ماذا حدث للإسلاميين؟

7
كـتــبجـعـــات مـرا؟ميسذا حدث ل ماكيستهم اسن معدن ثقيل، وإغراء اميو سلفيون، إس عرض: د. إبراهيم شرقية* 51 و/حزيرانوني ي3152 Al Jazeera Centre for Studies Tel: +974-44663454 [email protected] http://studies.aljazeera.net

Upload: abdel-abdellaoui

Post on 23-Dec-2014

60 views

Category:

Documents


5 download

DESCRIPTION

 

TRANSCRIPT

Page 1: ماذا حدث للإسلاميين؟

مـراجـعـــات كـتــب

ماذا حدث لإلسالميني؟ سلفيون، إسالميون معدن ثقيل، وإغراء اإلسالم االستهالكي

*شرقيةإبراهيم د. عرض:

3152يونيو/حزيران 51

Al Jazeera Centre for Studies Tel: +974-44663454 [email protected]

http://studies.aljazeera.net

Page 2: ماذا حدث للإسلاميين؟

2

األصولية الجديدة وما بعد اإلسالمية

يرى الكاتبان أن مرحلة السبعينيات والثمانينيات قد تميزت بظهور حركات إسالمية تناقضت باأليديولوجية والجوهر مع

مية في إيران والمجاهدين في أفغانستان الرأسمالية والثقافة الغربية، وسعت للتغيير الجذري الشامل مثل "الثورة اإلسال

وحزب هللا وحماس وجبهة اإلنقاذ في الجزائر". إال أنه ومنذ التسعينيات، بدأ العديد من المفكرين اإلسالميين بالتوجه نحو

"الديمقراطية اإلسالمية"، مؤيدين بذلك بناء التحالفات السياسية والتعددية االنتخابية.

، 1122بي الذي أعقب الثورات العربية عام ولعل االنتصار االنتخا

يُظهر كيف يواصل مشروع اإلسالم السياسي تأقلمه بعدة طرق؛

ففي تونس ومصر، جاء التصويت الهائل لإلسالميين على أمل أن

تقوم هذه الحركات باإليفاء بوعودها بممارسة سياسية ذات بُعد

، واإلصالح أخالقي، ومحاربة الفساد، وإعادة التوزيع االقتصادي

والعدالة، وليس على أساس تطبيق الشريعة وخلق مؤسسات إسالمية

جديدة.

التحوالت التي اجتاحت مشروع اإلسالم السياسي أدت لظهور اتجاهين أيديولوجيين:

م (. ما يميز هذا االتجاه هو عدم ارتباطه بمفهوneo-fundamentalism: ما يمكن تسميته بـ"األصولية الجديدة" )األول

الدولة الوطنية حيث يتشكل بمعزل عن الحدود الجغرافية؛ فهو بطبيعته عالمي و)ليس وطنيًا( ويرتكز على مفهوم األمة.

ماذا حدث لإلسالميين؟عنوان الكتاب: أمل بوبكر وأوليفر رويالمؤلف: براهيم شرقيةإد. عرض: 1121أكتوبر/تشرين األول 01 السنة:

سن هيرست، لندن/منشورات جامعة الناشر: كولومبيا

112 عدد الصفحات:

Page 3: ماذا حدث للإسلاميين؟

3

األصولية الجديدة ال تُعنى كثيًرا بالقضايا السياسية، وعوًضا عن ذلك تركز على الروحانية ألفرادها. من أهم جماعات

ون على ُمثُل ومسلكيات السلف األول وليس على رموز وُمثل إسالمية نشأت في األصولية الجديدة: السلفيون الذين يركز

القرن العشرين.

( الذي أقلع عن األفكار الراديكالية وحتى العنف post-Islamism: ويمكن تسميته بـ"ما بعد اإلسالمية" )االتجاه الثاني

ومستعيًضا عنه برؤية تعددية للمشروع اإلسالمي. وبذلك، كطريقة للتغيير، متجنبًا الخطر المصاحب لمفهوم الدولة الدينية

فقد لجأ اتجاه ما بعد اإلسالمية إلى القضايا العملية والحلول األيديولوجية الوسطية فيما يخص العمل السياسي. إن ظهور

في األحزاب حزب الوسط في مصر في التسعينيات كبديل للعمل اإلسالمي المسلح ولإلخوان المسلمين، وظهور التعددية

اإلسالمية التركية )انشقاق حزب الرفاه إلى حزبي سعادات والعدالة والتنمية(، يمثالن بشكل واضح بروز اتجاه ما بعد

اإلسالمية.

