الديمقراطية التركية الهجينة
DESCRIPTION
الديمقراطية التركية الهجينةTRANSCRIPT
![Page 1: الديمقراطية التركية الهجينة](https://reader031.vdocuments.site/reader031/viewer/2022020418/5695d4771a28ab9b02a18b89/html5/thumbnails/1.jpg)
الديمقراطية التركية الهجينة
فاتح كبير وغير منتظر هو الذي حققه حزب العدالة والتنمية التركي في انتخابات فوز
رجب طيب كبير لرجل واحد، هونوفمبر/تشرين الثاني الجاري. ُيحسب هذا الفوز ال
.أردوغان، رئيس الحزب السابق والرئيس الحالي لتركيا
ألن الحزب الحاصل اليوم على الغالبية المطلقة في البرلمان التركي لم يكن فوز كبير،
عدد المقاعد الذي حصل عليها قبل خمسة أشهر يفوق أربعين في المائة، فكيف نجح
الحياة أدائه ليستعيد مكانته حزباً ظل يهيمن على في ظرف خمسة أشهر في تحسين
السياسية في تركيا أكثر من عقدين؟
يجعل ثقة الناس كبيرة فيه، بما أن دخل المواطن هناك رصيد الحزب الذي ما زال
من ثالثة آالف دوالر إلى اثنى عشر ألف دوالر سنوياً، التركي ارتفع في عهد الحزب
يا باتت تصنف اليوم في المرتبة الرابعة عشرة من بين ترك في عشر سنوات، كما أن
.في العالم الدول األكثر تقدماً
في ظرف الخمسة أشهر الفاصلة ما بين انتخابات يونيو/حزيران وانتخابات لكن،
نوفمبر/تشرين الثاني، ساعدت عدة عوامل على تجاوز الحزب كبوته مستفيداً من
التي تشتت أحزاب المعارضة وانقسامها على نفسها، وأيضاً من األحداث المأساوية
والحدث لحرب ضد األكراد المسلحين،عاشتها تركيا أخيراً، خصوصاً استئناف ا
مآسيه، اإلرهابي الذي ضرب تركيا، وجعل األتراك يتذّكرون الماضي القريب بكل
النزعة ويفضلون سنوات االستقرار في عهد "العدالة والتنمية"، متغاضين عن
.الدكتاتورية لزعيم الحزب ورئيس الدولة، رجب طيب أردوغان
الحزب حملة انتخابية قوية، مستفيدا من وجوده في الحكومة، ومستعمال سياسة نهج
الترغيب والترهيب مع خصومه، ليفرض نفسه العباً رئيسياً، وال محيد عنه داخل
قبل ذلك، أفشل كل محاوالت تأسيس حكومةساحة تركية، تمور بأحداٍث عديدة. و
كان، ائتالفية، حتى لو كان هو من سيرأسها، ألنه ال يريد أن يقتسم السلطة مع أي
ائتالفية، وفضل المغامرة بالذهاب من جديد إلى صناديق االقتراع على قيادة حكومة
.ال يملك سلطة المراقبة على كل أعضائها
أمام هذا الفوز الكبير للحزب في انتخابات أول نوفمبر يقابله تراجع كبير لكن،
العشر للنموذج التركي على مستوى العالم. فقد نجح "العدالة والتنمية" في السنوات
االستقرار الماضية في بناء نموذج تركي ديمقراطي، جمع بين المحافظة على حالة
السلطة في بلد عرف هزات في منطقة مضطربة وتحقيق تداول سلمي على
![Page 2: الديمقراطية التركية الهجينة](https://reader031.vdocuments.site/reader031/viewer/2022020418/5695d4771a28ab9b02a18b89/html5/thumbnails/2.jpg)
واضطرابات كثيرة، وعاش أزمات سياسية عديدة، وساهم في إحداث تعايش فريد من
اإلسالم، نوعه بين اإلسالم والعلمانية، في بلد دستوره علماني، ودين أغلبية سكانه هو
في سنوات ونجح في بناء قاعدة تنمية قوية، مكنته من تحقيق تطور اقتصادي باهر
.قليلة
هذه النقاط اإليجابية التي تحتسب لصالح حزب العدالة والتنمية، ظهرت ما ومقابل
قابلة يمكن أن نصفها بأعراض السلطة المزمنة، ما زالت في بدايتها، وبالتالي، فهي
الذي بدأ للتضخم مع كل ما يمكن أن تحمله من انعكاسات سلبية على النموذج التركي
القضاء على كل جه في المنطقة والعالم. أبرز هذه األعراضيفقد كثيراً من وه
وحرية اإلعالم، السلطات المضادة أو على األقل إضعافها، خصوصاً سلطة القضاء
على إغالق وسائل إعالم "فقبيل اقتراع فاتح نوفمبر، أقدمت حكومة "العدالة والتنمية
المعتقلين بسبب آرائهم. معارضة لها. واليوم، في تركيا أكبر عدد من الصحافيين
سنوات، يريد تغيير الدستور، والرئيس التركي الذي حكم بالده رئيساً للوزراء عشر
حكم البالد مدة قد تصل إلى ليعطي لنفسه صالحيات أوسع، وبالتالي، يستمر في
تعديل الدستور، ألنه ما زالت أمامه ثالثين سنة بالصالحيات التي سيعطيها لنفسه بعد
.بالده، وهو ما زال في بداية واليته األولى الترشح لوالية ثانية لرئاسة إمكانية
إلى التركي الذي كان واعدا في بدايته ومغرياً لكثيرين في العالم، في الطريق النموذج
النموذج فقدان وهجه بسبب استنزاف السلطة وإغراءاتها التي ال تنتهي. وزعيم هذا
جديدا، ال عثمانياً ورمزه رجب طيب أردوغان في طريقه إلى تنصيب نفسه سلطاناً
المفارقات الدالة أن يقبل النقد وال يقبل اقتسام السلطة وال يقبل وجود معارضة. ومن
الجديد الذي بناه على الطراز نتائج االنتخابات تزامنت مع انتقال أردوغان إلى قصره
.في حلة ومظهر جديدين العثماني، إلحياء السلطنة العثمانية الجديدة،
النموذج الديمقراطي التركي أمام حالة جديدة وفريدة من نوعها من عنايض
الشرق األوسط الغريبة والهجينة. فإلى جانب ديمقراطية الماللي المنغلقة ديمقراطيات
نفسها في إيران، وديمقراطية إسرائيل العنصرية، تقدم لنا تركيا اليوم على
د الشرقي، الذي يبحث عن شرعنةديمقراطيتها الخاصة بها، ديمقراطية االستبدا
.نموذجه عبر صناديق االقتراع
تعني تدبير االختالف، وضمان حق الناس في االختالف، والنموذج الديمقراطية
رجب طيب أردوغان يسير اليوم نحو القضاء على هذا الحق، وتكريس التركي بقيادة
سلطاناً جديداً يجمع بين شرعية صناديق االقتراع وسلطة دكتاتورية سلطة الرئيس
.بأمره الحاكم
![Page 3: الديمقراطية التركية الهجينة](https://reader031.vdocuments.site/reader031/viewer/2022020418/5695d4771a28ab9b02a18b89/html5/thumbnails/3.jpg)