al atfal wa al2dman

306
ABCDEFG 247 اﻷﻃﻔﺎل واﻹدﻣﺎن اﻟﺘﻠﻔﻴﺰﻳﻮﻧﻲ ﺗﺄﻟﻴﻒ: ﻣﺎري وﻳﻦ ﺗﺄﻟﻴﻒ: ﻋﺒﺪاﻟﻔﺘﺎح اﻟﺼﺒﺤﻲX¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI¦K wMÞu« fK:« U¼—bB¹ W¹dNý WOUIŁ V² WKKÝ a c b

Upload: body-mody

Post on 07-Mar-2016

263 views

Category:

Documents


11 download

DESCRIPTION

Al Atfal wa al2dman

TRANSCRIPT

Page 1: Al Atfal wa al2dman

ABCDEFG 247

األطفال واإلدمانالتلفيزيوني

ماري وينتأليف: عبدالفتاح الصبحيتأليف: X¹u

J�« ‡ »

«œü«Ë Ê

uMH�«Ë

W�UI¦K�

wMÞu�

« fK:

« U¼—bB

¹ W¹dNý

WO�UIŁ

V²� WK�

acb

Page 2: Al Atfal wa al2dman

ABCDEFG

acbاألطفال واإلدمان

التلفيزيونيماري وينتأليف:

عبدالفتاح الصبحيتأليف:

X¹uJ�« ‡ »«œü«Ë ÊuMH�«Ë W�UI¦K� wMÞu�« fK:« U¼—bB¹ W¹dNý WO�UIŁ V²� WK�KÝ

247

صدرت السلسلة في يناير ١٩٧٨ بإشراف أحمد مشاري العدواني ١٩٢٣ ـ ١٩٩٠

uO�u¹

1999

Page 3: Al Atfal wa al2dman

ا�واد ا�نشورة في هذه السلسلة تعبر عن رأي كاتبهاوال تعبر بالضرورة عن رأي اجمللس

Page 4: Al Atfal wa al2dman

MMMM

٧مقدمة الطبعة األولى

٩مقدمة الطبعة الثانية

القسم األول:١٢التجربة التليفزيونية

الفصل األول:١٣ليست مادة ا�شاهدة هي ا�شكلة

الفصل الثاني:٢٥تغير حالة الوعي

الفصل الثالث:٣٥إدمان التليفزيون

القسم الثاني:٤٨التلفزيون والطفل

الفصل الرابع:٤٩التفكير اللفظي وغير اللفظي

الفصل اخلامس:٦٧التليفزيون والقراءة

الفصل السادس:٨٩التليفزيون وا�درسة

الفصل السابع:١١١التليفزيون والعنف (مدخل جديد)

Page 5: Al Atfal wa al2dman

MMMM

الفصل الثامن:١٢٥التليفزيون واللعب

الفصل التاسع:١٤١جيل التليفزيون

القسم الثالث:١٥٢التليفزيون واألسرة

الفصل العاشر:١٥٣احلياة األسرية

الفصل احلادي عشر:١٦٥آباء ا�اضي

الفصل الثاني عشر:١٧٣كيف عاش اآلباء قبل التليفزيون?

الفصل الثالث عشر:١٧٩التليفزيون ووقت الفراغ

الفصل الرابع عشر:٢١١آباء مدمنون

الفصل اخلامس عشر:٢٢١خارج السيطرة

الفصل السادس عشر:٢٤١السيطرة على التليفزيون

القسم الرابع:٢٥٦التـلـيـفـزيـون

Page 6: Al Atfal wa al2dman

MMMM

الفصل السابع عشر:٢٥٧قبل التجارب وبعدها

الفصل الثامن عشر:٢٧٣التخلي نهائيا عن التليفزيون

الفصل التاسع عشر:٢٨٥ال تليفزيون أبدا

٢٩١خا<ة

٢٩٥اAراجع

٣٠٥اAؤلف في سطور

Page 7: Al Atfal wa al2dman

7

مقدمة الطبعة األولى

يستند قسم من مواد هذا الكتاب إلى قراءاتيMلبحوث علمية عن اجلوانب اخملتلفة للـتـلـيـفـزيـونوكتب ومقاالت تخاطب جمهور القراءM وكتابات عنتنمية الطفلM واألسرةM واAآزق واAعضالت احلديثةاAتنوعة في حياتنا. وقد حاولت اإلشارة إلى مصادرجميع اAواد التي أفدت منها في الكتابM عدا تلكاألفكار التـي اسـتـوعـبـتـهـا بـصـورة ال eـكـن فـصـل

أفكاري اخلاصة عنها.أما القسم األكبر من الكتاب فمصدره أحاديثيMواألطـفـال Mستفيضة عن التلـيـفـزيـون مـع اآلبـاءAاواAدرسMh والـبـاحـثـh االجـتـمـاعـيـMh ومـسـؤولـيالتليفزيونM ومديري اAدارسM واختصاصـيـي عـلـمالـنـفـسM واألطـبـاء الـنـفـسـيـh. فـمـن تــســجــيــالتمقابالتي الشخصية معهم ترد جميع االقتـبـاسـاتغير اAنسوبة في الصفحات التالية. وينتمي غالبيةاآلباء واألطفال الذين التقيتهم إلى أسر من الطبقةالوسطى في مدينتي دنفر ونيويوركM وفي الضواحيMـ وهـم hـديـنـتـAا hناطق الريفية البعيدة لهـاتـAواMقاييس العلميةAوإن لم يكونوا عينة <ثيلية <اما باMوزراعية Mفإنهم عينة فائقة التنوع تضم أسرا مهنيةوجتاريةM وأكادeيةM وفنية متنوعة من حيث احلجموأساليب احلياة. وكان بعض الراغبh في احلديث

عن التجربة التليفزيونية من خاصة أصدقائيMإليبينما كـان آخـرون أصـدقـاء ألصـدقـائـيM بـل حـتـىأصدقاء ألصدقاء األصدقاءM وكثيرا ما كان الناس

مقدمةالطبعة األولى

Page 8: Al Atfal wa al2dman

8

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

يحرصون بوضوح على التطوع بتقدt قصصهم اخلاصة لدى سماعهم عناهتمامي باAشاكل اAتصلة بالتليفزيون.

لقد أتيح لي االلتـقـاء بـبـعـض األسـر مـن خـالل إعـالنـات نـشـرتـهـا فـيالصحف. فتبادلت أطراف احلديث مع أمهات وآباء في احلـفـالتM وأثـنـاءفترات االستراحة في حفالت اAوسيقىM وعلى الشاطئM وفي مدارس أطفالياخلاصةM وفي ساحة اللعب اجملاورةM وحيثما أقمت عدة أسابيعM وحـيـثـمـاحتدثت إلى األمهات الشابات اللواتي لم يرفضن قط االجابة عن أسئلتياAتواصلة والصعبة أحياناM فقد أكدت تعاطفي العميق مع اآلباء واألمهـات

الذين يحاولون تربية أطفالهم الصغار في مجتمعنا اليوم.قد يسـأل أحـدهـم: Aـاذا اقـتـصـرت اسـتـطـالعـاتـي عـلـى أسـر الـطـبـقـةالوسطى? إن جانبا من اإلجابة يتمثل في أن هذه األسر هي هؤالء الـنـاس

M «يترك سلوكهم أكبـرPhilip Slaterبالتحديد الذينM كما كتب فيليب سليتـر . كما أن(١)األثر في اجملتمع والذين eتلكون القوة واAوارد الالزمة لتطويره»

طرائقي واستقصاءاتي غير الرسميةM من جانب آخرM جتد مجاالت أفضلحيث تتوافر لي بعض اخلبرة الشخصية. ولذلك فقد اخترت أن أكتب عنأسر ال تختلف كثيرا عن أسرتي. ور�ا تكون أسر كل من الطبقة الدنيا أوالعليا غير مختلفة إلى حد بعيد. بل إنني أعتقد أنها غير مختلفةM لكنني ال

أستطيع أن أقول ذلك عن ثقة.إن ما eكنني قوله بقدر من الثقةM ونتيجة لسـنـوات مـن الـتـحـدث إلـىاآلخرين ومن االستماع إلى أحاديثهم عن التليفزيونM هو أن اآلباء يحتاجونإلى التفكير بأسلوب جديد فيما يتعلق بالتليفزيونM ويحتاجون إلى التفكيرمليا في الدور الذي يلعبه في حيـاة أطـفـالـهـم وفـي حـيـاتـهـم مـعـا كـأسـرة.وحينئذ فقط يستطيع اآلباء البدء في تقدير احلاجـة إلـى عـمـل شـيء فـي

.(*)هذا اAضمار

(*) لهذه اAقدمة بقية تزيد قليال على صفحة واحدةM خصصتها اAـؤلـفـة لـشـكـر عـدد كـبـيـر مـناألشخاص الذين قدموا لها العون واAساعدة أثناء إعداد الكتابM وهي ال تهم القار� العربي في

شيء. (اAترجم).

Page 9: Al Atfal wa al2dman

9

مقدمة الطبعة الثانية

واصل التليفزيون تشديد قبضتـه عـلـى األسـرةاألمريكية خالل السنوات التي تلت نشر هذا الكتابللمرة األولى. فاألسر اليوم تشاهد التليفزيون بزيادةساعة كل يوم تقريبا على ما كانت عليه احلال عام١٩٧٧ ـ أكـثـر مـن سـبـع سـاعـات طـبـقـا السـتــطــالع

. ومن اAرجح أن تستمر الـزيـادة فـي وقـت(١)أخيـراAشاهدة التليفزيونية األسرية مع حتسن االستقبالبفضل الكيبل التلـيـفـزيـونـيM ومـع ازديـاد الـقـنـواتاAتاحة لألسر كل عامM ووفرة أجهزة الفيديو كاسيتالتي تتيح للناس االحتفاظ Aدة طويلة بـبـرامـجـهـماAفضلة. غير أن عدم الرضا عن التليفزيون اليزالواسـع االنـتـشـار فـي الـوقـت نـفـسـه. ويـبـدو أن كــلشخص ينتقص من جهاز التليفزيون ويطلـق عـلـيـهما يشاء من نعوت. ويعترف كل امر� بأن التليفزيون

مشكلة.إن فكرة تأييدي للتخلص من التليفزيون <اماكحل Aشكلته فكرة منتشـرةM ر�ـا بـسـبـب الـعـنـوانالسلـبـي صـراحـة لـهـذا الـكـتـاب. وأنـا أغـتـنـم هـذهالفرصة لتبديد أي فكرة من هذا النوع. فمن اجلليأنـنـي أعـرف أن أكـثـر حـجـجـي إقـنـاعـا لـن جتــعــلالتليفزيون أبدا يغيب عن األنظار. لكن ذلك لم يكنهدفي في يوم من األيام. وعلى األصحM فـقـد كـانهدفيM واليزالM تشجيع أسلوب جديد للتفكير فيما

يتعلق بالتليفزيون.Mعموما Mويتركز القلق بشأن التليفزيون وأخطاره

مقدمةالطبعة الثانية

Page 10: Al Atfal wa al2dman

10

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

على البرامج التي يشاهدها الناس. فهي عنيفة فوق احلدM ضحلة أكثر �اينبغيM جنسية أكثر �ا يلزمM وسخيفة جدا. لكنني أعتقد أننا عندما ركزنااهتمامنا في مجمله على محتويات البرامج التليفزيونيةM جتاهـلـنـا طـويـالالتأثير األعمق للتليفزيون ـ وأعني به فعل اAشاهدة ذاتهM وتأثير هذه التجربةMوفي أساليب اآلباء في تربية أطفالهم Mكأداة لشغل الوقت ـ في �و الطفلوفي حياة األسرة. إن نظرة إلى التليفزيون من هذه الزاوية غير العادية قدتساعد على إدراك أن أسلوب التعامل مع اAشاكل اAطروحة ليس العمل منأجل برامج أفضل ـ ألن ذلك ال يختلف عن معاجلة إدمان الكحولـيـات عـنطريق السعي الستبدال نوع أغلى ثمنا من الويسكي بالنوع الرخيص ـ وإ�ابالعمل الدؤوب من أجل سيطرة أفضل. وذلك هو لب اAشكلةM فيما أعتقد.وتتضمن هذه النسـخـة اAـنـقـحـةM بـاإلضـافـة إلـى حتـديـث إحـصـائـيـاتاAشاهدة وملكية اجلهازM تلخيصا للدراسات والبحوث اجلديدة التي تفحصMضمون البرامج�آثار ذلك النوع من اAشاهدة التليفزيونية الذي ال يتصل وكذلك اAوضوعات احلديثة التي ظهرت في الصحافة الشعبية منـذ نـشـر

الكتاب في طبعته األولى.وقد أضفت أجزاء عن التطورات التكنولوجية التي شغلت اهتمام اآلباءفي غضون العقد اAاضيM السيما ألعاب الفيديو والكمبيوتر. وتعكس أجزاءجديدة أخرى تتخلل الكتاب نواحي القصور في الطبعة األولى والتي نبهنياآلباء واAدرسون واألطفال أنفسهم إليهاM منذ ظهور الكتاب ألول مرة. وقدذكرني عدد من اآلباء بأنه «ليس جميع األطفال يشاهدون التليفزيون بطريقة�ا أن حتديد وقت اAشـاهـدة لـألطـفـال يـجـعـل» Mواحدة». وتساءل آخرونالتليفزيون أكثر جاذبيةA Mاذا ال جنعلهمM يلتهمون التليفزيون ويخرجونه منأجسامهم?» وقد شغلت هذه اAسائلM وغيرهاM اهتمامي في هـذه الـطـبـعـة

اجلديدة.في حh كان التأثير البارز للتليفزيون في بداية السبعيـنـيـات مـرتـبـطـا�شاهدة األطفال اAـنـزلـيـةM زاد خـالل الـعـقـد اAـاضـي دور هـذه الـوسـيـلـةاإلعالمية في اجملال التربوي بصورة واضحة. كـمـا تـصـاعـد الـقـلـق خـاللالفترة نفسها بشأن العالقة بh مشاهدة األطفال للتليفزيون وحتـصـيـلـهـمالدراسيM حh تنبه الناس إلى الهـبـوط الـشـامـل فـي اAـهـارات الـدراسـيـة.

Page 11: Al Atfal wa al2dman

11

مقدمة الطبعة الثانية

ويكرس فصل جديد بعنوان «التليفزيون واAدرسة» للدور الذي لعبه التليفزيونفي هذا الهبوط ولبحث بعض األساليب التي اختارتها اAدارس Aعاجلة هذه

mediaاAشكلة. ويشمل هذا الفصل أجزاء عن «الدراية بوسائـل االتـصـال»

literacy (*)وعـن الـهـبـوط فـي MنزلـيAوعن تخصيص التليفزيون للواجب ا M بh طالب اAدارس الثانويةM فضالinferential reasoning«االستدالل العقلي»

عن تقارير تفصيلية حول البحوث واإلحصائيات اجلديدة اAرتبطة بالتحصيلالدراسي.

ومن أجل حتاشي االلتباسM في بعض االقتـبـاسـات واألمـثـلـة اخلـاصـةبطرائق اAشاهدة الروتينيةM فقد استبدلت بأسماء البـرامـج الـتـي لـم تـعـد

تعرض أسماء برامج �اثلة أكثر تداوال.وهناك تغيير مهم آخر في هذه الطبعـة اجلـديـدة. فـفـي جـمـيـع أجـزاءالطبعة األولى من الكتاب أشرت إلى الطفل الذي لم أحدد جنسه باستعمال

. وعلى الرغم من أنه eكـن الـدفـاع عـن هـذاheالضمير الشـخـصـي «هـو» االستعمال باعتباره تقليدا أدبياM فإني بدأت أشعر بأن ذلك eثـل مـحـابـاةMللذكورة تزداد عدم مالءمتها باطراد في مجتمع اليـوم. وفـضـال عـن ذلـكفإن افتراضي األصلي أن هذا الكتاب للكبار فقطM الذين لم يكن من اAتوقعأن يتأثروا شخصيا بهذا االستعمال التقليديM قد أثبت أنه كـان افـتـراضـاغير صحيح (وهو ما أشعرني برضا عميق); ذلك أن أطفاال كثيـريـنM كـمـايبدو ـ وبعضهم حتى من اAـدرسـة االبـتـدائـيـةM وأعـدادا أكـبـر فـي اAـدارسـ يقرأون ويناقشون هذا الكتاب في حجرات الثانويةM وأيضا طالب الكليات الدراسة وفي البيت. ومن أجل القراء من أطفال اAستقبلM ولألسباب األخرىاAذكورة آنفاM فقد حذفت استعمال «هو» عـنـد احلـديـث عـن األطـفـال فـيمعظم احلاالت بوضع صيغة اجلمع في مكانه. لقد كان ينبغي عمل ذلك من

. صاحبViking Penguin Incالبداية األولىM وأنا أشعر باالمتنان لناشر كتابي الفضل في جعل هذا التغيير الشامل �كنا.

: اكتساب اAهارات العملية الالزمة للتعامل مع مجاالتmedia literacy(*) الدراية بوسائل االتصال االتصال اجلماهيري.

Page 12: Al Atfal wa al2dman

12

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

القسم األولالتجربة التليفزيونية

Page 13: Al Atfal wa al2dman

13

ليست مادة ا�شاهدة هي ا�شكلة

ليست مادة املشاهدة هياملشكلة

كاد االهتمام بتأثيرات التليفزيون في األطفـالأن ينحصر في مضامh البرامج الـتـي يـشـاهـدهـااألطـفـال دون سـواهـا. ويــقــوم عــلــمــاء االجــتــمــاعوالباحثون بإجراء جتارب بالغة الصعوبة في تعقدهاومهارتها لتقرير ما إذا كانت مشاهدة برامج العنفجتعل سلوك األطفال أكثر عدوانيةM أم أن مشاهدةالبرامج النموذجيةM على العكسM تشجـع الـسـلـوك«االجتماعي اإليجابي» لألطفال. وجترى دراسـاتAعرفة ما إذا كانت إعالنات التليفزيون تهيئ األطفالMhأم كرماء وروحاني Mhومادي hألن يكونوا طماعكما ذكر البعض. ويسعى الباحثون الكتشاف ما إذاكانت األ�اط التليفزيونية الثابـتـة تـؤثـر فـي طـرقتفكير األطفالM بحيث تدفعهم نحو التحيزM أو سعة

األفقM أو غير ذلك.إن جوهر التجربة التليفزيـونـيـة ذاتـهM بـصـرفhنادرا ما يؤخـذ بـعـ Mالبرامج hالنظر عن مضاماالعتبـار. ور�ـا يـعـزز حـشـد اAـشـاهـد واألصـواتاAتغيرة باستمرار والصادرة عن اجلهاز ـ أي التنوعالـعـاصـف لـلـصـور اAــعــروضــة أمــام الــعــh ووابــل

1

Page 14: Al Atfal wa al2dman

14

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

األصوات البشرية وغير البشرية الذي يصل إلى األذن ـ الوهم الزائف لدىاAشاهد بأنه أمام جتربة متغيرة. فمن السهل إغفال حقيقة بسيطة بطريقةمضللة: يشاهد اAرء التليفزيون باستمرار حh يفضل مشاهـدتـه عـلـى أي

Batman أو Sesame Streetجتربة أخرى. سواء أكان البرنامج الذي تشاهده هو

M فـإن ثـمـة تـشـابـهـا فـي جتـربـة اAـشــاهــدةDragnet أو Reading Rainbowأو Mhواألذنـ Mhالتليفزيونية كلها. ذلك أن آليات فسيولوجية معينة في العيـنـوالدماغ تستجيب للمثيرات اAنبعثة من شاشة التليفزيون بصرف النظر عناAضمون اAعرفي للبرامج. إنه عمل ذو اجتاه واحد يستلزم تلقي مادة حسيةخاصة بطريقة معينةM مهما كانت تلك اAادة. والواقع أنه ليس هناك جتربةhشاهدة في حAثل هذا القدر الكبير من ا�أخرى في حياة الطفل تسمح

تقتضي القليل جدا من التدفق اخلارجي.يشكل األطفال الذين لم يبلغوا سن الدخول إلى اAدرسة أوسع شريحةمفردة بh مشاهدي التليفزيون في أمريكاM تلك الشريحة التي تقضي أكبرعدد من الساعات وأوفر حصة من وقت يقظتها في مشاهدة التلـيـفـزيـون

باAقارنة مع أي مجموعة عمرية أخرى.e Mضي أطفالNielsen Reportوطبقا Aا ورد في تقرير نيلسن لعام ١٩٩٣

اجملموعة العمرية الذين هم بh سنتـh وخـمـس سـنـوات ٢٢٬٩ سـاعـة فـياAتوسط أسبوعيا في مشاهدة التليفزيونM بينما eضي أطفال اجملمـوعـة

. بل إن دراسات مسحية أخرى(١)العمرية ٦ ـ ١١ سنة ٢٠٫٤ ساعة مشاهدةتبh أن هناك أوقات مشاهدة أطول تصل إلى ٥٤ ساعة أسبوعيا Aشاهدينلم يصلوا إلى السن اAدرسية بعد. وحتى أشد التقديرات حذرا تدل على أنأطفال ما قبل اAدرسة في أمريكا eضون أكثر من ثلث ساعات يقظتهم في

مشاهدة التليفزيون.ما هي تأثيرات مثل هذه احلصة الكبيرة من الساعات يوميا على الكائنالبشري النامي احلساس اAنشغل بهذه التجربة اخلاصة? كيف تؤثر التجربةالتليفزيونية في تنمية لغة الطفلM على سبيل اAثال? كيف تـؤثـر فـي تـطـوراخليالM أو اإلبداع? كيـف يـؤثـر وجـود الـتـلـيـفـزيـون فـي طـرق تـربـيـة اآلبـاءألطفالهم? هل � تطبيق سياسات جديدة لتنشئة األطفال وطرح سياساتقدeة جانباM ألن إتاحة جهاز التليفزيون صارت عـونـا وراحـة لـآلبـاء? هـل

Page 15: Al Atfal wa al2dman

15

ليست مادة ا�شاهدة هي ا�شكلة

تغير بصورة عميقة إدراك الطفل للواقع نتيجة للتـعـرض اAـسـتـمـر لـلـمـوادالتليفزيونية غير الواقعية? كيف تؤثر مشاهدة الـتـلـيـفـزيـون لـعـدة سـاعـاتيوميا في قدرات الطفل على تكـويـن عـالقـات إنـسـانـيـة? مـا الـذي يـحـدث

للحياة األسرية من جراء اندماج أفراد األسرة مع التليفزيون?على الرغم من احتمال عدم وجود إجـابـات قـاطـعـة ونـهـائـيـة عـن هـذهاألسئلةM فإن احلقيقة اجملردة التي تتمثل في أنها قلما تطـرحM وأن مـغـزىhإ�ا تبرز رؤية اآلباء األمريكي Mاالعتبار hالتجربة ذاتها نادرا ما يؤخذ بع

اAشوهة لدور التليفزيون في حياة أطفالهم.

اخلبراءلقد جتاهل خـبـراء رعـايـة الـطـفـل واAـسـتـشـارون الـذيـن اعـتـمـد اآلبـاءاألمريكيون عليهمM التجربة التليفزيونية جتاهال كامال تقريبا. فعلى الرغممن أن مشاهدة التليفزيون تشغل من أوقات يقظة الطفل العادي أكثر �ايفعل أي نشاط منفرد آخرM تخصص معظم الكـتـيـبـات الـرائـجـة اخلـاصـةبرعاية الطفل فقرات قليلة فقط للتليفزيونM بل تقتصـر اإلشـارة فـي هـذهالكتيبات على مضمون البرنامج اAالئم Aشاهدة األطفال. ومن بh الصفحاتMوأنواع القلق Mواخملاوف Mالكثيرة بشأن وسائل التعبير عن التوترات العصبيةورفض أكل اخلضراواتM وغير ذلكM قد ال يجد اآلباء إال حتذيرات تافهةقليلة تتعلق �راقبة برامج أطفالهم التليفزيونية التي قد حتتوي على العنف

أو اجلنس الزائد.Mوهو احلجة األبرز تأثيرا في مجال الطفولة Mسبوك hفالدكتور بنيامال يذكر شيئا في دليله الشهير عن دور التليفزيون في حياة أطفال ما قبلسن اAدرسة. أما الطبعات األولى من كتاب د. سبوك «رعاية الرضيع والطفل»

Baby and Child Careفقد حتدثت عرضا عن اندماج األطفال الذين يجلسون Mعلى مقاعد الدرس مع التليفزيون: «عموماM إذا كان الطفـل يـهـتـم بـواجـبـهMويأتي للعشاء Mنزل بعد الظهرAويقضي وقته مع أصدقائه خارج ا MنزليAاويذهب إلى فراشه في اAوعد احملددM وال يشعر بالفزعM فإنـنـي أمـيـل إلـىتركه يقضي ما يشاء من وقت اAساء أمام التليفزيون أو الراديو وفق اختياره».وهو يضيف ناصحا اآلباء: «إذا جن جنون بقية أفراد األسرة الضطرارهم

Page 16: Al Atfal wa al2dman

16

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

Mوإذا كان لديهم القدرة على الشراء Mشاهدة برامج الطفل أو االستماع إليهاA. ويؤكد(٢)فمن اجلدير باالهتمام أن يحصلوا للطفل على جهـاز حلـجـرتـه»

حذف هذه العبارة من آخر طبعة للكتاب أن تلك النصيحة كـانـت سـقـيـمـةللغاية. ويضيف د.

M«سبوك في الطبعة اجلديدة: «ينبغي حتديد ساعات مشاهدة التليفزيونمقترحا على اآلباء واألطفال «الوصول إلى تفاهم معقول لكنه محدد بشأنMووجـبـات الـطـعـام MـنـزلـيAوالـواجـب ا MـنـزلAالساعات التي تقضى خارج ا

. وفي حh يكشف ذلك عن فهم جديد خملاطر التليفزيونM إال(٣)والبرامج»أن د. سبوك ال يضمن كتابه نصائح إضافية حول السيطرة على التليفزيون.

جهود تطوير البرامجعلى الرغم من أن اآلباء أنفسهم كثيرا ما يشـعـرون بـضـيـق عـمـيـق مـنالتليفزيون وتأثيراته في أطفالهمM فإن اهتمامهـم يـنـصـب أكـثـر عـلـى مـادةالبرامج التي يشاهدها األطفالM ال على التجربة التليفزيونية ذاتها. ويتضحأسلوب تركيز اآلباء على اAضمون <اما من أنشطة «منظمة العمل من أجل

M وهي مـنـظـمـةAction for Children’s Television (ACT)تليـفـزيـون األطـفـال» ضاغطة من اآلباء كان لها تأثير في الفترة من سنة ١٩٦٨ إلى أن � حلها في

سنة ١٩٩٢.Mالتي كونتها مجموعة من األمهات في بوسطن MنظمةAوقد �ت هذه ابفعل القلق اAشترك الذي شعر به اآلباء اAؤسسون فيما يتعلق بالتليفزيون:Mكان أطفالهم يقضون ساعات أكثر �ا ينبـغـي فـي مـشـاهـدة الـتـلـيـفـزيـونواألمهات يوافقنM وكانت سيطرة العنف على برامج األطفال تبـدو هـائـلـة.وفق ذلكM جعلت الفواصل اإلعالنية اAتواصلة أطفالهم يلحفون في طـلـبمجموعة متنوعة من اللعب الرديئة واألطعمة الضـارة بـالـصـحـة. وحتـولـت

) من إحدى جـمـاعـاتACTمنظمة «العمل مـن أجـل تـلـيـفـزيـون األطـفـال» (اAصالح احمللية الصغيرة إلى منظمة قومية مؤثرة تتلقى الدعم من مؤسسات

كبيرة واشتراكات فردية.وعلى الرغم من أن االهتمام األصلي لألمهات في اAنظمة تعلق بحجماAشاهدة التليفزيونية ألطفالهنM فإن أنشطتها سرعان ما اجتهت في اAقام

Page 17: Al Atfal wa al2dman

17

ليست مادة ا�شاهدة هي ا�شكلة

األول نحو مضمون برامج األطفالM والسيما إزالة العنف والروح التجـاريـةوتشجيع اإلنتاج البرامجي الترفيهي اAالئم لألطفال.

وقد استقبل اآلباء واAربون اAنظمة بحماس وامتنان هائلh. فمن كـانيتصور أن اAنظمة في سعيها لتطوير برامج األطفال eكن أن تعقد مشكلة

التليفزيون التي تؤرق األسر األمريكية بدال من أن تخفف حدتها?إن اAظهر اخلادع للوعد الذي بشرت به اAنظمة يلخصه أحد مؤسسيهاوهو يصف أهدافها: «لقد أدركنا أن األطفال يشاهدون بكثرة مواد تليفزيونيةhسؤولAوأن لآلباء كامل احلق في مطالبة ا Mلم تعد لهم على وجه اخلصوصعن البرامج اAوجهة للصغار بتلبية احلاجات النوعية لألطفال عـلـى األقـل

.(٤)Aدة ساعتh نهارا أو مساء»لكن هل هي احلاجات النوعية لألطفال التي تتعرض للخطر حh يطالباآلباء ببرامج أفضل? من اAؤكد أن كثرة مشاهدة األطفال للتليفزيون تعكسحاجات اآلباء إلى توفير أسباب التسلية اAالئمة ألطفـالـهـم وحلـظـات مـنالهدوء ألنفسهم. وحh يعمل اآلباء لتطوير برامج األطفالM فـإن حـاجـتـهـماخلاصة هي التي تكمن في أفعالهمM حتى تخف مشاعر القلق لديهم جتاهالتأثيرات احملتملة لساعات اAشاهدة التليفزيونية الصامتةM الـسـلـبـيـة فـيأطفالهم. ور�ا يقل إحساس اآلباء بالذنبM لو بدت تلك الـسـاعـاتM عـلـى

األقلM «تربوية».إن حاجات األطفال الصغار مختلفة <اما. فنمو األطفال يتطلب فرصالتحقيق عالقات أسرية أساسيةM وبذلك eكنهم فهم أنفسهمM لكن كـل مـا

تفعله التجربة التليفزيونية هو أنها تقلص هذه الفرص.يحتاج األطفال الصغار إلى تنمية طاقتهم على الـتـوجـيـه الـذاتـي حـتـىيحرروا أنفسهم من التبعية. لكن التجربة التليفزيونية تساعد على استمرار

هذه التبعية دوما.Mيحتاج األطفال إلى اكتساب مهارات االتصال األساسية ـ تعلم القراءةوالكتابةM والتعبير عن الذات �رونة ووضوح ـ حتى يؤدوا وظائفهم كمخلوقاتاجتماعية. غير أن التجربة التليفزيونية ال تعزز النمو اللفظي ألنها ال تتطلبأي مشاركة لفظية من جانب الطفلM بل تتطلب االستقبال السلبي وحده.يحتاج األطفال إلى اكتشاف نواحي القوة والضعـف اخلـاصـة مـن أجـل

Page 18: Al Atfal wa al2dman

18

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

حتقيق رغباتهم كراشدين في العمل واللعب على حد سواء. لكن اAشاهدةالتليفزيونية ال تفضي إلى اكتشافات كهذه. فهيM في الواقعM حتد من اندماجاألطفال في تلك األنشطة الواقعية التي قد تتيح لقدراتهم فرصة حقيقيةلالختبار. إن إشباع حاجة األطفال الصغار إلى اخليال يتحقق بصورة أفضلللغاية عن طريق ضروب النشاط اإليهامي الذاتيM ال عن طريق الـقـصـص

اخليالية التي يعدها الكبار ويقدمونها لهم في التليفزيون.إن تلبية حاجة األطفال الصغار إلى التنبه العقلي تتحقق بصورة أفضلوإلى أبعد حد حe hكنهم تعلم األداء اليـدويM والـلـمـسM والـفـعـلM ولـيـس

مجرد اAشاهدة السلبية.وأخيراM البد من دراسة التجربة التليفزيونية بالنظر إلى حاجة األطفالإلى تنمية مهارات أسرية حتى يصبحوا هم أنفسهم آباء ناجحh ذات يوم.فهذه اAهارات إ�ا هي ثمرة مشاركتهم احلالية في احلياة األسريةM وجتاربهماليومية كأفراد في األسرة. وتشير كل الدالئل إلى أن للـتـلـيـفـزيـون تـأثـيـرامدمرا في احلياة األسريةM يقلص من ثرائها وتنوعهـا. وهـكـذاM يـتـضـح أن

) واآلباء واAربh اAعنيACThمنظمة «العمل من أجل تليفزيون األطفال» (الذين قدموا لها اAساندة بصورة مفعمة باألملM كانوا هدفا للتضليل وإساءة

توجيه أفكارهم وجهودهم.فالتجربة التليفزيونية ال عالقة لها في أفضل األحوال بحاجات األطفالوهي في أسوأ األحوال ضارة بهذه احلـاجـات. إن اجلـهـود الـرامـيـة جلـعـلالتليفزيون أكثر جاذبية لآلباء واألطفال عن طريق تطوير البرامجM ال eكنMتزايد على التليفزيون فقط كجليسة للطفلAأن تؤدي إال إلى اعتماد اآلباء ا

وإلى زيادة عبودية األطفال ألجهزة التليفزيون في بيوتهم.ومن الغريب <اماM أن الصناعة التليفزيونية كثيرا ما تظهر فهما حلاجاتاألطفال احلقيقية يفوق فهم معظم نقادها الالذعMh على الرغم �ا يتسمبه استغاللها لألطفال من استهتار ونفعية. يـقـول مـديـر إحـدى الـشـبـكـاتمدافعا عن برامج األطفال الرديئة التي تقدمها شبكته: «إذا تعh علينا أننفعل ذلك (تقدt برامج متميزة بعـد الـظـهـرM وهـو أحـد مـطـالـب مـنـظـمـة

ACThفقد يقول كثيرون: كيف جترؤون عـلـى احـتـجـاز األطـفـال سـاعـتـ M(ونصف ساعة أخرى? اسمحوا لألطفال باخلروج واللعـب وأداء واجـبـاتـهـم

Page 19: Al Atfal wa al2dman

19

ليست مادة ا�شاهدة هي ا�شكلة

اAنزلية. أتيحوا لهم احلصول على جتربة تعليميةM وأنا ال أعتقد أننا ملزمون.(٥)بتقدt خدمة نوعية لهم من وجهة النظر هذه»

ليس من اAستبعد أن تتحاشى الشبكات التليفزيونية تقدt برامج جيدةلألطفال بدافع اإليثار وحب الغيرM كي تتجنب إغـراء األطـفـال �ـزيـد مـناAشاهدة التليفزيونيةM فاألشياء الرديئـةM بـرغـم كـل شـيءM أرخـص بـصـفـةعامة ومن األسهل تقدeها بدال من الترفيه اجليد. ومع ذلكM فإن الالمباالةالباردة للصناعة بنوعية اAواد التليفزيونية اAقدمة لألطفالM قد تثبت بطريقغير مباشر أنها أكثر نفعا لألطفال من نضال الذيـن يـصـرون عـلـى إتـاحـةبرامج رائعة لهـم فـي كـل األوقـاتM مـادام مـن اAـرجـح أن يـحـدد اآلبـاء ذووالضمائر احلية اAشاهدة التليفزيونية ألطفالهم إذا اقتصر اAتاح على البرامج

التافهة.

أربع وخمسون ساعة أسبوعياظهر �وذج غريب للرأي الذي يلقي باللوم عموما على اAـضـمـون بـدالمن إلقائه على التجربة التليفزيونية ذاتهاM في مقالة عن تليفزيون األطفال

(ولم يثر نشر هذه اAقالة أي تعليق):The New Republicنشرتها «يقبع األطفال الصغار من مختلف الطبقات االجتماعية داخل بيوتـهـمطوال اليوم مع عدد قليل من رفقاء اللعـب مـن دون عـمـل يـذكـر. إن بـيـوتـاقليلةM سواء في األحياء السكنية الفقيرةM أو في البنـايـات الـفـخـمـة أو فـيتقسيمات الضواحيM توفر لعقول أو أجسام الصغار التمرينات الضـروريـةلها. وأنت ترى نتائج ذلك في اAتجر اAركزي احمللي عندكم: أطفال صغارسريعو االنفعالM منهكونM ضجرون بسبب اخلمولM يدفعون أمهاتـهـم نـحـواجلنون. ومن اAمكن أن يقدم برنـامـج تـلـيـفـزيـونـي مـالئـم لـهـؤالء األطـفـالوأمهاتهم الكثير من اAساعدة. ويعلم الله أن األطفال يشاهدون التليفزيون

.(٦)بصورة متواصلة»إن صاحب اAقالة ال يفكر في احتمال أن يكون هؤالء األطفال سريعـياالنفعالM ومنهكMh وضجرين إلى هذا احلد بسـبـب اخلـمـول حتـديـدا ألنمشاهداتهم التليفزيونية متواصلةM وال يفكر في أنهم محرومون من فرص�ارسة التمرينات البـدنـيـة أو الـذهـنـيـة حتـديـدا ألن تـسـلـيـتـهـم بـواسـطـة

Page 20: Al Atfal wa al2dman

20

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

Mواللعب معهم MلعبAالتليفزيون أسهل بالنسبة آلبائهم من اصطحابهم إلى اوالتعامل معهم شخصيا.

ويواصل كاتب اAقالة ملتمسا إيجاد برامج أفضل لألطفال:«يشاهد اجليل احلالي من أطفال ما قبل سن اAدرسة التليفزيون أربعاوخمسh ساعة في اAتوسط أسبوعيا. والبد أن ذلك يعرضهم بصورة غيرعادية للغة اإلجنليزية القياسية التي يتكلم بها الكبار ويعطيهم فرصا لرؤيةأشياء كثيرة.. لكن األطفال األمريكيh ال يحتكون على شاشة التلـيـفـزيـونMومـوسـيـقـى Mوأساطير Mمتازة. إنهم في حاجة إلى مسرح جيدAباألعمال ا

.)٧(وأفالمM وقصص وجتارب خصبة قيمة توازن جتارب أخرى»أربع وخمسون ساعة أسبوعيا? إن أطفال ما قبل سن اAدرسة يـظـلـونأيقاظا بالكاد أربعا وخمسـh سـاعـة فـي األسـبـوع! هـذا الـكـم الـكـبـيـر مـناAشاهدة التليفزيونية ال يكاد يترك لهم وقـتـا يـكـفـي لـألكـل والـذهـاب إلـى

احلمام.ومع ذلكM فالكاتب ال يتصدى Aناقشة اإلحصائية أو للتـعـبـيـر عـن رأيبأنهاM لو كانت دقيقةM فذلك وضع أقل من أن يبشر باخلير. إن سبب قلقهينحصر في أن تلك الساعات األربع واخلمسh تغص ببرامج رديـئـة. وهـويود ملء تلك الساعات األربع واخلمسh بـتـجـارب رائـعـة eـكـن لـألطـفـالمقارنتها بتجاربهم اخلاصة. لكن أي جتارب خاصة تلك التي eكن أن تكونلدى األطفـال إذا كـانـت مـعـظـم سـاعـات يـقـظـتـهـم تـنـقـضـي فـي مـشـاهـدةالتليفزيون? سوف يكون لزاما عليه أن eأل الشاشة بصور أطفال يشاهدون

.(*)التليفزيون(*) من اAذهل أن نالحظ كيف قبلت إحصائية الساعات األربع واخلمسh كحقيقة عند الكتابةعن األطفال والتليفزيون في أحوال كثيرة. فمثالM يتضمن ملخص الندوة القيـمـة الـتـي نـظـمـتـهـاكليات جامعة هارفارد حول األطفال تلك اإلحصائية كرقم يوثق به(٧). ويستخدم كتاب آخر رقمالساعات األربع واخلمسh أسبوعيا إلقناع اآلباء بعدم تقييد مشاهدة أطفالهم للتليفزيون بشدة:«يستهلك األطفال األمريكيون... أكواما من اAادة التليفزيونيـة. Aـاذا? الـتـقـديـرات تـشـيـر إلـى أنhثالث وخمس سنوات يشاهد التليفزيون أربعا وخمس hالطفل العادي الذي يتراوح عمره ما بساعة أسبوعيا. ومن اAؤكد أن مثل هذا النوع من اAشاهدة سيؤثر في عادات اللعب عند الطفل.فالطفل الذي لم يتعود على الزاد التليفزيوني قد يجد في تكوين أصدقاء أو االنضواء في جماعةمن اجليران نوعا من التـوتـر. وقـد يـصـبـح هـذا الـطـفـل أيـضـا «الـطـفـل الـغـريـب األطـوار» داخـل

اجلماعة»(٨).

Page 21: Al Atfal wa al2dman

21

ليست مادة ا�شاهدة هي ا�شكلة

نوابغ التلفزيونر�ا يعود سبب مغاالة اآلباء في تأكيد أهمية اAضمونM عند التـفـكـيـرفي تأثيرات التليفزيون في أطفالهمM إلى افتراض أن التجربة التليفزيونيةhألطفالهم هي جتربتهم اخلاصة عينها. إال أن هناك اختالفا أساسـيـا بـالتجربتh: إذ إن للراشد رصيدا كبيرا من جتارب احلياة الواقعيةM ال eتلكه

. وحh يشاهد الراشد التليفزيونM يبدأ كل مـن حـاضـره اخلـاص)٨(الطفلوعالقاته السابقةM وجتاربهM وأحالمه وخياالتـه فـي الـعـمـلM مـحـولـة اAـادةالتي يراهاM مهما كانت مصادرها أو هدفهاM إلى شيء يعكس حاجاته الداخليةاخلاصة. أما جتارب األطفال الصغار احلياتية فمحدودة. لقد خرجوا للتومن ضباب مرحلة الطفولة قبل اللفظية. و�ا يثير القلق اعتبار أن ساعةبعد ساعة من اAشاهدة التليفزيونية تشكل نشاطا رئيسيا لهم. إن أنشطتهماحلياتية الواقعية الالحقة ستحرك ذكريات التجارب التليفزيونيـةM ولـيـسالعكسM كما هي احلال مع اAشاهدين الراشدين. وستعمل جتارب األطفالالتليفزيونية اAبكرة إلى حد ما على جتريد احلقائق والعالقات التي يصادفهااألطفال في احلياة من صفاتها اإلنسانيةM وإضفاء طابع آلي عليهاM وجعلهاأقل واقعية. وستحمل األحداث احلقيقية بالنسـبـة لـهـم أصـداء نـفـاذة مـن

عالم التليفزيونM دائما.كتبت فتاة في العشرين من عمرها وهي حتسب الساعات العشرين ألفاالتي قضتها من حياتها أمام جهاز التليفزيون: «أنا لم أشاهد هذه البرامجبكثرة حينما كنت صغيرةM فقد كنت أتركها تغمرني. وأنا حاليا أدرس تلكالساعات كما يفعل طبيب نفسي على أريكته اخلاصةM باحثـة بـشـغـف عـن

.(٩)مفتاح ما داخل جهاز التليفزيون يشرح لي كنه الشخص الذي أصبحته»ال مناص من أن يحول آباء األطفـال الـصـغـار انـتـبـاهـهـم إلـى مـضـمـونالبرامج التي يشاهدها أطفالهم ألنهم باتوا يعتقدون أن التليفزيون مصدرمهم من مصادر التعلم. لكن تعلم الطفل في سن ما قبل اAدرسة باالعتماد

وهو شخص متخلف عقلياidiot savantعلى التليفزيون يذكرنا باAعتوه النابغ بشدةM ويظهر بعض القدرات الالفتة لألنظار; eكنهM مثالM مضاعفة األعدادخماسية الرقم ذهنياM أو إجناز عمليات رياضية مذهلة أخرى. إن أطـفـالهذه األيام الذين تعلموا تليفزيونيا يستطـيـعـون الـكـالم بـطـريـقـة خـطـابـيـة

Page 22: Al Atfal wa al2dman

22

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

مستخدمh كلمات وأفكارا ال يفهمونها و«حقائق» ليس لديهم التـجـربـة أواAعرفة للحـكـم عـلـى دقـتـهـا. واألطـفـال الـصـغـار الـذيـن يـقـلـدون إعـالنـاتالتليفزيونM هؤالء النوابغ التليفزيونيونM ال eلكون القدرة عـلـى اسـتـخـدامMصلحة أغراضهم اإلنسانية اخلاصةA ادة التي حصلوا عليها من التليفزيونAاأكثر �ا لدى العباقرة الزائفh اAتخلفh عقليا الذين يستخدمون أالعيبهم

.hتفرجAال لشيء إال لالستعراض وكسب ا MدهشةAالرياضية ا

مخدر خبيثيزداد اعتماد اآلباء خالل حياتهم اليومية على التليفزيون كأداة متاحةبشكل مدهش لتسلية وتهدئة طفل السنوات الثالثM اAتقلبM بلمسة واحدةAفتاح اجلهاز. ومع استمرار انتفاعهم به يوما بعد يومM تزداد أهمـيـتـه فـيحياة أطفالهم. وبعد أن كان التليفزيون مصدرا خالصا للترفيه يقدمه اآلباءحh يحتاجون إلى فترة راحة من رعاية الطفلM حتول تدريجيا إلى حضورطاغ مخرب في حياة األسرة. غير أنه على الرغم من ازدياد استياء اآلبـاءمن تدخالت التليفزيون في احلياة األسريةM وعلى الرغم من شعورهم العميقبالذنب لعجزهم عن السيطرة على مشاهدة أطفالهم للتليفزيونM فإنهم اليفعلون شيئا لتخليص أنفسهم من هيمنته. ذلك أنه لـم يـعـد فـي إمـكـانـهـم

Jackالتعامل بنجاح مع اAواقف من دونه. في عام ١٩٤٨ وصف جاك جولد

Gouldتأثير الوسيلة اإلعالمية Mزeأول ناقد تليفزيوني لصحيفة نيويورك تا Mاجلديدة آنذاك في األسر األمريكية قائال: «إن الـسـاعـات الـتـي يـقـضـيـهـااألطفال أمام التليفزيون هي باعتراف اجلميع مخدر خبيث لكل من الوالدين.Mعلى أرضية احلجـرة أمـام اجلـهـاز hينتشر األطفال الصغار رابض hفح

.(١٠)يبدو نوع غريب من السكون وإن كان رائعا قريب اAنال...»وقد يظهر للوهلة األولى أن قلم الناقد قد زل. إذ من اAؤكد أن األطفالMالذين خيم السكون الغريب عليهم هم الذين تخدروا بواسطة جهاز التليفزيونوليس األب واألم. غير أن الناقد نفذ في احلقيقة إلى لب اAشكلة قبل أنتصبح حقيقة واقعة <اماM وقبل أن يتخيل أي شخص أن األطفال سيقضونذات يوم في مشاهدة التليفزيون ساعات من أوقات يقظتهم أكثر �ا يقضونفي أي نشاط منفرد آخر. إنهم اآلباءM في الواقعM الذين بات الـتـلـيـفـزيـون

Page 23: Al Atfal wa al2dman

23

ليست مادة ا�شاهدة هي ا�شكلة

بالنسبة لهم مخدرا ال يقاومM ليس من خالل مشاهداتهم اخلاصة (ولو أنhالرابض Mمن خالل أطفالهم Mهو ما يحدث كثيرا) وإ�ا عن بعد Mأيضا Mذلكأمام اجلهاز في سكون غريب. ومن اAؤكد أنه ال eكن أن يكون هناك مخدرأكثر خبثا من ذلك الذي يجب أن تعطيـه لـآلخـريـن مـن أجـل أن حتـقـق بـه

هدفا لنفسك.

Page 24: Al Atfal wa al2dman

24

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

Page 25: Al Atfal wa al2dman

25

تغير حالة الوعي

تغير حالة الوعي

(*)موتى التليفزيون األحياء

قال د. إدوارد باAرM اAدير السابق للبحوث فيبرنامـج «شـارع الـسـمـسـم»: «أعـتـقـد أن اAـشـاهـدةالتليفزيونية في حد ذاتها عمل عقلي رائع نوعا ما.فطوال الوقت الذي eضيه األطفال في اAشاهدةيضعون فرضياتM ويستبقون األحداثM ويـطـلـقـونالتعميماتM ويتذكـرونM ويـربـطـون بـنـشـاط بـh مـا

.(١)يرونه وبh حياتهم اخلاصة»لكن األوصاف التي تعبر بها األمهات عن سلوكأطفالهن الصغار نادرا ما تؤيد الفكرة الـقـائـلـة إن

مشاهدة التليفزيون نشاط عقلي خصب:«حـh يـعـود تـشـارلـز إلـى الـبـيـت مــن مــدرســةاحلضانة يجلس أمام جهاز التليفزيون ومعه جميعحاجياته ـ بطـانـيـتـه وإبـهـامـه. وبـعـد ذلـك يـشـاهـدالتليفزيون في غياب حقيقي عن الوعي. ومن شبهاAستحيل لفت انتباهه. ولو أنني تركـتـه عـلـى هـذاالنحوM فسيواصل اAشاهدة لساعات. لكنهM وإن لميبد متيقظا <اماM ال يشبه من غاب في النوم; ألنMنعه عن الذهاب للنوم فـي وقـت الـرقـادe ذلك الفي حh أنه سيثير الكثير من اAتاعـب عـنـد الـنـوم

2

(*)Television Zombies

Page 26: Al Atfal wa al2dman

26

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

في الساعة الثامنة لو نام بأي حال أثناء النهـارM ولـو نـصـف سـاعـة. أنـا الأعرف ما هذا. إنه يبدو بالضبط وكأنه <سمر في مكانه».

«ابني ذو السنوات اخلمس تتملكه غشية حh يشاهد التليفزيون. فهـوينغلق فيما يحدث على الشاشةM وتستغرقـه اAـشـاهـدة <ـامـا فـتـنـسـيـه أيhويتـعـ MشاهدةAشيء آخر. إنه ال يسمعني إطالقا إذا حتدثت إليه أثناء ا

علي لكي ألفت انتباهه أن أغلق اجلهاز وعندئذ يغير موقفه فجأة».«توم ال يرد على الهاتف حh يشاهد التليفزيونM حتى لو كان يرن عاليا

بجواره. إنه ببساطة ال يسمعه».وال يفتأ اآلباء يصفونM وفي قلق ظاهر غالباM طبيعة احلالة الـشـبـيـهـة

التي تستحوذ على أطفالهم أثناء اAشاهدة التليفزيونية. إنtranceبالغشية Mفيرتخي الفك ويتدلى مفتوحا إلى حد ما Mتعبير وجه الطفل يعتريه حتولويستقر اللسان فوق األسنان األماميـة (إن كـان هـنـاك أي مـنـهـا)M وتـغـشـىالعينh نظرة زجاجية بال معنى. وإذا أخذنا التنوع الالمحدود لشخصياتاألطفال وأ�اطهم السلوكية في االعتبارM وجدنا تشابها جديرا باAالحظةMاألطفال الذين يشاهدون التليفزيون. ففي بعـض األحـيـان hفي التعبير بيخرج األطفال من غشيتهم ـ أثناء عرض أحد اإلعالنات التجاريةM أو عندانتهاء البرنامجM أو عند ضرورة الذهاب إلى احلمام ـ لكن التأثير الواضحMيسترد الوجه تعبيره الطبيعي مـن جـديـد hح MوقفAفاجئ في اAللتغير اويعود اجلسم إلى حالته احلركية العادية اAستقرةM إ�ا يعمق االنطباع بأناحلالة العقلية للصغار الذين يشاهدون التليفزيون شبيهة بـالـغـشـيـة. ومـناAؤكد أنه ال توجد غير إشارة واهنة على أنهم في حالة نشاط ويقظة مـن

الناحية العقلية.

(*)آلية اإلغالق

M وهو طبيب وكـاتـب فـيT. Berry Barzeltonلقد تأمل ت.بري بـرازلـتـون . وهو يصـفthe television tranceمجال األطفالM مغزى غشية التـلـيـفـزيـون

جتربة شملت عددا من األطفال الرضع حديثي الوالدة ر�ـا تـكـون وثـيـقـةالصلة بغشية التليفزيون:

(*)The Shutdown Mechanism

Page 27: Al Atfal wa al2dman

27

تغير حالة الوعي

«لقد عرضنا مجموعة من األطفال الرضع الهاجعh في سـكـون Aـثـيـربصري مزعجM عبارة عن ضوء ساطع فـي غـرفـة عـمـلـيـاتM وضـعـنـاه عـلـىمسافة ٢٤ بوصة من رؤوسهم. وظل الضوء مشتعال ثالث ثـوان ثـم انـطـفـأدقيقة واحدة وتكرر هذا التتابع عشرين مرة. وكنـا أثـنـاء الـتـجـربـة نـراقـبالتغييرات التي حتدث لألطفال الرضع فيما يتعلق بضربات القلبM والتنفس

وموجات الدماغ.جفل األطفال بوضوح حh تعرضوا في اAرة األولى للمـثـيـر الـبـصـري.لكن شدة رد فعلهم تناقصت بسرعة بعد مرات قليلة. ومع اAرة العاشرة لمتظهر تغييرات في السلوكM أو ضربات القلب أو الـتـنـفـس. وظـهـرت أثـنـاءاAثير اخلامس عشر أ�اط نوم على الراسم الكهربائي للمخ على الرغم منأنه كان واضحا أن أعينهم التزال تستقبل الضوء. ثم صحا األطفال الرضع

M صائحh متقلـبـh فـيinducedبعد اAثير العشرين من الـنـوم «اAـسـتـحـث» الفراش.

لقد أوضحت جتربتنا أن الطفل الرضيع حديث الوالدة ليس حتت رحمةبيئته. فهو eتلك آلية عجيبة تعمل كوسيلة إغالقM يتعامل بها مع اAثيراتاAزعجةM وeكنه أن يتخلص منها ويدخل في حالة تشبه السبات. غير أنناإذا استطعنا أن نتخيل مقدار الطاقة التي ينفقها الطفـل الـرضـيـع حـديـثالوالدة في حتقيق هذا النوع من اإلغالق ـ وهي طاقة eكنه اسـتـخـدامـهـا

بطريقة أفضل ـ الستطعنا أن نرى كم تصبح هذه اآللية غالية».ويواصل برازلتون الربط بh آلية اإلغالق هذه وبh الغشية التليفزيونية

اAألوفة إلى حد بعيد بh األطفال الصغار:«إن التليفزيونM <اما كضوء غرفة العملياتM يخلق وسطا يتهجم علـىالطفل ويغلبه على أمرهM ويستطيع الطفل أن يرد عليه فقط حh يستدعيآلية اإلغالق عنده للعملM وبذلك يصبح أكثر سلبية. لقد الحظت ذلك فيأطفالي ورأيته في أطفال اآلخرين. ففي الوقت الذي يـجـلـسـون فـيـه أمـامجهاز تليفزيون عاصف الصوتM يشاهدون فيلما حـافـال بـاألهـوال مـن كـل

.(٢)hookedجh» نبلونM كان السكون التام يلفهم.. لقد كانوا «مغير أنه في حh يعمل التهجم احلسي للتجربة التليفزيونية على تنشيطاستجابة سلبية فورية لدى كثير من اAشاهـديـن الـصـغـارM فـإن الـتـأثـيـرات

Page 28: Al Atfal wa al2dman

28

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

اAتبقية Aثل هذه التجارب أثناء النمو اAبكر للطفل قد تثبت أنها على العكسمن ذلك <اما. ويطرح أحد األطباء احتماال آخر في «اجلريدة األمريكـيـة

:American Journal of Psychiatryللطب النفسي» «أود اإلشارة إلى أن احلركة اAستمرة لألطر البصرية اAنقولة في برامج

... وبصرفhyperkinetic syndrome فرط احلركة (×)التليفزيون ذات صلة بزملةالنظر عن اAضمون الضحل العنيف للبرامـجM حتـدث تـغـيـيـرات مـتـواصـلـةللكاميرا وبؤرة العدسة حتى تتحرك نقطة اإلسناد لدى اAشـاهـد كـل ثـوانقليلة. ويبرمج هذا األسلوب بالضبط سعة انتباه قصيرة... وأنا أفترض أن

يحاول استرجاع الصفة احلركية لشاشة التليفزيون(**)الطفل زائد النشاط.(٣)بتغيير التوجه اإلدراكي احلسي لديه بسرعة»

وباAثلM يفترض طبيب نفسي آخر أن سرعة اإلثارة اAفرطة احملمـومـة والبرامج األخرى اAعدة ألطفال ما قبل سن اAدرسةSesame StreetMفي برنامج

ر�ا أسهمت في السلوك الهائج الذي لوحظ بتواتر أشد بh أطفال اليوم.فهذه البرامج «قتل حسني زائد» لبعض أطفال ما قبل سن اAدرسةM الذين

.)٤(لم يؤهلوا من حيث النمو للتعامل مع اإلثارة اإللكترونية سريعة اخلطى

تركيز أم ذهولSesame Streetأشار جيرالد س.لسرM اAدير التربوي الـسـابـق لـبـرنـامـج

إلى األطفال الذين يبدون غائبh عن الوعي في أثناء مشاهدة التليفزيـونM والحظ أن إدارة البحوث فيZombie viewers«كمشاهدين أحياء ـ أموات»

البرنامج لم جتد ما يدعو إلى القلق بشأن هذه الظاهرة. ومن رأي هؤالء أن الكثير مثلـمـاSesame StreetاAشاهد احلي اAيت قد يتشرب مـن مـشـاهـدة

يفعل الطفل الذي يعير اهتمامه على نحو طبيعيM يقظ. وكتب لسر في مارواه عن هذا البرنامج يقول: «إن اAشاهدة احلية اAيتة إما أن تعـكـس قـوة

.)٥(التركيز أو الذهول»وإلى أن تقدم لنا إحدى الدراسات العلمية حول غشية التليفزيون والنشاط

Mزملة (*)Syndrome.رض ماA ميزةAتزمنة اAمجموعة األعراض ا M(**) طفل دائم احلركةM ال يركز طويال على أي شيءM وال يستغرق في النوم ليال. (قاموس التربية

ـ د. محمد علي اخلولي).

Page 29: Al Atfal wa al2dman

29

تغير حالة الوعي

العقلي اAصاحب لها بعض اإلجابات احلاسمةM البد من اإلجابـة بـطـريـقـةغير مباشرة عن السؤال اخلاص �ا إذا كانت غشيـة الـتـلـيـفـزيـون تـعـكـستركيزا أم ذهوالM وذلك بتدوين اAالحظات العامة لآلباء عن حالـة الـطـفـلالذهنية في أثناء مشاهدة التليفـزيـون. فـاآلبـاءM بـال اسـتـثـنـاءM يـقـررون أناAشاهدة التليفزيونية تسبب حالة من االسـتـرخـاء الـزائـد. ولـذلـك فـإنـهـم

يستخدمون التليفزيون كثيرا لتهدئة وتسكh الطفل زائد النشاط.وتروي بعض األمهات:

«ثمة أوقات ال يريد اAرء فيها أن يرى طفله نشيطا بدرجة كبيرة. فقبلالنوم بنصف ساعة ال أريد أن ينفعل األطفال في أثناء اللعـبM وأفـضـل أنيشاهدوا التليفزيون في هدوء. أما ما يشاهدونهM فليس ذا أهمية كبيرة».«نصحتني األخصائية النفسية اAدرسية بأال أقلق بشأن مشاهـدة بـيـلMيصل إلى البيت hمن الهراء ح hللتليفزيون. وقالت إنه يحتاج إلى ساعت

حتى يسترخي».«حh يصل دافي إلى البيت عائدا من اAدرسة يساعده التليفزيون على

االسترخاء. وهو يستطيع معه أن يفقد اهتمامه بنفسه بصورة ما».«إنه يهد� ماري. إنه حقا رائع».

«يحتاج األطفال حh يعودون من اAدرسة إلى تخفيف الضغوطM ولذلكأتركهم حينئذ يشاهدون التليفزيونM حتى إن كانت البرامج هابطة».

يبدو أن من اAستـبـعـد أن يـسـبـب نـشـاط يـتـطـلـب تـركـيـزا ذهـنـيـا قـويـااالسترخاءM وتخفيف الضغوطM أو أي حالة أوضح من حـاالت االسـتـرخـاءاألخرى. فمن اAعقول أكثر أن نفترض أن هذا «الهراء» يسبب حالة عقليـة

سلبية وقابلية للتأثر تفوق ما يحدث للطفل بصورة طبيعية.

السلبيةغالبا ما تنبع مالحظات اآلباء حول الطبيعة السلبية Aا يشاهده أطفالهمعلى شاشة التليفزيون من أعمق مشاعر القلق لديهم بشأن الطبيعة السلبيةلهذه اAشاهدة. فمرة بعد أخرى تطفو كلمة «السـلـبـيـة» عـلـى الـسـطـح فـي

األحاديث مع اآلباء عن جتارب أطفالهم التليفزيونية.فهل هذا القلق ثمرة توجه مجتمعنا نحو العمل واإلجناز? وهل تـعـكـس

Page 30: Al Atfal wa al2dman

30

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

حقيقة أن الوالدين يحبذان أن يقرأ طفـلـهـمـاM مـثـالM بـدال مـن أن يـشـاهـدالتليفزيون تفضيل مجتمعنا للتجربة اللفظية على اخلبرة البصرية?

إن أيا من الوالدين يشاهد خالل تنشئة الطفل ومنذ مولده تعاقبا أخاذامن السلبية التامة إلى قابلية التأثر إلى الفاعلية واAمارسة الناجحة. إذ الeكن أن يكون هناك ما هو أكثر سلبية باAرة من الرضيع حـديـث الـوالدة.فاألطفال الرضع يبدأون حياتهمM وهم كتلة من األعصاب غير النامية والغرائزالقويةM بتشرب هاد�M غير مركز. وحتمي آليات بيولوجية معينة األطـفـالالرضع من تلقي ما يزيد على حاجتهم: فغلبة النوم على اليقظة حتميهم مناحلمل احلسي الزائد في األيام األولى. و«اللعاب» أو الـقـيء يـنـقـذهـم مـنزيادة الطعام. لكن األطفال الرضع ال يستطيعون أن «يتـصـرفـوا» بـطـريـقـة

مقصودةM فوجودهم الكامل يتصل اتصاال ال ينفصم بالتلقي.وحh يصل األطفال إلى سن سنتh أو ثالث سنوات يكونون قد اجتازوامسافة هائلة من مرحلة الوالدة احلديثة هذه. لقد تطور حتكمهم العضلي:MشيAكنهم اeو Mوأداء حركات يدوية معقدة Mفهم يستطيعون تركيز أعينهموالتواصل �هارة عن طريق الكلماتM و�ارسة تأثير هائل على آبائهمM بعدأن كانوا حتت رحمتهم ذات يوم بصورة كاملة. وهم �تلئون عزماM يكافحونMمـتـلـهـفـون عـلـى الـتـعـلـم Mبال إبطاء مـن أجـل إشـبـاع حـاجـاتـهـم ورغـبـاتـهـمواالكتشافM والفهم. إنهم يكادونM من وجوه كثيرةM أن يكونوا نقيض اخمللوقات

التي ال هدف لهاM العاجزة التي كانوا عليها عند الوالدة.إن التجربة التليفزيونية في حياة الطـفـل الـصـغـيـر عـودة واضـحـة إلـىطريقة العمل السلبية. فهي ال تشبه قط أي شكل من أشكال اللعب. ومادامالقلق الوالدي غالبا ما يكون مؤشرا دقيقا على افتقاد شيء مـا فـي حـيـاةالطفلM فإن القلق اAنتشر بh اآلباء بشأن سلبية جتربة أطفالهم التليفزيونية

قد يحمل قيمة بقاء للطفل.

(*)ملة الرجعةز

يالحظ اآلباءM مرة بعد أخرىM أن سلوك أطفالهم يظهر تدهورا �جرداالنتهاء من مشاهدة التليفزيون. وفي العادةM ال يعير اآلباء اهتماما كـبـيـرا

(*)The Reentry Syndrome

Page 31: Al Atfal wa al2dman

31

تغير حالة الوعي

لذلك ألن مثل هذا السلوك يكون قصير األمدM في كثير من األحيان. غيرأن معظم اآلباء يؤكدون أن قدرا من حدة الطبع أو إساءة السلوك كثيرا ما

يحدث في تلك األوقات:«إننا نالحظ أنهم دائما ينصرفون بعد ساعة أو ساعتh من اAشاهـدةفي حالة مريعة: فهم سيئو الـطـبـاعM �ـاحـكـونM مـتـعـبـونM عـلـى اسـتـعـدادلالنفجار. وهم يبتعدون عن اجلهاز ويحاولون تـخـفـيـف نـوع مـن االسـتـيـاءالداخلي لديهم بطريقة ما ـ بشرب اAاء الكثير أو األكلM أو الـقـفـز فـي كـل

اجتاه دو�ا هدف».«التليفزيون ال يصلح طباعهم. فهم عقب اAشاهدة مبـاشـرة مـتـذمـرون

ونزقون».«إنهم بعد اAشاهدة غاضبون ومخدرون».

«في اللحظة التي يغلق فيها اجلـهـازM يـتـصـاعـد بـسـرعـة عـجـزهـم عـنالسيطرة على أنفسهم. فهم يئنون. ويثيرون الضجيج حول أمور تافهة. إنهمينكصون <اماM وحينئذ أرسلهم إلى حجرتهم إلى أن يـهـدأوا. وeـر بـعـض

الوقت قبل أن يعودوا إلى حالتهم الطبيعية».«حh أمضى أنتوني صباح أحد األيام في مشاهدة التليفزيون لم يـكـنمن اAمكن العيش معه. لقد كان عصبياM فظاM غافالM ضجراM ال يدري كيف

يتصرفM وكان سيئ الطبع <اما. ثم عاد بالتدريج إلى حالته العادية».«عقب مشاهدة التليفزيونM يهوي سلـوك األطـفـال عـلـى الـفـور بـصـورةعمودية من حالته اAعتادة. فهم يركضون على هواهم في كل ناحيةM وما إلى

ذلك».«النقطة األساسية فيما يتعلق بالتليفزيون هي أن قدرا كبيرا من الطاقةيصدر عن اجلهاز جتاهكM بينما أنت جالس هناك في حالة سلبيةM وهذهالطاقة تدخل إليك. وحh تغلق اجلهازM يتعh على تلك الطاقـة أن تـخـرجMثانية. والذي أالحظه في أطفالي أنها تخرج بطريقة غبية جدا ـ غير واعيةMدفـع ودسـر hينفجرون في أثنائهـا بـ Mنوبة غضب قصيرة Mطاقة تشنجية

بسبب عدم الرضا».إن حدة الطبع التي تعقب اAشاهدة إشارة مهمة لآلباء. فسلوك الطفلالصغيرM برغم كل شيءM هو أثمن مصدر للمعلومات لديهم عن حالة الطفل

Page 32: Al Atfal wa al2dman

32

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

الذهنية واالنفعالية والبدنية. إن فهم األ�اط السلوكية لألطفالM والكيفيةالتي يعكس بها سلوكهم توازنهم الداخليM ضروري لنجاح تنـشـئـة الـطـفـل.فمن النادر أن يتكلم األطفال �ن هم في سـن ثـالث أو أربـع سـنـوات عـنM«أو «أنا متعب M«أنا سعيد» Mستبعد أن يقول أحدهم ألمهAمشاعرهم. ومن اأو «أنا مريض»M أو «أنا غير آمن». لكن اآلباءM من خالل مـالحـظـة سـلـوكأطفالهم العاديM وما إذا كانوا العبh في مرحM �ـتـلـئـh بـالـنـشـاط وحـباالستطالعM أم يبدون منسحبh بصورة غريبة أو جامحh على نـحـو غـيـرمألوفM يستطيعون أن يفهموا حاجات أطفـالـهـم ويـكـونـوا أكـثـر اسـتـعـدادا

لتلبيتها.حh يأخذ السلوك منعطفا غامضاM وحh تسوء طباع الـطـفـل لـسـبـبيتعذر إدراكه أو يتصرف بطريقة شاذة أو غير متوقعة إزاء التجارب السارةأو البغيضة على السواء ـ وباختصارM حh ال يتبع سلوك الطـفـل الـقـواعـداAعتادة والبسيطة للعلة واAعلول كما يفهمها أي من الوالدين ـ يكون للقلق مايبرره. إن النمط السلوكي غير اAالئم للطفل يثبت باستمرار أنه ذو قـيـمـة«بقائية» حe hكن فهمه في النهاية. فمثالM الطفل الذي يعود إلى اAنـزلMمحدثا ضجة ومسترعيا االهتمام Mكل يوم من احلضانة في حالة نفسية سيئةقد يثير والديه أو والديها الستجالء ما يحـدث فـي اAـدرسـة. وفـي أحـيـانكثيرة تتكشف مشاكل جدية بهذه الطريقةM حتى إن لم يكن قد اشتكى من

اAدرسة أو اAدرسM بل ر�ا زعم أن كل شيء رائع هناك.واألكثر أهمية فيما يتعلق براحة الطفل وسعادته هو إدراك أحد الوالدينالغريزي اليقظ أن حدة الطبع غير اAفهومة قد تكـون عـالمـة عـلـى مـرضوشيك. فاألم الواعية أو األب الذكي eكنهM وبفضل �ط سلوكي �يزM أنيلتقط مقياس احلرارة ويكتشف أن الطفل محموم ومريضM حتى قـبـل أنينطق الطفل بوقت طويل مـعـبـرا عـن شـعـوره بـأي عـرض مـرضـي أو تـعـببدني. إن سوء طباع الطفل في حالة كهذه إشارة من اجلسم إلى أن ثمة علةماM ومثل جميع اإلشاراتM فإن وظيفتها هي اAساعدة في إعادة حالة االتزانالبدني اAنشود إليه. وتدفع هذه اإلشارة األب أو األم إلى عمل مـا يـنـبـغـي

عمله الستعادة التوازن الذي افتقده اجلسمM لسبب من األسباب.وتؤدي حالة أخرى في حياة الطفل إلى سلوك ال يخدمM كما يـبـدوM أي

Page 33: Al Atfal wa al2dman

33

تغير حالة الوعي

غرض عقالنيM إال أنه يثبت قيمته البقائيةM وتلك هي حالة النوم. فـعـقـبليلة من النوم الهاد�M اAمتعM قد يشعر األطفال والكبار على السواء بحالةمقبضة من حدة الطبع عند النهوض في الصباح. وال يبدو أن هذه احلالةالنفسية كانت نتيجة جلوانب سارة أو غير سارة من النشاط الذي سبقها.

reentryواألصحM أن حدة الطبع التي تلي النوم <ثل نوعا من زملة الرجعة

syndromeألن الذهن يتحرك من إحدى حاالت الوعي إلى أخرى. ويظهر أن اجلسم يحتاج إلى فترة ما من التوافق عند االنتقال من حالة النوم إلى حالةاليقظة. وهي فترة أطول عند بعض األشخاص منها عـنـد آخـريـن. وتـتـيـححدة الطبع التي تعقب النوم فترة حماية قصيرة ضد اخملاطر الكامنة في�ثل هذه احلدة في الطـبـع M«عتادة. «دعني وحديAمارسات اإلنسانية اAايلتمس الشخص الذي اليزال نائما تركه وحده. لست مستعدا للتعامل معككما تعودت. إنني شخص مختلف في هذه اللحظةM وقد أتصرف بطـريـقـةغير مالئمة. انتظر حتى أستيقظ <امـاM وعـنـدئـذ سـأتـصـرف عـلـى نـحـو

موثوق منه.ومن اAؤكد أن األطفال يعمدون إلى إساءة السلوك لتحقيق بعض الغاياتاAرغوبة أحياناM ونيل مبتغاهمM وإرغام آبائهم على اخلضوع إلرادتهم. ومعذلكM ففي حالة حدة الطبع التي تعقب اAشاهدة التليفزيونيةM من احملتملأن يؤدي سلوك الطفل إلى نتيجة غير مرغوب فيها: سيـتـخـلـص األب مـنالتجربة اAرغوبة (مشاهدة التليفزيون) حتى يتخلص مـن الـسـلـوك الـتـالـيhنطقي أن نفتـرض أنـه عـلـى عـكـس أنـAفمن ا Mرغوب فيه. ولذلكAغير االطفل و�احكته للحصول على لعبة أو قطعة من احلـلـوىM فـإن الـسـلـوكالسيئ الذي يلي اAشاهدة التليفزيونية لـيـس مـقـصـودا أو ضـمـن سـيـطـرة

الطفل الفعلية. إنه سلوك يثار لغرض داخلي ما ال يعيه الطفل.هل حدة الطبع التي تعقب التليفزيون إشارة لآلباء بأن الـطـفـل مـرهـقويحتاج إلى الراحة? Aاذا يبدوM واحلال كذلكM أن اآلباء يعتبرون اAشاهـدةhرهقAويشجعون أطفالهم ا Mالتليفزيونية نشاطا حافزا للراحة واالسترخاءفي أحيان كثيرة على اجللوس أمام التليفزيون? أي شكل من أشكال الراحةeكن لآلباء تقدeهM بعد عدد من ساعات اAشاهدة التليفزيونية? إذا كـانثمة شيء eكن تقدeهM فإن الطفل يبدو في حاجة إلى نشاط بدني وعقلي.

Page 34: Al Atfal wa al2dman

34

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

إن من اAرجح كثيرا أن حدة الطـبـع الـتـي تـلـي اAـشـاهـدة تـخـدم هـدفـا�اثال للسلوك غير اAفسر الذي يظهر في بدايـة اAـرضM أو عـنـد انـتـهـاءالنوم. ور�ا يتعh بحثها في ضوء كلتا احلالتh. فقد تكون أحد األعراضالتي ينبغي أن يلتفت إليها األبM أو عالمة على أن هناك شيئا ضارا بالطفليتعلق بتجربة اAشاهدة التليفزيونية وقد تكون له نتائج عكسية متصلة بنموالطفل. كما يحتمل أن تكون إشارة انتقال مـن إحـدى حـاالت الـشـعـور إلـى

أخرى (حدة الطبع بعد النوم).وتثير حدة الطبع التي تعقب اAشاهدة التليفزيونية و<ثل زملة الرجعةسؤاال مقلقا على اخلصوص. ما هيM إذنM احلالة الشعورية للـطـفـل أثـنـاءمشاهدة التليفزيون? من الواضح أنها ليست النوم. فهل هي شيء آخر غيراليقظة? إننا جميعا نعرف جيدا حاالت الشعور الناجمة عن تأثير اخملدرات.فهل يقوم الطفل الذي يشاهد التليفزيون برحلة من نوع ماM وبالتاليM يتطلب

األمر فترة انتقالية سيئة السلوك قبل العودة إلى دخول عالم الواقع? لآلباء اAهمومMh فأي من هذه النظريات البديـلـة(*)إنه خيار هوبسون

Mشاهدة التليفزيونية الرحـلـةAأم ا MرضAشاهدة التليفزيونية اAسيقبلون: اأمM ثالثة األثافيM اAشاهدة التليفزيونية الرحلة اAرضيـة. والـغـريـب أن أيـامن هذه ال عالقة له �ا يشاهده األطفال على شاشة التليفزيونM وهو الهماAعتاد لآلباء واAربh. إن واقع أنهم يشاهدون هو الذي يحمل مغزى. إذ مناAؤكد أنه إذا كان في اإلمكان أن تصبح اAشاهدة التلفزيونية «رحلة»M فهي

إذن مثل جتربة اخملدرe Mكن أن تصبح إدمانا أيضا.

: هو خيار إما هذا وإال فال. حمل اسم توماس هوبسون (Hobson’s choice١٥٤٤(*) خيار هوبسون ـ ١٦٣١م) وهو نقابي إجنليزي عمل في ميدان تأجير اخليول والعرباتM ولم يكن يتيح لزبائنـه أي

خيار سوى أخذ أقرب حصان قرب باب اإلصطبل ـ اAترجم.

Page 35: Al Atfal wa al2dman

35

إدمان التليفزيون

إدمان التليفزيون

كعك أم هيروين؟كـثـيـرا مـا تـســتــخــدم كــلــمــة «إدمــان» بــصــورةفضفاضة وملتويـة أثـنـاء احلـديـث. ويـصـف بـعـضاألشخاص أنفسهم بأنهم «مدمنو روايات بوليسية»

.E. Bأو «مدمنو أكل الكعك». وقد كتب إ.ب.هوايت

Whiteوسمي الـعـارم بـالـبـسـتـنـةAضمن اهتمامه ا Mيقول: «إننا مدمنون ونحاول التحرر من اإلدمـان».ومع ذلكM فما من أحد في احلقيقة يعتقد أن قراءةالروايات البوليسية أو طلـب احلـصـول عـلـى بـذورعن طريق الفهرسM تصل فـي خـطـورتـهـا إلـى حـدمقارنتها باإلدمان على الهيروين أو الكحول. فكلمة«إدمان» هنا تستخدم على سبيل اAزاح للداللة علىميل إلى االنغماس بإفراط في أوجه النشاط اAمتعة.ويشير أناس في أحيان كثيرة إلى أنهم «مدمنوتليفزيون». فهـل يـنـدرج هـؤالءM أيـضـاM ضـمـن فـئـةأصحاب البال اخلالي �ن يأكلون الكعك ويركضونوراء اAـتـع األخـرى الهـثـMh أم أن ثــمــة نــوعــا مــناAشاهدة التليفزيونية يدخل في فئة اإلدمان اAدمر

األشد خطورة?حh يتجه تفكيرنا إلى اإلدمان على اخملـدراتMكثيرا ما نركز على اجلوانب السلبـيـة Mأو الكحول

3

Page 36: Al Atfal wa al2dman

36

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

ونتجاهل اAسرات اAصاحبة للشراب أو تعاطي اخملدرات. لكن جـوهـر أيإدمان خطير هو السعي وراء اAتعةM والبحث عن «علو» ال تستطيـع احلـيـاةالعادية أن تعطينا إياه. إن ما يثير القلق بحق هو عدم القدرة على الـقـيـامبالعمل من دون اAادة اAسببة لإلدمانM واعتماد اجلسم على جتربة معيـنـةوالعجز اAتزايد عن �ارسة العمل بصورة طبيعية من دونها. وهكذاM فمنالناس من سيتناول كأسh أو ثالثا في نهاية اليوم ليس ابـتـغـاء اAـتـعـة مـنالشراب فقطM بل أيضا ألنه «ال يشعر بأنه في حالة طبيعية» إن لم يـفـعـل

ذلك.إن اAدمنh الفعليh ال يسعون فقط إلى حتقيق جتربة سارة مرة واحدةلكي يؤدوا العمل بصورة طبيعية. فهم في حاجة إلى تكرار التجربة مرة بعدأخرى. ففي تلك التجربة اخلاصة شيء يجعل احلياة من دونها ناقصة. ثمMألن حـيـاتـهـم Mإن التجارب األخرى ذات االحتماالت السارة لم تعد �كنـةMدمن يتوق إلى جتربةAمشوهة بطريقة غريبة. فا Mحتت تأثير جتربة اإلدمانومع ذلك فهو ال يشبع هذا التوق في الواقع أبدا. وقد يحقق اجلسم اإلشباع

الكامل بشكل مؤقتM غير أن توقه إلى التجربة سرعان ما يعاوده ثانية.وأخيراM يختلف اإلدمان اخلطر عن السعي غير اAؤذي في طلب اAتعةمن حيث جوانبه اAدمرة بصورة واضحة. فمدمنو الهيروينM مثالM يعيشونحياة محطمة: إن حاجتهم اAتزايدة إلى الهيروين بجرعات أكبر تعوقهم عنالعملM واالحتفاظ بالعالقاتM والتطور في اجتاهات إنسانية. وباAثلM فإنحياة مدمني الكحول تضيق وتتجرد من صفاتها اإلنسانية بسبب اعتمادهم

على الكحول.لنتأمل اAشاهدة التليفزيونية في ضوء الشروط التي حتدد معنى أنواع

اإلدمان اخلطيرة.Mمن دون أن تختلف عن اخملدرات أو الكحـول Mإن التجربة التليفزيونيةتتيح للمشارك محو العالم احلقيقي والدخول في حالة عقلية سارة وسلبية.فصنوف القلق والهموم الواقعية تؤجل فعليا عن طريق االستغراق في برنامجتليفزيوني مثلما يحدث عبر القيام «برحلة» حتت تأثير اخملدرات أو الكحول.وكما يدرك مدمنو الكحول على نحو مبهم إدمانهمM شاعرين أنهم يتحكمونفي شرابهم أكثر �ا يفعلون حقيقة («أستطيع أن أتوقف عن الشراب في

Page 37: Al Atfal wa al2dman

37

إدمان التليفزيون

أي وقت أريد ـ إنني فقط أود تناول ثالث كؤوس أو أربع قبل العشاء»). يبالغالناسM باAثلM في تقدير مدى حتكمهم في اAشاهدة التليفزيـونـيـة. وحـتـىMشاهدةAيؤخرون نشاطات أخرى من أجل <ضية ساعة بعد ساعة في ا hحMفإنهم يشعرون بأن في اإلمكان استئناف حياتهم بسهولة بأسلوب مختلفوأقل سلبية. إال أنه بطريقة أو بأخرىM ومع وجـود جـهـاز الـتـلـيـفـزيـون فـيMسرات التليفزيونيةAال يسمع صوت إغالق اجلهاز. ففي ظل تيسر ا Mبيوتهم

تبدو تلك التجارب األخرى أقل جاذبيةM وأكثر صعوبة بطريقة ما.ويالحظ أحد الذين يشاهدون التليفزيون بغزارة (موجه لغة إجنليزية):Mإنني أشعر بأن التليفزيون ال يقاوم تقريبا. فأنا ال أستطيع جتاهل اجلهاز»حh يكون مفتوحا. ال أستطيع إغالقه. أشعر بأن حيويتي مستنزفةM وأننيواهن بال إرادة. وحh أحترك إلغالق اجلهازM تخور قواي. وهكذا أجـلـس

أمام التليفزيون ساعات وساعات».وكثيرا ما يشعر الذين يعترفون بإدمانهم للمشاهدة الـتـلـيـفـزيـونـيـة أنـه«يتعh» عليهم القيام بأعمال أخرى. لكن حقيقة أنهم ال يقرأون وال يزرعوناحلديقة وال يشتغلون بأعمال احلياكة وأشغال اإلبرةM وال eارسون األلعابأو يتبادلون أطراف األحاديث تعني أن تلك النشاطات لم تعد مرغوبة بقدر�اثل Aشاهدة التليفزيون. وإلى حد ماM فإن حياة الذين يشاهدون التليفزيونبكثرة هي حياة غير متوازنةM بسبب «عادتهم» التليفزيونيةM كـحـيـاة مـدمـنMإذا جاز الـتـعـبـيـر M«اخملدرات أو الكحول. فهم يعيشون في �ط «مسيطرغير آبهh باألنشطة اAؤدية إلى النماء أو التطـور أو اإلحـسـاس بـاإلجنـاز.وذلك هو أحـد األسـبـاب الـتـي جتـعـل الـنـاس يـتـحـدثـون عـن مـشـاهـداتـهـمالتليفزيونية بحزن وأسف عـمـيـقـMh إذ يـدركـون أنـهـا جتـربـة ال طـائـل مـن

ورائهاM وأن أي جهد آخر تقريبا أجدر باالهتمام وفق أي معيار إنساني.Mإن التأثير العكسي للمشاهدة التليفزيونية في حياة كثير من الناس هوفي النهايةM الذي يحدد معناها كنوع خطير من أنواع اإلدمان. فعادة مشاهدةالتليفزيون تشوه معنى الوقتM وجتعل التجارب األخـرى غـامـضـة ووهـمـيـةبصورة غريبة بينما تكتسب لنفسها حقيقة أكبر. وهي تضعف العالقات إذ

تقلص فرص احلديثM والتواصل الطبيعيةM بل تزيلها أحيانا.فلماذا إذنM على الرغم من أن التليفـزيـون ال يـحـقـق اإلشـبـاعM يـواصـل

Page 38: Al Atfal wa al2dman

38

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

اAشاهد اAشاهدة ساعة بعد أخرىM ويوما بعد يوم? كتب لورانس كوبي: «إن.(١)مقياس الصحة هو اAرونة.. والسيما حرية التوقف عند اإلشباع الكامل»

لكن الذين يشاهدون التليفزيون بغزارة لن يشعروا باإلشبـاع أبـدا مـن وراءجتاربهم التليفزيونية ـ فهي ال <نحهم القوت احلقيقي الذي يتطلبه اإلشباع

ـ وهكذا يجدون أنهم ال eكنهم اإلقالع عن اAشاهدة.ويصف أحد الذين أسرفوا في مشاهدة التليفزيون (صانع أفالم) هذه

الزملة:«أتذكر حh حصلنا على اجلهاز للمرة األولى أنني كنت أواصل اAشاهدةساعات وساعاتM كلما استطعتM وأتذكر شعور الـتـعـب والـقـلـق الـذي كـانيعقب ذلك االنغماس اAفرطM واإلحساس بالوقت الضائع سدى. كان األمرMأشبه بأكل حلوى غزل البنات. لقد وعد التليفزيون بـالـكـثـيـر مـن الـعـطـاءوطال بي االنتظارM ثم تبخر ذلك بـبـسـاطـة فـي الـهـواء. إنـنـي أتـذكـر كـيـف

شعرت باستنزاف بالغ بعد وقت طويل من اAشاهدة».وتـسـتـعـيـد إحـدى مـدرسـات احلـضـانـة ذكـريـات جتـربـة طـفـولـتـهــا مــع

التليفزيون:«أنا أتذكر االنغماس في اAشاهدة أيام طفولتي وشعوري بالضجر بعدساعات. كنت أتطلع إلى اAشاهدة وقتما أستطيعM إال أن ذلك لم eنـحـنـيشعورا حقيقيا باAتعة. كانت احلال تـشـبـه افـتـقـاد هـزة اجلـمـاعM أو غـيـابالتنفيسM وذلك محبط للغاية. لم يكن التليفزيون ببساطة يتيح لي اإلشباعاAوعودM بيد أنني واصلت اAشـاهـدة. لـقـد سـد نـوعـا مـن احلـاجـةM أو كـان

يتعh عليه ذلك وعجز عن بلوغ ما بدأه».إن شهادات مدمني التليفزيون السابقh حتمل في أحيان كثيرةM أصداءمتـحـمـسـة لـلـقـصـص الـتـي سـمـعـت فـي اجـتـمـاعـات «مـدمـنـون مـجـهـولـون

.Alcoholics Anonymous meetingsللكحوليات» يقول صاحب محل إلصالح حقائب اليد:

كنت أستقل مترو األنفاق من عملي عائدا إلى البيت ومعي الصـحـيـفـةالتي أنكب في احلال على صفحة التليفزيون فيها لوضع برنامج مشاهدتياAسائية. وعند وصولي إلى البيتM أغـتـسـلM وأبـدل مـالبـسـي وأطـلـب إلـىزوجتي تشغيل اجلهاز حتى يسخن. (كان لدينا جهاز عتيق يحتاج إلى ثوان

Page 39: Al Atfal wa al2dman

39

إدمان التليفزيون

قليلة قبل أن تظهر الصورة). وكنا نشاهد التليفزيون بقية اAساءM ونتـنـاولعشاءنا في حجرة اجللوس أثناء اAشاهدةM ومن دون أن نتحـدث إال الـنـزراليسيرM خالل اإلعالناتM إذا حتدثنا باAرة. وكنت أشاهد أي شيءM سـواءأكان جيدا أم رديئاM أم بh بh. وكان يساورني في كل حلظة من حلـظـاتاAشاهدة شعور بالغضب الشديد من نفسي بسبب إضاعة كل ذلك الوقتفي مشاهدة مواد تافهة. لم أكن أستطيع الذهاب للنوم حتى نشـرة أخـبـارالساعة احلادية عشرة على األقلM وأمكث أحيانا ألشاهد برنامج أحاديثآخر الليل. كنت أشعر بأن من الضروي مشاهدة الـبـرامـج اإلخـبـاريـةM وأنلزاما علي معرفة مجريات األمور برغم قلة ما كان يحدث في أغلب األحيان.وكان eكنني أن أعرف بسهولة ما جرى �طالعة صحـيـفـة الـيـوم الـتـالـي.Mوعادة ما كانت زوجتي تنام على األريكة في أثناء مشاهدتـي الـتـلـيـفـزيـونوهو شيء كان يغضبني. لكننيM في الواقعM كنت غاضبا من نـفـسـي. كـنـتأحتفظ �جموعة أعداد من مجالت صدرت خالل السنوات الثالث السابقةMغير أنني لم ألتفت إلى قراءتها قـط Mووضعت خطة لقراءتها في وقت ماكذلك لم أجد الوقت لفرز أو تصنيف مجمـوعـة الـشـرائـح الـشـفـافـة الـتـيأعددتها خالل أسفاري. كان لدي الوقت فقط للتليفزيون. كنا نعطل عملالهاتف أثناء اAشاهدة منعا للمقاطعة! وعلى الرغم من أننا نحب اAوسيقى

الكالسيكيةM فإننا لم نستمع قط إلى أي موسيقىM قط!«ثم تعطل اجلهاز ذات يوم. وقلت لزوجتيM دعـيـنـا ال نـصـلـحـه. دعـيـنـافقط نر ماذا سيحدث. حسناM كان ذلك أروع ما فعلنا. ومنذ ذلك الوقت لم

نعد �تلك جهاز تليفزيون في اAنزل.إنني أنظر اآلن إلى ما مضى وال أكاد أصدق أننا عشنا كذلك. وأشعربأن عقلي كان محنطا <اما طوال تلك السنوات. كنت ملتصقا بالغراء إلىذلك اجلهاز دون أن أستطيع الفكاكM بطريقة ما. إن التفكير فيه يخيفنيحقا. نعمM أنا أخاف التليفزيون حاليا. ولست أظن أن بوسعي التحكم فيهإذا صار لدينا جهاز في البيت مرة أخرى. وأتصـور أن الـغـلـبـة سـتـكـون لـه

مهما فعلت.وقد تناول مؤلفو أحد الكتب الـتـي صـدرت عـن طـبـيـعـة اإلدمـان سـمـةأخرى من سماته: «تقترن الرغبة اAلحة في احلصول على شيء ما بفقدان

Page 40: Al Atfal wa al2dman

40

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

التمييز جتاه الشيء الذي يشبع تلك الرغبـة... فـمـدمـن الـكـحـول ال يـهـتـم�ذاق اAشروب اAسكر اAتاح; وكذلك الشخص الذي يجـبـر عـلـى األكـل ال

.)٢(eيل للدقة الزائدة بخصوص ما يأكله بينما يكون الطعام هنا وهنـاك»MشاهدينAبالنسبة لكثير من ا Mشاهدة التليفزيونيةAتكتسب عملية ا Mوهكذاأهمية تتجاوز اAضامh الفعلية للبرامج التي يشاهدونها. ويكمن إدراك أنفعل اAشاهدة أهم من اAادة اAعروضة وراء �ارسـة «سـد الـطـريـق» الـتـيابتكرها أصحاب اإلعالنات التليفزيونيةM وتبناها اAرشـحـون الـسـيـاسـيـونالذين يشترون نصف الساعة ذاته على جميع القنوات لفرض رسالتهم علىجمهور اAشاهدين. وهو ما عبر عنه أحد اAرشحh البارزين بقوله «سيشاهدالناس التليفزيون دو�ا اعتبار Aا يقدمM وإذا لم تتح لهم خيارا آخر فسوف

.(٣)يشاهدون برنامجك»وكثيرا ما يقوم اAدمنون أنفسهم باAقارنة بh إدمان التليفزيون وإدمان

:hاخملدرات. يقول أحد احملام«إنني أشاهد التليفزيون بالطريقة نفسها التي يشرب بها مدمن الكحول.فإذا عدت إلى اAنزل وجلست أمام التليفزيونM فسأشاهد أي برنامج مهماكانM حتى إن لم تكن اAادة اAعروضة تروق لي بخاصة. والشيء الذي أعرفهMبعد ذلك أن الساعة بلغت احلادية عشرة وأنني أشاهد برنامج جوني كارسونMساء كله وأنا أشاهد التليفزيون. وفضال عن ذلكAأنني أمضيت ا hوسأتبفإنني ال أطيق جوني كارسون لكنـنـي سـأظـل جـالـسـا هـنـاك أشـاهـده. أنـامدمن للتليفزيونM حh يكون هناكM ولـسـت سـعـيـدا بـهـذا اإلدمـان. سـوفأجلس هناك وغضبي من نفسي يزداد بسبب اAشاهدةM لكنني سأظل جالسا.

ولست أستطيع إغالق اجلهاز».كذلك ال يجهل مدمن التليفزيون دائما مظاهر اخللل الوظيفي الناجمةعن إدمانه. تقول إحدى ربات البيوت: «أحيانا تأتي إلي إحدى الصديقاتفي أثناء مشاهدتي التليفزيونM فأقول لهاM انتظري حلظـةM دعـيـنـي فـقـطأستكمل مشاهدة هذاM ثم أشعر بالندم ألنني أعطيت اجلهاز أسبقية علىالناس. وسوف أفعل ذلك من أجل أسخف البرامجM جملرد أنـنـي مـضـطـرة

للمشاهدةM بطريقة أو بأخرى».على الرغم من اجلوهر اAدمر الذي يكمن في إدمان التليفزيونM فـمـن

Page 41: Al Atfal wa al2dman

41

إدمان التليفزيون

النادر أن يأخذ اجملتمع األمريكي هذه اAسألة بـجـديـة. فـالـنـقـاد يـشـيـرونساخرين إلى التليفزيون على أنه «عقار ثـقـافـي مـسـكـن» وeـزحـون بـشـأن«حقن التليفزيون باخملدر». لقد أقيم في سان فرانسيسكو عام ١٩٧٥ عرضمسرحي حتت اسم «حرق اAيديا» اشتمل على جتميع ٤٤ جهازا قدeا منأجهزة التليفزيونM وضعت فوق بعضها البعض في أحد مواقف السـيـاراتو� رش الكيروسh عليها وإشعال النار فيهـا. وكـان ذلـك الـعـرض تـعـبـيـرارائعاM حقاM عن الشعور الهزلي الذي يحيط �ـسـألـة إدمـان الـتـلـيـفـزيـون.وطبقا للنشرات التي وزعت قبل العرضM كان من اAـفـتـرض أن يـجـتـاز كـل

.(٤)شخص «انفجارا تطهيريا» و«يتحرر أخيرا من إدمان التليفزيون»وتكتسب مسألة إدمان التليفزيون طابعا أكثر خطورة حh يكون اAدمنون

أطفالنا نحن. تروي إحدى األمهات:طفلي ذو السنوات العشر مدمن للتليفزيونM مثلما يدمن شارب الكحولالشراب. وهو يحاول التوصل إلى حلول وسـط بـأي ثـمـن فـيـقـول لـي: «إذاتركتني أشاهد التليفزيون عشر دقائق أخرى فقطM فلـن أشـاهـده إطـالقـا

غدا. إن اAوضوع محزن ويشعرني باخلوف.وتتحدث أم أخرى عن ابنها ذي السنوات الست:

كنا خالل الصيف اAاضي في إسرائيل حيث تغلق محطات التليفزيـونليال في حوالي العاشرة. حسناM كان ابني يدير اجلهاز ويشاهد احملـطـاتالعربية العاملةM مع أنه لم يكن يفهم كلمة واحدةM إذ كـان البـد أن يـشـاهـد

شيئا ما.وتبرز عالمات أخرى علـى خـطـورة اإلدمـان فـي وصـف اآلبـاء لـسـلـوك

اAشاهدة عند أطفالهم:قبل أن نحصل على كيبل تليـفـزيـونـيM كـنـا قـد اعـتـدنـا عـلـى اسـتـقـبـالتليفزيوني رديء جدا. كنت أدخل احلجرة وأرى طفليM وهو في الثامنة منالعمرM يشاهد تلك الصورة الرهيبةM اAشوهة وأصيـحM «يـا لـلـسـمـاءM كـيـفMلكنه كان ينفعل بشدة ويصرخ M«تستطيع أن تشاهد? دعني أحاول إصالحه«ال تلمسيه!» لقد أقلقني حقا إصراره على اAشاهدة بهذه الطريقة الرديئة

إلى حد أنه كان مستعدا Aشاهدة صورة مشوشة <اما.وتـصـف أم أخـرى سـلـوك ابـنـهـا ذي األعـوام الـثـمـانـيــة حــh حــرم مــن

Page 42: Al Atfal wa al2dman

42

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

التليفزيون:لقد حدث أن كان جهاز التليفزيون خارج البيت لنحو أسبوعMh ووصل«جيري» إلى حد شعرت معه بأنه إذا لم يشاهـد شـيـئـا مـاM فـإنـه سـيـشـرعبالفعل في تسلق اجلدران. كان متملمال وعصبياM وكثير احلركة بh قـطـعاألثاث. ولم يكن ببساطة يعرف كيف يتصرف. وبدا أن احلال تزداد سـوءايوما إثر يوم. قلت لزوجيM «إن لديه أعراض انسحاب»M وأعتقد حقيقة أناألمر كان كذلك. وفي النهاية رجوت إحدى صديقاتي أن تتيح له الذهـاب

إلى منزلهم Aشاهدة مسلسل الرسوم اAتحركة يوم السبت.Bullet في اAقتطف التالي من روايته John Cheeverويقدم لنا جون شيفر

Parkصورة من أعمق صور اإلدمان التليفزيوني تأثيرا في النفس. فالشخصية الرئيسية في هذه الروايةM وهي «إليوت نيلز»M تتكشف من خالل مـواجـهـةمع ابنه «توني» ذي السنوات التسع حول مشاهدة الطفل للتليفزيون. وعلىالرغم من أننا بصدد عمل قصصيM فإن أبعاد انغماس الطفل في التجربةالتليفزيونية ويأس األبM الذي يرجع سببه جزئيا إلى اعتراف ناقص �عاناتهمن عجز �اثلM هي أبعاد حقيقية eكن <ييزها من قبل عدد كبير �ن

يتقاسمون اAشكلة في طي الكتمان.اجتاز «نيلز» حجرة الطعامM وعبر الصالة اAظلمة إلى حجرة اجلـلـوسحيث كان «توني» يشاهد أحد البرامج. كان التليفزيون هو الضوء الوحـيـدMـطـر يـسـمـع خـارجـهـاAالتي كان صـوت ا Mوبدت احلجرة Mتحرك بسرعةAا

ككهف كبير في البحر.تساءل نيلز: «ألديك أي واجب منزلي?»

أجاب توني: «القليل منه».ـ «حسناM أظن أن من األفضل أن تؤديه قبل مشاهدة التليفزيون». قالهانيلز بينما كان على شاشة التليفزيون عدد من شخصيات الرسوم اAتحركة

التي ترقص رقصة اجليج السريعة.ـ «سأشاهد حتى نهاية هذا البرنامج فقطM ثم أقوم بعمل الواجب اAنزلي».

ـ «أظن أن من األفضل أن تؤدي واجبك اAنزلي اآلن».ـ «لكن ماما قالت إنني أستطيع مشاهدة هذا البرنامج».

ـ «منذ متى كنت تطلب اإلذن �شاهدة التليفزيون?».

Page 43: Al Atfal wa al2dman

43

إدمان التليفزيون

Mكان يعرف أن التعامل مع تهكم ابنه سيضاعف فقط سوء التفاهم بينهماإال أنه كان متعبا وعنيدا. «أنت ال تطلـب إذنـا أبـدا. أنـت تـعـود إلـى الـبـيـتحوالي الثالثة والنصفM وتسحب مقعدا لتجلس أمام اجلهاز وتشاهد حتىالعشاء. وبعد العشاء جتثم أمام هذا اجلهاز اللعh وتظل هكذا حتى التاسعة.فإذا لم تؤد واجبك اAنزليM كيف تنتظر أن حتصل على درجات النجاح في

اAدرسة?»قال توني بحذر: «إنني أتعلم الكثير من األشياء من التليفزيون. أحصل

على معلومات عن اجلغرافيا واحليوانات والنجوم».سأل نيلز: «وماذا تتعلم اآلن?»

كانت شخصيات الرسوم اAتحركة تلعب لعبة شد احلبل. وقـطـع طـائـرضخم احلبل �نقاره فسقط جميع الشخصيات على األرض.

قال توني: «هذا شيء آخر. هذا البرنامج لـيـس تـعـلـيـمـيـا. جـانـب مـنـهتعليمي». صاحت نيللي من اAطبخ: «أوه.. دعه وحدهM يا إليوتM دعه وحده».كان صوتها رقيقا وواضحا. وخطا نيلز إلى الوراء داخال إلى اAطبخM وسأل:Mأن قضاء الوقت أمام التليفزيون من الساعة الثالثة والنصف hلكن أال تظن»

وبفاصل قصير للعشاءM أكثر �ا ينبغي?»قالت نيللي: «إنه وقت طويلM لكن ذلك مهم جدا لـه اآلنM وأعـتـقـد أنـه

سيتجاوز ذلك».قال نيلز: «أعرف أن ذلك مهم جدا. وأنا أدرك ذلك. حـh أخـذتـه كـينتسوق لعيد اAيالد لم يكن يهتم بأي شيء سوى العودة إلى اجلهاز. لم يكنيعنيه شراء هدايا لك أو ألبناء العم واألقارب. إن كل ما أراده هو العودة إلىالتليفزيون. كان بالضبط شبيها باAدمن. إني أعني أنه كان لـديـه أعـراضhانسحاب. كان ذلك يشبهني <اما ساعة الكوكتيل لكنني في الرابعة والثالث

من العمر وأحاول احلد من شرابي وسجائري».قالت نيللي: «إنه لم يكبر إلى درجة البدء في تقنh األمور».

