زينة األرض وامللك وعلماء [74])سلوا الصاحلني واجعلوه شورى بينهم( صلى اهلل عليه وسلم: الباطن زينة السماء وامللكوت.

فقال نعم خذ من علمه احملاسيبشيخي يوما إذا قمت من عندي فمن جتالس، قلت السريرمحه اهلل قال يل اجلنيد وقالدنه ودع عنك تشقيقه الكالم ورده على املتكلمني، مث ملا وليت مسعته يقول جعلك اهلل صاحب حديث صوفيا وال جعلك وأ

صوفيا صاحب حديث أشار إىل أن من حصل احلديث والعلم مث تصوف أفلح ومن تصوف قبل العلم خاطر بنفسه.

فلم مل تورد يف أقسام العلوم: الكالم والفلسفة، وتبني أنما مذمومان أو حممودان. فإن قلت

أن حاصل ما يشتمل عليه علم الكالم من األدلة اليت ينتفع هبا فالقرآن واألخبار مشتملة عليه وما خرج عنهما فهو فاعلمق مبناقضات الفرق هلا وتطويل بنقل املقاالت اليت إما جمادلة مذمومة وهي من البدع كما سيأيت بيانه وإما مشاغبة بالتعل

أكثرها ترهات وهذيانات تزدريها الطباع وةمجها األمساع وبعضها خوض فيما ال يتعلق بالدين ومل يكن شيء منه مألوفا يف رآن العصر األول وكان اخلوض فيه بالكلية من البدع ولكن تغري اآلن حكمه إذ حدثت البدعة الصارفة عن مقتضى الق

والسنة ونبعت مجاعة لفقهوا هلا شبها ورتبوا فيها كالما مؤلفا فصار ذلك احملذور حبكم الضرورة مأذونا فيه بل صار من فروض الكفايات وهو القدر الذي يقابل به املبتدع إذا قصد الدعوة إىل البدعة وذلك إىل حد حمدود سنذكره يف الباب الذي

يلي هذا إن شاء اهلل تعاىل.

ا الفلسفة فليست علما برأسها بل هي أربعة أجزاء: وأم

اهلندسة واحلساب ومها مباحان كما سبق وال مينع عنهما إال من خياف عليه أن يتجاوز هبما إىل علوم مذمومة فإن أحدها:النهر أكثر املمارسني هلما قد خرجوا منهما إىل البدع فيصان الضعيف عنهما ال لعينهما كما يصان عصيب عن شاطىء

خيفة عليه من الوقوع يف النهر وكما يصان حديث العهد باإلسالم عن خمالطة الكفار خوفا عليه مع أن القوي ال يندب إىل خمالطتهم.

املنطق وهو حبث عن وجه الدليل وشروطه ووجه احلد وشروطه ومها داخالن يف علم الكالم. الثاين:

انه وتعاىل وصفاته وهو داخل يف الكالم أيضا والفالسفة مل ينفردوا فيها اإلهليات وهو حبث عن ذات اهلل سبح الثالث:بنمط آخر من العلم بل انفردوا مبذاهب بعضها كفر وبعضها بدعة وكما أن االعتزال ليس علما برأسه بل أصحابه طائفة

من املتكلمني وأهل البحث والنظر انفردوا مبذاهب باطلة فكذلك الفالسفة.

يعيات وبعضها خمالف للشرع والدين واحلق فهو جهل وليس بعلم حىت نورده يف أقسام العلوم وبعضها حبث عن : الطبوالرابعصفات األجسام وخواصها وكيفية إستحالتها وتغريها وهو شبيه بنظر األطباء إال أن الطبيب ينظر يف بدن اإلنسان على

حيث تتغري وتتحرك ولكن للطب فضل عليه وهو أنه اخلصوص من حيث ميرض ويصح وهم ينظرون يف مجيع األجسام من حمتاج إليه وأما علومهم يف الطبيعيات فال حاجة إليها فإذن الكالم صار من مجلة الصناعات الواجبة على الكفاية حراسة

طريق لقلوب العوام عن ختيالت املبتدعة وإمنا حدث ذلك حبدوث البدع كما حدثت حاجة اإلنسان إىل استئجار البذرقة يفاحلج حبدوث ظلم العرب وقطعهم الطريق ولو ترك العرب عدوانم مل يكن استئجار احلراس من شروط طريق احلج فلذلك لو ترك املبتدع هذيانه ملا افتقر إىل الزيادة على ما عهد يف عصر الصحابة رضي اهلل عنهم فليعلم املتكلم حده من الدين وأن

حلج فإذا جترد احلارس للحراسة مل يكن من مجلة احلاج واملتكلم إذا جترد للمناظرة واملدافعة موقعه منه موقع احلارس يف طريق اومل يسلك طريق اآلخرة ومل يشتغل بتعهد القلب وصالحه مل يكن من مجلة علماء الدين أصال وليس عند املتكلم من الدين

ر القلب واللسان وإمنا يتميز عن العامي بصنعة اجملادلة إال العقيدة اليت شاركه فيها سائر العوام وهي من مجلة أعمال ظاهواحلراسة فأما معرفة اهلل تعاىل وصفاته وأفعاله ومجيع ما أشرنا إليه يف علم املكاشفة فالحيصل من علم الكالم بل يكاد أن

مة للهداية حيث قال تعاىل: يكون الكالم حجابا عليه ومانعا عنه وإمنا الوصول إليه باجملاهدة اليت جعلها اهلل سبحانه مقد (11)العنكبوت: . ]والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن اهلل ملع احملسنني[

فقد رددت حد املتكلم إىل حراسة عقيدة العوام عن تشويش املبتدعة كما أن حد البذرقة حراسة أقمشة احلجيج فإن قلتبه يكف السلطان شر بعض أهل العدوان عن بعض وهاتان عن نب العرب ورددت حد الفقيه إىل حفظ القانون الذي

رتبتان نازلتان باإلضافة إىل علم الدين وعلماء األمة املشهورون بالفضل هم الفقهاء واملتكلمون وهم أفضل اخللق عند اهلل تعاىل فكيف تنزل درجاهتم إىل هذه املنزلة السافلة باإلضافة إىل علم الدين.

بالرجال حار يف متاهات الضالل فاعرف احلق تعرف أهله إن كنت سالكا طريق احلق وإن قنعت أن من عرف احلق فاعلمبالتقليد والنظر إىل ما اشتهر من درجات الفضل بني الناس فال تغفل عن الصحابة وعلو منصبهم فقد أمجع الذين عرضت

كن تقدمهم بالكالم والفقه بل بعلم اآلخرة بذكرهم على تقدمهم وأنم ال يدرك يف الدين شأوهم وال يشق غبارهم ومل يوسلوك طريقها و )ما فضل أبو بكر رضي اهلل عنه الناس بكثرة صيام وال صالة وال بكثرة رواية وال فتوى وال كالم ولكن

فليكن حرصك يف طلب ذلك السر فهو صلى اهلل عليه وسلم.. كما شهد له سيد املرسلني [75]بشيء وقر يف صدره(اجلوهر النفيس والدر املكنون ودع عنك ما تطابق أكثر الناس عليه وعلى تفخيمه وتعظيمه ألسباب ودواع يطول تفصيلها

لهم علماء باهلل أثىن عليهم رسول اهلل عن آالف من الصحابة رضي اهلل عنهم ك صلى اهلل عليه وسلمفلقد قبض رسول اهلل ومل يكن فيهم أحد حيسن صنعة الكالم وال نصب نفسه للفتيا منهم أحد إال بضعة عشر رجال. صلى اهلل عليه وسلم

رضي اهلل عنهما منهم وكان إذا سئل عن الفتيا يقول للسائل اذهب إىل فالن األمري الذي تقلد أمور ابن عمرولقد كان رضي اهلل عنه قال عمرالناس وضعها يف عنقه إشارة إىل أن الفتيا يف القضايا واألحكام من توابع الوالية والسلطنة وملا مات

وفينا جلة الصحابة فقال مل أرد علم الفتيا واألحكام إمنا أريد العلم مات تسعة أعشار العلم فقيل له أتقول ذلك ابن مسعودتسعة عمرباهلل تعاىل أفرتى أنه أراد صنعة الكالم واجلدل فما بالك ال حترص على معرفة ذلك العلم الذي مات مبوت

آيتني يف كتاب اهلل وهجره أعشاره وهو الذي سد باب الكالم واجلدل وضرب ضبيعا بالدرة ملا أورد عليه سؤاال يف تعارضوأمر الناس هبجره وأما قولك إن املشهورين من العلماء هم الفقهاء واملتكلمون فاعلم أن ما ينال به الفضل عند اهلل شيء

وما ينال به الشهرة عند الناس شيء آخر.

رضي اهلل عنه عمرقلبه وكان شهرة رضي اهلل عنه باخلالفة وكان فضله بالسر الذي وقر يف أيب بكر الصديقفلقد كان شهرة بالسياسة وكان فضله بالعلم باهلل الذي مات تسعة أعشاره مبوته وبقصده التقرب إىل اهلل عز وجل يف واليته وعدله وشفقته على خلقه وهو أمر باطن يف سره فأما سائر أفعاله الظاهرة فيتصور صدورها من طالب اجلاه واالسم والسمعة والراغب يف

رة فتكون الشهرة فيما هو املهلك والفضل فيما هو سر ال يطلع عليه أحد فالفقهاء واملتكلمون مثل اخللفاء والقضاء الشهوالعلماء وقد انقسموا فمنهم من أراد اهلل سبحانه بعلمه وفتواه وذبه عن سنة نبيه ومل يطلب به رياء وال مسعة فأولئك أهل

لهم بعلمهم وإلرادهتم وجه اهلل سبحانه بفتواهم ونظرهم فإن كل علم عمل فإنه فعل رضوان اهلل تعاىل وفضلهم عند اهلل لعممكتسب وليس كل عمل علما والطبيب يقدر على التقرب إىل اهلل تعاىل بعلمه فيكون مثابا على علمه من حيث إنه عامل

نه ومثابا ال من حيث إنه متكفل بعلم هلل سبحانه وتعاىل به والسلطان يتوسط بني اخللق هلل فيكون مرضيا عند اهلل سبحاالدين بل من حيث هو متقلد بعمل يقصد به التقرب إىل اهلل عز وجل بعلمه وأقسام ما يتقرب به إىل اهلل تعاىل ثالثة علم جمرد وهو علم املكاشفة وعمل جمرد وهو كعدل السلطان مثال وضبطه للناس ومركب من عمل وعلم وهو علم طريق اآلخرة

حبه من العلماء والعمال مجيعا فانظر إىل نفسك أتكون يوم القيامة يف حزب علماء اهلل وأعمال اهلل تعاىل أوىف فإن صا حزبيهما فتضرب بسهمك مع كل فريق منهما فهذا أهم عليك من التقليد جملرد االشتهار كما قيل:

يف طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل خذ ما تراه ودع شيئا مسعت به

على أنا سننقل من سرية فقهاء السلف ما تعلم به أن الذين انتحلوا مذاهبهم ظلموهم وأنم من أشد خصمائهم يوم القيامة فإنم ما قصدوا بالعلم إال وجه اهلل تعاىل وقد شوهد من أحواهلم ما هو من عالمات علماء اآلخرة كما سيأيت بيانه يف باب

نوا متجردين لعلم الفقه بل كانوا مشتغلني بعلم القلوب ومراقبني هلا ولكن صرفهم عن عالمات علماء اآلخرة فإنم ما كا

التدريس والتصنيف فيه ما صرف الصحابة عن التصنيف والتدريس يف الفقه مع أنم كانوا فقهاء مستقلني بعلم الفتوى والصوارف والدواعي متيقنة وال حاجة إىل ذكرها.

هاء اإلسالم ما تعلم به أن ما ذكرناه ليس طعنا فيهم بل هو طعن فيمن أظهر االقتداء هبم وحنن اآلن نذكر من أحوال فقمنتحال مذاهبهم وهو خمالف هلم يف أعماهلم وسريهم فالفقهاء الذين هم زعماء الفقه وقادة اخللق أعين الذين كثر أتباعهم

رمحهم اهلل تعاىل وكل واحد منهم كان عابدا الثوري سفيانو أبو حنيفةو أمحد بن حنبلو مالكو الشافعييف املذاهب مخسة وزاهدا وعاملا بعلوم اآلخرة وفقيها يف مصاحل اخللق يف الدنيا ومريدا بفقهه وجه اهلل تعاىل فهذه مخس خصال اتبعهم فقهاء

ح إال لآلخرة وهذه العصر من مجلتها على خصلة واحدة وهي التشمري واملبالغة يف تفاريع الفقه ألن اخلصال األربع ال تصلاخلصلة الواحدة تصلح للدنيا واآلخرة إن أريد هبا اآلخرة قل صالحها للدنيا مشروا هلا وادعوا هبا مشاهبة أولئك األئمة

وهيهات أن تقاس املالئكة باحلدادين فلنورد اآلن من أحواهلم ما يدل على هذه اخلصال األربع فإن معرفتهم بالفقه ظاهرة.

رمحه اهلل فيدل على أنه كان عابدا ما روي أنه كان يقسم الليل ثالثة أجزاء ثلثا للعلم وثلثا للعبادة وثلثا شافعيالأما اإلمام أحد أصحابه البويطيرمحه اهلل خيتم القرآن يف رمضان ستني مرة كل ذلك يف الصالة وكان الشافعيكان الربيعللنوم قال

غري ليلة فكان يصلي حنوا من ثلث الليل الشافعيبت مع احلسن الكرابيسيخيتم القرآن يف رمضان يف كل يوم مرة وقال فما رأيته يزيد على مخسني آية فإذا أكثر فمائة آية وكان ال مير بآية رمحة إال سأل اهلل لنفسه وجلميع املسلمني واملؤمنني وال

تعوذ فيها وسأل النجاة لنفسه وللمؤمنني وكأمنا مجع له الرجاء واخلوف معا فانظر كيف يدل اقتصاره على مير بآية عذاب إالرمحه اهلل ما شبعت منذ ست عشرة سنة ألن الشبع يثقل الشافعي مخسني آية على تبحره يف أسرار القرآن وتدبره فيها وقال

صاحبه عن العبادة فانظر إىل حكمته يف ذكر آفات الشبع مث يف البدن ويقسي القلب ويزيل الفطنة وجيلب النوم ويضعف جده يف العبادة إذ طرح الشبع ألجلها ورأس التعبد تقليل الطعام.

رمحه اهلل ما حلفت باهلل تعاىل ال صادقا وال كاذبا قط فانظر إىل حرمته وتوقريه هلل تعاىل وداللة ذلك على الشافعيوقال رضي اهلل عنه عن مسئلة فسكت فقيل له أال جتيب رمحك اهلل فقال: "حىت أدري الشافعيوسئل علمه جبالل اهلل سبحانه.

الفضل يف سكويت أو يف جوايب"، فانظر يف مراقبته للسانه مع أنه أشد األعضاء تسلطا على الفقهاء وأعصاها على الضبط لثواب. والقهر وبه يستبني أنه كان ال يتكلم وال يسكت ال لنيل الفضل وطلب ا

رمحه اهلل تعاىل يوما من سوق القناديل فتبعناه فإذا رجل يسفه على رجل من الشافعيخرج أمحد بن حيىي بن الوزيروقال إلينا وقال: "نزهوا أمساعكم عن استماع اخلنا كما تنزهون ألسنتكم عن النطق به فإن املستمع الشافعيأهل العلم فالتفت

ر إىل أخبث شيء يف إنائه فيحرص أن يفرغه يف أوعيتكم ولو ردت كلمة السفيه لسعد رادها شريك القائل وإن السفيه لينظ كما شقي هبا قائلها".

رضي اهلل عنه: "كتب حكيم إىل حكيم قد أوتيت علما فال تدنس علمك بظلمة الذنوب فتبقى يف الظلمة الشافعيوقال رمحه اهلل من ادعى أنه مجع بني حب الدنيا الشافعيعنه فقد قال يوم يسعى أهل العلم بنور علمهم". وأما زهده رضي اهلل

رمحه اهلل إىل اليمن مع بعض الوالة فانصرف إىل مكة الشافعي خرج احلميديوحب خالقها يف قلبه فقد كذب. وقال فرقها بعشرة آالف درهم فضرب له خباء يف موضع خارجا من مكة فكان الناس يأتونه فما برح من موضعه ذلك حىت

كلها.

وخرج من احلمام مرة فأعطى احلمامي ماال كثريا، وسقط سوطه من يده مرة فرفعه إنسان إليه فأعطاه جزاء عليه مخسني رمحه اهلل أشهر من أن حتكى ورأس الزهد السخاء ألن من أحب شيئا أمسكه ومل يفارق املال إال من الشافعيدينارا وسخاوة

عىن الزهد، ويدل على قوة زهده وشدة خوفه من اهلل تعاىل واشتغال مهته باآلخرة ما روي أنه صغرت الدنيا يف عينه، وهو مفقيل له قد مات فقال إن مات فقد مات أفضل زمانه. وما الشافعيحديثا يف الرقائق فغشي على سفيان بن عيينة روى ما رأيت أورع وال عمرالعباد والزهاد فقال يل جلوسا نتذاكر عمر بن نباتةقال كنت أنا و عبد اهلل بن حممد البلويروى

الصاحل تلميذ احلارثإىل الصفا وكان احلارث بن لبيدرضي اهلل عنه، خرجت أنا وهو و الشافعيأفصح من حممد بن إدريس (31و 31: )املرسالت ]هذا يوم ال ينطقون وال يؤذن هلم فيعتذرون[فافتتح يقرأ وكان حسن الصوت فقرأ هذه اآلية عليه املري

رمحه اهلل وقد تغري لونه واقشعر جلده واضطرب اضطرابا شديدا وخر مغشيا عليه فلما أفاق جعل يقول: الشافعيفرأيت )أعوذ بك من مقام الكاذبني وإعراض الغافلني اللهم لك خضعت قلوب العارفني وذلت لك رقاب املشتاقني إهلي هب يل

صرفنا، فلما دخلت بغداد وكان هو بالعراق جودك وجللين بسرتك واعف عن تقصريي بكرم وجهك(، قال مث مشى وانفقعدت على الشط أتوضأ للصالة إذ مر يب رجل فقال يل يا غالم أحسن وضوءك أحسن اهلل إليك يف الدنيا واآلخرة، فالتفت فإذا أنا برجل يتبعه مجاعة فأسرعت يف وضوئي وجعلت أقفو أثره فالتفت إيل فقال: هل لك من حاجة، فقلت:

ا علمك اهلل شيئا، فقال يل: )اعلم أن من صدق اهلل جنا ومن أشفق على دينه سلم من الردى ومن زهد يف نعم تعلمين ممالدنيا قرت عيناه مما يراه من ثواب اهلل تعاىل غدا أفال أزيدك( قلت نعم، قال )من كان فيه ثالث خصال فقد استكمل

حافظ على حدود اهلل تعاىل أال أزيدك( قلت بلى فقال )كن يف اإلميان من أمر باملعروف وائتمر ونى عن املنكر وانتهى و الدنيا زاهدا ويف اآلخرة راغبا واصدق اهلل تعاىل يف مجيع أمورك تنج مع الناجني( مث مضى فسألت من هذا فقالوا هو

اخلوف والزهد . فانظر إىل سقوطه مغشيا عليه مث إىل وعظه كيف يدل ذلك على زهده وغاية خوفه وال حيصل هذا الشافعيرمحه اهلل هذا اخلوف الشافعيومل يستفد (11)فاطر: ]إمنا خيشى اهلل من عباده العلماء[إال من معرفة اهلل عز وجل. فإنه

والزهد من علم كتاب السلم واإلجارة وسائر كتب الفقه بل هو من علوم اآلخرة املستخرجة من القرآن واألخبار إذ حكم فيهما. األولني واآلخرين مودعة

وأما كونه عاملا بأسرار القلب وعلوم اآلخرة فتعرفه من احلكم املأثورة عنه روي أنه سئل عن الرياء فقال على البديهة الرياء رمحه اهلل الشافعيفتنة عقدها اهلوى حيال أبصار قلوب العلماء فنظروا إليها بسوء اختيار النفوس فأحبطت أعماهلم. وقال

ت على عملك العجب فانظر رضا من تطلب ويف أي ثواب ترغب ومن أي عقاب ترهب وأي عافية تعاىل: )إذا أنت خفتشكر وأي بالء تذكر فإنك إذا تفكرت يف واحد من هذه اخلصال صغر يف عينك عملك( فانظر كيف ذكر حقيقة الرياء

وعالج العجب ومها من كبار آفات القلب.

نفسه مل ينفعه علمه(، وقال رمحه اهلل: )من أطاع اهلل تعاىل بالعلم نفعه سره(، رضي اهلل عنه: )من مل يصن الشافعيوقال عبد القاهر بن عبد وقال: )ما من أحد إال له حمب ومبغض فإذا كان كذلك فكن مع أهل طاعة اهلل عز وجل(، وروي أن

رمحه اهلل يقبل عليه لورعه. الشافعيو رضي اهلل عنه عن مسائل يف الورع الشافعيكان رجال صاحلا ورعا وكان يسأل العزيزرمحه اهلل: )التمكني درجة األنبياء وال يكون الشافعييوما أميا أفضل الصرب أو احملنة أو التمكني، فقال للشافعيوقال

عليه السالم مث مكنه، إبراهيمالتمكني إال بعد احملنة فإذا امتحن صرب وإذا صرب مكن أال ترى أن اهلل عز وجل امتحن عليه السالم مث مكنه، وامتحن سليمان عليه السالم مث مكنه وآتاه أيوبعليه السالم مث مكنه، وامتحن موسىوامتحن

، وأيوب عليه السالم بعد (11)يوسف: ]وكذلك مكنا ليوسف يف األرض[ملكا، والتمكني أفضل الدرجات قال اهلل عز وجل رمحه اهلل يدل الشافعياآلية. فهذا الكالم من (13)األنبياء: ]أهله ومثلهم معهموآتيناه [احملنة العظيمة مكن، قال اهلل تعاىل

على تبحره يف أسرار القرآن واطالعه على مقامات السائرين إىل اهلل تعاىل من األنبياء واألولياء وكل ذلك من علوم اآلخرة.

رمحه اهلل مىت يكون الرجل عاملا قال: )إذا حتقق يف علم الدين فعلمه وتعرض لسائر العلوم فنظر فيما فاته للشافعيوقيل معرفة اهلل تعاىل وعلوم اآلخرة. . فهذا وأمثاله مما ال حيصى يدل على علو رتبته يف[76]فعند ذلك يكون عاملا(

وأما إرادته بالفقه واملناظرة فيه وجه اهلل تعاىل فيدل عليه ما روي عنه قال وددت أن الناس انتفعوا هبذا العلم وما نسب إيل جه اهلل شيء منه فانظر كيف اطلع على آفة العلم وطلب االسم له وكيف كان منزه القلب عن االلتفات إليه جمرد النية فيه لو

رضي اهلل عنه )ما ناظرت أحدا قط فأحببت أن خيطىء(، وقال: )ما كلمت أحدا قط إال أحببت أن الشافعيتعاىل. وقال يوفق ويسدد ويعان ويكون عليه رعاية من اهلل تعاىل وحفظ(، )وما كلمت أحدا قط وأنا أبايل أن يبني اهلل احلق على لساين

حلق واحلجة على أحد فقبلها مين إال هبته واعتقدت حمبته وال كابرين أحد على احلق أو على لسانه( وقال: )ما أوردت اودافع احلجة إال سقط من عيين ورفضته(. فهذه العالمات هي اليت تدل على إرادة اهلل تعاىل بالفقه واملناظرة فانظر كيف

رمحه اهلل ما أبو ثور ه فيها أيضا وهلذا قالتابعه الناس من مجلة هذه اخلصال اخلمس على خصلة واحدة فقط مث كيف خالفو رمحه اهلل تعاىل. الشافعيرأيت وال رأى الراءون مثل

رمحه اهلل تعاىل(، فانظر إىل للشافعيرضي اهلل عنه: )ما صليت صالة منذ أربعني سنة إال وأنا أدعو أمحد بن حنبلوقال ألمثال من العلماء يف هذه األعصار وما بينهم من املشاحنة إنصاف الداعي وإىل درجة املدعو له، وقس به األقران وا

حىت تدعو له كل الشافعيوالبغضاء لتعلم تقصريهم يف دعوى االقتداء هبؤالء، ولكثرة دعائه له قال له ابنه أي رجل كان انظر هل هلذين من خلف رمحه اهلل تعاىل كالشمس للدنيا وكالعافية للناس(، ف الشافعي: )يا بين كان أمحدهذا الدعاء فقال

)ما حيىي بن سعيد القطان:رمحه اهلل يف عنقه منة(، وقال وللشافعيرمحه اهلل يقول: )ما مس أحد بيده حمربة إال أمحدوكان ملا فتح اهلل عز وجل عليه من العلم ووفقه للسداد فيه(، ولنقتصر للشافعيصليت صالة منذ أربعني سنة إال وأنا أدعو فيها

نصر بن النبذة من أحواله فإن ذلك خارج عن احلصر وأكثر هذه املناقب نقلناه من الكتاب الذي صنفه الشيخ على هذه رضي اهلل عنه وعن مجيع املسلمني. مناقب الشافعيرمحه اهلل تعاىل يف إبراهيم املقدسي

يف طلب العلم مالكل له ما تقول يا رضي اهلل عنه فإنه كان أيضا متحليا هبذه اخلصال اخلمس فإنه قي مالكوأما اإلمام فقال: )حسن مجيل ولكن انظر إىل الذي يلزمك من حني تصبح إىل حني ةمسي فالزمه(، وكان رمحه اهلل تعاىل يف تعظيم علم الدين مبالغا حىت كان إذا أراد أن حيدث توضأ وجلس على صدر فراشه وسرح حليته واستعمل الطيب وةمكن من

وقال صلى اهلل عليه وسلم(هيبة مث حدث، فقيل له يف ذلك فقال: )أحب أن أعظم حديث رسول اهلل اجللوس على وقار و : )العلم نور جيعله اهلل حيث يشاء وليس بكثرة الرواية(، وهذا االحرتام والتوقري يدل على قوة معرفته جبالل اهلل تعاىل، مالك

رمحه اهلل: )إين الشافعيوأما إرادته وجه اهلل تعاىل بالعلم فيدل عليه قوله: )اجلدال يف الدين ليس بشيء(، ويدل عليه قول وأربعني مسئلة فقال يف اثنتني وثالثني منها ال أدري(، ومن يرد غري وجه اهلل تعاىل بعلمه وقد سئل عن مثان مالكاشهدت

النجم مالكرضي اهلل عنه: )إذا ذكر العلماء ف الشافعيفال تسمح نفسه بأن يقر على نفسه بأنه ال يدري، ولذلك قال ن رواية احلديث يف طالق املكره مث دس عليه من منعه م أبا جعفر املنصور (. وروي أنمالكالثاقب وما أحد أمن علي من

يسأله فروى على مأل من الناس ليس على مستكره طالق فضربه بالسياط ومل يرتك رواية احلديث.

رمحه اهلل ما كان رجل صادقا يف حديثه وال يكذب إال متع بعقله ومل يصبه مع اهلرم آفة وال خرف وأما زهده يف مالكوقال ربيعة بن أيب أمري املؤمنني سأله فقال له هل لك من دار فقال ال ولكن أحدثك مسعت املهدييه ما روي أن الدنيا فيدل عل

هل لك دار فقال ال فأعطاه ثالثة آالف دينار وقال اشرت هبا دارا فأخذها الرشيديقول نسب املرء داره وسأله عبد الرمحنه اهلل ينبغي أن خترج معنا فإين عزمت على أن أمحل الناس على املوطأ رمح ملالكالشخوص قال الرشيدومل ينفقها فلما أراد

رضي اهلل عنه الناس على القرآن فقال له أما محل الناس على املوطأ فليس إليه سبيل ألن أصحاب رسول عثمانكما محل : )اختالف صلى اهلل عليه وسلمافرتقوا بعده يف األمصار فحدثوا فعند كل أهل مصر علم وقد قال صلى اهلل عليه وسلماهلل

: )املدينة خري هلم لو كانوا صلى اهلل عليه وسلموأما اخلروج معك فال سبيل إليه قال رسول اهلل [77]أميت رمحة(كما ، وهذه دنانريكم [79]: )املدينة تنفي خبثها كما ينفي الكري خبث احلديد(صلى اهلل عليه وسلم، وقال [78]يعلمون(

هي إن شئتم فخذوها وإن شئتم فدعوها( يعين أنك إمنا تكلفين مفارقة املدينة ملا اصطنعته إيل فال أوثر الدنيا على مدينة يف الدنيا، وملا محلت إليه األموال الكثرية من أطراف الدنيا النتشار مالكفهكذا كان زهد صلى اهلل عليه وسلم،رسول اهلل

يف وجوه اخلري ودل سخاؤه على زهده وقلة حبه للدنيا وليس الزهد فقد املال وإمنا الزهد فراغ علمه وأصحابه كان يفرقها القلب عنه.

رمحه اهلل أنه قال: )رأيت الشافعيعليه السالم يف ملكه من الزهاد ويدل على احتقاره للدنيا ما روي عن سليمانولقد كان رمحه اهلل ما أحسنه فقال هو هدية ملالكما رأيت أحسن منه فقلت كراعا من أفراس خراسان ويقال مصر مالكعلى باب

صلى فقلت دع لنفسك منها دابة تركبها فقال إين أستحي من اهلل تعاىل أن أطأ تربة فيها نيب اهلل أبا عبد اهللمين إليك يا ه لرتبة املدينة. ويدل على إرادته حبافر دابة(. فانظر إىل سخائه إذ وهب مجيع ذلك دفعة واحدة وإىل توقري اهلل عليه وسلم

ينبغي أن أبا عبد اهلل )فقال يل يا هارون الرشيدبالعلم وجه اهلل تعاىل واستحقار للدنيا ما روي أنه قال: )دخلت على وه ختتلف إلينا حىت يسمع صبياننا منك املوطأ( قال فقلت أعز اهلل موالنا األمري: )إن هذا العلم منكم خرج فإن أنتم أعزرةم

عز، وإن أنتم أذللتموه ذل، والعلم يؤتى وال يأيت، فقال: صدقت، اخرجوا إىل املسجد حىت تسمعوا مع الناس(.

رمحه اهلل تعاىل فلقد كان أيضا عابدا زاهدا باهلل تعاىل خائفا منه مريدا وجه اهلل تعاىل بعلمه، فأما كونه عابدا أبو حنيفةوأما أنه محاد بن أيب سليمانرمحه اهلل له مروءة وكثرة صالة(. وروى أبو حنيفةأنه قال: )كان ابن املبارك فيعرف مبا روي عن

كان حييي الليل كله وروي أنه كان حييي نصف الليل، فمر يوما يف طريق فأشار إليه إنسان وهو ميشي فقال آلخر هذا هو ستحي من اهلل سبحانه أن أوصف مبا ليس يف من الذي حييي الليل كله فلم يزل بعد ذلك حيىي الليل كله وقال: )أنا أ

عبادته(.

عليه فأراده أن يكون بأيب حنيفةفقدمت يزيد بن عمر بن هبرية قال أرسلين الربيع بن عاصموأما زهده فقد روي عن م احلكم بن هشاحاكما على بيت املال فأىب فضربه عشرين سوطا، فانظر كيف هرب من الوالية واحتمل العذاب. قال

أنه كان من أعظم الناس أمانة وأراده السلطان على أن يتوىل مفاتيح خزائنه أو أيب حنيفةحدثت بالشام حديثا يف الثقفيفقال أتذكرون رجال عرضت ابن املباركعند أبو حنيفةيضرب ظهره فاختار عذاهبم له على عذاب اهلل تعاىل. وروى أنه ذكر

قد أمر لك أمري املؤمنني أليب حنيفةعن بعض أصحابه أنه قيل حممد بن شجاع روي عنعليه الدنيا حبذافريها ففر منها. و قال فلما كان اليوم الذي توقع أن يؤتى باملال فيه صلى أبو حنيفة بعشرة آالف درهم قال فما رضي أبو جعفر املنصور

فلم يكلمه فقال بعض من حضر ما باملال فدخل عليه احلسن بن قحطبةالصبح مث تغشى بثوبه فلم يتكلم فجاء رسول يكلمنا إال بالكلمة بعد الكلمة أي هذه عادته فقال ضعوا املال يف هذا اجلراب يف زاوية البيت مث أوصى أبو حنيفة بعد ذلك مبتاع بيته وقال البنه إذا مت ودفنتموين فخذ هذه البدرة واذهب هبا إىل احلسن ابن قحطبة فقل له خذ وديعتك اليت

أبا حنيفة قال ابنه ففعلت ذلك فقال احلسن رمحة اهلل على أبيك فلقد كان شحيحا على دينه وروي أنه دعي إىل أودعتهاوالية القضاء فقال أنا ال أصلح هلذا فقيل له مل فقال إن كنت صادقا فما أصلح هلا وإن كنت كاذبا فالكاذب ال يصلح

معرفته باهلل عز وجل فيدل عليه شدة خوفه من اهلل تعاىل وزهده يف للقضاء وأما علمه بطريق اآلخرة وطريق أمور الدين و الدنيا وقد قال ابن جريج قد بلغين عن كوفيكم هذا النعمان بن ثابت أنه شديد اخلوف هلل تعاىل وقال شريك النخعي كان

لباطين واالشتغال مبهمات أبو حنيفة طويل الصمت دائم الفكر قليل احملادثة للناس فهذا من أوضح األمارات على العلم االدين فمن أويت الصمت والزهد فقد أويت العلم كله فهذه نبذة من أحوال األئمة الثالثة وأما اإلمام أمحد بن حنبل وسفيان الثوري رمحهما اهلل تعاىل فأتباعهما أقل من أتباع هؤالء وسفيان أقل أتباعا من أمحد ولكن اشتهارمها بالورع والزهد أظهر

هذا الكتاب مشحون حبكايات أفعاهلما وأقواهلما فال حاجة إىل التفصيل اآلن فانظر اآلن يف غري هؤالء األئمة الثالثة ومجيعوتأمل أن هذه األحوال واألقوال واألفعال يف اإلعراض عن الدنيا والتجرد هلل عز وجل هل يثمرها جمرد العلم بفروع الفقه من

إليالء واللعان أو يثمرها علم آخر أعلى وأشرف منه وانظر إىل الذين ادعوا االقتداء هبؤالء معرفة السلم واإلجارة والظهار وا أصدقوا يف دعواهم أم ال.

الباب الثالث

فيما يعده العامة من العلوم احملمودة وليس منها

الفقه والعلم والتوحيد والتذكري وفيه بيان الوجه الذي قد يكون به بعض العلوم مذموما وبيان تبديل أسامي العلوم وهو واحلكمة وبيان القدر احملمود من العلوم الشرعية والقدر املذموم منها

بيان علة ذم العلم املذموم

العلم هو معرفة الشيء على ما هو به وهو من صفات اهلل تعاىل فكيف يكون الشيء علما ويكون مع كونه لعلك تقول: علما مذموما.

ال يذم لعينه وإمنا يذم يف حق العباد ألحد أسباب ثالثة: أن العلم فاعلم

أن يكون مؤديا إىل ضرر ما إما لصاحبه أو لغريه كما يذم علم السحر والطلسمات وهو حق إذ شهد القرآن له وأنه األولومرض بسببه حىت أخربه جربيل صلى اهلل عليه وسلمرسول اهلل [80]سبب يتوصل به إىل التفرقة بني الزوجني وقد سحر

عليه السالم بذلك وأخرج السحر من حتت حجر يف قعر بئر وهو نوع يستفاد من العلم خبواص اجلواهر وبأمور حسابية يف مطالع النجوم فيتخذ من تلك اجلواهر هيكل على صورة الشخص املسحور ويرصد به وقت خمصوص من املطالع وتقرن به

كفر والفحش املخالف للشرع ويتوصل بسببها إىل االستعانة بالشياطني وحيصل من جمموع ذلك كلمات يتلفظ هبا من الحبكم إجراء اهلل تعاىل العادة أحوال غريبة يف الشخص املسحور ومعرفة هذه األسباب من حيث إنا معرفة ليست مبذمومة

هو السبب يف كونه علما مذموما بل من اتبع ولكنها ليست تصلح إال لإلضرار باخللق والوسيلة إىل الشر شر فكان ذلك وليا من أولياء اهلل ليقتله وقد اختفى منه يف موضع حريز إذا سأل الظامل عن حمله مل جيز تنبيهه عليه بل وجب الكذب فيه

وذكر موضعه إرشاد وإفادة علم بالشيء على ما هو عليه ولكنه مذموم ألدائه إىل الضرر.

احبه يف غالب األمر كعلم النجوم فإنه يف نفسه غري مذموم لذاته إذ هو قسمان: أن يكون مضرا بص الثاين

. (1)الرمحن: ]الشمس والقمر حبسبان[قسم حسايب وقد نطق القرآن بأن مسري الشمس والقمر حمسوب إذ قال عز وجل: .(31)يس: ]والقمر قدرناه منازل حىت عاد كالعرجون القدمي[وقال عز وجل:

ألحكام، وحاصله يرجع إىل االستدالل على احلوادث باألسباب وهو يضاهي استدالل الطبيب بالنبض على ما والثاين: ا)إذا صلى اهلل عليه وسلم:سيحدث من املرض وهو معرفة جملاري سنة اهلل تعاىل وعادته يف خلقه ولكن قد ذمه الشرع قال

: )أخاف صلى اهلل عليه وسلم. وقال [81]صحايب فأمسكوا(ذكر القدر فأمسكوا وإذا ذكرت النجوم فأمسكوا وإذا ذكر أ . [82]على أميت بعدي ثالثا حيف األئمة واإلميان بالنجوم والتكذيب بالقدر(

وقال عمر بن اخلطاب رضي اهلل عنه: تعلموا من النجوم ما هتتدون به يف الرب والبحر مث أمسكوا. وإمنا زجر عنه من ثالثة أوجه:

ثار حتدث عقيب سري الكواكب وقع يف نفوسهم أن الكواكب أنه مضر بأكثر اخللق فإنه إذا ألقى إليهم أن هذه اآل أحدها:هي املؤثرة وأنا اآلهلة املدبرة ألنا جواهر شريفة مساوية ويعظم وقعها يف القلوب فيبقى القلب ملتفتا إليها ويرى اخلري والشر

الوسائط والعامل الراسخ هو حمذورا أو مرجوا من جهتها وينمحي ذكر اهلل سبحانه عن القلب فإنه الضعيف يقصر نظره على الذي يطلع على أن الشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره سبحانه وتعاىل ومثال نظر الضعيف إىل حصول ضوء الشمس عقيب طلوع الشمس مثال النملة لو خلق هلا عقل وكانت على سطح قرطاس وهي تنظر إىل سواد اخلط يتجدد فتعتقد أنه

ها إىل مشاهدة األصابع مث منها إىل اليد مث منها إىل اإلرادة احملركة اليد مث منها إىل الكاتب فعل القلم وال ترتقى يف نظر القادر املريد مث منه إىل خالق اليد والقدرة واإلرادة فأكثر نظر اخللق مقصور على األسباب القريبة السافلة مقطوع من الرتقي

. إىل مسبب األسباب فهذا أحد أسباب النهي عن النجوم

أن أحكام النجوم ختمني حمض ليس يدرك يف حق آحاد األشخاص ال يقينا وال ظنا فاحلكم به حكم جيهل فيكون وثانيها:ذمه على هذا من حيث إنه جهل ال من حيث إنه علم فلقد كان ذلك معجزة إلدريس عليه السالم فيما حيكى وقد اندرس

نجم على ندور فهو اتفاق ألنه قد يطلع على بعض األسباب وال حيصل وامنحى ذلك العلم وامنحق وما يتفق من إصابة املاملسبب عقيبها إال بعد شروط كثرية ليس يف قدرة البشر االطالع على حقائقها فإن اتفق أن قدر اهلل تعاىل بقية األسباب

رأى الغيم جيتمع وينبعث وقعت اإلصابة وإن مل يقدر أخطأ ويكون ذلك كتخمني اإلنسان يف أن السماء ةمطر اليوم مهما من اجلبال فيتحرك ظنه بذلك ورمبا حيمى النهار بالشمس ويذهب الغيم ورمبا يكون خبالفه وجمرد الغيم ليس كافيا يف جميء املطر وبقية األسباب ال تدرى وكذلك ختمني املالح أن السفينة تسلم اعتمادا على ما ألفه من العادة يف الرياح ولتلك الرياح

خفية هو ال يطلع عليها فتارة يصيب يف ختمينه وتارة خيطىء وهلذه العلة مينع القول عن النجوم أيضا. أسباب

: أنه ال فائدة فيه فأقل أحواله أنه خوض يف فضول ال يغين وتضييع العمر الذي هو أنفس بضاعة اإلنسان يف غري وثالثهابرجل والناس جمتمعون عليه فقال: )ما هذا فقالوا رجل يه وسلمصلى اهلل علفائدة وذلك غاية اخلسران فقد مر رسول اهلل

)إمنا صلى اهلل عليه وسلم:. وقال [83]عالمة فقال مباذا قالوا بالشعر وأنساب العرب فقال علم ال ينفع وجهل ال يضر( . [84]م آية حمكمة أو سنة قائمة أو فريضة عادلة(العل

فإذن اخلوض يف النجوم وما يشبهه اقتحام خطر وخوض يف جهالة من غري فائدة فإن ما قدر كائن واالحرتاز منه غري ممكن حلاجة ماسة إليه وأكثر أدلته مبا يطلع عليه وخبالف التعبري وإن كان ختمينا ألنه جزء من ستة وأربعني خبالف الطب فإن ا

جزءا من النبوة وال خطر فيه.

اخلوض يف علم ال يستفيد اخلائض فيه فائدة علم فهو مذموم يف حقه كتعلم دقيق العلوم قبل جليلها السبب الثالث:األسرار اإلهلية إذ يطلع الفالسفة واملتكلمون إليها ومل يستقلوا هبا ومل يستقل هبا وبالوقوف وخفيها قبل جليها وكالبحث عن

على طرق بعضها إال األنبياء واألولياء فيجب كف الناس عن البحث عنها وردهم إىل ما نطق به الشرع ففي ذلك مقنع ن حاله أحسن يف الدين مما صار إليه وال ينكر للموفق فكم من شخص خاض يف العلوم واستضر هبا ولو مل خيض فيها لكا

كون العلم ضارا لبعض الناس كما يضر حلم الطري وأنواع احللوى اللطيفة بالصيب الرضيع بل رب شخص ينفعه اجلهل ببعض األمور فلقد حكي أن بعض الناس شكا إىل طبيب عقم امرأته وأنا ال تلد فجس الطبيب نبضها وقال ال حاجة لك إىل

ء الوالدة فإنك ستموتني إىل أربعني يوما وقد دل النبض عليه فاستشعرت املرأة اخلوف العظيم وتنغص عليها عيشها دواوأخرجت أمواهلا وفرقتها وأوصت وبقيت ال تأكل وال تشرب حىت انقضت املدة فلم ةمت فجاء زوجها إىل الطبيب وقال له

نا تلد فقال كيف ذاك قال رأيتها مسينة وقد انعقد الشحم على فم مل ةمت فقال الطبيب قد علمت ذلك فجامعها اآلن فإرمحها فعلمت أنا ال هتزل إال خبوف املوت فخوفتها بذلك حىت هزلت وزال املانع من الوالدة فهذا ينبهك على استشعار

.[85])نعوذ باهلل من علم ال ينفع( صلى اهلل عليه وسلم:خطر بعض العلوم ويفهمك معىن قوله

فاعترب هبذه احلكاية وال تكن حباثا عن علوم ذمها الشرع وزجر عنها والزم االقتداء بالصحابة رضي اهلل عنهم واقتصر على شياء واالستقالل وال تكثر اللجج برأيك ومعقولك ودليلك اتباع السنة فالسالمة يف االتباع واخلطر يف البحث عن األ

وبرهانك وزعمك أين أحبث عن األشياء ألعرفها على ما هي عليه فأي ضرر يف التفكر يف العلم فإن ما يعود عليك من . ضرره أكثر وكم من شيء تطلع عليه فيضرك اطالعك عليه ضررا يكاد يهلكك يف اآلخرة إن مل يتداركك اهلل برمحته

واعلم أنه كما يطلع الطبيب احلاذق على أسرار يف املعاجلات يستبعدها من ال يعرفها فكذلك األنبياء أطباء القلوب والعلماء بأسباب احلياة األخروية فال تتحكم على سننهم مبعقولك فتهلك فكم من شخص يصيبه عارض يف أصبعه فيقتضي عقله

جه أن بطلي الكف من اجلانب اآلخر من البدن فيستبعد ذلك غاية االستبعاد أن يطليه حىت ينبهه الطبيب احلاذق أن عالمن حيث ال يعلم كيفية انشعاب األعصاب ومنابتها ووجه التفافها على البدن فهكذا األمر يف طريق اآلخرة ويف دقائق سنن

وته اإلحاطة هبا كما أن يف خواص الشرع وآدابه ويف عقائده اليت تعبد الناس هبا أسرار ولطائف ليست يف سعة العقل وقاألحجار أمورا عجائب غاب عن أهل الصنعة علمها حىت مل يقدر أحد على أن يعرف السبب الذي به جيذب املغناطيس احلديد فالعجائب والغرائب يف العقائد واألعمال وإفادهتا لصفاء القلوب ونقائها وطهارهتا وتزكيتها وإصالحها للرتقي إىل

عاىل وتعرضها لنفحات فضله أكثر وأعظم مما يف األدوية والعقاقري وكما أن العقول تقصر عن إدراك منافع األدوية جوار اهلل تمع أن التجربة سبيل إليها فالعقول تقصر عن إدراك ما ينفع يف حياة اآلخرة مع أن التجربة غري متطرقة إليها وإمنا كانت

موات فأخربنا عن األعمال املقبولة النافعة املقربة إىل اهلل تعاىل زلفى وعن األعمال التجربة تتطرق إليها لو رجع إلينا بعض األصلى اهلل عليه املبعدة عنه وكذا عن العقائد وذلك مما ال يطمع فيه فيكفيك من منفعة العقل أن يهديك إىل صدق النيب

اع فال تسلم إال به والسالم. ويفهمك موارد إشاراته فاعزل العقل بعد ذلك عن التصرف والزم االتب وسلم

. ومعلوم أن العلم ال يكون جهال ولكنه [86]: )إن من العلم جهال وإن من القول عيا(صلى اهلل عليه وسلمولذلك قال . وقال [87]: )قليل من التوفيق خري من كثري من العلم( صلى اهلل عليه وسلميؤثر تأثري اجلهل يف اإلضرار وقال أيضا

الشجر وليس كلها مبثمر وليس كلها بطيب، وما أكثر العلوم وليس كلها بنافع!.عليه السالم: ما أكثر عيسى

بيان ما بدل من ألفاظ العلوم

اعلم أن منشأ التباس العلوم املذمومة بالعلوم الشرعية حتريف األسامي احملمودة وتبديلها ونقلها باألغراض الفاسدة إىل معان فهذه أسام حممودة الفقه، والعلم، والتوحيد، والتذكري، واحلكمة.غري ما أراده السلف الصاحل والقرن األول وهي مخسة ألفاظ

اصب يف الدين ولكنها نقلت اآلن إىل معان مذمومة فصارت القلوب تنفر عن مذمة من يتصف واملتصفون هبا أرباب املن مبعانيها لشيوع إطالق هذه األسامي عليهم.

