حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

33
١ اﳋﻨﺰﻳﺮ أﺟﺰاء ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺘﺪاﻭﻱ ﺣﻜﻢ» ﻣﻘﺎرﻥ ﻓﻘﻬﻲ ﺑﺤﺚ« اﻷﺳﺘﺎذ اﻟ ﺪﻛﺘﻮر إدرﻳﺲ ﳏﻤﻮد اﻟﻔﺘﺎح ﻋﺒﺪ اﻟﻔﻘﻪ أﺳﺘﺎذ اﳌﻘﺎرﻥ ﺠﺎﻣﻌ ﺘﻲ اﻷزﻫﺮ ﻭاﻹﻣﺎرات

Upload: yahya-habib

Post on 27-Nov-2015

106 views

Category:

Documents


45 download

DESCRIPTION

Medical treatment from pig source is not allowed in islam. detailed document regarding it

TRANSCRIPT

Page 1: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

١

حكم التداوي ببعض أجزاء اخلنزير »بحث فقهي مقارن«

دكتور الاألستاذ

عبد الفتاح حممود إدريس املقارنأستاذ الفقه

واإلمارات األزهر تيجامعب

Page 2: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

٢

بسم اهللا الرمحن الرحيمآلـه عـىل وعىل املبعوث رمحة للعاملني, سيدنا حممـد م سالال وةصالرب العاملني, والاحلمد هللا

: بعدو.. هلم بإحسان إىل يوم الدينوالتابعني وصحبهالتداوي من األمراض أمر مرغب فيه, لورود النصوص الرشعية الكثرية التي حتض فإن

كنت عند النبي صىل اهللا عليه وسلم وجاءت «: حديث أسامة بن رشيك إذ قال: عليه, والتي منها تداووا, فإن اهللا عز وجل مل يضع نعم يا عباد اهللا: يا رسول اهللا أنتداو?, فقال: األعراب فقالوا

وكام يتصور التأثري العالجي . )١(»اهلرم: ما هو? قال: داء إال وضع له شقاء, غري داء واحد, قالوامن األمراض يف األدوية املباحة, فقد يتصور أيضا يف األدولة ذات األصل املحرم رشعا .

نزير, حيث يتخذ من بنكرياسه ومن هذه األدوية األخرية, ما يتخذ من بعض أجزاء اخلاألنسولني الالزم ملرىض السكر, ويتخذ من جلده وعظمه اجليالتني الالزم لتغليف كبسوالت الدواء وأقراصه, وصناعة حمافظ األدوية وجتهيز أقوات املرىض, وغري ذلك من وجوه استخدامه,

خذ جلده كغيار ويدخل شحمه يف صناعة املراهم وكريامت البرشة ومعجون األسنان, ويتبيولوجي للحروق من الدرجة الثالثة, ويتخذ من أمعائه مادة اهليبارين التي تقي من ختثر الدم بالعروق وتعالج هذا التخثر عند حدوثه, وقد أمكن حتوير بعض أنواع اخلنازير جينيا يف هناية

ة لآلدميني, إذ أمكن القرن املايض, بحيث صارت هذه اخلنازير املحورة بمثابة الصيدلية املتنقلاالستفادة من األعضاء اجلامدة هلذه اخلنازير كقطع غيار برشية ال يرفضها جهاز املناعة باجلسم, وأمكن االستفادة من دمها لتصنيع مكونات الدم املختلفة التي حيتاج إليها اإلنسان, بل إنه هبذا

.التحوير أمكن احلصول من لبنها عىل كثري من األدويةسلم به أن األبحاث التي أجريت عىل اخلنازير, لالنتفاع هبا يف جمال التداوي من ومن امل

األمراض املختلفة, مل تكن من صنع مسلم يعلم من أحكام دينه حرمة أجزاء اخلنزير ونجاستها, وإنام كانت من صنع أناس ال يشاركون املسلمني عقيدهتم أو مبادئ سلوكهم أو منهج حياهتم,

لت إىل بالد املسلمني بعض املنتجات الدوائية ذات األصل اخلنزيري, والبعض وهلذا فقد وص

حديث حسن صحيح, وسكت : أخرجه أمحد يف مسنده والرتمذي وابن ماجه وأبو داود يف سننهم, وقال الرتمذي فيه) ١(

).٣/ ٤, سنن أيب داود ١٣٧/ ٢, سنن ابن ماجه ٢٣٩/ ٦, سنن الرتمذي ١٥٦/ ١٧الفتح الرباين : البنا(عنه أبو داود

Page 3: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

٣

اآلخر يف سبيله إليها, وما زال القابضون عىل دينهم يبحثون عن إجابة لسؤال حائر يف نفوسهم, عن مد حل هذه األدوية ذات األصل اخلنزيري, وملا كان استقصاء وجوه التداوي بأجزاء

إضافية من وسيلة النرش مما قد ال يتاح, هلذا فإين الرشعي هلا, يفتقر إىل مساحةاخلنزير لبيان احلكم أجتزئ يف هذا البحث بعض املسائل املتعلقة بالتداوي بأجزاء اخلنزير, آمال أن يمتد العمر وتسنح

التداوي بأنسولني : الفرصة لنرش باقي اجلزئيات, واجلزئيات التي أبني حكمها يف هذا البحث هينزير, واستخدام اجليالتني يف الدواء, واستخدام شحم اخلنزير يف املراهم والكريامت, وترقيع اخل

:جلد اآلدمي بجلد اخلنزير, وأبني هذا يف الفروع واملقاصد التالية .حكم أجزاء اخلنزير: الفرع األول .مد طهارة أجزاء اخلنزير: املقصد األول .زيرحكم تناول أجزاء اخلن: املقصد الثاين .أثر االستحالة يف األعيان النجسة: الفرع الثاين .التداوي بأنسولني اخلنزير: الفرع الثالث .استخدام جيالتني اخلنزير يف الدواء: الفرع الرابع

.استخدام شحم اخلنزير يف املراهم والكريامت: الفرع اخلامس .ترقيع جلد اآلدمي بجلد اخلنزير: الفرع السادس

Page 4: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

٤

الفرع األول كم أجزاء اخلنزيرح

أبني يف هذا الصدد حكم أجزء اخلنزير, من حيث الطهارة أو النجاسة, وحكم تناوهلا يف حال .االختيار

املقصد األول مد طهارة أجزاء اخلنزير

ال خالف بني الفقهاء عىل أن اخلنزير ال تعمل فيه الذكاة, فال تطهر أجزاؤه, وال تطيب هبا, خالف بينهم كذلك عىل أن مجيع أجزائه نجسة, باستثناء شعره, الذي فإذا ذكى صار ميتة, وال

ير مجهور املالكية طهارته, وباستثناء جلده الذي ير الظاهرة طهارته بعد الدبغ, وهو رواية عن .)١(أيب يوسف ومالك

: والدليل عىل نجاسة أجزاء اخلنزير ما ييل :الكتاب الكريم

حي إيل حمرما عىل طاعم يطعمه إال أن يكون ميتة أو دما قل ال أجد يف ما أو{: قال تعاىل .)٢(}مسفوحا أو حلم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغري اهللا به

: وجه الداللة من اآلية يعود إىل أقرب مذكور إليه, وهو املضاف »فإنه«والضمري يف . )٣(هو القذر والنجس: الرجس

كام قال ابن كثري, وعىل »اللحم«ريت وابن حزم, أو املضاف كام قال ابن اهلامم والباب»اخلنزير«إليه

, ١٩٦/ ٥, ١٣٦/ ١, الدر املختار ورد املحتار ٨٢, ٦٥, ٦٤/ ١الكفاية, وفتح القدير : العناية, اخلوارزمي: البابريت) ١(

, ١٢٩/ ٤كفاية الطالب الرباين : املنويف١٦١/ الكايف يف فقه أهل املدينة املالكي: , ابن عبد الرب٢٢/ ١بدائع الصنائع , مغني ٥/ ٩, ٢١٥/ ١املجموع : , النووي٤٥٤ −٤٥٢/ ١, الفواكه الدواين ٦٠٠/ ١رشح منح اجلليل : الشيخ عليش

نيل املآرب : , الشيباين٤٨٩, ١٤/ ١, الكايف ٨٢, ٧٠, ٦٦/ ١, املغني ٧٣/ ١, زاد املحتاج ٢٩٩/ ٤, ٧٨/ ١املحتاج : , ابن العريب٢٢٣ −٢٢٢/ ٢, اجلامع ألحكام القرآن ٦٨, ٦٤/ ٨, ٣٩٠, ٣٨٨/ ٧, ١٦١ ,١٥٣/ ١, املحىل ٣٩٦/ ٢

.٥٤/ ١أحكام القرآن . من سورة األنعام١٤٥من اآلية ) ٢( .٣٩٨/ ٧لسان العرب : ابن منظور) ٣(

Page 5: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

٥

إن اهلاء يف قوله : كال التأويلني تكون أجزاء اخلنزير نجسة, وفقا ملا بينوا, إذ قال ابن اهلامم والبابريتاخلنزير, لقربه وإن كان مضافا إليه, إال أن الضمري صالح لعوده عائدة إىل }فإنه رجس{: تعاىل