MنزليAولن يؤدي واجبه ا Mولن يلعب الكرة M ـ «إنه لن يذهب إلى الشاطئبل لن يقوم بنزهة ألن برنامجا ما قد يفوته».

ـ «أعتقد أنه سيتجاوز ذلك».ـ «لكنك ال تتجاوزيـن نـوعـا مـن اإلدمـان. البـد أن تـقـومـي بـجـهـد مـا أو

Page 44: Al Atfal wa al2dman

44

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

جتعلي أحدهم يقوم بجهد من أجلك. وليس من اAمكن التخلص من أنـواعاإلدمان �جرد مرور الزمن».

وعاد نيلز عبر الصالة اAظلمةM بأضوائها اAتحركة السـريـعـة الـتـحـتـيـةوصوت اAطر الذي يتساقط في اخلارج. وعلى شاشة التليفزيون كان هناكرجل ذو لثغةM يرتدي سترة مهرجM ويحث أصدقاءه على جعل أمهاتهم يشترينلهم مركبة بخارية حتمل دمية وتعمل بالبطارية. وأشعل نيلز الضوء وشاهد

ابنه مستغرقا في مشاهدة اAهرج ذي اللثغة.قال نيلز: «كنت أحتدث اآلن مع أمكM وقررنا أن نفعل شيئا بشأن وقتكالتليفزيوني». (وحل محل اAهرج فيل و�ر يرقصان الفـالـس). «أعـتـقـد أن

ساعة في اليوم تكفي وأترك لك أن تقرر أي ساعة تشاء».كان توني قد واجه التهديد من قبل لكن إما أن تدخل أمه أو نسيان نيلزقد أنقذه. وحh فكر الولد في الساعات التي تعقب اAدرسة وكم سـتـكـون

فارغة وشاقة وبال معنى فقد شرع في البكاء.قال نيلز: «البكاء اآلن لن يجدي». كانت عدة حيوانات أخرى قد انضمت

إلى الفيل والنمر في رقصة الفالس.قال توني: «دعك من ذلكM ليس هذا شأنك».

قال نيلز: «أنت ابني. ومن شأني أن أراك تفعل على األقل الشيء الذيينتظرمنك. لقد أخذت دروسا في الصيف اAاضي لنقلك إلى الصف األعلىوإذا لم تتحسن درجاتك فلن يتم نقلك هذه السنة. أال ترى أن �ا يعنيني

أن أراك تنقل? إذا فعلت ما تشاء فإنك حتى لن تذهب إلى اAدرسة.ستستيقظ في الصباحM وتفتح اجلهاز وتواصل اAـشـاهـدة حـتـى مـوعـد

النوم».قال توني: «أوه من فضلكM دعك من ذلكM من فضلك دعني وحدي»M ثم

أغلق التليفزيونM ودخل إلى الصالة وبدأ في تسلق الدرج.صاح نيلز: «عد إلى هنا يا ولد. عد إلـى هـنـا حـاال وإال فـسـآتـي إلـيـك

وأعاقبك».«أوه من فضلك ال تزأر في وجهه». قالت نـيـلـلـي ذلـك فـي تـوسـل وهـيتخرج من اAطبخ. «إنني أعد شرائح ضأن لذيذة شهية الرائحة وكنت أشعربأنني في حالة طيبة وسعيدة ألنكما ستحضران إلى الـبـيـت واآلن بـدأ كـل

Page 45: Al Atfal wa al2dman

45

إدمان التليفزيون

شيء ينقلب رأسا على عقب».قال نيلز: «أنا أيضا كنت أشعر بأنني في حالة طيبة. لكن لدينا مشكلة

هنا وال نستطيع أن نتخلص منها جملرد أن شرائح الضأن لذيذة شهية».ومضى إلى أسفل الدرج وصاح: «انزل يا ولد إلى هناM انزل إلى هنا تواوإال فلن يكون لديك تليفزيون طوال شهر. أتسمعني? انزل إلى هنا فورا وإال

فلن يكون لديك تليفزيون طوال شهر».هبط الولد الدرج ببطء. قال نيلز: «تعال اآلن إلى هنا واجلسM وسنتحدثفي اAوضوع. لقد قلت إنك eكنك احلصول على ساعة يومياM وكل ما يجب

عليك هو أن تقول لي أي ساعة تريد».قال توني: «لست أعرف. أنا أحب بـرنـامـج الـسـاعـة الـرابـعـة وبـرنـامـج

الساعة السادسة وبرنامج الساعة السابعة...»«أتعني أنك ال تستطيع أن تقيد نـفـسـك إلـى سـاعـة واحـدة. هـل األمـر

كذلك?»قال توني: «ال أعرف».

قالت نيللي: «أظن أن من األفضل أن تعد لي كأساM ويسكي وصودا».Mأعد نيلز كأسا وعاد إلى توني. قال نيلز: «طيب إذا لم تستطع أن تقررفسأقرر أنا لك. أوال سأتأكد أنك تؤدي واجبك اAنزلي قبل أن تفتح اجلهاز».قال توني: «أنا ال أصل إلى البيت قبل الساعة الثالثة والنصفM وأحياناتتأخر احلافلة وإذا قمت بعمل الواجب اAنزلي فسيفوتني برنامج السـاعـة

الرابعة».قال نيلز: «يا له من أمر سيئ جداM يا له من أمر سيئ جدا».

قالت نيللي: «أوه دعه وحده. من فضلك دعه وحده. لقد ناله ما يكفيالليلة».

«إنها ليست الليلة التي نتكلم عنهاM إنها كل ليلة من ليالي السنة �ا فيذلك ليالي السبوت واآلحاد والعطالت. ومادام أحد هنا ال يبدو راغبا فيالوصول إلى أي نوع من االتفاق فسوف أتخذ قرارا بنفسي. سألقي بذلك

الشيء اللعh من الباب اخللفي».صاح توني: «أوه... ال... يا أبي. أرجوك ال تفعل ذلك... أرجوكM أرجوك.

سأحاول أن أتصرف بصورة أفضل».

Page 46: Al Atfal wa al2dman

46

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

قال نيلز: «لقد حاولت منذ شهور من دون أي جناح. أنت تواصل القولإنك ستحاول أن تقلل اAشاهدة. وكل ما تفعله أن تزيد منهـا أكـثـر فـأكـثـر.ر�ا كانت نواياك طيبةM لكن ال توجد نتائج ملموسة. إلى حيث ألقت فليذهب

اجلهاز».صاحت نيللي: «أوه أرجوك يا إليوت ال تفعل ذلك. أرجوك ال تفعل. إنه

يحب تليفزيونه. أال تستطيع أن ترى أنه يحبه?»قال نيلز: «أعرف أنه يحبه. وهذا هو السبب الـذي يـجـعـلـنـي ألـقـي بـهخارج الباب. أنا أحب مشروب اجلن وأحب سجائري. لكن هذه هي السيجارةالرابعة عشرة لي اليوم وهذه هي الكأس الرابعة. إذا جلست للشـراب فـيالساعة الثالثة والنصف وشربت بانتظام حتى التاسعة مساء فإنني أتـوقـعمن أحدهم أن يقدم لي بعض اAساعدة». وفصـل نـيـلـز جـهـاز الـتـلـيـفـزيـونبعنف من القابسM ورفع الصندوق بh ذراعيه. كان اجلهاز ثقيال بالنسـبـةAقدرتهM وغير مالئم في حجمهM ومن أجل أن يحمـلـه كـان لـزامـا عـلـيـه أنيحني ظهره قليال مثل امرأة حبلى. وسار في طريقه نحو باب اAطبخ وهو

يجرجر من خلفه سلك التليفزيون.M«ال تفعل ذلـك Mال تفعل ذلك Mال تفعل ذلك Mأبي Mأبي Mصاح توني: «أوهوسقط على ركبتيه ويداه مضمومتان في وضع توسليM تقليدي ر�ا كان قد

تعلمه من مشاهدة بعض اAشاهد اAيلودرامية على شاشة التليفزيون.Mسـتـنـدم يـا إلـيـوت Mال تـفـعـل Mال تـفـعـل Mإليـوت Mصرخت نيللي: «إليوت

ستندم».جرى توني إلى أمه التي أخذته بh ذراعيها. وكان كالهما يبكي.

صاح نيلز: «أنا ال أفعل ذلـك ألنـنـي أريـده. فـأنـا بـرغـم كـل شـيء أحـبمشاهدة كرة القدم والبيسبول حh أكون في البيـت وأنـا دفـعـت ثـمـن هـذااجلهاز اللعh. أنا ال أفعل ذلك ألنني أريده. أنا أفعل ذلك ألنني مضطر إلى

ذلك».«ال تنظرM ال تنظر»M قالت نيـلـلـي ذلـك لـتـونـي وهـي تـضـغـط رأسـه فـي

تنورتها.كان الباب اخللفي مغلقاM واضطر نيلز كي يفتحه إلى وضع اجلهاز علىاألرض. وكان صوت اAطر يسمع عاليا في الفناء. ورفع نـيـلـز اجلـهـاز مـرة

Page 47: Al Atfal wa al2dman

47

إدمان التليفزيون

أخرى في مشقة بالغةM وفتح احلاجز برفسة من قدمه وألقى بالتليفـزيـونإلى اخلارج في الظالم. وسقط اجلهاز على الرصيف األسـمـنـتـي لـلـشـارعمحطما في دوي قوي شبيه باAوسيقى الزجاجية الناجمة عن تصادم سيارة.وصعدت نيللي بتوني الدرج إلى حجرة نومها. حيث ألقت بنفسهـا إلـىالفراش وهي تنشج. وانضم توني إليها. وأغلق نيلز باب اAطبخ على صوت

.(٥)اAطر وصب لنفسه كأسا أخرىM قائال: اخلامسة

Page 48: Al Atfal wa al2dman

48

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

القسم الثانيالتلفزيون والطفل

Page 49: Al Atfal wa al2dman

49

التفكير اللفظي وغير اللفظي

التفكير اللفظي وغير اللفظي

إعادة زيارة «شارع السمسم»كـانـت األسـرة فـي مـا مـضـى سـاحـة الـتـدريــبالوحيدة لتنمية لغة األطفال. وكان من اAفهوم أنـهMوقـرأوا لـهـم Mكلما تكلـم اآلبـاء أكـثـر مـع أطـفـالـهـمواستمعوا لهمM زاد احتمال أن يتعلموا استعمال اللغة

بصورة جيدة.ومادامت الكلمات والعبارات اAشابهة لتلك التييتكلمها اآلباءM في أيامـنـا هـذهM تـصـدر عـن جـهـازالتليفزيونM صار آباء كثيرون يعتقدون أن األطفالالصغار سيفيـدون إفـادة كـبـيـرة �ـاثـلـةM إذا أولـوااهتمامهم لبرنامج تليفزيوني على غرار ما يحدثحh يقضون ذلك الوقـت فـي الـتـحـدث واإلصـغـاءإلى شخص حقيقي في احلياة الواقـعـيـة. والـواقـعأنه مع التقبل العام تقريبا لبرنامج «شارع السمسم»MدرسةAكتجربة تربوية إيجابية ألطفال ما قبل سن اشعر كثير من اآلباء أن مشاهدة البرامج التليفزيونية«التربوية» ر�ا تكون عمال عقليا يفوق في جـدواه

أي عمل آخر قد يوفرونه هم.ومع ذلك فإن النتائج التربوية لبرنـامـج «شـارعالسمسم» جاءت مخيبة لآلمال. ذلك أن توقع جناحالبرنامج في ردم الهوة بh أطفال الطبقة الوسطى

4

Page 50: Al Atfal wa al2dman

50

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

الذين حصلوا على فرص لفظيـة وافـرة فـي الـبـيـتM وبـh أولـئـك األطـفـالاحملرومh من فرص كهذه لم يتحققM على الرغم من التخطيط للـبـرنـامـجبعناية على أيـدي أبـرز وأفـضـل االخـتـصـاصـيـh فـي شـؤون الـطـفـل درايـةواطالعا. فاألطفال الفقراء لم يلحقوا بأقرانهم األكثر <يزاM بل لم يحققوامكاسب تذكر من أي نوعM على الرغم من حرصهـم عـلـى مـشـاهـدة «شـارعالسمسم» سنة بعد أخرى. ولم جتد اAدارس ضرورة إلدخال تعديالت علىمناهج الصـف األول بـهـا كـي تـتـالءم مـع صـنـف جـديـد مـن أطـفـال «شـارعالسمسم» األذكياءM ذوي اإلعداد اجليد ومستويات النضج اللغوي الرفيعـة(االعتقاد الذي ساد في السنوات األولى للبـرنـامـج). فـعـلـى الـرغـم مـن أناألطفال يبدون قدرا معينا من التحسن في <ييز احلروف واألعداد نتيجةللبرنامجM فإن مهارتهم اللغوية ال تدل على حتقيق أي مكاسب مهمة مستمرة

في أثناء تقدمهم في اAدرسة.Aاذا يواصل اآلباء واAربونM في ضوء هذه اAكاسب اAتواضعةM االعتقادبشدة بأن لهذا البرنامج التليفزيوني على وجه اخلصـوص قـيـمـة عـظـيـمـةلألطفال الصغار? أغلب الظن أن جانـبـا كـبـيـرا مـن االعـتـقـاد الـواسـع فـيفعالية برنامج «شارع السمسم»M التربويةM ينبع من تقييمات دعائية عالـيـة

the Educational Testing Systemلنتائج البرنامج أجراها قسم االختبار التربوي

في عامي ١٩٧٠ و ١٩٧١. فقد أظهرت هذه النتائج أن اAشـاهـديـن الـصـغـارلـبـرنـامـج «شـارع الـسـمـسـم» حـقـقـوا مـكـاسـب عــظــيــمــة بــفــضــل جتــارب

.(١)مشاهدتهم نشرت في عام M١٩٧٥ ضمن مشروعRussel Sage Foundationلكن مؤسسة

أكبر لدراسة طرائق تقييم ومراجعة البحوثM نتائـج إعـادة تـقـيـيـم مـدقـقـةSesameلتقييم االختبار التربويM وذلك في كتاب «إعادة زيارة شارع السمسم»

Street Revisited(٢)وهم يتقصون جاهدين خطى باحثي MؤلفونAواكتشف ا .قسم االختبار التربويM بعض التناقضات اAهمة التي دفعتهم إلى االرتياببجدية في النتائج األصليةM اإليجابية لـلـغـايـة فـيـمـا يـتـعـلـق بـتـأثـيـر «شـارع

السمسم».وقد وجد مؤلفو الكتاب أن مجموعة األطفال التي شاهدت أغلب ساعات«شارع السمسم» في دراسة قسم االختبار الـتـربـويM والـتـي أظـهـرت أكـبـر

Page 51: Al Atfal wa al2dman

51

التفكير اللفظي وغير اللفظي

اAكاسب اAعرفية لم تشاهد هذا العدد الكبير من الساعات �حض اAصادفة.فقد كانت هذه اجملموعة مجموعة جتريبية منتقـاة خـصـيـصـا � تـشـجـيـعأفرادها على اAشاهدة بطريقة معينةM ولقوا اهتماما إضـافـيـا عـلـى شـكـلزيارات شخصيةM ومواد ترويحيـةM ومـا إلـى ذلـك. وفـضـال عـن هـذاM فـقـدعرف آباؤهم أنهم يشاركون فـي بـرنـامـج بـحـثـيM وهـكـذا كـانـوا أقـرب إلـىإشراك أنفسهم في مشاهدة أطفالهم. ومن ثم يبدو أن هؤالء األطفال ر�اأظهروا مكاسب ليس بسبب اAادة التي شاهدوهاM بل نتيجة لتدخل الكبار

الذي تعرضوا له.ويرى مؤلفو «إعادة زيارة شارع السمـسـم»M أن اAـكـاسـب الـتـي حـظـيـتبدعاية واسعة كدليل على فاعلية البرنامج تعود في الواقع إلى الـتـشـجـيـعالذي رافق التجربة ال إلى التأثيرات الفعليـة Aـادة الـبـرنـامـج. بـيـد أن ثـمـةنتيجة أخرى تدعم وجهة النظر هذه: فمن بh األطـفـال «الـذيـن لـم يـلـقـواMتشجيعا» وشاركوا في التقييم األصلي الذي أجراه قسم االختبار التربويأظهر عدد �ن يشاهدون البرنامج بكثرة مكاسب أقل في اAهارات اAعرفية

من مشاهدين آخرين قليلي اAشاهدة! وتشكل فكرة فشل «شارع السمسم» في حتقيق أهدافه اAعلنة من أجلتعزيز النمو اAعرفي لألطفال وتضييق هوة التحصيل صدمة آلباء كثيرين.وليس من اAدهش أن يالحظ اAؤلفون أن نتائجهم تواجه في أحيان كثيـرةبالشك أو اإلنكار التام من جانب آباء األطفال الذيـن لـم يـدخـلـوا اAـدرسـةبعد. ويقدم اAؤلفون عددا من التفسيرات لرفض اآلباء االقتناع بأن «شارعالسمسم»M على رغم ما يحتويه من تسلية مبهجة ألطفالهم الصغارM ال يوفر

لهم خبرة تعليمية ذات قيمة خاصة:- إن اآلباء يتأثرون كثيرا بأي قسط من التعليم يحققه أطفالهم في هذهالسن اAبكرةM بصورة جتعلهم يخرجون من تعلم أشياء قليلة من الـبـرنـامـج

إلى إطالق تعميمات عن مكاسب تعليمية أبعد بكثير.- ر�ا يكون األطفال قد تعلموا بعض األشياء ـ التي بدا أنهم تعلمـوهـا

من البرنامج ـ من االستكشاف البيئي ليس غير.- إن اAكاسب اAتواضعة فـي <ـيـيـز احلـروف واألرقـام الـتـي تـنـتـج عـنمشاهدة «شارع السمسم»M تقود اآلباء خطأ إلى افتراض أن األطفال يحققون

Page 52: Al Atfal wa al2dman

52

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

مكاسب في مجاالت معرفية عامة أكثر.- إن اآلباء يتأثرون بشهادة أصدقائهم بشأن مكاسب أطفالهم من مشاهدة

«شارع السمسم».وأشار اAؤلفون أيضا إلى احملـابـاة الـصـحـفـيـة الـتـي حـظـي بـهـا «شـارعالسمسم» منذ بدايته. وكتب اAؤلفون: «إذا كانت مواقف وأفكـار اآلبـاء قـدتأثرت فعال بهذه الدعايةM فر�ا تكون قد أسهمت أيضا باجتاه اAبالغة فيتقييم تأثيرات البرنامج». ويثير االنتباه أنه بينما لقيت النتـائـج اإليـجـابـيـةلدراسة قسم االختبار التربوي اهتماما جليا في الصحافة الشعبيـةM فـقـد

الصادرة عن مؤسسةRussel Sageجتاهلت هذه الصحافة حتى اليوم دراسة علمية محترمة مكافئة إن لم تكن أكبر.

وفي حh واصل «شارع السمسم» جـذب جـمـهـور هـائـل مـن األطـفـال ـhائة من األطفال األمريكيAفي ا hيوحي استطالع حديث للرأي أن ثمانما بh سن سنتh وخمس سنوات يشاهدون البرنامج ـ فإن قلة من األصواتاستمرت في إثارة التساؤالت بشـأن تـأثـيـر الـبـرنـامـج فـي األطـفـال الـذيـن

Bank Streetيشاهدونه. ور�ا تكون الراحلة دوروثي كوهـMh األسـتـاذة فـي

School of Educationأول اختصاصية في شؤون الطفل تنتقد عالنية بنـيـة Mالبرنامج ذات اللقطات السريعةM واحلركة الالهثة. فقـد كـتـبـت فـي بـحـثاستحوذ على اهتمام واسع من اAربh: «في الوقت الذي يدخل معظم األطفالإلى الرياض وحتى إلى مدارس احلضانة وهم eيزون احلروف نتيجة للتوكيدالذي يوليه «شارع السمسم» لهذا التميـيـزM فـهـنـاك أيـضـاM إذا كـان لـنـا أن

وزيادة في اجلري(*)نصدق اAعلمh ذوي اخلبرةM تناقص في اللعب التخيليدو�ا هدفM وعـزوف عـن مـواد الـلـعـبM وضـعـف فـي الـقـدرة عـلـى حتـمـل

.(٣)اإلحباطM وتدن في اAثابرةM وتشوش حيال الواقع واخليال»وترى دوروثي وجيرومي سنجرM وهما اختصاصيـتـان فـي عـلـم الـنـفـس

M أنYaleوتديران مركز األسرة للبحوث التليفزيونية واالستشارات بجامعة البرامج سريعة اإليقاعM على شاكلة «شارع السمسم» ال تترك إال القليل منالوقت لالستجابة والتأملM وهما عنصران مهمان فـي اخلـبـرة الـتـعـلـيـمـيـة

: لعب يغذيه خيال الطفل وخاصة بh ٣ ـ ٤ سنوات من العمرM كأنimaginative play(*) لعب تخيلي يركب عصا متخيال إياها حصانا.... (قاموس التربية).

Page 53: Al Atfal wa al2dman

53

التفكير اللفظي وغير اللفظي

للطفلM وتؤكدان أن «شارع السمسم» يخلق توجها سيكولوجيا لدى الطفـلM ونقص التلقائية وتوقع تغيير سريـع فـي(*)يفضي إلى تقليل سعة االنتـبـاه

البيئة األوسع. وحتذر االختصاصيتان اآلباء ذوي النوايا الطـيـبـة الـذيـن اليسمحون ألطفالهم إال �شاهدة «شارع السمسم» (مع تكرار العرض الذيقد يستغرق ما بh ساعتh وأربع ساعات يوميا)M من أنهم ر�ا يشـجـعـونذلك اإلثارة الزائدة والسلوك الهائج. وفـضـال عـن ذلـكM فـقـد عـبـرتـاM فـيمقابلة صحفيةM عن حتفظ مهم آخر بشأن «شارع السمسم»: فـالـبـرنـامـج

.)٤(ببساطة ال يعد األطفال للتعلم أو اللعب جيدا بعد إغالق جهاز التليفزيون»

إلى أي مدى يفهمون؟في ضوء زيادة األدلة علـى أن مـشـاهـدة أطـفـال مـا قـبـل سـن اAـدرسـةللتليفزيون ال تؤدي إلى حتقيق مكاسب تعليمية جوهريةM يبرز السؤال: إلىأي مدى يفهم أطفال السنوات الثالث واألربع فـعـلـيـا مـا يـشـاهـدونـه عـلـىشاشة التليفزيون? إن عددا من الدراسات اخلاصة بفهم األطفال الفـعـلـيللمادة التليفزيونية يخلص إلى أنه في الوقت الذي يستمـتـع فـيـه األطـفـالحقا �شاهدة برامج معينة أعدت خصيصا جملموعتهم العمريةM وقد يكونونفي حالة تنبيه تام أثناء اAشاهدةM إال أن فهمهم Aـا يـحـدث عـلـى الـشـاشـة

ضئيل جدا في الواقع.وقد � في إحدى الدراسات قياس مدى فهم أطفال ما قبل سن اAدرسةلبرنامج إعالمي تليفزيوني مخصص جملموعتهم العمرية باستخدام طريقةتقييم مقننة. وكانت النتيجة أن أغلبية األطفال فهمت أقل من نصف اAعلوماتموضوع االختبار. وAا لم يظهر األطفال الذين وجهت إليهم بعض األسئـلـةأثناء البرنامج استيعابا أفضل من أولئك الذين طرحت عليهم جميع األسئلةMوليـس الـفـهـم Mفقد استبعد احتمال أن تكون الذاكرة Mعند نهاية البرنامج

.(٥)هي العامل احلاسموفي دراسة أخرى عرضت حكاية خيالية مدتها عشرون دقيقة من ذلكMالنوع الذي يشاهد عموما في التليفزيون على أطفال كانت أعمارهم أربع

: اAدة التي يستطيع فيها الشخص التركيز على نشاط ما بـصـفـةattention span(*) سعة االنتبـاه مستمرة.

Page 54: Al Atfal wa al2dman

54

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

وسبعM وعشر سنوات. وعقب مشاهدة الفيلم أظهر اختـبـار فـهـم األطـفـالللقصة أن عشرين في اAائة فقط �ن لديهم أربـع سـنـوات فـهـمـوا صـلـباحلكاية. أما األطفال األكبر سنا فقد كان فهمهم أعلى بـكـثـيـر. واسـتـنـتـجأصحاب الدراسة أن «أطفال مـا قـبـل سـن اAـدرسـة عـجـزوا عـن تـذكـر مـاشاهدوه بدقة ما أو عن تقدt تفسير صحـيـح ألسـبـاب قـيـام شـخـصـيـات

.(٦)الفيلم �ا قامت بهوفي دراسة ثالثة عرض على أطفال في سن الرابعة فيلم تضمن قـيـامرجل �جموعة من األعمـال مـثـل بـنـاء نـوع خـاص مـن األبـراج ذات الـكـتـلاAنفصلةM ووضع دمية فوق القمةM ثم السير بعيدا. واشـتـمـل الـفـيـلـم عـلـىعشرين عمال �اثال. وقد قيل لألطفال قبل اAشاهدة إنه سيطلب مـنـهـمفيما بعد عمل ما فعله الرجل في الفيلم. لكن األطفال لم يتعلموا األنشطةhشاهدتها في الفيلم. واستطاعوا فقط إعادة <ثيل ستة أعمال مـن بـ�

األنشطة العشرين.ومن ناحية أخرىM فإن مجموعة ثانية من األطفال ذوي السنوات األربعشاهدت األفالم في صحبة أحد اAشرفh على التجربة. وقام هذا اAشرفبتقدt وصف شفهي لكل عمل بالصورة التي كان يؤدى بها في الفيلم. وقدأظهرت هذه اجملموعة فهمـا أكـبـر إلـى حـد بـعـيـدM أو عـلـى األقـل كـان فـيمقدورها تذكر اAادة الفيلمية. وأظهر هؤالء األطفال زيادة نسبتها خمسونفي اAائة في القدرة على إعادة <ثيل األنشطة اAصورة في الفيلم بصـورة

.(٧)صحيحةوبينما يجد الباحثون أن فهـم األطـفـال وتـذكـرهـم Aـا يـشـاهـدونـه عـلـىالتليفزيون يزداد مع زيادة العمرM تبh النتائج احلديثة أن األطفال حتى سنالثامنة ال يتذكرون الكثير �ا يشاهدونه ويسمعونه في التليفزيونM وحتىفي برامج مصممة خصيصا لألطفال مثل «شارع السمسم» فإن قدرة أطفالسن ما قبل اAدرسة واحلضانة على التذكر ضعيفة جداM على نحو يـوحـي

.(٨)بأن الفهم ضعيف أيضاو�ا ال ريب فيه أن لدى اآلباء دليال خاصـا عـلـى قـصـور الـفـهـم عـنـدأطفالهم الصغار: فهم يرونهم منهمكh في برامج ال eكـنـهـم فـهـمـهـا بـأي

حال.

Page 55: Al Atfal wa al2dman

55

التفكير اللفظي وغير اللفظي

تروي إحدى األمهات:«ابني ذو السنوات األربع يحب التليفزيون ويهيمM به وسيواصل اAشاهدةطوال الساعات األربع والعشرين إذا سمحنا له بذلك. وعصر أمس شاهدالقمة االقتصادية اAصغرة على شاشـة الـتـلـيـفـزيـونM والبـد أن يـكـون اAـرء

مجنونا لكي يجلس هناك ويشاهدهمM حتى وإن فهمهم!»ويقول أب لديه طفل في اخلامسة:

كنا نستلقي في الفراشM ابني وأناM في الليلة اAاضيةM ونشاهد برنامجاعن اإلضراب العمالي في كورنولM وكان الطفل مفتونا <اما. وقلت له «هل

تود أن أشرح لك هذا? فقالM كال يا أبتيM أنا أشاهد فحسب.فإذا كانت مشاهدة «شارع السمسم» ال حتقق النوع نفسه من اAكاسب

اAعرفية الذي تتيحه اخلبرات اللغوية الواقعيةM وإذا كان األطفال الصـغـاريقضون آالف الساعات في مشاهدة برامج ال يفهمـون مـضـمـونـهـاM فـمـاذايحدثM إذنM حh يشاهدون التليفزيون? أي نوع من النشاط العقلي ينشغلونبه في أثناء اAشاهدة التليفزيونية? وما هو تأثر اندماجهم في هذا الشكلبذاته من أشكال النشاط العقلي على �وهم الذهنيM فـي حـh أنـه شـكـل

يختلف كثيرا عن جميع نشاطات اليقظة األخرى?

نصفا كرة الدماغحh يريد األطفال معرفة السبب الذي يحول بينهم وبh مشاهدة كل مايريدون على شاشة التليفزيونM يلجأ اآلبـاء فـي أحـيـان كـثـيـر إلـى إجـابـاتتوحيM وفي دعاية زائفةM بأن اAشاهدة التليفزيونية الزائدة سيكون لها أثرمؤذ في الدماغ. وكثيرا ما يستخدم اآلباء في محاولة التعبير عن شعورهمالغامض بالقلق الذي ال يكاد يجد تعبيرا عنه جتاه التجربة التـلـيـفـزيـونـيـةعبارات مثل «سوف يجعل ذلك من قدرتكم العقلية عصيدة» و«سوف تفسد

الدماغ».إن اآلثار احملتملة لغزارة االنغماس في مشاهدة التلـيـفـزيـون عـلـى �ـودماغ الطفل ال تكمن بوضوح في جانب فساد الدماغ أو «عصيدة الدماغ».فمثل هذه النتيجة البد أن تكـون قـد بـاتـت جـلـيـة اآلنM وقـد بـلـغ جـيـل مـناألطفال شب وهو يشاهد التليفزيون سن النضج مـن دون ظـهـور عـالمـات

Page 56: Al Atfal wa al2dman

56

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

على وجود اجتاه هابط في الذكاء الشامل. ومع ذلك فثمة جوانب في �وMنتظم للتجربة التلـيـفـزيـونـيـةAالدماغ قد تتأثر بصورة جوهرية بالتعرض ا

. ويتصلIQ testوإن كان ال eكن قياسها عن طريق اختبار معامل الـذكـاء بعض هذه اجلوانب بالطرائق اخلاصة التي تنظم عمل الدماغ في التعاملمع اAادة اللفظية وغير اللفظية. وقد يتيح فهم جوانب معينة في فسيولوجية

الدماغ توضيح التأثير العصبي احملتمل للتجربة التليفزيونية.M وهي ذلك اجلزء من الدمـاغ اAـسـؤولcerebral cortexإن قشرة الدمـاغ

Mعن أشكال التفكير العليا التي <يز الكائنات البشرية عن احليوانات الدنياليست وحدة منفصلة. فهي تتكون من نصفي كرة مستقلh تربطهما حزمةMhوالرئت hتماثلة كالكليتAمعقدة من األنسجة. غير أنها بخالف األعضاء االلتh يكون كل جزء منهما نسخة مطابقة دقيقة من اآلخرM فإن لكل نصفمن الكرة الدماغية عددا من الوظائف الفريدة واAتخصصـة. فـكـل نـصـفMقابل من اجلسمAمن كرة الدماغ يتحكم في احلركات الفيزيائية للجانب انصف الكرة األيسرM مثالM يرسل إشارة تسمح لك بأن ترفع يدك اليمنى أوحترك قدمك اليمنىM بينما يتحكم نصف الكرة األeن في جميـع حـركـات

اجلانب األيسر من اجلسم.لكن أهم فرق بh نصفي كرة الدماغ األيسر واألeن يتعلق بتحكم الدماغفي اAادة اللفظية وغير اللفظية. فنصف كرة الدماغ األيسرM كما نعرف منذوقت طويلM يدير معظم أنشطة الدماغ اللفظية واAنطقية. ولهـذا الـسـبـبفإنه كثيرا ما يسمى نصف الكرة «اAسيطر». أما الوظائف احملددة لنصفالكرة األeن فليست مفهومة بهذا القدر من الوضوحM لكن من اAعروف أنهامرتبطة باألنشطة اAكانيةM والبصريةM ور�ا باألنشطة الوجدانية. وهكـذافإنه حh يتعرض شخص لسكتة دماغـيـة فـي نـصـف كـرة الـدمـاغ األيـسـرفهناك احتمال كبير ألن يفقد هو أو هي كل قدرة لغويةM بينما سيؤدي وقوعMمثال Mن إلى فقدان القدرة على <ييز الوجوهeأذى بنصف كرة الدماغ األأو األشكالM أو بعض القدرات اAوسيقية مثل <يـيـز الـنـغـمـات. وقـد يـجـد

البصرية أو اللمسية بعد جـراحـة فـي(*)اAرضى صعوبة في حل اAتـاهـاتنصف كرة الدماغ األeنM في حh يكون األداء أفضل في اختبارات من هذا

: أداة فيها شبكة من اAمرات اAعقدة تستخدم في التجارب على التعلم.maze(*) متاهة

Page 57: Al Atfal wa al2dman

57

التفكير اللفظي وغير اللفظي

القبيل لدى اAرضى الذين جترى لهم عمليات �اثلة في نصف كرة الدماغاأليسرM إال أنهم يظهرون تناقصا في الـقـدرات فـي االخـتـبـارات الـلـفـظـيـة

.mathematicalوالرياضية و�ا ال شك فيه أن الكثير من الثنائيات الواضحة في الطبيعة البشريةواالختالفات الكيفية اAوجودة في طرائق العمل العقليM تكمن جذورها فيMنوعان MثالAعلى سبيل ا Mالتنظيم الال متماثل بصورة خاصة للدماغ. فهناك

ـ(*) : لفظـــيIQ testمن «الذكاء»M كما يقاس في اختبـارات مـعـامـل الـذكـاء M وبصورة متفاوتة توهب لـكـثـيـر مـن الـنـاس واحـدة أو(**)منطقـي ومـكـانـي

.(٩)أخرى من هذه القدرات. وقد يكون Aثل هذا التباين أساس عصبي ويضفي التقسيم الواضح للذاكرة اإلنسانية إلى فئتh ـ لفظية وبصريةـ اAزيد من الدعم لفكرة وجود طريقتh منفصلتh للتفكير. ويظهر الدليلالتجريبي أن العمليات التي تندرج في تذكر ما نشاهده تختلف <ـامـا عـن

. وينعكس هذا التباين(١٠)تلك التي نتذكر بها ما نقرأه أو نسمعه ككلمـات في حياتنا اليومية في خبرة التعرف الـعـامـة عـلـى وجـه شـخـص سـبـق لـنـاااللتقاء به (ذاكرة بصـريـة)M أو الـفـشـل فـي تـذكـر اسـم الـشـخـص أو حـتـى

ظروف اللقاء األصلي معه (ذاكرة لفظية).M وهي تلك الصور الـبـصـريـةeidetic imagesإن ظاهرة الصور الـذهـنـيـة

غير العادية التي يبدو أن بعض األطفال يحتفظ بها في خياله عقب النظرإلى شيء ماM الصور التي تستمر لثوان كثيرةM أو ر�ا لدقائق في شكل كاملإلى حد eكن معه إعطاء وصف أكثر تفصيال لها بكثير �ا لو كان الطفليتذكر فحسبM تلك الصور تقدم دليال إضافيا على وجـود انـقـسـام ثـنـائـيلفظي ـ بصري في دماغ اإلنسان. وقد اكتشف الباحثون أن األطفال الذينوهبوا ذاكرة ذهنية بصرية حh يعبرون لفظيا عن اAادة التي يشاهدونها ـأي حينما ينعتون أو يطلقون اسما على الصور الذهنية لديهم ـ فإن الشيء

.(١١)الذي حمل التسمية يختفي في احلال من الصورةلكن تخصص نصفي كرة الدماغM مصحوبا بشكلh مستقلh من التنظيم

: اختبار ذكـاءVerbal intelligence test. االختبار اللفظي للـذكـاء Verbal intelligence(*) ذكاء لفظـي يعتمد على اللغة في الفهم أو التعبير أو كليهما (قاموس التربية).

: لقياس إدراك الطفل للعالقات اAكانية.spatial test(**) اختبار مكاني

Page 58: Al Atfal wa al2dman

58

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

العقليe Mيز دماغ الكبار فقط. ذلك أن الوضع مختلف جدا فيـمـا يـتـعـلـقبدماغ الطفل الصغير.

الفترة االنتقاليةال يولد الطفل بدماغ يقوم فيه كل من نصفـي الـكـرة بـوظـيـفـة مـتـمـيـزةومتخصصة. فعند اAيالدM ال eتلك الطفل الرضيعM طبعاM أي قدرات لفظية.ولذلك فإن أيا من نصفي كرة الدماغ ال eكن <ييزه بأنه النصف «اAسيطر»أو اللفظي. ومن الواضح أن شكال غير لفـظـي مـن الـعـمـل الـعـقـلـي يـسـبـقاللفظي في التطور الباكر لألطفالM ألنهم يجب أن يستخدموا شكال ما من«التفكير» غير اللفظي في حياتهم اليوميـة قـبـل وقـت طـويـل مـن اكـتـسـاب

اللغة.من الصعب أن نتخيل ما يدور في عقول األطفال قبل أن يتعلموا الكالمأو فهم الكلمات. فإدراكنا احلسي للتفكير متصل اتصاال ال ينفصم بفـكـرةوجود نوع ما من اللغة الداخليةM إلى حد أنه «ال مجال للتفكير» في طبيعةالتفكير غير اللفظي تقريبا. ومع هذا فإن هناك دليال جتريبيا يثبت وجوده.فقد بh الباحثون أن األطفال الرضعM وهم بعد في سن ثالثة أشهرe Mكنهمالتمييز بh صور وجه إنساني مألوف وبh صورة مـغـايـرةM ولـنـقـلM صـورة

. والبد أن شيئا قريبا من التفكير يـحـدث حـh يـقـارن(١٢)ذات ثالث عيـوناألطفال الرضع بخبرتهم الداخلية صورة الوجه «اخلطأ» بالوجوه اإلنسانيةاAألوفة. والبد أن «فكرة» ما عن وجه إنساني مألوف ذي عينh توجد فيذهن الطفلM صورة غير مصحوبة بكلمـات (إذ ال يـزال الـطـفـل يـبـعـد عـدةأشهر عن اكتساب اللغة)M بيد أنها تنشط بطريقة ما بفعل الصورة اAغايرة.هكذا يتعلم األطفال. وسوف يواصلون تشرب اخلبرة عن طريق شكل غير

لفظي من التفكير حتى يجيء وقت اكتساب اللغة.وبحلول عيد اAيالد الثاني للطفلM تكون اللغة قد صارت قوة مهيمنة فيحياته. ويسيطر التصنيف الرمزي جلميع األشياء واألحداث على اجلهـود

العقلية اعتبارا من هذه اAرحلة فصاعدا.وفي الوقت الذي يبدأ فيه الطفل في اكتساب اللغةM يبدو كل من نصفيالكرة اللذين تضمهما قشرة الدماغ وقد �ت طاقته اللفظية بصورة متساوية.

Page 59: Al Atfal wa al2dman

59

التفكير اللفظي وغير اللفظي

وقد عرف الباحثونM على سبيل اAثالM أن اإلصابات التي قد تلحق بنصفالكرة الدماغية األيسر لدى األطفال حتت سن سنـتـMh لـن يـزيـد ضـررهـاعلى تطورهم اللغوي في اAستقبل عن تلك التي تصيب نصف الكرة الدماغيةاألeنM في حh أن الكبار الذين يتعرضون إلصـابـات �ـاثـلـة يـعـانـون مـنخسائر لغوية دائمة. أما األطفال الذين يـتـعـرض نـصـف الـكـرة الـدمـاغـيـةاأليسر لديهم إلصابة بعد بداية اللغة ولكن قبل السنة الرابـعـة مـن الـعـمـرفقد يعانون صعوبات لغوية مؤقتةM غير أنه يتم استعادة اللغـة فـي غـالـبـيـةاحلاالت تقريبا. وحتمل اإلصابات التي يتعـرض لـهـا الـدمـاغ قـبـل مـرحـلـة

الرشد اAبكر أيضا بشرى طيبة باستعادة القدرة اللغوية.لكن أفق اAستقبل يلوح قا<ا حh يحدث األذى بعد هذه الفترة احلرجة.فأيا كانت العاهة التي تعرض لها اAصاب فإنها تظل عموما عاهة مستدeةيتعذر تعويضها. وAا كان الدليل العصبي يظهر أن الدماغ يصل إلى احلالةالنهائية لنضجه من حيث البنية والكيمياء احليوية حـh يـكـون الـعـمـر فـيحدود اثنتي عشرة سنةM يتضح أن هناك وظائف معينة مثل تخصص الدماغ

تنحصر في مكانها في ذلك الوقت.Mجرد �و اللغة يبدأ الدماغ في التخصص�ومن اAعقول أن نفترض أنه ويشرع التفكير اللفظي في أداء دور متـزايـد األهـمـيـة فـي تـطـور األطـفـالاAعرفي. ومع القدرة على التكلم والفهمM تصبح مشاركة األطفال أكثر نشاطافي التفكير وتطور اAعاني العامةM ويكف التفكير غير اللفـظـي عـن الـقـيـامبوظيفته األصلية كمصدر أساسي للتعلمM وهنا تبدأ رحلة التطـور الـعـقـلـيالتي تعh بصورة فريدة هوية كل طفل ككائن بشري ـ فاحليواناتM برغم كل

شيءM تعتمد بال استثناء على أشكال التفكير غير اللفظي.لكن الشكل األول للعمل العقلي للجسمM أي طريقة التفكير غير اللفظيالتي تعمل حh يتصرف الطفل بانتباه بارز حيال وجه ذي ثالث عـيـونM اليتالشى ببساطة حh يبدأ التفكير اللفظي. فمـمـا ال ريـب فـيـه أن شـكـلـيالتفكير يستمران في العمل جنبا إلى جنب طوال احلياةM ولكن كال منهـمـاhحتت رعاية نصف كرة مختلف من الدماغ. ويستخدم التفكير اللفظي حتكون الكلماتM والرموزM واAنطقM أو التنظيم البؤري مطلوبة. وeكـن رؤيـةالعمل غير اللفظي حh ينتقل الذهن إلى حالة مختلفة كيفاM كتلك اللحظات

Page 60: Al Atfal wa al2dman

60

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

التي يبدو فيها اAرء وقد غمرته أحاسيس غير مصحوبة باAمارسات العقليةالعادية أو االستنتاجات اAنطقية. فالتحديق في مدفأة مشتعلة مثال عـلـىشكل العمل غير اللفظي: يدرك العقل ارجتافات اللهب اAتغيرة ـ مستقبالتالدماغ احلسية تتلقى بوضوح اAثيرات البـصـريـة ـ ومـع ذلـك ال حتـدث أي�ارسات لفظية. ذلك أن أداء العمل يجـري بـواسـطـة طـريـقـة تـشـغـيـل ال

تتطلب سوى التلقي والقبول.

تغييرات الدماغلو أن األطفال شاركوا في نشاط متكرر لـتـزجـيـة الـوقـتM نـشـاط غـيـرلفظي وبصري في اAقام األولM خالل سنوات التكوين حh يكون الدماغ فيمرحلة انتقالية من حالته األصليةM غير اAتخصصة إلى أخرى يضطلع فيهاكل من نصفي الكرة الدماغية بوظيفة محددةM ولو أنهمM في الواقعM يتلقونإثارة زائدة ألشكال العمل العقلي في نصف الكرة الدماغـيـة األeـنM فـهـل

eكن أال يكون لذلك تأثير ظاهر في �وهم العصبي?إن هذا السؤال يقتضي التفكير ألن ثمة أسبابا لالعتقاد بأن اAشاهدةالتليفزيونية هي في األساس جتربة غير لفظيةM بصرية من هذا النوع فيحياة األطفال الصغار. فاحلالة الشبيهة بالغشية التي <يز سلوك اAشاهدةعند كثير من األطفال توحي بأن اAعرفة النشطة حتل محلها مؤقـتـا حـالـةذهنية أقرب إلى التأمل أو غيره مـن احلـاالت الـوسـيـطـة األخـرى لـنـصـفالكرة الدماغية األeن. وفضال عن ذلكM فإن استخدام التليفزيون كوسيلةتهدئة وكعالج مخفف لالستثارة الزائدة عند األطفال وكمسـكـن لـألطـفـال

اAزعجMh يؤكد اجلوهر غير اللفظي للتجربة التليفزيونية.وهـنـاك دلـيـل إضـافـي عـلـى الـتـأثـيـر غـيـر الـلـفـظـي لـتـجـارب األطـفـالالتليفزيونية نراه في فشل التليفزيون في العمل كـبـديـل كـاف عـن الـفـرصاللغوية الواقعية. يذكر مدير مركز هارلم لألطفال احملرومh من الرعـايـةفي سن ما قبل اAدرسة أن األطفال يصلون إلى مدرسته واحدا بـعـد آخـروهم بكم عملياM عاجزون عن التفوه بجملة واحدة مفهومةM على الرغم منأن الفحوص الطبية ال تظهر وجود أي قصور مرضيM سواء كان جسديا أمMعقليا. ويالحظ أنه «عادة ما يتم تشخيص احلالة على أنها عيب في النطق

Page 61: Al Atfal wa al2dman

61

التفكير اللفظي وغير اللفظي

لكنني في أغلب األحيان وجدت أن ذلك ببساطة نتيجة االستماع إلى لـغـةإجنليزية سقيمةM وعدم سماع أي شيء سوى التليفزيونM وبالكاد عدم التحدث

.(١٣)إليهم على اإلطالق...»لو أن تلك اآلالف واآلالف من الساعات التي يقضيها األطفال الصغارفي مشاهدة التليفزيون كانت مصدرا للتنبه اللفظي وساعـدت فـي تـنـمـيـةاAراكز اللفظية للدماغM ولو أن جميـع تـلـك الـكـلـمـات والـعـبـارات اجلـمـيـلـةالناضجة التي تصدر من جهاز التليفزيون عملت بصورة فعالة كـمـا يـعـمـلاحلديث الواقعي واإلصغاءM لكان من اAؤكد عندئذ أن ينشأ جيل قادر علىالتعبير عن نفسه بلباقة ووضوح. بيد أنه يبدو أن ذلك لم يحدث. والواقعأن دراسة جيدة التحـكـيـمM كـان هـدفـهـا اسـتـجـالء الـعـالقـة بـh اAـشـاهـدةالتليفزيونية ولغة الكالم لدى أطفال ما قبل سن اAدرسةM كشفت عن عالقةعكسية بh وقت اAشاهدة واألداء في اختبارات النمو اللـغـوي. فـفـي تـلـكالدراسة أظهر األطفال الذين شاهدوا التليفزيون بكثرة في اAنزل مستويات

. ونقدم دليال إضافيا من خالل نظرة نلقيها الحقا في هذه(١٤)لغوية متدنيةالصفحات على «جيل التليفزيون»M وهي نظرة توحي بأن نقصا خطيرا قدحدث في القدرات اللفظية لهـؤالء األطـفـال الـذيـن شـبـوا وهـم يـشـاهـدون

التليفزيون لفترات طويلة.Aاذا ال يفيد األطفال الذين «ال يستمعون إلى شيء سوى التليفزيون» منذلك التعرض للتليفزيون? البد أن هناك فرقا حاسما بh جتربة لـغـويـة الMوأخرى تستوجب انخراط األطفال فيها بـنـشـاط Mتتطلب مشاركة متبادلةكما يحدث في التعامل مع شخص آخر. وإذا كانت اAشاهدة التليفزيـونـيـةMحقا تتضمن نوعا آخر من النشاط العقلي غير التجارب احلياتية الواقعية

فقد يثبت أن هذا النشاط ينبه أجزاء أخرى من الدماغ النامي للطفل.Mمكن أن يختلف دماغ طفـل فـي الـثـانـيـة عـشـرة مـن عـمـرهAأليس من اقضى عشرة آالف ساعة في غرفة مظلمة في مشاهدة الـصـور اAـتـحـركـةعلى شاشة صغيرة من نواح متعددةM عن دماغ طفل لم يشاهد إال الـقـلـيـلعلى شاشة التليفزيون أو لم يشاهد شيئا قطM مثلما تختلف بصورة eكنإثباتها رئتا مدخن شره عن نظيرتيهما لدى شخـص ال يـدخـن? ألـيـس مـناحملتمل أن يشب طفل التليفزيون من الطفولة ولديه من مهارات نصف كرة

Page 62: Al Atfal wa al2dman

62

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

الدماغ األيسر ـ أي تلك اAهارات اللفظية واAنطقية ـ مـا هـو أقـل �ـوا مـنالقدرات البصرية واAكانية التي يتحكم فيها نصف كرة الدماغ األeن?

البد عند بحث هذه اAسائل من إثارة سؤالh أوليh: هل يـؤثـر أي نـوعمن التجربة في �و الدماغ? وإذا كان احلال كذلكM فهل للتـجـربـة اAـبـكـرة

أهمية تفوق احلوادث التي تقع في مراحل النمو الالحقة?لقد ظل السؤال اخلاص �ا إذا كـان eـكـن ألي جتـربـة عـلـى اإلطـالقإحداث تغييرات حقيقية داخل الدماغ موضوعا للجدل والتفكير حتى وقتMأن بعض العلماء اعتقد أن استخدام اخلاليا عزز �وها hقريب. وفي حوبالتالي البد بالضرورة أن تؤثر اإلثارة البيئية في النمو اخملي للطفلM شعرآخرون أن طاقة الدماغ و�وه مقدرة سلفا من الناحية الوراثـيـة وال تـتـأثـر

بحوادث وجتارب احلياة.ونتيجة للتجارب التي أجريت في غضون الـعـقـديـن األخـيـريـن لـم يـعـدهناك شك في أن جوانب كثيرة من تشريح وكيمياء الدماغ تتـغـيـر بـاإلثـارةوالتنبيه. فالتجارب التي بحثت تغييرات الدماغ لدى حيوانات � تـربـيـتـهـافي بيئات فقيرة «أقفاص خالية من اإلثارة اخلارجية)M مقارنـة بـتـغـيـيـراتMلدى حيوانات ربيت في بيئات غـنـيـة (أقـفـاص �ـتـلـئـة بـالـلـعـب واألدواتوالفرص العديدة لالنشغال في أنشطة مثيرة)M أظهرت زيادة في وزن قشرةاAخ باإلضافة إلى نشاط أكبر في إنزeات الدماغ عند تلك احليوانات التي

. ومثل هذه(١٥)تربت في بيئات غنيةM باAقارنة مع تلك احملرومة من اإلثارةالزيادة في الوزن اللحائي للمخ في وفي النشاط اإلنزeي داللة على زيادة

القدرة العقلية.وفي حh يصعب استخالص استنتاجات مباشرة بشأن التجربة اإلنسانيةمن التجارب التي جترى على احليواناتM فإن مجموعة من األدلة اإلنسانيةتدعم نتائج هذه التجارب احليوانية وتغري بتطبيقها على البشر. ويتوافـرمثل هذا الدليل في الدراسات اخلاصة بالرضع واألطفال الصـغـار الـذيـنيتم تربيتهم في أجنحة اAستشفيات اAعقمةM ومالجئ األيتامM وغيرها مـناAؤسساتM وهي جميعها فقيرة من حيث اإلثارة العقلية كاألقفاص اخلالية

. فعلى الرغم من أن أدمغة هؤالء األطفال(١٦)للفئران في التجارب احليوانيةMفحصها بحثا عن تغييرات فيزيائية وكيميائية Mبالطبع Mكنe ال hاحملروم

Page 63: Al Atfal wa al2dman

63

التفكير اللفظي وغير اللفظي

فإنه eكن طرح افتراضات بشأن تأثـيـرات بـيـئـة ضـعـيـفـة اإلثـارة فـي �ـوالدماغ البشري على أساس السلوك الذي يالحظ في األطفال واختباراتالقدرات العقلية. وAا كان هؤالء األطـفـال قـد بـرهـنـوا بـصـورة ثـابـتـة عـلـىتخلفهم الشديد عند االختبار باAقارنة مع أطفال تربوا في أسر أو حتى فيمؤسسات توفر بيئة أكثر إثارةM وAا كان من اAعروف أنهم لم يكونوا يعانونمن قصور عقلي منذ البدايةM فليس من اAستبعد افتراض أن تخلفهم العقليكان مصحوبا بتغييرات فعلية في فسيولوجيا الدماغM أو ناجما عنـهـاM وأن

هذه التغييرات كانت بسبب تدني اإلثارة البيئية.MبكرةAوهناك مجموعة أخرى من الدالئل توحي بأن جتارب السنوات احيث يكبر اجلسم وينمو بسرعةM ذات تأثير أكبر في �و الدماغ مـن تـلـكالتي حتدث في السنوات الالحقة. وخالل السنوات األخيرة أجريت إحدىهذه التجارب الكثيرة التي تظهر األهمية الكبرى لإلثارة البيئية اAبكرة على

قطيطات صغيرة كموضوعات جتريبية:لقد <ت خياطة عيون القطيطات اAولـودة حـديـثـا Aـنـعـهـا مـن الـرؤيـة.وبهذه الطريقة بقيت القطيطات في ظالم ثالثة أشهر. وحh فتحت عيونالقطيطاتM اكتشف الباحثون أنها لم تشرع في اكتساب البصر كما كـانـتستفعل بصورة طبيعية بعد أيام قليلة من مولدها. ففي غياب اإلثارة البصريةخالل األشهر األولى من احلياةM أثبت اجلهاز البصري للقطيطات أنه تعرضلتلف دائم ـ إذ لم يعمل مركز الدماغ اAسؤول عن اإلبصار كما يجبM لسببما. غير أنه حh أغلقت بصورة مصطنعة عيون قطيطات أكـبـر كـانـت قـداكتسبت قوة اإلبصار الطبيعيةM أو قطط كبيرةM لفـتـرة زمـنـيـة �ـاثـلـةM لـم

. وتدعم جتارب أخرى أجريت على قردة(١٧)ينجم عن ذلك أي ضرر بصريالشمبانزي النظرية القائلة بوجود فترات �و حساسة ضمن مراحل النمواAبكر للجسمM يكون وجود أو غياب جتارب معينة خاللها أمرا حاسما لنمو

(١٨)الدماغ بصورة طبيعية.

وعلى الصعيد اإلنسانيM بدأت برامج التعليم اAبكر احلديثة التي توجهعلى نطاق واسع إلى الرضع واألطفال الصغار تبرهن على أن اإلغناء اAبكر

.(١٩)واAثابرة eكن أن يؤديا إلى حتقيق مكاسب دائمة في اAقدرة العقـلـيـةعلى العكس من ذلكM توحي الدالئل االجتماعية بأن نواحـي الـقـصـور فـي

Page 64: Al Atfal wa al2dman

64

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

طفولة مبكرة فقيرة بيئيا ال eكن إبطالها فيما بـعـد بـالـبـرامـج الـعـالجـيـةوفرص اإلثارة العقلية.

غير أننا جند دليال آخر على أهمية اإلثارة اAبكرة في حاالت من يطلق وهم أولئك الناجون من طفولة مبكرةferal children (*)عليهم أطفال البرية

محرومة من كل اتصال إنساني. ويالحظ اللغوي موريس ميرلوبونتي فيماMالذين يفترض عموما أن احليوانات قامت بتربيتهم Mكتبه عن هؤالء األطفالأن: هناك فترة من الوقت يكون فيها الطفل ذا حساسية خاصة جتاه اللغةوeكنه خاللها أن يتعلم الكالم. وقد وضح أنه إذا لم يعش الطفل في وسطيتحدث فيه الناسM فلن يستطيع أبدا الكالم بالسهولة نفسها التي يتكلم بها

.(٢٠)الذين تعلموا الكالم خالل الفترة اAعينة

التزام لغويوبإعطاء الدليل على أن التجربة البيئـيـة تـؤثـر فـي �ـو الـدمـاغ بـطـرقMبكرة أكثر تأثيرا من التجربة الالحقةAوأن التجربة ا Mقابلة للقياس Mمحددةيبدو من احملتوم أن التجربة التليفزيونيةM التي تشغل ساعات كثيرة من يومالطفلM البد أن تكون لها بعض التأثيرات في �و دماغه. لكن أدمغة األطفالال eكن تشريحها ودراستها إلشباع فضول العلماء. كما أن التجارب الـتـيجترى على احليوانات التستطيع إلقاء ضوء موثوق منه على مسائل تتناولالوظائف العقلية اAميزة لألنواع البشريةM مثل التفكير أو التعبير اللفظي.ومع ذلكM فإن حقيقة اختالف دماغ الطفل الصغير في جوانب مـهـمـةعن دماغ الشخص البالغ قد تساعدنا في حتديد مناطق التأثير العـصـبـيللتجربة التليفزيونية. ففي هذه اAناطق اAتغيرة سيكون من اAفترض حدوث

أي تغيير عصبي.إن منطقة االختالف هذه بh دماغ الطفل ودماغ الراشد هي بالتحديدمنطقة تخصص نصف كرة الدماغM وهي اAيزان القائم بh أشكال التنظيمالعقلي اللفظية وغير الـلـفـظـيـة. وفـي هـذه اAـنـطـقـة قـد تـبـرهـن الـتـجـربـة

التليفزيونية على تأثيرها البالغ.وال يعني ذلك أن اAشاهدة التليفزيونية ستمنع الطفل السوي من تعـلـم

: طفل تربى في عزلة اجتماعية.feral child(*) طفل بري

Page 65: Al Atfal wa al2dman

65

التفكير اللفظي وغير اللفظي

الكالم. وإ�ا يحدثM في حاالت احلرمـان الـشـديـد حـh يـنـعـزل األطـفـال<اما عن األصوات البشريةM أال يكون �قدورهم الشروع في تـعـلـم الـلـغـة

طبقا لبرنامج شامل مالئم وأنهم يفشلون في اكتساب أصول الكالم.إن ما هو على احملك ليس اكتساب اللغة الفعلي من جانـب الـطـفـل بـلMااللتزام باللغة كوسيلة تعبيرية وباألسلوب اللفظي كمصدر نهائي لإلجنازوهو التزام قد يكون له أساس فسيولوجي في ميزان النمو بh نصفي كرة

الدماغ األeن واأليسر.وفيما يتعلق باألطفال الصغار فإن الكثيرين يعتمدون أثناء عملـيـة �ـوتلك البنى العقلية األساسية واAفاهيمM وضروب الفهم اAـطـلـوبـة لـتـحـقـيـقأقصى إمكاناتهم كبشر عقالء استطاعوا أخيرا فقط االنتقال من التفكيرـ على الفرص اAتاحة لهم لتنمية مهاراتهم غير اللفظي إلى التفكير اللفظي اللفظية. وكلما ازدادت الفرص اللفظية لألطفالM ورجح احتمال �و لغتهممن حيث التركيب والتعقلM أصبحت قدرات تفكيرهم اللفظي أكثر رهـافـةوحدة. ومن ناحية أخرىM كلما قلت فرصهمM زاد احتمال بقاء مناطق لغويةمعينة في حالة تخلف أو دون اAستوىM بينما تأتي و<ضـي فـتـرات زمـنـيـة

حاسمة.إن النشاطات العقلية غير اللفظيةM بالنسبة للراشـديـنM حتـمـل دالالتاالسترخاء من حرارة التفكير اAنطقي العادي وتبشر بتحقيق نوع من األمنوالهدوء طال السعي من أجله. لكنM بالنسبة لألطفال الصغار الذين eرونبسنوات تكوينهم وتعلمهم اللغويM فإن أي نكوص �تد فـي األداء الـعـقـلـيغير اللفظي على غرار ما تقدمه التجربة التليفزيونية البد من النظر إليهكانتكاسة محتملة. فمع استقبالهم الكلمات والصور التليفزيونية ساعة بعدساعةM ويوما بعد يومM ومع قلة اجملهود العقلي الذي يتطلبه تشكيل أفكارهمومشاعرهم اخلاصة وإفراغها في كلماتM ومع استرخائهم سنة بعـد سـنـة

يستقر لديهم �ط يؤكد اAعرفة غير اللفظية.وعلى خالف رجال األعمال اAرهقh أو النساء العامالت أو ربات البيوتاAنهكات الالئي يشغلن جهاز التليـفـزيـون بـقـصـد «االسـتـرخـاء»M فـإن لـدى

ميةM واألطفال الصغار حاجة داخلية إلى النشاط العقلي. إنهم أجهزة تعـلMومخلوقات نهمة للخبرة. وال يتطلب النمو األمثل لألطفال M«عقول �تصة»

Page 66: Al Atfal wa al2dman

66

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

في ثقافة تعتمد على االستعمال الدقيق واAؤثر للغة الكالم والكتابةM مجردفرص كافيةM بل وافرة للممارسة اليدويةM والتعلمM وتولـيـف اخلـبـرة. إنـهـماآلباءM اAتعبون من جراء مطالب أبنائهم اAتواصلة للتعلم بأوسع ما تـعـنـيـهMوإلـقـاء األشـيـاء Mوالـصـراخ Mهذه الكلمة (التعلم الذي قد يتضـمـن الـعـويـلواإلزعاج) هم الذين يلتمسون «االسترخاء» الذي يتيح وضع الـصـغـار أمـامشاشة التليفزيون وجعلهمM مرة ثانيةM األسرى اAساhA إلحساساتهم اخلاصة

مثلما كانوا حh كان التفكير غير اللفظي وسيلتهم الوحيدة للتعلم.

Page 67: Al Atfal wa al2dman

67

التليفزيون والقراءة

التليفزيون والقراءة

حتى عصـر الـتـلـيـفـزيـون كـان مـدخـل األطـفـالالصغار إلى التمـثـالت الـرمـزيـة لـلـواقـع مـحـدودا.فنتيجة لعجزهم عن القراءةM دخلوا عـالـم اخلـيـالأساسا عن طريق القصص التي تروى لهم أو تقرألهم من كتاب. غير أنه كان من النادر أن تنال مثلهذه الـتـجـارب «األدبـيـة» نـصـيـبـا مـن وقـت يـقـظـةالطفل. فحتى في حالة وجود قار� مستعد للقراءةأو قصاص متاحM فإن ساعة من الزمن أو نحو ذلكيـومـيـا كـانـت أكـثـر �ـا يـقـضـيـه مـعـظـم األطــفــالمستكنh في خيال اآلخرين. وحh دخل أطفال ماقبل التليفزيون تلك العوالم اخلياليةM كان يرافقهمMويـشـرح Mدائما شخص راشـد نـاضـج لـكـي يـفـسـرويقدم السلوان إذا دعت احلاجة. وكان من الصعبعلى الطفلM قبل تعلم القراءةM أن يدلف إلى عالـم

اخليال �فرده.ولهذا السبب كان للتليفزيون من دون شك تأثيرأقوى في أطفال ما قبل سن اAدرسةM وفي الـذيـنلم يقرأوا بعدM منه في أي مجمـوعـة أخـرى. فـعـنطريق التليفزيون كان في إمكان األطفال الـصـغـارجدا أن يدخلواM وأن يقضوا حصصا كبيرة من وقتيقظتهمM في عالم ثانوي من أناس معنويh وأشياء

5

Page 68: Al Atfal wa al2dman

68

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

غير ماديةM من دون أن يصحبهم في كـثـيـر مـن احلـاالت مـرشـد نـاضـج أومعh. أما أطفال السن اAدرسية فيندرجون ضمن فئـة أخـرى. فـلـقـد كـانلدى هؤالء األطفالM بحكم أنهم يستطـيـعـون الـقـراءةM فـرص أخـرى لـتـركالواقع خلفهم. وكان التليفزيون بالنسبة لهؤالء األطفال مجرد عالم خيالي

آخر.غير أنه Aا كان التليفزيون قد تفوق بصورة جدية على القـراءة بـعـد أنكانت هي التجربة الرئيسية اخليالية لطـفـل اAـدرسـةM فـالبـد مـن مـقـارنـةالتجربة التليفزيونية بتجربة الـقـراءة مـن أجـل أن نـحـاول اكـتـشـاف مـا إذاكانت التجربتانM في الواقعM نشاطh متشابهh يلبيان حاجات متشابهة في

حياة الطفل.

ماذا يحدث حني تقرأ؟إن اAقارنة بh اAشاهدة التليفزيونية وبh القراءة من وجهة نظر نوعيةليست كافية. فعلى الرغم من اختالف نوعية اAادة اAتاحة في كـل وسـيـلـةبصورة هائلةM بدءا من الكتب الغثة والبرامج الضحلة إلى الروائـع األدبـيـةوالبرامج التليفزيونية اجلميلة العميقةM فإن طبيعة التجربتh مختلفة وهو

اختالف يؤثر بصورة جوهرية في تأثير اAادة اAتلقاة.إن القليلh من الناس فضال عن طلبة اللغويات ومـدرسـي الـقـراءة هـمالذين يدركون اAمارسات العقلية اAعقدة التي تشتمل عليها عملية القراءة.فبعد وقت قصير من تعلم الشخص القراءةM فإنه يستوعب العمليـة <ـامـاإلى حد أن الكلمات في الكتب تبدو كأنها اكتـسـبـت وجـودا eـاثـل تـقـريـبـااألشياء أو األفعال التي <ثلها. ويحتاج األمر إلى النظر مجددا إلى صفحةمطبوعة حتى نتبh أن تلك الرموز التي نطلق عليها حروف األبجديةM هيأشكال مجردة بالكامل ال حتمل أي «معنى» مالزم خاص بـهـا. انـظـر عـلـى

) حرف متقوسOM). إن حرف (K) أو إلى حرف (Oسبيل اAثالM إلى حرف () فهو تشابك لثالثة خطـوط مـسـتـقـيـمـة. ومـع ذلـك فـإن مـنKأما حـرف (

الصعب أن نفصل شكليهما اAألوفh عن صوتيهماM عـلـى الـرغـم مـن عـدم). إن القار� الذي ال إAام لهK) أو للحرف (O للحرف (ishوجود الحقة مثل

ويــراه كــشــكــلباألبجدية الروسية سيجد من السهل أن ينظر إلى الرمز

Page 69: Al Atfal wa al2dman

69

التليفزيون والقراءة

مجردM لكن القار� الروسي سيجد أن من األصعب فصل ذلك الـرمـز عـن) رمزا مجـرداM فـإنـنـاK. وحتى عند محـاولـة اعـتـبـار حـرف (shchالصـوت

) في مكان ما بh احللق واألذنKaMhالنستطيع أن نراه دون شعور بصوت () الذي يحدث حلظة نرى احلرف.Kفهو النطق الصامت حلرف (

Mتلك هي فاحتة القراءة: نحن نتعلم حتويل األشكال اجملردة إلى أصواتن كلمات لغتنا. فـحـhومجموعات الرموز إلى األصوات اAؤتلفة الـتـي تـكـو

يحول العقل الرموز اجملردة إلى أصوات واألصوات إلى كلماتM فإنه «يسمع»الكلماتM إذا جاز التعبيرM وبذلك eدها باAعاني التي سبق تعلمها في لغة

. وباAقابلM فمع تطور مهارة القراءةM يبدأ معنـى كـل كـلـمـة وكـأنـه(١)الكـالماستقر داخل تلك الرموز التي تكون الكلمة. فكلمة «كلب» ـ مثال ـ تبدأ حملبعض الصلة مع احليوان احلقيقي. والواقع أن كلمة «كلب» تـبـدو أن تـكـونكلبا �عنى ماM و<تلك بعض الصفات التي تقـتـرن بـأحـد الـكـالب. إال أنـهنتيجة جملموعة سريعة ومعقدة من األنشطة العـقـلـيـة فـقـط تـتـحـول كـلـمـة«كلب» من مجموعة من اخلربشات التي ال معنى لها على الورق إلى فـكـرةعن شيء حقيقي. وهذه العملية <ضي في رفق واستمـراريـة بـيـنـمـا نـحـننقرأM إال أنها ال تبدو أقل تعقيدا. فالدماغ البد أن ينفذ جميع خطوات حلالشفرة وتقدt اAعنى في كل مرة نقرأ فيهاM إال أنه يصبح أكثر خبـرة فـيذلك مع �و اAهارةM ولهذا نفقد ذلك اإلحساس �غالـبـة الـرمـوز واAـعـانـي

الذي يشعر به األطفال حh يتعلمون القراءة في البداية.لكن العقل ال يسمع الكلمات فحسب أثناء عملية القراءة; فمن اAهم أننتذكر أن القراءة تشمل الصور أيضا. فحh يرى القار� كلمة «كلب» ويفهمالفكرة اAقصودة منها تقفز إلى الذهن صورة <ثل كلبا أيضا. إن اجلوهراحملدد لهذه «الصورة اAقروءة» ال يفهم إال القـلـيـل مـنـهM كـمـا أنـه ال يـوجـداتفاق بشأن العالقة التي يحملها للصور اAرئية التـي تـسـتـوعـبـهـا الـعـيـنـان

ن بالضرورة قراءتناM وإال فلن نـفـهـم أو®مباشرة. ومع ذلك فإن الصـور تـكـونعي أي معنىM بل مجرد كلمات فارغة. إن االختالف الكبير بh هذه «الصوراAقروءة» والصور التي نتلقاها حh نشاهد التليفزيون يتمثل في أننا نخلقصورنا اخلاصة حh نقرأM باالستناد إلى جتارب حياتنا اخلاصة و�ا يعكسحاجاتنا الفردية اخلاصةM بينما يجب علينا أن نقبل ما نستقبله حh نشاهد

Page 70: Al Atfal wa al2dman

70

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

قا»الصور التليفزيونية. وهذا اجلانب من عملية القراءة الذي قد نسميه «خالCreativeبـصـرف Mجنده في جميع جتارب الـقـراءة Mعنى الضيق للكلمةAبا M

النظر عما نقرأ. إننا حh نقرأ فكأننا تقريبا نخلق برامجنا التليـفـزيـونـيـةالداخليةM الصغيرةM اخلاصة. وتكون النتيجة جتربة تـغـذي اخلـيـال. وكـمـا

tيالحظ برونو بتلهاBruno Bettelheimفإن «التليفزيون يأسر اخليال لكنه .(٢)ال يحررهM أما الكتاب اجليد فإنه ينبه الذهن ويحرره في الوقت ذاته»

إن الصور التليفزيونية ال تقوم بتحـويـل رمـزي مـعـقـد. وال يـتـعـh عـلـىالعقل أن يحل شفرة وeارس عمال ما في أثناء التجربة التليفزيونية. ور�ايكون ذلك هو السبب في أن الصورة البصرية التي تسـتـقـبـل مـبـاشـرة مـنجهاز التليفزيون قويةM وأقوىM كما يظهرM من الصور التي تستحضر ذهنياأثناء القراءة. لكن هذه الصور في النهاية أقل إشباعـا. ويـصـف طـفـل فـيالعاشرة من عمره تأثيرات اAشاهدة التليفزيونية ألعمال درامية مقـتـبـسـةمن كتب قرأها من قبل بقوله: «إن الشخصيات التليفزيونية تترك انطباعاأقوى. فإذا شاهدت شخصا على شاشة التليفزيونM فسوف يبدو على هذهالصورة دائما في ذهنكM حتى لو كانت لديك صورة مختلفة عنه في ذهنكمن قبل حh قرأت الكتاب بنفسك». بيد أنه كما يقول الطفل نفسـه فـإنـه«في حالة الكتاب لديك قدر كبير من احلريةM وتستطيع أن جتعل كل شخصيةتشبه <اما الصورة التي تريدها عليها. أنت تسيطر على األمور حh تقرأ

بأكثر �ا تفعل حh تشاهد شيئا على شاشة التليفزيون».ر�ا يكون تناقص فرص األطفال ذوي التنشئة التليفزيونية في االندماجضمن عملية «تكوين الصورة الداخلية» هذهM مسؤوال عـن الـعـجـز الـغـريـبالذي يعانيه كثير من األطفال اليوم في التكيف مع التجارب غير البصرية.وتعبر عن ذلك بصفة عامة أقوال اAدرسh اAتمرسh الذين يحاولون ردم

الهوة بh عصر ما قبل التليفزيون وعصر التليفزيون.يقول أحد مدرسي الصفوف األولى: «حينما أقرأ لهم قصة من دون أنMال نـسـتـطـيـع أن نـرى» hيشكو األطفال دائـمـا قـائـلـ Mأعرض عليهم صوراويفتر اهتمامهم». ويستطرد اAدرس قائال: «إن األطفال يبدأون عندئذ فيالكالم واحلركة دو�ا هدف. وأشعر في احلقيقة بضرورة تطوير مهـاراتالتخيل لديهمM وأقول لهم إنه ليس هناك ما يرىM وإن القصة كلها تصدر من

Page 71: Al Atfal wa al2dman

71

التليفزيون والقراءة

فميM وإنهم يستطيعون أن يكونوا صورهم اخلاصة في خيالهمM إن قدرتهمعلى التخيل تتحسن باAمارسة. لكن األطفال لم يكونوا قط في حاجة إلى

تعلم التخيل قبل التليفزيونM كما يبدو لي».

املشاهدة مقابل القراءة: التركيزتستلزم القراءة �ارسات عقلية معقدة. ولذلك فإن القار� مطالب بأنيكون أكثر تركيزا من مشاهد التليفزيون. ويالحظ أحد خبراء السمع أن ما

. فاالنفتاح يتيحopenessيهم فيما يتعلق بالوسائل اإللكترونية هو االنـفـتـاح للمثيرات السمعية والبصرية اAزيد من سهولة الوصول اAباشر إلى الدماغ...فالشخص الـذي تـعـلـم أن يـركـز سـيـفـشـل فـي إدراك الـكـثـيـر مـن األ�ـاط

.(٣)اAعلوماتية التي تنقلها اAثيرات اإللكترونية»إن التهيؤ للتركيزM الذي ر�ا يـكـتـسـب مـن خـالل جتـارب الـقـراءةM قـديجعل اAرء مشاهدا تليفزيونيا غير مالئم. إال أن من اAرجح إلى حد كبيرأن يتغلب اAوقف العكسي: أي أن التهيؤ «لالنفتاح» (الذي قد eكن فـهـمـهعلى أنه نقيض التركيز البؤري)M اAكتسب عبر سنوات وسنوات من اAشاهدةMـشـاهـديـن عـلـى الـتـركـيـزAقد أثر بصورة عكسية في قـدرة ا Mالتليفزيونيةوعلى القراءةM وعلى الكتابة بوضوح ـ وباختصار: على إظهار أي من اAهارات

.hتعلمAاللفظية التي يتطلبها مجتمع ا

السرعةر�ا eكن اAـقـارنـة بـh الـقـراءة واAـشـاهـدة مـن حـيـث سـرعـة كـل مـنالتجربتMh وحتكمنا النسبي في هذه السرعةM ألن الـسـرعـة قـد تـؤثـر فـيMتلقاة في كل جتربة. وإضافة إلـى ذلـكAادة اAالوسائل التي تستخدم بها افإن سرعة كل جتربة قد حتدد إلى أي مدى تفرض نفسها على اجلـوانـب

األخرى حلياتنا.إن من الواضح أننا حh نقرأ نستطيع ضبط السرعة. فنحن قد نقـرأببطء أو بسرعة كيفما كان باستطاعتنا وكيفما كانت رغبتـنـا فـي الـقـراءة.فإذا لم نفهم شيئاM فقد نتوقف ونعيد قراءته أو �ضي باحثـh عـن شـرحقبل أن نواصل القراءة.وإذا كان ما نقرأه مثيرا للمشاعرM فقد نضع الكتاب

Page 72: Al Atfal wa al2dman

72

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

جانبا للحظات قليلة ونتكيف مع انـفـعـاالتـنـا دون خـوف مـن أن يـفـوتـنـا أيشيء.

Mكننا التحكم في سرعة البرنامج التليفزيوني حينما نشاهدهe غير أننا الألن البداية والنهاية فقط هما اللتان تخضعان لسيطرتنا بتشغيل أو إيقافعمل اجلهاز. ونحن ال نستطيع إبطاء برنامج شائق أو تسريع برنامج كئيبكما ال نستطيع أن «نعود للوراء» إذا كانت هناك كلمة أو عبارة غيرة مفهومة.فالبرنامج يتحرك بال هوادة إلى األمام وما يفقد أو يساء فهمه يظل كذلك.ونحن النستطيـع بـسـهـولـة حتـويـل اAـادة الـتـي نـشـاهـدهـا عـلـى شـاشـةالتليفزيون إلى شكل يالئم حاجاتنا االنفعاليةM كما نفعل باAادة التي نقرأها.إن الصور تتحرك بسرعة فائقة. والeكننا أن نستخدم خيالنا اخلاص لكينخلع على الناس واألحداث اAصورة على شاشة التليفزيون اAعاني الشخصيةالتي تساعدنا على فهم وحتليل العالقات والصراعات في حياتنا اخلاصة;فنحن حتت سلطة خيال معدي البرنامج. إن العينh واألذنh في التجربـةالتليفزيونية تغمرها فورية اAناظر واألصوات. فهذه اAناظر واألصوات تومضمن جهاز التليفزيون بسرعة تكفي فقط ألن تستقبلها العيون واآلذان قـبـل

أن تتحرك إلى الصور واألصوات اجلديدة... لكي ال تفقد اخليط.لكي ال تفقد اخليط... إنها هذه احلاجـة الـتـي الحتـدد فـحـسـب عـمـلخيال اAشاهدM احلاجة اAشروطة باالجتاه الذي ال مرد له وسرعة التجربةالتليفزيونية التي ال هوادة فيهاM بل إنها أيضا التي جتعل التليفزيون يقتحمالشؤون اإلنسانية على نحو ال تستطـيـع أن تـفـعـلـه جتـارب الـقـراءة فـي أيوقت. فإذا دخل أحد األشخاص احلجرة في أثناء مشاهدتنا التليفزيونية ـصديق أو قريبM طفلM شخص ماM ر�ا ال نكون قد رأيناه منذ بعض الوقتـ فإننا البد أن نواصل اAـشـاهـدة وإال فـقـدنـا اخلـيـط. الـتـحـيـات يـجـب أنتنتظرM ألن برنامج التليفزيون لن ينتظر. أما الكتاب فيمكن وضعـه جـانـبـا

دون ريبM بوخزة من األسف ـ ر�ا ـ لكن دو�ا شعور بخسارة دائمة.يصف أحد األجداد موقفا ليس من النادر حدوثهM كما جتمع األحاديث:«أحيانا حh أذهب لزيارة البناتM أدخل غرفتـهـن وهـن يـشـاهـدن بـرنـامـجالتيلفزيون. حسناM إنني أعرف أنهن يحببنيM لكني أشعر بالضيـق عـنـدمـاأقول لهن مرحباM ويقلنM من دون حتى أن ينظرن إليM انتظر دقيقـة... إن

Page 73: Al Atfal wa al2dman

73

التليفزيون والقراءة

علينا أن نرى نهاية هذا البرنامجM ويؤAني أنهـن يـبـديـن اهـتـمـامـهـن بـذلـكاجلهاز وتلك الصور الصغيرة أكثر �ا تسعدهم رؤيتي. إنني أعرف أن من

احملتمل أنهن ال eكنهن عمل شيء فيما يتعلق بذلكM ولكن يظل...»هل eكنهن عمل شيء? غاية األمرM أننا إذ نشاهد التليفزيون ال تكـونقدرتنا على حترير أنفسنا من اAشاهدة من أجل تلبية اAطالب اإلنـسـانـيـةالناشئة مهمة تتصل إجماال بسرعة البرنامج. وعلى الرغم من ذلك فـإنـنـاMوليس الدكتاتورية اإللكترونية Mقد نختار التصرف طبقا لألولويات اإلنسانيةور�ا نقرر بسرعة «ليذهب هذا البرنامج إلى اجلحيم» ونوقف اAـشـاهـدة

ببساطة عندما يدخل صديق إلى احلجرة أو يحتاج طفل إلى االهتمام.قد نفعل ذلك... لكن قوة التنوt اAغناطيسي التليـفـزيـونـيـة جتـعـل مـنالصعب صرف انتباهنا بعيداM وجتعلنا شديدي الـرغـبـة فـي عـدم إضـاعـة

خيط البرنامج.

ملاذا يصعب إيقاف املشاهدة؟ر�ا يلعب عدد من عوامل اإلدراك احلـسـي ذات الـصـلـة االسـتـثـنـائـيـةبالتجربة التليفزيونية دورا في جعل التليفزيون أكثر سحرا مـن أي جتـربـةبديلةM وهي عوامل ترتبط بطبيعة الصور اإللكترونية على الشاشـة وطـرق

.(٤)استقبال العh لهاففي حh ال نرى في احلياة الواقعية إال جزءا صغيرا جدا من البانوراما

M وهي اجلزء البؤري األكثر حدة فيFoveaالبصرية حولنا عن طريق النقرة العMh ونرى بقية العالم بنظرتنا اخلارجية الغائمةM فإننـا عـنـدمـا نـشـاهـدالتليفزيون نستقبل اإلطار الكامل لصورة ما بنظرتنا البؤرية احلادة. دعنـانقل إن الصورة على شاشة التليفزيون هي صورة حـجـرة كـامـلـة أو مـنـظـرطبيعي ألحد اجلبال. لو أننا كنا هناك في الواقع احليA Mا استطعنا أن نرىإال جانبا محدودا من احلجرة أو من اAنظر الطبيعي بوضوح من خالل أينظرة واحدة. لكننا على شاشة التليفزيون نستطيع أن نرى الصورة الكاملةبدقة. إن نظرتنا اخلارجية ال تشترك في رؤيـة ذلـك اAـشـهـد; فـالـواقـع أنالعh حh تركز على شاشة التليفزيون وتستوعبها في حدة بالكاملe Mحوالعقل العالم اخلارجي <اما. وAا كان احمليط اخلارجي في احلياة الواقعية

Page 74: Al Atfal wa al2dman

74

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

يصرف ويشتت انتباهناM فإن غياب احمليط اخلـارجـي هـذا البـد أن يـؤديإلى زيادة اهتمامنا على نحو غير سوى بالصورة التليفزيونية.

وتكمن إحدى السمات األخرى اللصيقة بالصورة التليفزيونية في احلركةاآلسرة جلميع األشكال اخلارجية على شاشة التلـيـفـزيـون. فـبـيـنـمـا تـكـوناألشكال اخلارجية اAألوفة لألشياء الواقعـيـة ولـلـنـاس ثـابـتـةM تـنـتـج اآللـيـةMاإللكترونية التي تخلق الصور على الشاشة أشكاال خارجية دائمة احلركةعلى الرغم من صعوبة إدراك اAشاهد لهذه احلركة. وAا كانت العh مشدودةللتركيز بصورة أقوى على احلركة ال على األشياء الثابتةM فإن إحدى نتائج

حركة األشكال اخلارجية التليفزيونية هي جعل االهتمام بها أشد.لكن ثمة نتيجة أخرى وهي احليلولة بh العh والتركيز �ا يكفي أثناءتثبيت انتباهها على شاشة التليفزيون. وسبب ذلك أن الـعـh تـواجـه أثـنـاءمشاهدة التليفزيون صعوبات في التثبيت كما ينـبـغـي نـاجـمـة عـن احلـركـةالبصرية اAنتظمة اAتغيرة لألشكال اخلارجيـة. أمـا فـي واقـع حـيـاتـنـا فـإنالعh حينما ال تركز انتباهها بصورة مالئمة يتـم إرسـال إشـارة إلـى مـركـزاإلبصار في الدماغM الذي يتخذ إذ ذاك خطوات تصحيحية. وAا كان التثبيتاخلاطئ ينجم عادة عن اختالجة عh أو خلل وظيفي طبيعي لدى اAشاهدوليس من الشيء موضوع اAشاهدةM فإن اجلهاز البصري سيـحـاول إجـراءتصحيحات في ارجتافة العh أو في أي جزء من جهاز اإلبصار عند اAشاهد.ومع ذلكM فأثناء مشاهدة التليفزيون تكون احلركة البصريـة عـلـى الـشـكـلاخلارجي للصورة هي السبب في صـعـوبـات مـتـزايـدة فـي احملـافـظـة عـلـىالتثبيت الطبيعي. ولذلك قد يكون من األسهل أن نتخـلـى عـن الـسـعـي مـنأجل تثبيت كاملM يركز على الصورة التليفزيونيةM وأن نكتفي ببعض التثبيت

غير اAركز.إن التشوش احلسي الذي يحدث نتيجة حلركة الصور التليفزيـونـيـة اليختلف عن احلالة التي حتدث للقنوات الهاللية لألذن ـ وهي التي حتافظعلى توازننا وتساعد الدماغ على حتقيق التوافق الضروري مع حركة اجلسمـ من جراء مصادر حركة خارجية (كما يحدث حينما يقف اAرء ساكنا ومعذلك تتحرك قنوات األذن هذه الناحية أو تلك بفعل حترك سيارة أو سفينةأو طائرة). وتعكس األعراض البغيضة لدوار البحر والغثيان هذا التشوش

Page 75: Al Atfal wa al2dman

75

التليفزيون والقراءة

الداخلي.ومع ذلكM فإن عدم التركيز الطفيف للعينh في أثناء مشاهدة التليفزيونقد تكون له عواقب مؤثرة من شأنها أن جتعل التجربة التليفزيونية مصدرMخلل وظيفي بالنسبة للجسم أوضح منه في جتارب أخرى كالقراءة مثـالبرغم أنه ال eاثل دوار البحر في تأثيره البغيض إذ ال نكاد ندرك وجوده فيواقع األمر. ويثبت البحث أن عدم تركيز العينh عادة ما يترافق مع حاالتمتنوعة من التوهم وأحالم اليقظة. وهكذا فإن اAادة اAـرئـيـة عـلـى شـاشـةMشبيهة باحللم. وفضال عن ذلك Mالتليفزيون قد تكتسب صورة غير واقعيةفإن صراعات بصرية حركية �اثلة كثيرا ما توصف بأنها سمات عديد منجتارب اAتعاطh للمخدرات. وقد يكون ذلك سببا كافيا للحالـة الـشـبـيـهـةبالغشية التي تنتاب كثيرين من مشاهدي التجربة التليفزيونيةM وقد تساعدفي شرح السبب الذي يضفي على الصورة التليفزيـونـيـة كـل هـذا الـسـحـر

م. لقد قيل إن «التجارب األولى للعروض اإللكترونية هـياAغناطيسي اAنـوتهيئة لالستمتاع الالحق بالعقاقير اAؤثرة في العقل التي حتـدث تـأثـيـرات

.(٥)إدراكية حسية �اثلة» اAشاهدين إن جميع هذه االنحرافات اإلدراكية احلسية قد تتعاون لتف

وتشدهم إلى جهاز التليفزيون.هناك بطبيعة احلال تباينات في قدرات الصور التليفزيونية على جذباالنتباه واالحتفاظ بهM والتي يعتمد الكثيـر مـنـهـا عـلـى عـوامـل مـثـل حـجـماحلركة اAوجودة على الشاشة في حلظة معينةM وسرعة التغيير من صورةإلى أخرى. إن من دواعي تثبيط الهمـة نـوعـا مـا اعـتـبـار أن مـنـتـجـي أكـثـرM«وهو برنامج «شارع السمسم MدرسةAالبرامج تأثيرا على أطفال ما قبل ا

Mاستخدموا التكنولوجيا احلديثة على شكل جهاز مشتتdistractorالختبار كل قسم من برنامجهـم مـن أجـل ضـمـان قـدرتـه عـلـى أسـر انـتـبـاه الـطـفـل

ت»M وجد صناع «شارع®واإلمساك به إلى أبعد حد �كن. و�ساعدة «اAشتالسمسم» أن الرسوم اAـتـحـركـةM سـريـعـة احلـركـة والـقـصـص ذات اإليـقـاعالالهثM أشد فعالية في شد انتباه الطفل. وeكن مقارنة هذا اAوقف إزاءصغار األطفال وجتاربهم التليفزيونية باAوقف الذي كشفته للعيان مونيـكـا

بقولها: «نحن ال نحاول ربط األطفالBBCسيمز من هيئة اإلذاعة البريطانية

Page 76: Al Atfal wa al2dman

76

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

إلى شاشة التليفزيون. وإنه لشيء طيب أن يـخـرجـوا ويـلـعـبـوا إلـى حـد مـا.(٦)خالل برامجنا»

القوالب األساسية للبناءهناك فرق آخر بh القراءة واAشاهدة التليفـزيـونـيـة البـد أن يـؤثـر فـي

ف القراء واAشاهديناالستجابة لكل من التجربتh. ويتعلق هذا الفرق بتعرالعناصر األساسية لكل وسيلة. ففي حh يعرف القار� القوالب األساسيةللبناء فيما يتعلق بوسيلة القراءةM فإن معرفة اAشاهد التليفزيونية ضئـيـلـة

�ثيالتها في الوسيلة التليفزيونية.إنناM حh نقرأM تكون لدينا جتربتنا اخلاصة في الكتابة للرجوع إليهـا.ويتأثر بالضرورة ويتعمق فهمنا Aا نقرأM وشـعـورنـا بـهM بـامـتـالكـنـا لـلـقـراءةكوسيلة لالتصال. وعندما يبدأ األطفـال فـي تـعـلـم الـقـراءةM يـشـرعـون فـياكتساب مبادىء الكتابة. إن اكتساب هاتh اAهـارتـh مـعـا أمـر مـهـم دائـمـاوليس من قبيل اAصادفة. فحh يبدأ األطفال تعلم قراءة الكلمات يحتاجونإلى أن يفهموا أن الكلمة شيء eكنهم كتابته بأنـفـسـهـمM ولـو أن حتـكـمـهـمالعضلي قد يعوقهم مؤقتا عن كتابتها بوضوح. ويجعل استخدام هذه القوةمع الكلمات التي يحاول األطفال فك مغاليقها جتربة القراءة جتربة سـارة

منذ البداية بالنسبة لهم.إن الطفل الصغير الذي يشاهد التليفزيون يدخل عاAا من اAواد يتجاوز<اما قدرته على السيطرة والفهم. وعلى الرغم من أن الصور التي تظهـرعلى الشاشة قد تكون انعكاسات ألناس وأشياء مألوفةM فإنها تبدو له نوعامن السحر. فاألطفال ال يستطيعون خلق صور مشابهة أو حتى الـبـدء فـيفهم كيف تظهر هذه األشكال والصور اإللكترونية الوامـضـة إلـى الـوجـود.وهم يقفون موقفا أكثر عجزا وجهال أمام جهاز التليفزيون منه أمام الكتاب.وليس هناك شك في أن صلة الكثير من األطفال بالوسيلة التليفزيونيةصلة ملتبسة. حh سئلت مجموعة من أطفال ما قبل اAدرسة: «كيف يستطيعاألطفال الظهور على شاشة التليفزيون عندكـم? «لـم يـبـد إال ٢٢ فـي اAـائـةمنهم قدرا من اإلدراك احلقيقي لطبيعة الصور التليفزيونية. وحينما سئلوا«أين يذهب الناس واألوالد واألشياء عند إغالق تليفزيونكم?» أبدى ٢٠ في

Page 77: Al Atfal wa al2dman

77

التليفزيون والقراءة

اAائة فقط �ن هم في الثالثة من العمر أقل بـصـيـص مـن الـفـهـم. وعـلـىالرغم من وجود زيادة في اإلدراك بh األطفال الذين يبلغون أربع سنـواتفقد الحظ أصحاب الدراسة أنه «حتى بh األطفال األكبر سنا فإن األغلبية

.)٧(الساحقة لم تدرك طبيعة الصور التليفزيونية»إن شعور األطفال بالقوة والـكـفـاءة يـتـعـزز عـن طـريـق سـمـة أخـرى مـنMيكانيكيةAوهي الطبيعة غير ا Mسمات جتربة القراءة ال يحققها التليفزيونسهلة اAنالM يسيرة االنتقال التي تتم بها اAادة اAقروءة. فاألطفال يستطيعوندائما االعتماد على الكتاب كمصدر للمتعة. لكن جهاز التليفزيون قد يتعطلفي حلظة حاسمة. وقد يأخذون كتابا معهم أينما ذهبواM إلى حجرتهمM إلىاAنتزهM إلـى بـيـت صـديـقM أو إلـى اAـدرسـةM لـيـقـرأوه حتـت الـطـاولـة: إنـهـميستطيعون تنظيم استخدامهم للكتب واAواد اAقروءة. أما جهاز التليفزيونفيوضع في مكان معh; وليس من السهل حتريكه. ومن اAؤكد أنه ال eكنللطفل أن ينقله عرضا من مكان إلى آخر. وال يتعـh عـلـى األطـفـال فـقـطمشاهدة التليفزيون حيث يكون اجلهاز موضوعاM بل البد أن يشاهدوا برامجمعينة في أوقات محددةM وهم عاجزون عن تغيير ما يصدر عن اجلهاز أو

وقت صدوره.وفي هذه اAقارنة بh القراءة ومشاهدة التليفزيـون يـبـدأ ظـهـور صـورةتؤكد جيدا الفكرة العامة بأن القراءة «أفـضـل» بـطـريـقـة مـا مـن مـشـاهـدةالتليفزيون. فالقراءة تشتمل على شكل مركب من الـنـشـاط الـعـقـلـيM فـهـيMوتنمي قدرات اخليال والتصور الداخلي Mتدرب العقل على مهارات التركيزكما أن مرونة سرعتها تالئم اإلدراك األفضل واألعمق للمادة اAنقولـة. إن

م مغناطيسيا أو تـشـغـلالقراءة تستحوذ على الفكر واالنتباهM لكـنـهـا ال تـنـوالقار� عن مسؤولياته اإلنسانية. والقراءة عملية ثنائية االجتـاه; فـالـقـار�يستطيع أيضا أن يكتبM أما اAشاهدة التليفزيونية فطريق وحيد االجتاهM إذال eكن للمشاهد خلق صور تليفزيونية. والكتب متاحة في أي وقتM وeكن

السيطرة عليها دائما. أما التليفزيون فيسيطر.

تفضيل املشاهدةكان eكن للمقارنة بh جتربتي القراءة واAشاهدة التليفزيونية أن تكون

Page 78: Al Atfal wa al2dman

78

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

قليلة اAغزى لوال احلقيقة التي ال جـدال فـيـهـاM وهـي أن جتـارب مـشـاهـدةاألطفال للتليفزيون تؤثر في قراءتهم من نواح بالغة األهميةM فهي تؤثر فيكم ما يقرأونM و طبيعة ما يقرأونهM وشعورهم جتاه القراءةM ومـا يـكـتـبـونـهومدى جودتهM مادامت مهارات الكتابة ترتبط بصورة وثيقة بتجارب القراءة.و�ا ال ريب فيه أن األطفال يقرأون كتبا أقل حh يتوافر التـلـيـفـزيـونلديهم. فالطفل أكثر ميال إلى تشغيل جهاز التليفزيون عندما «ال يـجـد مـايفعله» منه إلى التقاط كتاب ليقرأه. ذلك ما يحدث جزئيا إن لم يكن بصورةتامةM ألن القراءة تتطلب نشاطا عقليا أكبر. ومن طبيعة البشر أن يفضلواتسلية حتتاج إلى اجملهود األقل وليس األكثر. وفي دراسة مسحية شـمـلـتأكثر من خمسمائة من تالميذ الصفh الرابع واخلامسM أظهر جميع التالميذ

. وذكر حوالي ٧٠ فـي(٨)تفضيلهم اAشاهدة على قراءة كـتـابـات مـن أي نـوعاAائة من بh ٢٣٣ ألفا من تالميذ الصف الـسـادسM فـي اسـتـطـالع أجـرتـهإدارة التربية في كاليفورنيا في عام M١٩٨٠ أنهم نادرا مـا يـقـرأون مـن أجـلاAتعة. وفي الوقت نفسهM وفي االستطالع ذاتهM اعترفت نسبة مئوية مطابقة

.(٩)من التالميذ بأنها تشاهد التليفزيون أربع ساعات أو أكثر يومياويكشف األطفال صراحة عن هذا اAيل حh يتحدثون عن مشاهدتهـم

التليفزيونية:تقول طفلة في احلادية عشرةM هي ابنة أحد مدرسي اللغة اإلجنليزيـة«في حالة التليفزيونM ال داعي ألن تقلق بـشـأن شـعـورك بـاAـلـل بـسـبـب مـايجريM كما أنك لست مضطرا ألن تفعل أي شيء لكي تراهM يحدث. ولكـنعليك أن تفعل شيئا لكي تقرأM وليس ذلك نوعا من الـتـسـلـيـة. أقـصـد أنـهسيكون تسلية لو كان الكتاب جيداM لكن كيف eكـن أن تـعـرف أن الـكـتـابسيكون جيدا? على أي حال أنا أفضل مشاهدة الكتاب كبرنامج تليفزيوني».ويؤكد اآلباء هذا االجتاهM فتقول أم لديـهـا طـفـالن فـي الـثـانـيـة عـشـرة

والعاشرة وابنة في التاسعة من العمر:أطفالي يواجهون متاعب في العثور على الكتب التي يحبونها في اAكتبة.ويبدو أن لديهم نوعا ما من اAقاومة للكتبM على الرغـم مـن أنـنـي وزوجـيقارئان نهمان. إنني أظن أنه لوال وجود التليفزيون لديهم لقضوا وقتا أطولفي البحث بهدوء عن شيء جيد في اAكتبة. كانوا سيضطرون لذلك دفعـا

Page 79: Al Atfal wa al2dman

79

التليفزيون والقراءة

للملل. لكنهم حاليا ال يزورون اAكتبة في الواقع حh آخذهم. إنهم ال يركزونانتباههم على أي شيءM فليست القراءة هي التسلية األساسية لديهم. هناكدائما شيء أفضل وأسهل عمال. ولذلك فهم غير مضطرين للنظر بإمعانفي اAكتبة. إنهم eرون بها مسرعh ونادرا ما يـجـدون أكـثـر مـن كـتـاب أو

اثنh كافيh إلثارة اهتمامهم وأخذهما.من اAرجح أن يقاوم األطفال الذين يجـدون صـعـوبـة فـي الـقـراءة اAـلـلبالتحول إلى التليفزيون بأكثر �ا يفعل القراء الناجحون. فالتليفزيون يلعبدورا سلبيا بعيد األثر في النمو العقلي لهؤالء األطفال الذين eكنهم فقطعن طريق اإلكثار من القراءة أن يأملوا في الـتـغـلـب عـلـى مـشـاكـل الـقـراءةلديهم. وكثيرا ما أثار اAدرسون واالختصاصـيـون فـي شـؤون الـقـراءة هـذهالنقطة عند مناقشة تأثيرات اAشاهدة التليفزيونيـة عـلـى قـراءة األطـفـال.فمشاهدة التليفزيون ال حتول بh األطفال األسوياء وبh اكتساب مهاراتالقراءة (على الرغم من أنها قد جتعلهم يقرأون أقل)M وإن كـان يـبـدو إنـهـاتزيد من مشكالت األطفال الذين يعانون من عجز في القراءة ألنهـا تـوفـرلهم بديال سارا غير لفظي وتقلل بالتالي من استعدادهم للسعي في طلـب

القراءة بهدف إيجاد مسرات بديلة.ومن السهل إيضاح أن تيسر التليفزيون يقلل حجم القراءة لدى األطفالأكثر من أي عامل آخر. فاAعلومات اAتوافرة تؤكد حدوث زيـادة عـامـة فـيـ أي أثناء تعطل القراءة لدى الوالدين واألطفال حh يغيب جهاز التليفزيون اجلهاز مؤقتا أو تخلص األسرة منه <اما. وحh ال يتيسر النشاط العقلياألقل مشقة أو إرهاقاM يتحول األطفال إلى القراءة طلبا للتسليةM وهم أكثر

رغبة في الصبر على «العمل» اAعقد.