اإلسالميون في عالم متغير إًذا؛ عملوا على إيجاد استراتيجيات ومناهج عمل جديدة تتعايش مع المتغيرات العالمية،

طن التالية:ويظهر ذلك في الموا

يديناإلسالمي لإلعالم والفن الجدثقافة استهالكية: االستخدام -1

بينما اعتمد اإلسالميون التقليديون على الفكرة وكتابات المفكرين التاريخيين لنشر الدعوة، اعتمد اإلسالميون المعاصرون

ائيات واألقراص المدمجة. إنهم ينتجون ثقافة أكثر على وسائل اتصال حديثة، بما فيها اإلعالم المرئي واإلنترنت والفض

استهالكية لنشر رسائلهم وحشد مؤيديهم الذين أصبحوا مستهلكين لهذا اإلنتاج الثقافي اإلسالمي بشكل مستمر. لقد بدأ

يل الشباب في جماعة اإلخوان المسلمين المصرية بممارسة ما يمكن تسميته بالجهاد اإللكتروني، وهم بذلك عملوا على تعد

مفهوم الجهاد من معناه التقليدي إلى مطالبة أتباع الجماعة بممارسته إلكترونيًا من خالل االشتراك بمراسالت البريد

اإللكتروني والمدونات وتوقيع عرائض إلكترونية ذات محتوى اجتماعي إسالمي. كذلك تم إنتاج ثقافة إسالمية أنيقة تتسم

لباس إسالمي عصري، ومشروبات غازية إسالمية، ومغنين إسالميين وحتى بالحداثة حيث أُنتجت مواد ثقافية مثل

كوميديين إسالميين. وحتى احتجاجات الشوارع، التي اتسمت بها ذروة نضال اإلسالميين في السابق، أصبحت تواجه

ك الثقافي اإلسالمي منافسة شديدة من قبل حفالت نجوم الراب اإلسالمي. ومن المهم هنا مالحظة أن هذا النمط من االستهال

الحديث، يقوم على جذور علمانية غربية بقيم ليبرالية، وهو بذلك يتجاوز القيم التقليدية السياسية للنشاط اإلسالمي.

تنظيمية وأسلمة التجارة واألعمالمحو الهيكليات ال -2

يرى الكاتبان أن الحركات اإلسالمية اليوم تعمل على إعادة هيكلة أنفسها، بحيث إنها تخلت عن التركيبة التقليدية للسلّم

التنظيمي الديني. صحيح أن جماعة اإلخوان المسلمين، مثالً، ما زالت تحافظ على اجتماعات أسبوعية وتأخذ اشتراكات

أكثر على ال مركزية، بحيث أصبح هناك "أعضاء بحكم الواقع" بالجماعة سنوية من األعضاء، ولكنها أصبحت تعتمد

يعملون ضمن رؤيتهم الخاصة ودون تعليمات مباشرة من القرار المركزي.

إضافة لذلك، فقد بدأت الرموز اإلسالمية غير التقليدية، كرجال األعمال مثالً، بخلق اقتصاد إسالمي، تعتبر الشركات

ساسي فيه؛ فعلى سبيل المثال، تحولت رموز إسالمية ماليزية إلى رجال أعمال من خالل الدم بين اإلسالمية المحرك األ

Page 4: ماذا حدث للإسلاميين؟

4

مفاهيم قرآنية وثقافة الشركات التي يديرونها؛ فهم ال يقومون فقط بإيجاد مبادئ مالية تتفق والشريعة اإلسالمية ولكنهم أيًضا

كاة من خالل تشجيع رجال اإلحسان بدعم مشاريعهم الخيرية.أصبحوا يطبقون مفهوم الشورى داخل الشركة، ومبدأ الز

تغير طبيعة العمل السياسي: هل ما زال اإلسالميون يريدون قيام دولة إسالمية؟ ولماذا دخل -3

السلفيون معترك الحياة السياسية؟

الجتماعية أكثر من غيرها. بعض هذه يرى الكاتبان أن الحركات اإلسالمية قد أخذت فعالً بالتركيز على الجوانب الثقافية وا

الحركات قد تخلى عن فكرة التغيير الجذري للنظام السياسي والسيطرة على الدولة. لقد غيروا أولويات مشروع اإلسالم

السياسي، وفي كثير من األحيان شرعنوا سلطة الدولة ألسباب عملية، رغم أنهم ما زالوا يتحدون الدولة أحيانًا من خالل

أسباب الظلم بأساليب جديدة. لقد قبلوا االنتخابات ليس فقط لربحها ولكن أيًضا إلدارة مشهد سياسي متنوع، كما أنهم مقاومة

قبلوا التحالف مع قوى سياسية علمانية.