هو صالح لعوده إىل املضاف, وهو اللحم, وإذا جاز عود الضمري إىل كل من املتضايقني إليه, كام فرجوعه إىل املضاف إليه فيام نحن فيه أوىل, لكونه أشمل – واملوضع موضع احتياط –يف اللغة

إن الضمري يف لغة العرب, يرجع إىل أقرب مذكور : وقال ابن حزم. )١(لألجزاء وأحوط يف العمل, فدلت اآلية )٢(صح بالقرآن أن اخلنزير بعينه رجس, فهو كله رجس, وبعض الرجس رجسإليه, ف

.الكريمة وفقا ملا تأوهلا به العلامء, عىل أن أجزاء اخلنزير نجسة

.٦٥/ ١فتح القدير والعناية ) ١( .٣٩٠/ ٧املحىل ) ٢(

Page 6: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

٦

املقصد الثاين حكم تناول أجزاء اخلنزير

حيل ال خالف بني الفقهاء عىل حرمة تناول أجزاء اخلنزير املختلفة يف حال االختيار, فالتناول حلمه, أو شحمه, أو جلده, أو عصبه, أو غرضوفه, أو حشوته, أو خمه, أو عظيمه, أو رأسه,

.)١(أو أطرافه, أو لبنه, أو غريها من سائر أجزائه :وقد استدل حلرمة تناول أجزاء اخلنزير املختلفة حال االختيار بام ييل

: القرآن الكريم: أوال . اآلية السابقة−١ .)٢(}حرمت عليكم امليتة والدم وحلم اخلنزير{: سبحانه قال −٢

بحرمة : ظاهر اآليتني يفيد حرمة تناول حلم اخلنزير, إال أن العلامء قالوا: وجه الداللة منهام بأن −دون بقية أجزاء اخلنزير–تناول مجيع أجزائه, وعلوال ختصيص اللحم بالذكر يف اآليتني

إن اللحم املنصوص عىل حكم تناوله يف اآليتني, يعم مجيع : اللحم معظم مقصوده, فقال ابن كثريإن حلم اخلنزير وإن خذ بالذكر, إال أن املراد مجيع : أجزاء اخلنزير حتى الشحم, وقال اجلصاص

أجزاء اخلنزير, وقد خص اللحم بالذكر, ألنه أعظم منفعته, فخص بالنهي تأكيدصا حلكم خص اهللا تعاىل ذكر اللحم من اخلنزير, ليدل عىل : لقرطبيحتريمه, وحظرا لسائر أجزائه, وقال ا

حتريم عينه, وليعم الشحم وما هنالك من الغضاريف وغريها, إذ الشحم مع اللحم يصدق عليه .)٣(اسم اللحم فيدخل الشحم يف اسم اللحم

:السنة النبوية املطهرة: ثانياوالذي نفيس بيده «: يه وسلم قالرو أبو هريرة ريض اهللا عنه أن رسول اهللا صىل اهللا عل

ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم عليه السالم حكام مقسطا, فيكرس الصليب, ويقتل اخلنزير,

, نيل املآرب ٢٩٩/ ٤, مغني املحتاج ٥/ ٩, املجموع ٦٠٠/ ١اجلليل رشح منح ٦٤, ٦٥/ ١فتح القدير والعناية ) ١( .٢٢٢, ٢٢٣/ ٢, اجلامع ألحكام القرآن ٣٨٨/ ٧, املحىل ٤٨٩/ ١, الكايف ٣٩٦/ ٢ . من سورة املائدة٣من اآلية ) ٢(/ ١ القرآن أحكام: , اجلصاص٢٢٢/ ٢اجلامع ألحكام القرآن : , القرطبي٧/ ٢تفسري القرآن العظيم : ابن كثري) ٣(

١٢٤.

Page 7: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

٧

.)١(»ويضع اجلزية, ويفيض املال حتى ال يقبله أحد : وجه الداللة منه

الم أمر رسول اهللا صىل اهللا عليه وسلم بام سيكون من أمر أمته, من نزول عيسى عليه السوقتله اخلنزير وأنه ينزل بحكم اإلسالم, وحيكم به, وقد صوب رسول اهللا صىل اهللا عليه وسلم

, فلو كانت الذكاة تعمل يف يشء من اخلنزير, ملا أباح قتله )٢(قتله اخلنزير, مع هنيه عن إضاعة املال .فيضيع, فصح هبذا حرمة تناول أجزائه, ومنه الشحم

: اإلمجاع: ثالثا: من العلامء إمجاع املسلمني عىل حتريم تناول مجيع أجزاء اخلنزير, فقد قال النوويحكى كثري

ال خالف يف : ودمه وسائر أجزائه, وقال املقديس) أي اخلنزير(أمجع املسلمون عىل حتريم شحمه أمجعت أقوال العلامء عىل حرمة عني اخلنزير, فال حيل أكل : حتريمه بني أهل العلم, وقال ابن حزم

يشء منه, سواء يف هذا حلمه, أو أطرافه, أو لبنه, أو شعره, الذكر واألنثى, الصغري والكبري يف .)٣(ال خالف أن مجلة اخلنزير حمرمة: ذلك سواء, وقال القرطبي

).٧٦/ ١, صحيح مسلم ٢٧/ ٢صحيح البخاري (أخرجه البخراي ومسلم يف الصحيحني ) ١( »هنى رسول اهللا صىل اهللا عليه وسلم عن قيل وقال, وكثرة السؤال, وإضاعة املال«: فقد روي عن أيب هريرة قال) ٢(

.١٢٥/ ٤أخرجه البخاري يف صحيحه , اجلامع ٣٩٢, ٣٨٨/ ٧, املحىل ٦٧/ ١١الرشح الكبري : , املقديس٢٩٩/ ٤اج , مغني املحت٢٥/ ٩املجموع ) ٣(

.٢٢٣/ ٢ألحكام القرآن

Page 8: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

٨

الفرع الثاين أثر االستحالة يف األعيان النجسة

إىل عني أخر غري التي أبني يف هذا الصدد مد استحالة أجزاء اخلنزير بتصنيع الدواء منها, .حكم بنجاستها وحرمة تناوهلا, وأثر االستحالة يف األعيان النجسة أو املحرمة

:االستحالة يف عرف الفقهاءتغري العني النجسة, وانقالب حقيقتها إىل حقيقة «: االستحالة عرب عنها ابن عابدين بأهنا

أخر, كانقالب اخلمر خال, واخلنزير ملحا, والرسجني , واالستحالة بمعناها السابق »رماداختتلف عن تغري الوصف, الذي ال يرتتب عليه ذلك احلكم, كصريورة اللبن جبنا, والرب طحينا,

.)١(والطحني خبزا ونحو ذلك :وقد اختلف الفقهاء يف مد طهارة األعيان النجسة باالستحالة عىل مذهبني

: املذهب األولبخالف اخلمر التي فصل الفقهاء حكم (ال يطهر باالستحالة ير أصحابه أن نجس العني

).طهارهتا بالتخلل أو التخليل عىل ما أبني بعدوهو قول أيب يوسف وبعض احلنفية, وبعض املالكية, وإليه ذهب الشافعية, وهو ظاهر

.)٢(مذهب احلنابلة, وعليه مجهور أصحاب أمحد : املذهب الثاين

.عني يطهر باالستحالةير من ذهب إليه أن نجس الوهو قول الطرفني من احلنفية, وإليه ذهب مجهور أصحاهبام, وعليه الفتو يف املذهب لعموم البلو به, وهو مذهب مجهور املالكية, وقول ابن تيمية, وقول خمرج يف املذهب احلنبيل, قياسا عىل

وإىل هذا املذهب ذهب اخلمرة إذا انقلبت, وجلود امليتة, إذ دبغت, واجلاللة إذا حبست,

.٢١٠/ ١رد املحتار ) ١(/ ١مغني املحتاج : , الرشبيني٤٨, ١٠/ ١املهذب : , الشريازي١٧٦/ ١فتح القدير : , ابن اهلامم٢١٠/ ١رد املحتار ) ٢(

.٧٢/ ٢١جمموع الفتاوي : ابن تيمية٢١٨/ ١اإلنصاف : وي, املردا٧٢/ ١املغني : , ابن قدامة٨١

Page 9: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

٩

.)١(الظاهرية :أدلة املذهبني

: استدل أصحاب املذهب األول عىل أن نجس العني ال يطهر باالستحالة بام ييل :االستصحاب

إن أمثال العذرة والرسجني واخلنزير والكلب, قد حكم بنجاسة عينه, وما حكم بنجاسة عينه ٢(, ما دامت عينه باقيةال يزول عنه احلكم, ولو استحال إىل مادة أخر(.