البيئة املنزليةيتأكد دور البيئة اAنزلية في �و مهارات القراءة لدى األطفال من خاللدراسة حديثة للمشاهدة التليفزيونية وعالقتها بالتحصيل الـقـرائـي. فـقـدركز الباحثون االهتمام على اAراحل اخملتلفة لنمـو الـقـراءة وقـارنـوا تـأثـيـراAشاهدة التليفزيونية في كل مرحلة ـ من مرحـلـة مـا قـبـل الـقـراءةM مـرورا�رحلة اكتشاف اAعاني األولية ومرحلة زيادة الطالقةM وأخيراM إلى اAرحلة

Page 80: Al Atfal wa al2dman

80

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

التي يستطيع فيها األطفال القراءة طلبا للمعرفة واالطالع. والحظ واضعوMنزلية يتشجيع وتعـزيـز نـشـاطـات الـقـراءةAالدراسة أنه «إذا قامت البيئة اتوافرت لدى الطفل فرصة أفضل للتقدم بال متاعب عبر اAراحل الـثـالثاألولى. ومن ناحية أخرىM فإنه إذا كان لدى البيئـة اAـنـزلـيـة آلـيـات قـلـيـلـةMوإذا أكدت على التليفزيون باعتباره وسيلـة الـتـسـلـيـة Mلتيسير �و القراءةوالنشاطM والتفاعل واكتساب اAعلوماتM فقد يعوق ذلك �و الـقـراءة عـنـدالطفل». ويالحظ أصحاب الدراسة في اخلتام أن «السن متغـيـر مـهـم فـيhندرجAوأنه كلما كان سن األطفال ا Mشاهدة التليفزيونية والقراءةAدراسة افي الدراسة أصغرM زاد احتمال ظهور تأثيرات البيئة اAنـزلـيـة واAـشـاهـدة

.(١٠)التليفزيونية في السلوك اخلاص بالقراءة»

قراء كسالىMإن التجربة التليفزيونية إلى جانب أنها تقلل حاجة األطفال إلى القراءةعن طريق شغل ساعات كثيرة من يومهمM وإمكانات قراءتهمM قد تؤثر بصورةبعيدة األثر في الطرائق العملية التي يقرأ بها األطفالM أي ما eكن تسميتهبأسلوب قراءتهم. ففي الوقت الذي يستمر أطفال عصـر الـتـلـيـفـزيـون فـي

القراءةM والقراءة بسرورM إال أن هناك تغيرا ما فيما يتعلق بقراءتهم.تناولت إحدى اAتحدثات في مؤ<ر للتربويـh ظـاهـرة جـديـدة أطـلـقـتعليها «القار� الكسول». إن هذا القار� طفل ذكي من أسرة ذات تعليم عاللم يحقق بطريقة أو بأخرى االنتقال من اكتساب مهارة القراءة إلى استيعاب

إلى هذا الـنـوع مـنGeorge Steinerما يقرأه. ويشير الـنـاقـد جـورج سـتـيـنـر القراء حh يالحظ «أن غالبية كبيرة من أولئك الذين اجتازوا نظام اAدرسة

. ويبدو أن اAـدرسـh(١١)األولية والثانوية eكن أن تـقـرأM إال أنـهـا ال تـقـرأ»يصادفون اAزيد من هؤالء «القراء الكسالى» كل سنة.

إن «القار� الكسول» يقرأ جيداM إال أنه اليقرأ بانتـبـاهM أي أنـه ال يـقـرأبذلك القدر من االستغراق والتركيز اAطلوبh للفهم الكامل. فالتركيزM برغمكل شيءM مهارة تتطلب �ارسة لكي تنموM وإمكانات طفل التليفزيون علىتعلم تركيز االنتباه بوضوح واالحتفاظ بالتركيز محدودة. والواقع أن التشتتالعقلي الذي تتطلبه التجربة التليفزيونية قد يجعل األطفال الـذيـن قـبـعـوا

Page 81: Al Atfal wa al2dman

81

التليفزيون والقراءة

Mآالف الساعات أمام اجلهاز يدخلون عالم القراءة بطريقة أكثـر سـطـحـيـةوأكثر نفادا للصبرM وأكثر غموضا.

إلى هذا النوع من القراءة حDonald Barrhوقد أشار اAربي دونالد بار Mـزيـد مـن الـكـتـبAكتب يقول: «إن األطفال قد يتناولون ويقلبون صفحات الكن ما يفعلونه يبدو لي في كل سنة أقل شبها بالقراءة». وهوM أيضاM يربطالتدهور في القراءة بتجارب األطفال التليفزيونية: «إن التليفزيون يجعـلـك

.(١٢)تلقي نظرة عابرة على الصفحةM وذلك شيء يختلف كثيرا عن القراءة»

ال كتبإذا كان األطفال يقرأون بطرق تختلف بصورة عميقة عن أساليب القراءةفي عصر ما قبل التليفزيونM فكيف يؤثر هذا التـغـيـيـر فـي مـا يـخـتـارونـهللقراءة? ثمة إشارات في الواقع إلى حدوث تغيير في أفضليات القراءة عنداألطفالM من حيث قراءة أنواع مختلفة من الكتب طلبـا لـلـمـتـعـة أكـثـر �ـاكانت عليه احلال في الفترة التي سبقت اAشاهدة التليفزيونية. وقد يعزىجانب من هذا التغيير إلى مضامh البرامج التليفزيونية الـتـي يـشـاهـدهـااألطفال. فالتراجع اAلحوظ في شعبية الـقـصـص اخلـيـالـيـة فـي الـعـقـديـناألخيرينM على سبيل اAثالM يبدو مرتبطا باAادة اخليالية اAتاحة لهم على

. إال أن تغييرات أخرى في اهتـمـامـات الـقـراءة لـدى(١٣)شاشة التيـلـفـزيـوناألطفال قد ترتبط بتأثيرات التجربة التليفـزيـونـيـة الـفـعـلـيـة فـي أسـالـيـب

قراءتهم.يقول ناظر إحدى اAدارس االنتقائية اخلاصة باألوالد في نيويورك:

على كثرة ما يشاهد أوالدنا التليفزيون فإنني لم أجد أي ارتباط جوهريبh حجم اAشاهدة التليفزيونية وتداول الكتب من اAكتبة. والتـغـيـيـر اAـهـميتمثل في أنواع الكتب التي يقرأها التالميذ. هـنـاك تـراجـع فـي اAـيـل إلـىاخليالM وقصص اAغامرات من جميع األنواع. لـكـن االجتـاه اجلـديـد الـذي

.(*)يبدو ليM في الواقعM هو اAيل الكبير لدى األطفال لقراءة اAواد غير الكتابيةوأبرز األمثلة على اAواد غير الكتابيةM هو موسوعة جينس لألرقام القياسية

مواد تعليمية ليست عـلـى شـكـل كـتـب ـ مـثـل األشـرطـةnon-book materials(*) مواد غير كـتـابـيـة: واألفالم. (قاموس التربية).

Page 82: Al Atfal wa al2dman

82

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

Guinness Book of Recordsويندرج جزء كبير �ا يبدو أن األوالد يقـرأونـه .هذه األيام في هذه الفئة.

ويتراءى للمرء أن «الال كتاب» قد صمم خلدمة أسلوب جديد للقـراءة.فهو ليس كتابا من ذلك النوع الذي يضم بh دفتيه قـصـة بـاقـيـة أو دعـوىمتقنة العرض بحيث يقرأ من البداية إلى النهاية. إنه كتاب تكـفـيـه نـظـرةMرور بصفحاته في خفـة وسـرعـةAوا Mوقراءة متقطعة غير منتظمة MعجلىMأو التخيل الداخلي MركزAوالتفكير ا Mوال يحتاج إال إلى القليل من التركيزويوفر معلومات كافية للمواد السارة بصريا إللهـاء الـطـفـل الـذي ال يـشـعـربالراحة جتاه األسلوب التتابعي الـقـدt لـلـقـراءة. والـال كـتـاب فـي صـورتـه

M ال يخلو من القصة اAترابطة منطقياthe ultimate nonbookاألكثر �وذجية ستغني فيه <اما أيضا عن الكلمات.فحسبM بل ي

وتوحي األشكال التصويرية اAتزايدة للكثير من كتب الـكـبـار واألطـفـالبأن هذا االجتاه قد بدأ بالفعل. (تندرج الكتب الفكـاهـيـة ضـمـن تـصـنـيـف�اثلM إال أنها لم تعتبر قط كتبا «حقيقية»). وتدخل في صميـم اAـوضـوع

M أو ظاهرة الرسوم اAتحركةM التي اكتسحت صناعةmanga genshoحالة الـ النشر اليابانية منذ سنوات قليلةM بقوائم طويلة من كتب الرسوم اAتحركـةاجلديدة اAغلفة ذات الكلمات القليلة والتي أغرقت سوق الكتاب. وقد الحظأحد الناشرين اليابانيh أن «ظاهرة الرسوم اAتحركة الغبية هذه هي جزءمن الثقافة الصاعدة للبطاقات البريدية. إننا ننتقل من ثقافة القراءة إلـى

.(١٤)ثقافة اAشاهدين»إن جانبا مهما للـ «ال كتاب بالنسبة للطفل ذي التنـشـئـة الـتـلـيـفـزيـونـيـةيتمثل في سهولة الوصول الفوري حملـتـواه. فـلـيـس هـنـاك حـاجـة إلـى بـذلاجلهد من أجل «التعود» في حالة الالكتابM وهي العملية التي البد أن يقومالقارىء فيها باالنتقال من واقعه اخلاص إلى عالم الكتاب. وكثيرا ما تكونهذه اAرحلة األولية مربكة في حالة الكتابM إذ تظهر أسماء وأماكن جديدةMحشد من الشخصيات اجلديدة. لكن القار� يثابر على القراءة tويتم تقد

مدركا أنه سرعان ما يألف الكتاب ويبدأ في االستمتاع به.ليس هناك عملية «تعود» مرادفة في مشاهدة برنامج تليفزيوني. فعلىالرغم من أن قدرا من االرتباك بشـأن األسـمـاء والـشـخـصـيـات قـد يـوجـد

Page 83: Al Atfal wa al2dman

83

التليفزيون والقراءة

أيضا عند بدء التجربة التليفزيونيةM فإن البرنامج eضي قدما بأقل مجهوديطلب من اAشاهد لكي eيز ويتخيل ويـفـهـم. إن الـعـالـم اAـادي لـلـبـرنـامـجـ ال يحتاج اAرء إلى حتمل أوصاف التليفزيوني يغدو متاحا للعh على الفور مرهقة فيما يتعلق بالناس أو األماكن قبل أن تبدأ حركة األحـداث. و<ـألاAادة البصرية األعh واآلذان بالكامل بحيث ال تتوافر للذهن فرصة للشرود

أو فقدان احلماس.ومثله مثل التليفزيونM ال يفرض الالكتاب مطالب زائدة في البداية. فهوإذ يتكون من حقائق صغيرة ونتف من اAواد الشائقةM ال يتغير على أي نحوفي أثناء انهماك الطفل في متابعته. إنه ال يصبح أسهلM أو أصعبM أو أكثرإثارةM أو أكثر حبسا لألنفاسM بل يظل كما هو. وهكذاM فليس هناك حاجة«إلى تعود» على الالكتاب لعدم وجود مراحل أبعد eكن بلوغهـا. غـيـر أنـهبينما ال يتجشم قار� الالكتاب عناء الدخول الصعب إلى عالم بديلM فإنهأيضا ال يحظى أو ال حتظى باإلشباع العميق الذي قد تتـيـحـه قـراءة كـتـب

حقيقية.كثيرا ما يهد� اآلباء من قلقهم بشأن انغماس أطفـالـهـم الـتـلـيـفـزيـونـيمؤكدين أن أطفالهم ما يزالون يقرأون. لكن هذه القراءة التي يتحدث عنها

اآلباء تندرج في أحيان كثير في هذا التصنيف الفعلي لالكتاب:«إن أندروM كما تعرفM يحب التليفزيـون لـكـنـه اليـزال يـقـرأ. وهـو يـقـرأكثيرا بهدف االطالعM ويحب البحث عن اAعلومات وما إلى ذلك. لكنه يجدأن معظم اAؤلفات اخليالية �لةM وكذلك سير حياة األشخاص ومـا شـابـهذلك من الكتب. غير أنه يقرأ جيداM ولذلك فإنني ال أشعر كثيرا بالقلق».

سايرهم، إن لم تستطع التغلب عليهمثمة محاولة واعدة لوقف تراجع القراءة عند األطفال أثناء وقت الفراغنراها في أسلوب «سايرهمM إن لم تستطـع الـتـغـلـب عـلـيـهـم»M الـذي يـحـبـذاستخدام التليفزيون ذاته كحافز لتشجيع األطفال على اAزيد من القراءة.ففي السنوات األخيرة ظهر فيض من البرامج التـلـيـفـزيـونـيـةM الـبـعـضمنها برعاية مؤسسات عامةM واآلخر ترعاه شبكات التليفزيون نفسهاM وكلهاذات هدف يحظى بتقريظ كثير أال وهو تنمية القراءة بh األطفال. وتستخدم

Page 84: Al Atfal wa al2dman

84

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

الشكل األسلوبي للمجالت الـفـكـاهـيـة وأحـدReading Rainbowبرامج مـثـل النجوم التليفزيونيh كضيف إلثارة احلماسة نحو القراءة بh جمهور الصغارالذين يحتاجون بجالء إلى مثل هذه اإلثارة. فهمM برغم كل شيءM يشاهدون

البرنامجM وليسوا قراء كتاب!CBSوشملت جهود أخرى مشروع «اقرأ أكثر عن...» الذي بدأته شبكة

بالتعاون مع مكتبة الكوجنرسM والذي جعل جنوم عدد من البرامج التليفزيونيةالتي أعدت على أساس كتب يخرجون عن أدوارهم عند العـرض الـدرامـيحلض مشاهدي التليفزيون على اخلروج وقراءة الكتاب ماداموا قد شاهدوا

عن اإلعالن مرارا وتكـرارا عـن الـقـراءة:NBCالبرنامج. ولم تـكـف شـبـكـة «حh تغلق جهاز تليفزيونكM افتح كتابا»M كانت تلك هي الرسالة التي تبثمع انتهاء مسلسل محبب لألطفال في وقت متأخر من فترة ما بعد الظهر.

M باAثلM إلى جوقة الدعوة للقراءة بإنهاء بعض البرامجABCوانضمت شبكة اخلاصة اAقتبسة لألطفال من الكتب قائلة «شاهد البرنامج ـ اقرأ الكتاب».ومهما يكن فلم يصل أحدM سواء على شاشات التليفزيـون الـتـجـاري أوالعامM إلى حد اقتراح «عدم مشاهـدة الـبـرنـامـجM وقـراءة الـكـتـاب بـدال مـنذلك». لكن هذا ـ كما يبدو ـ قد يكون رسالة أكثر تأثيرا. فبينما ال يتـوافـرMدليل من أي نوع على أن احلض التليفزيوني يؤدي إلى حـب الـقـراءة أكـثـرفإن هناك دليال مهما يبh أنه عـنـدمـا يـتـم الـتـخـلـص مـن مـنـافـسـة جـهـازالتليفزيونM يتحول األطفال ببساطة إلـى الـقـراءة عـوضـا عـن ذلـك. وعـلـىسبيل اAثالM فإن اAدارس التي نظمت أسابيع «التليفزيون �نوع!»M والـتـيخاللها توافق فصول األطفال جميعهاM وأحيانا اAدرسة بأسرهاM على نبذكل مشاهدة تليفزيـونـيـة طـوال أسـبـوعM تـبـh وجـود زيـادة ال بـأس بـهـا فـيالقراءة خالل فترة التجربة. وتؤكد تقارير اآلبـاء اAـبـتـهـجـة بـشـأن رؤيـتـهـمألطفالهم غير سابقا السابقh وقد انكبوا على قراءة كتاب ما أثناء أسبوعمنع التليفزيون االستنتاج القائل إنه في حالة عدم وجود التـلـيـفـزيـون فـإناألطفال سيتحولون إلى القراءةM وهو ما تؤكده أيضا تقارير أمناء اAكتبات

.(١٥)اAدرسية بشأن زيادة تداول الكتب خالل أسبوع منع التليفزيونوفي الوقت الذي قد تكون اجلهـود الـرامـيـة إلـى تـشـجـيـع الـقـراءة عـنطريق برامج التليفزيون محمودة النواياM إال أنها <ثل أمال خادعـا بـوجـود

Page 85: Al Atfal wa al2dman

85

التليفزيون والقراءة

Mمخرج من وضع صعب. والواقع أن سبل تشـجـيـع الـقـراءة مـعـروفـة جـيـداوحتتاج إلى الوقت واجلهد من جانب كل من الوالدين. وقد عبـر عـن ذلـكأحد الكتاب التربويh بقوله: «إن قراء اAستقبل هم نـتـاج األمـهـات واآلبـاءالذين يقرأون ألطفالهم منذ الطفولةM يقرأون لهـم خـالل حلـظـات الـهـدوءاليومي ويقرأون لهم عند النوم ليال. فعند ئذ فقط يغدو الكـتـاب عـنـصـرا

.(١٦)أساسيا من عناصر احلياة»

القراءة بكثرة كما في املاضيأحد العناوين العريضة يعلن أن «األمريكيh في العصر اإللكتروني يقرأون

. فهل لنا أن نعتقد أن تأثير التليفزيون(١٧)كثيرا كما كان احلال فيما مضى»في القراءة ليس ضارا كما بدا قبالM أو أن األمريكيh بعد بضعة عقود منالتكيف مع الوسيلة اإلعالمية اجلديدة يعودون حاليا إلى األساليب واأل�اط

السابقة لقراءتهم?إن اAقالة سالفة الذكر تستند إلى مسح للقراءة من حـيـث الـكـم ال مـنحيث الكيف في األساسM ففي حكمه بأن األمريكيh يقرأون كثيرا كما فيأي وقت مضىM تضمن اAسح فـي حتـلـيـلـه اإلحـصـائـي كـل نـوع �ـكـن مـنالقراءةM من التعليمات اخلاصة باألجهزة اجلديدة إلى عـالمـات الـشـوارع.وأورد اAسح آخر أرقام توزيع الصحف واجملالت وإحصائيات مبيعات الكتبوخرج باألنباء الواعدة بأن هذه األرقام مرتفعة كما كان احلال في السابق.غير أنه في حh أن األمريكيh قد يشترون الكثير من الكتب حقاM ويقرأونالكثير من اجملالتM ويقضون الكثير من الدقائق يوميا في النظر إلى األشياءاAطبوعة من كل صنفM فإن نظرة أقرب إلى التغييرات اAثيرة التي حدثتفي صناعة الكتب واجملالت تضع نتائج اAسح في منظور جديد. ور�ـا اليقلل التأثير النهائي ألشكال االتصاالت اجلديدة حجم القراءة لدى الناسحالياM إال أن من الواضح أنه يغير ما يقرأه الناس والطريقة التـي يـقـرأونبها. وعلى خالف العنوان العريض الواعدM فإن هذا الـتـغـيـيـر قـد ال يـكـون

مدعاة لالحتفال.إن التـغـيـر احلـاصـل فـي عـادات الـقـراءة يـبـرز مـن خـالل االخـتـالفـاتالواضحة في أنواع الكتب واجملالت التي تنشر وتباع اليـوم. لـقـد ارتـفـعـت

Page 86: Al Atfal wa al2dman

86

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

مبيعات الكتبM كما يرصد اAسحM لكن الزيادة األكثر إثارة حدثت في نشرومبيعات الكتب اAتخصصة: كتب الكمبيوترM كتب اخلبرات العملـيـةM كـتـبMأيـضـا Mاحلمية والتجميل. ويبدو أن الـكـبـار hكتب حتس Mاخلدمة الذاتيةيتحولون إلى الالكتب. إذ eكن رؤيـة تـغـيـيـر مـشـابـه فـي تـراجـع أو تـوقـفمجالت االهتمامات العامة التي حققت انتشارا كبيرا يوما ما: مجالت مثل

Life أو Look أو Saturday Evening Postالتي ضمت مقاالت حول تـشـكـيـلـة Mواسعة من اAوضوعات. في مكان هذه اجملالت نرى تكاثر مجالت واسعـةالنجاح حول موضوعات متخصصة ـ مجالت كمـبـيـوتـرM مـجـالت األجـهـزة

السمعيةM مجالت عن التخطيط اAاليM والعدوM والتنسM وما إلى ذلك.وفي حh أن اAقاييس الكـمـيـةM الـتـي ال <ـيـز بـh قـراءة رسـائـل عـلـب

h أن القراءة مازالت تشغـلبالطعام وقراءة قصص تشيخوف القصـيـرةM تMالعديد من ساعات اليوم لدى األمريكي العادي كما كانت احلال مـن قـبـلفإن جميع اAؤشرات تدلM عند دراسة الفروق الفرعيةM عـلـى تـنـاقـص فـيقراءات أوقات الفراغM وفي قراءات الترفيه واAتعةM وفـي الـقـراءة الـهـادفـةلتوسيع مجاالت االهتمامM أو مـن أجـل فـهـم أعـمـق لـلـشـؤون اخلـارجـيـة أو

العالقات اإلنسانية.ما هي اAسألةM إذن? إذا كان الناس قد حتولوا إلـى الـتـلـيـفـزيـون طـلـبـاللترفيه في أوقات فراغهم ـ إذا كانوا قد تابعوا إذاعة األخبار Aعرفة األحداثاجلارية بدال من قراءة الصـحـف والـكـتـبM وإذا كـانـوا يـشـاهـدون األعـمـالالدرامية التليفزيونية بدال من قراءة الروايات أو سير حياة األشخاص ـ فهليتعh النظر إلى ذلك كنوع من التغير غير اAرغوب فيـه? إن أولـئـك الـذيـنMيعتقدون أن عملية القراءة ترتبط ارتباطا عميقا بالقدرة على التفكير بوضوحوبطريقة حتليلية يثقون بأن األ�اط اجلديدة للقراءة ال تبشر بخير Aستقبل

في مؤ<رTownsend Hoopesأمة دeوقراطية. فكما الحظ تاونسند هوبز حول «النفور من القراءة»M وهو ما وصف بأنه كراهية القراءة بh القادرينعليهاM فإن: «التفكير الواضح يتيسر بدرجة كبيرةM بل يـعـتـمـد <ـامـا عـلـىالقدرة على استخدام األدوات اجملربة للكلمات الدقيقة واAعاني الراسخـةضمن هيكل جملة متماسكة». وال eكن أن تكون العواقب واعدة بالـنـسـبـةMطـبـقـا لـرأي الـسـيـد هـوبـز Mيـبـدون hوقراطية ألمة من الناخبeلعملية د

Page 87: Al Atfal wa al2dman

87

التليفزيون والقراءة

راضh بتفسيراتهم اخلاصة الضحلة Aا يقرأونهM ويقاومون بشدة أي التماسأو توجيه لشرح وجهات نظرهم أو الدفـاع عـنـهـا بـأي حتـلـيـل يـسـتـنـد إلـىhـاجـوجـيـeنطق أو قوة احلجة. إن جمـاهـيـر كـهـذه عـرضـة لـوعـود الـدAاMوقراطية ذاتهeزقون نسيج الدe فاقدي الضمائر الذين قد hواالنتهازي

.(١٨)إذا ما أعطيت لهم السلطة

ملاذا الكتب؟عند مقارنة اAشاهدة بالقراءةM البد أن يكون السؤال األخير هو: أهناكMكن للتجربة التليفزيونيةe إلى القراءة في حياة البشر? هل Mأساسا Mحاجةالتي تلبي حاجات مختلفة وتشتمل على طرائق تفكير متنوعةM مع ذلكM أالتعكس تغيرا في حاجات الناس وأشكال التفكير التي ستسود في اAستقبل?Mا حتى بالرجعية�هل هناك شيء عفى عليه الزمن أو يتسم بالتصلبM أو ر

فيما يتعلق بالدفاع عن القراءة في عصر التليفزيون?إن اإلجابة البد أن تكمن في ارتباط كل وسيلة بإنسانية جمهورها. ففيالقراءةM يستثمر الشخص أقصى قدرة إنسانية فريدة لديه أال وهي التفكيراللفظي. إنه ينقل الرموز اAوجودة علـى الـصـفـحـة إلـى شـكـل مـعـh <ـلـيـهطبيعته اإلنسانية اخلاصةM ورغباتهM ومخاوفهM وحاجاته الـداخـلـيـة. وكـمـا

فإن القراءة «تقدم تداعياتJerzy Kosinskiالحظ الروائي جيرزي كوزنسكي فجائيةM غير مطروقةM وتبصرا جديدا في مراوحـات حـيـاة اAـرء الـذاتـيـة.فالقار� تستهويه مخاطرة اإلبحار في النصM وتأمـل حـيـاتـه اخلـاصـة فـي

.(١٩)ضوء اAعاني الشخصية للكتاب»إن اAشاهد في التجربة التليفزيونية تقوده مقتضيات وسيلة آليةM وهوعاجز عن استخدام أرفع قدراته العقلية تطورا أو تلبية حاجاته االنفعاليةالفردية. إنه يتسلى حh يشاهد التليفزيونM لكن مشاركته السلبيـة تـتـركـهكما هو دون تغيير من حيث اAعنى اإلنساني. ذلك أن اAشاهدة التليفزيونية

توفر للمرء اللهو والتسليةM بينما القراءة تتيح له النمو وتدعمه.

Page 88: Al Atfal wa al2dman

88

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

Page 89: Al Atfal wa al2dman

89

التليفزيون وا�درسة

التليفزيون واملدرسة

عالقة سلبيةطوال العقدين اAاضيـh تـراكـمـت األدلـة عـلـىوجود عالقة بh اAشاهدة التليفزيونية والتحصيلMالدراسي ـ فكلما زادت مشاهدة األطفال للتليفزيونانـخـفـض حتـصـيـلـهـم الــدراســي. وواقــع األمــر أنالدراسات الكثيرة اAشار إليها في اجلـزء اخلـاص

١٩٨٢بالتحصيل التربوي من البحث الذي أجراه عام ) حـولNIMHاAـعـهـد الـقـومـي لـلـصـحـة الـعـقـلـيــة (

التليفزيون قد بينت ـ باستثناء دراسة واحدة ـ وجودعالقة سلبية . والسؤال احلاسم هـو مـا إذا كـانـتـ وما إذا كان التليفزيونM بعبارة هذه العالقة سببية أخرىM هو السبب في نقص الـتـحـصـيـلM ودون أن

.(١)يكون هناك أي عامل متزامن آخرإن إحدى أوضـح الـدالالت عـلـى وجـود عـالقـةسـبـبـيـة بـh اAـشـاهـدة الـتـلـيـفـزيـونـيـة وانـخـفــاضالتحصيل الدراسي eكن العثور عليها فـي دراسـةكندية مبكرة قارنت بh درجات القراءة لدى أطفال

) ودرجاتNotelفي مدينة من دون تليفزيون (نوتل نظـرائهم في مدينتh أخريMh إحداهما بـهـا قـنـاة

) واألخرى توافرتUnitelتليفزيونية واحدة (يونيتل ) .Multitelلديها عدة قنوات لبضع سنوات (ملتيتل

6

Page 90: Al Atfal wa al2dman

90

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

hدينتAلقد حقق األطفال بثبات في «نوتل» درجات أعلى من األطفال في ا.hاألخري

وعالوة على ذلكM حصل األطفال في «يونيتل»M التي يـقـل فـيـهـا تـوافـرالتليفزيونM على درجات أعلى من نظرائهم في «ملتيـتـل». غـيـر أنـه بـيـنـمـااستقر الرأي نتيجة لذلك على وجـود عـالقـة سـلـبـيـة قـويـة بـh اAـشـاهـدةالتليفزيونية والتحصيل الدراسيM لم يثبت بالضرورة أن غياب التليفـزيـونكان مسؤوال عن حصول أطفال نوتل علـى درجـات أعـلـىM أو أن اAـشـاهـدةالتليفزيونية األقل جعلت أطفال يونيتل يحققون نتائج أفضل مـن أقـرانـهـمفي ملتيتل . ومع ذلكM ر�ا كانت هناك متغيرات أخرى لها تأثيرها. ر�اكان اAدرسون في نوتل أفضلM ور�ا كان ثمة عوامل اجتماعية ـ اقتصادية

لم تؤخذ في االعتبار وقد تفسر االختالف في الدرجات.ثم وصل التليفزيون إلى نوتل. فإذا كان هناك متغير آخر ما وراء الدرجاتاألعلى في نوتلM فإنه بعد دخول التليفزيون إلى كل بيت من بيوتهاM ستظلدرجات القراءة هناك أعلى من نـظيراتها في يونيتل أو ملتيتل. لكن األمورhأعيد اختبار األطفال في نوتل بعد عـامـ hلم جتر على هذا النحو. فحمن وصول التليفزيون إلى مدينتهم كانت درجاتهم قد انخفضت إلى مستوى

hاألخري hدينتA(٢)ا.إن من اAؤسف حقا أن علماء االجتماع لم يتنبأوا حينما كان التليفزيونوسيلة جديدةM بالصلة احملتمل وقوعها بh اAشاهدة التليفزيونية والتحصيلالدراسي. كمـا لـم يـقـومـوا بـاالسـتـعـدادات الـضـروريـة إلجـراء الـكـثـيـر مـنالدراسات اAسبقة والالحقة في مجتمعات متنوعة. فلو كانت النـتـائـج قـدجاءت مشابهة لتلك النتائج التي أسفرت عنها الدراسة الكنديةM وهذا هواألرجحM ألعطت دليـال ال يـدحـض عـلـى الـعـالقـة الـسـبـبـيـة بـh اAـشـاهـدة

التليفزيونية وتناقص التحصيل الدراسي.لكن الدراسة الكندية تقف وحدها غير قابلة للتكرار في كندا أو الوالياتاAتحدة (أو في غالبية دول الـعـالـم الـغـربـيM فـي الـواقـع)M والـسـبـب هـو أناجملتمعات التي تخلو من التليفزيون اAطلوب للدراسة السابقة والالحقة لم

تعد موجودة.وتقدم أربع دراسات أخرى أكثر حداثة في النشر« ارتباطات سلبية قوية

Page 91: Al Atfal wa al2dman

91

التليفزيون وا�درسة

نسبيا بh اAشاهدة والتحصيل»M طبقا لنتائج البـحـث الـذي أجـراه اAـعـهـد:NIMHالقومي للصحة العقلية

لقد قارنت الدراسة األولى بh تالميذ صـف سـادس جـاءوا مـن بـيـوت باستمرارM وبh زمالء لهم يتم تـشـغـيـليظل فيها جهاز التلـيـفـزيـون مـدارا

hقورنت درجات القراءة لدى هات hالتليفزيون في منازلهم بصورة أقل. وحاجملموعتh ظهر اختالف جدير باالهتمام. فقد ظهرت درجات ثلثي تالميذالبيوت «اAستمرة» سنة واحدة عل األقل حتت مستوى الصفM بينما سجلتدرجات ثلثي اجملموعة «غير اAستمرة» على مستوى الـصـف أو أعـلـى مـن

.(٣)ذلكوفي دراسة ثانيةM ثبت أن األطفال الذين سمح لهم �شاهدة التليفزيونيوميا لساعات كثيرة في السنوات السابقة لدخولهم اAدارس حصلوا علىدرجات في القراءةM واحلسابM واختبارات اللغة عنـد نـهـايـة الـصـف األولأقل من األطفال الذين كانت مشاهدتهم التليفزيونية قليلة خالل سنوات ما

.(٤)قبل اAدرسةM قد تدخلIQغير أن عوامل أخرىM وبخاصة اختالفات معامل الذكاء

في هذه العالقة الواضحة اAعالم بh اAشاهدة التليفـزيـونـيـة والـتـحـصـيـل يـواصـلـون إبـعـاد هـذا االحـتـمـالNIMHMالـدراسـي. لـكـن أصـحـاب تـقـريـر

مستشهدين بدراسة شملت ٦٢٥ تلميذاM بدءا من الصف السادس إلى الصفالتاسع من صفوف إحدى مدارس الضواحي الريفية احلكومية. لقد قارنالباحثون هنا التالميذ الذين لديهم معامل ذكاء عال وكانوا من مـشـاهـديالتليفزيون بغزارة مع تالميذ eاثلونهم ذكاءM إال أنهم قلما كانوا يشاهدونالتليفزيون. وقد وجدوا درجات أعلى بصورة ملحوظة في اختبار االستيعاب

.(٥)القرائي بh التالميذ األقل مشاهدةأما الدليل الرابع فقد قدمه مسح واسع النـطـاق مـن كـالـيـفـورنـيـا بـعـدفحص عادات التليفزيون والصفوف الدراسيةM ألكثر من ثالثمائة ألف منتالميذ الصفh السادس والثاني عشر باAدارس احلكوميـة. وقـد أظـهـرتالنتائج وجود عالقة إحصائية قوية بh اAشاهدة التليفزيونـيـة وانـخـفـاض

التحصيل الدراسي.والحظ مراقب التعليم في كاليفورنيا أن متغيـرات مـثـل الـذكـاءM ودخـل

Page 92: Al Atfal wa al2dman

92

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

الوالدينM وعدد ساعات الواجبات اAدرسية في اAـنـزلM لـم تـغـيـر الـعـالقـةالسلبية بh اAشاهدة التليفزيونية والتحصيل الدراسي. وكان الدليل بالنسبةله من القوة بحيث جعـلـه يـعـلـق:« إن الـتـلـيـفـزيـون لـيـس ذا قـيـمـة ويـحـسـن

.(٦)إغالقه»ر�ا يكون إثبات وجود صلة سلبية بh اAشاهدة التليفزيونية والتحصيلالتعليمي أكثر أهميةM في احلقيقةM من محاولة فهم السببM في وجود مثلهذه العالقة. بيد أن التفكير في السبب الذي يجعل للمشاهدة التليفزيونيةعواقب سلبية على عمل األطفال الدراسي شيء البد منه. وتغطي االحتماالتحيزا واسعاM فمن التغييرات السيكولوجية الواقعية في أ�اط التفكير التيحتدث بسبب التعرض الشامل للتليفزيون خالل السنوات األولى من احلياةحh تكون كيمياء الدماغ عرضة لتغير بيئيM إلى االنخفاض الواسع االنتشار في القراءة كنشاط حرM ومن ثم جتاهل �ارسة مهمة ذات مادة لفظيـة

ضرورية لنمو تلك اAهارات اللفظية اAطلوبة في اAدرسة.غير أن التأثير الذي ال يقل أهمية والذي قد يثبت أن التليفزيون تركهعلى العمل الدراسي لألطفالM يكمن فـي حـقـيـقـة بـسـيـطـةM هـي أن وجـودالتليفزيون في اAنزل يجعل األطفال يسهرون حتى وقت متـأخـر أكـثـر �ـاكانت عليه احلال مع أطفال عصـر مـا قـبـل الـتـلـيـفـزيـونM وذلـك مـا تـؤكـدهإحصائيات تقرير إدارة الصحة العامة عن «التليفزيون والسلوك االجتماعي».وهذا النقص القليل في النوم برغم أهميته قد يجعل األطفال أقل انتباهافي اAدرسة. ويقول مدرس بإحدى اAدارس االبتدائيـة فـي فـرنـسـا مـعـلـقـاعلى ذلك:« أستطيع التمييز بh األطفال الذين توجد في بيوتهم تليفزيوناتوأولئك الذين ال eتلكونها; ألن هؤالء األخيرين أكثر تقبال لألفكار واAعلومات

.(٧)في الصباح«وعلى الرغم من قوة الدليل على العالقة العكسية بh مشاهدة األطفالللتليفزيون وحتصيلهم الدراسيM إال أنه لن يكون في اإلمكان أبـدا بـصـورةنهائية إثبات أن التليفزيون هو السبب الفعلـي. وسـوف يـظـل هـنـاك دائـمـااحتمالM وإن كان ضئيالM على وجود عامل آخر مؤثر يجعل األطفال الذينيكثرون من اAشاهدة التليفزيونية أسوأ حتصيال في اAدرسة من األطـفـالMـطـافAرة. وفي آخـر اAأو �ن اليشاهدون التليفزيون با MشاهدةAقليلي ا

Page 93: Al Atfal wa al2dman

93

التليفزيون وا�درسة

فالبد أن تكون الفطرة السليمة مرشدا لآلباء الراغبh في اتـخـاذ أفـضـلالقرارات Aصلحة أطفالهم. لقد كانت الفطرة السليمةM وليس االعتقاد فيصحة الدليل العلميM هي التي سيطرت على قرار أبوي مهم ألستاذ اتصاالتفي جامعة بنسلفانيا شارك في مؤ<ر حـول تـأثـيـر الـتـلـيـفـزيـون فـي تـعـلـماألطفال. فقد تساءل في لهجة خطابية:« هل eكننا أن نقول إن األطـفـالسيتعلمون أكثر إذا أبعدنا تليفزيوناتهم?» وأجاب قائال:« إننا ال نعرف» M إالأنه قدم عندئذ مالحظة شخصية «و�ا أنني قلت ذلكM فالبد أن أضيـفأن لدي طفلh في التاسعة وفي احلادية عشرة من العمر وال أدعهما يشاهدان

.(٨)أكثر من ساعة واحدة يوميا»

سر االختبارات الهابطة لالستعداد الدراسيإن الفكرة القائلة إن مشاهدة التليفزيون قد تتسبب أو تسهم في تراجعالتحصيل الدراسي تكتسب أهمـيـة بـالـغـة حـh تـوضـع فـي سـيـاق تـراجـعاAهارات الدراسية األساسية الذي حدث في أنحاء البالد في غضون العقدين

األخيرين.وeكن أن جند أحد أبرز األمثلة التي لوحظت علـى هـذا الـتـراجـع فـي

M الـذيScholastic Aptitude Test (SAT)درجات اختبار االستـعـداد الـدراسـي يتعh على طالب اAدارس الثانوية العالية أداؤه لاللتحاق بالكليات االنتقائية

في جميع أنحاء الواليات اAتحدة.إن نظـرة عن كثب إلى درجات اختبار االستعداد الدراسي لطلبة اAدارسالثانوية خالل العشرين عاما اAاضيةM في محاذاة بعض اإلحصائيات اخلاصةMشاهدة التليفزيونية في أمريكا في أثناء سنوات تكوين هؤالء الـطـالبAباقد تلقي بعض الضوء على غلبة التدني في اختبارات االستعداد الدراسي.فبh عامي ١٩٦٤ وM١٩٨١ هبط معدل الدرجات في اجلزء اللفظي مـناختبار االستعداد الدراسي من ٤٧٨ نقطة إلى ٤٢٤ على مقياس يتـدرج مـن٢٠٠ إلى ٨٠٠ نقطة. وقد تصادف أن كان عام M١٩٦٤ هو العام نـفـسـه الـذيأدى فيه هؤالء األطفال األوائل االمتحان لدخول الـكـلـيـات بـعـد تـعـرضـهـم

جلرعات كبيرة من التليفزيون في أثناء سنوات تعلمهم اللغوي.الeكن استخدام هذه اAصادفة البسيطة في التوقيت إلثبات الـعـالقـة

Page 94: Al Atfal wa al2dman

94

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

السببية بh اAشاهدة التليفزيونية وهبوط الدرجاتM برغم أنـهـا قـد تـثـيـرالشكوك بشأن وجود مثل هذه العالقة. فقد قيل مثالM إن السبب في ذلكيعود إلى التغيرات في أسلوب التعليم أو حلدوث تغيير في االختالط السكاني

.(٩)ألولئك الذين يؤدون االختبارلكن هناك عاملh يساعدان على تقوية حجة اAشاهـدة الـتـلـيـفـزيـونـيـةكعامل مسبب للتراجع وهما: امتداد هذا التراجع وحقيقة أنه يتسم بتغييراتفي درجتيه ـ أي بدرجات عالية أقل وبدرجات منخفضة أكثر ـ وليس انخفاضاشامال. وتلقي إحصائيات ملكية أجهزة التليفزيون وأ�اط اAشاهدة الضوء

.hعلى هذين العاملإن التراجع اAطرد في الدرجات eكن بوضوح أن يرتبط بالزيادة اAستمرةفي ملكية التليفزيون في الواليات اAتحدة من عـام ١٩٥٠ فـصـاعـدا. فـعـلـىالرغم من أن التليفزيون صار وسيلة إعالمية جماهيرية في عام M١٩٥٠ فقدبيع أربعة ماليh جهاز فقط في تلك السنة. وفي عام M١٩٥٥ كان لدى ٦٧ فياAائة من اAنازل األمريكية أجهزة تليفزيونية . وفي عام ١٩٦٠ بلغت النسبة٨٨ في اAائةM وفي عام ١٩٦٥ ارتفعت إلى ٩٢ في اAائةM وفي عـام ١٩٦٩ كـانلدى ٩٥ في اAائة من منازل األمريكيh جهاز تليفزيـون واحـد عـلـى األقـل.وبحلول عام ١٩٧٠ كانت ٩٦ في اAائة من األسر األمريكية قد انضمـت إلـى

. ولو(١٠)صفوف مشاهدي التليفزيونM أي جميع البيوت األمريكية واقعـيـا كانت اAشاهدة الـتـلـيـفـزيـونـيـة قـد أثـرت فـي الـقـدرات الـلـفـظـيـة لـلـطـالباألمريكيMh فإن التراجع اAطرد عاما بعد عام قد تفسره الزيادة اAستمرةفي األسر التليفزيونيـة عـامـا بـعـد آخـرM والـعـدد األكـبـر مـن األطـفـال ذويالتنشئة التليفزيونية الذين يؤدون االختبار كل سنة. ولو أن التليفزيون كانhحـ Mمذنبا حقا لكان هذا التراجع قد استمر حتى بدايات الـثـمـانـيـنـيـاتوصل نتاج عام ١٩٧٠ من األطفال ذوي السنوات الثالث إلى سن االلـتـحـاقبالكليات . والواقع أن هذا اAستوى األدنى قد حـدث M مـع بـقـاء الـدرجـات

عند اAستوى نفسه تقريبا منذ عام ١٩٨٢.ويكمن جانب آخر من اإلجابة على السؤال اAتعلق بسبب تراجع الدرجاتبانتظام طوال ثمانية عشر عاما أو نحو ذلك في الزيادة اAستمرة والكبيرةفي وقت اAشاهدة عند األطفال منذ السنوات األولى للتليفزيون. لقد كان

Page 95: Al Atfal wa al2dman

95

التليفزيون وا�درسة

متوسط وقت اAشاهدة األسبوعي للمجموعـة الـعـمـريـة ٢ ـ٥ سـنـوات ٢٣٬٢ساعة في عام ٬١٩٦٦ و٢٨٬٤ ساعة في عام ٬١٩٦٩ و٣٠٬٤١ ساعة في عـام١٩٧٠. كما لوحظت زيادة مشابهة للمجموعة العمرية ٦ـ١١ سنةM فمن ٢٠٬٩ساعة Aتوسط وقت اAشاهدة األسبوعي في عام ١٩٦٦ إلى ٢٥٬٤٩ ساعة في

M وهي زيادة مهمة. وتبh دراسـة أخـرى أن تـالمـيـذ الـصـفـh(١١)عـام ١٩٧٠األول والسادس (وهما اجملموعتان اللتان وقع عليهما اختيار الدراسة) كانوايشاهدون التليفزيون يوميا �ا يزيد نـحـو سـاعـة فـي عـام ١٩٧٠ عـلـى عـامM١٩٥٩ وأن اAشاهدة أيام اآلحاد ازدادت أكثر مـن سـاعـتـh ونـصـف سـاعـة

.(١٢)بالنسبة لتالميذ الصف السادسوتتمثل إحدى احلقائق التي قد تساعد في شرح الهبـوط الـواضـح فـيقوائم الدرجات العليا في أن التليفزيون كان يؤثر تأثيرا سيئا ومتزايدا فيحياة الطالب األكثر موهبة. ففي عام ١٩٥٩ وجد أن أكـثـر طـالب اAـدارس

هم األقل مشاهدة للتليفزيون واألكثر نزوعا إلى الـقـراءة مـنالثانوية ذكـاء. وAا كان اAوقف في تلك السنـة قـد(١٣)زمالئهم في الدراسة األقل موهبـة

أثبت العكس بh تالميذ الـصـف الـسـادس (كـان أذكـى الـتـالمـيـذ فـي هـذاالصف من بh الذين يشاهدون التليفزيون بكثرة)M فـقـد بـدا ذلـك �ـنـزلـةاجتاه واعد. وجرى التأكيد لآلباء القلقh على أن التليفزيون لـن يـكـون لـهتأثير يذكر في مصائر أطفالهمM مادام أذكى التالميذ عند الصف العاشر

ينكبون على الكتب <اما كما فعلوا دائما.لكن هذا االجتاه اAطمئن انعكس بحلول عام M١٩٧٠ فقـد أظـهـر تـقـريـرإدارة الصحة العامة آنذاك أن عددا أكبر من تالميذ الصف العاشر األذكياء

. لقد أصبحت للتليفزيون(١٤)كانوا أكثر استخداما للتليفزيون منهم للكتب اليد الطولى اآلن في حياة اجملموعة التي ضمت ذات يوم أكثر القراء نهما

للقراءة ـ التالميذ األكثر موهبة.ور�ا يساعد هذا التحول على تفسير اجتاه الهبوط اAستمر في قوائمدرجات أذكى طالب الـكـلـيـات مـن ١٩٦٤ حـتـى الـيـوم. فـألن عـددا أقـل مـنالطالب اAوهوبh يشحذون قدراتهم اللفظية من خالل القراءةM فإن احتمالهبوط درجاتهم الشفهية يزداد. ومن اAؤكد أن هذه اجملموعة من الطالباألذكياء كانت هي التي حققت من قبل أعلى الدرجات في امتحانات الكليات.

Page 96: Al Atfal wa al2dman

96

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

والواقع أن هذه الدرجات بعينها انخفضت بصـورة كـبـيـرة جـدا. وعـلـىسبيل اAثال فإن النسبة اAئوية لتسجيل العالمات الطالبية في النسق الذييتراوح بh ٦٠٠ وM٨٠٠ أي ألصحاب أعلى الدرجات اAسجلةM خالل الفـتـرةمن ١٩٧٢ إلى M١٩٨٢ هـبـطـت بـانـتـظـامM بـيـنـمـا كـان أذكـى الـطـالب يـزيـدونمشاهدتهم التليفزيونية. وخالل تلك السنوات العشر انخفضت النسبة اAئويةللطالب في نسق الـ ٦٠٠ أعاله من ١١٬٤ في اAائة من جميع الطالب الذينأدوا االختبار الشفهي إلى ٧ في اAائة. وبعبارة أخرىM كان هناك أداء متميزأقل في اختبارات االستعداد الدراسـي ومـعـدل أكـبـر لـلـدرجـات مـتـوسـطـة

اAستوى.قال أحد اAسؤولh في مجلـس الـكـلـيـة مـفـسـرا:« مـن أجـل إحـراز ٦٠٠

أرفع من مهارات التفكيرM مثل القدرةدرجةM يتعh على اAرء أن eتلك نوعا. ويبدو أن مهارات التفكير هذه لم تعد(١٥)على حتليل العالقات اAعقدة»

شائعة اليوم كما كانت من قبل.

عمل االستدالالتطوال خمسة وعشرين عاما مضت أشرف التقييم القومي للتقدم التربوي

NAEP) The National Assessment of Educational ProgressعهدAالذي يرعاه ا M(القومي للتربية التابع للـحـكـومـة الـفـيـدرالـيـةM عـلـى إجـراء اخـتـبـارات فـيموضوعات متنوعـة جملـمـوعـات <ـثـل أطـفـال اAـدارس فـي أنـحـاء الـبـالد.والغرض من هذا التقييم هو مراقبة التغييرات في أ�اط التحصيل الدراسيفي فترة زمنية معينة. ولم تكن الـصـورة الـتـي <ـخـضـت عـنـهـا الـدراسـات

مشجعة: تراجع مستمر فيNAEPاAسحية للتقييم القومي للتقدم التربوي اAهارات الـدراسـيـة فـي جـمـيـع مـسـتـويـات الـصـفـوف خـالل الـسـبـعـيـنـيـات

والثمانينيات.لقد أثارت إحدى اAهارات اخلاصـة الـقـلـق بـh اآلبـاء واAـربـh بـعـد أن

وأظهرت تراجعا خطيرا خالل السنوات اAاضية.NAEPخضعت لقياس الـ التي يطلق عليها «التفـكـيـر(*)وهذه اAهارة هي مهارة القراءة اAتـقـدمـة

. إن التفكير االستدالليM عالوة علـى أنـهinferential reasoningاالستداللـي» قراءة مواد عالية اAستوى.Advanced Reading(*) قراءة متقدمة

Page 97: Al Atfal wa al2dman

97

التليفزيون وا�درسة

اآلليات اجملردة للقراءةM هو القدرة على استخالص استنتـاجـاتM وتـكـويـنأحكامM وتفسير وخلق أفكار جديدة من خالل ما يقرأه اAرءM وهـو الـعـامـلMوالـعـلـوم Mوالتاريخ Mاحلاسم الذي يشكل أساس القراءة الهادفة في األدبوغيرها من اجملاالت. ومن غير هذه القدرة اAركبةM تصبح القراءة �ارسة

سطحية.هل هناك سبب للربط بh تراجع التفكير االستدالليM الذي من اAؤكدأنه عامل مهم في التراجع اAتزامن لدرجات اختبارات القـدرات الـلـفـظـيـةاAدرسيةM وبh جتارب <ضية وقت األطفال? هناك في احلقيقةM مشروعبارع � تصميمه لهدف مختلف في جامعة هارفاردM يساعدنا على التوصل

.(١٦)إلى هذا الربط بعينهلقد صمم الباحثون في جامعة هارفـارد جتـربـة دقـيـقـة بـهـدف دراسـةتأثيرات وسائل اإلعـالم اخملـتـلـفـة عـلـى اسـتـيـعـاب األطـفـال إلحـدى اAـوادالقصصية. وAا كانت نتائج هؤالء الباحثh تتناول حتديدا تلك القدرة التينناقشها هناM على استخالص االستنتاجاتM فيحسن بنا أن �عن النظر في

هذه التجربة:من أجل إجراء الدراسةM أعد اAشرفون على التجربة نسختh من قصةلألطفال حتمل عنوان «اللصوص الثالثة» من تأليف تومي أجنـرر. وكـانـتإحدى النسختh هي ببساطة «نسخة الكتاب» ذات القـصـة اAـصـورة الـتـيكان على أحد القائمh بالتجربة أن يقرأها على مجموعة واحدة من األطفال.أما النسخة األخرىM «نسخة التليفزيون» فكانت فيلما تليفزيونيا مقـتـبـسـامن القصة ذاتهاM للعرض على شاشة فيديو أمام مجموعة ثانية من األطفال.وللتخلص من أكبـر عـدد �ـكـن مـن اAـتـغـيـراتM فـقـد اسـتـخـدمـت نـسـخـةالتليفزيون الرسوم التوضيحية للـكـتـاب كـمـادة بـصـريـة M وقـدمـت الـرسـوماAتحركة فقط عن طريق كاميرا تتحرك فوق الصور اAوجودة في الكتـاب.وفضال عن ذلكM فإن السرد اخلاص بالنسخة التليفزيونية كان يتم بواسطةالشخص نفسه القائم بالتجربة الذي قرأ القصة في الواقع على األطفـال«نسخة الكتاب». وهكذا فإن النسختh كانتا متطابقتh فعليـا مـن جـمـيـعالوجوه فيما عدا الوسيلة اAستخدمة في البث . وكان الباحثون يأملون أنيكتشفوا بهذه الطريقة ما إذا كانت هناك اختالفات بh استجابة األطفال

Page 98: Al Atfal wa al2dman

98

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

للتليفزيونM وللمادة اAنقولة في «احلياة الواقعية» عن طريق كتاب حقيـقـيمزين بالصور.

كانت االختالفات التي ظـهرت في هذه التجربة مثيرة للذهول. فباAقارنةمع األطفال الذين شاهدوا العرض على التليفزيونM تذكر أطفـال» نـسـخـةالكتاب «اAزيد من القصة حh جرى اختبارهم عند نهـايـة اجلـلـسـةM وكـان�قدورهم أن يستعيدوا تفاصـيـل أكـثـر حـh طـلـب مـنـهـم أن يـفـعـلـوا ذلـكبأنفسهم. وفضال عن ذلك كان أطفال «نسخة الكتاب» أكثر استعدادا لتذكرالكلمات أو العبارات الدقيقة التي ظهرت في الكـتـابM بـيـنـمـا كـان أطـفـال

الفيديو ميالh إلى إعادة الصياغة.M مدير مشروع زيروHoward Gardenerلكن طبقا Aا قاله هوارد جاردنر

Project zeroفإن «أشد اختالفات Mسؤولة عن التجربةAؤسسة البحثية اAوهو ا الوسـيـلـتـh اإلعـالمـيـتـh إثـارة لـلـفـضـول هـو االخـتـالف فـي الـقـدرة عـلـى

. وعلى حد وصفهM فقد اجته أطفال نسخة التليفزيون(١٧)استخالص النتائجوأطفال نسخة الكتاب للوصول إلى االستنتاجات نفسها بشأن القصة فـيأثناء اختبارهم الالحقM وإن جاءت خطوط التفكير التي اسـتـخـدمـتـهـا كـلمجموعة لبلوغ تلك النتيـجـة مـخـتـلـفـة بـصـورة الفـتـة. وقـد بـدا أن أطـفـالالتليفزيون يعتمدون بصورة طاغيةM كما قال جاردنرM على اجلوانب البصريةللقصة كما شوهدت على الشاشة. وكان من النادر أن يتجاوزوا تلك احلقيقة» Mكما شرح جاردنر Mاحملددة لتفسير معنى القصة. وعلى النقيض من ذلككان أطفال الكتاب أكثر استعدادا لالعتماد على جتربتهم الشخصية اخلاصة

وتطبيق معرفتهم الذاتية الواقعية».ويخلص جاردنر إلى أن «التليفزيونM باختصارM يتبدى لألطفال كتجربةشديدة التفردM يحتل اAكون البصريM ضمن تخومـهـاM اAـوقـع األبـرز. ومـنجانب آخرM فإن جتربة الكتاب تتيح مدخال أوسع إلى لغة القصـة وتـوحـيبامتدادات رحبة في الزمان واAكان. فالكتب قد تشجع القراء علـى إقـامـة

صالت مع العوالم احلياتية األخرى».إن الدليل الذي تقدمـه جتـربـة مـشـروع زيـرو يـخـل بـالـتـراجـع الـذي �توثيقه جيدا فيما يتعلق �هارة التفكير االستدالليM كما يتضح في الدراسات

وفي تراجع اAستويات العليا لالمتحانات الشفهيةNAEPاAسحية الدورية للـ

Page 99: Al Atfal wa al2dman

99

التليفزيون وا�درسة

في اختبارات القدرات اAدرسية. وليس هناك بالطبع دليل علمي يـبـh أنآالف الساعات من اAشاهدة التلفزيونية قـد تـسـبـبـت فـي تـدهـور مـهـاراتالتفكير اAعقدة لدى األطفال األمريكيh. غير أن الـفـطـرة الـسـلـيـمـةM مـرةأخرىM هي وحدها التي تثبت بقوة أنه إذا كانت القدرة على تفسـيـر اAـادةاللفظية بطريقة ذات معنى ال تنمو في أثناء اAشاهدةM فإن جزءا من األطفالالذين تعودوا على طريقة مختلفة في معاجلة اAادة نتيجة لكثافة مشاهدتهمللتليفزيونM سيفتقرون إلى تلـك اAـهـارة اخلـاصـة حـh يـتـلـقـون اAـادة عـن

طريق وسيلة أخرى ـ أي عن طريق القراءة.

الكتابة حديث الكتابيتماثل مع النتيجة الطبيعية للتراجع في مهارات القراءة منذ منتـصـفالستينيات ـ إن لم يكـن أكـثـر وضـوحـا ـ تـدهـور فـي مـهـارات الـكـتـابـة عـنـدالتالميذ األمريكيh. لقد استهلت صحيفة النيويورك تاeز إحدى مقاالتهاقائلة «بسبب كارثة األعداد اAتزايدة من التالميذ العاجزين عن كتابة جملمتماسكة أو حل مسألة حسابية بسيطةM وجدت كليات وجامعات متزايـدة

.(١٨)أن عليها القيام بعمل عالجي في هذه اAهارات األساسية»وطبقا Aا أورده التقييم القومي للتقدم التربوي فإن األداء الكتابي للتالميذاألمريكيh ظل يتدهور باستمرار. و<يل غالبيـة الـتـالمـيـذ إلـى اسـتـعـمـالأبسط تركيب للجملة وأكثر اAفردات شيوعا عند الكتابة. فمقاالت التالميذالذين تتراوح أعمارهم بh ثالث عشرة وأربع عـشـرة سـنـة أكـثـر فـجـاجـة

وتفككاM وتشوشا بكثير حاليا من كتابات اAراهقh في العقود السابقة. تلك التيNAEPوتكتسب أهمية خاصة بh النتائج التي توصل إليها الـ

تتعلق �هارات الكتابة اAتقدمة. فمن بh طـالب اAـدارس الـثـانـويـة الـذيـناكتسبوا اآلليات األساسية للنحوM والتهجئةM واإلعرابM والذين يستطيعونعلى األقل كتابة «قصص مقبولة هامشيا» تدنت بصورة بـالـغـة فـي الـعـقـداAاضي نسبة الذين eكنهم تولي مهمة أكثر صعوبةM وهي تنظيم مناقـشـة

. وعلى سبيل اAـثـالM(١٩)والكتابة بصورة مقنعةM من ٢١ إلـى ١٥ فـي اAـائـة فقد أظهر اختبار يحتاج من الطالب إلى كتابة حتليل «مفتوح النهاية» عنقصيدتh شعريتh أن ٥١٬٢ في اAائة من الطالب الذين بلغوا سن السابعة

Page 100: Al Atfal wa al2dman

100

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

عشرة كتبوا حتليالت كافية في عام M١٩٧١ بينما كانت نسبة الذين استطاعوا.(٢٠)ذلك في عام ١٩٨٠ هي ٤١٬٢ في اAائة فقط

بعد فحـصDiane Ravitchوكما الحظت الناقدة التربوية ديانا رافيتـش ـ M فإن «الطلبة كتبوا كما لوNAEPكتابات إحدى اجملموعات التي اختبرها ال

أنهم يكتبون إعالنات جتارية. فلم يكن هناك ربط بh جملة وأخرىM والفهم.(٢١)Aعنى كتابة فقراتM وال إدراك للتسلسل اAنطقي من فقرة إلى أخرى

إن العالقة بh تأثيرات التليفزيـون فـي قـدرات الـقـراءة عـنـد األطـفـالوبh التراجع في مهارات كتابتهم واضحة. فاAربون يدركون جيدا أن التلميذالذي ال يستطيع أن يقرأ بفهم حقيقي لن يتعلم الكتابة جـيـدا أبـدا. يـقـولأحد مدرسي تعليم اللغة:«إن الكتابةM مع ذلكM حديث الكتابM وأنت تتعـلـم

حديث الكتاب بالقراءة فقط».ويالحظ أحد مدرسي اللغة اإلجنليزية �درسة ثانوية:

«ال جدال في أن جناحك بصفتك طالبا يـعـتـمـد بـصـورة ضـخـمـة عـلـىمفرداتك اللغويةM سواء فيما تستطيع فهمه في أثناء القراءة أو في كيفـيـةتفكيرك في أثناء الكتابةM وليس هناك طريقة لبناء معجم جيد إال بالقراءة

ـ وال شيء سواها».Mوهو مؤلف وتربوي:« إن تعلم الكتابة هو أصعـب Mويقول كارلوس بيكر

.(٢٢)وأهم شيء يفعله أي طفل. إن تعلم الكتابة هو تعلم التفكير»و�ا الشك فيه أن األستاذ بيكر يشير إلى التفكير اAنـطـقـي الـلـفـظـيالذي تتطلبه األعمال الذهنية. فمن أجل هذا العمل الذهني تكون اAهاراتاAستخدمة في تعلم الكتابة بصورة فعالة ضرورية بالتـأكـيـد. لـكـن الـطـفـلeكنه أن يتعلم طرائق تفكير أخرىM تتسم بسرعة التدقيق والتقبل البصري.إن تعلم الكتابة جيدا لن يشجع التفكير غير اللفظيM كما أن التفكير غـيـراللفظيM في اAقابلM لن يفيد في اكتساب مهارات الكتابة. فاالثنان يعمالنعلى نحو متعارض. على أن التفكير غير اللفظي هو الذي يتعزز باAشاهدة

التليفزيونية.لم يتم تقييم الدور الذي لعبه التليفزيون في التراجع القـومـي Aـهـاراتالقراءة والكتابة بدقة ـ ور�ا لن يتحقق ذلك يوما. لكن الطابع غير اللفظيللتجربة التليفزيونية M واندماج األطفال العميق مع التليفزيون منذ سنواتهم

Page 101: Al Atfal wa al2dman

101

التليفزيون وا�درسة

األولى إلى نهاية الدراسةM يجعل الربط بh اAشاهدة التليفزيونية ومهارتهمالكتابية غير اAالئمة يبدو حتميا. وفي هذا الصددM قال أحـد أبـرع كـتـاب

M ذات مرة «لـسـت أعـرف حـقـا مـاذاE. B. WhiteأمريـكـاM وهـو إ. ب. وايـت eكننا أن نفعل من أجل الكتابةM فيما عدا إلقاء جميع أجهزة التـلـيـفـزيـون

.(٢٣)بعيدا»ر�ا تراجعت قدرات القـراءة والـكـتـابـة لـدى طـالب اAـدارس الـثـانـويـةوالكليات اليوم ألن بعض نواحي التعلم الـلـفـظـي األسـاسـيـة الـتـي عـادة مـا

تكتسب خالل القراءة قد أهملت نتيجة للمشاهدة التليفزيونية.يقول أستاذ للغة اإلجنليزية في جامعة ميدويسترن:« كثيرون من طالبييبدون كأنهم اليستطيعون أن يسمعوا حh ينبغي أن تنتهي جملة ما أو حيثيجب أن توضع شولة منقوطة (;) أو حيث يجب كتابة فاصلـة. إن اAـسـألـةليست مسألة تلف عضويM فآذانهم تسمع الكلماتM لكن اآللية التي <ـيـزفكرة تامة وتفرق بينها وبh فكرة ناقصةM تبدو مفقودة. إن تفكيرهم اليبدوـ الفعل» في داخلهM وهم عاجزون عن تنظيم اجلمل أنه eتلك بنية «الفاعل التالية في مقابل بنية «الفاعل ـ الفعل» تلكM وتبيان ما إذا كانت حتتاج إلىعالمة وقف تامة (نقطة) عند نهاية اجلملةM أم أنه ال ضرورة لوضـع تـلـك.hالعالمة عند النهاية. وأرجو االنتباه إلى أن هؤالء التالميذ يعدون من النابهفليس هناك غبار على تفكيرهم. إال أنه ببساطة مختلف في بعض النواحي».

عامل أساسيكثيرا ما يؤكد الناس أن التليفزيون الeكن بالتأكيد أن يلقى عليه اللومكله. وفي الوقت الذي يعترف فيه اآلبـاء واAـربـون بـأن لـلـتـلـيـفـزيـون بـعـضالتأثير في أ�اط التحصيل الدراسي لألطفالM كثيرا ما يطرحون للنقاشعوامل مهمة أخرى. ومع ذلكe Mكن مالحظة أن التليفزيون غالبا ما يتشابكبقوة مع كل من هذه العوامل. وعلى سبيل اAثالM فقد سئلت مجموعـة مـن

التي تبh ضعف مهارةNAEPاخلبراء أخيرا عن تفسير النتائج احملزنة للـالتفكير االستداللي بh طالب اAدارس الثانوية األمريـكـيـة. وقـد خـلـصـتهذه اجملموعة إلى عدد من التفسيرات احملتـمـلـة األخـرى بـجـانـب عـاداتاAشاهدة التليفزيونية. وجاء ضعف القراءة من أجل اAتعة ونقص التدقيـق

Page 102: Al Atfal wa al2dman

102

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

في مناهج اAدارس الثانوية في مقدمة األسباب احملتمـلـة لـهـذا الـتـراجـع.والواقع أن التليفزيون يشارك بعمق في كل من التغييرين أيضا.

وتوحي الفطرة السليمة بأن االنتباه اAسترخيM غير اAركز الذي يخصصعادة Aشاهدة التليفزيون قد يؤثر في أساليب قراءة األطفال ويجعلهم يقرأونبتفكير واستدالل أقلM وتصبح القراءة أقل نفعاM وبعبارة أخرىM أكثر شبهابالتجربة التليفزيونية. ويرتبط ضعف القراءة من أجل اAتعة ارتباطا أوضحبزيادة اAشاهدة التليفزيونية بوصفها مصدرا رئيسيا للتسلية لدى غالبـيـةاألطفال األمريكيh. غير أنه إذا كان التحصيل اAدرسي لألطفال قد تدهورنتيجة لضعف التدريس الصارم في اAدرسـةM فـقـد يـنـظـر إلـى ذلـك أيـضـا

باعتباره ذا صلة مباشرة بالتليفزيون.لقد ظهرت للعيان برامج واستراتيجيات أقـل تـشـددا وأضـعـف تـوجـهـانحو القراءة في اAدارس حتديداM في محاولة للتكـيـف مـع نـوع جـديـد مـنالتالميذ الذين تعودوا احلصول على التسلية عن طريق اإليقاع التليفزيونيالسريعM ولم يألفوا نهج إيالء انتباه مركز ومتواصل للموضوع اAطروح أمامهم.إن األطفال الذين شاهدوا التليفزيون في سنوات حضانتهم بدال من لصقالصور في سجل القصاصات أو بناء القالع باAكعباتM األطفال الذين اعتادواالتحول بسرعة إلى برنامج آخر إذا شعروا بالـضـجـر مـن الـبـرنـامـج الـذييشاهدونهM األطفال الذين اعتادوا العرض اAرئي السريع للمشاهـدة عـلـىشاشة التليفزيون ولم يألفوا اجلهد العقلي Aشهد يتضح ببطء أمامهم عبرالوصف اللفظيM هؤالء األطفال ليس من احملتمل أن يتكيفوا بسـهـولـة مـعأسلوب اAناهج اAدرسية القدeةM تلك اAناهج التي أسهمت في تربية قراءوكتاب أكفاء. وهكذا تغيرت اAدارسM بالضرورةM مدفوعة بآمال واهية بأنهسيتم عمل برامج Aعرفة الوسائل اإلعالميةM وتخصيص «برامج تعليـمـيـة»تليفزيونية للواجبات اAنزلـيـةM وتـشـجـيـع الـكـتـابـة عـن طـريـق ورش اإلنـتـاجالتليفزيونية التي يتعh على األطفال فيها أن يكتبوا نصوصا أوالM وما إلى

ذلك.

إنشاء نقطة انطالق فوق حجر عثرة (الدراية بوسائل االتصال)إن إحدى الطرق التي غير بها التليفزيون وجه التربية في أمريكا اليوم

Page 103: Al Atfal wa al2dman

103

التليفزيون وا�درسة

هي بال جدال ظهور إضافة جديدة تتزايد شعبيتـهـا إلـى اAـنـهـج الـدراسـيMقرراتAوهذه اإلضافة هي دراسة التليفزيون ذاته. وتقدم هذه ا Mالتقليديالتي تختلف مسمياتها ما بh «الدراية بوسائل االتصال» و«الوعى النقدي»و«مهارات اAشاهدة»M وغيرها من اAسمياتM فرصة للتعذيبM وذلك بإقامةنقطة انطالق فوق حجر عثرة عن طريق استخدام الوسيلة اإلعالمية نفسهاالـتـي خـلـقـت مـشـاكـل تـربـويـة كـثـيـرة مـن أجـل حتـويـل فـصــل دراســي مــن

«hالتليفزيوني»Videots.ناقدين hإلى مشاهدين انتقائي وينحو التفكير البراجماتي وراء اجتاه «الدراية بوسائل االتصال» اAنحى

التالي:«إن األطفال يشاهدون بالفعل الكثير �ا يعرض فـي الـتـلـيـفـزيـونM والeكن عمل ما هو أكثر في هـذا الـصـدد. فـلـنـسـاعـدهـم عـلـى اخلـروج مـناAشاهدة بفائدة أكبر �عاونتهم على أن يكونوا أكثر انتقادا Aا يشاهدونه.وعن طريق تعريف األطفال بتشوهات الواقع التي قد يجدونها في بـرامـج

التليفزيونM جنعلهم أقل قابلية للتأثر بوسائل التليفزيون وأساليبه».وتقدم مديرة إدارة التربية في والية نيويورك تبريرا مطابـقـا :« إن مـنـ أن يقوموا بإغالق التليفزيون ـ أو اآلباء غير الواقعي أن نتوقع من األطفال ويكرسوا أنفسهم للكتب بدال من ذلك». وبدال من انتقاد التليفزيونM تقترح

.(٢٤) على أن يصبحوا مشاهدين أفضل الصغاراAديرة أن تساعد اAدارسوهكذا يجد األطفالM ويالسرورهمM أنه عوضا عن الدراسـات الـشـاقـةالتي تتطلب القراءة والكتابة والتركيزe Mكنهم االستـرخـاء فـي مـقـاعـدهـمو«انتقاد» التليفزيونM بل مشاهدة البرامج التليفزيونية في فصولهم الدراسيةذاتها. إن وقت اAدرسة في أعداد متزايدة من اAدارس األمريكية يخصص

»Tuned-Inللمناقشات اخلاصة بالتليفزيون وAشاهدة برامج مسـلـيـة مـثـل «الذي مولته وزارة التربية في الواليات اAتحدةM ويستـخـدم قـالـب كـومـيـديـا

. فـي(*)Junior High SchoolاAواقـف Aـسـاعـدة أطـفـال اAـدارس اAـتـوسـطـة احلصول على معايير معينة ألجل مشاهدتهمMور�ـا مـن أجـل فـهـم نـضـال

»M مثالTuned -InMآبائهم للرقابة على التليفزيون. في حادثة ضمن برنامج « (*)Junior high school (USمدرسة للصفوف السابع والـثـامـن والـتـاسـع مـن نـظـام الـدراسـة ذي :(

االثني عشر صفا M وتقابلها اAدارس اإلعدادية أو اAتوسطة في البلدان العربية ـ اAترجم.

Page 104: Al Atfal wa al2dman

104

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

يظهر الطفل جالسا في فراشهM ويقوم بأداء واجبه اAنزلي أثناء مـشـاهـدةالتليفزيونM بينما تدخل أمه احلجرة قائلةA» Mاذا تـشـاهـد هـذا الـهـراء? إن

ليونارد بيرنشتh على القناة األخرى».وهناك برنامج آخر شق طريقه إلى فصول الدراسةM وخصص هذه اAرةلتالميذ الصف الثاني والثالث والرابعM ويحمل اسم «اإلفادة القـصـوى مـن

Yale Family Television Researchالتليفزيون». وألن البرنامج من إنتاج مركز

and Consultaionدهش أن <ويـلـه يـأتـي مـن مـؤسـسـة اإلذاعـةAومن غير ا MاألمريكيةM فإنه يأمل أن يساعد األطفال على التمييز بh الواقعي والوهمي

�قارنة شخصية «الرجل األخضر» Mعلى شاشة التليفزيونIncredible HulkMمثال M بأناس حقيقيh التقاهم األطفالM ودعوة األطفال Aقارنة أسرهم همبأسر التليفزيونM مشيرا إلى أن اإلعالنات التليفزيونية كثيرا ما تغالي في

قيمة وجاذبية سلع متنوعة.هناك ما يدعو إلى الشك في أن يتعلم األطفال حقا مشاهدة التليفزيونبصورة انتقادية أكبرM أو يحصلوا على اAـسـاعـدة لـفـهـم الـفـرق بـh اAـوادالتليفزيونية اAصطنعة وحقـائـق احلـيـاة بـواسـطـة بـرامـج الـدرايـة بـوسـائـلاالتصالM على الرغم من أن معظم األطفال يبدون في الغالب قادرين علىمعرفة الفرق بh «الرجل األخضر» والشخص احلقيقيM من دون مساعدةكبيرة عند وصولهم إلى الصف الثاني أو الثالث. ومع ذلكM فحتى لو توافرتالقدرة Aقرر جيد التصميم يستهدف إغناء التجارب التليفزيونية لألطفالوجعلها أعمق مغزىM يظل هناك السؤال: في عهد يشهد انحـدار مـعـرفـةالقراءة والكتابةM وتناقص قدرات الصغار وهم يكبرون على القراءة والكتابةبصورة جيدةM وفي الـوقـت الـذي نـعـرف أن األطـفـال يـقـضـون أربـعـة آالفساعة في مشاهدة التليفزيون خالل دراستهمM زيادة عما يقضونه فعليا فيhدارس أن تصلح هذا االختـالل بـAأليس من مسؤولية ا Mفصول الدراسةالتعلم البصري والتعلم اAطبوع بتكريس كل طاقاتها حلماية معرفة القراءةوالكتابةM وتنمية اAهارات اAعرفية التي تتيح لألطفال االنتفاع بتراث اAاضي

من تاريخM وعلم M وأدبM وموضوعات تقليدية أخرى?Muhlenberg Collegeيقول اAربي جورج جوردونM أستاذ االتصاالت فـي

في بنسلفانياM في رسالته إلى جريدة نيويـورك تـاeـز ردا عـلـى مـقـال عـن

Page 105: Al Atfal wa al2dman

105

التليفزيون وا�درسة

التليفزيون التربوي لألطفال:«لست أظـن فـي ضـوء ريـادة تـربـويـة مـن هـذاالنوع أننا في حاجة إلى إنفاق الوقت واجلهدM متسائلـh عـن سـبـب عـجـزالطالب الذين يدخلون الكليـات هـذه األيـام عـن الـقـراءة والـكـتـابـة وإجـراء

.(٢٥)عمليات القسمة»

التليفزيون والواجب املنزليمنذ عدة سنوات اشتكى مدرس بإحدى اAدارس اAتوسطة قائال:

«إن إعطاء واجب منزلي مساء الثالثاء ليس سوى قضية خاسرة. فكيف?».Susanne Somers و Shirley و Laverne وFonzيستطيع أ ي شخص منافسة

إن البرامج قد تتغير من سنة إلى أخرىM لكن فتنة التـلـيـفـزيـون تـظـل كـمـا.(٢٦)هي

ومع ذلكM ال يرغب كثير من اAدرسh اليوم في التخلي التام عن الواجباAنزليM في ظل وجود أعداد كـبـيـرة مـن الـتـالمـيـذ الـذيـن ال يـكـمـلـون أداءواجباتهم اAنزلية ببساطةM نتيجة للمشاهدة التليفزيونية اAنزلية في كثـيـرمن احلاالت. ويتمثـل احلـل الـوسـط الـشـائـع الـيـوم فـي تـخـصـيـص بـرامـجتليفزيونية للواجبات اAنزليةM فإما أن يعh اAدرسون صراحة برامج تربوية

M آملh على األقل أن يتحول األطفالNational Geographicخاصة على غرار عن برامجهم التليفزيونية اAعتادة إلى موضوعات جديرة باالهتمـامM أو أنيحددوا البرامج اAعتادة بأنفسهمM وهو أمر غير مستبعدA Mا قد يكون لـهـامن قيمة تربوية. أحد اAدرسMh مثالM حدد لتالميذه البرنامج الذي حظي

» كواجب منزلي. وأقر في تبرم بأن ذلـك «هـوLou Grantبشعبية ذات يـوم «الواجب الوحيد الذي أعرف أنهم سيؤدونه».

بالنسبة Aعظم اAدرسMh فإن حتديد مشاهدة تليفزيونية للواجب اAنزليليس مناورة يستخدمونها باستخفاف للتخلص من واجباتهمM بل هي عمـلمن أعمال اليأس احلقيقي. ففي مواجهة فصل دراسي مـن األطـفـال ذوياAهارات اللفظية الضعيفة وفاقدي اAيل للقراءة والكتابةM يتعلق اAـدرسـونبحبال واهية على أمل أنهم بإشراك طالبهم في دراسة وسيلتهم اإلعالميةاAفضلة قد ينجحون في <رير بعض الدروس ذات الطابع التقليدي. ويشرحمدرس بإحدى اAدارس الثانوية ـ � تخصيص فصله اإلجنلـيـزي بـالـكـامـل

Page 106: Al Atfal wa al2dman

106

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

لعمل برامج فيديو ودراسة البرامج اAقدمة على شاشة التلـيـفـزيـون ـ ذلـكبقوله: «إن أحد أهدافي األساسية في هذا الفصل استخدام الفيديو كأداةحفز على القراءة والكتابة. نحن نكتب النصوص ونقرأ عن التليفزيون وحينماأكلف الطالب �شاهدة التليفزيون يكونون على وعي باAضمون باإلضافـةإلى اجلوانب الفنية. إنهم يعرفون أنها ترتبط ببعضها البعض كما يـرتـبـط

.(٢٧)شكل الكتاب �ضمونه»ليس من الصعب أن ندرك سبب وجود قائـمـة مـن أجـل دخـول الـصـفhـدرسـAأو السبب في أن عـددا مـتـزايـدا مـن ا MدرسAاإلجنليزي» لهذا ا»يتحولون إلى التليفزيون جلعل صفوفهم أكثـر جـاذبـيـة لـألطـفـال مـن جـيـلالتليفزيون. إن عمل أفالم فيديو في حجرة الصف ومشـاهـدة كـومـيـديـاتاAواقف ألجل الواجب الدراسي اAنـزلـي نـوع مـن الـلـهـو. لـكـن اAـكـابـدة مـعتعقيدات إحدى السونيتاتM واجملاهدة من أجل اAعاني الدقيقةM والتعبيراتالساخرةM أو النماذج التي حتتذى eكن أن تعد عمال بـصـرف الـنـظـر عـن

مدى ما تبرهن عليه جتربة القراءة األخيرة من إشباع.hشكلة التي تنجم عن استعمال التليفزيون كوسيلة حفز تأتي حـAإن اMبـالـتـلـيـفـزيـون hرتبطتAعلى الطالب االنتقال من القراءة والكتابة ا hيتعواللتh تبدوان إلى حد كبير نوعا من اللهو في حجرة الدراسةM إلـى تـلـكاألشكال من القراءة والكتابة التي تقود إلى التفكير الواضح والفهم األفضللعالم الناس واألحداثM أي إلى قراءة األدب والتاريخM أو إلى كتابة األفكارواحلجج اAنطقيةM جيدة العرض. فكما شرح أحد طالب الصف «اإلجنليزي»اAتمركز حول التليفزيونM حh سئل عن سبب اختياره هذا الصف بدال منصف اAقرر اإلجنليزي اAتركز حول الكتاب «إن الصف اإلجنليـزي الـعـادي

يغدو �الM إذ عليك اجللوس فحسب وقراءة الكتب».تتزايد شعبية برامج الدراية بوسائل االتصال وغيرها من البرامج التيتتمحور حول التليفزيون. وحتضر أعداد قياسية من اAدرسh هـذه األيـاماجتماعات وحـلـقـات دراسـيـة حـرة حـول مـوضـوعـات مـثـل «تـنـمـيـة الـوعـي

. وترمز هفوة غـيـر(٢٨)التليفزيوني» و«القراءة والتليفزيون» ومـا شـابـه ذلـكمقصودة صدرت عن مشارك في أحد هذه االجتماعات (أو ر�ا عن اAراسلالصحفي الذي وصف هذا االجتماع في مقال للجريدة)M إلى اخللل اخلطير

Page 107: Al Atfal wa al2dman

107

التليفزيون وا�درسة

الناجم عن استخدام التليفزيون كأداة تعليـمـيـة. فـفـي نـدوة بـعـنـوان «كـيـفeكن حتويل التليفزيون من عامل سلبي مؤثر في القراءة إلى معh سمعيبصري على القراءة?»M قالت إحدى اAدرسات اAشاركات علنا:« إن التليفزيونحقيقة واقعةM وعلـيـنـا أن نـسـاعـد اآلبـاء واAـدرسـh عـلـى إدراك تـأثـيـراتالتليفزيونM وأن نطور استراتيجيات لزيادة اAشاهدة إلى أقصى حد». زيادةاAشاهـدة إلـى أقـصـى حـد? وAـا كـانـت قـد اسـتـطـردت كـي تـعـدد اخلـطـطواألساليب التي ينبغي على اآلباء استخدامها للحد من مشاهـدة األطـفـالMشاهدةAوليس ا Mرجح أنها قصدت أن تقول إن القراءةAفإن من ا Mللتليفزيونهي التي ينبغي زيادتها إلى أقصى حد. ومـهـمـا يـكـنM فـإن هـفـوتـهـا كـانـت

مالئمة بصورة الفتة للنظـر.فبرامج الدراية بوسائل االتصالM والبرامج التليفـزيـونـيـة الـرامـيـة إلـىتشجيع القراءةM وتخصيص برامج تليفزيونية للتحليل والدراسـة ـ كـل هـذهاخلطط أقل مالءمة لتحسh مهارات القـراءة أو الـكـتـابـة مـنـهـا إلـى زيـادةالوقت الذي ينفق على اAشاهدة التليفزيونيـة. فـمـع بـقـاء اAـدرسـة اAـعـقـلاألخير للكلمة اAطبوعة والفرصة األخيرة لضمان بقـائـهـاM فـإن أي حتـركللمؤسسة التربوية بعيدا عن هذا الهدف اAتميزM اAهم بكل ما في الـكـلـمـةمن معنىM البد أن ينظر إليه على أنه عدt اجلدوى بل محفوف باخملاطر.

hولقد أكد ذلك دانيل بورستDaniel Boorstinفي Mمكتبة الكوجنرس hأم دعوة أطلقها أخيرا للقراءة. فقد كتب يقول: «من أجل أن نستفيد من شعبمن القراءM البد أن يكون لدينا مواطنون يـسـتـطـيـعـون الـقـراءة. إن واجـبـنـااحملدد األول هو عدم السماح للصورة اإللكترونية اAنشورة أو الكلمة الشائعةhاجلهد األساسي لتربيتنا. البد لنا من تنشئة مواطن hبأن حتول بيننا وبمؤهلh الختيار جتربتهم بأنفسهمM من كتب اAاضي واحلاضرM وبذلك نؤمن

.(٢٩)االستقاللية التي يستطيع القار� وحده أن يستمتع بها»

أجهزة الكمبيوتر في حجرة الدراسةماذا عن أجهزة الكمبيوتر? هل تنطبق جميع اAشاكل التربوية اAرتبطة�شاهدة األطفال للتليفزيون واستخدام البرامج اAتمركزة حول التليفزيونMدارس على مجال «تعلم الكمبيوتر» الذي ينتشر بسرعة ويرسي قواعدهAفي ا

Page 108: Al Atfal wa al2dman

108

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

جنبا إلى جنب مع «الدراية بوسائل االتصال» بوصفـهـا مـنـهـجـا مـهـمـا فـيالتربية األمريكية?

إن اشتمال غالبية أجهزة الكمبيوتر اAستخدمة في الـبـرامـج الـتـربـويـةعلى شاشة عرض شبه تليفزيونية تظهر عليها اAوادM يشجع اAيل إلى مساواةاستعمال الكمبيوتر �شاهدة التليفزيون. بيـد أنـه البـد مـن تـوضـيـح فـارقمهم. فبينما تعرض برامج التليفزيونM سواء في الـبـيـت أو اAـدرسـةM مـوادبصرية متحركة �صاحبة الصوتM وبذلك تقدم جتربة تهيمن فيها العناصرالبصرية على اللفظية (كما تبh األدلة الواردة في فصول عديدة من هـذاالكتاب)M فإن اAواد التي تظهر على شاشات الكمبيوتر إما أن تكون بصرية

) أو لفظية في األساس. وعلىPac Man(كما في برامج ألعاب الفيديو مثل سبيل اAثالM فإن معالج الكلمات ينتج كلماتM وليـس صـوراM عـلـى شـاشـتـهاAرئية. أما الكمبيوتر اAتصل ببنك ذاكرة فقد eكنه اكتشاف كنز دفh مناAعلومات التي ترتهن بإشارة من صاحب احلق في االستخـدام عـن طـريـقالكلمات التي تظهر على الشاشة اAرئية. وهناك بعض الشك في أن أجهزةالكمبيوتر قد تكون مصدرا قيما للطلبة اAتقدمh اAشتغلh بالبحثM كـمـاهي احلال مع العلماء والصحافيMh وغيرهم �ن يحتاجون إلـى الـوصـول

بسرعة إلى كم كبير من اAواد اAصنفة.أما بالنسبة لطالب الدرجات األدنى مـن الـسـلـم الـتـربـويM فـقـد يـكـونوجود أجهزة الكمبيوتر في حجرة الدراسة أقل نفعا �ا يعتقد الـكـثـيـرونحاليا. وقد تؤدي أجهزة الكمبيوتر في بعض احلاالت إلى تعقيـد وتـشـوش

اAسائل البسيطة.وeكن رؤية مثال على ذلك في عدد من برامج الكمبيوتر التـي تـقـتـرحمساعدة مستخدمي الكمبيوتر على حتسh مستوى تهجئتهم ـ وهو بالتأكيدما يحتاج إليه عدد كبير من تالميذ اAدارس االبتدائية. لكن عملية حتميلبرنامج تهجئة على الكمبيوتر من أجل مراجعة تهجئة مادة مكتوبة ستأخذحتماM كما أشار أحد النقاد أخيراM وقتا أطول �ا يتطلبه استعمال القاموس

.(٣٠)العاديو�ا الريب فيه أن هناك أعدادا من برامج الكمبيوتر اAتاحة الستخداماAدارس والتي تضطلع بعمل تربوي قيم من خالل توفير اAمارسة لألطفال

Page 109: Al Atfal wa al2dman

109

التليفزيون وا�درسة

في مهارات لفظية متنوعة. إال أنه على الرغم من اجلانب اAشرق لكمبيوترعصر الفضاء في حجرة الدراسةM فقد eكن مع ذلك مقارنته مـع وسـيـلـةتعليمية أكثر تواضعا بكثير ظلت لوقت طويـل الـدعـامـة األسـاسـيـة Aـدرس

ففي كل حالة تـتـوافـر(*)حجرة الدراسة االبتدائية أال وهي: كـتـاب الـعـمـلاAادة اAقننة Aلء وقت الطالب بطريقة مأمولة الفائدةM ومن دون حاجة إلىتدخل اAدرسM الذي يتفرغ نتيجة لذلك للعمل مع أحد األطفال أو مع عددMفرده مـع أحـد الـتـالمـيـذ�قليل منهم. والشك في أن اAدرس الذي يعمل Mوأن يشرح Mكنه أن يدرك احلاجات اخلاصة للطفلe درس الكفء الذيAاويناقشM ويحللM ور�ا أن يلهمM سيوفر دائما جتربة تربوية أكثر نفـعـا مـنكتاب العمل أو برنامج الكمبيوتر. ومادام اAدرسون األكفاء قد باتوا سلعةنادرةM وأصبحت الفصول الصغيرة ميزة لألقلية اAتفوقةM فإن هناك حاجة

باستمرار إلى وسائل تعليمية جذابةA Mلء الوقت.لكن اAقارنة بh برامج التعليم بالكمبيوتر وكتب العمل ر�ـا تـفـيـد فـيتذكرة جمهور مفعم بـاألمـلM بـأنـه فـي الـوقـت الـذي قـد تـصـلـح فـيـه هـذهالوسائل اآللية لتعزيز مهارات نوعية محددةM فإن األهداف اAهمة للتربية ـوهي القدرة على التفكير بوضوحM والقدرة على استيـعـاب أفـكـار اآلخـريـناAعقدةM والقدرة على التوصل إلى أحكام صائبةM وما إلى ذلـكM مـثـل هـذهاألهداف ليس من احملتمل أن تتحقق من دون مرشد بشري: اAدرس القادرعلى تقدt اAصادر اAميزةM التي الeكن التنبؤ بها ـ اAصادر اAرنةM واخلصبةـ جلهاز الكمبيوتر الشخصي اAدهش اخلاص به (أو بها)M الدماغ البشري.

(*)Work book.(قاموس التربية) .كتاب عمل: كتاب يحتوي على تعليمات للتنفيذ وفراغات للكتابة

Page 110: Al Atfal wa al2dman

110

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

Page 111: Al Atfal wa al2dman

111

التليفزيون والعنف (مدخل جديد)

التليفزيون والعنف (مدخلجديد)

البحث عن صلةظل موضـوع الـعـنـف عـلـى شـاشـة الـتـلـيـفـزيـونوتأثيراته احملتمـلـة فـي األطـفـال مـثـار خـالف فـيالرأي لفترة طويلةM وقد أجريت دراسات في هـذااAوضوعM بناء على طلب الكوجنرس األمريكي فـياألعوام ١٩٥٤ و١٩٦١ و١٩٦٤ و١٩٧٠ و١٩٧٧. وحيـنـمـانشر تقرير إدارة الصحة العامة عـن «الـتـلـيـفـزيـونوالسلوك االجتماعي»M خصصت أربعة من مجلداتهاخلمسة للدراسات التي تناولت تأثيرات مشاهـدةبرامج العـنـف الـتـلـيـفـزيـونـيـة. والـواقـعM أن مـعـظـمالـنـدواتM واAــقــاالتM والــدراســات الــتــي تــعــرضلتأثيرات التليفزيون في األطفال تركز بحثها علـى

هذه اAسألة وحدها.ولهذا االهتمام الشديد بـتـأثـيـرات الـعـنـف فـيالتليفزيون في األطفال ما يبـرره: فـعـدد األحـداثالذين ألقى القبض عليهم الرتكابهم جرائـم عـنـفخطيرة ارتفع بنسبة ١٦٠٠ في اAائة بh عامي ١٩٥٢و M١٩٧٢ استنادا إلى أرقام مكتب اAباحث الفيدرالي

FBI(١)ا جاء في دراسة مـتـمـيـزة أجـريـتA وطبقا .

7

Page 112: Al Atfal wa al2dman

112

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

في مركز دراسات علم اإلجرام والقانون اجلنائي بجامعة بنسلفانيـاM <ـتمقارنة مجموعتh كبيرتh من شباب اAدن بلغت إحداهما سن الرشد فيالستينيات واألخرى في السبعينيات. وقد أظهرت مجموعة السبعينيات أنمعدل عمليات القتل والعنف األخرى كان أكثر ثالث مرات من نظـيـره فـي

. وAا كانت الفتـرة مـا بـh عـامـي ١٩٥٢ و١٩٧٢ هـي(٢)مجموعة الـسـتـيـنـيـاتالفترة الفعلية لتعاظم شأن التليفزيون في حياة األطفال األمـريـكـيـMh ألناألطفال الذين بلغوا سن الرشد في عام ١٩٦٠ يعدونM جوهرياM من جيل ماقبل التليفزيونM ومع تشـبـع الـبـرامـج الـتـي يـشـاهـدهـا األطـفـال بـاجلـرeـة

.hسألتAا hفقد بدا أن من الصواب البحث عن صلة ب Mوالتخريببيد أن هذه الصلة التزال تراوغ علماء االجتماع والباحثMh على الرغممن جهودهم الكبيرة إلثبات وجودها. فالعنف البغيض حقاM الساديM اAذهلفي تنوعهM الذي يـظهر على شاشات التليفزيون في البيوت البد أن تكون لهتأثيرات عميقة في سلوك األطفالM إال أن مـن الـواضـح أنـه لـن يـجـعـلـهـميتصرفون بصورة خطيرة ضد مصلحة اجملتمع. وعلى أي حالM فإن غالبيةاألطفال األمريكيh يتعرضون بانتظام لتلك البرامج العنيفة التـي طـرحـتعلى بساط البحث كعامل مسبـب فـي زيـادة الـعـنـف عـنـد األحـداثM ثـم إناألطفال الذين تتضمنهم إحصائيات اAباحث الفيدرالية ليسوا سوى نسبة

بسيطة من جمهور اAشاهدين.وفي حh توصل التحديث الذي أجرته احلكومـة الـفـيـدرالـيـة فـي عـامM١٩٨٢ على تقرير إدارة الصحة العامة الصادر في عام ١٩٧٢ إلى وجود دليلبالفعلM على أن العنف «الزائد» على شاشة التليفزيون يؤدي مـبـاشـرة إلـىسلوك عدواني وعنيف بh األطفال واAراهقMh يتضح أن ذلك السلوك كماشوهد في مختبرات البحث ال يشمـل االغـتـصـاب والـقـتـلM وهـي اجلـرائـماخلطيرة اAتضمنة في تقرير اAباحث الفيدراليةM بل شمل عمليات اعتداء

طفولية مألوفة مثل الدفعM والدسرM والضربM وما إلى ذلك.والقول إن العنف على شاشة التليفزيون سيجعل من األطفال األسوياءhفكرة يتردد اإلدراك الـسـلـيـم أمـامـهـا. والـواقـع أن الـيـقـ hأحداثا جانحاحلدسي لدى اآلباء بأن مشاهدة برامج العنف في التـلـيـفـزيـون لـن حتـولأطفالهم إلى مغتصبh وقتلة هو ما يـسـمـح لـهـم بـالـتـسـاهـل إزاء انـغـمـاس

Page 113: Al Atfal wa al2dman

113

التليفزيون والعنف (مدخل جديد)

أطفالهم في برامجهم األثيرةM العنيفة باستمرار على الرغم من الـنـصـائـحاجلادة التي يسديها علماء النفس واAربون.

والواقع أن من الصعب خاصة بالنسبة لآلباء تقبل فكرة أن التليفزيونيحرض على السلوك العدواني حh تكون وظيفته في البيت جد مختلـفـة.فهناكM يبقي التليفزيون األطفال هادئh وسلبيMh ويقلل مـن شـدة الـلـعـبوصخبهM ويحول دون حدوث انفجارات انفعالية بh اإلخوة واألخواتM ويزيلعددا من «التجارب» اAنزلية اخملربة احملتملة التي قد ينغمس األطفال فيها

The Incredible أو The Dukes of Hazzardإن لم تشغلهم حلقات تليفزيونية مثل

Hulk. سببا معقوال لرفضSelma Fraibergلقد قدمت الراحلة سيلما فريبـرج

hمشاهدة األطـفـال األسـويـاء لـبـرامـج الـعـنـف وبـ hوجود صلة مباشرة باستشراء وبائه:

إنني ال أقصد... أن الرويات اخليالية السوقية التي يقدمها التليفزيونقادرة على حتويل أطفالنا إلى جانحh. فتأثير روايات كهذه في اجتاهات

وسلوكيات األطفال أبعد غورا في الواقع.إننا في حاجة إلى أن نتذكر أن اآلباء هم أسالف الضمير وأن الطـفـلالذي تشده روابط قوية إلى أبويهM لن يلقي بتعاليمهما خلف ظهره بسهولةأكثر �ا لو تخلى عنهما شخصيا. ولست أظن أن أيا منا يحتاج إلى اخلوف

.(٣)من هذا النوع من الفسادثمة شائبة أخرى في النقاش حول احتمال أن يجعل العنف التليفزيونيhتصرفات األطفال أكثر عنفا. وقد عبر عن ذلك أحد النقاد التليفزيونـيـمشيرا إلى أنه إذا كان ذلك صحيحاM فـإن تـأثـيـرا مـالزمـا سـيـنـجـم بـفـعـل

اجلوانب األخالقية احلتمية و«اخليرة» لتلك البرامج العنيفة ذاتها:إذا كان تراكم اAشاهدة سيحولنا جميعاM شيئا فشيئـاM إلـى مـخـلـوقـات!hقديس Mبالتدريج Mشاهدة للخير يجب أن يجعل مناAفإن تراكم ا Mفاسدةفأنت التستطيع احلصول على هذا دون اآلخرM اللهم إال إذا كنت مستعـداإلثبات أن الشر شيء يشبه الكوليسترول ـ شيء يتكدس ببطء ويعوق حركة

.(٤)اجلسمM بينما يشبه اخلير السبانخM في سهولة الهضم وسرعة اإلبرازلكن إذا لم يكن اAضمون العنيف لبرامج التليفزيون هو ما يفـضـي إلـى

Page 114: Al Atfal wa al2dman

114

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

السلوك العنيفM فهل كان محض مصادفة فحسب أن دخول التليفزيون إلىالبيت األمريكي جلب معه أحد أسوأ أوبئة العنف لدى األحداث في تاريخاألمة? يقول أحد أسـاتـذة الـقـانـون وعـلـم االجـتـمـاع ردا عـلـى اإليـحـاء بـأنالتليفزيون عامل مشارك في عنف األحداث:« إنـنـي ال أقـتـرح وجـود صـلـة

.(٥)مباشرة (مع التليفزيون) إال أن �ا ال eكن تصوره عدم وجود أي تأثير»واحلق أن هناك أسبابا لالعتقاد بأن التليفزيون أسهم إلى حد بعيد فياالرتفاع اAفاجئ اجلديد لظاهرة تعدي األحداثM وبخاصـة فـي �ـو نـسـل

hسيئAعن صلة مباشرة(*)جديد مخيف من األحداث ا hلكن أولئك الباحث Mبh برامج العنف وأعمال العنف يحـيـدون عـن جـادة الـصـوابM وقـد تـكـونالتجربة التليفزيونية ذاتها (بصرف النظر عـن اAـضـمـون) وتـأثـيـراتـهـا فـي

إدراك الطفل للواقع أكثر فائدة في سياق البحث.

ملاذا كل هذا العنف؟Mشاهدة التليفزيونية والسلوك العنيـفAا hعند محاولة فهم العالقة بينبغي أن يواجه اAرء أوال هذه احلقيـقـة الـغـريـبـةM وهـي أن بـرامـج الـعـنـفتهيمن على التليفزيون في الوقت احلاضر. غيـر أن احلـال لـم تـكـن هـكـذا

دائما.فمن اجلـديـر بـاAـالحـظـة أن الـزيـادة فـي حـوادث الـعـنـف عـلـى شـاشـةhعامي١٩٥١ و١٩٥٣. وفيما ب hائة في الفترة ما بAالتليفزيون كانت ١٥ في اعامي ١٩٥٤ و١٩٦١ ارتفعت النسبة اAئوية لبـرامـج وقـت الـذروة اخملـصـصـةحللقات اAغامرات العنيفة من متوسط ١٧ في اAائـة إلـى ٦٠ فـي اAـائـة مـنمجموع البرامج. ومع حلول عام M١٩٦٤ وطبقا لبيانات اجلمعية القومية من

The National Association for Better Radio andأجل راديو وتليفزيـون أفـضـل

Televisionا� Mةeشاهد اجلرA خصصت مائتا ساعة تقريبا في األسبوع في ذلك تنفيذ أكثر من ٥٠٠ عملية قتل على الشاشة اAنزلية! ويعكس هذازيادة تبلغ نسبتها عشرين في اAائة في العنف التليفزيوني طوال برامج عام

.(٦)M١٩٥٨ وتسعh في اAائة زيادة منذ عام ١٩٥٢ حدث ارتـكـب إسـاءة لـم تـصـل إلـى حـد اجلـنـوح ـ (قـامـوسJuvenile offender(*) حـدث مـسـيء:

التربية).

Page 115: Al Atfal wa al2dman

115

التليفزيون والعنف (مدخل جديد)

Aاذا أصبح التليفزيون الذي اتسم بالالعنف نسبيا في بدايـتـهM مـرتـعـاAشاهد اجلرeة واألذى بالتدريج كما هي حاله اآلن? هل بات الناس أكثر

ولعا بالعنف اليوم �ا كانوا عليه عام ١٩٥٠?إن اإلجابة على السؤال األول بسيطة: الناس يريدون العنف على شاشةالتليفزيون. فنظام تصنيف البرامج الذي يراقب بصورة فعـالـة مـا تـقـدمـه

ن أن اجلمهور يفضل بانتظام اختيار البرامجشاشة التليفزيون القوميM بيالعنيفة على البدائل األكثر هدوءا. ومن الواضح أنه ال توجد مؤامرة شريرةخطط لها معلنون أراذل مع اAديرين التنفيذيh للشبكات من أجل تـدمـيـراألخالقيات والقيم األمريكيةM عن طريق تغذية اAواطنh بجرعات مطردةمن اAوت والدمار. فعلى النقيض من ذلكM يؤكد اAعلنون في أناة أنهم يودون

على مدار الساعة إذاPollyannaأن يقدموا للجمهور بسرور «تفاؤال فرحا» ما رغب في ذلك. لكن نظام تصنيف البرامج يثبت أن الناس لن يشاهدوا

». ويريد اAعلنونHill Street Blues«التفاؤل الفرح» إذا كان �قدورهم مشاهدة «التأكد من أن أكبر عدد من الناس سيشاهدون برنامجهمM وقد تعـلـمـوا أنفرصهم ستكون أفضل لو حفل هذا البرنامج بـاحلـركـة اAـثـيـرة. إن إجـابـةالسؤال عن سبب اختيار الناس مشاهدة العنف التليفزيونيM وزيادة برامجMتكررة للجان التقصي احلكوميةAالعنف على الرغم من االحتجاجات العالية اواAربMh واحتادات اآلباءM تكمن M شأن جميع اإلجابات عن األسئلة اAتعلقةباAشاهدة التليفزيونيةM في طبيعة التجربة التليفزيونية ذاتهاM أي في سلبيتها

اجلوهرية.Mكما هي احلال مع الطفل Mفأثناء مشاهدة التليفزيون يستفيد الراشدمن الفرصة اAتاحة أمامه بسهولة لالنسحاب من عالم النـشـاط إلـى دنـيـاالالعملM والالتفكيرM والالوجود اAؤقتM في واقع األمر. لكن اAـشـاهـديـناليختارون مشاهدة البرامج اAهدئةM الباعثة على االسترخاء من خالل شاشةالتليفزيونM على الرغم من أن هدفهم الرئيسي من اAشاهدة غالبا ما يكونحتقيق الهدوء واالسترخاء. وبدال من ذلك فإنهم يؤثرون الـبـرامـج شـديـدةMـوتAكـحـوادث ا Mـكـن تـخـيـلـهـاe احلـافـلـة بـأعـنـف احلـوادث الـتـي MالهياجوالتعذيبM وتصادم السياراتM وكل ذلك �ـصـاحـبـة اAـوسـيـقـى اAـسـعـورة.وتتحول الشاشة إلى مستشفى للمجانh بينما يستريح اAشاهد فـي حـالـة

Page 116: Al Atfal wa al2dman

116

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

من الهدوء التام تتسم باAفارقة.إن اختيار اAشاهدين أكثر البرامج احملتملة حركة وإثارة يجعلهم قادرينعلى االقتراب من الشعور باحلركةM مع كل أحاسيس اAشاركةM في الـوقـتالذي يستمتعون فيه بالسالمة واألمن اللذين تتيحهما لهم السلبية الشاملة.إنهم يستمتعون �حاكاة النشاط آملh أن يعوضهم ذلك عن حقيقة اندماجهم

في جتربة سلبيةM أحادية االجتاه.ومادام قد � االعتراف بجاذبية العنف التليفزيوني كتعويض عن السلبيةاAفروضة لدى اAشاهدe Mكن فهم الزيادة التدريجية للعـنـف عـلـى شـاشـةالتليفزيون خالل العقود األخيرة. ففي تلك الفترة لـم تـزد فـحـسـب حـيـازةالتليفزيون بصورة هائلةM بل بدأ الناس إنفاق اAزيد من الوقت على اAشاهدة

التليفزيونية أيضا.وعلى سبيل اAثالM زاد استعمال التليفزيون في اAنـازل فـي الـفـتـرة مـنعام ١٩٥٠ إلى عام M١٩٨٢ من أربع ساعات وخمس وعشرين دقيقـة يـومـيـا

. ومن اجلليM أنـه مـع(٧)إلى ست ساعات وثمان وأربعh دقـيـقـة فـي الـيـومزيادة اAشاهدة التليفزيونية قياسا إلى الـتـجـارب األكـثـر حـيـويـة فـي حـيـاةالناسM فإن حاجتهم إلى ضروب اإلشباع الزائف من محاكاة النشاط علىشاشات تليفزيوناتهم تزداد باAثل. إن برنامجا هادئاM تأملياM بطيء اإليقاعقد يؤكد فحسب احلقيقة اAزعجة وهـي أنـهـم ال يـحـقـقـون فـي الـواقـع أي

جتارب إطالقا في أثناء مشاهداتهم التليفزيونية.