؛ فقد تصرفوا فيه بالتخصيص ال بالنقل والتحويل إذا خصصوه مبعرفة الفروع الغريبة يف الفتاوى والوقوف الفقه اللفظ األول:ثار الكالم فيها وحفظ املقاالت املتعلقة هبا فمن كان أشد تعمقا فيها وأكثر اشتغاال هبا يقال هو على دقائق عللها واستك

األفقه ولقد كان اسم الفقه يف العصر األول مطلقا على علم طريق اآلخرة ومعرفة دقائق آفات النفوس ومفسدات األعمال ليتفقهوا [استيالء اخلوف على القلب ويدلك عليه قوله عز وجل: وقوة اإلحاطة حبقارة الدنيا وشدة التطلع إىل نعيم اآلخرة و

. وما حيصل به اإلنذار والتخويف هو هذا الفقه دون تفريعات الطالق (811)التوبة: ]يف الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهمالدوام يقسي القلب وينزع اخلشية والعتاق واللعان والسلم واإلجارة فذلك ال حيصل به إنذار وال ختويف بل التجرد له على

. وأراد به معاين اإلميان دون (871)األعراف: ]هلم قلوب ال يفقهون هبا [منه كما نشاهد اآلن من املتجردين له وقال تعاىل:اىل: الفتاوى ولعمري إن الفقه والفهم يف اللغة امسان مبعىن واحد وإمنا يتكلم يف عادة االستعمال به قدميا وحديثا. قال تع

اآلية. فأحال قلة خوفهم من اهلل واستعظامهم سطوة اخللق على قلة الفقه (83)احلشر: ]ألنتم أشد رهبة يف صدورهم من اهلل[: صلى اهلل عليه وسلمفانظر إن كان ذلك نتيجة عدم احلفظ لتفريعات الفتاوى أو هو نتيجة عدم ما ذكرناه من العلوم وقال

. للذين وفدوا عليه وسئل سعد بن إبراهيم الزهري رمحه اهلل أي أهل املدينة أفقه فقال أتقاهم هلل تعاىل [88])علماء فقهاء(: )أال أنبئكم بالفقيه لى اهلل عليه وسلمصفكأنه أشار إىل مثرة الفقه والتقوى مثرة العلم الباطين دون الفتاوى واألقضية وقال

كل الفقيه قالوا بلى قال من مل يقنط الناس من رمحة اهلل ومل يؤمنهم من مكر اهلل ومل يؤيسهم من روح اهلل ومل يدع القرآن )ألن أقعد مع قوم يذكرون اهلل تعاىل من صلى اهلل عليه وسلم:. وملا روى أنس بن مالك قوله [89]رغبة عنه إىل ما سواه(

وقال مل تكن زياد النمرييو رقاشيزيد ال. قال فالتفت إىل [90]غدوة إىل طلوع الشمس أحب إيل من أن أعتق أربع رقاب(جمالس الذكر مثل جمالسكم هذه يقص أحدكم وعظه على أصحابه ويسرد احلديث سردا إمنا كنا نقعد فنذكر اإلميان ونتدبر

القرآن ونتفقه يف الدين ونعد نعم اهلل علينا تفقها فسمى تدبر القرآن وعد النعم تفقها.

. [91]: )ال يفقه العبد كل الفقه حىت ميقت الناس يف ذات اهلل وحىت يرى القرآن وجوها كثرية( صلى اهلل عليه وسلمقال أشد مقتا(. رضي اهلل عنه مع قوله: )مث يقبل على نفسه فيكون هلا على أيب الدرداءوروى أيضا موقوفا

فريقدرمحه اهلل ثكلتك أمك احلسنعن الشيء فأجابه فقال: إن الفقهاء خيالفونك فقال فرقد السبخي احلسنوقد سأل وهل رأيت فقيها بعينك إمنا الفقيه الزاهد يف الدنيا الراغب يف اآلخرة البصري بدينه املداوم على عبادة ربه الورع الكاف نفسه

عفيف عن أمواهلم الناصح جلماعتهم ومل يقل يف مجيع يف ذلك احلافظ لفروع الفتاوى ولست أقول إن عن أعراض املسلمني الاسم الفقه مل يكن متناوال للفتاوى يف األحكام الظاهرة ولكن كان بطريق العموم والشمول أو بطريق االستتباع فكان

الناس على التجرد له واإلعراض عن علم اآلخرة إطالقهم له على علم اآلخرة أكثر فبان من هذا التخصيص تلبيس بعث وأحكام القلوب ووجدوا على ذلك معينا من الطبع فإن علم الباطن غامض والعمل به عسري والتوصل به إىل طلب الوالية والقضاء واجلاه واملال متعذر فوجد الشيطان جماال لتحسني ذلك يف القلوب بواسطة ختصيص اسم الفقه الذي هو اسم

د يف الشرع. حممو

، وقد كان يطلق ذلك على العلم باهلل تعاىل وبآياته وبأفعاله يف عباده وخلقه حىت أنه ملا مات عمر رضي العلم اللفظ الثاين:اهلل عنه قال ابن مسعود رمحه اهلل لقد مات تسعة أعشار العلم فعرفه باأللف والالم مث فسره العلم باهلل سبحانه وتعاىل وقد

ر مبن يشتغل باملناظرة مع اخلصوم يف املسائل الفقهية وغريها فيقال هو تصرفوا فيه أيضا بالتخصيص حىت شهروه يف األكثالعامل على احلقيقة وهو الفحل يف العلم ومن ال ميارس ذلك وال يشتغل به يعد من مجلة الضعفاء وال يعدونه يف زمرة أهل

لماء باهلل تعاىل وبأحكامه وبأفعاله العلم وهذا أيضا تصرف بالتخصيص ولكن ما ورد من فضائل العلم والعلماء أكثره يف العوصفاته وقد صار اآلن مطلقا على من ال حييط من علوم الشرع بشيء سوى رسوم جدلية يف مسائل خالفية فيعد بذلك من فحول العلماء مع جهله بالتفسري واألخبار وعلم املذهب وغريه وصار ذلك سببا مهلكا خللق كثري من أهل الطلب

للعلم.

، وقد جعل اآلن عبارة عن صناعة الكالم ومعرفة طريق اجملادلة واإلحاطة بطرق مناقضات اخلصوم التوحيد: الثاللفظ الثوالقدرة على التشدق فيها بتكثري األسئلة وإثارة الشبهات وتأليف اإللزامات حىت لقب طوائف منهم أنفسهم بأهل العدل

يع ما هو خاصة هذه الصناعة مل يكن يعرف منها شيء يف العصر والتوحيد ومسى املتكلمون العلماء بالتوحيد مع أن مجاألول بل كان يشتد منهم النكري على من كان يفتح بابا من اجلدل واملماراة فأما ما يشتمل عليه القرآن من األدلة الظاهرة

هو العلم كله وكان التوحيد اليت تسبق األذهان إىل قبوهلا يف أول السماع فلقد كان ذلك معلوما للكل وكان العلم بالقرآنعندهم عبارة عن أمر آخر ال يفهمه أكثر املتكلمني وإن فهموه مل يتصفوا به وهو أن يرى األمور كلها من اهلل عز وجل رؤية تقطع التفاته عن األسباب والوسائط فال يرى اخلري والشر كله إال منه جل جالله فهذا مقام شريف إحدى مثراته التوكل كما

بيانه يف كتاب التوكل ومن مثراته أيضا ترك شكاية اخللق وترك الغضب عليهم والرضا والتسليم حلكم اهلل تعاىل وكانت سيأيتإحدى مثراته قول أيب بكر الصديق رضي اهلل عنه ملا قيل له يف مرضه أنطلب لك طبيبا فقال الطبيب أمرضين وقول آخر ملا

ضك فقال قال يل إين فعال ملا أريد وسيأيت يف كتاب التوكل وكتاب التوحيد مرض فقيل له ماذا قال لك الطبيب يف مر شواهد ذلك.

والتوحيد جوهر نفيس وله قشران: أحدمها أبعد عن اللب من اآلخر، فخصص الناس االسم بالقشر وبصنعة احلراسة للقشر وأمهلوا اللب بالكلية.

وهذا يسمى توحيدا مناقضا للتثليث الذي صرح به النصارى ولكنه قد : هو أن تقول بلسانك ال إله إال اهللفالقشر األول يصدر من املنافق الذي خيالف سره جهره.

: أن ال يكون يف القلب خمالفة وإنكار ملفهوم هذا القول بل يشتمل ظاهر القلب على اعتقاده وكذلك والقشر الثاين راس هذا القشر عن تشويش املبتدعة. التصديق به وهو توحيد عوام اخللق واملتكلمون كما سبق ح

أن يرى األمور كلها من اهلل تعاىل رؤية تقطع التفاته عن الوسائط وأن يعبده عبادة يفرده هبا فال يعبد اللباب: وهو والثالث ]إهله هواهأفرأيت من اختذ [غريه وخيرج عن هذا التوحيد أتباع اهلوى فكل متبع هواه فقد اختذ هواه معبوده قال اهلل تعاىل:

.[92])أبغض إله عبد يف األرض عند اهلل تعاىل هو اهلوى( صلى اهلل عليه وسلم:(. وقال 13)اجلاثية:

وعلى التحقيق من تأمل عرف أن عابد الصنم ليس يعبد الصنم وإمنا يعبد هواه إذ نفسه مائلة إىل دين آبائه فيتبع ذلك امليل وميل النفس إىل املألوفات أحد املعاين اليت يعرب عنها باهلوى وخيرج من هذا التوحيد التسخط على اخللق وااللتفات إليهم

ل كيف يتسخط على غريه فلقد كان التوحيد عبارة عن هذا املقام وهو مقام الصديقني فإن من يرى الكل من اهلل عز وجفانظر إىل ماذا حول وبأي قشر قنع منه وكيف اختذوا هذا معتصما يف التمدح والتفاخر مبا امسه حممود مع اإلفالس عن

وجهت وجهي للذي فطر [ة ويقول: املعىن الذي يستحق احلمد احلقيقي وذلك كإفالس من يصبح بكرة ويتوجه إىل القبل(. وهو أول كذب يفاتح اهلل به كل يوم إن مل يكن وجه قلبه متوجها إىل اهلل تعاىل 71)األنعام: ]السموات واألرض حنيفا

على اخلصوص فإنه إن أراد بالوجه وجه الظاهر فما وجهه إال إىل الكعبة وما صرفه إال عن سائر اجلهات والكعبة ليست فطر السموات واألرض حىت يكون املتوجه إليها متوجها إليه تعاىل عن أن حتده اجلهات واألقطار وإن أراد به جهة للذي

وجه القلب وهو املطلوب املتعبد به فكيف يصدق يف قوله وقلبه مرتدد يف أوطاره وحاجاته الدنيوية ومتصرف يف طلب احليل الكلية إليها فمىت وجه وجهه للذي فطر السموات واألرض وهذه الكلمة يف مجع األموال واجلاه واستكثار األسباب ومتوجه ب

قل اهلل مث [خرب عن حقيقة التوحيد فاملوحد هو الذي ال يرى إال الواحد وال يوجه وجهه إال إليه وهو امتثال قوله تعاىل: مجان يصدق مرة ويكذب أخرى وإمنا ( وليس املراد به القول باللسان فإمنا اللسان تر 18)األنعام: ]ذرهم يف خوضهم يلعبون

موقع نظر اهلل تعاىل املرتجم عنه هو القلب وهو معدن التوحيد ومنبعه.

( وقد ورد يف الثناء على 11)الذاريات: ]وذكر فإن الذكرى تنفع املؤمنني[، فقد قال اهلل تعاىل: الذكر والتذكري: اللفظ الرابع)) إذا مررمت برياض اجلنة فارتعوا(( قيل وما رياض اجلنة؟ قال: )) عليه وسلم:صلى اهلل جمالس الذكر أخبار كثرية كقوله

جمالس الذكر . ويف احلديث: )) إن هلل تعاىل مالئكة سياحني يف الدنيا سوى مالئكة اخللق إذا رأوا [93]جمالس الذكر((. فنقل [94]ينادي بعضهم بعضا أال هلموا إىل بغيتكم فيأتونم وحيفون هبم ويستمعون أال فاذكروا اهلل وذكروا أنفسكم((

عليه وهو القصص واألشعار والشطح والطامات أما القصص فهي ذلك إىل ما ترى أكثر الوعاظ يف هذا الزمان يواظبون

. وال [95]صلى اهلل عليه وسلمبدعة وقد ورد ني السلف عن اجللوس إىل القصاص وقالوا مل يكن ذلك يف زمن رسول اهلل بكر وال عمر رضي اهلل عنهما حىت ظهرت الفتنة وظهر القصاص وروى أن ابن عمر رضي اهلل عنهما خرج من يف زمن أيب

املسجد فقال ما أخرجين إال القاص ولواله ملا خرجت وقال ضمرة قلت لسفيان الثوري نستقبل القاص بوجوهنا فقال ولوا ن اليوم من خرب فقلت نى األمري القصاص أن يقصوا فقال البدع ظهوركم وقال ابن عون دخلت على ابن سريين فقال ما كا

وفق للصواب ودخل األعمش جامع البصرة فرأى قاصا يقص ويقول حدثنا األعمش فتوسط احللقة وجعل ينتف شعر إبطه ا فقال القاص يا شيخ أال تستحي فقال مل أنا يف سنة وأنت يف كذب أنا األعمش وما حدثتك وقال أمحد أكثر الناس كذب

القصاص والسؤال وأخرج علي رضي اهلل عنه القصاص من مسجد جامع البصرة فلما مسع كالم احلسن البصري مل خيرجه إذا كان يتكلم يف علم اآلخرة والتفكري باملوت والتنبيه على عيوب النفس وآفات األعمال وخواطر الشيطان ووجه احلذر منها

شكره ويعرف حقارة الدنيا وعيوهبا وتصرمها ونكث عهدها وخطر اآلخرة ويذكر بآالء اهلل ونعمائه وتقصري العبد يفوأهواهلا، فهذا هو التذكري احملمود شرعا الذي روى احلث عليه يف حديث أيب ذر رضي اهلل عنه حيث قال: )) حضور جملس

من شهود ألف ذكر أفضل من صالة ألف ركعة وحضور جملس علم أفضل من عيادة ألف مريض وحضور جملس علم أفضل . وقال عطاء رمحه اهلل جملس [96]جنازة، فقيل: يا رسول اهلل ومن قراءة القرآن، قال: وهل تنفع قراءة القرآن إال بالعلم ((

املزخرفون هذه األحاديث حجة على تزكية أنفسهم ونقلوا اسم التذكري ذكر يكفر سبعني جملسا من جمالس اللهو فقد اختذإىل خرافاهتم وذهلوا عن طريق الذكر احملمود واشتغلوا بالقصص اليت تتطرق إليها االختالفات والزيادة والنقص وخترج عن

ان صدقا ومن فتح ذلك الباب القصص الواردة يف القرآن وتزيد عليها فإن من القصص ما ينفع مساعه ومنها ما يضر وإن كعلى نفسه اختلط عليه الصدق بالكذب والنافع بالضار فمن هذا نى عنه ولذلك قال أمحد بن حنبل رمحه اهلل ما أحوج الناس إىل قاص صادق فإن كانت القصة من قصص األنبياء عليهم السالم فيما يتعلق بأمور دينهم وكان القاص صادقا

هبا بأسا فليحذر الكذب وحكايات أحوال تومىء إىل هفوات أو مساهالت يقصر فهم العوام صحيح الرواية فلست أرى عن درك معانيها أو عن كونا هفوة نادرة مردفة بتفكريات متداركة حبسنات تغطى عليها فإن العامي يعتصم بذلك يف

ايخ وبعض األكابر فكلنا بصدد مساهالته وهفواته وميهد لنفسه عذرا فيه وحيتج بأنه حكى كيت وكيت عن بعض املشاملعاصي فال غرو إن عصيت اهلل تعاىل فقد عصاه من هو أكرب مين ويفيده ذلك جراءة على اهلل تعاىل من حيث ال يدرى فبعد االحرتاز عن هذين احملذورين فال بأس به وعند ذلك يرجع إىل القصص احملمودة وإىل ما يشتمل عليه القرآن ويصح يف

ة من األخبار ومن الناس من يستجيز وضع احلكايات املرغبة يف الطاعات ويزعم أن قصده فيها دعوة اخللق الكتب الصحيح صلى اهلل عليه وسلمإىل احلق فهذه من نزعات الشيطان فإن يف الصدق مندوحة عن الكذب وفيما ذكر اهلل تعاىل ورسوله

لك من التصنع قال سعد بن أيب وقاص رضي اهلل عنه غنية عن االخرتاع يف الوعظ كيف وقد كره تكلف السجع وعد ذالبنه عمر وقد مسعه يسجع هذا الذي يبغضك إيل ال قضيت حاجتك أبدا حىت تتوب وقد كان جاءه يف حاجة وقد قال

. فكأن السجع [97]لعبد اهلل بن رواحة يف سجع من ثالث كلمات: )) إياك والسجع يا ابن رواحة(( صلى اهلل عليه وسلماحملذور املتكلف ما زاد على كلمتني ولذلك ملا قال الرجل يف دية اجلنني كيف ندي من ال شرب وال أكل وال صاح وال

. [98](( )) أسجع كسجع األعراب صلى اهلل عليه وسلماستهل ومثل ذلك يطل فقال النيب

وأما األشعار فتكثريها يف املواعظ مذموم قال اهلل تعاىل والشعراء يتبعهم الغاوون أمل تر أنم يف كل واد يهيمون وقال تعاىل ده الوعاظ من األشعار ما يتعلق بالتواصف يف العشق ومجال املعشوق وروح وما علمناه الشعر وما ينبغي له وأكثر ما اعتا

الوصال وأمل الفراق واجمللس ال حيوى إال أجالف العوام وبواطنهم مشحونة بالشهوات وقلوهبم غري منفكة عن االلتفات إىل ن الشهوات فيزعقون ويتواجدون وأكثر الصور املليحة فال حترك األشعار من قلوهبم إال ما هو مستكن فيها فتشتعل فيها نريا

ذلك أو كله يرجع إىل نوع فساد فال ينبغي أن يستعمل من الشعر إال ما فيه موعظة أو حكمة على سبيل استشهاد . [99]: ))إن من الشعر حلكمة((صلى اهلل عليه وسلمواستئناس وقد قال

ولو حوى اجمللس اخلواص الذين وقع االطالع على استغراق قلوهبم حبب اهلل تعاىل ومل يكن معهم غريهم فإن أولئك ال يضر معهم الشعر الذي يشري ظاهره إىل اخللق فإن املستمع ينزل كل ما يسمعه على ما يستويل على قلبه كما سيأيت حتقيق ذلك

لسماع ولذلك كان اجلنيد رمحه اهلل يتكلم على بضعة عشر رجال فإن كثروا مل يتكلم وما مت أهل جملسه قط يف كتاب اعشرين وحضر مجاعة باب دار ابن سامل فقيل له تكلم فقد حضر أصحابك فقال ال ما هؤالء أصحايب إمنا هم أصحاب

م أحدثه بعض الصوفية: اجمللس إن أصحايب هم اخلواص وأما الشطح فنعين به صنفني من الكال

الدعاوى الطويلة العريضة يف العشق مع اهلل تعاىل والوصال املغين عن األعمال الظاهرة حىت ينتهي قوم إىل دعوى أحدمها:االحتاد وارتفاع احلجاب واملشاهدة بالرؤية واملشافهة باخلطاب فيقولون قيل لنا كذا وقلنا كذا ويتشبهون فيه باحلسني بن

ت من هذا اجلنس ويستشهدون بقوله أنا احلق ومبا حكى عن أيب يزيد منصور احلالج الذي صلب ألجل إطالقه كلماالبسطامي أنه قال سبحاين سبحاين وهذا فن من الكالم عظيم ضرره يف العوام حىت ترك مجاعة من أهل الفالحة فالحتهم

نفس بدرك املقامات وأظهروا مثل هذه الدعاوى فإن هذا الكالم يستلذه الطبع إذ فيه البطالة من األعمال مع تزكية الواألحوال فال تعجز األغبياء عن دعوى ذلك ألنفسهم وال عن تلقف كلمات خمبطة مزخرفة ومهما أنكر عليهم ذلك مل يعجزوا عن أن يقولوا هذا إنكار مصدره العلم واجلدال والعلم حجاب واجلدل عمل النفس وهذا احلديث ال يلوح إال من

مثله مما قد استطار يف البالد شرره وعظم يف العوام ضرره حىت من نطق بشيء منه فقتله الباطن مبكاشفة نور احلق فهذا و أفضل يف دين اهلل من إحياء عشرة وأما أبو يزيد البسطامي رمحه اهلل فال يصح عنه ما حيكى وإن مسع ذلك منه فلعله كان

أنا اهلل ال إله إال أنا فاعبدين فإنه ما كان ينبغي حيكيه عن اهلل عز وجل يف كالم يردده يف نفسه كما لو مسع وهو يقول إنين أن يفهم منه ذلك إال على سبيل احلكاية.

: من الشطح كلمات غري مفهومة هلا ظواهر رائقة وفيها عبارات هائلة وليس وراءها طائل إما أن تكون غري الصنف الثاينه لقلة إحاطته مبعىن كالم قرع مسعه وهذا هو األكثر مفهومة عند قائلها بل يصدرها عن خبط يف عقله وتشويش يف خيال

وإما أن تكون مفهومة له ولكنه ال يقدر على تفهيمها وإيرادها بعبارة تدل على ضمريه لقلة ممارسته للعلم وعدم تعلمه طريق العقول وحيري األذهان أو التعبري عن املعاين باأللفاظ الرشيقة وال فائدة هلذا اجلنس من الكالم إال أنه يشوش القلوب ويدهش

صلى اهلل عليه حيمل على أن يفهم منها معاين ما أريدت هبا ويكون فهم كل واحد على مقتضى هواه وطبعه وقد قال : )) كلموا صلى اهلل عليه وسلم. وقال [100]: )) ما حدث أحدكم قوما حبديث ال يفقهونه إال كان فتنة عليهم((وسلم

. وهذا فيما يفهمه صاحبه وال يبلغه عقل [101]الناس مبا يعرفون ودعوا ما ينكرون أتريدون أن يكذب اهلل ورسوله ((ستمع فكيف فيما ال يفهمه قائله فإن كان يفهمه القائل دون املستمع فال حيل ذكره وقال عيسى عليه السالم ال تضعوا امل

احلكمة عند غري أهلها فتظلموها وال ةمنعوها أهلها فتظلموهم كونوا كالطبيب الرفيق يضع الدواء يف موضع الداء ويف لفظ ومن منعها أهلها فقد ظلم إن للحكمة حقا وإن هلا أهال فأعط كل ذي آخر من وضع احلكمة يف غري أهلها فقد جهل

حق حقه.

وأما الطامات فيدخلها ما ذكرناه يف الشطح وأمر آخر خيصها وهو صرف ألفاظ الشرع عن ظواهرها املفهومة إىل أمور باطنة ضرره عظيم فإن األلفاظ إذا صرفت عن ال يسبق منها إىل األفهام فائدة كدأب الباطنية يف التأويالت فهذا أيضا حرام و

مقتضى ظواهرها بغري اعتصام فيه بنقل عن صاحب الشرع ومن غري ضرورة تدعو إليه من دليل العقل اقتضى ذلك بطالن فإن ما يسبق منه إىل الفهم ال يوثق به صلى اهلل عليه وسلمالثقة باأللفاظ وسقط به منفعة كالم اهلل تعاىل وكالم رسوله

ن ال ضبط له بل تتعارض فيه اخلواطر وميكن تنزيله على وجوه شىت وهذا أيضا من البدع الشائعة العظيمة الضرر وإمنا والباطقصد أصحاهبا اإلغراب ألن النفوس مائلة إىل الغريب ومستلذة له وهبذا الطريق توصل الباطنية إىل هدم مجيع الشريعة بتأويل

اه من مذاهبهم يف كتاب املستظهر املصنف يف الرد على الباطنية ومثال تأويل أهل ظواهرها وتنزيلها على رأيهم كما حكينأنه إشارة إىل قلبه وقال هو (87و النازعات: 13)طه: ]اذهب إىل فرعون إنه طغى[الطامات قول بعضهم يف تأويل قوله تعاىل:

أي ما يتوكأ عليه ويعتمده مما سوى (38)القصص: ]وأن ألق عصاك[املراد بفرعون وهو الطاغي على كل إنسان ويف قوله تعاىل . أراد به االستغفار [102]: )) تسحروا فإن يف السحور بركة ((صلى اهلل عليه وسلماهلل عز وجل فينبغي أن يلقيه ويف قوله

وأمثال ذلك حىت حيرفون القرآن من أوله إىل آخره عن ظاهره وعن تفسريه املنقول عن ابن عباس وسائر العلماء يف األسحاروبعض هذه التأويالت يعلم بطالنا قطعا كتنزيل فرعون على القلب فإن فرعون شخص حمسوس تواتر إلينا النقل بوجوده

وليس من جنس الشياطني واملالئكة مما مل يدرك باحلس حىت ودعوة موسى له وكأيب جهل وأيب هلب وغريمها من الكفاريتناول الطعام ويقول: )) صلى اهلل عليه وسلميتطرق التأويل إىل ألفاظه وكذا محل السحور على االستغفار فإنه كان

. فهذه أمور يدرك بالتواتر واحلس بطالنا نقال وبعضها يعلم [104]، و ))هلموا إىل الغذاء املبارك(( [103]تسحرو((للدين على اخللق ومل ينقل شيء من بغالب الظن وذلك يف أمور ال يتعلق هبا اإلحساس فكل ذلك حرام وضاللة وإفساد

صلى اهلل ذلك عن الصحابة وال عن التابعني وال عن احلسن البصري مع إكبابه على دعوة اخللق ووعظهم، فال يظهر لقوله . معىن إال هذا النمط وهو أن يكون غرضه ورأيه تقرير [105]: )) من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار((عليه وسلم

أمر وحتقيقه فيستجر شهادة القرآن إليه وحيمله عليه من غري أن يشهد لتنزيله عليه داللة لفظية لغوية أو نقلية وال ينبغي أن ن من اآليات ما نقل فيها عن الصحابة واملفسرين مخسة معان يفهم منه أنه جيب أن ال يفسر القرآن باالستنباط والفكر فإ

فإنا قد تكون متنافية ال تقبل اجلمع فيكون ذلك صلى اهلل عليه وسلموستة وسبعة ونعلم أن مجيعها غري مسموع من النيب هم فقهه يف الدين البن عباس رضي اهلل عنه: )) الل صلى اهلل عليه وسلممستنبطا حبسن الفهم وطول الفكر، وهلذا قال

. ومن يستجيز من أهل الطامات مثل هذه التأويالت مع علمه بأنا غري مرادة باأللفاظ ويزعم أنه [106]وعلمه التأويل ((ملا هو يف نفسه صلى اهلل عليه وسلميقصد هبا دعوة اخللق إىل اخلالق يضاهي من يستجيز االخرتاع والوضع على رسول اهلل

فذلك ظلم وضالل صلى اهلل عليه وسلمديثا عن النيب حق ولكن مل ينطق به الشرع كمن يضع يف كل مسألة يراها حقا ح

. بل [107]: )) من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ((صلى اهلل عليه وسلمودخول يف الوعيد املفهوم من قوله هذه األلفاظ أطم وأعظم ألنا مبدلة للثقة باأللفاظ وقاطعة طريق االستفادة والفهم من القرآن بالكلية فقد الشر يف تأويل

عرفت كيف صرف الشيطان دواعي اخللق عن العلوم احملمودة إىل املذمومة فكل ذلك من تلبيس علماء السوء بتبديل ري التفات إىل ما عرف يف العصر األول كنت كمن طلب األسامي فإن اتبعت هؤالء اعتمادا على االسم املشهور من غ

الشرف باحلكمة باتباع من يسمى حكيما فإن اسم احلكيم صار يطلق على الطبيب والشاعر واملنجم يف هذا العصر وذلك بالغفلة عن تبديل األلفاظ.

ىت على الذي يدحرج القرعة على وهو احلكمة فإن اسم احلكيم صار يطلق على الطبيب والشاعر واملنجم ح اللفظ اخلامس:يؤيت احلكمة من يشاء ومن يؤت [أكف السوادية يف شوارع الطرق واحلكمة هي اليت أثىن اهلل عز وجل عليها فقال تعاىل:

: )) كلمة من احلكمة يتعلمها الرجل خري له من الدنيا صلى اهلل عليه وسلم. وقال (111)البقرة: ]احلكمة فقد أويت خريا كثريا. فانظر ما الذي كانت احلكمة عبارة عنه وإىل ماذا نقل وقس به بقية األلفاظ واحرتز عن االغرتار [108]وما فيها ((

الشيطان بواسطتهم يتدرج إىل انتزاع الدين من بتلبيسات علماء السوء فإن شرهم على الدين أعظم من شر الشياطني إذ قلوب اخللق.

))اللهم اغفر(( حىت كرروا عليه فقال: )) هم علماء عن شر اخللق أىب وقال: صلى اهلل عليه وسلموهلذا ملا سئل رسول اهلل . فقد عرفت العلم احملمود واملذموم ومثار االلتباس وإليك اخلرية يف أن تنظر لنفسك فتقتدي بالسلف أو [109]السوء((

تتدىل حببل الغرور وتتشبه باخللف فكل ما ارتضاه السلف من العلوم قد اندرس وما أكب الناس عليه فأكثره مبتدع وحمدث : ))بدأ اإلسالم غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوىب للغرباء فقيل ومن الغرباء صلى اهلل عليه وسلموقد صح قول رسول اهلل

مسكون مبا . ويف آخر )هم املت[110]قال الذين يصلحون ما أفسده الناس من سنيت والذين حييون ما أماتوه من سنيت ((. ويف حديث آخر )الغرباء ناس قليل صاحلون بني ناس كثري ومن يبغضهم يف اخللق أكثر ممن [111]أنتم عليه اليوم(

. وقد صارت تلك العلوم غريبة حبيث ميقت ذاكرها ولذلك قال الثوري رمحه اهلل إذا رأيت العامل كثري [112]حيبهم( األصدقاء فاعلم أنه خملط ألنه إن نطق باحلق أبغضوه.

بيان القدر المحمود من العلوم المحمودة

اعلم أن العلم هبذا االعتبار ثالثة أقسام قسم هو مذموم قليله وكثريه وقسم هو حممود قليله وكثرية وكلما كان أكثر كان أحسن وأفضل وقسم حيمد منه مقدار الكفاية وال حيمد الفاضل عليه واالستقصاء فيه وهو مثل أحوال البدن فإن منها ما

ا ما يذم قليله وكثريه كالقبح وسوء اخللق ومنها ما حيمد االقتصاد فيه كبذل املال حيمد قليله وكثريه كالصحة واجلمال ومنهفإن التبذير ال حيمد فيه وهو بذل وكالشجاعة فإن التهور ال حيمد فيها وإن كان من جنس الشجاعة فكذلك العلم فالقسم

يغلب نفعه كعلم السحر والطلسمات والنجوم املذموم منه قليله وكثريه هو ما ال فائدة فيه يف دين وال دنيا إذ فيه ضرر

فبعضه ال فائدة فيه أصال وصرف العمر الذي هو أنفس ما ميلكه اإلنسان إليه إضاعة وإضاعة النفيس مذمومة ومنه ما فيه ضرر يزيد على ما يظن أنه حيصل به من قضاء وطر يف الدنيا فإن ذلك ال يعتد به باإلضافة إىل الضرر احلاصل عنه وأماالقسم احملمود إىل أقصى غايات االستقصاء فهو العلم باهلل تعاىل وبصفاته وأفعاله وسنته يف خلقه وحكمته يف ترتيب اآلخرة على الدنيا فإن هذا علم مطلوب لذاته وللتوصل به إىل سعادة اآلخرة وبذل املقدور فيه إىل أقصى اجلهد قصور عن حد

وإمنا حيوم احلائمون على سواحله وأطرافه بقدر ما يسر هلم وما خاض أطرافه إال الواجب فإنه البحر الذي ال يدرك غورهاألنبياء واألولياء والراسخون يف العلم على اختالف درجاهتم حبسب اختالف قوهتم وتفاوت تقدير اهلل تعاىل يف حقهم وهذا

اهدة أحوال علماء اآلخرة كما سيأيت عالمتهم هو العلم املكنون الذي ال يسطر يف الكتب ويعني على التنبه له التعلم ومشهذا يف أول األمر ويعني عليه يف اآلخرة اجملاهدة والرياضة وتصفية القلب وتفريغه عن عالئق الدنيا والتشبه فيها باألنبياء

ة مفتاح اهلداية واألولياء ليتضح منه لكل ساع إىل طلبه بقدر الرزق ال بقدر اجلهد ولكن ال غىن فيه عن االجتهاد فاجملاهدال مفتاح هلا سواها وأما العلوم اليت ال حيمد منها إال مقدار خمصوص فهي العلوم اليت أوردناها يف فروض الكفايات فإن يف كل علم منها اقتصارا وهو األقل واقتصادا وهو الوسط واستقصاء وراء ذلك االقتصاد ال مرد له إىل آخر العمر فكن أحد

نفسك وإما متفرغا لغريك بعد الفراغ من نفسك وإياك أن تشتغل مبا يصلح غريك قبل إصالح نفسك رجلني إما مشغوال بفإن كنت املشغول بنفسك فال تشتغل إال بالعلم الذي هو فرض عليك حبسب ما يقتضيه حالك وما يتعلق منه باألعمال

علم صفات القلب وما حيمد منها وما يذم إذ ال الظاهرة من تعلم الصالة والطهارة والصوم وإمنا األهم الذي أمهله الكل ينفك بشر عن الصفات املذمومة مثل احلرص واحلسد والرياء والكرب والعجب وأخواهتا ومجيع ذلك مهلكات وإمهاهلا من

ن الواجبات مع أن االشتغال باألعمال الظاهرة يضاهي االشتغال بطالء ظاهر البدن عند التأذي باجلرب والدماميل والتهاو بإخراج املادة بالفصد واإلسهال وحشوية العلماء يشريون باألعمال الظاهرة كما يشري الطرقية من األطباء بطالء ظاهر البدن وعلماء اآلخرة ال يشريون إال بتطهري الباطن وقطع مواد الشر بإفساد منابتها وقلع مغارسها من القلب وإمنا فزع األكثرون إىل

القلوب لسهولة أعمال اجلوارح واستصعاب أعمال القلوب كما يفزع إىل طالء الظاهر من األعمال الظاهرة عن تطهرييستصعب شرب األدوية املرة فال يزال يتعب يف الطالء ويزيد يف املواد وتتضاعف به األمراض فإن كنت مريدا لآلخرة وطالبا

على ما فصلناه يف ربع املهلكات مث ينجر بك ذلك للنجاة وهاربا من اهلالك األبدي فاشتغل بعلم العلل الباطنة وعالجهاإىل املقامات احملمودة املذكورة يف ربع املنجيات ال حمالة فإن القلب إذا فرغ من املذموم امتأل باحملمود واألرض إذا نقيت من

ة ال سيما ويف زمرة احلشيش نبت فيها أصناف الزرع والرياحني وإن مل تفرغ من ذلك مل تنبت ذاك فال تشتغل بفروض الكفاياخللق من قد قام هبا فإن مهلك نفسه فيما به صالح غريه سفيه فما أشد محاقة من دخلت األفاعي والعقارب حتت ثيابه ومهت بقتله وهو يطلب مذبة يدفع هبا الذباب عن غريه ممن ال يغنيه وال ينجيه مما يالقيه من تلك احليات والعقارب إذا

فسك وتطهريها وقدرت على ترك ظاهر اإلمث وباطنه وصار ذلك ديدنا لك وعادة متيسرة فيك مهت به وإن تفرغت من نصلى اهلل وما أبعد ذلك منك فاشتغل بفروض الكفايات وراع التدريج فيها فابتدىء بكتاب اهلل تعاىل مث بسنة رسول اهلل

واملفصول واملوصول واحملكم واملتشابه وكذلك يف مث بعلم التفسري وسائر علوم القرآن من علم الناسخ واملنسوخ عليه وسلمالسنة مث اشتغل بالفروع وهو علم املذهب من علم الفقه دون اخلالف مث بأصول الفقه وهكذا إىل بقية العلوم على ما يتسع

وهذه العلوم له العمر ويساعد فيه الوقت وال تستغرق عمرك يف فن واحد منها طلبا لالستقصاء فإن العلم كثري والعمر قصري

آالت ومقدمات وليست مطلوبة لعينها بل لغريها وكل ما يطلب لغريه فال ينبغي أن ينسى فيه املطلوب ويستكثر منه فاقتصر من شائع علم اللغة على ما تفهم منه كالم العرب وتنطق به ومن غريبه على غريب القرآن وغريب احلديث ودع

لق بالكتاب والسنة فما من علم إال وله اقتصار واقتصاد واستقصاء وحنن نشري التعمق فيه واقتصر من النحو على ما يتعإليها يف احلديث والتفسري والفقه والكالم لتقيس هبا غريها فاالقتصار يف التفسري ما يبلغ ضعف القرآن يف املقدار كما صنفه

ن كما صنفه من الوسيط فيه وما وراء ذلك على الواحدي النيسابوري وهو الوجيز واالقتصاد ما يبلغ ثالثة أضعاف القرآاستقصاء مستغىن عنه فال مرد له إىل انتهاء العمر وأما احلديث فاالقتصار فيه حتصيل ما يف الصحيحني بتصحيح نسخة على رجل خبري بعلم منت احلديث واما حفظ أسامي الرجال فقد كفيت فيه مبا حتمله عنك من قبلك ولك أن تعول على

يلزمك حفظ متون الصحيحني ولكن حتصله حتصيال تقدر منه على طلب ما حتتاج إليه عند احلاجة وأما كتبهم وليساالقتصاد فيه فأن تضيف إليهما ما خرج عنهما مما ورد يف املسندات الصحيحة وأما االستقصاء فما وراء ذلك إىل استيعاب

ق الكثرية يف النقل ومعرفة أحوال الرجال وأمسائهم كل ما نقل من الضعيف والقوي والصحيح والسقيم مع معرفة الطر وأوصافهم وأما الفقه فاالقتصار فيه على ما حيويه خمتصر املزين رمحه اهلل وهو الذي رتبناه يف خالصة املختصر واالقتصاد فيه

بسيط إىل ما وراء ذلك من ما يبلغ ثالثة أمثاله وهو القدر الذي أوردناه يف الوسيط من املذهب واالستقصاء ما أوردناه يف الاملطوالت وأما الكالم فمقصوده محاية املعتقدات اليت نقلها أهل السنة من السلف الصاحل ال غري وما وراء ذلك طلب لكشف حقائق األمور من غري طريقتها ومقصود حفظ السنة حتصيل رتبة االقتصار منه مبعتقد خمتصر وهو القدر الذي

عقائد من مجلة هذا الكتاب واالقتصاد فيه ما يبلغ قدر مائة ورقة وهو الذي أوردناه يف كتاب أوردناه يف كتاب قواعد الاالقتصاد يف االعتقاد وحيتاج إليه ملناظرة مبتدع ومعارضة بدعته مبا يفسدها وينزعها عن قلب العامي وذلك ال ينفع إال مع

دل ولو شيئا يسريا فقلما ينفع معه الكالم فإنك إن أفحمته مل العوام قبل اشتداد تعصبهم وأما املبتدع بعد أن يعلم من اجليرتك مذهبه وأحال بالقصور على نفسه وقدر أن عند غريه جوابا ما وهو عاجز عنه وإمنا أنت ملبس عليه بقوة اجملادلة وأما

اشتد تعصبهم وقع اليأس العامي إذا صرف عن احلق بنوع جدل ميكن أن يرد إليه مبثله قبل أن يشتد التعصب لألهواء فإذامنهم إذ التعصب سبب يرسخ العقائد يف النفوس وهو من آفات علماء السوء فإنم يبالغون يف التعصب للحق وينظرون إىل املخالفني بعني االزدراء واالستحقار فتنبعث منهم الدعوى باملكافأة واملقابلة واملعاملة وتتوفر بواعثهم على طلب نصرة

رضهم يف التمسك مبا نسبوا إليه ولو جاءوا من جانب اللطف والرمحة والنصح يف اخللوة ال يف معرض الباطل ويقوى غالتعصب والتحقري ال جنحوا فيه ولكن ملا كان اجلاه ال يقوم إال باالستتباع وال يستميل األتباع مثل التعصب واللعن والشتم

ين ونضاال عن املسلمني وفيه على التحقيق هالك اخللق ورسوخ للخصوم اختذوا التعصب عادهتم وآلتهم ومسوه ذبا عن الدالبدعة يف النفوس وأما اخلالفيات اليت أحدثت يف هذه األعصار املتأخرة وأبدع فيها من التحريرات والتصنيفات واجملادالت

العضال وهو الذي رد الفقهاء ما مل يعهد مثلها يف السلف فإياك وأن حتوم حوهلا واجتنبها اجتناب السم القاتل فإنا الداء كلهم إىل طلب املنافسة واملباهاة على ما سيأتيك تفصيل غوائلها وآفاهتا وهذا الكالم رمبا يسمع من قائله فيقال الناس أعداء ما جهلوا فال تظن ذلك فعلى اخلبري سقطت فاقبل هذه النصيحة ممن ضيع العمر فيه زمانا وزاد فيه على األولني

يقا وجدال وبيانا مث أهلمه اهلل رشده وأطلعه على عيبه فهجره واشتغل بنفسه فال يغرنك قول من يقول الفتوى تصنيفا وحتقعماد الشرع وال يعرف علله إال بعلم اخلالف فإن علل املذهب مذكورة يف املذهب والزيادة عليها جمادالت مل يعرفها األولون

هم بل هي مع أنا غري مفيدة يف علم املذهب ضارة مفسدة لذوق الفقه فإن وال الصحابة وكانوا أعلم بعلل الفتاوى من غري الذي يشهد له حدس املفيت إذا صح ذوقه يف الفقه ال ميكن ةمشيته على شروط اجلدل يف أكثر األمر فمن ألف طبعه رسوم