التغيير لم يقتصر على تغيير األهداف السياسية للحركات اإلسالمية ولكن شمل أعضاءها أيًضا؛ بحيث أصبحنا نرى

ينتمون أكثر للطبقة المهنية الحديثة المتأثرة بالجوانب الثقافية لإلسالم أكثر من الجوانب واألهداف األيديولوجية. األعضاء

وبسبب هذا التغير في األهداف السياسية واألعضاء، فإن عالقة هذه الحركات مع العنف أيًضا قد تغيرت وتطورت؛

عتمدت خطاب التعددية والتسامح والتعايش مع األحزاب السياسية فجماعة اإلخوان المسلمين المصرية رفضت العنف وا

األخرى.

باإلضافة لكل ما تقدم، يرى الكاتبان أن اإلسالميين اليوم ينهلون من موروث سياسي عالمي ذي مفاهيم قائمة على

يث. وهذا يعني أن الديمقراطية والمنافسة والتضامن والمساواة، وذلك من أجل إعادة تعريف اإلسالم السياسي الحد

األيديولوجيات التي تزودنا بمفاهيم وتفسيرات لماهية العمل السياسي االجتماعي ال تموت، ولكنها في حالة تحول وتطور

قد سارت بطريق مشابه لذلك الذي سلكته أيديولوجيات -حسب الكاتبين-مستمرين. وبذلك، فإن األيديولوجية اإلسالمية

الشتراكية. التطورات التي تشهدها منطقة الشرق األوسط اآلن أظهرت أن اإلسالميين آخذون عالمية أخرى كالشيوعية وا

بالتأقلم مع التغيرات السياسية الحديثة أكثر من كونهم يقومون بتشكيل ورسم هذه التطورات. الدافع لهذا التأقلم جاء من قبل

لسياسة الصغيرة بواسطة الفيسبوك وشبكات التواصل الجيل الشاب في عصر "ما بعد اإلسالمية" الذي انخرط بجزئيات ا

االجتماعي ومن خالل الحديث عن الديمقراطية والحرية، وليس بالحديث عن الهدف األكبر المتمثل بالدولة اإلسالمية.

ويبقى السؤال: كيف سيواصل اإلسالميون تأقلمهم مع التغيرات العالمية؟ هو موضوع البحث حول اإلسالميين في

قبل.المست

اإلسالميون: التحول أو االستمرار

لقد رصد الكاتبان، ببراعة فائقة، التحوالت التي أصابت مشروع اإلسالم السياسي السيما في المناه المتبعة من قبل

ن الحركات اإلسالمية، وبالتحديد بالعقد األخير، مقارنة مع ما كانت عليه الحال في منتصف القرن العشرين. تقديم الكاتبي

لمصطلح "األصولية الجديدة" جاء في التوقيت المناسب وعلى درجة عالية من الدقة، حيث شّكل دخول السلفيين معترك

الحياة السياسية في مرحلة الربيع العربي وخوضهم االنتخابات النيابية في مصر وغيرها مرحلة جديدة في العمل السياسي

Page 5: ماذا حدث للإسلاميين؟

5

لى مشروع اإلسالم السياسي ككل، بحيث يُدِخله مرحلة ما زالت أطوارها اإلسالمي، ربما يكون لها تأثير استراتيجي ع

آخذة بالتشكل.