الواقع والوهمMكن أن تفضي إلى شعور بالنشاطe إن فكرة أن التجارب التليفزيونيةوأن اAرء eكن بصورة ما أن ينخدع شعوريا بأنه يعايش بالفعل تلك احلوادثالتليفزيونية تثير سؤاال بالغ األهمية حول التجربـة الـتـلـيـفـزيـونـيـة: مـا هـوتأثير التعاطي اAتواصل للواقع اAقلد في إ دراك اAشاهد للواقع اAعيش?

Mلقد درس اثنان من أساتذة كلية أننبرج لالتصاالت بجامعة بنسلفانيـاوهما الرى جروس وجورج جيربنر بعض تأثيرات «الواقع» التليفزيوني فيأفكار الناس ومعتقداتهمM فيما يتصل بـالـعـالـم احلـقـيـقـي. وتـشـيـر نـتـائـجأبحاثهما إلى أن التجربة التليفزيونية تؤثر تأثيرا مهما في اإلدراكات احلسية

Page 117: Al Atfal wa al2dman

117

التليفزيون والعنف (مدخل جديد)

الواقعية للمشاهدين.وقد طرح جيربنر وجروس أسئلة مـعـيـنـة عـن الـعـالـم احلـقـيـقـي عـلـىأشخاص كثيري اAشاهدة لبرامج التليفزيون وعلى آخرين قليلي اAشاهدة.

إجابـات دقـيـقـةMultiple - Choice quizوطرح اختبـار االخـتـيـار مـن مـتـعـدد عالوة على إجابات عكست خصيصة متحيزة لعالم التليفـزيـون. واكـتـشـفالباحثون أن األشخاص كثيري اAشاهدة للتليفزيون اختاروا اإلجابات اAتحيزةللتليفزيون على نحو يفوق بكثير اختيارهم اإلجابات الدقيـقـةM بـيـنـمـا كـان

األشخاص قليلو اAشاهدة أقرب إلى اختيار اإلجابات الدقيقة.وعلى سبيل اAثال M فقد طلب من األشخاص موضوع الدراسة أن يخمنوااحتماالت تعرضهم للعنف في أي أسبوع مفترض. وكانت اإلجابات اAتوقعةالتي أعطيت لهم هي ٥٠-٥٠ و١٠-١ و١٠٠-١. إن االحتماالت اإلحصائية لتعرضالشخص العادي لعنف شخصي في غضون أسبوع هي حوالي ١٠٠-M١ لكنمشاهدي التليفزيون بكثرة اختاروا بثبـات اإلجـابـتـh ٥٠ـ ٥٠ أو ١٠-M١ عـلـىنحو يعكس «الواقع» التليفزيوني البرامجي حيث يفرض العنف سيادته. أماالذين قليال ما يشاهدون التليفزيون فقد اختاروا اإلجابة الصحيحة بصورة

أكثر ثباتا.وأجاب األشخاص كثيرو اAشاهدة عن أسئلة كثيرة أخرى بطريقة تفصحMعن أن مشاهدتهم التليفزيونية غيرت إدراكاتهم عن العالم واجملتمع. وكانوامثالM أميل من األشخاص قليلي اAشاهدة إلى اAغاالة في تقدير نسبة حجمالسكان في الواليات اAتحدة إلى حجـم الـسـكـان الـعـاAـي. كـمـا بـالـغـوا فـيتقدير النسب اAئوية لألشخاص العاملh كمهنيMh ورياضيMh وفناني إحياءاحلفالت في «عالم الواقع»M <اما كما يبالغ التليفزيون في الـتـأكـيـد عـلـى

أهمية هذه اجلماعات.ولم يلعب التعليم دورا ذا مغزى في حتسh تشوهات الواقع الناجمة عناAشاهدة التليفزيونية الكثيرة. ففي غالبية احلاالت تشابه األفراد اAتعلمونفي الكليات مع أولئك احلاصلh على تعليم ابتدائي الغير في اختبار اإلجابات

.(٨)اAتحيزة للتليفزيونليست اAفاهيم غير الصحيحة عن العالم احلـقـيـقـي لـدى اAـشـاهـديـنوليدة نشرات إخبارية مضللة أو برامج واقعية. فهذه اAفاهيم اخلاطئة تنبع

Page 118: Al Atfal wa al2dman

118

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

من اAشاهدة اAتكررة للبرامج اخليالية التي يتم تنفيذهـا بـأسـلـوب واقـعـيوضمن إطار واقعي. وتبدأ هذه البرامجM كما يظهر للعيانM في اتخاذ شكلالواقع اAشوش لدى اAشاهدM <اما مثلما يحدث أحيانـا حـh يـخـلـق حـلـمشديد التأثير تشويشا بشأن ما إذا كانت واقعة الحقة حلما أم أنها حدثتبالفعل. فبعد أن يرى اAشاهدون العنف يوزع عليهم يوما إثر يوم في برامجالتليفزيونM يدمجونه في واقعهمM على الرغم من أنهم في أثنـاء اAـشـاهـدةيعرفون أن البرامج من نسج اخليال. ويشوه العنف التليفزيونـي اإلدراكـاتاحلسية الواقعية للمشاهدينM وتعكس توقعاتهم للعنف في احلياة تعرضهم

للعنف التليفزيوني. فيTelevision fantasyغير أنه �جرد أن يندمج اخليـال الـتـلـيـفـزيـونـي

واقع اAشاهدين يأخذ العالم احلقيقي مسحة من اخليال ـ أو التبلدM ألنهhويصبح التمييز ب MتلفزةAيفشل في تأكيد التوقعات التي خلقتها احلياة اما هو حقيقي وما هو غير حقيقي غائماM ويغدو كل مـا فـي احلـيـاة أشـبـهباحللم إذ تندمج التخوم بh الواقعي والوهمي. وتظهر عواقب هذا االندماجفي صحفنا اليومية وفي نشرات األخبار: أناس يحضرون أحد االستعراضاتاحلقيقية يجدون هذا االستعراض باعثا على اAلل ويقـولـون:« كـان يـنـبـغـيالبقاء في البيت ومشاهدة االستعراض على شاشة التليفزيون. كنا سنحصل

.(٩)على إثارة أكثر» امرأة <ر بجوار بناية حتترق وتقول لصديقتها:« ال تقلقيM من احملتمل

.(١٠)أنهم ينتجون فيلما تليفزيونيا» أفراد أسرة حقيقية من كاليفورنيا يعيشون حياتهم على شكل حـلـقـاتأسبوعية كجزء من مسلسل تليفزيونيM مـع وقـائـع خـيـانـة زوجـيـةM وشـذوذجنسي مكشوفM وطالقM جتري أمام عيـون اAـشـاهـديـن اجملـردةM «كـشـيء

.(١١)حقيقي» في التليفزيون سبعة وثالثون شخصا يرون امرأة شابة تتعرض للقتل في ساحة دارهمدون أن يحركوا ساكنا أويهبوا Aساعدتها كما لو كان ما يحدث أمام أنظارهم

.(١٢)دراما تليفزيونية شاب في السابعة عشرةM بقي حيا بعد إعصار مدمرM ويقول:«يـا رجـل

.(١٣)كان احلال أشبه <اما �ا يجري على شاشة التليفزيون

Page 119: Al Atfal wa al2dman

119

التليفزيون والعنف (مدخل جديد)

(*)تبليد احلساسية

قد يثير االنزعاج أن التجربة التليفزيونية لم تلق فقط ظالال معتمة علىالفروق بh الواقعي والوهمي لدى اAشاهدين اAثابرينM بل إنها بفعل ذلـكأصابت بالتبلد قدرتهم على اإلحساس باحلوادث احلقيقيـة. ويـرجـع ذلـكإلى أنه حh تتناقص واقعية موقف ما تصبح قدرة الناس على االستجابـة

.hتفرجAويكونون أشبه با Mله أقل انفعاالUtahلقد قام د. فيكتور كالين بإجراء جتربة في مختبرات جامعة يوتا

Aقارنة االستجابات االنفعالية جملموعتh من األوالد بh سن ٥ سنوات و١٤.(١٤)سنة جتاه أحد برامج العنف التليفزيوني عن طريق الـرسـوم الـبـيـانـيـة

ولم تكن إحدى اجملموعتh قد شاهدت إال القليل على شاشة التليفزيون أولم تشاهد شيئا باAرة في العامh السابقh. أما اجملموعة األخرى فكانتقد شاهدت الكثيرM و�توسط بلغ ٤٢ ساعة أسبوعيا Aدة عامh على األقل.وعند مشاهدة مجموعتي األوالد حلقة مدتها ٨ دقائق من فيلـم كـيـرك

M � تسجيل االستجابات االنفعاليةChampionدوجالس عن اAالكمةM «البطل» لألوالد على فيزيوغرافM وهو جهاز اليختلف عن جهاز كشف الكذب الذي

يقيس حركة القلبM والتنفسM والتعرقM واستجابات اجلسم األخرى.وطبقا لردود أفعالهم كما سجلها اجلهازM كان األوالد الذين قضوا وقتاطويال في اAشاهدة التليفزيونية أقل انفعاال �ا شاهدوه بصورة واضحة.وكما خلص الباحثونM فـإن هـؤالء األوالد كـانـوا قـد تـعـودوا عـلـى األحـداثاAثيرة لالنفعال على شاشة التليفزيون إلى حد أن قدرتهم على اإلحساساعتراها الكالل. وAا كانوا قد شاهدوا الكثير من البرامج التليفزيونية العنيفةحتما في غضون االثنتh واألربعh ساعة أسبوعياM فقد افترض الباحثون

كان أحد تأثيرات التعرض اAستمر Aضامdesensitizationhأن تبلد حساسيتهمالعنف على شاشة التليفزيون.

وقد ركز د. كالين في كتاباته الالحقة جل همه على انتقاد العنف فـيالتليفزيون. وفي مقالة له حتت عنـوان «الـعـنـف الـتـلـيـفـزيـونـي كـيـف يـؤذيأطفالكم» اختتم حتذيراته بشأن أخطار العنف التليفزيوني بنداء من أجـل

.(١٥)»The Waltonsبرامج أفضلM بل إنه أثنى في معرض كالمه على برامج مثل« (*)Dulling Sensitivity

Page 120: Al Atfal wa al2dman

120

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

على أن األطفال الذين بنى د. كالين استنـتـاجـاتـه عـلـى ردود أفـعـالـهـماالنفعالية اAتناقضة كانوا يشاهدون ٤٢ ساعة أو أكثر أسبوعيا على شاشةالتليفزيونM بينما األطفال الذين لم تتبلد ردود أفعالهم لم يشاهدوا التليفزيونباAرة تقريبا. ويوحي اإلدراك السليم بأن اثنتh وأربعh ساعة من اAشاهدةأسبوعيا ألي برنامج تليفزيونيM قد ترجح الكفة من الواقعي إلى الوهميفي حياة األطفال �ا يكفي إلضعاف مستوى اإلثارة لديهم. ويبدو أن ست

e Mكنها أن تؤثر في قدرة استجابـةThe Waltonsساعات يوميا من برنامـج األطفال بصورة سوية للحقائق اإلنسانية <اما مثلما يفعل مقدار مـعـادل

من برامج العنف الفظيعة التي أثارت قلق د. كالين وآخرين.

نوع جديد من اجملرمنيMحتتاج جتربة د. كالين إلى جهاز حساس لقياس االستجابات االنفعاليةأو االفـتـقـار إلـيـهـاM لـدى الـصـغـار مـوضـوع دراسـتـه. فـتـأثـيـرات اAـشـاهـدةالتليفزيونية في اإلدراكات احلسية لألطفال األسوياء واستجابتهم Aواقفاحلياة احلقيقية دقيقة بالتأكيد وقابلة للقـيـاس عـن طـريـق جـهـاز مـعـايـرة�تاز فقطM إذا أمكن ذلك. إال أن هناك موقفا مختلفا يغلب على األطفالذوي اخللفيات اAرضية. ذلك أن اAشاهدة التليفزيونية قد تؤثر في هـؤالء

األطفال بدرجة أكثر عمقا.جاء في مالحظة كتبها أحد االختصاصيh في عالج األطفال:

hإنني أخلص إلى أن مشاهدة التليفزيون أشد تدميرا لألطفال الذهاني»Psychotic Children(*)فالشيء الوحيد الذي أريد مساعدتهم علـى فـهـمـه .

هو العالم احلقيقيM وزيادة وعيهم بالواقعM والسبب والنتيجة. وهذا الـذيأريده هو ما يتعرض ألشد الضرر بفعل ال منـطـقـيـة شـخـصـيـات الـرسـوماAتحركة القادرة على الطيران في الهواءM مثالM أو تلك األشـيـاء الـعـجـيـبـةالتي تبدو جد حقيقية على شاشة التليفزيـون. إن لـبـعـض هـؤالء األطـفـالMـقـدورهـم الـطـيـران أيـضـا�خياالت غير محدودة القدرة. فهم يظنون أن وهم يرون أحد األشخاص يحرك يده بسرعة وقوة فيـتـالشـى عـلـى الـفـور

اضطراب شديد يصيب وظائف التفكير واالنفعال والسلوك االجتماعيM �اPsychosis(*) ذهان يؤدي إلى فقدان صلة اAريض بواقعه في احلاالت الشديدة ـ (عالم اAعرفة ـ العدد ١٨٠).

Page 121: Al Atfal wa al2dman

121

التليفزيون والعنف (مدخل جديد)

Mوهو ما يعزز خيالهم الال محدود في نهاية األمر. وبـالـطـبـع Mشخص آخرفإن فكرة قيام شخص بجعل آخر يتالشى هي األخرى فكرة مروعة لطفل

ذهانيM ألن ذلك هو ما يعتقده بشدة على أي حال».إن مالحظة أن التليفزيون يشوه الواقع بالنسبة لطفل مضطرب بدرجةأكبر �ا هي احلال مع الطفل السويM قد تكون ذات عالقة بوباء جرائـماألحداث في العقود األخيرة. إذ �ا الريب فيه أن األطفال اAتورطh فـيجرائم خطيرة في أيامنا هذه غير أسوياء. وتـكـشـف بـيـانـات حـيـاتـهـم بـالMوالـفـشـل الـدراسـي Mواإلهـمـال Mوالـتـفـسـخ Mاستثناء عن خلفية مـن الـفـقـرواإلحباطM واAرض العائلي... واAشاهدة التليفزيونية لفترات طويلة. غـيـرأنه بينما لم يظهر الفقر واAرض العائلي ألول مرة في اجملتمع األمريكي فيالسبعينياتM ظهر نسل جديد مـرعـب مـن األحـداث اAـسـيـئـh. كـتـب أحـداAراسلh الصحفيh في جريدة نيويورك تاeز يقول: «لكأن مجتمعنا قدأنتج ساللة جينية جديدةM الطفل ـ القاتل الذي ال يشعر بأي ندم ونادرا ما

.(١٦)يعي تصرفاته» وفي تواتر رهيبM تروي الصحف عن جرائم األحداث التي <أل قلوبالقراء العاديh رعبا واستنكارا: اثنان من قطاع الطرق أحدهما في العاشرةمن العمر واآلخر في الثانية عشرة يسرقان الكهولMثمMعرضاM يسـتـديـرانويقتالن الضحايا الضعاف; ومن أجل كسب هزيل في غالب األحيانM شبانيهاجمون بعنف راكب دراجة هوائية في أحد اAتنزهات ويضربونه بسلسلةحتى اAوت قبل أن يهربوا بدراجته; أطفال يقتحمون إحدى الشقق ويطرحون

.(١٧)أحد اAسنh أرضا ويغرقون امرأة في حوض االستحمام لقد خصص اثنان من األساتذة ضمن ما كتباه في اجمللة الدولية للقانونوالطب النفسي اسما لهذه الفئة اجلديدة من األحداثM هو «القتلة عدeو

M ووصفا هؤالء بأنهم «أطفـالnon - empathtic murderersاAشاركة وجدانيـا» يفتقدون القدرة السيكولوجية على وضع أنفسهم في مكان الشخص اآلخر».وقد نقل عن أحد هؤالء القتلةM وكان يواجه االتهام خالل عام واحد بقـتـلMأنـه قـال «لـسـت أعـرف الـطـفـلـة Mامرأة مسنة وطفلة عمرها ست سنـوات

.(١٨)فلماذا ينبغي أن أحمل أي مشاعر بشأن ما حدث لها?» hكثيرا ما ينحي ضباط الـشـرطـة والـسـلـطـات بـالـالئـمـة عـلـى الـقـوانـ

Page 122: Al Atfal wa al2dman

122

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

اAتساهلة بسبب وقوع هذه اجلرائم. وAا كان منتهـكـو الـقـانـون فـي مـعـظـمالواليات حتت سن السادسة عشرة يتم التعامل معهم عن طـريـق مـحـكـمـة

M التي تقوم فلسفتها التـوجـيـهـيـة عـلـى إعـادةfamily courtالشؤون األسـريـة التأهيل أكثر �ا تقوم على العقاب أو االحتجاز حماية للمجتمعM فإن هؤالءاجملرمh الصغار اليحتاجون إلى الردع بواسطة اخلوف من العقوبة القاسية:فأقسى إجراء يواجه الشاب حتت سن ١٦ سنة إذا ارتكب جرeة قتل ـ فيكثير من الواليات ـ هو احلبـس مـدة تـبـلـغ ثـمـانـيـة عـشـر شـهـرا فـي إحـدىاAؤسسات العامة أو اخلاصة. غير أن هناك شيئا جديدا بالنسـبـة لـهـؤالءاألطفالM وهو شيء الeكن تقدt األعذار عنه بوصفه اعتقادا متغطـرسـابأن القانون سيتساهل معهمM إلى حد اإلفالت واقعيا مـن عـواقـب جـرeـة

القتل.يقول ضابط شرطة بروكلh: «إن القانون ينص على أنه ينبغي معامـلـةالطفل بطريقة مختلفةM ألنه eكن إعادة تأهيله. لكن األطفـال لـم يـكـونـوا

.(١٩)يرتكبون هذا الصنف من اجلرائم التي نراها اآلن... لقد تغير األطفال»يبدو أن العامل اAشترك الذي eيز هؤالء األطفال «اAتـغـيـريـن» الـذيـنيقتلونM ويعذبونM ويغتصبون هو نوع من االنفصال االنفعالـي الـذي يـسـوللهم ارتكاب جرائم يعجز عنها الوصفM وفي غياب تام للمشاعر الطبيعيةكالشعور بالذنب أو الندم. إن األمر يبدو وكأنهم يتـعـامـلـون مـع أشـيـاء بـالروحM وليس مع مخلوقات بشرية على اإلطالق. يـقـول اAـديـر اAـسـؤول عـنالتأهيل في والية نيويورك: «كأني بهم قد رأوا في الشخص الذي قتل نافذة

. ويصف أحد)٢٠(كانوا على وشك خلعها عنوةM أو عائقا يقف في طريقهم»اختصاصيي الطب النفسي ذوي الصلة �حكمة بروكلh للشؤون األسريـةهؤالء األطفال بأنهم يظهرون «نقصـا تـامـا فـي الـشـعـور بـالـذنـب واحـتـراماحلياة. إن الشخص اآلخر بالنسبة لهم مجرد شيء ـ إنهم كائنات وحشيـة

.٢)١(التستطيع السماح ألحد بأن يعترض طريقها»لقد بدأت بعض احملاكم في الوقت احلاضر وضع األحداث في مؤسساتمأمونة استجابة «للنوع اجلـديـد مـن األطـفـال الـذي بـدأ فـي الـدخـول إلـى

اجملتمع».ـ وكرد فعل على والواقع أن عددا من الواليات قام في السنوات األخيرة

Page 123: Al Atfal wa al2dman

123

التليفزيون والعنف (مدخل جديد)

إدراك اجلمهور للخطر اجلديد الذي يحيق باجملتمع ـ بسن قوانh تقضي�ثول األطفال اAتهمh بارتكاب جرائم عنف خطيرة أمام محاكم الراشدين

وتلقي أحكام قانونية بالسجن إذا ثبتت إدانتهم.فإذا كان نسل جديد من األحداث اAسيئh قد ظهر حقا في السنـواتاألخيرةM فهل eكن تفسير ذلك بالعامل اجلديد اخلطير الذي دخل حـيـاةاألطفال في هذه الفترة الزمنيةM أي التليفزيون? إن الفقرM واAرض العائليالذي تنجم عنه اضطرابات خطيرة في الشخصية M واإلهمالM وعدم كفايةاAدارسM كل هذهM وياللحسرة! علل قدeة ومألوفة عند أقسام معيـنـة مـن

اجملتمع األمريكي.لكن الساعات اخلمـسM أو الـسـتM أو الـسـبـع الـتـي يـقـضـيـهـا األطـفـالاAضطربون انفعاليا في مشاهدة التليفزيون يومياM والتي تفوق الوقت الذييقضونه في �ارسة أي نشاط حقيـقـي مـن أنـشـطـة احلـيـاةM هـي ظـاهـرة

جديدة دو�ا ريب.فهل eكن أن تشجع كل هذه الساعات هؤالء األطفال اAضطربh علىفصل أنفسهم عن تصرفاتهم اAعادية للمجتمـع بـطـريـقـة جـديـدة ومـرعـبـةبينما هم يقضونها في جتربة تعتم احلدود بh الواقعي والوهميM وتعكسالصور البشرية وخداع اAشاعر اإلنسانيةM في حh ال تتطلب من اAشاهد

أي استجابات إنسانية?إذا كانت احلال كذلكM فإن إبعاد العنف عن شاشة التليفزيون <اما لنيخفف من تأثيرات جتريد األطفال اAـضـطـربـh انـفـعـالـيـا ـ بـفـعـل فـتـراتاAشاهدة الطويلة ـ من اخلصائص اإلنسانيةM ألن اAشكلة ال تكمن في أنهميتعلمون كيف يرتكبون العنف من مشاهد العنف على شاشـة ا لـتـلـيـفـزيـون(ر�ا يفعلون ذلك أحيانا)M وإ�ا ألن التليفزيون يفرض عليهم التعامـل مـعالناس احلقيقيh كما لو كانوا على شاشة التليفزيون. وهكذا فإن �قدورهم«التخلص منهم» ببساطة تامة سواء �طواة أو بندقية أو سلسلةM وبقليل من

الندم كأنهم يغلقون جهاز التليفزيون.

Page 124: Al Atfal wa al2dman

124

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

Page 125: Al Atfal wa al2dman

125

التليفزيون واللعب

التليفزيون واللعب

لعب أقلhعلى فرض عدم وجود أي تليفزيون ـ ماذا تظنأن طفلك كان سيفعل في الوقت الذي يقضيه حاليا

في مشاهدة التليفزيون?كان هذا السؤال أحد األسئلة التي وجهت إلىعـدد كـبـيـر مـن أمـهـات أطـفـال الـصــف األول فــيالدراسة اAسـحـيـة الـتـي نـشـرت فـي تـقـريـر إدارةالصحة العامة لعام ١٩٧٢ حول التليفزيون والسلوكاالجتماعي. ولم يكن من اAسبتعد أن يجيب تسعونفي اAائة من األمهات بأن طفلهن كان سيلعب بصورةأو بــأخـــرى إذا لـــم يـــكـــن هـــو أو هـــي يـــشـــا هـــد

.(١)التليفزيونيكاد األمر يتطلب فريقا مـن عـلـمـاء االجـتـمـاعلكي يثبت أن مشاهدة التليفزيون <نع األطفال مناللعبM ألن اللعب هو الشغل الشاغل للطفولة. ومناAؤكد أن أي نشاط يأخذ من ساعات يقظة األطفالالثلث أو أكثر البد أن يجور بشدة على وقت لعبهم.لقد قيل إن اAشاهدة التـلـيـفـزيـونـيـة تـسـتـحـوذبوضـوح عـلـى مـكـان األنـشـطـة األخـرى «اAـشـابـهـة

. لكن تقـلـيـل اAـشـاهـدة(٢)وظيفـيـا»M مـثـل الـقـراءةالتليفزيونية للعب أكثر من الـقـراءة قـد تـأكـد عـن

8

Page 126: Al Atfal wa al2dman

126

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

طريق جتربة قام خاللها عدد من الباحثh بتقسيم األطفال إلى فئات طبقاالستخدامهم النسبي للتليفزيون والكتب. وقد اكتشف الباحثون أن األطفالالذين يشاهدون التليفزيون لفترات قليلة لكنهم يقرأون كتبا كثيرةM حققوامستوى من اللعب اليومي أعلى من األطفال الذين شاهدوا التليفزيون بغزارةوقرأوا كتبا قليلةM أو من أولئك الذين استخدموا التليفزيون لفترات طويلة

. واAعاني الو اضحة لذلـك أن الـقـراءة ال تـقـلـل وقـت لـعـب(٣)وقرأوا بنـهـماألطفال بصورة مهمةM بينما تفعل اAشاهدة التليفزيونية ذلك.

إن اAسألة أكثر بساطة فيما يتعلق بأطفال ما قبل سن اAدرسة. ذلك أنجميع النشاطات التي ينشغل بها هؤالء األطفال عادة خالل ساعات يقظتهم(فيما عدا مشاهدة التليفزيون) تندرج واقعيا ضمن فئة اللعب. فحh يبنيطفل السنوات الثالث قلعة من اAكعبات مع طفل آخرM نعتبر هذا النشاطMيبعثر الطفل جميع الكتب من خرانة الكتب hعموما نوعا من اللعب. وحأويتبع أحد الكبار متظاهرا بكنس أرضية احلجرةM أو يلتقط التليفون ويجريمكاAة وهميةM أو يخربش احلائط طوال وعرضاM أو يختفي مع الدب الدميةحتت الفراش ـ فهو اليزال يلعب. ومـن الـواضـح أن األطـفـال �ـن هـم فـيالثانية أو الثالثة أو الرابعة من العمر الذين يقضون ساعـتـh أو ثـالثـا فـيمشاهدة التليفزيون يومياe Mضون وقتا أقل في اللعب بصورة بارزة �ا لو

لم يشاهدوا التليفزيون إطالقا.إن مشاهدة التليفزيون ال تؤدي إلى تقليل وقت اللعب فحسبM بل ثمـةدليل يوحي بأنها أثرت في طبيعة لعب األطـفـال ذاتـهـاM وبـخـاصـة الـلـعـب

الداخلي في اAنزل أو في اAدرسة.

جتربة طبيعيةالطريقة اAثلى الكتشاف تأثيرات مشاهدة التليفزيون في لعب األطفالهي مقارنة سلوك عينة كبيرة منتقاة بعناية من اAشاهدين األطفال في أثناءاللعب �جموعة مناظرة من غير اAشاهدين. وليس من اAمكن إجراء هذهالتجربة حاليا لسبب بسيـط هـوعـدم وجـود اAـشـاهـديـن الـذيـن يـصـلـحـونللدراسة. ذلك أن جميع األطفال الصغار يشاهدون الكثير �ا يعرض على

شاشة التليفزيون.

Page 127: Al Atfal wa al2dman

127

التليفزيون واللعب

hفقد حدثت ذات مرة جتربة مقارنة لعب األطفال التليفزيوني Mومع ذ لكوغير التليفزيونيh. لكن أحدا لم يلتفت للنتائجM ر�ا ألن التجربة لم تكـنقد صممت عمداM بل على العكس eكن نعتها بأنها «جتربة طبيـعـيـة»; أيجتربة جرت على نحو تلقائي. وكان مكان التجربة فـي مـدارس احلـضـانـةورياض األطفال في أمريكا عندما دخل التليفزيون ألول مرة كوسيلة اتصال

جماهيري.إن مدارس احلضانة ورياض األطفال هي ـ بطبيعة أسلـوبـهـا اخلـاص ـمختبرات Aالحظة لعب األطفال. فطوال عدد من السنh يستطيع اAدرسوناAدربون أن يالحظوا أ�اطا سلوكية بh تالميذهم الـصـغـارM قـد ال تـكـونواضحة لآلباء أو اAهنيh الذين يعملون مع األطفال كأفراد ال مع األطفالكمجموعات. وفي هذه اخملتبرات «الطبيعية» أمـكـن لـلـمـدرسـh مـالحـظـةالـتـغـيـيـرات الـتـي حـدثـت فـي أ�ـاط لـعـب األطـفـالM حـh حتـول جـمــهــورغيرتليفزيوني إلى جمهور يشاهد التليفزيـون فـي غـضـون عـقـد واحـد مـن

الزمن تقريبا.اليزال اAدرسون الذين يجسرون الثغرة بh جيـل مـا قـبـل الـتـلـيـفـزيـونوجيل التليفزيون يقومون بالتدريس فـي اAـدارس فـي شـتـى أرجـاء الـبـالد.والشك في أنهم من بh أكثر معلمي الطفولة اAبكرة تفانيا وخبرة ببقائهمفي هذه اAهنة ردحا طويال من الزمنM إال أن عددهـم يـتـنـاقـص سـنـة بـعـدأخرى. وخالل العقدين التاليh ستكون هذه اجملموعة الفريدة التي شهدتأحد أبرز التغييرات التكنولوجية في مجتمعنا قد اختفت من احلياة اAهنية

الفعلية.إن شهادة هؤالء اAدرسh بشأن تأثيرات التليفزيون في سلوك اللعـب

عند األطفال كما يالحظ في حجرة الدراسة جديرة باالنتباه.يقول مدير إحدى اAدارس االبتدائية اخلاصة في نيويوركM وهو مدرسسابق بإحدى مدارس احلضانةM وذو خبرة تدريسية تتجاوز ثالثh عاما:«األطفال ال يلعبون كما اعتادوا أن يلعبوا. ولست أقصد بذلك اللعب اخللويبالتحديد. فهم في الهـواء الـطـلـق اليـزالـون نـشـطـاء. ال يـزالـون يـتـسـلـقـونويركضون ويستخدمون الدراجات الهوائية والعربات. إن الذي تغير هواللعبفي داخل اAنزل. فأنت ال ترى منهم لعبا مثيرا كثيرا كما تعودت. إنهم أكثر

Page 128: Al Atfal wa al2dman

128

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

اهتماما باجللوس مع ما يسمى باAواد التعليمية في سن مبكرة جدا. واليبدوأن لديهم من اخليال الشيء الكثيرM سواء فيما يتعلق بالتعبير اللفظي أو في

طرق اللعب أو في األشياء التي يقومون بعملها».األطفال:ياضويقول مدرس آخر له من اخلبرة خمسة وثالثون عاما في

«إن في لعبهم سلبية أكبر. فهم قد يهتمون بأمر ماM إال أنهم إذا ما وجدواأن ذلك يعني أن عليهم أن يعـمـلـوا شـيـئـا بـأنـفـسـهـمM سـرعـان مـا يـفـقـدون

االهتمام».ويقول مدرس من دنفرM ذو خبرة تدريسية تغطي تسعة وعشرين عاما:«hالذين كانوا جد راغـبـ MhندفعAا Mلقد حدثت نقلة من األطفال النشطاءفي فهم األشياء والشروع في العملM إلى أطفال أكثـر حـذراMوسـلـبـيـة ذوياجتاهات تفتقر إلى التسلية والتوجيه. إنهم حتى ال يريدون التقدم واكتشاف

األمور بأنفسهم».ويقول مدرس آخر في مدرسة ابتدائية عن أيام ما قبل التليفزيون:« إناألطفال ينتظرون أن يجدوا التسلية في اAدرسة. وهم طيعون بصورة �تازةحh يكون العمل اAدرسي مسليـا. لـكـن اجتـاهـهـم هـو: هـل سـيـكـون األمـرمسليا أم باعثا على الضجر? فإذا شعروا بالضجرM فما عليك إال أن حتولاالجتاه. وستكون اAسألة صعبة نوعا ما في اAدرسة فقط ألنك التستطيع

دائما حتويل االجتاه».ويقول مدرس بإحدى مدارس احلضانة في ريفرديلM نيويـورك:« إنـنـيأجد نفسي مضطرا للترويج ألشياء هي بذاتها نشاطات رائعة لـم أضـطـرأبدا من قبل للترويج لهاM ألن األطفال ال ينتظرون �ا يكفي ليكتشـفـوا مـافيها من تسلية إذا لم تشدهم اللحظات األولى. ولذلك فإنني أجد أن عليأن أقدم األشياء بطريقة مختلفة نوعا ما. إن بعض األطفال ببساطة يخرجون

عن النغمة بسرعة بالغة».hويقرر مدرس آخر في رياض األطفال تغطي خبرته العهدين:« لقد تععلي أن أغير أسلوبي في التدريس تغييرا كبيرا خالل السنـوات اAـاضـيـة.فقد تعودت أن أكون حرا في اAبادرة بنشاطات رائعة كثـيـرة; ألن األطـفـالكانوا آنذاك قادرين <اما على البدء بنشاطات خـاصـة بـهـم أيـضـا. لـكـنـيأشعر اآلن بأن األطفال يريدون أن أبادر بكل شيء. وهم سيجـارونـنـي فـي

Page 129: Al Atfal wa al2dman

129

التليفزيون واللعب

النشاطات التي أقدم عليها. وحينما ال أشرع في عمل شيءM سينتظرون فيصبر إلى أن أبدا العمل. إنه نوع من االنسحاب من جانب األطفال. أحاولحاليا تشجيع الصغار على االنخراط في النشاط. وأحاول أن أنتظر وأصبرحتى تؤثر البيئة اخلصبة حلجرة الدرس في الطفل ويقـبـل الـدعـوة لـعـمـلـ إذ على البناء اخلاص به بدال من قبول بناء يعد له. لكن ذلك صعب أحيانا اAرء أن يكون صبـورا جـدا وهـنـاك مـا يـغـري اAـرء بـكـل اAـبـادرة حـقـاM ألن

األطفال سيوافقون دائما على ذلك بابتهاج بالغ».ويروي مدرس آخر :« إنني أشعر في أيامنا هذه حقيقة بـاحلـاجـة إلـىتشجيع األطفال على أن يكونوا أكثر فاعلية. وهو شعور لم يكن يخامـرنـيمنذ عشرين عاما مضت. عجبا! لقد كان األطفال نشيطh جدا حينئذ».فهل eكن أن تعكس شهادة هؤالء اAدرسh مجرد حتامل على تكنولوجياجديدةM أو رؤية العالم من خالل منظار أن األمور كانـت أفـضـل فـي األيـام

اخلوالي?أغلب الظن أن اإلجابة هي الM ألن ثمة �طا يظهر في إفاداتهـمM وهـو�ط ال يختلف من مدرسة إلى مدرسة أو من منطقة إلى أخرى. ويعـكـسهذا النمط جوانب معروفة من التجربة التليفزيونية ـ سلبيـتـهـا األسـاسـيـةوسرعة إشباعها لألطفال ـ بحيـث إن هـؤالء اAـدرسـh يـصـفـون تـغـيـيـرات

حقيقية في لعب األطفال وليس تغييرات وهمية.إن اAدرسh األصغر سنا الذين قاموا بالتدريس لألطفال ذوي التنشئةالتليفزيونية فقطM ال يشاركون زمالءهم القدامى أيا من آرائهم بشأن تأثيرالتليفزيون. لكن األطفال الذين يدرسون لهمM وبقـدر مـا يـعـرفـونe Mـثـلـونحقائق الطفولة. وتبدو فكرة أن التليفزيون ترك تأثيره في سلوك األطفالالصغار بالنسبة لهم بعيدة االحتمال... Aاذا? ألنهم هم أنفسهم تربوا وهم

يشاهدون التليفزيون!

ألعاب الفيديوهل يشبه اللعب بألعاب الفيديو مشاهدة الـتـلـيـفـزيـون? سـؤال يـطـرحـهكثيرون من اآلباء اAهمومh هذه األيامM الذين شعـروا بـالـقـلـق بـشـأن عـددالساعات التي يقضيها أطفالهم أمام شاشة التليفزيون. وألن ألعاب الفيديو

Page 130: Al Atfal wa al2dman

130

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

توفر الفرص للتعامل مع اجلهازM فمن احملتمل أن تندرج في فـئـة األلـعـابأكثر �ا هي احلال مع جهاز التليفزيونM وقد eكن اعتبار جتربة الـطـفـلمع ألعاب الفـيـديـو شـكـال مـن أشـكـال الـلـعـب بـصـورة أكـبـر مـن اAـشـاهـدةالتليفزيونيةM غير أنه بينما يتيح نوع اللعب الذي تقدمه هذه األجهزة هامشأمان أوسع للنشاط العقليM وحتى لتفريغ اخليال من مجرد مشاهدة جهازالتليفزيون M إ ال أنه ال يرقى إلى أشكال كثيرة من اللعب أقدم وأكثر بساطة.ومن بh هذه األشكال نشاطات األطفال التي تؤدي إلى توسيع مجموعة مناAهارات (عمل �اذج الطائرات مثال)M أو تنمية االهتمامات التي eكن أنيحملها الطفل إلى سن الرشد (جمع الطوابعM مثال) M أو أشكال اللعب التيالتتضمن احلاجة إلى التركيز البصري اجملهد الذي يكرس للحديث والنقاشواكتساب اAهارات االجتماعية (لعب الورقM أو ألعاب اللوحاتM على سبيـل

اAثال).وفضال عن ذلكM فمن احملتمل أن يسأم األطفال الدمى واللعب وينصرفواإلى شيء جـديـد. إن ذلـك يـشـجـعـهـم عـلـى اAـشـاركـة فـي جتـارب مـتـنـوعـةويساعدهم على حتقيق نوع من التوازن الطبيعي في لعبهم. لكـن عـنـاصـراإلدراك احلسي ذات الصلة بالعرض التلـيـفـزيـونـي أللـعـاب الـفـيـديـوM قـدتعطيهم بعض ما في اAشاهدة التليفزيونية من خاصية تنوeية مغناطيسيةمسببة لإلدمانM على نحو يجعل األطفال يقضون وقتا أكبر بكثير أمام هذا

الشكل احملدد من أشكال اللعب.

اللعب املنزليكما تظهر شهادات اAدرسMh فإنهم يبذلون جهودا كبيرة Aعادلة التغييراتالتي الحظوها في األطفال ـ السلبية اAتزايدةM نفاد الصبرM اإلحجام اAتناميعن حتمل البداية البطيئة على أمل الفوز �كاسب الحقة ـ وتشجيع اللعب

الفعالM والتخيلي في اAدرسة.لكن ماذا عن لعب األطفال في البيت? Aا كان البيت هو اAكان الذي يقبعفيه اجلهازM فالشك في أن األطفال eارسون لعبا أقل في البيت �ا كانوا

يفعلون في السابق. فماذا عن الوقت الذي يتبقى بh البرامج?إن أحد التغييرات اAرتبطة بالـتـلـيـفـزيـون هـو درجـة انـدمـاج اآلبـاء فـي

Page 131: Al Atfal wa al2dman

131

التليفزيون واللعب

اللعب التخيلي ألطفالهم. فقبل التليفزيون كان من �يـزات اآلبـاء الـبـارزةإعطاء األطفال شيئا من اAساعدة في لعبهم «على سبيل االستـهـالل»M إذاصح التعبير. فقد يشرع األب في لعبة وهميةM ويـقـتـرح إقـامـة حـفـل شـايتخيلي M على سبيل اAثالM أو يساعد الطفل على البدء في لعبة لـتـمـضـيـةالوقت eكن أن تستمر مـن دون مـسـاعـدة. وكـانـت هـذه اAـمـارسـة مـفـيـدةMالذي حتفزه مساعدة الكبار Mفاألب يحصل على وقت حر والطفل :hللطرف

كان eكنه اللعب وحده على نحو أكثر فائدة.واليوم يفضل األب غالبا تشغيل جهاز التليفزيون على جتشم عناء جعلالطفل يشرع في نشاط من أنشطة اللعبM السيما أن الطفل يبدو مشـوقـا

هو اآلخر ـ ور�ا أكثر شوقا ـ إلى مشاهدة التليفزيون.إن عواقب هذا التغيير في أ�اط اللعب تثير القلق. ففي إحدى مطبوعاتجماعة تقدم الطب النفسيM وهي جمعية تضم قرابة ثالثمائة من األطباءالنفسيh البارزينM وردت اAالحظة التالية :«إننا نشك في أن التـلـيـفـزيـونيعوق تطور القدرة التخيلية بقدر ما يستولي على وقت اللعب التلقائي. وقدأوضحت التجربة أن األطفال الذين يكفون عن مشاهدة التليفزيون يلعبونMشاهدةAبطرق توحي بوضوح باإلفادة من عالم خيالي نشيط. ومع استئناف ايقلل األطفال هذا النوع من اللعب». ويدعم مؤلفو اAطبوعة شكوكهم بذكرالدليل الذي عرضه مدرسو احلضانة في مالحظاتهم عن قلة اللعب التخيلي

.(٤)والتلقائي اليوم باAقارنة مع سنوات ما قبل التليفزيونلكن أليس من اAمكن أن يثير برنامج تليفزيوني بارع التخطيط واإلعدادخيال الطفل ويوحي �ستوى رفيع من اللـعـب الـتـخـيـلـي? هـنـاك مـا يـدعـولالعتقاد بأنه مهما حظي التوجيه الذي يصدر عن جهاز التليفزيون بعنايةالتصميم وسالمة القصدM فمن اAستبعد أن يحرك خيال الطفل على نحو

أفضل من الشخص احلي. في تقييـم تـأثـيـراتYaleلقد شرعت مجموعة بحـثـيـة تـابـعـة جلـامـعـة

مشاهدة برنامج تليفزيونيM � تصميمه خصيصا إلثـارة خـيـال أطـفـال مـا)M فيMister Rogers Neighbourhoodقبل سن اAدرسة (جيرة السيد روجـرز

اللعب التخيلي لألطفال.وقد خضعت أربع مجموعات من األطفال للمالحظة في أثنـاء الـلـعـب.

Page 132: Al Atfal wa al2dman

132

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

وشاهدت اجملموعة األولى برنـامـج «جـيـرة الـسـيـد روجـرز» كـل يـوم طـوالأسبوعMh وشاهدت اجملموعة الثانية البرنامج طوال اAدة نفسها مع أحدالراشدين لربط احملتوى التخيلي للبرنامجM ولم يشاهد أطفـال اجملـمـوعـةالثالثة التليفزيون باAرةM لكنهـم أمـضـوا هـذا الـقـدر نـفـسـه مـن الـوقـت مـعمدرس كان يعطيهم <رينات وألعابا تشتمل على لعب وتخيل إيهـامـي. أمـااجملموعة الضابطة من األطفال فلم تشاهد أي تليفزيون ولم حتصل علـى

اهتمام خاص من الراشدين.وكشفت النتائج أن األطفال الذين تركوا مع الراشد النشط ولم يشاهدواالتليفزيون إطالقاM أظهروا أعلى زيادة في القدرة على التخيـل الـتـلـقـائـيواللعب التخيلي. وحل الذين شاهدوا البرنامج في حضور الوسيط الراشدفي اAركز الثاني. أما اجملموعتان اللتان لم حتصال عـلـى اهـتـمـام الـراشـدفأظهرتا قدرا ضئيـال مـن اAـكـاسـب أو لـم تـظـهـر أي مـكـاسـب فـي الـلـعـب

.(٥)التخيلي

أشكال اللعبAا كانت اAشاهدة التليفزيونية جتور بشدة على لـعـب األطـفـال وتـتـركأبرز التأثيرات اAرئية فيه خالل سنوات الطفولة اAبكرةM فإن من الضروريبحث وظيفة اللعب في �و أطفال ما قبل سن اAدرسة إذا شئنا فهم التأثير

الشامل للمشاهدة التليفزيونية.يحجب الطابع « الالهي» للعب األطفال أهميته في أحيان كثيرة أهميته.فاللعب بعيدا عن أنه مجرد تسلية أو شغل لطيف لوقت الطـفـلM يـتـضـمـنمجموعة متنوعة ومهمة من السلوكيات التي تفي بأغراض مهمة في النمواالجتماعيM واالنفعاليM والعقلي للطفل. والواقع أن الظهور الشامل للـعـبفي �لكة احليوان بأسرها والتعقد اAتزايد للعب في أثناء صعود اAرء سلمالنشوء والتطور النوعيM يؤكدان فكرة أن اللعب البد أن تكون له بعض قيمالبقاء جلميع األنواع التي تشارك فيه. ومن أجل اكتشاف هذه القـيـمM مـناAفيد أن نفحص سلوك اللعب �زيد من الدقة و�يـز األشـكـال اخملـتـلـفـةالتي يشترك فيها األطفال عموماM منذ اAراحل األولى التي حتدث ر�ا قبلأن يجذب جهاز التليفزيون الطفل إليهM وحتى تلك األشكال اAتقدمة التي

Page 133: Al Atfal wa al2dman

133

التليفزيون واللعب

قد حتل اAشاهدة التليفزيونية محلها في حياة أطفال اليوم.إن التحسسات واAالمسات األولى التي يقوم بها األطفال الرضعM وتلكالغمغمات والتذوقات والتشممات اAتنوعة التي تغدو ذات معنى أكثر فأكثرخالل السنة األولى من احلياةM يجوز النظر إليهـا كـبـدايـات لـلـعـب. وeـثـلإمكان تسمية هذه األفعال االستطالعية األولى «لعبا» مشكلة دقيقة تتعلق�ا أنها من إمالء غرائز فطرية عموما ومصحوبة Mعاني إلى حد ماAبعلم ابالقليل من اللهو الذي eيز اللعب في أشكاله األكثر تقدما. ر�ا خالل تلك

في الشهور األولى Aولد الطفلM حh يكونtwilight zone«اAنطقة الشفقية» األطفال الرضع مازالوا بعد في طور تنمية البنى الفسيولوجيـة الـعـصـبـيـة

.pre -playاAهمةM قد تصح تسمية نشاطاتهم بـنـشـاطـات «مـا قـبـل الـلـعـب» غير أنه بغض النظر عن الكلمة اAستخدمةM فإن تلك االستكشافات اAبكرةتساعد األطفال في احلصول على اإلمكانات األولى لفهم الذات فيما يتعلقببيئتهم. وباستكشاف الغرائز الفطرية عملياM يبدأ األطفال في <ييز أنفسهمعن أمهاتهم والعالم ككلM ويشرعون في تعلم بعض األشياء عن هذا العالم.وإضافة إلى تزويدهم بقدرات الفهم األساسيةM تتيح احلركات اليدويةلألطفال الصغار �ارسة مهارات التنسيق اAهمة اآلخذة في النمو لديهم .فالطفلM في محاولته الوصول إلى إحدى الدمىM مثالM ينمي التنسيق البصري

ـ اليدوي وهي قدرة بقاء حاسمة.إن األطفال الرضع ال يستكشفون فقط عن طريق اللمسM والتذوق M أوالشم M بل يفعلون ذلك لفظيا أيضاM باAناغاةM وإصدار مجموعة متنوعة مناألصوات. فمن الواضح أن الطفل الذي يناغي يستـكـشـفM «ويـجـرب»M إنصح التعبيرM محدثا أصواتا بطريقـة هـادفـة مـع اهـتـمـام واضـح بـالـنـتـائـجوبالعملية أيضا. ويجب النظر إلى هذه التجارب اللفظية كإرهاصات مهمة

الكتساب اللغة .وهناك شكل آخر من اللعب يظهر مبكرا في الطفولة ويشمل التقلـيـد.فحتى قبل أول عيد ميالد له سيقلد الطفل بعض حركات وإشارات الكباربطريقة عابثة . (الوالدان يصفقانM والطفل يصفق بدوره). فألعاب احملاكاةاAبكرة هذه توفر الفرص األولى التصال حقيقي ثنائي االجتـاه حـتـى قـبـلاكتساب القدرة على الكالم. وبهذه الوسيلة سيبدأ األطفال في التقدم من

Page 134: Al Atfal wa al2dman

134

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

مرحلة القابلية الكاملة للتأثر إلى عالقة eكنهم فـيـهـا اإلسـهـام شـخـصـيـاMقلد أيضا مرحلة مهمة أخـرى مـن تـعـلـم الـلـغـةAبشيء ما. ويشمل اللعب اينتقل خاللها األطفال من اAناغاة العشوائية إلى التقليد اAتعمـد ألصـوات

احمليطh بهم.ويشاهد شكل آخر من اللعب الذي يحقق وظيـفـة أخـرى حـh يـنـهـمـكاألطفال الرضع في لعبة االختباء والظهور مع أمهاتهـم. فـهـذا الـنـشـاط الMعلومات عن أنفسهم أو بيئتهمAيحسن مهارات الرضع البدنية أو يزودهم باكما يفعل اللعب االستكشافي واAقلد. فاألصحM أنه في هذه النسخة األوليةمن اللعب اإليهامي أو التخيليM يبدأ األطفال في استعمال الـلـعـب خلـدمـةحاجاتهم الداخلية. لقد اكتشفوا أخيرا فقط أن أمهمM ذات األهمية احليويةفي توفير الطعامM والدفءM واألمان لهمM ليست في الواقع جزءا دائما منهمMhـا جـائـعـ�وإ�ا مخلوق مخادع يستطيع أن يتركهم وحيديـن أحـيـانـاM ورغير آمنMh �تلئh فزعا من استمرار التخـلـي عـنـهـم. ويـعـاد <ـثـيـل هـذااالنفصال اAؤلمM بصورة رمزيةM في لعبة االختفاء والظهورM ولكن من غيـرالعواقب اAؤAة لفراق حقيقي. ففي اللعبة تأتـي األم وتـروحM إال أنـهـا تـظـلهناك! وهكذا يساعد اللعب على جعل مظاهر الواقع الصعبة أكثـر تـقـبـال

لدى الطفل الصغير.من اAؤكد أن هناك وظيفة �اثلةM تواؤمية في كثير من اللعب اإليهاميالذي يختاره األطفال الصغار للـمـشـاركـة فـيـه واالبـتـهـاج بـه. ذلـك أنـه مـنالسهل إثبات أنهم ال يبتهجون في جمـيـع األلـعـاب الـرمـزيـة الـتـي يـقـدمـهـاالكبار. دع أحد الوالدين يأخذ من الطفل حلافه األثير أو دميته التي تغريباالحتضانM على سبيل اAثالM ويتظاهر (كل عـلـى سـبـيـل اAـزاح) أنـه عـلـىوشك حتطيمها أو إلقائها من النافذة. إن الطفل لن يقبل هذه اللعبة بروحطيبةM ورد الفعل الثابت هنا هو الشعور باالستياء والقلق. ويتضح أن هـذهاAسرحية اخلاصة ال تخدم هدفا مفيدا للطفلM فهي لن تساعد على تخفيفالقلق أو توفير الطمأنينة بشأن مظهر الواقـع الـكـريـه أو اAـزعـج. إنـهـا لـن

جتعل الطفل أكثر راحة أو أمانا.Mفي أشكال اللعب التخيلي الالحقة واألكثر تعقيدا MثلAبا Mويجد األطفالوسائل Aواجهة الصعوبات وتكييف حقائق احلياة Aتطلباتهم الداخلية. ففي

Page 135: Al Atfal wa al2dman

135

التليفزيون واللعب

اللعب اإليهامي يستطيع األطفال القيام بأدوار آبائهم وإصالح اAظالم التيسببت اAعاناة لهمM وeكنهم إعادة <ثـيـل مـشـاهـد احلـيـاة الـيـومـيـة اAـؤAـةوحتويلها إلى جتارب أكثر إشباعا. كما يستطيعون في اللعب عرضM ور�ا

تبديدM اخملاوف التي ال eكنهم اإلفصاح عنها بأي طريقة أخرى.ور�ا تكون الفرصة التي يتيحها اللعب التخيلي لألطفال من أجل �ارسةالتجربة بنشاط وليس مجرد تلقيها سلبيا ذات أهمية أكـبـر. فـفـي احلـيـاةالواقعية يبدو أن األشياء حتدث لألطفال الصغارM ويتم عملـهـا لـهـمM وهـممدركون جيدا لعجزهم العام في هرمية الـسـلـطـة فـي الـعـالـم كـمـا يـرونـه.

سمح لهم بأن يقلبوا هذا اAيزانM وأن يسيطروالكنهم خالل لعبهم اإليهامي يال أن يخضعوا للسيطرة. وبواسطة اإليهامM يبني األطفـال ألنـفـسـهـم عـاAـاeلكون فيه سلطة التصرف والتأثير في الناس واحلوادث. وعن طريق هذااالنقالب الرمزيM وإن كان مؤقتا في توازن القوىM يستطيع األطفال الصغارتقبل وضعهم في عالم الواقعM وهو وضع مؤقت أيضا وإن ظل وعيهم بذلك

غامضا.وeكننا أن نرى أن لعب الطفل جدي على الرغم من افتقاره الظاهريإلى «اجلدية». غير أن أهم وظيفة يقوم بها اللعب في حياة األطـفـال ر�ـاالتكمن في األشكال النوعية للعبM وإ�ا في الـظـروف االجـتـمـاعـيـة الـتـيحتيط به. فمن احملتمل أن يكون لتجارب اللعب هذه التي يشاركون فيها مع

أطفال آخرين األهمية الكبرى في �و األطفال.Mإن األطفال الصغار جدا ال يلعبون في الواقع «مع» األطـفـال اآلخـريـنعلى الرغم من أن حضور األطفال اآلخرين قد يكون مدعاة لبهجتهم وحافزا

M أي(*)لهم. إنهم يلعبون وحدهم أو يشاركون فيما يسمى «اللعب اAـتـوازي»أنهم eارسون نشاطهم اخلاص في حضور اآلخرين من غير إشراكهم فيلعبهمM ومن دون أن ينخرطوا هم في لعب اآلخرين. إال أنه في حوالي السنةالثالثة من العمر يبدأ الطفل مشاركة األطفال اآلخرين في شكل اجتماعيمن اللعب أكثر مالءمةM لعب يتضمن العطاء واألخذ وقدرا معينا من التعاون

اAتبادل.: لعب األطفال بلعـب مـتـمـاثـلـة رغـم أن كـال مـنـهـم يـلـعـب وحـده.Parallel play(*) اللعـب اAـتـوازي

(قاموس التربية).

Page 136: Al Atfal wa al2dman

136

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

والشك في أن اللعب االجتماعي يعرض األطفال خملاطر أكثر من اللعباالنفرادي أو اللعب اAتوازيM أو اللعب مع أب مساير. فاللعب مع اآلخريـنMيلزم األطفال بكتم أمانيهم ورغباتهم اخلاصة إلى حد مـا. ولـيـسـت هـذهكما يبدوM إحدى القدرات التي تولد مع الطفلM فضبط النفس ينبغي تعلمه.ولهذا السبب فإن اللعب االجتماعي eكن أن يكون صعبا بـصـورة مـبـرحـةلألطفال في البداية. إذ اليتعh على األطفال أن يكتشفوا احلاجة إلى كتمبعض دوافعهم اخلاصة فحسبM بل يجب أيضا أن يكتشفوا الصعوبات التيتكتنف اAستويات اAتفاوتة للعدوان الذي عادة مـا يـوجـد بـh أقـرانـهـم فـياللعب. والبد أن يتعلم األطفال األكثر عدوانية أن يجدوا وسائل غير عدوانيةلتحقيق غاياتهمM بينما ينبغي على األطفال ذوي الطبيعة اAعتدلة أن يتعلموا

حماية أنفسهم وأن يحافظوا على سالمتهم أمام رفاقهم األقوى.ومع �و األطفالM ومع اتخاذ لعبهم ـ سواء كان استكشافيا أم تخيلـيـا ـمجرى اجتماعيا بازديادM تصبح قدرتهم على ضبط سلوكهم اخلـاص ذاتأهمية متزايدة في جناحهم كمخلوقات اجتماعية. وفي حh تستمر مظاهراللعب في أداء الكثير من الوظائف ذاتها التي خدمتها من قبل ـ �و اAهارةالبدنية باإلضافة إلى وظائف تخفيف التوتر النفسي ـ يصبح اكتساب اAهاراتاالجتماعية وضبط الدوافع اآلن العامل احلاسم في لعب األطفال. فتقبـلاخلسارة بلباقةM وتعلم االستسالمM والتفاهم السلمي مع اآلخرين كـل هـذهمهارات ينميها األطفال في أثناء تعلمهم اللعب بنجاح مع األطفال اآلخرين.Mإن قيمة مهارات كهذه من حيث البقاء في حياة الكبار اإلنسانية واضـحـةمع أن احلروب بh الدول والعنف في داخل اجملتمعات شهود على قـصـور

اإلنسان عن بلوغها.

احلرمان من اللعبفإذا كان من الواضح أن اللعب هـو أداة نـقـل الـكـثـيـر مـن اAـعـارف ذاتاألهمية البالغة للطفلM والوسيلة التي يستطيع بها أن eارس ويطور سلوكياتضرورية لنجاحه ككائن اجتماعيM فما هي عواقب فقدان وقت اللعب على

أطفال هذه األيام? بتجربة متميزة لتقييمHarry Harlowلقد قام العالم النفسي هاري هارلو

Page 137: Al Atfal wa al2dman

137

التليفزيون واللعب

الوظيفة العامة للعب في �و نوع من القرودM التي يظهر سلوكها في أثناءاللعب تشابهات كثيرة مع لعب األطفال من بني اإلنـسـان. وحتـمـل الـنـتـائـجالتي أظهرتها هذه التجربة والدراسات اAـمـاثـلـة عـن احلـرمـان مـن الـلـعـبدالالت بشأن اآلثار احملتملة لهذا احلرمان في أفراد األنواع ـ التي يـشـكـل

اللعب عندها نشاطا طبيعيا ـ والبشر بوجه خاص.Mالحظ هارلو أن القرود التي تقوم أمهاتها على تربيتها بطريقة طبيعيةوحتصل على فرص طبيعية في اللعب تتبع �طا معينا من السلوك. فخاللالشهور األولى من حياتها تتعلق القرود بعـنـادM ودون اسـتـثـنـاءM بـأمـهـاتـهـا.وتتضمن جتارب لعبها األولى مجموعة متنوعة من اAمارسات اليدوية مـنعلى ظهور األمهات اAريحة. وفي الشهر الثاني أو الثالث تبدأ القيام بطلعاتبعيدا عن أمهاتها للعب مع القرود الصغيرة األخرى. وتقدم أمهاتها العـونلها في استقاللها الغضM مشجعة إياها على وقف التعلق بها وعلى اللعـببدفعها بعيدا باطراد في أحيان كـثـيـرة. وخـالل الـشـهـر الـرابـع مـن الـعـمـرتقضي القرود الصغيرة الكثير من وقت يقظتها في مجموعة متـنـوعـة مـن�ا في ذلك اAصارعة ونوع Mاأللعاب اخلشنة العشوائية مع القرود األخرى

من لعبة «اAطاردة».وبعد ذلك الحظ هارلو مجموعة من القرود التي كبرت بصورة طبيعيةمن جميع الوجوه عدا أنها حرمت من جميع فرص اللعب مع القرود األخرى.فبعد ثمانية شهور من حرمانها من اللعبM وحh عرضت هذه الـقـرودأمام قرود من السن نفسها وكبرت على النحو اAعتادM اكتشف هارلو شذوذاسلوكيا غريبا في عالقاتها االجتماعية اجلديدة: فقد أثبتت القرود احملرومةمن اللعب أنهاM وبصورة دالةM أكثر عدوانيـة فـي سـلـوكـهـا االجـتـمـاعـي مـنالقرود التي حصلت على فرص كافية في اللعب في أثناء تربيـتـهـا. فـرغـمأنها جتاهلت محاوالت القرود السوية الجتذابها إلى أنشطة اللعب اAألوفوانسحبت من معظم األلعاب اخلشنة التي <يز لعب القرود الـعـاديM فـإنالقرود احملرومة من اللعب شرعت في شن هجمـات عـنـيـفـة عـلـى الـقـروداألخرى في أوقات غير مالئمة. ولم يبد عليها أي خوف من القرود األخرى

وأظهرت القليل جدا من السيطرة على غرائزها العدوانية.لم تكن اAسألة مجرد زيادة في الغرائز العدوانية بh القرود التي حرمت

Page 138: Al Atfal wa al2dman

138

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

من اللعبM ألن جميع القرود السوية تظهر دوافع عدوانية من سن مبكـرة.لكنه كان من الواضح أن القرود التي <تعت بـفـرص مـنـتـظـمـة فـي الـلـعـبمبكرا تعلمت التخفيف من غرائزها العدوانية خالل لعبها اليوميM ولم يقعإال القليل من العنف الفعلي من جانب أحد القرود على قرد آخر في اجملموعةالتي تربت بطريقة طبيعية. وعلى العكس من ذلكM فقد سولت القرود التيحرمت من اللعب لدوافعها العدوانية أن تظهر بال ضابطM محدثة عواقـبيؤسف لها نحو اآلخرينM ولها هي بخاصةM ألنها في أحيان كثيرة هاجمت

.(٦)قرودا أقوى منهاوتـثـيـر دراسـات هـارلـو سـؤاال جـديـدا بـشـأن الـعـالقــة بــh اAــشــاهــدةالتليفزيونية وتعدي الطفولة: هل eكن أن يؤدي تـقـلـيـل وقـت الـلـعـب عـنـدMشاهدة التليفزيونيةAنتيجة الستبدال أنشطة اللعب با Mاألطفال بدرجة كبيرةإلى زيادة في السلوك العدواني الذي كان يتم تلطيفه وتطبيعه اجتماعيا من

خالل جتارب اللعب?إن تناقص اللعب قد يكون السببM حقـاM فـي زيـادة الـتـعـدي الـطـفـولـيالعادي ـ الدفعM والدسرM والضربM ما شابه ذلك ـ الذي يـرى كـثـيـرون مـناآلباء واAدرسh أنه خصيصة مؤAة في سلوك أطفال اليوم. ومع ذلكM فالينبغي اعتبار أن ذلك هو التفسير الوحيد لوباء جناح األحداث الذي أصابمجتمعنا في العقدين األخيرين. لقد لوحظ أن قرود هارلو قد تربت تربيةطبيعية من جميع الوجوه فيما عـدا حـرمـانـهـا مـن الـلـعـب. وفـي الـتـجـارباألخرى التي تعرضت خاللها الـقـرود لـلـحـرمـان مـن احلـاجـات األسـاسـيـةاألخرىM كرعاية األمM مثالM شوهدت تغييرات كاسحة فيما يرتبط بالنمو.وباAثلM فإن الشبان اAتورطh في جناح حقيقي M باAقارنة مع سوء السلوكالطفولي العاديM لديهم خلفيات من احلـرمـان تـفـوق بـكـثـيـر احلـرمـان مـن

اللعب.ر�ا ال تكون احلاجة إلى ضبط الدافع لدى األطفال األسوياء من األسرالعادية أهم العواقب الناجمة عن طفولة محرومة من فرص اللعب العادي.ذلك أن لعب األطفال يرسخM قبل كل شيء M أ�اطا سـلـوكـيـة تـفـضـي إلـى

أسلوب حياة يتسم بإشباع عميق.: «إن الهدفEdward Norbeckكتب العالم األنثروبولوجي إدوارد نـوربـك

Page 139: Al Atfal wa al2dman

139

التليفزيون واللعب

األساسي للعب ذو أهمية أعمـق لـكـل فـرد. فـاألطـفـال الـذيـن يـلـعـبـون يـتـمحتريضهم في اAقام األول على االستمتاع باحلياة. تلك هي القيمة اجملربة

rehearsal valueذلـك أنـه مـن دون قـدرة االسـتـمـتـاع Mالبارزة للعب واأللعـاب .(٧)باحلياة قد تصبح سنوات الرشد الطويلة �لة ومرهقة»

والواقع أن ثمة عالمات بh أفراد اجليل الذي شب وهو يشاهد التليفزيونعلى أن حياة الكبار تبدو فعال �لة ومرهقةM وأن استمتاعهم باحلياة يفتقد

شيئا ماM شيئا كان eكن أن توفره طفولة اللعب العادي.«كثيرون من متمردي الستينيات مكتئبون وهم على عتبة الثالثM«h هكذا

. وتصـف(٨)يطالعنا العنوان العريض اAنشور في صحيـفـة نـيـويـورك تـاeـزاAقالة الشبان الذين بلغوا سن النضج خالل أواخر السـتـيـنـيـاتM ويـعـانـونحاليا «اعتالال جيليا من اإلحبـاطـات اAـالزمـةM والـقـلـق واالكـتـئـاب» M وهـواعتالل ينعـكـس فـي زيـادة األشـخـاص �ـن هـم فـي الـعـشـريـنـيـات وبـدايـةالثالثينيات الذين يتلقون مساعدة طبية نفسيةM وفي ازدياد حاالت االنتحاروتعاطي الكحوليات في هذه اجملموعة الـعـمـريـةM وغـيـر ذلـك مـن مـظـاهـرالعجز عن «االستمتاع باحلياة». ويستشهد اAقال بقـول أحـد الـشـبـان:« إنلدي عمال جيداM وأنا شخص ناجحM وأريد أن أقتل نفسي. فاحلياة التعني

شيئا».ال eكن أن تكون مصادفة أن الشباب الذين يعانون هذا االعتالل الغريباجلديد eثلون أول جيل تليفزيـونـي. والeـكـن أن يـخـلـو مـن الـداللـة أنـهـمeثلون أول جيل تناقصت أنشطة لعبه العادي (وحذفت واقعـيـا فـي بـعـض

احلاالت)M نتيجة لالنغماس في مشاهدة التليفزيون.«وا أسفاه للقرود التي اليسمح لها باللعب»M هكذا كتب هاري هارلو فيمناقشة لعمله التجريبي. فماذا عن األطفـال الـذيـن قـضـوا طـفـولـتـهـم فـي

اAشاهدة بدال من اللعب?

Page 140: Al Atfal wa al2dman

140

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

Page 141: Al Atfal wa al2dman

141

جيل التليفزيون

جيل التليفزيون

لغز اجليلكيف يكتسب جيل من األجيال أ�اطه السلوكيةاAـشـتـركـة الـتـي يـتـسـم بـهـا و<ـيـزه عـن سـواه مــن

األجيال?: « يبدو أن �اRené Dubosكتب رينيه دوبوس

يتعذر اجتنابه أن جـمـيـع الـتـغـيـيـرات فـي أسـالـيـباحلياة... تغـيـر بـاسـتـمـرار عـالـم اإلدراك احلـسـيللجسم النامي. فأ�اط السلوك اجلديدة ومشكالتالتكيف االجتماعي اجلديدة تنتج بـصـورة حـتـمـيـةتغييرات بيئية من هذا النوعM وهذه M بدورهاM تضفيعلى الشخصية الـفـرديـة بـعـض اخلـصـائـص الـتـي

.(١)يشترك فيها غالبية أفراد جيل بعينه»والبد أن يكتشف اAرء تلك التغييرات الـبـيـئـيـةاحملددة من أجل أن يفهم أسباب العلل واألمـراضاخلاصة بجيل معh. غيـر أن ثـمـة لـغـزا يـظـل بـالحل. فاألطفالM برغم كل شيءM يولدون في كل دقيقةيوميا. فهل يبدأM إذنM جـيـل جـديـد كـل يـوم? مـتـىيبدأ أحد األجيالM ومـتـى يـنـتـهـي آخـر? ولـو كـانـتالتغييرات البيئية تؤثر دو�ا شـك فـي نـتـيـجـة كـلMإن كانت هذه التغييرات حتدث باستمرار Mجسم نامكما يقترح دوبوسM فكـيـف يـحـدث أن يـشـب جـيـل

9

Page 142: Al Atfal wa al2dman

142

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

بعينه مختلفا اختالفا شديدا عن جيل سابق له?:hأسـاسـيـ hرء بـافـتـراضـAمن أجل حل اللغز اجليلي ينبغي أن يبدأ ااألولM أنه يجوز تعريف اجليل بتلك األحداث الكبرى التي تقع خالل فتراتمعينةM األحداث التي تبدل على وجه اخلصوص أساليب احلـيـاةM والـثـانـيأن وقوع أحداث كهذهM سوف يؤثر بعمق في تلك األجسـام فـقـط فـي أبـرز

مراحل حياتها نشوءا ـ ونعني األطفال الصغار. أو جيل احلرب العاAيـة(*)وهكذا فحh يتحدث اAرء عن جيل الكـسـاد

الثانيةM فليس القصد جميع الناس الذين عاشـوا فـي أثـنـاء تـلـك األحـداثاAفاجئة العنيفة التي تبدل مجرى احلياةM على الرغم من أن حـيـاة جـمـيـعالناس قد تأثرت في الواقع. إ�ا يقصد اAرء بخاصة أولئك الذين ولدواخالل سنوات تلك األحداث والذين يحتمـل أن يـكـون �ـوهـم قـد تـأثـر فـي

أساليبه األساسية بتلك األحداث.إن التليفزيونM خالفا للحرب أو الكارثة االقتصادية أو التقدم التكنولوجيفي ميدان االتصالM لم يبدل بصورة مثيرة طرائق عمل الناس أو أسالـيـبMدنAولم يدفع الناس إلى االنتقال بأعداد كبيرة من الريف إلى ا Mمعيشتهمأو إلى العمل في اAصانع وليس باألحرى في الصناعات اليدويةM أو يجعلهم

ضمن مجال وتأثير أناس في أجزاء بعيدة من العالم.لكن هناك مظهرا واحدا eيز التليفزيون عن جميع التكنولوجيات األخرىالسابقة التي أثرت في اجملتمع. إذ لم يحدث أن ترك أي تطور جديد آخرتأثيرا في حياة أكثر فئات السكان قابلية للتأثر ـ أطفال ما قبل سن اAدرسةـ بهذه الصورة من السرعةM واالنتشارM واAباشرة مثلما فعل دخول التليفزيون

إلى البيوت األمريكية.لقد تغير الروتh اليومي لطفل السنوات الثالث بواسطة إتاحـة جـهـازالتليفزيون كوسيلة معاونة في تربية الطفل. فعلى حh غرةM صـار الـطـفـلeضي ساعتMh أو ثالثM أو أربعM بل ست أو سبع ساعات من يومه في نوعMهذا وذاك hمن النشاط ال هو بالنوم وال هو باللعب بل يقع في مكان ما بنشاط يتسم بتشرب غريب للمواد اAرئية والسمعية اAصحوبة بسـلـوكـيـات

: نسبة إلى فترة الكساد االقتصادي العاAي في بدايةThe Depression Generation(*) جيل الكساد الثالثينيات من القرن العشرينM والتي اتسمت بتفشي البطالة (اAترجم).

Page 143: Al Atfal wa al2dman

143

جيل التليفزيون

غير مألوفة <اما بh األطفال الـصـغـار ـ الـسـكـوتM اخلـمـول M والـسـلـبـيـةالعقلية.

إن من الصحيح M طبعا M أن أي تطور جديد ذي أثر في تغيير اجملتمعمرشح للتأثير في حياة األطفال الصغار. فإذا خـلـقـت احلـرب وأخـطـارهـاMمناخا من القلق فـي مـجـتـمـع بـأسـره Mمثال Mصاحبة على احلياة واألمنAافمن اAفترض أن يؤثر ذلك في أساليب تربية اآلباء ألطفالهم الصغار األمرالذي يسفر عن تغييرات في جيل بكامله. وعلى سبيل اAثالM فإن استعمالالسيارةM زاد من قابلية التحرك واالنتقال وبـذلـك نـشـأت أسـالـيـب أسـريـةجديدة. لقد هجرت أعداد كبيرة من األسر اجملتمعات اAـسـتـقـرة ومـزقـتصالت األسرة اAمتدة للبحث عن السعادة في ضواحي اAدنM وأسفر ذلكعن تغييرات في عالقات اآلباء واألطفال وفي تنمية الطفل. لكن التليفزيونeس حياة األطفال الصغار مباشرة وبصورة تفوق أي تكنولوجيا أو تغيـيـرآخر في اAاضي. ولذلك فمـن اAـرجـح أن تـكـون تـأثـيـراتـه أقـل تـدرجـا فـيالتطور من حيث طبيعتهاM وأكثر فجائية في البداية من تلك التأثيرات التي

تنتج عن مبتكرات أخرى.وهنا تفرض إحدى القضايا اAنطقية نفسها. فاألطفالM الذين شاهدواالتليفزيون طوال ربع ساعات يقظتهم (أو أكثر) في أثناء السنوات احلاسمةبh الثانية والسادسة من العمر سيكونون مختلفMh من نواح مهـمـة eـكـنMعن نظرائهم الذين لم يشاهدوا التليفـزيـون. وعـلـى وجـه الـدقـة Mييزها>فإن الطفل الذي يشاهد التليفزيون سيكون قد قـضـى مـا مـجـمـوعـه عـلـىاألقل خمسة آالف ساعة (ور�ا ضعف ذلك)M في مشاهـدة الـصـور عـلـى

الشاشة مع بلوغه السادسة من العمر.وعلى العكس من ذلكM سيكون الطفل الذي لم يشاهد التليـفـزيـون قـدحصل على خمسة آالف ساعة أو أكثر خصصت ألنشـطـة تـنـشـئـتـه خـالل

مرحلة الطفولة اAبكرة.فإذا قبلنا هذه القضيةM استتبـع ذلـك حـتـمـا وجـود كـيـان يـسـمـى جـيـل

M يختلف عن األجيال السابقـة مـن حـيـثTelevision generationالتليفـزيـون اجلوانب اAرتبطة بتجارب مشاهدته التليفزيونية اAبكرة.

إن السرعة اAذهلة التي جرى بها استعمال التليفزيون جتعل من السهل

Page 144: Al Atfal wa al2dman

144

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

حتديد اAعنى الدقيق الواضح جليل التليفزيون. فخالل فترة محددة بأربعسنواتM بh عامي ١٩٤٨ و M١٩٥٢ ارتفعت ملكية التليفزيون في أمريكـا مـنآالف قليلة إلى ١٥ مليون جهاز. وهكذا فإنه إذا كانت <ضية وقت األطفالالصغار في جتربة اAشاهدة التليفزيونية «تضفي على شخصية الفرد بعضاخلصائص اAشتركة بh أفراد جيل ما »M فإن هذه اخلصائص تظهر بصورةأكثر فجائية وشموال من التغييرات اجليلية التي حتدث بفعل تأثيرات أكثرتدرجا وترشحا. ويتوقع اAـرء فـي غـضـون فـتـرة مـحـدودة مـن الـزمـن رؤيـةعالمات تأثيرات التليفزيون في اجليل األول من األطفال وقد كبـرت مـعـه

كتأثير تكويني.

أعراضقبل تقييم العالقة بh أ�اط السلوك غير اAألوفة جلـيـل مـا وجتـاربمشاهدته التليفزيونيةM ينبغي مالحظة أن النمو اإلنساني عملية معقدة إلىحد يصعب معه كثيرا على أي عامل مؤثر �فرده أن يغير الصورة الكبيرةبطريقة مباشرة وواضحة اAعالم. والبد أن تؤخذ في االعتبار قدرات اجلسموالعقل اإلنسانيh على التواؤم مع الضغوط البـيـئـيـةM فـهـي اآللـيـات ذاتـيـةاالنضباط التي تتيح موردا ال ينضب لالحتماالت الثانية والثالثة في الصراع

.)٢(من أجل الوجودإن اجلسم eتلك آلياته الفيزيائية التي حتافظM مثالM على درجة احلرارةالداخلية اAالئمة له على الرغم من أقصى درجات احلرارة خارجهM كما أنلديه استراتيجياته Aقاومة العدوى وغيرها مـن هـجـمـات اAـرضM ولـلـعـقـلوسائله السيكولوجية التي يتواءم بها مع الصدماتM والصراعاتM واحلقائق

اAؤAة.وهذه اآلليات التي يتواءم بها اجلسم والعقـل مـع الـظـروف الـتـي تـهـددMواحلمى Mوالقيء Mوالسعال Mتوازنهما تكشف عن نفسها كأعراض. فاالرتعاشكل هذه أعراض <ثل وظائف اإلصالح الذاتي للجسم السليمM <اما مثلما<ثل األمراض العصبـيـة الـنـفـسـيـةM واألفـكـار الـقـهـريـةM وأ�ـاط الـسـلـوك«الالعقالني» التي يظهرها الناس خالل حياتهم توافقات سيكـولـوجـيـة أوMبدأ حجر الزاوية في الطب النفسي احلديثAانفعالية. ويشكل فهم هذا ا

Page 145: Al Atfal wa al2dman

145

جيل التليفزيون

<اما كما يشكل فهم عمل االتزان احليوي للجسم أساس �ارسات الطباحلديث.

بيد أنه على الرغم من قدرة اجلسم والعقل اإلنسانيh عـلـى اسـتـعـادةاحليوية والقدرة على التكيف فإن للعوامل البيئيـة تـأثـيـرات دائـمـة. وعـلـىسبيل اAثال فحينما ينهض اAرء في صحة تامة بعد فترة من اAرضM يكوناجلسم قد تغير في نواح معينة: لقد تـكـونـت فـي اجلـسـم أجـسـام مـضـادةAقاومة البكتريا وهي أجسام تظل تدور في مجرى الدم من اآلن فصاعدا;وحلق الدمار بخاليا معينة أثناء اAعركة التي نشبت ضد اجلراثيم وغيرهاوتولدت خاليا أخرى. وباAثل فإن التوافقات السيكولوجية التي يحتاج اAرءإلى إجرائها للتكيف مع جتارب احلياةM تترك آثارا دائمة على سلوكه حتىبعد أداء مهمتها العاجلة. وفي كلمات واضحةM إن الناس يتغيرون بواسطة

جتاربهم.وبينما تزيد جتارب معينة قوة اجلسمM تضعف جتارب أخرى من حيويته.لكن ذلك ليس مسألة يسهل تقييمها باAرة. فـعـقـب سـاعـة شـاقـة مـن رفـعاألثقالM على سبيل اAثالM يشعر الشخص بأنه منهكM ظاهر الضعف. لكنالنتيجة احلقيقية للتدريب هي تقوية العضالت وزيادة القدرة على التحمل.وباAثلM فر�ا تثبت جتارب معينة كانت تبدو «سيئة» عند وقوعها أنهاM علىاAدى الطويلM أنعشت روح اإلنسان الذي خاضها بدال من إضعافها. وغالباما يخلف العمل الشاق الذي يؤدى جيدا بقية من متعة على الرغـم مـن أنالتجربة الفعلية لم تكن سارة على اإلطالق. وعلى العكس من ذلكM فالتجاربالسـارة أصـال ـ فـتـرات االنـغـمـاس الـذاتـيM واإلفـراط فـي األكـلM أو شـربMعنى اجملازي واحلرفي أيضاAبا Mـ كثيرا ما تترك مذاقا رديئا اخلمر الزائد

نتيجته فقط تعميق الشعور بعدم الرضا الذاتي لدى الشخص.ما هي إذن آثار إضاعة الوقت أمام التليفزيون على جيل من اAشاهدين?ومن خالل فهمنا لطبيعة التجربة التليفزيونية والدور الذي تلعبه في مجاالتنوعية خاصة من �و الطفلM قد نبدأ حتديد أي السلوكيات التـي ظـهـرتبh جيل الصغار الذين تعرضوا في البداية لتأثير الـتـلـيـفـزيـون eـكـن أنيحمل تسمية «األعراض» ـ أي السلوكيات التي استعملها اجلسم للشفاء منأوجه القصور واالختالالت الناجمة عن وجود التليفزيـون أو حـلـولـه مـحـل

Page 146: Al Atfal wa al2dman

146

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

جتارب ضرورية أخرى في حياة األطفالM وهو أمر له أهمية �اثلة.

التخاطب بال كلماتباعتبار أن سنة ١٩٥٠ هي أول سنة لدخول التليفزيون إلى البيوت األمريكيةعلى نطاق واسعM كان من اAتوقع بالتالي ظهور عالمات تأثير التليفزيون فياجليل األول من األطفـال اAـتـأثـريـن بـه حـوالـي سـنـة ١٩٦٤ أو ١٩٦٥ عـشـيـةاقتراب أولئك األطفالM الذين كانوا في الثالثة من العمـر سـنـة ١٩٥٠ M مـنسن االلتحاق بالكليات. فهؤالء األطفال eـثـلـون أوائـل األعـضـاء فـي جـيـل

التليفزيون. يقول : «إن اجليل الذي بلـغ مـرحـلـة الـوعـي فـيLawerence Fuchsكتـب

. وعلى الرغم من أن اAتحـدثـh)٣(الستينيات مختلف عن أي جيـل سـبـقـه»Mباسم هذا اجليل كثيرا ما يسهبون في احلديث عن إحباطاتهم السياسيةوغيرها من الصراعات األيديولوجية لتفسير اغترابهم عن اجملتمع وأساليبحياتهم اجلديدةM فإن كلمات التفسير ذاتهاM النمطيةM اAدغمة النطق (مثل«M ـغـمـغـمAيا رجل... تعرف ... إننا نفعل فعلنا فحسب») وأسلوب كالمهـم اhغير التتابعي ـ القريب إلى الكالم غير اللفظي بدرجة كبيرة ـ تب MتعثرAاأن تغييرا أساسيا أكبر قد حدثM وهو تغيير ال عالقة له باألفكار أو اإلحباطاالجتماعي. ويكاد يكون من الصعب عدم الربط بh االختالفات التي يظهرهاM والتي قد تصنف بثبات كتعميق أل�اط التفكير غير اللفظي Mهذا اجليلوحقيقة أنه هو اجليل األول الذي اشتد عوده بينما كان يشاهد كما مذهال

�ا يعرض على شاشة التليفزيون.لقد ظهر في أواخر الستينيات جيل لم يكن احلديث العادي بالنسبة لهشكال حاسما من أشكال االتصال مثلـمـا كـانـت احلـال بـالـنـسـبـة لـألجـيـالالسابقة. إن النشاط اجلنسي اAباشر كشكل من أشكال االتصال ظـل دونتغيير ـ فبقاء النوع يعتمد عليه. إال أنه بدال من الشبان الساعh فيما مضىMبعضهم البعض hمن خالل عمل إنساني مألوف إلقامة عالقات وطيدة بوحتقيق غاياتهم بالتحدث معاM وتبادل اAعلوماتM وبعد عـشـريـن سـنـة مـناستعمال التليفزيـون كـوسـيـلـة اتـصـال جـمـاهـيـريM صـارت حـلـقـة الـشـبـاناAتشابكي األيديM الذين يتحدث أحدهم مع اآلخر بال كلمـاتM خـصـيـصـة

Page 147: Al Atfal wa al2dman

147

جيل التليفزيون

أكثر بروزا من أحاديث اAقاهي الكثيفة التي شكلت اخلصائص الرئيـسـيـةجليل اخلمسينيات. لقد اكتشف جيل التليفزيون فرصا جديدة غير وسيلةاحلديث من أجل «االستمتاع الذاتي» معاM ومن أجل عقد أواصر األلفة عنطريق التجارب اAشتركة غير اللفظيةM أو �ساعدة اAاريجوانا أو العقاقير

اخملدرة األقوى في أحيان كثيرة.لم يكن التليفزيون طبعا العامل الوحيد الذي أسهم في التعريف اخلاصللجيل الذي بلغ سن الرشد قرب نهاية الستيـنـيـاتM فـقـد لـعـبـت احلـقـائـقاالقتصادية دورا أيضا. وأتاحت فترة غير مبـسـوقـة مـن بـحـبـوحـة الـعـيـشخالل اخلمسينيات والستينيات خلفية سهلة لرفض واسع النطاق للمـاديـة

woodstockوقيم اجملتمـع اإلنـتـاجـيM الـتـي اتـصـف بـهـا «جـيـل وودسـتـوك»

generation(*)والعاري من Mوغذت أسلوب حياته الداعي للعودة إلى الطبيعة الطموحات على اخلصوص واAعادي للفكر في أغلب األحيـان. ومـع تـردياحلالة االقتصادية في الواليات اAتحدة في السبعينياتM بدأ تركيز جديـدعلى النجاح اAادي (أو ر�ا كان عودة إلى تركيز قدt) يظهر في اجلامعاتMظهر األشعث الذي شاع في الستينياتAاألمريكية. واختفى الشعر الطويل واوحتول الطالب عن أفكار التمرد واالغتراب متطلعh إلى اAعاهد التجاريةMوجة الثانية» من جيل التليفزيونAومقابالت العمل. وبينما قد <اثل هذه «اكما eكن أن توصـفM شـبـان عـهـد مـا قـبـل الـتـلـيـفـزيـون فـي األربـعـيـنـيـاتMواخلمسينيات من حيث قصات شعورهم األنيقة ومالبسهم الغالية الثمـنإال أن أصحابها واصلوا إبداء تلك األ�اط اAتغيرة من التفكيـر والـسـلـوكhمـهـمـتـ hوذلك في ناحـيـتـ Mالتى ظهرت ألول مرة في أواخر الستينياتهما: استمرار العجز في مهاراتهم اللفظية باAقارنة مع أقرانهم في فترة ماقبل التليفزيونM واستمرار العقاقير اAنشطةM والسيما اAاريجواناM كجانـب

مألوف في حياتهم.

التليفزيون واخملدراتر�ا يكون ظهور اخملدرات كجزء مهم من ثقافة جيـل الـتـلـيـفـزيـون هـو

نسبة إلى مدينة في والية نيويوركM شهدت مـهـرجـانـاwoodstock generation:(*) جيل وودستـوك ضخما Aوسيقى الروك في أغسطس عام ١٩٦٩ (اAترجم).

Page 148: Al Atfal wa al2dman

148

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

الذي يحمل أوضح مطابـقـة لـتـجـربـة هـذا اجلـيـل فـيSymptom«العـرض» اAشاهدة التليفزيونية. ففيما بh عامي ١٩٦٤ وM١٩٦٨ وبالضبط حينما بدأاألعضاء األوائل من جيل التليفزيون بلوغ سن الرشدM تضاعفت نسبة الشبان

.(٤)�ن هم بh سن ١٠ و١٨ سنة اAقبوض عليهم كمتعاطh خملدرات خطيرةوالشك في أن ذلك ال يثبت أن مـشـاهـدة الـتـلـيـفـزيـون وتـعـاطـي اخملـدراتMوضوعAفهناك عوامل أخرى مهمة تتصل اتصاال وثيقا با Mمرتبطان سببياhالنقطت hمنها ازدياد وجود اخملدرات. لكن التوافق الغريب في التوقيت ب

يطرح فكرة الصلة بh التجربة التليفزيونية وتعاطي الشبان للمخدرات.ويربط الشبان أنفسهم في أحيان كثيرة بh تعاطي اخملدرات والتجربة

التليفزيونية:ففي دراسة عن تعاطي اAراهقh للمخدرات ورد على لسان شـاب فـيالتاسعة عشرة قوله:« من اAؤكد أنني أتعاطى اAاريجوانا. إنه شعور طيب.اAاريجوانا تبطىء العالم قليال. أنا أصغي إلى نفسي بصورة أفضل. بطيءوضبابي إال أنه واضح نوعا ماM مثل فيـلـم بـاحلـركـة الـبـطـيـئـةM أو بـرنـامـجتليفزيوني ذي شاشة صغيرة إلى حد أنها تدخل مباشرة إلى رأسكM وبذلك

eكنك أن تستشعر ما تعرضه في الصور».ويروي شاب في السابعة عشرة:« ياللجحيمM لقد تعاطيـت اAـاريـجـوانـا

لبعض الوقت في هذهLSDمنذ كنت في الرابعة عشرة. وتعاطيت عقار الـ السنة... وجعلتني جميع الصور في داخل مقلتي عيني أفكر في الريف وفي

نفسي... لقد شاهدت ذلك من هنا كأ�ا في برنامج تليفزيوني».ويالحظ أصحاب الدراسة أن:« إشارة �اثلة إلى التليفزيون تظهر مرة

».(٥)ومرات في مقابالتنا ويدافع كاتب شاب من جيل التليفزيون عن تورطه فـي جتـارب تـعـاطـي

اخملدرات:«حتت تأثيرها (اAاريجوانا)... أنت التضطر ألن تقول شيئا من أ جـلتقوية اإلدراك احلـسـي واإلدراك الـداخـلـي لـديـك. فـمـن اAـمـكـن مـن دونكلمات تقييم تكوينك الـذاتـي الـنـفـسـي... وأول شـيء تـتـعـلـمـه هـو أنـك الeكنك بعد اآلن إصدار حكم قيمي بh ما هو واقـعـي ومـا هـو غـيـر ذلـك.

.(٦)<اما كما هي احلال مع التليفزيون»

Page 149: Al Atfal wa al2dman

149

جيل التليفزيون

hصلحة تعاطي اخملدرات بجملة معبرة:« سيتعA ويختتم الكاتب اجلدلعلى أمريكا ببساطة أن تدرك وأن جتيز فكرة أن التجريب واسع االنتشارللمخدرات ليس عالمة تفسخ وانحطاطM بلM على العكسM عـالمـة تـكـيـف

ومواءمة».إنها لفكرة غريبة أن eثل انـغـمـاس أبـنـاء أحـد األجـيـال فـي مـخـدرات

Alvinتغيب العقل تكيفا ومواءمة مع بعض مظاهر بيئتهم. يرى ألفh توفلر

Toffler «ستقـبـلAفي «صدمة ا Future ShockسـتـوىAأن زيادة اإلثارة على ا احلسي تتعارض جوهريا مع قدرة الناس الفعلية على التفكيرM وتؤدي إلىاستجابة تكيفيةM تشمل االنسحاب واخلمولM ورفض العقل والتفكير العقالنيإجماال. وكتب توفلر: «الـواليـات اAـتـحـدة دولـة يـهـرب عـشـرات اآلالف مـن

حتت تأثيـرlethargyشبابها من الواقع عن طريق اختيار النـوام (الـسـبـات) اخملدرات... إذا كنا على نحو أعمى نزيد معدل التغييـرM ومـسـتـوى اجلـدةوالغرابةM ونطاق االختيارM فإننا نحكم على اAاليh بالصدمة في اAستقبل.

».(٧)إننا نتالعب في طيش بالشروط البيئية اAسبقة للعقالنيةلكن هناك شيئا غير مرض فيما يتعلق بالفكرة القائلة إن عوامل كزيادةمعدل التغيير أو التنوع اAذهل في اخلياراتM أدت إلى تغيير سلوكي بهذهاألهمية مثل تعاطي جيل من األطفال اخملدرات على نـطـاق واسـع. إذ مـناAؤكد أن الشروط اAسبقة للعقالنية ليست بيئيةM بل تكمن في النمو العقليللفرد الذي ينشد العقالنية. غير أن اAؤكد أن التالعب األشد تأثيرا يشمل

جتارب الطفولة اAبكرةM حيث تتشكل هذه البنى األساسية للعقالنية.

الوعى اجملردإذا كان من اAفهوم أن التجربة التليفزيونية التي تلعب دورا بهذه األهميةفي حياة األطفال الصغار اليومM تتضمن نشاطات عقليـة أقـرب إلـى تـلـكMرتبطة بشعور اليقظة العاديAالتي حتدث في حالة التخدر منها إلى تلك اhاستـغـراق جـيـل فـي اخملـدرات وبـ hمكن وجود صلة بAا يبدو من ا�فر

جتاربه التليفزيونية اAبكرة.قارن حالة اليقظة الشعوريةM التي نقيس في مقابلها جميع حاالت الوعياألخرى التي قد تعتبر شاذة أو متغيرةM ببعض اAظاهر الشائـعـة لـلـتـجـربـة

Page 150: Al Atfal wa al2dman

150

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

التليفزيونية. إن عقولناM في معظم حلظات يقظتناM تتلقى مجموعة متنوعةمن اAواد احلسية وتشرع في حتويلها إلى أفكار. ومع مرور كل حلظـة مـنحلظات اليقظةM يقارن العقلM ويفكرM ويزن األمورM ويراجعM ويضفي اAعانيعلى اAادة احلسية اآلتية إليه من العالم اخلارجي. أي eكن القول إن العقليفسر البيانات حتى في أثناء إدراكه لها. إننا ال نـسـتـطـيـع أن نـتـوقـف عـنالتفكير M فهو نشاطنا العقلي العادي ونحن نقوم بذلك بطـريـقـة تـلـقـائـيـة.والواقعM أننا تعودنا على هذا النشاط العقلي لدرجة أن غيابه يجعلنا نشعر

.«hبأننا غرباء «غير حقيقيMتنهمك عقولنا في جتربة تليفزيونية فإنها تستقبل بيانات إدراكية hوحلكن إحساسات التجربة <أل العقل <اما على نحو يفوق بكثيـر الـتـجـاربMالعادية للحياة الواقعية. وفي اجلانب األكثر من اإلدراك التليفزيوني العاديMشاهدAشاهدة سوى القليل من التفكير أو التفسير أو التذكر. فاAال يصحب االسيما اAشاهد صغير السنM تستغرقه التجربة التليفزيونية كلية إلى حـديجعل إ<ام �ارسة اإلحساسات أصعب من �ارسة األشياء الواقعيةM إن

العقل يتلقى الصور التليفزيونية عند وصولها ويقوم بتخزينها سليمة.ليست احلالة الشعورية في أثناء اAشاهدة التليفزيونية بعيدة عن احلالة

pure awarenssMالتي أطلق عليها اAتعاطون للمخدرات وصف الوعي اجملرد وهي التي «يكون فيها»... الشخص على وعي كامل ونشط بتجربتـهM ودونأن يكون هناك وجود لعمليات تفكيرM أو �ارسة أو تفسير. فاإلحساسات<أل انتباه الشخصM وهو انتباه سلبيM إال أنه مستغرق فيما يحدثM وهو مايكون في العادة قويا ومباشرا. إن الوعي اجملرد اجتياز للتجربة من دون أي

.(٨)ارتباطات �ا يكون هناك

Page 151: Al Atfal wa al2dman

151

جيل التليفزيون

Page 152: Al Atfal wa al2dman

152

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

القسم الثالثالتليفزيون واألسرة

Page 153: Al Atfal wa al2dman

153

احلياة األسرية

احلياة األسرية

أصبحت مشاهـدة الـتـلـيـفـزيـون جـانـبـا حـتـمـيـاومألوفا من جوانب احلياة اليوميـة عـقـب أقـل مـنخمسh سنة من دخوله إلى اجملتمع األمريكيM وهيفترة شهدت ترسخ هذه الوسيلة اإلعالميـة بـعـمـقفي احلياة األمريكيةM إلى حد أن جهاز التليفزيونحصل في إحدى الواليات اAتحدة على األقل علىمنزلة الضرورة الشرعيةM التي حتمى من االسترجاعـ في حالة الدين ـ مع اAالبسM وأدوات اAطبخM وما

. وفي السـنـوات األولـى لـلـتـلـيـفـزيـون(١)شابـه ذلـكوحدها كان لدى الكـتـاب واAـعـلـقـh مـا يـكـفـي مـنالفطنة للفصل بh اAشاهدة التليفزيونية واAضمونالفعلي الذي تقدمه للمشاهد. وفي تلك األيام اAبكرةكثيرا ما ناقش الكتاب تأثيرات التليفزيون في احلياةاألسرية. لكن نوعا من قصر النظر الغريب أصابأولئك اAراقـبـh األوائـل. فـهـمM مـن غـيـر اسـتـثـنـاءMنظروا إلى التليفزيون كعامل إيجابي مؤثر Mتقريبا

ومفيدM بل رائعM بالنسبة إلى األسرة.«سيكون التليفزيون قيمة حقيقية في كـل بـيـتيوجد به أطفال»M هكذا تنبأ أحد الكتاب في سنـة

(٢)١٩٤٩.«سيباشر التليفزيون إدارة أسلوب حياتكم ويغير

10

Page 154: Al Atfal wa al2dman

154

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

عادات أطفالكمM لكن هذا التغيير eكن أن يكون تطورا رائعا»M هكذا زعم.(٣)معلق آخر

وكتب أحد النقاد في صحيفة نيويورك تاeز عام ١٩٤٩:« ال حاجة بطبيعة احلال إلى عمل دراسة مسحيةM إلثبات أن التليفزيون

.(٤) شمل األسرة في حجرة واحدة»قد لمكان كل مقال من اAقاالت اAبكرة عن التليـفـزيـون بـال اسـتـثـنـاء مـرفـقـابصورة أو رسم يظهر أسرة جالسة معا في جو حميمي أمام جهاز التليفزيون.

يجلس على ذراع كرسي أبيهM واألبBuddy في حضن أمه. بودي Sisسيس يلف ذراعه حول كتف األم. فمن كان eكنه أن يخمن أنه بعد عشرين سنةأو نحو ذلك ستشاهد األم عمال مسرحيا في اAطبخM وينهمك األطفال فيالنظر إلى الرسوم اAتحركة في حجرتهمM بينما يتـابـع األب عـلـى الـشـاشـة

الصغيرة مباراة الكرة في حجرة اAعيشة?طبعا كانت أجهزة التليفزيون غالية الثمن جدا في تـلـك األيـام األولـى.ولم يكن واردا بحال أن eتلك ما يزيد على نصف األسر األمريكيةM بحلولعام M١٩٨٢ جهازي تليفزيون أو أكثرM كان ذلك في حكم اAستحيالت. كذلكلم يكن جتزؤ األسرة ذات األجهزة اAتعددة ليخطر على بال الكتاب األوائل.كما لم يتصور أحد عدد الساعـات الـتـي سـيـخـصـصـهـا األطـفـال فـي آخـراAطاف للتليفزيونM وال التغييرات التي سيحدثها التليفـزيـون فـي أسـالـيـبتربية الطفلM وال سيطرة متطلبات مشاهدة األطفال اAتزايدة على البرامجاليومية لألسرة ـ وباختصارM قدرة التليفزيون على التحكم في احلياة األسرية.وعقب السنوات األولىM ومع زيادة تسلط الوسيلة اإلعالمـيـة اجلـديـدةعلى األطفالM وقلق اآلباء من التأثيرات احملتملة للمشاهدة التـلـيـفـزيـونـيـةالطويلةM ساعدت عبارة تكررت بانتظام على تهدئة وطمأنة قلق اآلباء. ففيدراسة مبكرة ومؤثرة عن تأثيرات التـلـيـفـزيـون فـي األطـفـالM قـال مـؤلـفـوالدراسة: «إن التليفزيون يدخل دائما إلى �ط من التأثيرات اAوجودة بالفعل:

. وبكلمات(٥)البيتM جماعة األقرانM اAدرسةM دار العبادةM والثقافة عموما»أخرىM إذا كانت حياة الطفل األسرية على ما يرامM فليس هناك ما يـدعـو

لقلق اآلباء بشأن تأثير اAشاهدة التليفزيونية برمتها.لكن التليفزيون لم يؤثر فقط في الطفلM ذلك أنه ترك أثرا عميقا في

Page 155: Al Atfal wa al2dman

155

احلياة األسرية

ذلك «النمط من التأثيـرات» الـذي <ـنـى كـل شـخـص أن يـحـسـن تـأثـيـراتالوسيلة اإلعالمية اجلديدة. لقد تغيرت جوانب مهمة فـي اAـنـزل واحلـيـاةMاألسرية منذ دخول التليفزيون. فأصبحت جماعة األقران تليفزيونية التوجهوشغلت مشاهدة التليفزيون مساحة كبيرة من الوقت الذي eضيه األطفالمعا. وحتول مسار الثقافة بفعل التليفزيون على وجه العموم. ولذلك ليـسمن اAالئم أن يعزى للتليفزيون القيام بالدور الثانوي الذي يصر عليه كثيرونمن اAدافعh عنه (وهم في أغلب األحيان أعضاء في الصناعة التليفزيونية).إن التليفزيون ليس مجرد عامل واحد مـن بـh مـجـمـوعـة الـعـوامـل اAـهـمـةاAؤثرة في الطفل. فالتليفزيون يبرز من خالل التغييرات التي أحدثهـا فـي

حياة األسرةM باعتباره العامل اAؤثر اAهم في حياة أطفال اليوم.

