البغوى تفسير

اإلسرء سورة

الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا ( 173)  وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل

فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله   ( (174)  والله ذو فضل عظيم

ومحل " الذين " خفض أيضا مردود على الذين الذين قال لهم الناس  فهو من وعكرمة مجاهد في قول نعيم بن مسعود ، األول وأراد بالناس :

أم يحسدونالعام الذي أريد به الخاص كقوله تعالى : محمد بن صلى الله عليه وسلم وحده وقال محمدا يعني : الناس

إن الناس قد عبد القيس، وجماعة : أراد بالناس الركب من إسحاق فخافوهم (فاخشوهموأصحابه، ) أبا سفيان يعني ( جمعوا لكم

تصديقا ويقينا وقوة ( فزادهم إيمانا واحذروهم فإنه ال طاقة لكم بهم، ) أي : الموكول ( ونعم الوكيل أي : كافينا الله ، ) ( وقالوا حسبنا الله )

 إليه األمور فعيل بمعنى مفعول .

أحمد بن عبد الله أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أنا محمد بن يوسف ، أخبرنا النعيمي ،

ابن عن أبي الضحى ، عن أبي حصين ، عن أبو بكر ، أخبرنابن يونس ، حسبنا الله ونعم رضي الله عنهما قال : ) عباس

صلى الله عليه محمد حين ألقي في النار وقالها إبراهيم قالها ( الوكيل إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وسلم حين قالوا : )

 . ( وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل

بعافية لم يلقوا عدوا ) وفضل ( بنعمة من الله فانقلبوا ( فانصرفوا ، ) ) لم يمسسهم في السوق )  [139 ص: ] ( تجارة وربح وهو ما أصابوا

في طاعة الله ( واتبعوا رضوان الله (يصبهم أذى وال مكروه ، ) سوء وطاعة رسوله وذلك أنهم قالوا : هل يكون هذا غزوا فأعطاهم الله ثواب

 ( . والله ذو فضل عظيم الغزو ورضي عنهم ، )

عمران آل

)   قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيال ) )  [124 ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إال  (84

  ( (85)   قليال

 . على ناحيته : ابن عباس قال (   قل كل يعمل على شاكلته قوله عز وجل : )

 على نيته . وقتادة الحسن قال

 على خليقته . : مقاتل وقال

 على طريقته التي جبل عليها . الفراء قال

 على طبيعته وجبلته . : القتيبي وقال

وقيل : على السبيل الذي اختاره لنفسه وهو من الشكل يقال : لست على شكلي وال شاكلتي وكلها متقاربة تقول العرب : طريق ذو شواكل إذا تشعبت منه الطرق . ومجاز اآلية : كل يعمل على ما يشبهه كما يقال في المثل : كل

 امرئ يشبهه فعله .

ويسألونك أوضح طريقا . قوله تعالى : ) (   فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيال ) اآلية . (   عن الروح قل الروح من أمر ربي

أحمد بن عبد الله أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أخبرنا قيس بن حدثنا   محمد بن إسماعيل حدثنا محمد بن يوسف أخبرنا النعيمي

عبد الواحد - يعني ابن حدثنا حفص بينا أنا أمشي قال : عبد الله عن علقمة عن إبراهيم عن األعمش حدثنا - زياد

وهو يتوكأ على عسيب معه المدينة مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرث فقال بعضهم لبعض : سلوه عن الروح وقال بعضهم : ال اليهود فمر بنفر من

تسألوه ال يجيء فيه بشيء تكرهونه فقال بعضهم لنسألنه فقام رجل منهم فقال : يا أبا القاسم ما الروح؟ فسكت فقلت : إنه يوحى إليه فقمت فلما

ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما انجلى عنه الوحي قال : )  [125 ص: ] هكذا في قراءتنا . : األعمش قال (   أوتيتم من العلم إال قليال

نشأ محمدا قد اجتمعوا وقالوا : إن قريشا إن أنه قال : ابن عباس وروي عن فينا باألمانة والصدق وما اتهمناه بكذب وقد ادعى ما ادعى فابعثوا نفرا