وْصف الكاتبين للطريقة التي تتأقلم بها الحركات اإلسالمية مع تطور الثقافة العالمية في القرن الحادي والعشرين جدير

اإلسالم السياسي اآلن. وبالتحديد، فإن مناقشة باالهتمام، لما له من قدرة على تسليط الضوء على ظواهر يعايشها مشروع

الكاتبين للكيفية التي ينهل بها اإلسالميون من الموروث السياسي العالمي، القائم على مفاهيم الديمقراطية والمنافسة

والتضامن، إلعادة تعريف اإلسالم السياسي الحديث، هي مسألة تهم اإلسالميين بالدرجة األولى، بحيث، من جانب،

تشجعهم على التقييم البنّاء للطريقة التي يتفاعلون بها مع الموروث العالمي، وتحديد موقفهم فيما إذا وصلوا إلى مرحلة

أصبحوا فيها جزًءا ال يتجزأ من هذا الموروث يأخذون منه ويؤثرون به، ومن جانب آخر، تناقش فرضيات التزام قوى

المشروع اإلسالمي المتكامل المستند على تجربة السلف.إسالمية بالنه التقليدي القائم على بناء

إال أن هناك العديد من التحديات التي تواجه التصور الذي يضعه الكاتبان للحالة التي وصل لها مشروع اإلسالم

السياسي:

ل الحركة السلفية إلى : في حين يمكن اعتبار مفهوم "األصولية الجديدة"، الذي يقدمه الكاتبان، دقيقًا في تفسير دخوأوالً

معترك الحياة السياسية إال أن ما يطلقون عليه مصطلح "ما بعد اإلسالمية" يعاني من تناقضات كثيرة؛ فاإلسالم السياسي

لغير السلفيين أو حتى لالتجاه البارز في المنطقة العربية واإلسالمية، ال يشهد حالة انسجام واحدة موحدة حتى يتم التعاطي

متجانس وصل إلى درجة يمكن وصفها بـ"ما بعد اإلسالمية". وعلى سبيل المثال، فاإلسالم السياسي في اليمن معه كتيار

يختلف لحد كبير في درجة "تفاعله مع الموروث السياسي العالمي" عنه في تونس أو تركيا. فدرجة التباين ما بين تيار

بيرة جًدا، لدرجة دعت البعض إلى القول بأن "إسالميي تونس اإلسالم السياسي، حتى في منطقة المغرب العربي نفسها، ك

يماثلون ليبراليي )علمانيي( ليبيا أو العكس".

: مسألة تخلي إسالميي التسعينيات عن مشروع التغيير الجذري؛ فاألمثلة التي يوردها الكاتبان ال تدل على ذلك. فإيران ثانيًا

جيرانها العرب، وطالبان ما زالت ترفع مشروع "التغيير الجذري" ولم تعّدل ما زالت تعمل على "تصدير الثورة" السيما ل

حتى من ضرورة التحاق اإلناث بالمدارس. أما بالنسبة لحركة حماس فهي لم تطرح أصالً أي مشروع خارج المسألة

اإلخوان المسلمين خاضوا الفلسطينية ومحاربة االحتالل اإلسرائيلي، وما زالت ملتزمة ببرنامجها حتى يومنا هذا. بل إن

التجربة االنتخابية قبل التسعينيات، وتحالفوا مع أحزاب علمانية مثل حزب الوفد في مصر، وهم يواصلون مشروعهم

لإلسالم السياسي بنفس المحتوى القائم على التغيير بالالعنف واالنتخابات. فعمل الحركات اإلسالمية لم يختلف كثيًرا من

ناك تغيير في األدوات واألساليب بحيث تطورت لتشمل "الجهاد اإللكتروني والمدونات وتوقيع حيث الجوهر. نعم، ه

العرائض اإللكترونية والمشروبات الغازية اإلسالمية والمغنيين اإلسالميين"، ولكن هذه كلها وسائل للوصول إلى الهدف

وليست مؤشرات على تغيير في جوهر المشروع.

ون مسألة الالعنف منذ مرحلة التأسيس؛ حيث يظهر ذلك في كتابات المؤسس حسن البنا؛ فنه اإلخوان المسلمون يطرح

الجماعة بجوهره ال عنفي حتى وإن ُوجدت مراحل محددة تجاوزت فيها الجماعة هذه األدبيات الالعنفية. وال يغيب عن

الالعنف، كما حدث مع الجماعة اإلسالمية الذهن االنشقاقات التي حصلت بتاريخ الجماعة في السابق بسبب التزامها بنه

مثالً. فاختالف الوسائل ال يعني اختالف الجوهر أو اختالف المشروع، وحتى تُحسم مسألة "انتهاء مشروع اإلسالم

Page 6: ماذا حدث للإسلاميين؟

6

السياسي"، كما يناقش الكاتبان، فهناك حاجة إلى مؤشرات تتعلق بالهدف والرؤية االستراتيجية وليس بوسائل العمل

فلربما أصبح التغيير بالوسائل الحديثة عامل قوة وتدعيم لمشروع اإلسالم السياسي وليس بقصد اإلقالع عن اإلسالمي.