: استدل أصحاب املذهب الثاين عىل أن نجس العني يطهر باالستحالة بام ييل : القياس: أوال

إن العني النجسة إذا انقلبت إىل عني أخر, فإهنا تطهر, قياسا عىل طهارة اخلمر بتخليلها, حتولت إىل علقة نجسة, ثم وجلود امليتة إذا دبغت, واجلاللة إذا حبست والنطفة النجسة إذا

.)٣(حتولت العلقة إىل مضغة فتطهر به : املعقول: ثانياإن األحكام إن هي عىل ما حكم اهللا تعاىل هبا فيه, مما يقع عليه ذلك االسم الذي خاطبنا −١

اهللا عز وجل به, فإذا سقط االسم فقد سقط احلكم, فإذا استحالت صفات عني النجس أو احلرام, االسم الذي به ورد ذلك احلكم, وانتقل إىل اسم آخر وارد عىل حالل طاهر, فليس هو بطل عنه

ذلك النجس وال احلرام, بل قد صار شيئا آخر ذا حكم آخر, وكذلك إذا استحالت صفات عني احلالل الطاهر, فبطل عنه االسم الذي ورد به ذلك احلكم فيه, وانتقل إىل اسم آخر وارد عىل

ليس هو ذلك احلالل الطاهر, بل صار شيئا آخر, ذا حكم آخر كالعصري يصري حرام أو نجس, فمخرا, أو اخلمر يصري خال, أو حلم اخلنزير تأكله الدجاجة فيستحيل فيها حلم الدجاج حالال, وكاملاء يصري بوال, والطعام يصري عذرة, والعذرة والبول تدهن هبام األرض, فيعودان ثمرة

: , الدردير٨٨/ ١, رشح اخلريش ١٧٦/ ١, فتح القدير ٢١٠/ ١, رد املحتار ٢٣٩/ ١البحر الرائق : ابن نجيم) ١(

/ ١, املحىل ٨٦/ ٢١, جمموع فتاوي ابن تيمية ٧٢/ ١, املغني ٣٤/ ١القوانني الفقهية : , ابن جزي٥٠/ ١الرشح الكبري ١٧٩ −١٧٨/ ١٦٧ −١٦٦.

.٤٨/ ١املهذب ) ٢( .٧٢/ ١, املغني ٤٠/ ١, أسهل املدارك ١٧٦/ ١, فتح القدير ٢١٠/ ١رد املحتار ) ٣(

Page 10: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

١٠

اء تقع يف مخر أو نقطة مخر تقع يف ماء, فال يظهر ليشء من ذلك أثر, وهكذا كل حالال, وكنطفة م .)١(يشء, واألحكام لألسامء, واألسامء تابعة للصفات, التي هي حد ما هي فيه, املفرق بني أنواعه

إن الرشع رتب وصف النجاسة عىل تلك احلقيقة, وتنتفي احلقيقة بانتفاء بعض أجزاء −٢لكل, فإن امللح الذي صار إليه اخلنزير أو امليتة الواقعان يف مملحة, غري العظم مفهومها فكيف با

واللحم, فإذا صارا ملحا ترتب حكم امللح, ونظريه يف الرشع النطفة نجسة, وتصري علقة وهي نجسة, وتصري مضغة فتطهر, والعصري طاهر, فيصري مخرا فينجس, ويصري خال فيطهر, فعرفنا أن

.)٢(ني تستتبع زوال الوصف املرتتب عليهااستحالة العإن ما كان حمكوما بنجاسته إذا استحال إىل يشء آخر, غري ما كان حمكوما عليه بالنجاسة, −٣

كالعذرة تستحيل ترابا, واخلمر يستحيل خال, فقد ذهب ما كان حمكوما بنجاسته, ومل يبق االسم التي وقع احلكم ألجلها, وصار كأنه يشء آخر, وله الذي كان حمكوما عليه بالنجاسة, وال الصفة

.)٣(حكم آخر : الرأي الراجح

هو ما ذهب – بعد الوقوف عىل ما استدل به هلام –والذي أر رجحانه من هذين املذهبني إليه أصحاب املذهب األول, من أن نجس العني ال يطهر باالستحالة, ملا وجهوا به مذهبهم,

.صل نجاسته باالستحالة حتى تزول هباوألن نجس العني مل حتما استدل به أصحاب املذهب الثاين, عىل طهارة األعيان النجسة باالستحالة, موضع وأما : نظر ملا ييل

بأن احلكم تابع لالسم الذي به ورد احلكم, بحيث يسقط احلكم بسقوط : إن القول−أيصدق عليه مسمى جلد ميتة قبل الدبغ االسم, قول منقوض بجلد امليتة قبل الدباغ وبعده, فإنه

وبعده, وإن كان حكمه بعد الدبغ خمالفا حلكمه قبله, هذا فضال عن وجود من يقول ببقاء احلكم, .وإن زال االسم وتبدلت حقيقة العني املحكوم بطهارهتا أو نجاستها

.١٧٩ −١٧٨, ١٦٧ −١٦٦/ ١املحىل ) ١( .٢١٠/ ١, رد املحتار ١٧٦/ ١, فتح القدير ٥٧/ ١البحر الرائق ) ٢( .٥٢/ ١السيل اجلرار : الشوكاين) ٣(

Page 11: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

١١

في بأن الرشع رتب وصف النجاسة عىل حقيقة العني النجسة, بحيث تنت: إن القول−باحلقيقة بانتفاء بعض أجزاء مفهومها, قول ال يسلم به عىل إطالقه, إذ املستحيل عن النجاسة أصله عني نجسة, ومل حيدث بعد االستحالة ما يزيل عنه وصف النجاسة, فيبقى عىل حكم األصل

.استصحابا للحال, وجلد امليتة إذا إن قياس األعيان النجسة التي تطهر باالستحالة, عىل اخلمر تصري خال−جـ

والداللة إذا حبست, والنطفة إذا حتولت إىل مضغة, العذرة تستحيل ترابا, قياس غري سديد دبغ, : ملا ييلإن رسول اهللا صىل اهللا عليه وسلم أراق : أما القياس عىل اخلمر تستحيل خال, فإن نقول−١

ما / وذلك يف كثري من األحاديث, منهااخلمر وأفسد أوعيتها, وأمر غريه بإراقتها وإفساد أوعيتها, وهي –أمرين النبي صىل اهللا عليه وسلم أن آتيه بمدية «: رو عن ابن عمر ريض اهللا عنهام قال

اغد عيل هبا, ففعلت, فخرج : فأتيته هبا, فأرسل هبا فأرهفت, ثم أعطانيها, وقال−الشفرةن الشام, فأخذ املدية مني فشق ما كان بأصحابه إىل أسواق املدينة, وفيها زقاق اخلمر قد جلبت م

من تلك الزقاق بحرضته, ثم أعطانيها وأمر الذين كانوا معه أن يمضوا معي ويعاونوين, وأمرين أن آيت األسواق كلها, فال أجد فيها زق مخر إال شققته, ففعلت فلم أترك يف أسواقها زقا إال

.)١(»شققتهلحة سأل النبي صىل اهللا عليه وسلم عن أيتام ورثوا أن أبا ط«وما رواه أنس ريض اهللا عنه

وما رو عن أيب سعيد الدري ريض اهللا )٢(»ال«: أفال نجعلها خال? قال: أهرقها, قال: مخرا, فقالقلنا لرسول اهللا صىل اهللا عليه وسلم ملا حرمت اخلمر إن عندنا مخرا ليتيم لنا, فأمرنا «: عنه قالأن النبي صىل اهللا عليه وسلم دخل عليها, «عن أم سلمة ريض اهللا عنها وما روي . )٣(»فأهرقناها

رواه أمحد بإسنادين يف أحدمها أبو بكر بن أيب مريم وقد : أمحد يف مسنده, وذكره اهليثمي يف جممع الزوائد وقالأخرجه) ١(

اختلط, ويف اآلخر أبو طعمة وقد وثقه حممد بن عبد اهللا بن عامر املوصيل, وبقية رجاله ثقات, وقد أشار الرتمذي إىل هذا / ٣جممع الزوائد : , اهليثمي٧١/ ٢مسند أمحد (اه إىل أمحد وال يتكلم عليه احلديث, وذكره ابن حجر يف فتح الباري وعز

).٣٣٠/ ٥نيل األوطار : , الشوكاين٥٤ −٥٣ .١٩١/ ٢أخرجه مسلم يف صحيحه ) ٢( ).١٨٨ −١٨٧/ ٨, نيل األوطار ٢٦/ ٣مسند أمحد (أخرجه أمحد يف مسنده, وأشار إليه الرتمذي ) ٣(

Page 12: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

١٢

: وقد نبذت نبيذا يف جرة, فخرج والنبيذ هيدر, فقال النبي صىل اهللا عليه وسلم ما هذا? فقالتإن اهللا مل جيعل فيام حرم عليكم «: فالنة اشتكت بطنها, فنقعت هلا, فدفعه برجله فكرسه, وقال

إن رجال كان هيدي للنبي صىل اهللا عليه «: عن أيب هريرة ريض اهللا عنه أنه قالوما رو. )١(»شفاءأهنا حرمت, فقال : وسلم رواية مخر فأهداها إليه عاما وقد حرمت فقال النبي صىل اهللا عليه وسلم

ن إ: أفال أكارم هبا اليهود? قال: إن الذي حرم رشهبا حرم بيعها, فقال: أفال أبيعها? فقال: الرجل .)٢(»البطحاءشنه عىل : فكيف أصنع هبا? قال: الذي حرمها حرم أن يكارم هبا اليهود, قال

واألمر بإراقة اخلمر وإفساد أوعيتها, يقتيض النهي عن إمساكها مطلقها, ولو كان لغرض ختللها أو ختليلها, إذ األمر باليشء هني عن ضده, ولو كان جيوز االنتفاع هبا يف إختاذها خال أو نحوه ملا أمر بذلك, ألنه يكون إضاعة ملالل الذي هنى رسول اهللا صىل اهللا عليه وسلم عن