لطلب الصيت واجلاه ويتعلل اجلدل أذعن ذهنه ملقتضيات اجلدل وجنب عن اإلذعان لذوق الفقه وإمنا يشتغل به من يشتغلبأنه يطلب علل املذهب وقد ينقضي عليه العمر وال تنصرف مهته إىل علم املذهب فكن من شياطني اجلن يف أمان واحرتز من شياطني اإلنس فإنم أراحوا شياطني اجلن من التعب يف اإلغواء واإلضالل وباجلملة فاملرضى عند العقالء أن تقدر

دك مع اهلل وبني يديك املوت والعرض واحلساب واجلنة والنار وتأمل فيما يعنيك مما بني يديك ودع نفسك يف العامل وحعنك ما سواه والسالم وقد رأى بعض الشيوخ بعض العلماء يف املنام فقال له ما خرب تلك العلوم اليت كنت جتادل فيها

وما انتفعت إال بركعتني خلصتا يل يف جوف الليل ويف وتناظر عليها فبسط يده ونفخ فيها وقال طاحت كلها هباء منثورا ما ضربوه لك إال جدال بل هم قوم [ . مث قرأ: [113]احلديث: )) ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إال أوتوا اجلدل((

( )) هم أهل 7اآلية )آل عمران: ]فأما الذين يف قلوهبم زيغ [ويف احلديث يف معىن قوله تعاىل: (11 )الزخرف: ]خصمونيف آخر الزمان قوم يغلق عليهم باب . وقال بعض السلف: يكون [114]اجلدل الذين عناهم اهلل بقوله تعاىل ))فاحذرهم((

. [115]العمل ويفتح هلم باب اجلدل. ويف بعض األخبار: )) إنكم يف زمان أهلمتم فيه العمل وسيأيت قوم يلهمون اجلدل((. ويف اخلرب: ))ما أتى قوم املنطق إال منعوا [116]خللق إىل اهلل تعاىل األلد اخلصم((ويف اخلرب املشهور: )) أبغض ا

واهلل أعلم. [117]العمل((

الباب الرابع

يف سبب إقبال اخللق على علم اخلالف وتفصيل آفات املناظرة واجلدل وشروط إباحتها

توالها اخللفاء الراشدون املهديون وكانوا أئمة علماء باهلل تعاىل فقهاء يف صلى اهلل عليه وسلماعلم أن اخلالفة بعد رسول اهلل أحكامه وكانوا مستقلني بالفتاوى يف األقضية فكانوا ال يستعينون بالفقهاء إال نادرا يف وقائع ال يستغىن فيها عن املشاورة

تعلق بأحكام اخللق من الدنيا وأقبلوا على اهلل تعاىل بكنه فتفرغ العلماء لعلم اآلخرة وجتردوا هلا وكانوا يتدافعون الفتاوى وما ياجتهادهم كما نقل من سريهم فلما أفضت اخلالفة بعدهم إىل أقوام تولوها بغري استحقاق وال استقالل بعلم الفتاوى

هم وكان قد بقي واألحكام اضطروا إىل االستعانة بالفقهاء وإىل استصحاهبم يف مجيع أحواهلم الستفتائهم يف جماري أحكاممن علماء التابعني من هو مستمر على الطراز األول ومالزم صفو الدين ومواظب على مست علماء السلف فكانوا إذا طلبوا هربوا وأعرضوا فاضطر اخللفاء إىل اإلحلاح يف طلبهم لتولية القضاء واحلكومات فرأى أهل تلك األعصار عز العلماء وإقبال

مع إعراضهم عنهم فاشرأبوا لطلب العلم توصال إىل نيل العز ودرك اجلاه من قبل الوالة فأكبوا على علم األئمة والوالة عليهم الفتاوى وعرضوا أنفسهم على الوالة وتعرفوا إليهم وطلبوا الواليات والصالت منهم فمنهم من حرم ومنهم من أجنح واملنجح

عد أن كانوا مطلوبني طالبني وبعد أن كانوا أعزة باإلعراض عن مل خيل من ذل الطلب ومهانة االبتذال فأصبح الفقهاء بالسالطني أذلة باإلقبال عليهم إال من وفقه اهلل تعاىل يف كل عصر من علماء دين اهلل وقد كان أكثر اإلقبال يف تلك

لصدور واألمراء من األعصار على علم الفتاوى واألقضية لشدة احلاجة إليها يف الواليات واحلكومات مث ظهر بعدهم من ايسمع مقاالت الناس يف قواعد العقائد ومالت نفسه إىل مساع احلجج فيها فعلمت رغبته إىل املناظرة واجملادلة يف الكالم فأكب الناس على علم الكالم وأكثروا فيه التصانيف ورتبوا فيه طرق اجملادالت واستخرجوا فنون املناقضات يف املقاالت

ذب عن دين اهلل والنضال عن السنة وقمع املبتدعة كما زعم من قبلهم أن غرضهم باالشتغال بالفتاوى وزعموا أن غرضهم الالدين وتقلد أحكام املسلمني إشفاقا على خلق اهلل ونصيحة هلم مث ظهر بعد ذلك من الصدور من مل يستصوب اخلوض يف

التعصبات الفاحشة واخلصومات الفاشية املفضية إىل إهراق الكالم وفتح باب املناظرة فيه ملا كان قد تولد من فتح بابه من الدماء وختريب البالد ومالت نفسه إىل املناظرة يف الفقه وبيان األوىل من مذهب الشافعي وأيب حنيفة رضي اهلل عنهما على

على اخلصوص وتساهلوا يف اخلصوص فرتك الناس الكالم وفنون العلم وانثالوا على املسائل اخلالفية بني الشافعي وأيب حنيفة اخلالف مع مالك وسفيان وأمحد رمحهم اهلل تعاىل وغريهم وزعموا أن غرضهم استنباط دقائق الشرع وتقرير علل املذهب وةمهيد أصول الفتاوى وأكثروا فيها التصانيف واالستنباطات ورتبوا فيها أنواع اجملادالت والتصنيفات وهم مستمرون عليه إىل

دري ما الذي حيدث اهلل فيما بعدنا من األعصار فهذا هو الباعث على اإلكباب على اخلالفيات واملناظرات ال اآلن ولسنا نغري ولو مالت نفوس أرباب الدنيا إىل اخلالف مع إمام آخر من األئمة أو إىل علم آخر من العلوم ملالوا أيضا معهم ومل

وأن ال مطلب هلم سوى التقرب إىل رب العاملني. يسكنوا عن التعلل بأن ما اشتغلوا به هو علم الدين

بيان التلبيس في تشبيه هذه المفاظرات بمشاورات الصحابة ومفاوضات السل

اعلم أن هؤالء قد يستدرجون الناس إىل ذلك بأن غرضنا من املناظرات املباحثة عن احلق ليتضح فإن احلق مطلوب والتعاون طر مفيد ومؤثر هكذا كان عادة الصحابة رضي اهلل عنهم يف مشاوراهتم كتشاورهم يف مسألة على النظر يف العلم وتوارد اخلوا

اجلد واألخوة وحد شرب اخلمر ووجوب الغرم على اإلمام إذا أخطأ كما تقل من إجهاض املرأة جنينها خوفا من عمر رضي مد بن احلسن ومالك وأيب يوسف وغريهم من اهلل عنه وكما نقل من مسائل الفرائض وغريها وما نقل عن الشافعي وأمحد وحم

العلماء رمحهم اهلل تعاىل ويطلعك على هذا التلبيس ما أذكره وهو أن التعاون على طلب احلق من الدين ولكن له شروط وعالمات مثان.

بفرض أن ال يشتغل به وهو من فروض الكفايات من مل يتفرغ من فروض األعيان ومن عليه فرض عني فاشتغل األول:كفاية وزعم أن مقصده احلق فهو كذاب ومثاله من يرتك الصالة يف نفسه ويتجرد يف حتصيل الثياب ونسجها ويقول عرضي

أسرت عورة من يصلي عريانا وال جيد ثوبا فإن ذلك رمبا يتفق ووقوعه ممكن كما يزعم الفقيه أن وقوع النوادر اليت عنها البحث ناظرة مهملون ألمور هي فرض عني باالتفاق ومن توجه عليه رد وديعة يف احلال فقام وأحرم يف اخلالف ممكن واملشتغلون بامل

بالصالة اليت هي أقرب القربات إىل اهلل تعاىل عصى به فال يكفي يف كون الشخص مطيعا كون فعله من جنس الطاعات ما مل يراع فيه الوقت والشروط والرتتيب.

من املناظرة فإن رأى ما هو أهم وفعل غريه عصى بفعله وكان مثاله مثال من يرى مجاعة أن ال يرى فرض كفاية أهم الثاين:من العطاش أشرفوا على اهلالك وقد أمهلهم الناس وهو قادر على إحيائهم بأن يسقيهم املاء فاشتغل بتعلم احلجامة وزعم أنه

لبلد مجاعة من احلجامني وفيهم غنية فيقول هذا ال من فروض الكفايات ولو خال البلد عنها هللك الناس وإذا قيل له يف اخيرج هذا الفعل عن كونه فرض كفاية فحال من يفعل هذا ويهمل االشتغال بالواقعة امللمة جبماعة العطاش من املسلمني

بلد من مجلة كحال املشتغل باملناظرة ويف البلد فروض كفايات مهملة ال قائم هبا فأما الفتوى فقد قام هبا مجاعة وال خيلو الفروض املهملة وال يلتفت الفقهاء إليها وأقرهبا الطب إذ ال يوجد يف أكثر البالد طبيب مسلم جيوز اعتماد شهادته فيما يعول فيه على قول الطبيب شرعا وال يرغب أحد من الفقهاء يف االشتغال به وكذا األمر باملعروف والنهي عن املنكر فهو

يكون املناظر يف جملس مناظرته مشاهدا للحرير ملبوسا ومفروشا وهو ساكت ويناظر يف مسألة ال من فروض الكفايات ورمبا يتفق وقوعها قط وإن وقعت قام هبا مجاعة من الفقهاء مث يزعم أنه يريد أن يتقرب إىل اهلل تعاىل بفروض الكفايات وقد روى

باملعروف والنهي عن املنكر فقال عليه السالم إذا ظهرت أنس رضي اهلل عنه أنه قيل: )) يا رسول اهلل مىت يرتك األمر . [118]املداهنة يف خياركم والفاحشة يف شراركم وحتول امللك يف صغاركم والفقه يف أراذلكم((

أن يكون املناظر جمتهدا يفيت برأيه ال مبذهب الشافعي وأيب حنيفة وغريمها حىت إذا ظهر له احلق من مذهب أيب الثالث:حنيفة ترك ما يوافق رأي الشافعي وأفىت مبا ظهر له كما كان يفعله الصحابة رضي اهلل عنهم واألئمة فأما من ليس له رتبة

فيما يسأل عنه ناقال عن مذهب صاحبه فلو ظهر له ضعف مذهبه مل جيز االجتهاد وهو حكم كل أهل العصر وإمنا يفيت له أن يرتكه فأي فائدة له يف املناظرة ومذهبه معلوم وليس له الفتوى بغريه وما يشكل عليه يلزمه أن يقول لعل عند صاحب

ائل اليت فيها وجهان أو مذهيب جوابا عن هذا فإين لست مستقال باالجتهاد يف أصل الشرع ولو كانت مباحثته عن املسقوالن لصاحبه لكان أشبه فإنه رمبا يفيت بأحدمها فيستفيد من البحث ميال إىل أحد اجلانبني وال يرى املناظرات جارية فيها

قط بل رمبا ترك املسألة اليت فيها وجهان أو قوالن وطلب مسألة يكون اخلالف فيها مبتوتا.

اقعة أو قريبة الوقوع غالبا فإن الصحابة رضي اهلل عنهم ما تشاوروا إال فيما جتدد من أن ال يناظر إال يف مسألة و الرابع:الوقائع أو ما يغلب وقوعه كالفرائض وال نرى املناظرين يهتمون بانتقاد املسائل اليت تعم البلوى بالفتوى فيها بل يطلبون

ا يرتكون ما يكثر وقوعه ويقولون هذه مسألة خربية أو الطبوليات اليت تسمع فيتسع جمال اجلدل فيها كيفما كان األمر ورمبهي من الزوايا وليست من الطبوليات فمن العجائب أن يكون املطلب هو احلق مث يرتكون املسألة ألنا خربية ومدرك احلق

لغ الغاية على فيها هو اإلخبار أو ألنا ليست من الطبول فال نطول فيها الكالم واملقصود يف احلق أن يقصر الكالم ويب القرب ال أن يطول.

أن تكون املناظرة يف اخللوة أحب إليه وأهم من احملافل وبني أظهر األكابر والسالطني فإن اخللوة أمجع للفهم اخلامس:وأحرى بصفاء الذهن والفكر ودرك احلق ويف حضور اجلمع ما حيرك دواعي الرياء ويوجب احلرص على نصرة كل واحد

أو مبطال وأنت تعلم أن حرصهم على احملافل واجملامع ليس هلل وأن الواحد منهم خيلو بصاحبه مدة طويلة نفسه حمقا كانفال يكلمه ورمبا يقرتح عليه فال جييب وإذا ظهر مقدم أو انتظم جممع مل يغادر يف قوس االحتيال منزعا حىت يكون هو

املتخصص بالكالم.

الة ال يفرق بني أن تظهر الضالة على يده أو على يد من يعاونه ويرى رفيقه أن يكون يف طلب احلق كناشد ض السادس:معينا ال خصما ويشكره إذا عرفه اخلطأ وأظهر له احلق كما لو أخذ طريقا يف طلب ضالته فنبهه صاحبه على ضالته يف

هلل عنهم حىت أن امرأة ردت طريق آخر فإنه كان يشكره وال يذمه ويكرمه ويفرح به فهكذا كانت مشاورات الصحابة رضي اعلى عمر رضي اهلل عنه ونبهته على احلق وهو يف خطبته على مإل من الناس فقال: )أصابت امرأة وأخطأ رجل(. وسأل رجل عليا رضي اهلل عنه فأجابه فقال: ليس كذلك يا أمري املؤمنني ولكن كذا كذا. فقال: )أصبت وأخطأت، وفوق كل ذي

مسعود على أيب موسى األشعري رضي اهلل عنهما فقال: أبو موسى ال تسألوين عن شيء وهذا علم عليم. واستدرك ابناحلرب بني أظهركم وذلك ملا سئل أبو موسى عن رجل قاتل يف سبيل اهلل فقتل فقال: هو يف اجلنة. وكان أمري الكوفة فقام ابن

اجلواب فقال ابن مسعود: وأنا أقول إن قتل فأصاب مسعود فقال: أعده على األمري فلعله مل يفهم، فأعادوا عليه فأعاداحلق فهو يف اجلنة. فقال أبو موسى: احلق ما قال وهكذا يكون إنصاف طلب احلق. ولو ذكر مثل هذا اآلن ألقل فقيه

كيف ألنكره واستبعده وقال: ال حيتاج إىل أن يقال أصاب احلق فإن ذلك معلوم لكل أحد. فانظر إىل مناظري زمانك اليوم يسود وجه أحدهم إذا اتضح احلق على لسان خصمه وكيف خيجل به وكيف جيهد يف جماحدته بأقصى قدرته وكيف يذم

من أفحمه طول عمره، مث ال يستحي من تشبيه نفسه بالصحابة رضي اهلل عنهم يف تعاونم على النظر يف احلق.

أن ال مينع معينه يف النظر من االنتقال من دليل إىل دليل ومن إشكال إىل إشكال فهكذا كانت مناظرات السلف السابع:وخيرج من كالمه مجيع دقائق اجلدل املبتدعة فيما له وعليه كقوله هذا ال يلزمين ذكره وهذا يناقض كالمك األول فال يقبل

بوله وأنت ترى أن مجيع اجملالس تنقضي يف املدافعات واجملادالت حىت منك فإن الرجوع إىل احلق مناقض للباطل وجيب قيقيس املستدل على أصل بعلة يظنها فيقال له ما الدليل على أن احلكم يف األصل معلل هبذه العلة فيقول هذا ما ظهر يل

ما ذكرته وقد عرفتها وال فإن ظهر لك ما هو أوضح منه وأوىل فاذكره حىت أنظر فيه فيصر املعرتض ويقول فيه معان سوىأذكرها إذ ال يلزمين ذكرها ويقول املستدل عليك إيراد ما تدعيه وراء هذا ويصر املعرتض على أنه ال يلزمه ويتوخى جمالس املناظرة هبذا اجلنس من السؤال وأمثاله وال يعرف هذا املسكني أن قوله إين أعرفه وال أذكره إذ ال يلزمين كذب على الشرع

إن كان ال يعرف معناه وإمنا يدعيه ليعجز خصمه فهو فاسق كذاب عصى اهلل تعاىل وتعرض لسخطه بدعواه معرفة هو فإنه خال عنها وإن كان صادقا فقد فسق بإخفائه ما عرفه من أمر الشرع وقد سأله أخوه املسلم ليفهمه وينظر فيه فإن كان قويا

ن ظلمة اجلهل إىل نور العلم وال خالف أن إظهار ما علم من علوم رجع إليه وإن كان ضعيفا أظهر له ضعفه وأخرجه عالدين بعد السؤال عنه واجب الزم فمعىن قوله ال يلزمين أي يف شرع اجلدل الذي أبدعناه حبكم التشهي والرغبة يف طريق

ذب وإما فاسق فتفحص عن االحتيال واملصارعة بالكالم ال يلزمين وإال فهو الزم بالشرع فإنه بامتناعه عن الذكر إما كا

مشاورات الصحابة ومفاوضات السلف رضي اهلل عنهم هل مسعت فيها ما يضاهي هذا اجلنس وهل منع أحد من االنتقال من دليل إىل دليل ومن قياس إىل أثر ومن خرب إىل آية بل مجيع مناظراهتم من هذا اجلنس إذ كانوا يذكرون كل ما خيطر هلم

ن فيه. كما خيطر وكانوا ينظرو

أن يناظر من يتوقع االستفادة منه ممن هو مشتغل بالعلم والغالب أنم حيرتزون من مناظرة الفحول واألكابر خوفا الثامن:من ظهور احلق على ألسنتهم فريغبون فيمن دونم طمعا يف ترويج الباطل عليهم ووراء هذه شروط دقيقة كثرية ولكن يف

ىل من يناظر هلل ومن يناظر لعلة واعلم باجلملة أن من ال يناظر الشيطان وهو مستول على هذه الشروط الثمانية ما يهديك إقلبه وهو أعدى عدو له وال يزال يدعوه إىل هالكه مث يشتغل مبناظرة غريه يف املسائل اليت اجملتهد فيها مصيب أو مساهم

ان به ملا غمسه فيه من ظلمات اآلفات اليت للمصيب يف األجر فهو ضحكة الشيطان وعربة للمخلصني ولذلك مشت الشيط نعددها ونذكر تفاصيلها فنسأل اهلل حسن العون والتوفيق.

بيان آفات المفاظرة وما يتولد مفها من مهلكات األخالق

اعلم وحتقق أن املناظرة املوضوعة لقصد الغلبة واإلفحام وإظهار الفضل والشرف والتشدق عند الناس وقصد املباهاة واملماراة واستمالة وجوه الناس هي منبع مجيع األخالق املذمومة عند اهلل احملمودة عند عدو اهلل إبليس ونسبتها إىل الفواحش الباطنة

نافسة وتزكية النفس وحب اجلاه وغريها كنسبة شرب اخلمر إىل الفواحش الظاهرة من الزنا من الكرب والعجب واحلسد واملوالقذف والقتل والسرقة وكما أن الذي خري بني الشرب والفواحش وسائر الفواحش استصغر الشرب فأقدم عليه فدعاه ذلك

يف املناظرة وطلب اجلاه واملباهاة دعاه إىل ارتكاب بقية الفواحش يف سكره فكذلك من غلب عليه حب اإلفحام والغلبةذلك إىل إضمار اخلبائث كلها يف النفس وهيج فيه مجيع األخالق املذمومة وهذه األخالق ستأيت أدلة مذمتها من األخبار

واآليات يف ربع املهلكات ولكنا نشري اآلن إىل جمامع ما هتيجه املناظرة.

. وال [119]: )) احلسد يأكل احلسنات كما تأكل النار احلطب(( عليه وسلمصلى اهلل، وقد قال رسول اهلل احلسدفمنها الدنيا واحد ينفك املناظر عن احلسد فإنه تارة يغلب وتارة يغلب وتارة حيمد كالمه وأخرى حيمد كالم غريه فما دام يبقى يف

يذكره بقوة العلم والنظر أو يظن أنه أحسن منه كالما وأقوى نظرا فال بد أن حيسده وحيب زوال النعم عنه وانصراف القلوب والوجوه عنه إليه واحلسد نار حمرقة فمن بلى به فهو يف العذاب يف الدنيا ولعذاب اآلخرة أشد وأعظم ولذلك قال ابن عباس

العلم حيث وجدةموه وال تقبلوا قول الفقهاء بعضهم على بعض فإنم يتغايرون كما تتغاير التيوس يف رضي اهلل عنهما خذوا . [120]: )) من تكرب وضعه اهلل ومن تواضع رفعه اهلل((صلى اهلل عليه وسلمالزريبة ومنها التكرب والرتفع على الناس فقد قال

. وال [121]حكاية عن اهلل تعاىل: )) العظمة إزاري والكربياء ردائي فمن نازعين فيهما قصمته(( صلى اهلل عليه وسلموقال ينفك املناظر عن التكرب على األقران واألمثال والرتفع إىل فوق قدره حىت إنم ليتقاتلون على جملس من اجملالس يتنافسون فيه

يف االرتفاع واالخنفاض والقرب من وسادة الصدر والبعد منها والتقدم يف الدخول عند مضايق الطرق ورمبا يتعلل الغيب فتعرب عن التواضع الذي أثىن [122]يبغي صيانة عز العلم وأن املؤمن منهي عن اإلذالل لنفسه.واملكار اخلداع منهم بأنه

الال للخلق به كما فعل يف اسم اهلل عليه وسائر أنبيائه بالذل وعن التكرب املمقوت عند اهلل بعز الدين حتريفا لالسم وإض احلكمة والعلم وغريمها.

. وورد يف ذم احلقد ما [123]: ))املؤمن ليس حبقود((صلى اهلل عليه وسلم، فال يكاد املناظر خيلو عنه وقد قال احلقدومنها خيفى وال ترى مناظرا يقدر على أن ال يضمر حقدا على من حيرك رأسه من كالم خصمه ويتوقف يف كالمه فال يقابله ال

حبسن اإلصغاء بل يضطر إذا شاهد ذلك إىل إضمار احلقد وتربيته يف نفسه وغاية ةماسكه اإلخفاء بالنفاق ويرتشح منه إىل ذا وال يتصور اتفاق مجيع املستمعني على ترجيح كالمه واستحسان مجيع الظاهر ال حمالة يف غالب األمر وكيف ينفك عن ه

أحواله يف إيراده وإصداره بل لو صدر من خصمه أدىن سبب فيه قلة مباالة بكالمه انغرس يف صدره حقد ال يقلعه مدى الدهر إىل آخر العمر.

على أكل امليتة فإنه ال ينفك عن حكاية كالم خصمه ومذمته ، وقد شبهها اهلل بأكل امليتة وال يزال املناظر مثابرا الغيبةومنها وغاية حتفظه أن يصدق فيما حيكيه عليه وال يكذب يف احلكاية عنه فيحكي عنه ال حمالة ما يدل على قصور كالمه وعجزه

ونقصان فضله وهو الغيبة.

عرض عن كالمه ويصغي إىل خصمه ، فبهتان وكذلك ال يقدر على أن حيفظ لسانه عن التعرض لعرض من يالكذبفأما ويقبل عليه حىت ينسبه إىل اجلهل واحلماقة وقلة الفهم والبالدة.

وقيل حلكيم: ما الصدق (31)النجم: ]فال تزكوا أنفسكم هو أعلم مبن اتقى[، قال اهلل سبحانه وتعاىل تزكية النفسومنها القبيح فقال: )ثناء املرء على نفسه(. وال خيلو املناظر من الثناء على نفسه بالقوة والغلبة والتقدم على األقران وال ينفك يف أثناء املناظرة عن قوله لست ممن خيفى عليه أمثال هذه األمور وأنا املتفنن يف العلوم واملستقل باألصول وحفظ األحاديث

ذلك مما يتمدح به تارة على سبيل الصلف وتارة للحاجة إىل ترويج كالمه ومعلوم أن الصلف والتمدح مذمومان شرعا وغري وعقال.

واملناظر ال ينفك عن طلب عثرات أقرانه (81)احلجرات: ]وال جتسسوا[، وتتبع عورات الناس وقد قال تعاىل التجسسومنها ورود مناظر إىل بلده فيطلب من خيرب بواطن أحواله ويستخرج بالسؤال مقاحبه حىت وتتبع عورات خصومه حىت إنه ليخرب ب

يعدها ذخرية لنفسه يف إفضاحه وختجيله إذا مست إليه حاجة حىت إنه ليستكشف عن أحوال صباه وعن عيوب بدنه ه إن كان متماسكا فعساه يعثر على هفوة أو على عيب به من قرع أو غريه مث إذا أحس بأدىن غلبة من جهته عرض ب

ويستحسن ذلك منه ويعد من لطائف التسبب وال ميتنع عن اإلفصاح به إن كان متبجحا بالسفاهة واالستهزاء كما حكى عن قوم من أكابر املناظرين املعدودين من فحوهلم.

أخالق املؤمنني فكل من ، ومن ال حيب ألخيه املسلم ما حيب لنفسه فهو بعيد منالفرح ملساءة الناس والغم ملسارهمومنها طلب املباهاة بإظهار الفضل يسره ال حمالة ما يسوء أقرانه وأشكاله الذين يسامونه يف الفضل ويكون التباغض بينهم كما بني الضرائر فكما أن إحدى الضرائر إذا رأت صاحبتها من بعيد ارتعدت فرائصها واصفر لونا فكذا ترى املناظر إذا رأى مناظرا

نه واضطرب عليه فكره فكأنه يشاهد شيطانا ماردا أو سبعا ضاريا فأين االستئناس واالسرتواح الذي كان جيري بني تغري لو علماء الدين عند اللقاء وما نقل عنهم من املؤاخاة والتناصر والتساهم يف السراء والضراء حىت قال الشافعي رضي اهلل عنه

أدري كيف يدعي االقتداء مبذهبه مجاعة صار العلم بينهم عداوة قاطعة فهل العلم بني أهل الفضل والعقل رحم متصل فال يتصور أن ينسب األنس بينهم مع طلب الغلبة واملباهاة هيهات هيهات وناهيك بالشر شرا أن يلزمك أخالق املنافقني

ويربئك عن أخالق املؤمنني واملتقني.

هم مضطرون إليه فإنم يلقون اخلصوم وحمبيهم وأشياعهم وال جيدون بدا ، فال حيتاج إىل ذكر الشواهد يف ذمه و النفاقومنها من التودد إليهم باللسان وإظهار الشوق واالعتداد مبكانم وأحواهلم ويعلم ذلك املخاطب واملخاطب وكل من يسمع منهم

صلى اهلل يم منه فقد قال أن ذلك كذب وزور ونفاق وفجور فإنم متوددون باأللسنة متباغضون بالقلوب نعوذ باهلل العظ: )) إذا تعلم الناس العلم وتركوا العمل وحتابوا باأللسن وتباغضوا بالقلوب وتقاطعوا يف األرحام لعنهم اهلل عند عليه وسلم

. وقد صح ذلك مبشاهدة هذه احلالة. [124]ذلك فأصمهم وأعمى أبصارهم((

، واحلرص على املماراة فيه حىت إن أبغض شيء إىل املناظر أن يظهر على لسان خصمه االستكبار عن احلق وكراهتهومنها احلق ومنهما ظهر تشمر جلحده وإنكاره بأقصى جهده وبذل غاية إمكانه يف املخادعة واملكر واحليلة لدفعه حىت تصري

ليه حىت يغلب ذلك على قلبه يف أدلة املماراة فيه عادة طبيعية فال يسمع كالما إال وينبعث من طبعه داعية االعرتاض ع صلى اهلل عليه وسلمالقرآن وألفاظ الشرع فيضرب البعض منها بالبعض واملراء يف مقابلة الباطل حمذور إذ ندب رسول اهلل

ة ومن : )) من ترك املراء وهو مبطل بىن اهلل له بيتا يف ربض اجلن صلى اهلل عليه وسلمإىل ترك املراء باحلق على الباطل قال . وقد سوى اهلل تعاىل بني من افرتى على اهلل كذبا وبني من كذب [125]ترك املراء وهو حمق بىن اهلل له بيتا يف أعلى اجلنة((

فمن أظلم [. وقال تعاىل: (11)العنكبوت: ]ذبا أو كذب باحلق ملا جاءهومن أظلم ممن افرتى على اهلل ك[باحلق فقال تعاىل: . (31)الزمر: ]ممن كذب على اهلل وكذب بالصدق إذ جاءه

، ومالحظة اخللق واجلهد يف استمالة قلوهبم وصرف وجوههم والرياء هو الداء العضال الذي يدعو إىل أكرب الرياءومنها الكبائر كما سيأيت يف كتاب الرياء واملناظر ال يقصد إال الظهور عند اخللق وانطالق ألسنتهم بالثناء عليه فهذه عشر خصال

ماسكني منهم من اخلصام املؤدي إىل الضرب واللكم واللطم وةمزيق من أمهات الفواحش الباطنة سوى ما يتفق لغري املتالثياب واألخذ باللحى وسب الوالدين وشتم األستاذين والقذف الصريح فإن أولئك ليسوا معدودين يف زمرة الناس املعتربين

من بعضها مع من هو وإمنا األكابر والعقالء منهم هم الذين ال ينفكون عن هذه اخلصال العشر نعم قد يسلم بعضهم ظاهر االحنطاط عنه أو ظاهر االرتفاع عليه أو هو بعيد عن بلده وأسباب معيشته وال ينفك أحد منهم عنه مع أشكاله املقارنني له يف الدرجة مث يتشعب من كل واحدة من هذه اخلصال العشر عشر أخرى من الرذائل مل نطول بذكرها وتفصيل

لبغضاء والطمع وحب طلب املال واجلاه للتمكن من الغلبة واملباهاة واألشر والبطر وتعظيم آحادها مثل األنفة والغضب وااألغنياء والسالطني والرتدد إليهم واألخذ من حرامهم والتجمل باخليول واملراكب والثياب احملظورة واالستحقار للناس بالفخر

خلوف والرمحة من القلب واستيالء الغفلة عليه حىت ال يدري واخليالء واخلوض فيما ال يعين وكثرة الكالم وخروج اخلشية وااملصلي منهم يف صالته ما صلى وما الذي يقرأ ومن الذي يناجيه والحيس باخلشوع من قلبه مع استغراق العمر يف العلوم

غري ذلك من أمور ال اليت تعني يف املناظرة مع أنا ال تنفع يف اآلخرة من حتسني العبارة وتسجيع اللفظ وحفظ النوادر إىلحتصى واملناظرون يتفاوتون فيها على حسب درجاهتم وهلم درجات شىت وال ينفك أعظمهم دينا وأكثرهم عقال عن مجل من

مواد هذه األخالق وإمنا غايته إخفاؤها وجماهدة النفس هبا.

القبول وإقامة اجلاه ونيل الثروة والعزة وهي واعلم أن هذه الرذائل الزمة للمشتغل بالتذكري والوعظ أيضا إذا كان قصده طلب الزمة أيضا للمشتغل بعلم املذهب والفتاوى إذا كان قصده طلب القضاء ووالية األوقاف والتقدم على األقران وباجلملة هي

ييه حياة األبد الزمة لكل من يطلب بالعلم غري ثواب اهلل تعاىل يف اآلخرة فالعلم ال يهمل العامل بل يهلكه هالك األبد أو حي. فلقد ضره مع أنه مل [126]: )) أشد الناس عذابا يوم القيامة عامل ال ينفعه اهلل بعلمه(( صلى اهلل عليه وسلمولذلك قال

ت فخطر العلم عظيم وطالبه طلب امللك املؤبد والنعيم السرمد فال ينفك عن ينفعه وليته جنا منه رأسا برأس وهيهات هيهاامللك أو اهللك وهو كطالب امللك يف الدنيا فإن مل يتفق له اإلصابة يف األموال مل يطمع يف السالمة من اإلذالل بل ال بد

من لزوم أفضح األحوال.

اس يف طلب العلم إذ لوال حب الرياسة الندرست العلوم فقد فإن قلت: يف الرخصة يف املناظرة فائدة وهي ترغيب النصدقت فيما ذكرته من وجه ولكنه غري مفيد إذ لوال الوعد بالكرة والصوجلان واللعب بالعصافري ما رغب الصبيان يف املكتب

الرياسة ناج بل هو وذلك ال يدل على أن الرغبة فيه حممودة ولوال حب الرياسة الندرس العلم وال يدل ذلك على أن طالب صلى اهلل عليه . وقال [127]فيهم: )) إن اهلل ليؤيد هذا الدين بأقوام ال خالق هلم (( صلى اهلل عليه وسلممن الذين قال

. فطالب الرياسة يف نفسه هالك وقد يصلح بسببه غريه إن كان [128]الفاجر((: )) إن اهلل ليؤيد هذا الدين بالرجل وسلممثاله يدعو إىل ترك الدنيا وذلك فيمن كان ظاهر حاله يف ظاهر األمر ظاهر حال علماء السلف ولكنه يضمر قصد اجلاه ف

مثال الشمع الذي حيرتق يف نفسه ويستضيء به غريه فصالح غريه يف هالكه فأما إذا كان يدعو إىل طلب الدنيا فمثاله مثال النار احملرقة اليت تأكل نفسها وغريها فالعلماء ثالثة إما مهلك نفسه وغريه وهم املصرحون بطلب الدنيا واملقبلون عليها

لداعون اخللق إىل اهلل سبحانه ظاهرا وباطنا وإما مهلك نفسه مسعد غريه وهو الذي يدعو إىل وإما مسعد نفسه وغريه وهم ااآلخرة وقد رفض الدنيا يف ظاهره وقصده يف الباطن قبول اخللق وإقامة اجلاه فانظر من أي األقسام أنت ومن الذي اشتغلت

اىل من العلم والعمل وسيأتيك يف كتاب الرياء بل يف مجيع باالعتداد له فال تظنن أن اهلل تعاىل يقبل غري اخلالص لوجهه تع ربع املهلكات ما ينفي عنك الريبة فيه إن شاء اهلل تعاىل.

الباب الخامس

يف آداب املتعلم واملعلم

أما املتعلم فآدابه ووظائفه الظاهرة كثرية ولكن تنظم تفاريقها عشر مجل:

تقدمي طهارة النفس عن رذائل األخالق ومذموم األوصاف إذ العلم عبادة القلب وصالة السر وقربة الباطن الوظيفة األولى:إىل اهلل تعاىل وكما ال تصح الصالة اليت هي وظيفة اجلوارح الظاهرة إال بتطهري الظاهر عن األحداث واألخباث فكذلك ال

: صلى اهلل عليه وسلمته عن خبائث األخالق وأجناس األوصاف قال تصح عبادة الباطن وعمارة القلب بالعلم إال بعد طهار تنبيها للعقول (11)التوبة: ]إمنا املشركون جنس[. وهو كذلك باطنا وظاهرا قال اهلل تعاىل: [129])) بين الدين على النظافة((

على الطهارة والنجاسة غري مقصورة على الظواهر باحلس فاملشرك قد يكون نظيف الثوب مغسول البدن ولكنه جنس اجلوهر أي باطنه ملطخ باخلبائث والنجاسة عبارة عما جيتنب ويطلب البعد منه وخبائث صفات الباطن أهم باالجتناب فإنا مع

. والقلب [130]: )) ال تدخل املالئكة بيتا فيه كلب(( صلى اهلل عليه وسلمل ولذلك قال خبثها يف احلال مهلكات يف املآواحلسد والكرب بيت هو منزل املالئكة ومهبط أثرهم وحمل استقرارهم والصفات الرديئة مثل والغضب والشهوة واحلقد

والعجب وأخواهتا كالب ناحبة فأىن تدخله املالئكة وهو مشحون بالكالب ونور العلم ال يقذفه اهلل تعاىل يف القلب إال )الشورى: ]وما كان لبشر أن يكلمه اهلل إال وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسوال فيوحي بإذنه ما يشاء[بواسطة املالئكة

من رمحة العلوم إىل القلوب إمنا تتوالها املالئكة املوكلون هبا وهم املقدسون املطهرون املربءون عن . وهكذا ما يرسل (18الصفات املذمومات فال يالحظون إال طيبا وال يعمرون مبا عندهم من خزائن رمحة اهلل إال طيبا طاهرا ولست أقول املراد

مة ولكين أقول هو تنبيه عليه وفرق بني تعبري الظواهر إىل بلفظ البيت هو القلب وبالكلب هو الغضب والصفات املذمو البواطن وبني التنبيه للبواطن من ذكر الظواهر مع تقرير الظواهر ففارق الباطنية هبذه الدقيقة فإن هذه طريق االعتبار وهو

العاقل مصيبة لغريه فيكون فيها مسلك العلماء واألبرار إذ معىن االعتبار أن يعرب ما ذكر إىل غريه فال يقتصر عليه كما يرى له عربة بأن يعرب منها إىل التنبه لكونه أيضا عرضة للمصائب وكون الدنيا بصدد االنقالب فعبوره من غريه إىل نفسه ومن نفسه إىل أصل الدنيا عربة حممودة فاعرب أنت أيضا من البيت الذي هو بناء اخللق إىل القلب الذي هو بيت من بناء اهلل

ومن الكلب الذي ذم لصفته ال لصورته وهو ما فيه من سبعية وجناسة إىل الروح الكلبية وهي السبعية. تعاىل

واعلم أن القلب املشحون بالغضب والشره إىل الدنيا والتكلب عليها واحلرص على التمزيق ألعراض الناس كلب يف املعىن صور يف هذا العامل غالبة على املعاين واملعاين باطنة فيها ويف اآلخرة وقلب يف الصورة فنور البصرية يالحظ املعاين ال الصور وال

تتبع الصور املعاين وتغلب املعاين فلذلك حيشر كل شخص على صورته املعنوية )) فيحشر املمزق ألعراض الناس كلبا ضاريا . وقد وردت بذلك األخبار [131]أسد((والشره إىل أمواهلم ذئبا عاديا واملتكرب عليهم يف صورة منر وطالب الرياسة يف صورة

وشهد به االعتبار عند ذوي البصائر واألبصار.

ة اجلالب فإن قلت: كم من طالب ردىء األخالق حصل العلوم فهيهات ما أبعده عن العلم احلقيقي النافع يف اآلخر للسعادة فإن من أوائل ذلك العلم أن يظهر له أن املعاصي مسوم قاتلة مهلكة وهل رأيت من يتناول مسا مع علمه بكونه مسا قاتال إمنا الذي تسمعه من املرتمسني حديث يلفقونه بألسنتهم مرة ويرددونه بقلوهبم أخرى وليس ذلك من العلم يف شيء قال

يس العلم بكثرة الرواية إمنا العلم نور يقذف يف القلب وقال بعضهم إمنا العلم اخلشية لقوله تعاىل: ابن مسعود رضي اهلل عنه ل. وكأنه أشار إىل أخص مثرات العلم ولذلك قال بعض احملققني معىن قوهلم (11)فاطر: ]إمنا خيشى اهلل من عباده العلماء[

ن العلم أىب وامتنع علينا فلم تنكشف لنا حقيقته وإمنا حصل لنا حديثه تعلمنا العلم لغري اهلل فأىب العلم أن يكون إال هلل أ وألفاظه.

فإن قلت: أرى مجاعة من العلماء والفقهاء احملققني برزوا يف الفروع واألصول وعدوا من مجلة الفحول وأخالقهم ذميمة مل ن ما اشتغلوا به قليل الغناء من حيث كونه يتطهروا منها فيقال إذا عرفت مراتب العلوم وعرفت علم اآلخرة استبان لك أ

علما وإمنا غناؤه من حيث كونه عمال هلل تعاىل إذا قصد به التقرب إىل اهلل تعاىل وقد سبقت إىل هذا إشارة وسيأتيك فيه مزيد بيان وإيضاح إن شاء اهلل تعاىل.

ما جعل اهلل [أن يقلل عالئقه من االشتغال بالدنيا ويبعد عن األهل والوطن فإن العالئق شاغلة وصارفة الوظيفة الثانية:. ومهما توزعت الفكرة قصرت عن درك احلقائق ولذلك قيل العلم ال يعطيك بعضه (3)األحزاب: ]لرجل من قلبني يف جوفه

على خطر والفكرة املتوزعة على أمور متفرقة كجدول حىت تعطيك كلك فإذا أعطيته كلك فأنت من إعطائه إياك بعضه تفرق ماؤه فنشفت األرض بعضه واختطف اهلواء بعضه فال يبقى منه ما جيتمع ويبلغ املزدرع.