أهدافه االستراتيجية؛ فالجهاد اإللكتروني والمدونات يمكن رؤيتها على أنها حالة من ركوب موجة العولمة بدالً من

ها ضمن المعطيات العالمية الجديدة التي تؤهلها للحياة مواجهتها؛ فتعمل الحركات اإلسالمية بذلك على تجديد نفس

واالستمرارية.

: يعتبر الكاتبان ظهور أحزاب جديدة برؤية مختلفة، مثل حزب الوسط، مؤشًرا على تحول في جوهر مشروع اإلسالم ثالثًا

حشد قاعدة جماهيرية لم يتمكن من 2991السياسي. ولكن حزب الوسط، الذي انشق عن جماعة اإلخوان المسلمين عام

مقاعد في انتخابات مجلس الشعب 21تؤهله لمنافسة األحزاب التقليدية اإلسالمية. فعلى سبيل المثال، لم يحصل إال على

مقعًدا. وهذا مؤشر دقيق على أن أحزاب ذات 110مقابل مقاعد اإلخوان والسلفيين التي وصلت إلى 1122المصري لعام

ة إسالمية" ما زال أمامها تحديات كبيرة جًدا حتى تُعتبر منافِسة فعالً وتستطيع أن تؤثر في جوهر برام وسطية أو "ليبرالي

أو رؤية مشروع اإلسالم السياسي. جدير بالذكر أن حالة االستقطاب وديناميات العمل التي يشهدها مشروع اإلسالم

زاب المحافظة واألحزاب الليبرالية أو الوسطية. السياسي اآلن تجري ما بين األحزاب المحافظة نفسها وليس بين األح

بمعنى آخر، فإن االستقطاب في مصر اليوم يقوم بين اإلخوان المسلمين والسلفيين الذين أصبحوا يشّكلون منافًسا صلبًا

هي أنها ستؤدي لقيادة اإلخوان المسلمين التقليدية للمشروع اإلسالم السياسي. الداللة المهمة لهذا النوع من ديناميات العمل

باألحزاب المحافظة إلى التنافس فيما بينها على موقع "األكثر محافظة" وليس "األكثر ليبرالية"؛ فاإلخوان سيحاولون أن

أنهم ليسوا أقل محافظة منهم، وهذا النوع من العمل سيؤدي بالمحصلة النهائية إلى مشروع -منافسهم القوي-يثبتوا للسلفيين

محافظة، وهو ما يختلف مع طرح الكاتبين بخصوص التحول الجذري لمشروع اإلسالم السياسي نحو إسالم سياسي أكثر

العولمة واإلقالع عن األهداف التقليدية. بكل تأكيد كان األمر سيختلف لو أن المنافسة أو االستقطاب، في مصر مثالً، يقوم

عندها بين مشروعين: محافظ و"ليبرالي نسبيًا"، فإذا بين جماعة اإلخوان المسلمين وحزب الوسط، حيث سيكون التنافس

ق األخير نكون قد أدركنا حقيقة التحول في مشروع اإلسالم السياسي، ولكن هذا ليس هو واقع الحال. تفوَّ

بات : يقفز الكاتبان إلى استنتاجات مبكرة تقول بتخلي اإلسالميين عن مشروع الدولة اإلسالمية، كونهم دخلوا االنتخارابًعا

ووصلوا إلى السلطة في مرحلة الربيع العربي. مما ال شك فيه أن وصول اإلسالميين إلى السلطة، بدون أن يكون لهم خبرة

سابقة في الحكم، قد جعلهم يغيِّرون في سلم أولوياتهم؛ فاالقتصاد والبطالة وتدعيم أواصر الحكم، تأخذ بكل تأكيد األولوية

راهنة. فاإلسالميون لهم خبرة سابقة في العمل الحزبي والجماهيري والخيري، خصوًصا فوق أي شيء آخر في المرحلة ال

في مجاالت الصحة والتعليم والعمل اإلنساني، ولكن هذا كله يختلف عن الخبرة المطلوبة في مجاالت الحكم الرشيد وإدارة