نوعية احلياة األسريةظل إسهام التليفزيون في احلياة األسرية مسألـة يـحـوطـهـا االلـتـبـاس.فبينما حال التليفزيونM في الواقعM بh أفراد األسرة والتشتتM إال أنـه لـميفلح في تقريبهم معا. ومن خالل سيطرته على الوقت الذي تقضيه األسرمعاM دمر التليفزيون الطابع اخلاص الذي eيز أسرة عن أخرىM وهو طابعMوما يجمعها من طقوس خاصة Mيعتمد إلى حد بعيد على ما تفعله األسرة

وألعابM ودعابات متكررةM وأغان شائعةM وأنشطة مشتركة. يقول: «مثلما كان الـسـاحـرUrie Bronfenbrennerكتب يوري برونفنبـرنـر

القدt يفعلM يلقي جهاز التليفزيون بتعويذته السحريةM باعثا اجلمود فـياحلديث والفعلM محوال األحياء إلى <اثيل صامتة مادام السحر مستمرا.إن اخلطر األول لشاشة التليفزيون ال يكمن إلى حد كبير في السلوك الذيينتج عنها ـ على الرغـم مـن وجـود خـطـر هـنـا أيـضـا ـ بـقـدر مـا يـنـجـم عـنالسلوك الذي تقف حائال دونه: األحـاديـثM األلـعـابM اAـبـاهـج واجملـادالتاألسرية التي من خاللها يتعلم الطفل الكثير وعن طريقها تتكون شخصيته.إن تشغيل جهاز التليفزيـون eـكـن أن يـوقـف عـمـلـيـة حتـويـل األطـفـال إلـى

. ومع ذلك فقد قبل اآلباء قبوال تاما احلـيـاة األسـريـة اخلـاضـعـة(٦)عائلـة»لسيطرة التليفزيونM إلى درجة أنهم ال يستطيعون أن يروا مدى تورط الوسيلةاإلعالمية فيما قد يصادفهم من مشاكل. يروي أحد مدرسي الصف األول:

Page 156: Al Atfal wa al2dman

156

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

لدي تلميـدة واحـدة فـي اجملـمـوعـة وهـي طـفـلـة وحـيـدة. وقـد أردت أنأعرف اAزيد عن حياتها األسرية ألن هذه البنت الصـغـيـرة كـانـت مـنـعـزلـة<اما عن اجملموعةM ولم تتخذ لها أصدقاءM ولذلك حتدثت إلى أمها. قالتاألم إنه ليس لديهم وقت لعمل أي شيء في اAساء. يعود األبوان إلى اAنزلبعد أخذ الطفلة من جليسة األطفال. وبعـد ذلـك تـعـد األم الـعـشـاء بـيـنـمـاتشاهد الطفلة التليفزيون. وعقب تناول العشاء تأوي الطفلة إلى الفراش.قلت لهذه األم «حسناM أال eكنها مساعدتك في إعـداد الـطـعـام? سـيـكـونذلك الوقت مالئما لتبادل احلديث بينكما»M وقالت األم: «أوهM لكني أكره أن

M إنه برنامج رائع!Zoomأحرمها من مشاهدة «زوم» حتى حينما تبذل األسر جهودا للسيطرة على التليفـزيـونM فـإن وجـودهاجملرد كثيرا ما يعادل النواحي اإليجابية للحيـاة األسـريـة. وصـفـت إحـدىالكاتبات ـ وهي أم لولدين في الثالثة والسابعة من العمر ـ البرنامج اليومي

لتليفزيون أسرتها في مقالة في صحيفة النيويورك تاeز:كنا في معمعان حرب شاملة. كان كل يوم معركـة جـديـدة وكـل بـرنـامـجمناوشة كبرى. وقد اتفقنا على أن الوضع مزعج من جميع النواحـي وأنـنـاعلى استعداد للدخول في مفاوضات دبلوماسية. من حيث اAبدأ � االتفاقعلى ساعتh ونصف الساعة من اAشاهدة التليفزيونية يومياM شارع السمسم

Sesame Street والشركـة الـكـهـربـائـيـة Electric Companyمع ازدراد الـعـشـاء) Mالسابعة والثامـنـة والـنـصـف hونصفي ساعة من البرامج ب M(فيما بينهماوهو ما يتيح للكبار أن يأكلوا في سالم وeنع الولدين من أن يفتك أحدهماباآلخر. أما خيارهما اخلاص Aا قبل النوم فقد كان مفزعا ألنهM كما اعترف

أخيرا «ال شيء �ا يعرض يروق لي حقيقـة»M ولـذلـك... فـهـيJoshجوش What‘s My Line أو To Tell the Truthمن الـواضـح أن هـنـاك حـاجـة إلـى ...

.(٧)برامج أطفال �تازة في هذا الوقتفكر في «احلياة األسرية» اAوصوفة هنا: من اAفترض أن يعود األب إلىالبيت من العمل في أثناء عرض «شـارع الـسـمـسـم». ويـكـون الـطـفـالن إمـاأنهما يشاهدان التليفزيون أو يزدردان عشاءهماM أو يفعالن الـشـيـئـh فـيالوقت نفسه. وبينما يتناول األبوان عشاءهما في عزلة آمنةM يشاهد الطفالنMساعة أخرى من التليفزيون. عندئذ يتبقى نصف ساعة قبل وقت الـرقـاد

Page 157: Al Atfal wa al2dman

157

احلياة األسرية

Mوتنظيف األسنان Mوارتداء البيجامات Mا يكفي فقط للذهاب إلى احلمام�وما إلى ذلك. إن أمسية الطفلh تخضع لنظام ضبط شبه عسكري. فهماM«وحينـمـا «ال يـتـبـقـى مـا يـروق لـهـمـا حـقـيـقـة Mيشاهدان برامجهما األثيرةيشاهدان أي شيء آخر على الشاشة ألن اAشاهدة هي الشيء اAهم. وأمهماال ترى أي خطأ في مشاهدة برامج جملـرد اAـشـاهـدةM فـهـي تـتـمـنـى فـقـطعرض بعض برامج األطفال اAمتازة في تلك األوقات. ومن غير استحضارلذكريات العهد الفيكتوري ذات األلعاب األسرية ووجبات الطعام الـطـويـلـةاAتمهلةM والعائالت كبيرة العددM يثور السؤال: أال توجد حياة أسرية أفضلمن هذا الترتيب الكئيبM اآللي الذي يسمح لألطفال بأطول وقت من اAشاهدة

التليفزيونيةM مساء بعد مساء?�ا الشك فيه أن األسر التزال <ارس ألوانـا خـاصـة مـن الـنـشـاطـاتاAشتركة أحيانا: إقامة اخمليمات صيفاM الذهاب إلى حديقة احلـيـوان فـيأحد أيام اآلحاد اللطيفةM اخلروج في نزهات ورحالت متنوعة. لكن حـيـاةأفرادها اليومية اAألوفة بعضهم مع البعض تقلصت ـ ذلـك اجلـلـوس حـولمائدة العشاءM ذلك الشروع التلقائي في نشاط ماM تلك األلعاب الصـغـيـرةالتي يخترعها األطفال من وحي اللحظة حh ال يجدون ما يفعلونM خربشاتالكتابة أو الرسمM الثرثرةM بل حتى التشاجرM وكل تلك األشياء التي تشكلنسيج أسرة من األسرM والتي حتدد معنى الطفولة. لقد صار لألطفالM بدالمن ذلكM برنامج يومي منتظم Aشاهدة برامـج الـتـلـيـفـزيـون والـنـومM وصـار

للوالدين عشاؤهما الهاد� معا. أن «احلفاظ عـلـىTimesويالحظ مؤلف اAقـال الـذي نـشـرتـه الـتـاeـز

.(٨)سالمة عقل األسرة يعني التوفيق بh حاجات كل من األطفال والكبار»لكن من اAؤكد أن تلبية حاجات الكبار يتحقق على نحو أفضل من حاجاتاألطفالM الذين يبعدون فعليا ويوصفون بأنهم غير مزعجMh بينما الوالدانيستمتعان بحياة خالية من اAطالب كـأ�ـا هـي حـيـاة أي زوجـh ال أطـفـاللهما. والواقع أن تلك اAطالب بعينها اAلقاة علـى كـاهـل األسـرة مـن جـانـباألطفال الصغار هي التي <هد السبيل إلى النموM وأن تلك الطريقة الـتـييقبل بها الوالدان تلك اAطالب هي التي تبني العالقات التي يعتمد مستقبلMـشـتـركـةAاألسرة عليها. فإذا كانت األسرة ال جتمـع زادهـا مـن اخلـبـرات ا

Page 158: Al Atfal wa al2dman

158

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

والتجارب اليومية اAشتركة التي حتدث وتتكرر ثانيةM وتتغير وتتطورM فليسمن احملتمل أن تبقى إال كمؤسسة للرعاية.

الطقوس األسرية بأنه «ذلك اجلانب من احلياة األسريةritualيعرف علماء االجتماع الطقس

.(٩)الذي حتبه األسرة في نفسهاM وتفتخر بـه وتـريـده شـكـلـيـا أن يـسـتـمـر»ويورد نص آخر أن «تنمية طقس ما في إحدى األسر هو إشارة إلى اهتمام

.(١٠)أعضائها اAشترك باألسرة كجماعة»ما الذي حدث للطقوس األسريةM تلك احلوادث اAنتظمةM اAتكررةM اAركونإليهاM التي أعطت أعضاء األسرة شعورا باالنتماء إلى بيت ما وليس مجردالعيش ابتغاء الراحة والدعةM تلك التجارب التي <ثل دور اAادة الالصـقـة

في وحدة األسرة وبصورة تفوق أي منفعة مادية?MـرضAطـقـوس ا Mطقوس الذهاب إلى الفراش Mطقوس وجبات الطعامطقوس الـعـطـالت ـــ كـم طـقـسـا مـن هـذه الـطـقـوس جنـا مـن غـائـلـة جـهـاز

التليفزيون?ها هي ذي فتاة �ن كبرن بالقرب من شيكاغو تسـتـغـرق فـي ذكـريـات

طفولتها وتعطي فكرة عن تأثيرات التليفزيون في الطقوس األسرية:hكان لدي كطفلة عدد هائل من األقارب; فأبواي ينحدران مـن أسـرتـكبيرتh نسبيا. كان ألبي تسعة من اإلخوة واألخوات. ولذلك كان يحدث فيكل عطلة ذلك االنقضاض الكبير للعمات واألعمامM وأبنائهم الكثيرين للغاية.إنني أتذكر جيدا كم كان ذلك رائعا. هذا اجلمع الغفير من أبـنـاء األقـاربكانوا يأتون وكان كل واحد يلعبM ثم في النهايةM بعد العشاءM كانت النسوةجميعا يشغلن صدر البيتM وهن يرشفن القهوة ويتحدثنM بينما جميع الرجالفي خلفية البيت يشربون ويدخنون M وكان األطفال عن بكرة أبيهم يلعـبـونلعبة االختفاء والبحث في اAكان كله طوال وعرضا. وكانت فترة عيد اAيالدلطيفة بخاصةM ألن كل واحد كان دائما يحضر جميع الدمى واللعب اخلاصةبه. وكان في بيتنا غرفتان بهما خزانتان eكن اAـرور مـنـهـمـاM ولـذلـك كـاناألطفال يجرون باستمرار في طريق دائري كبير. أتذكر كم كان ذلك رائعا

بحق.

Page 159: Al Atfal wa al2dman

159

احلياة األسرية

ثم أتذكر أنني على حh غرة فـي إحـدى الـسـنـوات أدركـت بـh عـشـيـةMonopolyوضحاها كم اختلفت األمور. فاألطفال ما عادوا يلعبون اAونوبولي

أو غيرهما من األلعاب التي اعتدنا أن نلعبها معا. كان ذلكclueأو اAفتاح ألن جهاز التليفزيون الذي صار لدينا راح يعرض مباراة لكرة القدم. كل تلكالتنشئة االجتماعية التي حدثت سلفا قد انتهت. وصار كل شخص يجلساآلن أمام جهاز التليفزيونM في أثناء العطلةM وفـي احلـفـل األسـري ! إنـنـيأتذكر كيف أصبت بالصدمة إلى أقصى حد. فقد أصبح التليفزيون بطريقة

ما أكثر جاذبية.ومع تعود األسر <ضية اAزيد واAزيد من الوقت وبال انقطاع في نشاطاAشاهدة التليفزيونية وحدهM صارت هذه الطقوس وأساليب التسلية الـتـيأعطت احلياة األسرية طابعها اخلاص فيما مضى نادرة أكثر فـأكـثـر. ولـميحدث أن بلغت األسر هذا اAستوى من التماثل الـتـام مـنـذ أزمـنـة مـا قـبـلMوجمع الغذاء Mكانت األسر التي سكنت الكهوف <ارس الصيد hح Mالتاريخ

واألكلM والنومM واليتبقى إال القليل من الوقت لتراكم ثقافة ذات مغزى.

أناس حقيقيونإن النشاطات التي قد تنشغل بها األسرة بال انقطاع ليست وحدها التيتقلصت بسبب احلضور القوي للتليفزيـون فـي الـبـيـت. لـقـد تـأثـرت أيـضـاعالقات أفراد األسرة بعضهم مع البعض اآلخرM في أسالـيـبـهـا الـواضـحـةوالغامضة على السواء. فالساعات التي يقضيها األطفال في عالقة أحاديةMوهو اندماج اليسمح بتواصل أو تفاعل Mاالجتاه مع الشخصيات التليفزيونية

.hتؤثر من دون ريب في العالقات مع الناس احلقيقيوتبh الدراسات أهمية االتصال العيني اAبـاشـرM فـي عـالقـات احلـيـاةالواقعيةM على سبيل اAثالM كما توضح أن طبيعة أ�اط االتـصـال الـعـيـنـيللمرءM سواء نظر إلى اآلخر مباشرة في العينh أو نظر إلى جانب الوجه أونقل نظرته احملدقة من جانب إلى آخرM قد تلعب دورا مهما في جناح اAرء

.(١١)أو فشله في العالقات اإلنسانية لكن االتصال العيني غير �كن في عالقة الطفل بـالـتـلـيـفـزيـونM عـلـىالرغم من أن اAتحدثh في بعض برامج األطفال التليفزيونية يوحون بأنهم

Page 160: Al Atfal wa al2dman

160

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

يتحدثون مباشرة إلى الطفلM وتدعم الكاميرا هذا الوهم بالتركيز مباشرةMisterعلى الشخص الذي يجري تصويره . (واAثال على ذلك مستر روجرز

Rogersكنe أنت طفل �يز» الخ). فكيف M أنا أحبك »M الذي يقول للطفل MMأن يؤثر تشويه العالقات احلياتية الواقعية بهذه الصورة في �و ثقة الطفل

?hوانفتاحه وقدرته على االتصال اجليد باألشخاص اآلخرين احلقيقي tكتب برونو بيتلهاBruno Bettelheim:

إن األطفال الذين � تعليمهم أو تكييفهم على اإلصغاء في سلبية طوالغالبية ساعات اليوم إلى الرسائل الودية الشفهية التي تصلهم مـن شـاشـةالتليفزيـونM وإلـى اجلـاذبـيـة الـعـاطـفـيـة الـعـمـيـقـة Aـا يـسـمـى بـالـشـخـصـيـةالتليفزيونيةM غالبا ما يعجزون عن االستجابة لألشخاص احلقيقيh ألنهميثيرون شعورا أقل بكثير من اAمثل اAاهر. واألسوأ من ذلكM أنهم يفقدونالقدرة على التعلم من الواقع ألن خبرات احلياة أكثر تعقيدا من تلك التـي

.(١٢)يرونها على الشاشة...وتدلي إحدى اAدرسات �ـالحـظـات �ـاثـلـة عـن خـبـرات مـشـاهـدتـهـا

الشخصية:إنني أعاني اAتاعب في حشد قواي والتعامل مع الناس احلقيقيh بعدمشاهدة التليفزيون عدة ساعات. فمن الصعب <اما حتقيق ذلك االنتقالمن مشاهدة التليفزيون إلى عالقة حقيقية. وأفترض أن السبـب فـي ذلـكهو عدم احلاجة إلى بذل جـهـد مـن جـانـبـي فـي أثـنـاء اAـشـاهـدةM ذلـك أنالتعامل مع الناس احلقيقيh يتطلب دائما بعض اجلـهـد. تـخـيـلM إذنM كـمسيكون الشيء ذاته أصعب بالنسبة لطفل صغيرM السيما إذا كان يـشـاهـد

التليفزيون بكثرة يوميا.لكن الضرر األكثر وضوحا الذي يحيـق بـالـعـالقـات األسـريـة هـو إزالـةMوالتعبير عن الشكاوى Mفرص النقاش Mا األكثر أهمية�فرص احلديثM وربh اآلباء واألطفال واإلخوة واألخوات. إن األسر تستعمل التليفزيون غالبالتفادي مجابهة اAشكالتM وهي مشكالت لن يبعدها التجاهلM بل يجعلهـا

تتقيح ويصبح إمكان حلها أقل سهولة �رور الوقت.تروي إحدى األمهات:

إن لدي ثالثة أطفالM وحh يتشاجرون أجد نفسي راغبة فـي تـشـغـيـل

Page 161: Al Atfal wa al2dman

161

احلياة األسرية

جهاز التليفزيون. ويتعh علي في الواقع أن أقاوم حتى ال أفعل ذلك ألننيأشعر بأنني أقول لهم بذلك إن هذا هو احلل للشجار ــ لكن األمر مغر إلى

حد أنني كثيرا ما أفعله.ويناقش أحد اختصاصيي العالج األسري استعمال التلـيـفـزيـون كـآلـيـة

:(*)جتنبيةفي إحدى األسر التي أعرفها يعود األب إلى البيت من العمـل ويـشـغـلجهاز التليفزيون. ويجيء األطفال للمشاهدة معه وتقدم الزوجة لهم وجبتهمأمام اجلهاز. وبعد ذلك يذهب األب لالستـحـمـامM أو يـنـشـغـل بـالـعـمـل فـيالسيارة أو غير ذلك . وعنـدئـذ تـذهـب األم وتـتـنـاول عـشـاءهـا أمـام جـهـازالتليفزيون. من اAؤكد أن هذا عرض من أعراض مشكلة عميـقـة اجلـذور.لكن التخلص من اجلهاز سيساعدهم جميعا. سيكون من السهل أكثر معرفةما يعنيه هذا العرض حقا من دون التليفزيون. إن التليفزيون ببساطة يشجعكال منهم على جتنب اآلخر. ومن اAمكن لهم أن يدركوا جلية األمر بسرعةأكبر إذا لم تكن لديهم القدرة على االختفاء خلف التليفزيـون... طـبـعـا لـن

تصبح األمور أفضل بالضرورةM إال أنهم لن يكونوا مخدرين.إن تناقص فرص احملادثة البسيطة بh اآلباء واألطفال في البيت اAتمركزحول التليفزيونM ر�ا ساعد في تفسير تلك اAالحظة التي أبدتها �رضةحجرة الطوارىء في أحد مستشفيات بـوسـطـن. فـقـد ذكـرت اAـمـرضـة أناآلباء ال يفعلون شيئا سوى اجللوسM حh يحضرون إلى هناM في هذه األياممع طفل مريض أو مصاب إصابة خطيرةM على الرغم من أن احلديث إلىالطفل يصرف انتباهه عن األلم ويشجعه. وتالحظ اAمرضة: «يبـدو أنـهـماليعرفون كيف يتحدثون إلى أطفالهم ألي وقت �كن». وباAثل M يكتب ناقدتليفزيوني في صحيفة نيويورك تاeز «منذ يوم واحد فقـط أخـذت ابـنـيإلى جناح الطوارىء في أحد اAستشفيات خلياطة بعض الغـرز فـوق عـيـنـه

أوMaalotاليسرىM ولم تبد اAناسبة أكثر واقعية بالنسبة لـي مـن مـعـالـوت الشارع الرابع واخلمسMh جنوب وسط لوس أجنلوس.

كان هناك تباعد وفقدان للحس وعجز عن اخلروج على اجلو العام. ولم.(١٣)أتصرف على اإلطالقM بل شاهدت فحسب... »

(*)avoidance mechanism

Page 162: Al Atfal wa al2dman

162

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

ويبرهن عدد من الدراسات البحثية على صـحـة االفـتـراض الـقـائـل إنالتليفزيون يتدخل في النشاطات العائلية وفي تشكيل عالقات األسـرة. إذتوضح إحدى الدراسات اAسحية أن ٧٨ في اAـائـة مـن أصـحـاب اإلجـابـاتأشاروا إلى افتقاد األحاديث في أثناء اAـشـاهـدة بـاسـتـثـنـاء أوقـات مـعـيـنـةكاإلعالنات التجارية. وتالحظ الدراسة أن «اجلو التليفزيوني في غـالـبـيـةالبيوت يتسم باالستغراق الهاد� من جانب أفراد األسرة احلاضرين. وeكنوصف طابع احلياة االجتماعية األسرية خالل البرنامج بأنه «مواز» وليسمتفاعال. ويبدو اجلهاز مسيطرا بـالـفـعـل عـلـى احلـيـاة األسـريـة فـي أثـنـاء

. كذلك أشار ٣٦ في اAائة من أصـحـاب اإلجـابـات فـي دراسـة(١٤)تشغـيـلـه»أخرى إلى أن مشاهدة التليفـزيـون كـانـت الـنـشـاط األسـري الـوحـيـد الـذي

.(١٥)شاركوا فيه خالل األسبوع في تلخيصه لنتائج بحثه حولJames Garbarinoويشير جيمس جاربارينو

تأثير التليفزيون في التفاعل األسـري إلـى أن «الـنـتـائـج األولـى تـوحـي بـأنالتليفزيون كان له تأثير معطل في التفاعلM ومن ثم في النمو اإلنساني فيأغلب الظن... ولن جنانب الصواب إذا ما تساءلنا: هل هو واقع أن األسرةاألمريكية العادية إبان عقد اخلمسينيات ضمت األبوينM وطفلM h وجهـازتليفزيون يرتبط بطريقة ما باخلصائص السيكولوجية للراشديـن الـصـغـار

.(١٦)أبناء السبعينيات?»

تقويض األسرةلعب التليفزيون دورا مهما في تفكك األسرة األمريكيةM من خالل تأثيرهفي العالقات األسريةM وتسهيله انسحاب األبوين من القيام بدور فعال فيالتنشئة االجتماعية ألطفالهمM وفي حلوله محل الطقوس األسرية واAناسباتاخلاصة. إال أن التليفزيون لم يكن طبعا العامل اAشارك الوحيدM بل ر�ا لميكن أهم العوامل. فاالرتفاع اAطرد في معدل الطالقM وزيادة عدد األمهاتالعامالتM والضعف التدريجي لألسرة اAمتدةM وتفـكـك جـمـاعـات اجلـيـرة

كل(*)nuclear familyواجملتمعات احملليةM والعزلة اAتزايدة لألسرة النـوويـة : هي األسرة التي تتكون من الزوج والزوجة واألوالد فقط والتضمnuclear family(*) أسرة نووية

أي أقارب آخرين.

Page 163: Al Atfal wa al2dman

163

احلياة األسرية

هذا أثر بصورة خطيرة في األسرة.ويرى يوري برونفنبرنر أن أسباب انهيار األسرة ال تنشأ من ذاتـهـاM بـلمن الظروف التي جتد األسرة نفسها فيهاM ومن أسلوب احلياة الذي تفرضهعليها تلك الظروف . كتب يقول: «حينـمـا تـقـوض تـلـك الـظـروف وأسـلـوبMأعضاء األسرة hاحلياة الذي تتمخض عنه عالقات الثقة واألمان العاطفي بوحh جتعل من الصعب على الوالدين رعاية أطفالهماM وتعليمهـم وتـوفـيـراالستمتاع لهمM وحh ال يلقى األب أو األم العـون أو االعـتـراف مـن الـعـالـماخلارجي بالدور الذي يقومان بهM وحh يعني الوقت الذي يقضيه اAرء معأسرته اإلحباط في اجملال اAهني واإلجناز الشخصي وراحة البالM فإن �و

.)١٧(الطفل عندئذ يتأثر عكسيا»لكنه في الوقت الذي تضرب فيه جـذور االغـتـراب عـمـيـقـا فـي نـسـيـجالتاريخ االجتماعي األمريكيM فإن وجود التليفزيون في البيت يخصب تلكاجلذورM ويشجع �وها اAفرط واجلامـح.وقـد يـكـون صـحـيـحـا أن ارتـبـاطأمريكا بالتجربة التليفزيونية يخفـي فـراغـا روحـيـاM وأسـلـوب حـيـاة خـاويـاوعقيماM وغلبة طاغية للنزوع اAادي. لكن الدور اAسيطر لـلـتـلـيـفـزيـون فـياألسرة هو الذي يخدرها للقبول بوضعها التعس واحليلولة بينها وبh النضال

لتحسh حالهاM وتطوير عالقاتهاM واستعادة جانب من ثرائها اAفقود.لقد التفت آخرون إلى دور وسائل االتصال اجلماهيري في إدامة وضع

Irvingراهن ليس على ما يرام. فنشاط وقت الفراغM كما كتب ايرفنج هاو

Howeيجب أن يوفر لنا الراحة من رتابة العمل دون أن يجعل العـودة إلـى» ـ وهو ما العمل التطاق; وأن eدنا بالتسلية بال تبصرM وباAتعة من دون قلق ـ

وجه الثقـافـةيختلف عن الفن الذي يهب اAتعة من خـالل الـقـلـق. وهـكـذا تاجلماهيرية نحو جانب رئيسي من جوانب اجملتمع الـصـنـاعـي هـو فـقـدان

M باAثلM فكرة أن التليفزيونJacques Ellul ويرفض (١٨)الشعور بشخصية الفرد »وسيلة مشروعة لتربية اAواطن: «التربية ... حتدث عرضا فقط. فتشويش

(١٩)شعوره له الغلبة...».

وهكذا تتخبط األسرة األمريكية في سيرهاM مـدركـة عـلـى نـحـو مـبـهـموجود نقص ماM إال أن سيل الصور التليفزيونية الذي ال ينتهي يصرفها عنإدراك اAأزق الذي وصلت إليه. وفي الوقت الذي تصبح فيه الصالت األسرية

Page 164: Al Atfal wa al2dman

164

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

Mوتغدو حياة األطفال أكثر انفصاال عـن حـيـاة اآلبـاء Mأكثر ضعفا وغموضاMدارس على الدور التربوي لآلباء في حياة أطفالهمAويستولي التليفزيون وايزداد عدم الرضا لدى اآلباء واألطفال على السواء عن احلياة األسرية. إنكل ما يبدو أنه تبقى هو احلبM وهو فكرة مجردة يعرف أفراد األسرة أنهاضروريةM لكن كال منهم يجد صعوبة بالغة في منحها لآلخرM ألن الـفـرص

التقليدية للتعبير عن احلب داخل األسرة قد تقلصت أو أصابها التلف.بالنسبة لألبوين اAعاصرينM بات حب أحدهما لآلخر يعنـي عـلـى نـحـومتزايد العالقات اجلنسية الناجحةM وهو ما يشهد عليه تكاثر كتيبات اجلنسواختصاصيي العالج اجلنسي. أما فرص التعبير عن أشكال احلب األخرىمن خالل الدعم اAتبادلM والفهم M والتنشئة والرعايةM بل ـ إذا ما استخدمناكلمة غير شعبية ـ «خدمة أحدهما لآلخر»M فقد أصبحت تتضاءل باستمرار

ألن األمهات واآلباء يبحثون عن مصائرهم اAستقلة خارج األسرة.أما عن حب األطفال M فإن هذا احلب يجري التعبير عنـه بـاطـراد مـنخالل تقدt وسائل الراحة اAاديةM وأدوات التسليةM والفرص الـتـعـلـيـمـيـة.ويـظـهـر اآلبـاء حـبـهـم ألطـفـالــهــم بــإرســالــهــم إلــى مــدارس ومــعــســكــراتMوالكتب Mوشراء الدمى Mوتوفير الطعام اجليد واألطباء األكفاء لهمMمالئمةواللعب M وجهاز تليفزيون خاص. بل eضـي اآلبـاء أبـعـد فـي الـتـعـبـيـر عـن

hـعـلـمـAحبهم بحضور اجتماعات جمعيـات اآلبـاء واPTAلتطوير مـدارس األطفالM أو باالنضمام إلى اجلماعات العاملة من أجل حتسh نوعية برامج

األطفال التليفزيونية.لكن هذا احلب حب على مبعدةM ونادرا ما يفـهـمـه األطـفـال. فـالـصـوراألكثر صراحة للحب الوالدي تتطلب الوقت والصبرM الوقت اAنتظمM اAوثوقMوالذي يقضونه مع األطفال فعليا Mالذي يعطيه اآلباء بال شكاة أو تذمر M بهفي القراءة لهمM وتوفير الراحة لهمM واللعب معهم وتبادل النـكـات والـعـمـلمعا. لكن حتى إذا كان اآلباء تواقh ومستعدين للتعبير عن ذلك النـوع مـناحلب اAباشر ألطفالهم اليومM فإن الـفـرص تـتـنـاقـص . فـبـسـبـب اAـدرسـة

ودروس البيانو وM طبعاM برامج التليفزيـونLittle leagueوالعصبة الصغيـرة التي يتعذر جتنبهاM يبدو أن اليوم ال يتيح من الوقت إال ما يكفي فقط لقبلة

«طابت ليلتك».

Page 165: Al Atfal wa al2dman

165

آباء ا�اضي

آباء املاضي

إن تنشئة طفل صغير ليست عمال هينا. فنشاطالطفل وفضولهM وال معقوليتـهM وإحلـاحـهM وتـقـلـبـهاالنفعاليM واألهم من ذلكM عدم إمكان التنبؤ بأفعالهــ وكلها خصائص النمو الطبيعي ــ كثيرا ما جتـعـل

تربية الطفل عمال شاقا.على الرغم من أن أساليب تنـشـئـة الـطـفـل قـدتغيرت من فترة تاريخية إلى أخرىM وأن االجتاهاتنحو األطفال مرت بثورة فعليـةM فـإن بـإمـكـانـنـا أننـفـتـرض أن احلـاجـات والـسـلــوكــيــات األســاســيــةلألطفال في سنواتهم األولى لم تتغيرM وأن أطفالاAاضي تصرفوا خالل السنوات اخلمس األولى منحياتهم بأساليب ال تختلف كثيرا عن األساليب التييتصرف بها األطفال حاليا. ويعني هذا أنهم كانوافي أحـيـان كـثـيـرة مـزعـجـMh بـحـكـم طـبـيـعـة عـدمنضجهم ذاته. أما الذي تغـيـر إلـى حـد بـعـيـد فـهـو

سلوك اآلباء نحو األطفال.لقد أتاح التليفزيون للوالد الـعـصـري تـخـفـيـفـاسريعا ومباشرا من صعوبات رعاية الطفل بتحويلهثلث ساعات اليقظة أو أكثر لدى طفل ما قبل سناAدرسة من نشاط ال eكن التنـبـؤ بـه إلـى سـلـبـيـةيعتمد عليها. وبغية إدراك كيفية وسبب استـعـمـال

11

Page 166: Al Atfal wa al2dman

166

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

اآلباء العصريh التليفزيون من أجل التكيف مع صعوبات العيش مع األطفالالصغارM فمن اAفيد العودة إلى الوسائل التي استطاع بها آباء اAاضي معاجلة

صعوبات �اثلة.

اإلهمال والقسوة: «إن تاريخ الطفولة كابوس بدأنـاLioyd de Mouseكتب احمللل النفـسـي

. ولقد استغرق ذلك الكابوس ـ والذي مثل(١)أخيرا فقط نفلت من قبضته»فيه اإلهمال والقسوة عنوانا لتعامل الكبار مع األطفال ـ القسم األكبر مـنالتاريخ اAدون. فالنصيحة اإلجنيلية «وفر العصا تفسد الطفل» كانت متبعةفي سالف الزمان بحماسة توقع الرهبة في النفس. وفي احلقب اAـاضـيـة

ضربون بانتظام ووحشيةM إلى حد الوصول بحياتهم إلى شفاكان األطفال ياAوت. كما أن ضرب الطفل لم يكن يتم سرا; فقد تعرض األطفال للضربعلنا وعمداM في حجرات الدرسM وردهات اAنازلM وأمام جمـهـور األقـارب

واألصدقاءM حيثما وحينما دعت احلاجة.وكان إرهاب األطفال �ارسة شائعة يوما ما. وعلى سبيل اAثالM شـاعلدى اآلباء في القرن السابع عشر إحضـار صـغـارهـم مـن األبـنـاء والـبـنـاتAشاهدة عمليات الشنق وتنفيذ اإلعدام العلنية من أجل إكراههم بالترهيبعلى الطاعة واإلذعان. ومنذ أقدم األزمنة اAعروفة كان األطفال يتعرضونللتخويف من خالل قصص الساحرات والوحوشM التي تنتظـر كـي تـنـقـضعليهم إذا أساءوا السلوك أو التصرف. وعلى الرغم من أن آثار هذه اAمارسةالتزال موجودة اليوم في بعض احلكايات الشعبية واألساطيرM فإن قصصالرعب التي نشأت منها هذه احلكايات واألساطير كانت تعرض تصويـريـاومسرحياM إلى حد أن مدونات الـتـاريـخ تـسـجـل وقـائـع عـن أطـفـال صـغـار

.(٢)تعرضوا للتخويف حرفيا حتى اAوتhشائعت hأخري hوكان التضور جوعا واحلرمان من الطعام أيضا وسيلتللسيطرة على سلوك األطفال ( والتزاالن باقيتh في صيغ مثل «ال حلوى إنلم تسلك سلوكا حسنا»). وفوق ذلكM أتيـح ذات يـوم لـآلبـاء الـبـاحـثـh عـنالراحة من تصرفات األطفال الصغار الطبيعية احلـصـول عـلـى مـجـمـوعـةكبيرة متنوعة من اAسكنات وعقاقير خفض حيوية األطفالM والتي حمـلـت

Page 167: Al Atfal wa al2dman

167

آباء ا�اضي

تسميات مثل «مساعد األم» و«بركة األم». وكانت تلك اجلرعات فعالـة فـيكبت النشاط الطبيعي للطفل والتخلص من اAتاعب التي قد تسببـهـا هـذهالنشاطات لألب أو األم أو القائم على رعاية الطفلM وذلك الحتوائها على

أو الكوكايh أو األفيون جلعـل الـطـفـلLaudanum(*)ما يكفي من الـلـودنـوم الصغير سلبيا إن لم يفقده وعيه كلية.

�ا الريب فيه أنه لم يتم حتى اليوم التخلص من سوء معاملة األطفالوال يزال عدد كبير من «األطفال الذين تعرضوا للضرب العـنـيـف اAـتـكـرر»والصغـار الـذيـن أسـيـئـت مـعـامـلـتـهـم عـلـى نـحـو مـؤلـمM يـفـدون إلـى عـنـابـراAستشفيات والوكاالت العامة ومن ثم إلى اهتمام اجلمهـور الـعـام. ويـــظـلقدر ال بأس به من العنف ضد األطفال متواريـا خـلـف اجلـدران األسـريـة.ومهما يكن فإن اAعاملة الوحشية والعنيفة لألطفال تعد اليوم انحرافا يعرضفاعله لعقوبات جنائية حقيقية. ويعتبر ضرب األطفال أوجتويعهم أو ترويعهمعموما أساليب تعامل تستحق اللوم والتوبيخM على الرغم من أن بعض اآلباءال يزالون يلجأون إليها. لكن هذه اAمارسات كانت التزال طبيعية ومقبولـة

حتى مائة سنة خلت فقط.إن غالبية اآلباء اليوم <نعهم ضمائرهم من إنزال األلم البدني أو العقليبأطفالهم الصغارM فكيفM إذنM استطاع اآلباء فيما مضى معاملة أطفالهمبهذه الطريقة دون إحساس بالذنب أو الندم? إن اإلجابة واضحة: لم يـكـنMي في الوعى بطبيعة األطفال والطفولةAفي إمكان أي شيء باستثناء تغيير عاأن يؤدي إلى انقالب في التفكير بهذا احلجم إلى حد أن ذلك السلوك الذي

.pathologicalكان ذات يوم شائعا ومقبوالM صار شريرا بل مرضيا ويكمن العامل اAساعد احلاسم في تغيير التفكير على هذا النـحـو فـيالوعي اجلديد باحلاجات اخلاصة لألطفال الصغارM وهي حاجات البد من<ييزها عن حاجات اآلباء. ذلك أنه من غير هذا الوعي كان اآلباء يتصرفونMكما يروق لهم نحو األطفال بشتى الطرق التـي تـؤكـد حـاجـاتـهـم اخلـاصـةويستخدمون أساليب تنشئة للطفل جملرد أنها فعالة ومؤثرةM بغض الـنـظـرعن تأثيراتها احملتملة في �و الطفل. ولم يتسن إجبار اآلباء علـى تـعـديـلسلوكهم نحو أطفالهم ووقف معـانـاة األطـفـالM إال بـعـد أن بـدأوا يـعـتـبـرون

: مستحضر أفيوني.laudanum(*) اللودنوم

Page 168: Al Atfal wa al2dman

168

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

الطفل مخلوقا له حاجات خاصةM وبعد أن شرعوا يفهمون هذه احلاجـاتويفرقون بينها وبh حاجاتهم هم.

ومن دون هذا اإلدراك الذهني بوجود شيء خاص ومختلف عن طبيعةوحاجات الطفلM غالبا ما اعتبر األب في اAاضي السلوك «الطفولي» الذييصدر عن الطفل بصورة طبيعية مظهرا Aيوله اخلاصة غير اAرغوب فيها.وعن طريق ضرب الطفل أو إرهابه كان في إمكان اآلباء التعـامـل مـن دونقيد مع خصوماتهم اخلاصةM وإخفاقاتهمM ومخاوفهمM ورغباتهم اخلـفـيـة.ولم يشعروا بأي ذنب أو ندم بسبب قسوتهم جتاه الطفلM ألن الطفل لم يكن

موجودا في الواقع ــ بل كان مجرد جتسيد للحاجات الداخلية لآلباء.إن أحد األمثلة على هذا اإلسقاط الوالدي جنده في حادثة من حوادثالتاريخ األمريكي. فحينما سقطت طفلة القس واAؤلف األمريكي اAعـروفMصرخ أبـوهـا: «واحـسـرتـاه Mكوتون مازر في النار وتعرضت حلروق خطيرة

. فاعتقاد األب أنه(٣)بسبب خطاياي يلقي الرب العادل طفلتي في الـنـار!»كان الشخص الذي يعاني في هذه احلالة وليس الطفلة الصغيرةM وافتقارهللتعاطف مع معاناة الطفلة (إن لم نقل افتقاره للندم بسبب اإلهمال الـذيأدى إلى وقوع حادثة كهذه)M يوضح أنه نظر إلى طفلته في ضـوء مـخـتـلـف

<اما عن الضوء الذي ينظر به اآلباء اليوم إلى أطفالهم.

ضوء جديد على الطفولة في القرن الثامن عشرM صارت هناكRousseauابتداء من كتابات روسو

نظرة جديدة إلى طبيعة الطفولة وحاجاتها اخلاصة. وانتشرت بتدرج واطرادأفكار جديدة وتغلغلت في جميع شرائح اجملـتـمـعM إذ بـدأت مـن الـطـبـقـاتاAتعلمة ثم شقت طريقها شيئا فشيئا إلى تلك الطبقات االجتماعية األكثرمقاومة للتغيير. وقد بلغ حتول التفكير فيما يتعلق باألطفال ذروته بكتاباتفرويد ومريديهM ونشوء فرع جديد <اما من فروع اAعرفـة هـو عـلـم نـفـسالطفل. لقد جاء العصر الذي ينظر فيه إلـى الـطـفـل بـوصـفـه مـخـلـوقـا لـهحاجاته اخلاصة. ومثلما أدى تغير الشعور فيـمـا يـتـعـلـق بـاAـرأة الـيـوم إلـىتغييرات عميقة في سلوك الرجال نحو النساء (وسلوك النساء نحو الرجالونحو بعضهن البعض)M أحدثت األفكار اجلديدة بشأن الطفولة واألطـفـال

Page 169: Al Atfal wa al2dman

169

آباء ا�اضي

ثورة حقيقية في رعاية الطفلM ثورة <يزت باالنتقال من التأكيد على حاجاتاآلباء إلى التأكيد على حاجات الطفل اAعترف بها حديثا. لقد بزغ أسلوبللمشاركة الوجدانية في تنشئة األطفالM كانت له أصداؤه ليس في أساليبتعامل اآلباء اجلديدة مع سلوك األطفال فـحـسـبM بـل أيـضـا فـي أسـالـيـب

تصرف وتكيف األطفال أنفسهم.Mوالـوعـيـد Mواحلرمـان مـن الـطـعـام Mوبدال من استخدام العقاب البدنيوغيرها من اAعدالت السلوكية القويةM بدأ اآلباء في التحول إلـى أسـالـيـبتأديبية أكثر «سيكولوجية» ــ احلجج والبراهMh واإلقناع واAالطفة M وصرفاالنتباه وسحب اAوافقةM وما إلى ذلك. غير أنه بينما عبرت هذه األساليبعن فهم جديد لنمو الطفل وعززت احلاجات األسـاسـيـة لـهM كـانـت هـنـاكمشكلة من وجهة نظر اآلباء.ذلك أن هذه األساليب لم تعمل بكفاءة دائما.فاحلجج والبراهh مع طفل صغير منشغل �خالفة سارة نادرا مـا جتـديبصورة فعالةM ناهيك عن أنه ليس سريعـا بـأي حـالM مـثـلـمـا تـفـعـل ضـربـةشديدة. ونتيجة لذلك فإنه في الوقت الذي شعر فيه األطفال الصغار بأنهمفي أفضل حاالتهم في ظل نظام لتنشئة الطفل أكثر إنسانيـةM وجـد اآلبـاءاAكافحون بضمير حي لتلبية احلاجات التنموية للطفـل صـعـوبـة أكـبـر فـي

تلبية حاجاتهم اخلاصةM بوصفهم كباراM في أحيان كثيرة.إن إحدى الصعوبات التي تواجه اآلباء في تنـشـئـة الـطـفـل خـالل عـهـداAشاركة الوجدانية اجلديدM نبعت من الوعي اAتزايد بأنه لم يكن بالضرورة«مالئما» للطفل أن يكون طيبا. ففي أيام اجلهالة الغابرة كان التأكـيـد فـيتنشئة الطفل على �و الشخصية. وكانت غاية األمل أن يصير الطفل طيبا.و�ا أن الطفل «الطيب» طفل غير مزعجM ور�ا تتطلب طيبة الطفل منه أنيسلك سلوكا ال يتصادم مع حاجات الكبارM فقد ينظر إلى هذا اAعيار علىالفور بصفته مظهرا Aنهجية علمية لتنشئة الطفل قائمة على حاجات الكبار.لقد وجد اآلباء في العهد اجلديد أنهم مضطرون للتعامل مع سلوكياتMواخلـطـفMسلوكيات كـالـتـحـسـس Mتتعارض بصورة خطيرة مع حياة الكباروالرميM واAقاطعةM ورفع الصوتM واإلحلاح ــ وهى سلوكيات طبيعية كانتتعتبر ذات يوم «سيئة» وغدت مهجورة ــ بوسائل جديدة تتطلب اAـزيـد مـنالوقت واجلهد. ومع استبدال �وذج «الطيبة» و�و الشخصية باخلير األسمى

Page 170: Al Atfal wa al2dman

170

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

لألمان العاطفيM صار حمل اآلباء أثقل.Summum bonumاجلديد وزادت صعوبة األمر بسبب ما جد من وعي بأن تلك السنوات نـفـسـهـاالتي يكثر فيها إحلاح األطفال على وقت ونشاط اآلباءM السنوات التي تزدادفيها صعوبة التعامل معهم ــ سنوات الطـفـولـة اAـبـكـرة تـلـك ـــ ذات أهـمـيـةحاسمة في اكتساب الطفل لذلك األمان العاطفي اAنشود إلى حـد بـعـيـد.ولم يعد مطلوبا من آباء اليوم أن يكونوا أكثر حتمال لسلوك الـطـفـل الـذييتصادم مع حياتهم ككبار فحسبM بل هم يشعرون باالضطرار إلـى قـضـاءوقت أطول مع أطفالهمM معتقـديـن ـــ عـن حـق ـــ أن ذلـك يـسـاعـد فـي بـنـاء

األسس الراسخة Aستقبل الطفل العاطفي والفكري.وفضال عن ذلكM فإن مشاعر اAشاركة الوجدانيـة اخلـاصـةM فـي عـهـدرعاية األطفال اجلديدM ال <نع اآلباء من استخـدام الـقـسـوة فـحـسـبM بـليجدون أنفسهم عاجزين عن اللجوء إلى أسلوب الالمباالة واإلهمال الـذيجعل مهمة اآلباء هينة في اAاضي. وقد يبدو أن األعباء الثقيلة التي حملهاآباء األمس M وعدم وجود أجهزة لتوفير الوقت واخلدماتM قد جعلتهم أكثرتهاونا وأقل حذرا فيما يتعلق بصحة أطفالهم البدنية والعقلية. لكـن حـتـىأشد اآلباء فقرا وإنهاكا اليوم يراعي احتياطات الصحة والسالمة بالترددعلى العيادات الصحيةM وبذل اجلهود اتقاء للحوادثM وما إلى ذلك. ور�اتتمثل أبرز داللة على هذا احلرص اجلديد في استعمال األمهات العامالتجهاز التليفزيون «كجليسة أطفال إلكترونية»M إلبقاء صغـارهـن �ـنـأى عـن

األذى عند خروجهن من البيت.وفور تشرب اآلباء الشعور اجلديدM لم يـسـمـحـوا بـعـد ذلـك ألطـفـالـهـمMكشوفةAأو الغرق في اآلبار ا Mأو السقوط في النار Mبالتجوال على هواهمأو الوقوع حتت عجالت العرباتM كما حدث كثيرا من قبل. ولـن يـعـود فـياإلمكان أن تعزى حوادث من هذا القبيل إلى رب مـنـتـقـم يـنـزل الـقـصـاصبسبب خطايا اآلباء اخلاصة. لقد تكشفت اآلن لآلباء معاناة الـطـفـل بـكـلعناصرها اAثيرة للشفقةM وشرعوا في بذل مجهودات كبيرة Aنعها أو للتخفيفمنها على األقل. إن عهد جليسة الطفل (وأخيرا جليسة الطفل اإللكترونية)

قد بدأ.جنح االهتمام اAتواصل بحاجات األطفال فـي األسـرة اAـتـمـركـزة حـول

Page 171: Al Atfal wa al2dman

171

آباء ا�اضي

الطفل أكثر فأكثر من وجهة نظر الطفلM وعلى نحو يفوق األساليب السابقة.واستطاع األطفال تنمية قدرات بدنيةM وانفعاليةM وفكرية أتاحت لهم التفوقفي نواح عديدة على أطفال األمس. غير أن زيادة يقظة الوالدين أدت إلىظهور نتيجة ثانوية طبيعية. فقد صار األطفال أكثر إحلاحا. والبد أن نفهمأن هذا لم يشكل تغييرا في الطبيعة اجلوهرية للطفل M إذ استمر الصغارفي اتباع األ�اط السلوكية التي درجوا عليها دائـمـا.لـكـن كـثـرة مـطـالـبـهـمكانت نوعا من التكيف مع التسامح اجلديد في تنشئة الطـفـلM <ـامـا كـمـاكانت سهولة االنقياد واخلضوع ذات يوم تكيفا مع القسوة اAهددة للحـيـاة.وظل األطفال على حبهم للذاتM كما كانوا دوما . إال أنهمM بسـبـب إعـطـاءآبائهم اآلن اAزيد من الوقت واالهـتـمـام لـهـم كـمـا لـم يـحـدث مـن قـبـلM لـميستمروا على «طيبتهم» وضبط دوافعهم الطبيعية. وعلى العكسM فإن إعطاء

اآلباء الكثير ألطفالهم جعل هؤالء يطلبون اAزيد.hالذي اقترن بنشاط ونضج عقلي مبكر نابع Mإن هذا اإلحلاح اجلديدمن اإلشباع األفضل للحاجات األوليةM تضاعف أكثر بزيادة الوقت واجلهداللذين تستلزمهما التنشئة احلديثة للطفل من قبل الوالدين. وأسهمت هذهالعوامل في اAأزق الذي واجه اآلباء عند منتصـف الـقـرنM ومـهـد الـطـريـقبدوره الستعمال التليفزيون على نطاق واسع كأسلوب للحيـاة مـع األطـفـال

الصغار.وتكمن اAشكلة في عجز اآلباء اAتزايد عن تطويع أطفالهمM ذوي اAطالبالكثيرة واAستمرةM من خالل أساليب تنشئة حديثة لـألطـفـال تـسـتـنـد إلـىحاجات الطفل وحده. لقد أصبح الضرب والتجويـع فـي خـبـر كـان. بـل إنالصفع الرقيق وأخف كلمات الوعيد (لن يحضر بابا نويل أي هدايا إن لـمتسلك سلوكا حسنا) كانت تقابل بعدم الرضا. غير أنه في حh زادت حاجةاآلباء إلى وقت الفراغ والراحة نتيجة لزيادة أعباء رعاية الطفلM تناقصتMظهر التليفزيون hفرصهم إلشباع هذه احلاجات بطرق مقبولة. وهكذا حجرى انتهاز الفرصة كوسيلة للخروج من اAأزق: فنقرة عـلـى اAـفـتـاح تـغـيـرMمقتحم Mضوضائي Mمن مخلوق نشيط Mوإن يكن مؤقتا Mالطفل تغييرا تاماMhشديد الرغبة في النشاط والتجربة وفي حاجة إلى إشراف وانتباه متواصلإلى كائن طيعM هاد�M سهل اإلرضاء. وقد حتقق هذا التغيير اAذهل بالتعاون

Page 172: Al Atfal wa al2dman

172

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

مع الطفل! فالطفل أراد أن يشاهد التليفزيونM وأحب أن يشاهدهM وبدا أنهعاجز عن االكتفاء منه.

ر�ا كان التواطؤ غير اAسبوق من جانب األطفال في تهـدئـة أنـفـسـهـمبواسطة التليفزيونM هو الذي سمح آلبائهم باستعماله على هذه الصورة مندون هوادة أو قيود. ور�ا ألن تشجيع األطفال على مشاهدة التليفزيون كانMاضي الكريهة أو الصعبةAأكثر سهولة ومدعاة للسرور عند مقارنته بأساليب اتغاضى اآلباء عن حقيقة أن هذه السلوكيات ذاتها التي تسبب اAتاعب لهمــ أي هذه االستكشافات M واAمارساتM وجتارب السبب والنتيجة التي النهايةلها ــ سلوكيات مفيدة وأنشطة ضرورية حقا للطفل الصغيرM وأن التـعـامـلمع سلوكيات األطفال الصعبة من خالل التخلص منها كلية بواسطة جهـازالتليفزيون ال يختلف عن قمع السلوك الطبيعي للطفل وتهـديـده بـالـعـقـابالبدنيM ويشبه على نحو مدهش تخدير الطفل وتسكينه باستعمال اللودنوم

أو اجلن.وفضال عن إفراغ حياة األطـفـال مـن األنـشـطـة والـسـلـوكـيـات الـنـافـعـةوالضرورية للنمو األمثلM أزال التليفزيون أيضا سلوكيات تنشئة الطفل منجانب اآلباء والتي ر�ا كانـت ذات أهـمـيـة �ـاثـلـة. ذلـك أن اآلبـاء بـسـبـباعتمادهم اAتزايد على التليفزيون في حياتهم اليومية مع أطفالهمM ينسحبونمن دورهم الفاعل في تربية األطفالM ويصبحون تدريجيا أقـل قـدرة عـلـى

التعامل بنجاح مع أطفالهم األقوياءM اAفتقرينM مع ذلكM إلى االنضباط.بيد أن اآلباء اAعاصرين يواصلون استعمال التليفزيون بطـريـقـة تـشـبـهاخملدرM ويشغلون أنفسهم في اAقام األول برقة اخملدر أو فظاظته («با<ان»شريرM «مستر روجرز» طيب). وحh نفكر مليا في أن األطفال يقضون مايتراوح بh ثالث وسبع ساعات يوميا خالل أهم سنوات تكوين حياتهم فيمشاهدة التليفزيون; يتضح لنا أن كابوس إهمال الطفل لم ينتهM وأنـه بـعـدصحوة قصيرة وواعدةM انحرف اآلباء إلى اخللف نحـو أسـلـوب مـدمـر مـن

أساليب تنشئة الطفل.

Page 173: Al Atfal wa al2dman

173

كيف عاش اآلباء قبل التليفزيون?

كيف عاش اآلباء قبلالتليفزيون؟

في العقود التي سبقت التليـفـزيـونM وفـي قـمـةحتول تنشئة الطفل من نشاط متمركز حول الوالدينإلى نـشـاط مـتـمـركـز حـول الـطـفـلM تـأثـرت أسـسالفلسفة اجلديدة لتنشئة الطفل بالضرورة بالواقعالعملي للحياة اليومية مع األطـفـال. فـمـن أجـل أنيواصل اآلباء احلياةM كـانـوا فـي حـاجـة إلـى بـعـضالوقت ألنفسهم بعيدا عن مطالب أطفالهم الصغاراAتواصـلـة. وهـكـذا كـان لـزامـا عـلـيـهـم أن يـطـورواأساليب معينة تتعارض مع االجتاه احلديثM بحكمأنها كانت أكثر <ركزا حـول الـوالـديـن مـنـهـا حـولالطفل. لكن هذه األساليب أثبتت أنهـا ذات قـيـمـةلـألطـفـال أنـفـسـهـم ألنـهـا وازنـت بـعــض جتــاوزات

التنشئة اAتمركزة حول الطفل.ولـقـد تـخـلـى اآلبـاء عــن الــكــثــيــر مــن قــواعــداالنضباط السلوكي تلك حh طرح التليفزيون نفسهكبديل أسهل. ومن اAهمM في محاولة تقييـم مـعـنـىالتجربة التليفزيونية في حيـاة األطـفـال الـيـومM أنMعن النظر فيما كان يفعله اآلباء في الثالثينيات�hكان يتع hواخلمسينيات عمليا ح Mواألربعينيات

12

Page 174: Al Atfal wa al2dman

174

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

عليهم ببساطة أن يبتعدوا قليال عـن أطـفـالـهـم. وقـد نـكـتـشـف عـن طـريـقدراسة أساليب التصرف تلك ما قدمته هذه األساليب للطفلM فـي الـوقـت

نفسه أيضا الذي قدمت فيه لآلباء قسطا من الراحة.

املالحظة بعينني مفتوحتنيقبل التليفزيون كانت أم الطفل الصغير في حاجة ماسة إلى تنمية قدرةطفلها على اللعب وحده لفترات من الوقت. لكن ذلك لم يكن عمـال سـهـالباAرة. فقد كان يتعh أن جتد األم أساليب تضمن انشغال الطفل فعال في

اللعب لبعض الوقتM تاركا األم Aتابعة شؤونها اخلاصة.وهكذا جرت عادة األم في اAاضي على إبقاء عينيها مفتوحـتـh دائـمـاMعلى صغارها األطفال حتى تتوافر لديها صورة دقيقة عن تغيرات �وهمليس بدافع الفضول العقلي بالضرورةM وإ�ا ألن هذا التراكـم اAـعـلـومـاتـيكان يتيح لها إيجاد الوسائل التي جتعل أطفالها يقومون بتسـلـيـة أنـفـسـهـمبصورة ناجحة ومضمونة. وكـان عـلـى األمM مـثـال M أن تـرهـق نـفـسـهـا لـكـيتكتشف ما إذا كان طفلها ذو السنوات الثالث قادرا على تعلم القطع �قصكليل. فإذا حقق هذا العمل تسلية للطفلM كان جديرا بأن تبذل األم له منالوقت واجلهد ما يساعد الطفل على تعلم كيفية القطع كما ينبغيM وتزودهبأوراق ملونة أو مجالت قدeةM ور�ا بجرة من عجينة اللصقM ألن مكافأتهاMوألسباب �اثلة Mا�ستكون طفال ذاتي التسلية حاAا يتم اكتساب اAهارة. ورتقدم األم للطفل أزرارا أو حبات من الفول والفاصوليا واللوبياء لفرزهاM أوعجينة لتشكيلهاM أو مكعـبـات لـلـبـنـاءM مـن دون أن يـكـون دافـعـهـا إلـى ذلـكاإلخالص في حتقيق سعادة طفلها فحسبM بل أيضا قدرا معينا من اAصلحة

الذاتية اAفيدة.إن انتباه األم الهتمامات طفلها الناشئة واإلفادة منها في خدمة حاجاتهااخلاصة كان عنصرا مهما للنجاح كأم فيما مضى. لكن معرفة األم احلميمةبطفلهاM واAكتسبة من خالل مالحظة يقظة لتقدم النموM قادت األم أيضـاإلى عالقة أكثر إشباعا مع طفلهاM في واقع األمرM مـع تـوافـر فـرص أكـبـرللمتع اAشتركةM وتقليل احتماالت سوء الفهم واAعاناة غير اAقـصـودة الـتـي

تنجم عن ذلك.

Page 175: Al Atfal wa al2dman

175

كيف عاش اآلباء قبل التليفزيون?

ومن وجهة نظر الطفل فإن فترة اللعب االنفرادي التي عـززتـهـا جـهـودMاألم للتأكد من نتائجها أدت إلى تنمية مهارات مهمة وإلى منجزات واقعيةـ إنشاءاتM رسومM <اثيلM ملصقاتM عروض للحيواناتM وما شابه ملموسة ـMنجزات للـطـفـل شـعـورا بـالـكـفـاءةAهارات واAأعطت هذه ا Mذلك. وبدورهاومن ثم ساعدت على إلغاء مشاعر العجز واالعتماد التام التي تسيطر على

مرحلة الطفولة اAبكرة.والواقع أن االنتباه اAكثف حلاجات واهتمامـات األطـفـال الـذي أظـهـرهاآلباء فيما مضى كان له تأثير مفيد في األسـرة كـلـهـا. فـقـد أصـبـح اآلبـاءخبراء في شؤون األطفالM وساعدتهم معلوماتهم الوفيرة على تربية أطفالهم

بطريقة أكثر إنسانية وفعالية.وال ريب في أن إتاحة التليفزيون كوسيلة لتنشئة الطفل قللت من حاجةاآلباء اAلحة إلى معرفة أطفالهم جيدا. ورغم أن اآلباء ظلوا بدافع العاطفةMأو الشعور بالواجب يالحظون أطفالهم ويتواصلون معهـم بـطـرق مـتـنـوعـةفإن جهودهم لفهم أطفالهم تتناقصM وذلك ألن حاجاتهم اخلاصة لم تـعـد

قوة دافعة.

The Napاإلغفاءة

كانت اإلغفاءةM من ناحية ثانيةM هي أهم ما تعتمد عليه األم في اقتناصبعض الراحة من عبء األطفال. ففي اAاضي غير البعيد جـدا كـان هـنـاكوقت يغفو فيه األطفال بانتظام خالل مرحلة طفولتهم اAبكـرة كـلـهـاM وفـيالغالب حتى بداية اAدرسة. ولم يـكـن األطـفـال بـالـضـرورة فـي حـاجـة إلـىM وإ�ا كانوا مضطرين ألن يـغـفـوا Mوما كانوا يريدون ذلك Mإغفاءة قصيرةببساطة تامة. كانت اإلغفاءة جزءا محتوما ومقبوال مـن احلـيـاة كـالـذهـابإلى الفراش ليال أو ارتداء اAالبس أو تنظيف األسنانM أو عمل أي من تلكاألشياء التي اليريد األطفال عملها بوجه خاصM وإ�ا كان يـتـعـh عـلـيـهـم

ببساطة عملها في مسار طفولتهم.كانت اإلغفاءة ال مناص منهاM ألن األمهـات يـحـتـجـن إلـى تـلـك الـراحـةMاتهن الهـاتـفـيـةAنتظمة من رعاية الطفل. كن يقتصدن في مكاAالقصيرة اوكتابة اخلطاباتM والقراءةM أو التفكير اAتواصل من أجل تلك الفسحة من

Page 176: Al Atfal wa al2dman

176

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

النهار حh الحتتاج العh أو األذن إلى التوجه في انتباه باجتاه طفل صغير.اليزال األطفال الرضع يقضون معـظـم أوقـات يـومـهـم نـائـمـMh وخـاللالسنتh األوليh من العمر يواصل األطفال النوم فترات عدة منفصلة فـيأثناء النهار. لكن عددا كبيرا من أطفال اليوم يكفون عن أخذ ذلك القسطاخلفيف من النوم خالل السنة الثالثة من عمرهمM حh تنقطع فسيولوجياحاجتهم إلى فسحة نهارية للنوم. وكانت تلك هي اAرحلة التي يتعـh عـلـىأمهات األمس بذل مجهود كبير فيها لإلبقاء على اإلغفاءة. فبما أن األطفالبعد سن معينة ال ينامون تلقائيا في وقت اإلغفاءةM صار من الـطـبـيـعـي أنيفعلوا كل ما في وسعهم لكسب وقت األم واهتمامها. وهم يفعلون ذلك عنطريق «الهرج واAرج»M كما أسمته األمهات. لكن أمهات األمسM نتيجة للحزمالذي يستند إلى نوع من اليأس وإلى احلاجة اجلسمانية إلى بعض الوقتبعيدا عن الطفلM ثابرن على جهودهن لإلبقاء على اإلغفاءةM وحتولت إغفاءةhكان األطفال خاللها في السابق مطـالـبـ Mالنوم تدريجيا إلى إغفاءة لعببأن eكثوا في حجرتهمM وهم يلعبون أو يحلمون أو يشغـلـون أنـفـسـهـم فـيهدوء من دون هدف. وجنحت األمهات عموما في احلفاظ علـى اإلغـفـاءةكجزء منتظم من الروتh اليومي إلى أن تتيح اAدرسة الفرصة لراحة نهارية

جديدة.إن الوالدينM في أيامنا هذهM « ال يعمالن» للحفاظ على اإلغفاءة. فالبديلالذي أمامهماM عقب الراحة التي شعرا بها حـh كـان طـفـلـهـمـا نـائـمـا فـيالليلM هو العمل على تشجيع أطفالهم الصغار على مـشـاهـدة الـتـلـيـفـزيـونلفترات كافية من الوقتM وهو عمل أسهل بكثير من محاولة إقناع الـطـفـلبأخذ سنة من النوم. ور�ا يتجذر جانب من تعلق األطفال العميق بالتجربةالتليفزيونية خالل سنـواتـهـم اAـتـأخـرة فـي جتـاربـهـم اAـبـكـرة مـع الـوسـيـلـةM بذل آباؤهم جهودا خاصة ومغرية «لربطهم» بالتليفزيون hح Mاإلعالمية

الذي رأوا فيه وسيلة جناة.ها هي أم شابةM حسنة التعليم حتتاج إلى الراحة من مشقات احلياة معطفل صغيرM تصف جهودها من أجل وضع طريقة محددة Aشاهدة طفلهـا

التليفزيونية:في الربيع اAاضيM حh بلغ جيرمي سنة ونصف السنةM كف عن إغفاءة

Page 177: Al Atfal wa al2dman

177

كيف عاش اآلباء قبل التليفزيون?

الصباح. كان ذلك وقتا صعباM بالنسبة له ولنا. وفي ذلك الوقت بدأت أوالبتجربة «شارع السمسم»M وبذلت جهدا إلثارة اهتمامه بالبرنامج. كنت أشغلاجلهاز وأقولM« انظر ! ها هي سيارة» وما شاكل ذلك. لكنه لـم يـظـهـر أي

اهتمام على اإلطالق. وبدا األمر غير مجد آنذاك.ثمM انقطع في اخلريفM حh كان عمره سنتh عن إغفاءته <اما. وبداالنهار طويال إلى احلد الذي جعلني أبدأ جهدا آخر إلثارة اهتمامه ببرنامج«شارع السمسم». كان حينئذ أكثر قدرة على التعبير باأللفاظ M وفكرت أنالفرصة باتت أفضل ألن يفهم البرنامج. كنت أقوم بتشغيـل اجلـهـازM وكـانيبدي اهتماما أوليا في اللحظات األولى. كان ذلك حدثا مهما. كان ينـظـرإلى البرنامج لفترة قصيرةM ثم ينصرف إلى أمور أخرى. وكنت أترك اجلهازيعمل بينما eر هو بجواره وينظر إليه وهو في طريقه إلى مكان آخرM ور�اجلست أنا نفسي أمام اجلهاز هنيهاتM لكي أحاول أن أجعله أكثر جاذبـيـةلهM أو أن أقنعه تدريجيا باAشاهدة. وكان إذا طلب احلصول عـلـى زجـاجـةحليب أمام جهاز التليفزيونM أدعه يحصل عليها بالتأكيد هنـاك. بـل إنـنـي

كنت أقترح أحيانا إحضار زجاجة احلليب له.كنت أقوم بتشغيل جهاز التليفزيون خالل وجودنا في اAنزل في أي وقتأثناء عرض برنامج »شارع السمسم». وفي نحو الساعة الرابعةM كنت أقومبتشغيل اجلهاز وأحاول إثارة اهتمامه بالتعليق على األشياء اAعروضة علىالشاشة. «أوهM انظر إلى الثلج» وأشياء من هذا القبيل. ثم اشتريت كتابا عن«شارع السمسم» ورحنا نقلب صفحاته معا. أظن أن ذلك ساعد في إثـارةاهتمامه. لقد استغرق ذلك تقريبا الفترة من أكتوبر إلى عيد اAيالد. وأخيرا«حتقق» ذلك بالتدريج <اما. لكنه حاليا يشاهد الـتـلـيـفـزيـون كـل يـومM مـعزجاجة احلليبM دائماM في الصباح وبعد الظهر. ويشاهد «مستـر روجـرز»

Mister Rogers.وهي حقا فترة راحة كبيرة لي Mفي معظم األوقات Mأيضا إنني أعرف أن من احملتمل أال يكون التليفزيون شيئا رائعا للصغارM لكنسويعات قليلة يوميا ال eكن في الواقع أن تكون سيئة جدا. وأتصور أنه لولم يكن عندي جهاز تليفزيون حلاولت ترتيب نوع من الوقت الهاد� الروتينيفي حجرتهM كإغفاءة للعب. لكن ذلك كان سيغدو صعبـاM فـهـو ولـد صـغـيـر

عنيد. ومن احملتمل أنه ما كان سيمكث هناك.

Page 178: Al Atfal wa al2dman

178

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

إن اآلباء اليومM بتفضيلهم التليفزيون على اإلغفاءة. يتبعون قاعدة بسيطةمن قواعد الطبيعة البشرية: اختر دائما األسهل من بh طريقـتـي الـعـمـلاللتh في اإلمكانM إذا تساوت جميع الظروف األخرى. واألمهـات الـلـواتـيثابرن قبل التليفزيون على فرض إغفاءة منتظمة كن يعملـن وفـق الـقـاعـدةنفسها ــ ففي حالتهن كان البديل األصعب هو وجـود طـفـل بـh أقـدامـهـنM«األسهل» hالطريقت hهات hطوال النهار. لكن هل ثمة اختالف جوهري باإلغفاءة واAشاهدة التليفزيونية? اإلجابة هي نعمM فحh يتجـاوز األطـفـالالذين يأخذون إغفاءات يومية منتظمة في أثناء سنواتـهـم األولـى احلـاجـةإلى النوم بالفعلM تبدأ فترة اإلغفاءة في أداء وظيفة جديدة: إنها تتيح لهمالفرصة اAنتظمة األولى الكتشاف وقت الفراغ. ويكشف فهمنا ألهمية وقت

الفراغ في حياة الطفل مدى احلرمان الذي قد ينجم عن خسارته.

Page 179: Al Atfal wa al2dman

179

التليفزيون ووقت الفراغ

التليفزيون ووقت الفراغ

إن إلقاء نظرة على بعض الطرق الروتينية التيMـنـتـظـمـةAفرضها اآلباء فيما مضى ــ اإلغفـاءات االلعب االنفراديM وما إلى ذلك ــ كفيل بأن يـوضـحأن األطفال في تلك األيام كانوا مواجهh بفـتـراتمنتظمة من الوقت تـتـطـلـب مـنـهـم الـتـعـامـل مـعـهـابطريقتهم اخلاصة. أما في الوقت احلالي فإن حياةاألطفال ليست مشحونـة فـحـسـب بـعـدد أكـبـر مـناللقاءاتM والدروسM وغيرها من النشاطات اAنظمةعن ذي قبلM بل إن جميع الفـجـوات احملـتـمـلـة مـنhالوقت اخلالي الذي يبرز على نحو غير متوقع بهذه النشاطـات <ـتـلـئ بـدوي الـتـلـيـفـزيـون. فـهـذهالسلعة التي ال تأخذ حقها من التقديـر واالعـتـبـارواAسماة وقت الفراغ أزيلت بالكامل تقريبا من حياة

األطفال.فلنلق نظرة على الروتh اليومي حليـاة بـعـض

األطفال:جيمس هاريسون عمره ثالث سنوات. يستيقظفي السابعة صباحاM ويـرتـدي مـالبـسـه �ـسـاعـدة

» حتى اإلفطار.Woody WoodpeckerقليلةM ويشاهد «وهو يقضي فترة الصباح في مـدرسـة لـلـحـضـانـة.Mيتناول الغداء MدرسةAوبعد وصوله إلى البيت من ا

13

Page 180: Al Atfal wa al2dman

180

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

Soap operasويشاهد مسلسالت تليفزيونية تعالج مشكالت احلياة األسرية

مع أمهM من الساعة الثانية عشرة والنصف حتى الساعة الواحدة والنصف.وبعد ذلك تأخذه أمه إلى احلديقة حيث يركب دراجته ذات العجالت الثالثويتأرجح على األرجوحة. ومن احلديقة يذهب للتسوق مع أمه. ويعود إلـى

» بينما تعد أمه العشاء.Mister RogersالبيتM فيشاهد الرسوم اAتحركة أو «وبعد العشاءM يلعب مع أبيهM ويشاهد مسرحية فكاهية مع شقيقتـه األكـبـر

سناM ويستحمM ويذهب للنوم.مارجو براون عمرها سبع سنوات. تنهض في السابعة والنصف صباحا

» وتتناول اإلفطارM و<ضي إلى اAدرسة.Bugs Bunnyوترتدي ثيابهاM وتشاهد «تعود إلى البيت في الثالثة والنصفM وترتـدي مـالبـس الـلـعـبM وتـلـعـب فـياخلارج Aدة ساعة مع صديقاتـهـا إذا كـان الـطـقـس مـالئـمـا. فـإذا لـم يـكـنالطقس كذلكM تشاهد هي وصديقاتها التليفزيون في منزل إحداهن. وعندالساعة الرابعة بعد ظهر أيام االثنh تأخذ درسا في العزف على البيـانـو.وفي الرابعة والنصف من بعد ظهر أيام األربعاء تذهب إلى حصة الرقص.وبعد ظهر أيام اخلميـس يـجـتـمـع آل بـراون. وفـي أيـام اجلـمـع <ـكـث بـعـداAدرسة من أجل برنامج الفنون واحلرف. وعادة ما تشاهد برامجها احملببةبعد نشاطات فترة بعد الظهر اAنتظمة إلى أن يصبح العشاء جاهزا. وهذه

»M إذا وصلت مبكرة إلى البيت �ا يكفيM ويعقبهاSuperfrindsالبرامج هي «Happy Days و MLittle House of Prairie» وأحـيـانــا MLove Boatوفـي الــعــادة .«

تشترك شقيقتها الكبرى معها في اAشاهدة. وبعد الـعـشـاء تـؤدي الـواجـباAنزليM و<ارس العزف على البيانوM وعادة ما تشاهد برنامجا تليفزيوتيـاآخر قبل موعد الذهاب إلى الفراش في الثامنة والنصف أو التاسعة (يتوقف

M«All in أو « H*S*A*M» MFantasy Islandذلك على البرنامج) ــ إما أن يكون

the Family أو «That’s Incredible .(وهو ما يتوقف على اليوم) داني إيفانز في الرابعة عشرة وهو في الصف الدراسي الثامن. ينهضفي السابعةM ويرتدي مالبسهM ويتناول اإلفطارM وينظر إلى صفحة الرياضةفي جريدة الصباحM وeضي إلى اAدرسة في الثامنة. ويعود إلى البيت فيالرابعة والنصفM ويختطف شيئا يأكلهM ثم يتجـه إلـى اAـلـعـب حـيـث يـلـعـبالكرة مع مجموعة منتظمة من األصدقاء كل يوم. فإذا تسـاقـط اAـطـر أو

Page 181: Al Atfal wa al2dman

181

التليفزيون ووقت الفراغ

كان البرد شديداM لعبوا في سـرداب مـنـزل دانـي. وحـh يـعـود فـي حـوالـياخلامسة والنصف أو السادسةM يجلس أمام جهاز التليفزيون ويشاهـد مـا

». ثم يتـنـاولBuck Rogersيشاهده أخوه األصغر أيا كـانM وعـادة مـا يـكـون «�ـا Mطبخ مع أخيه وأخته الصغيرة أثناء مشاهدة التليفزيونAالعشاء في ا

أن والديه يتناوالن العشاء فيما بعد. أثناء العـشـاء.Family Feud أو H*S*A*Mويشاهد األطفال فـي الـعـادة

وبعد العشاء يؤدي الواجب اAـنـزلـيM وعـادة مـا يـفـوتـه أحـد الـبـرامـج الـتـييشاهدها األطفال األصغر سناM لكنه أحيانا يقوم بأداء واجبه اAنزلي ويشاهدالتليفزيون في الوقت ذاته. وكثيرا ما يشاهد برنامجا تليفزيونـيـا آخـر مـعأمه وأبيه بعد أن يذهب األطفال األصغر سنا إلى النومM فيلما سينمائيا أو

. ويـحـh وقـت ذهـابـه لـلـنـوم فـي الـعــاشــرةMaster Theatre«روائـع اAـسـرح» والنصف. إن هناك شيئا مشتركا بh كل هؤالء األطفال الثالثة وبh عدد

كبير من األطفال في أمريكاM هو أنه ليس لديهم وقت فراغ.

التنافس مع التليفزيونeأل اآلباء في كثير من األسر وقت فـراغ أطـفـالـهـم كـنـتـيـجـة مـبـاشـرةللمنافسة التي نشأت مع جهاز التليفزيون. ويتخوف اآلباء من أنهم إذا لـم«يفعلوا» شيئا فإن األطفال سيتحولون إلى جهاز التليفزيون. وبالتالي فهـميستهلكون كما هائال من النشاط حلرف اهتمام أطفالهم عن التليـفـزيـون.وحh يفتر النشاط أو تشغلهم واجبات أخرىM يلجأ اآلباء إلى التليـفـزيـونفي يأس يكشف عن خسارة موقعهم في صراع القوة الذي يخوضونه ضداAنافس اآللي. تقول أم لديها ثالثة أطفال صغار: «الشيء الـذي أالحـظـهأنني أنفقت الكثير من وقتي ومن طاقتي الذهنية كي أحتاشى التليفزيون.لقد كان لزاما علي أن أواصل التفكير في أشياء أقوم بها لكي أبعد األطفالعن مشاهدة التليفزيون. إن ميلهم الطبيعي هو مشاهدة التليفزيون حيت اليكون لديهم نشاط محددM وليس في وسعي مـنـعـهـم مـن ذلـك إذا لـم أبـذل

بعض اجلهد».وتقول أم لديها طفالن في سن السابعة واخلامسة في مـقـابـلـة جـرتمعها:«ال أستطيع أن أحتمل فكرة وجود أسر يعود أطفالها إلى الـبـيـت مـن

Page 182: Al Atfal wa al2dman

182

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

اAدرسة ويقومون بتشغيل التليـفـزيـونM إذ ال eـكـنـك أبـدا أن تـتـحـدث إلـىأطفالك . لكن األمر معقدM كما ترون. لست أريد التليفزيون كجليسة أطفالفي الساعة الثالثة والنصف حh يعود األوالد من اAدرسةM ولذلك فإنني الأريدهما أن يشاهدا التليفزيون عندئذ. أنا أحتاج إليه بh اخلامسة والسابعةفي أثناء إعداد العشاء. هذا هو الوقت الـذي أريـدهـمـا أن يـشـاهـدا فـيـه.وهما يشاهدان التليفزيون بـالـفـعـل فـي ذلـك الـوقـت. ومـن اAـؤكـد أن ذلـكيجعل احلياة أسهل كثيرا بالنسبة لي. واAشكلة أنهما يريدان أن يشاهدا فيالساعة الثالثة والنصف أيضا. وإن لم أخترع لهما شيئا رائعا يفعالنهM فلنيرغبا حتى في اللعب. وهما يزعجانني ويضايقانني لكي أتركهما يشاهدان».وتروي أم من بروكلh: «أنا أقضي نهايات األسبوع في التجوال بالسيارةhالتليفزيون. ومنذ أسبوع hاألماكن جملرد احليلولة بينهم وب hمع األطفال بقدت السيارة من بروكلh إلى هرشيM في بنلسـلـفـانـيـاM ال لـشـيء إال لـكـيأبتعد باألطفال عن جهاز التليفزيون. إنها نزهة بالسيارة لثماني ساعات!».Mالتي ترويها أم من نيويورك ال تشاهد التـلـيـفـزيـون Mأما القصة التاليةفهي مثال جيد على منافسة من أجل وقت الطفل التي غالبا ما يرسخهـا

جهاز التليفزيون.«منذ أسابيع قليلة ذهبت إلى اAستشفى لزيارة ولد صـغـيـر كـسـرت ذراعـهوهو ولد في السادسة من عمره أحبه حقيقة. كان هناك جهـاز تـلـيـفـزيـونعند نهاية سريرهM وجهاز التحكم في متناول يده. كانت أمه قد أبلغتني أنهينتظر زيارتي لهM ومع ذلك فقد سيطر وجود جهاز التليفزيون على الزيارةبأسرها. وصلت ومعي كتابان قصصيان رائعان وشرعت فـي قـراءة إحـدىالقصص له لكنني سرعان ما أدركت أن القـصـة لـم تـكـن شـائـقـة �ـا فـيـهالكفايةM فقد كان على وشك تشغيل ذلك اجلهاز التليفزيوني. وقد فعل ذلكفي احلقيقة مراراM جملرد أن يرى ما يعرضه اجلهاز. ورحت أواصل باستماتة

-tic-tac (**) والتكتكـتـوM(*) hangman قراءة القصصM ولعب الـورقM واجلـالد

toehألنني كنت مصممة على عدم ترك ذلك اجلهاز اللعـ Mوإلقاء النكات M: لعبة كلمات يلعبها اثنان.hangman(*) اجلالد

(*×) لعبة يتناوب فيها كل من الالعبh رسم عالمة خاصة به ضمن مربع من مربعات رقعة مـا.

ويفوز فيها من يوفق قبل غيره إلى ملء ثالثة مربعات متوالية بعالمته اخلاصة. (قاموس اAورد).

Page 183: Al Atfal wa al2dman

183

التليفزيون ووقت الفراغ

يفوز . كنت بال ريب أخوض منافسة ضد ذلك اجلهاز طوال ساعة قضيتهاMلكني أعتقد أنني انتصرت MستحيلAعلي أن أفعل ا hهناك. وعمليا كان يتع

ولكنه لم يكن انتصارا كامالM فقط حوالي ٧٥ إلى ٢٥ نقطة Aصلحتي».تعكس اAنافسة مع جهاز التليفزيونM بالنسبة لبعض اآلباءM حاجة ضمنيةMأم مـن نـيـويـورك hإلى الثقة في قدرة أطفالهم على تسلية أنفسهـم. وتـبـلديها طفالنM فهمها للعالقة بh استعمالها جلهاز التليفزيون وخوفها مـنM«شاهدة التليفزيونA ال تضايقاني واذهبا Mhالوقت الشاغر:«إنني أقول للطفلـ أظن أن ذلك ألنني ال أتخيل تركهما وشأنهما من غير وجود شيء يثيرهما ـ

هو السبب في أن التليفزيون مشكلة إلى هذا احلد في بيتنا».وشرعت أم لديها طفالن صغيران في حتديد الـوقـت الـذي eـضـيـانـه

أمام التليفزيون بساعة واحدة يوميا. وتقول في إحدى اAقابالت:«بدأت أدرك أن الرسالة التي أعطيها للطفل فـي كـل مـرة اسـتـسـلـمـت

فيها وقلت:نعمM من اAمكن مشاهدة برنامج واحد آخرM كانت ال M ال eكن التفكيرفي عمل شيء على أى نحو آخر بجانب مشاهدة التليفزيون. وكنـت أعـنـيأنني ال أظن أن لديه اAقدرة على اإلفادة من وقته بنفسه ومن كنت أعطيه

مهربا من التليفزيون».eأل األطفال في كثير من األسرM طبعاM وقت فراغـهـم بـأنـفـسـهـم عـنطريق تشغيل التليفزيون. غير أن اAنافسة التـي يـنـهـمـك فـيـهـا اآلبـاء ضـدجهاز التليفزيونM حتى فـي تـلـك األسـر الـتـي تـضـع قـيـودا عـلـى اAـشـاهـدةالتليفزيونيةM تؤدي فعليا إلى إزالة وقـت الـفـراغ مـن حـيـاة أطـفـالـهـم. فـإذاتيسر جهاز التليفزيون أو جانب من النشاط اAنافس دائـمـا M فـلـن يـتـوافـر

من فعل أي شيء.للطفل خالل اليوم بطوله وقت حر

وقت بال شيء أفعلهما هي وظيفة وقت الفراغ في حياة الطفل? أال يكون من اAالئم أيضا أن<تلئ حياة الطفل بأشياء يفعلها إلى حد حذف مسألة «عدم وجـود شـيء

يفعله» برمتها?Nothing حتت عنوان Russel Hobanيوضح كتاب مصور كتبه راسل هوبان

Page 184: Al Atfal wa al2dman

184

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

To Do (١)ـشـاكـلAباإلضافة إلـى ا Mقيمة وقت الفراغ بالنسبة لطفل صغير التي يواجهها اآلباء فيما يتعلق بوقت األطفال الذي يعوزه التنظيم.

ويتناول كتاب هوبان موضوع الـصـغـيـر والـتـر بـوسـومM وهـو أحـد أفـرادأسرة ذات سمات معينة. إن الصغير والتر يضايق أبويه بسبب عدم وجـودما يفعله. ويشير األب بوسوم على ولده بأن «يلعب بالدمى التي لديه» لكنوالتر ال يود ذلك. يخصص له األب عمال ــ هو جمع العشب. غير أن والترسرعان ما يفقد اهتمامه بذلك. إن العمل الوحيد الذي يـبـدو أنـه يـخـفـف

ضجره هو الشجار مع أخته شارلوت M وهي طفلة مزعجة نكدة.وحh حتتاج األم بوسوم إلى تنظيف اAنزلM يعطي األب ابنه حجرا بنياأملس ويوعز إليه أن يحكه حh ال يجد ما يفعله. ويخبره أبوه بأن احلجرسحري «عليك أن تنظر حولك وتفكر قليال وأنـت حتـك احلـجـرM وحـيـنـئـذ

سيمنحك احلجر شيئا تفعله».وبطبيعة احلالM فإن االعتقاد بأن احلجر سحري يقود الصغـيـر والـتـرإلى اكتشاف جميع األشياء التي eكنه عملهاM فهو يعثر على كرة مـفـقـودةمنذ وقت طويلM ويزور صديقاM ويبتكر لعبة عن كنز مدفون. بل إنه يتوصلإلى طريقة بارعة Aنع أخته الصغيرة اAزعجة من تعطيل لعبته بـإعـطـائـهـاعصا ذات قوى سحرية مزعومة. وباإلضافة إلى تسلية نفسهM فهو ال يزعج

أبويه طوال فترة ما بعد الظهر.M على غرار جميع كتب األطفال اجلميلةM يـرشـد اآلبـاءHobanإن كتاب

فضال عما يحمله من تسلية لألطفال. فاAؤلف يوحي بأن األطفال يحتاجونإلى اAساعدة من أجل اكتشاف قدراتهم الداخلية. واألب البارع الذي يدعيعدم االهتمامM حh يكتـشـف أن الـرفـض اAـبـاشـر مـن نـوع «امـض وابـحـثMبنفسك عن شيء تفعله والتزعجني» يعزز ميول التعلق والتبعية عند طفلهيشجع الطفل اAتظاهر على التماس اAتعة من خالل قدرته اإلبداعية اخلاصةبواسطة صنع لعبة من مجرد فكرة التفكير في شيء يفعله . والطفل الذييتظاهر بعدم االهتمام ليس مخدوعا في احلقيقة . وتلك نـقـطـة حـاسـمـة(وهو يبرهن عليها باستعمال احليلة نفسها لكي يجعل أخته تسلي نفسها).لكن احلجر السحري اليزال فعاالM على الرغم من أن الطفل يدرك بوضوح

عدم احتوائه على أي أفكارM وأنه هو نفسه صاحب األفكار اجليدة.

Page 185: Al Atfal wa al2dman

185

التليفزيون ووقت الفراغ

ما هو احلجر السحـري الـذي أعـطـاه األب بـوسـوم لـولـده? إنـه حتـريـرضروري لهM وجتسيد لفكرة موافقته على أن يصبح أقل تبعيةM وعلى سماحأبويه له بالتصرف كما يشاء وعلى مسؤوليتهM واسـتـغـالل وقـتـه بـطـريـقـتـهاخلاصة. وهو ما كان والتر يحتاج إليه حتى يصبح قادرا على معاجلة وقت

فراغه.لو أن األب بوسوم أعطى ولده نوعا آخـر مـن األدوات الـسـحـريـةM كـأنيعطيه صندوقاM على سبيل اAثالM تتغير فيه الصور باستمرار وتسليهM لكانمن اAمكن أن يفي ذلك بغرض الوالدين (إبعاد والتر عـن الـطـريـق)M ولـكـنحتى لو كان الصندوق أكثر مصادر التسلـيـة إثـارة لـلـبـهـجـةM لـظـل امـتـدادالألب. فعلى الرغم من افتتان الطفل بهM فإنه لم يكن سيجد فيه ما يحررهمن عجزهM أو يشكل مصدرا للنمو أو الثقة لديه. ومع ذلك M فإن تلك هـيالوظيفة األولية لوقت الفراغ في حياة األطفالM أي توفير الفرص الضروريةلتقليل اعتمادهم وتطوير ذواتهم اAستقلةM. والeكن أن يتحقق هذا في عيدمن األعياد أو في عيدين أوحتى في عشرين مناسبة كهذهM وإ�ا فقط عبرتراكم تدريجي خلبرات وقت الفراغ يوما إثر يومM وسنة بعد سـنـةM بـحـيـثتوفر كل منها كشفاM ر�ا يكون من الصغر إلى حد يعجز معه كل من الطفلأو أحد أبويه عن <ييزه. ومن خالل جتارب وقت الفراغ هذه فـقـطM تـلـكMالنشاطات ذاتية الدفع التي يبتكر فيها األطفال األلعاب ويحلمون األحالمسيكتشفون الذات التي يعتمدون عليها �ا يكـفـي Aـدهـم بـأسـبـاب احلـيـاةعوضا عن أولئك الناس واألشياء التي ظلوا عالة عليها لوقت طويل. ومـنMسيكبر األطفال في النهاية وهم أقل اتكالية على آبائهم Mدون جتارب كهذهلكنهم قد يستمرون في االعتماد على جماعة الرفاقM أو رموز السلطةM أوhال أن يكونوا مشارك Mhعلى التجارب األخرى التي تتيح لهم أن يظلوا سلبي

نشطh في احلياة.

االرتباط واالنفصال يبدو دور التليفزيون مؤثرا في ضياع وقت الفراغ من حـيـاة األطـفـال.ومع ذلكM أليست مشاهدة التليفزيون نفسـهـا نـشـاطـا مـن نـشـاطـات وقـت

الفراغ?

Page 186: Al Atfal wa al2dman

186

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

التي تقترن بالوقت في حديثنا عن «الوقت احلر» أوfreeإن كلمة «حر» وقت الفراغ تقبل غالبا كوصف للوقتM كما لو أن الوقت شيء حقـيـقـي لـهخصائصه اAميزة بصرف النظر عـن الـنـاس واألشـيـاءM وكـمـا لـو أن بـعـضأنواع الوقت حرة وحتمل صفات معينة للحريةM في حh أن أنـواعـا أخـرىمن الوقت ليست حرة. لكن الوقتM بالطبعM ليس شيئا ماديا. إن حقـيـقـتـهMالوحيدة تكمن في عالقته بالشخص الذي يعيشه. ولذلك فإن وقت الفراغالبد أن يفهم كوصف للـشـخـص الـذي يـعـيـش ذلـك الـوقـت احملـددM ولـيـس�عنى أن وقت الفراغ هو الوقت الذي يتحرر اAرء فيه من قيود Mللوقت ذاتهمعينة مفروضة من نواح أخرى على وقتهM وهو الوقت الذي يستطيع اAـرءفيه أن يتصرف �حض اختياره وإرادتهM بسرعته اخلاصةM طليقا من جميع

الضغوط واAطالب باستثناء تلك التي يضعها اAرء بنفسه.تركون خـاللـهلكننا إذا وصفنا وقت فراغ األطفـال بـأنـه الـوقـت الـذي ي

لرغباتهم اخلاصةM أحرارا في اللجوء إلى قدراتهم الذاتيةM صار واضحا أنهناك فترة عند بداية احلياة البد خاللها من تنمية تلك الرغبات والقدرات

أوال.Mأمهم أو العالم اخلارجي hذواتهم وب hإن األطفال الرضع ال يفرقون بفليس لديهم «أنا» منفصلة عن اآلخرين. وتندمج حقائقهم الداخلية ـــ مـنجوعM وشبعM وألم M ولذة ــ �ن حولهم من أشخاص وأشياء في إخالص طاغللهدف: أن يعيشM أن يحصل على الطعامM والهواءM وعلى مجموعة كـبـيـرة

من الرسائل البصريةM والسمعيةM واحلسية اللمسية.إن أولى اAهمات الكبرى لألطفال في احلياة هي حتـريـر أنـفـسـهـم مـنهذه الكتلة غير اAتمايزة والظهور للعيان كذات. وتأتي إحدى العالمات علىبدء هذه العملية حh يكفون عن التعامل القلق مع حضور أو ذهاب أمهاتهم.إذ يالحظ عامة أن األطفال الرضع عند سن سبعة أشهر أو ثمانية يبدأونفي الصراخ واالحتجاج كما لو أن الدنيا توشك أن تنتهي حينما تترك أمهماحلجرة. وهذا التصرف مؤشر إلى أنهـم قـد خـطـوا اخلـطـوة األولـى عـلـىطريق فصل أنفسهم عن أمهم وعن العالم ككل. ذلـك أن الـطـفـل الـرضـيـع

.(٢)الeكن أن يحزن على غياب األم إال حh يدرك حسيا أنها شخص منفصلوتستمر عملية االنفصال تدريجيا خالل مرحلة الطفولة اAبكرة. فعلى

Page 187: Al Atfal wa al2dman

187

التليفزيون ووقت الفراغ

الرغم من أن األطفال سرعان ما يفهمون أنهم منـفـصـلـون جـسـمـانـيـا عـنغيرهم من الناس واألشياءM فإن فترة من الوقت تعقب ذلك الeيزون بعـدhوضوعية. ويكاد فهمهم لقوانAمشاعرهم اخلاصة واحلقيقة ا hخاللها بالسببية الطبيعيةM مثالM أن يكون متمركزا حول الذات وتسيطـر رغـبـاتـهـمومخاوفهم على إدراكهم احلسي للواقع. إن تلك السنوات األولى من احلياة«سنوات سحرية» حقاM إذ يكون العالم الداخلي للطفل والوسط اخلارجي ال

.(٣)يزاالن مرتبطh بروابط فطريةM ال منطقيةإن وقت األطفال الشاغر خالل تلك السنوات اAبـكـرةM الـوقـت الـذي اليستنفد في األكل أو الـنـوم أو االنـهـمـاك بـنـشـاط مـع أحـد الـكـبـارM التـزالحتكمه قوى وضغوط خارج ذاتهم الواقعية. والeكن أن يكون الـوقـت حـرابالنسبة للطفل الذي تكون أحداث الزمن خارج سيطرته إلى حد أن اAصادفةوحدها هي التي جتعل العلة تـتـبـع اAـعـلـول دائـمـا. فـغـيـاب الـذات احملـددةبوضوح eنع األطفال الرضع واألطفال الصغار جدا من اسـتـغـالل الـوقـتبطريقة حرةM فهم ال يزالون في أسر عبودية مباشرة لألشخاص اآلخريـنولألشياء. والبد من تنمية قدرة األطفال على التخاطب اللغويM والسيطرةعلى أجسامهم والعملM باختصارM بقدر من االستقالليةM قبـل أن eـكـنـهـم

استثمار الوقت بطريقتهم اخلاصة.إن معظم اآلباء يعملون بفهم غريزي حلاجة أطفـالـهـم إلـى نـوع مـا مـنشغل الوقت خالل السنوات األولى من احلياة. وAـا كـان اآلبـاء يـعـرفـون أنMا يعود عليهم بالنفع�أطفالهم ال يستطيعون استخدام وقت يقظتهم جيدا ويدركون أن النمو العقلي لألطفال يتأثر على نحو حاسم بطبيعة احتكاكاتهماإلنسانية خالل فترات يقظتهم التي تطول تدريجياM فإنهم يـتـدخـلـون عـنقصد خالل السنوات الثالث األولى لـلـحـيـاة. وبـكـلـمـة أخـرىM يـقـوم اآلبـاءباحتضان أطفالهمM وتدليلهمM والغناء لهم أغنيات قصيرةM واللعب بأصابع

األيدي واألقدامM بدال من تركهم لرغباتهم اخلاصة.لقد فهم اآلباء أن االرتباطات األولى التي تقاوم االنفصال باحتجاجاتعاليةM تعمل على إرساء األسس اAـسـتـقـبـلـيـة لـقـدرة األطـفـال عـلـى احلـب

والتعاضد كحق شخصي لهم.ويفيد هذا الفهم في جعـل وقـت األطـفـال أقـل حـريـة خـالل سـنـواتـهـم

Page 188: Al Atfal wa al2dman

188

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

األولىM ألن من الواضح أن ترك األطفال لرغباتهم ووسائلهم اخلاصة (أياكانت)M سيؤدي إلى ضمور القدرات األصلية و�و الشخصية لديهم.

لكن موقفا مختلفا <ـامـا يـطـرأ حـh يـقـتـرب األطـفـال مـن سـن ثـالثالسنوات. ففي هذا الوقت يحدث تدهور واضح فـي قـوة ارتـبـاطـهـم. فـهـميتوقفون عن الصراخ بصوت عال وغضب حh تتركهم أمهم . وال يـعـودونMواقف اجلديدة. لقد وضعت األسس االنفعاليةAيتعلقون بها طلبا لألمان في اإذا جاز التعبيـرMوهـا هـي مـرحـلـة �ـو جـديـدة يـشـرع الـطـفـل خـاللـهـا فـياستكشاف البيئة من حوله في اهتمام وتشبث متزايدين. ويبدأ حافز الفضول

في تخطي حافز األمن واالعتماد.والشك في أن سلوك االرتباط اليختفي <اما. فاألطفال الصغار يعودونبسرعة إلى األمان الذي توفره األم حh يشعرون باخلوف أو األذى . لكـناالرتـبـاطـات الـتـكـافـلـيـة تـضـعـف بـعـد أن خـطـوا اخلـطــوات األولــى نــحــو

االستقاللية.Mإن هناك هدفا ارتقائيا في هذا التعاقب السلوكي من التوجه السلبيالقابل للتأثرM اAتمركز حول األم إلى أسلوب احلياة التعلميM الفعالM اAتمركزحول البيئة. ذلك أن بقاء الفرد في اجملتمع هو بالضرورة مهـمـة الـسـلـوكالفعالM التكيفي. لكن من اAرجحM عند هذه النقطة من �ـو الـطـفـلM وفـيوقت ما بh السنة الثانية والثالثة من عمرهM أن تبدأ األمهات في تـشـغـيـلجهاز التليفزيون ألطفالهن الصغار A Mلء اAساحات الشاغرة في يوم األطفالبتجربة تعيدهم مؤقتا ولكن بصورة التلh إلى حالة االرتباط واالعتماد على

الغير.ويجب النظر إلى عواقب ذلك على األطفال باعتـبـارهـا نـكـسـة لـلـنـمـو.Mhيشاهدون التليفزيون يصـبـحـون مـرة ثـانـيـة آمـنـ hفاألطفال الصغار حمطمئنMh قابلh للتأثر كما كانوا بh ذراعي أمهـم. فـهـم اليـحـتـاجـون إلـىhح Mمثال M كما يجب أن يفعلوا MشاهدةAأي شيء من أنفسهم أثناء ا tتقد

يلعبون مع طفل آخر.وال يتعـرضـون ألي مـن األخـطـار الـصـغـيـرة الـتـي يـسـتـتـبـعـهـا سـلـوكـهـماالستطالعي الطبيعي: إنهم لن يتعرضوا لألذىM ولن يقعوا في اAتاعبM أويجلبوا على أنفسهم غضب الوالدين. فهم ال يـكـادون يـبـدأون اخلـروج مـن

Page 189: Al Atfal wa al2dman

189

التليفزيون ووقت الفراغ

عجزهم الطفوليM حتى ينكفئوا إلى السلبية بفعل مغريات جهاز التليفزيون.

الوقت الشاغر والوقت املآلنإذا بلغ األطفال مرحلة يستطيعون عنـدهـا تـكـيـيـف الـوقـت حلـاجـاتـهـماخلاصةM فإنهم عن طريق اAشاهدة التليفزيونيةM قد eألون الوقت الشاغربطريقة تؤثر في حريتهم وحترمهم من فـرص الـنـمـو الـتـي تـتـاح لـهـم حـقـاخالل هذا الوقت «الشاغر». وeكن وصف مثل هذا الـوقـت بـأنـه «الـوقـت

. ويتضح الفرق بfree timeh لتمييزه عن الوقت الشاغـر filled timeاAآلن» االثنh بصورة جيدة من خالل هذا اAثال الواقعي:

يأخذ طفل في الرابعة من عمره فترة راحة منتظمة في حجرته بعـدالغداء. وهذه احلجرة مزودة بالدمـىM وأدوات الـرسـمM وفـونـوغـراف سـهـلالتشغيل وأسطوانات. وهناك نافذة تطل على الشارع. ذات مرة نام الطفلـ وكانت تلك إغفاءة حقيقية. ومن اAرجح اآلن أن فعال في أثناء فترة راحته ـينشغل �جموعة من النشاطات التي يختارها بنفسه. وهو اليوم يبـدأ فـياستخدام مكعبات البناء في تشييد مجموعة من األبراج العالية. فـي ذلـكالصباح في مدرسة احلضانة كانت سفينة الصواريخ الطويلة اAعقدة التيبناها من اAكعبات قد ألقيت على األرض عمدا من قـبـل طـفـل آخـر. وهـوMيدمر كل برج من أبراجه بضربة عنيفة قاسية Mفي حجرته اخلاصة Mاآلنويصب جام انتقامه التخيلي على الوغد الذي خرب سفينته في الـصـبـاح.لقد سيطر على نفسه للتوM بعد أن ابتكر وسيلة للتنفيس عن غضبه اAكتوم.وعلى الرغم من أنه لم يفعل شيئا سوى شغل وقته خالل فترة راحتهM فإنه

طوع الوقت على هواه ليالئم حاجاته الداخلية.وبعد ذلك يحاول تشييد جسر بواسطة اAكعبات. لقد رأى شخصا آخريشيد جسرا متقن الصنعM لكن اجلسر الذي يبنيه هو اليفي بالغرضM ألنأجزاءه ما تفتأ تتساقط. وهو ال يستطيع أن يفهم كيفية عمل ذلك. ويشرعفي إنشاء جسر بجسده ذاته بدال من ذلك اجلسرM عن طريـق ثـنـي ظـهـرهعلى شكل قوس في الهواء. ويعوض النجاح الذي يحققه في هذا النشـاطبعض الشيء فشله في بناء اجلسر الذي استخدم فيه اAكعبـات. لـقـد بـدأيفهم ويعمل على أساس مبدأ أولي: إن شعور اAرء بالسعادة يعتمد على قدر

Page 190: Al Atfal wa al2dman

190

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

معh من النجاح; أما الفشل فيشعر اAرء بالضيق. ولو كان قد استمر فـيMا تعلم درسـا آخـر�بناء اجلسر حتى وصل إلى حل للمشكلة اAعماريةM لروهو درس يتصل بالعالقة بh اAثابرة والعمل الشـاق وصـوال إلـى الـنـجـاح.