أن ال يتكرب على العلم وال يتأمر على معلم بل يلقى إليه زمام أمره بالكلية يف كل تفصيل ويذعن لنصيحته الوظيفة الثالثة:يض اجلاهل للطبيب املشفق احلاذق وينبغي أن يتواضع ملعلمه ويطلب الثواب والشرف خبدمته قال الشعيب: صلى إذعان املر

زيد بن ثابت على جنازة فقربت إليه بغلته لريكبها فجاء ابن عباس فأخذ بركابه فقال: زيد خل عنه يا ابن عم رسول اهلل أن نفعل بالعلماء والكرباء((، فقبل زيد بن ثابت يده وقال: ))هكذا فقال ابن عباس: )) هكذا أمرنا صلى اهلل عليه وسلم

التملق : ))ليس من أخالق املؤمن صلى اهلل عليه وسلم. وقال [132]صلى اهلل عليه وسلم((أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا . فال ينبغي لطالب العلم أن يتكرب على املعلم ومن تكربه على املعلم أن يستنكف عن [133]إال يف طلب العلم((

سبب النجاة والسعادة ومن يطلب مهربا من سبع ضار االستفادة إال من املرموقني املشهورين وهو عني احلماقة فإن العلميفرتسه مل يفرق بني أن يرشده إىل اهلرب مشهور أو خامل وضراوة سباع النار باجلهال باهلل تعاىل أشد من ضراوة كل سبع

رب للفىت املتعايل فاحلكمة ضالة املؤمن يغتنمها حيث يظفر هبا ويتقلد املنة ملن ساقها إليه كائنا من كان فلذلك قيل العلم حإن يف ذلك لذكرى ملن كان له [كالسيل حرب للمكان العايل فال ينال العلم إال بالتواضع وإلقاء السمع قال اهلل تعاىل:

. ومعىن كونه ذا قلب أن يكون قابال للعلم فهما مث ال تعينه القدرة على الفهم حىت (37)ق: ]قلب أو ألقى السمع وهو شهيدهيد حاضر القلب ليستقيل كل ما ألقى إليه حبسن اإلصغاء والضراعة والشكر والفرح وقبول املنة فليكن يلقى السمع وهو ش

املتعلم ملعلمه كأرض دمثة نالت مطرا غزيرا فتشربت مجيع أجزائها وأذعنت بالكلية لقبوله ومهما أشار عليه املعلم بطريق يف

من صوابه يف نفسه إذ التجربة تطلع على دقائق يستغرب مساعها مع أنه التعلم فليقلده وليدع رأيه فإن خطأ مرشده أنفع له يعظم نفعها فكم من مريض حمرور يعاجله الطبيب يف بعض أوقاته باحلرارة ليزيد يف قوته إىل حد حيتمل صدمة العالج

إنك لن تستطيع [ضر: فيعجب منه من ال خربة له به وقد نبه اهلل تعاىل بقصة اخلضر وموسى عليهما السالم حيث قال اخلفإن اتبعتين فال [. مث شرط عليه السكوت والتسليم فقال: (11و 17)الكهف: ]معي صربا وكيف تصرب على ما مل حتط به خربا

. مث مل يصرب ومل يزل يف مراودته إىل أن كان ذلك سبب الفراق (70)الكهف: ]تسألين عن شيء حىت أحدث لك منه ذكراعلم استبقى لنفسه رأيا واختيارا دون اختيار املعلم فاحكم عليه باإلخفاق واخلسران فإن قلت فقد قال بينهما وباجلملة كل مت

. فالسؤال مأمور به فاعلم أنه كذلك ولكن فيما يأذن املعلم (33)النحل: ]فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ال تعلمون[اهلل تعاىل: ىل فهمه مذموم ولذلك منع اخلضر موسى عليه السالم من السؤال أي دع يف السؤال عنه فإن السؤال عما مل تبلغ مرتبتك إ

السؤال قبل أوانه فاملعلم أعلم مبا أنت أهل له وبأوان الكشف وما مل يدخل أوان الكشف يف كل درجة من مراقي الدرجات السؤال، وال تعنته يف اجلواب، ال يدخل أوان السؤال عنه وقد قال علي رضي اهلل عنه: )إن من حق العامل أن ال تكثر عليه ب

وال تلح عليه إذا كسل، وال تأخذ بثوبه إذا نض، وال تفشي له سرا، وال تغتابن أحدا عنده، وال تطلنب عثرته، وإن زل قبلت معذرته، وعليك أن توقره وتعظمه هلل تعاىل ما دام حيفظ أمر اهلل تعاىل، وال جتلس أمامه، وإن كانت له حاجة سبقت القوم

ىل خدمته(. إ

أن حيرتز اخلائض يف العلم يف مبدأ األمر عن اإلضغاء إىل اختالف الناس سواء كان ما خاض فيه من علوم الوظيفه الرابعةالدنيا أو من علوم اآلخرة فإن ذلك يدهش عقله وحيري ذهنه ويفرت رأيه ويؤيسه عن اإلدراك واالطالع بل ينبغي أن يتقن أوال

عد ذلك يصغي إىل املذاهب والشبه وإن مل يكن أستاذه مستقال باختيار الطريق احلميدة الواحدة املرضية عند أستاذه مث برأي واحد وإمنا عادته نقل املذاهب وما قيل فيها فليحذر منه فإن إضالله أكثر من إرشاده فال يصلح األعمى لقود العميان

منع احلديث العهد باإلسالم عن وإرشادهم ومن هذا حاله يعد يف عمى احلرية وتيه اجلهل ومنع املبتدىء عن الشبه يضاهي خمالطة الكفار وندب القوى إىل النظر يف االختالفات يضاهي حث القوى على خمالطة الكفار وهلذا مينع اجلبان عن التهجم على صف الكفار ويندب الشجاع له ومن الغفلة عن هذه الدقيقة ظن بعض الضعفاء أن االقتداء باألقوياء فيما ينقل عنهم

الت جائز ومل يدر أن وظائف األقوياء ختالف وظائف الضعفاء ويف ذلك قال بعضهم من رآين يف البداية صار من املساهصديقا ومن رآين يف النهاية صار زنديقا إذ النهاية ترد األعمال إىل الباطن وتسكن اجلوارح إال عن رواتب الفرائض فيرتاءى

ابطة القلب يف عني الشهود واحلضور ومالزمة الذكر الذي هو أفضل للناظرين أنا بطالة وكسل وإمهال وهيهات فذلك مر األعمال على الدوام وتشبه الضعيف بالقوي فيما يرى من ظاهره أنه هفوة يضاهي اعتذار من يلقى جناسة يسرية يف كوز ماء

لكوز أجوز وال يدري ويتعلل بأن أضعاف هذه النجاسة قد يلقى يف البحر والبحر أعظم من الكوز فما جاز للبحر فهو لاملسكني أن البحر بقوته حييل النجاسة ماء فتنقلب عني النجاسة باستيالئه إىل صفته والقليل من النجاسة يغلب على الكوز

إذ كان له من [134]ما مل جيوز لغريه حىت أبيح له تسع نسوة صلى اهلل عليه وسلموحييله إىل صفته وملثل هذا جوز للنيب القوة ما يتعدى منه صفة العدل إىل نسائه وإن كثرن وأما غريه فال يقدر على بعض العدل بل يتعدى ما بينهن من الضرار

احلدادين. إليه حىت ينجر إىل معصية اهلل تعاىل يف طلبه رضاهن فما أفلح من قاس املالئكة ب

أن ال يدع طالب العلم فنا من العلوم احملمودة وال نوعا من أنواعه إال وينظر فيه نظرا يطلع به على الوظيفة الخامسةمقصده وغايته مث إن ساعده العمر طلب التبحر فيه وإال اشتغل باألهم منه واستوفاه وتطرف من البقية فإن العلوم متعاونة

يد منه يف احلال االنفكاك عن عداوة ذلك العلم بسبب جهله فإن الناس أعداء ما جهلوا قال وبعضها مرتبط ببعض ويستف . قال الشاعر: (88)األحقاف: ]وإذا مل يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قدمي[تعاىل:

جيد مرا به املاء الزالال ومن يك ذا فم مر مريض

فالعلوم على درجاهتا إما سالكة بالعبد إىل اهلل تعاىل أو معينة على السلوك نوعا من اإلعانة وهلا منازل مرتبة يف القرب والبعد من املقصود والقوام هبا حفظة كحفاظ الرباطات والثغور ولكل واحد رتبة وله حبسب درجته أجر يف اآلخرة إذا قصد به وجه

اهلل تعاىل.

أن ال خيوض يف فن من فنون العلم دفعة بل يراعى الرتتيب ويبتدىء باألهم فإن العمر إذا كان ال يتسع دسة:الوظيفة الساجلميع العلوم غالبا فاحلزم أن يأخذ من كل شيء أحسنه ويكتفي منه بشمه ويصرف مجام قوته يف امليسور من علمه إىل

قسمي املعاملة واملكاشفة فغاية املعاملة املكاشفة وغاية استكمال العلم الذي هو أشرف العلوم وهو علم اآلخرة أعيناملكاشفة معرفة اهلل تعاىل ولست أعين به االعتقاد الذي يتلقفه العامي وراثة أو تلقفا وال طريق حترير الكالم واجملادلة يف

ه اهلل تعاىل يف قلب عبد طهر حتصني الكالم عن مراوغات اخلصوم كما هو غاية املتكلم بل ذلك نوع يقني هو مثرة نور يقذف. كما [135]باجملاهدة باطنه عن اخلبائث حىت ينتهي إىل رتبة إميان أيب بكر رضي اهلل عنه الذي لو وزن بإميان العاملني لرجح

فما عندي أن ما يعتقده العامي ويرتبه املتكلم الذي ال يزيد على العامي إال يف عليه وسلم،صلى اهللشهد له به سيد البشر صنعة الكالم وألجله مسيت صناعته كالما وكان يعجز عنه عمر وعثمان وعلي وسائر الصحابة رضي اهلل عنهم حىت كان

قوال من صاحب الشرع صلوات اهلل وسالمه يفضلهم أبو بكر بالسر الذي وقر يف صدره والعجب ممن يسمع مثل هذه األعليه مث يزدري ما يسمعه على وفقه ويزعم أنه من ترهات الصوفية وأن ذلك غري معقول فينبغي أن تتئد يف هذا فعنده ضيعت رأس املال فكن حريصا على معرفة ذلك السر اخلارج عن بضاعة الفقهاء واملتكلمني وال يرشدك إليه إال حرصك يف

على اجلملة فأشرف العلوم وغايتها معرفة اهلل عز وجل وهو حبر ال يدرك منتهى غوره وأقصى درجات البشر فيه رتبة الطلب و األنبياء مث األولياء مث الذين يلونم وقد روي أنه رؤي صورة حكيمني من احلكماء املتقدمني يف مسجد ويف يد أحدمها رقعة

شيئا حىت تعرف اهلل تعاىل وتعلم أنه مسبب األسباب وموجد األشياء فيها إن أحسنت كل شيء فال تظنن أنك أحسنت ويف يد اآلخر كنت قبل أن أعرف اهلل تعاىل أشرب وأظمأ حىت إذا عرفته رويت بال شرب.

أن ال خيوض يف فن حىت يستويف الفن الذي قبله فإن العلوم مرتبة ترتيبا ضروريا وبعضها طريق إىل بعض الوظيفة السابعة:. أي ال (818)البقرة: ]الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تالوته[ملوفق من راعى ذلك الرتتيب والتدريج قال اهلل تعاىل: وا

جياوزون فنا حىت حيكموه علما وعمال وليكن قصده يف كل علم يتحراه الرتقي إىل ما هو فوقه فينبغي أال حيكم على علم بالفساد لوقوع اخللف بني أصحابه فيه وال خبطأ واحد أو آحاد فيه وال مبخالفتهم موجب علمهم بالعمل فرتى مجاعة تركوا

عللني فيها بأنا لو كان هلا أصل ألدركه أرباهبا وقد مضى كشف هذه الشبه يف كتاب معيار النظر يف العقليات والفقهيات مت

العلم وترى طائفة يعتقدون بطالن الطب خلطأ شاهدوه من طبيب وطائفة اعتقدوا صحة النجوم لصواب اتفق لواحد فسه فال كل علم يستقل باإلحاطة به وطائفة اعتقدوا بطالنه خلطأ اتفق آلخر والكل خطأ بل ينبغي أن يعرف الشيء يف ن

كل شخص ولذلك قال علي رضي اهلل عنه: )ال تعرف احلق بالرجال، اعرف احلق تعرف أهله(.

أن يعرف السبب الذي به يدرك أشرف العلوم وأن ذلك يراد به شيئان أحدمها شرف الثمرة والثاين وثاقة الوظيفة الثامفة:م الطب فإن مثرة أحدمها احلياة األبدية ومثرة اآلخر احلياة الفانية فيكون علم الدين الدليل وقوته وذلك كعلم الدين وعل

أشرف ومثل علم احلساب وعلم النجوم فإن علم احلساب أشرف لوثاقة أدلته وقوهتا وإن نسب احلساب إىل الطب كان لك كان الطب أشرف وإن كان أكثره الطب أشرف باعتبار مثرته واحلساب أشرف باعتبار أدلته ومالحظة الثمرة أوىل ولذ

بالتخمني وهبذا تبني أن أشرف العلوم العلم باهلل عز وجل ومالئكته وكتبه ورسله والعلم بالطريق املوصل إىل هذه العلوم فإياك أن ترغب إال فيه وأن حترص إال عليه.

يلة ويف املآل القرب من اهلل سبحانه والرتقي إىل أن يكون قصد املتعلم يف احلال حتلية باطنه وجتميله بالفض الوظيفة التاسعة:جوار املأل األعلى من املالئكة واملقربني وال يقصد به الرياسة واملال واجلاه ومماراة السفهاء ومباهاة األقران وإن كان هذا

رة إىل سائر العلوم مقصده طلب ال حمالة األقرب إىل مقصوده وهو علم اآلخرة ومع هذا فال ينبغي له أن ينظر بعني احلقاأعين علم الفتاوى وعلم النحو واللغة املتعلقني بالكتاب والسنة وغري ذلك مما أوردناه يف املقدمات واملتممات من ضروب العلوم اليت هي فرض كفاية وال تفهمن من غلونا يف الثناء على علم اآلخرة هتجني هذه العلوم فاملتكفلون بالعلوم كاملتكفلني

ملرابطني هبا والغزاة اجملاهدين يف سبيل اهلل فمنهم املقاتل ومنهم الردء ومنهم الذي يسقيهم املاء ومنهم الذي حيفظ بالثغور وادواهبم ويتعهدهم وال ينفك أحد منهم عن أجر إذا كان قصده إعالء كلمة اهلل تعاىل دون حيازة الغنائم فكذلك العلماء

نكم والذين أوتوا العلم درجات وقال تعاىل هم درجات عند اهلل والفضيلة نسبية قال اهلل تعاىل يرفع اهلل الذين آمنوا مواستحقارنا للصيارفة عند قياسهم بامللوك ال يدل على حقارهتم إذا قيسوا بالكناسني فال تظن أن ما نزل عن الرتبة القصوى

العلم مث للصاحلني على تفاوت درجاهتم وباجلملة ساقط القدر بل الرتبة العليا لألنبياء مث األولياء مث العلماء الراسخني يف فمن يعمل مثقال ذرة خريا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ومن قصد اهلل تعاىل بالعلم أي علم كان نفعه ورفعه ال حمالة.

ريه ومعىن املهم ما أن يعلم نسبة العلوم إىل املقصد كيما يؤثر الرفيع القريب على البعيد واملهم على غ الوظيفة العاشرة:يهمك وال يهمك إال شأنك يف الدنيا واآلخرة وإذا مل ميكنك اجلمع بني مالذ الدنيا ونعيم اآلخرة كما نطق به القرآن وشهد له من نور البصائر ما جيري جمرى العيان فاألهم ما يبقى أبد اآلباد وعند ذلك تصري الدنيا منزال والبدن مركبا واألعمال سعيا

قصد وال مقصد إال لقاء اهلل تعاىل ففيه النعيم كله وإن كان ال يعرف يف هذا العامل قدره إال األقلون والعلوم باإلضافة إىل املإىل سعادة لقاء اهلل سبحانه والنظر إىل وجهه الكرمي أعين النظر الذي طلبه األنبياء وفهموه دون ما سبق إىل فهم العوام

مها باملوازنة مبثال وهو أن العبد الذي علق عتقه وةمكينه من امللك باحلج وقيل له إن واملتكلمني على ثالث مراتب تفهحججت وأةممت وصلت إىل العتق وامللك مجيعا وإن ابتدأت بطريق احلج واالستعداد له وعافك يف الطريق مانع ضروري

شغل األول هتيئة األسباب بشراء الناقة فلك العتق واخلالص من شقاء الرق فقط دون سعادة امللك فله ثالثة أصناف من ال

وخرز الراوية وإعداد الزاد والراحلة والثاين السلوك ومفارقة الوطن بالتوجه إىل الكعبة منزال بعد منزل والثالث االشتغال وله يف بأعمال احلج ركنا بعد ركن مث بعد الفراغ والنزوع عن هيئة اإلحرام وطواف الوداع استحق التعرض للملك والسلطنة

كل مقام منازل من أول إعداد األسباب إىل آخره من أول سلوك البوادي إىل آخره ومن أول أركان احلج إىل آخره وليس قرب من ابتدأ بأركان احلج من السعادة كقرب من هو بعد يف إعداد الزاد والراحلة وال كقرب من ابتدأ بالسلوك بل هو أقرب

م جيري جمرى إعداد الزاد والراحلة وشراء الناقة وهو علم الطب والفقه وما يتعلق مبصاحل منه فالعلوم أيضا ثالثة أقسام قسالبدن يف الدنيا وقسم جيري جمرى سلوك البوادي وقطع العقبات وهو تطهري الباطن عن كدورات الصفات وطلوع تلك

طريق وحتصيل علمه كتحصيل علم جهات العقبات الشاخمة اليت عجز عنها األولون واآلخرون إال املوفقني فهذا سلوك الالطريق ومنازله وكما ال يغين علم املنازل وطرق البوادي دون سلوكها كذلك ال يغين علم هتذيب األخالق دون مباشرة التهذيب ولكن املباشرة دون العلم غري ممكن وقسم ثالث جيري جمرى نفس احلج وأركانه وهو العلم باهلل تعاىل وصفاته

أفعاله ومجيع ما ذكرناه يف تراجم املكاشفة وههنا جناة وفوز بالسعادة والنجاة حاصلة لكل سالك للطريق إذا كان ومالئكته و غرضه املقصد احلق وهو السالمة.

عيم وأما الفوز بالسعادة فال يناله إال العارفون باهلل تعاىل، وهم املقربون املنعمون يف جوار اهلل تعاىل بالروح والرحيان وجنة النوأما املمنوعون دون ذروة الكمال فلهم النجاة والسالمة كما قال اهلل عز وجل فأما إن كان من املقربني فروح ورحيان وجنة نعيم وأما إن كان من أصحاب اليمني فسالم لك من أصحاب اليمني وكل من مل يتوجه إىل املقصد ومل ينتهض له أو

عبودية بل لغرض عاجل فهو من أصحاب الشمال ومن الضالني فله نزل من انتهض إىل جهته ال على قصد االمتثال وال محيم وتصلية جحيم.

واعلم أن هذا هو حق اليقني عند العلماء الراسخني أعين أنم أدركوه مبشاهدة من الباطن هي أقوى وأجلى من مشاهدة ق مث شاهد فحقق وحال غريهم حال من قبل األبصار وترقوا فيه عن حد التقليد جملرد السماع وحاهلم حال من أخرب فصد

حبسن التصديق واإلميان ومل حيظ باملشاهدة والعيان فالسعادة وراء علم املكاشفة وعلم املكاشفة وراء علم املعاملة اليت هي سلوك طريق اآلخرة وقطع عقبات الصفات وسلوك طريق حمو الصفات املذمومة وراء علم الصفات وعلم طريق املعاجلة

فية السلوك يف ذلك وراء علم سالمة البدن ومساعدة أسباب الصحة وسالمة البدن باالجتماع والتظاهر والتعاون الذي وكييتوصل به إىل امللبس واملطعم واملسكن وهو منوط بالسلطان وقانونه يف ضبط الناس على منهج العدل والسياسة يف ناصية

ن قال العلم علمان علم األبدان وعلم األديان وأشار به إىل الفقه أراد به الفقيه وأما أسباب الصحة ففي ناصية الطبيب وم العلوم الظاهرة الشائعة ال للعلوم العزيزة الباطنة.

فإن قلت مل شبهت علم الطب والفقه بإعداد الزاد والراحلة؟

فاعلم، أن الساعي إىل اهلل تعاىل لينال قربه هو القلب دون البدن ولست أعين بالقلب اللحم احملسوس بل هو من أسرار اهلل عز وجل ال يدركه احلس ولطيفة من لطائفه تارة يعرب عنه بالروح وتارة بالنفس املطمئنة والشرع يعرب عنه بالقلب ألنه املطية

ار مجيع البدن مطية وآلة لتلك اللطيفة وكشف الغطاء عن ذلك السر من علم املكاشفة وهو األوىل لذلك السر وبواسطته ص

مضنون به بل ال رخصة يف ذكره وغاية املأذون فيه أن يقال هو جوهر نفيس ودر عزيز أشرف من هذه األجرام املرئية وإمنا . وكل املخلوقات منسوبة إىل اهلل (11)اإلسراء: ] ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ريب[هو أمر إهلي كما قال تعاىل:

تعاىل ولكن نسبته أشرف من نسبة سائر أعضاء البدن فلله اخللق واألمر مجيعا واألمر أعلى من اخللق وهذه اجلوهرة النفيسة وأشفقن منها من عامل األمر احلاملة ألمانة اهلل تعاىل املتقدمة هبذه الرتبة على السموات واألرضني واجلبال إذ أبني أن حيملنها

وال يفهم من هذا أنه تعريض بقدمها فإن القائل بقدم األرواح مغرور جاهل ال يدري ما يقول فلنقبض عنان البيان عن هذا الفن فهو وراء ما حنن بصدده واملقصود أن هذه اللطيفة هي الساعية إىل قرب الرب ألنا من أمر الرب فمنه مصدرها وإليه

ما البدن فمطيتها اليت تركبها وتسعى بواسطتها فالبدن هلا يف طريق اهلل تعاىل كالناقة للبدن يف طريق احلج وكالراوية مرجعها وأاخلازنة للماء الذي يفتقر إليه البدن فكل علم مقصده مصلحة البدن فهو من مجلة مصاحل املطية وال خيفى أن الطب كذلك

البدن ولو كان اإلنسان وحده الحتاج إليه والفقه يفارقه يف أنه لو كان اإلنسان فإنه قد حيتاج إليه يف حفظ الصحة على وحده رمبا كان يستغىن عنه ولكنه خلق على وجه ال ميكنه أن يعيش وحده إذ ال يستقل بالسعي وحده يف حتصيل طعامه

فاضطر إىل املخالطة واالستعانة ومهما باحلراثة والزرع واخلبز والطبخ ويف حتصيل امللبس واملسكن ويف إعداد آالت ذلك كلهاختلط الناس وثارت شهواهتم جتاذبوا أسباب الشهوات وتنازعوا وتقاتلوا وحصل من قتاهلم هالكهم بسبب التنافس من خارج كما حيصل هالكهم بسبب تضاد األخالط من داخل وبالطب حيفظ االعتدال يف األخالط املتنازعة من داخل

فظ االعتدال يف التنافس من خارج وعلم طريق اعتدال األخالط طب وعلم طريق اعتدال أحوال الناس وبالسياسة والعدل حييف املعامالت واألفعال فقه وكل ذلك حلفظ البدن الذي هو مطية فاملتجرد لعلم الفقه أو الطب إذا مل جياهد نفسه وال

إذا مل يسلك بادية احلج واملستغرق عمره يف دقائق الكلمات يصلح قلبه كاملتجرد لشراء الناقة وعلفها وشراء الراوية وخرزهااليت جتري يف جمادالت الفقه كاملستغرق عمره يف دقائق األسباب اليت هبا تستحكم اخليوط اليت خترز هبا الراوية للحج ونسبة

ق احلج أو مالبسي أركانه هؤالء من السالكني لطريق إصالح القلب املوصل إىل علم املكاشفة كنسبة أولئك إىل سالكي طريفتأمل هذا أوال واقبل النصيحة جمانا ممن قام عليه ذلك غالبا ومل يصل إليه إال بعد جهد جهيد وجراءة تامة على مباينة اخللق

العامة واخلاصة يف النزوع من تقليدهم مبجرد الشهوة فهذا القدر كاف يف وظائف املتعلم.

بيان وظائ المرشد المعلم:

أن لإلنسان يف علمه أربعة أحوال كحاله يف اقتناء األموال إذ لصاحب املال حال استفادة فيكون مكتسبا وحال اعلم ادخار ملا اكتسبه فيكون به غنيا عن السؤال وحال إنفاق على نفسه فيكون منتفعا وحال بذل لغريه فيكون به سخيا

ال فله حال طلب واكتساب وحال حتصيل يغين عن السؤال متفضال وهو أشرف أحواله فكذلك العلم يقتىن كما يقتىن املوحال استبصار وهو التفكر يف احملصل والتمتع به وحال تبصري وهو أشرف األحوال فمن علم وعمل وعلم فهو الذي يدعى عظيما يف ملكوت السموات فإنه كالشمس تضيء لغريها وهي مضيئة يف نفسها وكاملسك الذي يطيب غريه وهو طيب

ي يعلم وال يعمل به كالدفرت الذي يفيد غريه وهو خال عن العلم وكاملسن الذي يشحذ غريه وال يقطع واإلبرة اليت والذ تكسو غريها وهي عارية وذبالة املصباح تضيء لغريها وهي حترتق كما قيل:

تضيء للناس وهي حترتق ما هو إال ذبالة وقدت

تقلد أمرا عظيما وخطرا جسيما فليحفظ آدابه ووظائفه. ومهما اشتغل بالتعليم فقد

: )) إمنا أنا لكم مثل صلى اهلل عليه وسلمالشفقة على املتعلمني وأن جيريهم جمرى بنيه قال رسول اهلل الوظيفة األولى:. بأن يقصد إنقاذهم من نار اآلخرة وهو أهم من إنقاذ الوالدين ولدمها من نار الدنيا ولذلك صار حق [136]الوالد لولده((

املعلم أعظم من حق الوالدين فإن الوالد سبب الوجود احلاضر واحلياة الفانية واملعلم سبب احلياة الباقية ولوال املعلم النساق الدائم وإمنا املعلم هو املفيد للحياة األخروية الدائمة أعين معلم علوم اآلخرة أو علوم ما حصل من جهة األب إىل اهلالك

الدنيا على قصد اآلخرة ال على قصد الدنيا فأما التعليم على قصد الدنيا فهو هالك وإهالك نعوذ باهلل منه وكما أن حق حق تالمذة الرجل الواحد التحاب والتوادد وال يكون إال أبناء الرجل الواحد أن يتحابوا ويتعاونوا على املقاصد كلها فكذلك

كذلك إن كان مقصدهم اآلخرة وال يكون إال التحاسد والتباغض إن كان مقصدهم الدنيا فإن العلماء وأبناء اآلخرة بني املسافرين إىل مسافرون إىل اهلل تعاىل وسالكون إليه الطريق من الدنيا وسنوها وشهورها منازل الطريق والرتافق يف الطريق

األمصار سبب التواد والتحاب فكيف السفر إىل الفردوس األعلى والرتافق يف طريقه وال ضيق يف سعادة اآلخرة فلذلك ال يكون بني أبناء اآلخرة تنازع وال سعة يف سعادات الدنيا فلذلك ال ينفك عن ضيق التزاحم والعادلون إىل طلب الرياسة

األخالء يومئذ [وداخلون يف مقتضى قوله تعاىل: (80)احلجرات: ]إمنا املؤمنون إخوة [قوله تعاىل: بالعلوم خارجون عن موجب . (17)الزخرف: ]بعضهم لبعض عدو إال املتقني

: أن يقتدى بصاحب الشرع صلوات اهلل عليه وسالمه فال يطلب على إفادة العلم أجرا وال يقصد به جزاء الوظيفة الثانيةيعلم لوجه اهلل تعاىل وطلبا للتقرب إليه وال يرى لنفسه منة عليهم وإن كانت املنة الزمة عليهم بل يرى الفضل وال شكرا بل

هلم إذ هذبوا قلوهبم ألن تتقرب إىل اهلل تعاىل بزراعة العلوم فيها كالذي يعريك األرض لتزرع فيها لنفسك زراعة فمنفعتك هبا منة وثوابك يف التعليم أكثر من ثواب املتعلم عند اهلل تعاىل ولوال املتعلم ما تزيد على منفعة صاحب األرض فكيف تقلده

ويا قوم ال أسألكم عليه ماال إن أجري إال على [نلت هذا الثواب فال تطلب األجر إال من اهلل تعاىل، كما قال عز وجل: س ومطيتها، واملخدوم هو العلم، إذ به شرف فإن املال وما يف الدنيا خادم البدن، والبدن مركب النف( 11)هود: ]اهلل ن

النفس؛ فمن طلب بالعلم املال كان كمن مسح أسفل مداسه بوجهه لينظفه فجعل املخدوم خادما واخلادم خمدوما وذلك هو االنتكاس على أم الرأس ومثله هو الذي يقوم يف العرض األكرب مع اجملرمني ناكسي رءوسهم عند رهبم وعلى اجلملة

واملنة للمعلم فانظر كيف انتهى أمر الدين إىل قوم يزعمون أن مقصودهم التقرب إىل اهلل تعاىل مبا هم فيه من علم فالفضل الفقه والكالم والتدريس فيهما ويف غريمها فإنم يبذلون املال واجلاه ويتحملون أصناف الذل يف خدمة السالطني الستطالق

ف إليهم مث يتوقع املعلم من املتعلم أن يقوم له يف كل نائبة وينصر وليه ويعادي عدوه اجلرايات ولو تركوا ذلك لرتكوا ومل خيتلوينتهض جهارا له يف حاجاته ومسخرا بني يديه يف أوطاره فإن قصر يف حقه ثار عليه وصار من أعدى أعدائه فأخسس

التدريس نشر العلم تقربا إىل اهلل تعاىل بعامل يرضى لنفسه هبذه املنزلة مث يفرح هبا مث ال يستحي من أن يقول غرضي من ونصرة لدينه فانظر إىل األمارات حىت ترى ضروب االغرتارات.

: أن ال يدع من نصح املتعلم شيئا وذلك بأن مينعه من التصدي لرتبة قبل استحقاقها والتشاغل بعلم خفي الوظيفة الثالثةلوم القرب إىل اهلل تعاىل دون الرياسة واملباهاة واملنافسة ويقدم تقبيح قبل الفراغ من اجللى مث ينبهه على أن الغرض بطلب الع

ذلك يف نفسه بأقصى ما ميكن فليس ما يصلحه العامل الفاجر بأكثر مما يفسده فإن علم من باطنه أنه ال يطلب العلم إال م والفتاوى يف اخلصومات واألحكام للدنيا نظر إىل العلم الذي يطلبه فإن كان هو علم اخلالف يف الفقه واجلدل يف الكال

فيمنعه من ذلك فإن هذه العلوم ليست من علوم اآلخرة وال من العلوم اليت قيل فيها تعلمنا العلم لغري اهلل فأىب العلم أن ومعرفة أخالق النفس علم اآلخرةيكون إال هلل وإمنا ذلك علم التفسري وعلم احلديث وما كان األولون يشتغلون به من

فية هتذيبها فإذا تعلمه الطالب وقصد به الدنيا فال بأس أن يرتكه فإنه يثمر له طمعا يف الوعظ واالستتباع ولكن قد يتنبه وكييف أثناء األمر أو آخره إذ فيه العلوم املخوفة من اهلل تعاىل احملقرة للدنيا املعظمة لآلخرة وذلك يوشك أن يؤدي إىل الصواب

عظ به غريه وجيري حب القبول واجلاه جمرى احلب الذي ينثر حوايل الفخ ليقتنص به الطري وقد يف اآلخرة حىت يتعظ مبا يفعل اهلل ذلك بعباده إذ جعل الشهوة ليصل اخللق هبا إىل بقاء النسل وخلق أيضا حب اجلاه ليكون سببا إلحياء العلوم وهذا

متوقع يف هذه العلوم.

فأما اخلالفيات احملضة وجمادالت الكالم ومعرفة التفاريع الغريبة فال يزيد التجرد هلا مع اإلعراض عن غريها إال قسوة القلب وغفلة عن اهلل تعاىل وةماديا يف الضالل وطلبا للجاه إال من تداركه اهلل تعاىل برمحته أو مزج به غريه من العلوم الدينية وال

بة واملشاهدة فانظر واعترب واستبصر لتشاهد حتقيق ذلك يف العباد والبالد واهلل املستعان. وقد رؤي برهان على هذا كالتجر سفيان الثوري رمحه اهلل حزينا فقيل له: ما لك؟ فقال صرنا متجرا ألبناء الدنيا، يلزمنا أحدهم حىت إذا تعلم جعل قاضيا أو

عامال أو قهرمانا.

صناعة التعليم أن يزجر املتعلم عن سوء األخالق بطريق التعريض ما أمكن وال يصرح : وهي من دقائقالوظيفة الرابعةوبطريق الرمحة ال بطريق التوبيخ فإن التصريح يهتك حجاب اهليئة ويورث اجلرأة على اهلجوم باخلالف ويهيج احلرص على

فت البعر لفتوه وقالوا ما نينا عنه إال وفيه وهو مرشد كل معلم: )) لو منع الناس عن صلى اهلل عليه وسلماإلصرار إذ قال وينبهك على هذا قصة آدم وحواء عليهما السالم وما نيا عنه فما ذكرت القصة معك لتكون مسرا بل لتتنبه [137]شيء((

وألن التعريض أيضا مييل النفوس الفاضلة واألذهان الذكية إىل استنباط معانيه فيفيد فرح التفطن ملعناه هبا على سبيل العربة رغبة يف العلم به ليعلم أن ذلك مما ال يعزب عن فطنته.

عادته تقبيح : أن املتكفل ببعض العلوم ينبغي أن ال يقبح يف نفس املتعلم العلوم اليت وراءه كمعلم اللغة إذ الوظيفة الخامسةعلم الفقه ومعلم الفقه عادته تقبيح علم احلديث والتفسري وأن ذلك نقل حمض ومساع وهو شأن العجائز وال نظر للعقل فيه ومعلم الكالم ينفر عن الفقه ويقول ذلك فروع وهو كالم يف حيض النسوان فأين ذلك من الكالم يف صفة الرمحن فهذه

جتتنب بل املتكفل بعلم واحد ينبغي أن يوسع على املتعلم طريق التعلم يف غريه وإن كان أخالق مذمومة للمعلمني ينبغي أن متكفال بعلوم فينبغي أن يراعى التدريج يف ترقية املتعلم من رتبة إىل رتبة.

له اقتداء يف : أن يقتصر باملتعلم على قدر فهمه فال يلقى إليه ما ال يبلغه عقله فينفره أو خيبط عليه عقالوظيفة السادسةحيث قال: ))حنن معاشر األنبياء أمرنا أن ننزل الناس منازهلم ونكلمهم على قدر صلى اهلل عليه وسلمذلك بسيد البشر

: )) ما أحد حيدث قوما حبديث صلى اهلل عليه وسلمل بفهمها وقال فليبث إليه احلقيقة إذا علم أنه يستق [138]عقوهلم((. وقال علي رضي اهلل عنه وأشار إىل صدره: ))إن ههنا لعلوما مجة لو [139]ال تبلغه عقوهلم إال كان فتنة على بعضهم((

وجدت هلا محلة((. وصدق رضي اهلل عنه فقلوب األبرار قبور األسرار، فال ينبغي أن يفشي العامل كل ما يعلم إىل كل أحد هذا إذا كان يفهمه املتعلم ومل يكن أهال لالنتفاع به فكيف فيما ال يفهمه؟ وقال عيسى عليه السالم: ال تعلقوا اجلواهر يف

من اجلوهر، ومن كرهها فهو شر من اخلنازير. ولذلك قيل: كل لكل عبد مبعيار عقله، وزن أعناق اخلنازير، فإن احلكمة خري له مبيزان فهمه حىت تسلم منه وينتفع بك، وإال وقع اإلنكار لتفاوت املعيار. وسئل بعض العلماء عن شيء فلم جيب فقال

فعا جاء يوم القيامة ملجما بلجام من قال: ))من كتم علما نا صلى اهلل عليه وسلمالسائل: أما مسعت رسول اهلل . فقال اترك اللجام واذهب فإن جاء من يفقه وكتمته فليلجمين فقد قال اهلل تعاىل وال تؤتوا السفهاء أموالكم [140]نار((

ممن يفسده ويضره أوىل وليس الظلم يف إعطاء غري املستحق بأقل من الظلم يف منع املستحق: تنبيها على أن حفظ العلم

فأصبح خمزونا براعية الغنم أأنثر درا بني سارحة النهعم

فال أنا أضحى أن أطوقه البهم ألنم أمسوا جبهل لقدره

وصادفت أهال للعلوم وللحكم فإن لطف اهلل اللطيف بلطفه

وإال فمخزون لدي ومكتتم نشرت مفيدا واستفدت مواة

ومن منع املستوجبني فقد ظلم فمن منح اجلهال علما أضاعه

أن املتعلم القاصر ينبغي أن يلقى إليه اجللى الالئق به وال يذكر له وراء هذا تدقيقا وهو يدخره عنه فإن : الوظيفة السابعةذلك يفرت رغبته يف اجللى ويشوش عليه قلبه ويوهم إليه البخل به عنه إذ يظن كل أحد أنه أهل لكل علم دقيق فما من أحد

هم محاقة وأضعفهم عقال هو أفرحهم بكمال عقله وهبذا يعلم أن من إال وهو راض عن اهلل سبحانه يف كمال عقله وأشدتقيد من العوام بقيد الشرع ورسخ يف نفسه العقائد املأثورة عن السلف من غري تشبيه ومن غري تأويل وحسن مع ذلك

ه لو ذكر له تأويالت سريرته ومل حيتمل عقله أكثر من ذلك فال ينبغي أن يشوش عليه اعتقاده بل ينبغي أن خيلى وحرفته فإنالظاهر احتل عنه قيد العوام ومل يتيسر قيده بقيد اخلوض فريتفع عنه السد الذي بينه وبني املعاصي وينقلب شيطانا مريدا هبلك نفسه وغريه بل ال ينبغي أن خياض مع العوام يف حقائق العلوم الدقيقة بل يقتصر معهم على تعليم العبادات وتعليم

ناعات اليت هم بصددها وميأل قلوهبم من الرغبة والرهبة يف اجلنة والنار كما نطق به القرآن وال حيرك عليهم األمانة يف الص

شبهة فإنه رمبا تعلقت الشبهة بقلبه ويعسر عليه حلها فيشقى ويهلك وباجلملة ال ينبغي أن يفتح للعوام باب البحث فإنه عيش اخلواص. يعطل عليهم صناعاهتم اليت هبا قوام اخللق ودوام

: أن يكون املعلم عامال بعلمه فال يكذب قوله فعله ألن العلم يدرك بالبصائر والعمل يدرك باألبصار وأرباب الوظيفة الثامفةاألبصار أكثر فإذا خالف العمل العلم منع الرشد وكل من تناول شيئا وقال للناس ال تتناولوه فإنه سم مهلك سخر الناس به

صهم على ما نوا عنه فيقولون لوال أنه أطيب األشياء وألذها ملا كان يستأثر به ومثل املعلم املرشد من واهتموه وزاد حر املسرتشدين مثل النقش من الطني والظل من العود فكيف ينتقش الطني مبا ال نقش فيه ومىت استوى الظل والعود أعوج

ولذلك قيل يف املعىن:

عار عليك إذا فعلت عظيم ال تنه عن خلق وتأيت مثله

. ولذلك كان وزر العامل يف معاصيه أكثر من وزر اجلاهل (33)البقرة: ]أتأمرون الناس بالرب وتنسون أنفسكم[وقال اهلل تعاىل: ولذلك قال علي رضي اهلل [141]إذ يزل بزلته عامل كثري ويقتدون به ))ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل هبا((

عنه: )) قصم ظهري رجالن عامل متهتك وجاهل متنسك((، فاجلاهل يغر الناس بتنسكه والعامل يغرهم بتهتكه. واهلل أعلم.

الباب السادس

علما اآلخرة والعلماء السوء يف آفات العلم وبيان عالمات

قد ذكرنا ما ورد من فضائل العلم والعلماء وقد ورد يف العلماء السوء تشديدات عظيمة دلت على أنم أشد اخللق عذابا يوم القيامة فمن املهمات العظيمة معرفة العالمات الفارقة بني علماء الدنيا وعلماء اآلخرة ونعين بعلماء الدنيا علماء السوء

: ))إن أشد الناس صلى اهلل عليه وسلمذين قصدهم من العلم التنعم بالدنيا والتوصل إىل اجلاه واملنزلة عند أهلها قال ال: )) أنه قال ال يكون املرء عاملا حىت يكون اهلل عليه وسلمصلى . وعنه [142]عذابا يوم القيامة عامل مل ينفعه اهلل بعلمه((

: ))العلم علمان علم على اللسان فذلك حجة اهلل تعاىل على خلقه، صلى اهلل عليه وسلم. وقال [143]بعلمه عامال((: )) يكون يف آخر الزمان عباد جهال وعلماء صلى اهلل عليه وسلم. وقال [144]قلب فذلك العلم النافع((وعلم يف ال

: )) ال تتعلموا العلم لتباهوا به العلماء ولتماروا به السفهاء ولتصرفوا به وجوه صلى اهلل عليه وسلم. وقال [145]فساق((من كتم علما عنده أجلمه اهلل بلجام : ))صلى اهلل عليه وسلم. وقال [146]الناس إليكم فمن فعل ذلك فهو يف النار((

ألنا من غري الدجال أخوف عليكم من الدجال فقيل وما ذلك فقال من : ))صلى اهلل عليه وسلم. وقال [147]من نار((

. [149]: )) من ازداد علما ومل يزدد هدى مل يزدد من اهلل إال بعدا((صلى اهلل عليه وسلم. وقال [148]األئمة املضلني(( وقال عيسى عليه السالم: إىل مىت تصفون الطريق للمدجلني وأنتم مقيمون مع املتحريين!

فهذا وغريه من األخبار يدل على عظيم خطر العلم، فإن العامل إما متعرض هلالك األبد، أو لسعادة األبد وإنه باخلوض يف دة. العلم قد حرم السالمة إن مل يدرك السعا

: فقد قال عمر رضي اهلل عنه: إن أخوف ما أخاف على هذه األمة املنافق العليم قالوا وكيف يكون منافقا عليما وأما اآلثارقال عليم اللسان جاهل القلب والعمل وقال احلسن، رمحه اهلل: ال تكن ممن جيمع علم العلماء وطرائف احلكماء وجيري يف

اهلل عنه: أريد أن أتعلم العلم وأخاف أن أضيعه، فقال: كفى برتك العلم العمل جمرى السفهاء. وقال رجل أليب هريرة، رضي إضاعة له. وقيل إلبراهيم بن عيينة: أي الناس أطول ندما؟ قال: أما يف عاجل الدنيا، فصانع املعروف إىل من ال يشكره،

أنه يدري فذلك عامل فاتبعوه، ورجل وأما عند املوت، فعامل مفرط. وقال اخلليل بن أمحد: الرجال أربعة: رجل يدري ويدرييدري وال يدري أنه يدري فذلك نائم فأيقظوه، ورجل ال يدري ويدري أنه ال يدري فذلك مسرتشد فأرشدوه، ورجل ال يدري وال يدري أنه ال يدري فذلك جاهل فارفضوه. وقال سفيان الثوري، رمحه اهلل: يهتف العلم بالعمل فإن أجابه وإال

ارحتل.

ابن املبارك: ال يزال املرء عاملا ما طلب العلم فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل وقال الفضيل ابن عياض رمحه اهلل إين وقالألرحم ثالثة عزيز قوم ذل وغين قوم افتقر وعاملا تلعب به الدنيا وقال احلسن عقوبة العلماء موت القلب وموت القلب طلب

الدنيا بعمل اآلخرة وأنشدوا:

ومن يشرتي دنياه بالدين أعجب بتاع الضاللة باهلدىعجبت مل

بدنيا سواه فهو من ذين أعجب وأعجب من هذين من باع دينه

. أراد به العامل [150]: )) إن العامل ليعذب عذابا يطيف به أهل النار استعظاما لشدة عذابه((صلى اهلل عليه وسلموقال : )) يقول يؤتى بالعامل يوم القيامة فيلقى يف النار فتندلق صلى اهلل عليه وسلمالفاجر، وقال أسامة بن زيد: مسعت رسول اهلل

نار فيقولون ما لك فيقول كنت آمر باخلري وال آتيه وأنى عن أقتابه فيدور هبا كما يدور احلمار بالرحى فيطيف به أهل الإن املنافقني يف [. وإمنا يضاعف عذاب العامل يف معصيته ألنه عصى من علم ولذلك قال اهلل عز وجل: [151]الشر وآتيه((

. ألنم جحدوا بعد العلم وجعل اليهود شرا من النصارى مع أنم ما جعلوا هلل سبحانه (831)النساء: ]ك األسفل من النارالدر . وقال (10( )األنعام:831)البقرة: ]يعرفونه كما يعرفون أبناءهم[ولدا وال قالوا إنه ثالث ثالثة إال أنم أنكروا بعد املعرفة إذ قال اهلل

واتل عليهم [. وقال تعاىل يف قصة بلعام بن باعوراء (11)البقرة: ]جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة اهلل على الكافرينفلما [تعاىل: فمثله كمثل الكلب إن حتمل [حىت قال (871)األعراف: ]نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين

. فكذلك العامل الفاجر فإن بلعام أويت كتاب اهلل تعاىل فأخلد إىل الشهوات فشبه (871:)األعراف]عليه يلهث أو ترتكه يلهث بالكلب أي سواء أويت احلكمة أو مل يؤت فهو يلهث إىل الشهوات.