لديات ومحافظين وإداريين في الدولة قبل الدولة. فإسالميو تركيا، على سبيل المثال، كانوا قد شغلوا مناصب رؤساء ب

وصولهم إلى سدة الحكم، ولهذا لوحظ نجاح التجربة التركية حتى اآلن في مجاالت النمو االقتصادي وإدارة الدولة، أما

إسالميو الربيع العربي مثالً فقد جاء جزء منهم من السجون )مصر( وجزء آخر من المنافي )تونس(، وفي الحالتين تختلف

ه التجارب مع ما تحتاجه إدارة الدولة في مرحلة اقتصادية حرجة تصل فيها البطالة إلى أعلى مستوياتها. ولذا من المبكر هذ

جًدا الحكم على األهداف االستراتيجية والمشروع السياسي لمجرد التغيير في األولويات فقط.

: يطرح الكاتبان مسألة خالفية كبيرة؛ حيث يريان أن الحركات اإلسالمية أصبحت تعتمد على الالمركزية؛ مما أدى خامًسا

إلى محو الهياكل التنظيمية التقليدية لهذه األحزاب، ويستدل الكاتبان على ذلك بوجود ما يسمونه تشكيالت "أعضاء بحكم

ا عن الهيكلية التنظيمية. ولكن في حقيقة األمر فإن تشكيالت مثل "أعضاء بحكم الواقع"، تعمل ضمن رؤيتها الخاصة وبعيدً

Page 7: ماذا حدث للإسلاميين؟

7

الواقع" قد ُوجدوا دوًما وليس فقط حديثًا؛ حيث اعتُبروا سابقًا كفئة "المناصرين أو المؤازرين"، وهؤالء لم يكن لهم عالقة

ربي قد أثبتت أن األحزاب السياسية اإلسالمية كانت بالتنظيم الداخلي لألحزاب السياسية اإلسالمية. ولعل تجربة الربيع الع

األقدر من غيرها من األحزاب على المحافظة على بنيتها الداخلية ومركزية القرار فيها رغم كل التحديات التي واجهتها،

االشتراكات فجماعة اإلخوان المسلمين المصرية، كما يقر الكاتبان، استطاعت المحافظة على اجتماعاتها األسبوعية وجمع

السنوية من أعضائها. وفوق كل ذلك، هناك قرار واحد وهو قرار المرشد العام في النهاية. ما يغفل الكاتبان عن اإلشارة

إليه فيما يتعلق بمسألة الهيكليات والمركزية في الحكم هو مفهوم "األمير" لدى الجماعات اإلسالمية، وهو مفهوم مقدس

خرى حزبية، وهو مفهوم مدعم عقائديًا وأيديولوجيًا بـ"أطيعوا هللا وأطيعوا الرسول وأولي مركزي ال تنازعه أية سلطة أ

األمر منكم". إطاعة أولي األمر هي سلطة ال يمكن التأثير فيها من خالل وجود "أعضاء بحكم الواقع". وهنا تجدر اإلشارة

القيادات الشابة من صفوفها في ما بعد سقوط إلى أن جماعة اإلخوان المسلمين في مصر، قد قامت بفصل العديد من

مبارك، عندما حاولت هذه القيادات الشابة طرح رؤية تجديدية مخالفة لحد معين للرؤية المركزية للمرشد وقيادة الجماعة.

أو لذا، من الصعب وجود مؤشرات حقيقية وصلبة تفيد بأن المركزية ضمن حدود األحزاب اإلسالمية التقليدية قد تراجعت

تغيرت وأصبحت تحكم بال مركزية.

، وبالرغم من االختالف مع الكاتبين في عدد من القضايا التي تناوالها في معالجتهم لمشروع اإلسالم السياسي إال أنه أخيًرا

البد من التأكيد على أهمية قراءة الكتاب ونقاشه بطريقة ناضجة ومسؤولة، كونه يطرح قضايا فلسفية تتعلق بحاضر

قبل مشروع اإلسالم السياسي، والبد للمتخصصين في شؤون الحركات اإلسالمية بل والحركات اإلسالمية نفسها من ومست

مناقشتها؛ فإعادة تعريف مشروع اإلسالم السياسي وعالقته بالموروث السياسي والثقافي العالمي هي مسألة ملحة السيما

العربي ووصول اإلسالميين للحكم. بعد التغييرات التي اجتاحت المنطقة مع وصول الربيع

انتهى