وألنه يرتتب عىل أمر أيب طلحة وأيب سعيد اخلدري وغريمها بإراقة مخر األيتام, إضاعة )٣(إضاعتهماهلم, فيجب عىل هؤالء الصحابة ضامهنا هلم, ولو كانت تطهر باالستحالة أو جيوز إمساكها

–االنتفاع هبا بوجه, لنبه رسول اهللا هو صىل اهللا عليه وسلم أصحابه إليه, كام نبه أهل الشاة امليتة و

إىل جواز دبغ جلودها واالنتفاع به, وذلك ألن وقت السؤال عن حكم االنتفاع هبا, −وهي نجسة .هو وقت احلاجة إىل البيان, وال جيوز تأخري البيان عن وقت احلاجة إليه

كت اخلمر باملخالفة لذلك وصارت خال, فإما أن يكون ذلك بتخللها بنفسها أو فإذا أمسبنقلها من موضع إىل آخر, وإما أن يكون بتخليلها باملعاجلة, فإذا ختللت بنفسها فإهنا تطهر وحتل

صحيح عىل رشط الشيخني ومل : وصححه, وأخرجه احلاكم يف املستدرك, وقالأخرجه ابن حبان يف صحيحه) ١(

رواه أبو يعىل والبزار والطرباين يف : خيرجاه, وأخرجه البيهقي يف سننه وسكت عنه, وذكره اهليثمي يف جممع الزوائد, وقاليف : جه ابن حزم يف املحىل وقالالكبري, ورجال أيب يعىل رجال الصحيح, غري حسان بن خمارق فقد وثقه ابن حبان, وأخر

, ٢١٨/ ٤املستدرك : , احلاكم٦٩/ ١٠اإلحسان برتتيب صحيح ابن حبان : ابن بلبان(سنده سليامن الشيباين وهو جمهول ).١٧٦ −١٧٥/ ١, املحىل ٣٤/ ٣عمدة القاري : , العيني٨٦/ ٥, جممع الزوائد ٥/ ١٠السنن الكرب : البيهقي

/ ٨, نيل األوطار ٦٨٩/ ١صحيح مسلم (ه, وله شاهد يف مسلم من حديث ابن عباس رواه احلميدي يف مسند) ٢(١٧٠.(

هنى رسول اهللا صىل اهللا عليه وسلم عن قيل وقال, وكثرة السؤال, «: ذلك ما رواه أبو هريرة ريض اهللا عنه أنه قال) ٣( .١٢٥/ ٤ أخرجه البخاري يف صحيحه »وإضاعة املال

Page 13: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

١٣

. )٢(»نعم األدم اخلل«: ملا رو عن جابر ريض اهللا عنه أن النبي صىل اهللا عليه وسلم قال)١(باتفاقكل ما يف احلديث الذي استدل به عىل ذلك أنه امتدح اخلل, وال يدل هذا منقريب أو بعيد عىل و

إباحة اختاذ اخلمر خال, وال يدل كذلك عىل طهارة وحل اخلل املنقلب عن اخلمر, إال أن يكون ولكن هذا العموم خمصوص باألمر بإراقة اخلمر, أو النهي عن إمساكها »اخلل«العموم يف لفظ

تى تنقلب خال, فيكون اخلل املمتدح يف احلديث هو ما اختذ من غري اخلمر, وأما ختللها بنقلها حمن موضع إىل آخر ففيه خالف الفقهاء, فمذهب احلنفية واألصح من مذهب الشافعية أهنا تظهر

تطهر, وحتل به وهو مذهب احلنابلة إن مل يقصد ناقلها ختليلها بذلك, فإن قصد ختليلها به فإهنا الومن ثم فإن حكم األصل خمتلف فيهه . )٣(وثمة وجه يف مذهب الشافعية أهنا ال تطهر وال حتل به

عىل أصل حمل خالف, ويف ختليل اخلمر ) وهو األعيان النجسة املستحيلة(هنا, وال يقاس فرع مجاعة من الصحابة, والراجح من مذهب (باملعاجلة خالف الفقهاء كذلك, فمذهب مجهورهم

عدم جواز ختليلها, وأهنا تبقى عىل ) الكية, ومذهب الشافعية, ومجهور احلنابلة, وداود الظاهرياملنجاستها وإن حتولت إىل خل, وال حيل تناوهلا, وذهب بعض الفقهاء إىل أهنا تطهر وحتل بالتخليل,

جه وقد رو هذا عند بعض الصحابة, وإليه ذهب احلنفية, وهو قول مرجوح عند املالكية, ووفحكم األصل خمتلف فيه كذلك, فكان قياس األعيان النجسة . )٤(عند احلنابلة, وقول ابن حزم

.املستحيلة عن حقيقتها عىل اخلمر تستحيل إىل خل قياس فاسد, ملا سبقوأما القياس عىل جلد امليتة إذا دبغ, فهو قياس مع الفارق, ألن حقيقة اجللد بعد الدبغ −٢

: ابن القيم٤١/ ١منتهى اإلرادات : , ابن النجار٤٧٢/ ١بداية املجتهد : , ابن رشد٧/ ٢٤املبسوط : الرسخيس) ١(

/ ٧الرساج الوهاج : , القنوجي١٥٢/ ١٣رشحه عىل صحيح مسلم : , النووي١٤٧/ ٨, املحىل ٢٠٤/ ٢إعالم املوقعني ٤٩٩.

).١٤/ ٧مع رشح النووي عليه (أخرجه مسلم يف صحيحه ) ٢(, رشح النووي عىل ١٢٠/ ٦كشاف القناع : , البهويت٣٢١ −٣٢٠/ ٨, املغنى ٢٩٣٧/ ٦صنائع بدائع ال: الكساين) ٣(

.٤٩٨/ ٧, الرساج الوهاج ١٥٢/ ١٣صحيح مسلم , ١٢٠/ ٦, كشاف القناع ٣٢٠/ ٨, املغني ٤٧٢/ ١, بداية املجتهد ٢٩٣٧/ ٦, بدائع الصنائع ٧/ ٢٤املبسوط ) ٤(

, الرساج ١٥٢/ ١٣, رشح النووي عىل مسلم ٢٩٠ −٢٨٩/ ٦حكام القرآن اجلامع أل: , القرطبي١٤٨ −١٤٧/ ٨املحىل .٤٩٨/ ٧الوهاج

Page 14: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

١٤

فلم تستحل عينه, ومل يتغري مسامه, وهلذا فإنه ال يصلح دليال عىل استحالة هي عني حقيقته قبله, األعيان النجسة, والقياس عليه كذلك قياس فاسد, لوقوع اخلالف يف طهارته بعد الدبغ, إذ روعن عمر وابنه عبد اهللا, وعمران بن حصني وعائشة, عدم طهارته بعد الدبغ, وهو رواية عن

حلنابلة, خالفا ملا يراه مجهور الفقهاء من طهارته بعد الدبغ, عىل تفصيل مالك ومشهور مذهب ا .)١(بالدباغبينهم فيام يطهر منه

والقياس عىل اجلاللة إذا حبست قياس مع الفارق, ألن حلم اجلاللة ولبنها أو بيضها, −٣يشء آخر غري اللحم الذي حرم تناوله قبل احلبس حقيقته باقية مل تتغري بعده, ومل تستحل عينه إىل

.أو اللبن أو البيض, وهلذا فال تصلح دليال عىل استحالة األعيان النجسة والقياس عىل النطفة تتحول إىل مضغة قياس فاسد, الختالف الفقهاء يف حكم األصل, −٤

إذ رو عن ابن عمر وعيل, وسعد بن وقاص وعائشة, وغريهم من الصحابة, ما يفيد طهارة املني , وهو مشهور مذهب الشافعية, وإليه ذهب احلنابلة والظاهرية, وإن كان )نطفة املذكرةوهو ال(

وال يقاس فرع عىل أصل حمل خالف بني الفقهاء, ومن ثم كان )٢(احلنفية واملالكية يرون نجاسته .الراجح هو القول بعدم طهارة األعيان النجسة باالستحالة

٧٦/ ١, بداية املجتهد ٤٥٢/ ١الفواكه الدواين : , النفراوي١٣٦ −١٣٥/ ١, رد املحتار ٢٧٠/ ١بدائع الصنائع ) ١(

.١٥٨ −١٥٣/ ١, املحىل ٦٦/ ١, املغني ٢٥٠/ ١هناية املحتاج : الرميل/ ١, هناية املحتاج ٣٨/ ١بلغة السالك : , الصاوي٧٩/ ١, بداية املجتهد ٨١/ ١, املبسوط ٢٨٠/ ١تار رد املح) ٢(

.١٦٣ −١٦٢/ ١, املحىل ٤٦/ ١, املغني ٨٠/ ١, مغني املحتاج ٢٤٣

Page 15: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

١٥

الفرع الثالث رالتداوي بأنسولني اخلنزي

املستخلص من بنكرياس اخلنزير, له أثر فعال يف ختفيض »األنسولني«أثبت العلم احلديث أن معدل السكر بالدم لد املرىض بالبول السكري, الذي ال تفرز غدد البنكرياس لدهيم كمية