ولكنه بدال من ذلك مضى في اجتاه آخر.فبعد أن يتعب من األلعاب البهلوانيةM يضع أسطوانة ويرقد في سريرهمصغيا. وهي أسطوانة سمعها مائة مرة على األقل. وeد يده إلـى وسـادةخاصة ذات غطاء ناعم وeتص إبهـام يـده بـيـنـمـا eـسـد الـوسـادة بـطـرفإصبعه. إنه يصغي جزئيا إلى األسطوانةM أما اجلزء اآلخر من ذهنه ففـي�ـا Mيز هذا الشعور جـيـداe غامض ومريح. وهو Mمكان رقيق Mمكان آخرأنه سافر إلى ذلك اAكان مرات عديدة. لكنه ال يعي بشكل مبهم وجود تغيرما. وبينما هو eسد وeص ويصغي تبدأ كلمات وصور عرضية عن أشياءـ ظنون M تداعيات M أفكار. وفي كل مرة حقيقية الدخول إلى الفراغ اAلتبس ـيحرك فيها إبهامه ليفحصهاM ويلعب بأصـابـعـه األخـرىM يـحـاول أن eـص

إصبعا أخرى ليرى ما إذا كانت اللذة نفسها.حh تنتهي األسطوانة يذهب لتشغيل أخرىM إال أن اهتمامه يتحول إلىقرص الفونوغراف الدوار احلامل لألسطوانةM فيضع قطعة من الورق علىالقرص ويشاهدها وهي تدور وتدور. وسرعان ما ابتكر لعبة كاملة بـقـطـعصغيرة من الورق تدور على قرص الفونوغراف الدوار. وهذه اللعبة لعبتـههوM فقد نبعت من فكرة في رأسه. وعقب ذلـك تـدخـل أمـه إلـى احلـجـرة.

وتنتهي فترة الراحة.لقد أمضى الطفل وقتا كان حرا في استغالله بطريقته اخلاصة. وكاناستخدامه للوقتM ومن دون أي قـيـود أوضـغـوطM خـطـوة بـاجتـاه اكـتـشـاف

الذات.تأمل طفلة من السن نفسها eتـلـئ وقـتـهـا الـشـاغـر فـيـمـا بـh الـغـداءونزهة األصيل بعدة ساعات من اAشاهدة التليفزيونية. حقا إن وقتها eتلئبالتجربة التليفزيونيةM لكنها في الوقت الذي تنشغل بالبرنامج ال<لك حريةعمل شيء إال اAشاهدة واالستمـاع. إن إرادتـهـا غـيـر مـوجـودةM وحـاجـاتـهـاالشخصية ال صلة لها باAوضوع. وهي التنشغل بأفكارها اخلاصة في أثناءمشاهدة التليفزيون مثلما تفعل حh تبتكر ألعابهـا اخلـاصـة; فـالـبـرنـامـج

Page 191: Al Atfal wa al2dman

191

التليفزيون ووقت الفراغ

التليفزيوني هو الذي يفكر لعقلها. إن عالقتها بالبرنامج التليفزيوني eكنوصفها بأنها عودة إلى أحادية الطفولة األصليةM التي الشكل لها. فالطفلةوالصورة التليفزيونية تندمجان بكل ما في الكلمة من معنى إلى حد تصبحانمعه كيانا واحدا . وبينما تشاهد الطفلة الشاشةM تغدو احلدود بh الداخليMاضي غير البعيدAوغير مختلفة عن حالتها في ا Mواخلارجي معتمة غامضةحh كانت ذاتها التزال مندمجة مع العالم ومع ذات أخرى منفصلة . وهي

ال<لك سلطة على الوقت بينما تشاهد التليفزيون.إن ذلك التجمع اخلاص للموهبة الطبيعية الوراثية والسلوك التكيـفـيالذي يعh الذات اجلديدة للطفلةM يعمل بدرجة أقل كثـيـرا حـh تـشـاهـدالتليفزيون منها حh تنشغل بأي نشاط آخر. والواقع أن الـذات كـثـيـرا مـاتطمسM بشكل مؤقت أو كاملM حh تهبط الطفلة إلى حالة شعورية تشبه

الغشية.ال ينبغي M طبعاM أن يترك اآلخرون وقت األطفال كله دون نظام أو قيودحتى بعد بلوغهم اAرحلة التى يستطيـعـون فـيـهـا اإلفـادة مـن وقـت الـفـراغ.فهناك أشياء eكنهم تعلمها ومهارات يستطيعون اكتسابها وتتطلب منهم أنيضعوا وقتهم بh أيدي اآلخرين. غير أنه البد أن تكون لهم سيطـرة عـلـىجانب من وقت الفراغ إذا ما أرادوا حتقيق النجاح. ومع وجود التليفـزيـون

في البيتM فإن ذلك حتديدا هو ماال eلكون.

الفردوس املفقودإذا كان حصول األطفال على وقت الفراغ يـضـطـلـع بـدور ضـروري فـي�وهمM وإذا كان االجتاه السائد نحو األطفال حاليا يـتـمـركـز حـول الـوفـاءبحاجات الطفل اخلاصةM فلماذا يصر اآلباء كل هذا اإلصـرار عـلـى شـغـل

وقت أطفالهم?إن جانبا من التفسير يكمن في التحول الصعب الـذي يـجـب عـلـى األمالقيام به عندما ينتقل الطفل من ارتباطه األول الشامل إلى مرحلة الـنـمـوالتالية. فمن الطبيعي عند هذا اAنعـطـف أن تـضـطـرب األم وتـقـلـق بـشـأننشاطات الطفل اجلديدة اAستقلة. وحيث إن الطفل ظل على مقربة منـهـاوتبعها كاجلرو فيما مضىM فالبد اآلن أن تتابـعـه وتـنـأى بـه عـن اAـتـاعـب.

Page 192: Al Atfal wa al2dman

192

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

Mالتي مازالت فترة االرتباط القوية حية فـي ذهـنـهـا Mيل األم> Mوفوق ذلكإلى الشعور بأنها أضحت منبوذة بسبب اندماج الطفل اAتزايـد مـع الـعـالـماخلارجي خارج اAنزل. ويتسبب شعورها الباطني بالـفـردوس اAـفـقـود إزاءتناقص أهميتها السامية في جعل هذه الفترة أكـثـر صـعـوبـة لـهـا. و�ـا أنعالقتها بالطفل تتغير بسرعةM فيتعh أن جتد أساليب جديدة للتعامل معاAستوى العالي لفعالية الطفل بينما تتكيف مع مشاعر اخلسـارة اخلـاصـةبها. وذهنياM ستجري األم تغييرات في إجراءاتها اليومية بحيث لـن تـعـمـل

على نحو يتعارض مع حاجات النمو عند الطفل.ر�ا تكون مشاعر األم اAتضاربة بشأن االستقالليـة اجلـديـدة لـلـطـفـلهي التي جتبرها إلى حد ما على استعمال التليفريون لشغل وقتـه. فـبـدالMمن التكيف مع االنفصال االنفعالي ورغبة الطفل الـشـديـدة فـي الـنـشـاطتقيد األم فعليا اندماج طفلها بالعالم اخلارجيM وتنجح في منعه من إنشاءارتباطات جديدة بتشجيع جتربة اAشاهدة التليفزيونية السلبية. ور�ا تشعربأنها مادامت ال تستطيع وحدها أن تسلي طفلها فسوف توفـر لـه الـبـديـلعلى شكل جهاز التليفزيون. وهكذا تتعلق بوهم البقاء كمركز الكون اخلاصلطفلهاM كما كانت في الواقع منذ وقت قريب. وهي بالتالي حتتفظ بسيادتهاعلى الرغم من اجملهودات الشجاعة التي يبذلها الطفل للعثور عـلـى هـويـة

مستقلة عن هويتها.

املنفذ السهللكن التفسير األوضح للجوء آباء األطفال الصغار إلى التليفزيون يكمنفي تقدeه الوسيلة األسهل واألوثق للخروج من صعوبات رعـايـة األطـفـالاAتزايدةM فاألساليب التي استخدمها اآلباء في اAاضي للعيش مع األطفال

الصغار تبدو ببساطة آلباء اليوم شديدة الوطأة. وتقول إحدى األمهات:أظن أنني حh ولدت سالي ولم يكن لدينا جهاز تليفزيون شعرت بضغوطأقل لعمل أشياء أخرىM ألنه لـم يـكـن لـدي خـيـار. كـانـت إذا احـتـاجـت إلـىاالهتمام بها أثناء إعداد العشاء قلت «أوه... ليذهب العشاء إلى جهنم ــ لنيتأخر عشاؤنا إال ربع ساعة»M وكنت أجلس وأقرأ لها قصة أو أجعلها تبدأMاللعب بشيء ما. إال أنني حينما ولدت هنري وكان لدينا جهـاز تـلـيـفـزيـون

Page 193: Al Atfal wa al2dman

193

التليفزيون ووقت الفراغ

بدأت في استعماله بكثرةM لقد وفر لي منفذا وحل محل قدر من اجلهد منجانبي.

إن هذا اAنفذ السهل اليسمح لألب واألم ببذل جهد أقـل فـحـسـبM بـليتيح أيضا عمال هادئا متواريا عن األنظار. ولهذا السبب يشعر عدد كبيرمن اآلباء بأنهم اليستطيعون مواصلة احلياة من دون برامج الرسوم اAتحركة

صباح السبت.تقول أم لثالثة أطفال:

إنني بالفعل أرجوهم أن يشغلوا جهاز التليفزيون صباح أيام السبت حتىيهدأوا وeكـنـنـي أن أنـام. فـحـh يـلـعـب أحـدهـم مـع اآلخـر يـحـدثـون أشـدالضوضاء. وهم دائما يلعبون لعبة الطوار� ويقلدون ضجة الصفارات «ويي ي وووأووو»! وحh يلعب أحدهم مع اآلخر فكل دمية تخرجM وكل قـبـعـةـ وأظن ذلك لطيفاM لكني ال أستطيع توضع على الرأسM وكل شاحنة تتحرك ـاحتماله! أنا أريد قسطي من الـنـوم. طـفـلـي ذو الـسـنـوات الـسـت عـادة مـايستيقظ مع أول ضوء للفجرM ولو لم يفعل من أجل التليفزيونM فـسـيـلـعـببجميع الدمى األخرىM أيضا M لكنه حاليا يشغل اجلهاز ويشاهد بهدوء إلى

أن نستيقظ في التاسعة.ور�ا تثبت الفوائد اAباشرة التي يجنيها اآلباء من قدرات التلـيـفـزيـوناAهدئة للطفل بسرعة أن كلفتها عالية على اAدى البعيد. ولـو أنـنـا ألـقـيـنـانظرة على بعض نتائج استعمال الوالدين للتليفزيون التضح أن حظ الوالدينيصبح أصعب في النهايةM وليس أسهلM بسبب استعمـال الـتـلـيـفـزيـون Aـلء

وقت أطفالهما.

(*)زملة االنشغال اجلزئي

eكن توضيح العواقب غير اAثمرة التي تنجم عن االعتماد على التليفزيونفي ملء الفترات الشاغرة في يوم الطفلM من خالل مجموعة الظروف التيeكن تسميتها بزملة االنشغال اجلزئي. وترسم هذه الـزمـلـة دورة تـنـشـغـلفيها األم جزئيا طوال الوقت. فهي تنشغل بواجباتهـا اAـتـنـوعـة ونـشـاطـاتMوتوقف عمل أي شيء كي تعنى بهذا أو ذاك Mوقت الفراغ العرضية في همة

(*)The Half - Busy syndrome

Page 194: Al Atfal wa al2dman

194

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

Mوتتذوق فطائر وهمية ال حـصـر لـهـا MتالحقةAوجتيب على أسئلة الطفل اوتعبر عن إعجابها بالرسوم. إنها تنشغل ولكن ليس إلى احلد الـذي تـرفـعمعه رأسها عن كتابها أو توقف عملها للعناية بحاجات أو رغبات الطفل.

وهي تعتاد على طريقة االنشغال اجلزئي في احلياة وجتد ارتياحا معينافي فكرة أنها «أم صاحلة» . إال أنها أحيانا تشعر بضرورة احلصـول عـلـىالراحة من حضورها الدائم عند احلاجة. وفجأة يبدو جـهـاز الـتـلـيـفـزيـون

�نزلة احلل األخير.وهي تشعر ببعض الذنب فيما يتعلق باستعمال جهاز التليفزيون كجليسةMواسترضت M وتعهدت Mكنها عمله غير ذلك? لقد اعتنتe لكن ماذا MأطفالMوأظهرت صبر أيوب. ويجب اآلن أن تفلت بطريقة ما. ومع ذلك Mوسايرتفإن األطفال هم األطفال ومن طبيعتهم أن يبحـثـوا عـن االهـتـمـام. إنـهـا التعرف أن هناك شيئا بشأن حالة «االنشغال اجلزئي»M والتيسر الدائم يعملبالفعل ضد حاجاتها اخلاصة M فيجعل طفلها أكثر إحلاحا ويخلق ضرورة

اللجوء إلى جهاز التليفزيون طلبا للراحة.إن اآلباء يدركون بداهة أن طلب أطفالهم لالهتمام يتصل اتصاال متينابوجود الوالدين. وعلى سبيل اAثالM فإن من اAالحظ عـمـومـا أن األطـفـاليكونون مزعجh حh تتكلم أمهاتهم بالهاتف. لكن مـن اAـسـلـم بـه أن هـذهظاهرة منعزلة . وبصفة عامةM ال تدرك األمهات اللواتي يـخـصـصـن قـدرا

كبيرا من االهتمام للطفل يوميا أن نوعية ذلك االهتمام عامل حاسم.وتوحي نتائج البحث أن نوعية االهتمام الوالدي ذات أهمية كبيرة. ففيإحدى التجارب تركت مجموعة منتقاة من أطفال ما قبل سن اAدرسة لفترةمن الوقت مع راشد متاح ومنتبه باستمرارM بينما أمضت مجـمـوعـة ثـانـيـةفترة �اثلة من الوقت مع راشد راح يتظاهر باالنشغال بعمل خاص. وقـدM«أثبت األطفال في اجملموعة الثانية التي كان وجود الراشد معها «محدوداأنهم أكثر إحلاحا في احلصول على اهتمام الراشد من اجملموعة التي كاناAشرف عليها موجودا باستمرار. وبـدا أن نـوعـيـة اهـتـمـام اAـشـرف اAـتـاحسمحت لألطفال باللعب بشكل أكثر استقاللية وعدم اإلحلاح في طلباتهممنه. أما اAشـرف الـذي تـظـاهـر بـاالنـشـغـال فـقـد كـان الـطـوق حـولـه أكـثـر

.(٤)إحكاما

Page 195: Al Atfal wa al2dman

195

التليفزيون ووقت الفراغ

ووضعت دراسة تالية حتت اAالحظة أطفاال في سن احلضانة مع أمهاتهمM الالئي طلب إلى بعضهن أن ينشغلـن وطـلـب إلـى الـبـعـض اآلخـر أن يـكـنمنتبهاتM وأظهرت النتائج أن محاوالت احلصول على اهتمام األم في أثناءانشغالها كانت أكثر �ا حدث في أثناء تفـرغ األم بـالـكـامـل لـلـطـفـل الـذي

.(٥)يلعبوهكذا يبدو أن تقليل وقت الفـراغ فـي حـيـاة الـطـفـل يـؤدي إلـى ازديـاداالعتماد على الغير. ألن من الواضح أن األطفال الذيـن تـنـشـغـل أمـهـاتـهـمبصورة جزئية طوال الوقت ليسوا شخصيا أكثر من نصف أحـرار. فـلـيـسهناك حاجة حقيقية أبدا أمامهم تضطـرهـم Aـواجـهـة الـوقـت بـطـريـقـتـهـماخلاصة. ومهما كانت األسباب فإن األم تشعر بضرورة االنغماس في وقتالطفل كلهM وإذا حدث ذلك بشكل جزئيM كان لهذا الـسـلـوك وقـع الـكـارثـةلديها; إذ سيحرمها في احلقيقة من أي وقت فراغ خاص بها. ومن اAمكنأن حتدث عملية عكسية <اما هناM فاألم التي حترم من وقت الفراغ تصبحأكثر اعتمادا على طفلها من أجل اإلشباع العاطفي الذي قد يأتي بـصـورة

أفضل من مصادر أخرى.تؤكد خبرات األمهات اللواتي غيرن نوعية انتباههن احتمال أن يـجـعـلاالنشغال اجلزئي طوال اليوم األطفال أكثر إحلاحا واتكاال. وحh تستبدلبفترات االنتباه الكامل فترات عدم الوجود في متناول الطفلM تبدأ كل من

األم والطفل في االستمتاع بوقت فراغ حقيقي.تروي أم لديها طفالن في سن ما قبل اAدرسة:

أدركت ذات يوم أنني تعودت على رعاية األطفال بطريقة االنشغال اجلزئيطوال الوقت. كنت أكتب نصف الرسالة ثم أتوقف ألن أحد األطفال احتاجإلى شيء ما. وكانت األمور تسير على هذا اAنوال طوال معظـم الـيـوم ومـاكنت أتخلص من ذلك <اما إال حينما أضعهم أمام التليفزيون. كـنـت أكـرهعمل ذلك M غير أنه لم يكن هناك بد. كنت أحتاج إلى الفكاك. وبعد ذلـكبدأت أدرك أنني داخل نوع من احللقة اAفرغةM فـال أنـا قـادرة فـي الـواقـععلى إجناز أموري اخلاصة M وال قادرة حقا على إسعاد األطفال إلى أقصىMـضـيe حد. وكان يساورني في الوقت ذاته شعور باخلشية من أن الزمـنوأن سنوات الطفولة الباقية قليلةM وأنني بطريقة أو بأخرى لم أقيد نفسي

Page 196: Al Atfal wa al2dman

196

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

بهم في الواقع أبداM وال حتررت منهم بالكامل يوما.كنت قد أدركت ذلك متأخرة وتعh علي بالفعل أن أسعى جادة إلحداثتغيير ما. ر�ا كان هذا التغيير سيغدو أسهل لو كنت قد شرعت في ذلـكمنذ البداية. إال أنهم طبعا وهم صغار كانوا يحتاجون إلى نوع مختلف منالعناية. أليس كذلك? وما أردت أن أفعـلـه تـوا هـو أن أكـون مـعـهـم حـقـيـقـةحينما أكون معهمM ال أن أعطيهم فقط نصف اهتمامي. كنت أدع أي شيءلبعض الوقت وألعب فعال معهمM على األرض في معظم األحيان. وما عدت

أحاول العودة إلى كتابة رسالتي أو عمل أي شيء آخر.لكن اجلانب اآلخر من اAسألة يتمثل في أنني عملت من أجل اخلالص<اماM من دون ربطهم إلى جهاز التليفزيون. وبطريقة أو بأخرى بدا أن منالعدل أنني إذا أعطيتهم وقتي بكامله فإنهم أيـضـا eـكـنـهـم إعـطـاء بـعـض

الوقت لي.بل إننى لم أفكر حينئذ في أنهم سينتفعون بالوقت كله ألنفسهم. غـيـرأنني حقيقة بدأت أدرك أن ذلك هو ما حدث في أحيان كثيرة. كنت أقولhوأنني ح Mلهم إنني سأقوم بعمل شيء لفترة قصيرة وعليهم أال يقاطعوني

أفرغ من ذلك سأبدأ العمل معهم. وبعد ذلك أتشبث �وقعي!وقد شرعت في ذلك تدريجياM ألنهم لم يرغبوا في البداية أن يتركونيMلشأني. كنت أقول سأجلس هنا وأقرأ حتى نهاية الصفحة ثم كـنـت أصـرمهما فعلواM حتى وإن تطـلـب ذلـك جتـاهـل أمـور الـسـقـوط عـلـى األرض أوـ إذ أفترض أنني كنت العراك. لم يصل األمر أبدا إلى حالة احلياة أو اAوت ـMسأتدخل حينئذ. وشيئا فشيئا زدت الوقت الذي أكون خالله غير موجودة

ببطءM صفحة بعد صفحة.لقد جنحت هذه الطريقة. والواقع أنها كانـت جـذابـة هـيـنـة. وهـم اآلنيعطونني الوقتM من دون أن يطلبوا االهتمام أو يحصلوا عليه بطرق ملتويةــ كأن يؤذي أحدهم نفسهM مثالM أو يحدث جلبة مريعة. وبطريقة ماM حققإعطاؤهم اهتماما صادقا <اما من جانبي فرقا. ويبدو أن ذلك يـشـبـعـهـم<اماM من بعض النواحي بصورة ماM كما لو أنهـم حـصـلـوا عـلـى مـا يـكـفـيلألكل. فهم يصبحون أهدأM وأقل تشبثا. ويـبـدو أنـهـم أكـثـر قـدرة عـلـى أن

يتصرفوا على هواهم لفترات أطول من الوقت.

Page 197: Al Atfal wa al2dman

197

التليفزيون ووقت الفراغ

خدمة األطفالحh يستعمل التليفزيون Aلء وقت فراغ الـطـفـلM كـثـيـرا مـا يـدفـع ذلـكاآلباء إلى محاولة تعويض الفرص الضائعة باالقتـراب أكـثـر مـن أطـفـالـهـمخلدمتهم بصورة تتجاوز ما قد eكنهم عمله في العادة. ور�ا يثير دهشةالكثيرين من اآلباء أن يعرفوا أن اخلدمات الكثيرة الصغيرة التي يقدمونهالألطفال الذين يستطيعون بسهولة مساعدة أنفسهم تنهك هؤالء األطفال.بل قد يندهش اآلباء أكثر حh يدركون أن اضطـرارهـم خلـدمـة أطـفـالـهـم

يتصل بالدور الذي يلعبه التليفزيون في حياتهم األسرية.لقد كان هناك دائما آباء يحبون «تدليل» أطفالهم بال داع لذلك. و<تلئصفحات األدب بنماذج رهيبة من أمثال هؤالء اآلباء الذين يؤدون خدماتمضحكة ألطفالهم القادرين <امـا (واجلـاحـديـن عـادة)M ويـكـافـحـون عـلـنـا

للتشبث بأطفالهم عن طريق جعلهم عالة على الغير عقليا وجسمانيا.لكن األمهات اللواتي يأتh باAشروبات والوجبات اخلفـيـفـة ألطـفـالـهـنالذين يشاهدون التليفزيونM واللواتي يحررنهم من مهامهم الروتينـيـة لـكـي

ن جميعا أمهات مفرطات في القلق. فبينماسيشاهدوا برامجهم احملببةM لقد تتمثل التأثيرات الطفولية في �و أطفالهنM فإن دوافعهن خلدمة أطفالهن

كثيرا ما تتصل باستعمالهن للتليفزيون كبديل والدي.وتقدم كارولh ل. M وهى موسيقية وأم لطفلh في سن اAدرسةM توضيحا

للعالقة بh مشاهدة األطفال للتليفزيون وخدمة اآلباء لألطفال:لقد جدولت حياتي وعملي بطريقة أستطيع معهـا أن أكـون فـي الـبـيـتحh يعود الطفالن من اAدرسة. أريد أن أكون عونا لهماM أن أحييهماM وأنأجعلهما يشعران بأنهما على ما يرام بطريقة ما. حسنا ... (وتضحك فـيارتباك) يؤسفني أن أقول إنهما يرميان أنفسهما أمام التليفزيون فور وصولهمإلى البيتM وأحيانا أستطيع بالكاد أن أنتزع منهما جملتh قبل أن ينغمسافي برنامجهما. ومن غير اAمكن أن أحـصـل مـنـهـمـا بـعـد ذلـك عـلـى كـلـمـة

أخرى.Mوهكذا فإنني أحضر لهما قطع اجلزر والبسكويت واجل³ كوجبة خفيفةويساورني شعور بالسخف إزاء ذلكM ألنهما بالتأكـيـد كـبـرا �ـا يـكـفـي ألنيقشرا اجلزر لنفسيهما ويعدا الوجبة اخلفيفة التي يأكلنها. لكنني بطريقة

Page 198: Al Atfal wa al2dman

198

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

أو بأخرى أسمح لنفسي بعمل ذلك. أقصد مادامـا يـحـبـان تـلـك الـبـرامـجالتليفزيونية إلى هذا احلد».

إن السيدة كارولh . حتضر ألطفالها الوجبات اخلفيفة ألنها ال تستطيعأن جتد طريقة أخـرى لـإلبـقـاء عـلـى الـتـواصـل مـعـهـم فـي أثـنـاء مـشـاهـدة

التليفزيون.وهي تشعر أنها مرفوضةM ومعزولة عن االتصال الطبيعي مع أطفالها.وهيM فوق ذلكM تشعر بالذنب ألنـهـا كـانـت الـسـبـب فـي هـذا الـوضـعM عـنطريق استعمال التليفزيون بانتظام من أجل راحتها اخلاصة حh كان األطفال

أصغر سنا.وهي تعي هذا االعتماد على التليفزيون عند اإلشارة إلى البدائل التـي

لديهاM كما تراها:الشيء اAضحك هو أنني حh يعود الطفـالن إلـى الـبـيـت مـن اAـدرسـةأشعر حقيقة بالرغبة في اجللوس والتحدث إليهما عما يفعالنه في اAدرسة.وأود لو أسمع عن ذلك. لكنهما ال يريدان التكلـم. وأنـا واثـقـة مـن أنـنـي لـورغبت في عمل شيء مهم بعد الظهرM شيء يحبانه في الواقعM فعلى األقلستكون هناك فرصة ألن يرغبا في عمل ذلك عوضا عن مشاهدة التلفزيون.ر�ا. غير أنني أ<نى لو كرست وقتي <اما لتسليتهما إلى درجة عدم الرد

على الهاتف. والواقع أن ذلك أمر شاق لي. ولقد حاولت.وبهذه الطريقة فإن أعدادا ال حتصى من اآلباء الذين تضررت اتصاالتهمالعادية بأطفالهم بواسطة التليفزيونM والذين «ينـصـرف» أطـفـالـهـم عـنـهـمبانتظام حبا في جهاز التليفزيون (مثلما «ربطوا» أطفالهم أيام كانوا أصغرMيقدمون حاليا خدمات غير ضرورية لكي يظهروا حبهم وإخالصهم M(سناويبينوا ألطفالهم باألفعال ال بالقول أنهم يحبونهم وأنهم يريدون لهم السعادة.M يـشـعـرون Mوهم يشعرون أن تلك هي اإلمكانية الوحيدة الـتـي بـقـيـت لـهـم

مادامت كلماتهم قد حلت محلها كلمات التليفزيون اإللكترونية.تعلق اختصاصية العالج النفسي للطفلM واالستشارية بإحدى مـدارس

نيويورك اخلاصة على تأثيرات خدمة األطفال:إن من الطفولي جدا بالنسبة لألمهات أن يخـدمـن األطـفـالM فـيـرفـعـنأطباقهم عن اAائدةM ويحضرن لهم اAشروبات والوجبات الصغيرة اخلفيفة

Page 199: Al Atfal wa al2dman

199

التليفزيون ووقت الفراغ

في حh يجلس األطفال Aشاهدة التليفزيون. فبعد أن يبلغ األطفال السـنالتي يجب عليهم أن يبدأوا خاللها االعتماد على الذاتM ليس في وسعهـمعمل شيء إال مواصلة اعتبار آبائهم أفراد خدمة... طبعاM ال يرى األطفالالرضع آباءهم كأفراد خدمة فهم يحتاجون إلى الرعاية. لكن حينما يطلباألطفال في سن سبع أوثماني سنوات من آبائهم حسبما جرت بهم العـادةإحضار كوب من اAاء ألنهم يشاهدون برنامجا تليـفـزيـونـيـاM ويـذعـن اآلبـاء

صابرينM فثمة شيء كريه يحدث.وتالحظ اختصاصية العالج النفسيM من ناحية أخرى أن «اآلباء نادراما يعرضون هذه النقطة كقضية. إنني فقط ألتقطهـا فـي أثـنـاء احلـديـث.فهم سيصفون موقفا معينا ويذكرون أن فالنا طلب إحضار شطيرة ــ وأنهيشاهد التليفزيون ــ وأن فالنا هذا في العاشرة من عمـره ! » وكـان هـنـاكقدر ما من العجب في صوت اختصاصية العالج النفسي وهي تروي هـذه

احلادثة.وتستطرد قائلة :« إن اآلباء يشعرون بالذنب مـن جـراء تـرك أطـفـالـهـميشاهدون التليفزيون بغزارة. ولذلك فهم يحاولون التعويض عن ذلك بخدمةاألطفال. ليست اAسألة أنهم يحاولون إبقاءهم عالة على الغيرM كما يفـعـلاآلباء أحياناM بل يبدو فقط أن هؤالء اآلباء ال يعرفون شيئا آخر يقدمونه.وبطريقة ما صاروا يرون أن من الواجب عليهم تقدt كل تضحية . وهذا ما

يدهشني...»

االنطالقإذا عن للمرء البحث عن تأثيرات االنكماش الواسـع الـنـطـاق فـي وقـتالفراغ بh جيل األطفال الذين كبروا مع التليفزيونM فإن فهم أهمية وقـتالفراغ في حياة األطفال سيفضي به إلـى الـبـحـث عـن عـالمـات االعـتـمـادMفـي شـؤون الـطـفـل hـتـمـرسـAا hـراقـبـAتزايد. لقد بدأ عدد قليل مـن اAابالفعلM مالحظة هذه العالمات. فمثالM الحظ مؤسس ومدير مخيم �تازلألطفال في فيرمونت زيادة غريبة في احلـنـh إلـى الـوطـن فـي مـنـتـصـفالستينيات. لقد كان هناك على الدوام عـدد مـحـدود مـن نـزالء اخملـيـمـاتالذين يعانون من احلنh إلى الوطنM إال أنه بدا في ذلك الوقت أن وباء قد

Page 200: Al Atfal wa al2dman

200

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

أصاب اخمليم. وكان اخمليم قد توصل إلى ابتكار عدد من أساليب مقاومةاحلنh إلى الوطن الناجحةM التي طبقت اآلن بنجـاح �ـاثـل. وبـرغـم ذلـكصارت الزيادة في معدل حدوث حاالت احلنh إلى الوطن تشكل مـشـكـلـةسنة تلو أخرى. وحينما راجع اAدير اAسألة مع مستشارين من مـخـيـمـاتأخرىM علم أنهم لم يصادفوا مشكلة �اثلة. وصارت اAشكلة �نزلة اللغز.ور�ا eكن العثور على اإلجابة في اختالف بعض أوجه احلياة في اخمليم

الذي يختلف عن غيره من اخمليمات.وكان هناك في الواقع اختالف كبير. فبينما كـانـت اخملـيـمـات األخـرىMوالـوجـبـات Mوالراحة MبرمجةAأل كل دقيقة من يوم النزالء بالنشاطات ا>نشر هذا اخمليم بالتحديد بh برامج أنشطـتـه أربـعـة أنـصـاف سـاعـة كـاناألطفال خاللها أحرارا في متابعة اهتمـامـاتـهـم اخلـاصـة. وسـمـيـت هـذهالفترات بفترات االنطالق. فقد وضع مدير اخمليم عن قصد برنامجا يجمعبh األنشطة اAبرمجة والفترات الشاغرةM اعـتـقـادا مـنـه أن الـفـرص الـتـيتوفرها فترات وقت الفراغ لألطفال <اثل في األهـمـيـة فـتـرات األنـشـطـةاAبرمجة. وشعر اAدير أن أي تطور حتقق خالل أشهر اخمليمM اعتمد علىانتشار األطفال في فترات االنطالق مثلما اعتمد على جناحهم في األنشطةاAبرمجة. ومن ناحية ثانيةM فلم يكن من العسيـر عـلـى اAـديـر ومـسـاعـديـهمالحظة أن احلنh إلى الوطن كان على أشده خـالل فـتـرات وقـت الـفـراغ

تلك.MـسـاعـديـنAوبـهـذا الـنـوع ذاتـه مـن ا M كان اخمليم يدار باألسلوب نفسـهhكما أن نزالء اخمليم كانوا من أطفال الطبقت Mطوال أكثر من عشرين سنةاAتوسطة واAتوسطة العلـيـا. فـلـمـاذا فـي ذلـك الـوقـتM بـدءا مـن مـنـتـصـفالستينياتM جعلت فترات وقت الفراغ أعدادا من األطفال يشعرون بالضيق

إلى درجة احلنh إلى الوطن?و�ا أن أصغر أطفال اخمليم كانوا في التاسعـة مـن الـعـمـرM فـإن أوائـلأطفال التنشئة التليفزيونية يكونـون قـد وصـلـوا إلـى اخملـيـم فـي مـنـتـصـفالستينيات. وكان هؤالء األطفال أقل جتربة بكثير فيما يتعلق بوقت الفراغفي حياتهم من اجليل السابق. وحh تعرضوا فجأة جلرعات منتظمـة مـن

وقت الفراغM اتسم رد الفعل من جانبهم بالقلق واحلنh إلى الوطن.

Page 201: Al Atfal wa al2dman

201

التليفزيون ووقت الفراغ

إن هناك عالقة بh حنh نزالء اخمليم إلى الوطن ونقص جتربتهم معوقـت الـفـراغ. فـاحلـنـh إلـى الـوطـن هـو دائـمـا صـيـحـة ضـد اإلفـراط فــياالستقالليةM صيحة من أجل العودة إلى وضع أكثر تبعية اليحتاج فيه الطفلإلى العمل كذات مستقلة. إنه eثل اشتياقا للعودة إلى اجلـمـاعـة األسـريـةالدافئة اAريحة التي كان الطفل فيما مضى عضوا مكمال طبيعيا وحقيقيالهاM والتي البد جلميع األطفـالM ذات يـومM مـن أن يـحـرروا أنـفـسـهـم مـنـهـا

انفعاليا إذا شاءوا أن يكبروا بنجاح.حh تتقلص فرص األطفال في شغل وقت الفراغM فمن اAرجح أن يظلوافي حالة اعتماد داخلي صامت. وفي الوقت الذي <تلئ حياتهم بالبرامـجMلن يكون اعتمادهم ظاهرا Mالتي ينسج الكبار خيوطها على شاشة التليفزيونفقد أريحوا من احلاجة إلى العمل بطريقة مستقلة. غير أن األطفال الذينيضطرون Aواجهة حالة غير محسوبةM مثلما حدث ألطفـال اخملـيـم الـذيـنعانوا من احلنh إلى الوطنM سيجدون أنفسهم بال حيلةM وستنكشف تبعيتهم

أمام اآلخرين.

(*)«قانون جريشام» جديد لنشاط الطفل

ما أسهل أن يغني الناس <جيدا لوقت فراغ األطفال وأن يحضوا اآلباءعلى إغالق أجهزتهم التليفزيونية. لكن حقيقة وقت الفراغ هي التي جتعلمن الصعوبة �كان على اآلباء أن يلتزموا بتصميمهم علـى حتـديـد الـوقـت

الذي يقضيه أطفالهم في مشاهدة التليفزيون.إن اAوقف الذي يواجه اآلباء اAعاصرين عند إغالق جهاز التـلـيـفـزيـونكثيرا ما يثبت أنه مثبط للعزeة. فبعد أن يـحـلـم اآلبـاء بـأن أطـفـالـهـم قـدحتولوا فجأة إلـى أطـفـال الـعـصـر الـفـيـكـتـوري الـذيـن eـارسـون الـهـوايـاتواAغامرات اAأمونةM ينتابهم احلزن وهم يرونهم يتسكعون اليعملون شـيـئـا.Mفمن خالل وسائل عديدة فظة يرفض األطفال ضروب النشاط اجلمـيـلـةاإلبداعية التي من اAفترض أن eألوا بها الفراغM ويدعون آباءهم في حتدإما إلى تسليتهم بأنفسهم أو اخلضوع وتركهم يشاهدون التليفزيـون. فـهـليرجع تدني قدرة األطفال على استثمار وقت الفراغ جزئيا أو كليا اليوم إلى

(*)A New Gresham’s Law of Child Activity

Page 202: Al Atfal wa al2dman

202

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

جتاربهم التليفزيونية اAبكرة? وهل يواجهون صعوبات في مقارعة اAلل تفوقما كان لدى أطفال ما قبل عصر التليفزيون?

Gresham’s Law ofيبدو أن ضربا من قانـون جـريـشـام لـنـشـاط الـطـفـل

child Activity.يعمل هنا: سوف تطرد وسائل التسلية السلبية الوسائل العملية فبما أن وسائل التسلية السلبية تستـلـزم مـجـهـودا أقـل �ـا هـو احلـال مـعالوسائل العمليةM فإن الطبيعة البشرية تـفـرض واقـع أن مـن األفـضـلM فـي

حالة تساوي جميع الظروفM عمل الشيء األسهل وليس األصعب.راقب طفلة تلعب بشاحنة خشبية بسيطة أهديت لها قاطرة ميكانيكيةمعقدة. فبينما كانت مضطرة من قبل إلى تسلية نفسها بدفع اAركبة الرمزيةلتدور على أرض احلجرةM وترسم لها مسارا عبـر األثـاث وخـارجـه وحـولـه(مستخدمة مؤثراتها الصوتية اخلاصة)M فها هي اآلن تشاهد اللعبة اجلديدةبافتتانM مندهشة من الدخان اAنطلق من اAدخنةM مسحورة بإيقاع توت ــتوت الصادر عن احملركM مبتهجة بقدرة هذه اللعبة على دفع نفـسـهـا إلـى

األمام وإلى اخللف.إال أن ابتهاج الطفلة باللعبة اجلديدة سرعان ما يبدأ في التناقص بعدفترة قصيرة. فاللعبة اآلسرةM برغم كل شيء تؤدي مـجـمـوعـة مـحـددة مـناألفعال: تتحركM وتنفث الدخانM وتطلق توت ــ توت. وتنتزع الـطـفـلـة آخـرحلظة من التسلية من اللعبة عن طريق تفكيكها إلى أجزاء لترى كيف تعمل.

وتنتهي اللعبة.أما لعب الطفلة بالشاحنة اخلشبية البسيطة فال يؤدي إلى تعويد �اثل

ألن نطاق نشاطاتها يحدده فقط خيالها اخلاص.غير أن اجلانب اAزعج في قانون جريشام لنشاط الطفل يصبح جليـا.فعلى الرغم من أن جاذبية الشيء اAيكانيكي قصيرة األمدM فإن ثمة جانباإجباريا يتعلق باAتعة السلبية التي <نحها للطفـل إلـى حـد أن إغـراء لـعـبـةMـيـكـانـيـكـيـةAتتحطم اللعـبـة ا hيتناقص. وح Mأخرى تتطلب مشاركة فعليةفليس من اAرجح أن تعود الطفلة إلى الشاحنة اخلشبية. فذلك النـوع مـناللعب يبدو �ال بعض الشيء وخاليا من اAتعةM وأصعب قليال اآلن. فلكمhفي ح Mنزل والتظاهر بأنها واقعية شيئا سخيفاAيبدو دفع شاحنة حول ا

أن قاطرة مطلية باأللوان ذاتية احلركة أكثر واقعية إلى حد بعيد!

Page 203: Al Atfal wa al2dman

203

التليفزيون ووقت الفراغ

إن الطفلة لن تفضل فحسب هذه اللعبة اAيكانيكية اخلاصة على اللعبةالرمزية التي تتطلب مجهودا أكبر وقصد بها أن حتل محلهاM بل إنها ستميلفي اAستقبل إلى تفضيل العمل السلبي على العمل األكثر نشاطا. فتجارباللعب السلبي جتعل اللعب النشيط أقل جاذبية حتماM وبالتالي جتعل حدوثه

أقل احتماال بصورة تلقائية.لكن جهاز التليفزيون هو اللعبة اAيكانيكية الوحيدة التي ال تؤدي بسهولةإلى التعويد واAللM برغم أن انغماس األطفال معه يتسم بالسلبيـة كـمـا هـواحلال مع أي لعبة ميكانيكية أخرى. فالتليفزيون تصدر عنه أصوات وحركاتقصيرة يتابعها الطفل في عجب ودهشة لكن احلركات واألصوات ال تتكرربكثرة كلعبة القطارM ولذلك eكن للطفل اAشاهد أن يحتفظ بالعجب واالفتتان

إلى ما النهاية تقريبا.Mيكانيكية عالقة األطفال بالـلـعـب الـرمـزيـةAبيد أنه مثلما تغير اللعب اتغير اAتع السلبية للمشاهدة التليفزيونية عالقتهم بوقتهم اخلاص. فاAـتـعالقوية لتلك التجربة اAأمونةM غير اجملهدةM ذات التسلية اAـسـتـمـرة جتـعـلاAتع التي <نحها وسائل التسلية العملية تبدو أشبه بالعمل إلى حد بعيد.وال يعني ذلك أن األطفال األسوياء سيربضون أمام التـلـيـفـزيـون طـوالاليوم مفضلh ذلك على لعب البيسبـول أو الـذهـاب مـع أبـيـهـم إلـى إحـدىاللعباتM أو صنع كعكة شيـكـوالتـه أو االشـتـراك فـي بـعـض أوجـه الـنـشـاط

األخرى التي تروق لهم.ذلك أن أنشطة معينة ستربك قانون جريشـام لـنـشـاط الـطـفـل بـفـضـلجاذبيتها اخلاصة: الرحالت واألنشطة اخلاصةM السيما مع اآلباءM والرياضةواأللعاب احملبوبةM ووجوه النشاط التي تتداخل مع اهتمامات الطفل اخلاصة.غير أنه يتعh على هذه النشاطات أن تكون جميلة بكل ما في الكلـمـة مـن

معنىM وإال فإن التليفزيون موجود دائما.تشكو إحدى األمهات :« التليفزيون يقتل وقت أطفالي. أفكر فـي أنـهـمينبغي أن يفعلوا أي شيء بدال من مشاهدة التليفزيون. لو أنني وجدت لهمشيئا يحبون عمله وشاركتهم في العملM فسيكـونـون سـعـداء <ـامـا. سـوفيفضلون ذلك على مشاهدة التليفزيون. كل مـا فـي األمـر أن اجلـهـد الـذييبذلونه في مشاهدة التليفزيون أقل بكثير من التفكير في أي شيء. ولذلك

Page 204: Al Atfal wa al2dman

204

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

أو حتى(*)فإنهم إن لم يجدوا شيئا خاصا يعملونهM مثل إعداد زي الهولوينالذهاب إلى بيت صديقM صارت الفكرة األولى هي مشاهدة التليفزيون».وتقول أم أخرى: «إن ما أجده لدى طفلي الذي يبلغ السابعة من العمرإ�ا هو اAبرر التليفزيونيM أي مجرد وجود التليفزيون حh ال يعرف مـاذايفعل بوقتهM أو في يوم ال يأتي إليه صديق آخر Aشاركـتـه الـلـعـبM وهـو مـاeنعه من التفكير في عـمـل شـيء. وبـدال مـن ذلـك سـتـنـتـابـه الـرغـبـة فـياجللوس أمام التليفزيون جملرد استقبال ما يصدر عن اجلهاز. وذلك أقسىMلو لم يوجد Mشيء لي فيما يتصل بالتليفزيون. لو لم يكن التليفزيون هناك

Aا تعرض الطفل لتلك اAشكلة».تالحظ أم لطفل في اخلامسة: «طفـلـي لـيـس مـن نـوع األطـفـال الـذيـنيثورون أو تنتابهم نوبة غضب. كل ما في األمر أنه سيقطب جبينه ويشعربالضجر. وأنا أجد صعوبة شديدة في حتمل ذلك. ويضايقني التفكير فيعجزه عن اإلفادة من وقته. إن وجود التليفزيون هو العذر. فهو يعرف فيقرارة عقله أنه حh يصل فعال إلى الدرك األسفل يستطيع الذهـاب إلـى

ذلك اجلهاز التليفزيوني».عد حجة في ميدان الطفولة اAبكرةM من واقع خبرتهاوالحظت معلمة ت

Aدة أربعh سنة كمدرسة ومديرةM تغـيـرا فـي سـلـوك األطـفـال مـنـذ دخـولالتليفزيون. وهي تشرح ذلك بقولها: «يتمتع األطفال الصغار في أيامنا هذهبحصيلة معرفية أكثر تعقيدا ناجمة عن مجمل احتكاكاتهم بالعالم اخلارجي

عبر التليفزيونM لكن احلصيلة اAعرفية والنضج ليسا الشيء نفسه.فاألطفال اليوم أقل نضجا غالبا من حيث قدرتهم على حتمل اإلحباطاتالصغيرةM أو إدراك أن شيئا ما يستغرق وقتا أطول لعملـهM وأنـه لـيـس ابـنحلظته. وهم ال يتحملون االنهماك في عمل يبدو على شيء من الصـعـوبـةفي البدايةM أو تنقصه اإلثارة على الفور. إنني أمضي وقتا كثيرا في اAدرسةقائلة لألطفال إن عليهم أن يشاركوا في ضـروب الـنـشـاط ويـجـربـوا عـمـل

األشياء حتى إن بدا األمر غير شائق �ا فيه الكفاية في باد� األمر».ويالحظ مدرسون آخرون أن األطفال الـصـغـار الـيـوم يـجـدون صـعـوبـةأكبر في العمل بأنفسهم �ا كان عليه حال نـظـرائـهـم فـي عـصـر مـا قـبـل

hعشية عيد جميع القديس (*)Halloween.مساء أو ليلة ٣١ أكتوبر :

Page 205: Al Atfal wa al2dman

205

التليفزيون ووقت الفراغ

التليفزيونM وأن هناك حاجة مستمرة لإلشراف أو التسلية من جانب الكبار.وسواء أكان األطفال قد اعتادوا اإلشباع اAباشر عبر جهاز التليفزيـونإلى حد ضمور قدراتهم على تسلية أنفسهمM أو أن النقـص الـطـبـيـعـي فـيMفإنه يبدو واضحا Mتصلة بوقت الفراغ أدى إلى تخلف قدراتهمAالتجربة امع ذلكM أن األطفال في الوقت الراهن يعانون صـعـوبـة أكـبـر مـن أطـفـال

العهود السابقة في قضاء وقت الفراغ.Mاألثيرة (كما هي احلال غالبا Mال تتوافر تلك النشاطات اخلاصة hفحوهو ما يجعلها خاصة M إلى هذا احلد)M فليس من اAرجح اليوم أن يـوسـعاألطفال اهتماماتهم بتجربة شيء جديد. إنهم لن يقوموا بتلـك اخلـطـواتاAتهورة Aقارعة اAلل التي شعر أطفال اAاضي باحلاجة إلى اللجوء إلـيـهـا:ابتكار اللعباتM اللعب اإليهاميM القراءةM وإعادة القراءةM والكتابة إلى أصدقاءالقلمM �ارسة الهوايات ــ وهي نشاطات تستحوذ على الطفل وتعزز �وه.فمع وجود مصدر للتسلية السلبية في كل بيتM متاح بسرعة للـطـفـل عـنـدأول عالمة من عالمات اAللM يصبح وقت الطفل خاضعا باطراد لسيـطـرة

هذه الفعالية الوحيدة اAعطلة للوقت.

املرض كحدث خاصكانت هناك مناسبات في حياة جميع األطفال تقريبا قبل ظهور التليفزيونيجدون خاللها في مواجهتهم مساحة كبيرة من وقت الفراغ غيـر اAـتـوقـع:تلك هي األيام التي ال مناص منها حh يبعد اAرض األطفـال عـن بـرنـامـج

نشاطاتهم العادي.إن معظم الكبار الذين شبوا عن الطوق قبل التلـيـفـزيـون يـحـمـلـون إلـى

اليوم ذكريات عميقة عن أسقام طفولتهم.hلكنها كانت ح Mتتذكر إحدى األمهات: «كانت أمي تعمل أثناء طفولتييعتريني اAرض <كث في البيت لعدة أيام على األقل. ولذلك فإنني أتذكرMراتAولعبة «اجلالد» مئات ا MتصلةAتلك األوقات جيدا. أتذكر ألعاب الورق اوقص الصور من اجملالت معها. أتذكر الرقاد في الفراش والنداء عليها كيحتضر لي هذا الشيء أو ذاكM مرارا وتكرارا. وأتذكر كـم كـان رائـعـا أنـهـاكانت توافيني دائما! أظن أنني أرهقتهاM لكن تلك الذكرى مهمـة جـدا لـي

Page 206: Al Atfal wa al2dman

206

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

حتى هذا اليوم».ويروي أب آخر: «أتذكر كيف كنت أشعر باAلل بشكل موجع حينما كنتأمرض. لكن ذلك اAلل كان أحيانا يفضي إلى نشاطات غريبة. كنت أؤلـفالقصص وأرسمهاM بدافع القنوط احملض. كنت أقرر أن أتعلـم الـفـرنـسـيـةبقراءة قاموس اللغة الفرنسية (وصلت إلى الصفحة الثالثة فقط). أو كنتأفحص بعناية ألبومات الصور القدeة وأستغـرق فـي أحـالم الـيـقـظـة عـن

احلياة في األيام اخلوالي».إن من الالفت للنظر أن مشقات اAرض اجلسدية احلقيقيـة كـثـيـرا مـاتغيب عن ذكريات الطفولة هذهM على الرغم من أن األعراض والتـغـيـيـراتالذهنية اAصاحبة لها تسيطر على مرض الطفل: احلمىM الغثيانM الضعفMواكـتـئـاب Mوعـدم أمـان Mوما يرافقها من <لـمـل Mاأللم Mاحلكاك Mالسعال Mوغير ذلك من االنحرافاتM أو اAبالغات اخلاصة بـحـالـة الـطـفـل الـذهـنـيـة

الطبيعية.غير أنه في حh تتريث ذاكرة الكبار عند اجلانب الرومانسـي ألسـقـامطفولتهم ــ بالتأكيد على اإلخالص الوالديM والقلق اإلبداعي الذي تـوحـيـ فإن تلك األسقام كانت حقيقة مرهقة آلبائهم في ذلك به في أحيان كثيرة ـالوقت. لقد شعر اآلباء دائما باجلزع أثناء األيام التي عانى خاللها أطفالهممن اAرض. إن أشد ما يؤلم اآلباء هو معاناة القلق الـطـبـيـعـي الـذي يـثـيـرهمرض الطفلM باعتباره تذكرة قاسية لقابلية الطفل احملبوب للمرض والوفاة.كما تضاعف عودة الطفل اAفاجئة إلى التبعية وحاجته اAلحة إلى الرعايةاAستمرة الشعور بالكدر لدى اآلباء. وتختلط بثبات مشاعر الشفقة والعطفلدى اآلباء جتاه تعب الطفل بنفاد الصبر واإلجهـاد مـن الـسـلـوك الـصـعـب

الذي يتعh عليهم مواجهته مؤقتا.لقد غير التليفزيون جتربة اAرض فـيـمـا يـتـصـل بـاآلبـاء واألطـفـال فـيأمريكا تغييرا جذريا. إنه عقار أكثر فاعلية من األسبرين في تخفيف أعراض

اAرض.فالتليفزيون يجعل الوقت eضي بسرعة أكبرM ويتيح لألطفـال تـركـيـزاأقل على اAغصM والوعكةM واحلكاكM أو أي تعاسـة تـصـيـبـهـم بـسـبـب هـذهالبلية. ويشعر اآلباء بارتياح شديد بعد أن حتملوا عبء مساعدة أطفالهـم

Page 207: Al Atfal wa al2dman

207

التليفزيون ووقت الفراغ

على <ضية الوقت وصرف أذهانهم عن متاعبهم اجلـسـديـة. لـقـد انـتـهـتاحتياجات اآلباء اAرهقة إلى الوقت والصبر وما في ذلك من قراءات قصصيةالتنتهيM وألعاب ورق مضجرةM وإصغاء إلى الشكايات اAنتحبة M واحلـاجـةاAطردة إلى كبت نفاد الصبرM وتأكيد التعاطفM والتصرف بـطـريـقـة أكـثـر

رقة من أي وقت مضى.غير أنه مهما كان اAرض مرهقا وبغيضاM فإن الوقوع فريسة له كان منغير شك حدثا خاصا في أيام ما قبل التليفزيون. فقد كان لـدى األطـفـالآنذاك أشياء خاصة يفعلونهاM وعالقات �يزة مع اآلباء واألقارب. وأتاحتخصوصية اAرض لألطفال بطريقة غريبة حتديد معنى اAعايير الطبيعـيـةللحياةM وساعدهم طول الوقت في فراش اAرض على تطوير فهـم مـبـدئـيللعالقة بh الزمن والنشاط. وكثيرا ما كشفت الفرص التي أتاحها اAرضلألطفال من أجل عالقة أكثر تعمقا مع الوالديـن عـن جـوانـب جـديـدة مـنشخصية كل منهم لآلخر. وخير األمورM من وجهة نظر الطفلM حh يداهماAرضM هو التوقف اAؤقت للعراك اAعتاد بh اإلخوة. ولم يعد اآلباء يتجشموناAتاعب لكي يعدلوا فيما يتعلق بتخصيص الوقت أو العاطفةM فاAرض كانخاصاM وكان في وسع الوالدين منح الطفل اAريض جرعات هائلة من الوقتM واحلنان بال خوف من إثارة غيرة تتسم بالتمرد لدى إخوته (في احلقيقةكان يجري كبح هذه الغيرة فحسبM فهي شيء ال يهدر على الطفل اAريض

ويختزن في ذاكرة الحقة).منذ ظهور التليفزيونM صارت األوقات التي eرض فيها األطفال خاصة

فقط بقدر ما يسمح لهم �شاهدة تليفزيونية أكثر من السابق.تقول أم اعتادت حتديد اAشاهدة التليفزيونية ألطفالها: «حe hـرضاألطفال فمن اAالئم أن أدعهم يشاهدون كل ما يريدونM وإال فإنني سأضطرألن أقرأ لهم طوال اليوم. إنه تعويض طفيف لهم عن الوقت البائس الـذي

هم فيه».وتعلق أم أخرى:« حe hرض األطفال ــ وبقدر ما يتعلق األمر بالتليفزيونــ فالوقت مسموح به. إننا �يل إلى التشدد عادة بشأن التليفـزيـون M غـيـرأنني حe hرض األطفال أشعر بأن من الضروري أن يحصلوا على متـعـةخاصةM بطريقة أو بأخرى». وتضيف في تفكير عميق: «من الـغـريـب إلـى

Page 208: Al Atfal wa al2dman

208

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

حد ما أن حتصل اAتعة من شيء ال أوافق عليه عادة. غير أن عدم السماحلهم باAشاهدة فكرة مغرية جدا».

إن من قبيل القسوة أال نقترح على األب ا لذي يواجه شدائد التكيف معطفل عليل أن يستغل وسيلة ميكانيكية مساعدة لتسهيل اAهمة. لكـن عـلـىاآلباء أن يفكروا مليا في عواقب ذلك على الطفل. ذلك أن حدثا خاصا منأحداث الطفولة أضحى عاديا وعرضة للنسيانM وضاعـت فـرصـة تـدعـيـمالعالقات األسرية. وفوق ذلكM فقد بولغ في إضفاء الغرابة وعدم الواقعيةعلى اAرض بواسطة ساعات من اخليال التليفزيوني. وبرغم أن مهمة اآلباءصارت أسهلM فإنه ليس هناك خالف عدا أن تلك القـصـص الـتـي كـانـتتقرأM وألعاب الورق التي كانت تلعبM وتلك األوقات الهادئة معا تغني حياةالطفل وهي خسارة خاصة ألطفال األسرة اليومM حيث يعمل الوالدان كالهمافي أغلب األحيانM وتقلصت إلى حد كبيـر فـرصـة األطـفـال فـي احلـصـول

.hنشغلAعلى جتارب خاصة مشتركة مع اآلباء ا

اختفاء «احلياة الواقعية»hسلبيـ hاضي القريب أن يكون األطفال مشاركAتوقع في اAكان من افي جتاربهم اAدرسية. وكانت الفكرة اAعتادة أن لدى اAدرس مجموعة مناAواد لتدريسهاM وأن على األطفال أن يتشربوا هذه اAواد كجزء من عمليـةتسمى «التعليم» Mوفي هذه العملية ذات االجتاه الواحد كان أي نشـاط مـنجانب األطفال عدا ذلك النشاط اAوجه من اAـدرس بـخـاصـة يـعـتـبـر غـيـر

مالئم.وقد اعتمد جانب كبير من جناح هذا النظام التـربـوي عـلـى شـخـصـيـةاAدرسM فإذا كان اAدرس واسع اAعرفة واخلبرةM وعـطـوفـاM ومـالـكـا لـتـلـكMhوهوبAا hمثلAوا hدرسAالقدرة الكاريزمية التي يتعذر تعريفها و<يز افإن األطفالM كجمهور مسرحية ناجحةM سيحاولون عندئذ التكيف مـع أيمتطلبات سلوكية صارمة وبذلك ينجحون في تشرب اAعلومـات اAـطـلـوبـة.وإذا لم eتلك اAدرس أيا من هذه اAواهبM فلن يتحقق إال الـنـزر الـيـسـيـر

جدا من التعلم.حh كان جرس االنصراف يدق كان األطفال يخرجون من اAدرسة في

Page 209: Al Atfal wa al2dman

209

التليفزيون ووقت الفراغ

Mكانوا يجرون Mوخارج حجرة الدرس .hإلى الشارع كاجملان hاضي مندفعAاويلعبونM ويحلمونM ويدبرون اAكائدM ويخططونM ويصرخونM ويلقون باألحجارفي اAاءM ويشعلون النارM ويقيمون األسوارM ويخبزون الكعكM ويتدحـرجـونفي الوحلM العبh على هواهم. وفور انتهاء اAدرسةM كان األطفال ينصرفون

إلى نشاطهم اخلاص.أما في غضون العقد الفائت فقد طرأ تغير في حجرة الدرس. إذ صاريجري تشجيع األطفال على اAبادرةM واالكتشاف M واAمارسة اليدويةM وحتولتعملية التعليم ذات االجتاه الواحد إلى موقف تفاعلي بh اAدرس والطفل.وما عاد األطفال مقيدين �باد� سلـوكـيـة جـامـدة بـل سـمـح لـهـم بـحـريـةاحلركةM والتخاطب فيما بينهمM أو بينهم وبh اAدرس بطريقة مألوفة خاللأنشطتهم اAدرسية. ويعتمد جناح هذا األسلوب التربوي بصورة أقـل عـلـىالشخصية الكاريزمية للمدرسh وبصورة أكبر على ذكائهم وحدسهمM فضالعن األجهـزة اAـتـاحـة فـي حـجـرة الـدرس مـن أجـل اسـتـخـدامـات األطـفـالواستكشافاتهم. وكما كانت احلال في اAاضيM يتعلم بعض التالميذ ويقاومالبعض اآلخرM لكن األطفال في كلتا احلالتh يقضون يومهم اAدرسي فـي

حالة من النشاط أكثر ألفة.إن اجلو عند الساعة الثالثة اليوم أكثر هدوءا. فلم يعد األطـفـال عـنـدخروج اAدرسة يسلكون سلوك حيوانات تخرج من األقفاص. ويبدو أنهم قدتخففوا في حجرات الدرس التي تتمركز حول الطفل مـن قـدر مـالئـم مـن

الطاقة.غير أن النشاط بالنسبة لكثير من هؤالء األطفال يكون قد انتهى تقريباذلك اليـوم. ويـتـجـه هـؤالء األطـفـال إلـى الـبـيـت لـكـي يـقـبـعـوا أمـام أجـهـزةMالتليفزيون. وها هـم يـشـاهـدون مـا تـعـرضـه الـشـاشـة ويـتـشـربـون الـصـوروالكلماتM واألصوات بطريقة سلبية ساعة بـعـد سـاعـةM كـمـا لـو أنـهـم فـي

حلم.وقد يبدو أن اAسألة متكافئة. فإذا كانت اAدرسة قد أصبـحـت جتـربـةنشطةM فلماذا إذن ال ينبغي أن eضي األطفال ساعات سلـبـيـة قـلـيـلـة فـيمشاهدة التليفزيون? واجلواب هو أنه مهما كان موقف اAدرسـة مـتـمـركـزاحول الطفل و«حرا»M فإنه اليزال منظما ومتمركزا حول هدف. ليس لألطفال

Page 210: Al Atfal wa al2dman

210

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

MدرسةAتلكونه بعد اe حرية االختيار وحرية التحكم في وقتهم اخلاص الذيحe hكنهم أو ال eكنهم أن يلعبوا إحدى اللعباتM وحh يكون في وسعهمإلقاء األحجار أو عدم إلقائهاM واالستغراق أو عدم االسـتـغـراق فـي أحـالماليقظة. وبرغم أن الساعات فـي حـجـرة الـدرس احلـديـثـة قـد تـكـون أكـثـرMةeوأقل تنكيال وكبتا �ا كانت عليه حجرة الدرس القد Mوتسلية Mنشاطافإن أطفال اAدرسة ظلوا عرضة للتأثير فيهم في اجتاهات معينةM بواسطةاAدرسM ومن خالل األجهزة في حجرة الدرسM وعـن طـريـق تـنـظـيـم وقـتاليوم. فإذا قضوا وقتهم غير اAدرسي في مشاهدة التليـفـزيـونM كـان ذلـكالوقت أيضا منظما ومبرمجا بالفعل لهم. فمتى ــ إذن ــ سيعيشون حياتهم

الواقعية احلقيقية?

Page 211: Al Atfal wa al2dman

211

آباء مدمنون

آباء مدمنون

هبط التليفزيون على مسرح حياتنا هبوط «اإلله Aـــســـاعـــدة اآلبــــاءdeus ex machina (*)مـــن اآللــــة»

احملاصرين على اخلالص من مشاق تربية الطفـلاحلـديـث. غـيـر أنـه مـع حـلـول الـتـلـيـفـزيــون مــحــلاالسـتـراتـيـجـيـات األخـرىM وجـد اآلبــاء أنــفــســهــمعاجزين أكثر فأكثر عن تـربـيـة أطـفـالـهـم مـن دون

اللجوء إلى استعماله.تعترف أم لثالثة أطفال: «إنني أخشى أال يكونلدي جهاز تليفزيونM وإن كنت أعرف أن من احملتملأن يكون األطفال أفضل حاال من دونه. ماذا eكننيعمله لو احتجت إليه? ستنهار أعصابي ببساطة. الأسـتـطـيـع تـدبـيـر األمــور مــن دونــه. لــقــد أدمــنــت

استعماله».

ملاذا يدمن اآلباء؟يشترك عامالن في جعل اآلباء يدمنون استعمالالتليفزيون: قدرته الـفـريـدة عـلـى تـهـدئـة األطـفـال

ووجوده اجلاهز.

14

: في اAسرحية اليونانية القدeةdeus ex machina(*) اإلله من اآللة هو اإلله الذي كان يهبط باحلبال أو غيرهـا عـلـى سـاحـة اAـسـرحلينقذ البطل أو يحل العقدة حال مصطنعا...(معجم مصطلـحـات

األدب ــ د. مجدي وهبه).

Page 212: Al Atfal wa al2dman

212

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

وقد يبدو جليا أن األطفال حh يشاهدون التلـيـفـزيـون يـقـل إزعـاجـهـمللمشرفh عليهم عما لو كانوا يشاركون في لعب عادي. ومع ذلك فـقـد �

إعداد وتنفيذ دراسة بحثية للتحقق من صدق هذه الفرضية.وعرضت الدراسة اإلجابة على األسئلة التالية: هل يكون األطفال أكثرهدوءا في أثناء مشاهدة التليفزيون منهم في أثناء اللعب? ما هـي ضـروبالنشاط التي تشغلهم خالل اAشاهدة التليفزيونية قياسا إلى ألوان النشاطالتي حتدث في أثناء وقت اللعب االعتيادي? هل هناك حاجة أقل إلى رقابة

وإشراف اآلباء خالل اAشاهدة التليفزيونية منها في أثناء اللعب?لقد زار فريق من اAراقبh اAدربh األطفال الصغار في بيوتهم وقارنواسلوكهم في أثناء مشاهدة التليفزيون بتصرفـهـم خـالل الـلـعـب مـع أطـفـالآخرين. وقد لوحظت األفعال التالية وجرى تسجيلها عند ظهورهاM إما فيMالصياح Mالضحك Mأثناء مشاهدة الطفل للتليفزيون أو في أثناء لعبه: التحدثاجللوسM اAشيM اجلريM اإلثارة الذاتية (حك اجلسمM العبث بالشعرM مصاألصبع... الخ)M االعتداء على شخص آخرM اللعب التخريبيM ترك احلجرة.

ولوحظ أيضا سلوك ضابط من جانب األم عند حدوث ذلك.وكشفت نتائج الدراسة حدوث سلوكيات مختـلـفـة جـديـرة بـاAـالحـظـةـ اAشاهدة واللعب. وأثبتت اAشاهدة التليفزيونية أنها ترتبط خالل كل حالة ـبجلوس أكثرM ومشي أقلM ومحاوالت أقل لترك احلجرةM وعدوان أقل جتاه

.(١)اآلخرينM وما هو أكثر أهميةM حاجة أقل إلى التدخل الوالدىإن الوجود احملض جلهاز التليفزيون عامل مهم في تزايد اعتماد اآلباءعليه. فاجلهاز موجود في كل األوقاتM في كل بيت (وأحيانا في كل حجرة).وحh يواجه أحد الوالدين بسلوك مزعج من جـانـب الـطـفـلM يـكـون إغـراءاللجوء إلى التليفزيون قوياM وأقوى إلى حد بعـيـد �ـا لـو لـم يـكـن اجلـهـاز

قريبا إلى هذه الدرجةM وسهل االستعمالM وسريع التأثير.تروي أم لطفلh صغيرين من مدينة نيويورك:

«إن زوجيM أكثر قلقا مني بـالـتـأكـيـد فـيـمـا يـتـعـلـق �ـشـاهـدة األطـفـالللتليفزيون. وهو يعتقد أن التليفزيون يحول بينهم وبh التفكير. حسناM ر�اكان على حقM لكني أظن أن البقاء مع األطفال طوال اليوم يجعل مـوقـفـكمختلفا عما لو كنت تراهم في اAساء فقط. فلو كان نهارك محموما ويريدون

Page 213: Al Atfal wa al2dman

213

آباء مدمنون

هم الذهاب إلى حجرتهم ومشاهدة التليفزيون وتركك وحدكM حسناM أنتMإنك سـتـقـول Mلن تقول ال تفعلوا هذا. إن ذلك ليس مفيدا فكريا أو عقلياإنني أريد بعض الهدوء. أعتقد أن ما أقوله لن يكون مفهوما لك ما لم تقضاليوم بطوله مع األطفال. أما زوجي فسيقول: ال ينبغي أن تـخـضـعـي عـلـىهذا النحو. لقد وضعنا القواعد فيما يتعلق بالتليفزيون وعليهم أن يلتزموابها. لكن الرجال الذين الeضون اليوم كله مع األطفال ال يفهمون حقيـقـة

احلال. أحيانا حh تشعر باإلنهاكM يكون من السهل كثيرا أن تخضع».وتصف أم عاملة لديها طفل في الثالثة موقفا مشابها:

«أعود إلى البيت في اخلامسة إال الربعM وأنا مرهقة فعال وأحتاج فقطإلى أن أجلس M وأتفحص بريديM وأر<ي لدقائق قليلة قبل أن أعالج بعضاألمور مع ابني. ويتيح برنامج «مسـتـر روجـرز» لـي ذلـك. فـهـو يـعـرض فـيالساعة اخلامسة. وأنا أستثمر ذلك البرنامج إلعطائي فسحة قصيرة منالوقت عقب العملM على الرغم من أنني أوافق في احلقيقة على أن مشاهدةالتليفزيون ليست جيدة ألطفال مـا قـبـل سـن اAـدرسـةM وأقـول لـآلبـاء فـيمدرستي الشيء نفسه دائما. لكن مستر روجزر أفضل من برامج أخرى.يعجبني التركيز على زاوية قيمة الذات. ومع ذلكM فليس هذا هو الـسـبـب

بصدق الذي يجعلني أفتح التليفزيون».

كيف يدمن اآلباء؟تكشف اAقابالت مع األمهات �وذجا من االعتماد اAتزايد على التليفزيونكوسيلة لتنشئة الطفل. ويحدث هذا حتى عندما التشرع األم في استعمالالتليفزيون ليتالءم مع أغراضها اخلاصة بـل تـسـتـخـدمـه مـن أجـل الـطـفـل

وحده.تقول أم من دنفر لديها طفلتان في سن ما قبل اAدرسة:

حh بدأت تشغيل التليفزيون ألول مرة ألجل الطفلتMh لم يكن ذلك منمنطلق احلاجةM بل ألني ظننت أن تلك الفكرة مالئمة. كـنـت أشـغـل جـهـازالتليفزيون وأقول جاء وقت عرض «شارع السمسم»M حتى لو كان ذلك يعنيمقاطعة الطفلتh في أثناء اللعب. لم تكونا في حاجة إلى استمالتهما إلى

اAشاهدة. كانتا تستمتعان بذلكM وكثيرا ما كنت أشاهد معهما.

Page 214: Al Atfal wa al2dman

214

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

لكن التليفزيون أخذ مظهرا مختلفا في بـيـتـنـا بـعـد فـتـرة. كـان الـتـغـيـرطفيفاM لكني حh أستعيد ما جرى اآلنM يتضح لي أن تغيـرا حـقـيـقـيـا قـدحدث. أظن أن ذلك يرجع إلى أنني أكتشفت كـم كـان الـتـلـيـفـزيـون وسـيـلـةتسلية eكن الوثوق بهاM أكثر من أي وسيلة أخرى. وبعد فـتـرة حـh كـانـت

أن أحتدث بالهاتفجتد أمور منزلية ملحة وصغيرة جدا ــ كأن يتعh عليمع شخص ماM أو حينما كان أحد األشخاص يأتي إلينا بغتةM أو عندما كانزوجي يتصل ليقول لي إنه سيحضر شخصا معه على العشاء ــ كـنـتM فـي

مثل تلك األثناءM أجته إلى التليفزيون طلبا للمساعدة.Mوأدركت فجاة أنني ماعدت أستعمل التليفزيون كتجربة أقدمها لألطفالوإ�ا كشيء له قيمه لي. غير أنه كان من الصعب في ذلك الوقت أن أغيرطريقة عملي. ولم أعد مضطرة ألن أذكر األطفال بأن موعد برنامجهم قدحانM أو أقاطعهم أثناء اللعب. لـقـد أرادوا فـي الـواقـع اAـشـاهـدة ورفـضـوا<اما البحث عن وسائل أخرى للتسلية حh كنت ال أستطيع اللعب مـعـهـم

بنفسي».وتكشف أم أخرى عن تناقض �اثل بشأن استعمال التليفزيون:

عندما بدأ روبي مشاهدة شارع السمـسـمM كـنـت أنـا الـتـي شـرعـت فـيذلك. إنه يذهب إلى اAدرسة بعد الظهرM وكان يشاهد «شارع السمسم» فيالصباحM من التاسعة حتى العاشرةM حسبمـا أذكـر. وقـد أردتـه أن يـشـاهـدالبرنامج. وفكرت في أنه برنامج جيدM وأنه سيتعلم األعداد ــ وتلك مسألةتربوية كما تعلمون. وبعد ذلكM حينما توقفت عن العملM وصرت أمكث فيالبيت في أثناء الصباحM كانت الساعة التي eضيها في مشاهدة التليفزيونرائعة بالنسبة لي. فقد كان حصولي على تلك الفسحة من الوقت راحة ليMبكل معنى الكلمة. وتلك هي بالتحديد نظرتي لها. إنني أقصد أن األعداد

وكل تلك األشياء األخرىM أيضاM كانت مفيدةM ولكن....وفي حh أن بعض األمهات يضعن أطفالهن للمرة األولى أمام التليفزيونمن أجل مصلحة الطفل أساساM جند الوالدين في أغلب احلاالت يـبـدأونفي استعمال التليفزيون في بحث صريح عن الراحة. وهم يتطلعون باشتياقإلى تلك الساعات من الهدوء إلى حد أنهم أحيانا يدفعون الطفل دفعا إلى

اAشاهدة.

Page 215: Al Atfal wa al2dman

215

آباء مدمنون

Mذات الـسـنـوات األربـع Mـاeوإ Mذي السـنـوات الـسـت M وتستعيد أم إيانذكريات بداية من هذا القبيل:

بدأ إيان مشاهدة التليفزيون للمرة األولى حh كان في الثانية إال أنه لميدمن اAشاهدة حقا إال حينما بلغ ثالث سنـوات. فـي بـاد� األمـر أخـافـتـهبرامج كثيرةM حتى إن شارع السمسم كان عنيفا جـدا بـالـنـسـبـة لـه ورفـض كاجناروM وأظن أنني شجعته مشاهدته. إال أنه كان راغبا في مشاهدة كابعلى مشاهدته. كنت أكره أوقات الصباح وكانت تلك هي الطريقة التي أتيحبها لنفسي بعض الوقت إلطعام الطفل واحلصول على الهدوء أثناء مشاهدته

«كاب¯ كاجنارو» . ولم أستطع أن أقاوم ذلك.Mنافع التي يقدمها التليفزيون لهاAستبعد أن تزدري أم إيان اAكان من امثلما كان من اAستبعد أن تقلع عن اإلفادة من خدمات ماكينة غسيل اAالبساخلاصة بها مفضلة على ذلك تنظيف غسيلها علـى صـخـور أقـرب جـدولللمياه. إال أنه كان هناك ثمن يتعh دفعهM وهو ثمن لم تتكهن به حh كانتتنعم بالهدوء والسكينةM فاليوم يفضل إيان مشاهدة التليفزيون علـى عـمـل

أي شيء آخر.ففي الوقت الذي يعتمد اآلباء على التليفزيون أكثر فأكثر إلى أن يجدواأنهم اليستطيعون تدبير األمور من دونهM يتسلل التليفزيون ببطء إلى احلياة

األسرية.ويكتشف اآلباء في انزعاج ذات يوم أنهم فقدوا السيطرة على مشاهدة

أطفالهم التليفزيونية.بدأت هيلh س.M وهي موسيقية غير متفرغة وأمM استعمال التليفزيونكمسكن جاهز للطفل في أثنـاء إعـدادهـا لـلـعـشـاء. وهـا هـي تـصـف نـشـوء

إحدى اAشكالت التليفزيونية اخلطيرة:في ذلك الوقت كانت كيتي وجون مازاال صغيرينM حوالي سنتh وثالثسنواتM وتقتصر مشاهدتهما على «مستر روجـرز». وكـان جـدول عـشـائـنـابكامله قد وضع ليتوافق مع ذلك البرنامجM بحيث يتعـh أن يـكـون الـعـشـاءجاهزا في اخلامسة والنصف بالضبط وهو وقت انـتـهـاء الـبـرنـامـج. وكـانذلك وقتا لطيفا مفيدا أتر كهما فيه Aشاهدة التـلـيـفـزيـون. كـنـت أنـا الـتـيفتحت اجلهاز في ذلك الـوقـتM ولـم أفـتـحـه فـي أي وقـت آخـر. لـكـن ذلـك

Page 216: Al Atfal wa al2dman

216

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

البرنامج كان مالئما جدا. ثم جاءت فترة شاهدا خاللها شارع السـمـسـمومستر روجرز. ولم يتضح لي أن تلك اAشاهدة التليفزيونية كانت أكثر �اينبغي . غير أنه بعد ذلك بقليل جاء وقت صار فيه مستر روجرز يفتقر إلى

.Batmanاحلرارة واAتعة بالنسبة جلون. وحh بلغ الرابعة اكتشف «با<ان» underdogMوهكذا أصبح لدينا «شارع السمسم» و«با<ان»M وأحيانا «الضحية»

الذي راق لهما كثيرا.» ولست أدري أين أثارتThe Flinstonesوبعد ذلك ازداد ولعهما ببرنامج «

اهتمامها جميع هذه البرامج األخرىM ر�ا من جليسة األطفالM التي كانتتسمح لهما �شاهدة التليفزيون دائما.

Mبدأت أشعر بالضيق قليال من التليفزيون. وكمـا تـرى hوفي ذلك احلفقد كنت في البدء مسيطرة <اما على األمور. ثم بعد ذلكM وببطء تسللتكل هذه البرامج األخرىM وبدا أنهما يرغبان في مشاهدة أشياء كثيرة جدا!ولذلك قررت أن أحدد وقت اAشاهدة لهما بدال من القلق الشديد بشأن

�ا أنه بدا أنهما يحبان بعض البرامج بشدة. Mما يشاهدان من برامجلكني بدأت أنزعـج ألن جـون رفـض فـي أحـيـان كـثـيـرة اخلـروج وركـوبMدراجته بعد الظهر ألنه فضل البقاء في البيت ومشاهدة التليفزيون. حسناقاومت ذلك بالظفر والناب! وكان يحدث أن أنفجر وتنتابـنـي نـوبـة غـضـبوأقولM لن نشاهد أي تليفزيون إذا كانت سيطرته عليكما بهذا الشكل! وكانيحدث أن أثور بسبب ذلك وأعلن أننا بصدد وضع قواعـد جـديـدة خـاصـة

بالتليفزيون.لكن ذلك لم يستمر طويال جدا. وحتدثتM أيضاM إلى اإلخصائية النفسيةاAدرسية عن مشكلة التليفزيون فقالت لي إنه ال مبرر لقلقيM وإنه إذا كانجون يريد أن يشاهد التليفزيون لساعة أو ساعتMh فر�ا كان هذا أفضل

ما يفعله.حسناM كان ذلك يتعارض مع جميع غرائزيM لكن أسهل شيء كان eكنني

أن أفعلهM هو أن أتركه يشاهد فحسب.«وحينما كانا في السادسة والسابعة من العمر اكتشفا الرسوم اAتحركةالتي تعرض صباح أيام السبتM فهاما بها وكانا على استعـداد Aـشـاهـدتـهـاطوال الصباح. وال أنكر أن ذلك كان رائعا لناM ألنه يتيح لنا أن نستلقي في

Page 217: Al Atfal wa al2dman

217

آباء مدمنون

الفراش إلى وقت متأخر ولطيف بينما يشاهدان برامجهما.. والرسالة اAشتـركـةJeannieوبعدئذ اكتشفا في العام اAاضي «جـيـنـي»

» جنسية إلى حد يجعلني أ<يز غيظاThe Flinstonesلبرنامجي «جيني» و«. لكن اإلخصائية النفسية اAدرسية أكدت لي أن الـتـلـيـفـزيـون لـيـس سـوى

تليفزيون وأن األطفال يعرفون أنه غير حقيقي.وفي العام اAاضي كان النموذج الـذي لـديـنـا رهـيـبـا. فـقـد كـان «جـيـنـي

Jeannieيعرض من اخلامسة والنصف إلى السادسة والنصف. وكنت أقول « للصغيرين إنه إذا كنتما تصران على مشاهدة «جيني» فإن عليكما أن تغلقااجلهاز حh يكون العشاء جاهزا. وكانا يقوالن: « نعم... مؤكد... سنغلقه»;ثم كنت أجيء وأخبرهما أن العشاء سيكون جاهزا بعد خـمـس دقـائـق. ثـمكنت أدخل وأطلب إليهما إغالق اجلهاز عند اإلعالن التالي. وطبعاM اليغلقانه.

وكان علي دائما أن آتي وأغلقه وهما يستشيطان غضبا لذلك.كانا يقوالن: «أنا أكرهك»M ويأتيان إلى العشاء وهما يدفعان ويرفـسـانأحدهما اآلخرM غاضبh وعابسMh غاضبh جدا جدا. وبذلك يصبح وقت

العشاء كريها جدا لنا جميعا.وكان يحدث أن يظال نكدين طوال تناول الوجبة. كان ذلك أسوأ أوقاتاليومM حقيقة! وقد استمر هذا طوال السنة. وفي كل مرة من اAرات القليلةالتي كنت أشعر فيها بالضجر وأطلق تهديدات مثل «لن نشاهد التليفزيونبعد ذلك إذا كان هذا ما يحدث عند اAشاهدة»M ال أظن أنني أجنزت شيئا

قط بتلك التهديدات اخليالية.وتوقفت األم عند هذه النقطة من احلكاية وقالت Aن أجرى اAقابلة في

صوت مختلف:« إنها في الواقع قصة مريعةM أليس كذلك?»

أطفال بال ضابطالصورة التي يخرج بها اAـرء مـن األحـاديـث مـع اآلبـاء بـشـأن مـشـاهـدةأطفالهم للتليفزيون هي صورة آباء يفقدون السيطرة باطرادM وينسحبـونتدريجيا من القيام بدور فاعل في تنشئة أطفالهم. وبينما يغدو اآلباء أقـلقوةM يكتشفون أنهم صاروا أقل قدرة على مواجهة أطفالهـم األقـويـاء غـيـراAنضبطMh النكدينM اAتوعدين. ويوحي اإلدراك السليم بأن اآلباء ما كان

Page 218: Al Atfal wa al2dman

218

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

في وسعهم البقاء في مثل هذه الظروف مـن دون الـتـلـيـفـزيـون; فـلـقـد كـانيتعh عليهم تنشئة أطفالهم اجتماعيا �زيد من اAثابرةM والعمـل بـإصـرارجلعلهم يتكلمون بطريقة أكثر مالءمة أو يسلكون سلوكا أكثر مراعاة Aشاعراآلخرين. لكن التليفزيونM كما تبh شهادات األمـهـاتM يـلـغـي احلـاجـة إلـىإرساء هذه القواعد السلوكية. فلم تعد هناك القوة الدافعة التي تضمن نوعالسلوك الذي يتيح لألم أن تطهو العشاء أو تتحدث بالهاتف أو تؤكد ذاتهاكأحد الوالدين بأي طريقة من دون أن تؤكل حية من قبل أطفالهاM إذا جاز

التعبير.إن التنشئة االجتماعية اAتواضعـة لـألطـفـال فـي أيـامـنـا هـذه أسـهـمـتبالتأكيد في خروج األمهات اجلماعي من البيت. و�ا الشك فيه أن حركةحترير النساء لعبت دورا أساسيا في إبعاد األمهات عن حياة رعاية الطفلMـتـزايـدAستبعد أن يجعل العناد اAنزلية. غير أنه ليس من اAسؤوليات اAواواإلحلاح وسوء الطبع من جانب األطفال غير اAنضـبـطـh مـن الـبـقـاء فـيالبيتM أمرا أقل جاذبية من معظم األعمال اAكتبية الروتينيـة اAـمـلـة الـتـي

تختارها نساء كثيرات في اAقابل.ور�ا يكون تورط التليفزيون في هروب األبوين من األطفال شكال آخرأيضا. فعلى الرغم من أن األبوين يحاوالن الهرب من أطفالهما ألنهما قامابتنشئتهم وصار من الصعب العيش معهمM فإنهما مع ذلك يواصالن حبهمالهم بقدر ما أحب اآلباء أطفالهم في كل آن وحh. وهما يعلمان أن مربيـةالطفل أو جليسة الطفل بديل غير كاف عن الوالد احملبM وهو ما يجعلهمايشعران بالذنب. وفوق ذلكM يتضاعف الشعور بالذنب والقلق لديهما بسببمخاوفهما بشأن اAعاملة التي يلقاها الطفل في أثناء غـيـابـهـمـا. فـإذا كـانالوالدان ذاتهما سيتركان البيت لصعوبة التعامل مع الطفل أو لسوء طبعـهأو ما إلى ذلكM وهما اللذان يحبان الطفلM فإلى أي حال سيدفع الطفل األمالبديلة? وكيف ستتكيـف هـي مـع اAـوقـف? أال eـكـن أن يـدفـعـهـا ذلـك إلـى

ضرب الطفل?وقد تؤدي هذه اخملاوف عادة إلى بقاء الوالدين في البيت وتقبل العواقبhضون بعيدا إلى حد العمل على تدريب وترويض أطفالهم اجلامحe ا�ــ رــ لكن التليفزيونM مرة أخرى يتدخل لإلنقاذ. ويـخـف بـدرجـة كـبـيـرة عـبء

Page 219: Al Atfal wa al2dman

219

آباء مدمنون

شعور الوالدين بالذنب والقلقM إذ يعرفان أن الطفل eكـنـه فـي غـيـابـهـمـا<ضية وقته في هدوء أمام جهاز التليفزيون عوضا عن إغاظـة اجلـلـيـسـةإلى درجة اجلنون. فاآلن eكن لآلباء أن يتركوا البيت مرتـاحـي الـبـال. إنMاآلباء كثيرا ما يؤكدون أن جليسات األطفال يصررن على استعمال التليفزيونوأن من احملتمل عدم حصولهم أبدا على جليسة للطفل إذا لم يكن لديـهـمجهاز تليفزيون (وهناك ما يؤكد ذلك)Mوأن إفراط أطفالهم في اسـتـعـمـالالتليفزيون هو نتيجة العتماد جليسة الطفل على التليفزيون جلعل حياتهـاأسهل. لكن اآلباء نادرا ما يعترفون بأن راحة بالهم تعتمد على مـعـرفـة أنتنشئة أطفالهم اجتماعيا وثقافيا جترى مؤقتا في غيابهم بـواسـطـة جـهـاز

التليفزيون.تقول أم اعتادت حتديد وقت اAشاهدة ألطفالها بساعة واحدة يوميا:Mوأدرك أنها مضطرة للسيطرة عليهم Mحينما تكون لدي جليسة أطفال»فإنني أتركهم إذن يشاهدون التليفزيون فـي أي وقـت يـشـاؤون. فـي إحـدىاAرات عدت إلى البيت ووجدت أن األطفال ظلوا يشاهدون التليفزيون منحوالي الساعة الثانية إلى الثامنة . لكني ال أدري ما إذا كان eكن للجليسة

أن تنجح من دون التليفزيون».

Page 220: Al Atfal wa al2dman

220

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

Page 221: Al Atfal wa al2dman

221

خارج السيطرة

خارج السيطرة

تروي أم لـثـالثـة أطـفـال: «حـh أفـكـر اآلن فـيالتليفزيون أشعر كالتي ظنت باستمرار أنهـا كـانـتتتعاطى الشراب بطريقة معتدلةM ثم جلسـت يـومـاوحسبت مجموع ما تستهلكه من الكحولM فاكتشفتأنها سكيرة! كان أول اجتاه لي أن القناة التعليميـةهـي الـوحـيـدة الـتـي eـكـنـنـي الـســمــاح لــألطــفــال�شاهدتها. لكنه (أي التليفزيون)M فجأةM بدأ يتسللإلينا. في باد� األمرM كان هـنـاك «بـا<ـان». وبـعـدذلــك صــار «بــا<ـــان» و«ســـوبـــرمـــان» و«احلـــارس

أيضا!Star Trekالوحيد». وبعد ذلك أرادوا مشاهدة وفكرت بعد عدة أسابيعM يا إلهي! ماذا يحدث في

عاAنا?».إن مـعــظــم اAــشــاكــل الــتــي تــواجــه اآلبــاء مــعالتليفزيون ال تتصل مباشرة بالتليفـزيـون ذاتـهM بـلبالسيطرة عـلـيـهM وكـان هـذا الـفـهـم هـو الـذي أدى�قالة في إحدى الدوريات حملت عنوان «تليفزيوناألطفال رهـيـب ـ فـمـاذا سـنـفـعـل?» إلـى أن تـقـتـرحغاضبة: «هناك عالج عاجل متاح ال يبدو أنه خطر

.(١)على بالهم ـ أغلقوا اجلهاز»ومع ذلكM فهذا هـو بـالـتـحـديـد مـا ال يـبـدو أن

اآلباء األمريكيh يستطيعون عمله.

15

Page 222: Al Atfal wa al2dman

222

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

اقتناع حقيقيتوضح طبيبة أطفال نفسية مشهورة ومؤلفة أن اآلباء يخدعون أنفسهمحh يقولون: إنهم ال يستطيعون السيطرة على التليفزيونM وإن ذلك «إزعاجيفوق احلد»M أو «ال يستحق العناء». وهي تعتقد أنهم ال يريدون لعدة أسباب

في الواقع أن يسيطروا على مشاهدة أطفالهم التليفزيونية.وتروي الطبيبة النفسية: «حh يقول لي الوالدان إنهما ال يستطيعان أنMأنهما لم يحاوال hفمن السهل جدا أن أب Mيجعال الطفل يفعل هذا أو ذاكوسأسألهما: «هل تسمحان لطفلكما ذي السنوات الثالث أن eشي حامالسكينا حادة? هل تسمحان له بعبور الشارع �فرده? وسيشرحان لـي عـلـىالفور كيف eنعان طفلهما من اجلري نحو الشارع أو اللعب بأدوات حادة.Mولذلك أقول إن الطفل يفهم الرسالة بوضوح حينما يصممان على شيء ماوأسألهما: ما الفرق فيما يتعلق بهذا الشيء احملدد الذي يقوالن إنـهـمـا اليستطيعان السيطرة عليه? وسيجيبان: «حسناM ليس األمر بهذه الدرجة مناألهمية»M أو «إنها فقط مسألة تتعلق براحتنا». ومن اجللي أنهما لم يوصالللطفل الرسالة اAقصودةM ألنهما في داخلهما ال يشعران بها عـن ثـقـة. إذاأراد اآلباء السيطرة على اAشاهدة التليفزيونية ألطفالهم فيتعh عليهم أنيوضحوا أن ذلك eاثل في أهميته عدم اللعب بـسـكـاكـh حـادة أو اجلـري

نحو شارع مزدحم».إن الكثير من الصعوبات التي تصادف اآلباء في السيطرة على اAشاهدةالتليفزيونية ألطفالهمM تتضاعف بسبب فقدان الثقة في الدور الذي يرغبونأن يضطلع به التليفزيون في حياتهم األسريةM وبسبب تناقض أساسي فيما

يتعلق بالتليفزيون:تقول أم لديها طفالن صغيران: «حh يقوالن إنـهـمـا يـريـدان مـشـاهـدةالتليفزيون في نهار مشمسM أجن حقيقة منهماM وأقول لهما إنني سأخرجإلى احلديقة وألعب كرة القدم معهماM فيقوالن الM ويفضالن مشاهدة برنامج

حنقا بالغا وقت حدوثهM لـكـن كـل مـاتليفزيونيM والواقع أن ذلك يـثـيـر فـيأفعله يعتمد على حالتي النفسيةM ألنني أشعر بتناقض إزاءهM ولذلك أقـوللهما أحيانا: «أظن أنكما سخيفان جدا لبقائكما داخل البيت في يوم جميلكهذاM لكن ذلك قرار خاص بكما»M وفي أوقـات أخـرى كـنـت أصـفـق الـبـاب

Page 223: Al Atfal wa al2dman

223

خارج السيطرة

بعنف وأصرخ آمرة كل شخص باخلروج من اAنزل». وتصور أم أخرى مشاعر مشابهة: «كنت دائـمـا أخـوض صـراعـا بـيـنـيMشاهدةAفاألطفال يواصلون اإلحلاح من أجل ا Mنفسي بشأن التليفزيون hوب«أوه. ماما. نرجوك» حتى لو كان من اAمكن عمـل شـيء أفـضـلM وأريـد أنأقولM «كال على اإلطالق! سألقي باجلهاز خارج النافذة!» لكني في الواقعال أريد أن أجعل من هذا اAوضوع مشكلة. ال أريده أن يتحـول إلـى خـالفMوهكذا كنت متقبلة إلى حـد بـعـيـد بـشـأنـه Mكبير نتشاجر بسببه باستمرارمحاولة بكل جهدي أن أقنـعـهـم بـأعـمـال روتـيـنـيـة أخـرى ألنـنـي ال أريـد أنأتشاجر معهم بسبب التليفزيون...M وفي بعض األيام أشعر بـأنـه يـجـب أنأتشاجرM وفي األيام األخرى... ال أريد فحـسـبM وأظـن أن ذلـك لـيـس فـي

مصلحتهم إلى حد بعيدM لكنني أشعر بتناقض شديد بشأنه».ـ دليال على ـ لديها طفالن في اخلامسة والسادسة من العمر وتعطي أم

أن االقتناع احلقيقي شرط أساسي للسيطرة الناجحة:ذات يوم بلغ بي الضجر مداه بسبب مشاهدة األطفال للتليـفـزيـون فـيالصباح قبل اAدرسةM وكان مشهد صباح أحد األيام مثـيـرا لـلـشـفـقـةM كـانالطفالن جاثمh أمام التليفزيون ويريدان تنـاول اإلفـطـار هـنـاكM وبـالـكـاديستطيعان حتريك أذرعهما وأرجلهمـا الرتـداء مـالبـسـهـمـاM كـانـا يـشـبـهـان

اAومياوات الصغيرة.والواقع أنني كنت أشكو من تليفزيون الصباح لوقت طويلM وأغلق اجلهازبصورة متقطعةM صارخة فيهم ليرتدوا مالبسهمM وأثير ضجة بسبب ذلك ـلكن ليس على الدوامM على أن ذلك كله لم يعد بفائدةM وظننت أنه ال أمل فيالسيطرة على مشاهدتهم التليفزيونية على اإلطالقM وال سيما أني أستعملاجلهاز في األمسيات بالفعل لكي أحصل على بعض الراحة منهمM أال يفعل

اآلخرون ذلكM على أي حال?حسناM في هذه اAرة قررت يقينا أننا لن نستطيع العيش على هذا النحووأنه ال بد من إيقاف اAشاهدة التليفزيونية في الصبـاحM وكـمـا هـي الـعـادةعندما أصدر إنذارا عن اقتـنـاع حـقـيـقـيM جنـح الـقـرار! وذلـك هـو الـشـيءM«فإذا قلت: «إنني حقا أظن أن من غير األفضل Mاألكثر إثارة الذي تعلمته كأمفلن يجدي ذلك نـفـعـا أبـداM أو إذا لـم أصـمـم عـلـى أن هـذه هـي الـطـريـقـة

Page 224: Al Atfal wa al2dman

224

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

الوحيدة قطعا Aعاجلة موضوع ماM فإن ذلك سـيـنـعـكـس فـي احلـركـة الـتـيتأتيني من األطفال.

لم تستغرق مشكلة التليفزيون الصباحية سوى يومـh فـقـط لـلـتـخـلـصمنهاM انتهت فحسبM عرف األطفال أنني عنيت ما قلتM وأظن أنني عرفت

أنني عنيت ذلك أيضاM بل ر�ا كان ذلك أكثر أهمية.

السلطة املتناقصة لألسرةال يفسر اعتماد اآلباء اخلفي على التليفزيون وحده فشلهم في السيطرةعليهM فهناك أيضا فقدان الثقة في اعتقاداتهم اخلاصة وفي قدراتهم على

العمل بنجاح وفق هذه االعتقادات.و�ا ال شك فيه أن السلطة اAتناقصة لألسرة عموما زادت من صعوبةتعامل اآلباء مع مشكلة التليفزيون. و�ا أن احلكوماتM واAدارسM واجلماعاتاAهنية الطبيةM وغيرها من اAؤسسات اخلارجية قد أثرت تأثيرا سيئا فـيالهيمنة األسريةM صار اآلباء أكثر اعتمادا على هذه اAؤسسات وأقل ثقة فيقدراتهم اخلاصة على تربية أطفالهم طبقا ألفكارهم ومبادئهـم اخلـاصـة.فاآلباء أقل استعدادا لالعتماد على الفطرة السليمة وتقديرهم اخلاص Aاهو صواب أو خطأ حh جتابههـم مـشـكـلـة مـثـل كـيـفـيـة حتـديـد اAـشـاهـدةالتليفزيونية ألطفالهمM وهم eيلون إلى انـتـظـار أن تـخـبـرهـم احلـكـومـة أو

اAدرسة أو على األقل خبراء الطفولة �ا ينبغي عمله.ولسوء حظهمM كانت اAساعدة احلقيقية اAـتـاحـة لـهـم مـن أي مـن هـذهاAصادر ضئيلة. فقد انحصرت اجلهود الدورية للحكومة في تقييم تأثيراتالتليفزيون في األطفال في مضمون البرامجM ولـم تـبـذل أي جـهـود لـبـحـثاستعمال اآلباء للوسيلة التليفزيونيةM أو لتأثيرات وجود التليفزيون في تنشئةالطفل أو احلياة األسريةM ولم يحصل اآلباء على أي مساعدة في كفاحهم

للسيطرة على التليفزيون في حياتهم اليومية.كما أن اجلماعات اAهنية الطبية لم تكافئ اآلباء على اعتمادهم الواثقعليها في مسائل تربية الطفل بتوفير التوجيه Aشاكلهم التليفزيونية. ونادراما يتلقى اآلباء النصح بشأن استعمال أو إساءة استعمال التليفزيونM وهـماآلباء الذين تعودوا أن يعرفوا من أطباء أطفالهم كيفية التعامل مع نـوبـات

Page 225: Al Atfal wa al2dman

225

خارج السيطرة

غضب األطفال ومص اإلبهامM وغير ذلك من اAشكالت السـلـوكـيـة. وعـلـىالرغم من أن اAشاهدة التليفزيونية قد تكون أكثر التجارب اليومية مضيعةلوقـت مـرضـاهـم الـصـغـارM فـإن األطـبـاء يـتـجـاهـلـون اAـوضـوع إجـمـاال فـيمشاوراتهم السنوية ونصف السنوية مع األمهات. وتوحي دراسـة مـسـحـيـةtغير رسمية ألطباء األطفال بأن عددا قليال منهم ـ إن وجد ـ يتطوع بتقدMالئم لنمو األطفال الصغارAشاهدة التليفزيونية اAمعلومات لآلباء عن حجم اويبدو أن األطباء في معظم احلاالت ليس لديهم آراء معيـنـة عـن اAـوضـوععدا اAالحظة البراجماتية بأن «األمهات في حاجة إلى استـعـمـال اجلـهـاز

الذي يستحلف الطبـيـب بـأن(*)لتمضية اليوم بنجاح». لكـن قـسـم أبـقـراط«أتبع طريقة العالج التـي أراهـا ذات فـائـدة Aـرضـاي»M ال يـذكـر شـيـئـا عـن

التزام ما جتاه أم اAريض!أما اAؤسسة التعليميةM كما رأينا في الفصل السادسM وبدال من توفيرإرشادات معقولة عن استعمال التليفزيونM تزيد كثيرا مـشـاكـل األسـرة مـعالتليفزيون بتخصيص برامج يشاهدها األطفال في البيت وتبني الطريـقـةاAتمركزة «مع» التليفزيون في برامجها التعليمـيـة. وتـسـلـيـمـا بـذلـكe MـيـلاAدرسون إلى تخصيص برامج «مفيدة»M كواجبات للمشاهدة اAنزليةM لكنهذه الواجبات غالبا ما تزيد عبء اAشاهدة االعتيادية لألطفـال. وفـضـالMعن طريق تخـصـيـص بـرامـج تـعـلـيـمـيـة Mدرسون ببراعةAيدعم ا Mعن ذلكمواقف الوالدين اجلبرية نحو اAشاهدة التليفزيونـيـة ألطـفـالـهـمM فـبـمـا أناألطفال سيشاهدون الكثير على شاشة التـلـيـفـزيـون عـلـى أي حـالM يـجـوز

إرغامهم أيضا على مشاهدة شيء نافع.والواقع أن تعود اAدارس تخصيص برامج للـواجـب اAـنـزلـيM كـثـيـرا مـايردع اآلباء الذين لديهم مشاكل تليفزيونية جدية عن اتخاذ اخلطوة الوحيدةالتي قد تعيد التوازن إلى حياتهم األسريةM وهي التخلص من جهاز التليفزيونM«اما. ويقول آباء كهؤالء: «إننا ال نستطيع تصريف األمور من غير تليفزيون>و«يتعh على األطفال مشاهدة برامج معينة حتددها اAدرسة». وبينما قـديبدو هذا اجلواب ضربا مـن الـتـبـريـر الـذي يـعـكـس عـدم رغـبـة اآلبـاء فـي«تخليص» أنفسهم من التليفزيـونM إال أن مـن الـواضـح أن مـوقـف اAـدارس

(٤٦٠?-٣٧٧ ق.م) طبيب يوناني يعتبر أبا الطبHippocrates(×) أبقراط

Page 226: Al Atfal wa al2dman

226

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

اAذعن أو اAتحمس عموما نحو التليفزيون ال يقدم لآلباء نوع اAساعدة التيهم في أمس احلاجة إليها.

تلقي أم لديها ثالثة أطفال بعض الضوء علـى أزمـة الـثـقـة الـتـي تـوجـعاآلباء األمريكيh اليومM بعد أن شعرت بالقلق بشأن عـدد الـسـاعـات الـتـييقضيها أطفالها في مشاهدة التليفزيون ولم تستطعM كما يـبـدوM أن تـضـعقيودا على هذه اAشاهدة: «إن اخلطأ في حالتي هو أنني ال أعرف ما هـوالصواب وما هو اخلطأ كما أن أطفالي ال يعرفون ذلـكM أمـا أمـيM فـحـتـىهذا اليومM تؤمن بالصواب واخلطأM وتعتقد أنها تعرف الفرق بh الصوابواخلطأ. أما أنا فال أعرف على اإلطالق. وفيما عدا بعض اAسائل األخالقيةالقليلة جداM ال أعرف أين الصواب وأين اخلطأ بالنسبة للكثير من األمور.