وقال عيسى، عليه السالم: مثل علماء السوء كمثل صخرة وقعت على فم النهر ال هي تشرب املاء وال هي ترتك املاء خيلص رع ومثل علماء السوء مثل قناة احلش ظاهرها جص وباطنها ننت ومثل القبور ظاهرها عامر وباطنها عظام املوتى. إىل الز

فهذه األخبار واآلثار تبني أن العامل الذي هو من أبناء الدنيا أخس حاال وأشد عذابا من اجلاهل وأن الفائزين املقربني هم علماء اآلخرة وهلم عالمات:

فمنها: أن ال يطلب الدنيا بعلمه فإن أقل درجات العامل أن يدرك حقارة الدنيا وخستها وكدورهتا وانصرامها وعظم اآلخرة ودوامها وصفاء نعيمها وجاللة ملكها ويعلم أنما متضادتان وأنما كالضرتني مهما أرضيت إحدامها أسخطت األخرى

األخرى وأنما كاملشرق واملغرب مهما قربت من احدمها بعدت عن وأنما ككفيت امليزان مهما رجحت إحدامها خفتاآلخر وأنما كقدحني أحدمها مملوء واآلخر فارغ فبقدر ما تصب منه يف اآلخر حىت ميتلىء يفرغ اآلخر فإن من ال يعرف

شاهدة والتجربة ترشد إىل ذلك حقارة الدنيا وكدورهتا وامتزاج لذاهتا بأملها مث انصرام ما يصفو منها فهو فاسد العقل فإن املفكيف يكون من العلماء من ال عقل له ومن ال يعلم عظم أمر اآلخرة ودوامها فهو كافر مسلوب اإلميان فكيف يكون من العلماء من ال إميان له ومن ال يعلم مضادة الدنيا لآلخرة وأن اجلمع بينهما طمع يف غري مطمع فهو جاهل بشرائع األنبياء

كافر بالقرآن كله من أوله إىل آخر فكيف يعد من زمرة العلماء ومن علم هذا كله مث مل يؤثر اآلخرة على الدنيا كلهم بل هو فهو أسري الشيطان قد أهلكته شهوته وغلبت عليه شقوته فكيف يعد من حزب العلماء من هذه درجته؟

بالعامل إذا آثر شهوته على حمبيت أن أحرمه لذيذ ويف أخبار داود عليه السالم حكاية عن اهلل تعاىل: إن أدىن ما أصنعمناجايت يا داود ال تسأل عين عاملا قد أسكرته الدنيا فيصدك عن طريق حمبيت أولئك قطاع الطريق على عبادي يا داود إذا

قال احلسن رمحه رأيت يل طالبا فكن له خادما يا داود من رد إيل هاربا كتبته جهبذا ومن كتبته جهبذا مل أعذبه أبدا ولذلكاهلل عقوبة العلماء موت القلب وموت القلب طلب الدنيا بعمل اآلخرة ولذلك قال حيىي بن معاذ إمنا يذهب هباء العلم واحلكمة إذا طلب هبما الدنيا وقال سعيد بن املسيب رمحه اهلل إذا رأيتم العامل يغشى األمراء فهو لص وقال عمر رضي اهلل

حمبا للدنيا فاهتموه على دينكم فإن كل حمب خيوض فيما أحب وقال مالك بن دينار رمحه اهلل قرأت يف عنه إذا رأيتم للعاملبعض الكتب السالفة إن اهلل تعاىل يقول إن أهون ما أصنع بالعامل إذا أحب الدنيا أن أخرج حالوة مناجايت من قلبه وكتب

ظلمة الذنوب فتبقى يف الظلمة يوم يسعى أهل العلم يف نور رجل إىل أخ له إنك قد أوتيت علما فال تطفئن نور علمك بعلمهم. وكان حيىي بن معاذ الرازي، رمحه اهلل يقول لعلماء الدنيا: يا أصحاب العلم قصوركم قيصرية، وبيوتكم كسروية،

كم شيطانية، فأين وأثوابكم ظاهرية، وأخفافكم جالوتية، ومراكبكم قارونية، وأوانيكم فرعونية، ومآمثكم جاهلية، ومذاهب الشريعة احملمدية! قال الشاعر:

فكيف إذا الرعاة هلا ذئاب وراعى الشاة حيمي الذئب عنها

وقال اآلخر:

مايصلح امللح إذا امللح فسد يا معشر القراء يا ملح البلد

اهلل قال ال شك أن من تكون الدنيا عنده آثر من وقيل لبعض العارفني: أترى أن من تكون املعاصي قرة عينه ال يعرفاآلخرة أنه ال يعرف اهلل تعاىل وهذا دون ذلك بكثري وال تظنن أن ترك املال يكفي يف اللحوق بعلماء اآلخرة فإن اجلاه أضر

ودفن بشر بن من املال ولذلك قال بشر حدثنا باب من أبواب الدنيا فإذا مسعت الرجل يقول حدثنا فإمنا يقول أوسعوا يلاحلرث بضعة عشر ما بني قمطرة وقوصرة من الكتب وكان يقول أنا أشتهي أن أحدث ولو ذهبت عين شهوة احلديث حلدثت وقال هو وغريه إذا اشتهيت أن حتدث فاسكت فإذا مل تشته فحدث وهذا ألن التلذذ جباه اإلفادة ومنصب اإلرشاد

هوته فيه فهو من أبناء الدنيا ولذلك قال الثوري فتنة احلديث أشد من فتنة أعظم لذة من كل تنعم يف الدنيا فمن أجاب شولوال أن ثبتناك لقد كدت تركن [: صلى اهلل عليه وسلماألهل واملال والولد وكيف ال ختاف فتنته وقد قيل لسيد املرسلني

(73)اإلسراء: ]إليهم شيئا قليال

منه العمل به والعمل كله هباء إال اإلخالص وقال الناس كلهم موتى إال العلماء وقال سهل رمحه اهلل: العلم كله دنيا واآلخرة والعلماء سكارى إال العاملني والعاملون كلهم مغرورون إال املخلصني واملخلص على وجل حىت يدري ماذا خيتم له به وقال

ب املعاش فقد ركن إىل الدنيا وإمنا أراد به أبو سليمان الداراين رمحه اهلل إذا طلب الرجل احلديث أو تزوج أو سافر يف طلطلب األسانيد العالية أو طلب احلديث الذي ال حيتاج إليه يف طلب اآلخرة وقال عيسى عليه السالم كيف يكون من أهل العلم من مسريه إىل آخرته وهو مقبل على طريق دنياه وكيف يكون من أهل العلم من يطلب الكالم ليخرب به ال ليعمل به وقال صاحل بن كيسان البصري أدركت الشيوخ وهم يتعوذون باهلل من الفاجر العامل بالسنة وروى أبو هريرة رضي اهلل عنه قال

: )) من طلب علما مما يبتغي به وجه اهلل تعاىل ليصيب به عرضا من الدنيا مل جيد عرف صلى اهلل عليه وسلمقال رسول اهلل (( [152]اجلنة يوم القيامة.

وإذ [وقد وصف اهلل علماء السوء بأكل الدنيا بالعلم ووصف علماء اآلخرة باخلشوع والزهد فقال عز وجل يف علماء الدنيا وقال (.817)آل عمران: ]فنبذوه وراء ظهورهم واشرتوا به مثنا قليالأخذ اهلل ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس وال تكتمونه

وإن من أهل الكتاب ملن يؤمن باهلل وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعني هلل ال يشرتون بآيات [تعاىل يف علماء اآلخرة: اء حيشرون يف زمرة األنبياء والقضاة وقال بعض السلف: العلم (811)آل عمران: ]اهلل مثنا قليال أولئك هلم أجرهم عند رهبم

حيشرون يف زمرة السالطني ويف معىن القضاة كل فقيه قصده طلب الدنيا بعلمه.

أنه قال: )) أوحى اهلل عز وجل إىل بعض األنبياء قل للذين صلى اهلل عليه وسلموروى أبو الدرداء رضي اهلل عنه عن النيب مل ويطلبون الدنيا بعمل اآلخرة يلبسون للناس مسوك الكباش وقلوهبم كقلوب الذئاب يتفقهون لغري الدين ويتعلمون لغري الع

. [153]ألسنتهم أحلى من العسل وقلوهبم أمر من الصرب إياي خيادعون ويب يستهزئون ألفتحن هلم فتنة تذر احلليم حريانا((

: )) علماء هذه األمة رجالن رجل صلى اهلل عليه وسلموروى الضحاك عن ابن عباس رضي اهلل عنهما قال: قال رسول اهلل آتاه اهلل علما فبذله للناس ومل يأخذ عليه طمعا ومل يشرت به مثنا فذلك يصلي عليه طري السماء وحيتان املاء ودواب األرض

يقدم على اهلل عز وجل يوم القيامة سيدا شريفا حىت يوافق املرسلني ورجل آتاه اهلل علما يف الدنيا فضن به والكرام الكاتبونعلى عباد اهلل وأخذ عليه طمعا واشرتى به مثنا فذلك يأيت يوم القيامة ملجما بلجام من نار ينادي مناد على رؤوس اخلالئق

فضن به على عباده وأخذ به طمعا واشرتى به مثنا فيعذب حىت يفرغ من حساب هذا فالن بن فالن آتاه اهلل علما يف الدنيا . [154]الناس((

وأشد من هذا ما روي أن رجال كان خيدم موسى عليه السالم فجعل يقول حدثين موسى صفي اهلل حدثين موسى جني اهلل حدثين موسى كليم اهلل حىت أثرى وكثر ماله ففقده موسى عليه السالم فجعل يسأل عنه وال حيس له خربا حىت جاءه رجل

موسى عليه السالم أتعرف فالنا قال نعم قال هو هذا اخلنزير فقال ذات يوم ويف يده خنزير ويف عنقه حبل أسود فقال لهموسى يا رب أسألك أن ترده إىل حاله حىت أسأله مب أصابه هذا فأوحى اهلل عز وجل إليه لو دعوتين بالذي دعاين به آدم

فمن دونه ما أجبتك فيه ولكن أخربك مل صنعت هذا به ألنه كان يطلب الدنيا بالدين.

قال: )) من فتنة صلى اهلل عليه وسلمن هذا ما روى معاذ بن جبل رضي اهلل عنه موقوفا ومرفوعا يف رواية عن النيب وأغلظ منميق وزيادة وال يؤمن على صاحبه اخلطأ ويف ويف الكالم ت . [155]العامل أن يكون الكالم أحب إليه من االستماع((

الصمت سالمة وعلم ومن العلماء من خيزن علمه فال حيب أن يوجد عند غريه فذلك يف الدرك األول من النار ومن العلماء من يكون يف علمه مبنزلة السلطان إن رد عليه شيء من علمه أو هتوون بشيء من حقه غضب فذلك يف الدرك الثاين من

ر ومن العلماء من جيعل علمه وغرائب حديثه ألهل الشرف واليسار وال يرى أهل احلاجة له أهال فذلك يف الدرك الثالث النامن النار ومن العلماء من ينصب نفسه للفتيا فيفيت باخلطأ واهلل تعاىل يبغض املتكلفني فذلك يف الدرك الرابع من النار ومن

صارى ليغزر به علمه فذلك يف الدرك اخلامس من النار ومن العلماء من يتخذ علمه العلماء من يتكلم بكالم اليهود والنمروءة ونبال وذكرا يف الناس فذلك يف الدرك السادس من النار ومن العلماء من يستفزه الزهو والعجب فإن وعظ عنف وإن

وإياك أن تضحك من غري عجب وعظ أنف فذلك يف الدرك السابع من النار فعليك يا أخي بالصمت فيه تغلب الشيطان أو ةمشي يف غري أرب.

. وروى [156]ويف خرب آخر: )) إن العبد لينشر له من الثناء ما ميأل ما بني املشرق واملغرب وما يزن عند اهلل جناح بعوضة((محل إليه رجل من خراسان كيسا بعد انصرافه من جملسه فيه مخسة آالف درهم وعشرة أثواب من رقيق البز وقال أن احلسن

يا أبا سعيد هذه نفقة وهذه كسوة فقال احلسن عافاك اهلل تعاىل ضم إليك نفقتك وكسوتك فال حاجة لنا بذلك إنه من ىل يوم القيامة وال خالق له وعن جابر رضي اهلل عنه موقوفا جلس مثل جملسي هذا وقبل من الناس مثل هذا لقى اهلل تعا

: )) ال جتلسوا عند كل عامل إال إىل عامل يدعوكم من مخس إىل مخس من صلى اهلل عليه وسلمومرفوعا قال قال رسول اهلل . [157]وة إىل النصيحة((الشك إىل اليقني ومن الرياء إىل اإلخالص ومن الرغبة إىل الزهد ومن الكرب إىل التواضع ومن العدا

فخرج على قومه يف زينته قال الذين يريدون احلياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أويت قارون إنه لذو حظ عظيم [وقال تعاىل: فعرف أهل العلم بإيثار اآلخرة على الدنيا. (10-71)القصص: ]هلل خري ملن آمن... اآليةوقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب ا

أتأمرون الناس بالرب وتنسون [ومنها أن ال خيالف فعله قوله بل ال يأمر بالشيء ما مل يكن هو أول عامل به قال اهلل تعاىل: وما [وقال تعاىل يف قصة شعيب: ( 3)الصف: ]تقولوا ما ال تفعلونكرب مقتا عند اهلل أن [وقال تعاىل: (33)البقرة: ]أنفسكم

واتقوا اهلل [وقال تعاىل: (111)البقرة: ]واتقوا اهلل ويعلمكم اهلل[وقال تعاىل: ( 11)هود: ]أريد أن أخالفكم إىل ما أناكم عنهعيسى عليه السالم: ))يا ابن مرمي عظ نفسك فإن اتعظت وقال تعاىل ل(. 801)املائدة: ]واتقوا اهلل وامسعوا[ (813)البقرة: ]واعلموا

))مررت ليلة أسري يب بأقوام تقرض شفاههم صلى اهلل عليه وسلم:فعظ الناس وإال فاستحي مين(( وقال رسول اهلل صلى اهلل عليه . وقال [158]مبقاريض من نار فقلت: من أنتم، فقالوا: كنا نأمر باخلري وال نأتيه وننهى عن الشر ونأتيه((

.[159]))هالك أميت عامل فاجر وعابد جاهل وشر الشرار شرار العلماء وخري اخليار خيار العلماء(( وسلم:

وقال األوزاعي رمحه اهلل: شكت النواويس ما جتد من ننت جيف الكفار فأوحى اهلل إليها بطون علماء السوء أننت مما أنتم فيه. وقال الفضيل بن عياض رمحه اهلل: بلغين أن الفسقة من العلماء يبدأ هبم يوم القيامة قبل عبدة األوثان. وقال أبو الدرداءرضي اهلل عنه: ويل ملن ال يعلم مرة وويل ملن يعلم وال يعمل سبع مرات. وقال الشعيب: يطلع يوم القيامة قوم من أهل اجلنة على قوم من أهل النار فيقولون هلم ما أدخلكم النار وإمنا أدخلنا اهلل اجلنة بفضل تأديبكم وتعليمكم فيقولون إنا كنا نأمر

الشر ونفعله. وقال حامت األصم رمحه اهلل: ليس يف القيامة أشد حسرة من رجل علم الناس علما باخلري وال نفعله وننهى عنفعملوا به ومل يعمل هو به ففازوا بسببه وهلك هو. وقال مالك بن دينار: إن العامل إذا مل يعمل بعلمه زلت موعظته عن

القلوب كما يزل القطر عن الصفا وأنشدوا:

إذ عبت منهم أمورا أنت تأتيها حت متهما يا واعظ الناس قد أصب

فاملوبقات لعمري أنت جانيها أصبحت تنصحهم بالوعظ جمتهدا

وأنت أكثر منهم رغبة فيها تعيب دنيا وناسا راغبني هلا

وقال آخر:

عار عليك إذا فعلت عظيم ال تنه عن خلق وتأيت مثله

راهيم بن أدهم رمحه اهلل: مررت حبجر مبكة مكتوب عليه اقلبين تعترب فقلبته فإذا عليه مكتوب أنت مبا تعلم ال تعمل وقال إبفكيف تطلب علم ما مل تعلم وقال ابن السماك رمحه اهلل كم من مذكر باهلل ناس هلل وكم من خموف باهلل جرىء على اهلل

داع إىل اهلل فار من اهلل وكم من تال كتاب اهلل منسلخ عن آيات اهلل. وكم من مقرب إىل اهلل بعيد من اهلل وكم من

وقال إبراهيم بن أدهم رمحه اهلل: لقد أعربنا يف كالمنا فلم نلحن وحلنا يف أعمالنا فلم نعرب. وقال األوزاعي: إذا جاء اإلعراب ذهب اخلشوع.

قالوا: كنا ندرس صلى اهلل عليه وسلمصحاب رسول اهلل وروى مكحول عن عبد الرمحن بن غنم أنه قال حدثين عشرة من أفقال: ))تعلموا ما شئتم أن تعلموا فلن يأجركم اهلل حىت صلى اهلل عليه وسلمالعلم يف مسجد قباء إذ خرج علينا رسول اهلل

وقال عيسى عليه السالم: مثل الذي يتعلم العلم وال يعمل به كمثل امرأة زنت يف السر فحملت فظهر .][160تعملوا((محلها فافتضحت فكذلك من ال يعمل بعلمه يفضحه اهلل تعاىل يوم القيامة على رءوس األشهاد. وقال معاذ رمحه اهلل:

وقال عمر رضي اهلل عنه: إذا زل العامل زل بزلته عامل من احذروا زلة العامل ألن قدره عند اخللق عظيم فيتبعونه على زلته. اخللق. وقال عمر رضي اهلل عنه: ثالث هبن ينهدم الزمان إحداهن زلة العامل. وقال ابن مسعود: سيأيت على الناس زمان

ذوات امللح ينزل ةملح فيه عذوبة القلوب فال ينتفع بالعلم يومئذ عامله وال متعلمه فتكون قلوب علمائهم مثل السباخ منعليها قطر السماء فال يوجد هلا عذوبة وذلك إذا مالت قلوب العلماء إىل حب الدنيا وإيثارها على اآلخرة فعند ذلك يسلبها اهلل تعاىل ينابيع احلكمة ويطفىء مصابيح اهلدى من قلوهبم فيخربك عاملهم حني تلقاه أنه خيشى اهلل بلسانه والفجور

خصب األلسن يومئذ وما أجدب القلوب فواهلل الذي ال إله إال هو ما ذلك إإل ألن املعلمني علموا لغري ظاهر يف عمله فما أاهلل تعاىل واملتعلمني تعلموا لغري اهلل تعاىل. ويف التوراة واإلجنيل مكتوب: ال تطلبوا علم ما مل تعلموا حىت تعملوا مبا علمتم.

ن ترك فيه عشر ما يعلم هلك وسيأيت زمان من عمل فيه بعشر ما يعلم جنا وقال حذيفة رضي اهلل عنه: إنكم يف زمان م وذلك لكثرة البطالني.

)) القضاة ثالثة قاض قضى باحلق وهو يعلم فذلك يف صلى اهلل عليه وسلم:واعلم أن مثل العامل مثل القاضي، وقد قال . وقال [161]ضى بغري ما أمر اهلل به فهو يف النار((اجلنة وقاض قضى باجلور وهو يعلم أو ال يعلم فهو يف النار وقاض ق

كعب رمحه اهلل: يكون يف آخر الزمان علماء يزهدون الناس يف الدنيا وال يزهدون وخيوفون الناس وال خيافون وينهون عن ويأتونم ويؤثرون الدنيا على اآلخرة يأكلون بألسنتهم يقربون األغنياء دون الفقراء يتغايرون على العلم كما غشيان الوالة

صلى اهلل عليه تتغاير النساء على الرجال يغضب أحدهم على جليسه إذا جالس غريه أولئك اجلبارون أعداء الرمحن. وقال يقول اطلب العلم صلى اهلل عليه وسلم:يا رسول اهلل وكيف ذلك، قال )) إن الشيطان رمبا يسوفكم بالعلم، فقيل وسلم:

.[162]وال تعمل حىت تعلم فال يزال للعلم قائال وللعمل مسوفا حىت ميوت وما عمل((

وقال سرى السقطي: اعتزل رجل للتعبد كان حريصا على طلب علم الظاهر فسألته فقال رأيت يف النوم قائال يقول يل إىل كم تضيع العلم ضيعك اهلل فقلت إين ألحفظه فقال حفظ العلم العمل به فرتكت الطلب وأقبلت على العمل. وقال ابن

ا العلم اخلشية. وقال احلسن: تعلموا ما شئتم أن تعلموا فواهلل ال يأجركم مسعود رضي اهلل عنه: ليس العلم بكثرة الرواية إمناهلل حىت تعملوا فإن السفهاء مهتهم الرواية والعلماء مهتهم الرعاية. وقال مالك رمحه اهلل: إن طلب العلم حلسن وإن نشره

تؤثرن عليه شيئا. حلسن إذا صحت فيه النية ولكن انظر ما يلزمك من حني تصبح إىل حني ةمسي فال

وقال ابن مسعود رضي اهلل عنه: أنزل القرآن ليعمل به فاختذمت دراسته عمال وسيأيت قوم يثقفونه مثل القناة ليسوا خبياركم والعامل الذي ال يعمل كاملريض الذي يصف الدواء وكاجلائع الذي يصف لذائذ األطعمة وال جيدها ويف مثله قوله تعاىل:

. [163]ويف اخلرب: )) إمنا أخاف على أميت زلة عامل وجدال منافق يف القرآن(( (.81)األنبياء: ]تصفونولكم الويل مما [

ومنها: أن تكون عنايته بتحصيل العلم النافع يف اآلخرة املرغب يف الطاعات جمتنبا للعلوم اليت يقل نفعها ويكثر فيها اجلدال والقيل والقال فمثال من يعرض عن علم األعمال ويشتغل باجلدال مثل رجل مريض به علل كثرية وقد صادف طبيبا حاذقا

ال عن خاصية العقاقري واألدوية وغرائب الطب وترك مهمه الذي هو مؤاخذ به يف وقت ضيق خيشى فواته فاشتغل بالسؤ فقال علمين من غرائب العلم فقال له ما صلى اهلل عليه وسلموذلك حمض السفه. وقد روي: )) أن رجال جاء رسول اهلل

ال نعم قال فما صنعت يف هل عرفت الرب تعاىل ق صلى اهلل عليه وسلمصنعت يف رأس العلم فقال وما رأس العلم فقال صلى هل عرفت املوت قال نعم قال فما أعددت له قال ما شاء اهلل قال صلى اهلل عليه وسلمحقه قال ما شاء اهلل فقال

.[164]إذهب فأحكم ما هناك مث تعال نعلمك من غرائب العلم (( اهلل عليه وسلم

بل ينبغي أن يكون املتعلم من جنس ما روى عن حامت األصم تلميذ شقيق البلخي رضي اهلل عنهما: أنه قال له شقيق: منذ كم صحبتين؟ قال حامت منذ ثالث وثالثني سنة. قال: فما تعلمت مين يف هذه املدة؟ قال: مثاين مسائل. قال شقيق له: إنا

إنا إليه راجعون ذهب عمري معك ومل تتعلم إال مثاين مسائل! قال: يا أستاذ مل أتعلم غريها وإين ال أحب أن أكذب. هلل و فقال: هات هذه الثماين مسائل حىت أمسعها.

قال حامت: نظرت إىل هذا اخللق فرأيت كل واحد حيب حمبوبا فهو مع حمبوبه إىل القرب فإذا وصل إىل القرب فارقه ]األول[ . الثانيةفجعلت احلسنات حمبويب فإذا دخلت القرب دخل حمبويب معي. فقال: أحسنت يا حامت فما

، 30)النازعات: ]فإن اجلنة هي املأوى ~اهلوى وأما من خاف مقام ربه ونى النفس عن[فقال: نظرت يف قول اهلل عز وجل

فعلمت أن قوله سبحانه وتعاىل هو احلق فأجهدت نفسي يف دفع اهلوى حىت استقرت على طاعة اهلل تعاىل. (38

ما [أين نظرت إىل هذا اخللق فرأيت كل ممن معه شيء له قيمة ومقدار رفعه وحفظه مث نظرت إىل قول اهلل عز وجل: الثالثة: فكلما وقع معي شيء له قيمة ومقدار وجهته إىل اهلل ليبقى عنده حمفوظا. (11)النحل: ]دكم ينفذ وما عند اهلل باقعن

أين نظرت إىل هذا اخللق فرأيت كل واحد منهم يرجع إىل املال وإىل احلسب والشرف والنسب فنظرت فيها فإذا هي الرابعة:فعملت يف التقوى حىت أكون عند اهلل (83)احلجرات: ]رمكم عند اهلل أتقاكمإن أك[ال شيء مث نظرت إىل قول اهلل تعاىل

كرميا.

أين نظرت إىل هذا اخللق وهم يطعن بعضهم يف بعض ويلعن بعضهم بعضا وأصل هذا كله احلسد مث نظرت إىل اخلامسة:كت احلسد واجتنبت اخللق وعلمت أن فرت (31)الزخرف: ]حنن قسمنا بينهم معيشتهم يف احلياة الدنيا[قول اهلل عز وجل:

القسمة من عند اهلل سبحانه وتعاىل فرتكت عداوة اخللق عين.

إن الشيطان [السادسة: نظرت إىل هذا اخللق يبغي بعضهم على بعض ويقاتل بعضهم بعضا فرجعت إىل قول اهلل عز وجل: ي منه ألن اهلل تعاىل شهد عليه أنه عدو يل فرتكت فعاديته وحده واجتهدت يف أخذ حذر (1)فاطر: ]لكم عدو فاختذوه عدوا

عداوة اخللق غريه.

نظرت إىل هذا اخللق فرأيت كل واحد منهم يطلب هذه الكسرة فيذل فيها نفسه ويدخل فيما ال حيل له مث نظرت السابعة:فعلمت أين واحد من هذه الدواب اليت على اهلل رزقها (1)هود: ]وما من دابة يف األرض إال على اهلل رزقها[إىل قوله تعاىل:

فاشتغلت مبا هلل تعاىل علي وتركت ما يل عنده.

نظرت إىل هذا اخللق فرأيتهم كلهم متوكلني على خملوق هذا على ضيعته وهذا على جتارته وهذا على صناعته وهذا الثامنة:)الطالق: ]ومن يتوكل على اهلل فهو حسبه[ىل قوله تعاىل: على صحة بدنه وكل خملوق متوكل على خملوق مثله فرجعت إ

( فتوكلت على اهلل عز وجل فهو حسيب. قال شقيق: يا حامت وفقك اهلل تعاىل فإين نظرت يف علوم التوراة واإلجنيل والزبور 3ا فقد استعمل الكتب والفرقان العظيم فوجدت مجيع أنواع اخلري والديانة وهي تدور على هذه الثمان مسائل فمن استعمله

األربعة.

فهذا الفن من العلم ال يهتم بإدراكه والتفطن له إال علماء اآلخرة فأما علماء الدنيا فيشتغلون مبا يتيسر به اكتساب املال تعلم واجلاه ويهملون أمثال هذه العلوم اليت بعث اهلل هبا األنبياء كلهم عليهم السالم وقال الضحاك بن مزاحم أدركتهم وما ي

بعضهم من بعض إال الورع وهم اليوم ما يتعلمون إال الكالم.

ومنها: أن يكون غري مائل إىل الرتفه يف املطعم واملشرب والتنعم يف امللبس والتجمل يف األثاث واملسكن بل يؤثر االقتصاد يف ذلك وكلما زاد إىل طرف القلة ميله ازداد مجيع ذلك ويتشبه فيه بالسلف رمحهم اهلل تعاىل ومييل إىل االكتفاء باألقل يف مجيع

من اهلل قربه وارتفع يف علماء اآلخرة حزبه ويشهد لذلك ما حكي عن أيب عبد اهلل اخلواص وكان من أصحاب حامت األصم قال دخلت مع حامت إىل الري ومعنا ثلثمائة وعشرون رجال يريد احلج وعليهم الزرمانقات وليس معهم جراب وال طعام

ا على رجل من التجار متقشف حيب املساكني فأضافنا تلك الليلة فلما كان من الغد قال حلامت ألك حاجة فإين أريد فدخلنأن أعود فقيها لنا هو عليل قال حامت عيادة املريض فيها فضل والنظر إىل الفقيه عبادة وأنا أيضا أجيء معك وكان العليل

باب فإذا قصر مشرف حسن فبقي حامت متفكرا يقول باب عامل على هذه حممد بن مقاتل قاضي الري فلما جئنا إىل الاحلالة مث أذن هلم فدخلوا فإذا دار حسناء فوراء واسعة نزهة وإذا بزة وستور فبقي حامت متفكرا مث دخلوا إىل اجمللس الذي هو

أسه وسأل عن حاله وحامت قائم فأومأ فيه وإذا بفرش وطيئة وهو راقد عليها وعند رأسه غالم وبيده مذبة فقعد الزائر عند ر إليه ابن مقاتل أن اجلس فقال ال أجلس فقال لعل لك حاجة فقال نعم قال وما هي قال مسئلة أسألك عنها قال سل قال قم فاستو جالسا حىت أسألك فاستوى جالسا قال حامت: علمك هذا من أين أخذته فقال من الثقات حدثوين به، قال:

عمن، قال: عن صلى اهلل عليه وسلمقال: وأصحاب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم،اب رسول اهلل عمن، قال: عن أصحعمن، قال: عن جربائيل عليه السالم، عن اهلل عز صلى اهلل عليه وسلمقال: ورسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم،رسول اهلل

وأداه رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم،ل إىل رسول اهلل وجل، قال حامت: ففيما أداه جربائيل عليه السالم عن اهلل عز وج

إىل أصحابه وأصحابه إىل الثقات، وأداه الثقات إليك، هل مسعت فيه من كان يف داره إشراف، وكانت صلى اهلل عليه وسلم الدنيا ورغب سعتها أكثر كان له عند اهلل عز وجل املنزلة أكرب؟ قال: ال، قال: فكيف مسعت، قال: مسعت أنه من زهد يفصلى اهلل عليه يف اآلخرة وأحب املساكني وقدم آلخرته كانت له عند اهلل املنزلة، قال له حامت: فأنت مبن اقتديت ابالنيب

وأصحابه رضي اهلل عنهم والصاحلني رمحهم اهلل، أم بفرعون ومنروذ، أول من بىن باجلص واآلجر يا علماء السوء مثلكم وسلمالب على الدنيا الراغب فيها فيقول العامل على هذه احلالة أفال أكون أنا شرا منه؟ وخرج من عنده فازداد يراه اجلاهل املتك

ابن مقاتل مرضا.

وبلغ أهل الري ما جرى بينه وبني ابن مقاتل فقالوا له: إن الطنافسي بقزوين أكثر توسعا منه، فسار حامت متعمدا فدخل جمي أحب أن تعلمين مبتدأ ديين ومفتاح صاليت كيف أتوضأ للصالة؟ قال: نعم وكرامة عليه، فقال: رمحك اهلل أنا رجل أع

يا غالم هات إناء فيه ماء، فأيت به فقعد الطنافسي فتوضأ ثالثا ثالثا، مث قال: هكذا فتوضأ، فقال حامت: مكانك حىت ذراعيه أربعا أربعا، فقال الطنافسي: يا أتوضأ بني يديك فيكون أوكد ملا أريد، فقام الطنافسي وقعد حامت فتوضأ مث غسل

هذا أسرفت ! قال له حامت: فبماذا؟ قال: غسلت ذراعيك أربعا! فقال حامت: يا سبحان اهلل العظيم أنا يف كف من ماء أسرفت وأنت يف مجيع هذا كله مل تسرف؟ فعلم الطنافسي أنه قصد ذلك دون التعلم، فدخل منزله فلم خيرج إىل الناس

يوما. أربعني

فلما دخل حامت بغداد اجتمع إليه أهل بغداد فقالوا يا أبا عبد الرمحن أنت رجل ولكن أعجمي وليس يكلمك أحد إال قطعته قال معي ثالث خصال أظهر هبن على خصمي أفرح إذا أصاب خصمي وأحزن إذا أخطأ وأحفظ نفسي أن ال

هلل ما أعقله قوموا بنا إليه فلما دخلوا عليه قال له يا أبا عبد أجهل عليه فبلغ ذلك اإلمام أمحد بن حنبل فقال سبحان االرمحن ما السالمة من الدنيا قال يا أبا عبد اهلل ال تسلم من الدنيا حىت يكون معك أربع خصال تغفر للقوم جهلهم وةمنع

جهلك منهم وتبذل هلم شيئك وتكون من شيئهم آيسا فإذا كنت هكذا سلمت.

قال فأين قصر صلى اهلل عليه وسلمنة فاستقبله أهل املدينة فقال يا قوم أية مدينة هذه قالوا مدينة رسول اهلل مث سار إىل املديحىت أصلي فيه قالوا ما كان له قصر إمنا كان له بيت الطىء باألرض قال فأين قصور صلى اهلل عليه وسلمرسول اهلل

كان هلم بيوت الطئة باألرض قال حامت يا قوم فهذه مدينة فرعون أصحابه رضي اهلل عنهم قالوا ما كان هلم قصور إمنافأخذوه وذهبوا به إىل السلطان وقالوا هذا العجمي يقول هذه مدينة فرعون قال الوايل ومل ذلك قال حامت ال تعجل علي أنا

فقلت فأين قصر وقص مصلى اهلل عليه وسلرجل أعجمي غريب دخلت البلد فقلت مدينة من هذه فقالوا مدينة رسول اهلل صلى فأنتم مبن تأسيتم أبرسول اهلل ( 18)األحزاب: ]لقد كان لكم يف رسول اهلل أسوة حسنة[القصة مث قال وقد قال اهلل تعاىل:

أم بفرعون أول من بىن باجلص واآلجر فخلوا عنه وتركوه فهذه حكاية حامت األصم رمحه اهلل تعاىل وسيأيت من اهلل عليه وسلم سرية السلف يف البذاذة وترك التجمل ما يشهد لذلك يف مواضعه.

ة ال ةمكن إال والتحقيق فيه أن التزين باملباح ليس حبرام ولكن اخلوض فيه يوجب األنس به حىت يشق تركه واستدامة الزينمبباشرة أسباب يف الغالب يلزم من مراعاهتا ارتكاب املعاصي من املداهنة ومراعاة اخللق ومراءاهتم وأمور أخر هي حمظورة

صلى اهلل واحلزم اجتناب ذلك ألن من خاض يف الدنيا ال يسلم منها ألبتة ولو كانت السالمة مبذولة مع اخلوض فيها لكان . إىل غري [166]. ونزع خامت الذهب يف أثناء اخلطبة[165] ترك الدنيا حىت نزع القميص املطرز بالعلمال يبالغ يف عليه وسلم

ذلك مما سيأيت بيانه.

وقد حكى أن حيىي بن يزيد النوفلي كتب إىل مالك ابن أنس رضي اهلل عنهما:

بسم اهلل الرمحن الرحيم، وصلى اهلل على رسوله حممد يف األولني واآلخرين. من حيىي ابن يزيد بن عبد امللك إىل مالك بن كل الرقاق وجتلس على الوطىء وجتعل على بابك حاجبا وقد جلست جملس أنس أما بعد: فقد بلغين أنك تليس الدقاق وتأ

العلم وقد ضربت إليك املطى وارحتل إليكالناس واختذوك إماما ورضوا بقولك فاتق اهلل تعاىل يا مالك وعليك بالتواضع كتبت إليك بالنصيحة مين كتابا ما اطلع عليه غري اهلل سبحانه وتعاىل والسالم.

الك: فكتب إليه م

بسم اهلل الرمحن الرحيم، وصلى اهلل على سيدنا حممد وآله وصحبه وسلم. من مالك بن أنس إىل حيىي بن يزيد سالم اهلل عليك أما بعد فقد وصل إيل كتابك فوقع مين موقع النصيحة والشفقة واألدب أمتعك اهلل بالتقوى وجزاك بالنصيحة خريا

قوة إال باهلل العلي العظيم فأما ما ذكرت يل أين آكل الرقاق وألبس الدقاق وأحتجب وأسأل اهلل تعاىل التوفيق وال حول والوأجلس على الوطىء فنحن نفعل ذلك ونستغفر اهلل تعاىل فقد قال اهلل تعاىل قل من حرم زينة اهلل اليت أخرج لعباده

كتابك فلسنا ندعك من كتابنا والسالم. والطيبات من الرزق وإين ألعلم أن ترك ذلك خري من الدخول فيه وال تدعنا من

فانظر إىل إنصاف مالك إذ اعرتف أن ترك ذلك خري من الدخول فيه وأفىت بأنه مباح وقد صدق فيهما مجيعا ومثل مالك يف منصبه إذا مسحت نفسه باإلنصاف واالعرتاف يف مثل هذه النصيحة فتقوى أيضا نفسه على الوقوف على حدود املباح

مله ذلك على املراءاة واملداهنة والتجاوز إىل املكروهات وأما غريه فال يقدر عليه فالتعريج على التنعم باملباح خطر حىت ال حي عظيم وهو بعيد من اخلوف واخلشية وخاصية علماء اهلل تعاىل اخلشية وخاصية اخلشية التباعد من مظان اخلطر.

يهم ألبتة ما دام جيد إىل الفرار عنهم سبيال بل ينبغي أن حيرتز عن ومنها: أن يكون مستقصيا عن السالطني فال يدخل علخمالطتهم وإن جاءوا إليه فإن الدنيا حلوة خضرة وزمامها بأيدي السالطني واملخالط ال خيلو عن تكلف يف طيب مرضاهتم

هم وتقبيح فعلهم واستمالة قلوهبم مع أنم ظلمة وجيب على كل متدين اإلنكار عليهم وتضييق صدرهم بإظهار ظلمفالداخل عليهم إما أن يلتفت إىل جتملهم فيزدري نعمة اهلل عليه أو يسكت عن اإلنكار عليهم فيكون مداهنا هلم أو يتكلف يف كالمه كالما ملرضاهتم وحتسني حاهلم وذلك هو البهت الصريح أو أن يطمع يف أن ينال من دنياهم وذلك هو

رام ما جيوز أن يؤخذ من أموال السالطني وما ال جيوز من اإلدرار واجلوائز وغريها السحت وسيأيت يف كتاب احلالل واحل وعلى اجلملة فمخالطتهم مفتاح للشرور وعلماء اآلخرة طريقهم االحتياط.

ومن اتبع الصيد غفل ومن أتى السلطان -يعين من سكن البادية جفا-))من بدا جفا صلى اهلل عليه وسلم:وقال ))سيكون عليكم أمراء تعرفون منهم وتنكرون فمن أنكر فقد برىء ومن كره صلى اهلل عليه وسلم:. وقال [167]افتنت((

. [168]ال ما صلوا(( وسلم صلى اهلل عليهفقد سلم ولكن من رضي وتابع أبعده اهلل تعاىل قيل أفال نقاتلهم قال

وقال سفيان: يف جهنم واد ال يسكنه إال القراء الزائرون للملوك. وقال حذيفة: إياك ومواقف الفنت، قيل وما هي، قال: فيصدقه بالكذب، ويقول فيه ما ليس فيه. أبواب األمراء يدخل أحدكم على األمري

))العلماء أمناء الرسل على عباد اهلل تعاىل ما مل خيالطوا السالطني فإذا فعلوا ذلك صلى اهلل عليه وسلم:وقال رسول اهلل . [169]فقد خانوا الرسل فاحذروهم واعتزلوهم((

وقيل لألعمش: لقد أحييت العلم لكثرة من يأخذه عنك فقال ال تعجلوا ثلث ميوتون قبل اإلدراك وثلث يلزمون أبواب السالطني فهم شر اخللق والثلث الباقي ال يفلح منه إال القليل ولذلك قال سعيد ابن املسيب رمحه اهلل إذا رأيتم العامل يغشى

صلى ألوزاعي ما من شيء أبغض إىل اهلل تعاىل من عامل يزور عامال. وقال رسول اهلل األمراء فاحرتزوا منه فإنه لص وقال ا .[170])) شرار العلماء الذين يأتون األمراء وخيار األمراء الذين يأتون العلماء(( اهلل عليه وسلم:

وقال مكحول الدمشقي رمحه اهلل: من تعلم القرآن وتفقه يف الدين مث صحب السلطان ةملقا إليه وطمعا فيما لديه خاض يف حبر من نار جهنم بعدد خطاه وقال مسنون ما أمسج بالعامل أن يؤتى إىل جملسه فال يوجد فيسئل عنه فيقال هو عند األمري

عامل حيب الدنيا فاهتموه على دينكم حىت جربت ذلك إذ ما دخلت قط على هذا قال وكنت أمسع أنه يقال إذا رأيتم الالسلطان إال وحاسبت نفسي بعد اخلروج فأرى عليها الدرك وأنتم ترون ما ألقاه به من الغلظة والفظاظة وكثرة املخالفة هلواه

ربة ماء مث قال وعلماء زماننا شر من ولوددت أن أجنو من الدخول عليه كفافا مع أين ال آخذ منه شيئا وال أشرب له شعلماء بين إسرائيل خيربون السلطان بالرخص ومبا يوافق هواه ولو أخربوه بالذي عليه وفيه جناته الستثقلهم وكره دخوهلم عليه

وكان ذلك جناة هلم عند رهبم.

قال عبد اهلل بن عليه وسلم.صلى اهللوقال احلسن: كان فيمن كان قبلكم رجل له قدم يف اإلسالم وصحبة لرسول اهلل املبارك عىن به سعد بن أيب وقاص رضي اهلل عنه قال وكان ال يغشى السالطني وينفر عنهم فقال له بنوه يأيت هؤالء من ليس هو مثلك يف الصحبة والقدم يف اإلسالم فلو أتيتهم فقال يا بين آيت جيفة قد أحاط هبا قوم واهلل لئن استطعت ال أشاركهم

ها قالوا يا أبانا إذن نلك هزاال قال يا بين ألن أموت مؤمنا مهزوال أحب إىل من أن أموت منافقا مسينا قال احلسن فيخصمهم واهلل إذ علم أن الرتاب يأكل اللحم والسمن دون اإلميان ويف هذا إشارة إىل أن الداخل على السلطان ال يسلم من

ذر لسلمة يا سلمة ال تغش أبواب السالطني فإنك ال تصيب شيئا من دنياهم إال النفاق ألبتة وهو مضاد لإلميان وقال أبوأصابوا من دينك أفضل منه وهذه فتنة عظيمة للعلماء وذريعة صعبة للشيطان عليهم ال سيما من له هلجة مقبولة وكالم حلو

م ويقيم شعائر الشرع إىل أن خييل إليه إذ ال يزال الشيطان يلقى إليه أن يف وعظك هلم ودخولك عليهم ما يزجرهم عن الظل

أن الدخول عليهم من الدين مث إذا دخل مل يلبث أن يتلطف يف الكالم ويداهن وخيوض يف الثناء واإلطراء وفيه هالك الدين وكان يقال العلماء إذا علموا عملوا فإذا عملوا شغلوا فإذا شغلوا فقدوا فإذا فقدوا طلبوا فإذا طلبوا هربوا.

عمر بن عبد العزيز رمحه اهلل إىل احلسن: وكتب

أما بعد فأشر علي بأقوام أستعني هبم على أمر اهلل تعاىل، فكتب إليه:

أما أهل الدين فال يريدونك وأما أهل الدنيا فلن تريدهم ولكن عليك باألشراف فإنم يصونون شرفهم أن يدنسوه باخليانة.

كان أزهد أهل زمانه فإذا كان شرط أهل الدين اهلرب منه فكيف يستنسب طلب هذا يف عمر بن عبد العزيز رمحه اهلل و غريهم وخمالطته ومل يزل السلف العلماء مثل احلسن والثوري وابن املبارك والفضيل وإبراهيم بن أدهم ويوسف بن أسباط

لطتهم السالطني. يتكلمون يف علماء الدنيا من أهل مكة والشام وغريهم إما مليلهم إىل الدنيا وإما ملخا

ومنها: أن ال يكون مسارعا إىل الفتيا بل يكون متوقفا وحمرتزا ما وجد إىل اخلالص سبيال فإن سئل عما يعلمه حتقيقا بنص كتاب اهلل أو بنص حديث أو إمجاع أو قياس جلي أفىت وإن سئل عما يشك فيه قال ال أدري وإن سئل عما يظنه باجتهاد

فسه وأحال على غريه إن كان يف غريه غنية هذا هو احلزم ألن تقلد خطر االجتهاد عظيم ويف وختمني احتاط ودفع عن ن. قال الشعيب ال أدري نصف العلم ومن سكت حيث ال [171]اخلرب: ))العلم ثالثة كتاب ناطق وسنة قائمة وال أدري((

يدرى هلل تعاىل فليس بأقل أجرا ممن نطق ألن االعرتاف باجلهل أشد على النفس فهكذا كانت عادة الصحابة والسلف رضي اهلل عنهم.

ل ابن مسعود رضي كان ابن عمر إذا سئل عن الفتيا قال اذهب إىل هذا األمري الذي تقلد أمور الناس فضها يف عنقه وقااهلل عنه إن الذي يفيت الناس يف كل ما يستفتونه جملنون وقال جنة العامل ال أدري فإن أخطأها فقد أصيبت مقاتله وقال إبراهيم بن أدهم رمحه اهلل ليس شيء أشد على الشيطان من عامل يتكلم بعلم ويسكت بعلم يقول انظروا إىل هذا سكوته

ضهم األبدال فقال أكلهم فاقة ونومهم غلبة وكالمهم ضرورة أي ال يتكلمون حىت يسألوا أشد علي من كالمه ووصف بعوإذا سئلوا ووجدوا من يكفيهم سكتوا فإن اضطروا أجابوا وكانوا يعدون االبتداء قبل السؤال من الشهوة اخلفية للكالم ومر

اعرفوين وقال بعضهم إمنا العامل الذي إذا سئل عن علي وعبد اهلل رضي اهلل عنهما برجل يتكلم على الناس فقال هذا يقول املسئلة فكأمنا يقلع ضرسه وكان ابن عمر يقول تريدون أن جتعلونا جسرا تعربون علينا إىل جهنم وقال أبو حفص النيسابوري

مسئلة يبكي العامل هو الذي خياف عند السؤال أن يقال له يوم القيامة من أين أجبت وكان إبراهيم التيمي إذا سئل عن ويقول مل جتدوا غريي حىت احتجتم إيل وكان أبو العالية الرياحي وإبراهيم بن أدهم والثوري يتكلمون على االثنني والثالثة

))ما أدري أعزير نيب أم ال وما أدري أتبع ملعون أم ال وما أدري صلى اهلل عليه وسلم:والنفر اليسري فإذا كثروا انصرفوا. وقال . [172]نيب أم ال ((ذو القرنني

عن خري البقاع يف األرض وشرها قال: ال أدري، حىت نزل عليه جربيل عليه السالم صلى اهلل عليه وسلموملا سئل رسول اهلل . [173]عز وجل أنه خري البقاع املساجد وشرها األسواق فسأله فقال: ال أدري، إىل أن أعلمه اهلل

وكان ابن عمر رضي اهلل عنهما يسئل عن عشر مسائل فيجيب عن واحدة ويسكت عن تسع وكان ابن عباس رضي اهلل سكت عن واحدة وكان يف الفقهاء من يقول ال أدري أكثر مما يقول أدري منهم سفيان الثوري عنهما جييب عن تسع وي

ومالك بن أنس وأمحد بن حنبل والفضيل ابن عياض وبشر بن احلرث وقال عبد الرمحن بن أيب ليلى أدركت يف هذا املسجد ن حديث أو فتيا إال ود أن أخاه كفاه ما منهم أحد يسئل ع صلى اهلل عليه وسلممائة وعشرين من أصحاب رسول اهلل

ذلك ويف لفظ آخر كانت املسئلة تعرض على أحدهم فريدها إىل اآلخر ويردها اآلخر إىل اآلخر حىت تعود إىل األول.