»النجر هانز« هرمون تفرزه غدد »األنسولني« الالزمة لتوازن السكر يف الدم, و»األنسولني« يساعد أنسجة اجلسم »األنسولني«رياس ويؤدي نقص إفرازه إىل مرض البول السكري, وبالبنك وماء, وإطالق ما به من طاقة الستعامهلا يف »ثاين أكسيد الكربون« السكر إىل »أكسدة«عىل

أي »جليكوجني«الوظائف احليوية, كام يساعد الكبد والعضالت عىل اختزان السكر عىل شكل تعامله فيام بني الوجبات الغذائية, كام يساعد عىل حتويل السكر إىل دهن خيتزن نشاء حيواين, الس

لعملية بناء »األمينية«حتت اجللد ويف أماكن أخر, الستعامله عند قد الغذاء, وحيتفظ باألمحاض هذه األمحاض, ويرتتب عىل زيادة نسبة السكر يف الدم وقت »أكسدة« بدال من »الربوتويالزم«

الالزم لبقاء نسبة السكر يف حدودها »اإلنسولني«الطعام, تنبه البنكرياس بإفراز امتصاص سكر الدم »أكسدة« قلت قدرة األنسجة عىل »األنسولني«الطبيعية بالدم, فإذا امتنع إفراز

, فرتتفع نسبة السكر يف الدم عن احلد الذي »األمينية«واختزانه, فيستخلص السكر من األمحاض الدهن بدون »أكسدة«ني باالحتفاظ به, فيخرج بالبول ويفقده اجلسم, ويرتتب عىل يسمح للكليت

يف الدم, وخروجها بالبول أيضا, وهلذه األمحاض »اخللونية« السكر تراكم األمحاض »أكسدة«تأثري سام, فقد تسبب الغيبوبة التي تنتهي بالوفاة, إذا زادت عن نسبة معينة, ومن ثم فإن املريض

.السكري ال يستفيد كثريا من غذائهبالبول فضال عن أنه يفقد الكثري يف البولل, فينقص وزنه, وتضعف عضالهتن وتقل مقاومته

.لاللتهابات واألمراض املعديةواألدوية املخفضة للسكر يف دم اإلنسان, والتي تستعمل يف عالج مرىض البول السكري,

يتناول بطريق احلقن حتت اجللد, واألدوية األخر الذي»األنسولني«: تتمثل يف جمموعتني, مهاالتي يكون هلا هذا التأثري, وتتناول بطريق الفم, وهذه تقع يف جمموعتني تضم إحدامها مشتقات

, وقد تم يف اآلونة األخرية حتضري »ثاين اجلوانيد« وتضم األخر مركبات »السلفونايل يوريا«

Page 16: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

١٦

ة, إال أنه غري متوافر بصورة تسمح بتداوله للعالج إنسولني برشي عن طريق اهلندسة الوراثي التي تستعمل اآلن, قد يكون »األنسولني«فضال عن ارتفاع ثمنه, وهلذا فإن مستحرضات

أو األبقار أو مزيج منها معا, وينشأ مرض البول السكري نتيجة نقص مصدرها بنكرياس اخلنازيرنسبة السكر يف الدم تبعا لتفاوت نقص بالدم, بحيث تتفاوت زيادة »األنسولني«كمية

فيه, والعالج األمثل يف مجيع حاالت مرض السكر التي حتدث يف السن املبكرة, »األنسولني«, بينام يقترص استعامل مشتقات »األنسولني«وبعض احلاالت يف املرىض البالغني, هو حقن

ت املرض يف البالغني, إذا عىل بعض حاال»ثنائي اجلوانيد«, ومركبات »السلوفانايل يوريا« »األنسولني«استحال التحكم فيها بتحديد كمية الطعام, أو يف املرىض الذين يفضل عدم إعطائهم

املقابل للتحريك, إذ يقترص فعل »األنسولني«خلطورته عليهم, إن كان يف أجسامهم بعض رياس ويقترص عمل الداخيل من البنك»األنسولني« عىل إطالق »السلفونايل يوريا«مشتقات .)١( عىل مستو اخللية»األنسولني« عىل تقوية فعل »ثنائي اجلوانيد«مركبات

الذي يفرزه »األنسولني« ومنها – عىل أن مجيع أجزاء اخلنزير −كام سبق–وقد اتفق الفقهاء . نجسة العني, وأنه حيرم تناول أي جزء منها حال االختيار–بنكرياسه

املستخلص من بنكرياس اخلنزير يمكن الوقوف »األنسولني«وي بـومن ثم فإن حكم التداحلرمة تناول مجيع أجزاء (عىل آراء الفقهاء فيه, من خالل آرائهم يف حكم التداوي باملحرم مطلقا

التفاق (, أو من خالل آرائهم يف حكم التداوي بالنجس )اخلنزير حال االختيار باتفاق الفقهاء .)٢ () أجزاء اخلنزير, ومنها البنكرياس الذي يفرز هذا األنسولنيالفقهاء عىل نجاسة مجيع

:وللفقهاء يف حكم التداوي باملحرم أو النجس مذهبان : املذهب األول

.ير أصحابه جواز التداوي باملحرم أو النجس, عىل تفصيل يف ذلك

عبد الوهاب . زينب حسني, مراجعة د. , ترمجة د١٤٥ −١٤٤/ مبادئ علم األدوية والعالج : جمموعة من العلامء) ١(أمحد . , د١٩٧٨/ ١٦٦, جملة الوعي اإلسالمي العدد ٢٤٤/ املوسوعة العربية امليرسة : ليس, جممووع من العلامءالرب

.٢٦/ املواد النجسة واملحرمة يف الغذاء والدواء: رجائياملجموع , ١٦١/ , الكايف يف فقه أهل املدينة املالكي١٨/ ١, الرشح الصغري ٢٢١/ ١, بدائع الصنائع ٦٥/ ١العناية ) ٢( .٣٩٠/ ٧, املحىل ٣٩٦/ ٢, نيل املآرب ١٤/ ١, الكايف ٨٢/ ١, املغني ٧٣/ ١, زاد املحتاج ٢١٥/ ١

Page 17: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

١٧

مسلم أن فيه إىل هذا ذهب بعض احلنفية, إذ يرون جواز االستشفاء باحلرام, إذا أخرب طبيبشفاء للمريض, ومل يوجد دواء مباح يقوم مقامه يف التداوي به من املرض, وما عليه مذهب

إذا مل − غري املسكر–الشافعية, والذي قطع به مجهورهم هو جواز التداوي بالنجاسات مطلقا غري النجس يوجد طاهر يقوم مقامها يف التداوي, وكان املتداوي عارفا بالطب, يعرف أنه ال يقوم

مقامه يف املداواة, أو كان يعرف ذلك من جتربة سابقة له مع املرض, أو أخربه بذلك طبيب مسلم, ومذهب الظاهرية جواز التداوي باملحرم والنجس, سواء يف هذا اخلنزير أو امليتة أو الدم أو اخلمر

.)١(وإن دعت الرضورة إليهأو غري ذلك, حاشا حلوم بني آدم, وما يقتل من تناوله, فال حيل تناوله : املذهب الثاين

.ير من ذهب إليه أنه ال جيوز التداوي باملحرم أو النجس, عىل تفصيل يف ذلك إىل هذا ذهب مجهور احلنفية, إذ يرون عدم جواز التداوي بالنجس كاخلمر وغريه, وير

ء مما حرم اهللا سبحانه املالكية عدم جواز التداوي بالنجاسة يف ظاهر اجلسم أو باطنه, وال بيشوتعاىل, وثمة وجه يف مذهب الشافعية وصفه النووي بالشذوذ, أنه ال جيوز التداوي بالنجاسات

.)٢(مطلقا, ومذهب احلنابلة عدم جواز التداوي باملحرم, وال بيشء فيه حمرم : أدلة املذهبني

: ييلاستدل أصحاب املذهب األول عىل جواز التداوي باملحرم أو النجس بام : الكتاب الكريم: أوال

.}وقد فصل لكم ما حرم عليكم إال ما اضطررتم إليه{: قال تعاىل :وجه الداللة من اآلية

أسقط اهللا سبحانه حتريم ما فصل حتريمه عند الرضورة إليه, فكل حمرم هو عند الرضورة سكرات عند غريهم, حالل, إال حلوم اآلدميني, وما يقتل من تناوله عند الظاهرية, وكذلك امل

.٤٢٦/ ٧, املحىل ١٨٨/ ٤, مغني املحتاج ٢٨٥/ ٣ روضة الطالبني ٥٠/ ٩, املجموع ٢١٥/ ٤رد املحتار ) ١(, ١٨٨ –, الكايف يف فقه أهل املدينة ٤٦٦/ ٣دات , املقدمات املمه٢٣٧/ ٨, تكملة البحر الرائق ٢١٥/ ٤رد املحتار ) ٢(

, ٦٠٥/ ٨, املغني ١٨٨/ ٤, مغني املحتاج ٢٨٥/ ٣, روضة الطالبني ٥٠/ ٩, املجموع ٤٥٣/ ٢كفاية الطالب الرباين .٢٥١, ٢٥٠/ ٩, مصنف عبد الرازق ٣١٨/ ٦مطالب أويل النهى : , الرحيباين٢٠٠/ ٦كشاف القناع

Page 18: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

١٨

.والتداوي بمنزلة الرضورة, فيباح فيه تناول هذه املحرمات للتداوي هبا استنادا إىل هذه اآلية : السنة النبوية املطهرة أحاديث منها: ثانيا