واسألوهم عنه فإنهم أهل كتاب فبعثوا جماعة إليهم بالمدينة اليهود إلى سلوه عن ثالثة أشياء فإن أجاب عن كلها أو لم يجب عن شيء : اليهود فقالت

عن واحدة فهو نبي فسلوه عن منها فليس بنبي وإن أجاب عن اثنين ولم يجب فتية فقدوا في الزمن األول ما كان من أمرهم؟ فإنه كان لهم حديث عجيب

رجل بلغ شرق األرض وغربها ما خبره وعن الروح؟ فسألوه فقال النبي وعن صلى الله عليه وسلم : أخبركم بما سألتم غدا ولم يقل إن شاء الله فلبث

اثني عشرة ليلة وقيل : خمسة عشر يوما : مجاهد الوحي - قال غدا وقد أصبحنا محمد يقولون : وعدنا وأهل مكة أربعين يوما - : عكرمة وقال

ال يخبرنا بشيء حتى حزن النبي صلى الله عليه وسلم من مكث الوحي وشق وال تقولن لشيء إني فاعل بقوله : " جبريل ثم نزل أهل مكة عليه ما يقوله

أم حسبت أن أصحاب الكهف ونزل في قصة الفتية " "   ذلك غدا إال أن يشاء الله ويسألونك عن ونزل فيمن بلغ الشرق والغرب " "   والرقيم كانوا من آياتنا عجبا

ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ونزل في الروح " "   ذي القرنين . "   ربي

ابن فروي عن الروح الذي وقع السؤال عنه واختلفوا في . وقتادة الحسن وهو قول جبريل أنه : عباس

أنه قال : هو ملك له سبعون ألف وجه لكل وجه سبعون ألف علي وروي عن لسان يسبح الله تعالى بكلها .

خلق على صور بني آدم لهم أيد وأرجل ورءوس وليسوا بمالئكة : مجاهد وقال وال ناس يأكلون الطعام .

لم يخلق الله تعالى خلقا أعظم من الروح غير العرش لو : سعيد بن جبير وقال فيها بلقمة واحدة لفعل شاء أن يبتلع السموات السبع واألرضين السبع ومن

صورة خلقه على صورة خلق المالئكة وصورة وجهه على صورة اآلدميين يقوم يوم القيامة عن يمين العرش وهو أقرب الخلق إلى الله عز وجل اليوم عند الحجب السبعين وأقرب إلى الله يوم القيامة وهو ممن يشفع ألهل التوحيد

 . ولوال أن بينه وبين المالئكة سترا من نور الحترق أهل السموات من نوره

  [126 ص: ] وقيل : الروح هو القرآن .

عليه السالم فإنه روح الله وكلمته ومعناه : أنه ليس عيسى وقيل : المراد منه . النصارى وال كما يقوله اليهود كما يقول

 وقال قوم : هو الروح المركب في الخلق الذي يحيا به اإلنسان وهو األصح .

وتكلم فيه قوم فقال بعضهم : هو الدم أال ترى أن الحيوان إذا مات ال يفوت منه شيء إال الدم؟

 وقال قوم : هو نفس الحيوان بدليل أنه يموت باحتباس النفس .

 وقال قوم : هو عرض .

 وقال قوم : هو جسم لطيف .

وقال بعضهم : الروح معنى اجتمع فيه النور والطيب والعلو والبقاء أال ترى أنه إذا كان موجودا يكون اإلنسان موصوفا بجميع هذه الصفات فإذا خرج ذهب الكل

 ؟

وأولى األقاويل : أن يوكل علمه إلى الله عز وجل وهو قول أهل السنة . إن الله لم يطلع على الروح ملكا مقربا وال نبيا : عبد الله بن بريدة قال

مرسال .

 قيل من علم ربي . (   قل الروح من أمر ربي وقوله عز وجل : )

أي : في جنب علم الله قيل هذا خطاب (   وما أوتيتم من العلم إال قليال ) للرسول صلى الله عليه وسلم .

 ألنهم كانوا يقولون أوتينا التوراة وفيها العلم الكثير . لليهود وقيل : خطاب

وقيل : كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم معنى الروح ولكن لم يخبر به أحدا علما لنبوته . ألن ترك إخباره به كان

 واألول أصح ألن الله عز وجل استأثر بعلمه .