وروي أن أصحاب الصفة أهدى إىل واحد منهم رأس مشوي وهو يف غاية الضر فأهداه إىل اآلخر وأهداه اآلخر إىل اآلخر نهم حىت رجع إىل األول فانظر اآلن كيف انعكس أمر العلماء فصار املهروب منه مطلوبا واملطلوب مهروبا عنه هكذا دار بي

ويشهد حلسن االحرتاز من تقلد الفتاوى ما روي مسندا عن بعضهم أنه قال اليفىت الناس إال ثالثة أمري أو مأمور أو إلمامة والوصية والوديعة والفتيا وقال بعضهم كان أسرعهم إىل متكلف وقال بعضهم كان الصحابة يتدافعون أربعة أشياء ا

الفتيا أقلهم علما وأشدهم دفعا هلا أورعهم وكان شغل الصحابة والتابعني رضي اهلل عنهم يف مخسة أشياء قراءة القرآن ))كل ى اهلل عليه وسلم:صلوعمارة املساجد وذكر اهلل تعاىل واألمر باملعروف والنهي عن املنكر وذلك ملا مسعوه من قوله

. [174]كالم ابن آدم عليه ال له إال ثالثة أمر مبعروف أو ني عن منكر أو ذكر اهلل تعاىل((

ورأى (883)النساء: ]روف أو إصالح بني الناس... اآليةال خري يف كثري من جنواهم إال من أمر بصدقة أو مع[وقال تعاىل: بعض العلماء بعض أصحاب الرأي من أهل الكوفة يف املنام فقال ما رأيت فيما كنت عليه من الفتيا والرأي فكره وجهه وأعرض عنه وقال ما وجدناه شيئا وما محدنا عافيته وقال ابن حصني إن أحدهم ليفيت يف مسئلة لو وردت على عمر بن

يزل السكوت دأب أهل العلم إال عند الضرورة. ويف احلديث: )) إذا رأيتم اخلطاب رضي اهلل عنه جلمع هلا أهل بدر فلم . [175]الرجل قد أويت صمتا وزهدا فاقرتبوا منه فإنه يلقن احلكمة((

هم أصحاب السالطني أو عامل خاصة وهو العامل بالتوحيد وأعمال القلوب وهم وقيل العامل إما عامل عامة وهو املفيت و أصحاب الزوايا املتفرقون املنفردون.

وكان يقال مثل أمحد بن حنبل مثل دجلة كل أحد يغرتف منها ومثل بشر بن احلرث مثل بئر عذبة مغطاة ال يقصدها إال كلم وفالن أكثر كالما وفالن أكثر عمال وقال أبو سليمان املعرفة إىل واحد بعد واحد وكانوا يقولون فالن عامل وفالن مت

السكوت أقرب منها إىل الكالم وقيل إذا كثر العلم قل الكالم وإذا كثر الكالم قل العلم. وكتب سلمان إىل أيب الدرداء يا أخي بلغين أنك قعدت طبيبا تداوي صلى اهلل عليه وسلم،بينهما رسول اهلل [176]رضي اهلل عنهما، وكان قد آخى

املرضى فانظر فإن كنت طبيبا فتكلم فإن كالمك شفاء وإن كنت متطببا فاهلل اهلل ال تقتل مسلما فكان أبو الدرداء يتوقف نه إذا سئل يقول سلوا موالنا احلسن وكان ابن عباس رضي اهلل عنهما إذا سئل بعد ذلك إذا سئل. وكان أنس رضي اهلل ع

يقول سلوا حارثة ابن زيد وكان ابن عمر رضي اهلل عنهما يقول سلوا سعيد بن املسيب وحكى أنه روى صحايب يف حضرة حديثا حديثا فتعجبوا من احلسن عشرين حديثا فسئل عن تفسريها فقال ما عندي إال ما رويت فأخذ احلسن يف تفسريها

حسن تفسريه وحفظه فأخذ الصحايب كفا من حصى ورماهم به وقال تسألوين عن العلم وهذا احلرب بني أظهركم.

ومنها: أن يكون أكثر اهتمامه بعلم الباطن ومراقبة القلب ومعرفة طريق اآلخرة وسلوكه وصدق الرجاء يف انكشاف ذلك من اهدة تفضي إىل املشاهدة ودقائق علوم القلب تنفجر هبا ينابيع احلكمة من القلب وأما الكتب اجملاهدة واملراقبة فإن اجمل

والتعليم فال تفي بذلك بل احلكمة اخلارجة عن احلصر والعد إمنا تتفتح باجملاهدة واملراقبة ومباشرة األعمال الظاهرة والباطنة الفكرة واالنقطاع إىل اهلل تعاىل عما سواه فذلك مفتاح اإلهلام واجللوس مع اهلل عز وجل يف اخللوة مع حضور القلب بصايف

ومنبع الكشف فكم من متعلم طال تعلمه ومل يقدر على جماوزة مسموعه بكلمة وكم من مقتصر على املهم يف التعلم ومتوفر صلى اهلل عليه قال على العمل ومراقبة القلب فتح اهلل له من لطائف احلكمة ما حتار فيه عقول ذوي األلباب. ولذلك

. [177])) من عمل مبا علم ورثه اهلل علم ما مل يعلم(( وسلم:

وم األرض من يصعد به ويف بعض الكتب السالفة يا بين إسرائيل ال تقولوا العلم يف السماء من ينزل به إىل األرض وال يف ختوال من وراء البحار من يعرب به العلم جمعول يف قلوبكم تأدبوا بني يدي بآداب الروحانيني وختلقوا يل بأخالق الصديقني

أظهر العلم يف قلوبكم حىت يغطيكم ويغمركم.

م مقفلة ومل تفتح إال قلوب وقال سهل بن عبد اهلل التسرتي رمحه اهلل: خرج العلماء والعباد والزهاد من الدنيا وقلوهب(. ولوال أن إدراك 11)األنعام: ]وعنده مفاتح الغيب ال يعلمها إال هو... اآلية[الصديقني والشهداء مث تال قوله تعاىل:

)) استفت قلبك وإن أفتوك وأفتوك صلى اهلل عليه وسلم:قلب من له قلب بالنور الباطن حاكم على علم الظاهر ملا قال فيما يرويه عن ربه تعاىل: )) ال يزال العبد يتقرب إيل بالنوافل حىت أحبه فإذا صلى اهلل عليه وسلم. وقال [178]وأفتوك((

. [179]أحببته كنت مسعه الذي يسمع به... احلديث((

فكم من معان دقيقة من أسرار القرآن ختطر على قلب املتجردين للذكر والفكر ختلو عنها كتب التفاسري وال يطلع عليها أن ذلك من تنبيهات القلوب أفاضل املفسرين وإذا انكشف ذلك للمريد املراقب وعرض على املفسرين استحسنوه وعلموا

الزكية وألطاف اهلل تعاىل باهلمم العالية املتوجهة إليه وكذلك يف علوم املكاشفة وأسرار علوم املعاملة ودقائق خواطر القلوب فإن كل علم من هذه العلوم حبر ال يدرك عمقه وإمنا خيوضه كل طالب بقدر ما رزق منه وحبسب ما وفق له من حسن

العمل.

وصف هؤالء العلماء قال علي رضي اهلل عنه يف حديث طويل القلوب أوعية وخريها أوعاها للخري والناس ثالثة عامل ويف رباين ومتعلم على سبيل النجاة ومهج رعاع أتباع لكل ناعق مييلون مع كل ريح مل يستضيئوا بنور العلم ومل يلجئوا إىل ركن

حترس املال والعلم يزكو على اإلنفاق واملال ينقصه اإلنفاق والعلم دين يدان به وثيق العلم خري من املال العلم حيرسك وأنتتكتسب به الطاعة يف حياته ومجيل األحدوثة بعد وفاته العلم حاكم واملال حمكوم عليه ومنفعة املال تزول بزواله مات خزان

وقال هاه إن ههنا علما مجا لو وجدت له محلة األموال وهم أحياء والعلماء أحياء باقون ما بقي الدهر مث تنفس الصعداءبل أجد طالبا غري مأمون يستعمل آلة الدين يف طلب الدنيا ويستطيل بنعم اهلل على أوليائه ويستظهر حبجته على خلقه أو

لس منقادا ألهل احلق لكن ينزرع الشك يف قلبه بأول عارض من شبهة ال بصرية له ال ذا وال ذاك أو منهوما باللذات سالقياد يف طلب الشهوات أو مغرى جبمع األموال واالدخار منقادا هلواه أقرب شبها هبم األنعام السائمة اللهم هكذا ميوت العلم إذا مات حاملوه مث ال ختلو األرض من قائم هلل حبجة إما ظاهر مكشوف وإما خائف مقهور لكيال تبطل حجج اهلل

لون عددا األعظمون قدرا أعيانم مفقودة وأمثاهلم يف القلوب موجودة حيفظ اهلل تعاىل تعاىل وبيناته وكم وأين أولئك هم األقهبم حججه حىت يودعوها من وراءهم ويزرعوها يف قلوب أشباههم هجم هبم العلم على حقيقة األمر فباشروا روح اليقني

لدنيا بأبدان أرواحها معلقة باحملل األعلى أولئك فاستالنوا ما استوعر منه املرتفون وأنسوا مبا استوحش منه الغافلون صحبوا اأولياء اهلل عز وجل من خلقه وأمناؤه وعماله يف أرضه والدعاة إىل دينه مث بكى وقال واشوقاه إىل رؤيتهم فهذا الذي ذكره

أخريا هو وصف علماء اآلخرة وهو العلم الذي يستفاد أكثره من العمل واملواظبة على اجملاهدة.

)) اليقني صلى اهلل عليه وسلم:ن يكون شديد العناية بتقوية اليقني فإن اليقني هو رأس مال الدين. قال رسول اهلل ومنها: أ)) صلى اهلل عليه وسلم:فتح للقلب طريقه ولذلك قال . فال بد من تعلم علم اليقني أعين أوائله مث ين[180]اإلميان كله((

. ومعناه جالسوا املوقنني واستمعوا منهم علم اليقني وواظبوا على االقتداء هبم ليقوى يقينكم كما قوي [181]تعلموا اليقني(( م وقليل من اليقني خري من كثري من العمل. يقينه

صلى اهلل ملا قيل له: رجل حسن اليقني كثري الذنوب ورجل جمتهد يف العبادة قليل اليقني، فقال صلى اهلل عليه وسلموقال . ولكن من كان غريزته العقل وسجيته اليقني مل تضره الذنوب ألنه [182])) ما من آدمي إال وله ذنوب(( عليه وسلم:

))من أقل صلى اهلل عليه وسلم:كلما أذنب تاب واستغفر وندم فتكفر ذنوبه ويبقى له فضل يدخل به اجلنة. ولذلك قال . [183]ته من قيام الليل وصيام النهار((ما أوتيتم اليقني وعزمية الصرب ومن أعطى حظه منهما مل يبال ما فا

ويف وصية لقمان البنه يا بين ال يستطاع العمل إال باليقني وال يعمل املرء إال بقدر يقينه وال يقصر عامل حىت ينقص يقينه ذ إن للتوحيد نورا وللشرك نارا وإن نور التوحيد أحرق لسيئات املوحدين من نار الشرك حلسنات املشركني وقال حيىي بن معا

وأراد به اليقني وقد أشار اهلل تعاىل يف القرآن إىل ذكر املوقنني يف مواضع دل هبا على أن اليقني هو الرابطة للخريات والسعادات.

ته وضعفه فال بد من فهمه أوال مث االشتغال بطلبه وتعلمه فإن ما ال تفهم صورته ال فإن قلت: فما معىن اليقني وما معىن قو ميكن طلبه؟

فاعلم: أن اليقني لفظ مشرتك يطلقه فريقان ملعنيني خمتلفني أما النظار واملتكلمون فيعربون به عن عدم الشك إذ ميل النفس إىل التصديق بالشيء له أربع مقامات:

التصديق والتكذيب ويعرب عنه بالشك كما إذا سئلت عن شخص معني أن اهلل تعاىل يعاقبه أم ال وهو : أن يعتدل األول جمهول احلال عندك فإن نفسك ال ةميل إىل احلكم فيه بإثبات وال نفي بل يستوي عندك إمكان األمرين فيسمى هذا شكا.

ولكنه إمكان ال مينع ترجيح األول كما إذا سئلت عن : أن ةميل نفسك إىل أحد األمرين مع الشعور بإمكان نقيضه الثاينرجل تعرفه بالصالح والتقوى أنه بعينه لو مات على هذه احلالة هل يعاقب فإن نفسك ةميل إىل أنه اليعاقب أكثر من ميلها

ا التجويز إىل العقاب وذلك لظهور عالمات الصالح ومع هذا فأنت جتوز اختفاء أمر موجب للعقاب يف باطنه وسريرته فهذ مساو لذلك امليل ولكنه غري دافع رجحانه فهذه احلالة تسمى ظنا.

: أن ةميل النفس إىل التصديق بشيء حبيث يغلب عليها وال خيطر بالبال غريه ولو خطر بالبال تأىب النفس عن قبوله الثالثولكن ليس ذلك مع معرفة حمققة إذ لو أحسن صاحب هذا املقام التأمل واإلصغاء إىل التشكيك والتجويز اتسعت نفسه

اد العوام يف الشرعيات كلها إذ رسخ يف نفوسهم مبجرد السماع حىت إن للتجويز وهذا يسمى اعتقادا مقاربا لليقني وهو اعتق كل فرقة تثق بصحة مذهبها وإصابة إمامها ومتبوعها ولو ذكر ألحدهم إمكان خطأ إمامه نفر عن قبوله.

لشك وإمكانه : املعرفة احلقيقية احلاصلة بطريق الربهان الذي ال يشك فيه وال يتصور الشك فيه فإذا امتنع وجود االرابعيسمى يقينا عند هؤالء ومثاله أنه إذا قيل للعاقل هل يف الوجود شيء هو قدمي فال ميكنه التصديق به بالبديهة ألن القدمي غري حمسوس ال كالشمس والقمر فإنه يصدق بوجودمها باحلس وليس العلم بوجوده شيء قدمي أزيل ضروريا مثل العلم بأن

ل العلم بأن حدوث حادث بال سبب حمال فإن هذا أيضا ضروري فحق غريزة العقل أن تتوقف االثنني أكثر من الواحد ومثعن التصديق بوجود القدمي على االرجتال والبديهة مث من الناس من يسمع ذلك ويصدق بالسماع تصديقا جزما ويستمر

و أن يقال له إن مل يكن يف الوجود عليه وذلك هو االعتقاد وهو حال مجيع العوام ومن الناس من يصدق به بالربهان وهقدمي فاملوجودات كلها حادثة فإن كانت كلها حادثة فهي حادثة بال سبب أو فيها حادث بال سبب وذلك حمال فاملؤدي إىل احملال حمال فيلزم يف العقل التصديق بوجود شيء قدمي بالضرورة ألن األقسام ثالثة وهي أن تكون املوجودات كلها قدمية

ها حادثة أو بعضها قدمية وبعضها حادثة فإن كانت كلها قدمية فقد حصل املطلوب إذ ثبت على اجلملة قدمي وإن أو كلكان الكل حادثا فهو حمال إذ يؤدي إىل حدوث بغري سبب فيثبت القسم الثالث أو األول وكل علم حصل على هذا الوجه

حصل حبس أو بغريزة العقل كالعلم باستحالة حادث بال سبب يسمى يقينا عند هؤالء سواء حصل بنظر مثل ما ذكرناه أو أو بتواتر كالعلم بوجود مكة أو بتجربة كالعلم بأن السقمونيا املطبوخ مسهل أو بدليل كما ذكرنا.

فشرط إطالق هذا االسم عندهم عدم الشك فكل علم ال شك فيه يسمى يقينا عند هؤالء وعلى هذا ال يوصف اليقني تفاوت يف نفي الشك. بالضعف إذ ال

اإلصطالح الثاين: اصطالح الفقهاء واملتصوفة وأكثر العلماء وهو أن ال يلتفت فيه إىل اعتبار التجويز والشك بل إىل استيالئه وغلبته على العقل حىت يقال فالن ضعيف اليقني باملوت مع أنه ال شك فيه ويقال فالن قوي اليقني يف إتيان الرزق

أنه ال يأتيه فمهما مالت النفس إىل التصديق بشيء وغلب ذلك على القلب واستوىل حىت صار هو مع أنه قد جيوز

املتحكم واملتصرف يف النفس بالتجويز واملنع مسى ذلك يقينا وال شك يف أن الناس يشرتكون يف القطع باملوت واالنفكاك كأنه غري موقن به ومنهم من استوىل ذلك على قلبه حىت عن الشك فيه ولكن فيهم من ال يلتفت إليه وال إىل االستعداد له و

استغرق مجيع مهه باالستعداد له ومل يغادر فيه متسعا لغريه فيعرب عن مثل هذه احلالة بقوة اليقني ولذلك قال بعضهم ما وحنن إمنا رأيت يقينا ال شك فيه أشبه بشك ال يقني فيه من املوت وعلى هذا اإلصطالح يوصف اليقني بالضعف والقوة

أردنا بقولنا إن من شأن علماء اآلخرة صرف العناية إىل تقوية اليقني باملعنيني مجيعا وهو نفي الشك مث تسليط اليقني على النفس حىت يكون هو الغالب املتحكم عليها املتصرف فيها.

فإذا فهمت هذا علمت أن املراد من قولنا إن اليقني ينقسم ثالثة أقسام بالقوة والضعف والكثرة والقلة واخلفاء واجلالء فأما بالقوة والضعف فعلى اإلصطالح الثاين وذلك يف الغلبة واالستيالء على القلب ودرجات معاين اليقني يف القوة والضعف ال

اد للموت حبسب تفاوت اليقني هبذه املعاين وأما التفاوت باخلفاء واجلالء يف اإلصطالح تتناهى وتفاوت اخللق يف االستعداألول فال ينكر أيضا أما فيما يتطرق إليه التجويز فال ينكر أعين اإلصطالح الثاين وفيما انتفى الشك أيضا عنه ال سبيل إىل

وبني تصديقك بوجود موسى ووجود يوشع عليهما إنكاره فإنك تدرك تفرقة بني تصديقك بوجود مكة ووجود فدك مثال السالم مع أنك ال تشك يف اآلمرين مجيعا فمستندمها مجيعا التواتر ولكن ترى أحدمها أجلى وأوضح يف قلبك من الثاين ألن

ما الح السبب يف أحدمها أقوى وهو كثرة املخربين وكذلك يدرك الناظر هذا يف النظريات املعروفة باألدلة فإنه ليس وضوح له بدليل واحد كوضوح ما الح له باألدلة الكثرية مع تساويهما يف نفي الشك وهذا قد ينكره املتكلم الذي يأخذ العلم من الكتب والسماع وال يراجع نفسه فيما يدركه من تفاوت األحوال واما القلة والكثرة فذلك بكثرة متعلقات اليقني كما يقال

علوماته أكثر ولذلك قد يكون العامل قوي اليقني يف مجيع ما ورد الشرع به وقد يكون قوي فالن أكثر علما من فالن أي م اليقني يف بعضه.

فإن قلت: قد فهمت اليقني وقوته وضعفه وكثرته وقلته وجالءه وخفاءه مبعىن نفي الشك أو مبعىن االستيالء على القلب فما ني فإين ما مل أعرف ما يطلب فيه اليقني مل أقدر على طلبه؟ معىن متعلقات اليقني وجماريه ويف ماذا يطلب اليق

فاعلم: أن مجيع ما ورد به األنبياء صلوات اهلل وسالمه عليهم من أوله إىل آخره هو من جماري اليقني فإن اليقني عبارة عن ىل بعضها وهي أمهاهتا: معرفة خمصوصة ومتعلقه املعلومات اليت وردت هبا الشرائع فال مطمع يف إحصائها ولكين أشري إ

: وهو أن يرى األشياء كلها من مسبب األسباب وال يلتفت إىل الوسائط بل يرى الوسائط مسخرة ال فمن ذلك التوحيدحكم هلا فاملصدق هبذا موقن فإن انتفى عن قلبه مع اإلميان إمكان الشك فهو موقن بأحد املعنيني فإن غلب على قلبه مع

ه الغضب على الوسائط والرضا عنهم والشكر هلم ونزل الوسائط يف قلبه منزلة القلم واليد يف حق اإلميان غلبة أزالت عناملنعم بالتوقيع فإنه ال يشكر القلم وال اليد وال يغضب عليهما بل يرامها آلتني مسخرتني وواسطتني فقد صار موقنا باملعىن

ه ومهما حتقق أن الشمس والنجوم واجلمادات والنبات واحليوان وكل الثاين وهو اإلشراف وهو مثرة اليقني األول وروحه وفائدتخملوق فهي مسخرات بأمره حسب تسخري القلم يف يد الكاتب وأن القدرة األزلية هي املصدر للكل استوىل على قلبه غلبة

ب اليقني. التوكل والرضا والتسليم وصار موقنا بريئا من الغضب واحلقد واحلسد وسوء اخللق فهذا أحدد أبوا

واليقني بأن ( 1)هود: ]وما من دابة يف األرض إال على اهلل رزقها[بضمان اهلل سبحانه بالرزق يف قوله تعاىل: ومن ذلك الثقةذلك يأتيه وأن ما قدر له سيساق إليه ومهما غلب ذلك على قلبه كان جممال يف الطلب ومل يشتد حرصه وشرهه وتأسفه

يقني أيضا مجلة من الطاعات واألخالق احلميدة. على ما فاته وأمثر هذا ال

وهو اليقني (1،7)الزلزة: ]ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ~من يعمل مثقال ذرة خريا يره [أن ومن ذلك أن يغلب على قلبهة السموم بالثواب والعقاب حىت يرى نسبة الطاعات إىل الثواب كنسبة اخلبز إىل الشبع ونسبة املعاصي إىل العقاب كنسب

واألفاعي إىل اهلالك فكما حيرص على التحصيل للخبز طلبا للشبع فيحفظ قليله وكثريه فكذلك حيرص على الطاعات كلها قليلها وكثريها وكما جيتنب قليل السموم وكثريها فكذلك جيتنب املعاصي قليلها وكثريها وصغريها وكبريها فاليقني باملعىن األول

أما باملعىن الثاين فيختص به املقربون ومثرة هذا اليقني صدق املراقبة يف احلركات والسكنات اخلطرات قد يوجد لعموم املؤمنني واملبالغة يف التقوى والتحرز عن كل السيئات وكلما كان اليقني أغلب كان االحرتاز أشد والتشمري أبلغ.

ضمريك وخفايا خواطرك وفكرك فهذا متيقن عند بأن اهلل تعاىل مطلع عليك يف كل حال ومشاهد هلواجس ومن ذلك اليقنيكل مؤمن باملعىن األول وهو عدم الشك وأما باملعىن الثاين وهو املقصود فهو عزيز خيتص به الصديقون ومثرته أن يكون

أعماله اإلنسان يف خلوته متأدبا يف مجيع أحواله كاجلالس مبشهد ملك معظم ينظر إليه فإنه ال يزال مطرقا متأدبا يف مجيع متماسكا حمرتزا عن كل حركة ختالف هيئة األدب ويكون يف فكرته الباطنة كهو يف أعماله الظاهرة إذ يتحقق أن اهلل تعاىل مطلع على سريرته كما يطلع اخللق على ظاهره فتكون مبالغته يف عمارة باطنه وتطهريه وتزيينه بعني اهلل تعاىل الكائنة أشد

ه لسائر الناس وهذا املقام يف اليقني يورث احلياء واخلوف واالنكسار والذل واالستكانة واخلضوع من مبالغته يف تزيني ظاهر ومجلة من األخالق احملمودة وهذه األخالق تورث أنواعا من الطاعات رفيعة فاليقني يف كل باب من هذه األبواب مثل

ألعمال والطاعات الصادرة من األخالق كالثمار الشجرة وهذه األخالق يف القلب مثل األغصان املتفرعة منها وهذه اوكاألنوار املتفرعة من األغصان فاليقني هو األصل واألساس وله جمار وأبواب أكثر مما عددناه وسيأيت ذلك يف ربع املنجيات

إن شاء اهلل تعاىل وهذا القدر كاف يف معىن اللفظ اآلن.

أثر اخلشية على هيئته وكسوته وسريته وحركته وسكونه ونطقه وسكوته ال منكسرا مطرقا صامتا يظهر ومنها: أن يكون حزيناينظر إليه ناظر إال وكان نظره مذكرا هلل تعاىل وكانت صورته دليال على عمله فاجلواد عينه مرآته وعلماء اآلخرة يعرفون

يف سكينة فهي لبسة األنبياء بسيماهم يف السكينة والذلة والتواضع وقد قيل ما ألبس اهلل عبدا لبسة أحسن من خشوع وسيما الصاحلني والصديقني والعلماء.

وأما التهافت يف الكالم والتشدق واالستغراق يف الضحك واحلدة يف احلركة والنطق فكل ذلك من آثار البطر واألمن والغفلة ماء به وهذا ألن العلماء ثالثة عن عظيم عقاب اهلل تعاىل وشديد سخطه وهو دأب أبناء الدنيا الغافلني عن اهلل دون العل

كما قال سهل التسرتي رمحه اهلل: عامل بأمر اهلل تعاىل ال بأيام اهلل وهم املفتون يف احلالل واحلرام وهذا العلم ال يورث اخلشية م اهلل تعاىل وهم وعامل باهلل تعاىل ال بأمر اهلل وال بأيام اهلل وهم عموم املؤمنني وعامل باهلل تعاىل وبأمر اهلل تعاىل وبأيا

الصديقون واخلشية واخلشوع إمنا تغلب عليهم وأراد بأيام اهلل أنواع عقوباته الغامضة ونعمه الباطنة اليت أفاضها على القرون السالفة والالحقة فمن أحاط علمه بذلك عظم خوفه وظهر خشوعه.

ر واحللم وتواضعوا ملن تتعلمون منه وليتواضع لكم من وقال عمر رضي اهلل عنه: تعلموا العلم وتعلموا للعلم السكينة والوقايتعلم منكم وال تكونوا من جبابرة العلماء فال يقوم علمكم جبهلكم ويقال: ما آتى اهلل عبدا علما إال آتاه معه حلما

فهو إمام وتواضعا وحسن خلق ورفقا فذلك هو العلم النافع ويف األثر: )من آتاه اهلل علما وزهدا وتواضعا وحسن خلق املتقني(. ويف اخلرب: )) إن من خيار أميت قوما يضحكون جهرا من سعة رمحة اهلل ويبكون سرا من خوف عذابه أبدانم يف

. [184]األرض وقلوهبم يف السماء أرواحهم يف الدنيا وعقوهلم يف اآلخرة يتمشون بالسكينة ويتقربون بالوسيلة((

وقال احلسن: احللم وزير العلم والرفق أبوه والتواضع سرباله. وقال بشر بن احلارث: من طلب الرياسة بالعلم فتقرب إىل اهلل تعاىل ببغضه فإنه ممقوت يف السماء واألرض. ويروى يف اإلسرائيليات: أن حكيما صنف ثلثمائة وستني مصنفا يف احلكمة

ىل نبيهم قل لفالن قد مألت األرض نفاقا ومل تردين من ذلك بشيء وإين ال أقبل حىت وصف باحلكيم فأوحى اهلل تعاىل إمن نفاقك شيئا فندم الرجل وترك ذلك وخالط العامة يف األسواق وواكل بين إسرائيل وتواضع يف نفسه فأوحى اهلل تعاىل إىل

نبيهم قل له اآلن وفقت لرضاي.

نه كان يقول: ينظر أحدكم إىل الشرطي فيستعيذ باهلل منه وينظر إىل علماء وحكى األوزاعي رمحه اهلل عن بالل بن سعد: أالدنيا املتصنعني للخلق املتشوفني إىل الرياسة فال ميقتهم وهم أحق باملقت من ذلك الشرطي. وروي أنه قيل: يا رسول اهلل

صلى (( قيل: فأي األصحاب خري قال أي األعمال أفضل، قال: )) اجتناب احملارم وال يزال فوك رطبا من ذكر اهلل تعاىل صلى اهلل عليه وسلم:))صاحب إن ذكرت اهلل أعانك وإن نسيته ذكرك(( قيل: فأي األصحاب شر، قال اهلل عليه وسلم:

))صاحب إن نسيت مل يذكرك وإن ذكرت مل يعنك(( قيل: فأي الناس أعلم، قال: )) أشدهم هلل خشية(( قيل: فأخربنا ))الذين إذا رؤوا ذكر اهلل قيل فأي الناس شر قال اللهم غفرا(( قالوا: أخربنا يا صلى اهلل عليه وسلم:قال خبيارنا جنالسهم،

رسول اهلل، قال: )) العلماء إذا فسدوا ((. حديث: )) قيل يا رسول اهلل أي األعمال أفضل قال اجتناب احملارم وال يزال )) إن أكثر الناس أمانا يوم القيامة أكثرهم فكرا يف صلى اهلل عليه وسلم:. وقال [185]فوك رطبا من ذكر اهلل... احلديث((

. [186]نيا((الدنيا وأكثر الناس ضحكا يف اآلخرة أكثرهم بكاء يف الدنيا وأشد الناس فرحا يف اآلخرة أطوهلم حزنا يف الد

وقال علي رضي اهلل عنه يف خطبة له: ذميت رهينة وأنا به زعيم إنه ال يهيج على التقوى زرع قوم وال يظمأ على اهلدى سنخ خللق إىل اهلل تعاىل رجل قمش علما أغار به يف أغباش الفتنة مساه أصل وإن أجهل الناس من ال يعرف قدره وإن أبغض ا

أشباه له من الناس وأرذاهلم عاملا ومل يعش يف العلم يوما ساملا تكثر واستكثر فما قل منه وكفى خري مما كثر وأهلى حىت إذا ن نزلت به إحدى املهمات هيأ ارتوى من ماء آجن وأكثر من غري طائل جلس للناس معلما لتخليص ما التبس على غريه فإ

هلا من رأيه حشو الرأي فهو ومن قطع الشبهات يف مثل نسج العنكبوت ال يدري أخطأ أم أصاب ركاب جهاالت خباط عشوات ال يعتذر مما ال يعلم فيسلم وال يعض على العلم بضرس قاطع فيغنم تبكي منه الدماء وتستحل بقضائه الفروج

ار ما ورد عليه وال هو أهل ملا فوض إليه أولئك الذين حلت عليهم املثالت وحقت عليهم النياحة احلرام ال ملىء واهلل بإصد والبكاء أيام حياة الدنيا وقال علي رضي اهلل عنه إذا مسعتم العلم فاكظموا عليه وال ختلطوه هبزل فتمجه القلوب.

ع املعلم ثالثا ةمت النعمة هبا على املتعلم الصرب وقال بعض السلف العامل إذا ضحك ضحكة مج من العلم جمة وقيل إذا مج والتواضع وحسن اخللق وإذا مجع املتعلم ثالثا ةمت النعمة هبا على املعلم العقل واألدب وحسن الفهم.

وعلى اجلملة فاألخالق اليت ورد هبا القرآن ال ينفك عنها علماء اآلخرة ألنم يتعلمون القرآن للعمل ال للرياسة.

ابن عمر رضي اهلل عنهما: )) لقد عشنا برهة من الدهر وإن أحدنا يؤتى اإلميان قبل القرآن وتنزل السورة فيتعلم وقال حالهلا وحرامها وأوامرها وزواجرها وما ينبغي أن يقف عنده منها ولقد رأيت رجاال يؤتى أحدهم القرآن قبل اإلميان فيقرأ ما

. ويف خرب آخر مبثل [187]آمره وما زاجره وما ينبغي أن يقف عنده ينثره الدقل(( بني فاحتة الكتاب إىل خاةمته اليدرى ماون القرآن قبل اإلميان أوتينا اإلميان قبل القرآن وستأيت بعدكم قوم يؤت صلى اهلل عليه وسلممعناه: )) كنا أصحاب رسول اهلل

. ويف لفظ [188]يقيمون حروفه ويضيعون حدوده وحقوقه يقولون قرأنا فمن أقرأ منا وعلمنا فمن أعلم منا فذلك حظهم(( آخر: )) أولئك شرار هذه األمة((.

من األخالق هي من عالمات علماء اآلخرة مفهومة من مخس آيات من كتاب اهلل عز وجل اخلشية واخلشوع وقيل: مخس ]إمنا خيشى اهلل من عباده العلماء[والتواضع وحسن اخللق وإيثار اآلخرة على الدنيا وهو الزهد فأما اخلشية فمن قوله تعاىل:

وأما التواضع فمن قوله (811)آل عمران: ]هلل ال يشرتون بآيات اهلل مثنا قليالخاشعني [وأما اخلشوع فمن قوله تعاىل: (11)فاطر: )آل عمران: ]فبما رمحة من اهلل لنت هلم[وأما حسن اخللق فمن قوله تعاىل: (11)احلج: ]واخفض جناحك للمؤمنني[تعاىل:

وملا تال (10)القصص: ] خري ملن آمن وعمل صاحلاوقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب اهلل[وأما الزهد فمن قوله تعاىل: (811فقيل له ما هذا (811)األنعام: ]فمن يرد اهلل أن يهديه يشرح صدره لإلسالم[قوله تعاىل: صلى اهلل عليه وسلمرسول اهلل

يه وسلمصلى اهلل علالشرح فقال إن النور إذا قذف يف القلب انشرح له الصدر وانفسح قيل فهل لذلك من عالمة قال . [189]نعم: ))التجايف عن دار الغرور واإلنابة إىل دار اخللود واالستعداد للموت قبل نزوله((

ومنها: أن يكون أكثر حبثه عن علم األعمال وعما يفسدها ويشوش القلوب ويهيج الوسواس ويثري الشر فإن أصل الدين التوقي من الشر ولذلك قيل:

للشر لكن لتوقيه عرفت الشر ال

من الناس يقع فيه ومن ال يعرف الشره

وألن األعمال الفعلية قريبة وأقصاها بل أعالها املواظبة على ذكر اهلل تعاىل بالقلب واللسان وإمنا الشأن يف معرفة ما يفسدها ويشوشها وهذا مما تكثر شعبه ويطول تفريعه وكل ذلك مما يغلب مسيس احلاجة إليه وتعم به البلوى يف سلوك طريق اآلخرة.

بعون غرائب التفريعات يف احلكومات واألقضية ويتعبون يف وضع صور تنقضي الدهور وال تقع أبدا واما علماء الدنيا فإنم يتوإن وقعت فإمنا تقع لغريهم ال هلم وإذا وقعت كان يف القائمني هبا كثرة ويرتكون ما يالزمهم ويتكرر عليهم آناء الليل

عادة من باع مهم نفسه الالزم ميهم غريه النادر إيثارا وأطراف النهار يف خواطرهم ووساوسهم وأعماهلم وما أبعد عن السللتقرب والقبول من اخللق على التقرب من اهلل سبحانه وشرها يف أن يسميه البطالون من أبناء الدنيا فاضال حمققا عاملا

يرد القيامة مفلسا متحسرا بالدقائق وجزاؤه من اهلل أن ال ينتفع يف الدنيا بقبول اخللق بل يتكدر عليه صفوه بنوائب الزمان مث على ما يشاهده من ربح العاملني وفوز املقربني وذلك هو اخلسران املبني.

ولقد كان احلسن البصري رمحه اهلل أشبه الناس كالما بكالم األنبياء عليهم الصالة والسالم وأقرهبم هديا من الصحابة رضي كالمه يف خواطر القلوب وفساد األعمال ووساس النفوس والصفات اهلل عنهم اتفقت الكلمة يف حقه على ذلك وكان أكثر

اخلفية الغامضة من شهوات النفس وقد قيل له يا أبا سعيد إنك تتكلم بكالم ال يسمع من غريك فمن أين أخذته؟ قال من )) خصين به حذيفة بن اليمان: وقيل حلذيفة نراك تتكلم بكالم ال يسمع من غريك من الصحابة فمن أين أخذته؟ قال:

كان الناس يسألونه عن اخلري وكنت أسأله عن الشر خمافة أن أقع فيه وعلمت أن اخلري ال صلى اهلل عليه وسلمرسول اهلل عرف الشر ال يعرف اخلري(( ويف لفظ آخر )) كانوا يقولون يا . وقال مرة: ))فعلمت أن من ال ي[190]يسبقين علمه((

رسول اهلل ما ملن عمل كذا وكذا يسألونه عن فضائل األعمال وكنت أقول يا رسول اهلل ما يفسد كذا وكذا فلما رآين أسأله عن آفات األعمال خصين هبذا العلم.((

رد مبعرفة علم النفاق وأسبابه ودقائق الفنت فكان عمر وعثمان وكان حذيفة رضي اهلل عنه أيضا قد خص بعلم املنافقني وأفوأكابر الصحابة رضي اهلل عنهم يسألونه عن الفنت العامة واخلاصة وكان يسأل عن املنافقني فيخرب بعدد من بقي منهم وال

ك وكان عمر رضي اهلل خيرب بأمسائهم وكان عمر رضي اهلل عنه يسأل عن نفسه هل يعلم فيه شيئا من النفاق فربأه من ذل عنه إذا دعي إىل جنازة ليصلي عليها نظر فإن حضر حذيفة صلى عليها وإال ترك وكان يسمى صاحب السر.

فالعناية مبقامات القلب وأحواله دأب علماء اآلخرة ألن القلب هو الساعي إىل قرب اهلل تعاىل وقد صار هذا الفن غريبا ستغرب واستبعد وقيل هذا تزويق املذكرين فأين التحقيق ويرون أن التحقيق يف دقائق مندرسا وإذا تعرض العامل لشيء منه ا

اجملادالت ولقد صدق من قال:

والسالكون طريق احلق أفراد الطرق شىت وطرق احلق مفردة

فهم على مهل ميشون قصاد ال يعرفون وال تدرى مقاصدهم

فجلهم عن سبيل احلق رقاد لة عما يراد هبم والناس يف غف

وعلى اجلملة فال مييل أكثر اخللق إال إىل األسهل واألوفق لطباعهم فإن احلق مر والوقوف عليه صعب وإدراكه شديد وطريقه الدوام وصاحبه ينزل منزلة مستوعر وال سيما معرفة صفات القلب وتطهريه عن األخالق املذمومة فإن ذلك نزع للروح على

الشارب للدواء يصرب على مرارته رجاء الشفاء وينزل منزلة من جعل مدة العمر صومه فهو يقاسي الشدائد ليكون فطره عند املوت ومىت تكثر الرغبة يف هذا الطريق ولذلك قيل إنه كان يف البصرة مائة وعشرين متكلما يف الوعظ والتذكري ومل يكن من

علم اليقني وأحوال القلوب وصفات الباطن إال ثالثة منهم سهل التسرتي والصبيحي وعبد الرحيم وكان جيلس إىل يتكلم يف أولئك اخللق الكثري الذي ال حيصى وإىل هؤالء عدد يسري قلما جياوز العشرة ألن النفيس العزيز ال يصلح إال ألهل

اخلصوص وما يبذل للعموم فأمره قريب.

اعتماده يف علومه على بصريته وإدراكه بصفاء قلبه ال على الصحف والكتب وال على تقليد ما يسمعه من ومنها: أن يكون غريه وإمنا املقلد صاحب الشرع صلوات اهلل عليه وسالمه فيما أمر به وقاله وإمنا يقلد الصحابة رضي اهلل عنهم من حيث إن

يف تلقي أقواله صلى اهلل عليه وسلممث إذا قلد صاحب الشرع لمصلى اهلل عليه وسفعلهم يدل على مساعهم من رسول اهلل صلى اهلل عليه وأفعاله بالقبول فينبغي أن يكون حريصا على فهم أسراره فإن املقلد إمنا يفعل الفعل ألن صاحب الشرع

ل فإنه إن اكتفى حبفظ فعله وفعله ال بد وأن يكون لسر فيه فينبغي أن يكون شديد البحث عن أسرار األعمال واألقوا وسلمما يقال كان وعاء للعلم وال يكون عاملا ولذلك كان يقال فالن من أوعية العلم فال يسمى عاملا إذا كان شأنه احلفظ من غري اطالع على احلكم واألسرار ومن كشف عن قلبه الغطاء واستنار بنور اهلداية صار يف نفسه متبوعا مقلدا فال ينبغي أن

يقلد غريه.

صلى اهلل عليه ذلك قال ابن عباس رضي اهلل عنهما: ))ما من أحد إال يؤخذ من علمه ويرتك إال رسول اهلل ول. وقد كان تعلم من زيد بن ثابت الفقه وقرأ على أيب بن كعب مث خالفهما يف الفقه والقراءة مجيعا وقال [191]((وسلم

قبلناه على الرأس والعني وما جاءنا عن الصحابة رضي اهلل عنهم صلى اهلل عليه وسلمبعض السلف ما جاءنا عن رسول اهلل ن رجال. فنأخذ منه ونرتك وما جاءنا عن التابعني فهم رجال وحن

واعتالق قلوهبم أمورا أدركت بالقرائن فسددهم صلى اهلل عليه وسلموإمنا فضل الصحابة ملشاهدهتم قرائن أحوال رسول اهلل ذلك إىل الصواب من حيث ال يدخل يف الرواية والعبارة إذ فاض عليهم من نور النبوة ما حيرسهم يف األكثر عن اخلطأ وإذا

من الغري تقليدا غري مرضي فاالعتماد على الكتب والتصانيف أبعد بل الكتب والتصانيف كان االعتماد على املسموعحمدثة مل يكن شيء منها يف زمن الصحابة وصدر التابعني وإمنا حدثت بعد سنة مائة وعشرين من اهلجرة وبعد وفاة مجيع

وخيار التابعني بل كان األولون يكرهون كتب الصحابة ومجلة التابعني رضي اهلل عنهم وبعد وفاة سعيد بن املسيب واحلسن األحاديث وتصنيف الكتب لئال يشتغل الناس هبا عن احلفظ وعن القرآن وعن التدبر والتذكر وقالوا احفظوا كما كنا حنفظ ولذلك كره أبو بكر ومجاعة من الصحابة رضي اهلل عنهم تصحيف القرآن يف مصحف وقالوا كيف نفعل شيئا ما فعله

وخافوا اتكال الناس على املصاحف وقالوا نرتك القرآن يتلقاه بعضهم من بعض بالتلقني صلى اهلل عليه وسلمهلل رسول اواإلقراء ليكون هذا شغلهم ومههم حىت أشار عمر رضي اهلل عنه وبقية الصحابة بكتب القرآن خوفا من ختاذل الناس

ه يف كلمة أو قراءة من املتشاهبات فانشرح صدر أيب بكر رضي وتكاسلهم وحذرا من أن يقع نزاع فال يوجد أصل يرجع إلي اهلل عنه لذلك فجمع القرآن يف مصحف واحد.

وكان أمحد بن حنبل ينكر على مالك يف تصنيفه املوطأ ويقول ابتدع ما مل تفعله الصحابة رضي اهلل عنهم.

تفاسري عن جماهد وعطاء وأصحاب ابن عباس وقيل: أول كتاب صنف يف اإلسالم كتاب ابن جريج يف اآلثار وحروف الرضي اهلل عنهم مبكة مث كتاب معمر بن راشد الصنعاين باليمن مجع فيه سننا مأثورة نبوية مث كتاب ))املوطأ(( باملدينة ملالك

بن أنس مث ))جامع(( سفيان الثوري.