إن رهطا من عرينه أتوا إىل رسول اهللا صىل اهللا عليه وسلم «: رو عن أنس ريض اهللا عنه قالا املدينة, وعظمت بطوننا, وارهتست أعضادنا, فأمرهم النبي صىل اهللا عليه إنا اجتوين: فقالوا

وسلم أن يلحقوا براعي اإلبل, فيرشبوا من ألباهنا وأبواهلا, فلحقوا براعي اإلبل, فرشبوا من .)١(»أبواهلا وألباهنا حتى صلحت بطوهنم وأبداهنم

: وجه الداللة منهعىل قول من ير نجاسة البول ولو كان من مأكول (دل احلديث عىل جواز التداوي بالنجس

اللحم, وقد قال هبذا جابر بن زيد واحلسن البرصي, وسعيد بن املسيب, ومحاد بن أيب سليامن, ىل ما أمجع , أو يدل عىل جواز التداوي باملحرم, ع)٢(وأبو حنيفة وأبو يوسف, ومجهور الشافعية

.)٣(عليه الفقهاء من حرمة تناول األبوال عامة عىل االختيار : اعرتض عىل االستدالل به بام ييل

إن رسول اهللا صىل اهللا عليه وسلم خص العرنيني بذلك, ملا عرف : قال العيني واملرغيناين −أنه ال يتيقن الشفاء من طريق الوحي أن شفاءهم فيه, وال يوجد مثله يف زماننا, فال حيل رشبه, أل

فيه, فال يعرض عن احلرمة, وهو كام خص الزبري بن العوام بلبس احلرير حلكة كانت به أو فإنه كان كثري القمل, أو ألهنم كانوا كفارا يف علم اهللا تعاىل, ورسول اهللا صىل اهللا عليه )٤(للقمل

ون شفاء الكافر بالنجس, وسلم علم من طريق الوحي أهنم يموتون عىل الردة, وال يبعد أن يك

).١٥٤/ ١١, صحيح مسلم ٩/ ٤صحيح البخاري (يف الصحيحني أخرجه البخاري ومسلم ) ١( .٣٣/ ٣, عمدة القارئ ٢٤٠, ٢٣٩, ٢٢٢/ ١, املحىل ٤٦/ ١, املهذب ١٠٢, ١٠١/ ١اهلداية والعناية ) ٢(/ ٩, املجموع ٤٥٣/ ٢, حاشية العدوي عىل كفاية الطالب ٢١٥/ ٤, رد املحتار ١٠٢, ١٠١/ ١اهلداية والعناية ) ٣(

, ٣٩٨/ ١٦٨, ٧/ ١, املحىل ١٨٩/ ٦, كشاف القناع ٥٩٦/ ٨, املغني ٣٠٢/ ٢الباجوري عيل ابن قاسم , حاشية ٥٠ .٣٣/ ٣٠عمدة القارئ

).٢٣٤/ ٢, صحيح مسلم ٣٣/ ٤صحيح البخاري (أخرجه الشيخان عن أنس ريض اهللا عنه ) ٤(

Page 19: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

١٩

)١(»استنزهوا من البول, فإن عامة عذاب القرب منه«: والتمسك بعموم قوله صىل اهللا عليه وسلم .)٢(أوىل, ألنه ظاهر يف تناول مجيع األبوال, فيجب اجتناهبا هلذا الوعيد

ن عباس ويف مسنده مقال, ورواه ابن خزيمة أخرجه الدارقطني والبزار والطرباين يف الكبري ومن حديث أيب هريرة واب) ١(

إسناده حسن, وفيه أبو حييى القتات وفيه لني, وقد أعضد احلديث بأحاديث أخر : وصححه, وقال فيه ابن حجر/ ٣, عمدة القاري ١١٧/ ١تلخيص احلبري : , ابن حجر٢٠٧/ ١, جممع الزوائد ١٢٧/ ١سنن الدارقطني (صحيحة

).١٣١/ , سبل السالم٣٤ ).١٣١/ , سبل السالم٣٤/ ٣عمدة القاري )٢(

Page 20: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

٢٠

: أجيب عن هذا االعرتاض يصب, إذ اخلصائص ال تثبت إال من زعم أن هذا خاص بأولئك األقوام, فلم: قال ابن املنذر

بدليل, ويؤيد هذا تقرير أهل العلم استعامل الناس أبوال اإلبل يف أدويتهم قديام وحديثا, وعدم .)١(إنكارهم ذلك

:رد هذا اجلواب .)٢(إن املختلف فيه ال جيب إنكاره, فال يدل ترك إنكاره عىل جوازه: قال ابن حجر

قتادة عنه, وفيه أن رسول اهللا صىل اهللا عليه وسلم رخص حيث أنس رواه : قال الرسخيس−أللعرنيني يف رشب ألبان اإلبل, ومل يذكر األبوال, وإنام ذكر هذا يف رواية محيد الطويل عنه

.)٣(واحلديث حكاية حال, فإذا دار بني أن يكون حجة أو ال يكون حجة فإنه يسقط االحتجاج به :ة التداوي باملحرم أو النجس بام ييلاستدل أصحاب املذهب الثاين عىل حرم

: الكتاب الكريم: أوال .)٤(}وحيل هلم الطيبات وحيرم عليهم اخلبائث{: قال تعاىل

: وجه الداللة من اآلية, فدلت اآلية عىل حرمة تناول )٥(حرم الشارع كل خبيث, والنجس خبيث كام قال اخلطايب

.النجس وإن كان للتداوي : ية املطهرةالسنة النبو: ثانياإن اهللا مل جيعل «: رو عن أم سلمة ريض اهللا عنها أن رسول اهللا صىل اهللا عليه وسلم قال −١

.)٦(»شفاءكم فيام حرم عليكمإن اهللا أنزل «: رو عن أيب الدرداء ريض اهللا عنه أن رسول اهللا صىل اهللا عليه وسلم قال−٢

.نيل األوطار) ١( .٤٣٦/ ١عون الباري ) ٢( .٣٣/ ٣عمدة القاري ) ٣( . من سورة األعراف١٥٧من اآلية ) ٤( .٧/ ٤عون املعبود ) ٥( ).٢١٨/ ٤املستدرك (أخرجه احلاكم يف املستدرك وصحح إسناده ) ٦(

Page 21: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

٢١

.)١(» تتداووا بحرامالداء والدواء, وجعل لكل داء دواء, فتداووا وال : وجه الداللة منهام

بني رسول اهللا صىل اهللا عليه وسلم يف حديث أم سلمة أن اهللا تعاىل مل جيعل فيام حرمه عىل هذه األمة شفاء مما يصيبها من األدواء, فدل عىل عدم جواز التداوي باملحرم, ألنه ال أثر له يف الشفاء

عليه وسلم يف حديث أيب الدرداء عن التداوي باملحرم, من األمراض, وهنى رسول اهللا صىل اهللاوالنهي يفيد التحريم عند اإلطالق, فأفاد كسابقه حرمة التداوي باملحرم, وسواء يف هذا أن تكون

.حرمته بسبب نجاسته أو استقذاره أو غري ذلكعن الدواء هنى رسول اهللا صىل اهللا عليه وسلم «: رو عن أيب هريرة ريض اهللا عنه قال−٣ .)٢(»اخلبيث

: وجه الداللة منههو النجس احلرام, أو : إن اخلبيث: حرمة التداوي بالدواء اخلبيث, وقد قيلأفاد هذا احلديث

حيتمل أن يكون الدواء اخلبيث هو املكروه الذي تنفر النفس : ما ينفر عنه الطبع, قال ابن العريب وحيتمل أن يكون املراد به ما جيمع الضار والنافع عنه, ملا فيه من املشقة, والعوض عنه موجود,

كام أخرب رسول اهللا صىل اهللا عليه وسلم وحيتمل »فإهنا داء«كالرتياق, وحيتمل أن يراد به اخلمر, أن يراد به ما تستعمله العامة من األدوية املجهولة, مما تسقيه أو تكتب فيه توهم الناس أنه علم

قد يكون خبث : وقال اخلطايب. )٣(قونه كاخلرز والودع ونحو ذلكوسخافة وتالعب, أو مما يعلخبثه لنجاسته إذا دخله املحرم كاخلمر ونحوها من حلوم احليوانات : أحدمهاالدواء من وجهني,

غري املأكولة اللحم, وقد يصف األطباء بعض األبوال وعذرة بعض الناس لبعض العلل, وهي إال ما خصته السنة من التداوي بأبوال اإلبل, وقد يكون خبث كلها خبيثة نجسة, وتناوهلا حمرم,

).٣٣٥/ ٣ن أيب داود سن(أخرجه أبو داود يف سننه وسكت عنه ) ١(, ٤١٠/ ٤ أخرجه احلاكم يف املستدرك وصحح إسناده وأخرجه الرتمذي وأبو داود يف سننيهام وسكتا عنه املستدرك )٢(

).٧/ ٤, سنن أيب داود ٢٤٣/ ٦سنن الرتمذي , ٤١٠/ ٤درك أخرجه احلاكم يف املستدرك وصحح إسناده وأخرجه الرتمذي وأبو داود يف سننيهام وسكتا عنه املست)٣(