والتليفزيون يدفع ذلك إلى أقصى مدى».إن اآلباء يستجيبون بامتنان يكاد يثير الشفـقـة ألي مـسـاعـدة تـقـدمـهـامؤسسات خارجية فعالة. فحينما أرسلت إحدى مدارس احلضانة اAشهورةفي مدينة نيويورك رسالة إلى هيئة اآلباء بهاM ناصحة إياهم بتحديد وقتاAشاهدة التليفزيونية بساعة واحدة يوميا على األكثرM قوبلت هذه اخلطوة

بحماس شبه غامر.تقول إحدى األمهات: «لقد أعطتني تلك الرسالة الدفعة األخيرة لتقليص

اAشاهدة التليفزيونية».وتصف أم أخرى جهود ابنها ذي السنوات الثالث لكي يشاهـد «كـوكـبالقردة»M وغيره من الرسوم اAتحركة احملبوبـة بـدال مـن بـرنـامـجـه الـيـومـيhولذلك شعرت حـ Mجيرة مستر روجرز»: «كنت أتعرض لضغوط شديدة»وصـلـت الـرسـالـة بـارتـيـاحM وأخـبـرتـه أن اAـدرسـة ال تـريـد مـنــه مــشــاهــدة

.(٢)التليفزيون»وطبقا Aا قالته مديرة اAدرسة: فقد استخدم بعض اآلباء الرسالة ذاتهاإليقاف أطفالهم عن اAشاهدةM قائلh: «انظروا ها هي رسالة من اAدرسةتقول إن كثرة اAشاهدة التليفزيونية ضارة»M حتى إن كان األطفال أصغر من

أن يقرأوا الرسالة بالفعل.وتشرح اAديرة ذلك قائلة: «إن اآلباء يشعرون بالذنب بشأن استعمالهمللتليفزيونM فهم يشعرون بأنهم بطريقة أو بأخرى ال ينبغي أن يفعلوا هذا.

Page 227: Al Atfal wa al2dman

227

خارج السيطرة

وتأمل اAدرسة عن طريق اتخاذ موقف من هذه القضية إعطاء اآلباء تلـكالدفعة الصغيرة اإلضافيةM وعسى أن يقرروا أخـيـرا عـمـل شـيء فـي هـذاالصدد». لكن إحدى مدرسات اAدرسةM وكانت عضوا في اللجنة التي وضعتمسودة الرسالةM ال تدين أولئك اآلباء الذين احتاجوا إلى الرسالة من اAدرسة

حتى يجدوا الشجاعة للسيطرة على التليفزيونM وتعترف قائلة:إنني أتعاطف مع ورطة اآلباءM وقد خففت من تشددي بصورة عجـيـبـة�ا أن عندي أطفاالM ولدي شعور بأن اآلباء كثيـرا مـا يـفـعـلـون كـل مـا فـياستطاعتهم إال أنهم ال يعرفون <اما ما ينبغي عمله. فهم يعاملون بشدة منقبل أطفالهمM ويخشون مواجهتهم بجرأة وبعد ذلك يعاشرون أ�اطا يصعبترويضها. فإذا تلقى هؤالء اآلباء اAساعدة �ن له سلطة أمكنهم عندئذ أنيقولوا: «انظرواM اAدرسة تقول لكم أغلقوا جهاز التـلـيـفـزيـون»M هـذا شـيءطيب للغاية. وقد يكون من األفضل لو استطاعوا أن يـثـقـوا فـي غـرائـزهـمويستخدموا سلطتهم اخلاصة. لكنM إذا أفادت هذه الطريقـة فـي حتـقـيـق

.(٣)الغايةM فال يسعني إال أن أشعر بجدوى هذه الوسيلةMويعكس ارتياح اآلباء لعدم اضطرارهـم إلـى وضـع الـقـانـون بـأنـفـسـهـمالصعوبة اخلاصة التي تواجه اآلباء العـصـريـh فـي قـول: «ال» ألطـفـالـهـم.وeعن طبيب نفسي لألطفال النظر في اAصادر احملتمـلـة لـتـسـاهـل اآلبـاءاخمليف: «أنا ال أقول للناس ما ينبغي عليهم عمله وما ال ينبغي. لكني أجدبh كثير من اآلباءM وليس فقط من اAرضى بل من األطفال الذين أقابلهمفي اAدرسةM الكثير من الصراع حول القـدرة عـلـى تـربـيـة أطـفـالـهـم بـقـدرمواهبهم اخلاصة. هناك الكثير من اAعلومات الواردة من التليفزيون والكتبMمن إغضاب أطفالهم hأنهم يبدون خائف Mقاالت. غير أن األكثر أهميةAواخائفh من اإليعاز لهم بإغالق جهاز التليفزيون. ويشعـر هـؤالء اآلبـاء بـأنللطفل أن يفعل ما يحلو لهM إال أنهم في احلقيقة خائفون من وجود عالقةمباشرة وشخصية بأطفالهم. أنا أعمل مع آباء Aساعدتهم على فهم مخاوفهموفهم حاجات أطفالهمM وحينما يبدأون فهم ذلكM سيتوقفون عن شكوكهـمفيما يتعلق بإغالق جهاز التليفـزيـونM وحـh يـشـعـر اآلبـاء بـارتـبـاط مـا مـعأطفالهمM سيبدأون بال استثناء إغالق جهاز التليفزيونM بل التـخـلـص مـنـه

أحيانا.

Page 228: Al Atfal wa al2dman

228

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

السعي وراء الدميوقراطيةMوقراطية في غيـر مـوضـعـهـا الـصـحـيـحeا يساعد السعي وراء الد�روهو ضعف أمريكي بخاصةM في تفسيـر الـسـبـب الـذي يـجـعـل لـدى بـعـضاآلباء صعوبات كهذه في السيطرة على التليفزيون. فهؤالء اآلباء يعتقـدونأن تقييد اAشاهدة التليفزيونية للطفل تصرف غير دeوقراطي بطريقة أوبأخرىM ويدعم هذا االعـتـقـاد لـدى اآلبـاء عـدد مـن الـكـتـاب بـزعـم إسـداءالنصح لهم. ويرى مؤلف كتاب عن األطفال والتليفـزيـون أن فـرض قـواعـدصارمة بشأن استعمال التليفزيون «يوحي بالدكتاتوريـة فـي اAـنـزلM ولـيـسبالدeوقراطية»M ويحذر اآلباء من أن األوامر اAـطـلـقـة الـعـلـنـيـة تـؤدي إلـىظهور أفراد متمردين صراحة أو طيعh بأكـثـر �ـا يـنـبـغـي». وهـكـذا فـإناخلوف من أن يصبحوا ال دeوقراطيh (غير أمريكيـh) يـجـيـز لـآلبـاء أن

يلقوا مسؤولية نتائج تربيتهم العاجزة لألطفال على األطفال أنفسهم.تعترف إحدى األمهات:

«أعلم أن ذلك يبدو ضعفاM لكني أكره فحسب أن أكون شخصا يـخـيـبآمال الناس باستمرارM أو يقوم بتنظيمهمM أو منعهم من عمل شيء يستمتعونبه. ال أحب أن أكون الـشـخـص الـرصـh فـي األسـرة. فـأنـا أفـضـل لـو كـاناجلميع على قدم اAساواةM وهذا هو السبب الذي يجعلني أعاني كثيرا فيمحاولة إقناع األطفال بالتقليل من مشاهدة التليفزيونM على الرغم من أني

أرى أنه ليس من اAفيد لهم أن يشاهدوا التليفزيون بكثرة».وتالحظ أم إجنليزية:

«إن الشيء الغريب فيما يتعلق باألمهات األمريكيات أنهن يضقن بالكثيرمن أفعال أطفالهنM لكنهن ال يتصرفن على أي نحو إزاء ذلك. إنهن يتركنهميفعلون أي شيءM ويشعرن باخلوف من أن وضـعـا تـسـلـطـيـاM سـيـكـون غـيـرMأمريكي. وهن ال يرغ³ في مشاهدة أطفالهن لـلـتـلـيـفـزيـون سـاعـات عـدةولذلك يعقدن مؤ<را أسريـا ويـنـاقـشـن وضـع قـواعـد ومـا إلـى ذلـك. لـكـن

.)٤(األطفال ينتهي بهم األمر فقط إلى زيادة اAشاهدة التليفزيونية»ويرتبط اعتقاد اآلباء بضرورة سيادة اAباد� الدeوقراطيـة فـي تـربـيـةاألطفالM حتى مع أطفال سن ما قبل اAدرسةM بالتقليل العصـري بـخـاصـةمن حقوق اآلباء الذي رافق قبول فلسفة لتربية األطفال أكثر <ركزا حول

Page 229: Al Atfal wa al2dman

229

خارج السيطرة

الطفل. ويبعد هذا العاملM أيضاM أيدي اآلباء عن مفتاح إغالق التليفزيون.تروي أم شابة مرهقة أدى عطفها وتفهمها لرغبات وحاجات أطفـالـهـاإلى إضعاف وعيها بحقوقها اخلاصة: «حh يتصرف أطفالي بطريقة سيئةجدا وفظة أثناء مكاAة هاتفية ليM فإنني بدال من تهذيبهم أجد صوتا فـيداخلي يقول: نعمM إنني أحتدث على الهاتـف ألطـول �ـا يـنـبـغـي». إنـهـا التستطيع أن تقول «ال» ألطفالها ألنها فقدت تقديرها لألمورM فرأت احلياةhفقط من وجهة نظرهم. ولن تغلق أم من هذا النوع جهاز التليفـزيـون حـيرغب الطفل في اAشاهدةM حتى إن شعرت أن أكثر اAشاهدة قد تكون لهاتأثيرات ضارةM ألن رغبات الطفل لها األسبقية على رغباتها هي في معظم

اAواجهة اليومية.وتكشف أم لطفلh في الثامنة والـرابـعـة عـن عـجـز �ـاثـل فـي تـقـيـيـم

شعورها واتخاذ إجراء ما بشأن التليفزيون:<نيت لو كان eكنني رفض السماح ألطفالي باAشاهدة. أنا أصل إلىالبيت في اخلامسة والنصف وأعد العشاء ـ يعود زوجي في الساعة السادسة.ولذلك فمن الساعة اخلامسة والنصف حتـى الـسـابـعـة والـنـصـف يـشـاهـدالطفالن التليفزيونM وفي هاتh الساعتh تعرض تفاهات كريهة إلى أبعد

».The FlinstonesحدM برامج ال eكنني احتمالهاM مثل «ليست لدي حتى القدرة على أن أجعلهما يغلقان اجلهـازM ولـدى هـذيـنالطفلh مخزون غير محدود من الدمىM لكنهما مـع وجـود الـتـلـيـفـزيـون اليلمسان أبدا الكثير منهاM ومع ذلكM فحh أغلق التليفزيون بالفعلM يدخالن

ويلعبان بالدمى.

«افعل كما أقول، وليس كما أفعل»كثيرا ما تبطل عادات اAشاهدة عند اآلباء أنفسهم محاوالتهم لتـقـلـيـلاعتماد أطفالهم على التليفزيون. ويجد اآلباء الذين بـاتـوا يـعـتـمـدون عـلـىالتليفزيون في التسلية واالسترخاءM أو الهربM أن من الصـعـب أن يـضـعـواقيودا على مشاهدة أطفالهم. إن اآلباء يشعرون بأنهم منافقون حh يضعونسياسة على أساس «افعل كما أقولM وليس كما أفعل» في بيوتهمM وسرعان

ما يستغل أطفالهم البارعون افتقار آبائهم إلى الثقة.

Page 230: Al Atfal wa al2dman

230

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

وتصف إحدى األمهات هذه اAعضلة بقولها: «أنا أحاول حتديد مشاهدةاألطفال التليفزيونيةM لكن ألفرد (زوجها) يرغب في مشاهدة الكثيرM ومعنىMشاهدة لألطفال أن على ألفرد أن يحدد وقت مشاهدته هوAحتديد وقت ا

وهو في الواقع ال يريد أن يفعل ذلك».وتروي أم من نيويورك: «حh كان األطفال أصغـر سـنـاM وإلـى أن صـارأصغرهم في حوالي الثامنةM كنت أنزعج بشدة بشأن مشاهدتهم التليفزيونية.MـنـزلAا يغريني بإلقاء اجلهـاز خـارج ا�وكانت هناك أوقات أشعر خاللها غير أني لم أفعل ألنني أنا نفسي أحب أن أشاهد األفالم وكارول بيرنت...».Mوتشير أم أخرى: «من احملتمل أني أفتقد التليفزيون أكثر من األطفالومثل هذا الشعـور يـجـعـل مـن الـصـعـب جـدا بـالـنـسـبـة لـي أن أقـول «ال» الeكنكم مشاهدة التليفزيونM إنه ليس مفيدا لكم. <اما مثلما ال أستطيع أنأقول عن اقتناع حقيقي: بيـتـرM مـن اخلـطـأ أن <ـص أصـبـعـكM بـيـنـمـا أنـا

أدخن!».

هل يغدو طفلي منبوذا اجتماعيا من دون التليفزيون؟إن أعدادا كبيرة من اآلباء الذين صاروا يعتقدون أن للمشاهدة التليفزيونيةتأثيرا معاكسا في �و األطفال وفي السعادة األسريةM ال يتبـعـون مـع ذلـكقناعاتهم بالتخلص من أجهزتهم التليفزيونية أو فرض قواعد صارمة بشأناستعمالها; ويخشى هؤالء من أن قلة اAشاهدة التليفزيونية أو إلغاءها سيجعلأطفالهم منبوذين اجتماعيا. و�ا ال شك فيه أن هذا القلق اAنتشر يعد منأقوى العراقيل أمام السيطرة الفعالة على التليفزيون في األسر األمريكية.وتفسر أم لطفلh في سن اAدرسة ذلك قائلـة: «هـذا مـا يـتـحـدث عـنـهجميع األطفالM هذا البرنامج التليفزيوني وذاك البرنامج. فإذا تخلصت منMاجلهاز ـ وأنا بصدق أود ذلك ـ سينقطع أطفالي عن مجرى األحداث بالفعل

فكيف سيكون لهم أصدقاء?».ويشعر آباء أطفال في سن ما قبل اAدرسة أيضا بالقـلـق ألنـهـم بـوضـع

قيود على التليفزيون يضرون مستقبل أطفالهم االجتماعي.تروي أم لطفل عمره سنتان: «أعتقد حـقـيـقـة أن مـن األفـضـل لـصـغـارhلكن ما يقلقني هو ما سيحدث ح MرةAاألطفال أال يشاهدوا التليفزيون با

Page 231: Al Atfal wa al2dman

231

خارج السيطرة

يبدأ روجرز الذهاب إلى احلضانة في العام القـادم حـيـث يـتـحـدث جـمـيـعاألطفال اآلخرين عن «شارع السمسم»M أظن أن من األفضل أن أسـمـح لـه

بالبدء في اAشاهدة».وفضال عن ذلكM يشعر كثير من اآلباء بالقلق ألنه في حالة عدم تيسرالتليفزيون بحرية في بيوتهمM لن يرغب األطفال اآلخرون في اجمليء واللعبمع أطفالهم. أو األسوأ من ذلكM وهو أن أطفالهم سيفضلـون قـضـاء وقـتفراغهم بعيدا عن البيتM في بيوت أطفال يستطيعون فيها مشاهدة كل ما

يريدون على شاشة التليفزيون.واحلقيقة أنه ال يكاد يوجد دليل على أن غياب التليفزيون عن البيت أوفرض قيود مشددة على استعمالهM يخلقان صعوبات اجتماعية لألطـفـال.وبالفعلM هناك أسباب جتعلنا نعتقد أن األمور قد تكون علـى الـعـكـس مـن

ذلك <اما.تروي أم لطفلة في الصف الثالثM قامت بقصر اAشاهدة التليفزيونيـةعلى نهايات األسبوع: «في البداية حh كانت صديقات كاتـي يـأتـh لـلـعـبمعها بعد اAدرسة يسألن: «أين التليفزيون?» ولكني عندما قلت لهن ببساطةإنه ليس في بيتنا تليفزيون في أيام الدراسة واقترحت علـيـهـن أن يـخـبـزنفطائر أو أخذتهن إلى صندوق اAالبسM أو أحضرت بعض اللعبM أو غـيـرذلكM سعدن <اما بعمل شيء آخر. إن بيتنا eتلئ دائما باألطفالM وأعتقدصادقة أنهن يحب³ احلضور إلى هنا حيث يجدن متعة أكبر باAـقـارنـة مـع

مشاهدة التليفزيون».وقال طفل ذكي في الصف السـادس اخـتـارت أسـرتـه الـعـيـش مـن دونتليفزيونM ردا على سؤال بشأن آثار عدم وجـود تـلـيـفـزيـون فـي اAـنـزل فـيMإن أصدقائي يتكلمون كثيرا عن برامج التليفزيون Mحياته االجتماعية: «حسناMاضية?» وأجيب فـقـط قـائـال: «الAيقولون: «هل شاهدت كذا وكذا الليلة افاتني ذلك»M أو شيء من هذا القبيل. أنا ال أهتم بعدم وجود تليفزيون فيالبيتM وال يبدو أن أحدا آخر يهتم على أي حالM وجانب التسلية في اAوضوعأني شاهدت أغلب البرامج التي يتحدث عنها اجلميع مرة على األقلM ر�اMولذلك فأنا أعرف أسماء الشخـصـيـات Mفي بيت جدي أو لدى األصدقاءوتتشابه تلك البرامج إلى حد كبير في معظم األوقاتM وهكذا eكـنـنـي أن

Page 232: Al Atfal wa al2dman

232

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

أجاري تلك األحاديث بصورة جيدة <اما».ويعبر والد طفلh في سن ما قبل اAراهقة عن موقف قد يسـاعـد فـيتهدئة قلق اآلباء بشأن السيطرة على التليفزيونM وتأثيره في حياة األطفالاالجتماعية: «تعودت أن أقول ألطفالي: إن أصدقاءكم سيحبونكم للطريقةالتي تتصرفون بها ـ ما إذا كنتم كرماء أو ودودين أو من هواة التسلية ـ وليسبسبب تشابه مشاهداتكم للبرامج التليفزيونية مع ما يشاهدونM إن ما يهمهو من تكونون». ويقول Aـن أجـرى اAـقـابـلـة مـعـه إنـه يـبـدو أن لـدى أبـنـائـهأصدقاء كثيرين كأي أطفـال آخـريـنM عـلـى الـرغـم مـن قـصـر مـشـاهـدتـهـم

التليفزيونية على ساعتh أسبوعيا.

لذة فطريةAا كان من الواضح أن الكثير من الصعوبات الـتـي يـواجـهـهـا اآلبـاء فـيالسيطرة على التليفزيونM ترتبط باجتاهات التربية احلديثة للطفل واAيولالسيكولوجية ـ التساهلM السلطة اAتناقصة لألسرةM �ـو الـضـواحـيM ومـاإلى ذلك ـ فقد يبدو أنه لو أن التليفزيون قد ظهر إلى الوجود قبل قرن منالزمنM لكان اآلباء آنذاكM بتكوينهم العائلي القوي وأساليـبـهـم الـتـسـلـطـيـةالصارمةM أكثر قدرة على االحتفاظ به حتت السيطـرة. لـكـن حـتـى أولـئـكاآلباء ر�ا كانوا قد استسلمـواM ألن هـنـاك شـيـئـا فـريـدا يـتـعـلـق بـسـيـطـرةالتليفزيون على األطفـالM بـصـرف الـنـظـر عـن الـسـيـاق الـسـسـيـولـوجـي أو

اAيثودولوجي.إن فهم اآلباء احلدسي لعمق اندماج أطفالهم مـع الـتـلـيـفـزيـونM والـذيMشاهدة عـنـد هـؤالء األطـفـالAتشي به جزئيا مالحظات عن حدة سلوك اكما يشي به حجم حزنهم في حالة حرمانهم من التليفزيونM هذا الفهم هوالذي eنع اآلباء من إغالق أجهزة التليفزيون في بيوتهمM ويجعلهم يقـفـون

عاجزين وهم يرون حياتهم األسرية تزداد خضوعا لسيطرة التليفزيون.فالتليفزيون ليس مسألة هينةM عرضية بالنسبة للـطـفـل الـصـغـيـر. إنـهمتعة تتصل على نحو خفي بجانب مـن أعـمـق اإلشـبـاعـات الـفـطـريـة عـنـدالطفل. ومن الدالئل على اAوقع اخلاص الذي تشغله اAشاهدة التليفزيونيةفي التسلسل الهرمي للمتعة لدى الطفل الصغير ذلك التواترM الذي نلمسه

Page 233: Al Atfal wa al2dman

233

خارج السيطرة

فيما بh األطباء النـفـسـيـh وعـلـمـاء الـنـفـس واآلبـاء أنـفـسـهـم فـي ربـطـهـاباإلشباعات األساسية الفمية الشرجية.

ويدون الكثير من اآلباء مالحظات �اثلة:حh يشاهد إريك التليفزيون يستعمل حلافه ـ وتلك هي اAرة الوحـيـدةالتي eتص فيها إبهامهM ليس دائماM وإ�ا عـادةM واAـرة الـوحـيـدة األخـرى

التي يستعمل فيها حلافه تكون في الفراش».ويروي أحد االختصاصيh في عالج الطفل:

حh أطلب من أحد الوالدين حذف التليفزيون من حياة الطفل ألن منhفغالبا ما أجد رد الفعل نفسه الذي ألقاه ح Mالواضح أن له تأثيرا ضاراأطلب من الوالدين تخليص طفلهما ذي السنوات اخلمـس مـن احلـفـاظـاتوأصر على استعمال اAرحاضM أو إبعاد زجاجة الرضاعة عن طفل عـمـرهأربع سنوات. إن األم تقول: «هذا مضحك. إنه يخاف اAرحاض. ولن يفعلهاأبدا»M أو «هذا مستحيل. إنه يحب زجاجة الـرضـاعـة جـدا». حـسـنـاM لـقـدوجدت رد الفعل ذاته من جانب اآلباء حh أوقفت فجأة التليـفـزيـونM لـقـدشعروا باخلوف. فإغالق جهاز التليفزيون <اما يبدو بالضبط نوعا رهيبامن احلرمان. وحh يشعـر اآلبـاء بـاالسـتـعـداد لـلـقـيـام بـاخملـاطـرة وجتـربـةنصيحتيM تعتريهم الدهشة دائما لسهـولـة ذلـك. والـفـرق الـوحـيـد أنـهـم الينثنون عائدين باحلفاظات وزجاجة الرضاعةM وإن انثنوا عـائـديـن بـجـهـاز

التليفزيون.ويالحظ أحد احملللh النفسيh: «اآلباء ال يحبون أن يشاهد أطفالهـمالتليفزيون ألنه ساحر لأللباب وآسر إلى حد أنه يندرج في فئة تلك التجارباAمنوعةM اAؤذية إلى حد ماM والسارة مثل االستمناء. وهم ال يودون أن يرواطفلهم منزوياM جالسا في ركن يلعب �فردهM كما ال يحبون أن يروه جالسا

(التليفزيون) لسـاعـاتGoggle Boxفي الركن ناظرا إلى صندوق احلمـلـقـة من غير انقطاعM إن ذلك مبهج أكثر �ا ينبغي».

وكما أن فهم اآلباء لعالقة الطفل بالطعام يقودهم إلى استعمال الطعامكأداة تهديدM وعقابM وحافزM وبديل عن احلبM كذلك يقودهم فهمهم ألهميةاAشاهدة التليفزيونية في حياة طفلهم إلى استعمال التليفزيون كعقـوبـة أو

كمكافأة مهمة.

Page 234: Al Atfal wa al2dman

234

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

وقد روى حوالي خمسh في اAائة من األطفال الذين أجريت مقابالتمعهم في إطار دراسة مسحية واسعةM أن آباءهم استـعـمـلـوا احلـرمـان مـنالتليفزيون كنوع من العقاب. ومن احملتمل جدا أن هذا احلرمان من التليفزيون

.(٥)بات أكثر العقوبات اAستعملة انتشارا في أمريكا اليوموتعترف أم لديها طفل في سن ما قبـل اAـدرسـة: «أفـاجـئ نـفـسـي وأنـاأستعمل التليفزيون كأداة للتهذيبM قائلة جليمي إنه ال eكنه اAشاهدة إالإذا تصرف بأدبM ويقول زوجي بذكاء: ال تفعلي ذلك. لكن هناك ما يغـري

في ذلكM فكأني أقول ال حلوى».ويستخدم التليفزيون عموما حاليا في تدريب األطفال علـى اسـتـعـمـالاAرحاض. فاألمهات يضعن قعادة (نونية) أمام جهاز التلـيـفـزيـون لـإليـحـاءللطفل بقضاء احلاجة. كما يقدم بعض اآلباء وعـودا بـبـرامـج تـلـيـفـزيـونـيـةخاصة كمكافأة على اإلذعان Aتطلبات التدريب اAرحاضي. وباAثلM يستخدم

منع التليفزيون كعقاب فيما يتصل بهفوات التدريب اAرحاضي.كيف يتسنى للمرء تعليل األهمية اخلاصة للتجربة التليفزيونية في حياةاألطفال? ما هي العوامل التي تساعد على وضع اAشاهدة التليفزيونية علىاAستوى نفسه من األهمية كاألكلM مثالM أو غـيـره مـن األفـعـال الـتـي تـبـدو

للوهلة األولى أكثر جوهرية من هذا النشاط اAنظم بطريقة ميكانيكية?MـشـاهـدAإن جانبا من اإلجابة قد يكمن فـي أهـمـيـة اإلثـارة الـبـيـئـيـة ـ اواألصواتM والروائحM واإلحساس بالعالم من حولهم ـ في جتـربـة األطـفـالاAبكرة. فمنذ األيام األولى للحياة يستجيب األطفال بصورة انتقائية للمشاهدMواألصوات. وبينما يبدو أن حياة األطفال الرضع تتركز حول األكل والنومفإن اAثيرات اAتنوعة التي تصل إلى عيونهم وآذانهم ر�ا تكون ذات ضرورة�اثلة. وتتضح أهمية اAثيرات اخلارجية بواسطة جتارب تثبت أن األطفالالرضع سيكفـون عـن أهـم ضـروب نـشـاطـهـمM أي الـرضـاعـة مـن الـثـدي أو

.(٦)الزجاجةM عند إعطائهم شيئا جديدا ينظرون إليه أو يستمعون لهإن لدى اآلباء وغيرهم من ذوي التعامالت احلميمة مع األطفال الصغارفهما عمليا ألهمية اإلثارة البيئيةM فهم يعرفون أن األطفال الـرضـع eـكـنصرف انتباههم عن األلم اجلسدي أو عن اAواقف االنفعاليـة اAـؤAـةM مـثـلاالنفصال عن األمهات بتحريك سوار المع أمامهم أو بغناء أغنيـة مـفـعـمـة

Page 235: Al Atfal wa al2dman

235

خارج السيطرة

باحلياة. وأحيانا تعمل رؤية لون معh عملها في تهدئة طـفـل مـهـتـاجM كـمـايؤدي االقتراب بطفل باك من نافذة تطـل عـلـى شـارع eـوج بـاحلـركـة إلـى

إحداث تأثير مهد� بسرعة في أحيان كثيرة.Mمكن أن نفترض أن األطفال يحتاجـون إلـى تـلـقـي مـادة حـسـيـةAومن ا<اما كما يحتاجون إلى الطعام واحلنان. وقد تكون تلبية هذه احلاجة إلى

اAثير احلسيM عندئذM �تعة للطفل كاألكل واالحتضان.إن التركيز التليفزيوني االستثنائي على اAتع احلسية في كم واحـد مـنالتجربة ـ الصور اAتحركةM واألصوات اجلذابة واAثيـرةM مـقـتـرنـة بـالـطـابـعاAتكرر لهذه اAثيرات على الشاشة ومعززة باAغريـات اإلدراكـيـة لـألصـواتوالصور اإلنسانية اAألوفة ـ ر�ا وفر جتربة فريدة في اإلمتاع. وفي الوقتالذي ال تعد فيه أي من اAكونات اAنفردة للتجربة التليفزيونية في أي مكانمشابهة على أي نحو للمتع الفطرية األساسية لألكل أو التخلص من الفضالتمن حيث قيمة اإلشباعM إال أن هذه اAكونـات مـجـتـمـعـة قـد <ـنـح إشـبـاعـا

طاغيا ال يقاوم.على أن من اAؤكد أن جانبا آخر مـن اإلجـابـة عـلـى الـسـؤال عـن سـبـباكتساب التليفزيون هذا القدر الكبير من األهمية في حياة األطفالM يكمنفي الصراع اإلنساني األساسي بh السلبية والنشاط. إن هذا الصراع قويبخاصة في أثناء مرحلة الطفولة اAبكرةM حh ينتقل الكائن اإلنسـانـي مـناالعتماد الفسيولوجي والسيكولوجي والسلبية إلى الـنـشـاط اAـسـيـر ذاتـيـا

«توق اإلنسان إلى التحـررErich Frommواالستقاللية. ويصف إريك فروم Mواشتياقه إلى حب غير مشروط Mوالوعي Mواحلرية MسؤوليةAمن مخاطر ا

M وهما توق واشتياق يشكالن(٧)eنح له بال انتظار االستجابة من احملبوب»أساس الكثير من أوجـه نـشـاط اإلنـسـان ويـحـاوالن إضـعـاف حـركـتـه نـحـوالسيطرة على بيئتهM ونحو االستكشـافM والـقـيـادةM ومـنـح احلـب ال مـجـرد

احلصول عليه فحسب.MريحةAإن األطفال في جتاربهم التليفزيونية يعودون إلى تلك السلبية ااالرتدادية التي كانت ذات يوم حقا لهم والتي ال بد لهم اآلن من أن يتخلواعنها إذا أرادوا أن يصيروا أعضاء عاملh في اجملتمع. إنهم يتحررون منمخاطر احلياة فقط حينما يشاهدون التليفزيونM لـكـن مـا يـعـوق تـقـدمـهـم

Page 236: Al Atfal wa al2dman

236

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

باجتاه النشاطM والعطاء «والعمل»M هو اندماجهم مع التليفزيون.hأن يجد اآلباء صعوبة في اإلصرار على مواقفهم حـ Mإذن Mوال عجبMشاهدة التليفزيونية ألطفالهم. ففي بكاء ونحيب أطفالهمAيقررون تقييد اوفي مناشدتهم وتوسالتهمM وفي اAساومات التي ال تنتهي لبلوغ حل وسط(«دعني فقط أشاهد هذا البرنامج اإلضافي اليوم ثم لن أشاهد أي تليفزيونغدا»)M يسمع اآلباء نغمة اليأس احلقيقية. ومن دون اقتناع راسخ بأن اAتعةاخلاصة التي يتيحها التليفزيون ليست من فئة اإلشباعات األساسية ذاتهاالتي تزيد قيمة احلياةM وأن اAشاهدة التليفزيونية ال تعزز الـنـمـو بـل <ـنـعاألطفال من العمل على نحو يجعلهم يحققـون الـنـجـاحM فـلـيـس لـدى اآلبـاء

الشجاعةM ببساطة تامةM إلغالق جهاز التليفزيون.تتذكر أم قررت التخلص من التليفزيون منذ عامh صراعاتها السابقةللسيطرة على التليفزيون: «أظن أنني كمعظم األمهات كنت فقط أكره إفسادمتعتهمM برغم شعوري بأنهم يحصلون على اAتعة من شيء ال نفع منه <اما.لقد بدا أن من القسوة واألنانية أن أحرمهـم مـن بـرامـجـهـم حـيـنـمـا أرادواMمشاهدة الكثير. واآلن يبدو احلال مختلفا إذ لم يعد لدينا جهاز تليفزيونMفعلى العكس من ذلك Mوبطريقة أو بأخرى ال أشعر أنهم حرموا من شيءأشعر بأن التليفزيون كان يحرمهم فعليا من عمل الكثير من األشياء اAفيدة

التي يعملونها اآلن...».

بعض األطفال أكثر قابلية للتأثرتقول طبيبة وأمM من سكارديل بوالية نيويورك: «لدي ثالث بناتM ولكلمنهن عالقة مختلفة جدا مع جهاز التليفزيونM ويتعh علي أن أراقب مشاهدةالطفلة الصغرى للتليفزيون على نحو أكثر صرامةM ألنها ستواصل اAشاهدةطوال الوقت إذا استطاعت. أما الطفلتان األكبر سنا فهما أكثر ميال لتنظيم

شؤونهما ذاتيا وكانتا دوما هكذا».ليس هناك خالف على أن بعض األطفال أكثر قابلية للتأثر بالتليفزيونمن اآلخرين. ونحن في حاجة إلى بحوث تستجلي بالضبط اAكونات النوعيةللشخصية التي قد توافق اجلاذبية العميقة للمشاهدة التليـفـزيـونـيـة الـتـييظهرها بعض األطفال. على أنه في الوقت الذي يستمتع فيه جميع األطفال

Page 237: Al Atfal wa al2dman

237

خارج السيطرة

�شاهدة التليفزيونM يبدو أن بعضهم يحتاج إلى التليفزيون أكثر من غيرهبكثير ويرغب في اAشاهدة بال انقطاع.

وتتعاظم اAشكالت األسرية بشأن السيطرة على التليفزيون نتيجة لوجودالطفل ذي القابلية للتأثر بالتليفزيونM وتتكرر على نحو موصول عبارة مثل«لوال ماري ما كانت لدينا متاعب كثيرة مع التليفزيون»M مع تغير األسماء مابh داني أو تومي أو آني أو أي من األطفال اآلخرين الذين يذكرهم اآلباء.ويبدو أن األسر التي تضم طفال أو طفـلـh أو أكـثـر لـديـهـا طـفـل مـن هـذاالنوعM وكثيرا ما يكون هذا الطفل هـو الـطـفـل الـذي يـدرك اآلبـاء أن لـديـهمشكالت أكثر بصفة عامة ـ الطفل اخلجول أو السلبيM أو العدوانيM الطفلالذي يعاني متاعب في التوافق مع األطفال اآلخرين. وليس من الصعب أننفهم Aاذا يشكل الطفل اAضطرب أو سريع التأثر ارتباطا أكثر عمقا �تعاAشاهدة التليفزيونية اAأمونة سهلة اإلشباع. وفي الوقت ذاتهM يبـدو ذلـكالطفلM في األسر ذات الطفل الواحدM أكثر ميال إلى حد بعيد لتنمية تلكالعالقة العميقة مع التليفزيون التي يتسم بها الطـفـل ذو الـقـابـلـيـة لـلـتـأثـر

بالتليفزيونM ر�ا ببساطة كإبدال لألقارب.Mلكن حتى لو كان أفراد األسرة اآلخرون فاتري احلماس نحو التليفزيونفإن وجود أحد اAغـرمـh بـالـتـلـيـفـزيـون فـي األسـرة كـاف خلـلـق مـشـكـالت

تليفزيونية خطيرة فمن الصعب كثيرا االنهماك في ضروب النشاط األسري وصون اAشاعراألسـريـة الـوطـيـدةM حـh يـفـضـل أحـد أفـراد األسـرة بـاسـتـمـرار مـشـاهـدةالتليفزيون. ففي حاالت كثيرة جدا يخضع الطفل سريع التأثر بالتليفزيونأفراد األسرة اآلخرين جملال تأثيره وينتهي احلال باجلـمـيـع إلـى مـشـاهـدةتليفزيونية تتجاوز ما قد يعتبره اآلباء مرغوبا فيه. ومع ذلـكM فـإن أطـفـالاألسرة اآلخرين يستمتعون فعال �شاهدة التليفزيونM وإن لم يكن بالكثافةنفسها كأقاربهم سريعي التأثرM وليس من الصعب عليهم أن يـتـحـولـوا عـنأنشطة أخرى إلى مشاهدة التليفزيـونM كـمـا قـد يـبـدو عـلـيـه حـال الـطـفـلاحملب للتليفزيون عند صرف انتباهه عن جهاز التليفزيون بواسطة البدائلاجلذابة اAتنوعة التي يقدمها اآلباء أو األطفال اآلخرون. ذلك أن جاذبـيـة

التليفزيونM كما يتضح قوية بأكثر �ا ينبغي.

Page 238: Al Atfal wa al2dman

238

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

(*)عبتزملة أعراض الطفل امل

يتضح حجم اعتماد اآلباء على التليفزيون وعجزهم عن السيطرة علىاAشاهدة التليفزيونية ألطفالهم في حادثة «زملة أعراض الـطـفـل اAـتـعـب»

.(٨)كما نقلتها صحيفة نيويورك تاeز قبل عدة سنواتفقد شعر أطباء األطفال في مستشفيh تابعh للقوات اجلوية باحليرةMصداع Mفقدان الشهية Mحلدوث زملة أعراض القلق ـ إرهاق متكرر باستمرارhطفال أحضرهم آباؤهم للتشخيص. وح hوتقيؤ ـ في مجموعة من ثالثاكتشف األطباء أن األطفال كانوا يقضون ما بh ثالث وست ساعات يومياMست وعشر ساعات في نهايات األسبوع hوما ب Mفي مشاهدة التليفزيونساورتهم شكوك في أن اإلفراط في اAشاهدة التليفزيونية قد يكون ذا صلة

بحالة األطفالM وأعطوا تعليمات لآلباء بإيقاف اAشاهدة <اما.كانت تأثيرات ذلك دراماتيكية لدى األطفال االثـنـي عـشـر الـذيـن اتـبـعآباؤهم التعليمات بدقة: لقـد اخـتـفـت األعـراض فـي غـضـون أسـبـوعـh أوثالثةM لكن آباء األطفال الثمانية اآلخرين عجزوا عن االلتزام بالتعـلـيـمـاتوسمحوا �ا يصل إلى ساعتh من اAشاهدة يومياM بالرغم من أوامر األطباءلهم بإيقاف اAشاهدة بالكامـل. ومـع ذلـكM فـإن هـؤالء األطـفـالM حـتـى مـنخالل التقليل اAهم Aشاهدتهم اليوميةM استطاعوا أن يتخلصوا من األعراض

في غضون ثالثة إلى ستة أسابيع.وكشفت متابعة الحقة عن موقف مفزع: فمن بh الستة والعشرين طفالالذين استمرت متابعة حاالتهـم عـدة أشـهـرM ظـل تـسـعـة فـقـط �ـنـأى عـنMhشاهدة. أما ما يتعلق بالبـاقـAلقيود ا hوكانوا جميعا خاضع Mاألعراضفقد رفعت القيود <اما عن ثالثة عشر طفال عانى أحد عشر منـهـم مـرةثانية من أعراض قاسيةM وسمح ألربعة آخرين �شاهـدة مـحـدودة وكـانـت

اضطراباتهم ضمن حدود معينة.إن من الصعب إثبات أن اAشاهدة التليفزيونية كـانـت الـسـبـب اAـبـاشـروراء أعراض «زملة الطفل اAتعب». فر�ا ساعدت ألوان النشاط اجلديدةالتي حلت محل التليفزيون في حياة هؤالء األطفال الذين قيدت مشاهدتهمـ زيادة اللعبM واحلديثM واجلريM والتصرف كاألطفال بعامة ـ على الشفاء.

(×)The “Tired-Child Syndrome”

Page 239: Al Atfal wa al2dman

239

خارج السيطرة

على أن ما تكشفه هذه احلادثة عن صعوبات اآلباء فيما يتصل بالسيطرةعلى التليفزيون بالغ األثر: فأكثر من ثلثي آباء األطفال اAعنيh عجزوا عنتقييد مشاهدة أطفالهم بنجاحM على الرغم من األوامـر الـصـادرة لـهـم مـنأطباء األطفال بعمل ذلكM وعلى الرغم من عودة األعراض اAرضية لألطفال

�جرد أن النت قلوب آبائهم.ونالحظ إشارة إضافية إلى استعباد التليفزيون لهـؤالء اآلبـاء فـي تـلـكاحلـقـيـقـة الــقــاســيــة: فــقــد وصــف األطــبــاء مــســكــن الــكــلــوربــرومــازيــن

Chlorprommazineساعدتهم في أثناء األيامA عالجا لبعض األطفال Mالقوي األولى من اAعاجلة. وقد التمس عدد من اآلباء الذين وجـدوا صـعـوبـة فـيhمـفـضـلـ Mتقييد مشاهدة أطفالهم التليفزيونية تسكينا إضافيا ألطفالهـم

ذلك البديل على عناء احلياة من غير تليفزيون.

مدمنون مجهولونكما أن اخلطوة األولى في عالج إدمان الكحوليات تبدأ بـجـعـل اAـدمـنيواجه حقيقة أن لديه مشكلة مع الشرابM فكذلك بالضبط ال بد أن تكوناخلطوة األولى في مداواة إدمان التليفزيون هـي االعـتـراف الـواسـع بـأنـهـاحقا مشكلة. ور�ا يحتاج األمر إلى منظمة جديـدة الـيـوم مـن أجـل تـنـبـيـهالرأي العام إلى وجود إدمان التليفزيـون وطـبـيـعـة هـذا اإلدمـان ومـسـاعـدة

األسر في نضالها للسيطرة عليه.)M التيACTوعلى خالف جماعة «العمل من أجل تليفزيون األطـفـال» (

تركزت جهودها على حتسh البرامج على شاشة التليفزيونM فإن اAنظمـةاجلديدة ينبغي أن تركز على مشـكـالت اإلدمـان الـتـلـيـفـزيـونـي بـh الـكـبـارباإلضافة إلى اAشاهدين الصغار. ولعل اAنظمة اجلديدة إذ تـشـجـع اآلبـاءعلى معاجلة مشكلة االعتماد على التليفزيونM فيما يتعلق بأطفالهـم وبـهـمأيضاM تستطيع في الوقت نفسه تشجيع إحياء ألوان النشاط األسري الذييخصص Aلء الفراغ الناجم عن غياب التليفزيونM مثل ألوان التسلية التـيطال افتقادها كالقراءةM ورواية احلكايـاتM والـغـنـاء الـعـائـلـي. ور�ـا eـكـناستكشاف الوسائل التي جتعل وقت عشاء األسرة حدثا أكثـر مـتـعـةM ومـناAمكن تشجيع فن احلديثM فمن شأن ذلك أن يعزز أوجه النشاط اAتمركزة

Page 240: Al Atfal wa al2dman

240

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

حول الناس بدال من تلك اAتمركزة حول اجلهاز.على أن أبرز أدوار هذه اAنظمة قيمةM من ناحية ثانيةM قد يكون مساعدةآباء األطفال الصغار على فهم طبيعة التجربة التليفزيونية والتأثيرات احملتملةللمشاهدة التليفزيونية اAنتظمة في أطفالهم. فلو صـار هـؤالء اآلبـاء أكـثـروعيا ببعض العواقب احملتملة على �ـو األطـفـال بـسـبـب طـفـولـة خـاضـعـةلـسـيـطـرة الـتـلـيـفـزيـون ـ �ـوهـم الـلـفـظـيM مـثـالM حـالـة االعـتـمـاد أو حـالـةاالستقالليةM حساسيتهمM القدرة القرائيةM وفي النهاية إنتاجهـم كـأعـضـاءـ ولو بدأ هؤالء اآلباء التفكير في دور التليفزيون بالغh منتجh في اجملتمع في حياة أطفالهم وفي حياتهم معا كأسرةM بصرف النظر عن الطابع سريعالزوال Aا يحدث على الشاشة ـ فحينئذ فقط يستطيع اآلباء التفكير فيمـا

ينبغي عمله في هذا الصدد.

Page 241: Al Atfal wa al2dman

241

السيطرة على التليفزيون

السيطرة على التليفزيون

ينشـغـل بـعـض اآلبـاء فـي صـراع مـتـواصـلM واليحالفهم النجاح عموماM للسيطرة على التليفزيون.ويجد آخرون أن من الصعوبة �كان أن يحافـظـواعلى حياة أسرية خصبة ومتنوعة اخلـصـائـص مـعوجود جهاز التليفزيون في البيتM ويفضلون العيش

من دونه على وجه اإلجمال.لكن عددا من األسر ينجح في التعايش في هدوءنسبي مع جهـاز الـتـلـيـفـزيـونM ويـعـانـي الـقـلـيـل مـنمشكالت السيطرة التي يبدو أنها تزعج معظم اآلباء

.hواألمهات األمريكيفكيف ينـجـح هـؤالء اآلبـاء عـلـى حـh يـتـخـبـطكثيرون آخرون ويخفقون? يكمن النجاح أحيانا فيMمقدرتهم على التشدد فيما يـتـصـل بـالـتـلـيـفـزيـونووضع قواعد صارمة غير قابلة لـلـتـفـاوض بـشـأناAشاهدةM وفي حاالت أخرى يجد اآلباء اAساعدة

في أشكال «طبيعية» معينة من السيطرة.

قواعد صارمةإن صعوبات السيطرة على اAشاهدة التليفزيونيةMلألطفال ـ اإلغراءات القوية للتجربة التليفزيونيـةالسلطة اAتناقصة لألسرةM قلة الدعم من اAدارس

16

Page 242: Al Atfal wa al2dman

242

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

واAؤسسات األخرىM ضغوط الرفقاء ـ كل هذا يتحالف لكي يستنزف ثـقـةMاآلباء ويجعل من الصعب عليهم حرمان أطفالهم من مسرات التلـيـفـزيـونووضع قواعد صارمة والتمسك بها. لكن بعض اآلباء ينجحون في استجماع

قواهم على احلزم ويتوقف التليفزيون بالتالي عن أن يكون مشكلة.محلل نفسي متخصص في األطفال ال ينصح اآلباء بأي شكل من األشكالفيما يتصل �شاكلهم التليفزيونيةM إeانا منه بأن عليهم في النهاية تربيةM واهبهم وقدراتهم اخلاصة». ويذكر هذا احمللل النفسيA أطفالهم «طبقاMوهو أب ألربعة أطفال وال توجد لديه مشاكل تليفزيونية في داخل أسرتـهأنهم نادرا ما يشاهدون التليفزيون. ويضيف: «أطفالنا فاترو النشاط فيمايتعلق بالتليفزيون ونحن ال نحاول أن نثنيهم عن اAشاهدة التليفزيونيةM بل

نغلق اجلهاز ببساطة ونقول لهم إن هناك أشياء أفضل eكن عملها».ويحل عدد من األسر مشاكل السيطرة على التليفزيون �نع التليفزيونخالل أيام األسبوع الدراسيةM وهي قاعدة يـتـم قـبـولـهـا كـجـزء مـن احلـيـاةاألسرية إلى درجة أنهم يعيشون فعليا خمسة أيام خالية من التليفزيون كلأسبوعM مستمتعh على مهلM بوجبات الطعام اAمتلئة باألحاديـث وطـريـقـةحياة تسيطر عليها حاجاتهم اإلنسانية اخلاصة. ويؤدي األطفال واجباتهماAدرسية بغير ضغوط من البرامج التليفزيونية التي جتعلهم يسرعون لالنتهاءمنها. وفي نهايات األسبوع يستمتعون بالتليفزيون كغيرهم من األسرM ولكنمن دون ذلك القلق اAوجع الذي يدمر بالتدريج حياتهم األسرية وعالقاتهم

العائلية.ليس هناك إحصائيات متاحة تبh عدد األسر التي تغلق التليفزيون فيأيام اAدرسةM لكن من اAثير أن نالحظ أن نائب الرئيس السابق اAسؤول عن

M قال في مقابلة صحفية إنه «لمCBSبرامج األطفال لدى شبكة تليفزيـون يكن يسمح ألطفاله خالل فترة �وهم �شاهدة البرامج في أيام الدراسة...

.(١)وكان يتعh عليهم االهتمام بأمور أكثر حيوية من الناحية الفكرية»على أن أسرا أخرى تضع حدا زمنيا يوميا صارما ال يزيد على سـاعـةفي اليوم على اAشاهدة التليفزيونـيـة ألطـفـالـهـاM ويـؤدي ذلـك إلـى إنـقـاصالطابع التليفزيوني حلياة األسرة بدرجة كبيرةM ولو أن ذلك ليس له التأثيرنفسه للفسحة احلقيقية من التليفزيون. وأحيانا يقنع األطفال آباءهم بوضع

Page 243: Al Atfal wa al2dman

243

السيطرة على التليفزيون

حد زمني يتجاوز الساعة في اليوم. والواقع أن بعض األسر تشعر بأنها قدأكدت صرامة األهل الصحيحة بتقييد اAشاهدة التليفزيونية ألطفالها �ايصل إلى ثالث ساعات يوميا. وقد يكون نظـام الـسـاعـات الـثـالثM إذا مـاقورن باAشاهدة التليفزيونية Aدة سبع ساعات يومـيـاM نـوعـا مـن الـتـحـسـنبالنسبة للطفل; لكن مثل هذا التحديد اAتساهل ال يشكل فرقا كـافـيـا فـيأسلوب حياة األسرة ـ فالتليفزيون وحديث التليفزيون وخطط التـلـيـفـزيـونتظل مسيطرة. وتصف أم حددت اAشاهدة التليفزيونية اليومية ألطـفـالـهـا

بساعتh استمرار ضيقها بتأثيرات التليفزيون في حياتها األسرية:«إن ما يقلقني بشدة ليس مسألة السيطرة على التليفزيونM ألننا وضعنابعض القواعد التي يتعh على األطفال مراعاتهاM لكن ما ال أستطيع منعهممن عمله هو احلديث عن التليفزيون. أود لو استطعت أن أعيد على مسامعكمحادثة عادية �ا يدور على مائدة العشاءM فاألطفال ال يتكلمون عن شيءسوى ما جرى في هذا البرنامج أو ذاكM من فعل هذا وAن? من قال وماذاقال? وما حدث بعد ذلك? وفي بعض األحـيـان نـقـول لـهـمM زوجـي وأنـاM أنيكفوا عن ذلكM فنحن ال نريد سماع اAزيد عن برامج التليفزيون. ونسألهمماذا حدث في اAدرسة اليوم? وهكذا نحصل على فاصـل إضـافـي قـصـيـريخبروننا فيه بسرعة عن اAدرسة ثم يعودون مباشرة إلى التليفزيونM وإلى

اAمثل الذي لعب دور كذا... وهكذا دواليك».وهناك أسرة أخرى (تخلصت أخيرا من جهاز التليفزيون لديها نهائيا)عاجلت مشكلة �اثلة �حاولة وضع قواعد بشأن األحاديث األسرية بدال

من وضع قيود على اAشاهدة التليفزيونية:Mكانت غالبية األحاديث أثناء وقت عشاء ألكسندر لها عالقة بالتليفزيونفهو إما أن يردد أغاني مقفاة من اإلعالنات أو يروي حوادث من البـرامـج

ا فعله أحد سكان الكهوف لساكن آخر وما إلى ذلك ـ إلى درجةبإسهاب عمMالئمةAالئمة وغير اAوضوعات األحاديث اA أننا حاولنا وضع نظام تصنيفوقد أطلقنا على اAوضوعات اAالئمة صنـف «أ. ع» ـ أحـاديـث عـامـة. وبـالريبM لم يكن احلديث عن التلـيـفـزيـون مـن صـنـف «أ. ع». وقـد بـدأت هـذاالنظام بعد أن ساورني شعور كئيب بأننا لم نحصل أبدا على فرصة حقيقيةليتحدث أحدنا إلى اآلخرM ونعرف فيما كنا نفكـرM أو نـشـعـر ـ أو مـاذا كـنـا

Page 244: Al Atfal wa al2dman

244

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

ننوي عمله . كانت األحاديث مجرد امتداد للمشاهدة التليفزيونية.hوتتضاعف مشكالت السيطرة عند بعض األسر بسبب عدم االتفاق ب

اآلباء أنفسهم بشأن احلاجة إلى السيطرة على التليفزيون.يصف أب لديه طفل في اخلامسة موقفا من هذا النوع:

«نحن نحدد وقت اAشاهدة التليفزيونية لبيتـر بـسـاعـة يـومـيـاM واألمـورتسير على ما يرام اآلنM غير أننا كنا قد تـعـودنـا عـلـى الـدخـول فـي أفـظـعاAشاجرات مع بيتر بشأن التليفزيونM وقد عانينا الكثير من اAتاعب بسببقول «ال» فيما يتعلق بالتليفزيونM ألنه كان يـغـمـى عـلـيـه حـقـيـقـةM فـي ثـورةغضب تامةM وكان يخيفناM أو يخيفني أنا على األقلM ولم أكن في احلقيقةأسيء الظن بالتليفزيون إلى هـذا احلـدM ولـم أكـن أظـن أن األمـر يـسـتـحـقالنزاعM مادام هو يريد اAشاهدة بهذه الدرجة اAلحة. لكن التليفزيون حاليايظل مغلقا حتى لو أغمي عليه. التليفزيون ساعة واحدة يـومـيـاM هـذه هـيالقاعدةM ونحن نتمسك بها. وبالفعل لم يعد من اAزعج أن يغمى عليهM فهويعرف أن القاعدة موجودة. لكن إرساء تلك القـاعـدة احـتـاج مـنـا إلـى عـدةسنوات ـ (يضحك) عدة سنوات لزوجتي ولي لنتفق �ا يكفـي عـلـى إرسـاءتلك القاعدة. و�جرد أن استقرتM أدرك بيتر ذلك بسرعةM غير أنه عندماكنت وزوجتي غير متفقh <اما بشأن التليفزيونM كان يدرك في احلال أنالفرصة سانحة AضايقتناM ودق إسفh بيننا. كـمـا كـان يـدرك أن بـإمـكـانـه

بسهولة أن يجعلنا ننشغل باAسألة التليفزيونية برمتها».وتعلق إحدى األمهات: «أحاول أن أجعل أطفالي يتخلون عن هذه العادةلكن ذلك صعب للغايةM فهم يريدون أن يشاهـدوا هـذا وأن يـشـاهـدوا ذاكوبعد ذلك هناك جميع اAواد والفقرات اخلاصة التي عليهم مشاهدتهاM ألنأصدقاءهم سيفعلون ذلك. وأنا أحاول أن أكون حازمةM لكن أباهم ال ينفرإلى هذا احلد مثلي من هذا احلضور التليفزيـونـي الـطـاغـيM ولـذلـك فـهـو

يوافق على ما يريدون».

التلقني ضد التليفزيونMفي أثناء كفاحهم من أجل السيطرة على التليفزيون Mيكتشف بعض اآلباءأن مواقفهم السلبية اخلاصة نحو التليفزيون eكن أن تفيد في تقليل شغف

Page 245: Al Atfal wa al2dman

245

السيطرة على التليفزيون

أطفالهم به. والواقع أن إحساس اآلباء اAتـسـاهـلـh عـادة بـأنـهـم أوضـحـوامشاعرهم بطريقة مقنعة كـثـيـرا مـا يـشـجـعـهـم عـلـى فـرض قـواعـد بـشـأن

التليفزيون.تقول أم لديها طفالن صغيران «كنت أعبر للطفـلـh عـن شـعـوري نـحـوالتليفزيون طوال فترة طويلةM وأظن أنني قد قمت بتلقينهما ما أردته. إننيأشرح لهما كيف أن العمل أفـضـل مـن مـجـرد اAـشـاهـدة. وحـh نـكـون فـيمخزن بيع اللعب أشير إلى لعب معينة وأصفها بأنها لعب تليفزيونيةM لعب<لؤها فتعمل بينما أنت جتلس بعيداM وأحط في احلقيقة من قيـمـة ذلـكMكن لك أن تؤثر فيها بطريقة ماe النوع من اللعب. ويدور احلديث عن لعبمثل احلبال واخليوط والكرات. لعب eكنك عمل شيء لهاM فتصبح اللعبةأي شيء تختاره أنت. وهما يفهمان ما أشعر بهM وبينما تشكل اللعب الـتـيتدار يدويا بالنابض واللعب التليفزيونية مغريات لهماM كما تفعل غالبا ضروبالتسلية السلبية (وال شك في أنهما يشاهدانها بh حh وآخـر) إال أن مـن

الواضح أن قدرا من اAقاومة �ا لديهماM ضد هذه اللعب».ويصف أب لطفل في السادسة من عمره حادثة أثبتت فائدتها في حل

مشكلة تليفزيونية:في إحدى اللحظات شعر ولدنا بحزن شديـد عـقـب مـشـاهـدة بـرنـامـجمغامرات معي قائال إن هناك شيئا أراد أن يخبرني عنه في أثناء البرنامجلكنه لم يفعل ألنه خشي أن يفوته شيء من البرنامج. قلت لـه «انـظـر مـاذايفعل التليفـزيـون بـك? أردت أن تـتـحـدث إلـي عـن شـيء مـهـم ولـم يـتـح لـكالتليفزيون ذلك. إنه يبعد كال منا عن اآلخرM على األقل إلى حد ما. نحـنأسرة ونريد أن يتحدث أحدنا إلى اآلخرM لكن التليفزيون eنعنا من احلديث».حقيقة لقد فهم ذلك جيداM صدق أو ال تصدقM فلم يعد يبدو شديد اللهفةعلى اAشاهدة. إن عالقاتنا األسرية مفعمة باجلدية واالحترام بالنسبة لناوألطفالنا. لقد أردت فحسب أن أصور له اAسألة على هذا النحو وجنحت

احملاولة.hشاهـدة ألطـفـالـهـا بـسـاعـتـAوتروي أم من دنفر قامت بتحديد وقت ا

أسبوعياM في نهايات األسبوع فقط:هناك فرق كبير في شعور أطفالي نحو التليـفـزيـونM فـلـم يـعـد اجلـهـاز

Page 246: Al Atfal wa al2dman

246

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

يشكل بالنسبة لهم اجلانب األساسي في حياتهمM وهم يستطيعون أن يقرروابأنفسهم ما يريدون بشأنهM لكنهم يالحظون أن األطفال اآلخرين يشاهدونالكثير من برامج التليفزيون وينظرون بازدراء لألطفال الذين يعتمدون علىالتليفزيون. شيء من جاذبية التكبر اAصطنع! إنهم يدركون أن على األطفالاآلخرين أن يعتمدوا على التليفزيون لتسليتهم بينما هم ليسوا مـضـطـريـنلذلك. و�ا ال شك فيه أننا حتدثنا إليهم بجدية عن ذلكM وهم يـفـخـرون

بأنهم يستطيعون اجللوس وتسلية أنفسهم بالفعل إلى حد كبير.وينصح أحد الكتاب اآلباء بعدم تعـريـض الـتـلـيـفـزيـون «لـالنـتـقـاد»M ألناألطفال «إذا الحظوا بعد ذلك أن أمهم وأباهم يشاهدان التليفزيونM فسوف

. و�ا ال شك فيه أن من السهل أكثر السيطرة(٢)يفقدون احترامهم لهما»على مشاهدة األطفال التليفزيونية إذا كان اآلباء ال يقضون وقتا طويال فيمشاهدة التليفزيون أثناء أوقات يقـظـة األطـفـال. ومـع ذلـك فـلـيـس هـنـاكسبب يلزم األبوين اللذين يضعان قواعد صارمة بشأن وقت مشاهدة أطفالهماللتليفزيون �شاهدة البرامج التي يريدان مشاهدتـهـا خـلـسـة. فـحـيـاتـهـمـااخلاصةM برغم كل شيء تختلف في جوانب كثيرة عن حياة أطفالهما الصغار;فهما يعمالنM ولديهما مسؤوليات الكبارM وهما ينشغالن في عدد من أنشطةالكبار التي ال يجدان داعيا إلدخال األطفال فيها. إن اAشاهدة التليفزيونية

ليست سوى لون واحد من ألوان نشاط الكبار.

سيطرة طبيعيةهناك طرق «طبيعية» للسيطرة على التليفزيون ال تتطلب االنضباط أوأي تغيير واسع في أسلوب تنشئة الطفلM وذلك من أجل اآلباء الذين يفتقرونMإلى رصيد القوة الالزمة لوضع القواعد وااللتـزام بـهـا بـرغـم مـن الـتـمـلـقوالنحيبM واالستعطافM أو صرخات الغضب األشد أAا من كل ما سبق «أناMأكرهك». وتتعلق هذه الطرق بعوامل طبيعية تتصل بالصوت ووضع اجلهازواستعمال وسائل السيطرة على اجلهاز ذاته باإلضافة إلى الوضع االجتماعيالطبيعي للحياة األسرية اليومية. وكثيرا ما تتيح عوامل كهذه لآلباء الذينال يستطيعون قول «ال» باألسلوب القدt أو ر�ا غير الدeوقراطيM العيش

في هدوء نسبي مع أجهزتهم التليفزيونية.

Page 247: Al Atfal wa al2dman

247

السيطرة على التليفزيون

حساسية الوالدينكثيرا ما تعمل حساسية الوالدين للصوت كقيد طبيعي. فقد أشار عدد

من األمهات واآلباء إلى احلساسية كعامل للسيطرة على التليفزيون:«ال أستطيع بأي شكل حتمل صوتهM وبخاصة الصوت اجلنوني للرسوماAتحركة وألعاب الكرةM وهو ما يدفعني نحو اجلنون وأمضي فأغلق اجلهاز».«أنا شديد احلساسية لألصوات ويزعـجـنـي الـضـجـيـج أeـا إزعـاج والMوضوع في ذلك الركنAتواصل من هذا اجلهاز اAكنني أن أطيق احلديث اeإضافة إلى اجللبة العامةM ور�ا كان ذلك هو السبب الوحيد لتشددي فيما

يتعلق بالتليفزيون ألني غير متشدد بشأن أي شيء آخر».«حh نستمع إلى التليفزيونM يكون صوته أكثـر انـخـفـاضـا مـنـه فـي أيمكان آخر أعرفه. لكن األطفال اآلخرين الذين يـأتـون إلـى بـيـتـنـا يـرفـعـونMوأنا ال أحتمل ذلك. غير أنني بسبب عدم حتملي للضوضاء Mدرجة الصوتال أظن أن األطفال سيتأثرون إلى حد اخلدر حh يعمل التليفزيون بهـدوء

شديدM وال يبدو أنه سيؤثر في عقولهم بدرجة كبيرة».

اجلهاز نفسهMمن حيث حالته ومكانه في البيت Mكثيرا ما يكون جهاز التليفزيون نفسه

�نزلة قيد طبيعي على اAشاهدة األسرية.يقول طفل في الثامنة من عمره ال يشاهد التليفزيون إال Aاما: «ال أحبMألن لدينا جهازا مريعا في حالة تشوش مستمر Mمشاهدة التليفزيون كثيرافإما أن يكون الصوت رديئا أو الصورة سيئة أو كالهماM واألسوأ أن تـكـون

الصورة أحيانا مزدوجةM كما أن جهاز جدتي رديء جدا».وتتخذ بعض األسر عن عمد قرارا بالعيش مع جهاز تليفزيوني متواضع.يروي معلم إجنليزي لديه طفالن صغيران: «لقد ورثـنـا جـهـازا قـدeـا.كان االستقبال شنيعا وفكرت زوجتي في إمكان إصـالحـهM أو شـراء جـهـازأفضلM لكنني أقنعتها باالحتفاظ باجلـهـاز الـقـدt. كـنـا ال نـزال نـسـتـطـيـعمشاهدة برنامج من البرامج إذا شئناM لكن ذلك لم يكن سهل اAنال. وأهمما في اAسألة أن ذلك جعل التجربة بكاملها أقل إغراء لنـاM وكـان هـذا مـانحتاج إليه. لقد كنا جميعا �يل إلى كثرة اAشاهدة عند تيسر جهاز جيد».

Page 248: Al Atfal wa al2dman

248

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

وتضع الكثير من األسر مشكلة السيطرة على اجلهاز وتأثيرات التليفزيونفي وحدة األسرة في االعتبار عندما تفكر في اAكان الذي يوضع فيه جهاز

التليفزيون:لقد وضعنا اجلهاز في حجرة اجللوس ألننا نشعر بأن ذلك يقلل احتمالالتباعد األسريM كما يساعد ذلك في تقليل اAشاهدة بـالـنـسـبـة لـألطـفـالألنهم ال يستطيعون اAشاهدة أثناء وجود ضيـوف لـديـنـا. وهـو أمـر يـنـبـغـيمراعاتهM وهم يتقبلون ذلك بـدال مـن أن نـحـاول وضـع قـواعـد بـشـأن مـتـى

eكنهم اAشاهدة ومتى ال eكنهم.و<ضي بعض األسر أبعد من ذلك في جهودها من أجل إيجاد طريقة

لتحجيم اAشاهدة التليفزيونية لألطفال:تعودنا أن نضع جهاز التليفزيون في غرفة اجللوس بالدور العلويM غيرأن ذلك جعله سهل اAنال ومغريا للغاية. وظهرت لدينا صنوف اAشاكل كافةبسبب ذلكM وشعرنا بأن األطفال ـ وأننا جميعاM في الواقع ـ أصبحنا نشاهدالتليفزيون أكثر �ا ينبغي. ولم نشأ التخلص من اجلهاز <اماM فوضعـنـاهفي البدرومM وهو مكان متهدم وشبه كئيبM وليس اAكان الذي تـريـده لـكـي

تضطجع وتشاهد التليفزيون طوال اAساء.واتخذت أسرة أخرى قرارا �اثال:

نحن نحتفظ بجهاز التليفزيون في البدروم إلبعاده عن الطريقM واجلهازموجود هناك ألننا ال نحب احلديث عن التليفزيونM كما يحدث فـي بـيـوتأصدقائناM وال نود صرف انتباه اآلخرين وتشتيت مجرى احلديث. كما أنMجرد الدخول إلى البيت�وضع اجلهاز في البدروم يقلل من إغراء تشغيله

ويتعh عليك أن تقوم برحلة خاصة إلى أسفل كي تشاهد شيئا ما.Mhبدأ «البـعـيـد عـن الـعـ�وتذهب بعض األسر بعيداM في إطار العمل بعيد عن القلب» إلى حد وضع جهاز التليفزيون اخلاص بها في خزانة بعدكل استعمال. ويضمن اجملهود الذي تبـذلـه األسـرة كـلـمـا أرادت اAـشـاهـدةقدرا من االنتقائيةM كما eنع األطفال بصورة فعالة من اإلفراط في االستمتاعبالتليفزيون حh يكون اآلباء خارج البيتM حتى إن جتشمت جليسات األطفالأحيانا عناء إحضار اجلهاز من اخلزانة Aشاهدة برامجهن اخلاصة. وهناك

طريقة تستخدمها هذه األسرة النيويوركية أقل حسما إال أنها فعالة:

Page 249: Al Atfal wa al2dman

249

السيطرة على التليفزيون

إن إحدى الوسائل التي تساعدنا على عدم زيادة مشاهدة التـلـيـفـزيـونامتالكنا جهازا تليفزيونيا صغيرا باللونh األبيض واألسود وهو جهاز غيرثابتM إذ ينبغي وضعه في أحد األركان على منضدة خصـيـصـا حـتـى تـتـاحاAشاهدة وهو ما يجعله في مكان غير مالئم. وقد الحظت في بعض اAنازلأنهم يضعون جهاز التليفزيون في مكان مركزي إلى حـد أنـك ال تـسـتـطـيـععمليا أن تفعل شيئا آخر سوى اAشاهدة حh يكون اجلهاز مفتوحا. غير أنهMا كان اجلهاز الذي لدينا صغيرا وعليك أن تعاني متاعب جمة قبل وضعهA

فإننا �يل إلى استعماله فقط في اAناسبات اخلاصة.Mثال العكسي للسيطرة الطبيعية فهو نزع السيطرة على نحو طبيعيAأما اوهو ما يحدث حh يوضع جهاز التليـفـزيـون فـي غـرفـة الـطـفـل اخلـاصـة.

ويقول مدير إحدى اAدارس االبتدائية:أحيانا يذكر اآلباء في أثناء أحد اAؤ<رات أن لدى األطفال جهازا فيغرفتهم اخلاصة. وأقول: «بالله عليكمA Mاذا تـلـجـأون إلـى إعـطـاء طـفـلـكـمجهازا تليفزيونيا خاصا به? إن ذلك يـنـزع الـسـيـطـرة عـن اAـوقـف <ـامـا».ودائما يجيبون : «حسناM نحن ال نريد أن نضطر لالستماع إلى بـرامـجـهـمفي حجرة اجللوس». لكنهم حh ال يستمعون إلى البرامجM يتوقفون كلية عن

محاولة تقليص اAشاهدة التليفزيونية.

وسائل السيطرةأصبح في متناول اآلباء خالل السنوات األخيرة حل آخر للسيطرة علىالتليفزيون وجتنب صعوبات احلاجة إلى تأكيد سلطتهم مباشرة ومطـالـبـةاألطفال بإغالق اجلهاز. وهذا احلل هو الصناديق ذات القفل وغيرها منوسائل السيطرة. وeكن استخدام هذه اآلليات اإللكترونية بتوصيلها بجهازالتليفزيونM لبرمجة عدد محدد من البرامج التليفزيونيةM وبعدهـا يـتـوقـفاجلهاز عن العمل. وeكن أيضا برمجتها Aنع قنوات معينة بصورة انتقائية(مثل قنوات الكيبل التي تبث مواد جنسية مكشوفة)M وحتى Aنع األطفال من

استعمال اجلهاز في ألعاب الفيديو.غير أنه خالفا لألسالـيـب اAـاديـة األخـرى لـلـسـيـطـرة الـطـبـيـعـيـة عـلـىالتليفزيونM مثل وضع اجلهاز في مكان غير مالئمM أو السماح بتلف اجلهاز

Page 250: Al Atfal wa al2dman

250

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

إلى حد يجعله شيئا مشوشاM ضبابياM خاليا من اجلاذبيةM فقد يكون هناكشيء معاد للروح الدeقراطية األمريكية فيما يتعلق بالصندوق ذي القـفـل

الذي يحجم تأثيره.ذلك أن بعض اآلباء باستعمال وسائل السيطرة يشيعون جـوا مـن عـدمالثقة مع أطفالهمM مظهرين لهم بكل وضوح أنهم ال يصدقون أنهم سيتبعونالقواعد األسرية اخلاصة بالتليفزيون ما لم يغـلـق اجلـهـاز. وهـكـذا تـشـرحإحدى األمهات كيف كان لديهم صندوق ذو قفل طوال سنة تقريبا إال أنهميعتزمون إرجاعه حاليا. «الصندوق ذو القفل عندنا لكننا ال نستعملهM فاAفتاحموجود في اجلهاز فحسب». وبخالف األشكال األخرى للسيطرة التي تبدوال مناص منها وطبيعية بطريقة أو بأخرى (وإن كانت توضع عن عمـد فـيأغلب األحيان ـ اجلهاز في القبو العفن أو اجلهاز رديء االسـتـقـبـال)M فـإنالصندوق ذا القفل يبدو عالمة بـالـغـة الـوضـوح عـلـى ضـعـف اآلبـاء الـذيـنيلجأون إليه. لقد قرر صاحب مصنع ألجهزة التليفزيون عدم تسويـق هـذا

النوع من اAنتجات مع أجهزته التليفزيونية وكما صرح متحدث باسم صاحب اAصنع «فإنه لتعليق محزن نوعا ماعلى مجتمعنا إذا اضطر اآلباء لالعتماد على وسائل إلـكـتـرونـيـة مـن أجـل

. ور�ا لهذا السبب اخـتـارت قـلـة مـن(٣)السيطرة على برمجـة الـشـبـكـات»اآلباء الصندوق ذا القفل كطريقة سهلة للسيطرة.

كم عدد األجهزة؟يشكل عدد األجهزة التي <تلكها األسرة فرقا كبيرا فيما يتعلق بكيفيةسيطرة اآلباء جيدا على مشاهدة أطفالهم. فقد الحظ الباحثونM في دراسةMشاهدة التليفزيونيةAؤثرة في سيطرة اآلباء على اAجيدة التصميم للعوامل ا

ل «اAتغير األسري احلاسم» الذيأن عدد أجهزة التليفزيون في بيت ما مثيتكهن بإمكان جناح اآلباء في السيطرة على التليفزيون.

واكتشف الباحثون أنه كلما زادت األجـهـزةM حـقـق اآلبـاء سـيـطـرة أقـل.Mوأثبت عدد األجهزة أنه أكثر أهمية كمؤشر على مشكلة السيطرة األسريةمن مستوى تعليم األسرةM أو دخلهاM أو عاداتها التليفزيونية اخلاصة. وخلصأصحاب الدراسة إلى أن «أسهل طريقة لآلباء الذين يودون إظهار اAزيد من

Page 251: Al Atfal wa al2dman

251

السيطرة على التليفزيون

السيطرة على عادات أطفالـهـم الـتـلـيـفـزيـونـيـةM هـي إهـمـال إصـالح جـهـاز.(٤)التليفزيون في اAرة القادمة التي يتعطل فيها اجلهاز»

اقتراح متواضع�ا ال ريب فيه أن أبسط شكل للسيطرة الطبيعيةM وهو الشكل اAوجودحتى اليوم في عدد من البلدان األجنبيةM هو عدم بث برامج تليفزيونية علىMاإلطالق في أثناء بعض أو غالبية الساعات التي يكون فيها األطفال أيقاظا

وبالتالي تخليص اآلباء من إغراء «ربط أطفالهم به».وeكن رؤية إحدى عالمات العجز الذي يشعر به كثير من اآلبـاء جتـاه

التاريخيـةBrian’s MotherMالسيطرة على التليفزيون في حالـة «أم بـرايـان» . فعلى الرغم مـن(٥)كما ظهرت في مقالة صحفية عن تليـفـزيـون األطـفـال

تصميمها الشديد على تقييد اAشاهدة التليفزيونية لطفلها الـذي لـم يـكـنقد دخل اAدرسة بعدM فقد وجدت هذه األم نفسها تفتح اجلهاز Aـشـاهـدة«شارع السمسم» بدافع اليأس حينما أصاب اAرض أذن برايان Aدة أسبوع.وشيئا فشيئاM سمحت األم البنها بزيادة اAشاهدة لـ «مستر روجرز» و«الشركةالكهربائية»M وأخيراM وفي استسالم تامM للرسوم اAتحركة على شاشة تليفزيوناإلعالنات التجارية. وحتى بعد أن بدأ برايان يعاني من كوابيس «الوحوشاAروعة» التي بدا أنها تخرج من برامج تليفزيونية معينةM لم جتد أمه نفسها

قادرة على تسيير احلياة دون تشغيل جهاز التليفزيون لطفلها.FCC Federalوحh علمت أم برايان أن اللجنة الفيدرالية لوسائل االتصال

Communications Commissionبدأت مداوالت عامة لتـحـديـد مـا إذا كـانـت Mهناك برامج عمرية نوعية كافية لألطفال على شاشة التليفزيونM طرحـت

الساخرة بالضبط. فقدSwiftعلى اللجنة اقتراحا له طابع كتابات سويفت أعلنت أن هناك بالفعل الكثير من البرامج العمرية النوعية لـألطـفـال اآلنعلى شاشة التليفزيونM وأن اإلسهام األكثر فائدة الذي eكن أن تقدمه الـ

FCCلشباب أمريكا هو ببساطة عدم بث أي شيء عن طريق الـتـلـيـفـزيـون فيما بh السادسة صباحا والسابعة والنصف مساء. ومن نافلة القـول إنـهليس من احملتمل أن يصبح هذا الشكل من أشكال السيطرة الطبيعية حقيقة

واقعة.

Page 252: Al Atfal wa al2dman

252

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

حياة اجتماعية خصبةمن اAمكن أيضا أن تشكل احلياة االجتماعية اخلصبة قيدا طبيعيا علىاAشاهدة التليفزيونية لألطفال. فقد شعرت أسرة لديهـا طـفـالن فـي سـنالعاشرة والثامنة وتعيش في شقة فسيحة في نيويورك بأن جهاز التليفزيونقلما يستعمل على الرغم من اAوقف اAتساهل نحوه. ويشعر الولدان بذلكلوجود عدد إضافي من األطفال باستمرار في الـبـيـتM بـصـورة مـؤقـتـةM أو

شبه دائمة.Mوتروي األم: «أنا شديدة االهتمام بتنظيم حياة األطـفـال االجـتـمـاعـيـةلكن هناك دائما قدرا هائال من النشاط في البيتM وعادة ما يعيش مـعـنـاطفل أو طفالن أكبر سناM وبنات لصديقات يعشن خارج اAدينة. كـمـا أنـنـانعيش على الطريق إلى مدرسة لوسي الـتـي حتـضـر مـعـهـا صـديـقـات إلـىالبيت بصورة تكاد تكون دائمةM وأحيانا يصل عددهن إلى عـشـر فـي اAـرة�ـا أن مـدرسـتـه hالواحدة! وعادة ما يحضر جيرمي معه إلى البيت طفلMوهو طفل وحيد Mأيضا. لكن له صديقا يعيش معنا في الدور األعلى Mقريبة

.«hسألتAا hا تكون هناك صلة ب�يشاهد التليفزيون بكثرة. ورويتفق أحد األطباء النفسيh مع الرأي القائل إن مشـكـلـة الـتـلـيـفـزيـون

تعتمد على ظروف األسرة االجتماعية:«ترتبط مشكلة التليفزيون باألسر الصغيرة. فتسلية األطفـال الـصـغـارتصبح سهلة <اما في حالة وجود أربعة أو خمسة أطفال من أعمار مختلفةطوال الوقت يسلي بعضهم بعضا. أما فكرة األم التي تسلي طفال صغـيـرا

فهي فكرة مخبولة بكاملهاM ولم تظهر أبدا قبل عام ١٩٠٠».وتناقش اختصاصية في عالج األطفال حاجتها اخلاصة إلى أسرة �تدة

وتربط مثل هذه الفكرة �شكلة التليفزيون:حh يكون لديك أطفالM فمن اAنطقي أن تصل حياة تلك األسرة النوويةالصغيرة إلى نهاية. إن إنهاءها شيء مؤلم. ومـن الـصـعـب أن تـكـون لـديـكخصوصية أقل بكثير. لكني ال أشعر بأني أستطيع منح طفلي كل الـعـنـايـةالتي يستحقهاM والتي من اAفيد أن يحصل عليهاM ويحتـاج إلـيـهـا لـتـحـقـيـقالنجاح واالزدهار. إنني في حاجة إلـى اهـتـمـام زوجـي وإلـى نـشـاطـهM كـمـاأحتاج إلى شقيقاتي وأخـي وهـلـم جـرا. إن ذلـك يـوفـر لـي الـراحـةM وتـغـيـر

Page 253: Al Atfal wa al2dman

253

السيطرة على التليفزيون

اAشاهدM ويخلص اAرء من ذلك الشعور اAربك احمليرM إنه شيء رائع للطفلالوليد. ور�ا يكون هذا هو السبب األساسي اAهـم لـسـيـطـرة الـتـلـيـفـزيـونالقوية على اآلباء ـ إنه مفوض األسرة اAمتدة. فليس هناك وسائل تـسـلـيـةكافية تعطى للطفل في نطاق األسرة الواحدةM والتليفزيون eأل هذا الفراغ.

: «إن رعاية األطفال الصغارM وهي نشاط يقتضيSarane Boocockكتبت وجودا طوال الوقت وليس انتباها وعمال مسـتـمـريـن فـقـطM يـنـفـذ بـكـفـاءة

. وهكذاM فرض التشغيـل(٦)قصوى في مكان تتم فيه أنشطة أخرى أيـضـا»االقتصادي للبيتM فيما مضىM نوعا من التنظيم الذي يتوافر فيه عدد مناألشخاص Aشاركة رعاية الطفل. لكن األم الوحيدةM اAنعزلة ضمن األسرةالصغيرة هذه األيامM تتحول إلى جهاز التليفزيون من أجل تلك اخلدمة التيكان يوفرها ذات يوم أعضاء األسرة اآلخرونM واجليرانM واألصدقاء الذين

كانوا موجودين باستمرار.

نزع السيطرة كوسيلة للسيطرةيحتاج اAقام إلى كلمة عن خرافة منتشرة مفادها أن السماح لألطفـال�شاهدة كم غير محدود من اAواد التليفزيونيةM بلM وتشجيعهم حتى على«التهام» التليفزيونM سوف يفقدهم اهـتـمـامـهـم بـهـذه الـوسـيـلـة اإلعـالمـيـةويجعلهم ينظمون أمورهم بأنفسهم. يبدو أن لكل شخص جارا أو صديـقـا«كره» أطفاله التليفزيون بعد فترة «اجلرعة الزائدة»M على حد التعبير اAؤثرألسلوب اخلرافة غالبا. و�ا ال شك فيه أن هذه الطريقـة فـي الـسـيـطـرةتبدو جذابة لآلباء اAنهمكh في صراع يومي مع أطفالهـم حـول اAـشـاهـدةالتليفزيونيةM وهوM فوق ذلكM صراع غريب <ـامـا عـن فـلـسـفـتـهـم الـهـادئـة

عموما في تنشئة األطفال.هناك بعض الصدق في هذه اخلرافةM فال ريب أن تراجعا في االهتمامبالتليفزيون يحدث بعد فترة غير محـدودة مـن اAـشـاهـدة. ومـن الـصـحـيـحأيضا أن االهتمام الزائد بالتليفزيون قد يحدث نتيجة لنظام أسري صارم.Mمن ناحية أخرى Mومشكلة نزع السيطرة كوسيلة لتحقيق أقصى سيطرة هيمشكلـة الـوقـت. فـإذا كـانـت اAـسـألـة مـسـألـة الـسـمـاح لـلـطـفـل بـاAـشـاهـدةالتليفزيونية غير احملدودة لعدة أيام أو أسابيع أو حتـى شـهـورM لـكـان ذلـك

Page 254: Al Atfal wa al2dman

254

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

مطلوبا من أجل جعله يفقد االهتمام وحتقيق حياة أكثر توازنا لهM وتوجبعلى األسرة عندئذ التفكير في انتهاج هذه الطريقة.

لكن الواقع أن ذلك سيـسـتـغـرق عـلـى األرجـح سـنـواتM ولـيـس أيـامـا أوشهوراM وتبدو مواجهة هذه السنوات اخلاضعة لسيطرة برامج التليفـزيـونMسنوات اللعب احملدود وضعف االستكشاف الطفولي Mعلى احلياة األسريةمن أجل جتنب احلاجة إلى التكيف مع السيطرة التليفزيونيةM ثمنا باهظـا

بأكثر �ا ينبغي.وeكن أن جند الدليل احملزن على عواقب سياسة عدم تدخل الوالدينجتاه التليفزيون في كلمات األسى واحلسرة التي تصدر من أطفال كثيرينسمح لهم بتمضية سنوات طفولتهم «مشدودين بالغراء إلى التليفزيون»M مندون أي قيود من األهل. وقد يفيض الضجر فعال �ثل هؤالء األطفال مناAشاهدة التليفزيونية وهم يقتربون من مرحلة البلوغM لـكـن أعـدادا كـبـيـرةمنهم تشعر �عنى اخلسارة. إنهم يعبرون عن الندم على طفولة كانت أحاديةاللون بصورة غريبةM رغم أن أجهزتهم التليفزيونية ر�ـا كـانـت قـد قـدمـت

أروع األلوان احلية تألقا وبهاء.

Page 255: Al Atfal wa al2dman

255

السيطرة على التليفزيون

Page 256: Al Atfal wa al2dman

256

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

القسم الرابعالتـلـيـفـزيـون

Page 257: Al Atfal wa al2dman

257

قبل التجارب وبعدها

قبل التجارب وبعدها

قـد تـكـون إحـدى الـوسـائـل لـدراسـة تــأثــيــراتاAشاهدة التليفزيونية اAنتظمة في احلياة األسريةهـي اAـقـارنـة بـh عـدد مـن األسـر الــتــي تــشــاهــدالتليفزيون بانتظام وبh عدد �اثل من األسر التي�ـا أن Mال تشاهد التليفزيون عـلـى اإلطـالق. لـكـناألغلبية الساحقة من األسر األمريكية تـنـدرج فـيفئة حائزي التليفزيونM فليس هناك بـبـسـاطـة مـايكفي مـن األسـر الـالتـلـيـفـزيـونـيـة إلجـراء مـقـارنـةمتكافئة. أضف إلى ذلك أنه حتى في حالة وجـودعدد كافM ستظل نـتـائـج جتـربـة مـن هـذا الـقـبـيـلhفهـنـاك فـروق دقـيـقـة كـثـيـرة بـ Mغامضة متلبسةاألسر حتى إن وضعت في مـوضـع اAـقـارنـة طـبـقـاMوالـتـعـلـيـم Mواحلجم Mوالدخل Mللطبقة االجتماعيةأو غير ذلكM فضال عن الكثير من أوجه االختالفاحملتملة في أسالـيـب احلـيـاة إلـى جـانـب وجـود أو

عدم وجود جهاز تليفزيوني.هناك جتربة أكثر بساطة تستخدم طريـقـة مـاقبل ـ ما بعدM خذ أسرة مشاهدة للتليفزيون وأبعدالتليفزيون <اما لفترة من الوقت. وبعد ذلك ابحثالفروق بh حياتها اليومية مع التليفزيون ومن دونه.Mإن كل أسرة في جتربة كهذه تقارن بنفسها فـقـط

17

Page 258: Al Atfal wa al2dman

258

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

ولذلك فمن اAرجح كثيرا أن تكشف النتائج عن تأثيرات تليفـزيـونـيـة أكـثـر�ا تكشفه دراسة مقارنة تتناول أسرا مختلفة.

إننا نعرض هنا وصفا لثالث جتارب من فئة ما قبل ـ ما بعـد. وتـنـدرجالتجربة األولى في فئة «التجربة الطبيعية» وتعرضت لها أسرة انتقلت إلىمنطقة جبلية ال يصلها البث التليفزيوني. وتشمل التجـربـة الـثـانـيـة إحـدىاألسر التي بحثت تأثيرات تعطيل التليفزيون طوال أسبوعMh أما التجربةالثالثة فتتعلق بخمس عشرة أسرة أغلقت أجهزتـهـا Aـدة شـهـر عـلـى األقـل

ودونت الفروق الناجتة في حياتها األسرية.

شاحنة الكيبل التليفزيوني لم تصل أبداM من مدينة جلينوود سبرجنز بوالية كولورادو كيف أنLeeتروي السيدة

أسرتها عاشت عامh ونصف العام من دون تليفزيون. وتضيف قائلة:«أنا في الثامنة والعشرين من الـعـمـر و�ـرضـة مـسـجـلـة وزوجـي فـياحلاديثة والثالثh ويعمل في مجال التأمh. أما ابنتي فهـي اآلن فـي سـن

الثامنةM والولدان في سن اخلامسة والسادسة. بسبب عـمـلVailكنا نعيش في كولورادو سبرجنز قـبـل أن نـنـتـقـل إلـى

زوجيM كان األطفال مدمنh للتليفزيون على الرغم من أني حاولت عامدةأن أراقب ما يشاهدونه وأقيد ذلك نوعا مـا. لـقـد كـنـت قـلـقـة جـدا بـشـأنمشاهدتهم التليفزيونيةM وكنت أشاهد ابنتي تغيب فـي شـبـه غـشـيـة مـادامالتليفزيون يعمل ـ دون أن يشكل ما تشاهده أي فرق. كان الولدان عـمـومـاأكثر نشاطا من شقيقتهما وبدا في البداية أنهما أقل حتمسا للتليفـزيـون.على أنه �رور الزمنM ظهر أنهماM أيضاM صارا سلبيh بالكامل أمام جهاز

التليفزيون. ـ وحتديدا إلى الشرق خمسة أميال منها.Vail«وفي نوفمبر انتقلنا إلى

وسرعان ما عرفنا أن بيتنا يقع خارج نطاق الكيبل التليـفـزيـونـيM وأنـه مـندون الكيبل ليس هناك أي استقبال على اإلطالقM فاجلبال ببساطة تعـوق

جميع اإلشارات.«وظننا في البداية أن هذه احلالة مؤقتة وحاولنا ملء وقت فراغنا علىأفضل نحو مستطاعM آملh دائما إحياء التليفزيون ذات يوم. وقمنا بتشغيل

Page 259: Al Atfal wa al2dman

259

قبل التجارب وبعدها

مجموعة األسطوانات التي �لكها إلى حد أنني أتخمت لدرجة السأم مـنكل اسطوانةM وكنا نتحدث كثيرا عن التليفزيون.

«وقبل أن eر وقت طويل بدأنا ندرك أننا قد ال نرى أبدا شاحنة الكيبلالتليفزيوني وهي تصل لتشبك باخلطاف جهازنا التليفزيوني. واستسلمـنـاAصيرنا. وبعد ذلك بدأت احلياة تستقر وتأخذ طابـعـا عـاديـا أكـثـر. بـدأنـانقرأ الكتبM وليس قصص اجملالت فقط. وكنا نلعب مع األطفال ما يـزيـدMوكانوا يلعبون معا لفترات متزايدة من الوقت Mعلى ساعة في كل مرة أحياناأيضا. وكنا نلهو مع بعضنا البعض على نحو يفوق ما تعودنا عليه من قبل.Mوبدأت بعض أعمال احلياكة اجلادة وجربت طرق حتضير أكالت جـديـدة

وبدا أن اليوم الواحد فيه من الوقت الكثير.«صارت ابنتنا بارعة حقا في تسلية نفسها �حاولة القراءةM ومـارسـتالرسم باأللوانM والتصويرM وتشكيل الصلـصـالM وكـتـابـة «اخلـطـابـات» إلـىاألسرة كلها وإلى صديقاتها في اللعب. وكانت تعاونني عدة مرات كل أسبوعفي عمل الكعك احمللى والكعك اخملبوز في قوالب. وعـلـمـهـا أبـوهـا إحـدىألعاب الداما اجلادة قبل أن تبلغ السنة السادسة. وكنت أقرأ لها وللولدينقصة على األقل يوميا. وكان لدينا كتاب عن حرف وهوايات األطفال فننتحيجانبا بعد الظهر عدة مرات في األسبوع لنصنع أو نلعب شيئا جديدا. كماأنني كنت أحتفظ بصندوق كبير من أزياء عيد هولوين والفساتh القدeةالتي كانت ابنتي وصديقاتها بل واألوالد الصغار يحبون أن يلعبوا بهاM وبداأنهم ال يسأمون ذلك. كانوا يحبون أكثر ألعاب اAستودع واAدرسة واAستشفى.وكم من أرجل مكسورةM ورؤوسM وأذرع قمت بتضميدها بالقماش من صندوقاAالبس اخلاص! بالطبع كان هناك لعب خارج البيت لكننا لم نكن نستطيعاخلروج في كثير من أيام الشتاء إال لدقائق قليلةM وكانت جميع األرجوحات

وأجهزة اAلعب تدفن حتت الثلج لبضعة أشهر.«ومع ذلكM كان في وسعنا مشاهدة التليفزيون في بعض األحايh خالل

. فقد كنا نـذهـب لـزيـارة جـدتـي ثـالث أو أربـع مـرات فـيVailإقامتـنـا فـي السنةM وeكننا عندها مشاهدة التليفزيون. كانت تلك متـعـة حـقـيـقـيـة لـنـاجميعاM تشبه <اما تعودنا الذهاب إلى السينما قـبـل أن نـرى الـتـلـيـفـزيـون

باAرة.

Page 260: Al Atfal wa al2dman

260

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

M انتقلنا مـرة أخـرىVailM«وبعد عامh ونصف العام بال تليـفـزيـون فـي بسبب عمل زوجي. وأقسمنا أننا لن ندمن اAشاهدة مرة ثانية. لكنني علىالرغم من أننا قد ال نشاهد التليفزيون إلى احلد الذي تفعـلـه أسـر كـثـيـرةأعرفهاM مازلت خائفة من التعلق به من جديد. إنني ر�ا أستعمل التليفزيونكجليسة أطفال ساعتh يوميا. ونحن نعيش في شقة بأحد اAباني ليس بها

تسهيالت للعب وأحيانا يكون التليفزيون جذابا للغاية.«أناM نفسيM أحاول أال أشاهد التليفزيون بكثرةM لكن إذا كنت متعبة إلىحد أنني ال أستطيع أن أفعل شيئا آخرM سأشاهده. أما ابنتنا فهي مدمنة

. وإذاThe Lone Ranger في الساعة السابـعـة و Lassieعلى مشاهدة عـرض بدأت مشاهدة أحد البرامج اAسائيةM فستواصل ذلك حتى النهاية. حتى إن

لم تكن تفهم القصة.«زوجي ال يكون موجودا في البيت كثيرا بسبب عمله اجلديدM غير أنهإذا جلس في حجرة اجللوس بأي حالM فالبد أن التليفزيون يعمل. ومنذ أنانتقلنا إلى هنا لم يلعب مع األطفال في الـبـيـت. لـقـد خـرجـنـا كـأسـرة فـيجوالتM ورحالت بسيارة اجليبM وقمنا بصيد األسماكM لكن لـم يـعـد فـيالبيت لعب صاخبM أو ركوب على الظهر والكتفh ... إلخ. ولم يعد هناك

لعب الداماM أيضا».

(١)جتربة «دون براولي»

قبل سنوات قليلةM انضم دون براوليM وهو رجل شرطة أسود إلـى قـوةمدينة نيويوركM لبرنامج خاص بضباط الشرطة في «بروكلh كوليج». وكانأحد اAقررات في تلك السنة علم االجتماعM الذي كان يتطلب منه تخطيطجتربة بحثية بسيطة. وقد اتخذ قرارا بتعطيل جهازه التـلـيـفـزيـونـي طـوال

أسبوعh ومالحظة تأثيرات ذلك في حياته األسرية اخلاصة. عن الدراسة التي قدمها. وفيما يلـيAوقد حصل براولي على تقديـر

أجزاء من تلك الدراسة:باد� ذي بدءM ينبغي أن أذكر عدة نقاط عن أسرتي. الدخل السنوي ٢٠ألف دوالرM اAستوى التعليمي للكبار سنة واحدة بالكلية. نعيش في منطقةضواحي تبعد حوالي ٣٥ ميال عن حدود اAدينة. أسرتي تتكون من زوجتي

Page 261: Al Atfal wa al2dman

261

قبل التجارب وبعدها

واثنh من األبناءM في اخلامسة والسادسة. وولداي اللذان يتقاسمان حجرةنوم واحدةM لديهما جهاز تليفزيون في احلجرة. أما زوجتي وأنا فلدينا جهاز

في حجرة نومنا.كشرط أساسي لهذه التجربةM قمت بتحديد الوقت الذي يستعمل خاللهMدة ٤١ ساعةA hكل تليفزيون طوال أسبوع واحد. استعمل تليفزيون الطفلأي ٦ ساعات تقريبا في اليومM أما تليفزيون زوجتي فقد عمل Aدة ١٨ ساعةإجماال. ومن ناحية أخرىe Mكن اإلشارة إلى أن وقت إجراء هذه التجربة

هو شهر أبريل الذي كنت خالله في إجازة Aدة ثالثة أسابيع.وعند البداية الفعلية للتجربةM كان يتعh علي أن أتوصل إلـى طـريـقـةإلخراج جهازي التلفزيون من اخلدمة. وكان األول هو التليفزيون احملـمـولاخلاص بالطفلh. وقد أبعدت صمام األمان الكهربائي اAوجود في خلفيةاجلهاز. أما الثاني فكان جهازا كبيرا ملونا ذا خزانـة وجـدت فـيـهـا صـمـامMحتكم رئيسيا ألداة الضبط األفقية في خلفية اجلهاز. وعن طريق لف الزر

عطلت التليفزيون عن العمل.ولم يظهر اليوم األول للتجربة أي تأثيرات حقيقية الفتقاد التليفـزيـونمن جانب أهل البيت. فقد تابعت زوجتي عملها الروتيني اAألوف وأمضىالطفالن جانبا كبيرا من اليوم في اللعب في الفناء اخللفي. كنت أنا الذيالحظ في تلك الليلة التأثيرات األولى لعدم وجود جهاز تليفزيوني عـامـل.hكانت الدنيا قد أظلمت في اخلارج إلى احلد الذي ال يسمح بإرسال الطفلللعب خارج البيت ووجدت زوجتـي أن اAـسـتـحـيـل <ـامـا أن تـقـوم بـأعـمـالاAساء بينما الطفالن يعوقان حركتها. وأدى ذلك إلى ذهاب الـطـفـلـh إلـىفراشهما مبكراM كان هذا هو احلل ألول مشكلة لكنـه تـسـبـب فـي مـشـكـلـة

أكبر.في اليوم التالي مباشرة استيقظ الطفالن في السادسة والنصف صباحا.حh كان التليفزيون يعملM كان الطفالن يفتحانه في حوالي السابعة صباحا.ويقوم التليفزيون كل يوم بأداء مهام جليسة األطفال منذ أن يستيقظ الطفالنإلى أن تنهض زوجتي من فراشها. وكان الطفالن باستمرار يزعجان زوجتيإلى أن تنهض وتعد اإلفطار. أما ابني األكبر فلم يكن يذهب إلـى اAـدرسـةبسبب عطلة الفصح. كان اAطر هو سبب اAشكلة الكبيرة التي حدثت ذلك

Page 262: Al Atfal wa al2dman

262

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

اليوم. عند الثـانـيـة عـشـرة غـادرت زوجـتـي اAـنـزل لـزيـارة إحـدى اجلـاراتMومشاهدة القصص التي تعرض على شاشة التليفزيون بعد ظـهـر كـل يـومومع مضي ساعات اليومM شعر كل فرد في األسرة بضيـق مـتـزايـد بـسـبـبأمور صغيرةM ومنذ ذلك احلh فصاعدا أخذت األيام طابعا روتينيا متزايدا.أمضى الطفالن جانبا كبيرا من الوقت في عمل أشياء مبتكرة خططتلها األم كل يومM تعلم كتابة األلفباءM قص احلروف والرسم على الـسـبـورة.وخرجت األلغاز من اخلزانةM وسرعان ما شغلت الدمـى األخـرىM الـتـي لـميبد الطفالن يوما اهتماما خاصا باللعب بهاM جزءا كبيرا من يومهما. وكانeكنني أن أالحظ أن الطفلh يقضيان اAزيد من الوقـت فـي عـمـل أشـيـاء

ستكون ذات أهمية لهما خالل الدراسة في اAستقبل.وزاد الوقت الذي تقضيه زوجتي فعال مع الطفلh اآلن زيادة كبيرةM كماصارت تقوم بأعمال أكثر في أنحاء البيت. فقد نظفت خزائن حفظ الثيابالقدeة واألغراض األخرى عدeة اجلدوى. أما حجرة الضيوف التـي لـمتستخدم طوال أكثر من ثالثة أشهر فقد نظفت تنظيفا شـامـال. وكـان مـنعادة زوجتي إعداد ثيابها اخلاصة وحياكتها بـطـريـقـة رائـعـة. وAـا لـم يـعـدلديها ما تفعله في اAساءM فقد شرعت مجـددا فـي أعـمـال احلـيـاكـة. ومـعحلول منتصف األسبوع الثاني للتجربةM كانت قـد انـتـهـت مـن حـيـاكـة أحـد

الفساتh وبدأت العمل في فستان آخر.وكمراقب مشارك في التجربةM وجدت نفسي نهبا Aشاعر الضجر مـنحh إلى آخر. ومثلما فعلت بقية األسرةM أجريت تغييرات معينة في أوجهنشاطي اليومي. فأنا أيضا شرعت في عمل تلك األعمال الروتيـنـيـة الـتـيكنت دائما وبطريقة أو بأخرى أضعها جانبا حتى األسبوع التالي. ولـلـمـرةاألولى منذ أن كنت في اAدرسةM وجدت نفسي غارقا في القراءة اخلاصة�قرراتي الدراسيةM وبعد شتاء طويل لم نر خالله معظم جيرانناM بدأنا في

زيارة عدة أسر كنا قد فقدنا الصلة بها خالل أشهر الشتاء.والحظت أثناء التجربة تأثيرا إيجابيا في حياتنا اجلنسيةM وقد أرجعتذلك إلى الساعات اAبكرة التي حافظنا عليها وإلى الراحة التي توافرت لناكل يومM ففي اAاضي كنا نأوي إلى الـفـراش بـعـد أخـبـار الـسـاعـة احلـاديـةعشرة أو كان أحدنا يشاهد آخر البرامج أو برنامجا آخر يجعلنا بـعـيـديـن

Page 263: Al Atfal wa al2dman

263

قبل التجارب وبعدها

الواحد عن اآلخر.وبدا أن الطفلh يتشاجران معا في أغلب األحيان. لكـنM مـن احملـتـمـلأننا الحظنا ذلك وأعطيناه اهتماما أكثر ألنناM زوحتي وأناM �ن تزعجهـمتوافه األمور. وفي الوقت نفسه صار الطفالن أكثر قربا منا مع مشاركتنـافي عمل األشياء معا. وكانت نهاية األسبوع االعتيادية في بيتي تشمل فيصباح السبت عمل كل ما هو ضروري في أنحاء البيت واخلروج مع زوجتي

للولدين والذهـاب(*)في اAساء. أما صباح األحد فكان يوم مدرسـة األحـدإلى الكنيسة بالنسبة للزوجة. وبعد الظهرM كنت أمارس ضربا من ضروبالنشاط مع الولدين. وخالل األسبوع الثـانـي مـن الـتـجـربـةM خـرجـنـا ثـالثمرات في أسبوع واحد. وكأسرةM عملنـا مـعـا فـي األرض اAـعـشـبـة لـتـهـيـئـةاحلديقة للصيفM وقمنا بأعمال لم تقـم بـهـا األسـرة مـن قـبـل كـمـجـمـوعـة

واحدة.ومع نهاية األسبوع الثاني كان جهازا التليفزيون يعمالنM وأردت ثانية أنأقارن الفروق بh <لك جهاز وعدم <لكه. لقد اختفت اآلن جميع األشياءالنافعة التي كانت قد �ت وازدهرت بسبب غياب جهاز التليفزيونM وعـاد

كل شيء إلى حالته الروتينية الرتيبة القدeة.