إبطال املقاالت مث مال الناس إليه وإىل مث يف القرن الرابع حدثت مصنفات الكالم وكثر اخلوض يف اجلدال والغوص يفالقصص والوعظ هبا فأخذ علم اليقني يف االندراس من ذلك الزمان فصار بعد ذلك يستغرب علم القلوب والتفتيش عن صفات النفس ومكايد الشيطان وأعرض عن ذلك إال األقلون فصار يسمى اجملادل املتكلم عاملا والقاص املزخرف كالمه

ملسجعة عاملا وهذا ألن العوام هم املستمعون إليهم فكان ال يتميز هلم حقيقة العلم من غريه ومل تكن سرية بالعبارات االصحابة رضي اهلل عنهم وعلومهم ظاهرة عندهم حىت كانوا يعرفون هبا مباينة هؤالء هلم فاستمر عليهم اسم العلماء وتوارث

عنهم الفرق بني العلم والكالم إال عن اخلواص منهم كانوا إذا قيل اللقب خلف عن سلف وأصبح علم اآلخرة مطويا وغاب هلم فالن أعلم أم فالن يقولون فالن أكثر علما وفالن أكثر كالما فكان اخلواص يدركون الفرق بني العلم وبني القدرة على

هر اإلنكار يستهدف الكالم هكذا ضعف الدين يف قرون سالفة فكيف الظن بزمانك هذا وقد انتهى األمر إىل أن مظ لنسبته إىل اجلنون فاألوىل أن يشتغل اإلنسان بنفسه ويسكت.

ومنها: أن يكون شديد التوقي من حمدثات األمور وإن اتفق عليها اجلمهور فال يغرنه إطباق اخللق على ما أحدث بعد هلم وما كان فيه أكثر مههم أكان الصحابة رضي اهلل عنهم وليكن حريصا على التفتيش عن أحوال الصحابة وسريهتم وأعما

يف التدريس والتصنيف واملناظرة والقضاء والوالية وتويل األوقاف والوصايا وأكل مال األيتام وخمالطة السالطني وجماملتهم يف دراك العشرة أم كان يف اخلوف واحلزن والتفكر اجملاهدة ومراقبة الظاهر والباطن واجتناب دقيق اإلمث وجليله واحلرص على إ

خفايا شهوات النفوس ومكايد الشيطان إىل غري ذلك من علوم الباطن واعلم حتقيقا أن أعلم أهل الزمان وأقرهبم إىل احلق أشبههم بالصحابة وأعرفهم بطريق السلف فمنهم أخذ الدين ولذلك قال علي رضي اهلل عنه خرينا أتبعنا هلذا الدين ملا قيل

فإن الناس صلى اهلل عليه وسلمرتث مبخالفة أهل العصر يف موافقة أهل عصر رسول اهلل له خالفت فالنا فال ينبغي أن يكرأوا رأيا فيما هم فيه مليل طباعهم إليه ومل تسمح نفوسهم باالعرتاف بأن ذلك سبب احلرمان من اجلنة فادعوا أنه ال سبيل

إىل اجلنة سواه.

رأي سىيء زعم أن اجلنة ملن رأى مثل رأيه ومرتف يعبد الدنيا هلا ولذلك قال احلسن حمدثان أحدثا يف اإلسالم رجل ذو يغضب وهلا يرضى وإياها يطلب فارفضومها إىل النار وإن رجال أصبح يف هذه الدنيا بني مرتف يدعوه إىل دنياه وصاحب

آثارهم متعرض ألجر هوى يدعوه إىل هواه وقد عصمه اهلل تعاىل منهما حين إىل السلف الصاحل يسأل عن أفعاهلم ويقتفي عظيم فكذلك كونوا.

وقد روي عن ابن مسعود موقوفا ومسندا أنه قال: )) إمنا مها اثنتان الكالم واهلدى فأحسن الكالم كالم اهلل تعاىل وأحسن بدعة أال وإياكم وحمدثات األمور فإن شر األمور حمدثاهتا وأن كل حمدثة صلى اهلل عليه وسلماهلدى هدى رسول اهلل تعاىل

وإن كل بدعة ضاللة أال ال يطولن عليكم األمد فتقسوا قلوبكم أال كل ما هو آت قريب أال إن البعيد ما ليس عيبه عن عيوب الناس وأنفق من مال اكتسبه ))طوىب ملن شغله صلى اهلل عليه وسلم:. ويف خطبة رسول اهلل [192]بآت((

من غري معصية وخالط أهل الفقه واحلكم وجانب أهل الزلل واملعصية طوىب ملن ذل يف نفسه وحسنت خليقته وصلحت سريرته وعزل عن الناس شره طوىب ملن عمل بعلمه وأنفق الفضل من ماله وأمسك الفضل من قوله ووسعته السنة ومل يعدها

. [193](إىل بدعة(

وكان ابن مسعود رضي اهلل عنه يقول: حسن اهلدى يف آخر الزمان خري من كثري من العمل وقال أنتم يف زمان خريكم فيه تثبت املتوقف لكثرة الشبهات وقد صدق فمن مل يتوقف يف هذا املسارع يف األمور وسيأيت بعدكم زمان يكون خريهم فيه امل

الزمان ووافق اجلماهري فيما هم عليه وخاض فيما خاضوا فيه هلك كما هلكوا وقال حذيفة رضي اهلل عنه أعجب من هذا تم احلق وكان أن معروفكم اليوم منكر زمان قد مضى وأن منكركم اليوم معروف زمان قد أتى وإنكم ال تزالون خبري ما عرف

العامل فيكم غري مستخف به ولقد صدق فإن أكثر معروفات هذه األعصار منكرات يف عصر الصحابة رضي اهلل عنهم إذ من غرر املعروفات يف زماننا تزيني املساجد وتنجيدها وإنفاق األموال العظيمة يف دقائق عماراهتا وفرش البسط الرفيعة فيها.

يف املسجد بدعة وقيل إنه من حمدثات احلجاج فقد كان األولون قلما جيعلون بينهم وبني الرتاب ولقد كان يعد فرش البواري حاجزا.

وكذلك االشتغال بدقائق اجلدل واملناظرة من أجل علوم أهل الزمان ويزعمون أنه من أعظم القربات وقد كان من املنكرات.

ومن ذلك التلحني يف القرآن واآلذان.

سف يف النظافة والوسوسة يف الطهارة وتقدير األسباب البعيدة يف جناسة الثياب مع التساهل يف حل األطعمة ومن ذلك التع وحترميها إىل نظائر ذلك.

ولقد صدق ابن مسعود رضي اهلل عنه حيث قال: أنتم اليوم يف زمان اهلوى فيه تابع للعلم وسيأيت عليكم زمان يكون العلم فيه تابعا للهوى وقد كان أمحد بن حنبل يقول تركوا العلم وأقبلوا على الغرائب ما أقل العلم فيهم واهلل املستعان وقال مالك

فيما مضى يسألون عن هذه األمور كما يسأل الناس اليوم ومل يكن العلماء يقولون حرام وال بن أنس رمحه اهلل مل تكن الناسحالل ولكن أدركتهم يقولون مستحب ومكروه ومعناه أنم كانوا ينظرون يف دقائق الكراهة واالستحباب فأما احلرام فكان

نفسهم فإنم قد أعدوا له جوابا ولكن سلوهم عن فحشه ظاهرا وكان هشام بن عروة يقول ال تسألوهم اليوم عما أحدثوه بأ السنة فإنم ال يعرفونا.

وكان أبو سليمان الداراين رمحه اهلل يقول ال ينبغي ملن أهلم شيئا من اخلري أن يعمل به حىت يسمع به يف األثر فيحمد اهلل تعاىل إذا وافق ما يف نفسه وإمنا قال هذا ألن ما قد أبدع من اآلراء قد قرع األمساع وعلق بالقلوب ورمبا يشوش صفاء القلب

حتاط فيه باالستظهار بشهادة اآلثار وهلذا ملا أحدث مروان املنرب يف صالة العيد عند املصلى فيتخيل بسببه الباطل حقا فيقام إليه أبو سعيد اخلدري رضي اهلل عنه فقال يا مروان ما هذه البدعة فقال إنا ليست ببدعة إنا خري مما تعلم إن الناس قد

أتون خبري مما أعلم أبدا وواهلل ال صليت وراءك اليوم وإمنا أنكر ذلك كثروا فأردت أن يبلغهم الصوت فقال أبو سعيد واهلل ال تلى ال ع [194]: )) كان يتوكأ يف خطبة العيد واالستسقاء على قوس أو عصا(( صلى اهلل عليه وسلمعليه ألن رسول اهلل

ويف خرب آخر: )) من غش أميت فعليه . [195]املنرب. ويف احلديث املشهور: ))من أحدث يف ديننا ما ليس منه فهو رد((. [196]أمتك، قال: أن يبتدع بدعة حيمل الناس عليها((لعنة اهلل واملالئكة والناس أمجعني، قيل: يا رسول اهلل وما غش

صلى اهلل عليه )) إن هلل عز وجل ملكا ينادى كل يوم من خالف سنة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم:وقال رسول اهلل . [197]فاعته ((مل تنله ش وسلم

ومثال اجلاين على الدين بإبداع ما خيالف السنة بالنسبة إىل من يذنب ذنبا مثال من عصى امللك يف قلب دولته بالنسبة إىل ه فأما يف قلب الدولة فال وقال بعض العلماء ما تكلم فيه السلف من خالف أمره يف خدمة معينة وذلك قد يغفر ل

فالسكوت عنه جفاء وما سكت عنه السلف فالكالم فيه تكلف وقال غريه احلق ثقيل من جاوزه ظلم ومن قصر عنه عجز إليه : )) عليكم بالنمط األوسط الذي يرجع إليه العايل ويرتفع صلى اهلل عليه وسلمومن وقف معه اكتفى وقال

. [198]التايل((

]وذر الذين اختذوا دينهم لعبا وهلوا[وقال ابن عباس رضي اهلل عنهما: الضاللة هلا حالوة يف قلوب أهلها. قال اهلل تعاىل: فكل ما أحدث بعد الصحابة رضي اهلل عنهم مما (1)فاطر: ]زين له سوء عمله فرآه حسناأفمن [وقال تعاىل: (70)األنعام:

جاوز قدر الضرورة واحلاجة فهو من اللعب واللهو.

وحكى عن إبليس لعنه اهلل أنه بث جنوده يف وقت الصحابة رضي اهلل عنهم فرجعوا إليه حمسورين فقال ما شأنكم قالوا ما يب منهم شيئا وقد أتعبونا فقال إنكم ال تقدرون عليهم قد صحبوا نبيهم وشهدوا تنزيل رهبم ولكن رأينا مثل هؤالء ما نص

سيأتى بعدهم قوم تنالون منهم حاجتكم فلما جاء التابعون بث جنوده فرجعوا إليه منكسني فقالوا ما رأينا أعجب من أخذوا يف االستغفار فيبدل اهلل سيئاهتم حسنات هؤالء نصبب منهم الشيء بعد الشيء من الذنوب فإذا كان آخر النهار

فقال إنكم لن تنالوا من هؤالء شيئا لصحة توحيدهم واتباعهم لسنة نبيهم ولكن سيأيت بعد هؤالء قوم تقر أعينكم هبم نات قال تلعبون هبم لعبا وتقودونم بأزمة أهوائهم كيف شئتم إن استغفروا مل يغفر هلم وال يتوبون فيبدل اهلل سيئاهتم حس

فجاء قوم بعد القرن األول فبث فيهم األهواء وزين هلم البدع فاستحلوها واختذوها دينا ال يستغفرون اهلل منها وال يتوبون عنها فسلط عليهم األعداء وقادوهم أين شاءوا

فإن قلت: من أين عرف قائل هذا ما قاله إبليس ومل يشاهد إبليس وال حدثه بذلك؟

لقلوب يكاشفون بأسرار امللكوت تارة على سبيل اإلهلام بأن خيطر هلم على سبيل الورود عليهم من حيث فاعلم أن أرباب اال يعلمون وتارة على سبيل الرؤيا الصادقة وتارة يف اليقظة على سبيل كشف املعاين مبشاهدة األمثلة كما يكون يف املنام

ن الرؤيا الصادقة جزء من ستة وأربعني جزءا من النبوة.وهذا أعلى الدرجات وهي من درجات النبوة العالية كما أ

فإياك أن يكون حظك من هذا العلم إنكار ما جاوز حد قصورك ففيه هلك املتحذلقون من العلماء الزاعمون أنم أحاطوا ياء لزمه إنكار بعلوم العقول فاجلهل خري من عقل يدعو إىل إنكار مثل هذه األمور ألولياء اهلل تعاىل ومن أنكر ذلك لألول

األنبياء وكان خارجا عن الدين بالكلية قال بعض العارفني إمنا انقطع األبدال يف أطراف األرض واسترتوا عن أعني اجلمهور ألنم ال يطيقون النظر إىل علماء الوقت ألنم عندهم جهال باهلل تعاىل وهم عند أنفسهم وعند اجلاهلني علماء قال سهل

نه إن من أعظم املعاصي اجلهل باجلهل والنظر إىل العامة واستماع كالم أهل الغفلة وكل عامل خاض يف التسرتي رضي اهلل عالدنيا فال ينبغي أن يصغي إىل قوله بل ينبغي أن يتهم يف كل ما يقول ألن كل إنسان خيوض فيما أحب ويدفع ما ال يوافق

والعوام العصاة (11)الكهف: ]عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا وال تطع من أغفلنا قلبه[حمبوبه ولذلك قال اهلل عز وجل: أسعد حاال من اجلهال بطريق الدين املعتقدين أنم من العلماء ألن العامي العاصي معرتف بتقصريه فيستغفر ويتوب وهذا

ك طريق الدين فال يتوب وال اجلاهل الظان أنه عامل وأن ما هو مشتغل به من العلوم اليت هي وسائله إىل الدنيا عن سلو يستغفر بل ال يزال مستمرا عليه إىل املوت.

وإذ غلب هذا على أكثر الناس إال من عصمه اهلل تعاىل وانقطع الطمع من إصالحهم فاألسلم لذي الدين احملتاط العزلة أسباط إىل حذيفة املرعشي ما واالنفراد عنهم كما سيأيت يف كتاب العزلة بيانه إن شاء اهلل تعاىل ولذلك كتب يوسف بن

ظنك مبن بقي ال جيد أحدا يذكر اهلل تعاىل معه إال كان آمثا أو كانت مذاكرته معصية وذلك أنه ال جيد أهله ولقد صدق فإن خمالطة الناس ال تنفك عن غيبة أو مساع غيبة أو سكوت على منكر وأن أحسن أحواله أن يفيد علما أو يستفيده ولو

سكني وعلم أن إفادته ال ختلو عن شوائب الرياء وطلب اجلمع والرياسة علم أن املستفيد إمنا يريد أن جيعل ذلك تأمل هذا املآلة إىل طلب الدنيا ووسيلة إىل الشر فيكون هو معينا له على ذلك وردءا وظهريا ومهيئا ألسبابه كالذي يبيع السيف من

السيف للغزو ولذلك ال يرخص له يف البيع ممن يعلم بقرائن أحواله قطاع الطريق فالعلم كالسيف وصالحه للخري كصالح أنه يريد به االستعانة على قطع الطريق.

من عالمات علماء اآلخرة جتمع كل واحدة منها مجلة من أخالق علماء السلف فكن أحد رجلني اثنتا عشرة عالمةفهذه إما متصفا هبذه الصفات أو معرتفا بالتقصري مع اإلقرار به وإياك أن تكون الثالث فتلبس على نفسك بأن تبدل آلة الدنيا

وإنكارك بزمرة اهلالكني اآليسني نعوذ باهلل من خدع بالدين وتشبه سرية البطالني بسرية العلماء الراسخني وتلتحق جبهلك الشيطان فبها هلك اجلمهور فنسأل اهلل تعاىل أن جيعلنا ممن ال تغره احلياة الدنيا وال يغره باهلل الغرور.

الباب السابع

في العقل وشرفه ونحقيقته وأقسامه

بيان شرف العقل

ظهاره ال سيما وقد ظهر شرف العلم من قبل العقل والعقل منبع العلم ومطلعه اعلم أن هذا مما ال حيتاج إىل تكلف يف إوأساسه والعلم جيري منه جمرى الثمرة من الشجرة والنور من الشمس والرؤية من العني فكيف ال يشرف ما هو وسيلة

إن أعظم البهائم بدنا وأشدها السعادة يف الدنيا واآلخرة أو كيف يسرتاب فيه والبهيمة مع قصور ةمييزها حتتشم العقل حىتضراوة وأقواها سطوة إذا رأى صورة اإلنسان احتشمه وهابه لشعوره باستيالئه عليه ملا خص به من إدراك احليل ولذلك قال

. وليس ذلك لكثرة ماله وال لكرب شخصه وال لزيادة قوته بل [199])الشيخ يف قومه كالنيب يف أمته( صلى اهلل عليه وسلم:لزيادة جتربته اليت هي مثرة عقله ولذلك ترى األتراك واألكراد وأجالف العرب وسائر اخللق مع قرب منزلتهم من رتبة البهائم

فلما وقعت أعينهم عليه صلى اهلل عليه وسلميوقرون املشايخ بالطبع ولذلك حني قصد كثري من املعاندين قتل رسول اهلل واكتحلوا بغرته الكرمية هابوه وتراءى هلم ما كان يتألأل على ديباجة وجهه من نور النبوة وإن كان ذلك باطنا يف نفسه بطون العقل فشرف العقل ما يدرك بالضرورة، وإمنا القصد أن نورد ما وردت به األخبار واآليات يف ذكر شرفه. وقد مساه اهلل نورا

ومسى العلم املستفاد منه روحا ووحيا وحياة فقال تعاىل: ]اهلل نور السموات واألرض مثل نوره كمشكاة[وله تعاىل: يف قوحيث ذكر ]أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا ميشي به يف الناس[وقال سبحانه ]وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا[

. ]خيرجهم من الظلمات إىل النور[له النور والظلمة أراد به العلم واجلهل كقو

: )يا أيها الناس اعقلوا عن ربكم وتواصوا بالعقل تعرفوا ما أمرمت به وما نيتم عنه واعلموا أنه صلى اهلل عليه وسلموقال جلاهل من ينجدكم عند ربكم واعلموا أن العاقل من أطاع اهلل وإن كان دميم املنظر حقري اخلطر دىنء املنزلة رث اهليئة وأن ا

عصى اهلل تعاىل وإن كان مجيل املنظر عظيم اخلطر شريف املنزلة حسن اهليئة فصيحا نطوقا فالقردة واخلنازير أعقل عند اهلل : ) أول ما خلق صلى اهلل عليه وسلم. وقال [200]تعاىل ممن عصاه وال تغرت بتعظيم أهل الدنيا إياهم فإنم من اخلاسرين(

اهلل العقل فقال له أقبل فأقبل مث قال له أدبر فأدبر مث قال اهلل عز وجل وعزيت وجاليل ما خلقت خلقا أكرم على منك بك . [201]آخذ وبك أعطي وبك أثيب وبك أعاقب(

فإن قلت فهذا العقل إن كان عرضا فكيف خلق قبل األجسام وإن كان جوهرا فكيف يكون جوهر قائم بنفسه وال يتحيز فأعلم أن هذا من علم املكاشفة فال يليق ذكره بعلم املعاملة وغرضنا اآلن ذكر علوم املعاملة.

صلى اهلل عليه وسلمحىت بالغوا فقال صلى اهلل عليه وسلموعن أنس رضي اهلل عنه قال: ) أثىن قوم على رجل عند النيب إن صلى اهلل عليه وسلمكيف عقل الرجل فقالوا خنربك عن اجتهاده يف العبادة وأصناف اخلري وتسألنا عن عقله فقال

. [202]ا يرتفع العباد غدا يف الدرجات الزلفى من رهبم على قدر عقوهلم(األمحق يصيب جبهله أكثر من فجور الفاجر وإمن: )ما اكتسب رجل مثل فضل عقل يهدي صاحبه إىل صلى اهلل عليه وسلموعن عمر رضي اهلل عنه قال قال رسول اهلل

. [203]ى ويرده عن ردى وما مت إميان عبد وال استقام دينه حىت يكمل عقله(هد

عقله : )إن الرجل ليدرك حبسن خلقه درجة الصائم القائم وال يتم لرجل حسن خلقه حىت يتم صلى اهلل عليه وسلموقال . [204]فعند ذلك مت إميانه وأطاع ربه وعصى عدوه إبليس(

: )) لكل شيء دعامة ودعامة املؤمن عقله صلى اهلل عليه وسلموعن أيب سعيد اخلدري رضي اهلل عنه قال: قال رسول اهلل (80)امللك: ]لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا يف أصحاب السعري[در عقله تكون عبادته أما مسعتم قول الفجار يف النار: فبق))[205] .

صلى اهلل وعن عمر رضي اهلل عنه أنه قال لتميم الدارى: ما السودد فيكم؟ قال: العقل، قال: صدقت، سألت رسول اهلل . [206]كما سألتك فقال كما قلت، مث قال: )) سألت جربيل عليه السالم ما السودد؟ فقال: العقل (( عليه وسلم

فقال يا أيها الناس إن لكل صلى اهلل عليه وسلموعن الرباء بن عازب رضي اهلل عنه قال كثرت املسائل يوما على رسول اهلل . [207]شيء مطية ومطية املرء العقل وأحسنكم داللة ومعرفة باحلجة أفضلكم عقال(

من غزوة أحد مسع الناس يقولون فالن أشجع من صلى اهلل عليه وسلموعن أيب هريرة رضي اهلل عنه قال ملا رجع رسول اهلل لكم به قالوا وكيف : )أما هذا فال علمصلى اهلل عليه وسلمفالن وفالن أبلى ما مل يبل فالن وحنو هذا فقال رسول اهلل

إنم قاتلوا على قدر ما قسم اهلل هلم من العقل وكانت نصرهتم ونيتهم على صلى اهلل عليه وسلمذلك يا رسول اهلل فقال قدر عقوهلم فأصيب منهم من أصيب على منازل شىت فإذا كان يوم القيامة اقتسموا املنازل على قدر نياهتم وقدر

. [208]عقوهلم(

قال: )جد املالئكة واجتهدوا يف طاعة اهلل سبحانه وتعاىل بالعقل وجد صلى اهلل عليه وسلموعن الرباء بن عازب أنه . وعن عائشة رضي اهلل عنها قالت [209]املؤمنون من بين آدم على قدر عقوهلم فأعملهم بطاعة اهلل عز وجل أوفرهم عقال(

قلت يا رسول اهلل مب يتفاضل الناس يف الدنيا قال بالعقل قلت ويف اآلخرة قال بالعقل قلت أليس إمنا جيزون بأعماهلم فقال يا عائشة وهل عملوا إال بقدر ما أعطاهم عز وجل من العقل فبقدر ما أعطوا من العقل كانت : )صلى اهلل عليه وسلم

: )لكل هلل عليه وسلمصلى ا. وعن ابن عباس رضي اهلل عنهما قال قال رسول اهلل [210]أعماهلم وبقدر ما عملوا جيزون(شيء آلة وعدة وإن آلة املؤمن العقل ولكل شيء مطية ومطية املرء العقل ولكل شيء دعامة ودعامة الدين العقل ولكل قوم غاية وغاية العباد العقل ولكل قوم داع وداعى العابدين العقل ولكل تاجر بضاعة وبضاعة اجملتهدين العقل ولكل أهل بيت

ديقني العقل ولكل خراب عمارة وعمارة اآلخرة العقل ولكل امرىء عقب ينسب إليه ويذكر به وعقب قيم وقيم بيوت الصصلى اهلل عليه . وقال [211]الصديقني الذيينسبون إليه ويذكرون به العقل ولكل سفر فسطاط وفسطاط املؤمنني العقل(

: )إن أحب املؤمنني إىل اهلل عز وجل من نصب يف طاعة اهلل عز وجل ونصح لعباده وكمل عقله ونصح نفسه فأبصر وسلم: ) أةمكم عقال أشدكم هلل تعاىل خوفا وأحسنكم فيما لى اهلل عليه وسلمص. وقال [212]وعمل به أيام حياته فأفلح وأجنح(

. [213]أمركم به ونى عنه نظرا وإن كان أقلكم تطوعا(

بيان حقيقة العقل وأقسامه

اعلم أن الناس اختلفوا يف حد العقل وحقيقته وذهل األكثرون عن كون هذا االسم مطلقا على معان خمتلفة فصار ذلك سبب اختالفهم واحلق الكاشف للغطاء فيه أن العقل اسم يطلق باالشرتاك على أربعة معان كما يطلق اسم العني مثال على

لب جلميع أقسامه حد واحد بل يفرد كل قسم بالكشف عنه فاألول معان عدة وما جيري هذا اجملرى فال ينبغي أن يطالوصف الذي يفارق اإلنسان به سائر البهائم وهو الذي استعد به لقبول العلوم النظرية وتدبري الصناعات اخلفية الفكرية

وم النظرية وكأنه نور يقذف وهو الذي أراده احلارث بن أسد احملاسيب حيث قال يف حد العقل إنه غريزة يتهيأ هبا إدراك العليف القلب به يستعد إلدراك األشياء ومل ينصف من أنكر هذا ورد العقل إىل جمرد العلوم الضرورية فإن الغافل عن العلوم والنائم يسميان عاقلني باعتبار وجود هذه الغريزة فيهما مع فقد العلوم وكما أن احلياة غريزة هبا يتهيأ اجلسم للحركات

ية واإلدراكات احلسية فكذلك العقل غريزة هبا تتهيأ بعض احليوانات للعلوم النظرية ولو جاز أن يسوى بني اإلنسان االختيار واحلمار يف الغريزة واإلدراكات احلسية فيقال ال فرق بينهما إال أن اهلل تعاىل حبكم إجراء العادة خيلق يف اإلنسان علوما وليس

أن يسوى بني احلمار واجلماد يف احلياة ويقال ال فرق إال أن اهلل عز وجل خيلق يف احلمار خيلقها يف احلمار والبهائم جلازحركات خمصوصة حبكم إجراء العادة فإنه لو قدر احلمار مجادا ميتا لوجب القول بأن كل حركة تشاهد منه فاهلل سبحانه

يكن مفارقته للجماد يف احلركات إال بغريزة وتعاىل قادر على خلقها فيه على الرتتيب املشاهد وكما وجب أن يقال ملاختصت به عرب عنها باحلياة فكذا مفارقة اإلنسان البهيمة يف إدراك العلوم النظرية بغريزة يعرب عنها بالعقل وهو كاملرآة اليت

بهة يف صفات تفارق غريها من األجسام يف حكاية الصور واأللوان بصفة اختصت هبا وهي الصقالة وكذلك العني تفارق اجلوهيئات هبا استعدت للرؤية فنسبه هذه الغريزة إىل العلوم كنسبة العني إىل الرؤية ونسبة القرآن والشرع إىل هذه الغريزة يف سياقها إىل انكشاف العلوم هلا كنسبة نور الشمس إىل البصر فهكذا ينبغي أن تفهم هذه الغريزة الثاين هي العلوم اليت خترج

ذات الطفل املميز جبواز اجلائزات واستحالة املستحيالت كالعلم بأن االثنني أكثر من الواحد وأن الشخص إىل الوجود يفالواحد ال يكون يف مكانني يف وقت واحد وهو الذي عناه بعض املتكلمني حيث قال يف حد العقل إنه بعض العلوم

صحيح يف نفسه ألن هذه العلوم موجودة وتسميتها عقال الضرورية كالعلم جبواز اجلائزات واستحالة املستحيالت وهو أيضاظاهر وإمنا الفاسد أن تنكر تلك الغريزة ويقال ال موجود إال هذه العلوم الثالث علوم تستفاد من التجارب مبجاري األحوال

غيب غمر جاهل فإن من حنكته التجارب وهذبته املذاهب يقال إنه عاقل يف العادة ومن ال يتصف هبذه الصفة فيقال إنه فهذا نوع آخر من العلوم يسمى عقال الرابع أن تنتهي قوة تلك الغريزة إىل أن يعرف عواقب األمور ويقمع الشهوة الداعية

إىل اللذة العاجلة ويقهرها فإذا حصلت هذه القوة مسى صاحبها عاقال من حيث إن إقدامه وإحجامه حبسب ما يقتضيه وة العاجلة وهذه أيضا من خواص اإلنسان اليت هبا يتميز عن سائر احليوان فاألول هو األس النظر يف العواقب ال حبكم الشه

والسنخ واملنبع والثاين هو الفرع األقرب إليه والثالث فرع األول والثاين إذ بقوة الغريزة والعلوم الضرورية تستفاد علوم التجارب ن بالطبع واألخريان باالكتساب ولذلك قال علي كرم اهلل وجهه رأيت والرابع هو الثمرة األخرية وهو الغاية القصوى فاألوال

العقل عقلني فمطبوع ومسموع وال ينفع مسموع إذا مل يك مطبوع كما ال تنفع الشمس وضوء العني ممنوع واألول هو املراد صلى اهلل . واألخري هو املراد بقوله [214]: )ما خلق اهلل عز وجل خلقا أكرم عليه من العقل(صلى اهلل عليه وسلمبقوله

صلى . وهو املراد بقول رسول اهلل [215]: )إذا تقرب الناس بأبواب الرب واألعمال الصاحلة فتقرب أنت بعقلك(عليه وسلمأليب الدرداء رضي اهلل عنه: )ازدد عقال تزدد من ربك قربا( فقال بأيب أنت وأمي وكيف يل بذلك فقال: اهلل عليه وسلم

الدنيا رفعة )اجتنب حمارم اهلل تعاىل وأد فرائض اهلل سبحانه تكن عاقال واعمل بالصاحلات من األعمال تزدد يف عاجل . [216]وكرامة وتنل يف آجل العقىب هبا من ربك عز وجل القرب والعز(

فقال يا يه وسلمصلى اهلل علوعن سعيد بن املسيب أن عمر وأيب بن كعب وأبا هريرة رضي اهلل عنهم دخلوا على رسول اهلل : )العاقل( قالوا فمن أعبد الناس قال: )العاقل( قالوا فمن أفضل الناس صلى اهلل عليه وسلمرسول اهلل من أعلم الناس فقال

صلى اهلل عليه قال: )العاقل( قالوا أليس: العاقل من ةمت مروءته وظهرت فصاحته وجادت كفه وعظمت منزلته، فقال إن العاقل هو املتقي وإن كان يف الدنيا خسيسا ]متاع احلياة الدنيا واآلخرة عند ربك للمتقنيوإن كل ذلك ملا [: وسلمرسله وعمل . قال صلى اهلل عليه وسلم يف حديث آخر: )) إمنا العاقل من آمن باهلل وصدق [217]ذليال(

.[218]بطاعته((

ويشبه أن يكون أصل االسم يف أصل اللغة لتلك الغريزة وكذلك يف االستعمال وإمنا أطلق على العلوم من حيث إنا مثرهتا هو اخلشية والعامل من خيشى اهلل تعاىل فإن اخلشية مثرة العلم فتكون كاجملاز لغري تلك كما يعرف الشيء بثمرته فيقال العلم

الغريزة ولكن ليس الغرض البحث عن اللغة واملقصود أن هذه األقسام األربعة موجودة واالسم يطلق على مجيعها وال خالف العلوم كأنا مضمنة يف تلك الغريزة بالفطرة يف وجود مجيعها إال يف القسم األول والصحيح وجودها بل هي األصل وهذه

ولكن تظهر يف الوجود إذا جرى سبب خيرجها إىل الوجود حىت كأن هذه العلوم ليست بشيء وارد عليها من خارج وكأنا كانت مستكنة فيها فظهرت ومثاله املاء يف األرض فإنه يظهر حبفر البئر وجيتمع ويتميز باحلس ال بأن يساق إليها شيء جديد وكذلك الدهن يف اللوز وماء الورد يف الورد ولذلك قال تعاىل وإذ أخذ ربك من بين آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى فاملراد به إقرار نفوسهم ال إقرار األلسنة فإنم انقسموا يف إقرار األلسنة حيث

معناه إن اعتربت ]ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن اهلل[د ولذلك قال تعاىل: وجدت األلسنة واألشخاص إىل مقر وإىل جاحأحواهلم شهدت بذلك نفوسهم وبواطنهم فطرة اهلل اليت فطر الناس عليها أي كل آدمي فطر على اإلميان باهلل عز وجل بل

ك مث ملا كان اإلميان مركوزا يف النفوس على معرفة األشياء على ما هي عليه أعين أنا كاملضمنة فيها لقرب استعدادها لإلدرابالفطرة انقسم الناس إىل قسمني إىل من أعرض فنسي وهم الكفار وإىل من أجال خاطره فتذكر فكان كمن محل شهادة فنسيها بغفلة مث تذكرها ولذلك قال عز وجل: )لعلهم يتذكرون( ، )وليتذكر أولوا األلباب(، )واذكروا نعمة اهلل عليكم

الذي واثقكم به(، )ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر(؛ وتسمية هذا النمط تذكرا ليس ببعيد فكأن التذكر وميثاقه ضربان أحدمها أن يذكر صورة كانت حاضرة الوجود يف قلبه لكن غابت بعد الوجود اآلخر.

بصرية ثقيلة على من يسرتوجه قوله واآلخر أن يذكر صورة كانت مضمنة فيه بالفطرة وهذه حقائق ظاهرة للناظر بنور اليسرتوجه من الرواج أي يكون السماع والتقليد رائجا عنده فتأمل اه مصححه السماع والتقليد دون الكشف والعيان ولذلك تراه يتخبط يف مثل هذه اآليات ويتعسف ويف تأويل التذكر بإقرار النفوس أنواعا من التعسفات ويتخايل إليه يف األخبار

ت ضروب من املناقضات ورمبا يغلب ذلك عليه حىت ينظر إليها بعني االستحقار ويعتقد فيها التهافت ومثاله مثال واآليااألعمى الذي يدخل دارا فيعثر فيها باألواين املصفوفة يف الدار فيقول ما هلذه األواين ال ترفع من الطريق وترد إىل مواضعها

يف بصرك فكذلك خلل البصرية جيري جمراه وأطم منه وأعظم إذ النفس كالفارس والبدن فيقال له إنا يف مواضعها وإمنا اخللل كالفرس وعمى الفارس أضر من عمى الفرس وملشاهبة بصرية الباطن لبصرية الظاهر قال اهلل تعاىل ما كذب الفؤاد ما رأى

ل تعاىل فإنا ال تعمى األبصار ولكن وقال تعاىل وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السموات واألرض اآلية ومسى ضده عمى فقاتعمى القلوب اليت يف الصدور وقال تعاىل ومن كان يف هذه أعمى فهو يف اآلخرة أعمى وأضل سبيال وهذه األمور اليت كشفت لألنبياء بعضها كان بالبصر وبعضها كان بالبصرية ومسى الكل رؤية وباجلملة من مل تكن بصريته الباطنة ثاقبة مل

من الدين إال قشوره وأمثلته دون لبابه وحقائقه فهذه أقسام ما ينطلق اسم العقل عليها بيان تفاوت النفوس يف يعلق بهالعقل قد اختلف الناس يف تفاوت العقل وال معىن لالشتغال بنقل كالم من قل حتصيله بل األوىل واألهم املبادرة إىل

اوت يتطرق إىل األقسام األربعة سوى القسم الثاين وهو العلم الضروري التصريح باحلق واحلق الصريح فيه أن يقال إن التفجبواز اجلائزات واستحالة املستحيالت فإن من عرف أن االثنني أكثر من الواحد عرف أيضا استحالة كون اجلسم يف مكانني

ك وأما األقسام الثالثة فالتفاوت وكون الشيء الواحد قدميا حادثا وكذا سائر النظائر وكل ما يدركه إدراكا حمققا من غري شيتطرق إليها أما القسم الرابع وهو استيالء القوة على قمع الشهوات فال خيفى تفاوت الناس فيه بل ال خيفى تفاوت أحوال الشخص الواحد فيه وهذا التفاوت يكون تارة لتفاوت الشهوة إذ قد يقدر العاقل ترك بعض الشهوات دون بعض ولكن غري

يه فإن الشاب قد يعجز عن ترك الزنا وإذا كرب ومت عقله قدر عليه وشهوة الرياء والرياسة تزداد قوة بالكرب ال ضعفا مقصور علوقد يكون سببه التفاوت يف العلم املعرف لغائلة تلك الشهوة وهلذا يقدر الطبيب على االحتماء عن بعض األطعمة املضرة

يكن طبيبا وإن كان يعتقد على اجلملة فيه مضرة لكن إذا كان علم الطبيب أمت وقدم من يساويه يف العقل على ذلك إذا مل كان خوفه أشد فيكون اخلوف جندا للعقل وعدة له يف قمع الشهوات وكسرها وكذلك يكون العامل أقدر على ترك املعاصي

اب اهلذيان فإن كان التفاوت من من اجلاهل لقوة علمه بضرر املعاصي وأعين به العامل احلقيقي دون أرباب الطيالسة وأصحجهة الشهوة مل يرجع إىل تفاوت العقل وإن كان من جهة العلم فقد مسينا هذا الضرب من العلم عقال أيضا فإنه يقوي غريزة العقل فيكون التفاوت فيما رجعت التسمية إليه وقد يكون مبجرد التفاوت يف غريزة العقل فإنا إذا قويت كان قمعها للشهوة

حمالة أشد وأما القسم الثالث وهو علوم التجارب فتفاوت الناس فيها ال ينكر فإنم يتفاوتون بكثرة اإلصابة وسرعة الاإلدراك ويكون سببه إما تفاوتا يف الغريزة وإما تفاوتا يف املمارسة فأما األول وهو األصل أعين الغريزة فالتفاوت فيه ال سبيل

ى النفس ويطلع صبحه ومبادىء إشراقه عند سن التمييز مث ال يزال ينمو ويزداد منوا خفي إىل جحده فإنه مثل نور يشرق علالتدريج إىل أن يتكامل بقرب األربعني سنة ومثاله نور الصبح فإن أوائله ختفى خفاء يشق إدراكه مث يتدرج إىل الزيادة إىل أن

الفرق مدرك بني األعمش وبني حاد البصر بل سنة يكمل بطلوع قرص الشمس وتفاوت نور البصرية كتفاوت نور البصر و اهلل عز وجل جارية يف مجيع خلقه بالتدريج يف اإلجياد حىت إن غريزة الشهوة ال تظهر يف الصيب عند البلوغ دفعة وبغتة بل

ع عن ربقة تظهر شيئا فشيئا على التدريج وكذلك مجيع القوى والصفات ومن أنكر تفاوت الناس يف هذه الغريزة فكأنه منخل العقل.

مثل عقل آحاد السوادية وأجالف البوادي فهو أخس يف نفسه من آحاد صلى اهلل عليه وسلمومن ظن أن عقل النيب السوادية وكيف ينكر تفاوت الغريزة ولواله ملا اختلف الناس يف فهم العلوم وملا انقسموا إىل بليد ال يفهم بالتفهيم إال بعد

ئق األمور بدون التعليم كما قال تعب طويل من املعلم وإىل ذكي يفهم بأدىن رمز وإشارة وإىل كامل تنبعث من نفسه حقاتعاىل يكاد زيتها يضيء ولو مل ةمسسه نار نور على نور وذلك مثل األنبياء عليهم السالم إذ يتضح هلم يف بواطنهم أمور

حيث قال: )إن روح القدس صلى اهلل عليه وسلمغامضة من غري تعلم ومساع ويعرب عن ذلك باإلهلام وعن مثله عرب النيب . [219]وعي أحبب من أحببت فإنك مفارقه وعش ما شئت فإنك ميت واعمل ما شئت فإنك جمزي به(نفث يف ر

ن ومشاهدة امللك حباسة وهذا النمط من تعريف املالئكة لألنبياء خيالف الوحي الصريح الذي هو مساع الصوت حباسة األذالبصر ولذلك أخرب عن هذا بالنفث يف الروع ودرجات الوحي كثرية واخلوض فيها ال يليق بعلم املعاملة بل هو من علم املكاشفة وال تظنن أن معرفة درجات الوحي تستدعي منصب الوحي إذ ال يبعد أن يعرف الطبيب املريض درجات الصحة

العدالة وإن كان خاليا عنها فالعلم شيء ووجود املعلوم شيء آخر فال كل من عرف النبوة ويعلم العامل الفاسق درجات والوالية كان نبيا وال وليا وال كل من عرف التقوى والورع ودقائقه كان تقيا وانقسام الناس إىل من يتنبه من نفسه ويفهم وإىل

ا وال التنبيه كانقسام األرض إىل ما جيتمع فيه املاء فيقوى فيتفجر من ال يفهم إال بتنبيه وتعليم وإىل من ال ينفعه التعليم أيضبنفسه عيونا وإىل ما حيتاج إىل احلفر ليخرج إىل القنوات وإىل ما ال ينفع فيه احلفر وهو اليابس وذلك الختالف جواهر

عبد اهلل بن قل ما روي أن األرض يف صفاهتا فكذلك اختالف النفوس يف غريزة العقل ويدل على تفاوت العقل من جهة النيف حديث طويل يف آخره وصف عظم العرش وأن املالئكة قالت يا ربنا صلى اهلل عليه وسلمرضي اهلل عنه سأل النيب سالم

هل خلقت شيئا أعظم من العرش قال نعم العقل قالوا وما بلغ من قدره قال هيهات ال حياط بعلمه هل لكم علم بعدد هلل عز وجل فإين خلقت العقل أصنافا شىت كعدد الرمل فمن الناس من أعطى حبة ومنهم من أعطى الرمل قالوا ال قال ا

حبتني ومنهم من أعطى الثالث واألربع ومنهم من أعطى فرقا ومنهم من أعطى وسقا ومنهم من أعطى أكثر من . [220]ذلك(

فإن قلت فما بال أقوام من املتصوفة يذمون العقل باملعقول فاعلم أن السبب فيه أن الناس نقلوا اسم العقل املعقول إىل اجملادلة واملناظرة باملناقضات واإللزامات وهو صنعة الكالم فلم يقدروا على أن يقرروا عندهم أنكم أخطأمت يف التسمية إذ

محي عن قلوهبم بعد تداول األلسنة به ورسوخه يف القلوب فذموا العقل واملعقول وهو املسمى به عندهم فأما نور كان ال ينالبصرية اليت هبا يعرف اهلل تعاىل ويعرف صدق رسله فكيف يتصور ذمه وقد أثىن اهلل تعاىل عليه وإن ذم فما الذي بعده

رع فإن علم بالعقل املذموم الذي ال يوثق به فيكون الشرع أيضا مذموما حيمد فإن كان احملمود هو الشرع فبم علم صحة الش

وال يلتفت إىل من يقول إنه يدرك بعني اليقني ونور اإلميان ال بالعقل فإنا نريد بالعقل ما يريده بعني اليقني ونور اإلميان وهي مور وأكثر هذه التخبيطات إمنا ثارت من جهل الصفة الباطنة اليت يتميز هبا اآلدمي عن البهائم حىت أدرك هبا حقائق األ

أقوام طلبوا احلقائق من األلفاظ فتخبطوا فيها لتخبط اصطالحات الناس يف األلفاظ فهذا القدر كاف يف بيان العقل واهلل أعلم مت كتاب العلم حبمد اهلل تعاىل ومنه وصلى اهلل على سيدنا حممد وعلى كل عبد مصطفى من أهل األرض والسماء

يتلوه إن شاء اهلل تعاىل كتاب قواعد العقائد واحلمد هلل وحده أوال وآخرا .

( من حديث معاوية دون قوله )ويلهمه رشده( وهذه 871-8073ومسلم: 78حديث ))من يرد اهلل به خريا يفقهه يف الدين ويلهمه رشده(( متفق عليه ) البخاري: [1] الزيادة عند الطرباين يف الكبري.

صحيحه من حديث أيب الدرداء.حديث )العلماء ورثة األنبياء( أخرجه أبو داود والرتمذي وابن ماجه وابن حبان يف [2]

حديث )يستغفر للعامل ما يف السموات واألرض( هو بعض حديث أيب الدرداء املتقدم. [3]

حديث )احلكمة تزيد الشريف شرفا... احلديث( أخرجه أبو نعيم يف احللية وابن عبد الرب يف بيان العلم وعبد الغين األزدي يف آداب [4] احملدث من حديث أنس بإسناد ضعيف.

حديث )خصلتان ال جتتمعان يف منافق... احلديث( أخرجه الرتمذي من حديث أيب هريرة وقال حديث غريب. [5]

ي يف شعب اإلميان موقوفا على أيب الدرداء بإسناد ضعيف ومل أره مرفوعا.حديث )أفضل الناس املؤمن العامل... احلديث( أخرجه البيهق [6]

حديث )اإلميان عريان... احلديث( أخرجه احلاكم يف تاريخ نيسابور من حديث أيب الدرداء بإسناد ضعيف. [7]

حديث )أقرب الناس من درجة النبوة أهل العلم واجلهاد... احلديث( أخرجه أبو نعيم يف فضل العامل العفيف من حديث ابن عباس بإسناد [8] ضعيف.