).٧/ ٤, سنن أيب داود ٢٤٣/ ٦سنن الرتمذي

Page 22: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

٢٢

وإذا كان املراد بالدواء اخلبيث يف احلديث هو النجس, فإن هذا . )١(الدواء من جهة الطعم واملذاق .يدل عىل حرمة التداوي بالنجس

.٢٠٣/ ٨عارضة األحوذي : ابن العريب) ١(

Page 23: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

٢٣

:قول الصحايب: ثالثامل جيعل شفاءكم فيام حرم إن اهللا تعاىل «: رو عن عبد اهللا بن مسعود ريض اهللا عنه قال

.)١(»إن اهللا تعاىل مل جيعل يف رجس شفاء«: , ويف رواية أخر»عليكم : وجه الداللة منه

نفى هذا اخلرب أن يكون فيام حرم اهللا سبحانه وتعاىل عىل هذه األمة أو يف النجس شفاء, فدل .هذا عىل عدم جواز التداوي باملحرم أو النجس

: اخلربتأول بعض العلامء هذا قول ابن مسعود هذا حيتمل أن يكون قد صدر عنه يف داء عرف له : قال ابن عابدين والبابريت

تنكشف احلرمة عند : دواء غري املحرم, ألنه حينئذ يستغني باحلالل عن احلرام, وجيوز أن يقال .)٢(احلاجة, فال يكون الشفاء باحلرام, وإنام يكون باحلالل

كان ابن عمر إذا دعا طبيبا يعالج «: عمر ريض اهللا عنهم قال رو عن نافع موىل ابن−٢ .)٣(»بعض أهله, اشرتط عليه أن ال يداوي بيشء مما حرم اهللا عز وجل

: وجه الداللة منهأفاد األثر أن ابن عمر ريض اهللا عنهام كان ال ير جواز التداوي باملحرم, وهذا ال يكون منه

.أي فيهإال عن توقيف, ألنه ال مدخل للر : املعقول: رابعاإن اهللا سبحانه وتعاىل إنام حرم ما حرمه عىل هذه األمة خلبثه, محاية وصيان هلا عن تناوله, −١

فال يناسب هذا أن يطلب به الشفاء من األسقام والعلل, فإنه إن أثر يف إزالتها أعقب سقام أعظم يكون قد سعى يف إزالة سقم البدن بسقم منها يف القلب, بقوة اخلبث الذي فيه, فمن يتداو به

.)٤(القلب

.٤/ ١٠أخرجه البيهقي يف سننه ) ١( .٥٠٠/ ٨, العناية ٢١٥/ ٤ رد املحتار )٢( .٥/ ١٠أخرجه البيهقي يف سننه ) ٣( .١١٤/ ٣زاد امليعاد ) ٤(

Page 24: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

٢٤

إن مقتىض حتريم يشء جتنبه والبعد عنه, ويف اختاذه دواء حض عىل الرتغيب فيه −٢ .)١(ومالبسته, وهذا خيالف مقصود الشارع

إن الدواء املحرم خبيث, ويكسب نفس املتداوي به صفة اخلبث, ألن النفس تتأثر بكيفية −٣ .)٢(ينا, فإذا كانت كيفيته خبيثة, اكتسبت النفس منه خبثاالدواء تأثرا ب

إن يف إباحة التداوي باملحرم, ذريعة إىل تناوله للشهوة واللذة, ال سيام إذا عرفت النفوس −٤ .أنه نافع هلا, مزيل ألسقامها, وكانت متيل إليه, فهذا أحب يشء هلا, وقد سد الشارع الذريعة إليه

.املصدر السابق) ١( .١١٥ / املصدر السابق)٢(

Page 25: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

٢٥

الفرع الرابع ام جيالتني اخلنزير يف الدواءاستخد

اجليالتني من جلود وعظام احليوانات وخاصة األنعام واخلنازير, وأنه يستخدم يف يتخذ الصناعات الدوائية يف حتضري كبسوالت الدواء, والتحاميل الرشجية واملهبلية, وإنتاج األقراص

علقات واملراهم والكريامت, كام أو امللبسات الدوائية التي تغلف به, وإنتاج معاجني األسنان وامليستخدم كموقف لنزف الدم يف العمليات اجلراحية ومضاد للتهيج يف احلروق وغريها من

.)١(إصابات اجللد, كام يستعمل كبديل أو موسع للبالزما, عند احلاجة إىل تعويض الدم تصنع منها وقد بينت اتفاق الفقهاء عىل نجاسة أجزاء اخلنزير, ومنها جلده وعظامه التي

اجليالتني, وحرمة تناول أي جزء من أجزائه يف حال االختيار باتفاق كذلك, ورجحت مذهب القائلني بأن االستحالة ال أثر هلا يف حتويل نجس العني ظاهرا, هذا إذا قيل بأن هذه األجزاء من

ا وخصائصها, اخلنزير تستحيل بحيث تتغري حقيقة العني املصنعة من هذه األجزاء وتتغري صفاهتإن أجزاء اخلنزير ال تستحيل استحالة كاملة «: وقد قال بعض املتخصصني يف هذا املجال

بالتصنيع, إذ يمكن بطريقة التحليل الطيفي التعرف عىل أصل الدواء املستخلص من أجزاء اخلنزير, بعد العمليات الكيميائية املختلفة التي يتم هبا استخالصه, وذلك لوجود بعض

.)٢(»ئص فيام يصنع من أجزاء اخلنزير, يمكن هبا التعرف عىل األصل اخلنزيري للدواءاخلصاونظرا إلمكان استخالص اجليالتني من جلود وعظام احليوانات املذكاة رشعا, وهي كثرية إذا أخذ يف االعتبار ما يذبح من هذه احليوانات يف احلرم يف موسم احلج هديا أو أضحية أو كفارة,

يذبحه املسلمن أضحية يف يوم النحر ببالدهم, أو يعقون به, أو نحو ذلك, فال رضورة وال أو ماحاجة إىل استخالصه من جلود وعظام اخلنازير, لتوفر البديل املباح الذي يفي بحاجة املسلمني,

.»مثيل السليلوز«فضال عن إمكان االستعاضة عن اجليالتني يف صناعة حمافظ األدوية بـءت الواد الصيدالنية من خارج البالد اإلسالمية, مستخدما فيها جيالتني جمهول فإذا جا

املصدر, ومست حاجة الناس إىل استخدام هذه األشكال الصيدالنية, جاز استخدامها حينئذ,

.٦ −١/ اجليالتني: وفيق الرشقاوي. د.أ) ١( .وفيق الرشقاوي, رئيس جملس اإلدارة والعضو املنتدب بالرشكة العربية للمنتجات اجليالتينية الدوائية بمرص. د. أ)٢(

Page 26: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

٢٦

.تنزيال للحاجة منزلة الرضورةاألردن / بعامنوقد صدر قرار من جملس جممع الفقه اإلسالمي بجدة يف دورته الثالثة املنعقدة

م, بمنع املسلم من استعامل اجليالتني املأخوذ من اخلنازير يف الغذاء, ١٩٨٦/ ١٠/ ١٦ −١١من استغناء باجليالتني املتخذ من احليوانات املذكاة رشعا, وهذا يقتيض منع استحدامه يف الدواء

.كذلك, هلذا البديل املباح

Page 27: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

٢٧

الفرع اخلامس راهم والكريامتاستخدام شحم اخلنزير يف امل

يتخدم شحم اخلنزير يف حتضري كثري من املراهم والكريامت ومواد التجميل, وتفد إىل بالد املسلمني كثري من هذه املنتجات, التي تتصد لإلعالن عنها وسائل إعالم البالد اإلسالمية, وقد

رجحت مذهب بينت قبل ذلك اتفاق الفقهاء عىل نجاسته, وحرمة تناوله يف حال االختيار, والقائلني بأن االستحالة ال أثر هلا يف حتويل النجس إىل طاهر, أو املحرم إىل مباح, إن قيل بتحقق استحالة هذا الشحم, إال أن هذا غري مسلم به, فقد ذكرت أستاذة متخصصة يف الكيمياء أن شحم

تى بعد عملية اخلنزير ال يستحيل يف أي منتج يضاف إليه أو يصنع منه, ويمكن الكشف عنه ح أن دهن اخلنزير يتميز برتكيب جلرسيدي فريد, خيتلف −كام تقول–وسبب ذلك التصنيع هذه,

عن بقية الدهون احليوانية والنباتية, الحتوائه عىل أمحاض دهنية مشبعة, خمالفا بذلك بقية الدهون ف إليه أو صنع منه, احليوانية والنباتية األخر, ومن ثم فإنه يمكن الكشف عن حقيقته فيام أضي

.وهذا ينفي استحالته يف األدولة أو املواد التي صنعت منهوال تفتقر صناعة املراهم والكريامت يف البالد اإلسالمية, إىل شحم اخلنزير, لوجود كثري من

الفازلني, والشحوم : الشحوم املباحة البديلة تكفي يف هذه الصناعة, ومن هذه الشحوم العضويةكالغنم, باإلضافة إىل الشحوم الصناعية التي حترض : املأخوذة من احليوانات املذكاةاحليوانية

, املحرضة »الالتولني«بالتشيد الكيميائي, ومن أشهر الشحوم التي تستخدم يف هذه الصناعة مادة .)١(من احليوانات املذكاة