جتربة «الالتليفزيون» في دنفرفي ربيع عام M١٩٧٤ ظهرت مقالة في صفحة التليفزيون والراديو بجريدة

The Sunday Denver Postداعية األسر التي لديها أطفال صغار إلى التطوع Mمن أجل إجراء جتربة غير رسمية يغلقون خاللها أجهزتهم الـتـلـيـفـزيـونـيـة

.(٢)كلية لفترة من الوقت ال تقل عن شهرMـعـبـرة عـن االهـتـمـام بـالـتـجـربـةAوقد وصل أكثر من مائة من الـردود اواعترف عدد من كتاب الرسائلM برغم أن اAوضوع أثار اهتمامهمM بأنهم الhوكان من ب Mأن يتخلصوا عمليا من التليفزيون Mيستطيعون لسبب أو آخر

أسبابهم:«إنني أخشى لو تخليت عن التـلـيـفـزيـون أن يـأخـذ األطـفـال اAـزيـد مـن

: مدرسة تفتح أبوابها يوم األحد لتعليم الدين اAسيحـيM وكـانSunday School(×) مدرسة األحد ذلك رد فعل للمدارس العلمانية التي أي تربية دينية. (قاموس التربية).

Page 264: Al Atfal wa al2dman

264

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

وقتي- وليس لدي وقت أستغني عنه».«زوجي ال يشاركني الرأي بشأن مشاهدة التليفـزيـون وحـh يـوجـد فـي

البيتM يشاهده بصورة شبه مستمرة».«لو لم يكن مستر روجرز و الشركة الـكـهـربـائـيـةM مـا اسـتـطـعـت إعـداد

العشاء أو تنظيف ساللم اAدخل باAكنسة الكهربائية».«ابني رجله مكسورة ويحتاج إلى مشاهدة التليفزيونM ر�ا سأحاول في

الصيف التالي».وقال آخرون إنهم تخلصوا من التليفزيون بالفعل. (وتـرد مـقـابـالت مـعبعض هذه األسر الحقا في هذا الـفـصـل). وكـان هـنـاك آخـرون ال يـزالـونراغبh في التطوعM غير أنهم لم يكن لديهم أطفال صغار في البيتM أو كانأطفالهم أقل من عامh. (كان قد تقرر قصر التجربة على األسر التي لديها�ا أن آباء األطفـال الـصـغـار هـم Mطفل صغير واحد على األقل في البيتhا أن األساليب األسرية كثيرا ما تترسخ ح�األكثر استعماال للتليفزيونM و

يكون األطفال ال يزالون صغارا بعد).وأرسلت استبيانات عن اخللفية األسرية واستعمال التليفزيونM وكذلكاقتراحات إلعداد األطفال لفترة الالتليفزيون وكيفية معاجلة اAشاكل التيقد تنشأM إلى خمس وعشرين أسرة. كمـا أرسـل دفـتـر يـومـيـات لـتـسـجـيـلاستعمال التليفزيون والسلوكيات لعدة أسابيع قبـل الـتـجـربـةM ولـتـدويـن أي

تغييرات حتدث في أثناء الفترة الالتليفزيونية.ومن بh األسر اخلمس والـعـشـريـن الـتـي تـلـقـت االسـتـبـيـانـات ودفـاتـراليومياتM أجنزت خمس عشرة أسرة التجربةM وقدمت االستبيانات ودفاتراليوميات اخلاصة بها. وقد أجريت مقابالت مع هذه األسر في بيوتها مرةواحدة على األقل خالل فترات الالتليفزيونM ومرة أخرى عن طريق التليفون

بعد شهر أو اثنh من انتهاء التجربة. إن نغمة القلق�اذا تطوعت هذه األسر إلجراء التجربة في ا�قام األول?

اAشترك تتردد في كثير من اإلجابات على هذا السؤال:«صارت مشاهدتي للتليفزيون أكثر �ا ينبغيM فأنا أستعمله بديال لكل

شيء».«من النادر أن نفعل ما نريده ـ لقد تعودنا علـى الـتـلـيـفـزيـون أكـثـر �ـا

Page 265: Al Atfal wa al2dman

265

قبل التجارب وبعدها

يجب».«أود أن يفعل األطفال شيئا آخر غير مشاهدة التليفزيونM وليتهم يدركونأنهم يشاهدون التليفزيون بكثرةM وأن هناك أشياء كثيرة أكثر روعة eكنهم

عملها».Mرتبطة بالتليـفـزيـون فـي أسـرتـنـاAشاحنات اAأود التخلص من بعض ا»

وإعطاء الفرصة لألطفال الكتشاف وسائل أخرى لتسلية أنفسهم».«Aساعدة أسرتنا على اكتشاف أشكال بديلة لتنظيم الوقت».

Mتاعب بالفعل في التواصل مع طفلي ذي األعوام التسعةAإنني أعاني ا»فهو دائم اجللوس أمام التليفزيون مباشرة. حتى اجليران يالحظون ذلـك.سيقولون: آنديM حان الوقت للذهاب إلى البيت لتناول العشاء اآلنM وسيبقىجالسا هناك ملتصقا باجلهازM إنه يشاهد أربـع أو خـمـس سـاعـات يـومـيـا

وذلك يقلقني حقا».ماذا كانت ردود أفعال األطفال الذين تطوع آباؤهم لتجربة الالتليفزيون

على فكرة التخلص مؤقتا من التليفزيون في بيوتهم?لقد دهش اآلباء في تلـك األسـر الـتـي لـديـهـا أطـفـال فـي سـن مـا قـبـلhدرسة عند اكتشاف أن األطفال الحظوا بالكاد غياب التليفزيون من روتAاحياتهم اليومية. وكان بعض أطفـال اAـدارس مـتـحـمـسـMh عـلـى األقـل فـيالبداية. ومن ناحية ثانيةM عبر البعض عن الغضـب واالسـتـيـاء مـن آبـائـهـم

حلرمانهم من التليفزيون:«حh عرضنا جتربة الالتليفزيون ـ كما نقوم بها ـ حقيقة على أطفالنااألربعة (أعمارهم عشرM وتسعM وثمان وخمس سنوات)M كان رد فعلهم غاضباضد السيدة التي اقترحت الـتـجـربـة فـي اAـقـالـة. ووجـدت اAـقـالـة �ـزقـةومسحوقة على اAنضدة في اليوم التالي ـ وأظن أن ذلك كان عمال جماعيا».«لقد أربكتني ردود أفعال أطفالي على الـتـجـربـةM فـابـنـي ذو الـسـنـواتالعشر ـ ويحتمل أن يكون أسوأ اAدمنh بيـنـنـا ـ أيـد الـتـجـربـة بـقـوةM وذكـرأسماء جيران رأى أنهم سيتعاونون مع الفكرةM وأثار اهتمامه أن يكون جزءامن دراسة عن التليفزيون. أما ابـنـتـي ذات الـسـنـوات الـتـسـع فـقـد شـعـرتMوقال طفلي الذي في السابعة: «موافق Mباجلزع والسخط من الفكرة بأسرها

لكن هل eكن أن نحصل على بيانو بدال من التليفزيون?»

Page 266: Al Atfal wa al2dman

266

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

وروت إحدى األمهات: «شعر مايكل (ست سنوات ونصف) بالضيق ألنهسيفتقد الرسوم اAتحركة التي تعرض يوم السبتM لكني ذكرته بأنه لـم يـرإال أشياء معادة طوال الشهرين اAاضيMh وقد أقـر بـأن ذلـك صـحـيـح ولـم

يعترض على التجربة بعد ذلك».ذكرت غالبية األسر أنها واجهت بعض الصعوبات خـالل األيـام األولـىللتجربةM وقارن البعـض تـلـك الـفـتـرة «بـاإلقـالع» عـن تـعـاطـي اخملـدرات أوMرور الـوقـت�الكحول. وفي جميع احلاالت أشار اآلباء واألطفال إلى أنه

قل افتقادهم للتليفزيون شيئا فشيئا:كتبت أم شاركت أسرتها في جتربة الـالتـلـيـفـزيـون Aـدة شـهـريـن: «كـاناألسبوع األول قاسيا بالنسبة لنا جميعاM والسيما على األطفال وعلي. كانواMيدورون بال هدف وال يعرفون كيف يتصرفون. واقترحت عليهم أن يقرأوافعلنا ذلك كثيراM لكن الوقت كان طويال أحيانا. وبعـد األسـبـوع األول أخـذاألمر يصبح أكثر سهولة باطراد بالنسبة للجميع. ومع نهاية الشهر األول لم

نعد نفتقد التليفزيون في الواقع إطالقا».وقال طفل عمره تسع سنوات في إحدى اAقابالت: «أحياناM خالل األيامMالقليلة األولى التي تلت تعطيل أبي للجهاز كنت أذهب وأنظر إليه فحسبعلى الرغم من أنه كان مغلقا. لقد افتقدت اAشاهدة حقيقةM ثم مع مـرور

الصيفM توقفت عن التفكير كثيرا في التليفزيون».«استمر األطفال في البداية يطالبون �شاهدة التـلـيـفـزيـونM وبـدا فـياحلقيقة أنهم يفتقدونه وبدأنا نتساءل عما إذا كانت اAسألة كلها أكثر �ايطيقون. غير أنهم تدريجيا وجدوا أشياء أخرى يعملونها كان من رأينا أنها

أفضل بكثير من مشاهدة التليفزيون».وفي أثناء فترة «االنقطاع» شكا بعض األطفال من مشـاعـر مـشـوشـة و«مستوحشة». قالت طفلة في العاشرة: «لم يـكـن احلـال شـبـيـهـا بـالـصـيـففحسب». وقال طفل في التاسعة ألحد اخملتبرين: «لقد ظلـلـت أذهـب إلـىبيت شخص ما وأردت أن أعرف في أي يوم من أيام األسـبـوع كـنـتM إنـنـي

دائما أعرف في أي يوم نحن من البرامج التي تعرض».ومن بh التغيرات في احلياة األسرية التي سجلها اآلباء في يومياتـهـم

ما يلي:

Page 267: Al Atfal wa al2dman

267

قبل التجارب وبعدها

ا�زيد من التفاعل مع الكبار:«كان لكاتي صديقة وكانتا جتلـسـان مـع الـكـبـار فـي اAـسـاءM وتـصـغـيـانوتشاركان في األحاديثM وقد سعدنا بذلك وأدركنـا أن األطـفـال كـانـوا مـن

قبل يشاهدون التليفزيون في أثناء وجود ضيوف لدينا».جو أكثر هدوءا في البيت:

«لقد نعمت بهدوء احلياة من غير تليفزيونM وكنت أفكـر فـي أنـنـا ر�ـاينبغي بعد التجربة أن جند مكانا آخر للجهاز غير حجرة األسرة».

«يبدو أن هناك الكثير من الوقت. وقد يعود السبب إلى عدم وجود ذلكالصوت اAهتاجM اAندفع الذي دائما يصدر عن التليفزيون اAنزوي».

«لعلي أقول إن عدم االضطرار للتوفيق بh مشاهدة التليفزيون واللعبساعد على وجود جو من الهدوء في اAنزل. وقد الحظت أن «اخلروج» منسحر التليفزيون والتكيف مع ظرف من ظروف اللـعـب كـان غـالـبـا عـمـلـيـة

طويلةM حافلة بالعداء بh األطفال».شعور حميم بالتقارب األسري:

«لقد صرت واألطفال أكثر قربا ألننا قمنا بعمل اAزيد من األشياء معا».«أشعر بأن األسرة تتساند بصورة أوثق نتيجة لغياب التليفزيون».

«كان الفرق هائال. إننا نشعر مجـددا بـأنـنـا أسـرةM تـوحـدهـا الـتـجـاربواالرتباطات اAشتركة. لقد عرفنا أشياء كثيرة عن بعضنا البعض في أثناء

التجربةM مواهب واهتمامات مخبوءة».«لقد قمنا بأعمال إضافية مشتركة كأسرة خالل التجربةM كـنـا نـرغـب

في ذلك وحققناه».ا�زيد من ا�ساعدة من جانب األطفال في البيت:

«اعتدت أن أترك األطفال يشاهدون التليفزيون بعد العشاء ألن برامجهماحملببة كانت تعرض في ذلك الوقت وبدا أن من األنانـيـة أن أحـرمـهـم مـنذلك. وكان علي حينئذ أن أغسل األطباق وحديM وصار لديهم اآلن الوقتللمساعدة. ونحن نتحدث كثيرا في أثناء غسل األطباقM إنه وقت مريح جداhاء بالـصـابـون مـتـبـسـطـAا يجعلنا ا�حh يكون من السهل أن تتحدث ـ ر

جميعا».«ساعد بيتي أباه في العمل بالزريبة ثم ساعده في غسل الشاحنة».

Page 268: Al Atfal wa al2dman

268

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

«نظف الطفالن غرفتيهما بعناية أكثر من اAعتادM وأمضيا وقتا طـويـالفي ترتيب الكتب أبجديا في خزانة كـتـبـهـمـا وتـنـظـيـم وضـع األشـيـاء عـلـى

مكتبيهما».مزيد من اللعب اخللوي:

في اAاضي لم نكن نستطيع أن نـخـرج األطـفـال إذا فـتـح زوجـي الـبـابوقمت أنا بطـردهـم إلـى اخلـارج. أمـا اآلن فـهـم يـخـرجـون فـي أي نـوع مـن

الطقس فليس هناك تليفزيون يستبقيهم في الداخل».«الحظنا وجود الكثير من اللعب اخللويM حتى إن لم يكن الطقس صحوا».

تغييرات في وقت النوم والوجبات:«وجدنا أننا جميعا نذهب إلى الفراش في وقت مبكر كثيرا».

«وجبات العشاء اآلن أطول وقتا �ا أن األطفال ال ينصرفون إلى مشاهدةبرامجهم».

«أوقات الوجبات تعار للمناقشات العامة بدال من اخلالفات حول كيفيةنهوضهم بسرعة ومشاهدة التليفزيون».ا�زيد من اللعب الطفولي ا�شترك:

«يبدو أن األطفال يتعاملون مع بعضـهـم الـبـعـض بـدرجـة أكـبـر مـن دونالتليفزيون. وحh ال يجدون شيئا يفعلونهe Mيلون للعب بعضهم مـع بـعـض

وينجحون بالفعل في عمل أشياء معا».MـعـتـادةAيل البنات في أثناء غياب التليفـزيـون حـالـيـا إلـى األلـعـاب ا>»اAنظمة. لقد كن يلع³ معا من قبلM إال أنهن حاليا أكثر ميال إلى األلـعـابذات القواعدM وألعاب اللوحاتM و<يل األكبر سنا إلى اAزيد من اللعب معاألصغر سناM بينما كان من األسهل لديها من قبل أن تشـاهـد الـتـلـيـفـزيـون

فقط وال تكلف نفسها عناء شرح قواعد اللعب لشقيقتها األصغر سنا».«يلعب أطفالنا معاM لعبا حقيقيا قدt العهدM وقد ألف الطفالن األوسطان

مسرحية موسيقية كاملة اليوم بعنوان «الدالفh في الصحراء».�ا أن األطفال باتوا يعتمدون على أنفسهم وعلى بعضهم البعض فـي»

التسليةM فقد صاروا يلعبون معا أكثر من ذي قبل».ا�زيد من القراءة:

«على الرغم من أن األطفال كانوا باستمرار يستمتعون بالقراءةM فـقـد

Page 269: Al Atfal wa al2dman

269

قبل التجارب وبعدها

الحظنا زيادة واضحة في عدد الكتب اAقروءة خالل فترة الالتليفزيون». يقرأ الكثير دائماM والفرق أنه سيشرع في القراءة بعد الظهرJoey«إن

ويظل يقرأ حتى وقت الذهاب للرقادM وما كان سيفعل ذلك لو كان التليفزيونمتاحا».

عالقات أفضل بm الوالدين:«زوجي يفتقد األحداث الرياضيةM لكني أستمتع باحلديث معه».

«أنا شخصيا أستطيع أن أحتمل العمل اAنزلي يوم السبـت كـأم عـامـلـةبصورة أفضل حh ال أرى زوجي يتسكع بالقرب من التليفزيون».

أنشطة إضافية:«هناك زيادة واضحة في ألوان النشاط من قبل األطفال».

«لدينا اAزيد من الوقت لأللعابM واحلرفM وبناء النماذجM والقراءة».«لقد قمنا بتـنـفـيـذ عـدة أنـشـطـة بـديـلـة هـذا الـصـيـف: زرعـنـا حـديـقـة

خضراوات كبيرةM فنون وحرف متنوعة».«حh لم يكن لدى األطفال ما يفعلونهM خرجوا وأقـامـوا مـخـبـأ سـريـا ـ

ولعبوا هناك أياما كثيرة».«قمت بأعمال حياكة خالل فترة الالتليفزيون أكثر �ا فعلت في سنوات».ومن بh اAشكالت اAرتبطة بالالتليفزيون والتي ذكرها اآلباء واألطفال:

برامج أثيرة«كم أفتقد مشاهدة روائع اAسرح التي كان لدينا طقس مشاهدتها أيام

اآلحاد».».Wild Wild West«إنني حقا أفتقد مشاهدة

عالقات الرفقاء«دعوت صديقي كالرك للحضور وتأجيل اAسألة إلى اليوم التالي فقال

ماذا سنفعل في بيتكمM جنلس ونستمع إلى الراديو?»«إنني خجل من دعوة أي شخص لزيارتي. إن األمر يبدو غريبا فحسب

ألن لدى جميع األطفال اآلخرين أجهزة تليفزيون».عقوبة

«كان منع التليفزيون دائما أقسى تهديد لناM طبعا لم نستطع استعمالهخالل التجربة».

Page 270: Al Atfal wa al2dman

270

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

ماذا كان تأثير الفترة الالتليفزيونية في عادات ا�شاهدة الالحقة لألسر لقد أصبح معروفا في مقابالت اAـتـابـعـة أنـهالتي اشتركت في التـجـربـة?

على الرغم من التغييرات اإليجابية التي لوحظت خالل الفترة الالتليفزيونيةمن قبل جميع األسر التي شاركت فـي الـتـجـربـةM إال أن أيـا مـنـهـا لـم تـشـأاالستمرار في العيش من دون التليفزيون. ومن ناحية ثانيـةM بـدا أن اآلبـاءيتذكرون الفترة الالتليفزيونية بشىء مـن احلـنـMh ويـنـظـرون إلـى عـودتـهـم

للمشاهدة التليفزيونية ببعض األسف:«كان األطفال األربعة يتشاجرون جميعا حول ما eكن مشاهدتهM وتبادلناالنظرات أنا وزوجي وأدركنا كم كان الصيف لطيفا من دون تليفزيون ـ كناقد نسيـنـا كـل شـيء عـن هـذه اAـشـاجـرات الـتـي كـانـت تـتـركـز حـول جـهـاز

التليفزيون».«كان إغالق اجلهاز طوال الصيف سهال نسبياM فقد قبل األطفال ببساطةالواقع مع استثناءات قليلة دونت في دفتر اليومياتM لكن مـشـاكـلـنـا بـدأتحh بدأنا تشغيل اجلهازM ذلك أن طفلنا ذا الثماني سنوات (وهو اAشاهداAدمن في األسرة) عاد خلسة أحيانا إلى مشاهدة برامج ليس من اAفترضأن يشاهدها. وعاد األطفال إلى مشاهدة الرسوم اAتحركة في الصباح قبلاAدرسةM وتخلصوا من وجبات اإلفطار األسرية اجلميلـة الـتـي نـعـمـنـا بـهـا

كلنا».«حينما استأنفنا اAشاهدةM لم يظهر أن األطفال مهتمون كثيرا بالتليفزيونـ غير أنهم �رور الوقت يعتادون األسلوب القدMt وأنا أعرف أنني كـذلـك

أيضا! ولهذا أظن أن من اAفيد أن نفعل ذلك بh حh وآخر».«عندما انتهى االنقطاع التليفزيونيM حاولت أن أحدد مشاهدة األطفالhأجد أنهم يفتحون التليفزيون حـ Mضي الوقت�بساعتh يومياM بيد أنه يستيقظون وال يغلقونه إال وقت النوم. وليس ذلك ألنهم مهتمون بالتليفزيونبشكل واضحM وإ�ا لشعورهم بالضجر في هـذا الـوقـت مـن الـسـنـة ونـفـاد

صبرهم في انتظار أن تفتح اAدارس أبوابها ثانية».وعبر عدد من األطفال بأنفسهم عن تناقض معh فيما يتعلق باستئناف

اAشاهدة بكثرة.«من الصعب حقيقة إجناز أعمال أخرى حh يكون التلـيـفـزيـون قـريـبـا

Page 271: Al Atfal wa al2dman

271

قبل التجارب وبعدها

منكM أنا ال أريد سوى مشاهدته».«خالل التجربة أبعدت ذهني عن التليفزيون ولذلك لم يعد يشغل تفكيري.

وبالتاليM حصلت على تسلية أكبر. كان يجب أن أحترر من اإلدمان».

ملاذا عادوا؟في ضوء التطورات اAذكورة في سلوك األطفال واحلياة األسرية خاللهذه التجارب الثالثA Mاذا استأنفت هذه األسر أشكال اAشاهدة التليفزيونيةالقدeة بدال من اإلبقاء على التطورات البارزة بالتخلص مـن الـتـلـيـفـزيـون

بصورة دائمة?سئل براولي: «هل فكرت يوما في احلياة من دون تليفزيون إلى األبد?»أجاب بالنفي بعد حلظات من التفكيرM وأضاف «في احلقيقة لم أفكـرفي ذلك يوما. تتساءل AاذاM أليس كذلك? ذلك يذكرني بالوقت الذي مرضتMقـلـت «طـيـب .hوكان لزاما علي أن أقلع عن التدخـ Mفيه قبل فترة مضتإنني أشعر بأنني أفضل كثيرا ألنني ال أدخن. لـقـد عـاد تـنـفـسـي طـبـيـعـيـاوأشعر بأنني في حالة رائعة! لكن �جرد أن قال الطبيب إنني على ما يرامMأيضا Mإنني أتصور أن التليفزيون إدمان Mعدت إلى السجائر. حسنا Mثانيةأنت تستمتع بهM لكن حh تفكر في األمرM جتد أن التليفزيون ال يقـدم لـكالكثير الذي eكنك أن تعوضه بنفسكM أو تفعـل مـا هـو أفـضـل مـنـه. ومـعذلكM فما إن تدمنM حتى يصبح من الصعب االستغناء عنهM مثل السجائر».ويرى عالم نفسيM طلب إليه اإلدالء برأيه عن سبب عدم تخلـي األسـرعن التليفزيون عقب جتارب الالتـلـيـفـزيـونM أن اآلبـاء كـانـوا فـي احلـقـيـقـةيخدعون أنفسهمM ذلك أنهم حh ظنوا أن من الواجب اAشاركة في ضروبMواأللـعـاب Mالنشاط التي شرعوا فيها خالل فتـرة الـالتـلـيـفـزيـون ـ الـقـراءةواحملادثةM لم تلب هذه األنشطة احلاجات التي حتققها اAشاهدة التليفزيونية.

وذلك في رأيهM هو سبب عودتهم إلى التليفزيون.Mلكن ما هي احلاجات التي يحققها التليفزيون? احلاجة إلـى الـسـلـبـيـةإلى إفناء الذاتM إلى النكوص إلى حالة االعتماد على الغير... من اAؤكد أناAشاهدة التليفزيونية اAألوفة تخدم حاجات قليلة ميمونة الطالع أكثر منهذه. ور�ا يبدو من الصعوبة البالغةM في مجتمعنا اAـشـتـتM الـسـعـي إلـى

Page 272: Al Atfal wa al2dman

272

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

حتقيق حياة نشطةM حياة البحث عن الذات والنماء. بيد أن لـهـجـة األسـىوالندم التي وصف بها اآلباء عودتهم إلى حياتهم األسرية اخلاضعة لسيطرةالتليفزيون تثير في الذهن صراعا من أقدم صراعات الطبيعة البشرية. إنهصراع يعبر عنه بولس الرسول في اإلجنيل من خالل هذه الكلمات: «فإن ماأفعله ال أملك السيطرة عليه: إذ ال أمارس ما أريده. إن مـا أبـغـضـه فـإيـاه

.(*)أعمل»

(×) أعمال الرسل-رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية ٧ : ١٥ (اAترجم).

Page 273: Al Atfal wa al2dman

273

التخلي نهائيا عن التليفزيون

التخلي نهائيا عن التليفزيون

ومع ذلكM فإن بعض األسر تـخـتـار بـالـفـعـل أنتعيش من دون تليفزيون إلى األبد. ويبدأ بعض هذهاألسر احليـاة األسـريـة مـن غـيـر جـهـاز تـلـيـفـزيـونوينشئون أطفالهم مـن دونـه. وتـتـخـلـى أسـر أخـرى(أوضح استطالع آلراء عينة عشوائـيـة أن عـددهـاأكبر بكثير على الرغم من عدم وجود إحصائيات)عن التليفزيون بعد فترة من الوقت كـانـت خـاللـهـا

<تلك جهازا وتشاهده بانتظام.وغالبا ما يعجل باتخاذ قرار التخلي عن اجلهازنهائيا وجود فترة اضطرارية ال تليفزيونية: تعـطـلاجلـهـازM سـقـوط هـوائـي سـطـح الـبـيـت فــي أثــنــاءعاصفة. وأحيانا يصدر القرار عقب رحلة طـويـلـةلم يكن التليفزيون خاللها متاحا. ففـي أثـنـاء هـذهالفترات الالتليفزيونية يبدو اآلباء وقد تبلور لديهمتقدير للمشكلة التليفزيونيةM وحتقـقـوا مـن إمـكـان

عمل شيء ما في هذا الصدد.يروي أب من دنفـر: «كـان اجلـهـاز يـتـحـكـم فـيحياتناM لقد ناقشنا األطفال فيما ينبغي أن يشاهدوهوتناقش األطفال أحدهم مع اآلخر بشأن ما eكنمشاهدته. ولم يشأ األطفـال اجلـلـوس إلـى مـائـدةالعشاء ألنهم كانوا يشاهدون شيئا ما. كانت أوسع

18

Page 274: Al Atfal wa al2dman

274

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

اAناقشات في األسرة عن هذا اجلهاز التليفزيوني اللعh. وحيـنـمـا تـعـطـلذات يومM عدنا إلى صوابنا. قلناM فلنر ما يحدث. ولم �ـتـلـك جـهـازا آخـر

أبدا بعد ذلك».وعلى غرار األسر غير التليفـزيـونـيـةM يـشـكـل هـؤالء الـذيـن تـخـلـوا عـنالتليفزيون إلى األبد مصادر قيمة للمعلومات عن التغـيـيـرات الـتـي حتـدثعند التخلص من التليفزيون. غير أنه فـي حـh عـادت أسـر الـتـجـربـة إلـىحالة ـ ما قبل ـ في اقتران «ما قبل ـ ما بعد». كان لدى هؤالء الذين تخلـواعن التليفزيون نهائيا القوة والعزeةM ألسباب غير محددة بعدM على التمسك

�ا بعد». وتصور القصص اAوجزة التالية أربع أسر من هذا القبيل.»

صعوبة بالغة في السيطرةإحدى هذه األسر هي أسرة جيربر التي وجدت أن من الصعوبة �كانأن تسيطر على التليفزيون وقررت االستغناء عنه. يعيش جيم وباربارا جيربرفي شقة فسيحة في نيويورك. ويعمل جيم كاتباM أما بـاربـارا فـهـي طـالـبـةبالدراسات العليا في علم االجتماع. وطفالهـمـاM نـد وآنـيM فـي اخلـامـسـةعشرة والثالثة عشرة حاليا. وتصف باربارا منازعاتهم العائلية حول مشكلةالتليفزيون واحلل الذي توصلوا إليه: ال تليفزيون على اإلطالق. وفي الوقتالذي جرت فيه هذه اAقابلة (من دون حضور جيم جيربرM الذي كان خارج

اAدينة)M كان آل جيربر قد عاشوا سنة تقريبا من دون تليفزيون.كان التليفزيون في أثناء وجوده لدينا مـصـدرا لـلـشـكـاوى واAـشـاجـراتاAريعة باستمرار. وظللنا جنرب أساليـب جـديـدة فـي الـتـعـامـل مـعـهM وكـانالفشل مآل كل منها ومن ثم نتشاجر بشأن األسلوب ذاته. كان الوضع برمتهشنيعا. وكان التوجيهM والتنظيم فيما يتصل بالتليفـزيـون يـسـتـنـفـدان قـدرا

هائال من الوقت والنشاط.لم تكن لدينا أي قـواعـدM غـيـر أنـه اتـضـح أن نـد يـرغـب فـي مـشـاهـدةالتليفزيون طوال اليوم إن استطاعM وكان األطفال يتجادلون عالوة على ذلكحول البرامج التي eكن مشاهدتهاM وAن يكون اخليار األول. ولم يكن فـيوسعنا احلصول على جهاز آخر. وهب أننا حصلنا على جهاز آخرM فالبـدأننا كنا سنريده ملونا وكان من شأن ذلك أن يفتح ساحة جديـدة لـلـشـجـار

Page 275: Al Atfal wa al2dman

275

التخلي نهائيا عن التليفزيون

احملتمل حول من eكنه مشاهدة اجلهاز اAلون.«غير أن التليفزيون أثار مشاكل أخرىM فضال عن الشجار التافه. فمنناحيةM جرت العادة على ترتيب عشاء األسرة طوال برامج التليفزيونM فإماأن يقول أحدهم. «ال أستطيع أن آكل حتى الساعة الثـامـنـة ألنـنـي أشـاهـد

»M أو «لدي خمس دقائق لتناول العشاءMission Impossible«اAهمة اAستحيلة ألن اAهمة اAستحيلة ستعرضM ولذلك حتول العشاء دائما إلى شيء مقحم

بh البرامج.وحـيـنـمـا يـأتـي أصـدقـاء إلـى األطـفـالM كـانـوا عـلـى األرجـح يـشـاهـدونMوتى األحياءAالتليفزيون معا عوضا عن اللعب. وكنت أدخل فأجدهم جميعا كاجاثمh أمام جهاز التليفزيون. وكان ذلك يضايقني ويجعلني أغلق اجلـهـازوأدعوهم للعب. لكنM ويا للغرابةM كانوا أحيانا يجلسون محدقh في اجلهاز

لدقائق بعد أن أغلقه!إن ما يدهشني <اما هو كيف استطعنا أن نعيش بهذا األسلوب اAريعسنوات كثيرةM وAاذا لم نتخلص من جهاز التليفزيون منـذ وقـت طـويـل? إنالعجب يتملكني أحيانا إال أنني فعال أعرف اإلجابة عن هذا السؤالM إنني

حقا وصدقا كنت في حاجة إلى التليفزيون حh كان األطفال صغارا.Mعمريهما عام ونصف العام hيفصل ب Mصغيرين hكنت ملتصقة بطفلفي شقة بنيويوركM بال أي نوع من اAساعدةM لم يكن هناك فناء خلفيM أوأي نوع من النشاط حولنا فيما عدا ما كان eكنني أن أخـتـرعـه لـهـمـا كـييعماله في أنحاء اAنزل. ولذلك فقد استعملت جهاز التليفزيـون كـثـيـراM ال

أظن أنه كان eكنني البقاء من دونه.لقد تركت األطفال آنذاك يشاهدون التليفزيون بقدر ما يريدونM ألننيغالبا أردت أن يشاهدوا كل هذا الذي شاهدوهM بيد أنه اتضح أن مشاهدةMكنه اجللوس ساعات أمام اجلـهـازe ند كانت أكثر من مشاهدة آني. كانوهو eص إبهامه. وكان يغيب عن وعيه حقيقة في أثناء مشاهدة التليفزيون.في بعض األحيان كان يشاهد ست أو سبع ساعات. ولم eل من اAشاهدة

قط.طبعا شعرت بالذنب على نحو هائل بسبب ذلكM ولم أتصور أن كل ذلكالكم من مشاهدة التليفزيون شيء مفيد. لكنني بررت األمر لنفسي. كـنـت

Page 276: Al Atfal wa al2dman

276

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

منهكةM وكنت أحتاج إليه. كان زوجي يعمل بال كلل للحصول على اAال الذييفي بحاجاتنا في تلك األيامM ولذلك لم يكن في وسعه مساعدتي.

منذ عام مضى عدنا من رحلة صيفية في الغربM ظللنا خاللها شهرينبكاملهما بعيدين عن التليفزيون. وقـررنـا أن األوان قـد آن <ـامـا. فـصـلـنـااجلهاز ووضعناه بعيدا في خزانةM ومن يومها ظل هناكM فيما عدا أوقاتعرض بطولة البيسبول الدولية واAناسبات اخلاصة اAشابهةM حh نتجشم

عناء إخراجه ثانية.وسئلت باربارا جيربرM وند وآني في اAقابلة كيف كان شعورهم باحلياة

من دون تليفزيون في بيتهم. أجابت األم:«لست شغوفة بأن يكون لدينا تليفزيونM على الـرغـم مـن أنـنـي تـعـودتاالستمتاع باAشاهدة إلى حد ما. أشعر كما لو أننـي تـلـقـيـت عـدة سـاعـاتإضافية يوميا كهدية. وليس هذا بالضبط الوقت الذي كنت أقضيه بنفسيفي اAشاهدةM بل كل الوقت الذي أمضيته للحكم في اAشاجرات اخلـاصـةبالتليفزيون وعالج اAشكلة. وال أحب أن أشعر باالستياء بسبب وجود شيءأفعله بدال من مشاهدة برنامج ما أردت أن أشاهده. ولست مولعة بـقـراءةدليل التليفزيونM أو البحث عنه. وال أود أن أجن إذا فاتتني مشاهدة برنامجكان eكنني مشاهدته البارحة. لست أشعـر بـاألسـف عـلـى اإلطـالق لـعـدم

امتالك تليفزيون».فماذا عن ندM أشد أفراد األسرة نهما للمشاهدة? لقد روت والدته أنهادهشت ألن ند لم يتذمر من قرار الـتـخـلـص مـن الـتـلـيـفـزيـون. ووصـف نـد

شعوره جتاه ذلك:«أعتقد أن احلال أفضل كثيرا اآلن. انـظـرM إن مـا تـفـعـلـه آنـي هـو أداءواجبها اAنزلي فور عودتها إلى البيت من اAدرسة وتنتهي من ذلك. ولم أكنكذلكM كنت دائما أنتظر حتى اللحـظـة األخـيـرة. كـان لـوجـود الـتـلـيـفـزيـونباستمرار حولي جاذبية هائلة ـ وكنت أواصل تأجيل عملي. وقـد أشـعـرنـيذلك بالذنب دائما. كنت أعرف أنني ينبغـي أن أؤدي عـمـلـيM لـكـنـنـي كـنـت

أشاهد التليفزيون مهما كان احلال.«اآلن أنتهي عادة من قـراءة أحـد كـتـبـي اAـدرسـيـةM وعـلـى األخـص فـيمجال العلوم الذي أحبه حقا. ومن قبلM حh كان لدينا تليفزيونM لم يـكـن

Page 277: Al Atfal wa al2dman

277

التخلي نهائيا عن التليفزيون

من اAمكن أن أقرأ كتابا أبدا. وحh كان لزاما علي أن أقرأ من أجل اAقررالدراسيM كنت أرجئ ذلك وأتصور أن علي فقط اإلصغاء إلى اAناقشة فيحجرة الدرس واحلصول على اAعلومـات مـن هـنـاك. لـكـنـنـي اآلن مـضـطـر

للقراءة في غياب التليفزيونM فليس هناك شيء آخر أفعله».ولم تكن لهجة آني توكيدية إلى هذه الدرجةM لكنها لم تختلف:

«نعمM أظن أننا أفضل حاال من دون تليفزيون. نحن نـتـحـدث أكـثـر فـيأثناء العشاء. اجلميع يقولون ماذا فعلوا طوال اليومM وما إلى ذلك. لكني لمأشاهد أبدا التليفزيون بكثرة كما فعل ندM ولذلك فليس هناك فـرق كـبـيـرعندي بh وجود التليفزيون أو عدمه. أنا فعال أفتقد بعض البرامجM وأحيانايكون األمر صعبا أيضا حh يخصص اAعلمون موضوعات للمشاهدة على

شاشة التليفزيون لكني راضية نوعا ما عن حياتنا من دون تليفزيون».لقد رسم آل جيربر صورة لطيفة للتوافق العائلي والرضا. ألم يكن لكلتلك السنوات من اAشاهدة التليفزيونية تأثيرات ضارة? ألنها إذا لم يكن لهاتلك التأثيراتM فلماذا ال يستعمل التليفزيون من دون قيد حh يكون األطفالصغارا ومزعجMh كما فعلت باربارا جيربرM ثم يتم التخلص منه حh يغدوسير الزمن أسهل? لقد ترك تعليق أخير من ند السؤال معلقا في الهواء:

«لم يكن يعنيني فيما تعودنا عليه من قبل البرنامج الذي أشاهده مادمتأشاهد شيئا ما. كان من اAمكن أن يكون ذلك «بوبي» أو «شارع السمسم» أو اAتحدة»M أي شيء. لكني حاليا أقضي خارج البيت أطول وقت مستطاع «األألن لدي شعورا بأنه ليس هناك ما أفعله فـي الـبـيـت اآلن. إنـنـي فـقـط لـمأتعود أن أتصور أشياء أقوم بعملها. انظرM حh كان لدينا التلـيـفـزيـونM لـمأالحظ أنني لم أكن أفعل شيئا أثناء اAشاهدة في كل تلك الساعات. لكنني

حاليا أالحظ ذلك».

احلاجة إلى الوقت إلخراج التليفزيون من حياتكيعيش أطفال آل ديفيز األربعة مع أبويهم في منزل ريفي كبـيـر مـحـاطباخلمائل واحلقول في شمال والية نيويورك. وتتـراوح أعـمـارهـم بـh أربـعسنوات وثالث عشرة سنة. ومنذ عامMh وفي نهار ربيعي دافئ ـ وبدال منالركض واAرح في اخلالءM وبدال من قطف الزهور البرية التي تـنـمـو حـول

Page 278: Al Atfal wa al2dman

278

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

اAنزل أو تسلق أشجار الفاكهة القريبةM وبدال من التحديق في جحر مرموط أو مشاهدة السمك السابح في اجلدول الرقراق خلف منزلهم ـ(*)اخلمائل

جلس األطفال األربعة في صف على أريكة طويلة في حجرة اجللوس وراحوايحدقون أمامهم في منضدة صغيرة كان جهاز التليفزيون موضوعا فوقـهـا

قبل وقت قصير. كانت أنظارهم مشدودة إلى اجلهاز.«لقد جلسوا في الواقع لفترة طويلـةM <ـامـا كـمـا لـو كـانـوا يـشـاهـدون»هكذا وصفت أمهم احلال. وأضافت: «كان األمـر مـثـيـرا لـلـشـفـقـةM إال أنـهجعلنا متأكدين على نحو قاطع أننا فعلنا الصواب بإلقاء جهاز التليفـزيـون

في اخلارج».Mوضوع على سطح البيت قد سقط وحتطم أثناء عاصفةAكان الهوائي ا

ومن دونه لم يكن هناك أي استقبال تليفزيوني. وتكمل السيدة ديفيز:Mكان شراء وتركيب جهاز جديد سيكلفنا غاليا جدا. وفضـال عـن ذلـككنا قد سئمنا كل مشاهدة تليفزيونـيـة ـ األطـفـالM ونـحـن أيـضـا. كـنـا شـبـهمدمنh. كان اجلهاز مفتوحا في معظم األوقاتM ولذلك قررنا أن نتخلص

منه ونرى ما يحدث».كانت األسابيع القليلة األولى من دون اجلهاز قاسيةM كان األطفال يدورونهنا وهناك كاألرواح الضائعة. وبقوا داخل البيت وقتا طويال وبات وجودهماAستمر مصدر إزعاج لي. كنت أرسلهم إلى اخلارج ولم يكونوا يعرفون كيف

يتصرفون.كنت أفتقد اجلهاز بشدة صـبـاح أيـام الـسـبـت فـذلـك هـو الـوقـت الـذياعتدنا أن نظل في أثنائه في الفراش وقتا طويال لطيفا بينما األطفال فيحجرة اجللوس مشدودين للجهاز هادئMh ونادرا ما يتحركون. واآلن صاروافي أعقابنا لهذا السبب أو ذاكM أو ر�ا تشاجروا وأثاروا بعض اAتاعب.

غير أن األمور حتسنت تدريجياM فقد شرعوا في �ارسة األلعاب مـعبعضهم البعضM وهو ما لم يفعلوه من قبـل كـثـيـراM بـرغـم أن لـديـنـا جـمـيـع

.(**)األلعاب ـ الداما الصينيةM واAونوبوليM والبرجيس: حيوان من فضيلة األرانب له جسم سمh وشعر كث خشنWoodchuck(×) مرموط اخلمائل

: لعبة هندية تشبه لعبة الطاولة تلـعـب بـاسـتـخـدام سـت ودعـات بـدال مـنPachisi(××) البرجيـس النرد.

Page 279: Al Atfal wa al2dman

279

التخلي نهائيا عن التليفزيون

لقد فكروا في أن عليهم أن يتعلموا اللعب مع بعضهم البعضM وبعد فترةبدأ شجارهم يقل بصورة كبيرة.

ثم بدأوا في قضاء وقت أطول فـأطـول خـارج اAـنـزل. وقـد حـدث ذلـكتدريجياM بدأ الولد األكبر في صيد السمكM وصار هـو وشـقـيـقـه األصـغـريهتمان �رموط اخلمائل وeضيان أوقاتا طويلة في انتظار أن يخـرج مـنجحره. لم يحدث أبدا أن اهتما بشيء كهذا من قبل. وطلبا احلصول علىأحد تلك الفخاخ التي تصطاد احليوانات احلية وحتقق ذلك لهما في عيد

اAيالد. وعقب ذلك كانا نادرا ما يدخالن اAنزل قبل حلول الظالم.لقد حدث ذلك منذ عامh وأعتقد في احلقيقةM أنـهـم صـاروا أطـفـاالآخرين اآلن. حتى هم أنفسهم يعتـقـدون ذلـكM ويـعـرفـون أن تـخـلـصـنـا مـنالتليفزيون له عالقة بهذه النقطة. وفي هذه األيامM حh يعودون من زيـارةبيت أحد األصدقاء eيلـون إلـى االنـتـقـادM ويـتـكـلـمـون عـن كـثـرة مـشـاهـدة

أصدقائهم للتليفزيونM وعن عدم قيامهم بعمل أشياء كثيرة شائقة.والشيء اAضحك في هذا الصدد أننا نعيش هنا في الريفM وأن األطفالبالكاد بدأوا يكونون أطفاال ريفيh. وهم يتحدثون عن أصدقائهم «كأطفالبيوت» فهل تتخيل ذلك? لكن هذا التغيير تطلب وقـتـا. فـأنـت ال تـسـتـطـيـعفقط أن تغلق جـهـازك لـعـدة أيـام وتـتـوقـع حـدوث تـغـيـيـر كـبـيـر. إن إخـراج

التليفزيون من نظام حياتك يستغرق وقتا.

احلياة كما في سالف الزمانأغلق بول وبيا وارنر وابناهماM في شهر يوليو منذ سنوات مضتM منزلهمالواقع على مشارف بيتسبورجM وتركوا كالبهم لدى أحد اجليـرانM وذهـبـواإلى أفريقيا Aدة ستة أشهر. كان آدم في احلادية عشرةM وبيتر في التاسعة

لبول من قسم اAوسيقى بجامعتهM(*)من العمر. كانت تلك هي اإلجازة السبتيةوبفضل منحة صغيرة اعتزم أن يقضي الوقت في تأليف اAوسيـقـى بـعـيـداعن مسؤوليات التدريس. لقد شعر بأنه في حاجة إلى بعض الـتـغـيـيـر فـيحياتهM وكان قد ألف أفضل أعماله بعيدا عن البيـت. تـقـول بـيـا: «قـبـل أن

: إجازة للبحثب أو للسفر <نح ألستاذ اجلامعة في كل سنةSabbatical Leave(×) اإلجازة السبتية سابعة من العمل عادة.

Page 280: Al Atfal wa al2dman

280

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

نرحل إلى أفريقيا كان الولدان حقيقة مدمنh للتليفزيون. «اAغفلون الثالثة»عقب اAدرسةM والرسوم اAتحركة التي ال تنتهي. كنت في أثناء طهو الطعامفي اAطبخ أستطيع أن أسمع احلوار الصادر من اجلهازM ومن دون أن أرىالبرنامجM كان eكنني أن أقول إن تلك كـانـت اAـرة اخلـامـسـة عـشـرة الـتـييشاهدان فيها هذا البرنامج اللعh نـفـسـه. وقـد أثـار ذلـك حـنـقـيM وكـنـتأصرخ فيهما كي يخرجا وال أظن أنهما أبدا سمعاني ـ ذلك أنهما كانا فـي

حالة ذهول.حاولنا إقناعهما بتقليل اAشاهدة. وكنا باستمرار نضع كل أنواع القواعدوالضوابطM ال eكننا مشاهدة التليفزيون قـبـل االنـتـهـاء مـن اAـران أو أداءالواجب اAنزلي أو ما إلى ذلك. كان كفاحا حقيقيا. ور�ا كانـت الـطـريـقـةالتي يتمرنان بها حh كانا يندفعان لرؤية أحد البرامج أسوأ من عدم اAرانعلى اإلطالق. لقد ضايقنا ذلكM وبخاصة بولM ألن كال الولـديـن أرادا فـيالواقع أن يعزفا علـى إحـدى اآلالت. ولـم يـكـن األمـر كـمـا لـو أنـنـا نـضـغـطعليهما. لكن من الضروري أن تتمرن إذا أردت أن تتعلم العزف على إحدىاآلالت واAران صعب. وإذا كان هناك شيء أسهل eكن عملهM مثل مشاهدة

التليفزيونM فما الذي يدعو الطفل إلى اAران?.حh وصل آل وارنر إلى أفريقياM أقامواM طبقا لترتيب مسبقM في بيتمريح يخص أسرة أكادeي أمريكي آخر كان قد عاد إلى أمريكا Aدة سنة.كانت الكتب واأللعاب <أل البيـت. غـيـر أنـه لـم يـكـن بـه جـهـاز تـلـيـفـزيـون.

فالتليفزيون ببساطة لم يصل إلى تلك اAنطقة. وتضيف بيا:طبعاM كنا في بلد أجنبيM بلد غريب نوعا ماM وكان هناك الـكـثـيـر �ـاeكن للولدين رؤيته وفهمه. ولم يكن األمر شبيها باالنقطـاع اAـفـاجـئ عـنتعاطي جرعات اخملدر كطريقة لعالج اإلدمان التليفزيـونـي. لـكـن الـشـهـورالستة وقت طويل وكان علينا جميعا أن نعتمد على قدراتنا اخلاصة <اما.وأول ما الحظناه أن الطفلh شرعا يقرآن أكثر �ا فعال في أي وقت فـيالوطن. وأظن أن ذلك كان من منطلق اAلل الصرف. كان بيتر دائمـا قـارئـاجيداM لكن آدم لم يكن شغوفا بـالـقـراءة. أمـا اآلن فـقـد بـدأ يـقـرأ بـسـرعـةهائلة. قرأ جميع كتب الطبيعة اAوجودة في اAكان وأثارت احلياة البرية منحولنا اهتمامه بالفعل. كان في اAنزل دائرة معارف صغـيـرة وبـدأ الـولـدان

Page 281: Al Atfal wa al2dman

281

التخلي نهائيا عن التليفزيون

بحرف األلف ثم راحا يغوصان فيها! كان ذلك مدهشا حقاM ولم يستطع بولوأناM أن نصدق ذلك.

لكن أوضح الفروق <ثل في أننا بدأنا نتحدث بكثرة معا. كان ذلك يشبهأسلوب احلياة في سالف الزمان بصورة من الصور. كنا نحن األربعة نتحلقجميعا ونتحدث فحسب عن أي شيء. كنا نتحدث ونتـحـدثM حتـدثـنـا عـنMشكالت الـعـنـصـريـةAوحتدثنا عن ا Mاالشتراكية ألننا كنا في بلد اشتراكيوحتدثنا عن اAوسيقىM وعن الكتب. والواقع أن التوقيت كان مثالياM فالطفالنكانا قد كبرا بحيث eكنهما أن يتحدثاM إال أنهما كانا ال يزاالن صغيرين �ايكفي لالعتماد علينا. ولذلك كان عليهما أن يتقيدا بطـريـقـتـنـا الـروتـيـنـيـةاAألوفةM إلى حد ما. ولم يكن في وسعهما الذهاب إلى مكان ما وعمـل مـايريدانM مثل مشاهدة التليفزيونM إذ لم يكن لديهما شيء يخصهما هناك.كان علينا أن جند أشياء مشتركةM إذا أدركت ما أعنيه. إنني لن أنسى أبدا

تلك الشهور.حh عدنا إلى الوطن قررنا أنه ليس هناك سبب يحول دون أن نستمرفي احلديث معاM وليس هناك ما eنع الولدين من مواصلة قراءة الكثير من

الكتب. وقررنا أن نتخلص من جهاز التليفزيون اخلاص بنا.الوضع هناM طبعاM ليس هو الوضع نفسه في أفريقيا. فالتليفزيون فيالشارع أمام الطفلMh وما إلى ذلك. لكن األمور أفضل. فال يزال الـولـدانيقرآن أكثرM ويبدو أن لديهما اAزيد من الوقت. وهما يتسكعـان كـثـيـرا فـيMوأحيانا أكاد أجن منهما. غير أنهما في بعض األوقـات Mكما يظهر Mالبيتومن حيث ال تشعرM يشرعان في عمل شيء مثيرM مثل ترتيب لغـز كـلـمـاتمتقاطعةM أو البدء في تكوين مجموعة ما. وهما eارسان العزف هذه األيام

أكثر من ذي قبلM و�حض إرادتهما.

طرد الغريب من البيتيصف كوAان ماكارثيM أحد كتاب األعمدة في نيوزويكM نتائج التخلص

من التليفزيون:حh أغلقت التليفزيون للمرة األخيرة منذ عام مضىM وأخرست اجلهازإلى األبدM تكهن بعض األصدقاءM واألقاربM والناصحh اAتبرعh في اجملمع

Page 282: Al Atfal wa al2dman

282

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

السكني بأنني لن أمكث طويال من دونه. وجادل عدد قليل حـول الـشـكـوىالعامة من أن التليفزيون أرض قاحلة ال ترويها إال قطرات نادرة من برامجذات نوعية جيدة. وبدال من ذلكM ساورهم الشك في أن إدمان التليفزيونفترة تقارب السنوات العشرين السابقة eكن التغلب عليه بهـذا االنـقـطـاعالفجائي عن اAاضي. لقد أدمنت حقيقةM ولم تكن عروقي تهدأ إال بالتزودMوكانت جرعة زوجتي �اثـلـة Mساعة أسبوعيا hإلى خمسة وثالث hبثالثأما أطفالنا ـ ثالثة حتت سن السابعة ـ فكانوا بالفعل يستمعون إلى التليفزيون

أكثر �ا يستمعون إلينا.ـ وعائلتنا تعيش كأهل الكهوف اAثقفMh كما يقول واآلنM بعد مرور سنة أحد األصدقاء األنثروبولوجيh ـ فإن القرار الذي اتـخـذنـاه كـان مـن أكـثـرالقرارات في حياتنا الزوجية حكمة وتعقال. وتقديراتنا اخلاصة خالل هذهالسنة من االستقرار وهدوء األعصاب كانت عاليةM وتوضح أن أفعاال علىغرار التحدث مع أطفال اAـرءM وتـبـادل األفـكـار مـع الـزوجـةM والـسـيـر إلـىاAكتبة اجملاورة صباح يوم السبتM واألمـسـيـات الـهـادئـة فـي قـراءة الـكـتـبواجملالت بصوت عال أحدنا لآلخرM أو تناول العشاء كأسرةM تثيرنا ذهنيا

أكثر من أي شيء على شاشة التليفزيون.إن قسوة اإلدمان التليفزيوني ليست في توصيل الضحية إلى السلـبـيـةفي أثناء اAشاهدةM وإ�ا في كونها تتطلب منه ضرورة بذل جهد إيجابي من

أجل اجللوس إليه.فإذا عدت إلى اAنزل في الساعة السادسة مثالM وكان العشـاء جـاهـزافي السادسة وخمس وعشرين دقيـقـة ـ يـكـون فـيـلـم مـا بـعـد الـظـهـر الـذيتشاهده زوجتي قد عرض مـتـأخـرا ـ سـأزدرد الـطـعـام فـي خـمـس دقـائـق.فاAوعد النهائيM الذي يهوي كاAقصلةM هو في السادسـة وثـالثـh دقـيـقـة.

M ثم كرونكايت في السابعة. وإذا كانتChancellorفحينئذ يبدأ «اAستشـار . وإذا لم أكن قدABC على شبكة Smith and Reasoner �لةM فإن CBSشبكة

انتهيت من عشائيM سأعود بأقصى السرعة للمائدة فـي أثـنـاء اإلعـالنـاتمن أجل ازدراد لقيمات سريعة ثم أعود ثانية إلى جون الباردM والعم والتر أوهاري اAتجهم. أما زوجتيM ماف اليائسةM فقد بقيت عند اAائدة للسيطرةعلى هرج ومرج األطفـالM عـلـى أثـر عـدوي الـسـريـع دخـوال وخـروجـا. كـان

Page 283: Al Atfal wa al2dman

283

التخلي نهائيا عن التليفزيون

االضطراب الذي سمعته من حجـرة الـطـعـام مـالئـمـا إذ كـان يـتـمـاشـى مـعاالضطرابات العاAية التي نقلتها أخبار اAساءM باستثناء أن األخيرة التي في

«البعيد النائي» الغامض كان من السهل التعامل معها.ومع ذهاب اجلهازM ذهبت أيضا هذه األفعال القهرية والتدخالت. نحننتناول عشاءنا حاليا على مهل وفي هدوء. و�كث في الفناء إلى أن يأخذاألطفال كفايتهم من التسليةM وليس إلى الوقت الذي أحتاج إليه لـإلسـراعإلى البيت Aشاهدة ألعاب اجلولف في الرابعة عصرا. وأحياناM يعن لي ليMولزوجتي أن نقوم بتجربة طريفة بقضاء أمسية في حديث هاد� مطمئنوليس حديث نصف العبارات الذي كان يدور بيننـا كـمـمـارسـة اضـطـراريـةلتواصل األزواج. وفي تلك األيامM كنا نغلق اجلهاز في منتصف اAساء ويحيط

بنا في احلال صمت شديد الوطأة.Mشاهدة التليفزيونيةAإن الذي كان يحدث خالل كل تلك السنوات من اMوعلى مسـتـوى أعـمـق Mبل كان أيضا Mلم يكن إدمانا فحسب Mكما أراه اآلننوعا من التكيف. لقد تكيف كل منا على العيش مع غريب في البيت. فهل

.(١)هناك أي تعريف جلهاز التليفزيون أكثر جوهرية من ذلك

Page 284: Al Atfal wa al2dman

284

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

Page 285: Al Atfal wa al2dman

285

ال تليفزيون أبدا

ال تليفزيون أبدا

إن عدد األسر األمريكية التي اختارت الـعـيـش�ـا أن ٩٥٬٥ فـي Mمن دون تليـفـزيـون ضـئـيـل حـقـااAائة على األقل من مجموع البيوت اAسكونة لديهاجهاز تليفزيون واحد على األقل. ومن بh هذه األسرالالتليفزيونية عدد قليل لم eتلك جهازا تليفزيونيا

في حياته.ومـن بــh هــؤالء مــن قــرروا الــعــيــش مــن دونhتليفزيون ألنهم ببساطة ال يحـبـونـه. وكـان مـن بـاألسـبـاب الـتـي قـدمـت بـصـدد قـرار االمـتـنـاع عـنالتليفزيون <اما القول: «لم نشأ <لـك تـلـيـفـزيـونألننا شعرنا بأنه ال وقت عندنا لـه»M و «لـقـد رأيـنـاكمتزوجh جدد أنه ليس هناك حاجة حقيقية إلىhوبعـد إعـادة نـظـر عـدة مـرات بـ Mجهاز تليفزيونفترة وأخرى اليزال لدينـا الـشـعـور نـفـسـه وهـو أن

التليفزيون ليس مهما لنا».ويتحاشى بعض اAتزوجh <لك تليفزيون عندإنشاء بيت الزوجية خوفا من عجزهم في اAستقبلعن السيطرة عليه. ويعلل أحد اآلباء من دنفر ذلكبقوله: «كنت قلقا من احتمال زيادة اAشاهدة أكثـر�ا ينبغيM وهو ما تعودت أن أفعله حh كنت أعيشفي الـبـيـت. كـنـت أجـلـس أمـام ذلـك الـشـيء طـوال

19

Page 286: Al Atfal wa al2dman

286

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

اليوم». ويقول أب من نيومكسيكو تفسيرا لعدم وجود جهاز تليفزيوني فـي(١)بيتهA» Mاذا أحضر العدو إلى منزلي?»

ويشكل اآلباء واألطفال الذين لم eتلكوا قط جهاز تليفزيون في منازلهمجبهة صلبة: فمن بh األسر الثالث عشرة التي لم <تلك يوما جهاز تليفزيونوأجريت معها مقابالت خاصة بهذا الكتابM لم يعرب أي شخص سواء من

الوالدين أو األطفال عن الرغبة في حيازة تليفزيون.والواقع أن الشعور بالفخر الذي يقارب أحيانا شعـور الـرضـا بـالـنـفـسكثيرا ما eيز األسر التي لم <تلك جهازا تليفزيونيا باAرة. يقول طفل فيالثامنةM «ال �لك جهازا ألن لدى أسرتنا أشياء أخرى تفعلـهـا وعـنـدنـا مـنالتسلية ما هو أكثر». ويقول طفل في العاشـرة «كـثـيـر مـن األطـفـال الـذيـنأعرفهم يشاهدون التليفزيون طوال الوقت. وهو أمر محزن». وتشير إحدىMاألمهات إلى أن «األطفال يشعرون بالفخر لعـدم وجـود تـلـيـفـزيـون عـنـدنـاويطيب لهم أن يقولوا إننا ال �تلك هذا اجلهاز». ويتناقض هذا بشدة مـعاAوقف الذي جنده غالبا بh األسر التي تتخلى عن التليفزيون بعد سنواتمن اAشاهدة. ففي هذه األسر قد يستمر االسـتـيـاء بـسـبـب الـتـخـلـص مـن

التليفزيون بh األطفالM لفترة على األقل.كثيرا ما سئل اآلباء الالتليفزيونيون حول ما إذا كانوا يجدون أن مهمةتنشئة األطفال أكثر صعوبة في غياب جهاز التليفزيون. لـكـن هـؤالء اآلبـاءيعتقدون في أحيان كثيرة أن حياتهم أسهلM ألن لدى أطفالهم البراعة وسعة

احليلة من ناحيةM وألن بؤرة من بؤر الصراع قد أزيلت من ناحية أخرى.تقول أم من دنفر: «إنني أعترض على الذين يظنون أن من الواجب عليأن أحتلى بصبر جميل لتدبير أمور أطفالي من دون التليفزيون. ليس لديمن الصبر شروى نقير. لكن لدى أطفالي الكثير �ا يشغلهمM ولم يـحـدث

أن سمعت أيا منهم يقول ماذا سأفعل اآلن?»وتسلم أم من نيويورك لديها ثالثة أطفال بأنه «ر�ا يكون من الصوابفي ساعة إعداد العشاء أو ما إلى ذلك صرف األطفال Aشاهدة التليفزيون.فذلك هو أكثر األوقات بغضا في اليوم ألن األطفال جائعون ومتعبونM وأناجائعة ومتعبةM أيضا. لكني أظن أن القليل من اAشاكسة اAفيـدة والـصـراخوالصياح بh بعضهم البعض يثير شهيتنا. ومع حلول وقت العشاء يكون كل

Page 287: Al Atfal wa al2dman

287

ال تليفزيون أبدا

شيء على ما يرام. وذلك ثمن بسيط ندفعه لقاء جميع مزايا احلياة من دونتليفزيون».

واAعضلة الوحيدة التي تذكرها األسر غير التلـيـفـزيـونـيـة هـي صـعـوبـةاجتذاب جليسات األطفال إلى بيت ال تليفزيوني.

وتقول أم لديها طفالن صغيران ولم <تلك جهاز تليفزيون أبدا: «مشكلتيالكبرى هي جليسات األطفال. أحاول اجتذابهن باحلـديـث عـن الـسـتـيـريـووالسماح لهن بإجراء جميع اAكاAات الهاتفية كما يردنM لكنها مشكلة كبيرة».Mوتضيف هذه األم «إذا كان هناك أي شيء سيؤدي إلى حصولنا على جهاز

فسيكون ذلك لتسهيل احلصول على جليسات األطفال».وتتميز األسر التي لم <تلك أي تليفزيون باAزيد من األحاديث األسريةالتي يدور معظمها في أثناء وجبات الطعامM إذ يبدو أن أفـرادهـا يـقـضـون

وقتا أطول وهم يأكلون معا مقارنة باألسر األخرى.hتقول إحدى األمهات: «إن الدهشة تعتري ضيوفنا في البيت دائما حيأتون لإلفطار ويجدوننا جميعا نتحدث معا. وفي بعض األوقات جنلس إلىمائدة اإلفطار ساعة ونصف الساعة. لكننا جميعا نذهب إلى النوم مبكرين

للغايةM مبكرين بصورة سيئةM ونستيقظ مبكرين أيضا».وتصف أسر أخرى لم يكن لديها تليفزيون ذات يوم نزعة مشابهة للتمهلوالتأني خالل الوجباتM وعلى العـشـاء غـالـبـا أكـثـر �ـا فـي اإلفـطـارM مـنناحية ثانية. ويتضح ارتباط ذلك بعدم وجود التليفزيـون مـن أقـوال األسـرالتي حازت أجهزة تليفزيون من قبلM وكثيـرا مـا تـشـيـر إلـى وجـبـات أطـولMوأكثر ثرثرة وجتاذبا لألحاديث بعد أن تخلصت من التليفـزيـون. وعـمـومـايشار إلى أوقات النوم اAبكر أيضا من قبل األسر الـتـي لـم <ـتـلـك أجـهـزة

تليفزيونM باإلضافة إلى األسر التي تخلت عن التليفزيون.وغالبا ما حتاول األسر التي تتخلى عن التليـفـزيـون أن تـسـتـبـدل وقـتاAشاهدة بألعاب وأنشطة أسرية. على أن األسر التي لم يكن لديها تليفزيونأبدا ال تقدم دليال يذكر على أنها تلعب مع أطفالها أكثر من اآلباء اآلخرين.تقول أم لديها طفالن في سن اAدرسة «نحن في الواقع ال �ارس أي ألعابإطالقا كأسرة. وأصدقكم القولM إنـنـي ال أحـب �ـارسـة األلـعـابM لـكـنـنـا

نتحدث كثيرا جدا معا».

Page 288: Al Atfal wa al2dman

288

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

فكيفM إذنM تقضي هذه األسر وقت فراغهاM وبخاصة تلـك الـسـاعـاتمن اAساء التي <ضيها أسر أخرى في مشاهدة التليفزيون?

جتيب إحدى األمهات: «القراءةM الكل يقرأ بنفسـهM عـلـى انـفـراد. وفـيالصيف يظل األوالد يلعبون خارج البيت حتى موعد الرقاد».

وفي العديد من هذه األسرM يستغرق اAران علـى عـزف آلـة مـوسـيـقـيـةhوقت األطفال. وقد مارس العزف على البيـانـوا أطـفـال أربـع أسـر مـن بـاألسر العشر غير التليفزيونيةM التي شملها استطالع جلـريـدة الـنـيـويـورك

.(٢)تاeز لها في مقال عن األسر غير التليفزيونيةوأمضت األسر جانبا من الوقتM الذي كان يحتمل أن تقضيه في اAشاهدةالتليفزيونيةM في االستماع إلى الراديو واألسطواناتM واألنشطة التي تعتبر«�اثلة وظيفيا» للمشاهدة التليفزيونية (غالـبـا مـا يـجـمـع الـبـاحـثـون هـذهاألنشطة الثالث في صنف واحد). ويروي عدد من اآلباء �ن لم eتلـكـواأجهزة تليفزيونية قط أنهم وأطفالهم يقضون وقتا في االستماع إلى تسجيالتللقصص واAسرحيات وما شابه ذلكM وليس األسطوانات اAوسيقية فقط.لكن هؤالء اآلباء ال يشيرون إلى انغماس أطفالهم في فانتازيا التسجيالتعلى نحو خطر أو مثير للقلقM كما يفعل آباء كثيرون بشأن انغماس أطفالهمالتليفزيوني. ونبهت إحدى األمهات إلى «أنك تستعمل خيالك في االستماعإلى األسطوانات أو القصص اإلذاعيـة». والحـظ أب آخـر: «أحـيـانـا تـتـعـبطفلتي ذات السنوات اخلمس وتستـمـع إلـى إحـدى االسـطـوانـات مـن أجـلاالسترخاءM لكنها غالبا ما تنام قبل انتهاء األسطوانة. وال أظن أن األطفالالذين يخدرهم التليفزيون ينامون فعال في أثناء اAشاهدةM إنهم فقط يجلسون

أمامه غائبh عن الوعي».وعلى خالف األسر التي تتخلى عن التليفزيون بعد سنوات من اAشاهدةوتشعر غالبا بالرغبة في التبشير بأسلوب حياتها اجلديدM <يل األسر التي

لم <تلك جهازا قط إلى قلة الكالم بشأن واقعها الالتليفزيوني:يقول أحد اآلباء: «نادرا ما نذكر ذلك للناسM على الرغم من أن اجليران

يكتشفون أن بيتنا خال من التليفزيون عن طريق أطفالهم».وتقول إحدى األمهات: «نحن بالكاد نتحدث عن التليفزيون مع أصدقائناوحتى معظم الناس ال يـعـرفـون أنـنـا لـيـس لـديـنـا جـهـازM فـيـمـا عـدا أقـرب

Page 289: Al Atfal wa al2dman

289

ال تليفزيون أبدا

األصدقاء. وحh يسألون عما إذا كنا شاهدنا كيت وكيت من البرامج تقولالM لقد فاتناM من دون التطرق إلى عدم حيازتنا التليفزيون».

ر�ا يكون التكتم لدى األسر التي لم <تلك جهازا قط نوعا من الدفاعاAكتسب ضد ردود الفعل احلساسة من جانب آباء كثيريـن عـنـد الـتـعـرضحلجة مناوئة للتليفزيونM ال سيما حh يتم التعبير عنها بلهجة تزكية الذات

التي <يز اAتحولh اجلدد إلى نصرة قضية ما.تقول أم ال تتردد في التعبير عن صراحة رأيها السلبي في التليفـزيـونوابتهاجها بحياتها األسرية من دونه: «لقد اتهمنا مرات كثيرة بحرمان أطفالناثقافياM ويدهشك ما قد تراه لدى الناس من انفعال وغضب حh تعبر عنفكرة عدم استحسانك للتليفزيون. إن ذلك أسوأ من التهجم على األمومة أوفطيرة التفاح. نحن نصطحب أطفالنا األربعة معنا إلى احلفالت اAوسيقيةواAتاحف وال نشعر بأنهم محرومون من الثقافة. على العكسM أنا مسرورةبنموهم جسدياM وعقليـا وعـاطـفـيـا فـهـم نـشـيـطـونM مـتـحـمـسـونM مـحـبـونلالستطالع واستقاللية التصرف. وهم يحبون القراءةM ويحققون نتائج طيبةفي اAدرسةM ولديهم تصورات خصبةM وال ينتهي ما في جعبتهم من أشيـاء

يفعلونها».وعلى الرغم من أن األسر التي لم <تلك أجهزة تليفزيونية تتهم أحيانابأن لديها شعورا بالزهو إال أنه قد يكون لديها ما يبرر هذا الشعور. فكما

يروي أحد هؤالء اآلباء:«يسألني الناس دائما بطريقة اتهامـيـة: أال تـريـد أن يـشـاهـد أطـفـالـك«شارع السمسم?»M لكننا أسرة حميمة وال نريد فواصل قائمة تبعد أحدنـاعن اآلخر. نحن نقرأ كثيراM ونتحدث كثيراM ونستمع إلى اAوسيقى. ونادراما نستأجر جهازا من أجل حدث استثنائي كتحقيقات ووتر جيت أو مسابقةMرياضية كبيرة. لكن التليفزيون بالنسبة لنا أشبه ما يكون بالطعام الرديء

.hوح hح hفهو شيء ال يحدث إال ب

Page 290: Al Atfal wa al2dman

290

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

Page 291: Al Atfal wa al2dman

291

خاKة

هناك نهجان للتفـكـيـر بـشـأن الـتـلـيـفـزيـون فـيمجتمعنا. فاستعماله وزيادة استـعـمـالـه قـد يـنـظـرإليهما كعرضh لعلل حديثة أخرى: االغترابM نزعالطابع اإلنسانيM فتور اAشاعرM اخلواء األخالقي.والنهج الثاني أن يعتبر اAرء جهاز التليفزيون مولدالـلـمـرضM أي مـصـدر أعـراض مـن هـذا الــقــبــيــل.ويكشف طابع العجز الذي يحيط �سألة التليفزيونعن سيطرة النهج األول في التفكير: فالتليـفـزيـون«هنا وهو جزء من حياتناM وال eكـنـنـا عـمـل شـيء

بصدده».إن من السخف إنكار وجود الكثير من األمراضاخلطيرةM ور�ا اAستعصية التي تكتنفنا في مجتمعتزداد سيطرة التكنولوجيا عليه. وثمة جوانب عديدةحقا من حياتنا احلديثة خارجة عن نطاق سيطرتنا.فلقد حدثت تعديات مخيفة على خصوصية بيوتناوعائالتنا التي لم يسبق انتهاك حرمتهاM سواء منقبل األنشطة احلكومية غير اAشروعة أو االنتهاكاتالالقانونية من جانب القوى اAضادة للمجتمع التييبدو أن عددها يزداد باستمرار. ونحن نشعر بأنناعاجزون أكثر فأكثرM ومن اAؤكد أن اعتمادنا علـىالتليفزيون هو انـعـكـاس لـهـذا الـعـجـز. فـإذا كـانـتالفاعلية عقيمة في اجملتـمـع احلـديـثM وإذا كـانـتجهودنا ال معنى لها أمام بيروقراطية يتعذر ضبطهاوفهمهاA MاذاM إذنM ال نتعود على متع السلبية التامة?وهـنـاك تـبـريـر شـائـع آخـر فـيـمـا يـتـعـلـق بــدور

خاKة

Page 292: Al Atfal wa al2dman

292

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

التليفزيون في حياة األطفال. يقول مسؤول تليفـزيـونـي: «هـنـاك كـثـيـر مـنالعائالت لن يحصل الطفل الذي يشاهد التليـفـزيـون فـيـهـا عـلـى أي شـيءMفكلما زادت ال مباالة اآلباء الذين تـتـعـامـل مـعـهـم Mأفضل من جانب اآلباء

أصبح التليفزيون وسيلة أكثر نفعا».إن الدعوى القائلة إن االستعمال السيئ للتليفـزيـون مـقـبـول ألنـه يـحـلمحل أسلوب حياة ال يستهوي النفس هي حجة مضللةM ألنها تنطوي ضمناعلى عدم وجود أسلوب حياة أفضل. غير أن هناك بدائـل أخـرى مـوجـودةفعال من أجل الطفل ذي الوضع األسري التعسM مثالM أو الذي يتسم أبواهبعدم االكتراث. ومن ناحية ثانيةM فإن وجود التليفزيون في اAنزلM واعتمادالطفل عليه من أجل تلك اإلشباعات التي ينبغي أن يحصل عليها من خاللعالقاته األسريةM ال eكنـهـمـا إال زيـادة عـدم اكـتـراث أبـويـة ودوام الـوضـع

الباثولوجي (اAرضي). hا كانت الراحلة دوروثي كوه�M أستاذة التربيةM اAهنيةDorothy Cohenر

الوحيدة اAؤثرة التي حتدثت بطريقة ال لبس فيها عن الدور اخملرب للتليفزيونفي حياة األطفالM فقد الحظت ذات مرة أن: «تأثـيـر الـتـلـيـفـزيـون فـي مـن

hظل عند احلد األدنى من حـيـث األهـداف(*)نسميهم األطـفـال احملـرومـ مثل تعلم القراءة ـ لكن تأثـيـره فـي �ـوهـم كـان ضـخـمـا. لـقـد سـرق مـنـهـمفرصهم الطبيعية في الكالمM واللعبM والعمل. وأعاق فرصهم السويـة فـيالنمو. إن األمر األهم بالنسبة لي هو حماية األطفال أثناء تلك الفتـرة مـنحياتهم التي تتسم بقابلية التأثر. إنني أعـتـقـد أن األطـفـال فـي حتـت سـناخلامسة ال ينبغي أن يشاهدوا التليفزيون إطالقا. لكن أحدا لن يلقي باالإلى ذلك. وأنا أقول ذلك بقوة وبانفعال حتى يتوصل الناس إلى حل وسطأفضل نوعا ما. وذهنياM فإننـي أعـتـقـد أن األطـفـال الـصـغـار ال يـنـبـغـي أنيشاهدوا التليفزيونM لكني أخشى أن يكون من اAستحيل في الواقع حتقيق

.(١)ذلك»ور�ا يؤدي إدراك اآلباء للتأثير اAرضي احملتمل للتليفزيون في أساليبتفكير وسلوك األطفال الصغار. إلى إعادة النظر في قبولهـم لـلـتـلـيـفـزيـون

: تنقصه اخلدمة التربوية أو الثقافة االجتماعيـة (قـامـوسDisadvantaged Child(×) طفل محـروم التربية)

Page 293: Al Atfal wa al2dman

293

خاKة

كجزء البد منه في حياة أطفالهم. وقد ينقل مركز اهتـمـامـهـم مـن الـشـيءالذي يشاهده األطفال إلى سبب وكم اAشاهدةM وما يفوتهم نتيجة لـذلـك.إن فهم التغييرات التي حتدث في تنشئة الطفل بسبب إتاحة الـتـلـيـفـزيـونكمسكن ألطفال ما قبل اAدرسة النشيطh واAـزعـجـh ـ الـتـغـيـيـرات الـتـيتفضي إلى تنشئـة اجـتـمـاعـيـة سـقـيـمـة ـ ر�ـا يـحـث اآلبـاء عـلـى إدراك أنالصعوبات التي يواجـهـونـهـا كـآبـاء ازدادت فـي الـنـهـايـةM ولـم تـقـلM نـتـيـجـةالستعمالهم التليفزيون كمصدر للراحة. وأخيراM فإن تأمل االنتهاكات التيMواألحـاديـث Mوتأثيراته فـي الـوجـبـات Mيقوم بها التليفزيون للحياة األسريةواأللعابM والطقوسM قد يقنع اآلباء بأن ثمن تقبل التليفزيون كعنـصـر مـن

عناصر القوة في األسرة إ�ا هو ثمن باهظ للغاية.فعلى الرغم من أننا قد نكون مغلولي األيـدي أمـام اآللـة اجملـردة الـتـيصار إليها اجملتمع احلديثM فمازال بإمكانـنـا تـأكـيـد إرادتـنـا فـي مـواجـهـةجهاز التليفزيونM تلك اآللة ذات احلضور الفعلي واAلموس في بيوتنا. وإن

بإمكاننا أن نتعلم السيطرة عليه حتى ال يسيطر علينا.

Page 294: Al Atfal wa al2dman

294

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

Page 295: Al Atfal wa al2dman

295

ا�راجع

املراجع

املقدمة1. Philip Slater, The Pursuit of Loneliness (Boston: Beacon Press, 1972).

مقدمة الطبعة الثانية1. Nielsen Media Research, National Audience Demographics Report: 1993-1994.

الفصل األول1. Nielsen Media Research, National Audience Demographics Report: 1993-1994.

2. Benjamin Spock, Baby and Child Care (New York: Pocket Books, 1963). 3. Ibid., 1976 edition.

4. Evelyn Kaye Sarson, “How TV Threatens Your Child“, Parents‘ Magazine, August, 1972.

5. Quoted in Norman Morris, Television‘s Child (Boston: Little, Brown, 1971).

6. Sedulus, “Sesame Street,” New Republic, June 6, 1970.

7. Nathan Talbot, Raising Children in Modern America (Boston: Little, Brown, 1976).

8. Nat Rutstein, Go Watch TV! (New York: Sheed and Ward, 1974).

9. Joyce Maynard, “Growing Up with TV,” TV Guide, July 5, 1975.

10. Jack Gould, “Family Life 1948 AT (After Television),” The New York Times, August 1, 1948.

الفصل الثاني1. Quote from personal interview, May 7, 1975.

2. T. Berrs Brazelton, “How to Tame the TV Monster,” Redbook, April, 1972.

3. Letter from Matthew Dumont, M.D., American Journal of Psychiatry, Vol. 133, April, 1976.

4. Dr. Werner I. Halpern, quoted in Philip Jones, “The Educational TV in Your School May Be Anything

But Educational,” The American School Board Journal, March, 1974.

5. Gerald Lesser, Children and Television (New York: Random House, 1974).

الفصل الثالث1. Lawrence Kubie, Neurotic Distortion and the Creative Process (Lawrence: University of Kansas

Press, 1958).

2. Stanton Peele and Archie Brodsky, Love and Addiction (New York: Taplinger, 1975).

3. Les Brown, “Democrats Reach Low TV Audience,” The New York Times, January 25, 1975.

Page 296: Al Atfal wa al2dman

296

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

4. Cyclops, “The West Coast-Is It Live or on Tape? The New York Times, July 20, 1975.

5. John Cheever, Bullet Park (New York: Alfred A. Knopf, 1967).

الفصل الرابع1. S. Ball and G. Bogatz, The First Year of Sesame Street: An Evaluation, and The Second Year of

Sesame Street: A Continuing Evaluation (Princeton, N.J.: Educational Testing Service, 1970, 1971).

2. Thomas D. Cook, Hilary Appleton, Ross F. Conner, Ann Shaffèr, Gary Tamkin, and Stephen J.

Weber, “Sesame Street Revisited (New York: Russell Sage Foundation, 1975).

3. Edith Spiegel, “Yes, Sesame Street Has its Detractors,” The New York Times, August 5, 1979.

4. Ibid.

5. Bernard Z. Friedlander, Harriet S. Wetstone, Christopher S. Scott, “Suburban Preschool Children’s

Comprehension of an Age-Appropriate Informational Television Program,” Child Development,

Vol. 45, 1974.

6. Leifer, Collins, Gross, Taylor, Andrews, and Blackmer, “Develop- mental Aspects of Variables

Relevant to Obervational Learning,” Child Development, 1970.

7. Coates and Hartup, “Age and Verbalization in Observational Learning,” Development Psychology,

Vol. 1, 1969.

8. S. L. Calvert and B. A. Watkins, “Recall of Television Content as a Function of Content Type and

Level of Production Feature Use,” paper presented at the meeting of the Society for Research in

Child Development, San Francisco, 1979.

9. See Eric H. Lenneberg, “On Explaining Language,” Science, May 9, 1969, for a discussion of brain

lateralization.

10. The idea of two disparate forms of mental organization was suggested by Arthur J. Deikman,

Bimodal Consciousness, “Archives of General Psychiatry, December, 1971.

11. Ralph N. Haber, “Eidetic Images,” Scientific American, April, 1969.

12. Jerome Kagan, Change and Continuity in Infancy (New York: John Wiley & Sons Inc., 1971).

13. Ned O‘Gorman, “The Children,” The New York Times Magazine, June 1, 1975.

14. Selnow and Bettinghaus, “Television Exposure and Language Level,” Journal of Broadcasting,

26:2, Spring, 1982.

15. Mark R. Roserszweig, Edward L. Bennet, and Marian Cleeves Diamond, “Brain Changes in Response

to Environment,” Scientific Amer- ican, February, 1972.

16. Among these studies are: H. Skeels, “Adult Status of Children with Contrasting Early Life

Experiences, “Monographs on Social Research in Child Development, Vol. 31, 1966; Coleman and

Provence, “Environmental Retardation in Infants Living in Families,” Pediatrics, Vol. 19, 1957; R.

Spitz, “Hospitalism,” Psychoanalytic Study of the Child, Vol. I, 1945; W. Goldfarb, “Effects of

Psychological Deprivation in Infancy and Subsequent Stimulation, “American Journal of Psychiatry,

Page 297: Al Atfal wa al2dman

297

ا�راجع

Vol. 102, 1945.

17. Wiesel and Hubel, “Effects of Visual Deprivation on Morphology and Physiology of Cells in Cats‘

Lateral Geniculate Body,” Journal of Neurophysiology, Vol. 26, 1963.

18. A. Riesen, “Arrested Vision,” The Nature and Nurture of Behavior, ed. Greenough (San Francisco:

W. H. Freeman Co., 1973).

19. See Maya Pines, “Head Head Start,” The New York Times Magazine, October 26, 1975, and Urie

Bronfenbrenner, “Is Early Intervention Effective?” report for Department of Health, Education, and

Welfare (Washington, D.C., 1974).

20. Quoted in Lucien Malson, Wolf Children and the Problem of Human Nature (New York: Atlantic

Monthly Press, 1972).

الفصل اخلامس1. A discussion of the “acoustic“ image of words is found in H. J. Chaytor, From Script to Print (London:

W, Heffer and Sons, 1950),

2. Bruno Rettelheim, “Parents vs. Television,” Redbook, November, 1963. 3. Tony Schwartz, The

Responsive Chord (New York: Anchor/Doubleday, 1973).

4. Much of the material in this section is based on a reading of Julian Hochberg and Virginia Brooks’

“The Perception of Television Displays,” a prepublication draft of a survey and analysis of the basic

perceptual determinants that may affect viewers‘ responses to the tele- vision experience,

commissioned by the Television Laboratory at WNET/13.

5. Ibid.

6. Quoted in Martin Mayer, About Television (New York: Harper and Row, 1972).

7. Lyle and Hoffman, Explorations in Patterns of Television Viewing by Preschool-age Children“,

Television and Social Behavior, Vol. IV.

8. J. Feeley, “interest and Media Preference of Middle Grade Children“, Reading World, 1974.

9. California State Department of Education, “Student Achievement in California Schools, 1979-80

Annual Report, Sacramento, California, 1980.

10. Christine M. Bachen et al., “Television Viewing Behavior and the Development of Reading Skills:

Survey Evidence“, paper presented at the Annual Meeting of the American Educational Research

Association, New York, March, 1982.

11. George Steiner, :After the Book?” Visual Language, Vol. 6, 1972.

12. Quoted in Norman Morris, Television‘s Child (Boston: Little, Brown, 1971).

13. E. Parker, “The Effects of TV on Public Library Circulation“, Public Opinion Quarterly, Vol. 127,

1963.

14. Andrew Malcolm, “Japan‘s Reading Craze at a Peak in Recession“, The New York Times, March

26, 1976.

Page 298: Al Atfal wa al2dman

298

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

15. “It‘s Cold Turkey for the Families on 89th Street“, New York Post, April 22, 1977; “Kicking the

TV Habit“, The New York Times, March 16, 1982; “Is There Life Without TV?”, Wall Street

Journal, February 8, 1984.

16. Grace and Fred Hechinger, “Can TV Lead Children to Reading?” The New York Times, June 29,

1980.

17. Article by Edward B. Fiske, The New York Times, September 8, 1983.

18. “The Refusal to Read“, The New York Times, September 28, 1982.

19. Jerzy Kosinski, quoted in Horace Newcomb, Television: The Critical View (London: Oxford

University Press, 1976).

الفصل السادس1. Television and Behavior: Ten Years of Scientific Progress and Implications for the 80's, Vol. 1,

Summary Report, National Institute of Mental Health, Rockville, Maryland, 1982.

2. T. M. Williams, “The Impact of Television: A Natural Experiment Involving Three Communities“,

symposium presented at the meeting of the Canadian Psychological Association, Vancouver, 1977.

3. E. A. Medrich, “Constant Television: A Background to Daily Life“, Journal of Communication,

29:3, 1979.

4. S. C. Burton, J. M. Calonico, and D. R. McSeveny, “Effects of Preschool Watching on First-Grade

Children“, Journal of Communication, 29:3, 1979.

5. M. Morgan and L. Gross, “Television Viewing, I.Q. and Academic Achievement“, Journal of

Broadcasting, 24:2, Spring, 1980.

6. “Coast Survey of Students Links Rise in TV Use to Poorer Grades“, The New York Times, November

9, 1980.

7. “French Schoolchildren Found to Eat Little and Work Too Much“, The New York Times, October

27, 1976,

8. Gene Maeroff, “Specific TV Shows Tied to a Child‘s Achievements“, The New York Times, March

30, 1982.

9. Indeed, a small, two-point rise in 1982 was attributed by the College Board primarily to rising scores

among minority students, whose educational opportunities have slowly begun to improve during

recent years.

10. Statistical Abstract of the U.S. (Washington, D.C.: Bureau of the Census, 1975).

11. Ibid.

12. Lyle and Hoffman, “Explorations in Patterns of Television Viewing by Preshool-age Children“,

Television and Social Behavior, Vol. IV.

13. Schramm, Lyle, Parker. op. cit.

14. Lyle and Hoffman, op. cit.

Page 299: Al Atfal wa al2dman

299

ا�راجع

15. Edward B. Fiske, “Students Gain in Basic Skills But High School Scores Fall“, The New York

Times, April 10, 1983.

16. C. A. Char and L. Meringoff, “The Role of Story Illustrations-Children’s Story Comprehension in

Three Different Media“, Technical Report 22, Harvard Project Zero, January, 1981.

17. Howard Gardner, “Reprogramming the Media Researchers“, Psychology Today, January, 1980.

18. Gene Macroff, “Rise in Remedial Work Taxing Colleges“, The New York Times, March 7, 1976.

19. Writing Achievement, 1969-1979: Results from the Third National Writing Assessment (The National

Assessment of Educational Progress, Princeton, N.J., 1980).

20. Edward B. Fiske, “Reading Analysis is Called Lacking“, The New York Times, November 21,

1981.

21. “Teachers Say They Expect Less from Homework and Get It“, The New York Times, May 4, 1978.

22. Quoted in “Why Johnny Can‘t Write“, Newsweek, December 8, 1975.

23. Quoted in ibid.

24. “Helping Kids with TV“, New York Daily News, January 2, 1979.

25. Leslie Maitland, “Studying with the TV On“, The New York Times, March 17, 1979.

26. “The Decline in Homework“, Newsweek, January 8, 1979.

27. Ibid.

28. Sally Reed, “Schools That Make a Positive Use of TV“, The New York Times, April 20, 1980.

29. Daniel J. Boorstin, “A Nation of Readers“, The New York Times, June 6, 1982.

30. William M. Bulkeley, “An Electronic Critic Tells Today‘s Typist How to Write Better“, The Wall

Street Journal, September 29, 1983.

الفصل السابع1. Skyrocketing Juvenile Crime, The New York Times, February 21, 1975.

2. Bryce Nelson, Children Who Kill, The New York Times, October 11, 1983.

3. Quoted from address to Child Study Association of America, 1961.

4. Edith Efron, Does Television Violence Really Affect TV Viewers?, TV Guide, June 14, 1975.

5. Enid Nemy, Violent Crime by Young People: No Easy Answers, The New York Times, March 17,

1975.

6. Crime on Television: A Survey Report (Los Angeles: National Association for Better Radio and

Television, 1964).

7. Nielsen Television Index (A. C. Nielsen Co., Hackensack, N.J.).

8. Larry Gross, The Real World of Television, Today‘s Education, January-February, 1974.

9. Kurt Lang and Gladys Engel Lang, The Unique Perspective of Television and Its Effects - A Pilot

Study, American Sociological Review, February, 1953.

10. Mainliner Magazine, july, 1974.

Page 300: Al Atfal wa al2dman

300

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

11. See Roger Rosenblatt‘s “Residuals on an American Family”, New Republic, November 23, 1974,

for a discussion of the Loud family and their appearance on “An American Family”.

12. See The New York Times, April 12, 1964, for an account of the Kitty Genovese murder.

13. Quoted by Edmund Carpenter in Oh What a Blow That Phantom Gave Me (New York: Holt,

Rinehart, Winston, 1972).

14. Victor Cline, The Desensitization of Children to Television Violence (Bethesda, Md.: National

Institute of Health, 1972).

15. Victor Cline, “Television Violence: How It Damages Your Children“, Ladie‘s Home Journal,

February, 1975,

16. Ted Morgan, “They Think I Can Kill Because I‘m 14", The New York Times Magazine, January

19, 1975.

17. Alan B. Zients and Elyce H. Zenoff, “Juvenile Murderers: Should the Punishment Fit the Crime?

International Journal of Law and Psychiatry, Vol. 2, no. 4, 1979.

18. See “Youthful Violence Grows“, The New York Times, November 4, 1974; and “Tale of a Young

Mugger”, The New York Times, April 11, 1976.

19. Quoted in Morgan, op. cit.

20. Quoted in “Youthful Violence Grows“, The New York Times, November 4, 1974.

21. Dr. Denise Shine, head of the Rapid Intervention psychiatrists’ office in Brooklyn Family Court,

quoted in Morgan, op. cit.

الفصل الثامن1. Lyle and Hoffman, “Explorations in Patterns of Television Viewing by Preschool-age Children“,

Television and Social Behavior, Vol. IV.

2. See Shramm, Lyle, Parker, Television in the Lives of Our Children (Stanford, Cal.: Stanford University

Press, 1961) or Himmelweit, Oppenheim, Vince, Television and the Child (London: Oxford

University Press, 1958) for an investigation of this theory.

3. Lyle and Hoffman, op. cit.

4. “The Child and Television Drama: The Psychological Impact of Cumulative Viewing, formulated

by the Committee on Social Issues, Group for the Advancement of Psychiatry, Mental Health

Materials Center, New York, 1982.

5. Jerome Singer and Dorothy Singer, “A Member of the Family“, Yale Alumni Magazine, March,

1975.

6. Stephen J. Suomi and Harry F. Harlow, “Monkeys at Play“, Natural History, December, 1971.

7. Edward Norbeck, “Man at Play“, Natural History, December, 1971.

8. “Many Rebels of the 1960's Depressed as They Near 30", The New York Times, February 29, 1976.

Page 301: Al Atfal wa al2dman

301

ا�راجع

الفصل التاسع1. René Dubos, “The Despairing Optimist“, American Scholar, Winter, 1975/76.

2. P. Whitty, “Studies of the Mass Media, 1949-1965", Science Education, 1966.

3. Lawrence Fuchs, Family Matters (New York: Random House, 1972).

4. Uniform Crime Reports for the U.S., Federal Bureau of Investigation.

5. Norman F. Zinberg and John A. Robertson, Drugs and the Public (New York; Simon and Schuster,

1972).

6. Michael Shamberg, Guerrilla Television (New York: Holt, Rinehart, Winston, 1971).

7. Alvin Toffler, Future Shock (New York: Random House, 1970).

8. Quote from “The Effects of Marijuana on Consciousness“, in Charles Tart, Altered States of

Consciousness (New York: John Wiley and Sons, 1969).

الفصل العاشر1. The New York Times, February 12, 1976.

2. Dorothy McFadden, “Television Comes to Our Children“, Parent‘s Magazine, January, 1949.

3. Hennetta Battle, “TV and Your Child,” Parents Magazine, November, 1949.

4. Jack Gould, “What Is Television Doing to Us?” The New York Times, June 12, 1949.

5. Himmelweit, Oppenheim, Vince, Television and the Child (London: Oxford University Press, 1958).

6. Urie Bronfenbrenner, “Who Cares for America‘s Children?,” address presented at the Conference of

the National Association for the Education of Young Children, 1970.

7. Eleanor Dienstag, “What Will the Kids Talk About? Proust?” The New York Times, December 24,

1972.

8. Ibid.

9. James H. Bossard and Eleanor S. Boll, Ritual in Family Living (Philadelphia: University of

Pennsylvania Press, 1950).

10. Bossard and Boll, The Sociology of Child Development (New York: Harper and Row, 1960).

11. Ralph V. Extine, “Visual Interaction: The Glances of Power and Preference,” in Nonverbal

CommunicationـــــــــReading with Commentaries, ed. Shirley Weitz (New York: Oxford University

Press, 1974).

12. Bruno Bettelheim, The Informed Heart (New York: The Free Press, 1960).

13. Cyclops, “Watching the World Through TV-Colored Glasses,” The New York Times, June 2,

1974.

14. E. Maccoby, “Television: Its lrnpact on School Children,” Public Opinion Quarterly, Vol. 15,

1951.

15. R. Hamilton and R. Lawless, “Television within the Social Matrix,” Public Opinion Quarterly, Vol.

20, 1956.

Page 302: Al Atfal wa al2dman

302

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

16. James Garbarino, “A Note on the Effects of Television Viewing,” in Bronfenbrenner and Mahoney,

Influences on Human Development. 2nd ed. (Hinsdale, Illinois: The Dryden Press, 1975).

17. Urie Bronfenbrenner, “The Origins of Alienation,” Scientific American, August, 1974.

18. Irving Howe, “Notes on Mass Culture,” Politics, Spring, 1948.

19. Jacques Ellul, The Technological Society (New York: Alfred A. Knopf, 1964).

الفصل احلادي عشر1. Lloyd de Mause, “The Evolution of Childhood,” in History of Child hood (New York: Psychohistory

Press, 1974).

2. Ibid.

3. From the “Diary of Cotton Mather,” Vol. 1, quoted in ibid.

الفصل الثالث عشر1. Russell Hoban, Nothing to Do (New York: Harper and Row, 1964).

2. See John Bowlby, Attachment and Loss (New York: Basic Books, 1969).

3. See Selma Fraiberg, The Magic Years (New York: Charles Scribner’s Sons, 1959).

4. J. Gewirtz, “A Factor Analysis of Some Attention-Seeking Behaviors of Young Children,” Child

Development, Vol. 27, 1956.

5. R. R. Sears, L. Rau, and R. Alpert, Identification and Child Rearing (Stanford: Stanford University

Press, 1965).

الفصل الرابع عشر1. Sharon Gadberry, “Television as Baby-sitter: A Field Comparison of Preschool Behavior During

Playtime and During Television Viewing,” Child Development, Vol. 45, 1974.

الفصل اخلامس عشر1. The New York Times Magazine, February 2, 1975.

2. Nadine Brozan, “Film and TV Violence: A Nursery School Takes a Stand,” The New York Times,

June 1, 1975.

3. Ibid.

4. Robert Lewis Shayon, Television and Our Children (New York: Longman Green, 1951).

5. Lyle and Hoffman, “Explorations in Patterns of Television Viewing by Preschool-age Children,”

Television and Social Behavior, Vol. IV.

6. M. M. Haith, “The Response of the Human Newborn to Visual Movements“, Journal of Experimental

Child Psychology, Vol. 3, 1966.

Page 303: Al Atfal wa al2dman

303

ا�راجع

7. Erich Fromm, The Heart of Man (New York: Harper and Row, 1964). 8. “Doctors Find TV Makes

Child Ill“, The New York Times, October 27, 1964.

الفصل السادس عشر1. Norman Morris, Television‘s Child (Boston: Little, Brown, 1971).

2. Nat Rutstein, Go Watch TV! (New York: Sheed and Ward, 1974).

3. Lesly Berger, “TV Devices Limit Children‘s Viewings,” The New York Times. May 27, 1982.

4. Lynne Sehaffer Gross and R. Patricia Walsh, “Factors Affecting Parental Control Over Children‘s

Television Viewing: A Pilot Study, Journal of Broadcasting“, 24:3, Summer, 1980.

5. Linda Price, “Is Big Bird an Endangered Species?”, The New York Times, New Jersey Supplement.

July 20, 1980.

6. Sarane Boocock, “Children and Society“, paper prepared for the American Association for the

Advancement of Science, January, 1975.

الفصل السابع عشر1. Used by permission of Don Brawley.

2. Barbara Haddad Ryan, “Would You Free Your Children from the Monster? Denver Post, June 9,

1974.

الفصل الثامن عشر1. Colman McCarthy, “Ousting the Stranger from the House,” Newsweek, March 25, 1974.

الفصل التاسع عشر1. New Mexico father quoted by Nadine Brozan, “No TV in the House and They Want It That Way,”

The New York Times, Decemb0er 20, 1974.

2. Ibid.

اخلامتة1. Dorothy Cohen, personal interview.

Page 304: Al Atfal wa al2dman

304

األطفال واإلدمان التليفيزيوني

Page 305: Al Atfal wa al2dman

305

ا�ؤلفة في سطور:ماري وين

× كاتبة متخصصة في الكتابة عن األطفال واألسرة.× قدمت لآلباء واألطفال اثني عشر كتابا.

.The New York Times Magazine× تكتب بانتظام في × أم لطفلMh ولدى أسرتها جهاز تليفزيوني واحد يستعمل في اAناسبات

اخلاصة.

ا�ترجم في سطور:عبدالفتاح الصبحي

Mشـمـس hجـامـعـة عـ Mليسانس اآلداب في اللغة اإلجنليـزيـة وآدابـهـا ×.١٩٦١

× التحق باإلذاعة عام ١٩٦٣ مذيعاM ومحررا ومترجما.× أعـيـر لـلـعـمـل بـالـقـسـمالـعـربـي فـي إذاعـة مـوســكــو

١٩٧١ ـ ١٩٧٥.× عمل بدولة الكويت من١٩٧٨ ـ ١٩٩٨ فــــي مــــجــــاالتالترجمةM والبحوث واإلعالموالصحـافـة (وزارة الـتـربـيـة ـاألمـانـة الـعــامــة لــلــمــجــلــسالـوطـنـي لـلـثـقـافــة والــفــنــونواآلداب ـ الديوان األميري).× صـدرت لـه مـجـمــوعــة

شعرية عام ١٩٩٣.× يـعـمـل حـالـيــا بــقــطــاعاألخــــبــــار ـ احتــــاد اإلذاعــــة

والتليفزيون ـ القاهرة.

املسرح في الوطن العربي(اإلصدار الثاني)

تأليف: د. علي الراعي

الكتابالكتابالكتابالكتابالكتابالقادمالقادمالقادمالقادمالقادم

Page 306: Al Atfal wa al2dman

Mجريـرة تـقـلـيـل الـلـعـب Mكما يؤكد البعض Mهل يتحمل التليفزيونوهبوط اAستوى اللغوي والـتـحـصـيـل الـدراسـيM وزيـادة الـسـلـوكـيـاتMوإضـعـاف الـوشـائـج Mفـضـال عـن االنـغـالق Mالعدوانية لدى األطفـال

والتحكم في حياة أفراد األسرة?Mـهـمـة لـلـغـايـةAتتركز هذه الدراسـة ا MتشعبAحول هذا السؤال ا

واAمتعة في آن.لكن اAؤلفةM ماري وين ـ على خـالف الـنـقـاد الـذيـن يـركـزون جـلاهتمامهم على مضمون برامج األطفال التليفزيونية ـ تطرح اAوضوعمن زاوية غير عاديةM هي تأثير فعل اAشاهدة التليفزيونيـة الـسـلـبـيفي �و عالقة الطفل بالواقع احلقيقي. ومن هنا <ثل الدراسة حتدياقويا لآلباء واAربh من أجل مراجعة مواقفهم جتاه التليفزيون. وتستندMقابالت التي أجرتها مع مئات األسرAؤلفة في هذا التحدي إلى اAاواAدرسMh واالختصاصيh في شؤون الطفل. وهي تؤكد أن اجلهودالرامية جلعل التليفزيون أكثر جـاذبـيـة لـآلبـاء واألطـفـال عـن طـريـقتطوير البرامج ال eكن إال أن تؤدي إلى اعتماد اآلباء اAتزايـد عـلـىالتليفزيون كـ «جليسة للطفل»M وإلى زيادة خـضـوع األطـفـال ألجـهـزة

التليفزيون في بيوتهم.hوال غرابة في أن يجد القار� العربي مظاهـر تـشـابـه كـثـيـرة بـMشاهدة التليفزيونية لدينا ونظيرتها األمريكية. وقد ال يندهشAجتربة اأيضاM حh يقرأ ما قاله أب من نيومكسيكو تفسيرا لعدم وجود جهاز

تليفزيوني في بيته: «Aاذا أحضر هذا العدو إلى منزلي?».

de