حديث )ملوت قبيلة أيسر من موت عامل( أخرجه الطرباين وابن عبد الرب من حديث أيب الدرداء، وأصل احلديث عند أيب الدرداء. [9]

حديث )الناس معادن... احلديث( متفق عليه من حديث أيب هريرة. 10][

ضعيف.حديث )يوزن يوم القيامة مداد العلماء ودماء الشهداء( أخرجه ابن عبد الرب من حديث أيب الدرداء بسند [11]

حديث )من حفظ على أميت أربعني حديثا من السنة حىت يؤديها إليهم كنت له شفيعا وشهيدا يوم القيامة( أخرجه ابن عبد الرب يف العلم [12] من حديث ابن عمر وضعفه.

حديث )من محل من أميت أربعني حديثا لقي اهلل يوم القيامة فقيها عاملا( أخرجه ابن عبد الرب من حديث أنس وضعفه. [13]

حديث )من تفقه يف دين اهلل كفاه اهلل مهه... احلديث( رواه اخلطيب يف التاريخ من حديث عبد اهلل بن جزء الزبيدي بإسناد ضعيف. [14]

إىل إبراهيم يا إبراهيم إين عليم أحب كل عليم( ذكر ابن عبد الرب تعليقا ومل أظفر له بإسناد.حديث )أوحى اهلل [15]

ضعيف.حديث )العامل أمني اهلل يف األرض( أخرجه ابن عبد الرب من حديث معاذ بسند [16]

حديث )صنفان من أميت إذا صلحوا صلح الناس( احلديث أخرجه ابن عبد الرب وأبو نعيم من حديث ابن عباس بسند ضعيف. [17]

من حديث )إذا أتى علي يوم ال أزداد فيه علما يقربين... احلديث( أخرجه الطرباين يف األوسط وأبو نعيم يف احللية وابن عبد الرب يف العلم [18] حديث عائشة بإسناد ضعيف.

حديث )فضل العامل على العابد كفضلي على أدىن رجل من أصحايب( أخرجه الرتمذي من حديث أيب أمامة وقال حسن صحيح. [19]

العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب( أخرجه أبو داود والرتمذي والنسائي وابن حبان وهو قطعة حديث )فضل العامل على [20] من حديث أيب الدرداء املتقدم.

العلماء مث الشهداء( رواه ابن ماجه من حديث عثمان بن عفان بإسناد ضعيف. حديث )يشفع يوم القيامة األنبياء مث [21]

ري يف كتاب فضل العلم وأبو حديث )ما عبد اهلل بشيء أفضل من فقه يف الدين... احلديث( رواه الطرباين يف األوسط وأبو بكر اآلج [22]نعيم يف رياضة املتعلمني من حديث أيب هريرة بإسناد ضعيف وعند الرتمذي وابن ماجه من حديث ابن عباس بسند ضعيف )فقيه أشد على

الشيطان من ألف عابد(.

حديث )خري دينكم أيسره وأفضل العبادة الفقه( أخرجه ابن عبد الرب من حديث أنس بسند ضعيف والشطر األول عند أمحد من [23] حديث حمجن ابن األدرع بإسناد جيد والشطر الثاين عند الطرباين من حديث ابن عمر بسند ضعيف.

حديث )فضل املؤمن العامل على املؤمن العابد بسبعني درجة( احلديث أخرجه ابن عدي من حديث أيب هريرة بإسناد ضعيف وأليب يعلى [24] حنوه من حديث عبد الرب بن عوف.

حديث إنكم أصبحتم يف زمان كثري فقهاؤه ... احلديث(. أخرجه الطرباين من حديث حزام بن حكيم عن عمه وقيل عن أبيه وإسناده [25] ضعيف.

والعابد مائة درجة( احلديث. أخرجه األصفهاين يف الرتغيب والرتهيب من حديث ابن عمر عن أبيه وقال: )سبعون حديث )بني العامل [26] درجة( بسند ضعيف وكذا رواه صاحب مسند الفردوس من حديث أيب هريرة.

حديث )قيل يا رسول اهلل: أي األعمال أفضل؟ فقال: العلم باهلل... احلديث(. أخرجه ابن عبد الرب من حديث أنس بسند ضعيف. [27]

لماء... احلديث(. رواه الطرباين من حديث أيب موسى بسند ضعيف.حديث )يبعث اهلل العباد يوم القيامة مث يبعث الع [28]

السفاد: اجلماع. [29]

مل أقف عليه يف الكتب التسعة )حمقق أحد طبعات االحياء( ومل يذكره احلافظ العراقي . [30]

يف بعض الطبعات : واقفا [31]

قد يكون حديثا نبوي شريف، أنظر كتاب ذكر املوت وما بعده وهو آخر كتب اإلحياء و كتاب املنقذ من الضالل للمؤلف رمحه اهلل. [32]

( من حديث أيب هريرة.1111/31حديث )من سلك طريقا يطلب فيه علما... احلديث(. أخرجه مسلم ) [33]

( وابن حبان واحلاكم وصححه من 3/130،131)حديث )إن املالئكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاء مبا يصنع( أخرجه أمحد [34] حديث صفوان بن عسال.

ناده بذاك حديث )ألن تغدو فتتعلم بابا من اخلري خري من أن تصلي مائة ركعة( أخرجه ابن عبد الرب من حديث أيب ذر وليس إس [35] ( بلفظ آخر.181واحلديث عند ابن ماجه)

ري ومل حديث )باب من العلم يتعلمه الرجل خري له من الدنيا( أخرجه ابن حبان يف روضة العقالء وابن عبد الرب موقوفا على احلسن البص [36] أره مرفوعا إال بلفظ )خري له من مائة ركعة( رواه الطرباين يف األوسط بسند ضعيف من حديث أيب ذر.

والشعب من حديث أنس، وقال البيهقي: متنه مشهور حديث )اطلبوا العلم ولو بالصني( أخرجه ابن عدي والبيهقي يف املدخل [37] وأسانيده ضعيفة.

حديث )العلم خزائن مفاتيحها السؤال... احلديث(. رواه أبو نعيم من حديث علي مرفوعا بإسناد ضعيف. [38]

حديث )ال ينبغي للجاهل أن يسكت على جهله( أخرجه الطرباين يف األوسط وابن مردويه يف التفسري وابن السين وأبو نعيم يف رياضة [39] املتعلمني من حديث جابر بسند ضعيف.

حديث أيب ذر )حضور جملس علم أفضل من صالة ألف ركعة... احلديث(. ذكره ابن اجلوزي يف املوضوعات من حديث عمر ومل أجده [40] من طريق أيب ذر.

( وابن السين يف رياضة املتعلمني من حديث احلسن فقيل 313حديث )من جاءه املوت وهو يطلب العلم... احلديث(. أخرجه الدارمي) [41] هو ابن علي وقيل هو ابن يسار البصري مرسال.

امل حديث )ما آتى اهلل عاملا علما إال أخذ عليه من امليثاق ما أخذ على النبيني أن يبينوه للناس وال يكتموه( أخرجه أبو نعيم يف فضل الع [42] العفيف من حديث ابن مسعود بنحوه ويف اخللعيات حنوه من حديث أيب هريرة.

( من حديث معاذ 131/1حديث )قال ملعاذ حني بعثه إىل اليمن ألن يهدي اهلل بك رجال واحدا خري لك... احلديث(. أخرجه أمحد) [43] أنه قال ذلك لعلي.( من حديث سهل ابن سعد 1307/33ومسلم: 1131ويف الصحيحني )البخاري:

حديث )) من تعلم بابا من العلم ليعلم الناس أعطي ثواب سبعني صديقا(( رواه أبو منصور الديلمي يف مسند الفردوس من حديث ابن [44] مسعود بسند ضعيف.

حديث ))إذا كان يوم القيامة يقول اهلل تعاىل للعابدين واجملاهدين ادخلوا اجلنة ... احلديث(( أخرجه أبو العباس الذهيب يف العلم من [45] حديث ابن عباس بسند ضعيف.

حديث )) إن اهلل ال ينتزع العلم انتزاعا من الناس... احلديث(( متفق عليه من حديث عبد اهلل بن عمرو. [46]

حديث )) من علم علما فكتمه أجلم يوم القيامة بلجام من نار(( رواه أبو داود والرتمذي وابن ماجه وابن حبان واحلاكم وصححه من 47][ حديث أيب هريرة قال الرتمذي: حديث حسن.

حديث )) نعم العطية ونعم اهلدية كلمة حكمة تسمعها ... احلديث(( أخرجه الطرباين من حديث ابن عباس حنوه بإسناد ضعيف. [48]

رجه الرتمذي وابن ماجه من حديث أيب هريرة قال الرتمذي: حسن غريب.حديث )) الدنيا ملعونة ملعون ما فيها ... احلديث(( أخ [49]

معلم الناس اخلري حديث )) إن اهلل ومالئكته وأهل السموات وأهل األرض حىت النملة يف جحرها وحىت احلوت يف البحر ليصلون على [50] (( أخرجه الرتمذي من حديث أيب أمامة وقال: غريب ويف نسخة: حسن صحيح.

لرب من رواية حممد بن املنكدر مرسال حنوه حديث )) ما أفاد املسلم أخاه فائدة أفضل من حديث حسن... احلديث(( أخرجه ابن عبد ا [51] وأليب نعيم من حديث عبد اهلل بن عمرو )) ما أهدى مسلم ألخيه هدية أفضل من كلمة تزيده هدى أو ترده عن ردى((.

احلكمة يسمعها املؤمن فيعمل هبا ويعلمها... احلديث(( أخرجه ابن املبارك يف الزهد والرقائق من رواية زيد بن أسلم حديث )) كلمة من [52] مرسال حنوه ويف مسند الفردوس من حديث أيب هريرة بسند ضعيف )) كلمة حكمة يسمعها الرجل خري له من عبادة سنة((.

حديث ))خرج رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ذات يوم على أصحابه فرأى جملسني أحدمها يدعون اهلل... احلديث(( أخرجه ابن ماجه [53] من حديث عبد اهلل بن عمرو بسند ضعيف.

حديث ))مثل ما بعثين اهلل به من العلم واهلدى... احلديث(( متفق عليه من حديث أيب موسى اه. [54]

إال من ثالث... احلديث(( أخرجه مسلم من حديث أيب هريرة حديث )) إذا مات ابن آدم انقطع عمله [55]

أيب حديث ))الدال على اخلري كفاعله(( أخرجه الرتمذي من حديث أنس وقال: غريب. ورواه مسلم وأبو داود والرتمذي وصححه عن [56] مسعود البدري بلفظ )من دل على خري فله مثل أجر فاعله(.

حديث ))ال حسد إال يف اثنتني... احلديث(( متفق عليه من حديث ابن مسعود. [57]

حديث ))على خلفائي رمحة اهلل... احلديث(( رواه ابن عبد الرب يف العلم، واهلروي يف ذم الكالم من حديث احلسن، فقيل هو ابن علي [58] ن حديث علي حنوه.وقيل ابن يسار البصري فيكون مرسال، والبن السين وأيب نعيم يف رياضة املتعلمني م

حديث معاذ ))تعلموا العلم فإن تعلمه هلل خشية وطلبه عبادة... احلديث بطوله(( رواه أبو الشيخ ابن حبان يف كتاب الثواب، وابن عبد [59] د قوي.الرب وقال: ليس له إسنا

حديث ))بين اإلسالم على مخس... احلديث(( متفق عليه من حديث ابن عمر. [60]

حديث: اكتفى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم من أجالف العرب بالتصديق واإلقرار من غري تعلم دليل: مشهور يف كتب السري [61] واحلديث؛ فعند مسلم قصة ضمام بن ثعلبة.

الث مهلكات: شح مطاع... احلديث(( أخرجه البزار والطرباين وأبو نعيم والبيهقي يف الشعب من حديث أنس بإسناد حديث ))ث [62] ضعيف.

بكرة.حديث ))ال يقضي القاضي وهو غضبان(( متفق عليه من حديث أيب [63]

حديث ))كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أميا أي ال حيسن الكتابة(( أخرجه ابن مردويه يف التفسري من حديث عبد اهلل بن عمر [64]ابن هليعة، والبن حبان والدارقطين واحلاكم والبيهقي وصححه من حديث ابن مسعود: ))قولوا اللهم صل مرفوعا ))أنا حممد النيب األمي(( وفيه

على حممد النيب األمي(( وللبخاري من حديث الرباء ))وأخذ الكتاب وليس حيسن يكتب ((.

حديث )) ال يفيت الناس إال ثالثة... احلديث(( أخرجه ابن ماجه من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ ))ال يقض على [65] الناس(( وإسناده حسن.

عن قلبه(( أخرجه مسلم من حديث أسامة بن زيد. حديث )) هال شققت [66]

حديث ))أمرت أن أقاتل الناس حىت يقولوا ال إله إال اهلل... احلديث(( متفق عليه من حديث أيب هريرة وعمر وابن عمر. [67]

حديث )) دع ما يريبك إىل ما ال يريبك(( أخرجه الرتمذي وصححه والنسائي وابن حبان من حديث احلسن بن علي. [68]

حديث )) اإلمث حزاز القلوب (( أخرجه البيهقي يف شعب اإلميان من حديث ابن مسعود ورواه العدين يف مسنده موقوفا عليه. [69]

املتقني حىت يدع ما ال بأس به... احلديث(( أخرجه الرتمذي وحسنه وابن ماجه واحلاكم وصححه من حديث )) ال يكون الرجل من [70] حديث عطية السعدي.

.حديث )) استفت قلبك وإن أفتوك (( أخرجه أمحد من حديث وابصة [71]

اللمة: اخلطرة يف القلب. [72]

ث(( رواه أبو عبد الرمحن السلمي يف األربعني له يف التصوف من حديث أيب هريرة بإسناد حديث )) إن من العلم كهيئة املكنون... احلدي [73] ضعيف.

احلديث(( رواه الطرباين من حديث ابن عباس وفيه حديث )) قيل له كيف نفعل إذا جاء أمر مل جنده يف كتاب اهلل وال سنة رسوله؟ ... [74] عبد اهلل بن كيسان ضعفه اجلمهور.

احلكيم يف النوادر من قول أيب بكر بن عبد حديث )) ما فضل أبو بكر الناس بكثرة صالة وال كثرة صيام... احلديث(( أخرجه الرتمذي [75] اهلل املزين ومل أجده مرفوعا.

املقصود منها واحد، وإمنا جيعل معه وجد يف النص: >فإنه قيل جلالينوس: إنك تأمر للداء الواحد باألدوية الكثرية اجملمعة، فقال: )إمنا [76] غريه لتسكن حدته ألن اإلفراد قاتل(<

ابن عباس بلفظ: )) اختالف حديث )) اختالف أميت رمحة (( ذكره البيهقي يف رسالته األشعرية تعليقا وأسنده يف املدخل من حديث [77] أصحايب لكم رمحة (( وإسناده ضعيف.

حديث )) املدينة خري هلم لو كانوا يعلمون (( متفق عليه من حديث سفيان ابن أيب زهري. [78]

حديث )) املدينة تنفي خبثها... احلديث (( متفق عليه من حديث أيب هريرة. [79]

صلى اهلل عليه وسلم (( متفق عليه من حديث عائشة.حديث )) سحر رسول اهلل [80]

احلديث (( رواه الطرباين من حديث ابن مسعود بإسناد حسن. حديث )) إذا ذكر القدر فأمسكوا ... [81]

حديث )) أخاف على أميت بعدي ثالثا حيف األئمة ... احلديث (( أخرجه ابن عبد الرب من حديث أيب حمجن بإسناد ضعيف. [82]

احلديث(( أخرجه ابن عبد حديث: مر رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم برجل والناس جمتمعون فقال: )) ما هذا؟ فقالوا رجل عالمة... [83]ث الرب من حديث أيب هريرة وضعفه. ويف آخر احلديث )) إمنا العلم آية حمكمة... إىل آخره(( وهذه القطعة عند أيب داود وابن ماجه من حدي

عبد اهلل بن عمرو.

ليس له ختريج عند احلافظ العراقي! حممدحزين [84]

)) نعوذ باهلل من علم ال ينفع (( أخرجه ابن عبد الرب من حديث جابر بسند حسن، وهو عند ابن ماجه بلفظ )) تعوذوا (( وقد حديث [85] تقدم.

أبو داود من حديث بريدة ويف إسناده من جيهل.حديث )) إن من العلم جهال... احلديث(( رواه [86]

حديث )) قليل من التوفيق خري من كثري من العلم(( مل أجد له أصال، وقد ذكره صاحب الفردوس من حديث أيب الدرداء، وقال: )) [87] قل بدل العلم (( ، ومل خيرجه ولده يف مسنده.الع

فقهاء(( رواه أبو نعيم يف احللية والبيهقي يف الزهد، واخلطيب يف التاريخ من حديث )حكماء ال يوجد هذه اللفظ(حديث ))علماء [88] سويد بن احلارث بإسناد ضعيف.

أبو بكر بن الل يف مكارم األخالق، وأبو بكر بن السين وابن عبد الرب من حديث )) أال أنبئكم بالفقيه كل الفقيه... احلديث (( رواه [89] حديث علي. وقال ابن عبد الرب: أكثرهم يوقفونه عن علي.

اىل من غدوة إىل طلوع الشمس... احلديث (( رواه أبو داود بإسناد حسن.حديث أنس )) ألن أقعد مع قوم يذكرون اهلل تع [90]

ث شداد بن أوس وقال: ال حديث )) ال يفقه العبد كل الفقه حىت ميقت الناس يف ذات اهلل... احلديث (( أخرجه ابن عبد الرب من حدي [91] يصح مرفوعا.

حديث )) أبغض إله عبد يف األرض عند اهلل هو اهلوى (( أخرجه الطرباين من حديث أيب أمامة بإسناد ضعيف. [92]

حديث )) إذا مررمت برياض اجلنة فارتعوا... احلديث (( أخرجه الرتمذي من حديث أنس وحسنه. [93]

حديث )) إن هلل مالئكة سياحني يف اهلواء سوى مالئكة اخللق... احلديث((. متفق عليه من حديث أيب هريرة دون قوله يف اهلواء [94] والرتمذي ))سياحني يف األرض(( وقال مسلم سيارة.

حديث ))مل تكن القصص يف زمن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ((. رواه ابن ماجه من حديث عمر بإسناد حسن. [95]

الباب األول. حديث أيب ذر ))حضور جملس علم أفضل من صالة ألف ركعة(( تقدم يف [96]

حديث )) إياك والسجع يا ابن رواحة(( مل أجده هكذا وألمحد وأيب علي وابن السين وأيب نعيم يف كتاب الرياضة من حديث عائشة [97]إياك والسجع فإن النيب صلى اهلل عليه وسلم وأصحابه كانوا ال يسجعون(( والبن حبان )واجتنب السجع( بإسناد صحيح أنا قالت للسائب )) ويف البخاري حنوه من قول ابن عباس.

سلم من حديث املغرية.حديث )) أسجع كسجع األعراب(( أخرجه م [98]

حديث )) إن من الشعر حلكمة (( أخرجه البخاري من حديث أيب بن كعب. [99]

حديث )) ما حدث أحدكم قوما حبديث ال يفهمونه إال كان فتنة عليهم(( رواه العقيلي يف الضعفاء وابن السين وأبو نعيم يف الرياء من [100] حديث ابن عباس بإسناد ضعيف، وملسلم يف مقدمة صحيحه موقوفا على ابن مسعود.

حديث )) كلموا الناس مبا يعرفون ودعوا ما ينكرون... احلديث ((. رواه البخاري موقوفا على علي ورفعه أبو منصور الديلمي يف مسند [101] الفردوس من طريق أيب نعيم.

حديث )) تسحروا فإن يف السحور بركة(( متفق عليه من حديث أنس. [102]

النيب صلى اهلل عليه وسلم وزيد بن ثابت )تسحرا(.حديث )) تناول الطعام يف السحور (( رواه البخاري من حديث أنس أن [103]

حديث ))هلموا إىل الغذاء املبارك(( رواه أبو داود والنسائي وابن حبان من حديث العرباض بن سارية وضعفه ابن القطان. [104]

حديث ))من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار(( أخرجه الرتمذي من حديث ابن عباس وحسنه، وهو عند أيب داود من رواية [105] ابن العبد، وعند النسائي يف الكربى.

حديث )) اللهم فقهه يف الدين وعلمه التأويل((، قاله البن عباس رواه البخاري من حديث ابن عباس دون قوله )وعلمه التأويل( وهو [106] سناد.هبذه الزيادة عند أمحد وابن حبان واحلاكم وقال صحيح اإل

حديث ))من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار(( متفق عليه من حديث أيب هريرة وعلي وأنس. [107]

حديث ))كلمة من احلكمة يتعلمها الرجل خري له من الدنيا(( تقدم بنحوه. [108]

الدارمي بنحوه من رواية األحوص بن حكيم عن أبيه مرسال وهو حديث ملا سئل عن شر اخللق أيب وقال ))اللهم اغفر( احلديث. رواه [109] ضعيف، ورواه البزار يف مسنده من حديث معاذ بسند ضعيف.

حديث أيب هريرة خمتصرا، وهو بتمامه عند الرتمذي من حديث عمرو بن حديث )) بدأ اإلسالم غريبا... احلديث(( أخرجه مسلم من [110] عوف وحسنه.

يقوله يف وصف الغرباء، مل أر له أصال. حديث )) هم املتمسكون مبا أنتم عليه اليوم(( [111]

حديث ))الغرباء ناس قليلون صاحلون(( أخرجه أمحد من حديث عبد اهلل بن عمرو. [112]

حديث: )) ما ضل قوم بعد هدي كانوا عليه إال أوتوا اجلدل ((، رواه الرتمذي وابن ماجه من حديث أيب أمامة قال الرتمذي حسن 11][3 صحيح.

هلل بقوله فاحذرهم((، متفق عليه من حديث عائشة.حديث )) هم أهل اجلدل الذين عىن ا [114]

حديث ))إنكم يف زمان أهلمتم فيه العمل وسيأيت قوم يلهمون اجلدل(( مل أجده. [115]

حديث ))أبغض اخللق إىل اهلل األلد اخلصم((، متفق عليه من حديث عائشة. [116]

العمل((،مل أجد له أصال.حديث ))ما أويت قوم املنطق إال منعوا [117]

حديث أنس ))قيل يا رسول اهلل مىت يرتك األمر باملعروف والنهي عن املنكر... احلديث(( أخرجه ابن ماجه بإسناد حسن. [118]

حديث ))احلسد يأكل احلسنات كما تأكل النار احلطب((، أخرجه أبو داود من حديث أيب هريرة وقال البخاري ال يصح وهو عند [119] ابن ماجه من حديث أنس بإسناد ضعيف ويف تاريخ بغداد بإسناد حسن.

حديث ))من تكرب وضعه اهلل ... احلديث((، أخرجه اخلطيب من حديث عمر بإسناد صحيح وقال: غريب من حديث الثوري، والبن [120] ماجه حنوه من حديث أيب سعيد بسند حسن.

حديث ))الكربياء ردائي والعظمة إزاري ... احلديث((، أخرجه أبو داود وابن ماجه وابن حبان من حديث أيب هريرة وهو عند مسلم [121] بلفظ: )الكربياء رداؤه( من حديث أيب هريرة وأيب سعيد.

حديث )) نى املؤمن عن إذالل نفسه((، أخرجه الرتمذي وصححه وابن ماجه من حديث حذيفة ))ال ينبغي للمؤمن أن يذل [122] نفسه((.

حديث ))املؤمن ليس حبقود(( مل أقف له على أصل. [123]

احلديث((، أخرجه الطرباين من حديث سلمان حديث ))إذا تعلم الناس العلم وتركوا العمل وحتابوا باأللسن وتباغضوا بالقلوب ... [124] بإسناد ضعيف رواه احلسن.

رتمذي: حسن.حديث ))من ترك املراء وهو مبطل ... احلديث((، أخرجه الرتمذي وابن ماجه من حديث أنس مع اختالف قال ال [125]

بدون ختريج [126]

خالق هلم((، أخرجه النسائي من حديث أنس بإسناد صحيح.حديث )) إن اهلل يؤيد هذا الدين بأقوام ال [127]

حديث )) إن اهلل يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر((، متفق عليه من حديث أيب هريرة. [128]

حديث ))بين الدين على النظافة((، مل أجده هكذا، ويف الضعفاء البن حبان من حديث عائشة: )تنظفوا فإن اإلسالم نظيف( [129] وللطرباين يف األوسط بسند ضعيف جدا من حديث ابن مسعود: )النظافة تدعو إىل اإلميان(.

حديث ))ال تدخل املالئكة بيتا فيه كلب(( متفق عليه من حديث أيب طلحة األنصاري. [130]

حديث ))حشر املمزق ألعراض الناس يف صورة كلب ضار... احلديث((، أخرجه الثعليب يف التفسري من حديث الرباء بسند ضعيف. [131]

وقوله: )هكذا أمرنا أن نفعل بالعلماء(، أخرجه الطرباين واحلاكم والبيهقي يف املدخل إال حديث أخذ ابن عباس بركاب زيد بن ثابت [132] أنم قالوا: )هكذا نفعل( قال احلاكم: صحيح اإلسناد على شرط مسلم.

أخالق املؤمن امللق إال يف طلب العلم((، أخرجه ابن عدي من حديث معاذ وأيب أمامة بإسنادين ضعيفني. حديث ))ليس من [133]

حيحني من حديث ابن عباس)) كان عند النيب صلى اهلل حديث )) أبيح له صلى اهلل عليه وسلم تسعة نسوة((، وهو معروف ويف الص [134] عليه وسلم تسع... احلديث((.

ناد ضعيف ورواه البيهقي يف الشعب حديث ))لو وزن إميان أيب بكر بإميان العاملني لرجح((، أخرجه ابن عدي من حديث ابن عمر بإس [135] موقوفا على عمر بإسناد صحيح.

( من 8830) ( وابن حبان383( وابن ماجه )31:8( والنسائي )1حديث ))إمنا أنا لكم مثل الوالد لولده((، أخرجه أبو داود ) [136] حديث أيب هريرة.

حديث: ))لو منع الناس عن فت البعر لفتوه ... احلديث(( مل أجده. [137]

حديث: ))حنن معاشر األنبياء أمرنا أن ننزل الناس منازهلم... احلديث(( رويناه يف جزء من حديث أيب بكر بن [138] الشخري من حديث عمر أقصر منه وعند أيب داود من حديث عائشة: ))أنزلوا الناس منازهلم((.

مل خيرجه. [139]

سناد ضعيف وتقدم ))من كتم علما نافعا جاء يوم القيامة ملجما بلجام من نار(( أخرجه ابن ماجه من حديث أيب سعيد بإ حديث: [140] حديث أيب هريرة بنحوه.

قطعة من حديث مل خيرجه لعله يف األربعني النووية. [141]

مل خيرجه. [142]

حديث: ))ال يكون املرء عاملا حىت يكون بعلمه عامال((. أخرجه ابن حبان يف كتاب روضة العقالء والبيهقي يف املدخل موقوفا على [143] الدرداء ومل أجده مرفوعا. أيب

حديث: ))العلم علمان علم على اللسان...احلديث((، أخرجه الرتمذي احلكيم يف النوادر وابن عبد الرب من حديث احلسن مرسال [144] طيب يف التاريخ من رواية احلسن عن جابر بإسناد جيد وأعله ابن اجلوزي.بإسناد صحيح وأسنده اخل

حديث: )) يكون يف آخر الزمان عباد جهال وعلماء فسقة(( أخرجه احلاكم من حديث أنس وهو ضعيف. [145]

حديث: )) ال تتعلموا العلم لتباهوا به العلماء(( أخرجه ابن ماجه من حديث جابر بإسناد صحيح. [146]

صحيح. –تقدم أخراجه [147]

ألنا من غري الدجال أخوف عليكم من الدجال... احلديث(( أخرجه أمحد من حديث أيب ذر بإسناد جيد. حديث: )) [148]

حديث: )) من ازداد علما ومل يزدد هدى مل يزدد من اهلل إال بعدا(( أخرجه أبو منصور الديلمي يف )مسند الفردوس(. وحديث علي [149]العقالء( موقوفا على احلسن: ))من ازداد علما مث ازداد على الدنيا حرصا مل بإسناد ضعيف، إال أنه قال )زهدا(. وروى ابن حبان يف )روضة

عليه يزدد من اهلل إال بعدا(( وروى أبو الفتح األزدي يف ))الضعفاء(( من حديث علي ))من ازداد باهلل علما مث ازداد للدنيا حبا ازداد اهلل غضبا((.

حديث: )) إن العامل يعذب عذابا يطيف به أهل النار... احلديث(( مل أجده هبذا اللفظ وهو معىن حديث أسامة املذكور بعده. [150]

حديث أسامة بن زيد: ))يؤتى بالعامل يوم القيامة ويلقى يف النار فتندلق أقتابه... احلديث(( متفق عليه، بلفظ: )الرجل( بدل )العامل(. [151]

ا يبتغي به وجه اهلل ليصيب به عرضا... احلديث(( ، أخرجه أبو داود وابن ماجه بإسناد جيد.حديث أيب هريرة: ))من طلب علما مم [152]

الدين... احلديث(( أخرجه ابن عبد الرب بإسناد ضعيف.حديث أيب الدرداء: )) أوحى اهلل إىل بعض األنبياء قل للذين يتفقهون لغري [153]

حديث ابن عباس: ))علماء هذه األمة رجالن... احلديث(( أخرجه الطرباين يف األوسط بإسناد ضعيف. [154]

حديث معاذ: ))من فتنة العامل أن يكون الكالم أحب إليه من االستماع(( احلديث أخرجه أبو نعيم وابن اجلوزي يف املوضوعات. [155]

حديث: ))إن العبد لينشر له من الثناء ما بني املشرق واملغرب وما يزن عند اهلل جناح بعوضة(( مل أجده هكذا ويف الصحيحني من [156] حديث أيب هريرة: ))إنه ليأيت الرجل العظيم السمني يوم القيامة ال يزن عند اهلل جناح بعوضة((.

حديث جابر: ))ال جتلسوا عند كل عامل... احلديث(( أخرجه أبو نعيم يف احللية وابن اجلوزي يف املوضوعات [157]

حديث: ))مررت ليلة أسري يب بأقوام تقرض شفاههم مبقاريض من نار... احلديث(( أخرجه ابن حبان من حديث أنس. [158]

العلماء... احلديث(( أخرجه الدارمي من رواية األحوص بن حكيم عن أبيه مرسال حديث: ))هالك أميت عامل فاجر وشر الشرار شرار [159] بآخر احلديث حنوه وقد تقدم ومل أجد صدر احلديث.

))تعلموا ما شئتم أن تعلموا فلن يأجركم اهلل حىت تعملوا(( علقه ابن عبد الرب حديث عبد الرمحن بن غنم: عن عشرة من الصحابة [160]وأسنده ابن عدي وأبو نعيم واخلطيب يف كتاب اقتضاء العلم للعمل من حديث معاذ فقط بسند ضعيف ورواه الدارمي موقوفا على معاذ بسند

صحيح.

حديث: )) القضاة ثالثة... احلديث(( أخرجه أصحاب السنن من حديث بريدة وهو صحيح. [161]

حلديث(( يف اجلامع من حديث أنس بسند ضعيفظ.حديث ))إن الشيطان رمبا يسوفكم بالعلم... ا [162]

حديث: ))إمنا أخاف على أميت زلة عامل... احلديث(( أخرجه الطرباين من حديث أيب الدرداء والبن حبان حنوه من حديث عمران بن [163] ني.حص

فقال علمين من غرائب العلم... احلديث(( رواه ابن السين وأبو نعيم يف صلى اهلل عليه وسلمحديث: )) أن رجال جاء إىل رسول اهلل [164] كتاب الرياضة هلما وابن عبد الرب من حديث عبد اهلل بن املسور مرسال وهو ضعيف جدا.

قميص املعلم(( متفق عليه من حديث عائشة.حديث: ))نزع ال [165]

حديث: ))نزع اخلامت الذهب يف أثناء اخلطبة(( متفق عليه من حديث ابن عمر. [166]

حديث: ))من بدا جفا... احلديث(( أخرجه أبو داود والرتمذي وحسنه والنسائي من حديث ابن عباس. [167]

تعرفون منهم وتنكرون... احلديث(( أخرجه مسلم من حديث أم سلمة.حديث: ))سيكون عليكم أمراء [168]

يف املوضوعات رواه حديث أنس: ))العلماء أمناء الرسل على عباد اهلل... احلديث(( أخرجه العقيلي يف الضعفاء وذكره ابن اجلوزي [169] أنس.

حديث شرار: ))العلماء الذين يأتون األمراء وخيار األمراء الذين يأتون العلماء(( أخرجه ابن ماجه بالشطر األول حنوه من حديث أيب [170] .هريرة بسند ضعيف

حديث: ))العلم ثالثة كتاب ناطق وسنة قائمة وال أدري(( أخرجه اخلطيب يف أمساء من روى عن مالك موقوفا على ابن عمر وأليب [171] ا حنوه مع اختالف وقد تقدم.داود وابن ماجه من حديث عبد اهلل بن عمر مرفوع

حديث: ))ما أدري أعزير نيب أم ال... احلديث(( أخرجه أبو داود واحلاكم وصححه من حديث أيب هريرة. [172]

حديث: ))ملا سئل عن خري البقاع وشرها قال ال أدري حىت نزل جربيل... احلديث(( أخرجه أمحد وأبو يعلى والبزار واحلاكم وصححه [173] وحنوه من حديث ابن عمر.

حديث: )) كل كالم ابن آدم عليه ال له إال ثالثة... احلديث(( أخرجه الرتمذي وابن ماجه من حديث أم حبيبة قال الرتمذي حديث [174] غريب.

حديث: )) إن رأيتم الرجل قد أوتى صمتا وزهدا... احلديث(( أخرجه ابن ماجه من حديث ابن خالد بإسناد ضعيف. [175]

البخاري من حديث أيب جعفة. بني سلمان وأيب الدرداء أخرجه صلى اهلل عليه وسلمحديث مؤاخاته [176]

حديث: )) من عمل مبا علم ورثه اهلل علم ما مل يعلم(( أخرجه أبو نعيم يف احللية من حديث أنس وضعفه. [177]

احلديث ليس له ختريج هنا، ولعله خمرج من قبل. [178]

أحببته كنت له مسعا وبصرا(( متفق عليه من حديث أيب هريرة بلفظ مسعه حديث: )) ال يزال العبد يتقرب إيل بالنوافل حىت أحبه فإذا [179] وبصره، وهو يف احللية كما ذكره املؤلف من حديث أنس بسند ضعيف.

البيهقي يف الزهد واخلطيب يف التاريخ من حديث ابن مسعود بإسناد حسن. حديث: )) اليقني اإلميان كله(( أخرجه [180]

يا يف اليقني من قول خالد بن حديث: )) تعلموا اليقني(( أخرجه أبو نعيم من رواية ثور بن يزيد مرسال وهو معضل رواه ابن أيب الدن [181] معدان.

حديث: ))قيل له رجل حسن اليقني كثري الذنوب...(( أخرجه الرتمذي احلكيم يف النوادر من حديث أنس بإسناد مظلم. [182]

حديث: ))من أوىل ما أوتيتم اليقني وعزمية الصرب... احلديث(( مل أقف له على أصل وروى ابن عبد الرب من حديث معاذ: )) ما أنزل [183] احلديث((. اهلل شيئا أقل من اليقني وال قسم شيئا بني الناس أقل من احللم...

حديث: )) إن من خيار أميت قوما يضحكون جهرا من سعة رمحة اهلل ويبكون سرا من خوف عذابه... احلديث(( أخرجه احلاكم [184] عياض بن سليمان.والبيهقي يف شعب اإلميان وضعفه من حديث

أي األعمال أفضل صلى اهلل عليه وسلممل أجده هكذا بطوله ويف )زيادات الزهد( البن املبارك من حديث احلسن مرسال: ) سئل النيب [185]وللدارمي من رواية األحوص بن حكيم عن أبيه مرسال: )) أال إن شر الشر شرار نك رطب من ذكر اهلل تعاىل(( قال أن ةموت يوم ةموت ولسا

العلماء، وإن خري اخلري خيار العلماء، وقد تقدم.

ثر الناس أمنا يوم القيامة أكثرهم خوفا يف الدنيا... احلديث(( مل أجد له أصال.حديث: )) إن أك [186]

احلديث(( أخرجه احلاكم وصححه على شرط حديث ابن عمر: )) لقد عشنا برهة من الدهر وإن أحدنا يؤتى اإلميان قبل القرآن... [187] الشيخني والبيهقي.

يث جندب أوتينا اإلميان قبل القرآن... احلديث(( أخرجه ابن ماجه من حد صلى اهلل عليه وسلمحديث: )) كنا أصحاب رسول اهلل [188] خمتصرا مع اختالف.

... احلديث(( أخرجه احلاكم ]فمن يرد اهلل أن يهديه يشرح صدره لإلسالم[ صلى اهلل عليه وسلم:حديث: )) ملا تال رسول اهلل [189] حديث ابن مسعود. والبيهقي يف الزهد من

عن اخلري وكنت أسأله عن الشر... احلديث(( أخرجاه خمتصرا. صلى اهلل عليه وسلمحديث حذيفة: )) كان الناس يسألون رسول اهلل [190]

أخرجه الطرباين من حديثه يرفعه صلى اهلل عليه وسلم(( حديث ابن عباس: ))ما من أحد إال يؤخذ من علمه ويرتك إال رسول اهلل [191] بلفظة من قوله ))ويدع((.

حديث ابن مسعود: ))إمنا مها اثنتان الكالم واهلدى... احلديث(( أخرجه ابن ماجه. [192]

شغله عيبه عن عيوب الناس وأنفق ماال اكتسبه... احلديث(( أخرجه أبو نعيم من حديث احلسني بن علي بسند حديث: ))طوىب ملن [193] ضعيف والبزار من حديث أنس أول احلديث وآخره والطرباين والبيهقي من حديث ركب املصري وسط احلديث وكلها ضعيفة.

حديث: ))كان يتوكأ يف خطبة العيد واالستسقاء على قوس أو عصا(( أخرجه الطرباين من حديث الرباء وحنوه يف يوم األضحى ليس [194] اجلمعة خطب فيه االستسقاء وهو ضعيف رواه يف الصغري من حديث سعد القرظي كان إذا خطب يف العيدين خطب على قوس وإذا خطب يف

على عصا وهو عند ابن ماجه بلفظ كان إذا خطب يف احلرب خطب على قوس احلديث.

)يف أمرنا ما ليس منه(( وعند أيب داود حديث: ))من أحدث يف ديننا ما ليس فيه فهو رد(( متفق عليه من حديث عائشة بلفظ: ) [195] ))فيه((.

حديث: )) من غش أميت فعليه لعنة اهلل... احلديث(( أخرجه الدارقطين يف األفراد من حديث أنس بسند ضعيف جدا. [196]

مل تنله شفاعته(( مل أجد له أصال. صلى اهلل عليه وسلمحديث: ))إن هلل ملكا ينادى كل يوم من خالف سنة رسول اهلل [197]

حديث: )) عليكم بالنمط األوسط... احلديث(( أخرجه أبو عبيد يف غريب احلديث موقوفا على علي بن أيب طالب ومل أجده مرفوعا. [198]

يف قومه كالنيب يف أمته(( أخرجه ابن حبان يف الضعفاء من حديث ابن عمر وأبو منصور الديلمي من حديث أيب حديث: ))الشيخ [199] رافع بسند ضعيف.

بالعقل... احلديث(( أخرجه داود بن اجملرب أحد الضعفاء يف كتاب العقل من حديث حديث: ))يا أيها الناس اعقلوا عن ربكم وتواصوا [200] أيب هريرة وهو يف مسند احلارث بن أيب أسامة عن داود.

له أقبل... احلديث(( أخرجه الطرباين يف األوسط من حديث أيب أمامة وأبو نعيم من حديث حديث: )) أول ما خلق اهلل العقل قال [201] عائشة بإسنادين ضعيفني.

حىت بالغوا يف الثناء فقال كيف عقل الرجل... احلديث(( أخرجه لمصلى اهلل عليه وسحديث أنس: )) أثىن قوم على رجل عند النيب [202] ابن احملرب يف العقل بتمامه والرتمذي احلكيم يف النوادر خمتصرا.

ل... احلديث(( أخرجه ابن احملرب يف العقل وعنه احلارث بن أيب أسامة.حديث عمر: )) ما اكتسب رجل مثل فضل عق [203]

احلديث(( أخرجه ابن احملرب حديث: )) إن الرجل ليدرك حبسن خلقه درجة الصائم القائم وال يتم لرجل حسن خلقه حىت يتم عقله... [204] من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده به واحلديث عند الرتمذي خمتصر دون قوله وال يتم من حديث عائشة وصححه.

ة ودعامة املؤمن عقله... احلديث(( أخرجه ابن احملرب وعنه احلارث.حديث أيب سعيد: )) لكل شيء دعام [205]

احلديث(( وسلم...صلى اهلل عليه حديث عمر: )) أنه قال لتميم الداري ما السودد فيكم قال العقل قال صدقت سألت رسول اهلل [206] أخرجه ابن احملرب وعنه احلارث.

فقال يا أيها الناس إن لكل شيء مطية... احلديث(( أخرجه ابن صلى اهلل عليه وسلمحديث الرباء: )) كثرت املسائل على رسول اهلل [207] احملرب وعنه احلارث.

ون كان فالن أشجع من فالن... من غزوة أحد مسع الناس يقول صلى اهلل عليه وسلمحديث أيب هريرة: )) ملا رجع رسول اهلل [208] احلديث(( أخرجه ابن احملرب.

حلارث يف مسنده حديث الرباء بن عازب: )) جد املالئكة واجتهدوا يف طاعة اهلل بالعقل... احلديث(( أخرجه ابن احملرب كذلك وعنه ا [209] ورواه البغوي يف )معجم الصحابة( من حديث ابن عازب رجل من الصحابة غري الرباء وهو بالسند الذي رواه ابن اجملرب.

شيء يتفاضل الناس يف الدنيا قال بالعقل... احلديث(( أخرجه ابن احملرب والرتمذي احلكيم حديث عائشة: ))قلت: يا رسول اهلل بأي [210] يف )النوادر( حنوه.

احلديث(( أخرجه ابن احملرب وعنه احلارث. حديث ابن عباس: )) لكل شيء آلة وعدة وإن آلة املؤمن العقل... [211]

حديث: )) إن أحب املؤمنني إىل اهلل من نصب يف طاعة اهلل... احلديث(( أخرجه ابن احملرب من حديث ابن عمر، ورواه أبو منصور [212] يلمي يف )مسند الفردوس( بإسناد آخر ضعيف.الد

حديث: ))أةمكم عقال أشدكم هلل خوفا... احلديث(( أخرجه ابن احملرب من حديث أيب قتادة. [213]

حديث: ))ما خلق اهلل خلقا أكرم عليه من العقل(( أخرجه الرتمذي احلكيم يف النوادر بسند ضعيف من رواية احلسن عن عدة من [214] الصحابة.

حديث: )) إذا تقرب الناس بأنواع الرب فتقرب أنت بعقلك (( أخرجه أبو نعيم يف احللية من حديث علي: )) إذا اكتسب الناس من [215] أنواع الرب ليتقربوا هبا إىل ربنا عز وجل فاكتسب أنت من أنواع العقل تسبقهم بالزلفة والقرب (( وإسناده ضعيف.

حديث: )) ازدد عقال تزدد من ربك قربا... احلديث(( قاله أليب الدرداء: أخرجه ابن احملرب ومن طريقه احلارث ابن أيب أسامة والرتمذي [216] احلكيم يف )النوادر(.

حديث: )) ابن املسيب أن عمر وأيب بن كعب وأبا هريرة دخلوا على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فقالوا: يا رسول اهلل من أعلم [217] الناس فقال العاقل... احلديث(( أخرجه ابن احملرب.

أخرجه ابن احملرب من حديث سعيد بن املسيب مرسال وفيه قصة. حديث: )) إمنا العاقل من آمن باهلل وصدق رسله وعمل بطاعته(( [218]

حديث: )) إن روح القدس نفث يف روعي أحبب من أحببت فإنك مفارقه... احلديث(( أخرجه الشريازي يف )األلقاب( من حديث [219] سهل بن سعد حنوه والطرباين يف )األصغر( و )األوسط( من حديث علي وكالمها ضعيف.

حديث ابن سالم: )) سئل النيب صلى اهلل عليه وسلم يف حديث طويل يف آخره وصف عظم العرش وأن املالئكة قالت يا رب هل [220]أنس بتمامه والرتمذي احلكيم يف )النوادر( خمتصرا. )مت تدقيقه بعون خلقت شيئا أعظم من العرش؟ ... احلديث(( أخرجه ابن احملرب من حديث

هجرية على صاحبها أفضل الصالة والسالم حامدا اهلل ومصليا 8311اهلل وتوفيقه على يد افقر عباده حممد بن إمساعيل العاشر من رجب عام على نبيه(