عىل هذا الشحم, ولو ومن ثم فال رضورة وال حاجة إىل استخدام املراهم والكريامت املحتوية كان ألجل التداوي هبا, لوجود مثيلتها مما ال حيتوي عىل هذا الشحم, وال جيوز باألوىل استعامل مواد التجميل املحتوية عىل هذا الشحم, وذلك الشتامل ذلك كله عىل نجس, اتفق الفقهاء عىل

قهاء عىل حرمة تناوله يف حال فرضية ترك استعامل املسلم له يف بدنه, واشتامهلا عىل حمرم أمجع الف

كشف « بعنوان ليىل عبد الفتاح أستاذ الكيمياء التحليلية, بكلية الصيدلة, جامعة القاهرة, يف رسالتها للامجستري. د.أ) ١(

دراسة حتليلية لبعض كيفية املنتجات «, ورسالتها للدكتوراه بعنوان »وتقدير دهن اخلنزير يف اهلون احليوانية األخر .»الليبيدية والغذائية والصيدلية

Page 28: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

٢٨

االختيار, إذ من املعلوم أن اجللد يترشب املراهم والكريامت ومواد التجميل املشتملة عىل هذا .الشحم, ويصري مستعملها كاملتناول له

Page 29: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

٢٩

الفرع السادس ترقيع جلد اآلدمي بجلد اخلنزير

املقصد األول حقيقة الرتقيع اجللدي

اجللد هي عملية نقوم فيها بنقل: املقصود بالرتقيع اجللدي فقالبني الطبيب عبد الرضا الري من منطقة سليمة, ووضعه عىل منطقة مصابة فقد منها اجللد, ويستطيع اجلسم تغذية الرقعة اجللدية بالدم, بعد تكوين شبكة من األوعية الدموية والشعريات الدموية الدقيقة, ما بني رقعة

.)١(اب حتتها حتى يصح جلد الرتقيعاجللد املوضوعة والنسيج املصإال أن تعريفه ير جامع لكل أفراد املعرف, إذ ال يصدق إال عىل نوع واحد من أنواع الرتقيع, وهو الرتقيع الذايت, الذي يعتمد عىل نقل اجللد من أماكن سليمة يف بدن املصاب, إىل املوضع أو

.املواضع املصابة يف بدنهكنقله إنسان –ي يتم فيه نقل اجللد من حيوان إىل آخر من نفس فصيلته أما الرتقيع املشرتك الذ

والرتقيعع املختلط الذي يتم فيه نقل اجللد من حيوان إىل حيوان آخر ليس من نفس −إىل مثله, فال يشملهام التعريف السابق, وذلك ألن اجللد الذي يتم )كنقله من خنزير إىل إنسان(الفصيلة

ني, إن هو إال جمرد غيار بيولوجي, ال تتصل فيه األوعية الدموية بني الرقعة الرتقيع به يف احلالورسيرها يف البدن املصاب, وال يصح جلد الرتقيع, لقيام اجلسم بطرده بعد عدة أيام, عند نمو الرقعة اجللدية الذاتية حتته, إال يف حاالت نقل اجللد بني التوائم املتشاهبة, فال يرسي عليها قانون

.طرد هذاال

.١/ الرتقيع اجللدي: عبد الرضا الري. د) ١(

Page 30: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

٣٠

املقصد الثاين أنواع الرقع اجللدية ودواعي الرتقيع

:تتنوع الرقع اجللدية إىل األنواع التالية يتم نقلها من موضع سليم من بدن املصاب, إىل املوضع أو املواضع : رقعة جلدية ذاتية−١

تزرع يف مواد املصابة من بدنه, ويدخل يف هذا النوع تلك الرقعة التي تؤخذ من بدن املصاب, لتسمغذية وكيميائية وحافظة, حتى تصل إىل حجم معني, يمكن معه تغطية اجلزء املصاب من البدن

.املأخوذة منهيتم نقلها من حيوان إىل حيوان آخر من نفس الفصيلة, كتلك التي : رقعة جلدية مشرتكة−٢

.رإىل إنسان آخ) متربع حي, أو ميت أو توأم للمصاب(يتم نقلها من إنسان يتم نقلها من حيوان إىل حيوان آخر من غري فصيلته, كتلك التي يتم : رقعة جلدية خمتلطة−٣

.نقلها من جلود البقر أو اخلنازير إىل اآلدمينيوهي مركبات كيميائية أو خمتلقة عىل هيئة غيارات, توضع عىل اجلروح : رقعة صناعية−٤

.للحفاظ عليها من التلوث وغريه : اجللديدواعي الرتقيع

حاالت احلوادث املختلفة كحوادث السيارات التي قد : من الدواعي إىل الرتقيع اجللديينجم عنها, فقد جزء من جلد املصاب يف هذه احلوادث, وحوادث احلريق, سواء كانت ناشئة عن اع اشتعال النار يف اجلسم أو انسكاب السوائل املغلية, أو االتصال بالكهرباء, أو التعرض لإلشع

.أو ماء النار, أو نحوها مما يفسد اجللدد اجللد نتيجة استئصال األورام اجللدية, أو االلتهابات الشديدة, فق: ومن الدواعي كذلك

عىل أن أهم احلاالت التي تستعمل فيها الرقع اجللدية هي حاالت احلروق, وخاصة احلروق .)١( حتته من اجللدالعميقة, التي تصاب فيها طبقة األدمة والطبقات السميكة

اجللدية التي يتم هبا ترقيع جلد املصاب بحروق عميقة جلد اخلنزير, فقد شاع يف ومن الرقعالعامل استخدامه يف هذه احلالة, لسهولة تربية اخلنازير, ورخص سعرها باملقارنة للحيوانات

.٣ −١/ الرتقيع اجللدي: عبد الرضا الري. , د١٢ −٨, ٣, ٢/ بنوك اجللود البرشية: حممد شوقي كامل. د) ١(

Page 31: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

٣١

,فضال عن غلظ جلد اخلنزير, مما جيعله مناسبا كغيار بيولوجي للاألخر جزء املصاب بحروق .عميقة من جلد اآلدميني

وقد بينت قبال اتفاق الفقهاء عىل نجاسة أجزاء اخلنزير, ومنها جلده, وقد اختلف الفقهاء يف حكم جلده بعد الدبغ أطاهر هو أم نجس, وعام إذا كان جيوز االنتفاع به أم ال, وذلك عىل

:مذهبني : املذهب األول

ر ال يطهر بالدباغ, وال جيوز االنتفاع به يف يشء, لعدم طهارته إىل ير أصحابه أن جلد اخلنزي .)١ ()ومنهم احلنفية واملالكية والشافعية واحلنابلة(هذا ذهب مجهور الفقهاء

: املذهب الثاينير من ذهب إليه أن جلد اخلنزير يطهر بالدباغ, فإذا دبغ كان كجلد ما ذكى مما حيل أكله من

.عاملهاحليوان, فيحل است .)٢(رو هذا عن أيب يوسف ومالك, وإليه ذهب الظاهرية

:ما استدل به للمذهبنيوجه ما ذهب إليه مجهور الفقهاء من نجاسة جلد اخلنزير بعد الدباغ, وحرمة االنتفاع به ما

:ييل : املعقول

.)٣(إن الدباغ كاحلياة, ثم إن احلياة ال تدفع النجاسة عن اخلنزير, فكذلك الدباغ −١إن استعامل جلد اخلنزير استعامل لعني نجسة, وال يسلم مستعملها من التنجس هبا, −٢

.)٤(فحرم االنتفاع هبا

, ١٢٩/ ٤, كفاية الطالب الرباين ٤٥٤, ٤٥٢/ ١, الفواكه الدواين ١٩٦/ ٥, ١٣٦/ ١الدر املختار ورد املحتار ) ١(

.٦٦/ ١, املغني ٧٨/ ١, مغني املحتاج ١٠/ ١املهذب .٦٨/ ٨, ١٥٣/ ١, املحىل ٦٦/ ١, املغنى ١٣٦/ ١, رد املحتار ٨٢/ ١فتح القدير ) ٢( .١٠/ ١املهذب ) ٣( .٨٢/ ١املغني ) ٤(

Page 32: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

٣٢

.)١(إن االنتفاع بجلد اخلنزير إنام حيصل أو يكمل بالطهارة, وجلده نجس فال ينتفع به −٣ :ه بعد بام ييلاستدل أصحاب املذهب الثاين عىل طهارة جلد اخلنزير بالدباغ, وحل االنتفاع ب

.٧٨/ ١مغني املحتاج ) ١(

Page 33: حكم التداوي ببعض أجزاء الخنزير

٣٣

: السنة النبوية املطهرةأيام «: سمعت رسول اهللا صىل اهللا عليه وسلم يقول: رو عن ابن عباس ريض اهللا عنهام قال

.)١(»غ فقد طهربإهاب د : وجه الداللة منه

أفاد هذا احلديث بعمومة طهارة مجيع اجللود بالدباغ, ال فرق يف هذا بني جلد اخلنزير وغريه, نزير كجلد غريه من امليتات, سواء كانت مأكولة اللحم أو غري مأكولة اللحم, يطهر فجلد اخل

.جلدها الدباغ كام أرشد احلديث الصحيح

.٨٩١/ ١أخرجه مسلم يف صحيحه ) ١(